آخر 10 مشاركات
مشاعر على حد السيف (121) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : salmanlina - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          أرملة أخيه-قلوب زائرة(ج1 سلسلة حكايات سريه) للكاتبة : عبير محمد قائد*كاملة&الروابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          خادمة القصر (الكاتـب : اسماعيل موسى - )           »          رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          هيا نجدد إيماننا 2024 (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          587 - امرأة تائهة - راشيل فورد - ق.ع.د.ن ... حصريااااااا (الكاتـب : dalia - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-04-10, 01:46 PM   #1

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
:jded: 169 - لحن الجنون - فلورا كيد - أحلام القديمة ( كتابة / كاملة *)


( لحن الجنون )




الملخص

- هل تتزوجينني؟ لف الظلام تفكيرها وأدار سحر أسود رأسها..لكن صوتاً غريباً تسلل إلى عقلها... - لا..لاأستطيع الزواج بك! كيف ستطيق تاي داتسام وهي الموسيقية الحساسة أن تتعايش مع مشاعرها العنيفة تجاه ميردت لايتبون الرجل المتوحش الذي لا يقيم وزناً للعواطف ولا للناس من حوله؟ قربها منه يدمرها و بعدها عنه يضنيها، فلو عرفت أنه سيكون قدرها لفضلت الضياع وسط الثلوج على أن تطرق بابه ليلة العاصفة!





محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 07-12-17 الساعة 11:14 AM
lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-04-10, 01:48 PM   #2

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي


1- منارة الضياع

خرجت تاي داتسام من " السوبر ماركت" الصغير في " نور ثبون" و ذراعاها

محملتان بأكياس البقالة الورقية السمراء..لكنها لم تر الرجل الذي كان يدنو

من المدخل وظلت تسير حتى اصطدمت به.
فقدت توازنهاوشدت الأكياس الثقيلة إلى صدرها بقوة خشية أن يقع الكيس

الذي يحتوي على مااشترته من بيض فارتدت متهاوية نحو الباب الذي أقفل

وراءها، واصطدمت به وعادت لتقع إلى الأمام، على الرجل.
شتم الرجل شتيمة بذيئة دلت بوضوح عن رأيه بها..أما يداه فأمسكتا

بذراعيها بشكل مؤلم..تمكن بطريقة ما من المحافظة على توازانه وظل يمسك

بها حتى استعادت توازنها .
رفعت قمـر الليل نظرها إليه و أنفاسها مقطوعة فإذا بها ترى شعراً أشقر

رمادي يتدلى من فوق جبين عريض و نظارة سوداء و شفتين جميلتين تظهران

عن تكشيرة سخط.
قالت بصوت أجش:" لماذا لا تنظرين إلى أين تسرين بحق الله؟".
ردت تاي ببرود:" ولم لا تنظر أنت؟".
ارتدت عنه وسارت على الممر الضيق قاصدة تقاطع شارعي "باي ستريت"

و" وتحركت ساقاها الطويلتان بسرعة تدل مدى توترها.

تمتمت بينها وبين نفسها:
- متعجرف..متعصب "شوفيني" قذر من يحسب نفسه ؟ وبنيته أشبه بدبابة..

أظن أن جسمي أصيب بالكدمات بعد اصطدامي به.
ارتدت لتصعد التل المتفرع من ماين ستريت، ولكنها أبطأت خطواتها

فالمنحدر أكثر حدة مماتظن، ولم تكن الأكياس التي تحملها ثقيلة فحسب بل

مربك حملها.
كانت أشعة شمس الربيع شاحبة تلمع فوق ألواح المنازل الخشبية البيضاء

بينما أشجار الدرار على جانبي الطريق ترمي ظلالها القائمة.. وصلت تاي إلى

نُزل" نورثبورت" وهو بناء أنيق يعود بناؤه إلى أواخر القرن الثامن عشر.

سلكت ممراً مرصوفاً بالأحجار على جانب المنزل، وارتدت نحو الباب

الخلفي.. وبسبب انشغال ذراعيها بهذا الحمل لم تستطع فتح أو دق الجرس،

فكان أن رفست الباب بقدمها..أخيراً انفتح الباب على يد امرأة سوداء

الشعر، بنية العينين، في الثلاثين من عمرها..إنها كينان داتسوم شقيقتها

الكبرى مالكة فندق نورثبورت و مدبرته.
قالت كينان:" طلبت منك أخذ السيارة لأنني أعرف أن المشتريات كثيرة و

ثقيلة".
أخذت الأكياس منها و ارتدت إلى المطبخ المضاء بشكل جيد و المجهز

بأحدث الأدوات وهي تعتبره فخرها و مصدر فرحها وكانت قد أعادت

تحديثه ما إن اشترت النزل في الربيع المنصرم.
ردت تاي وهي تضع ما تبقى من أكياس على الرف الخشبي الطويل المحاذي

للمغسلة.
- حملتها و أنتهى الأمر!
أفرغت أحد أكياس وراحت تخرج كرتونات البيض الطويلة وهي تلقي نظرة

على كل منها لترى ما إذا كانت إحداها مكسورة.
- إن وجدت بيضو مكسورة فسأقيم عليه دعوى.
رفعت كينان حاجبيها عجباً:
- عليه؟ من هو؟
- ذلك الرجل الذي اصطدمت به و أنا أغادر المخزن..ياإلهي ما أشد

فظاظته! إنه طويل و قاسٍ شعره أشقر كثيف..هل تعرفينه؟
قالت كينان بحزم:"ميردت لايتبون".
نظرت قمـر الليل إلى أختها بفضول..قبل يومين عندما وصلت تاي الى نزل

كانت وجنتاها شاحبتين أما الآن فهما متوردتان و عيناها الكهرمنيتان

السوداوان براقتان..التوت شفتا كينان ببسمة عابرة، يبدو أنه مازال هناك

شيء من الحياة في تاي رغم المرض الذي عانته أخيراً..
قالت تاي بجفاء:
- هو معروف إذن؟
- معروف بفظاظة أخلاقه..أجل.
- بل بافتقاره إلى أخلاق و استخدامه اللغة بشكل سيء..هذا دون قول

شيء عن رأيه بالنساء..أين يعيش؟
- في منزل لايتبون، في "بيكرنغ بوينت".
رفعت تاي رأسها:" أحد أفراد لايتبون..لم أعرف أن أحداً منهم مايزال على

قيد الحياة..في آخر إجازة كنت فيها مع والدي، مات جايسون لايتبون و

أقفل المنزل بالألواح الخشبية.. وأذكر أن الشائعات ذكرت أن لا وريث له".

ملأت كينان الطنجرة بالماء:
- حسنا..كانت الشائعات على خطأ..فميردت لايتبون على ما يبدو حفيد

أخي جايسون الصغير الذي ترك نورثبورت منذ الأملاك بعد موت

جايسون..لكنه لم يأت ليرى ماروث أو ليسكن فيه.. وكان جوزف ماك

كاب يعتني به نيابة عنه.
وضعت الطنجرة على أحد دوائر الطباخ الكهربائي..ثم سألت:
- أتريدين بعض القهوة و قطعة حلوى قبل البدء بتحضير العشاء لنزلاء

الليلة؟
- هذا عظيم.
خلعت سترتها الواقية من البرد و علقتها وراء باب المطبخ، ثم أبعدت شعرها

البني القاتم الحريري عن وجهها و جلست عند الطاولة الخشبية المركزة أمام

النافذة.
قالت كينان فجأة وهي تتناول أكواب القهوة من الخزانة:
- إنه نصف أعمي.. تعرض لحادث تركه أعمى و مقعداً فقصد هذا المكان

للاستشفاء..هو الآن قادر على السير ولكن بصره مازال ضعيفاً لذا لا يرى

جيداً..لهذا السبب ربما لم يرك و أنت تخرجين من المخزن.
تأوهت تاي:" آه ..لا ..ماذا فعلت؟".
- ما الأمر؟.
- عندما اصطدمنا صاح بي و قال لماذا لا أنظر أمامي..فرددت عليه : لماذا لا

تنظر أنت! وها أنا الآن نادمة ندماً رهيباً..ما كنت لأرد عليه بحدة لو عرفت

أنه شبه أعمى!
علقت كينان:" أوليست هذه عادتك؟".
- حسناً، شتمني ففقدت أعصابي، كان متعجرفاً!
- همم..أعرف قصدك..إنه رجل قاس.. ولكن لولا قسوته لما استطاع العيش

بمفرده طيلة الشتاء القارص.
وضعت ملعقتي قهوة سريعة الذوبان في كوبين من خزف..
وراحت مخيلة تاي النشيطة تتعاطف مع الرجل الذي لم تره إلا لهنيهات قليلة.
- بمفرده؟ ألا يعيش أحد معه؟ ألا يساعده أحد؟ أظن أنه عندما وصل إلى هنا

كان بحاجة إلى عون لأنه لم يكن قادراً على الرؤية أو السير بشكل ملائم،

وهذا أسوأ عقاب ينزل بشاب صغير مفعم بالحيوية و النشاط.
أردفت قمـر الليل همساً:" آه..ليتني لم أقل ما قلته".
ردت كينان:" مازلت كما أنت.. رقيقة القلب ، وحساسة، في البدء كانت

تعيش معه..امرأة..
- زوجته؟
- لا.. فلم تكن تضع خاتم زواج في يدها ..كانت تقوم بشراء أغراضه،

لكنها لم تكن تتكلم مع أحد كثيراً، لذا استنتجاً جميعاً ما أستنتجاه عن

علاقتهما..لكنها رحلت قبل الميلاد بقليل إذ لم تتحمل العيش في ذلك المكان

المهجور كما أعتقد".
تنهدت تاي:" أولم تستطع العيش معه..مع ذلك مازلت نادمة على ماقلته

له.. ولكن كان عليه أن يحمل عصاً بيضاء أو ما يماثلها".
سألتها ساخرة:" وهل كنت قادرة على رؤيتها و أنت تحملين أحمالاً محملة؟".
- لا..لا أعتقد هذا، إذ لم أكد أرى شيئاً من فوق الأكياس.. آه.. كان على

حق..لم أكن أتطلع إلى أين أسير..سأبحث عنه فوراً لأعتذر منه.



lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-04-10, 01:50 PM   #3

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

تناولت سترتها التي ارتدتها..لكن كينان قالت لها بصوت جاد كثيراً:
- تاي..دعي هذا.. ميردت لاييتبون رجل متكبر، وستزيدين الأمور سوءاً

إن أسرعت إليه في الشارع لتشرحي له و تعتذري.. وإلى ذلك ياعزيزتي ردك

مبرر، فلم يكن يحق له أن يكون فظاً معك.
وقفت تاي بالباب الخلفي مترددة و أصابعها على أكرة الباب..
أضافت كينان: أضيفي إلى ذلك أنه الآن في طريق العودة إلى منزله "بيكرنغ

بوليت".. تعالي و اجلسي و اشربي القهوة، ثم باشري العمل بتحضير الفاكهة

للحلوى التي أريد تحضيرها لعشاء اليوم.. إذا كنت باقية هنا فترة، فعليك

العمل ولن يكون لديك وقت للجري وراء رجال غرباء.
- حسناً، حسناً سأترك الأمر الآن.
جلستا حول المائدة خشب القبقب المركزة أمام النافذة المقوسة الشكل التي

تطل على حديقة النزل الخلفية و التي أزيلت منها أكوام الثلج التي تراطمت

في الزواية خلال الشتاء القارص الذي عانت منه ولاية" ماين".
مازال العشب خالياً من الحياة ولكن الأزهار في المساكب بدأت تظهر مباشرة

بقدوم الربيع.
قالت تاي:" مازالت الريح باردة.. أشعة الشمس مخادعة.. كم نزيلاً تتوقعين

في نهاية الأسبوع؟".
- هناك ثلاث غرف محجوزة ولكن قد يصل غيرهم، خاصة إذا بقيت

الشمس مشرقة، إنه عيد الفصح، إن بعض سكان المدينة يحبون المجيء إلى هنا

مثل هذا الوقت من السنة لزيارة ميناء السفن لإلقاء نظرة على قواربهم بعد

الشتاء، هاك.. خذي قطعة حلوى أخرى، أنت نحيلة وكأنك تعانين من سوء

تغذية.
عبست كينان بقلق:
- هذا مالا أرجوه.. لأن أمي لن توافق على مظهرك أبداً.
- حسناً، إنها غير موجودة هنا لتبدي اعتراضها..هل وصلتك أخبار منها

مؤخراً؟
- وصلتني منها رسالة في الأسبوع الماضي..إنها قادمة في شهر تموز..هل

تعرف بانفصالك عن برنابي؟
- لا.. لم أخبرها..أنا..أنا..أوه..لا أريد منها أن تقول لي " ألم أقل لك هذا".
- وماذا قالت؟
- قالت إن علاقتنا لن تدوم.
- وهل ذكرت الأسباب؟
عبست تاي:" نعم ذكرت عدة أسباب منهما سببان صحيحان".
- وماهما؟
- قالت إن ديانة برنابي ستقف حائلاً بيننا.
- وماكان السبب الآخر؟
- السبب الآخر؟
- السبب الثاني برأيها أنه غير الجيد الزواج بشخص يعمل في المهنة ذاتها لأن

هناك خطر الغيرة من نجاح الآخر.
تنهدت قمرالليل ثم أردفت:
- ولقد كانت على حق مرة أخرى.. في نهاية الجولة التي قامت بها الفرقة

الموسيقية أخذ المدير يعطيني معظم العزف المنفرد على "الكلارنيت" وغضب

برنابي لهذا.. عندما عدنا إلى نيويورك ترك الفرقة و سافر إلى بلاده..أما أنا..

حسناً..تعرفين ماتبقى، أصبت بالأنفلونزا التي تطورت و أصبحت التهاباً

رئوياً، وكان أن اضطررت إلى ترك عملي أيضا.
قالت كينان مواسية:
- ولهذا أنت هنا..لتحسني صحتك..المزيد من القهوة؟
- لا..شكراً.
- إذن قطعة حلوى أخرى..إذن هكذا انتهت قصة حبك الكبيرولكنه ليس

عذراً لتجويع نفسك أو أهمال حياتك.
- لكنك تعرفين كم من المؤلم أن ينبذك شخص شخص.. بعدما تضعي كل

ثقتك به.. وبعدما صدقته بسبب تكرار جملة" أحبك"..
تنهدت قمر الليل : لا تفهمين ذلك لأنك لم تقعي في الحب قبل الآن.
- ألم أقع في الحب؟ وكيف تعرفين هذا؟
- لم يبدو عليك هذا يوماً..لم تخرجي مع رجل لفترة طويلة حسبما

أعرف,..وطالما كنت مهتمة بعملك و طالما عملت بمشقة لتأمين المال لشراء

فندقك الخاص.
- هذا صحيح.. وتعلمت أن أكون رئيسة طهاة ممتازة..ومدبرة فندق بارعة،

وهذا ما كان دائماً أهم عندي من أي رجل.. وأعتقد أنني لم أعرف أحداً

أردت فعلاً أن أتعرف إليه لفترة طويلة.. منذ متى و أنت تخرجين مع برنابي؟
- منذ أربع سنوات تقريباً.
تأوهت:" عندما أفكر في تلك السنوات أكاد أتقيأ..لقد ضاعت أربع سنوات

من عمري و أنا أعتقد أنه يحبني و يريد الزواج بي، أربع سنوات من الوفاء و

الإخلاص له.. كنت في الثانية و العشرين.. وما كان الأمر ليكون سيئاً إلى

هذا الحد لو تركته أنا.. إن النبذ بعدما تضحين لأمر مؤلم كينان".
- انسيه.. فما من رجل يستحق أن يجعلك تبلغين هذه الحالة التي أنت

فيها..أخرجيه حالاً من عقلك.
- أحاول..بل أحاول جاهدة.
نظرت من النافذة إلى الخارج ثم أردفت همساً:
- انظري، هذا الطائر الأحمر" أبو الحن"!
راقبت الطائر الأحمر الصدر وهو يرفع رأسه محو العشب قبل أن ينقد بمنقاره

الطويلة الأرض المعشوشبة:
- هذا يعني أن الربيع آت رغم شدة الريح و برودتها.
تمتمت كينان بصوت هامس:
- الربيع وعد بحياة جديدة..إنها رسالة لك، تاي..رسالة الفصح..ستغلبين

على ألمك, وقبل أن تدري ستقعين في الحب مرة أخرى ، فهذه طبيعتك ..

فأنت غير قادرة على عدم الوقوع بالحب..والآن، تعالي الوقت يمر و أريد

صنع الحلوى.
- ماذا ستقدمين للعشاء هذه الليلة؟
- فطيرة التوت بري.. وكريما طازجة.. مازال لدي بعض التوت البري من

السنة المنصرمة في الثلاجة، لكنني أحب دائماً تقديم ماهو غريب في مثل هذا

الوقت من السنة ، شيء يعبر عن إشراقة الشمس وعن الصيف ، لذا سأعد

فطيرة الجبن المفضلة عندي .. وسنستخدم التوت المثلج مع كرات من البطيخ

الأصفر..عليك أنت تقطعي الكرات بالمعلقة الخاصة ..لدي بعض الخوخ

أيضاً ولكنه لسوء الحظ خوخ معلب.. وسنزين وسط القالب بالكيوي..فما

رأيك؟
- لذيذة جداً، أنت فعلاً فنانة كينان.
انحنت كينان لتناول أدوات الطهي من أسفل الخزانة وردت:
- وأنت أيضا تاي، وهذا ما يذكرني..في غذاء الأحد الذي سنقدمه،

سأعرفك إلى أحد أشهر المحترفين في نورثبورت دونبورتلاند..هل سمعت به؟
- أتقصدين عازف الكمان؟ ماذا يفعل في نورثبورت؟
- يعيش هنا.. فقد تقاعد منذ سنتين، وجاء يعيش في أحد المنازل التاريخية في

باي ستريت، شرقاً، هناك عدد من الموسيقين المحترفين يعيشون في تلك المنطقة

و بعضهم يعلم الموسيقى في المدارس في ايلسوارت وفي بانغدر.. ولقد رتب

دون أمر لقائهم بانتظام في منزله للتدريب و العمل معاً، في الواقع..يفكر في

إقامة حفلة موسيقية قريباً، هذا إذا وجد قاعة مناسبة و إن التقى بك فقد

يدعوك للانضمام إلى المجموعة الموسيقية.
- أظنهم جميعاً من عازفي الأوتار.
- لا.. فجاد ياشيمو..يعزف البيانو.
- ياشيمو..يبدو الأسم يابانياً.
- إنه ياباني فعلاً..لكن جاد من مواليد كالفورنيا، وشيلا فايكلاند تعزف

الفيولا، إنها انكليزية جاءت من كندا، وهي زوجة تود فايكلاند الذي يملك

مخزن الأنتيكات المحلي و معرض الفنون، وأعتقد أن هناك عضواً يعزف

المزمار.
ابتسمت كينان لأختها و أردفت:
- أراهن أنك ستتناغمين بسرعة مع المجموعة.. والآن سأريك كيف تقطعين

البطيخ الأصفر.
وصل زوار نهاية الأسبوع في الثالثة من بعد الظهر، إنهما زوجان في متوسط

العمر وهما آتيان من بروكلين، نيويورك.. استقبلت كينان الزوجين ورحبت

بهما في غرفة الاستقبال، المزيحة الطويلة المفروشة بأرائك مريحة مغطاة بأغطية

وردية، وفي الغرفة أيضاً طاولة أثرية مستديرة و رفوف للكتب و طاولات

صغيرة.. ثم عرفتهما إلى تاي التي قادتهما إلى الطابق الثاني.
كانت الغرفة التي أوصلتهما إليها نموذج عن طراز النزل.. ولكنها غير كبيرة

لأن جزءاً منها أعد ليكون حماماً خاصاً، كانت مفروشة ببساطة، فيها خزائن

أدراج و سرير حديث مدثر بلحاف مقطع إلى تربيعات ملونة مصنوع يدوياً،

وخزانة قديمة الطراز.. وكانت البسط المنسوجة يدوياً تغطي الأرض الخشبية

و ثمة كرسي هزاز موضوع قرب النافذة المغطاة بستائر وردية، وهي مطلة

على حديقة النزل الخلفية و على سطوح المنازل المنتشرة على سفح التل حتى

مياه مصب النهر الدافئة..لقد سمعت أختها جهدها لتحتفظ على طابع القرن

الثامن عشر و على جميع وسائل الراحة الحديثة في الوقت عينه بما في ذلك

التدفئة المركزية و المياه الساخنة.
ما إن عادت تاي إلى غرفة الجلوس حتى وجدت كينان ترحب بالزوج التالي

ومنذ ذلك الوقت ظلت تاي مشغولة بإيصال الناس إلى غرفهم، وكما تنبأت

كينان جذب الطقس الحار المشمس الكثير من الزائرين إلى القرية.
وقت العشاء ساعدت تاي مرغو فوركس، الفتاة الشابة التي تعمل عند

كينان ساقية و خادمة، فقد كان عليها تلبية طلبات أكثر من عشرين ضيفاً

حجزوا موائد للعشاء..فيما بعد ساعدت أختها بتنظيف المطبخ فغسلت

الصحون ووضعتها في غسالة الصحون الآلية ثم حضرت فطور الصباح

التالي.
في الأيام الثلاثة التالية، لم يكن لديها الوقت للتفكير في مشاكلها بسبب كثرة

العمل و كثرة طلبات كينان التي كانت تصدرها بهدوء، ثم لما تنتهي كانت

قمر الليل تأوي إلى غرفتها الصغيرة في السقيفة و تنام نوماً خالياً من الأحلام

ثم تستيقظ باكراً كل صباح على صوت أختها التي تحثها على النهوض للبدء

بتقديم وجبات الفطور.
يوم الأحد تغير الروتين قليلاً.. ولم يكن متوفراً للمستيقظين باكراً أو الراغبين

في الذهاب إلى أحدى الكنائس للمشاركة بقداس الفصح إلا القهوة و

البسكويت لأن الوجبة الرئيسية اليوم ستقدم باكراً و ستقدم ابتداءً من

الساعة الحادية عشرة على شكل "بوفيه" مفتوح.. وبما أنها غير مضطرة

لخدمة الموائد وجدت تاي الوقت الكافي لمحادثة دون بورتلاند الذي عرفتها

كينان إليه على أنها " شقيقتي الوسيقية".
إنه رجل نحيل فضي الشعر في السبعين من عمره، عيناه سوداوان بارقتان

تقبعان تحت حاجبين سوداوين كثيفين..وكان عازف الكمان الشهير قد

صحب معه زوجته و ابنته، التي كانت تزور أبيها برفقة رجل شاب أسود

الشعر، عيناه تدلان بوضوح على أنه من الشرق.
- جاد هو قائد الفرقة هذا غدا كونه عازف بيانو ممتازاً..
سألها جاد:" هل أنت باقية في نورثبورت لفترة طويلة؟".
ردت تاي:" لم أقرر بعد و لكنني سأبقى بمقدار ما يستطيع كينان أن

تتحملني".
- إذن لست مرتبطة مع أوركسترا؟
- عزفت مع إحدى الأوركسترات..ولكنني اضطررت إلى ترك العمل بعد

جولة ريفية ممتازة منذ بضعة أسابيع..فقد أصبحت بالتهاب رئوي وها أنا

الآن في فترة نقاهة..مع أن مساعدة كينان في هذا النزل لا تعد أبداً نقاهة.

انشغلت فعلاً كثيراً.
قال دون: يجب أن تعزفي معنا.. يوم الخميس القادم في الساعة السابعة في

منزلي.. حتى الآن لم نكن قد حددنا ما سنقدمه علناً وفي الوقت الحاضر

نبحث عن مكان..أتعرفين مكاناً؟
ردت تاي:أنا لا أعيش هنا.. لكن شكراً للدعوة.. سأنتظر يوم الخميس

بشوق.
غادر المقيمون في النزل بعد الفطور الصباح التالي فعاد النزل القديم إلى هدوئه

مجدداً، وتغير الطقس و حجبت السحب الرمادية الثقيلة الشمس وهبت ريح

قوية.. واندفعت طيور البحر من البحر تدور و تزعق فوق سطوح المنازل،

وطاف بعضها حتى حط فوق السطوح.
قالت كينان:" هذا ينذر بأن طقساً سيئاً على وشك القدوم والأرصاد الجوية

تتوقع تساقط الثلج..أحمد الله لأن الطقس كان صافياً في مهاية عطلة

الأسبوع".
قالت تاي:
- سأتمشى إذن قبل أن تهب العاصفة إن لم تكوني بحاجة إلي.
- لا.. لن يكون لدينا أي زائر حتى نهاية الأسبوع القادم، و الليلة لن أقدم

العشاء لأحد فاذهبي.
- أترغبين في مرافقتي؟
- لا.. شكراً لدي موعد بعد ظهر اليوم.
برقت عينا كينان ببريق ساخر لأنها لاحظت نظرة تاي التي ملؤها الاستفسار.
- هنا؟
- أجل..هنا.. سيأتي مع خرائط رسمها لأقوم بالتوسيعات التي أفكر فيها في

نهاية غرفة الطعام.. سيكون هذا نوعاً من"صالون" و مقهى يمكن للناس أن

يجلسوا فيه ليشربوا شيئاً وهم ينتظرون العشاء..قدمت طلب ترخيص و آمل

أن يإذن لي به..
- أنت تتوقعين مجيء المهندس؟
- أجل.. إنه مهندس من نوع ما، واسمه شاركي سوبر وهو يملك فناء

القوراب وقد صمم وبنى عدة مراكب خشبية جميلة


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-04-10, 01:52 PM   #4

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

نظرت كينان إلى ماحولها من الرفوف الخشبية إلى الجدران المغطاة بالخشب

المصقول، التي علق عليها أدوات الطبخ النحاسية و أضافت:
- هو من صمم هذا المطبخ كما شارك في بنائه حين سارت الأمور ببطء في

الشتاء الماضي..
رأت تاي في عيني أختها بريق فخر أثار اهتمامها مجدداً.. فعلقت قائلة:
- أعتقد أنك بشوق لرؤية تصميماته التي أعدها لغرفة الطعام، هذا عدا

رؤيته، أعد أن أبتعد عن طريقك مدة ساعتين ..أراك لاحقاً.
ارتدت ثياباً دافئة: سروالاً من الجينز و سترة واقية من الريح، و قبعة صوفية

و قفازين صوفيين ألوانها براقة و انتعلت مداساً عالياً ثم انطلقت لتسير نزولاً

في شارع" ماين ستريت".
كان الشارع ضيقاً لا رصيف له، وهو يتبع خط مصب النهر المتعرج..على

كلا جانبيه تصطف بيوت خشبية قديمة غير متشابهة.للمنزل الأول لوحة

نحاسية مثبتة على جداره تظهر أن له قيمة تاريخية فقد بني عام 800م لطبيب

حارب ضد الإنكليز في الثورة الأمريكية.
من ناحية الشارع الآخر، منزل أصغر حجماً معروف بأنه " منزل الخطيئة"

لأن صاحبه الأصلي كسر التقاليد الدينية، بالعمل أيام الآحاد في بناء المراكب

خلف المنزل، فناء المراكب المكتظ بصواري المراكب.. وخرج رجل من باب

المنزل الأمامي مرتدياً سروالاً من الجينز وسترة واقية و تحت ذراعه لفافة

ورقية وهو في حوالي الأربعين من عمره، نحيل، رمادي الشعر.
هز رأسه بود لتاي، و توجه إلى الشارع ماين.. راقبته ملياً ثم تكهنت أنه

شاركي سوير الذي هو الآن في الطريق لرؤية كينان.
مرت تاي بالكنيسة البرتستانتية ذات النوافذ الملونة والأبواب الخشبية

المصنوعة من السنديان..كم مرة حضرت القداس فيها حين كانت تقيم صيفاً

مع أبويها في نورثبورت..طالما أقاموا في أحد الأكواخ المواجهة لمصب النهر.
متى سارت هنا آخر مرة؟ آه..منذ ثماني سنوات تقريباً، آخر عطلة أمضتها

مع والديها كانت في الثامنة عشرة، وكانت قد تخرجت للتو من الثانوية

العامة و تخطط للذهاب إلى نيويورك لدراسة الموسيقى، ثماني سنوات من

عمرها مضت بسرعة غريبة..ثماني سنوات من الإخلاص لمهنتها التي اختارتها

بنفسها، وهي مهنة أبيها.
ارتجفت قمر الليل شفتاها و اغرورقت عيناها بالدمع فقد تذكرت والدها

الحبيب، الآن ..رجل نشيط، وحساس، متحدر من أصلى إيطالي، ولكنه

مات أكثر من ثلاث سنوات بالسرطان، إن أول درس في الموسيقى تلقته منه،

ومنه تعلمت إدارة شريط التسجيل لمعزوفة سوبرانو وهي الخامسة من

عمرها.. كان يعزف في قسم المزامير الخشبية في فرقة موسيقية، وكم سيسر

وهو يراها عازفة كلارنيت ناجحة ..كم تفتقده!
ربما لهذا السبب التجأت إلى برنابي كورنتر فقد أرادت الدعم العاطفي و

النصيحة الموسيقية .. كان أستاذاً في معهد الآلات النفخية، واقترح أن تنضم

إلى الفرقة الموسيقية التي كان يعزف فيها..ولكنها أحبته رغم نصيحة أمها..

اللعنة..! لا تريد أن تفكر فيه، لقد قصدت هذا المكان لأنه لم يكن فيه يوماً..

هذا المكان المشهور بهدوئه و سكينته.
مرت بأقدم منزل في القرية، وتابعت سيرها ، إنه منزل من طابقين، في فنائه

الخلفي أشجار تفاح قديمة وقد بني عام 1664 على يد أحد المستوطنين

الإنكليز الأوائل، خلف المنزل ركام مرتفع مغطى بالعشب، وهو كل ماتبقى

من قلعة قديمة بناها المستوطنين الفرنسيون.
وفي مكان أبعد منه قليلاً المتحف الذي يحتوي على الآثار الهندية و الأسلحة

المختلفة.
أمامها الآن لوحة تحمل كلمات "بيكرنغ بوينت لايتهاوس"- منارة بيكرنغ

بونيت.
مالت تاي لتتجنب الريح، وشقت طريقها في الممر لأنها تريد السير حتى المنارة

القديمة التي هجرت منذ زمن طويل لمصلحة منارة حديثة آلية تقع عند أقدام

الجرف الصخري الحاد.. سرعان ما ستشاهد أمامها البرج الأسطواني ذا

القمة المدببة المطلية بالأسود، حيث كان النور يوماً يومض و يرتفع بقوة الى

السماء.
بدأ الثلج يتطاير.. وماهي إلا ثوان حتى غطى الثلج العشب بلونه الأبيض،

وأخذت غابة الصنوبر القابعة إلى يمنيها تخشخش و تتأوه بسبب هبوب

الريح..آن وقت العودة لأنها ستعلق وسط العاصفة..ولكنها تابعت المسير

عازمة على إلقاء نظرة على البحر وهو يتكسر على الصخور عند قدمي

الجرف.
كانت الريح تصفعها بقوة فأصبحت وجنتها حمراوين ولكنها وصلت إلى حافة

الجرف الصخري، ونظرت إلى الخليج العريض..لا أثر للجزر الصخري،

ونظرت إلى الخليج العريض..لا أثر للجزر ولا لتلال "كناديان هيلز" الكندية

التي كانت تبدو من بعيد، فكلها متوارية وراء ستار من الثلج المتراقص..

رأت الأمواج تقفز و ترتفع ثم تتحطم فوق الصخور السوداء، وشعرت بالبرد

يخترق عظامها فارتدت وبدأت تحث الخطى لتعود من حيث أتت، وكانت

الريح تدفعها والثلج يتساقط عليها.
وجدت قمر الليل أنها ستصل بسرعة إن اخترقت غابة الصنوبر وصولاً إلى

الشارع.. وطالما سلكت في الماضي هذا الطريق لذا لم تتردد في الانحناء تحت

مابدا لها سياج جديد.
لكن ماكان ممراً ظاهراً لم يكن الآن سوى أعشاب نامية متشابكة و أشجار

متساقطة كان عليها أن تشق طريقها من بينها بصعوبة و بسبب هذا غيرت

اتجاهها أكثر من مرة حتى فقدت الإحساس بالاتجاه..من فوقها سمعت صوت

أغصان الأشجار و تأوهت..على مستوى النظر، أغصان أخرى كانت تتدلى

و تشد سترتها و تخدش خديها و تهاجم عينيها أحياناً..بدا لها أنها علقت في

كابوس مشؤوم أخضر.. تعثرت بصخور خفية و بجذوع الأشجار المتساقطة..

ليتها لم تقرر اتخاذ هذا الطريق..تذكرت قصصاً سمعتها عن أخطار السير في

الغابات وقت الشتاء، وكيف أن أشخاصاً ضاعوا فيها إلى الأبد.
أخيراً رأت فسحة بين جذوع الأشجار.. فسحة مغطاة بالثلج المتساقط..

فاتجهت إليها لتجد أنها عند طرف الغابة و أنها تشرف على حقل مغطى

بالثلج في نهايته منزل مثلث السقف؟؟بدا لها رمادياً قاتماً بل هو أكثر اسوداداً

من الأشجار و الغيوم التي وراءه..إنه مغطى بالثلج و يبدو أشبه بشبح

مخيف..
أدركت قمـر الليل أنها بعيدة كثيراً عن الشارع..فبدل أن تتجه يميناً في

الغابة قطعت الغابة مباشرة..ولكنها لن تعود إليها ثانية.. ستتابع السير في

الحقل وصولاً إلى الطريق النزل الداخلية التي تراها من بعيد بين صفين من

أشجار الصنوبر و ستقودها هذه إلى الشارع، ومن هناك ستتمكن من

الوصول إلى" بيكرنغ لاين" فماين ستريت، فالتلة فوق النزل.
ناحت الريح وصفق الثلج وجهها.. العاقل لا يخرج من منزله أبداً في مثل

هذا الطقس، حتى ذلك الرجل الجلف الذي يعيش في المنزل القديم.. وكما

قالت كينان: إنه مكان مهجور..مع ذلك تذكرت المنزل وهو ينعم بدفء

أشعة الشمس، ونافذة تعكس النور، وتذكرت كذلك هذا الحقل وهو مليء

بالزهور البرية و العشب الأخضر المتمايل بسبب نسيم الصيف الخفيف،

يومذاك بدا لها المنزل وكأنه قصر وحش.
ضحكت قمر الليل من نفسها بسبب سخف ما تصوره لها مخيلتها ثم تعثرت

بصخرة كانت الثلوج تغطيها فوقعت أرضاً وعندئذ ارتطمت ركبتها بصخرة

أخرى فتسلل الألم إلى ساقيها وهذا ما جعلها تشهق حين ركعت..ببطء طوت

ركبتها..المزيد من الألم، ولكنها تمكنت من الوقوف..نظرت إلى ما حولها ثم

بدأت تعرج باتجاه صف الأشجار التي تحيط بممر المنزل.. كانت ركبتها

المصابة تلتوي بألم وقد احتاجت إلى كامل قوتها لتستطيع متابعة السير.
أخيراً وبعد الوقوف عدة مرات لتلتقط أنفاسها، وصلت قمر الليل إلى ممر

المنزل الداخلي و استندت إلى جذع شجرة وهناك راحت تتحسس ركبتها

من فوق قماش الجينز..شعرت بانتفاخ وكأنه بيضة على ركبتها، وعندما

ضغطت عليها بأصابعها أحست بألم حاد.
نظرت إلى الممر الداخلي.. بدا ملفتاً بعباءة من الثلج المتساقط بجنون..آه..

كيف ستصل الآن إلى النزل فأمامها أميال للوصول وهذه الساق لن

تساعدها أبداً لاجتياز هذه المسافة.
ستجد بالتأكيد العون من أول منزل تصل إليه..لكن منزل لايتبون هو

الأقرب..أدارت رأسها و نظرت إليه..بدا أسود، مرتفعاً..ما هي إلا خطوات

حتى تصل إلى الدرج العريض فالشرفة الواسعة و هناك تستطيع قرع الباب.
دفعت نفسها بعيداً عن الشجرة، وبدأت تعرج نحو المنزل، لكن الفترة

القصيرة التي استراحت فيها، تسببت بتصلب ساقها اليمنى و أصبحت بلا

فائدة، ففقدت توازنها مجدداًَ، ووقعت فوق كومة ثلج.
تصاعد عويل الرياح فوق قمم الأشجار و تطايرت رقع الثلج الصغيرة فوق

الأرض..عما قريب سيغطيها الثلج و يدفنها..جعلتها الفكرة تقف مجدداً و

تجاهد للوصول إلى المنزل.
تابعت المسير بخطوات عرجاء و لكنها لم تتمكن من ارتقاء الدرج إلا بمساعدة

يديها و قدميها ثم انهارت على أرض الشرفة وراحت تجر نفسها حتى وصلت

أمام باب أنيق فوقه قوس حديدي مروحي و مقرعة نحاسية، جرت نفسها إلى

الباب، ودقت بيدها على القسم السفلي منه.
لم تسمع شيء من الداخل.. فدقت بقوة أكبر عدة مرات..ثم أصغت..لأنها

ظنت أنها سمعت نباح كلب.. قرعت الباب مرة أخرى.
بعد فترة بدت لها ساعات، انفتح الباب ببطء وخرج منه نور باهت..رفعت

تاي رأسها..إنه ميردت لايتبون، شعره الفاتح اللون يلمع تحت النور الأصفر

و نظارته السوداء تنظر إليها مرتمية على الأرض، إلى جانبه كلب..كلب

رعاة الماني جميل، متعجرف، نظيف، حوله السترة الخاصة بكلاب العميان.


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-04-10, 01:54 PM   #5

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي


2- التجربة المدمرة

زمجر الكلب بصوت منخفض و أبرز أسنانه، فأمره ميردت لا يبتون: "اصمت كولت".
نظر إلى عتمة الشرفة:
- هل من أحد هنا؟ من هناك؟
ردت تاي بصوت متكسر:
- هذا..أنا ..أنا ..أنا تاي داتسامو..أوه..أرجوك، لا تقفل الباب..ولاتذهب..أرجوك..أنا ..لقد آذيت ركبتي ولا أستطيع السير .. هل لي أن أدخل و استخدم هاتفك..أرجوك؟
انفتح الباب على مضض وخرج منه متسائلاً:
- ماذا تفعلين هنا؟
- خرجت أتمشى حتى وصلت المنارة القديمة، وعندما عدت كان الثلج قد بدأ ينهمر، ففكرت أن أسلك طريق الغابة وصولاً إلى الشارع..
قاطعها:" كنت تتسللين إذن..لم يكن يحق لك المجيء إلى هنا.. لماذا لم تسلكي ممر المشاة العام؟".
- لم أجده..الأعشاب في الغابة كثيفة.. وفيها أشجار متساقطة و أعشاب متشابكة..وكنت محظوظة لأنني وجدت طريقي إلى هنا..كانت الغابة جميلة حين كان جايسون لايتبون حياً.. كان يجيد الاعتناء بأرضه.
تغاضى عن ملاحظتها و انتقادها، وتابع النظر إليها وكأنه يحاول رؤيتها، ثم قال بصوت متشدق:
- أنت المرأة التي اصطدمت بي أمام السوبر ماركت.أليس كذلك؟
- أجل.. أردت أن أعتذر لك عن هذا..لم أعرف أنك ..لا تستطيع الرؤية جيداً، وإلا لما قلت ما قلته.
سأل بحدة:" من قال لك إنني لا أرى جيداً؟".
- أختي كينان.. مالكة فندق نورثبورت..ولكن لم يكن يحق لك أن تشتمني بتلك الطريقة.
لم يقل شيئاً..لكنه تابع النظر إليها.. وبدا أنه لا يجد غرابة في الموقف فهي مستلقية على الأرض عند قدميه..ووراء الشرفة كان الثلج يتطاير كالدوامة و الريح تعصف.
تمتمت تاي:" هذا جنون.. أرجوك دعني أدخل لأستخدم هاتفك حتى أطلب من أختي المجيء بسيارتها إلى هنا لاصطحابي، لن أستطيع السير حتى الفندق..ركبتي متورمة و أخاف أن تتأذى كثيراً إن سرت عليها.
دنا منها فشعرت بالخطر لكنها لم تستطع الابتعاد.
- أية ركبة؟
همست بصوت متألم:
- اليمنى.
ركع ***** أمامها فجأة و امتدت يداه الكبيرتان بحثاً عنها.. لامس ساقها ثم بدأت يده تنزلق حتى ركبتها.. أصيبت بالذعر و المفاجأة بسبب لمسته فتشنجت عضلاتها.. توقفت يداه عن الحركة ثم أدار رأسه و كأنه ينظر إليها.
حسنا..لابأس عليك..لن أستطيع التأكد من إصابتك قبل إدخالك إلى منزلي، وبما أنني لا أرى جيداً ..فأنا أرتاب من الغرباء خاصة النساء فمنذ أن فقدت بصري حاولت أكثر من امرأة استغلالي.
ردت قمر الليل بحدة وهي تستشيط غيظاً:
- أنا لست هكذا..آه ليتني أقدر على السير..آه
صاحت لأنه تجاهل احتجاجها، ووضع يده على الركبة المصابة و ضغط على التورم.
- همم.. تبدو متورمة..حسنا، بإمكانك الدخول و استخدام الهاتف.
قدم لها يده فأمسكتها و تمكنت من الوقوف.. ولكن من غير سابق إنذار التفت ذراعاه حولها و رفعها بسهولة وكأنها لعبة من قش، وحملها إلى المنزل.. قالت بصوت ضعيف:
- أرجوك أنزلني.
لكنها ويا للدهشة اعترفت بينها وبين نفسها أنها تستمتع لأنه يحملها بمثل هذه الطريقة المتسلطة.
تجاهل احتجاجاتها ثانية و حملها من ردهة مرتفعة السقف قليلة الإضاءة مكسوة بألواح خشبية، إلى غرفة كبيرة لها ثلاث نوافذ طويلة يتسلل منها نور، وهناك أجلسها على أريكة ضخمة مرتفعة الظهر، مغطاة بقماش مطرز يدوياً.
- أقترح عليك أن ترفعي ساقيك إلى فوق.
نفذت ما اقترحه عليها، وبدأت تخلع مداسها المرتفع الساقين..
كانت تفتح سحاب الحذاء حين عاد حاملاً الهاتف بيده، وضع الجهاز على طاولة مغطاة بالغبار و الصحف و المجلات، ثم ابتعد مرة أخرى من الباب إلى الردهة، في هذا الوقت كان الكلب يتعقبه أينما سار.
التقطت قمر الليل الهاتف ووضعته في حضنها ثم رفعت السماعة و لكنها لم تسمع أي طنين، مع ذلك طلبت رقم المنزل.. سمعت صوت طقطقة تبعها صوت هسيس، فأعادت السماعة و انتظرت، ثم رفعتها ثانية..لا شيء.
عاد ميردت لايتبون إلى الغرفة، فقالت له:
- هاتفك مقطوع..الخط معطل.
- وهل طلبت الرقم الذي تريدينه؟
أزاح بيده بعض ما على الطاولة و جلس على طرفها قبالة تاي بحيث أصبح على مستوى واحد معها.
- أجل.. ولكنني لم أتلق شيئاً..هاك خذ السماعة.
أعطته الآلة التي وجدتها يده بدون تردد ، الواضح أنه يراها..فهو على مقرية من تاي.
تمتم: كانت على مايرام هذا الصباح، ماالرقم الذي تريدينه؟
ذكرت الرقم، فراقبته يطلبه بإصبع طويل بلا تردد..بعد لحظات أعاد السماعة مكانها.
- أنت على حق..إنه معطل..نتعرض إلى أشياء كهذا في الشتاء..ماذا الآن؟
كانت النظارة السوداء موجهة إليها بشكل مباشر..فسألت آملة: " هل لديك سيارة؟".
- لا.. وما نفع السيارة لمن هو مثلي؟ أنا لا أرى جيداً فكيف أحصل على رخصة قيادة.
- لكنك دخلت المنزل وهذه الغرفة وكأنك ترى أين تذهب.. ثم طلبت الرقم و كأنك ترى الأرقام؟
- أستطيع الخروج و الدخول من المنزل..وأستطيع التحرك فيه لأنني أعرف تفاصيله..وأنا أرى الأشياء إن كنت على مقربة منها.
- وهل تراني الآن؟
- طبعاً..أستطيع رؤية شكل وجهك، وأين هي عيناك، وأين هو ثغرك.
مال إليها بحيث استطاعت رؤية شكل عينيه من خلال زجاج نظارته البنية، وبريق بياضهما ورأت الشعر الذهبي النامي على لحيته و فوق شفته العليا، وتحت ندبة تبدو وكأن البشرة مزقت ثم أعيد جمعها.. عندئذ أدركت أنه وسيم.
تمتم برقة: وعيناك بنيتان ذهبيتان، كبيرتان، مستديرتان و مفتوحتان، تنظران إليّ بريبة..لست سيئة المظهر..بل لولا إرهاقك لبدوت أفضل مظهراً.
ابتعدت عنه و استندت إلى ظهر الأريكة:" ليس وجهي مرهقاً!"
- حسناً..فلنقل غائرة الخدين.
اتسعت ابتسامته فظهرت أسنانه البيضاء الناصعة، عندئذ شعرت بقلبها يتراقص بشكل غريب و اضطرت إلى الاعتراف بأنها منجذبة إليه.. وهذا أمر غريب لأنها لم تنجذب قط إلى هذا النوع من الرجال الجلفاء..فطالما اهتمت بالمثقفين.. وطالما اهتمت بالفكر لا بالمظهر الخارجي.
أضاف:" أنت كمعظم النساء، لا تحبين سماع الحقيقة عن مظهرك".

- حسناً..كيف سيعجبك الأمر لو.. لو قلت لك الحقيقة عن مظهرك الآن؟ فبشعرك غير المسرح و بلحيتك هذه و نظترتك القاتمة هذه ..تبدو..حسناً..شريراً و بحالة مزرية.
- هاهَ!
أربكتها ضحكته القصيرة الفظة مجدداً.
أضاف: أنت امرأة جرئية تملكين القدرة على التعبير..أنا إذن شرير و بحالة مزرية.
- وهل أنت آسف على نفسك.
- بالتأكيد .. وستشعرين بهذا الشعور لو قيل لك إن بصرك لن يتحسن، وإن من الأفضل أن تتحلى بالأمل و إنك ستبقين دائماً عرضة للاصطدام بالناس..أو الأشياء لأنك لا ترينها.
همست قمر الليل مذعورة:" ومن قال لك هكذا؟".
- جراح عيون..إنه أحد أفضل الأخصائيين.
- ومتى قال لك هذا؟
- في الأسبوع الماضي.. في نيويورك.. ذهبت إلى هناك لإجراء فحوصات.
- لكن معظم العميان..العميان المصابون بعمى كلي يتمكنون من العيش حياة مفيدة منتجة.. بعضهم أصبح نجماً معروفاً جداً.

- نجماً معروفاً؟
- كنت أفكر بعازفي الجاز و عازفي البيانو و السكسفون,
- لا، إنهما مهنتان موسيقيتان.. والمرء لا يحتاج إلى الرؤية ليعزف، على عكسي.. يجب أن أرى لأستخدام الكاميرا.
- وهل أنت مصور؟
- مصور تلفزيزني، كنت أعمل لمحطة وطنية في قسم الأخبار العالمية..كنت أنا و بارني هيوغان نصور تقريراً عن فنان في أميركا الوسطى و فيما كنا نغطي الأحداث الدائرة بين الثوار و قوات الحكومة، تضايق أحدهم من وجودنا ورمى قنبلة يدوية علينا فقتل بارني و ليتني..ليتني قتلت معه.

والتوى فمه وهو يهمس بكلماته.
همست تاي التي تألمت روحها الحساسة بسبب ما قال:
- متى؟ متى حدث هذا؟
رد دونما اكتراث:" ربما منذ سنتين".
هب عن الطاولة ليجلس في مقعد:
- منذ لك الوقت و أنا أكافح لأعود إلى الحياة، أتعلم كيف أقف و كيف أسير و لكنه جهد ضائع.
ضرب ذراع المقعد بقبضة يده فانتفضت تاي و الكلب معاً، فالكلب المستلقي على البساط أمام المدفأة استقام و شنّف أذنيه ورفع رأسه ينظر إلى سيده.
- مانفعي و أنا لا أستطيع رؤية ما أريد القيام به؟
سألته تاي بحدة:" أوليس هذا انهزاماً؟".
- وهل لديك بديل آخر؟ لا يمكنك حتى البدء بفهم ما أشعربه.
- بل أنا قادرة على ذلك.
صمت، فتعاظمت الظلمة في الغرفة فالنور الوحيد فيها كان وميض النار البرتقالي.. وصدحت موسيقى غيتار لموسيقار برازيلي من راديو عرفت أنه على رف الكتب المثبت في الجدار.
طقطق الخشب المشتعل الذي تتآكله النار و تأوهت الريح بشكل مخيف في المدخنة، فتحركت تاي بعدم ارتياح.. فصمت ميردت لايبتون يثير الأعصاب، وبدا أنه نسي وجودها، ولكنها ما لبثت أن انتفضت مذعورة ما إن علا صوته:
- هل اسمك حقاً تاي؟
- وهل كنت سأقول هذا لو لم يكن اسمي؟
- لا أعتقد ..إنه اسم غير عادي.
ران صمت آخر قصير:
- الطريقة التي جئت بها إلى هنا هذا المساء تذكرني بأبيات شعر "لأدغار آلان بو" عنوانها الغراب الأسود..أظنك تعرفينها.
- لا..أنا لا أعرفها.
- لاشك أن هذا المنزل و عزلته، وجنون الطقس في الخارج كانت ستروق للشاعر..بل من الممكن أنه كان في مكان مماثل حين كتب قصيدة الشعر التي أذكرها:
" في منتصف ليلة عاصفة موحشة
وأنا أتأمل بضعف و اكتئاب
كتب التقاليد الطريفة المنسية
مطرق الرأس أكاد أغفو سمعت طرقة على الباب
وكأنها جاءت من يد خفية".
توقف عن قول الشعر،ثم ضحك..فشعرت تاي مجدداً برجفة تسري في أوصالها.
أضاف ***** : حين طرقت الباب أجلس هنا، نصف نائم قرب النار، فتقدمت إلى الباب و..
تابع شعراً:
" في عمق الظلام تطلعت..وطويلاً وقفت، أتساءل بخشية.
مرتاباً أحلم أحلاماً لم يجرؤ بشري يوماً.."
- آه..توقف عن هذا..كف عن إخافتي..
ترجلت عن الأريكة و ألقت نظرة حتى وجدت حذاءها الذي انتعلته..فسألها بحدة:" ماذا تفعلين؟".
- أنتعل حذائي.


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-04-10, 01:56 PM   #6

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

وجدت قبعتها الصوفية و دستها في رأسها ، ثم أقفلت سحاب سترتها الواقية، و جمعت شجاعتها ووضعت ثقلها على قدمها اليسرى.
-أنا.. ركبتي أفضل حالاً الآن.. لذا سأحاول الوصول إلى شارع "بيكرنغ لاين" بحثاً عن أول منزل أتصل منه بأختي.. لاشك أنها قلقة الآن عليّ، شكراً لتركك إياي أستريح.
عرجت نحو الباب.. من خلفها سمعت ميردت يقول شيئاً، ثم سمعت وقع خطواته خلفها، عندما وصلت الباب كان إلى جانبها و الكلب معه.
قال بلهجة متسلطة:
- لا تكوني حمقاء، لن تصلي أبداً إلى الشارع بيكرنغ لاين في هذه العاصفة الثلجية..ليس الآن خاصة و أنت تعرجين..يجب أن تقضي الليلة هنا.
- لكنني لا أريد البقاء هنا الليلة، كما أنك لا تريد مني البقاء..بل الحقيقة أنك لم ترغب في أن أدخل المنزل و قد بذلت جهدك منذ قليل لإخافتي ، أنت لا تريدني هنا.. لذا سأرحل.
خطت جانباً لتتجاوزه متجهة إلى الباب، ولكنها وجدت الكلب تحت قدميها.. فقفزت كالمجنونة ووقعت أرضاً ضاربة ركبتها اليمنى مجدداً..هذه المرة على إطار الباب الخشبي..كان الألم حاداً موجعاً فشهقت صائحة وزمجر الكلب في وجهها بشراسة.
صاح ميردت لايبتون:
- ماذا جرى؟ تاي..أين أنت؟
- أنا هنا على الأرض قرب باب غرفة الجلوس..
أردفت قمر الليل متأوهة:
- تعثرت بالكلب و آذيت ركبتي مجدداً..آه..ماذا أفعل؟
أمر الكلب ليبتعد عنها وجثا إلى جانبها، امتدت يداه مرة أخرى إليها، ولامست أصابعه خدها بتردد وكأنه أحب ملمس بشرتها ولكنه ما لبث أن سحب يده مجفلاً.
صاح:" أليس لديك عقل؟ هل أنت هكذا دائماً تغضبين و تهربين بلا تفكير؟
كان على مقربة شديدة منها فشعرت بدفء أنفاسه على وجهها و شمت عطره.. فجأة شعرت بتهور يدفعها لملاسة وجهه كما لامس وجها.. وكم رغبت في تمرير أطراف أصابعها فوق لحيته النامية أو رفع يدها إلى الأعلى لترجع الخصلات الشقراء المغبرة من شعره عن جبينه.
شدت قمر الليل قبضتها مذهولة من نفسها، إذ لم يسبق أن اختبرت مثل هذا الطيش و التهور لملامسة إنسان و لم ترغب قط في تقديم المواساة لرجل، المواساة التي تعرف أن المرأة وحدها قادرة على تقديمها له..وشدت قبضة يدها أكثر فأكثر كأنها تحاول منع أصابعها من الامتداد إليه.
سألت بصوت أجش:" لماذا؟ تريد منعي من الرحيل؟".
هز كتفيه و ابتسم ابتسامة ملتوية:
- الله أعلم.. أعتقد أنك مضطرة للبقاء هنا، لا يمكنك الخروج في هذه العاصفة الثلجية و أنت غير قادرة على السير، فقد تقعين مجدداً و تعجزين عن الوقوف أم تتوهين وعندئذ تواجهين عواقب أمر من الجحيم.
- لكن..أختي ستشعر بالقلق عليّ..
- ألم تخبريها أي طريق ستسلكين؟
عضت شفتها:
- لا..لم أخبرها..لكنها قد تحرز أنني سأقصد المنارة وأعود عبر غابة بيكرنغ، لأن هذا النوع من النزهات كان المفضل عندنا حين كنا نقيم في نورثبورت مع والدينا.. فجايسون لايبتون لم يعترض قط على استخدام الممر عبر الغابة.. ولم يقاضي أحداً لتسلله إلى أرضه.
- حسنا، بُلغت الرسالة..لكنه كان يملك مزايا لا أملكها، فهو عاش هنا طوال حياته أما أنا فغريب، كما أنه كان قادراً على رؤية أما أنا فلا..هل التقيت به يوماً؟
- عدة مرات، طالما تحدث إلينا عندما كنا نلتقيه في الغابة، كان سيداً عجوزاً لطيفاً.. ودمث الأخلاق أيضاً.
ضحك *****:
- وأنا لست هكذا..ياله من لسان سليط.
- هل صحيح أنك قريبه؟
- صحيح، ولو بدا لك غريباً، جدي الذي اسمه ميردت أيضاً كان شقيق جايسون الأصغر.. وكان ميردت متوحشاً و متمرداً.. سرق من جايسون صديقته وهرب معها..وهي جدتي، وتقول القصة إن جايسون تألم كثيراً بحيث لم يتزوج قط.. آه أظنك غير مستريحة وأنت ممددة على الأرض هكذا..هاك، دعيني أساعدك على الوقوف.
استقام واقفاً ومد كلتا يديه فأمسكتهما وشدت نفسها لتقف.. قربتها الحركة منه كثيراً..لكن عندما حاولت تحرير يديها من قبضتيه اشتدت أصابعه عليها، فرفعت نظرها إليه بسرعة بحركة دفاعية فوجدت النظارة القائمة تنظر إليها.
بدا وكأن لحظات الصمت مشحونة بالكهرباء.. وشعرت تاي بشعور غريب.. شعرت بأنها سبق أن وقفت معه في هذه الردهة و أنهما أمسكا بعضهما بعضاً.. رفعت نظرها إليه و انتظرته بتزمت.
أخيرا همست قمر الليل: هل أنت مثل جدك..ميردت؟".
- لا أدري لأنني لم أعرفه قط..لماذا تسألين؟
أنذرتها الحاسة السادسة بسحب يديها من يديه.. ولكنها لم تتحرك بل لم تستطيع أن تتحرك..كانت عالقة في تعويذة سحرية ما ..إنها مفتونة بهذا المتوحش الأشقر.. بقبضة يديه الدافئتين، بحركة شفتيه وهما تنفرجان.
عندما عانقها لم يتلق منها مقاومة.. راحت يداه تتلمسان وجهها برقة.. تاي التي كانت مؤمنة أنها لن تتأثر بعناقه لم تكن مستعدة لما حدث.. فقد تفجر التجاوب في أعماقها و استجابت بدائية للجوع اليائس الذي كان ميردت يعبر عنه بعناقه.
رفعت قمر الليل يديها بتهور إلى وجهه لتداعب وجنتيه اللتين تأذتا يوماً.. وترنحت إليه أكثر، فاشتدت ذراعاه حولها بقوة تطبقان جسمها الرقيق الناعم إلى جسمه القاسي الصلب، في لحظات خالية من أي تعقل شعرت بأنهما ملتحمان برغبة قلبية مشتركة تدمر دفاعاتهما التي بنياها لحماية نفسيهما ضد مثل هذا الهجوم.
انتهى العناق فجأة كما بدأ..ابتعد ميردت عنها و أسبل يديه إلى جنبيه ثم انزلقت يداها بعيداً عن خذيه.. مع ذلك بقيت التعويذة، وظلا يتبدلان النظرات بصمت و ذهول ولم يكونا واعيين لما يحيط بهما من إضاءة خافتة ومن طقطقة المنزل العتيق وتأوهاته وهو يواجه عاصفة الربيع العاتية.
أخيراً كسر ميردت التعويذة بحركة عنيفة من يده فكسر الصمت أيضاً..أطلق شتيمة تخدش الآذان جعلت تاي تجفل مرتدة عنه.
- عرفت أن شيئاً من هذا سيحدث حينما أدخلتك إلى المنزل.. لقد أمضيت وقتاً طويلاً بدون امرأة..لقد دخلت رائحة بشرتك و شعرك و الأحساس بك إلى رأسي و أثارتني.
ضحك ضحكة قصيرة خالية من المرح، وأضاف:
- أعتقد أن عليّ أن أكون مسروراً لمجيئك، فهذا يثبت أنني مازلت طبيعياً في هذا المجال، لقد بدأت أقلق.
عندما استوعبت تاي ماكان يقوله، انطلق جرس الإنذار في أعصابها وتلاشى آخر ماتبقى من السحر، لقد دمره كلياً كلامه القارس.
صاحت بجنون:
- إذن دعني أذهب..دعني أغادر هذا المكان..
أمسك كتفيها ما إن حاولت تجاوزه فسمرها أمامه ..مرة أخرى شعرت بهشاشة عظامها.
- لا أستطيع تركك تذهبين..ليس الآن ستبقين.
تركها فجأة، فتهاوت على الباب الذي أمسكت إطاره السندياني و تعلقت به كما يتعلق البحار اليائس بصارية المركب وقت العاصفة.. تشعر وكأنه رماها فعلاً في ثورة غضبه و إحباطه.
قال بصوت أجش:
- ياإلهي..لا تنظري إلي هكذا..لن أوذيك، ماحدث الآن..هو انحراف مؤقت.
دس يديه في جيبيه و قام بجهد واضح ليسيطر على غضبه ثم قال بهدوء:
- اذهبي و استلقي على الأريكة مرة أخرى..يجب أن تريحي ساقك..إنما عليك أن تذهبي إلى هناك بمفردك لأنني لن أحملك مرة أخرى..هيا تحركي من هنا.
وأشار برأسه إلى الغرفة التي يضيئها وهج النار.
قالت بصوت متقطع وهي لا تزال تمسك بإطار الباب الخشبي:
- أنا..أنا..
قاطعها راعداًٍ:
- هيا..لا يمكنك الوقوف هنا طوال الليل.
- أجل ..أنا ..سأفعل ماتقول..لكن أرجوك، أضئ لي نور الغرفة..أنا..لا أريد الاصطدام بشيء، فقد أضرب ركبتي ثانية و.. أرجوك لا تصح بوجهي..فأنا..لا أحتمل صياح أحد..
- حسناً..حسناً!
بدا ساخطاً حقاً ولكنه دخل إلى الغرفة و كبس على مفتاح الضوء وعاد إليها يقول:
- هاك.. تستطعين الآن الرؤية..ادخلي و أريحي ساقاك وهدئي روعك فليس هناك ما يستدعي التوتر، قلت لك إنني لن ألمسك ثانية، سأذهب إلى المطبخ لأحضر لنا ما نأكله.. لقد تجاوز الوقت وقت العشاء.
ارتد عنها ثم أعطى أمراً للكلب الذي اتجه و استلقى أمام الباب الأمامي، ثم تابع سيره في الردهة من باب آخر عرفت تاي أنه يقود إلى المطبخ.
عندما عادت أدراجها إلى الغرفة لاحظت أن هناك مصباحين مضاءين، أحدهما مصباح طويل على الأرض وراء الأريكة و الآخر صغير موضوع على الطاولة قرب المقعد الآخر، وصلت إلى الأريكة و جلست ببطء مادة ساقها اليمنى أمامها، خلعت قبعتها وحذاءها مجدداً ثم فتحت سحاب السترة وخلعتها ووضعتها مع القبعة على ذراع الأريكة العريضة، ثم راحت نفسها في الزواية الأخرى.. واستندت إلى الوراء رافعة قدميها عليها.
لأنها باتت بمفردها، بدأت ردة فعل ماحدث في الردهة تظهر عليها، فأطلقت نفساً طويلاً في تنهيدة عميقة، وأغمضت عينيها..عناق عابر مع غريب، إنها تجربة مدمرة، واشتدت حرارة خديها من الذكرى.
كان ذلك " انحرافاً مؤقتاً" بالنسبة له..فهمت مايعنى..فهو رجل مثير ذو تجربة، استعاد للتو قدرته الجسدية مع إصابة خطيرة..وخرج عن طوره مؤقتاً.
لكن ماذا عنها هي؟ لماذا بادلته العناق؟ ولماذا فقدت السيطرة على ذاتها؟ ما الذي حدث للقيم الأخلاقية التي حفلت بها حياتها الخاصة حتى الآن، وأهمها عدم معانقة رجل لا تحبه؟ أليس من المفترض أنها تحب برنابي؟ ألم تقل لأختها إنها لن تقع في حب رجل مرة أخرى بعدما نبذها؟
لكنها لم تقع في حب ميردت لايتبون..لا يمكن هذا.. لم يكن لديها الوقت.. وعل ى أي حال، معظم ماتعرفه عنه لا يعجبها..إنه متوحش فظ، متسلط، يظن أنه متفوق على النساء، وهو يشعر بالأسف على نفسه لأنه لم يعد الصورة المثيرة لهن..فلا شك أنه غوى الكثيرات من النساء اللواتي يحببن القوة المتوحشة..حسناً..هي ليست واحدة منهن.
إذن..لماذا استجابت لعناقه؟ أهو" انحراف مؤقت" منها كذلك؟ حاجة بدائية في أعماقها استجابت لحاجة بدائية مماثلة؟ تأوهت بيأس بسبب هذا الاكتشاف أنها قد تشعر بالانجذاب إلى رجل لا تكاد تعرفه.
أغمضت عينيها مجدداًً، ومؤخرة يدها على إحدى وجنتيها الملتهبتين..وتأوهت..لكن لم تكن وجنتاها فقط الملتهبتان بل جسدها كله يكاد يحترق..أكان يحترق خجلاً؟ لابد أنه لاحظ تجاوبها، لا ريب في هذا! آه ليتها تستطيع الخروج من هنا..عناق واحد استطاع به أن يخترق دفاعاتها و يحطمها و كأنها قشرة بيضة و كشفها على ماهي عليه حقاًً..امرأة تحب الحب و تحتاج بكل يأس لمن يحبها.
فتحت قمر الليل عينيها ونظرت الى الباب، فهي قادرة على المغادرة أثناء انشغاله في المطبخ..لكن الفكرة لم تستقر في رأسها..إذ لن تستطيع تجاوز الكلب..ثم.. هل تريد حقاً الخروج إلى هذا الثلج المتساقط بغزارة حيث خطر الوقوع و الضياع؟ لا..إنها لا تريد ترك هذا الملاذ الدافئ الآمن، حتى لو كان شخصاً قاسياً، نصف مجنون ونصف أعمى هو الذي يسكنه..إنها مضطرة للبقاء هذه الليلة وتأمل ألاتصاب كينان بقلق كبير..ربما غداً حين تهدأ العاصفة، سيأتي أحدهم للتفتيش عنها و إعادتها إلى الفندق.


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-04-10, 01:58 PM   #7

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي


3- جنون الليل

عاد مردت لايبتون الذي كان يسير بحذر شديد لأنه يحمل صينية عليها طبقين من الحساء الساخن و سلة خبز..عندما دنا من الطاولة الطويلة أمام الأريكة، جلست تاي و أنزلت ساقيها إلى الأرض و أبعدت صحفاً و مجلات إلى جانب واحد من الطاولة مفسحة المكان للصينية.
وضع ميردت الصينية في الفسحة التي وفرتها تاي له، ثم ارتد إلى الكرسي و قربه من الطاولة وجلس قبالة تاي..ثم قال ببرود:
- حساء السمك المعلب هو أفضل ما أستطيع تقديمه لك، مع خبز معد منزلياً ..تفضلي.
رفع سلة الخبز ومدها إليها..همست وهي تتناول رغيفاً اسطوانياً ساخناً شهي المظهر:
- شكراً لك..شكراً لك كثيراً.
كانت الصينية مغطاة بقماش أبيض فوقه سكاكين فولاذية لامعة و ملاعق من أفضل الأنواع..أما الطبقان من الخزف السميك الحافظ للحرارة..لم يسبق لها أن خدمها رجل..أو على الأقل لم يسبق لبرنابي أن خدمها..بل هي تشك في أنه قادر على تحضير وجبة طعام وكررت:
- شكراً لك..لأنك..لأنك أتعبت نفسك من أجلي!
رد آلياً:" أهلاً بك..لا ..أنا أسحب هذا..لن أرحب بك هنا.. لماذا لم تتمشي إلى مكان آخر هذا اليوم؟ لماذا بحق الله جئت إلى هنا؟ لماذا لم تلجأي إلى شخص آخر طالبة منه استخدام هاتفه؟ لن أرحب بك أبداً..والآن..ما الأمر..ألا تحبين حساء السمك؟"
- بل يعجبني..أما أنت فلا تعجبني..و..و.. لولا عماك الجزئي ..لـ..
صمتت لأنها تكاد تختنق غيظاً..لم تكن قط على هذه الدرجة من الغضب.. ولكنها لم تتعرض في حياتها المدللة إلى مثل هذا التهجم.
فلم يعاملها يوماً والداها أو أقاربها أو معارفها بمثل هذه الفظاظة.. ولم يعبر أحد يوماً عن مشاعره العنيفة نحوها بمثل هذا العنف.
- لأنني عانقتك؟
- أجل..ولهذا أيضاً.
تناول ملعقة راح يغمسها في الحساء السميك اللزج الذي تطفو فوقه الكركند الشهية.
تابع ***** ساخراً:
- إذا أحسست برغبة في ضربي فلا تجعلي إعاقتي تعيقك..فمن غير الصواب كبت المشاعر العميقة.
سألت قمر الليل بحدة:" ألهذا هاجمتني بعنف طوال الوقت؟".
- هذا صحيح..ولن أعتذر..
- على ماذا؟
- على تصرفي، وبالتحديد على عناقك..لقد استمتعت به وبطريقة استجابتك لي، وهذا ماجعل منه تجربة للذكرى..للتفكير فيها في ليالي الأرق..أنت بالتأكيد غير ساذجة في هذا المجال..
توردت وجنتا تاي.. وسمعت هديراً مرتفعاً في أذنيها.. وقبل أن تعي ارتفعت يدها اليمنى و اصطدمت أصابعها بحدة بخده الأيسر.
ارتد رأسه قليلاً..أما هي فذعرت إذ لم يسبق لها أن ضربت أحداً..أرجعت يدها إلى الوراء، وتراجعت فوق الأريكة تبتعد عنه خشية أن يرد عليها بشكل مماثل..لكنه ضحك:
-عرفت أنني مخطئ في الأشارة إلى خبرتك،أنت سيدة غير سهلة، ولكنك لست ساذجة..لست متزوجة فأنت لا تضعين خاتماً.. فهل أنت مطلقة؟
- لا.. لست مطلقة..آه..هذا حديث سخيف، لماذا أخبرك أي شيء عن نفسي؟
- لا سبب لهذا، ولكن إن لم تفعلي ستنالى تكهناتي،إذن أنت تقيمين في فندق نور ثبورت وهل تشاركين أختك عملها؟.
-لا..فأنا أقيم معها مؤقتاً.
- ألا تعملين.
- مؤقتاً..أنا فنانة مهنتي الموسقى..أعزف مع أوركسترا سيمفونية لثلاث سنوات، لكنني أصبت في الشهر الماضي بالتهاب رئوي فجئت إلى هنا لأسترد عافيتي.
- كان عليك التوجه إلى الجنوب..إلى فلوريدا أو البهاما، أقصد إلى مكان تشرق فيه الشمس.
- لم أستطع تحمل السفر إلى مكان كهذا..كما أنني أردت مكاناً هادئاً أعرف أن ليس فيه أناساً كثيرين..لطالما وجدت "ماين" مكاناً جيداً للراحة، وأنت..لماذاجئت إلى هنا؟ لماذا لم تذهب إلى مكان دافئ لتسرد صحتك؟
- جئت إلى هنا لأنني لاأملك مكاناً أخر أذهب إليه..أقصد ، لا مكان يريدني أحد فيه، وأنا مثلك أردت أن أكون بمفردي.
- تأخرت زمناً حتى جئت إلى هنا..فقد توفي جايسون منذ ثماني سنوات وكان ذلك آخر مرة أقضي فيها عطلة مع أهلي هنا.
- مضت فترة طويلة حتى استطاع منفذ الوصية الاتصال بي ليخبرني بأنني ورثت المكان.
ضحك ***** ضحكة صغيرة:
- لم يكن هناك من هو أشد مني ذهولاً، فبعد عودتي من إحدى المهمات وجدت أن عمي الأكبر الذي لم أسمع بوجوده ترك لي منزله و مالاً كثيراً لأنني الابن الوحيد لأخيه وابن المرأة التي أحبها...كان ذلك منذو أربع سنوات، وكنت يومذاك أنوي المجيء لرؤية المكان ولكنني سافرت إلى الخارج مرة أخرى.. وبعدما مزقتني القنبلة اليدوية، بقيت في المستشفى سنتين ولما خرجت وجدت أنه أصلح مكان ألوذ إليه و ألعق فيه جراحي، وأستجمع فيه صحتي قبل العودة إلى العالم المجنون لتصوير أكثر الأحداث عنفاً، ولكنني ظننت أنني سأسترد بصري..
ضرب ذراع المقعد بقبضتيه وقال من بين أسنانه:
- اللعنة..كان عليّ أن أسترده.
التقط ملعقته مجدداً وتابع ارتشاف الحساء، راقبته تاي فلاحظت أنه لا يسكب قطرة من الحساء..فجأة شعرت بتوق متهور يكاد يدفعها إلى مد يدها إليه لمواساته و لمساعدته في التغلب على إعاقته.
عاد ليقول:
- ستة أشهر..قال الأخصائي عندما تركت المستشفى إنني سأسترد بصري بعد ستة أشهر من الهدوء و الراحة، ولقد كان المكان هادئاً هنا بما فيه الكفاية..بل هو هادئ أكثر مما يجب.. واسترحت..يا إلهي كم استرحت، لم أكن قط خامداً كما كنت في هذه الفترة.. ومع ذلك مازلت غير قادر على الرؤية بشكل كاف بحيث أستطع التننزه في القرية بدون الاصطدام بشيء..كما حدث معك.
رمى ملعقته في طبقه الفارغ وتراجع في مقعده.
- يبدو أنني سأبقى هنا ماتبقى من حياتي..جثة بالية لا جدوى منها..
- لا..آه..لاتكن يائساً هكذا.. ستجد شيئاً مفيداً تفعله.
- ماذا..مثلاً.ماذا ستفعلين لو فقدت سمعك ولم تميزي الموسيقى؟
- من الطبيعي أن أتكدر فترة طويلة ..لكنني لن أترك نفسي أتعفن..سأجد لنفسي ما أفعله، سأعمل على الأرجح بفن يعتمد على البصر.
نظرت تاي حولها، إلى الستائر المخملية الخضراء المعلقة على النوافذ الطويلة وإلى بريق الخشب المذهب للأثاث الأثري.. وأخيراً إلى البيانو العظيم المصنوع من خشب الورد الموضوع في زاوية بعيدة من الغرفة خلف ميردت، ووراء الباب:
- هذا هو البيانو الذي كان جايسون لايبتون يعزف عليه.
- أعتقد هذا.
- قال لي أبي يوماً إن جايسون كان قادراً على أن يصبح عازف بيانو محترف لو أراد.
قال ميردت بشيء من السخرية:
- لكنه بدل هذا عاش كالناسك في منزله لأن أخاه سرق منه امرأته.. وبالطبع، كان قادراً على تحمل هذا لأنه باع أسهم العائلة في صناعة الورق التي بدأت فيها أسرة لايبتون في هذه المنطقة منذ قرن مضى، واستثمر ماله بحكمة في أسهم البترول ليتمكن من التقاعد في هذا المنزل و العزف على البيانو لنفسه ، لكن.. من أنا لأحكم عليه؟ أنا سائر على خطاه و يوماً ما سأشتهر بما اشتهر به.. ذلك العجوز المجنون الذي يعيش بمفرده في ذلك المنزل قرب بيكرنغ بوينت.
- كفى..توقف عن الأسى على نفسك هكذا، لقد اشتهرت بفظاظتك في القرية، حين أخبرت أختي كيف تصرفت معي عرفتك فوراً.
ارتفع حاجباه السوداوان من فوق حافة النظارة:
- حقاً؟ مع ذلك سرت في أرضي..لماذا؟ لتشدي ذيل الأسد المجروح؟ لتري ما إذا كان قادراً على التصرف بفظاظة معك مرة أخرى؟
ردت قمر الليل ببرود:" لم أتوقع رؤيتك.. هذا الحساء لذيذ..من طهاه؟".
- امرأة من القرية اسمها بيلا ماك كاب، تأتي ثلاثة أيام في الأسبوع لتنظف و تطبخ..هي وزوجها جوزف عملا عند جايسون كحارس ومدبرة منزل، عندما وصلت هنا، أتيا وعرضا خدماتهما لي..سيكونان هنا في الصباح..والله أعلم ماذا سيظنان حين يجدانك هنا.. سينتشر الخبر في القرية أن لي فتاة أخرى..
التقط الصينية وقال:
- أيمكنك الآن تناول قطعة الكايك بالشوكولا، وقليلاً من القهوة؟
- أجل..أستطيع.. ولكن دعني أعدها بنفسي.
- لا..لن تستطيعي إيجاد شيء
التوى فمه بسخرية و أضاف:
- ستوافقين على أن من الخير لي القيام بشيء، لشخص آخر.. فهذا سيبعدني عن التحسر على إعاقتي.
ترك الغرفة ونظرت تاي إلى النار..سيظنون أن لي فتاة أخرى..لم يدهشها ما يقوله فهي تعرف كم القريون إطلاق المقيمين بينهم..إنما لن يعجبها ما سيظنه الزوجان ماك كاب عندما يجدانها هنا في الصباح.
فتاة جديدة له..أيشير بهذا بشكل غير مباشر إلى المرأة التي أقامت معه قبل الميلاد؟ هذا ممكن.
عاد ميردت إلى الغرفة ووضع صينية القهوة على الطاولة.. هذه المرة كان فيها طبقان، في كل منهما قطعة حلوى بالشكولا معممة بالكريما الطازجة.. هذا عدا القهوة و إبريق الحليب الصغير، وقصعة سكر..التقطت تاي شوكة وضعتها في الكايك الاسفنجي الطري ، ثم وضعت قطعة صغيرة في فمها فذابت فوراً، سألت قمر الليل:
- هل فكرت يوماً بتعليم طريقة "بريل" للقراءة؟
- لا..سبق أن قلت لك أنني اعتقدت أنني سأتمكن من الرؤية مجدداً.
ران صمت آخر لم يقطعه سوى طقطقة الحطب في الموقد، وهمس الموسيقى الناعمة من الراديو..أوحى صوت الموسيقى لها بفكرة أخرى.
-هل تحب الموسيقى؟
- قليلاً.
جاء رده بعدم مبالاة.
سألت:" من أي نوع؟".
- ذوقي غريب قليلاً..أحب الجاز الحديث و بعض الموسيقى لها الصاخبة" والهارد روك" وبضع قطع كلاسيكية مفضلة.. وأحب الموسيقى الخاصة بالغيتار، وهذا شريط مسجل لأشهر عازفي الغيتار في إسبانيا.
- أجل.. لاحظت هذا..هل عزفت على آلة يوماً؟
- عزفت على الغيتار كحال معظم أقراني من الشباب، يومذاك خلت أنني عازف "روك أندرل" وأملت أن أسير على خطى" البيتلز" و "رولنغ ستون".
- آه..كنت تعزف الغيتار الكربائي.
- والغيتار الكلاسيكي أيضاً.
- إذن أنت قادر على قراءة النوتة الموسيقية؟
- لا..كنت أعزف معتمداً. على السمع.
- أيمكنك عزف الغيتار الآن؟.
- لا أعرف..ليس لدي غيتار لأجرب، لقد بعت الغيتارين منذ سنوات، كنت بحاجة إلى المال للذهاب لدارسة فن التصوير السينمائي.
وضع طبقه الفارغ من يده و تحسس كوب القهوة، ثم الحليب و السكر..وسأل:
- لم هذه الأسئلة؟ ماذا تحاولين؟
تناول الفنجان بيده وعاد ليستند في مقعده إلى الخلف.
-أحاول أن أجد لك ماتقوم به..ماقد يساعدك على نسيان إعاقتك.
التوى فمه بوحشية:
- هاه..تظنين أنك طبيبة نفسية..حسناً..أنا لا أريد مساعدتك أو حتى اهتمامك.
- لكنك لا تستطيع التخلي عن حياة كاملة منتجة لأنك لا تستطيع الرؤية.
- أهذا ظنك بي؟ ابقي قريبة مني وراقبيني!


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-04-10, 02:00 PM   #8

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

- أليس هناك أحد..
صمتت..وراحت تفكر في أفضل طريقة لصياغة الجملة بدون أن تهينه أو تغضبه، لكنها لم تجد وسيلة غير السؤال المباشر فأردفت بتهور:
- أليس هناك من تتزوجها؟ لم لا تتزوج و تنجب الأولاد فعندئذ ستجد سبباً للحياة؟
نظرت إليها النظارة السوداء وراحت تحدق إليها بصمت..ثم قال ببطء:
- وهل تتزوجيني؟
بدت الكلمات الرقيقة معلقة في الهواء للحظات طويلة، فتنها مرة أخرى..يبدو أنها علقت في الهالة الكهربائية التي تحيط بها هي وهذا الرجل، لماذا تشعر بأنها تنجذب إليه؟.. خفق قلبها ووجدت أنها تلهث وشعرت برأسها على وشك الانفجار..انفرجت شفتاها وكلمات "أجل..أتزوجك" تتشكل في عقلها..وكادت تتلفظ بها ولكن حطبة ما قسمتها النار وقعت على أرض الموقد فأرسلت شرراً برتقالياً.. وتثاءب الكلب محتجاً وجلس فجأة فانكسرت الرقبة السحرية..عندئذ التقطت أنفاسها وكبحت ما كادت تهم بقوله، وقالت عوضاً عنه بسرعة و بلهجة دفاعية:
- هذا ليس سؤالاً عادلاً!
- ولماذا لا؟
- التقيتك للتو لذا لا أستطيع الإجابة.
قال ميردت: ياإلهي ..لا تفهميني بشكل خاطئ..لم أكن أطلب يدك..بل كنت أسألك إن كنت أسألك إن كنت تتزوجيني وأنا رجل نصف أعمى معدوم الأمل بالمستقبل..أيمكن لأية امرأة عاقلة أن ترتبط بالزواج مع رجل نصف مقعد؟
- هذا وقف على ماتشعر به المرأة نحوك.
ارتدت قمر الليل في مقعدها ولكنها أحست بشيء من خيبة الأمل لأن سؤاله لم يكن طلباً ليدها، وهذا ما جعلها تستقيم مجدداً و تنهر نفسها، ماذا دهاها؟ لماذا تتصرف هكذا بدون تعقل؟
أضافت قمر الليل:" أترى..يجب أن أحب الرجل قبل أن أفكر بالزواج منه ويجب أن أكون واثقة من حبه..وعندئذ، لن يهمني شيء..لن أعبأ إن كان أعمى أو أصم أو أعرج أو مريضاً مزمناً بل سأتزوجه مسرورة".
علق ساخراً:
- الحب؟ وماذا يعني هذا؟ هل سبق أن وقعت في الحب؟ وهل تحبين أحداً الآن؟
- أجل أحببت يوماً..و..و..أنا أحب في الوقت الحاضر.
أرتعشت الكلمات بين شفتيها، فهي فجأة لم تعد واثقة من مشاعرها نحو برنابي.
- ستتزوجينه إذن؟
فتشت عن طريقة لتتجنب الرد..لكنه أصر:
- حسناً؟ هل ستتزوجين الرجل الذي تحبين؟
همست:"لا".
- ولم لا؟
أدركت أنه يجرها ببراعة لتتحدث عن نفسها.
ردت قمر الليل:"إنه شأني وحدي".
- حسناً..سأحرز..انطلاقاً مماقلته لتوك عن التأكد من حب الرجل لك قبل أن تتزوجيه، أعتقد أنه لم يكن يبادلك الحب..صحيح؟
ردت قمر الليل بحدة:" لا أريد التكلم عن هذا".
- لكنك تحبين أن تتزوجي.
-أجل ..أحب..إنما ليس من أجل أن يصبح لي زوج..لن أستطيع الزواج بأحد لمجرد حل المشكلة ما أواجهها.
- إذن، هذا هو الرد على السؤال الذي طرحته عليّ..لن أستطيع الزواج بأية امرأة من أجل حل مشكلة آنية هي عدم تمكني من الرؤية، وعدم تمكني من متابعة عملي.. من ناحية أخرى لا مشكلة عندي أن يكون لدي امرأة تعيش معي.. امرأة تشاركني حياتي..امرأة غير ساذجة..فأنا لا أهتم بالفتيات الساذجات الخجولات اللواتي لا يعرفن شيئاً..أريد امرأة تقابلني في منتصف الطريق، باندفاعها الخاص.
صمت ومال إليها أكثر فأكثر حتى أراح ذراعه على مؤخرة الأريكة فكان أن أصبح بذلك مشرفاً عليها وكأنه نسر ذهبي على وشك الانقضاض على فريسته.
تمتم بصوت أجش:"امرأة مثلك تاي..".
همست بصوت ضعيف:"لا..لا أستطيع..لاأستطيع العيش معك".
- لكنك ترغبين..يمكننا البدء هذه الليلة..الآن..فوراً.
رفع يداً ضخمة ومرر أصابعه برقة على خدها، فبدأ جسمها يخون إرادتها.
تمتمت قمر الليل :" أنت..أنت مجنون، فقدت عقلك..أتظن أنني أستطيع مجارتك فيماتريد..وأرضي بالعيش معك في هذا المنزل".
- قد أكون مجنوناً ، مجنوناً لأنني أرغب في بعض السلوى والاكتفاء.. ولكنك هكذا أيضاً تاي..لماذا إذن لا نضم قوانا؟
- لكنك تمنيت لم لم آت إلى هنا..قلت إنك لا ترحب بي هنا.
ضحك فخفق قلبها:
- أعرف أنني قلت هذا ..كنت غاضباً من القدر لأنه أرسل امرأة مثلك إلى حياتي في هذه اللحظات بالذات..فمنذ وجدتك في الخارج تحت الثلج هذا المساء، وأنا أحاول حمايتك مني..لكنني لم أعد قادراً على هذا..أريدك تاي.
صاحت بوجهه:"لا".
انزلقت قمر الليل من بين يديه ونزلت عن الأريكة إلى الأرض ثم راحت تدب على أطرافها الأربعة وتزحف مبتعدة حتى استطاعت الوقوف..ثم ركضت وهي تعرج حتى وصلت الباب..ولكنها لم تكن واثقة إلى أين ستذهب أو لماذا هي ذاهبة، بل كانت تطيع غريزة بدائية تدفعها لحماية نفسها.
خرجت إلى الردهة وهي تعرج ثم راحت تستند إلى الجدار..كان قلبها يخفق بشدة في صدرها و كانت أذناها مشنفتين لالتقاط وقع أقدامه.
سمعت قمر الليل في صمت الغرفة المظلمة صوت رقع الثلج المتساقطة على النافذة ثم رأت في الضوء الخافت انعكاس الأثاث على السجادة.. فجأة أقفل الباب فانقطع عنها النور و أصبحت في ظلمة دامسة.
- هذا ذكاء منك تاي!
في صوته سخرية جعلتها تلتصق بالجدار لأنها لم تلاحظ أنه دخل إلى الغرفة قبل أن يقفل الباب..
أضاف: إنه ذكاء منك لأنك أتيت إلى هذه الغرفة لأنني كنت أنوي أن أحملك إليها هذه الليلة.
أدركت أنه على مقربة شديدة منها.. ولكنها لم تستطع معرفة مكان وقوفه فقالت وهي تحاول أن يبدو صوتها هادئاً:
- ميردت..أرجوك لا تفعل ماقد تندم عليه فيما بعد.
لم يرد..سمعته يدنو منها وكم ندمت أنها تكلمت فقد كشفت بذلك موقعها له، وقبل ذلك لم يكن يعرف أين هي..عضت شفتها السفلى بقوة ثم التصقت بالجدار بعيداً عن الباب، كاتمة أنفاسها، ثم بعدما تأكدت من ابتعادها عنه، اندفعت إلى الأمام وراحت تسرع بمقدار ما تسمح لها به ركبتها المصابة آملة أن تستدير من خلفه وتجد الباب مجدداً لتفتحه وتهرب إلى الردهة مجدداً.
كانت قمر الليل في طريقها إلى الباب عندما امتدت ذراعه الطويلة لتلتف حول خصرها تشدها إليه.. ظلت للحظات مشلولة و مقطوعة الأنفاس ثم وجدت يده الأخرى وجهها وأمسك ذقنها ليجبرها على النظر إليه.. كانت ذراعه حول خصرها كرباط من حديد تسحقها عليه.. لم يكن هناك مجال لتجنب تهجمه عليها.
بقيت تاي للحظات عاجزة في ذلك العناق الشديد.. ثم شعرت أن شيئاً ما يومض في عقلها..ولم يعد بحاجة لأن يشدها إليه..لأنها كانت تضغط نفسها بكل إرادتها عليه.
دفعها بعيداً عنه، وقال بلهجة ملؤها التأنيب:
- الآن قولي لي إنك لا تريدين..قولي إنك ترفضين.. ولو فعلت لكنت كاذبة..أما زلت راغبة في إيقافي عند حدي؟
همست قمر الليل: ليس في الظلام.آه ليس في الظلام..أريد رؤية عينيك..رؤية لونهما، أنا لا أعرف لون عينيك..أرجوك ميردت أضئ النور.
عرفت أنها فأجاته بطلبها، لأن يديه استرختا عن خصرها وضحك قليلاً.
- فليكن..سأضي النور لتستطيعي رؤية عيني إذا ذلك يسعدك.
تركها وهذا ماكانت تأمله وما إن ابتعد عنها حتى تنحت جانباً ومدت يديها إلى خلفها وهي تتراجع إلى الجدار حتى لامست الخشب.
ثم أخيراً مدت يدها فوجدت مقبض الباب وما إن أضاء ميردت النور في الغرفة حتى فتحت الباب و أسرعت تعرج إلى الردهة.
لا جدوى من الخروج من الباب الأمامي في مثل هذه العاصفة الثلجية الربيعية إلى اليسار رأت درجاً أنيقاً يفضي إلى الطابق العلوي وما إن سمعت ميردت يرعد باسمها ووقع أقدامه تتعالى حتى أخذت تعرج متألمة وارتفعت الدرج.
- تاي..أين أنت؟ أين ذهبت بحق الله؟
نظرت إليه من فوق كتفها فإذا هو واقف في الردهة ورأسه مائل إلى جانب واحد يصغي لصوت تحركها، فتوقفت عن الصعود، وكتمت أنفاسها..كان قلبها يخفق بقوة حتى ظنت أنه يسمعه.
ولكنه دنا من غرفة الجلوس..فأطلقت أنفاسها الحبيسة وتابعت الزحف على الدرجات تاركة الظلمة المخملية تبتلعها.
لم تتقدم أكثر لأنها خشيت أن تصطدم بشيء..ثم أرادت أن ترى الردهة في الأسفل كي تعرف ماذا سيفعل ميردت، استندت إلى الدرابزين وراحت تلتقط أنفاسها وتصغي إلى خفقات قلبها فشعرت للمرة الأولى بشيء من المرح في الموقف، إنها أشبه بلعبة كانت تلعبها في صغرها..عمادها أن تغمض فيها عينا طفل ثم عليه أن يحاول إيجاد أكبر عدد من الأولاد وهم يرقصون ويغنون حوله.
استرعى انتباهها صوت من الأسفل وخرج كولت من غرفة الجلوس يلحقه ميردت.
توقف الكلب في أسفل الدرج ، ثم نظر إلى فوق و نبح بصوت منخفض..قال له ميردت شيئاً، فبدأ الكلب بصعد السلم، مد ميردت يده حتى وجد الدرابزين ، وبدأ يصعد الدرج متعقباً الكلب.
شهقت تاي:"آه..لا!".
هربت إلى الظلام الدامس معتمدة على حاسة اللمس وكانت تأمل أن تجد باباً يقودها إلى غرفة لتستطيع الاختباء فيها..صدمت أصابعها إطاراً خشبياً..وفي الوقت ذاته سمعت صوتاً آخر على الدرج.. وكأن أحدهم تعثر ووقع عن الدرج!
شهقت مجدداً:" آه..لا".

أدركت أن ميردت أخطأ في صعوده على الدرج ووقع، فهرعت حيث رأت كولت يقفز فوق الدرجات، وهناك في الأسفل كان ميردت ممدداً على الأرض بلا حراك.
شهقت مجدداً:" آه..لا".
نزلت الدرج ركضاً ناسية ألم ركبتها ولكن الكلب الجاثي قرب سيده نبح عليها مرة أخرى، وتجاهلت التحذير، مذعورة لأن مابد لها موقفاً مرحاً قد ينقلب إلى كارثة..رمت بنفسها على ركبتيها إلى جانبه، تئن بحدة بسبب اصطدام ركبتها اليمنى بالأرض.
صاحت يائسة:" آه! ماذا حدث؟ ماذا حدث؟ ".
أرادت أن تلمسه، لكنها كانت خائفة.
هل مات؟ كيف لها أن تعرف؟ آه! يالعجزها في أمور كهذه! إنها لا تعرف شيئاً عن أبسط مبادئ الإسعاف الأولي.. مالت فوقه، تفتش في وجهه.. فإذا النظارة السوداء ماتزال مكانها ..ستخلعها عنه لترى إن كانت عيناه مغمضتين أم مفتوحتين.
كانت يداها تهمان بنزع النظارة عندما تحرك بسرعة، وارتفعت ذراعه لتلتف حول كتفيها وتشدها فوقه، وهمس في إذنها:
- قبضت عليك!
لم تحاول الخلاص لأنها شعرت براحة غريبة..أدارت رأسها لتعبر عن هذه الراحة بمعانقته.
تأوه بصوت عميق فأسرعت تبتعد عنه ولكنها لم تستطع لأنه ظل يمسك بها.
لمست خده بأصابع لطيفة:
- ميردت..ماالأمر..هل أصبت بسوء؟
لوى رأسه من جانب إلى آخر:
- آه! رأسي..لقد ارتطم بالأرض.
- ولماذا وقعت؟ ماذا حدث؟
حاولت مجدداً الابتعاد عنه ولكنه ظل يمسك بها بقوة.
قال:" لقد تعثرت ..أحد أسباب وجود غرفة نومي في الأسفل هو عدم اضطراري إلى صعود الدرج..فأنا أجد صعوبة في تحديد ارتفاع الدرجات".
- إذن لماذا صعدت ؟
ارتفعت يده إلى مؤخرة رأسها، وتخللت أصابعه شعرها ليجبر وجهها على الاقتراب منه.
في هذه اللحظة اشتعلت مشاعر ما في كيانها واندفعت الحرارة في جسمها، ولكنها قاومت هذه المشاعر.
- لا، أرجوك..دعني.
- حسناً تاي..سيكون لك ماتريدين، لن ألمسك رغماً عنك..
توقف هنية ثم أردف: استخدمي غرفة نومي أما أنا فسأتدبر أمري.

وقف ثم راح يتمتم:
- ليتني أقتل نفسي.
شعرت بالرعب عندما سمعت كلماته فوقفت هي أيضاً ومدت يديها إلى ذراعيه وهزته مؤنبة:
- ميردت..لا تقل هذا.. ليس الأمر مضحكاً..
- لم أكن أحاول أن أكون مضحكاً..كنت أفكر في الخيارات منذ أخبرني بالحقيقة عن نظري.. وكان قتل النفس أحد الخيارات.
ارتفعت يدها إلى عنقه و التفت ذراعاها حوله:
- آه! لا، لا، يجب ألا تنهي حياتك فلن أستطيع تحمل هذا..
نهرها بشدة:"ابتعدي عني فأنا لا أريد شفقتك أبداً.
وخرج أما هي فراحت تحدق إليه وهو يتوارى بين جنبات هذه الظلمة المحدقة بهما.
أحست بالدوار يلفها و بتعب شديد فنهضت و توجهت إلى غرفته والألم يعتصر قلبها.


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-04-10, 02:02 PM   #9

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي


4 - العودة إلى عرين الأسد

تراقص شعاع من ضوء الشمس عبر نافذة الغرفة الشرقية التي حولها ميردت

لا يبتون إلى غرفة نوم له على جفني تاي المغمضين..
فاستيقظت للحظة..فكرت في إغماضهما مرة أخرى و العودة إلى النوم الذي

كانت تتمتع به.. على أي حال لا ضرورة للنهوض هذا اليوم.. فلاضيوف

في الفندق، ولن تضظر إلى مساعدة كينان في تحضير الفطور .. إذن لماذا لا

تعود إلى النوم؟
أغمضت قمر الليل عينيها ومددت ساقيها.. فلدغها شيء ما في ركبتها

اليمنى وكأنه دبوس مغروس فيها.
هبت من منامها وجلست بسرعة..فتذكرت ماحدث لها معها ليلة أمس وقت

العاصفة وتذكرت ميردت.
نهضت عن السرير وهي تفكر فيه: أين ميردت..ترى أين أمضى ليلته؟

تذكرت كيف تبعها من مكان لآخر قبل أن يسقط عن الدرج.. فابتسمت

لنفسها.
سمعت نباح الكلب في مكان ما في مؤخرة المنزل، فأرهفت السمع..أتسمع

حقاً أصوات أشخاص؟ أهي آتية من الداخل أم من الخارج؟
تذكرت فجأة أن ميردت قال لها إن الزوجين ماك كاب آتيان في الصباح..

ولاشك أنهما وصلا.
ياإلهي قد يدخل أحدهما في أية لحظة ليرى ميردت ولكنه سيفاجأ برؤيتها هي وعندئذ سيسيئان الظن، ويطلقان الشائعات وهذا آخر ما تريده.

أسرعت قمر الليل ترتب ثيابها ولكنها ألقت نظرة على ركبتها اليمنى فإذا

هي أسوأ حالاً من البارحة.
هبت على قدم واحدة ثم أدارت المقبض بهدوء، وفتحت و تسللت إلى

الردهة، وقفت للحظات تصغي، وسمعت صوت امرأة تتكلم في غرفة ما في

مؤخرة المنزل.
تحركت قمر الليل بأسرع قدر ممكن ودخلت إلى غرفة الجلوس، وهناك بدا

البيانو لامعاً أما النار في الموقدة فانطفأت وعم الرماد المكان..فوق الرف

الرخامي أعلنت الساعة السابعة.. وعلى أحد جانبي المدفأة ، وعلى الأريكة

التي كانت جالسة عليها ليلة أمس رأت ميردت ممدداً وظهره إليها..يغط في

نوم عميق، وتسألت هل توقظه أم لا.
تحرك ميردت..فهمست:" ميردت..".
- نعم.
- مدبرة المنزل هنا.. أرجوك استيقظ بسرعة واذهب إلى غرفتك.
جلس مستوياً وهو يتمتم لاعناً..رمى عنه الغطاء وأخذ الكنزة عن ذراع

الأريكة وارتداها ثم أمسك حذاءه من الباب ليتسلل إلى غرفته.
كانت تاي على وشك شد مداسها العالي الساقين حين سمعت وقع خطى من

الردهة، ثم اقترب الصوت من غرفة الجلوس ودخلت امرأة قصيرة ممتلئة

الجسم ترتدي سروالاً بنياً وكنزة مخططة شعرها رمادي، ووجهها مستدير

وممتلئ عافية.. عندما رأت تاي، اتسعت عيناها اللوزيتان من فرط الدهشة

وأوقعت مكنسة السجادة الكهربائية.
- ياإلهي! من أنت؟ وماذا تفعلين هنا؟.
أقفلت تاي سحاب مداسها العالي الساقين، ووقفت مبتسمة..إنها تعرف كيف

ستتدبر هذا الموقف.
قالت:" أنت بدون ريب بيلا ماك كاب، أخبرني ميردت أنك ستأتين في

الصباح لتنظفي المنزل، أنا تاي داتسام.. أختي تملك فندق نورثبورت..

علقت في العاصفة حين كنت أتمشى ليلة أمس ووقعت فآذيت ركبتي.. ولهذا

سمح لس ميردت بالبقاء ليلة أمس.. لم نستطع إخبار أحد أنني هنا لأن الخط

الهاتفي كان مقطوعاً.. وأنا مسرورة جداً لأنك جئت..كيف حال الطرق؟".
ضاقت عينا بيلا الصفراوين بريبة و تفرست في تاي:
- تبدو سيئة.. آذيت ركبتك هاه..؟ كيف؟
- تأذت عندما وقعت، وتورمت، ولم أعد أستطيع السير جيداً..هل تعتقدين

أن زوجك قادر على إيصالي بالسيارة إلى الفندق الآن أريد العودة..

فشقيقتي تكاد تجن بلا ريب من القلق.
- لا أدري إن كان قادراً الآن فهو في المطبخ يطعم الكلب.
التفتت إلى صينية القهوة وإلى الطعام الموضوع على الطاولة الصغيرة.
التقطت تاي قبعتها:
- شكراً لك..على فكرة..حساء السمك كان لذيذاً وكذلك الكايك

بالشوكولا.
وبدأت تقفز على قدم واحدة نحو الباب.. ولكنها سمعت بيلا تمتم شيئاً عن

النساء الفاسدات اللاتي يمضين الليل مع رجال غرباء.. أسرعت تاي نحو

المطبخ بحثاً عن جوزف ماك كاب على أمل أن يكون ودوداً.
إنه رجل طويل نحيل يرتدي سروالاً من الجينز السميك وقميصاً من

الصوف.. وجهه مستطيل وذقنه مدبب ولكنه لم يظهر دهشته عندما رآها..

أصغى لشرحها وهو يراقبها بعينين زرقاوين بارقتين.
قال ساخراً:
- حان الوقت ليجد ميردت امرأة أخرى، فمن غير المفيد لرجل مثله أن

يعيش بدون امرأة، ها أنت واثقة أنك تريدين العودة إلى الفندق؟
- كل الثقة.. يجب أن تعرف أختي أنني مازلت على قيد الحياة كما علي أن

أذهب إلى المستشفى لمعاينة ركبتي.. لقد آذيتها فعلاً.. وسأكون مسرورة إن

أقليتني.
- هل قلت لميردت إنك ذاهبة؟
- لا.. إنه نائم.. ولكنه يعرف أنني أريد الذهاب، لقد اقترح عليّ أن أطلب

منك إيصالي.
نظر إليها مفكراً:
- من غير الصواب أن تغادري قبل أن يستيقظ، سأذهب لأخبره.
خطا خطوة إلى الباب وقال:
- لا أريد أن أسبب لنفسي مشكلة لأنني أقليتك إلى نورثبورت بدون

معرفته.
- لكن سيكون كل شيء على مايرام..حقاً، أرجوك سيد ماك كاب..

فلنذهب الآن..أريد العودة قبل أن تبلغ أختي الشرطة أنني مفقودة.. ولن

يسبب لك هذا أية مشكلة لأنه لا يريد مني أن أبقى بل سيكون مسروراً

عندما يجدني راحلة.
- هل تعرفينه منذ زمن طويل؟
- لا..منذ الأمس فقط.. طلبت منه بالأمس استخدام هاتفه، ولكنه لم يرغب

في البقاء هنا، لذا لن يغضب إذا رحلت.
تنهد جوزف:" حسناً إذن.. أعتقد أن لا شأن لي بهذا".
ارتد على عقبيه، ومد يده إلى ماوراء الباب ليتناول سترته التي ارتداها

وغطى رأسه، وفتح الباب الخلفي:
- الشاحنة في الخارج، سيدتي.. راقبي خطواتك لأن الدرج منزلق.
وجدت تاي صعوبة في ركوب الشاحنة الزرقاء اللون بسبب ركبتها، ولكنها

استطلعت ذلك بمساعدة جوزف وماهي إلا دقيقة حتى انطلق.
خرجت الشاحنة من البوابة ثم انعطفت يميناً معتمدة انحناءة شارع بيكرنغ،

وما إن غير وجهته إلى " ماين ستريت" حتى ظهرت البيوت على الجانب

الآخر من الشارع.. كانت ألواحها الخشبية البيضاء تلمع إزاء الثلج الأبيض.
قال جوزف:" أعتقد أن الثلج سيزول بسرعة إن بقيت الشمس مشرقة

هكذا.. الحرارة مرتفعة..هل ستقيمين طويلاً في الفندق؟".
- لا أدري.
- أنا وميردت أبناء عمة.
- حقاً؟ كيف هذا؟
- كانت أمي خادمة في المنزل في عهد جوزف لايتبون، والد والد ميردت

وقد أنجبت ابنة جوزف فسمتها أمها جوزفين.. كانت أمي أخت جايسون و

ميردت لايتبون من جهة الأب وهذا مايجعلني ابن عمة والد ميردت هذا،

آمنت لوقت أنني سأرث الأملاك لأنني الشخص الوحيد من نسل جوزف

لايتبون..أو هكذا بدا لي.
- لابد أن أملك خاب حين وجدت أن جايسون أورث كل شيء لحفيده

أخيه.
- هذا ما أعتقدته حتى قابلت ميردت، قصدت المستشفى عندما كان فيها

لأتأكد إن كان فعلاً من عائلة لايتبون.. وما إن رأيته حتى عرفت أننا من

نسل واحد، فرغم عماه ورغم التشوه الذي أصاب وجهه كان صورة طبق

الأصل من جدي أنا ومن جده الأكبر جوزف لايتبون، وهو يشبهه في أشياء

أخرى.. يحب النساء ويجذبهن كما يجذب العسل النحل.. تعرفين ما أعني؟
تمتمت تاي:" أجل..أعتقد أنني أعرف".
أضاف جوزف:" حين رأيت صعوبة حالته لم أعد أشعر بخيبة الأمل لأنني لن

أرث الأملاك، أعتقد أنني فهمت أنه بحاجة إلى المكان أكثر مني..كان بحاجة

إلى مكان يذهب إليه..بيت يختبئ فيه حتى يسترد عافيته..فكان أن رتبت أمر

مجيئه إلى هنا، ثم رحت أعتني به أنا وبيلا كما كنا نعتني بجايسون لايتبون".
- إنه لطف منكما.
- هذا أقل ما أقدمه لشخص من لحمي ودمي.. أنا لا أحب من لا يساعد

أفراد عائلته.
- لكنني أعتقد أن هناك شخصاً ما عاش معه حين جاء، أخبرتني أختي أن

امرأة أقامت معه فترة.
رد بصوت ملؤه الاحتقار:
- تلك الساقطة! لقد ظهرت بعد انتقاله إلى هنا، يبدو أنها كان صديقته مرة

على أي حال ، أقامت معه فترة ..لا أعرف ماذا حدث ولكنهما تشاجرا

يوماً ورحلت، أظن أن ميردت لم يرغب أن تعيش معه.
- لا يبدو سعيداً جداً بما أخبره به الجراح عن نظره.
- وهل أخبرك عن هذا؟ يبدو أنه مال إليك إذن لأنه لايتحدث عن مشاكله

مع أحد.
سمعت قمر الليل صوت المكابح وتوقفت السيارة أمام مفترق الطريق..

انعطف جوزف بالسيارة إلى شارع تحف به الأشجار وماهي إلا لحظات قليلة

حتى أوقف الشاحنة أمام أكوام الثلج على مدخل الفندق.
قالت:" أشكرك لأنك أقليتني".
- أهلاً بك.. اعتني بنفسك.
ترجلت من الشاحنة ولوحت له مودعة، ثم أخذت تعرج في الطريق الداخلية

الضيقة التي نظفها أحدهم من الثلج حتى باب الفندق، ودخلت إلى الردهة

المكسوة الجدارن بالخشب، وأطبق عليها دفء المكان وجعلها تحس

بالترحاب.
نادت قمر الليل:" كينان..كينان..لقد عدت".
خرجت كينان مسرعة من المطبخ:
- شكراً لله، شكراً لله لأنك حية! أين كنت؟ ماذا حدث؟ مرضت من شدة

قلقي عليك.. ولم أنم لحظة ! خرجنا أنا وشاركي لنبحث عنك.
ولكن العاصفة كانت سيئة فعلقت سيارته بنا ونحن في الطريق إلى المنارة

فاضطررنا للعودة سيراً، آه! لا أعرف ما كنت سأفعل لولا بقاؤه معي!
- أنا آسفة..عرفت أنك ستقلقين، لكنني لم أستطع فعل شيء، أتري؟ لقد

آذيت ركبتي ولم أستطع السير، وكان هاتف ميردت لايتبون معطلاً..لذا لم

أستطع السير، وكان هاتف ميردت لايتبون معطلاً..لذا لم أستطع الاتصال

بك.
- ميردت لايتبون؟ كنت في منزل لايتبون؟
- أجل، كنت قريبة من منزله عندما وقعت وآذيت ركبتي..وكان المكان

الوحيد الذي أستطيع اللجوء إليه، لو كان لديه سيارة لحاولت الرجوع،

لكنه لايملك سيارة لأنه لا يرى.
- إذن كيف جئت إلى هنا الآن؟
- أقلني جوزف ماك كاب الذي يعمل عند ميردت.
تأوهت كينان:
- أوه..ياإلهي! سينتشر الخبر في كل القرية بأنك أمضيت الليل مع ميردت

لايتبون.. وسيظن الناس بك أسوأ الظنون.
- حسناً.. لم أستطع تجنب هذا ولم أسمع إلى أن أعلق في منزله بسبب

العاصفة.
- أعرف هذا.. تعالي إلى المطبخ لتناول الفطور و أخبريني ما خطب

ركبتيك.
ضمتها بحنان وتابعت:
- أوه..ليس لديك فكرة عن مدى شعوري بالراحة لرؤيتك! كانت محنة لك

بلا ريب كما كانت لي، أرجو أن يكون ميردت لايتبون قد أحسن أدبه معك

و عاملك معاملة لائقة.
- عاملني بفظاظة في البداية، ولم يسمح لي بدخول منزله لاستخدام هاتفه..

ولكن عندما أدرك أنني فعلاً مصابة أصبح من مهذب.
عرفت تاي ولحقت بكينان إلى المطبخ، وهناك في المطبخ وقف الرجل الرمادي

الشعر وصاحب الوجه النحيل.
وقالت كينان بشيء من الخجل:
- تاي.. أريد منك أن تتعرفي إلى شاركي سوبر.
قال شاركي وهو يصافح تاي:
- تسرني سلامتك..كنا نفكر في إخطار الشرطة بأنك مفقودة.. أعتقد أنني

قادر الآن على الذهاب إلى فناء المراكب..فقد آن لي أن أبدأ بالعمل.
تورد وجه كينان:
- أجل..أجل..بكل تأكيد .
مدت تاي ساقها اليمنى أمامها.. وأضاف شاركي:
- سأعود مساء..لنتكلم عن هذه الخرائط.
- شكراً شاركي.. وشكراً لك لأنك بقيت معي.
نظر إلى كينان نظرة لم تستطع تاي تجاهلها لأنها ذات مغزى.
- في أي وقت..أراك فيما بعد.
أقفلت كينان الباب وراءه بهدوء، ثم ابتسمت لنفسها واتجهت إلى الطباخ

لتشعل أحد رؤوسه وباشرت بوضع الزبدة في مقلاة، ثم سألت:
- أتأكلين البيض؟
- قد آكل منزلاً، هل من قهوة؟
- بالتأكيد.
تقدمت كينان لتصب القهوة في الكوب لأختها، ثم عادت إلى الطباخ.
قالت تاي:" إنه لطيف..".
ردت كينان وهي تصب المخفوق في المقلاة:
- من؟ ميردت لايتبون؟
- لا أيتها الحمقاء..بل شاركي سوير.. هل تحبينه؟
ردت كينان ببطء:
- لا أعرف..قد أحبه، ولكننا الآن مجرد صديقين.
- هكذا يجب أن تبدأ كل العلاقات الرومنسية.. بالصداقة.
سخرت كينان منها:
- أوه..اسمعوا من يتكلم! هل تتكلمين عن تجربة؟ أم من خلال ما قرأت من

قصص غرامية مؤخراً؟ أخبريني عن ركبتك.
فهمت تاي أن كينان لا تريد مناقشة أمر صداقتها بشاركي سوير فأغرقت

بالحديث عما أصاب ركبتها، ثم قررتا الذهاب إلى القسم الخارجي في

المستشفى ما إن تنهي طعامها وتغير ملابسها.


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-04-10, 02:05 PM   #10

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

أخذتها كينان بسيارتها إلى المستشفى، حيث فحصها الطبيب المناوب وطلب

صورة أشعة لركبتها.. وأظهرت الأشعة شقاً برفع الشعرة قال الطبيب إنه

سيشفى بسرعة طالما لا تسير على قدمها اليمنى كثيراً.
قال:" سأضع لك جبساً لئلا تحركيها..لكن إن كنت مستعدة لإطاعة

تعليماتي فلا ضرورة إلى هذا، أريحيها قدر المستطاع، وإذا اضطرت إلى السير

استخدمي عكازاً..عودي بعد أسبوع لألقي نظرة عليها".
سرت قمر الليل لأن إصابتها غير خطيرة..بعد ذلك ذهبت مع أختها إلى

الصيدلية المحلية فاستأجرت عكازين طبيين، ثم عادتا إلى الفندق.
مرت الأيام ببطء وبدون أحداث تذكر، في البداية سرت تاي بالاستلقاء في

الصالون وساقها مرفوعة و لتسلي نفسها راحت تقرأ أو تعزف على

الكلارنيت.. وكانت أختها تجالسها حين تكون غير مشغولة بالطبخ للزائرين

المحليين الذين يأتون خلال الأسبوع للغداء أو العشاء في مطعم الفندق.
لكن مع مرور الوقت أصبحت أقل اهتماماً بالقراءة، ووجدت نفسها غارقة

بالتفكير في ميردت لايتبون الذي بدأ يغزو عقلها وكيانها كله.
كيف هو؟ ماذا يفعل؟؟ هل ستراه مجدداً؟ هل يفكر فيها و يتساءل عما إذا

كان سيراها مجدداً؟
لاشك أنه نسي كل شيء عن تلك الغريبة التي أوت في منزله ليلة.. بل لربما

نسي أنها باتت في منزله.. ويجب أن تتعلم هي كذلك أن تنسي.
ولكن هل هي قادرة على نسيانه؟ أو نسيان ذاك التجاذب الذي شدها إليه

بشكل غريب؟
آه يجب أن تنسي..يجب..أم لعلها ستعود إليه راكضة ما إن تشفى ركبتها؟
نادتها كينان من الطبخ :" تاي..؟ اتصال هاتفي لك، استخدمي الجهاز الآخر

عندك".
- لي أنا؟
فجأة عرقت يداها وارتجفتا واحترقت وجنتاها..أيكون ميردت هو المتصل

أخيراً؟ أتراه يريد أن يسألها عن سبب رحيلها قبل أن يراها؟
- من المتصل؟
- دون بور تلاند.
كانت خيبة الأمل موجة باردة طافت فوقها، مدت يدها إلى الهاتف والتقطت

السماعة لتتكلم.
قال دون إنه يتصل بها ليذكرها أن المجموعة الموسيقية ستلتقي في منزله ذلك

المساء وإنه سيكون مسروراً بحضورها ووعدته تاي بهذا، فشكرها و أنهى

المكالمة.
أقلتها كينان إلى منزل بورتلاند وهو منزل على شكل كوخ في شارع باي

الشرقي يطل على مصب النهر وعلى التلال الخضراء القريبة من الشاطئ..

في غرفة الجلوس شاركت تاي مقعداً مزدوجاً مغطى بالمخمل مع شاب اسمه

كرايغ روغان يعزف " الشيلو".
قال دون:
- الليلة أحب أن نناقش مستقبلنا..آمل أن تتمكن العضوة الجديدة من

تقديم بعض الأفكار و البدائل، وأنا مسرور بأن أخبركم أننا وجدنا عازف

شيلو أخيراً، وبه يكتمل القسم الوتري من الفرقة..وبهذا تكون على استعداد

لتقيم حفلة موسيقية في الشهر القادم، أي في أول حزيران.
وهذا يعني أن أمامنا شهراً فقط للتمرين وعلينا في هذا الوقت إيجاد مكان

مناسب للحفلة..لقد تفقدت الكنائس الثلاثة في القرية ولكنني لم أجد أياً

منها.
تبع هذا النقاش طويل و سأل أعضاء الفرقة دون أي نوع من الأماكن يراه

موقعاً ممتازاً للحفلة، عندما كانت تصغي وجدت تاي أنها تذكر الغرفة

الطويلة و النوافذ الطويلة التي تتفتح على الشرفة المطلة على الخليج و التلال

الكندية.. ما إن توقف النقاش قليلاً حتى مالت إلى الأمام تقول:
- في منزل لايتبون بيانو "شينواي" كبير وجميل.. وفيه أيضاً غرفة طويلة هو

الكراسي للمستمعين.
نظر دون إليها بحدة من عينين بنيتين صغيرتين:
- هل رأيتها؟ هل كنت في ذلك المنزل؟
- أجل.. كنت هناك.. أظنه مكاناً رائعاً لإقامة حفلة موسيقية.. في الواقع

بسبب كل تلك الغرف و بسبب الأرض المحيطة، يمكن تطوير المكان وجعله

مركزاً ثقافياً صيفياً.
- تقصدين شيء مثل مركز "وولف تراب"؟
مال جاد باشيمو إليها وعيناه تبرقان بحماس:
- هذا ماكنت أحلم به لمثل هذا المنطقة، ولهذا بدأت بتجميع المجموعة

الموسيقية.
هزت تاي رأسها:" أجل، شيء مثل "وولف تراب".
تعرف جيداً المركز الذي يقدم الفنون التي يعود ريعها للوطن، والواقع أنها

عملت هناك مع برنابي في أحد مواسم الصيف في أوركسترا للآلات النفخية.
قال فايكلاند:
- ولكن الأملاك في بيكرنغ بوينت هي سكن خاص، أما الرجل الذي يملكها

فشخص لا يمكن الاقتراب منه في الوقت الحاضر..لا أتصور ميردت لايتبون

يسمح لأي منا بدخول المكان، إنه منعزل كلياً عن العالم.
نظر إلى تاي باستغراب:" كيف تعرفين شكل المكان في الداخل؟".
ردت قمر الليل ببرود:
- كنت هناك يوم الاثنين الماضي.
سألت كولييت ليستر وهي عضو جديد في المجموعة:
- ميردت لايتبون؟ هل هو الرجل عينه الذي صور الفيلم الوثائقي عن

القتال في الشرق الأوسط؟ ذلك الذي فاز بجائزة أفضل فيلم وثائقي إخباري

منذ بضع سنوات؟
قال تود:" هو نفسه".
صاحت كولييت بانفعال:
- لم أعرف أنه يعيش في نورثبورت..
ارتدت نحو تاي:
- هل تعرفينه جيداً؟
- لا..لا أعرفه جيداً.
قالت شيلا فايكلاند:
- أوه.. عنت لي فكرة عظيمة..إن استطعنا إقناع ميردت لايتبون بتقديم

المكان لنا فقد يستطيع أن يصور الحفلة لتبث عبر شاشة التلفزيون.
قال زوجها : إنه أعمى.. وقد ولت أيامه.. من الأفضل أن ننسى الفكرة..

فكما قلت إنه رجل منعزل كثيراً.
نظر جاد إلى تاي:
- لا ضرورة من سؤاله.. أنت تعرفينه، فهل أنت على استعداد لتسأليه؟
نظر دون إليها أيضاً بلهفة و أمل:
- هل تكلمينه؟ فمن خلال ما قلته لنا يبدو لي المكان مثالياً.
- أعتقد أنني أستطيع الذهاب لرؤيته.
قال جاد بحماس:" عظيم".
سألت قمر الليل :" لكن..متى تريدون نعرفة الجواب؟".
- قبل نهاية الشهر طبعاً.. ولكننا في هذا الأثناء سنتابع التفتيش عن مكان

مناسب آخر .. والآن قبل التمرين.. أرغب في مناقشة أمر إضافة القطع

الجديدة التي تشملك تاي و تشمل كولييت.. لديكما بكل تأكيد قطعاً

موسيقية مفضلة مكتوبة للآلات النفخية تحبان عزفها بمصاحبة بيانو أو آلة

وترية.
مضت الأمسية في الحديث و العزف، خلالها قدمت زوجة دون القهوة و

الكايك وقبل منتصف الليل غادر الجميع وكان أن أقل جاد ياشيمو تاي

بسيارته.
ما إن دخلت إلى الفراش، حتى استلقت مستيقظة تتساءل عنا زجت به

نفسها عندما عرضت أن تسأل ميردت ما إذا كان راغباً في تقديم غرفة

الجلوس في منزله للفرقة الموسيقية.. من أين أتتها الفكرة؟ هل أوحى لها بهذه

الفكرة عقلها الباطني لتتخذ من الأمر حجة حتى تراه مجدداً؟
لكنها لن تستطيع هذا.. لن تستطيع الذهاب إليه وطرح السؤال عليه وجهاً

لوجه لذا ستتصل به أولاً..
في الأيام التالية ظلت مترددة وكانت تحفظ عن ظهر قلب ما ستقوله له..

ولكنها كلما التقطت السماعة خانتها شجاعتها فتعدل عن الأمر.
زارت المستشفى لتعاين ركبتها مجدداً وبعد صورة أشعة أخرى تبين لها أنها

تتحسن بشكل جيد، ونصحها الطبيب بالسير عليها على ألا ترهقها بالسير

كثيراً.
مرت أيام أخرى وحلت نهاية أسبوع، ومعها جاء الزائرون إلى الفندق .. وفي

هذا اليوم جاء دون وجاد فسألاها ما إذا اتصلت بميردت لايتبون، ترددت

قمر الليل في الإجابة ثم وعدتهما بالاتصال به غداً.
وجاء الغد وظلت مترددة.. عندئذ أسرت لكينان بمسألة الذهاب لسؤال

ميردت عما إذا كان يرغب في تقديم غرفة الجلوس في منزله للفرقة.
قالت كينان ساخرة:
- أنت مترددة لأنك خائفة من الذهاب إلى الأسد في عرينه..لماذا أنت خائفة

منه؟
- أنا لست خائفة منه.. لكنني لا أريد أن يعتقد أنني أحاول الاستفادة من

تعارفنا القصير..آه! ليتني لم أقترؤح هذا..لماذا أقحمت نفسي بهذا كينان؟

لماذا أزج نفسي دوماً في مواقف مربكة؟ لماذا لا أتعلم إطباق فمي؟

- لأنك متهورة وكريمة و لأنك تظنين دائماً أن بإمكانك المساعدة.
نظرت كينان إلى أختها باستغراب:
- ربما تريدين في عقلك الباطني مساعدة ميردت لايتبون و إخراجه من عزلته

يجعله يهتم بالمجتمع الذي جاء ليعيش فيه، فطالما ساعدت الكلاب المصابة.
- أجل..هذا صحيح.. وسيكون هذا جيداً له لأنه سيمنحه ما يفكر فيه بدل

التحسير على إعاقته، سأتصل به الآن.
سخرت كينان: هذه أختي التي أعرفها، إنها لا تخاف رجلاً ولا وحشاً..

تذكري..لن يستطيع أن يعضك عبر الهاتف..يمكنه فقط أن يزأر.. وإن فعل،

يمكنك إقفال الخط و المحاولة مرة أخرى حين يكون أكثر رقة، وفي مزاج غير

منعزل كثيراً.
لم تستطع تاي الوصول إلى ميردت حتى وقت متأخر من بعد الظهر..ثم رن

الهاتف ست مرات قبل أن يرد.
- آلو..من المتكلم؟
صوته أجش وفاتر، بذلت جهدها لئلا تشعر بالأحباط.
- ميردت..أنا تاي.
سأل بحدة:"من؟".
آه! ياإلهي..لقد نسيها!
- تاي داتسام..ألا تذكرني؟ علقت في منزلك يوم العاصفة الثلجية منذ

أسبوعين..واضطررت إلى قضاء الليل في منزلك.
ران صمت طويل على الجهة الثانية من الخط..صمت طويل.. فبدأت تتساءل

عما إذا كان معها على الخط وعندما تكلم أخيراً، قال بصوت منخفض

رقيق:
- أذكر..أذكر أنني استيقظت ولم أجدك..ماذا تريدين؟
قالت:" لي عندك طلب".
ابتلعت ريقها.. فلسبب ماكانت حنجرتها جافة جداً.
كرر بصوت أجش:
- طلب؟ لنفسك؟ ماذا تريدين؟ مالاً؟
-آه!لا..لا! كيف لك أن تفكر في هذا؟ يالعقل كهذا! إنك شخص كثير

الريبة..ليتني لم أتصل بك..
قاطعها بفظاظة:
- لماذا لا تقفلين الخط إذن..سأقفله أنا.
سمعت طقطقة في الجهة الثانية من الخط، وران الصمت.. أعادت السماعة

بغضب إلى مكانها ونظرت إلى الهاتف للحظات وراحت تنعت ميردت لايتبون

بشتى الأسماء البذيئة التي طالعتها، ثم وقفت وتوجهت الى المطبخ حيث كانت

كينان تعجن الخبز للعشاء.
- أقفل الخط في وجهي.. ظن أنني سأطلب منه مالاً! آه! لم ألتق قط شخصاً

مثيراً للسخط مثله..
سألت كينان بطريقتها الهادئة:
- وماذا ستفعلين الآن عن الأمر؟
- لا.. أبداً!هلا أعرتني سيارتك لأذهب إليه.. سأكلمه وجهاً لوجه.
- هذا جيد لك.. أما السيارة فاستخدميها ياأختي متى أردت.
لقد ولى شهر أيار وحل شهر حزيران الذي قلب حال حدائق المنازل بشكل

عجيب، فهاهي أزهار النرجس و الزنابق تتهادى مع النسيم القادم من البحر،

وبدأت براعم كل الأزهار تخرج إلى الحياة من جديد.
كانت طريق منزل لايتبون الداخلية تلمع كالذهب في الأماكن التي تمكنت

الشمس فيها من اختراق الصنوبر وبدا المنزل ذاته مشرقاً بسبب انعكاس

أشعة الشمس عليه و مختلفاً جداً عن آخر مرة رأته فيها.
ارتقت قمر الليل الدرج العريض القصير ثم رنت جرس الباب..من الداخل

سمعت نباح كلب، ثم سرعان ماتوقف، لكن الباب لم ينفتح، فرنت مرة

أخرى فتعالى النباح من جديد ولم ينفتح الباب.

تمتمت قمر الليل لنفسها:
- ميردت لايتبون.. لايمكن أن تخدعني.. أعرف أنك هنا.
لم يكن الباب الأمامي مقفلاً بالرتاج لذا تمكنت من دفعه لينفتح، إنما بحذر

شديد لئلا تثير كولت عليها.. ولكن ويالدهشة لم تجد الكلب في الردهة،

وتمكنت من الدخول دون إعاقة.
أغلقت قمر الليل الباب وراءها بهدوء ثم وقفت لبضع لحظات وهي

تصغي..كان المنزل مقارنة بالمرة الماضية غارقاً بالأنوار وهو صامت صمتاً

مطبقاً فلا ريح تئن ولا حطب تتآكله النيران.
نادت:" ميردت..ميردت..هذا أنا ..تاي".
جاءها صوت عواء الكلب من مؤخرة المنزل لكن كولت لم يظهر في الردهة،

فظنت أنه محبوس في المطبخ لذا ينبح.
لم تسمع رداً على ندائها، فتحركت نحو مدخل غرفة الجلوس الكبيرة..كانت

أشعة الشمس تتدفق من النوافذ الغربية، وتلمع على الخزائن الزجاجية وعلى

البيانو المشع بلون وردي.. وكانت الأرض السنديانية الخشب تلمع بلون بني

ذهبي.. وبدا رخام المدفأة شاحباً.
أحست تاي أكثر من ذي قبل، أن الغرفة الرحيبة الأميقة موقع ممتاز لحفلة

موسيقية صغيرة.. وكادت تسمع صوت البيانو والآلات الوترية وهي تعزف

موسيقى"براهمز" وهي تعزف على الكلارنيت.
لم يكن ميردت في الغرفة، بل لم تجد مايدل على أنه دخل إليها هذا اليوم..

كانت نظيفة لاغبار عليها.
نادت حين عادت إلى الردهة:
- مرحباً..ألا أحد هنا؟
نبح الكلب من جديد.
كان باب غرفة ميردت مقفلاً..أتراه فيها؟ دنت تاي من الباب تدقه بحدة، ثم

أدارت المقبض ودفعت الباب لتنظر إلى الداخل فإذا السرير مرتب و الأثاث

نظيف وميردت غير موجود هناك.
أقفلت الباب وتسمرت مرة أخرى، ثم سارت في الممر إلى المطبخ.. فنبح

الكلب وسمعته يضرب بمخالبه الباب من الناحية الأخرى فدقت الباب بيدها.
- ميردت لايتبون..هل أنت هنا؟
نبح الكلب لأنه غير قادر على الخروج من المطبخ.. ولم يجرؤ على فتح الباب

خشية أن يقفز كولت عليها، شعرت بالإحباط وبدأت تعود أدارجها..ثم

فجأة انفتح باب المطبخ، وظهر ميردت فيه مشعث الشعر يخبئ عينيه المحاطتين

بظلال سوداء.
قال بقسوة: ياإلهي! ألا تتراجعين أبداً؟ لماذا جئت إلى هنا؟ ماذا تريدين الآن؟
رأته ..طويلاً..عريض المنكبين يرتدي كنزة وسروالاً من الجينز فأثر منظره

عظيم الأثر فيها.. أحست قمر الليل فجأة وكأن ساقيها أصبحتا رخوتين،

فوضعت يدها على الجدار لتدعم نفسها.
همست: جئت..أراك وأسألك ماكنت سأسألك إياه عبر الهاتف..لكنك ..

أقفلت الخط بوجهي.
تحرك فجأة وأقفل باب المطبخ وراءه، فأنّ الكلب لأن سيده ابتعد عنه.
بعدما أقفل الباب عاد الممر إلى ظلمته أما ميردت فدنا منها، ثم توقف أمامها

ورفع يده ليلمس وجهها..ثم تحركت أصابعه إلى صدغها، ثم اندست في

شعرها.
تمتم بصوت غريب ونظر إليها عبر نظارته السوداء:
- أنت حقيقية إذن.
أخذت أصابعه الحرية في مداعبة خصل شعرها الحريري ثم تعمقت فيه، تشده

وكأنها لا تشبع منه.
قالت بصوت مرتعش:" أجل ..أجل..أنا حقيقية". بدأت مشاعر غامضة

تتسابق في أعصابها، وسرت الدماء حارة في قلبها، فردت:
- آه..أجل..أنا حقيقية..حقيقية جداً.
رفعت نفسها إليه ووضعت يديها على صدره، ثم رفعتهما إلى كتفيه..وارتفع

وجهها نحوه بملء إرادتها.


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:27 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.