عرض مشاركة واحدة
قديم 09-02-09, 12:56 AM   #2

زهرة الأوركيد
 
الصورة الرمزية زهرة الأوركيد

? العضوٌ??? » 59088
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 162
?  نُقآطِيْ » زهرة الأوركيد is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثاني
السجان الجديد


عندما استعادت كولين وعيها كانت في نفس الغرفة التي فقدت الوعي فيها .ولكن الذراعان القويتان لم تعودا تحيطان بها.
وتساءلت إذا كانت قد تخيلت ما حدث ، ووجدت جوليانو انريكو واقفا بقربها . ربما لم يكن هو ، بل شخصا آخرا هو الذي وضعها على أريكة ، وليس على الأرض.
وتملكها التعب ، ورغبت في إغماض عينيها ثانية . ثم تذكرت الأشياء الفظيعة التي قالها لها هذا الرجل الأطول من المكسيكين العاديين ،
وجاهدت كي تجلس ، محاولة الاحتفاظ بأكثر مايمكن من كرامتها .
وسمعته يقول:
-هل تشعرين بشكل أفضل سنيوريتا؟
وتذكرت بأنه اتهمها بأنها أتت إلى المكسيك لترى ما تستطيع أن تلتقطه هنا من ثروة !
-أنا بخير تماما.
وأدركت ، من دون أي شك ، بأنه لم يصدق بأنها غابت عن الوعي . وحمدت الله على كبريائها الذي استطاع دفعها إلى الوقوف،
دون أن يبدو عليها ما يشير إلى مدى ارتجاف ساقيها .
وكان الرجل الذي بدأت تكرهه أكثر من أي شيء آخر في الدنيا . واقفا ايضا .
ولكن تجاهلت يده الممدودة بقصد مساعدتها:
-أعتذر لإغمائي هكذا ... فهذا أمر لايحدث لي عادة .. لقد مضى وقت طويل لم أنم فيه.
-اسمحي لي إذا ياسنيوريتا ، أن أعوضك عن هذا .
ونظرت إليه، وأخذ عقلها يفكر بوضوح أكثر ، الوضع الذي هي فيه لا تحسد عليه . فليس لديها أية فكرة عن مكان وجود شقيقها،
ولا أحد آخر قد يعرف . وليس لديها مال كثير ، ولن يوصلها هذا إلى أي مكان.
-هل تقترح علي أن أنام هنا ؟
-هذا صعب . فعائلتي قد عانت ما يكفي على يد عائلتك . ولا يمكن التفكير بأن تستيقظ إيزابيلا صبيحة اليوم الذي كان يفترض أن يكون يوم زفافها لتجد شقيقة من خانها تنام تحت سقف واحد معها.
-رايان لا يفعل ...
وقاطعها بثبات :
-سآخذك إلى فندق ..وسنخرج الآن .
إذا فهو لايريدها في المنزل ولا دقيقة بعد. بإمكانها أن تتفهم هذا.
فلا بد أن ايزابيلا بحاجة لعناية طبية لتهدئتها . ومع ذلك فلم تستطع تصديق أن رايان قد فعل هذا.
-هل أنت جاهزة للذهاب ؟
ودون أن ترد التقطت حقيبة الكتف التي أدخلتها معها ، وتحركت نحو الباب حيث كان جوليانو إنريكو ينتظرها، ورافقها عبر التراس والتقط حقائبها ثم أتجه معها إلى سيارة واقفة خارج المنزل ،
فجلست فيها آملة أن يختار فندقا صغيرا رخيصا.
وغاص قلبها عندما لاحظت أنه أوقف السيارة أمام فندق كبير فخم وحديث، فهذا سيكلفها الكثير ، وهي تعرف هذا .
وقالت له ، راجية أن يظن بأنها تفضل الفنادق الصغيرة ولاشيء أكثر .
-أفضل فندقا أضغر من هذا .
-ما تفضلينه ليس مهما الآن ، فالوقت متأخر ولا أنوي قضاء الليل في البحث عن مكان يلائم ذوقك.
ونزل من السيارة وفتح لها الباب ، ثم حمل حقيبة في كل يد ، ووقف على الرصيف ، ومن الواضح أنه كان يتوقع أن لا تناقشه ،
ولكنها لم تتحك خطوة . وأحست بكراهية له أكثر ، ليس فقط لأنه قال لها بأنها أتت إلى هنا بحثا عن الثروة ، بل أيضا لأنها ستضطر أن تخبره عن وضعها المالي . وواجهته قائلة:
-ما معي من مال لا يتناسب مع هذاا النوع من الفنادق .
-أتعنين أنك هنا دون مال ؟
ولم تعجبها رنة الرضى في صوته التي تثبت ريبته فيها . ودون أن تنظر إليه ، دفعها كبرياؤها ثانية وسارت متجهة إلى مدخل الفندق .
إقامتها هنا سوف تدمرها ماليا ، وهي تعرف هذا ، ولكنها لن تفكر بهذا قبل أن تحصل على بعض النوم.
ووقفت جانبا ، بينما كان يتحدث مع موظف الاستقبال ، ثم شاهدت صبيا يحمل حقائبها ويأخذ المفتاح ، ونظرت بثبات إلى جوليانو إنريكو غاتورادي دون أن تفوتها ملاحظة التوقد في عينيه،
ثم استدارت لتلحق بالصبي نحو المصعد .

***
كانت الشمس تشع عبر النافذة عندما استيقظت . ونظرت إلى ساعتها .. لقد كانت تظن أنها ستنام لشدة تعبها عدة أيام ، ومع ذلك فالساعة تشير إلى الثامنة إلا عشر دقائق.
وتذكرت الإرهاق الذي هاجمها بعد خروج الصبي من غرفتها ، ولم يدهشها أبدا أن النوم غلبها فور أ، وضعت رأسها على الوسادة .
وداهمتها نوبة سعال مفاجئة ، حتى دمعت عيناها ، إنها هنا والشمس مشرقة الآن ، فلماذا لايتوقف سعالها ؟
على كل الأحوال ليس لديها وقت الآن للاستغراق في هذه الأفكار ، فهناك أفكار أخرى تتجمع في رأسها .
كانت خارجة من الحمام ، ترتدي ثوبا قطنيا قديما ، عندما شاهدت مذكرة الفندق تقول إن الغرف يجب أن تخلى قبل الساعة الثانية .
وهذا يعني أن أمامها وقت حتى الثانية لتقرر ماذا ستفعل .
في البداية ، سوف تذهب لتقابل مالك شقة شقيقها الذي قابلته ليلة أمس ، فلابد أن شقيقها ، إذا كان هرب مع إمرأة أخرى ،
حتى ولو لم تصدق هذا ، قدترك دليلا على مكان وجوده ؟
ووجدت حرارة الشمس مقبولة في البداية ، ولكن بعد عشر دقائق على من السير ، أدركت أن من المستحيل السير بشكل متواصل ،
وأحست بالراحة بعدما جلست خمس دقائق على مقعد في إحدى الساحات العديدة للمدينة.
وبعد نصف ساعة من السير ، قضتها بالسؤال بواسطة الإشارات وكتاب تعليم الأسبانية ، والرسالة التي تحتوي على عنوان رايان ، تمكنت من الوصول أخيرا إلى حيث تقصد.
وكان عليها أن تعترف بالهزيمة بعد أن رنت جرس الباب ، ثم ضربت على الباب بقوة دون أن تتلقى أي رد .
وخرجت من المبنى ، دون أن تعلم أين ستذهب ، عليها أن تعود فيما بعد ، ولكن المشكلة الجديدة كانت تغزو كل تفكيرها ... إذا وجدت عنوان شقيقها فمن السهل أن تصل إليه .. أين ستقضي هذه الليلة؟
كانت تشعر بالحرارة ، والانزعاج ، ولكن خوف ، ووجدت نفسها في شارع ماديرو .. واغتنمت الفرصة لتهرب من الشمس ، فدخلت إلى أحد محلات بيع الكتب .
ولم تكن تنوي شراء شيء ، ولكن المكان هنا أبرد وامضت عدة دقائق في تفحص بطاقات البريد وتفكيرها مشغول فيما ستفعله الآن ؟
وخرجت من المحل ، واتجهت إلى حديقة عامة فيها نافورة ماء تتدفق ، يقصدها العديد من الناس الهاربين من حرارة الشمس للاسترخاء على المقاعد الخشبية الموضوعة هناك.
ولكنها لم تستطع الأستقرار ، فوقفت ثانية ، وأخذت تتمشى على مهل .
كواريتارو ، كما علمت ، بلدة ذات أهمية تاريخية . فهنا أُعدم الإمبراطور ماكسيميليان ، وهنا عاشت جوزفين اورتيزدو دومينغيز بطلة الاستقلال ، وإلى هنا أُعيدت بقاياها بعد موتها .
وتمنت وهي تمر قرب التمثال المقام لها في الساحة لو أنها تملك جزءا يسيرا من شجاعتها .
وبلغت الساعة الثانية عشر ، وهي ماتزال تسير على مهل وعلى غير هدى .
ووصلت إلى كنيسة "سانتاروزا" ودخلتها لتخرج بعد قليل وهي تشعر بالهدوء أكثر ، مع أنها ظلت قلقة ، وسارت نحو الحديقة المقابلة لتجلس هناك ، وتذكرت أن عليها العودة إلى الفندق قبل قبل الثانية ،
ولكنها لم تكن متلهفة لأن تحمل حقيبتين وتسير في الشوارع ، وخطرت في بالها فكرة البحث عن عمل يقيم بأودها حتى تستطيع أن تجمع ما يكفي لثمن بطاقة العودة .
ولكنها لاتدري أي نوع من التراخيص هي بحاجة إليه للعمل في المكسيك ، وما هو نوع هذا العمل ؟
فكل ماكانت تجيده هو إدارة المنزل ، وأي إمرأة بإمكانها أن تفعل هذا .
ولم تكن أذنيها مستعدتان ، وهي مستغرقة بالتفكير ، أن تسمعا الصوت الذي ظنت بأنها لن تسمعه ثانية .
-أين كنت طوال هذا الوقت ؟
وأجفلت لرؤية جوليانو انريكو يقف أمامها ، فتراجعت بخوف.
وبقيت جامدة ، والعبوس على وجهها . وقالت له ببرود :
-معرفتك التامة باللغة الإنكليزية تدهشني . أنا أعرف أين كنت ، لقد ذهبت لأقابل صاحب منزل شقيقي .
-ولماذا ؟
وكانت على وشك أن تطلب منه أن يهتم بشؤونه عندما تقدم ليشاركها الجلوس على المقعد الخشبي المدهون باللون الأبيض .
فقالت قلقة:
-لقد ذهبت لأسأل عن عنوانه الجديد .
-كان بإمكاني توفير المشقة عليك .
و ادارت رأسها بقوة :
-أتعلم أين هو ؟ صاحب الملك لم يكن موجودا ، وفكرت أن أعود لاحقا عندما يعود من عمله .
-لا .. لا أعرف مكانه ، وكم كنت أود لو أعرف . ولا يعرف صاحب الملك أين هو كذلك .
ووقفت ، ولكنها لم تخطو سوى خطوتين ، عندما أمسك بذراعها ليوقفها :
-وأين تظنين نفسك ذاهبة الآن ؟
وحاولت أن تتخلص من القبضة الحديدية التي أمسكت بذراعها ، ولكنها لم تنجح ، وأوشكت على البكاء ،
ولكنها منعت نفسها بجهد حتى لا تمنحه فرصة الرضى ثانية لمشاهدتها وهي تبكي .
-أنا ذاهبة إلى الفندق لآخذ حقائبي وأسدد حسابي .
ووجدت نفسها مجبرة على العودة إلى مقعدها ، هذا إذا كانت تريد أن تتجنب صراعا معه أمام أنظار الناس .
-فاتورة الفندق مدفوعة .
-وهل دفعتها أنت ؟قل لي من فضلك كم دفعت ...
-لا تكوني سخيفة!
ولاحظت أنه قد غضب لأنها تحاول أمام الناس أن تدفع له مالا.
-أنا لست سخيفة.. ولكن إذا كنت تظن أن كرامتك كرجل جرحت بسبب ...
وأسكتتها النظرة على وجهه .. فقد بدا مستعدا لضربها !
ولاحظت ضغطه على فكيه ، ثم أدركت أنها كانت مخطئة بما ظنته حول كرامته . فقد أخبرها , دون اكتراث برأي أحد به ،
كم كلفت الإقامة لليلة واحدة في الفندق ، وحاولت أن لا تقفز من مكانها عجبا لضخامة المبلغ، بينما مد يده إليها كي تدفع له ،
وراقبها بعينين حادتين وهي تفرغ ما في حقيبة يدها ، وعندما رأى ما تملك قال :
-أقبل أن تدفعي شيكات سياحية إذا كان هذا كل ما تملكينه من مال نقدي.
مال نقدي !.. هذه القطع النقدية هي كل ثروتها . فتمتمت:
-لا أملك شيكات سياحية .
-وهل هذه النقود في يدك كل ما تملكين؟
-إنها تكفي لتغطية فاتورة الفندق .
وشعرت بالغضب لأنه لم يحاول أن يأخذ المال الذي كانت تقدمه له، وفهمت أن السبب الوحيد لمطالبته لها بالمال هو أن يعرف ما بحوزتها من نقود .
وتنمت لو إنها لم تقل له إنها لا تملك شيكات سياحية ، وبدت غبية وهي جالسة هكذا تمد له يدها بالمال ، وهو يتجاهله . ثم سألها:
-إلى متى كنت تنوين البقاء هنا ؟
-لقد كنت أتوقع أن أقابل شقيقي.
-وهل كنت تتوقعين أن يدفع لك مصاريف إقامتك ؟
-أنا.. لقد.. دعاني لحظور . وقال ...
أوه ... لما هي مهتمة هكذا ! وعاودها كبرياؤها ، فقالت :
-أستطيع العودة إلى بلدي بسهولة .
-وهل حجزت لطائرة العودة ؟
كان سؤاله حادا.. بشكل دفع كولين ، التي لم تكن معتادة على الكذب ، أن ترد قبل أن تفكر :
-لا...
-ولكن معك تذكرة العودة ؟
احمرار وجهها الفجائي أجاب عنها ، وعلمت أنه عرف الرد .
-أستطيع أن أجد وظيفة .. عمل.. أنا..
-وهل كنت تتوقعين أن يدفع لك شقيقك ثمن تذكرة العودة ؟
-من ماله الخاص وليس من مال إيز... خطيبته السابقة.
-يبدو لي ،سنيوريتا شادو، أنك في مأزق.
-أنت ذكي حتى تستطيع استنتاج هذا !
-لا أعتقد أن من الحكمة أن تتكلمي معي بهذه اللهجة سنيوريتا .
-وما السبب ؟
-السبب ، يا كولين شادو ، هو أنني أستطيع أن أضمن لك أن لا يوظفك أحد هنا، وفي نفس الوقت هناك فرصة بأن أفكر أنا بتوظيفك.
وأجفلت ، ونظرت إليه لترى إذا كان جادا ، وأحست بكراهيتها لنفسها ، فهذا الرجل هو آخر شخص قد تفكر بالعمل له ، ومع ذلك فهي فعلا في مأزق وتحتاج إلى المال ,
فعليها إذن أن تتنازل عن كبريائها لتفهم منه المزيد :
-وما نوع هذا العمل ؟
-مانوع العمل الذي كنت تمارسينه في إنكلترا؟
تدبير المنزل ، عمل إعتادته بشكل طبيعي ، إذ لم يكن لديها خيار آخر .
فمامن مدبرة منزل استخدمها والدها في السنوات الأولى بعد وفاة والدتها استطاعت أن تتعايش مع طريقة حياته لمدة طويلة .
وهكذا اضطرت لممارسة هذا العمل بشكل طبيعي .
-لم أكن أعمل ..
-وهل كنت تفضلين العيش بكسل ؟ ومانوع العمل الذي تفكرين به لكسب المال لأجل تذكرة عودتك إلى إنكلترا ؟
-مدبرة منزل .. في الفندق.. أي شيء. فالمركز ليس مهما.
وساد صمت ، بدا خلاله مستغرقا في التفكير . ثم وكأنه اتخذ قراره ، قال وهو يلقي الأوامر عليها ، بطريقة متعالية:
-ارجعي مالك إلى جيبك , ستحتاجين إليه وإلى الكثير غيره، سنتناول الغداء أولا.. ثم سأصحبك معي إلى "دورانغو".
-دورانغو ؟
-حيث أعيش .. لقد قلت لك هذا من قبل . لقد قلت إنك راغبة في العمل كمدبرة منزل ، ولدي العمل المناسب .
-العمل المنزلي ؟
شعرت بالاشمئزاز منه ، ولكنها كانت مستعدة للتمسك بأي شي مع أن قليلا من الحذر منعها من الذهاب معه دون أن تعرف المزيد.
-وهل كنت تأملين بعمل أقل حقارة من هذا ربما ؟
وهكذا لم يتخلى عن سخريته لوقت طويل ، وإذا كان كبرياؤها قد أزعجه ، فهاهو يستعيد كبرياءه وهو ينظر إليها من طرف أنفه ويقول :
-ربما فكرت بأن عملك في الفندق ، قد يتيح لك مقابلة شخص ثري كما فكر شقيقك أن يفعل ؟ هل تخشين أن لا تكسبي في النهاية أكثر من أجرة سفرك عائدة إلى بلادك ؟
وردت بحدة وبرود:
-أنا لا أخشى العمل الشاق . وكل ما أطلبه أن أ‘رف المزيد من المعلومات عن العمل الذي سأقوم به . فأنا لا أعرف عنك الكثير سنيور .وأظن أنك توافق معي أن من الطبيعي أن أرغب في...
-أتظنين أنني سآخذك إلى منزلي.. لتنفيذهدف آخر معك ؟ اسمحي لي أن أقول لك بالنسبة لذوقي في النساء ، أحبهن مع لحم أكثر على أجسادهن.
وكانت مضطرة لتجاهل إهانته حول جسدها النحيل ، حتى ولو كانت تظن أن جسدها ليس سيئالهذه الدرجة ، وقالت له:
-لم يتبادر إلى ذهني للحظة أن أفكارك ستتجه هذا الإتجاه ، وإذغ كنت قد قلت شيئا , فلأنني أريد أن أفهم لماذا تريدني مدبرة لمنزلك ، بينما نحن لا نحب بعضنا كما هو واضح . ولكن ما يهمني أكثر هو.. هل ستوافق زوجتك على أن..
-ليس لدي زوجة .
تصريحه الفظ جعلها تنظر إلى عينيه الزرقاوين غير العاديتين. ومن نظرته ، بدا سعيدا لأنه أعزب .
-وهل سأعيش معك في المنزل ؟
وتمنت من كل قلبها أن لا يقول نعم ، وأن لاتكون مضطرة للسكن معه لوحدهما. فهو يكرهها لما فعله رايان لعائلته ، ويكرهها لاقتناعه أنها أتت إلى المكسيك لترى ما إذا استطاعت الحصول على شيء ،
وتعلم بأنهما سيتشاجران كلما فكر بالموضوع ، ولأنها امتلكت حريتها حديثا ، فليست مستعدة أن تنتقل من ظلم والدها واستبداده ، إلى تحت حكم هذا المستبد الجديد ، وقال لها :
-ستعيشين معي تحت سقف واحد ، ولكن سيكون معك من يرافقك، إن كان هذا ما يقلقك ، فمدبرة منزلي تعيش هناك مع زوجها.. وطالما لن أنسى أن الأرنب السمين أفضل من النحيل..
يمكنك أن تنامي وانت مرتاحة ، سنيوريتا . وستكون تينا ، وزوجها امادو منزعجين كثيرا إذا حدث شيء شرير في المنزل.
المزيد من الإهانات !و المزيد من التأكيدات بأنها آخر إمرأة في الدنيا قد يفكر بها . إنها تعرف القليل عن الرجال،
ولكنها ليست غبية كي لا تميز نظرة الإعجاب عندما تراها . ولكن ما يزعجها أن جوليانو يحاول تدمير ثقتها بنفسها. ولن تقول له إن كبرياؤها نابع من خجلها الطبيعي ،
وأنها لأكثر من مرة أرادت أن تكون ودودة مع الناس ، وأن عفويتها تنبع من تحفظها . وأنها فقط هنا في المكسيك وفي الباص الذي أتى بها إلى هنا،
بدأت تخرج من عزلتها ، وبقي صامتا ليترك لها مجالا للتفكير ، ثم قالت :
-وهل أفهم من هذا أن علي أن أقوم بالأعمال الصعبة في منزلك؟
-ستعملين هناك وتنامين هناك.. أجل.
وابتسم ، فأشاحت بنظرها بعيدا، فهناك معنى عميق في هذه الابتسامة الساخرة . إن ما من أحد يمكنه أن يزعجه وينجو بفعلته ،
وإنه ستكون له الكلمة الأخيرة في الدين الذي على أخيها لعائلته، فهو يظنها سيدة كسولة لا تعرف طرف الفرشاة من قبضتها ،
وسيكون مسرورا جدا لرؤيتها جاثية على ركبتيها تنظف الأرض..
وقال لها:
-العمل الذي عندي لك ياكولين شادو ، هو تنظيف كامل للمنزل الذي سيسكنه المراقب الجديد الذي أتوقع قدومه بعد وقت قصير .
وابتسمت له كولين ، فالعمل المنزلي وهي صديقان منذ زمن بعيد .
-ولكنني لا أتوقع أن يأخذ هذا مني وقتا طويلا ، وأنا لن أستطيع الحصول على أجرة سفري منك لقاء عمل أقل من أسبوع .
وجاء دوره في الابتسام، وتلاشت ابتسامتها أمامه :
-إذا حدث وأنتهى هذا العمل وكنت راضيا عنه ، قبل أن تكسبي مايكفيك ، فما من شك بأنني سأفر لك عملا مماثلا .
وتكونت لدى كولين فكرة بأنها سوف تتجول في كل بناء مقام على أرض مزرعته ، قبل أن تقلع طائرتها في النهاية إلى إنكلترا وهي التي كانت تظن بأن والدها مستبد...!


***************



زهرة الأوركيد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس