|
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
12-04-10, 02:29 PM | #21 | ||||
| ارتدت قمر الليل نحو الباب فلم ترا أحداً..هل تراءى لها أنها سمعت صوتاً؟ هل لفظ أحدهم اسمها؟ أم لعل هذه الغرفة" مسكونة"؟ - تاي.. ارتفع الصوت مجدداً فاقشعر بدنها على بشرتها، واستولى عليها الخوف من المجهول، عندئذ حثت الخطى نحو الباب الزجاجي، فارتطمت بالكراسي فوقعت أرضاً إنما ليس قبل أن تصطدم بعدد من الكراسي..وصلت أمام الباب الزجاجي، وكانت تهم بالخروج عندما ارتفع من ورائها صوت مألوف طالما تاقت لسماعه وقال هادراً: - تاي.. ماذا تفعلين هنا بحق الله؟ انصب العرق من بشرتها و خفق قلبها بين ضلوعها بقوة واتسعت عيناها رعباً.. نظرت إلى الوراء فعم النور، كان هناك رجل في الباب يده اليمنى تنزل عن زر الإنارة على الجار..رجل تعرفه.. ولا تعرفه،، رجل ضخم قوي، يبدو أقوى لأن شعره القصير جداً عاد ينمو بعدما كان محلوقاً كلياً.. كان يرتدي الجينز وتيشيرت أزرق قصير الأكمام، قماشه الرقيق ملتصق بعضلات صدره والأكمام القصيرة تظهر ذراعيه السمراوين..ولكنه لا يضع نظارة سوداء..عبر الغرفة، رأت تاي بريق عينيه الزرقاوين. أحست قمر الليل بالفرح يغمرها، وهمست: - ميردت..هل أنت..أعني..آه ..ميردت! مرة أخرى اصطدمت بالمقاعد وارتطمت ركبتيها وساقيها بها وهي تحاول الركض إليه. وكان يتقدم نحوها أيضاً دافعاً المقاعد بدوره أمامه، التقيا..وقفا يتبادلان النظرات..ثم امتدت أذرعتهما و التفت حول بعضهما بعضاً، تعانقا وتعانقا وهما يضحكان بأنفاس مقطوعة..ثم عانقها عناقاً حاراً جعلهما يترنحان تحت جبروت الحب المشتعل. سألته تاي: - متى جئت؟ - هذا المساء، وصلت قبل نهاية الحفلة بقليل، ودخلت من الشرفة فسمعت آخر حركة من الجزء الثاني..ظننت أنني أتخيل حين خرجت من وراء البيانو لتعلني عن الجزء الثالث. - ألا تعرف أنني هنا؟ - لا.. فقد تذكرت أنك قلت لجوليا غرين في هذه الغرفة إنك تاركة نورثبورت بعد الحفلة الأولى لتذهبي إلى كاراكاس، ولم يكن لدي سبب يجعلني أعرف أنك غيرت رأيك. - لكن ألم يخبرك جوزف بأنني مازلت هنا؟ - ولماذا يخبرني؟ فأنا لم أسأله عنك وهو لم يأت على ذكرك. كانت ابتسامته الملتوية تسخر من نفسه ومن جوزف.. ردت عليه: - همم..لاحظت هذا.. وأنت لا ترد على الرسائل كذلك، لأنك لم ترد على رسالتي، هل وصلتك؟ صمت لحظات، كان ينظر إلى أيديهما المتشابكة معاً على ركبته، ثم رفع عينيه إلى عينيها فشعرت للمرة الأولى بتأثير عينيه الزرقاوين. قال بهدوء:" لم أستطع..مشاعري نحوك كانت أعمق من الكلمات، اعتقدت أنك تركت نورثبورت، وسافرت إلى مكان ما بحيث لن أستطيع إيجادك ثانية"؟. رفع يديه وأمسك رأسها بينهما وهمس: - ما أروع أن أراك..تاي..أخيراً..ما أروع أن أراك. تعانقا مجدداً برقة وحرارة فشعرت تاي بأن أشهر فراقهما لم تكن. قالت بأنفاس مقطوعة: - أفهم من هذا أن الجراحة ناجحة. - أستطيع الرؤية بشكل كامل تقريباً..أحتاج إلى نظارات طبية للقراءة..هذا كل شيء. - لكنك تستطيع استخدام الكاميرا مجدداً. - طبعاً..وشكراً لله..ولهذا أنا هنا، سأسافر في مهمة وأريد ترتيب أمور المنزل. ارتدت عنه قليلاً:" مهمة؟ لشبكة التلفزيون ذاتها؟". - هذا صحيح. همست قمر الليل: إلى أين؟ إلى أين ستذهب؟ - إلى السلفادور مرة أخرى.. - لكن..لكن، هناك.. - هناك حيث بارني تمزق إرباً وأصبت أنا، أعرف..إنما عليّ العودة.. - لماذا..؟ لماذا يجب أن تعود؟ أليس هناك مهمة أخرى لك؟ مكان أقل عنفاً؟ قال بهدوء: يجب أن أعود.. لأثبت لنفسي أنني لم أفقد شجاعتي..وأنني لا أخاف السير بين الرصاص المتطاير، وقنابل"الهاون" و " المورتر" لألتقط صور بشاعة الحروب الأهلية..فهذا هو مايجري هناك بالضبط. - لكن..لكن، ماذا عنا؟ أحنت رأسها واغرورقت الدموع في عينيهاو تشابكت يداها في حضنها. كرر بحيرة: - عنا؟ - أجل..أنت و أنا.. رفعت نظرها إلى وجهه، تنفض شعرها إلى الوراء وتكمل: - أليس ..لعلاقتنا..لصداقتنا..مهما أحببت أن ندعوها، أية أهمية لك؟ هل الإسراع في الذهاب إلى بلد مزقها الحرب وتصوير الموت والدمار، يعني لك أكثر مما..مما أعني أنا؟ تأمل ميردت وجهها المرتفع إليه فغادرت القسوة عينيه، وحل مكانها نظرة دفء وحنان..لامس خدها بطرف إصبعه. اعترف ببطء:" لا..لا شيء يعني لي أكثر مماتعنيه لي". صاحت:" إذن لاتذهب في هذه المهمة". رمت ذراعيها حوله تحتضنه، وتغط خدها على خده الخشن: - لاتذهب ميردت..ابق هنا معي..وصور أفلاماً عن الموسيقى..آه..أرجوك لاتذهب، فقد تصاب بأذى مرة أخرى.. وقد تقتل! لم يقل شيئاً، ولكنه ظل يحضنها لحظات طويلة، يلمس شعرها بهدوء حتى هدأت، ثم أراحت رأسها على كتفه فشعرت بدفئه ينشر في جسمها. ثم قال بصوت منخفض ناعم و حازم: - يجب أن أذهب تاي.. لن يهدأ لي بال إلا إذا عدت لأنهي ما كنت أحاول أنا وبارني القيام به.. إذا كنت تحبينني فستفهمين مشاعري وستفهمين ماذا عليّ الذهاب. صمتت تاي.. وفكرت في مايقول، واعترفت على مضض أنه على صواب. سألت بصوت لا حياة فيه:" متى؟ متى ستسافر؟". - في بداية تشرين الأول. بعد شهر.. رفعت رأسها عن كتفه، وابتعدت عنه: - هل وصلتك رسالة دون وجاد؟ - أجل..وأرجو أن ألتقي بهما في الأسبوع المقبل. - كان بإمكانك رؤيتهما هذه الليلة لمناقشة المسألة. - هذا صحيح.. لكن ما إن رأيتك حتى بت غير راغب في مكالمتهما..أردت محادثتك أولاً..نويت الذهاب إلى الفندق غداً ولكنك عدت إلى المنزل ، لماذا عدت؟ - ظننت أن جوزف ذهب وترك الأبواب مفتوحة فعدت أقفلها.. كيف عرفت أنني عدت إلى الداخل؟ - رأيتك..كنت في المكتبة، ولما خرجت أقفل الأبواب رأيتك تدخلين إلى الغرفة عندئذ أقفلت الباب الأمامي بالمفتاح واختبأت في الظل. - ولماذا لم تكلمني ساعتها؟ - أردت ممازحتك قليلاً. - حين كلمتني كدت أموت خوفاً، ظننت أنني أتخيل.. نظرت إلى الباب الزجاجي المفتوح: - يجب أن أذهب..ستتساءل كينان عن مكان وجودي. - حسناً لن أؤخرك كثيراً. عانقها من جديد ويتأوه: - لم يكن لي غيرك في الأشهر الماضية.. كنت دائماً في تفكيري وفي جسدي، تطاردينني، وتعذبينني. همست تاي، التي تعلقت به بيأس: - وأنا كذلك. سألها قمر الليل: لماذا لم تغادري نورثبورت بعد الحفلة الأولى؟لماذا لم تسافري إلى كاراكاس؟ - لم يقبلوا بي.. سوف أبقى هنا، منذ تركت جوليا المحطة كنت أخرج الحفلات للتلفزيون العام، تعلم أنها تركت وعادت إلى نيويورك؟ رد ببرود: - أعرف..تابعي حديثك عن الإخراج الذي تقومين به، هل أنت ناجحة فيه؟ - هذا مايظنه كليف نورداي ومدير البرامج..لقد طلبا مني إخراج المزيد من البرامج لهم..ثم في الصيف القادم إن استطعنا إيجاد مكان مناسب لإقامة حفلة سنوية تريدني الفرقة أن أكون مدير الاحتفال التنفيذي..ميردت..هل قررت؟ هل ستسمح لنا باستخدام هذا المنزل؟ أغمض عينيه وتشدق ببطء: - قد أسمح..ولكن ذلك وقف عليك. - يبدو لي أننا أجرينا مثل هذا النقاش من قبل. - هذا صحيح..تزوجيني تاي، عيشي معي هنا، ولك ملء الحرية بأن تجلبي كل فرق العالم للعزف هنا متى شئت، أعتقد أن هذا ماقلته لك ولكنك يومذاك اتهمتني بأنني غير طبيعيي. التوى فمه بمرارة. صاحت قمر الليل بأسى: - ألن تغفر لي أبداً؟ لم أقصد بقولي إنني أرفضك لأنك نصف أعمى..بل قصدت أنني لا أستطيع قبول عرضك لأنني شعرت بأنك ماكنت لتطلب الزواج بي لولا عماك..هل كنت ستطلبني لولا ذلك؟ رفعت قمر الليل بصرها ونظرت إليه بتحد.. قالت بفظاظة: لولا عماي لما التقيت بك.. لكنني الآن بصير، وأنا طبيعي كما لم أكن قط، وأنا أتقدم إليك مرة أخرى..تاي..هل تتزوجينني قبل سفري؟ همست:"لماذا؟ لماذا؟". - للاسباب عينها التي جعلتني أطلب يدك من قبل، ياإلهي يا امرأة! هل يجب أن أهجئ لك الكلمات؟ بل كلمة واحدة؟ أريد أن أجعلك زوجتي، أريد الزواج بك بسبب جميع الأسباب التي تدفع رجلاً إلى الزواج بامرأة، أنا أحب أكون معك وأريد أن أتأكد أنك لي، لي وحدي..أريد أن يكون لي الحق أن أعود إلى منزلي لأجدك، وأساكنك في أي وقت أريد، أريد أرعاك و أحميك، أريد أن أشاركك المنزل..أريد أن أمنحك إياه لتحوليه إلى مركز موسيقى..أريد الزواج بك لأنني.. لأنني..آه..اه..أعتقد أن هذا كله بسبب ..آه..أحبك..فماهو ردك إذن. هل وجدت شخصاً آخر تفضلينه عليً؟ ردت تاي بسرعة:"لا..لا.. أوه..لا..ميردت، لا يمكنني أن أحب سوى رجل واحد..وأنت الرجل الوحيد الذي أحببته بمثل هذه القوة و اليأس". - إذن ستتزوجينني وستعطيني الحق بأن أعود إليك..بعد انتهاء مهمتي؟ - أجل..أنت، سأتزوجك..إنما يجب أن تعدني أن تكون حذرا لئلا تقتل أو تجرح. - أعدك.. فسيتغير أسلوب حياتي لأنني أعرف أنك هنا بانتظار عودتي إلى البيت. تزوجا قبل ثلاثة أيام من سفره إلى السلفادور، وكانت كينان موجودة هي و شاركي سوير هذا عدا معظم أفراد الفرقة الموسيقية الذين شاركوا أيضاً، ووالدة كينان و تاي التي وصلت من اسكتلنده وأبدت قليلاً من الانتقاد على اختيار ابنتها الزواج بميردت. - لايبدو مناسباً كزوج. قالت تاي ببساطة: - لكنني أحبه. - إنما سيسافر بسرعة، سيتركك ثلاثة أشهر، وماهذه بطريقة للبدء بحياة زوجية..يجب أن يبقى معك..أن يغير عمله ليعيش معك طوال الوقت...أتعرفين تاي.. أنت مثل أبيك.. متهورة، لاشك أن الدم الإيطالي يجري فيك. التفتت نظرها من ميردت الذي كان يكلم دون.. وإلى كينان، الواقفة مع شاركي. - كينان تشبهني أنا..وأنا أفضل من اختارته زوجاً، أتوقع منها أن تتخلى عن الفندق بعد زواجها لتربي أولادها. ردت تاي:أوه..أشك في هذا..أشك في أن تتخلى عن الفندق، فهي تتمتع بإدارته كثيراً..وأظنها قادرة على تدبر أمر الأولاد بطريقة ما حين تنجبهم.. وهذا ماسأفعله أنا أيضاً. عندما شعرت بنظرة ميردت الزرقاء تتركز عليها، تركت أمها واتجهت إليه ورفعت وجهها إلى وجهه، وكأنها تدعوه لتقبيلها. تمتم: لم يبق أمامنا وقت.. فهل نتركهم الآن لنذهب إلى منزلنا؟ بعد دقائق كانا يتجهان بالسيارة إلى المنزل القابع في أعلى التلة..بدا رمادياً قاتماً أمام السماء الرمادية و البحر في أحد مزاجاته الغامضة، دخلا و أقفلا الباب وراءهما و دخلا إلى عالمهما السري الخاص.. عالم النور و التناغم الذي خلقاه بنفسيهما نابعا من رغباتهما اليائسة نحو بعضهما بعضاً..والذي سوف يعودان إليه كلما كانا معاً. | ||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|