عرض مشاركة واحدة
قديم 13-11-12, 01:57 AM   #4

مونـــــي
 
الصورة الرمزية مونـــــي

? العضوٌ??? » 173623
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 68
?  نُقآطِيْ » مونـــــي has a reputation beyond reputeمونـــــي has a reputation beyond reputeمونـــــي has a reputation beyond reputeمونـــــي has a reputation beyond reputeمونـــــي has a reputation beyond reputeمونـــــي has a reputation beyond reputeمونـــــي has a reputation beyond reputeمونـــــي has a reputation beyond reputeمونـــــي has a reputation beyond reputeمونـــــي has a reputation beyond reputeمونـــــي has a reputation beyond repute
افتراضي


3- كيف تشتري الأمل ؟

أدارت رايتشل المفتاح في القفل . ودخلت إلى شقتها . أحست بفيض من المشاعر الغامرة , فهي مازالت ترتعد بسبب لقائها مع فيتو فارنيستي . بدا الأمر أكثر سوءاً مما تصورته , بالرغم من أنها كانت تخشى هذا اللقاء منذ إدراكها أنها سوف تذهب لمواجهته , إذ راح الخوف يتزايد في داخلها طيلة الأسابيع الماضية . أنهارت على السرير , فأرتخى تحت وزن جسدها , لكنها لم تلحظ ذلك . إنها لاتهتم للحالة المبائسه للغرفه المستأجره التي تقيم فيها ’, فقد توقفت عن ملاحضة وضعها الكريه منذ فترة من الزمن . على الرغم من أنها ماززالت تفتقد إلى شقتها الصغيره ذات الديكور لأنيق , وهي شقة تضم غرفة نوم واحده , وتقع في إحدى ضواحي لندن , إلا أنها ليست نادمة على بيع تلك الشقة أبداً . اضطرت رايتشل إلى التخلي عنها , وهذه نهاية الموضوع . أمر واحد فقط يقلقها الأن , وقد أقلقها خلال الأسابيع الخمسه الماضيه : أن تجعل فيتو فارنيستي يتزوجها .
هل أعتقدت فعلاً أنها سوف تحظى بفرصة للنجاح في مبتغاها ؟
حدقت بكآبه أماممها . بدت كل لحظة مؤلمة من ذاك المشهد المروع الذي ظل يعيد نفسه داخل رأسها كما لو أنه أسطوانه لاتتوقف .
تلوت معدة رايتشل من شدة الألم . أدركت أن يديها ماتزالان تقبضان بحزم على حقيبة يدها , فأجبرت يفسها على فكهما . ورمت الحقيبه على غطاء السرير الرث , ثم نظرت نحو اليجاده الباليه . بدا لأمر بأسره من دون جدوى. لاجدوى من تلك المحاولة الغبيه المؤسفه بأسرها . هذا المخطط الغبي المضحك لا أمل منه . كيف تراها استطاعت أن تصدق انها قد تنجح , وأن فيتو فارنيستي قد يوافقها على أقتراحها بالزواج كي يستعيد زمرادته الثمينه ؟ كيف تصورت أنه سيوافق على أمر بمثل هذا الغباء وهذا الجنون , وأنه سيرضى بإقامة أي نوع من الأحتفالات للزواج منها , بغض النظر عن كون ذلك الزواج مؤقتاً ولفتره محدودة ؟ حتى استعادة زمرادات فارنستي لاتستحق تضحيه كهذه من قبله .
لابد أنني مجنونة حتى أفكر بذلك ! فكرت رايتشل فيما أغمضت عينيها لشدة عذابها , لا . . . هي ليست مجنونه ... أنها يائسه فقط .
يائسه بمافيه الكفايه لكي تفعل أي شيء يسعد آرلين .
تآكلها الألم , كما لو أنه بركة هائلة تغمرها , تغرقها , وتغسل كل جسدها . إنها غغير قادره على إيقاف ذلك الأم , وهي لاتحاول حتى أن تفعل ذلك هذه الأيام . لأنها لو حاولت , فلن ينجح الأمر .
نهضت رايتشل على قدميها مجدداً . مدت يدها , وتناولت حقيبة يدها , فأستخرجت هاتفها النقال . إنها تعرف الرقم عن ظهر قلب , لذا طلبته بشكل آلي . عندما اجابها الطرف الأخر , نطقت الكلمات بصوره آليه أيضاً : " مرحباً! أنا أبنة آرلين غراهام . كيف حالها ؟"
انتظرت رايتشل برهة , ثم جاءها الرد بالعبارات الحذره المعتدله نفسها كالعادة . أومأت رايتشل وهي تتمتم شكرها , أقفلت الخط .
مستقرة . . . لاتغيير . . . هذا افضل مايمكن توقعه . تلك العبارات المتكرره حفرت في رأسها , لكن أياً منها ليست كافية لإخفاء العبارة الوحيدة التي تشكل الحقيقة بخصوص والدتها ؛ إنها تموت !
غمرها الأحباط , فضغط عليها إلى درجة أحست معها أنها بطيئة الحركة مرهقة وهي تتحرك في أرجاء غرفتها الضيقة . قامت رايتشل بحذر لتخلع بذلتها المفرطة الأناقة الغالية الثمن , فرتبتها بحذر داخل منطقه تعليق الثياب المغطاة بالستائر , عندما خلعت رايتشل القماش الجميل عن جسدها , أحست بشعور آخر يتملكها ؛ إنه الأحباط . كما أحست بالمرارة لأنها هدرت الكثير من المال على مصروف لاجوى منه كهذا مع شدة حاجتها لذلك المال . كان من الأجدر أن توفره نظراً إىل أن صرف المال لم يجد نفعاً في هذا المشروع . هل أتقدت فعلاً أنها لو بدت مناسبة للعب دور المرأة الثرية , في سوف تقنع فيتو فارنيستي بقبول شروطها المضحكة ؟ كيف تراها تصورت حصول ذلك ؟
كوني واقعيه ! هدا ما قاله لها فيتو ساخراً , وهو على حق . لابد أنها أطلقت العنان لنفسها في خيال مثير للشفقه بأعتقادها أن زمردات فارنيستي ستشكل حافزاً كافياً يدفع فيتو لمجاراتها .
حسناً ! الأمر بأسره يدل على الغباء . . .الأمر بأسره . بوجود الزمردات ام بدونها .
كم هو عدد المرات التي ينبغي أن يقول لك فيها فيتو فارنيستي الأمور البغيضة قبل أن تتعلمي درسك بخصوصه .
لو أنها أمرأه ذكيه لحرصت على أن تكون أول إهانه يقذفها بها عندما كانت في الرابعة عشر من عمرها هي لآخر إهانة يوجهها لها . لو أنا أكثر تحلياً بالمنطق لما منحت فيتو فرصة السخريه منها مجدداً .
فكرت رايتشل بوحشية أنها غبية إلى درجة دفعتها إلى القيام بتصرف تستحق اللوم عليه . فقد أطلقت العنان لنفسها في قصة وهميه مضحكه .
تسارعت الذكرى خلال ذهنها كما لو أنها موجة كاسحة أغرقتها , فأخذتها مرتعدة مرتعشة إلى الماضي الذي مايزال يبدو كاللعنة في حياتها بعد مرور كل هذه السنوات .
يومها كانت في الثامنة عشر من عمرها . ياله من عمر خطير . . .
عمر الأحلام والأوهام . . . عمر الحكايات الخياليه . بعد أنتهاء الأمتحانات المدرسيه سُمح لطلاب صف التخرج بتمضية اسبوعين بعيداً عن المدرسة خلال فصل الصيف كمكافأة . اصطحبتها صديقاتها جيني وزارا في رحلة بعيدة معهما . أعلمتا رايتشل بفرح أنهما سوف تمضيان هذين الأسبوعين في روما , في الشقة التابعه للشركة التي يعمل فيها والد جيني . شعر راتتشل بالقلق والخوف , إلا أنها شعرت أيضاً بالحماسة . بالرغم من أنها كانت إحدى أكبر الفتيات سناً في صفها , إلا أنها كانت أقلهنّ دهاء وخبرة في الحياة .
لم تخبر رايتشل والدتها شيئاً عن الرحلة . على أي حال , آرلين كانت تقوم برحلة مع إنريكو في اليخت الخاص به انطلاقاً من شواطئ الريفييرا الفرنسيه بحسب ماذكرته في آخر بطاقة بريديه أرسلتها .
بعد سنوات من التصرف كطالبه نموذجية مثالية في تلك المدرسة الداخلية , أحست رايتشل بعدم القدره على المقاومة , أخذت تتوق إلى شيء أكثر من مجرد المذياكرة والرياضة . تاقت إلى التشويق , المغامرة , الرومنسيه . أحست بالبروده تتسلل نزولاً على عموجها الفقري ماإن عاودتها هذه الذكرى . كانتت تتوق إلى الرومنسيه , ولكن ماوجدتها كان شيئاً مختلفاً تماماً .. ليتني لم ألتقِ فيتو فارنيستي . ليتني ... ليتني ... ليتني ...
لكنها ذهبت . يومها أرتدت أحد فساتين السهرة الخاصة بجيني , وهو فستان طويل مكشوف عند الكتفين , أما وجهها وشعرها فأهتمت بها زارا . أنساب شعرها شلالاً ذهبياً فوق ظهرها , أما عيناها فبدتا واسعتين . بدت رايتشل فايل مختلفه تماما ً عن الطالبه المتزمته التي يعرفها الجميع . يومها أعتقدت أنها تبدو مميزة جداً , ناضجه جداً , متألقة جداً , لكنها بدت في الواقع كالطفلة التي تمارس الألاعيب .
لو أنني بكل بساطه لم اذهب إلى ذاك الحفل ... لكنها ذهبت , ولحظها السيء , ذهب فيتو فارنيستي إلى هناك أيضاً , ومها لم يتردد في أستغلال الفرصة التي قدمتها له على طبق من الغباء وسهولة الأنقياد وهي في الثامنه عشرة من عمرها ’,لم تكن رايتشل تمتلك أي دفاعات على الإطلاق ضد فيتو فارنيستي وهي في الثامنة عششر من عرها .
جل ما أحتاج لأن يفعله فيتو هو أن ينظر إليها مظهراً تلك الأبتسامة الساحرة التي سلبت عقلها . أما عيناه الغامقتان فأكتسحتا كيانها , وأخبرتها نظراته الساحرة أنا تعجبه . أمضى فيتو الحفل بأكمله إلى جانبها , أما بالنسبه إليها فكان هو الشخص الوحيد الموجود في تلك الغرفه . عرفته رايتشل على الفور , لكن لم يبد أنها تبدو مختلفة تماماً عن تلك الفتاة التي لمحها لفتره وجيزة فصرفها ساخراً بكل فظاظه ع. فضلاً عن ذلك فهي تحمل أسم عائلة والدها لا أسم عائلة والدتها . هل تراه عرف أبداً ماهو أسمها الأول ؟ تسائلت رايتشل إن كان يجدر بها أن تطلعه عن هويتها , لكن مع انقضاء تلك الأمسية علمت أنها لاتستطيع فعل ذلك . لايمكنها أن تخاطر بأنت يصرفها بتلك الفظاظة واللؤم اللذين أستخدمها منذ اربع سنوات .
اصطحبها فيتو بخفة بعيداً عن الحفلة بسيارته القوية الرياضية المكشوفة , وتجولا في أرجاء روما ليلاً . بدت رايتشل مأخوذة بجمال المدينه الأزلية وسحرها . أذهلها الدرج الأسباني المكتظ جداً بالسياح بغض النظر عن الوقت المتأخر , وأعجبها الفياكورسو والبانثيون ,كذلك قاد فيتو السياة نحو الساحة الرومانية العامه الأثريه , ومرّ سريعاً بالقرب من كتلة الكوليزيوم المشؤومه المهيبة المرعبه
لكن لم تكن روما وحدها هي التي اسرتها , إذ كثيراً ما أنحرفت نظراتها النهمه نحو فيتو فارنيستي , غير مصدقة بأن افتى اللذي احتل خيالها لسنوات اصبح هنا الآن , إلى جانبها.
أفترضت رايتشل أنها لن تراه مجدداً عندما أنزلها أخيراً امام شقة جيني بعد منتصف الليل , لكنه جاء صباح اليوم التالي أثناء موعد الفطور , فخطفها مجدداً لكي تشاهد روما في ضوء النهار .
أظهرت جيني وزارا حماسة فائقة لأجلها . فقامتا بترتيب مظهراها مجدداص على أكمل وجه , ومجدداً حظيت رايتشل بنعمة أن ترى فيتو فارنيستي يبتسم لها ’ وهي تعلم بأنها جميلة تسر ناظريه بارغم من صغر سنها ومن كونها إنكليزيه , وبالرغم من افتقارها إلى الدهاء والحكمة ,
بدا الأمر أشبة بقصة خرافيه . حظيت رايتشل بأسبوعين جميلين مميزين رائعين حيث حصلت على فيتو لنفسها . خلال هذين اللأسبوعين شعرت بالدفء يغمر قلبها , كما لو أنها زهرة تتفتح تحت الشمس . بدا كل شيء حولها محاطاً بلمسة من السحر . راحت رايتشل تحدق مدهوشة نحو سقف كنيسة السيستين الذي يبرز عبقرية مايكل أنجلو , كما جالت في أرجاء الطرقات المشجره المظلله لحدائق بورغيز , فراحت تراقب الأطفال وهم يلعبون ويتعجنبون المشاء بعرباتهم . ذهلت لرؤية السياح يرمون النقود الحجرية إلى الوراء من فوق أكتافهم , ألتزاماً بطقس تقليدي يقضي بأن يقذفوها إلى داخل نافورة تريفي المهيبة . بعد أن أستدارت رايتشل , التفت ذراع فيتو حول كتفها .أخذ يقودها بين السياح المستعجلين المصطدمين بهما , الذين تجمعوا حول حافة البركة .
كادت رايتشل تصاب بالأغماء من فرط غبطتها لدى شعورها بذراعة حول كتفيها. توقف فيتو أمام محل قريب يبيع البوظه . فشعرت بالحيره والتردد عندما وجدت نفسها غير قادرة أن تقرر ماتختارة من العشرة ألاف نكهة المتوفره أمامها . تمشيا على الدرب وهما يحملان البوظة بأيدهما عائدين نحو الفيا كورسو.
خلال هذين الأسبوعين عرّفها فيتو على مختلف أرجاء روما ,بينما راح يبتسم لها وتبادل النكات معها . أما رايتشل فبدت مسحورة مفتونه . عميااااء .... عمياء تماماً وغير قادرة على رؤية ماكان يفعله .
هنالك دليل واضح كان يجدر بها أن تراه . إنه دليل هائل , واضح تماماً بالنسبة إليها . ليس بالنسبة إلى الفتاة المسكينه الغبية الصغيرة العديمة الخبرة التي تبلغ الثامنة عشر من عمرها .
طيلة فترة وجودهما سوياً بالكاد لمسها فيتو . بأستثناء تلك الذراع التي لفها حول كتفيها عند نافورة تريفي لم يحصل سوى ذلك التلامس العرضي لأناملها عندما ناولها البوظة الخاصة بها لكن لاشيء أكثر , لاشيء أكثر على الأطلاق إلى أن حانت تلك الليلة الأخيرة الممميتة .
مزقها ذاك العذاب الأليم , فجذبت بخشونة الستارة الرثة لتغطي الملابس المعلقة , ثم فتحت صنبور المياه لتملأ الإبريق . لم ترغب رايتشل بأن تتذكر , هي لاتريد أن تتذكر . تلك الليلة .. تلك الليلة التي كان يفترض أن تكون الليلة الأخيرة التي تمضيها في روما لم يعدها فيتو إلى الشقة الخاصه بوالد جيني كما كان يفعل دوماً كل ليلة . بعد أن شربا القهوة في أحد المطاعم القديمة , أخذها فيتو إلى بناء فخم , حيث تقع الشقة الرائعة التي يملكها آل فارنيستي .
عانقها فيتو فارنيستي بكل المهارة والخبرة اللتين يتمتع بهما الفتى الإيطالي اللعوب العاشق . . .
استطاعت رايتشيل أن تشعر بعينيها تخزانها , وبالأم يطبق عليها .
عناقها لم يتطلب منه الكثير , فرايتشل ذهبت إلى مابين ذراعيه منقطعة الأنفاس , متيمة . ذابت أوصالها تحت تأثير عناقة , فيما حاول سحق مقاومتها الركيكة تجاهه .
خلال هذين الأسبوعين الشبيهين بالحلم وقعت رايتشل بشكل لا رجاء منه في حب فيتو , فكانت مبادلتة العناق بمثابة عمل ولاء وأفتتان مطلق . تعلقت به رايتشل وأطبقت أناملها على كتفيه . لكن بعد ذلك دفع بها فيتو إلى الجحيم . إنه جحيم شديد العذاب , إلى درجة أنها لم تدرك أن بمقدورها أن تشعر بألم مماثل .
أدخلها فيتو إلى غرفة جللوس أنيقة تتوسطها أريكة كبيرة , جلسا معاً على الأريكة متعانقين . شعرت رايتشل أنهاا تطييييييير من فرط النعيم والسعادة اللذين أحست بهما . . .
في اللحظة التالية صعقها الرعب , إذ سمعت صوت الباب الأمامي ينفتح , فم سمعت صوتي القادمين . أحست بفيتو يتوتر فجأة وقد تصلبت عظلاته . تلا ذلك أنفتاح باب غرفة النوم ودخول والتها كالإعصار .
أستطاعت رايتشل أن ترى عبوس وجه والدتها لدى رؤيتها للستائر المغلقة . أدرات المرأة رأسها لترى الشابين متعانقين اللذين يجلسان على حافة الأريكه , وما لبث أن أشرق الأدراك على وجهها المرتعب .
حتى الأن , وبعد مرور سبع سنوات , ما زالت رايتشل قادرة على الشعور بالعرق البارد ينساب نزولاً على عمودها الفقري .
أخذت والدتها تصرخ بأهتياج ثم تدخل أنريكو مهاجماً مطالباً بمعرفتة مالذي يجري بحق الجحيم . أثناء ذالك ربضت رايتشل في مكانها . خائفه .. مرتعبة وهي ترغب لو أن الأرض تنشق وتبتلها . أما فيتو فبدا متحجر القلب لا مبال . مازالت بمقدورها أن تسمعه الآن . . .
وسوف تسمعه على الدوام . أخذت والدتها تصرخ في وجهه بالأيطاليه . بدا وجهها مشوهاً غاضباً , بينما بدا إنريكو ساخطاً وهو يلوح بيده في الهواء ماكان من فيتو إلا أن قام عن الأريكة ببرودة متناهية , ثم استدار نحو ’رلين , وقال :" أغويتها ؟ بالكاد . . . هي التي أرتمت بين ذراعي ".
تشدق فيتو بذلك بصوت مشدود قاس , بينما حرص على أن يتكلم بالإنكليزية حتى تفهم رايتشل مايقولة .
نزل الماو على يديها فهزّها أعادها إلى الحاضر . أغمضت عينيها في محاولة لصدّ تلك الذكرى , لكنها لم تقدر . أخذت تلك الكلمات البشعة تجول في ذهنها مجدداً , تماماًكما فعلت في تلك الليلة المشؤومه منذ ثماني سنوات عندما أدركت بمرارة ماكان فيتو يفعلة منذ البداية . تعمّد ببرودة أعصاب أن يجعلها تتعلق به مستغلاً سذاجتها , كي سيصطحبها إلى منزلة لأجل هدف واحد فقط , متجاهلاً أنها في الثامنه عشر من عمرها فقط . لكن وصول والده برفقة آرلين أفشل مخططه . لو انه تمكن من أمام ما خطط له , لوجّه ضربة قاسية للمرأه التي يمقتها بكل ذرة في كيانه .
بعد رحيل فيتو وإنريكو , صبت آرلين جام غضبها على رايتشل . راحت تهز كتفي أبنتها قائلة :" يا إلهي ! يالك من غبية رايتشل !ألم تدركي ما الذي يفعله ؟ ألم تجدي الأمر مثيراً للريبة ؟ هل ظننتِ أن رجلاً كفيتو فارنيستي قد يبدي اقل اهتمام بفتاة في الثامنة عشرة من عمرها ؟ فيتو لايهدر وقته الثمين على امرأه إن لم تكن عارضة أزياء خارقه أو نجمة سينمائية لامعة . لديه جيش من النساء الخاضعات لأمرة . إنهنّ يقفن بالصف من أجل الحصول على ذلك الأمياز . ألم تستطيعي أن تري أنه من ذلك النوع من الرجال . ألم تدركي أنه ليس مهتماً بك ؟ جاء بك إلى هنا حتى ينتقم مني . هو يعلم أنني أحاول حمايتك دوماً , لذا أراد أن يغويك . إنه يكرهني كما يكره مرض الطاعون , وهو قد يفعل أي شيء لكي ينال مني "
صدّت رايتشل أفكارها تلك , وأشعلت النار تحت الإبريق . يجب عليها الا تفكر بالأمر . لن تفكر بالسنوات السبع الماضيه ولا بالساعتين الماضيتين .
كيف تُراني استطعت ان اقصده وأطلب منه أن يتزوجني ؟ كيف أستطعت أن أفعل ذلك ؟ لابد أنها فاقدة العقل حتى تظن أن بأستطاعتها أن تجبره على فعل ماتريده بهذا الشكل .
لكنني أٌجبرت على المحاوله . . . كان علي أن أفعل . . .
القوة التي دفعتها إلى مواجهة فيتو بعد ظهر هذا اليوم كانت مٌلزمه .
إنها قوة عظيمه جداً , فهي ليست قادره على التهرب من الواجب الذي يفرض عليها على الأقل أن تقوم بالمحاوله .
أخذت يدها ترتعش , فيما غمرتها موجه من الحزن والألم وهي تسكب الماء المغلي فوق كيس الشاي الموضوع في الكوب . إن والدتها تحتضر , وهي مستلقية هناك في سريرها في المستشفى , انتشر السرطان في جسدها بسرعة كبيرة , أما العلج الكيميائي والعلاج الأشعاعي فكانا قاسيين جداً على آرلين . لم تكن رايتشل لحاجة لأن ترى وجوه الأطباء حتى تعلم أن أمها تخسر تدريجياً معركتها مع الموت .
قفزت أمام رايتشل بكل وضوح صورة وجه والدتها الذي اصبح مشوهاً بشكل مريع . في مامضى كانت آرلين جميلة جداً , جذابة جداً , والأن صارت هزيلة بفعل الألم المرض .
إلأى جانب حزنها المرير جاءت مرارة الذنب . في السنوات التي تلت تلك الكارثة الشنيعة في روما انسحبت رايتشل تماماً من حياء والدتها . كانت في الثامنة عشرة من عمرها عندما قام فيتو فارنيستي ببرود قلب متحجر بأستخدامها كسلاح ضد عدوة والدته اللدوده .
يومها أرادت آرلين أن يجبر إنريكو أبنع فيتو على الزواج من رايتشل . فكرت رايتشل الأن وقد أحست بالمراره تسد حلقها أن هذا الطلب جعلها تبدو اشبة بالعذراء الفيكتوريه التي تعرضت للخزي والعار , ودُمرت سمعهتها إلى الأبد .
بالطبع رفض إنريكو الأصغاء إلى توبيخات عشيقته , أما ضحكات فيتو المزدرية الساخرة فكانت أسوأم من ذلك . رايتشل علمت أن أياً منهما لم يأبه لأن أبنة آرلين تعرضت لهذا الموقف المخجل , أما بالنسبة إليها فتوبيخات والدتها بدت مريعه أكثر من خداع فيتو لها .
بدت آرلين مهووسه بفكرة تزويج فيتو من أبنتها , مهما كان ذلك الأمر بعيد المنال , وبغض النظر عن مدى غرابته بالنسبه إلى رايتشل .
في النهاية انطلقت رايتشل هاربة نحو إنكلترا , لكن ليس إلى المدرسة قصدت عمتها التي قلما عادت والدتها تتصل بها , فوجدت نمط عيشها المتواضع أكثر ملاءمة لها . بعدئذٍ حصلت لنفسها على وظيفة نادلة في مقهى ببرايتون , وأقسمت على أن تصبح مستقلة مادياً عن آرلين .
انحرف ذهن رايتشل بعيداً عن تلك الذكرى , فهي تزيد حزناً على حزنها . ألا يكفيها ماتشعر به الأن من حزو وألم بسبب حالة والدتها الصحية ؟ مدت يدها داخل البراد الصغير ذي الإطار المفتت , فخرجت علبة حليب سكبتها داخل الكوب وتابعت التحريك . أنها تقوم بذلك كلة بصورة آليه , إذ أن ذهنها بدا كغمامة من الأفكار والمشاعر المهتاجة .
الذنب ! ياله من خسيس قوي ناخر مزعج يتآلكها ! فيبرز حزنها ويزيده حتى أحبحا معاً مزيجاً لايحتمل , مايجعلها تقوم بأكثر أفعالها جموحاً وجنوناً . كأن تحاول إجبار فيتو فارنسيتي على الزواج منها . فقط لكي تسّل موت والدتها .
احتضنت الكوب بيديها وتمشت عائدة إلى وسط الغرفه لتصل بالقرب من النافذة . حجبت الستائر المصنوعة من الشبك الزقاق في الأسفل بالإضافة إلى مستوعبات النفايات والملصقات الإعلانيه التي لوحها الهواء وكذلك االمهملات المبعثرة .
لم تكن رايتشل تشعر بالذنب بسبب إقصائها آرلين خارج حياتها .
فهذه الأخيرة لم تتوان عن تركها والأبتعاد إلى روما لتعيش حياء مترفة مع إنريكو فارنيستي . حتى في ذلك الوقت ومع ان رايتشل كانت ماتزال مراهقه , علمت بأن ليس هنالك أي أعذار يمكنها أن تغير حقيقة أن آرلين وإنريكو شخصان أنانيان ولا يباليان بمشاعر الأخرين .
رفعت رايتشل الكوب إلى فمها فارتشفت الشاي الساخن من دون أن تشعر حتى بمذاقه . كم كانت مخطئه ! كانت مخطئة كلياً وتماماً بخصوص آرلين , لكنها لم تعرف ذلك إلا بعد فوات الأوان . علا بعد أن صارت والدتها مريضة جداً . حينها , حينها فقط تمكنت رايتشل من رؤية والدتها تحت ضوء مختلف تماماً .
- فعلت هذا كله لأجلك يا ابنتي العزيزة .
همست لها والدتها بذلك بينما كانت الأدوية ومسكنات الألم تجعل ذهنها مشتتاً . تمكنت آرلين أخيراً من إطلاق مشاعرها الصادقة نحو ابنتها , وهي مشاعر كبتتها لسنوات طوال .
- أردتك أن تحصلي على شيء يفوق ماحصلت عليه يوماً . والدك تبرأ منك , واحتقرني . أرادني فقط لإرضاء شهواته لا أكثر . لطالما كرهته بسبب ذلك . كرهته . . . لذا أردتك أن تكبري لتصبحي من ذاك النوع من الأشخاص الذين لايستطيع هو ولا عائلته الغاليه أن يعاملوهم باحتقار . اردتك أن تحصلي على أفضل تعليم , أفضل تربية , وأن تخالطي أشخاصاً من المستوى الأجتماعي نفسة الذي ينتمي إليه والدك وعئلتك . لهذا السبب منحتك اسمه , بالرغم من أنني لم أتمكن من وضعه على شهادة ميلادك . علم والدك أنني لالا أستطيع أن أطالبة بأي شيء ولا أن أطالب بملكيته الغاليه . تخلى عنا نحن الأثنتين .
عندما وقع له حادث اصطدام بسيارته تلك شعرت بالسرور , فقد نال عقابه بسبب مافعله بك وبي , ورفضة الأعتراف بك . لم أنس يوماً سخريته وقوله إنني لست مناسبة كي أتزوج منه .
قبضت يد آرلين بأحكام على يد رايتشل , فيما لفح العذاب المرير عينيها .
- لِم لم أكن أبداً مناسبة للزواج ؟ هل كنت فقط مناسبة لإقامة علاقة عابرة ؟ إنريكو ارادني أن أبقى إلى جانبة دوماً لكنني لم أكن أستطيع الزواج به أبداً . فقد كان متزوجاً .
بدا صدرها يرتفع ويهبط مهتاجاً . أما رايتشل فجلست تتلوى من الألم فيما تابعت والدتها الإدلاء باعترافها الأخير الذي يمزق القلب .- أحببت إنريكو بصدق , لكنه لم يبادلني الحب أبداً . . . ولو للحظة . أرادني بقربه لإرضائه فقط . هذا كل شيء . حاولت ألا أظهر له أبداً أنني أهتم لأمره . لو أظهرت له الأهتمام الزائد عن الحد لشعر بالغضب والأنزعاج . لو أنني فعلت لظن انني أحاول الضغط عليه كي يطلق زوجته , لكنني علمت أنه لن يفعل ذلك ابداً . ليس لأنها كاثوليكيه . . بل لأن . . ..
ظهرت المرارة في صوت آرلين مجدداً , ثم تابعت :" . . . حتى لو كان حراً , ما كان ليتزوجني , فأنا بالنسبة إليه مجرد أمرأه يعبث معها "
أحست رايتشل بمشاعر الغضب لأجل والدتها تهزها بقوة . راح المزيد من الذكريات يندفع إلى رأسها . . . رأت والدتها مستلقيه هناك بعينيها الغائرتين اللتين يكدرهما فرط هزالها وذبول وجهها , فيما يبدو جسدها كالخيال فوق الأغطية البيضايء . تذكرت رايتشل صوتها الخافت المعذب وهي تتحدث إلى أبنتها ويدها تطبق بإحكام على يدها .
- أردتك أن تصبحي امرأه محترمه بما يكفي كي تتزوجي . أردتك أن تصبحي من ذلك الصنف من النساء اللواتي يسعى الرجل إلى التقرب منهن , ويجعلون منهن زوجات لهم . عندما حاول فيتو إغواءك كدت أموت . . . خدعك واستخدمك ليحاربني , وحاول أن يحولك إلى أمرأه فاسده . . .
أغمضت آرلين عينيها فيما بدا الإرهاق والأنهزام على وجهها .
- لطالما راودني حلم . . . حلم حقيقي جداً . . . حتى أنني ظننت أحياناً أن حاصل فعلاً . حلمت بأن يتزوجك فيتو . . . بما أن والده لن يتزوجني ابداً . لطالما رأيتك في أحلامي عروساً لآل فارنيسيتي وأنت تضعين زمردات آل فارنيستي حول عنقك !
انفتحت عينا والدتها فجأه وأصبحتا متوهجتين جداً , ثم تابعت كلامها قائلة :" لهذا السبب أخذت الزمردات ! كانت هناك في شقة روما . . . الشقة التي أخذك إليها فيتو لكي يحاول استغلالالك وتحويلك إلأى أمرأة فاسدة . كنت هناك عندما انهار إنريكو جراء السكنة القلبيه التي تعرض لها . أخذته سيارة الإسعاف من هناك , ولم أره أبداً منذ ذلك الحين . . . ابداً ! أصدر فيتو أوامرة بألا يُسمح لي بدخول المستشفى حتى أودعه أو حتى لأقول له أنني احببته . . .

لكن فيتو لم يسمح لي برؤيته . كما أمر بأن يطردوني من شقة روما . عدت حينها إلى الفيلا , نزل منها رجال أمن قاموا بإخراجي من هناك , ثم قرأت في الجريده اليومية أن إنريكو فارنيستي صاحب شركة فارنيستي توفي في اليوم السابق في روما , حيث كان أبنه وزوجته المحبوبة إلى جانب في فراشه ! أما أنا فلم أعلم حتى أن إنريكو توفي إلى أن قام فيتو بطردي من الفيلا , وجردني من كل شيء حصلت عليه من إنريكو يوماً "
استنشقت آرلين أنفاسها مجدداً بألم , أما رايتشل فجلست ممسكة بيديها , فيما أحست كما لو أن قلبها ينسحق بملزمة وهي تصغي إلى اعترافات والدتها .
ألتمعت عينا آرلين المشرقتين , وتابعت :" لكن فيتو لم يعلم . . . لم يعرف أنني أخذت معي الزمردات من الفيلا . أخذتها عندما قام بطردي .إنها لك يا أبنتي العزيزة . . . لك , لتضعها عندما تصبحين عروساً لآل فارنيستي "
حاولت رايتشل أن تعترض برفق وحذر . لكن ذهن آرلين المغشي بالأدوية المخدرة كان قد يتبنى حقيقة جديدة , حقيقة مبنية بأكملها على أمل أخير يائس , بغض النظر عن كونه بعيد المنال .
همست آرلين وعيناها متسعتان , وهما تفيضان بمشاعر الأمومه التي بقتها مكبوته لفترة طويلة جداً :
- إنها أمنيتي الوحيدة لك . لو أن بمقدوري أن أراك عروساً لفيتو . . . آه يا ابنتي العزيزه . . . عندها سوف أموت سعيدة . . .
انهمرت الدموع من عيني رايتشل , لا بد أها جنت حتى ظنت أن بمقدورها أن تدبر فيتو فارنيستي على وضع خاتم في إصبعه ولو لفترة قصيرة جداً . . . حتى آخر ماتبقى من حياة آرلين . لكن فشلها المثير للشفقة بعد ظهر هذا اليوم جعلها تعلم أنها محقة في محاولتها تلك مع فيتو . لعل الأمر ميؤوس منه ومضحك , وربما هو أمر مجنون تماماً كما وصفه فيتو ساخراً , لكن رايتشل ماكانت لتهدأ إلا إذا حاولت أن تحقق أمنية والدتها وهي على فراش موتها .
فكرت رايتشل أن الموت يغير كل شيء ... إنه يكوّن حقائق جديدة ويدمر والوقائع القديمه . جل ماهو مهم بالنسبة إليها الآن هو الفترة الوجيزة الباقية من حياة والجتها . لاشيء آخر . . . لانفسها أو مشاعرها ولا رغباتها أو مخاوفها , ولا فيتو فارنيستي أيضاً.
*******

بدت تلك الليلة من تشرين الثاني بارده موحشة , وذلك عندما عادت رايتشل من زيارتها لوالدتها . كل زيارة كانت تقوم بها إلى والدتها مؤلمة , أما اليوم وبعد أن تحملت محنة محاولة تحقيق أمنية والدتها الميؤوس منها وهي على فراش الموت , بدت زيارتها أكثر إيلاماً . بدت آرلين أضعف كما أفلتت أحدى الممرضات الجملة التي كانت رايتشل تخشى سماعها , ومفادها أن تضع والدتها في مركز متخصص يعتني المرضى أمثالها .
أحست رايتشل أن الألم يقبض عليها بقوة مجدداً.
مازال أمامهما القليل جداً من الوقت المتبقي لهما سوياً , وهد أهدرتا الكثير منه . على الرغم من معرفتها اخيراً لماذا ارسلتها آرلين إلى مدرسة داخلية , ولم تراها إلا قليلاً عندما كانت صغيرة , فإن مازال يؤلمها بشكل بائس .
- لم أرغب بأن تظلي مرتبطه بي !
كانتت آرلين قد اخبرتها بذلك , فيما أنسحق قلب رايتشل من الأسى والحزن حين سمعت حقيقة مشاعر والدتها تجاهها . تابعت آرلين :" لم أكن أريدك أن تعاني بأي شكلم من الأشكال بسبب علالاقتي مع إنريكو ! و . . ."
ازداد صوتها كآبه حين تابعت :" . . . لم أشأ أن يدنو منك فيتو , ذلك الشاب الوسيم المغرور بوسامته "
قاطعت رايتشل الذكرى في ذهنها , فقد بدت مؤلمة جداً . والآن بعد نقص درايتها وجهلها اللذين دفعاها لوؤية فيتو مجدداً بعد كل هذه السنوات تضاعف الألم عشر مرات , فأخذ يخدش أعصابها . كانت والدتها محقة بإبقائها بعيدة عن فيتو فارنيستي . مع ذلك , وبالرغم من يقينها وتأكدها من ذلك فقد خانها قلبها . فيتو ! رؤيته من جديد منذ بضع ساعات , هي بمثابة عذاب جديد وشوق جديد . . .
اندفع شعور آخر من خلال العذاب الأليم والحزن اللذين تشعر بهما بسبب مرض والدتها .
هذه المرة عرفت رايتشل ماهو هذا الشعور ! عندما كانت في الثامنة عشر من عمرها لم تعرف رايتشل حتى اسم هذا الشعور , حتى إنها لم تكن تعرف بوجوده . أما الآن وهي في الخامسة والعشرين من عمرها فصارت تعرف ؛ إنه الأنجذاب نحو فيتو !

كيف يمكنك أن تشعري بالأنجذاب إلى رجل يمقتك ؟ رجل لطالما مقتك . . . إنه أمر مخزٍ , مثير للشفقه , لايمكن غفرانه , لكن معرفة ذلك والشعور به أران مختلفان تماماً .
فقط لو أنني لم أذهب إليه اليوم ! فقط لو أنني لم اره مجدداً!
أحست رايتشل بتوق مريض يتآكلها , ويجعلها تشعر بالخزي .
صرفت هذا الشعور جانباً . لن تقع عيناها أبداً على فيتو فارنيستي من جديد . حاولت بعد ظهر اليوم /أن تفعل ماأجبرها حبها لوالدتها على القيام به . لكنها كانت أكثر التجارب المريعه في حياتها , لكنها حاولت على الأقل ! لن يؤنبها ضميره لأنها لم تتحلى حتى بالشجاعة لكي تحاول تحقيق أمنية والدتها وهي على فراش الموت , وعلى الرغم من أنها علمت أن تحقيقها أمر مستحيل .
حضرت رايتشل العشاء وهو عبارة عن الفاصوليا مع الخبز المحمص .إنها وجبة رخيصة وسريعة . أثناء تناولها عشاءها اضطرت إلى اجبار نفسها على ابتلاع كل لقمة منه . بعدئذٍ أجضرت الكمبوتر النقال الخاص بها وهي تشعر بثق وانسحاق في قلبها .
لم تذهب مطلقاً إلى الجامعة , كما أنها لم تكمل دراستها الثانوية .
لو أنها فعلت لتمكنت بلا شك من الأنتساب إلى إحدى الجامعات المرموقة , لكنها عوضاً عن ذلك تلقت دروساً مسائية في جامعة محلية دفعت تكاليفها من أجرها الخاص , وذلك إلى أن حصلت على مؤهلات كافية تسمح لها بالحصول على وضيفة في قسم التسويق لدى شركة عالمية . جنت رايتشل من وظيفتها تلك مايكفي لتدفع أقساط شقة سغيرة مريجة في لندن . إنها الشقة نفسها التي باعتها لتساعد في دفع تكاليف علاج والدتها في مستشفى خاص .
أطلقت ضحكة مريرة . بعد الرفاهية التي أمنها إنريكو فارنيستي لوالدتها , فإن أمورها الحالية لاتسير بشكل جيد . لعل الحزن وانكسار القلب والمرارة التي استهلكت والدتها , كلها عوامل جعلت آرلين لاتهتم بالمال الذي وضعته جانباً. على أي حال نفد هذا المال بسرعة الأن . فمصاريف المستشفى الخاص تشكل عبئاً ثقيلاً , لكن رايتشل لاتأبه لذلك , جل ماتريدة هو أن تعيش آرلين مرتاحة لبقية حياتها .
فتحت كمبوترها النقال , وهمّت بالعمل . إنها ممتنة جداً لأنها وجداً عملاً بدوام حر , فهي تترجم كتباً خاصة بالتسويق من اللغتين الإسبانيه والفرنسية إلى اللغة الأنكليزيه . صحيح أن مدخولها ليس كبيراً كما كان من قبل , لكن عملها هذا أكثر مرونه , ويسمح لها أن تمضي قدر ماتستطيع من الوقت برفقة والدتها . أقفها فجأة عن العمل صوت هاتف المدخل . من بحق السماء يريد مقابلتها في هذا الوقت ؟ توجهت رايتشل نحو الباب فيما ساورها القلق . رفعت سماعة العاتف بذهن مشوش .
أجابت بحذر :" نعم ؟ من الطارق؟"
جاءها الرد المختصر :" فيتو فارنيستي "

موــــــــني ^___^
________________________________________


مونـــــي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس