عرض مشاركة واحدة
قديم 13-11-12, 02:09 AM   #8

مونـــــي
 
الصورة الرمزية مونـــــي

? العضوٌ??? » 173623
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 68
?  نُقآطِيْ » مونـــــي has a reputation beyond reputeمونـــــي has a reputation beyond reputeمونـــــي has a reputation beyond reputeمونـــــي has a reputation beyond reputeمونـــــي has a reputation beyond reputeمونـــــي has a reputation beyond reputeمونـــــي has a reputation beyond reputeمونـــــي has a reputation beyond reputeمونـــــي has a reputation beyond reputeمونـــــي has a reputation beyond reputeمونـــــي has a reputation beyond repute
افتراضي

7-لست غبياً
ألقت رايتشل يديها على سياج الشرفة , وحدقت إلى البعيد نحو الليل الكاريبي الدافئ .
استطاعت أن تسمع الأنين الخفيف لنسيم البحر يتلاعب برؤوس اشجار النخيل . كما سمعت الحفيف الخافت لأمواج البحر تتكسر بلطف على الشاطئ . فكرت رايتشل أنه ليل للعشاق , لكنه ليس لها . تغلب عليها شعور بالغربة , كما لو أنها منفية .
تسارع الأحداث جعلها تشعر بالأبتعاد عن الواقع المحيط بها . حاولت رايتشل أن تفكر بوالدتها . حاولت أن تحلل مايكون عليه الوقت في لندن الآن . حاولت أن تفكر بما قد يقوله الأطباء لها الآن , ربما آن الأوان لأن تفكر بتأمين دار مخصصه للعناية بالمرضى أمثال والدتها . . . لكن والدتها بدت بعيدة جداص . فقط هذا المكان الساحر بدا الآن واقعياً جداً .
مع ذلك , هي لاتشكل جزءاً من هذا المحيط الرومنسي الجميل . لايمكنها ان تكون كذلك أبداً , فالرجل الوحيد الذي تتوق إليه والذي تاقت على الدوام يتخطة منالها . أما وجوده هنا الآن على بعد بضعة أمتار عنها , فجعل عذالها استثنائياً أكثر . وجعل توقها إليه أكثر إيلاماً.
يجدر بي أن آوي إلى السرير . يجب أن أخلد إلى النوم , وأصلي كلا تراودني أي أحلام . . . حسناً ! سوف تذهب بعد لحظة فقط .
سمعت خلفها وقع قدمين تنتقلان بهدوء , وشعرت بوجود شخص ما . إنه شخص يمنكنها التعرف عليه حتى لو كانت معصوبة العينين .
اسدارت رايتشل , لأنها لم تقوّ على منع نفسها من ذلك .
رأته هناك . جميل ووسيم جداً ماما كأول مره ألقت نظرها عليه .
وقفت مستندة إلى السياج , وجلّ ما استطاععت أن تسمعه هو نبضات قلبها .
تحرك فيتو بأتجاهها , فأحسّ بالأنفاس تعلق في حفقها . اتسعت عيناها بدهشة . إنه يتجه نحوها !
بدا من خطواته أنه يهدف إلى شيء ما . لم تقوّ رايتشل على الحراك . لم تتحرك فيها عضلة واحدة . تباطأت نبضات قلبها وهي تنظر إلى فيتو المتوجه نحوها .
حدقت به ملياً , إذ لم تقوّ على منع نفسها عن ذلك . تشرّبته فيناها . . . كم هو وسيم ! لماذا هو قادم نحوها ؟ ما الذي يريدة ؟
ابتسم فيتو ابتسامة ساخرة عالمة . نزلت أهداب عينيه الطويلة السوداء غلى الأسفل , فأخذت تلسع بشرتها . علمت رايتشل أنه سوف يعانقها الآن . . . سوف يخفض رأسه نحو رأسها وسوف يحتضنها بذراعيه و . . .
اجتاحت العواطف الجياشة كيانها تماماً . همست بأسمه :" فيتو . . .!"
بدت عيناه ملتمستين متضرعتين , ثم مدّ يده نحوها .
جلّ مافعلة هو وضع سبابته على قلادة الزمرد التي تستقر فوق صدرها .
- آن الآوان لأن تعطيني الزمردات , عزيزتي .
امتدت يده الأخرى إلأى جيب سترته , فسحب وثيقة الزواج المثنيه , وأردف قائلاً ::" أعطيني أنت الزمردات , فأعطيك هذه "
بدت عيناه غامضتين في الليل , فتلاعبتا فوق وجه رايتشل . . .
- هذا هو سبب مجيئنا إلى هنا , أليس كذلك ؟ حتى تقوم بهذه المقايضة . . . ليس هنالك سبب آخر أليس كذلك ياعزيزتي ؟
سخرت الأبتسامة المزروعه على فمه بألمها وبتوقها .
قال لها فيتو بلطف :" أعطيني العقد "
وسقطت يده بعيدالأ عنها .
أحست رايتشل بيديها تتحركان بحذر , كما لو أنهما لسيتا جزءاً من جسدها , فأمتدتا حتى قفا عنقها . انفتح المشبك تحت أناملها , وأحست بالعقد الثيقيل يكاد ينزلق منها , فألتقطته وحملته بين يديها , ثم مدتهما نحوه .
تناول فيتو الزمردات من يدها , ووضعها داخل جيب سترته . ومن دون أن يحيد عينيه عن وجهها , لف وثيقة الزواج وأزلقها داخل صدرية فستانها .
تكلم بصوت هادئ منخفض قائلاً :" لقد نلت ماجئت من أجله ياعزيزتي , لأن هذا هو ما جئت من أجله . . . لاشيء أخر ؟
ظلت عيناه مركزتين على عيني رايتشل للحظة طويلة لامتناهية , ثم تابع مكرراً بنعومه :" لاشيء آخر "
بعدئذٍ مرر فيتو إصبعه تحت ذقنها ورفعه إلى الأعلى , ثم أحنى رأسه نحوها , مرر أنامله خلف عنقها , وقبض على مؤخرة رأسها . لم تقوّ رايتشل على الحراك , لم تقوّ على التنفس لم تقو إلا على الوقوق مكانها , فيما عانقها فيتو ليحملها إلى لحظات من النعيم الأستثنائي .
بدا لرايتشل كما لو أن عناقه سيدوم إلى الأبد . . . إلا أنه لم يدم إلا للحظة وجيزه جداً . ما إن انسحب فيتو مبتعداً عنها حتى أطلقت انيناً . أخفض فيتو بصره نحوها , وسألها بصوت ناعم خافت : " هل تريدين هذا ؟"
مدت رايتشل يدها لتلامس وجهه بأناملها , راسمة حدود فكه وذقنه تنفست قائلة :" أجل " <<< غبيه
ابتسم أبتسامه شيطانية وقال :" إذاً سوف تحصلين على مرادك , ياعزيزتي "
قادها فيتو نحو سريرة , فرافقته رايتشل كالمسحوره . تمهل عند عتبة غرفة نومه , ثم رفعها بين ذراعيه في حركة سريعة , وحملها إلى الداخل . شهقت رايتشل عندما أنزلها ووضعها فوق السرير .
قال لها بنعومة :" أهلاً بك في جناح شهر العسل ياعزيزتي "
شعرت رايتشل لوهلة , للحظة وجيزة سريعة بإحساس من الخشية والرهبة يغمرها . إنها ليست عروساً حقيقة , ولايحق لها بأن تكون هنا .
في تلك اللحظة شعرت رايتشل بالضياع تماماً . لم تقوّ على الحراك , لم تقوّ على أي شيء . سوى الأستلقاء هنالك متغافلة عديمة الحياء . لم يبعد فيتو عينيه عنها ولو لحظة واحده . بعدئذٍ اقترب منها وجلس على حافة السرير , ثم مد يده إلى رباط فستانها وأزلقه عن كتفها , ثم كرر الحركة مع الرباط الآخر ببطء متعمد . حدقت رايتشل إليه ببساطة للحظة طويــــله لامتناهيه , ثم غمغمت بأنفاسها وزفرت بأسمه . . .
- فيتو . . . أرجوك . . .!
أخفض فيتو رأسه نحوها ببطء شديد . وحن فعل ذلك سقطت الورقه المثنية على شك لفافة , فوقعت على الأرض من دون أن يلاحظاها , كما لو أنها اصبحت من غير أهمية .
- فيتو . . .!
خرج أسمه من شفتي رايتشل مصحوباً بتنهيدة ملؤها الشوق , فيتو فارنيستي أصبح في متنناول يدها !
شدته رايتشل نحوها كما لو أنها تستعيد ماهو ملك لها . أما أحلى شيء في هذه النعمة التي تتملكها , فهي معرفتها أنها استرجعت فيتو مجدداً . إنه فيتو نفسه الذي تعرفت إليه تلك الليلة . . . تلك الليلة الثمينه الرائعه السحريه التي اصطحبها فيها فيتو من ذلك الحفل ليجعلها تشعر أنها امرأة مميزة .
تماماً كما فعلت من قبل , منحته رايتشل اهتمامها وحنانها مجدداً , وهذه المره منحته كيانها بأكمله . عانقته وأعطته كل مايمكنها أن تعطيه .
أما لمسات فيتو فكانت عسلاً وناراً ولهيباً يومض ويتلاعب فوق بشرتها . اشتعل اللهيب في عروقها , وفي كل كيانها .
- فيتو . . . !
نطقت رايتشل باسمه بزفير وتوسل .
رمقها بنظراته للحظات طويلة أبدية , فاستطاعت رايتشل أن تلحظ ظلال الشعف الغامضة في عينيه . الشغف . . . . الشعف لها وحدها . . .
بدا لها كأنما الوقت قد تجمد في مكانه , وكأنما المكون يتوقف عن الدوران , وكأن كل ماهو موجود وكل مايمكن أن يوجد قد توقف .
أخيراً طافت بركة النار المشتعلة في جسدها . . . وطافت هي في عالم من الحماس الحلو اللذيذ .
نظر فيتو نحوها , لم تقوّ رايتشل على الكلام أو الحراك للظة أبدية لامتناهية , إذ لم يكن بمقدورها إلا ان تحدق , وتحدق وتحدق . . .
فيتو . . . فيتو . . . أقام علاقة حميمية معها . جعلها زوجته حقاً . وجعل زواجهما حقيقياً . سوف تصبح الأمور على مايرام . إنها تعرف ذلك بثقة عميقة ثابتة حتمية . لم تفهم رايتشل كيف عرفت ذلك , لكن حقيقة وقوة ماحصل للتو لايمكن نكرانها . ولّى الزمن الماضي المسموم اللآن .أحترق في لهيب الشغف الذي تشاركاه .
أخفض فيتو رأسه بحركة بطيءة مرتاحة , فلامست شفتاه جبينها .
ابتسم لها وهو يرفع رأسه عنها . عندما تكلم في تلك اللحظة أحست رايتشل أن الآنفاس تعلق في حلقها . جاء صوته خافتاً وساخراً حين قال :"يجدر بك أن تعليمني ياعزيزتي عندما ترغبين بمواهبي الخارقة في السرير مجدداً . إذا وعدتيني بأن تتجاوبي معي على هذا الشكل مجدداً . فسوف تحصلين عليها سأعة تشائين "
فجأة أحست رايتشل بالدماء تجف في عروقها , ليحل مكانها رعب جليدي مخدر .
ابتعد فيتو عنها , ثم مرر أحد أناملة الطويلة على طول خدها .
- حصلت الآن على ماغربت في الحصول عليه حين كنت في الثامنة عشر من عمرك . يجدر بك أن توجهي تحياتي لعشيقك الذي أردت أن تغيضية بزواجك مني , إذ أتاح لي التمتع بهذه العلاقة الرائعة حتى بعد هذه السنوات الطويلة .
سمعته رايتشل وهو يتكلم , لكنها لم تقوّ على قول أي شيء . لم يكن بمقدورها إلا أن تبقى مستلقية هناك وهي مخدرة من الرعب .
تحرك فيتو فالتمع جسده تحت النور الخافت . حدقت رايتشل به للحظة واحده مصعوقة بالرعب .
إنه جسد ملاك , لكنه يتمتع روح شيطان !
نهض فيتو على قدمية , ونظر نزولاً نحوها .
- أنا بحادة إلى أخذ حمام . هل تريدين الأنظمام إلي ؟ سبدو الأمر. . . منعشاً . . . جداً . . .
مد يده نحوها كما لو أنه يريد ملامستها , لكن رايتشل ركضت . ركضت كما لو أن كل شياطين الجحيم تلاحقها . . . أم بالأحرى مجرد شيطان واحد . تعثرت وهي تنهض واقفة على قدميها , لكنها ركضت بكل ما أوتيت من قوة , لكي تبحث عن الملاذ في غرفتها الخاصه في الجهه الأخرى من الشرفة .
ارتمت على السرير بصرخة مصعوقه مكسورة , فطمرت نفسها عميقاً داخل الأغطية كما لو أنها قبرها . استلقت رايتشل على جنبها وجدبت رجليها إلى الأعلى لتتخذ وضعية الجنين الدفاعية , كما ضمت رأسها وذراعيه إلى الداخل , فغدا جسمها محدباً على شكل قوس لم تقدر حتى على البكاء .
حدّق فيتو نزولاً نحو السرير الفارغ . فأحس بفراع هائل في أعماقة , ولم يعرف ماسبب ذلك . ما خطبة ؟ ها قد قام بما أراد القيام به منذ البداية . أخذ رايتشل فايل إلى السرير كما أراد أن يفعل دوماً في بالغ الأمر , هذا هو الهدف التام من هذه المهزلة . أراد أن يمسح عن وجهها ذاك المقت الكاذب الساخر المزدري تجاهه !
حسناً . . .! برهن لها أن تلك كذبه . حسنا ً! يا إلهي ! التهبت رايتشل مشتعلة بين ذراعيه كأنها خلقت لأجلة , كما ذاب هو بين ذراعيها أيضاً . . .
زمّ فيتو فمه بغضب . حسناً ! لِمَ تُراه لايتأثر بها ؟ فرايتشل فاير قادرة على التأثير في أي رجل .
منذ أن وقع عليها نظره للمره الثانية . . . أومضت الذكرى في دهنه . . .
كانت واقفه هناك , وقد بدت ضائعة جداً بين حشود الناس . بدا شعرها أشبه بوشاح من اللون الذهبي الباهت . ما إن دنا منها فيتو منجذباً إليها بشكل فطري حتى أدرك أنها يافعة وشابة .
وفي اللحظة التي توقف فيها أمامها لأول مره وابتسم لها , أدرك أنها ماتزال بريئة لم تلمسها يد رجل . وأدرك أنه يرغب بشدة أن يلمسها هو نفسه . صرف فيتو تلك الذكرى , فابعدها عن ذهنه . ما الجدوى بحق الجحيم من تذر رايتشل ؟ حينها أو الآن .
دفع أغطية السرير إلى الوراء بحركة تدل على نفاذ الصبر , وعلى الفور أحس بغيابها . كعنه ذاك الشعور كالسكين .
إنه يريدها مجدداً , يريدها بين ذراعيه تماماً , فهو لم يكتف منها بعد لكنه لن يبحث عنها الان . سوف يتركها مستلقية في الغرفة المجاورة , لكي تواجه بنفسها حقيقة أنها مهما حاولت أن تنكر الأمر , مهما قالت له أها محصنة تجاهه , مهما حاولت أن تقول له إنها أرادت فقط ان تضع خاتمة في إصبعها كي تعرضة متباهية أمام عشيقها الذي نبذها , فرايتشر فايل هي له . وسوف تكون كذلك دوماً !
استلقى فيتو على السرير يحدق بعقدة الموسلين الأبيض المدلى فوق رأسه , وما لبث أن شعر بالأنزعاج لأنها ذكرته بأن هذا الجناح يفترض به أن يكون جناح شهر العسل .
أحس أن جسده متململ لايعرف الراحة أو الهدوء . بدا ذهنه مشوشاً , هائجاً , منزجاً . حقيقة كونه في حالة مماثله هو أمر مزعج بحد ذاته . ليس هنالك من سبب يبرر هذا . لقد حصل بالضبط على ما أراده . حصل على كل مالدى رايتشل لتقدمه له .
لكن فيتو تعلم منذ سبع سنوات أن هذا كل مايُحتمل أن يريده منها على الإطلاق . أما البقة فهي مجرد وهم . . . وهم فارغ .
ظل مستلقياً في السرير وعيناه القاسيتان تحدقان إلى الظلام .
مدت رايتشل يدها لتتناول فرشاة أسنانها ’ فأدركت أن يدها ترتجف . حاولت أن تثبتها , لكنها لم تستقر . التقطت أنبوب معجون الأسنان ووضعته فوق فرشاة الأسنان , أحرق فمها طعم النعناع الحاد الحار . فتمنّت لو أن تمقدور ذاذ الطعم الحار أن يحرق ذكرى ليلة أمس أيضاً .
لاتفكري ! لاتفكري ! مهما كان مافعته , لاتفكري !
كررت رايتشل الكلما كما لو أنها مانترا في ذهنها , فيما فركت أسنانها بجموع مرتعش .
كنت اعرفه . كنت اعرف ماهو عليه . علمت ذالك طيلة سبع سنوات مريرة . لاعذر لي . . . لاعذر لي على الإطلاق . . . أبداً !
كيف توهمت انه تغير عما عرفته عليه ؟
في الواقع , أرادته ان يكون الرجل الذي أعتقدت منذ زمن بعيد أنه عليه , لكنه ليس ذاك الرجل أبداً . إنه مجرد وهم . وهو فظ فارغ .
ليلة أمس , استحضر فيتو ذالك الوهم مجدداً , ومرة ثانية تمكن من خداعها به , كما خطط لأن يفعل في المرة الأولى . لكنها هذه المرة تستطيع التذرع بصغر سنها وقلة خبرتها او يجهلها لطبيعته الحقيقة .
حدقت رايشل إلى انعكاس صورتها في المرآة من دون تسامح .
أنت تستحقين ماحصلتِ عليه! تستحقيقن كل شيء . . .
طاف الشعور بالمقت داخل جسدها . ليس فقط تجاه فيتو بل تجاه نفسها أيضاً بسبب حماقتها .
بدأت رايتشل توضب أدوات تبرجها بسرعة لكن دون تفكير , ثم ادركت أنها لم تستحم بعد , فتركت حقيبة التزيين على النضدة وتوحهت إلى الحمام .
فتحت صنبور المياه عمداً وكرهاً لنفسها على المياه الباردة . أرادت أن تعاقب جسدها لأنه خدعها بهذا الشكل , ولأنه خانها .
لاشيء أمكنه جعلها تشعر بالارتياح لعملها الخارق . هناك فقط الفراغ والدمار والخراب .
نظرت غلى الخارج نحو الحدائق فيما مشت عائدة إلى غرفة نومها . لابد أن الصباح مازال مبكراً جداً , فاشمس بالكاد وصلت إلى ماقوق الأفق خلف المنزل . تساءلت رايشل في أي وقد قد يبدأي أي من الموضفين بالتحرك , حتى تتمكن ممن أن تطلب وسيلة نقل ما تقلها عن الجزيرة وتعيدها إلى المطار .
ارتدت ملابسها بسرعة ورشاقة , استخدمت الملابس نفسها التي وصلت بها إلى هنا , ثم وضبت بقية ملابسها . فستان زفافها لم يكن هنا بين الملابس , لكنها لم تأبه لذلك . لم ترغب بأن يقع نظرها عليه مجدداً فهو ملون . اغلقت رايتشل غطاء الحقيبة الصغيرة . فأحكمت إغلاقها , ثم تجمدت لإدراكها الشنيع .
إنها لاتحمل وثيقة الزواج الخاصة بها . فيتو كان قد وضعها في قبة فستانها عندما بدأ بعملية إغوائها ليل أمس . لابد أنها سقطت عندما أدخلها إلى غرفته وخلع عنها فستانها . جاش الفزع عبر جسدها بموججات مثيرة للغثيان .
لايمكنني ! لايمكنني أن أعود إلى الداخل لإحضارها ! لايمكنني ! لكن هذه الوثيقة هي سبب مجيئها إلى هنا . إنها الهدف الوحيد من هذا الكابوس الدنيء . يجدر بها أن تدخل لإحضارها . لاخيار أمامها .
عبرت رايتشل نحو الأبواب بخطى متثاقلة ملؤها الخوف , فأدارت المفتاح في القفل ,ثم فتحتهما بحذر وإنتباه , وخطت خارجاً نحو الشرفة . أكتسحها برد الصباح الباكر , ومن دون قصد توجهت نظراتها إلى الخارج وتجمّدت مكانها .
كان أحدهم في البركة يسبح بضربات طويلة متناسقه .
صعقها جيشان مفاجئ لانتهاز الفرصة المؤاتيه , فأدارت رأسها نحو الجهه اليمنى . كان بابا جناح شهر العسل مفتوحين أمامها .
لابد أن فيتو في بركة السباحة. لابد أن يكون هو ! اندفعت رايتشل على عجل داخل الغرفة من دون أن تجرؤ على التفكير , فانطلقت عيناها تنظران في أرجاء بخوف . بدت الغرفة مهجورة , السرير الدائري الضخم فارغاً , والآغطية مرمية على الأرض .
ليس هنالك من وقت ! هنالك وقت متوفر فقط لكي تجول مسرعة على الأرض في بحث يائس عن تلك الورقة الوحيدة المثنية .
يجدر بي أن أجدها ! يجدر بي ذلك !
لم ترّ رايتشل أي شيء على الأرض , فاضطرت بعد تردد عميق لكن مدفوعة بالحاح يجدر بها ان تطيعه أن تفتش في السرير نفسه .
لاتفكري . . . فقط أبحثي !
كانت الوثيقة هناك ! محشورة داخل أغطية السرير . مجعدة لكن . . . تحسستها وفتحتها . . . إنها ماتزال سليمة , فهي مقروءه ., واضحة وغير مشوهة . استقامت رايتشل في ركوعها فتفحصت الصفحة سريعاً , واطمانت إلى أنها ماتزال على مايرام .
- ماذا يا عزيزتي ؟ هل أبقيتك منتظرة , فجئتِ الآن بحثاً عني ؟ هل أنت متشوقة للعودة معي إلى السرير ؟
وقف فيتو هناك عند الأبواب المفتوحه مرتدياًفقط لباس السباحة .
بدا جسدة المبلل لامعاً , أما شعره فبدا حريرياً مبتلاً بالماء , فيما رمى المنشفة فوق إحدى كتفيه . إلا أن رايتشل استطاعت ان تلاحظ ظلالاً تظلم تبشرته . أحست أن أعماقها أصبحت خاوية , إذ اخترقها الرعب لأن فيتو اعترضها قبل أن تتمكن من الهرب .
وضعت إحدى رجليها على الأرض تواجهه, بينما ثنت الوثيقة بسرعة . أحست كما لو أن قنبلة ما انفجرت في احشائها , لكنها علمت انه لايجدر بها أن تظهر ذلك لفيتو على لإطلالاق . بدا وجه رايتشل مشدوداً , أما صوتها فبدا متصلباً , وبالكاد استطاعت السيطرة عليه حين رفعت وثيقة الزواج وقالت له :" هذه ماجئت من أجله , فيتو "
تمشى فيتو داخل الغرفة . بدا مسترخياً , لكن رايتشل استطاعت أن ترى أن التوتر يعذبه ويشد جسده .
جرجرت نظراتها بعيداً عنه , لكنهاا لم تجد مكاناً آمناً تنظر إليه . لا مكان .. . .
اقترب فيتو من السرير , وتكلم مجدداً .
- أتقصدين أن مواهبي في السرير ليست بمستوى مقاييسك المتطلبة ؟ بدوتِ سعيدة ليلة أمس .
استقرت عيناه السوداوان على وجهها . فأحست رايتشل بالأنفاس تتجمد في رئتيها , أما قلبها فتباطأت نبضاته حتى كادت أن تتوقف .
تكلم فيتو بنعومه , فاكتسحها مجة من الغثيان عندما قال : " أحببتِ الأمر ليلة أمس !"
مشى متجهاً نحوها فيما لم تفارقها عيناه , كرر قائلاً :" ألم أسمعك تتوسلين إلي ؟ أم أنني مخطئ ؟"
قذف المنشفة جانباً واقترب منها أكثر , بينما بدت لها كل خطوة ذات مغزى , أما عيناه فاتقدتا بلمعان جعل معدة رايتشل تنقبض . تابع يقول :" سوف تحبين الأمر مجدداً . . ."
أخيراً مد يده ليطالها , إلا أن رايتشل هزت نفسها وتراجعت إلى الوراء .
تلكمت بصوت هامس , بدا كالزفير الخشن من رئتيها وهي تقول :" أيها اللعين . أيها اللعين , اللئيم المقرف ! كيف تجرء على أن تقول لي اشياء كهذه ؟ كيف تجرؤ ؟"
التهب شيء ما في عيني فيتو , أم فمه فباً لاذعاً كالسوط وهو يقول :" هذا العرض بالشعور بالإهانه لم ينطلِ علي منذ سبع سنوات ياعزيزتي , وهو لن ينطلي الآن ! لذا وفري عليّ التأريخ هذه المرة . فليس هنالك من داع له . هذه المرة لديك خاتمي في اصبعك . الخاتم الذي اردته منذ أن خططت للأمر مع والدتك الغالية طيلة هذه السنوات الماضية حين قدمتك لي كطعم لتلتقطني به ! أنت مستعدة للقيام بأي شيء لكي تحصلي لنفسك على زوج ثري !"
جفّت الدماء من وجه رايتشل .
- ماذا . . .؟ مالذي تعنيه بقولك إنها . . . قدمتني كطعم . . .؟
ضاقت عينا فيتو بمقت .
- هل ظننت أنني غبي ؟ أنت نصبت لي فخاً . أليس كذالك ؟ كنت في الثامنة عشرة من عمرك فقط , ومع أن رجلاً لم يمسك من قبل , لكنك كنت فاسده متواطئة تماماً كوالدتك . والدتك التي ارادتت حمايتك والحرص عليك , والتي صادف وصولها برفقة والدي مساء ذلك اليوم لتجد ابنتها العزيزة ضحية لإغوائي . يمها أعتقد والدتك - وأنت أيضاً - أن والدي سوف يجبرني على الزواج بك بسبب سوء تصرفي . الزواج من أحد أفراد آل فارنستي أنه الشيء الذي لم تتمكن الوالدة من تحقيقه , سوف تحققه لها الأبنة . . .
أحست رايتشل أنها توشك على الأغماء , إذ راح الخدر يلتف حولها كما لو أنه ضباب كثيف .
- أما الآن فأنت حققتِ مرادك . أليس كذلك ؟ حققتِ هدفك , فحصلتِ لنفسك على زوج من آل فارنستي !لعل دمالك وسحرك لم يشكل إراء كافياً . لكن زمردات آل فارنستي حققت الهدف . أليس كذلك ؟
جمالك لم ينجح في إيقاعي بالأسر منذ سبع سنوات و لذا سحبته من القائمة هذه المره . أنت لم تنوِ السماح لي حتى بالحصول على حقوقي الزوجية . أليس كذلك . أردت أن يكون ذاك النكران الرخيص الحقود انتقامك مني . أليس كذلك انتقامك لأنني رفضت الزواج منك في الماضي اليس كذلك ؟ أليس كذلك ؟
ظهر لهيب قوي في عيني فيتو . . . لهيب مظلم حارق . . .
- خططت لأن تتمنعي فتحرميني من إقامة علاقة حميمية معك . أردت أنت تغويني بجسده الجميل هذا , ثم تخدعيني كي لا أحصل عليه ! حسناً , ساعزيزتي ! أسأت الحساب بذهنك الطموح الصغير هذا أسأتِ تقدير رغباتك وأهوائك الخاصة . أنت تتوقين إلي . في كل مرة المسك فيها أنت تشتعلين باللهب شوقاص للحصول عليّ . لاتحاولي أن تقولي لي غنك لاتريدينني . ما الذي تطلبه مني الأمر ليلة أمس حتى أدخلك إلى سريري ؟ لمسة واحدة . عناقاً واحداً . . . وها قد أعجبك الأمر . كنت تتوقين إلي ليلة أمس وأنتِ تتوقين إلي الآن !
نقل فيتو وزن جسده على رجلة الأخرى .
- أنا ذاهب الآن لأخذ حمام , بعدئذٍ لتناول الفطور . لاتقومي حتى بمحاولة الهروب , لأنني كما أخبرتك ليلة أمس لا ارغب بأن توجه لي أي اتهامات بأنني وافقت على زواج مزيف . سوف نمضي شهر عسلنا هنا , ياعزيزتي . . . شهر عسلنا الرومنسي المبهج . يمكنك انت ياعروستي الجميلة أن تحصلي على كل ماترغبينه مني , اما أنا فسوف أستمتع بألشيء الوحيد الذي تجيدينه !
استدار فيتو ومشى إلى داخل الحمام المتصل بغرفة النوم , ثم أغلق الباب خلقه بخبطة مكتومة .
ترنحت رايتشل , وقد أصبحت رجلالاها مرتخيتين كالقطن .
كيف عساه استطاع أن يقلب الحقيقة رأساً على عقب بهذا الشكل ؟ كيف يمكنه تشويه حقيقة ماحصل منذ سبع سنوات , بحيث صار هو الشخص الذي تم اتلاعب به ؟ أيدعي أنه هو الشخص الذي تعرض للأذى , وأنه ضحية مخطط يهدف إلى إيقاعه في أسر الزواج ؟
أحست رايتشل وكأنما لكمها فيتو بالكلمات التي رماها بها . إنه يقلب حقيقة إغوائه لها رأساً على عقب متعمداً وعن سابق معرفة وسابق تصور وتصميم وبغير شعور بالندم أو بتأنيب الضمير , ليجعل منها هي الفاسدة الشريرة المتلاعبه المخططة في هذه الرواية .
بالكاد تحركت شفتا رايتشل وهي تهمس قائلة :" أيها اللعين . . . أيها اللعين الوغد ! أتحاول أن تضع اللوم عليّ أنا ؟"
بدأ الغضب والسخط يلتفان داخلها , ويملآن رئتيها , بحيث أصبحت غير قادرة على التنفس , وغشي بصرها . أغمضت رايتشل عينيها , وأحست بالحنق والسخط يرتعدان في جسدها . أحست بالألم الباهت النابض في صدرها , ذلك الألم الذي كان هناك منذ أن استيقضت من نومها المعذب . إنه ألمها لمعرفتها بأن فيتو فارنيستي لم يأبه مطلقاً لمشاعرها وأحاسيسها , وان كل ماهدف إليه هو أن يجرح المرأة التي يكرهها . كذب عليها عندما همس لها كلمات لطيفة حلوة بلا قيمة , كذب عندما ضحك معها , كذب عندما أحتضنها بين ذراعية وعانقها . والآن هاهو قد خدعها .
العذاب الأليم الذي اعتصر قلبها هو أسوأ من أي ألم جسدي يمكن أن تشعر به يوماً . فتحت رايتشل عينيها بعد أن نظرت من خلال عدسات أرجعت لها الزمن سبع سنوات . . .
فكرت أنها لم تتخلص أبداً من العذاب . أبداً . . . إنه مايزال موجوداً في أعماق أعماقها , يفسد عليها حياتها ويسممها . . .
تساءلت , ما الذي كنت أفكر به ؟ هل طننت حقاً أن فيتو سيشعر يوماً ما بالسوء بسبب نواياه القديمة تجاهي ؟ هل ظننت أنه سيشعر بالسوء تجاه ما أراد فعله بفتاة في الثامنة عشرة من عمرها لا تعرف شيئاً عن هذا الفتى اللاتيني , زير النساء المتميز ؟ فتاء ساذجة جداً لاعتقادها أنها وجدت قصة غرام رومنسية شبيهه بقصص الجنيات ستتذكرها طيلة حياتها ؟ زمت رايتشل فمها على شكل تكشيرة ملتويه . آه .لا ! فيتو لم يشعر أبداً بالسوء حيالي أنا ولو للحظة أو لوهلة ! لِمَ تراه يفعل ذلك إنه بكل بساطة حرّف الحقيقة بشكل يناسبه , فجعلها هي الملامة !
غشى الغضب الساخط مجدداص عيني رايتيشل . بحركة سريعة مفاجئة اندفعت غلى الأمام , فيما راح الأدرينالين وضخ بقوة في دمائها .
الغضب والسخط والحنق والإكراه الحارق , كلها مشاعر جعلها تقرر بأنها لن تسمح لفيتو فارنيستي أن ينجو بما تجرأ ان يقذفة على رأسها !
مشت مسرعة عبر الغرفة , فجذبت باب الحمام وفتحته بقوة .
كانت غماة الحنق والسخط الحمراء ماتزال أمامها . أنه سخط يمتد في جذورة إلى سبع سنوات مضت . كان فيتو يستعد لأن يحلق ذقنه . الشفرة ماتزال على المنضدة , فيما مّيده إلى الأمام ليتناول عبوة معجون الحلاقة . بدت عضلات ظهره وكتفيه العريضتين واضحة بتفاصيلها الدقيقة . مظهره هذا جعل الأنفاس تعلق في صدرها . حدّقت رايتشل ببحظة فقط , ثم أدركت أن فيتو توقف عما أوشك أن يقوم به , فأخفض يده ببطء , ولاقت عينه عينيها في المرآة .
إلا أن شيئاً مفقوداً منهما . . إنه ذلك الشيء الذي تلازم مع نظرات عينيه منذ أن فاجأتهما والدته ووالدها في تلك الشقة في روما يوم قال لوالدتها إن ابنتها الغاليه تتوسل إليه كي يقيم علاقة معها . . . . لم يكن ذاك الشيء موجوداً هنا الآن , عندما لاقت عينيها عينيه في المرآه .
فجأة أدركت رايتشل بشكل مدمر أن آخر مرة حدقت بها بعيني فيتو فارنيستي على هذا الشكل , كانت عندما أحتضنها بين ذراعيه في روما وأخذ يبتسم لها , ويداعب شعرها , وهي تحدق نحوه مفتونه به .
- يافتاتي الحلوه . . . يافتاتي الحلوة . . . . يافتاتي الحلوه . . .
سمعت رايتشل الكلمات , سمعتها عبر سبع سنوات طويلة . . . سمعت غمغمة هذه الكلمات الرقيقة ذات اللهجة والإيقاع اللطيفين . . .
لطالما استعادت ذكرى ذلك العناق الذي أغرقها فيه فيتو , مداعباً بأناملة جبينها وجفنيها وخديها . . . شعرت أنها في الجنة حينها .. .
والآن , للحظة بدا لها كأن تلك اللحظة تكررت مجدداً , فعيناها تمسكان بعينيه , تنشدان نحوة , تمسكان به .
للحظة بدا لرايتشل كما لو أن شيئاً من أنحل في داخلها . كما لو أن عقدة قاسية بشعة تفككت . كما لو أن يرقاناً ما خبيثاً مؤذياً وعدوانياً كان يلازمها لفترة طويلة جداً إلى درجة أنه صار جزءاً منها قد اختفى .
إنه شيء لم تتحرر مه أبداً . عقة سيطرة على حياتها بأكملها . . . في تلك اللحظة . . . ولأول مرة خلال هذه السنوات الطويلة أحست أن تلك العقدة بدأت تتلاشى . . .
استدار فيتو ليواجهها , فأختفت تلك اللحظة واستقرت عيناه عليها مجدداً , لكنهما هذه المرة التمعتا بنظرات خبيثة مضمرة للسوء .
عينان جميلتان مميتتان , تماماً كحاله هو . . . الشيطان الذي هبط من السماء . ذلك ماهو عليهفيتو , بعض النظر عن الكلمات اللطيفة التي عمعمها لها في ما مضى .
الآن هي تراه على حقيقته . لطالما كانت هذه الحقيقة موجودة أمامها , لكنها كانت عمياء جداً غير قادرة على رؤيتها .
- هل جئتِ لتشاركيني الأستحمام ؟ حسناً ! سوف تضظرين لأن تنتظري بضع دقائق ريثما أنتهي من الحلاقة . آه ! أخبريني إن كنت تفضلين القيام بذلك من دون أن احلق ذقني . أليس هذا ماتحبه النساء الإنكليزيات ؟ أه ! هل هذا ماتحبينه ياعزيزتي ؟ يجدر بك أن تخبريني . . . فأنا لا اود أن أخيب آمالك وتوقعاتك .
ذاك الألتماع في عيني فيتو جعل رايتشل تشعر بالغثيان . بالرغم من ذلك , أحست بالأرتعاش عندما أتكأ إلى الوراء مستنداً إلى حافة الحوض متناسياً شفرة الحلاقة .
بدأ ذاك الضعف المخادع الخائن يطوف في عروق رايتشل . إنه توق مريع هزها بقوته الشديدة . هوة جعتها ترغب بالأقتراب من الرجل الواقف هناك بغض النظر عما فعلة وما قاله لها .
أجبرت نفسها على أن تجرجر عينيها إلى الأعلى , كما لو أنها استحمت بالمياه الباردة المثلجة . اجبرت نفسها على التركيز فقط على التعابير الموجوده في خط فمه المنحوت او في مسطحات وجهه . أجبرت نفسها على رؤية ذاك اللمعان الغامض المخفي . . .
عندما تكلم فيتو مجدداً بدا كأنه يكشط اعصابها كالأظافر التي تحفر على لوح خشبي .
- حسناً ! ما الذي تريدينه عزيزتي في صباح هذا اليوم ؟ هل نقوم بجلسة حيويه ترفع المعنويات الأن ؟ أم تودين الأنتظار حتى أنتهي من الأستحمام ؟
بدت عينا فيتو كالخناجر التي تطعنها بقوة تجعل الدماء تنزف منها بغزارة جرحت الأنفاس حلق رايتشل وهي تتكلم فجاء صوتها حاداً كشفرة السكين :" سوف أذهب الآن . . .سأعود إلى إنكلترا . لست آبه البتة إن كان ذلك سيجعل زواجنا غير قانوني أم لا لأنني حصلت منهذا كله على ما أردته , وثيقة الزواج هذه لكنني لن أغادر هذا المكان قبل أن أخبرك شيئاً ما .إنت قلبت حقيقة ماحدث في روما منذ سبع سنوات . لويت الحقيقة فوق كل حد متعارف عليه . لكن الأمر لم يتم كما وصفته أنت , وأنت تعرف هذا . أنت تعرف أنني لم أخطط لأي شيء مطلقاً . لاشيء . . . لاشيء مما قذفتني به !"
زال الالتماع من عيني فيتو . تماماً كما زالت مظاهر التسلية الكسولة التي ظهرت عليه منذ لحظات . بالطبع فهو لم يكن يعني أو يشعر بأي كلمة مما اقترحه للتو ! قال ماقاله فقط لكي يخزيك . . . لكي يذّلك . تماماً كما أقام علاقة حميمة معك ليلة أمس حتى يخزيك , ويذلّك . . . ولكي يسخر منك بسبب ضعفك المثير للشفقه تجاهه . . .
أجبرت رايتشل نفسها على إبعاد تلك المعرفة المخزية المذلة عن ذهنها . لم يعد الأمر هاماً الآن , فهي سوف ترحل . سوف تخرج من هنا , ولن ترى فيتو فارنيستي بعد اليوم مطلقاً لكنها قبل أن ترحل سوف تقذفه بكل ذرة من أزدرائها ومقتها . . . وعضبها . . . بسبب مافعله بها عندما كانت في الثامنه عشرة من عمرها !
استنشقت رايتشل نفساً آخر جارفاً حتى تتكلم مجدداً , لكن فيتو سبقها وقذف كلماته بقوة نحوها . فيما أومض الغضب السوداوي في عينيه , إذ قال :" ألم تخططي أبداً لأي شيء ؟ أتجرؤين على الوقوف هنا لتقولي لي إنك لم تخططي للأمر بأسره ؟ كذبت علي منذ البداية . أنت عرفت من أنا . . . بحق الله ! عرّفوك بي في تلك الحفلة بالأسم , ولم يرمش لك جفن حتى لكنك أخفيتِ هويتك الحقيقية عني بحذر شديد . أليس كذلك ؟ أليس كذلك؟ لم تذكري لي مطلقاً أنك تعرفين من أكون . كذبتِ علي متخذة اسماًمستعاراً . رايتشل فايل "
حدّقت رايتشل به مذهولة .
- ذاك . . . ذاك هو اسمي . لطالما كان كذالك .
ضاق فم فيتو .
- انت ابنه غير شرعية . وأسم عائلتك هو اسم عائلة والدتك نفسه . اسم عائلة والدتك غير المتزوجة!
واجهته رايتشل بصلابة قائلة :" منحتني أمي اسم عائلة والدي .ذلك جل ما استطاعت أن تفعله . لم تكن قادرة على تدوين اسمه على وثيقة ولادتي , لأنه ماكان ليوافق على ذلك . سخر منها وثار في وجهها عندما أخبرته انها حامل بي . هو لم يعطها شيئاً . . . . لاخاتماً ولا مالاً لتتدبر أمرها به . لم يمنحها أي تعويض . . . لاشيء . منحتني امي اسمه لأن هذا كل ما يمكنني أن أحصل عليه منه . إنه مدون على وثيقة زواجنا في حال أنك لم تلاحظ ذلك "
دفع فيتو تفسيرها جانباً من دون أن يأخذه بعين الأعتبار .
-لكنك بارغم من ذلك لم تفكري بان تذكري لي من هي والدتك. أليس كذلك ؟ خلال أسبوعين كاملين . . . في حين أننا أمضينا كل يوم . . . كل يوم سوياً . لم تفكري ولو لمرة واحدة أن تذكري لي من هي والدتك . والدتك التي دبرت معها بحذر أن تظهر بشكل مناسب في شقة روما ذلك المساء . لكي تقبض على ابنتها الحبيبة مع ابن حاميها ! على أمل أن يفرقع والدي بسوطه ويجعلني اتزوجك بالقوة !
اكتسحتها اتهاماته الباردة , بينما ادانتها عيناه القاسيتان .
أرادت رايتشل أن تنفجر غضباص منه , وأن تصرخ عالياً بغضبها الساخط . سمعت صوتها يرتفع . . .
- لم يكن الأمر هكذا ! بل كنت أنت . . . أنت من يتلاعب بي . أنت عرفت من أنا طيلة الوقت . أنت أغويتني متعمداً , فقط لكي تنتقم من والدتي . رميتني بالكلمات اللئيمة نفسها حينها . . . تماماً كما فعلت الآن . كهرهتك حينها وأنا اكرهك الآن , وليكن الله بعوني سوف أكرهك حتى آخر يوم في عمري بسبب مافعلته بي .
اسودت عينا فيتو كليل مظلم قاتم .
- أخبريني شيئاً !
بدا صوته عادياً كما لو أنه يجري محادثة عادية , ماجعل الشعيرات على ظهر رايتشل تقف .
- لو أنك كرهتِ ماقلته لك منذ سبع سنوات , لماذا بدوت متشوقة جداً لتعودي إلي بعد أن هربتِ من روما , وبعد أن فشل مخططك في حملي على الزواج بك ؟ علمت حينها أنني لن أتزوج بك , مع ذلك طاردتني خلال الأشهر الثثة التالية , فكنتِ تحضرين إلى مكتبي في لندن كلما علمت أنني موجود في المملكة المتحده . لطالما حاولت أن تكلميني عبر الهاتف اينما كنت .
رمقها فيتو بنظراته الفارغه الباردة , وتابع :" كيف يتلاءم ذلك مع نسختك للأحداث بقولك إنك الآنسة البريئة الصغيرة ؟"
بدا صوت فيتو سطحياً خالياً من أي أثر للعواطف . فتحت رايتشل فمها , وما إن أشرق عليها الإدراك , عادت وأغلقته مجداً . أحست مجدداً باليأس الذي احسته عندما ذلّت نفسها بمحاولة الأتصال بفيتو , كما لو أن هذا الأمر حصل بالأمس لامنذ سبع سنوات .
كيف يمكنني أن أخبره بسبب يأسي الشديد ؟ لايمكنني ! لايمكنني !
فجأة أدركت رايتشل وقد غمرتها موجوة سوداء مغرقة , بأن الأمر ميؤوس منه . من غير المجدي أن تحاول مهاجمة فيتو , وأن تدافع عن نفسها , فهو سوف يبرر نفسه في كل مرحلة .
حسناً ! ما يهمها ؟ إنها لم تعد بحاجة إلية . لقد حصلت على ما جاءت إلى هنا من أجله . تماماً مثلما قالت له للتو .
بل حصلت على الكثير بالإضافة إلى ذلك . لقد نالت درساً آخر من سيّد المخادعين . ياإلهي ! فليكن هذا هو الدرس الأخير . . .الأخير على الإطلاق .
استدارت رايتشل مبتعدة , إذ إنها لم تعد تقوى على تحمل المزيد , فالهزيمة لوت ظهرها وسحقتها .
فيتو فانيستي هو بمثابة لعنة على حياتها منذ وقعت عيناها علية للمرة الأولى . إنه كالحمى في دمائها . . . غير سليمة ومفسدة .
امضت رايتشل سنوات شاقة في محاولة إخراج هذا العدوى من مجرى دماها . بما الآن , بعد هذا الأنهيار البشع , قد تنجح أخيراً في انتزاعه من كيانها .
مشت ببطء نحو الباب المؤدي إلى البهو .
- رايتشل !
اجابته رايتشل بصوت متثاقل وهي تغادر الغرفة :" اذهب إلى الجحيم فيتو !"
حسناً ! لن يفيجها أن تقول له بأن يذهب إلى الجحيم , فبهذا الأسلوب هي لن تتخلص منه .
الجحيم هو حيث هي موجودة تماماً . . . إنها تعيش في الجحيم .
موــــــــني ^___^

__________________________________________________ __________


مونـــــي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس