عرض مشاركة واحدة
قديم 25-01-10, 07:13 PM   #13

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

ونسيت كولبي سوزان وهي تقف أمام النافذة العريضة تراقب تماوج الألوان بين البنفسجي والأحمر والوردي على الأفق الغربي , الذي رسم خطا فضيا بين التلال والسماء .
وهتفت كولبي عاليا:
" أليس المشهد رائعا ! الأشياء كلها هنا رائعة الجمال".
لم يعد دارت في موعد العشاء , فتناولوا طعامهم من دونه ,المائدة تألقت بنفرش أبيض أبرز لونه الشفاف بريق الأدوات الفضية وزخرفة الصحون الصينية الثمينة.
وأنتقلت بنظرها الى أفراد الأسرة , بيللا أنيقة جدا في ثوبها الحريري البنفسجي , اللون المفضل لديها , ستيفن كعادته كان يضج نشاطا وحيوية , أما التنازل الوحيد الذي قامت به سوزان فكان أستبدال سروالها الرث بآخر من الجلد.
ولم يكن العشاء ناجحا برغم أصناف الأطعمة الشهية التي برعت الطباخة في أنجازها , وأبتسمت كولبي لمدبرة شؤون المنزل وهي تنظف المائدة من الصحون المستعملة , سيدة صغيرة ممتلئة الجسم , في وجهها طيبة المزارعين ,وفي عينيها ذكاء فطري , ولاحظت بيللا أهتمام كولبي :
" آسفة يا كولبي , لم أعرفك بها , أنها السيدة نيل أيفانز زوجة كبير عمال المزرعة.... نيل هذه كولبي قريبة دارت".
" أهلا بك في كنغارا يا آنسة كولبي , آمل أن يكون العشاء أعجبك !".
" كثيرا يا سيدة أيفانز , أنت طاهية ماهرة".
" علي أن أكون كذلك , دارت يحرص على أحاطة نفسه بالترف والأشياء الجميلة".
وأختفت في المطبخ لتعود بعد دقائق بالجبن والحلوى والبرتقال , فتمتمت سوزان ساخرة:
"طبعا علينا أن نعمل جاهدين لأرضاء دارت , فيكون فخورا بنا".
تنهدت والدتها في ضيق بدون أن تقول شيئا , وكي تقطع كولبي الصمت الثقيل الذي جثم على الغرفة , غيّرت مجرى الحديث:
" أود مساعدتك قدر الأمكان يا عمتي بيللا , طيلة الفترة التي سأمضيها بينكم , هل في ذهنك عمل ما أستطيع القيام به".
"لا تقلقي سنجد لك عملا".
علق ستيفن بمرح فأسكتته والدته بتعب:
" يكفي يا ستيفن , أما أنت يا عزيزتي كولبي فشكرا على أقتراحك , عندي لك....".
وتوقفت عن الكلام فجأة كأن الفكرة خانتها, فسارعت كولبي الى القول:
" محاسبة , مراسلة........".
نهضت سوزان بغضب , وصرخت:
" أنا حائزة على شهادة في الطباعة على الآلة الكاتبة , لكن يبدو أني لست بالكفاءة االكافية , أو ربما لست بالمستوى الذي يرضي دارت , وأكتشف الآن أنني لم أعد أعجب أمي أيضا , حسنا , دعوا هذه الآنسة المذهلة تتسلم كل المهام , وسنرى كيف ستتصرف!".
" كفي يا سوزان".
قالها ستيفن بهدوء ,وبدون أن ينظر اليها.
فأبتعدت سوزان مسرعة قبل أن يفضح أحدهم الدموع السجينة في عينيها.
وأضطربت كولبي لنفور سوزان الواضح منها , فألتفتت الى بيللا مستنجد ة , لتجدها في تقشير تفاحة وكأن الحديث لا يعنيها , وعندما شعرت بيللا بحيرة كولبي وحزنها , حاولت تبديد الغيوم بتغيير الموضوع.
" أنت لا تشبهين كثيرا أفراد عائلة كينغ , يا كولبي , لا بد أن فيك الكثير من ملامح والدتك".
" أعتقد أن لي لون البشرة ذاتها , كنت في الرابعة من عمري عند وفاتها , ولذا لم تسنح لي الفرصة لمعرفتها فعلا".
" الأمر محزن حقا!".
ولاحظت بيللا الشحوب الذي ظلل وجه كولبي :
" أنت مرهقة يا عزيزتي , يجدر بك الذهاب الى الفراش باكرا".
وأحست كولبي بالأرهاق يصل الى أطراف أصابعها , كانت تعرف أن السبب ليس رحلتها الطويلة الى كنغارا , بل توترها العاطفي , كانت تخشى هذا اللقاء الأول مع عائلة دارت , ولذا حشدت كل طاقتها الذهنية لتواجه مخاوف طفولتها , الآن لم يعد هناك شيء تتوقعه , عدا رؤية أبن عمها دارت ,وأستفاقت من أحلامها على صوت ستيفن.
" هل تستطيعين ركوب الخيل يا كولبي؟".
" طبعا , أستاذي كان ماهرا حقا , أمضى دارت ساعات طويلة في تحسين أسلوبي".
" لدارت أسلوب خاص ومميز في التعامل مع االخيول , رأيته مرة ..".
وقاطعه صوت آنية تتكسر في المطبخ , تبعه صوت السيدة أيفانز معنفا الفاعل , وغرقت كولبي في الضحك.
" آسفة يا عمتي بيللا , لم أتمالك نفسي , ما زالت حية في ذاكرتي أصوات الأواني تتكسر على أيدي الخادمات الصغيرات اللواتي لا يعملن بجدية ".
ودخلت السيدة أيفانز الغرفة حاملة صينية القهوة:
" آسفة يا سيدة كينغ , يبدو أن الصحون تنساب من بين أصابع الخادمة الجديدة كرمال الصحارى".
" آمل أن يتغير الوضع قبل أن نفقد الأواني كلها , دعي القهوة هنا يا سيدة أيفانز , وعودي الى منزلك فلا بد أن زوجك ينتظرك".
" ألا تعرفين موعد عودة السيد دارت الى المنزل:
" بصراحة لا".
" حسنا , سأذهب , تصبحون على خير".
" وأنتم من أهل الخير يا سيدة أيفانز".
وبعد أنتهائهم من تناول القهوة , عرضت كولبي تنظيف الطاولة من الأكواب والصحون , فأسرع ستيفن لمساعدتها , مما لفت أنتباه بيللا التي علقت ضاحكة:
" هذه سبقة في كنغارا ! أن يعرض ستيفن خدماته".
"لا بد أنه تأثير كولبي يا أمي".
بعد ساعات كانت كولبي لا تزال مستيقظة تحدق في الظلمة التي لم يكن يضيئها أي شعاع قمر , النجوم فقط كانت تتألق في السماء وكأنها أحجار من الماس تناثرت بفوضى مدروسة , الهواء أبى أن يخلد الى النوم وأصر على متابعة صفيره الهادىء قرب جانب المنزل , السكون خيّم برهبته على جميع الكائنات ولم يجرؤ على تحديه ألا طير ليلي أختفى في مكان ما يتنهد عاليا.
وبرغم تعبها الشديد لم تتمكن كولبي من النوم , جلست في فراشها تستنشق رائحة الياسمين تحاول عبثا أن تعرف سبب توترها , أسترجعت في ذهنها صورة أفراد عائلة دارت , وتوقفت طويلا عند سوزان حائرة في تفسير نفور الفتاة منها وقطع حبل أفكارها صوت سيارة تهدر في البعيد , ففي السكينة تفرض أصغر الأصوات ذاتها على الأعصاب الساهرة.


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس