عرض مشاركة واحدة
قديم 09-02-10, 12:13 AM   #45

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

كان دارت يحدق في الطريق أمامه , ويركز على قيادة السيارة , بدون أن يفضح وجهه ما يجول في داخله , وترددت السيارة فوق الأرض الرملية الناعمة , وكادت الأطارات تغرق فيها , فعمد دارت فورا الى زيادة السرعة كي لا تدور الدواليب في مكانها ,وتابعت السيارة طريقها , التوقف في منطقة كهذه يعني الموت البطىء.
وعلى بعد أمتار قليلة رأت كولبي حيوان الكتغارو مستلقيا بتكاسل في ظل بعض النباتات الصحراوية , رفع رأسه بحشرية ليحدق في هؤلاء المتدخلين المزعجين الذين قطعوا عليه قيبولته , ضحك ركاب السيارة فخفت حدة التوتر داخلها.
وكانت الشمس تركض أمامهم لتحول السماء الى درع من النحاس الأصفر , ولم تتمالك كولبي نفسها من التفكير في المرأة التائهة في الصحراء ,هل سيتمكنون من العثور عليها في الوقت المناسب؟ وسرت في جسمها قشعريرة خوف , أحس بها دارت فحوّل نظره لحظة عن الطريق ليطمئنها :
" كل شيء سيكون على ما يرام يا كولبي , الرجل العجوز أجتاز مسافة كبيرة لينذرنا بما حدث , لا تخافي سنجدهما ".
وتمكنوا فعلا من العثور عليهما بعد ساعة واحدة , كان الرجل في أوائل العشرينات , وجدوه هائما على وجهه , مرهقا , وخائفا , أما زوجته الشابة فكانت مستلقية على المقعد الخلفي لسيارتهما الصغيرة وآثار الدموع ما زالت واضحة في الأخاديد الطويلة التي حفرتها على وجهها المغطى بالتراب.
لم ينبس أحد بكلمة واحدة , لم يكن هناك ما يقولونه , بلل دارت قطعة من القماش , وأخذ ينظف بها وجه ورقبة الرجل المستسلم له , وكأنه طفل في الخامسة من عمره , أما كولبي فأنصرفت للأعتناء بالسيدة الشابة , التي أخذت تبكي بمرارة وهي تهز رأسها بعصبية يمينا ويسارا ,وعندما لم تنفع محاولات كولبي في تهدئتها قطع دارت الصمت ليقول بحزم:
" كفى , أنت بأمان الآن , حافظي على ما تبقى لك من قوة".
وأخذ قطعة القماش المبللة من كولبي ,ليكمل المهمة بصب , حدقت المرأة المتعبة في وجه الأسمر الجذاب وفي عينيها تساؤل صامت , أبتسم لها , فتألقت أسنانه البيضاء , لتضفي مزيدا من الجاذبية على ملامحه البرونزية .
" هل تشعرين أنك أحسن الآن؟".
لم تترك عينا المرأة وجه دارت وهي تهز رأسها بالأيجاب:
" حسنا".
وتناول كوب الشاي الذي أحضرته كولبي ليقربه بطء من شفتي المرأة بعد أن أسند رأسها على ذراعه .
" أشربي هذا الآن , وعندما تشعرين أنك قادرة على التحرك , سنعود بك وبزوجك الى المزرعة ".
وأسترق نظرة خاطفة الى خاتم الزواج الذهبي في أصبعها , الذي تزينه ماسة كبيرة.
" أسمي دارتلاند كينغ , أنا من كنغارا , هذه أبنة عمي كولبي , وهذا مايك فاراداي رئيس العمال".
وجال الزوجان بنظرهما من واحد الى الآخر , وسارعت كولبي للأهتمام بالمرأة :
" سأعتني بها الآن يا دارت".
نهض دارت وهو يهز رأسه أيجابا , وعاد الصمت يخيم على المكان , الوقت ليس مناسبا الآن للأسئلة والقصص , سيتركونها حتى يتمالك الزوجان أنفاسهما .
كان مايك يتفحص السيارة الصغيرة وعلى وجهه شيء من عدم التصديق والشفقة , فأقترب منه دارت:
" لن تصدق هذا يا دارت , السيارة فارغة من الماء والزيت , ولم يجلبا معهما مؤونة كافية من الوقود ومن مياه الشرب".
" هل هناك ما يكفي من الوقود للعودة بها الى المنزل؟".
" نعم , لكنني سأحاول أولا تحرير الأطارات الغارقة في الرمل".
" حسنا , سنتحرك فور أنتهائك , الحمد لله أن سوءا لم يحصل لهما , قليل من الخوف فقط".
وعندما وصلوا أخيرا الى المنزل , كانت بيللا بأنتظارهم , هي أيضا لم توجه سؤالا واحدا بل قادت الزوجين الى غرفة الضيوف المعدة لأستقبالهما , وخيم السكون على المنزل الكبير.
قدم العشاء في ساعة متأخرة من المساء , وروى الزوجان للمرة الأولى قصتهما , وكيف وصلا الى هذه المنطقة النائية ,كانا من نيوزيلندا , أقتصدا أشهرا طويلة ليتمكنا أخيرا من قضاء شهر العسل في قلب أستراليا الميت الذي يختلف تماما عن جزيرتها الصغيرة بقساوته وصلابته.
تجربتهما المريعة أصبحت الآن مجرد ذكرى , فالعناية الساهرة التي أحيطا بها منذ قدومهما الى المنزل الكبير , أنستهما مرارة الساعات لطويلة التي ذاقا فيها طعم الوحدة والخوف والضياع.
كانت السيدة هاريسوت تتألق حيوية وهي تروي تفاصيل الرحلة المأساوية , فحتى الدقيقة التي جفت فيها الحياة تماما عن محرك السيارة , كانت السيدة الشابة تنظر الى الأمر كله على أنه مغامرة مثيرة ستحكيها لاحقا لصديقاتها , أحتواهما العالم الشاسع الجديد بصمته وقساوته ,فوقعا تحت سيطرته حتى كاد يقضي عليهما.
" كانت تجربة غنية".
وبدت السيدة هاريسون وكأنها تتوجه الى دارت وحده , أما زوجها فكان ينظر اليها بحنان , وهو سعيد لأنها أستردت حيويتها ومرحها , كان من الواضح أن العنصر الأهم في الرواية التي ستقصها كاتي هاريسون لصديقاتها سيكون الفارس الأسمر الذي أنقذ حياتها.
وهمس مايك في أذن كولبي:
" أعتقد أنها تغلبت على تعبها , أليس كذلك؟ بل أظن أن السيدة الشابة لن تمانع في تكرار المغامرة , في حال تأكدت أنها ستجد الرجل المناسب لأنقاذها ,دارت رجل جذاب فعلا".
" لا أنكر ذلك".
أحست بسحره يتغلغل في أعماقها طوال السهرة , أي أمرأة تستطيع أن تقاوم كل هذه الجاذبية .
" يبدو أن روشيل غير سعيدة بعملية الأنقاذ هذه , لا تحب أن يشاركها أحد أهتمام دارت".
ورفعت كولبي رأسها أثر كلمات مايك لتتأكد مما تقول , فألتقت عيناها بعيني دارت , ورأت فيهما مرحا مداعبا وشيئا من التحدي.
بيللا وسوزان كانتا مستغرقتين في حديث مع جون هاريسون محاضرة طويلة عن مخاطر السفر في هذه الأرض المتوحشة , والصعوبات التي عليهما توقعها , وكيفية مجابهتها , فكثيرة هي القصص التي تروي عن أناس قضوا حتفهم لأنهم لم يحملوا مؤونة كافية من مياه الشرب , أو أفقدهم الخوف قدرتهم على التمييز , فالذي لم يألف المساحات الرملية الشاسعة يغلبه الخوف والوحدة والقلق , ورغم تحذيرات البوليس والسكان الأصليين يخاطر بعض السواح بترك سياراتهم , عندما ينفذ منهم الماء ,ويذهبون لطلب المساعدة سيرا على الأقدام , وهنا تكون المأساة.


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس