عرض مشاركة واحدة
قديم 16-02-10, 07:06 PM   #3

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

1-مطاردة
عندما علمت أيلاين كوبر أن شقيق جدتها لأبيها أر مون سان فيران مريض جدا ويريد حضورها على الفور الى منزله الريفي في شامبورتن أون دوفاي بفرنسا , أتصلت بأدارة شركة الأستيراد اللندنية المعروفة التي تعمل فيها وأستطاعت الحول على أجازة لمدة يوم واحد.
ثم أجرت مكالمة أخرى , حجزت خلالها مقعدا لها على أحدى الطائرات المتجهة الى باريس... وبعثت ببرقية الى مارجريت زوجة أرمون , تبلغها فيها عن موعد وصولها الى نطار شارل ديغول في العاشرة من صباح يوم الجمعة المقبل , أختارت أيلاين هذا اليوم بالذات لأنه يمنحها , بالأضافة الى الأجازة الأسبوعية المعتادة , ثلاثة أيتم كاملة.
حطت الطائرة في الموعد المقرر لها , فأخذت حقيبتها وأجرت معاملاتها الضرورية في دائرة الجوازات ثم توجهت الى قاعة الخروج.
لم تجد أي أحد بأنتظارها , فجلست حوالي ربع ساعة ... لعل الشخص الذي يفترض به أستقبالها قد تأخر بسبب الأزدحام الخانق في حركة السير , وعندما تأكدت أن أحدا لن يأتي لملاقاتها قررت أستئجار سيارة وقيادتها بنفسها الى شامبورتن ,وما هي ألا عدة دقائق , حتى كانت أيلاين تنطلق من المطار بسيارة رينو صغيرة حمراء ... متجهة الى بعض أحياء باريس ومنها الى الطريق الرئيسة التي تمر عبر الريف الفرنسي الى مدن شارتر وتور وبواتيه وبعدها الى سهول أكويتان.
ولأنها تحب قيادة السيارات كثيرا وتعرف طريقها جيدا , فقد وصلت الى المدينة الأولى شارتر في وقت مبكر سمح لها بالتوقف بعض الوقت لتشرب فنجان من القهوة , أغرتها نفسها بزيارة القلعة التاريخية القريبة , ولكنها قررت متابعة سيرها كي تصل الى شامبورتن قبل الساعة الرابعة على أقل تقدير.
تجاوزت مدينة تور , فتوقفت لبضع دقائق أكلت خلالها قطعة من الحلوى وشربت كوبا من العصير البارد,وما أن أقتربت من بواتيه حتى بدأت الطريق تعج بسيارات النقل الصغيرة والشاحنات الكبيرة , دخلت تلك المدينة المبنية على تلة صخرية مرتفعة , والتي تشرف على نهرين صغيرين يرويان ذلك الحصن الطبيعي المنيع وأمتدت أمام عينيها السهول الخضراء الفسيحة .
تحولت أيلاين في منتصف المسافة بين بواتيه وأنجولام الى طرقات ريفية ضيقة ,تمر عبر قرى جميلة رائعة يزيد عمرها على مئات السنين , شاهدت قطعان الغنم والماعز ومعدات زراعية , وأبناء الريف الأقوياء يعملون بجد ونشاطو وحيوية وعندما بدأت الطرقات بالأنحدار تدريجيا لتصبح بعد قليل على مستوى واحد مع نهر دوفاي , شعرت أيلاين بتلك السعادة التي تغمر الأنسان عادة عندما يرى أشياء مألوفة ومحببة لديه , ذكرتها الأشجار المنتصبة بين حافة الطريق وضفة النهر بأيام طفولتها المفعمة بالسرور , وبالمرات العديدة التي كانت تمر فيها من هنا بالذات مع دتها ألانور سان فيران كوبر تلك السيدة الفرنسية الرائعة التي أهتمت بها كثيرا بعد وفاة والديها بحادث سيارة مفجع , دمعت عيناها فرحا وتأثرا , وهي تستعيد كلمح البصر ذكريات فصول الصيف الثمانية التي أمضتها مع جدتها الطيبة في ذلك القصر وأحضان الطبيعة الرائعة.
لم تعد تبعد عن شامبورتين سوى كيلومترات قليلة ,وصلت الآن الى عمق الريف الفرنسي الساحر ,حيث الهدوء والسكينة ... والشلل التام في حركة السيارات , عاد العمال من مصانعهم والمزارعون من حقولهم ,والموظفون من مؤسساتهم ,وبدت الطريق مقفرة ومهجورة تماما... بأستثناء سيارتها الحمراء الصغيرة و....
لاحظت للمرة الثامنة تقريبا , أن ثمة سيارة سيتروين رمادية اللون تلحق بها , لم تتضايق من وجود هذه السيارة وراءها قبل ذلك , وهي تخرج من منطقة باريس الى الطريق الرئيسية التي تربط العاصمة بالمدن الريفية , ففي فرنسا بضعة آلاف من سيارات السترواين التي تحمل هذا اللون , وقد لا تكون السيارة المنطلقة وراءها ذاتها التي تتعقبها منذ بعض الوقت ,ولكن الشكوك بدأت تراودها عندما وصلت الى بواتيه , لأن تلك السيارة لا تزال وراءها تلاحقها كظلها , كانت المسافة الفاصلة بينهما مدروسة بدقة على ما يبدو , لأن أيلاين لم تكن قادرة على قراءة رقم السيارة أو معرفة ما أذا كان سائقها رجلا أم أمرأة.
نظرت الى مرآة سيارتها من جديد , فأزداد توتر أعصابها وتسارعت ضربات قلبها , تأكد لها عندئذ ,وبعدما أفسحت المجال مرات عديدة دون جدوى لتلك السيارة القوية كي تتجاوزها , بأن السائق يعرفها ... ويجد لذة فائقة في أثارة أعصابها وتعذيبها بملاحقتها على هذا الشكل الرهيب .
قطبت حاجبيها بعصبية بالغة وتمتمت بكلمات قاسية ,عندما ذكّرتها تصرفات سائق سيارة الستروين بشخص ما لم تتوقع مشاهدته قبل وصولها الى القصر ... شخص تمكنت من تجنب مقابلته أو رؤيته منذ حوالي تسعة أشهر , أنه زوجها بيار دوروشيه ,الذي تركته بعد أربعة أشهر فقط من زواجهما ... عندما علمت بخيانته لها.
أحمر وجهها غضبا وأنفعالا , فمجرد التفكير بما حدث في العام الفائت لا يزال يؤلمها ويعذبها , كم كانت غبية في حبها له ,وسخيفة حتى التفاهة ,عدما قبلت دون تردد الأرتباط بذلك المغامر المتحجر القلب الذي لا يعتبر الزواج سوى وسيلة ملائمة لتحقيق أغراض معينة!
يفجر الحقد في داخلها ,وهي تتذكر بيار وكيفية أذلاله لها , ولم تعد تفكر ألا بالهرب من تلك السيارة التي تلاحقها بصورة مستمرة , ضغطت على دواسة ابنزين وأطلقت العنان لسيارتها الصغيرة , فشعرت بتجاوب فوري مع الرينو الجديدة التي بدت كغزال يفر من وجه أسد جائع .
ركزت أيلاين كل أهتمامها على الطريق الممتدة أمامها , مكتفية بألقاء نظرة سريعة بين الحين والآخر على المرآة المثبتة على بابها للتأكد من أزدياد المسافة الفاصلة بين السيارتين , برز أمامها فجأة منعطف نحو اليسار , فحاولت أستخدام المكبح للحد من السرعة الجنونية لسيارتها الصغيرة .... ولكنها لم تفلح , شردت الرينو الحمراء عن الطريق, وأنزلقت على العشب الجاف بضعة أمتار قبل أن ترتطم مقدمتها بحافة أحدى القنوات المخصصة لري الحقول المجاورة .
لم يلحق بها أي أذى , ولكن الصدمة النفسية والمعنوية أرهقتها ووترت أعصابها , أطفأت محرك السيارة وأسندت رأسها الى المقود في محاولة منها للحد من هذا التوتر الشديد والسيطرة عليه , أوقف الرجل سيارته الى جانب الطريق , وهرع نحو السيارة الأخرى التي كان يلاحقها دون كلل منذ فترة طويلة , فتح باب الرينو ولكنه لم يتبين وجه سائقتها لأن الشعر الذهبي كان يغطي وجهها ,سألها بلهفة , وباللغتين اللتين يتقنهما جيدا:
" ماذا حدث لك؟ يا سيدتي؟ هل أنت بخير؟".
هذا هو صوته القوي الرنان ... صوت بيار دوروشيه , الذي حاولت عبثا أن تنساه أو حتى تطرد صداه من عقلها وقلبها , لم تحرك رأسها أو تزعج نفسها بالرد عليه , فكرر الشق الثاني من سؤاله بلهجة تنم عن القلق والأنفعال , أحست برغبة قوية في تعذيبه والأنتقام منه ,ولو لجزء يسير مما أصابها بسببه وعلى يده , ليظن أنها فقدت وعيها أو ربما ماتت , فقد يشعر بوخز الضمير... هذا أذا كانت لا تزال لديه بقية منه!


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس