آخر 10 مشاركات
[تحميل] مهلاً يا قدر ،للكاتبة/ أقدار (جميع الصيغ) (الكاتـب : Topaz. - )           »          السرقة العجيبة - ارسين لوبين (الكاتـب : فرح - )           »          بين الماضي والحب *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : lossil - )           »          لاجئ في سمائها... (الكاتـب : ألحان الربيع - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          آنا (54) للكاتبة: ساندرا مارتون (الجزء الخامس من سلسلة الأخوة أورسيني) .. كاملة .. (الكاتـب : Gege86 - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          متى تحضني عيونك اذا هذي العيون اوطان ؟ , متميزة"مكتملة" (الكاتـب : توآقهَ ♥ لِــ ♥ لُقّياكـْ - )           »          رواية حبيبتي (3) .. سلسلة حكايا القلوب * مكتملة ومميزة * (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          فرصة أخيرة -ج 2حكايا القلوب-بقلم:سُلافه الشرقاوي[زائرة]كاملة &الروابط* (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات عبير العام > روايات عبير المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-06-10, 01:18 PM   #21

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي


صرخة مدوية


مرت ثلاثة أيام قبل أن يخرج غلين مع كاترين لركوب الخيل ، ثلاثة أيام قضاها في فراشة ن ماعدا ساعات المساء فقط حيث كان ينضم فيها إلى بقية أفراد العائلة على مائدة العشاء ، أو في غرفة الجلوس ، وأما كاترين فكانت تجد سلوى في رفقة ماريا في المطبخ تستمع إلى حكايتها المثيرة الجميلة 0
غير أنها بعد ظهر أحد هذه الأيام ، رافقت بن فريزر في جولة في أنحاء الطابق الأرضي وهو يحكي لها تاريخ العائلة ، أخذا ينتقلان من غرفة إلى أخرى ، وهي في حالة من الذهول أمام فخامة وأناقة ما ترى ، والواقع أن كاترين لم تعرف عدد الغرف التي مرت بها ، ولم تستطع أن تقدر المساحات التي بنيت عليها ، وجميعها لا تقل رحابة ، وزخارفها لا تقل جمالاً عما سبق ورأته من أجزاء المبنى ، وعجبت في نفسها ، وتسألت لم كل هذه القاعات ، ولم كل هذه الغرف ؟!!
كان بن قد قرأ أفكارها فقال وهما لم ينهيا جولتهما بعد :
(( في الواقع ، لم يكن من الضروري بناء جميع هذه الغرف ، ولكن ماكدونالد أراد أن يبني أكبر وأفضل بيت في الجوار ، وهذا ما فعله ))
مرا بغرفة خاصة للموسيقى ، مزخرفة بأجمل الزخارف وأتقنها 0في وسطها بيانو فخم لم يفقد رونقه ولمعانه ، وفي إحدى الزوايا قيثارة كأنما لم تمسها يد 0
مر بن بأصابعه على مفاتيح البيانو ، وقال وفي صوته نغمة حزن عميق :
(( مارغريت اعتادت أن تعزف عليه كثيراً ، ولكن بعد ولادة أنجس وجيرد، لمتعد تملك الوقت الكافي لذلك ))
شعرت كاترين بأن جيرد احتفظ بهذه الغرفة كما هي لذكرى أمه ، ولما نظرت إلى بن رأت ملامح أسى دفين ترتسم على وجهه0
وصلا إلى غرفة المكتبة ، فكانت كبقية الغرف باتساعها وزخارفها وترتيبها وفخامة أثاثها ، ألقت كاترين بنفسها على إحدى الأرائك طلباً للراحة ووقف بن قبالتها يتكئ على حافة مكتبة تغطي الجدار صفت فيها الكتب من الأرض حتى السقف 0 ثم قال :
(( في هذا المكان يقضي جيرد معظم وقته ، هذا إذا لم يكن في غرفته التي يخلو إلى نفسه فيها ))
سحب من بين الكتب مجلداً ضخماً وأخذ يقلبه بين يديه ، وقال :
(( لقد اشترى ماكدونالد هذا المجلد لأنجس ولدي الأكبر ، لقد كان صياداً ماهراً ، وكان يسعده الخروج للصيد في كل الأجواء 0))
ومرة أخرى مرت سحابة حزن على وجه بن 0 واستمر في الكلام ، واستمرت كاترين في الإصغاء إلى حديثه ، ولكنها فجأة لمحت جيرد من خلال النافذة 0
فوقفت مسرعة وتراجعت تخفي نفسها وراء الستائر المخملية ، لئلا يظن أنها أخذت حريتها أكثر مما يجب 0 أما بن فإنه لم يلمح ولده الأصغر وتابع :
(( انجس قتل ، الطائرة التي كانت تقله سقطت في الغابة ، على الجهة الشمالية من هنا ، في طريق عودته من رحلة صيد ، مسكين انجس 00))
لم يدخل جيرد إلى الغرفة ، ويبدو أنه صعد مباشرة إلى سريره ، أما هما فقد أكتفا بهذا القدر من التجول ، وافترقا كل إلى غرفته0
أصبح الهواء عليلاً ، والشمس دافئة ، مع إطلالة صبح اليوم التالي ، وحالة غلين تسمح له بالخروج برفقة كاترين لركوب الخيل 0
كان الإسطبل قريباً من مساكن العمال ، ولكن قلة منهم كانوا قد خرجوا في ساعات الصباح ، رأت كاترين اثنين من العاملين هناك ، فصاحا يحييان غلين ، وقام غلين بمصافحتهما وتقديم كاترين إليهما ، وقال أحدهما :
((لقد سمعنا بما أصابك ، ولكن يبدو أنك عوفيت تماماً ، فإن دماء ماكدونالد تجري في عروقك ، ولن يستسلم أي ماكدونالد!))
(( أني مسرور لسماع ذلك ، هل فو قريب من هنا ؟ أريد أ، أعرفه على فالنتينا ))
رأت كاترين أنهما كانا مولعين بغلين ، وبعد أن ودعهما ، قادها إلى مبنى وجدا فو في المطبخ فتبادلا معه التحية ، وبينما كانت كاترين تلقي نظرة على الغرفة التي يتناول الرجال فيها طعامهم ، أخذ فو يشرح لها بعض الأحداث التي تجري هناك ، فقال :
(( يسكن هنا خمسون عاملاً ، بعضهم يعيش مع أهله ))
تعجبت كاترين :
((كنت أحسب أن جميعهم يعيشون مع عائلاتهم في هذه البيوت ))
قال غلين :
((كانوا يفعلون ذلك منذ سنين ، لكن جيرد حفاظاً على سعادة وراحة عماله ، ترك لهم حرية العيش أينما يريدون ، كي يتمتعوا بأوقات فراغهم على فراغهم على النحو الذي يشاؤون ))
(( أن جيرد يقدر على ذلك ))
قال فو باعتزاز :
(( جيرد رجل بكل معنى الكلمة ، فهو يستحق أن يكون حفيد ماكدونالد ))
قال غلين معلقاً :
(( فو يحب جيرد ويخلص له ، فقد أنقذ حياته ذات مرة من الغرق ))
وأضاف فو :
(( فعلاً ، أنقذ حياتي من الغرق ، أو الموت برداً ، وخاطر بحياته من أجلي ، مع أنه كان من الممكن أن يتجمد مثلي ))
لم يرض غلين بالحصان الذي قدمه له تروي ، ذلك الشاب اليافع الذي لاقاهم في المطار ، وألح على ركوب حصانه برنس ولكن تروي قال :
((إن جيرد هو الذي حدد لي أي حصان أعطيك ، وللآنسة فالنتينا ))
(( أنا لا أبالي بما يقوله جيرد ، أريد برنس ، أين برنس ؟ ))
(( لقد ركبه جيرد هذا الصباح ))
قال غلين غاضباً :
(( لا بأس ، سوف أركب بيكر ، ولكن أخبر جيرد ، أنني لست مبتدئاً ، ولو كنت أعمى ))
كان الصبح رائقاً ن والشمس ترتفع تدريجياً إلى كبد السماء ، تلوّن الجبال البعيدة بريشتها الذهبية ، فتبدو كسلاسل من الذهب الخالص 0
قال غلين لكاترين وحصانهما يسيران جنباً إلى جنب :
((آسف على تصرفي ، لكن مثل هذه الأمور تقلب كياني ))
(( لا تبالي غلين ، والآن أعلمني إلى أين نذهب ، فالمساحات شاسعة ، ولا أستطيع أن أقرر وحدي ))
(( حسناً ، هل ترين تلك الجبال التي تقع على يسارنا ؟ إنها تبدو قريبة ولكنها في الواقع بعيدة جداً ))
(( إنها تبدو غاية في الجمال ، أليس كذلك ؟ ))
وتمنت كاترين لو قُطع لسانها قبل أن تعطي مثل هذه الملاحظة ، ولكن غلين أخذ الأمر بروح طيبة وأضاف :
(( أظن أنها أجمل جبال في الدنيا ، ولكن إضافة إلى بعدها فهي خطيرة جداً ))
(( إني أتوقع ذلك ، إلى أين نذهب ؟ ))
حوّل غلين رأسه وقال :
(( من جهة اليمين ، - إذا لم أكن مخطئاً – هناك غابات كثيفة الأشجار ، شاسعة المساحة ن ثم تنحدر بشدة إلى واد ضيق عميق ، وهناك تشاهدين الشلالات التي أعطت منطقتنا اسم شلالات موز ))
(( ولكن غلين ، أليس هذا خطراً علينا أيضاً ؟ ألا يمكن أن نتجول فقط في هذه المراعي الفسيحة ؟))
(( ماذا ؟ أميال وأميال من المراعي ، و الآف من المواشي ، فهل هذا كل ما تريدين رؤيته ؟ ))
(( لا ليس هذا كل ما أريد رؤيته ولكن هذه أول مرة نخرج فيها ، وأمك 000))
قاطعها بغضب :
((أمي ، أمي متى تحافظ على وجودي إلى هذا الحد ؟ كل ذلك من أجل جيرد ، هو يريدها أن تعنى بي ، ولذا فهي تفعل ما يريد ، وهذا كل ما في الأمر ))
(( آه غلين , أنا متأكدة 00))
(( متأكدة من ماذا ؟ أنها أم صالحة ؟ أنها تهتم لما يحدث لي ؟ فالنتينا ، هي فقط تريد جيرد ، وهي مستعدة لتفعل أي شيء ممكن لتتزوج منه ، دعينا نمضي الآن ))
حرك غلين حصانه إلى الأمام ، وتبعته كاترين ثم تقدمته تشق الطريق ، فرأت الأرض تزداد وعورة كلما توغلا إلى داخل الإحراج ، ثم إلى المنحدرات التي تؤدي إلى الوادي ، كما كانت الأشجار تزداد كثافة فضاق الممر الذي يعبرونه 0
أطلت كاترين من فوق ، فأذهلها مشهد بحيرة تترجرج مياهها لامعة تحت ضوء الشمس الفضي ، وخرير المياه التي تتدفق من فوق الصخور ، وعندما بلغا مكانا فوق الشلال مباشرة ، وقفت مسحورة أمام هذا الجمال الأخاذ 0
سمعت غلين يقول :
((شلالات موز ، كم كنا نسبح في الصيف في هذه البحيرة ، دعينا ننزل إليها ))
((لا ، لا، يا غلين ، الطريق صعبة جداً ، إلى هنا ويكفي اليوم ن دع ذلك إلي يوم آخر ، فأنت لا شك متعب الآن ))
(( أنا بخير فالنتينا ))
أصر غلين على الاستمرار في الرحلة ، فهمزت الحصان بقدمها تحثه على المسير 0
أصبحت الطريق أشد انحداراً عندما اقترب من القاعدة ، وأشعة الشمس لم تعد تجد لها منفذاً من بين أوراق الشجر الكثيفة ، ورائحة العفن تنتشر في كل مكان من النباتات الكثة الرطبة 0
كانت كاترين كلما تقدمت قليلاً تلتفت لتراقب غلين بكثير من الخوف والقلق ، وإذا بها تجد نفسها ترتفع عن ظهر جوادها ، عالقة بأحد الأغصان القاسية الناتئة عرض الممر 0
صرخت بأعلى صوتها وهي تسقط عن صهوة الجواد على ظهرها ، فوق النباتات الندية الشائكة ، وسقط فرع الشجرة بعنف على وسطها ، غابت عن وعيها لبضع ثوان ن ولما جاءها صوت غلين المضطرب منادياً ، لم تستطع أن تجيبه0
كرر غلين النداء ، ولكن بلا مجيب ، نزل عن ظهر حصانه ، وأخذ يتلمس الأرض بحثاً عنها وهو يصيح :
(( فالنتنا ؟ أين أنت ؟ ما الذي أصابك ؟ ))
ولما وجدها جثا بقربها وتناول يديها بين يديه بحب وحنان ، حاولت التكلم و بصعوبة خرجت الكلمات متقطعة من بين شفتيها وقالت :
(( أنا 000أنا بخير غلين ))
(( هل أنت حقاً بخير ؟ كان من الممكن أن يدق عنقك ، إنها غلطتي ، ما كان علي أن أجبرك على النزول ))

استطاعت كاترين الجلوس ، وحركت جسمها ، فاطمأنت أنها على الأقل لم تصب بكسور ، ثم تناولت الشعر المستعار الذي سقط عن رأسها وثبتته مكانه ، وقالت :
((غلين لا تكن أحمق ، لست المسؤول عن ذلك ، هيا بنا ألان نعود إلى البيت ، وإني آسفة إذ قطعت عليك هذه النزهة ، ومن جهتي ، اطمئن فسوف أكون بخير عندما أغتسل وأبدل ثيابي ))
ضحكت كاترين من نفسها وهما عائدان ، لأنها هي التي سقطت وليس غلين ، وتأكدت أن هذا سيفرح ليزا ، وتمنت ألا تراها وهي على هذه الحالة ، وألا يراها جيرد أيضاً وهذه الأوحال تغطي ثيابها 0
تجاهلت كاترين ألآمها وسمحت لغلين أن يتكئ عليها طوال الطريق من الإسطبل إلى البيت ، وقالت في نفسها : كان يجب ألا أستجيب لإلحاحه وشعرت لو أنها رفضت النزول على الوادي ، لكان قد تخلى عن ذلك وما أجبرها عليه 0
رأتهما ماريا عندما دخلا البيت ، ولكنها لم تعلق على مظهر كاترين الملطخ بالأوحال ، ودعت غلين ليرافقها إلى المطبخ ويتناول فنجان من القهوة ن بينما ذهبت كاترين لتغتسل وتبدل ملابسها 0
خلعت ثيابها بصعوبة ، فقد كانت جميع أعضائها تؤلمها ، بالإضافة إلى البرد الذي تسلل إلى جسمها من خلال ملابسها المبتلة ن فكان الحمام الساخن بلسماً شافياً لجروحها ورضوض ظهرها ، وأسلمت عينيها لاغماضة قصيرة ليتسنى لحرارة المياه الساخنة أن تتسرب إلى عظامها التي تتجمد من البرد 0
نبهتها الأصوات المنبعثة من تحت النافذة ، إلى أن الرجال عادوا من أعمالهم ، وعرفت أن وقت الغداء قد حان 0
أسرعت خارجة من الحمام لترتدي ثيابها ، حانت منها التفاته إلى مرآة الحمام التي كانت خلفها ، فهالها ما رأت من بقع أرجوانية تنتشر في كل مكان على ظهرها ، وأدركت أن السقطة لم تكن بسيطة أبداً كما تصورت 0
لبست كاترين بنطال أخضر جميل مع قميص أنيق سكري اللون وتحملت على مضض كل ما تحس به من أوجاع ، ونزلت إلى الطابق الأرضي ، حيث رأت في القاعة الكبرى حشداً من الناس ، كما رأت غلين يجلس على إحدى الأرائك يتحدث إلى عجوز معه فتاة صغيرة ،
وليزا تقف قرب جيرد تجامل بعض الضيوف وعيناها تنظران نحو المخل ، أما جيرد فلم يكن له أثر هناك ، أسرع إليها بن فريزر وتناول يدها وقال :
(( تعالي يا فالنتينا ، لأعرفك على زوارنا ))
ثم سار بها بين الضيوف يقوم بمهمة التعارف ، ولما انتهى من ذلك قدم لها كأساً وتناول هو كأس آخر من
عصير البرتقال.
أخذت إحدى الزائرات تتحدث إليها قائلة :
((السيد بن أخبرنا أنك ممرضة ، آنسة فالنتينا ، لقد كنت أنا أيضاً ممرضة عندما التقيت بزوجي ))
(( أني طالبة تمريض فقط ، ولم ابتدئ بذلك إلا منذ ستة أشهر ))
سمع غلين صوتها وطلب منها الانضمام إليه ، فاستأذنت بن والمرأة التي كانت تحادثها ، وهي تشعر بالارتياح لابتعادها عنها 0 ومضت إلى غلين حيث جلست بجانبه ، فقال :
(( دعيني أعرفك على فرانك ستيفنس ، ولوري صديقين من أيام الدراسة ))
لم تكن لوري بالفتاة الجميلة ولكنها – والحق يقال – كانت كثيرة الجاذبية 0 وقد لاحظت كاترين أنها تميل إلى غلين ، فتمنت لو أنها تستطيع أن تخبرها الحقيقة ، وأنها لا تشكل خطراً عليها 0
انفض الزوار في الساعة الواحدة والنصف تقريباً من غير أن يظهر جيرد ، مما اضطر الآخرين إلى تناول غداءهم معاً من دونه تقوم على خدمتهم ماريا ومساعدتها كاترين 0
نظرت ليزا إلى بن وسألته :
(( لماذا لم ينظم جيرد إلينا ؟ وهو يعرف أني سألته أن يطلب من مارتن المجيء وإلقاء نظرة على غلين ؟ ))
كان غلين هو الذي أجاب :
(( أنت تعرفين يا أمي أن جيرد مشغول وليس لديه الوقت للثرثرة أثناء النهار 0 في أية حال لماذا يجب أن يأتي جيرد إلى هنا الآن ؟ أتمنى ألا تقحميني في أمورك الشخصية ))
((ماذا تعني بأموري الشخصية ؟))
(( لا أدري ، أنت تفهمين قصدي تماماً ، وأنا لا أحتاج إلى طبيب أخرق مثل مارتن ليشرف على علاجي ، الدكتور سنغ عمل الترتيبات اللازمة لأقابل الطبيب المختص في مشفى ماكنزي ، في كالجري ، بعد أسبوعين ، وحتى ذلك الحين لا أحد يمكنه أن يفعل شيئاً مطلقاً ))
قالت ليزا باقتضاب :
(( أنا فقط أفكر فيك يا ولدي ، وأريد أن أفعل أي شيء لمساعدتك ، ولا أظنك تتوقع مني التصرف وكأنك لم تصب بشيء ))
شرب غلين العصير الذي في كأسه دفعة واحدة ، وأزاح الصحن من أمامه ، وقال :
((حسناً ، أنا لست عاجزاً يا أمي ، وأتمنى أن تتذكري ذلك دائماً ))
بعد الغداء طلب بن من كاترين البقاء معه ، ريثما يذهب غلين ليستريح وبعد معارضة قصيرة من غلين مضى إلى غرفته ، تتبعه ليزا 0
((يبدو أن جيرد يكرس كل وقته للمزرعة ، مع أني أعرف أن لديه من ينوب عنه في أعماله ))
(( هناك فعلاً من يشرف على المزرعة ، ولكن جيرد لا يوكل أحداً وهو موجود هنا ، هذه ليست طريقته في العمل ، لم تكن طريقة ماكدونالد من قبل ن إن حب المزرعة وتربية المواشي يجري في عروقه ، كما انه يستمتع بصحبة العاملين عنده وخصوصاً هورس ))
(( هورس ؟ آه ، نعم ، تعني ابن ماريا ))
(( لقد نشأ هو وهورس معاً ، فبعد وفاة والدته مارغريت ، أصبحت ماريا بمثابة أمه ))
((آه ، لقد فهمت ))
(( ما رأيك في ركوب الخيل معاً في جولة قصيرة ؟ أم أنك ركبت اليوم بما فيه الكفاية ؟ ))
(( أجل ، لقد فعلت ، وأحب الآن قضاء بعض الوقت في المكتبة ، فأنا أحب الكتب ، وفي الواقع أني لم أر مجموعة كبيرة من الكتب كهذه ، إلا في المكتبات العامة ))
(( لم ما شئت ، وأنا سأجد شيئاً آخر أفعله ))
(( هل ستذهب وحدك إلى الإسطبل ؟ ))
(( لا أدري ، ربما ، وسوف أراك فيما بعد ))
بقيت كاترين في غرفة المكتبة طيلة بعد الظهر ، وعيناها تنظران إلى الطريق بين الحين والحين ، ربما كانت تنتظر مجيء جيرد ، لاشك أنها تحاول جاهدة إبعاده عن مخيلتها ، ولكن بالرغم من جميع محاولاتها ، لم تستطع تجاهله ، وأيقنت أن عدم حبها لليزا كان بسببه 0
بعد حين تركت المكتبة إلى غرفتها 0 ولما كان ظهرها يؤلمها وتشعر بتصلب في أنحاء جسمها ، وجدت أنه من الأفضل أن تأوي إلى فراشها ، وتمنت أن تجد لها حجة كالصداع مثلاً لتتحاشى بها الاجتماع على طاولة الطعام 0


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-06-10, 01:19 PM   #22

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

وفي المساء ، وبعد أن استراحت كاترين بضع ساعات ، لم تجد مناصاً من النزول إلى غرفة الطعام ، وهناك على المائدة ، رأت جيرد ومعه هورس ابن ماريا 0
لم تأكل كاترين كثيراً ، وكذلك غلين ، أما جيرد وهورس فقد امضيا مدة تناولهما الطعام يتحدثان عن تجارة الماشية ، حتى أن ليزا لم تعد لديها القدرة على تحمل ذلك ، وقالت :
(( هل من الضروري أن تدخل موضوع المواشي إلى غرفة الطعام ؟ أنا لم أتحدث معك طيلة النهار يا جيرد ، أكثير على أن تبدي لي – على الأقل – شيئاً من الاحترام في المساء ؟ ))
أجاب هورس بصوت منخفض فيه معنى الاعتذار :
(( إني آسف يا سيدة ليزا ، إنها غلطتي أنا ، لدينا أمور كثيرة يجب أن نبحثها ولكن الحق معك ، فإن مائدة الطعام ليست مكاناً لهذا البحث ))
قال جيرد وهو ينظر إلى أرملة أخيه نظرة تحذير:
((حسناً ياهورس ، ليزا لم تقصد ذلك بالضبط ، لكن أين بن ؟ لا تقولي أنه لم يكن هنا طيلة بعد الظهر ؟ ))
(( أظن ذلك ، في الواقع أنا لا أعرف ، فقد قضيت فترة بعد الظهر في غرفتي أستريح لأني كنت أحس بصداع شديد ، وأنت تعلم أن خدمة الضيوف ليست سهلة ))
ضاقت عينا جيرد وقال :
((ضيوفك ، ماذا تعنين بأنك تظنين ؟ إما أنه كان أو لم يكن ، أريد أن أعرف ))
(( لقد تناول طعام الغداء معنا ))
(( وبعدئذ ؟ ))
تدخل غلين قائلاً :
(( أنا وفالنتينا ذهبنا في نزهة نستمتع بركوب الخيل هذا الصباح ، أما بعد الغداء فقد ذهبت إلى غرفتي أستريح ، وبقي بن مع فالنتينا ))
قالت كاترين :
(( هذا صحيح ، وقد طلب مني مرافقته في جولة قصيرة على الخيل ، ولكني اعتذرت منه ، لأني كنت متعبة قليلاً ))
(( إذن أين ذهب ؟ ))
ضاقت ليزا ذراعاً بهذا النقاش وهي تكره اهتمام جيرد بأحد حتى ولو كلن أباه ، وقالت :
(( لم كل هذه الضجة حول غيابه ؟ لا بد وأنه في مكان قريب ، قد يكون أخذ العربة إلى موزباي ))
قال جيرد :
(( يبدو عليك يا ليزا الكثير من الضجر ، وتحتاجين بعض التغيير ، أليس كذلك ؟ وأنا أشعر أن الحياة في المزرعة موحشة لامرأة مثلك ، وعليك أن تري حلاً لذلك))
لمعت عينا ليزا ، وقالت :
(( جيرد هل تعني ما تقول ؟ أنت تعرف كم أحب قضاء أسبوعين في نيويورك ، أشتري ما أريد ، أتمتع ، أشاهد آخر المسرحيات ، هل تظن أننا نستطيع ذلك ؟ وطالما فالنتينا هنا ، فلن يكون غلين بحاجة إلينا ))
قال جيرد جازماً :
(( يمكنك الذهاب ، حيث تشائين ، ونحن نستطيع التغلب على الصعاب ، وكما قلت ، فإن غلين لا يحتاج إليك الآن ))
شحب وجه ليزا وقالت :
(( ماذا تعني نستطيع التغلب على الصعاب ؟ هل تعني أنك لست قادماً معي ؟ ))
تراخى جيرد على كرسيه وأجاب :
(( ليزا ، أنت تعلمين أنني لا أستطيع ترك المزرعة الآن ، بالإضافة إلى أني لا أحب نيويورك ))
أجابت ليزا بوقاحة :
(( أية حيلة عفنة هذه التي تلعبها ؟ ))
نظر جيرد حوله وقد نفذ صبره وقال :
(( أية حيلة تعنين ؟ ليزا أنا لا أمنعك أن تفعلي ما تشائين ، اذهبي إلى نيويورك ، خذي معك بام بالمير إن أردت ، أنت تعرفين أنها تسر بمرافقتك ))
كاترين لمست موجة كره تتدفق من عيني ليزا ، من آخر الطاولة ، وهي تجيب :
(( أنا لا أريد أن أذهب مع بام بالمير ، سأبقى هنا حتى يكون لديك الوقت الكافي لتذهب معي ، حتى لو انتظرت الصيف كله ))
لم تخف هذه الملاحظة على كاترين ، أما جيرد فقد هز كتفيه وانثنى إلى هورس يتابع حديثه 0
عندما انتهى العشاء ، اختفى الرجلان ، واختليا في غرفة جيرد الخاصة ، ليتابعا بحثهما ، وغادرت ليزا الغرفة وفي صدرها عاصفة من غضب مكتوم ، أما كاترين فقد وقفت قبل أن تترك مجالاً لغلين ليبدأ أي حديث وقالت :
((غلين هل يزعجك أن أذهب إلى فراشي ؟ إني أحس ببعض التعب ))
((هل أنت بخير ؟ أليس هناك ما يؤلمك ؟ ))
قالت كاترين لتزيل مخاوفه :
(( يا لله ، غلين لا ، ليس هناك ما يؤلمني ، أنا متعبة فقط ، سوف أراك في الصباح ))
لما طلع الصباح ، لم تستطع كاترين التحرك مطلقاً ، فقد أحست بالآم لا تطاق في جميع أنحاء جسمها ، دفنت وجهها في وسادتها تمسح دموعها ، فما هذه الورطة التي أوقعت نفسها فيها ؟
لم تستطع النزول لتتناول الفطور ، وقالت في نفسها ، سوف يخرج جيرد مبكراً كالمعتاد ، وإذا خرج معه بن ، فلن يبقى سوى غلين وماريا ، من المتوقع أن يسألا عنها ، ستتدبر الأمر مع ماريا ، أما غلين فسوف تخبره بما تحس به من الآم 0
انقضى الصباح إلا أقله من دون أن يسأل عنها أحد ، وأخيراً وقبل الساعة الثانية عشرة بقليل ، سمعت نقراً على الباب ، فقالت وهي تشعر بدوار :
(( أدخل ))
ولدهشتها لم يكن غلين هو الذي يسأل عنها وكذلك لم تكن ماريا !!!!
واعتدلت في فراشها عندما دخل جيرد ، وسأل باختصار :
(( هل أنت مريضة ؟ ))
(( لا ، أني فقط أشعر ببعض التعب ، هذا كل ما هناك ، ووجدت أنه من الأفضل قضاء فترة الصباح في فراشي))
اتكأ جيرد على حافة القنطرة المؤدية إلى غرفة نومها :
((هل هذا صحيح ؟ أم تراك تتهربين بهذه الطريقة من مواجهة الأسئلة التي أجد نفسي مضطراً لسؤالك إياها ؟ ))
صاحت كاترين باستغراب :
(( أسئلة ؟ أية أسئلة ؟ أنا لا أ‘عرف عن أي شيء تتكلم ))
(( ألا تعرفين لماذا خالف أبي تعليماتي ؟ أو لماذا ارتفعت حرارة غلين هذا الصباح ؟!))
***


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-06-10, 01:20 PM   #23

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

الحقيقة


قالت كاترين بارتباك :
((والدك ؟ غلين ؟ ماذا حصل ؟ ))
أجاب جيرد بأسلوب فظ :
(( تسألين ؟ أنت التي ذهبت مع غلين في نزهة على الجياد يوم أمس ، وأنت آخر من تكلبم مع أبي))
(( كان يبدو بحالة جيدة عندما تركته بعد ظهر أمي ، وأما غلين فقد حسبته أستأذنك في ذلك ))
(( لم يستأذنني مطلقاً ، يلله !! كاترين هل فقدت عقلك ؟ كان المفروض أن تعتني به ))
(( غلين ليس طفلاً صغيراً ، يجب أن يكون له رأيه الخاص ، وحان الوقت لكي يبني شخصيته ويثبت وجوده بمفرده ))
قلب جيرد شفته وقال :
(( وهكذا اخترت النزول معه إلى الوادي ، حيث الهواء الرطب والطريق الوعرة ، لا شك أنك مجنونة ، كان من الممكن أن يدق عنقه هناك ))
((لم أكن أريد النزول ، ولكنني نزلت على رغبته ))
((وأنت لم تحاولي منعه ، كاترين ، إذا حصل له أي شيء 000))
(( ولكن لم يحصل ، فكيف تلومني على شيء لم يحدث ؟ ))
(( والآن من المفروض أن تكوني إلى جانب غلين ، ولكني أراك هنا تستلقين في فراشك غير مبالية ))
(( أنا أشعر ببعض التعب ، اذهب الآن ، وسأغادر الفراش بعد قليل ، أم أنك ستعيد تصرفاتك المشينة التي سلكتها معي في تلك الليلة ؟ لماذا لا تذهب ؟ أخبر غلين أني سآتي إليه حالما أرتدي ثيابي وأكون جاهزة ))
(( سأطلب من ماريا إبلاغه رسالتك ))
(( دع شخصاً آخر غيرها يخبره ، لا أظنك ترغب أن يعرف غلين أو ليزا بأية حرية تدخل إلى جناحي))
(( دعينا نستبعد ليزا من هذا الموضوع ، ممكن ؟))
زمّت كاترين شفتيها وهو يغيب عن ناظريها ، وحاولت أن تتحرك لتمد رجليها خارج الفراش ، فأحست بضعف شديد ، وإذا بالدموع تنساب من عينيها البنفسجيتين الجميلتين على وجهها الشاحب ، من الآلم المبرح الذي المّ بظهرها ، فدفنت وجهها في الوسادة وهي تسأل نفسها ، كيف سيمر عليها النهار ، إذا كانت أطرافها ترتجف حتى من تلك الحركة البسيطة ؟
لم تكن لطيفة اليدان اللتان رفعتا رأسها عن الوسادة ، يبدو أن جيرد لم يذهب بعيداً عندما ظنت أنه مضى ، فهز كتفيها وقال :
((يا الله لم كل هذا البكاء ؟ ))
إن سحابة الألم التي مرت على وجهها من جراء تلك الهزة ، جعلته يقطب حاجبيه بتعجب ويقول :
(( يا لله ، أنا لا أريد أن أؤذيك ، بالله عليك توقفي عن النظر الي وكأنني وحش كاسر ))
أدارت كاترين رأسها من جهة لأخرى ، وهمست :
((أرجوك أذهب ))
دفعها إلى الوسادة بحركة تدل على خيبة أمل ، فلم تستطع إخفاء أنينها عندها حاول أن يكشف عنها الغطاء ليعرف ما بها وقال :
(( كاترين أرجوك ، بحق الله ، قولي ما الذي حلّ بك ؟ ))
نظر في عينيها الفاتنتين اللتين بدت فيهما نظرات التأنيب ، ولكن كاترين تنفست بصعوبة ويداها ترتجفان وهي تعيد الغطاء على جسمها ثم قالت :
(( لقد سقطت عن الجواد يوم أمس ولم يكن بودي أن أخبرك ))
سألها بخشونة :
((كيف سقطت ؟ وأين ؟ لماذا لم تخبريني منذ البدء ؟ فقد كان بإمكاني مساعدتك ))
((ليس الأمر مهماً إلى هذا الحد ، فقط أحس بتصلب في جسمي ، وألم في ظهري ، هذا كل ما في الأمر ، وأنا متأكدة أنني سوف أتحسن بعد قليل ))
ولم تدر إلا وقد أزاح عنها الغطاء وقلبها على فراشها وهي تصرخ ، فكتم أنفاسه عندما رأى من خلال قميص نومها اللون القاتم الذي ينتشر على ظهرها 0
ارتعشت كاترين من غير إرادة منها ، عندما لامست يده أماكن الكدمات في ظهرها وبالرغم من معرفتها أنها ستحتقر ذاتها فيما بعد ، ولكنها لم تنكر بينها وبين نفسها أن شعوراً بالارتياح قد غمرها لتلك اللمسات ، وقالت :
((جيرد ، أرجوك ، اتركني ، وأخرج من هنا ))
جلس إلى جانب السرير ، وقال بصوت غليظ :
(( يا الهي ، لماذا لم تخبريني ؟ كان من الممكن أن تدق عنقك ، لا تتحركي ابقي كما أنت ، عندي شيء قد يساعدك سأعود فوراً ))
استدارت كاترين قليلاً ، ولكن هذه المحاولة كلفتها الكثير من الجهد والألم 0
بقيت مستلقية على جانبها ، حتى سمعت وقع خطوات ، فظنت أن ماريا هي القادمة ، وقد أرسلها جيرد ومعها وصفة تفيدها ن ولكنها كانت مخطئة في ظنها ، فإن جيرد هو نفسه الذي عاد مرة أخرى وفي يده علبة صغيرة ، وقال :
(( إنه علاج قديم عندي ، رائحته غير مستحبة ، أما نتائجه فمضمونة ))
(( شكراً لك ))
ردت كاترين عليه وهي تمد يدها لتتناول العلبة من يده ، ولكنه أبعدها عنها وقال :
((لا يمكنك دهان ظهرك بنفسك ، فأنا سأفعل ذلك ، والآن وعلى مهل ، عودي إلى الوضع الذي تركتك عليه ، سأحاول قدر استطاعتي ألا أوجعك ))
نشر جيرد المرهم في أماكن متعددة من ظهرها ، وأخذ يدلكه بلطف ونعومة ن وكاترين تحس بالارتياح من هذا التدليك ، وهي تتمنى ألا يتوقف ولكن جيرد كف عن ذلك ، وذهب إلى الحمام ، غسل يديه وعاد قائلاً :
(( هذا يكفي الآن ، واقترح أن تستريحي في فراشك طوال اليوم ، غلين سيتدبر أمر نفسه ، ولو مرة واحدة من دون مساعدتك ))
أدارت كاترين رأسها لتلتقي عيناها بعينيه ، ثم قالت معترضة :
((آه ، لا ، جير، إني أشعر بتحسن كبير ))
(( حتى ولو كان ، فأنت بحاجة ملحة للراحة ، ماريا سترسل إليك الطعام هنا ))
(( حسناً ، إذا كان هذا ما تريد ))
أجاب بصراحة :
((ما أريده لا علاقة له بهذا ، سأذهب الآن وأخبر غلين بما آلت إليه حالتك ))
(( شكراً ))
((حسناً حاولي أن تستريحي قدر الامكان ، فنحن لا نريد ثلاثة مرضى في العائلة 000))
قاطعته بعصبية :
((ثلاثة 000))
أنهى جيرد الحديث من غير إبداء مشاعر ، وخرج ، أخذت كاترين تسأل نفسها ، ترى ماذا يعني بقوله : ثلاثة مرضى في العائلة ؟ هل يعني أنها ستصبح عضواً في هذه العائلة ؟
بكت كاترين ، ألمّ بها شعور بالاشقاف على نفسها وعلى بن أيضاً ، وعندما دخلت ماريا تحمل صينية الطعام وجدت عيني المريضة متورمتين 0
تركت ماريا الصينية جانباً ، ووضعت الوسادة وراء كاترين وأسندتها عليها بصورة مريحة ، وقالت :
((والآن أخبريني ماذا حدث ؟. جيرد أعلمني أنك سقطت عن ظهر الحصان ، ولم يخبرني أنه أزعجك إلى هذا الحد ))
مسحت كاترين أنفها بمنديلها ثم قالت :
((لا ، بالحقيقة لم يزعجني ، بل أحضر المرهم ، ودلك ظهري به حتى أحسست أني صرت أحسن حالاً ))
لمحت ماريا العلبة الصغيرة وقالت :
(( حسناً ، لقد مرت بي هواجس متعددة عندما رأيته يصعد إلى هنا كالمجنون ، ولكنه كان مختلفاً تماماً عندما رجع ))
قالت كاترين :
((أنت مولعة جداً بجيرد، أليس كذلك يا ماريا ؟ ))
أجابت ببساطة :
(( إنه مثل ولدي ))
وضعت ماريا الصينية أمام كاترين وقالت :
(( هل تريدين شيئاً آخر ؟ ))
(( آه ، لا ، وشكراً ))

ابتسمت ماريا وهي تتجه نحو الباب كي تغادر الغرفة ، ولكنها توقفت برهة ، والتفتت إلى كاترين وقالت :
((أنا أعلم أنه ليس من شأني التدخل في أمور الآخرين ، ولكن لدي رغبة في معرفة ، متى تريدان أنت وجيرد إخبار غلين أنك لست الفتاة التي يظن ؟ ))
((أنت 00أنت تعرفين ؟ ))
(( بالتأكيد 0 لأنه ، لا يمكن أن أتصور أية فتاة بكامل قواها العقلية ، من الممكن أن تخفي شعراً جميلاً كهذا ، وراء شعر مستعار ، إلا إذا كان هناك سبب يدفعها لذلك ))
رفعت كاترين يدها إلى رأسها وقالت قلقلة :
((آه ، لقد نسيت 0000))
((لا بأس ، لا بأس ، جيرد أخبرني الحقيقة منذ أيام أنك أخت فالنتينا 0 ووافقت على المجيء إلى هنا بموجب نصيحة الطبيب ، كما اخبرني أيضا أنك مخطوبة لشاب في لندن ، هل هذا صحيح ؟ أم قال ذلك من أجل ليزا ؟ ))
بان الارتباك على وجه كاترين على الفور ورددت :
(( ليزا ؟ ))
((نعم ، فأنا ألاحظ أن جيرد مهتم جداً بك ))
ازدادت خفقات قلب كاترين ، وقالت متلعثمة :
((جيرد ، لا تكوني حمقاء 000))
((أنا لست جاهلة يا كاترين ، لقد رأيت الطريقة التي ينظر بها إليك ، ولم لا ؟ فإذا كانت ليزا قد طلبت منه رعاية مصالحها ومصالح ولدها ، فهذا لا يعني أنه ملزم بالارتباط بها ))
ارتجفت كاترين عند سماعها هذا الكلام ، إذن ليس هناك حب بينهما 0
وجيرد لا يريد الزواج من ليزا ، لقد أوضحت ماريا بكلامها ما كان غامضاً 0
وفجأة غادرت ماريا المكان وكأنها ندمت على ما بدر منها :
((سأرسل لك كارين بعد قليل لتأخذ الصينية ، حاولي النوم لبعض الوقت ))
لم تأكل كاترين إلا قليلاً ، لم تعد لها شهية لذلك 0 وعندما جاءت كاترين مساعدة ماريا لتأخذ الصينية ، تظاهرت بالنوم وهي تتمنى لو أنها أخذت بنصيحة سيمون ولم تأت إلى كندا ، لو أنها فعلت ، لكانت أعفت نفسها من أمور كثيرة ، على الأقل من الوقوع في حب رجل لا تستطيع الزواج منه 0
في المساء كانت تشعر بتحسن جسدي على الأقل ، لا شك أن المرهم قد أفادها إلى حد كبير ، وظنت أنه في الصباح سيكون لديها القدرة أن تتجاوز هذه الحادثة التي أصابتها 0
عندما حان وقت العشاء أحضرت كارين الطعام إلى غرفة كاترين ، تناولت ما اشتهت من الطعام الذي قدم لها ، وكانت تمسح شفتيها بمنديلها ، عندما أحست أن هناك من يراقبها ، فرفعت رأسها لتجد جيرد متكئاً بجانب القنطرة ، بدا شاحب اللون ، كأنه أمضى يومه كاملاً في غرفته الخلوية بدلاً من التجول في الهواء الطلق 0تقدم قليلاً وقال :
((ماذا تفعلين خارج الفراش ؟ أظن أنني قلت لك ألا تغادريه طيلة النهار ، إن جلوسك على الكرسي لن يساعد عضلاتك على الاسترخاء ))
أزاحت جسمها قليلاً إلى طرف الكرسي لتريه المخدة الصغيرة التي تجلس عليها وقالت :
(( الكرسي ليس قاسياً كما ترى ، وأنا لا أحب تناول طعامي في الفراش ))
(( والآن هل انتهيت ؟ ))
(( نعم ، لماذا ؟ هل جئت لتأخذ الصينية ؟))
لوى جيرد شفتيه وتقدم نحو الطاولة التي بجانبها وتناول علبة المرهم وقال :
(( جئت من أجل هذه ، هورس لوى كتفه وهو يجر بعض الأخشاب وسأدلكه له ))
هزت كاترين رأسها في تأثر وقالت :
(( أني آسفة ، هل هو بخير ؟ ))
(( إنه على قيد الحياة ، ماذا عنك ؟ ))
(( أشعر الآن بكثير من التحسن ، كيف أحوال غلين ؟ ))
(( لقد هبطت حرارته ، وأنا متأكد أنه سيسعدك أن تعلمي أن أبي أيضاً بخير ))
(( فعلاً لقد أسعدتني ))
مرت لحظة صمت ، قال بعدها :
(( أظن أن ليزا قالت له ما يزعجه مما جعله يتعثر ويسقط ، عادة يحدث ذلك منها كثيراً ))
لم تقل كاترين شيئاً تعليقاً على تلك الكلمات ن فاستمر جيرد في الحديث :
(( أنا سعيد لأنك تشعرين بتحسن ، غلين أخبرني عما حدث ، و لا أريد إخبارك بما قلته أنا ))
يمكنني أن أتكهن ))
اقترب منها أكثر فأكثر وقال :
(( هل تقدرين ؟ هل دلكت ماريا ظهرك بالمرهم ؟ طلبت منها أن تفعل ذلك ))
((لا ، لم تفعل ))
(( لماذا ؟ ))
(( لأني لم أرها منذ وقت الغداء ، كارين أحضرت لي طعام العشاء ))
((إذن سأدلكه أنا ، فقط استلقي على الفراش ))
ولكنها لم تستلق وقالت :
((جيرد إنه ليس ضرورياً مطلقاً ))
قال بخشونة :
(( لقد قلت إنني 000))
ومدّ يده يعبث بشعرها الناعم وبرفق يرفعه نحو شفتيه ويتمتم :
(( كاترين إني أحبك 0 وأعرف أنك تحبينني أيضاً ))
فوجئت به يطوقها بذراعيه ، يضمها إلى صدره ، وبصعوبة استطاعت التخلص منه وهي تقول :
((جيرد أنا أسمع حركة ))
ابتعد جيرد عنها مستطلعاً ولكنه لم يلاحظ أي شيء ، لم يكن أي صوت هناك أو حركة في غرفة الجلوس ، ما عدا صوت تكتكة الساعة الكبيرة المعلقة على الجدار 0
هزت كاترين رأسها ، وقالت هامسة :
((هناك من دخل الغرفة 0 أنا متأكدة من ذلك))
(( هل هذا صحيح ؟ أين هو إذن فأنا لا أراه ))
سار إلى القنطرة وتطلع إلى الغرفة الأخرى فلم يجد أحداً ، ثم تابع حديثه :
((لا يوجد أحد كاترين ( وهزّ رأسه ) آه ، لقد فهمت ، لعلي فقدت عقلي ))
(( جيرد إني متأكدة أنه كان هناك شخص ما ، صدقني ، أرجوك ))
نظر إليها نظرة مليئة بالألم ، وكأن غشاوة أزيحت عنهما ، وقال :
(( اذهبي الآن إلى النوم يا كارين ))
حمل الصينية وتابع :
((سوف أعيد هذه إلى ماريا ، لعلها هي التي أتت بسبب الصينية ، ما عدا ماريا ، لا يمكن أن يدخل شخص آخر إلى هنا من غير دعوة 0))


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-06-10, 01:21 PM   #24

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

حيرة وضياع


لم تعرف كاترين طعم للنوم في تلك الليلة ، وأحلامها أشبه بالكوابيس ، مملوءة بأحداث المساء ، عزمت على الصمود أمام هذا الرجل مهما حاول إثارة عواطفها ، مرّ سيمون ببالها مرور الخاطر ، ، إن ما كان بينهما إذن لم يتعد حدود الصداقة ، لم يكن حبا على الإطلاق ، إنها لم تحس نحوه في أية لحظة من اللحظات بما تحسه الآن نحو جيرد 0
في الصباح كانت قادرة على مغادرة الفراش ، من غير ألم شديد على الرغم من أن جيرد لم يكرر المعالجة في الليلة الماضية ، وإنما الراحة والدفء هما اللذان عملا معجزتهما ، ولم تعد تشعر إلا بشيء من التصلب البسيط في أنحاء جسمها ، ولكن شعرت بانزعاج عندما حانت منها التفاته ورأت علبة المرهم ملقاة على الأرض ، تلك العلبة التي جاء جيرد من أجلها ، وتذكرت هورس وكتفه المصاب0
انتهت كاترين من الاغتسال وارتداء ملابسها في الساعة الثامنة ، وبدلاً من انتظار ماريا لتحضر لها طعام الإفطار ، نزلت هي إلى المطبخ ، كانت المرأة الهندية مسترخية على كرسي بجانب الطاولة المصنوعة من خشب الصنوبر ، تتناول فنجاناً من القهوة ، عندما دخلت عليها كاترين ، فاتسعت عيناها السوداوات في دهشة ، وقالت :
(( ألم يطلب جيرد منك أن تخلدي للراحة بعض الوقت ؟ ما كان عليك أن تتركي فراشك في مثل هذه الساعة من الصباح ))
(( الحقيقة أني أصبحت بخير ، وأستطيع التحرك من غير ألم ، وذلك بفضل المرهم الذي أحضره جيرد ))
غمزت ماريا بعينها :
(( يبدو أنه أفادك كثيراً ، أليس كذلك ؟ إن هذا ما يسرني معرفته بالفعل))
ابتسمت كاترين ، ابتسامة مصطنعة وقالت :
(( قال جيرد إن هورس قد خلع كتفه ، وعاد أمس إلى غرفتي ليأخذ له علبة المرهم ، ولكنه ذهب بدونها ، لقد كان شديد الارتباك ، ولا أدري لماذا !))
(( لا تقلقي ، ليس هناك أي مشكلة ، فلدينا أكثر من علبة من هذا المرهم ))
شعرت كاترين بالاحمرار ب في وجنتيها ، فالمرهم إذن كان مجرد حجة ، والحقيقة أن جيرد جاء إلى غرفتها يسأل عنها ، ترى هل جاء ليعترف لها بحبه 0
وضعت كاترين يديها المرتجفتين في جيبي بنطالها الجينز ، لتخفيها عن ناظري ماريا التي قالت باختصار :
((هل أهيئ لك الفطور ؟ ))
هزت كاترين رأسها علامة الإيجاب ، وهي تشعر مع كل ما مر بها من مفاجآت أنها تستطيع أن تأكل كل ما يمكن أن تقدمه لها ماريا من طعام 0
وبالفعل هذا ما حدث ، فعجبت المرأة العجوز من ذلك وقالت وهي تأخذ الصحون الفارغة من أمامها :
((يبدو أنك جائعة جداً اليوم ، مع أنك بكل صعوبة يوم أمس استطعت وضع لقمة في فمك ))
(( أمس كان أمس ن أما اليوم فهو شيء آخر 000كيف أحوال غلين ؟ هل زرته؟ ))
(( اطمئني ، مررت به في الساعة السابعة والنصف ، كانت حرارته طبيعية ، ويمكنني أن أقول بكل ارتياح إنه أيضاً أصبح بخير ))
نظرت كاترين إلى أعلى وقالت :
(( شكراً لله ، وكيف حال بن ؟ ))
(( ذاك الرجل العجوز ، إنه لا يزال على قيد الحياة ، يكاد كبده يتمزق من الإدمان ، أنه لم يعد شاباً ، لقد تجاوز الخامسة والستين من العمر ، وعليه أن يفكر أكثر في صحته في مثل هذه السن ، أليس كذلك ؟ ))
(( لعله ليس سعيداً ))
(( قد تكونين على حق ، فمنذ وفاة ولده أنجس ، ساءت جميع الأمور تماماً ))
(( أمور ، أية أمور ؟ ))
أدارت ماريا ظهرها وأخذت تنظف الصحون ، وهي تقول :
((أظن أنه أدرك أن هناك تغيرات ستحدث عندما جيرد 0000عندما السيد فريزر 0000))
وأتمت كاترين كلام ماريا :
((عندما جيرد يتزوج من ليزا ))
أحنت ماريا رأسها وقالت :
(( أظن ذلك ن و لآ شك ستجري بعض التغيرات إذا أصبحت هي السيدة هنا ))
(( آه ، لقد فهمت ))
غيرت ماريا مجرى الحديث بسرعة وقالت :
(( ماذا لو تأخذين طعام الفطور إلى غلين هذا الصباح ، سيسعده أن يجدك بخير ))
لم يكن غلين مستيقظاً عندما دخلت كاترين الغرفة ، وضعت الصينية علة الطاولة بهدوء حتى لا تتسبب في لإيقاظه ، نظرت إليه ملياً ، وأحست أنه أصبح مقرباً إلى نفسها أثناء هذه الأسابيع ، والمهمة التي جاءت من أجلها لم تعد عسيرة كما كانت في بادئ الأمر ، في أية حال فإنها لا شك ستكون مسرورة عند انتهاء هذه المهمة ، ولكن سرعان ما تلاشت فكرة السرور ، وامتلأ قلبها باليأس ، لأن هذا يعني عدم رؤية جيرد بعدئذ0
شعرت كاترين وهي تقف بجانب السرير أنها كانت تدوس على شيء ما ،0
تراجعت إلى الوراء قليلاً ، كان شيء ملقى تحت السرير ، يبدو منه جزء صغير 0
انحنت كاترين وإذا بها تمسك بمجلة 0
وسألت نفسها ترى ما هذه المجلة ؟ من وضعها هنا؟ ماريا لا تسمح لغلين أن يدخل الغرفة إلا بعد تنظيفها من أولها إلى أخرها 0
في بادئ الأمر لم تشعر أن وجود مجلة تحت سرير غلين يعني أن أجراس الإنذار قد دقت ن ولكنها أصيبت بصدمة عنيفة عندما أخذت تقلب صفحات المجلة ، وترى صوراً مختلفة لنساء جميلات ، وعادت تتسأل ، منذ متى وهذه المجلة هنا ؟ وماذا يعني وجودها ؟
إنها لم تلاحظها من قبل ، كان التاريخ يوحي بأن المجلة هي الإصدار الأخير ، ترى هل عاد إليه بصره من جديد ، ولم يعلم أحد 0بذلك 0
أرادت إيقاظه ، أرادت أن تهزه هزاً وتطلب منه أن يقول لها الحقيقة ، وإذا كانت هذه هي الحقيقة ، إذا كان قد استعاد بصره ـ سيكشف حلاً أنها ليست فالنتينا ، وخافت مما سيحدث 0
يجب أن تخبر أحد ، ولكن من ؟ جيرد هو الشخص الوحيد إلي يمكنه حل المشكلة ن ولكن أين جيرد الآن ؟ فهو لن يعود حتى موعد الغداء على الأقل 0 وحتى ذلك الحين ، تكون قد انكشفت هويتها 0
إذن ستخبر ليزا ، فقد تكون عندها بعض الاقتراحات ، وهي ليس لديها سبب واحد لتخاف من عودة بصر ابنها إليه ن دفعت المجلة تحت السرير ، وأخذت صينية الطعام ووضعتها قرب النافذة ،على الطاولة ، ثم اتجهت نحو الباب ، لم يكن أمامها إلا بضع ياردات لتخرج من الغرفة ، عندما شعرت بحركة تصدر من غلين ، فالتفتت ، فتح عينيه ، جمدت كاترين في مكانها وهي تندب حظها التعس 0
تمتم غلين وهو بين النوم واليقظة :
(( ماريا ؟ ))
نظرت إليه كاترين من دون أن تنطق بأي كلمة ، ولكنه سأل وهو يفرك عينيه :
((من هناك ؟ ))
هل يمكنه أن يراها ؟ النور كان يضيء المكان ، وهي تستطيع أن تراه بوضوح ، ولكنها كانت تقف في الظل ، تسمرت في مكانها وهو يسأل للمرة الثالثة :
(( من هناك ؟ ))
((أنا يا غلين ، هل أيقظتك ؟ أنا لم أقصد ذلك ، ولكني أحضرت طعام الفطور ))
(( فالنتينا ، هل أنت الآن أحسن من ذي قبل ؟ ))
قال ذلك وهو يجلس في سريره ويرتب الغطاء أمامه استعداداً ليأخذ الصينية 0
ولاحظت أن اهتمامه بذلك أكثر من اهتمامه بمجيئها ، فصعد الدم إلى وجهها مرة ثانية ترى هل غلين فعلاً يستطيع الرؤية ؟ ترى هل هو يراها الآن ؟ ومن قبل أن تتأكد من شيء تناولت صينية الطعام ووضعتها أمامه0
رفع نظره إليها ، وأخذ يداعب خدها بعاطفة جياشة ، فشعرت كأنها خدرت في مكانها ، وعيناه الصافيتان تواجهان عينيها0
أحس بها ترتجف فسألها وهو يضع يده بلطف على ذراعها :
((هل هناك ما يقلقك يا فالنتينا ؟ لماذا أنت عصبية إلى هذا الحد ؟ هل أخفتك ؟ أنا لم أقصد هذا مطلقاً ))
خارت قواها ، ولكنها اصطنعت ضحكة وقالت :
(( لا غلين ، ليس هناك من شيء ، لكني ما زلت ضعيفة بعض الشيء ، إنها لسقطة شديدة تلك التي حلت بي ، أليس كذلك ؟ ))
(( هل أنت متأكدة أنك بخير ؟ ))
((أنا بخير ويسرني أن أرى صحتك قد تحسنت كثيراً ، أخبرني جيرد أن حرارتك كانت مرتفعة ))
((لم يكن هناك شيء هام ، أظن أنه من الإجهاد ، ركوب الخيل ، كثرة الزوار ن سقوطك عن ظهر الحصان ، هذا بالحقيقة صدمني ))
تمتمت كاترين :
(( فعلاً لقد جعلت من نفسي أضحوكة ، أليس كذلك ؟ حسناً سأذهب وأتركك تتناول طعامك ، أنه صباح غائم لا أظن أننا نستطيع الخروج اليوم ))
تركها غلين تذهب ، واعداً باللحاق بها إلى الطابق الأرضي ، بعدما يرتدي ثيابه0 ابتسمت كاترين ، فكان من الواضح انه لا يراها ، وقالت :
(( إذن سأراك فيما بعد ))
أغلقت كاترين الباب وراءها وهي تشعر بشيء من الحرية ، وعندما نزلت وجدت ليزا هناك بكامل زينتها وقد ارتدت ثياب الخروج ، وبدأت ليزا بالتحية :
((صباح الخير ، هل استيقظ غلين ؟ أخبرتني ماريا أنك أخذت إليه طعام الفطور ))
(( أخشى أن أكون أنا من أيقظته ، أظن أن جيرد أخبرك أني سقطت عن ظهر الحصان ))
(( هذا ما كنت أخشاه ، لقد حاولت تحذيرك ))
كانت كاترين تعلم أن خوف ليزا لم يكن عليها ، وأجابت بابتسامة صفراء :
((آه ، نعم ))
هزت ليزا كتفيها وقالت :
(( لكنك تبدين بحالة جيدة هذا الصباح عزيزتي ، وبما أنك لم تخرجي من المزرعة منذ وصولك إلى هنا ، فإنه يسرني أن ترافقيني في السيارة إلى موزباي ))
تراجعت كاترين مدهوشة ، لم تكن مستعدة لمثل هذه الدعوة ولم تعرف ما تقول :
((لكن ماذا عن غلين ؟ علىّ أن أسأله أولاً ))
(( حسناً لا أظن أنه سيعارض ، لقد حظي باهتمامك طيلة هذه المدة ))
كان الصبح غائماً كئيباً مما جعل كاترين ترتدي بنطالاً صوفياً وسترة ، كما ارتدت معطفاً كانت قد أحضرته للمناسبات ، ولكنها عجبت من ليزا عندما رأتها ترتدي جزمة في قدميها ، فهي لا تظن أنه من المناسب السير في أسواق موزباي وفي قدميها مثل هذه الجزمة ، ولكنها قالت في نفسها ، على أية حال والدة غلين تعرف ذلك أكثر منها 0
كانت ليلة معتمة عندما أتوا من المطار فلم تشاهد كاترين شيئاً ، وكان يسرها رؤية المناظر المحيطة في وضح النهار 0
(( لماذا قررت المجيء إلى كندا يا كاترين ؟))
فاجأتها ليزا بهذا السؤال عندما انعطفت إلى يسار الشارع العام إلى طريق وعرة 0


(( لماذا ؟ أنت تعرفين لماذا ؟ طبعاً لكي أساعد غلين ، أساعده حتى يستعيد بصره ))
((لكن جيرد أخبرني أنك رفضت البحث في الأمر نهائياً ، وذلك في اليوم الأخير ، قبل أن يخبرنا غلين بموافقتك ، كما أعلمني أيضاً أنك لن تفعلي شيئاً من غير موافقة خطيبك ))
(( أنا لست مخطوبة يا سيدة ليزا ، ما كان بيني وبين سيمون هو مجرد صداقة ))
(( تقولين كان ، هل يعني أنكما لستما أصدقاء الآن ؟ ))
(( سيمون لم يقنع بالطريق التي أسيرها ولذا قررنا أن نعطي بعضنا مهلة للتفكير ))
لاحظت كاترين أن تفكير ليزا لم يكن منصباً على القيادة ، وسمعتها تسأل :
((من الذي غيّر رأيك ؟ غلين أم جيرد ؟ ))
حبست كاترين أنفاسها وقالت :
(( لماذا ؟ غلين بالتأكيد ))
(( بالتأكيد ؟ أنك لم تقنعيني يا كاترين ))
(( لا أظن أن هذا يهم الآن يا سيدة ليزا ، وجودي هنا قد حقق غرضه ، ووجدت مجلة في غرفة غلين هذا الصباح ، كانت تحت السرير ، وهذا يعني أنه ابتدأ يستعيد بصره ))
ذهلت كاترين عندما لم تبد ليزا أي اندهاش من هذا الخبر على الإطلاق ، وسمعتها تقول من غير اهتمام :
(( أخبرني ، أخبرني أنه ابتدأ يستعيد نظره منذ ثلاثة أيام بالضبط منذ سقطت أنت عن الحصان ))
(( منذ ذلك الحين ظ ولكن لماذا لم يخبرني ؟ شكراً لله ، ظننت أن هذا لن يحدث أبداً ، أكاد لا أصدق ! رائع ! رائع! ما عدت أطيق الانتظار ، أريد أن أراه ))
قلبت ليزا شفتيها وقالت :
(( لا تستطيعين ؟ على الرغم من أنك تعرفين أن معنى هذا هو أن وجودك هنا لم يعد ضرورياً ))
قالت كاترين بجفاء :
(( هذا لا يهمني ، لكن إذا كان غلين يستطيع الرؤية ، فمعنى ذلك أنه قد عرف ))
(( عرف أنك لست فالنتينا ؟ نعم هو يعرف ، ويبدو أنه كان يعرف ذلك طيلة الوقت ))
(( لكن كيف ؟ شعري 000))
سألت كاترين لاهثة وهي ترفع يديها تلمس الشعر المستعار ، لكن ليزا هزت رأسها وقالت :
(( ليس أسهل من ذلك ، على كل فصديقك سيمون ترافس هو الذي أخبره ))
(( سيمون ؟ ))
أخرجت ليزا علبة السكائر ، ووضعت واحدة بين شفتيها وقالت :
(( تماماً ، ذهب إلى المتشفى قبل مغادرتنا انكلترا ، كان من الواضح أنه أراد منعك من المجيء معنا بأي ثمن ، أما أنا وجيرد فلم نكن نعلم شيئاً عن هذا الأمر ))
مرت بها لحظة صمت ثم تابعت كلامها :
((من الواضح أنه شك بأمرك ، من قبل ، من طريقة معاملتك ، وتصرفاتك طبعاً ، هو يعرف أختك جيداً ، وقد لاحظ الفرق بينكما ، تلك الفوارق التي يميزها المحبون فقط ))
(( إذن لماذا لم يطلعني على ذلك ؟ ))
((لا أعرف ، ربما شعر أنك وأختك سخرتما منه ، فأراد السخرية منك هو أيضاً ))
أحمر وجه كاترين وقالت :
(( ربما لم يكن هذا قصده 00))
(( والآن وبعد معرفة الحقيقة ، ماذا ستفعلين ؟ ))
(( ماذا سأفعل ؟ أنا ، أخشى 000))
قاطعتها ليزا وقالت :
((أعني أنه ما عليك الآن إلا أن تجمعي حاجاتك وتعودين إلى انكلترا ))
((أعود إلى انكلترا ؟ ))
احتقرت كاترين نفسها وهي تردد كل ما تقوله ليزا ، ولكن الدوار الذي أحست به عند سماعها كلام ليزا لم يترك لها مجال لأن تفكر منطقياً 0
تابعت ليزا :
((بالتأكيد ، فلم يعد هناك سبب وجيه تبقين من أجله ن هل هناك ؟ ))
((أظن لا ن ولكن يجب أن أتحدث مع غلين أولاً ن وأعرف رأيه ))
((أنت عرفين أن غلين يتوقع بقاءك حتى نهاية إجازتك ))
(( إذا كان يريدني أن 000))
قالت ليزا بخشونة :
((لكن أنا لا أريدك بقاءك يا كاترين ، وجيرد أيضاً لا يريدك أن تبقي ، لقد أصبح وجودك مربكاً لكلينا ))
شعرت كاترين بالنار تلهب وجهها وقالت :
(( أنا لا أعرف ماذا تعنين ؟ ))
صرخت ليزا في وجهها :
((آه ، أظن أنك تعرفين ن هل تحسبين أني لم ألحظ الطريقة التي تنظرين بها إليه ، الطريقة التي تعلقين بها على كل كلمة يقولها ، إنه شيء يدعو للغثيان ، إن جيرد كثير الأدب ، لم يرض إخبارك بأنك جعلت من نفسك سخرية للجميع ))
((هذا ليس صحيحاً ))
ليزا خففت السرعة عند مفترق طرق ، وانعطفت إلى درب ضيقة وقالت :
((بل صحيح أيتها الفتاة العزيزة ، إن جيرد رجل وهو على استعداد لأن يتناول أي شيء يقدم له ، والآن هل فهمت ما أعني ؟ ))
شعرت كاترين بالدوار يعود إليها من جديد ، وبصعوبة خرجت الكلمات من فمها :
(( أنت مخطئة 000))
((لا لست مخطئة ، عندما جاء إلى غرفتي الليلة الماضية شممت عطرك يفوح منه ))
جيرد لا يحبها 000إنه كاذب في مشاعره ، فقد ذهب من عندها مباشرة إلى غرفة ليزا ، أدارت رأسها نحو النافذة ، وأغمضت عيناها ، وهي تقوم في نفسها : بالتأكيد إن ليزا غيورة ، ولها أسبابها ، فإذا كانت تريد الزواج من جيرد , لها كل الحق مخافة أن يفلت من يدها ، وأن تعترض على أية علاقة أخرى ، أما هي ، فليس لها أي عذر ، فهي تعرف علاقته بأرملة أخيه منذ البداية ، ولذا فإنها أكبرت ليزا في نفسها ، لأنها فضلت أن تحدثها على انفراد بدلاً من إرباكها أمام أفراد العائلة بأكملها 0
وقفت السيارة فأخذت كاترين نفساً عميقاً قبل أن تفتح عينيها وتلتفت لتخاطب السيدة ليزا ، وهي تدرك أن التصرف الشريف الذي يجب القيام به ، هو الرحيل مباشرة فور عودتها إلى المزرعة ، وقطعت أفكارها فجأة بدهشة عندما وجدت نفسها وحيدة في السيارة ، ففي تلك اللحظات التي كانت كاترين تعذب نفسها فيها بالشعور بالذنب والخزي ن فتحت ليزا الباب ومضت ، وغاص قلب كاترين في صدرها لمجرد التفكير أنه قد يكون حلّ بليزا اليأس لدرجة أنها من الممكن أن تؤذي نفسها ، نادت :
((سيدة ليزا ؟))
رعب شديد سيطر عليها ن وهي تنظر حولها ، من غير أن ترى أحداً ، ترى في أي مكان هما ؟ فالأراضي المحيطة جميعها تبدو رمادية اللون صخرية قاحلة ، لم تذكر أنهم مروا من هذا الدرب الليلة التي قدموا فيها من المطار ن فهي لا شك طريق أخرى ، أخذ قلبها يخفق بشدة عندما خطر ببالها أن ليزا جاءت من هنا عمداً لأنها كانت مصممة على أن تقدم على عمل يائس 0
((سيدة ليزا ؟))
فتحت كاترين باب السيارة وخرجت 0 الطقس كان بارداً جداً ، شعرت بالبرودة كالسكاكين تجرح جسمها ، بالرغم مما كانت ترتدي من ثياب ، ومع ذلك فالريح لم تكن شديدة لتزيل الضباب وتتمكن من رؤية ما يحيط بها ))
(( سيدة فريزر ؟ ))
نادت مرة ثالثة بأعلى صوتها ، ولكنها لم تسمع سوى رجع الصدى، لا أثر للحياة على الإطلاق ، ليزا إذن لا يمكنها إيجاد مأوى لها في بيت منعزل 0 لا شك أنها تركت السيارة لأمر ما ، وكاترين لا يمكنها الجلوس فقط وانتظار عودتها 0 إذا حدث لها شيْ فإنها لن تسامح نفسها ، عليها أن تفعل شيئاً 0
((سيدة ليزا ؟))
مرة أخرى لم تسمع سوى رجع الصدى وضعت يديها في جيبيها ، وابتعدت عن السيارة في الطريق الوعرة ، فربما تجدها في مكان ما ، تسمرت كاترين في مكانها ، لقد سمعت صوت محرك السيارة ، كان من الصعب عليها رؤيتها خلال الضباب الكثيف ، ليزا لم تكن يائسة إذن ، لعلها تركت السيارة لحاجة ضرورية 0


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-06-10, 01:24 PM   #25

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

التفتت كاترين لتعود إلى السيارة ، ولكنها أدركت أن صوت المحرك يبتعد عنها ، يا لله ، ليزا تسير في الطريق المعاكس ، لا شك أنها لم ترها بسبب هذا الضباب 0
اعتراها خوف شديد ، ولكنها أخذت تهدئ من روع نفسها معتقدة ، أن ليزا سترجع عندما تدرك خطأها ، وليس من الضروري أن هذا القلق من غير سبب ، ولكن لماذا لم تجبها عندما سمعت نداءها ؟ فهل هناك سبب معقول لديها لتتركها في هذا المكان المنعزل المخيف ؟
أجل ليزا تكرهها ، وتغار منها ، تريدها أن تغادر شلالات موز ، وفجأة تذكرت الحركة التي سمعتها من غرفة الجلوس الليلة الماضية ، عندما كان جيرد في غرفتها ، فقد يكون ما سمعته فعلاً صوت إغلاق باب ، وقد تكون ليزا هي التي أغلقته0
رفعت كاترين كتفيها بحيرة ، وابتدأت تسير ثانية ، وعادت تقول لنفسها ، من الممكن ألا تحبها ليزا ، ومن الممكن أن تغار منها أيضاً ، أما أن تتركها في هذا المكان البارد المخيف ، بعيدة عن الأماكن المأهولة أميالاً وأميالاً ، فهذا ما استبعدته كاترين ، لا يمكن أن تكون ليزا مجرمة إلى هذا الحد 0
استمرت كاترين تخاطب نفسها وهي ترتجف من البرد والخوف ، إنها لا بد راجعة إليها ، صحيح أن ليزا متهورة ولكن لا يمكن أن تكون بلا ضمير 0
وفجأة تذكرت الحذاء الثقيل الذي كانت تلبسه ليزا في قدميها عندما غادرت شلالات موز ، ذلك الحذاء الذي لا يمكن أن يناسب السير في شوارع المدينة ، ولكنه يلائم تماماً تسلق الصخور والاختفاء عن الأنظار وعندها أدركت أنها قد وقعت ضحية كراهية ليزا لها 0


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-06-10, 01:25 PM   #26

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الاخير


كان جيرد لا يزال في القاعة عندما عادت ليزا إلى شلالات موز ، كان مستلقياً على إحدى الأرائك يطالع بعض الصحف ، ففوجئت به هناك في هذه الساعة من الصباح ، هتفت قائلة :
(( جيرد ظننتك ذهبت إلى كالجري ، ألم تقل لي ذلك مساء الأمس ؟))
ألقى الصحيفة التي كانت في يده جانباً ، ووقف قائلاً :
((هل قلت ذلك ؟ قلت أشياء كثيرة ليلة أمس يا ليزا 000))
((حسناً أحسب أنني سمعت خطأ ، سوف أصعد الآن 000))
اعترض جيرد طريقها وقال :
(( انتظري لحظة ، لماذا لم تخبريني عن غلين ؟ لماذا لم تخبريني أن بصره قد عاد إليه ؟ مع أنه طلب منك ذلك ))
حركت ليزا رأسها بصبر نافذ وقالت :
((آه يا عزيزي ، ما أردت أن أبعث فيك الأمل من غير ضرورة ، وأنت تعرف كيف تسير مثل هذه الأمور 000))
قال جيرد بفظاظة :
(( لا ، لا أعرف ، زيديني معرفة ، يبدو أنك احتفظت بهذا الخبر فقط إغاظتي ))
رفعت ليزا يدها لتربت على خده متوددة ، ولكنه أبعد يدها عنه ثم قالت :
((آه يا جيرد ، توقف عن النظر إلي بهذه الطريقة ، كأنك تحتقرني ، لقد أخبرتك أني فعلت ذلك لمصلحتك ))
(( وليس بسبب ما أخبرتك عن شعوري نحو كارين ؟ ))
قلبت شفتها السفلى دلالة عدم اكتراث وقالت :
(( لا ، لماذا أفعل ؟ أنا لا أتذكر حتى نصف ما قلته الليلة الماضية ))
(( ولكنك تذكرين ما قلته عن كارين ))
(( آه يا جيرد ، كانت غلطة من الأصل إحضار هذه الفتاة إلى هنا ، وقد قلت لك ذلك في حينه ، ويبدو أن غلين كان يعرف حقيقتها طيلة الوقت ))
(( هذا ما أخبرني إياه ))
(( هل تحدثت معه ؟ ))
(( هذا الصباح ، كنت على حق ، فقد كانت خطتي الذهاب اليوم إلى كالجري ولكني قبل ذلك ذهبت لأتفقد هورس بعد الذي أصاب كتفه ، وعندما عدت إلى البيت ، عرفت من ماريا أنك وكارين خرجتما سوية ، ن ولذا صعدت إلى غلين لأعرف منه أين اتجهتما إذا كان يعلم ذلك ؟))
((آه ، فهمت الآن ))
ضاقت عينا جيرد وقال :
(( أين كارين ؟ ))
اضطربت ليزا وقالت :
(( في مكان ما هنا , على ما أظن ، كيف يمكنني معرفة ذلك ؟ أنا لست حارسة عليها ))
(( هل عادت معك ؟ ))
(( لا))
عضت ليزا على شفتها ، وهي تتطلع إلى نظرات الغضب التي كانت تطل من عيني جيرد ، الذي شدّها من كتفها بقوة ، وقال :
(( ماذا تعنين بقولك لا ؟ أين هي ؟ أين كاترين ؟ لن أدعك تذهبين قبل أن تقولي ))
نظرت إليه ليزا بعينين كسيرتين وقالت :
(( أنا لا أعرف يا جيرد ، حقاً ل أعرف ، لو كنت أعرف لأخبرتك على الفور ))
حدق جيرد في عينيها وكرر السؤال :
(( أين هي ؟ أين تركتها ؟ لقد خرجتما معاً ، لماذا لم ترجعيها معك ؟ ))
(( يا عزيزي ، إنه عبث مني ، أنا أعلم ذلك ، وأعرف أنك ستغضب مني كثيراً ، لكني سأخبرك الحقيقة على أية حال ، أوقفت السيارة في موزباي ، واتفقنا أن نلتقي في المكان نفسه وحددنا موعداً لذلك ، ومضينا كل في جهة ، وعندما عدت لم أجد كاترين قرب السيارة ، لذلك رجعت وحدي ))
(( تركتها في موزباي ؟ ))
جنّ جنون جيرد عند سماعه هذا الكلام ، ولكن ليزا لم تقل شيئاً ، فقط استمرت بالنظر إليه بحرارة ورجاء ليتركها تذهب إلى غرفتها ، ولكنه تابع بخشونة :
(( ليزا أنت قذرة ، أنت أنانية ، أود لو ألوي عنقك 000 بيدي هاتين ))
حبست ليزا أنفاسها وهي تتألم وقالت :
(( يا عزيزي ، كيف يمكنك أن تكون قاسياً إلى هذا الحد وقد كنا متفقين على أن يكون كل منا للآخر ؟ ))
صاح جير بقسوة وهو في حالة لا تسمح له بأن يقدر مشاعرها :
(( كل منا للآخر ؟ لعل هذا تفكيرك أنت وحدك ! ولكن الواقع لم يكن أحدنا يعني شيئاً بالنسبة للثاني يا ليزا ، لا شيء ))
أمسكت بكمه وقالت :
(( جيرد ، هذا ليس صحيحاً ، كنت تريدني حتى قبل ولادة غلين ))
أجاب جير بقحة :
(( كفي عن التصرف كالصغار ، لقد كنت صغيراً في ذلك الوقت ، كنت في الثامنة عشرة ، أظن أني كنت مغروراً لأن امرأة أكبر مني أظهرت لي أنها مفتونة بي ، وإذا لم أكن أحترم أخي على صغر عقلي ، كيف استطعت أنت ذلك والآن أين كاترين ؟ أين يمكنني أن أجدها ؟ ))
(( هذه مشكلتك ))
توجهت ليزا نحو الدرج ، في الوقت الذي دخل فيه بن ، نظر إلى ابنه مستفسراً ، ثم التفت إلى ليزا وسألها :
(( هل تعرفين أن عجلة السيارة 000))
أجابت ليزا قبل أن يكمل حديثه :
(( أنا أعرف ، وسوف أحضر من يصلحها ))
قال بن وهو يرمق جيرد :
((يبد أنك تحتاج لعجلة جديدة ، لأنها ممزقة تماماً ، ولا عجب أن يحدث ذلك في تلك الطرق الجبلية ))
أسودت عينا جيرد وصاح سائلاً :
(( أية طرق جبلية ))
أخذ بن ينظر على وجه ولده المكفهر تارة ، وتارة إلى وجه ليزا التي كانت تحاول الهروب إلى الطابق العلوي ، دون أن يفوه أحد بكلمة ، ولكن جيرد لم يترك لها مجالاً للصعود وأمسك بها بشدة ، وصرخ بها بوحشية :
(( ليزا ، أية طرق جبلية هذه ؟ أجيبي !))
أخذ جسمها يرتجف تحت يده ونظراته خوفاً ، وقالت بصعوبة :
((لا أعرف ، هل يجب علي معرفة ذلك ؟ لا أعلم عن أي شيء يتكلم ، عندما كنت في طريقي إلى هنا ، كان هو في المكان الذي ينفرد فيه منكباً على شرابه ، إنه لا يدري عن أي شيء يتكلم ، فهو لا يحق له العيش بين أناس محترمين ))
لم يأخذ جيرد بكلام ليزا ، وظل ممسكاً بها ، ونظر إلى أبيه يسأله :
(( ماذا تعرف ؟ تكلم يا رجل !))
شعر بن أن الوضع متأزم بين ابنه وليزا ، فنظر إليها من غير رغبة وأجاب :
((العجلة يمكن تبديلها بسهولة و لا شأن لي بها ، لكن 000))
قاطعته ليزا ببرود :
((لا ، طبعاً ليس من شأنك 000))
لكن نظرات جيرد القاسية أجبرتها على السكوت مرة ثانية ، وقال لأبيه :
(( أكمل يا أبي ! ماذا رأيت ؟ أظن أنك رأيت ليزا وأنت عائد من المدينة ، أليس كذلك ؟ ))
شهقت ليزا ورددت بعبوس :
(( المدينة ؟ ))
أحنى جيرد رأسه وقال :
(( ألم تعرفي أن والدي ذهب إلى المدينة ؟ أظن أنك لا تقدرين رؤيته إذا كنت ذهبت 000آه يا الهي ( شحب لونه ) كاترين ، أين كاترين ؟ قولي ماذا عملت بها ؟ ))
أمسك جيرد بكتفي ليزا وهزهما بعنف وقسوة ، وأسنانها تصطك وهي تحاول الإجابة :
(( ماذا فعلت ؟ أنا لم أفعل أي شيء ، توقف عن هزي ، لقد آذيتني ))
(( سأفعل أكثر من هذا ، إذا اضطررت لذلك ))
قال جيرد بقسوة بالغة ، ثم التفت إلى أبيه يشرح له الأمر :
(( أبي ، ليزا أخذت فالنتينا – كاترين – معها ولكنها لم ترجعها ، فأين رأيت العربة ؟ من أي اتجاه جاءت ؟ يا الله ، إذا كانت تركتها هناك ، فيجب أن نجدها على الفور ))
ضبط بن أعصابه ، غير عابئ بليزا الباكية ، وقال دون تردد :
(( اهدأ يا ولدي ، رأيتها على الطريق عند منعطف ممر جرفتر ، ولكنها لم ترني ، فقد كانت تجد صعوبة في قيادة السيارة على تلك الطريق ، بسبب العجلة المثقوبة ، ولكني تبعتها ))
التفت جيرد إلى ليزا وهو يهزها وقال :
(( هل ستخبرينني أين هي ؟ أين تركتها ؟ أو تريدين مني أخراج الكلمات من فمك بالقوة ))
استعادت ليزا شيئاً من رباطة جأشها ، وقالت :
((لا تستطيع000))
((حاولي وجربيني 00حقاً إنك لمجنونة ، الويل لك إن كنت آذيتها ))
تجهم وجه ليزا عند سماعها تهديده ، وقالت :
((أنا لم أفعل شيئاً لها ، فقط أردت إخافتها قليلاً ، هذا هو كل شيء ، وقد صممت على العودة إليها ))
قال جيرد وهو يشك في أقوالها :
(( هل حقاً كنت ستعودين ؟ كنت تتوقعين أني سأغيب طوال النهار في كالجري ، هل تذكرين ذلك ؟ ولو لم أكن هنا عند عودتك ، من كان سيحزر أين هي كاترين ؟ ))
(( ما الذي يجري هنا ؟ ))
جمد الجميع في أماكنهم على صوت غلين ، وهو ينزل درجات السلم ببطء ، كان مرتدياً ثيابه ، ممشطاً شعره ، وعلى عينيه نظارة قاتمة ، وقال متابعاً :
(( لماذا تملأون البيت صراخاً هكذا ؟ ما الخبر ؟ هل هو اجتماع خاص ، وهل يمكنني الانضمام إليكم ؟ ))
وقبل أن يتمكن جيرد أو ليزا من النطق بكلمة ، أوضح بن الأمر باختصار :
(( والدتك أخذت سيدتك الشابة إلى الجبال ، وتركتها هناك ))
بدت الدهشة على وجه غلين وظهرت معها علامات الخوف ، وقال :
(( سيدتي الصغيرة ؟!! هل تعني كاترين ؟ ))
بدا الارتباك على وجه بن وردد :
((كاترين , وجيرد يقول كاترين ، ما الخبر؟ ))
ولكن لم يكن لدى جيرد أي وقت ليوضح له الأمر ، وقال لأبيه :
(( سأشرح لك الأمر فيما بعد ))
ثم سحب ليزا وراءه إلى الباب وقال :
(( أقادمة أنت معنا ؟ سوف أطلب من هورس مرافقتنا ، فكلما كثرت العيون التي تبحث عنها يكون ذلك أفضل ))
قال غلين بشوق وهو ينظر لعمه :
(( أريد الذهاب معكم ))
رفع جيرد يده عن ليزا وقال :
(( غلين 000))
قاطعه غلين في ثبات :
(( أعرف ، أعرف إنها ليست مغرمة بي ، ليس من الضروري إيضاح ذلك لي ، أنا لم أعد أعمى ، كما أنني شعرت بالمشاعر المتبادلة بينكما منذ الليلة الأولى التي وصلنا فيها إلى هنا ))
نظر إليه جيرد يريد أن يقول شيئاً ، ولكن غلين هزّ رأسه وقال :
(( أحضرت أنت هورس ، بينما أرتدي معطفي ، وكما قلت كلما كثرت العيون التي تبحث عن كاترين يكون ذلك أفضل 0
كانت كاترين ترتجف من البرد ، وتكاد تتجمد جميع أطرافها ، مع أنها كانت تلبس قفازاً وتضع يديها في جيبي معطفها ، سرى الخدر رويداً رويداً في أصابعها ، وأما قدماها فقد فقدتا القدرة على الشعور

حتى بالألم منذ فترة طويلة 0
كم مرّ عليها من الوقت منذ تركتها ليزا ؟ لا تدري ، ساعة ؟ ساعتان ؟ كانت خائفة من مجرد النظر إلى ساعتها ، خائفة أن يكون الزمن الذي مضى أكثر مما تظن ، وهذا يعني أن الظلام أوشك أن يظلل تلك الممرات الصخرية ، يا الله ماذا عساها تفعل ؟ وحدقت في الضباب ، وأطالت التحديق لقد خمنت أين هي عندما استطاعت أن تلمح الصخور الشاهقة الشديدة الانحدار التي تحيط بها 0
لا شك أن هذه الجبال التي سبق وشاهدتها من غرفة نومها في المزرعة وسحرت بها ، هي الجبال التي أشار إليها غلين يوم خرجا لركوب الخيل وقال إنها خطرة 0
والآن ضاع سحر جمال تلك المرتفعات ، وأسدلت عليها ستائر من الخطر المريع ، ومع ذلك حاولت تهدئة مخاوفها ، ولكنها ارتعدت على حين غرة ، لم يكن من آلام ظهرها ، لم يكن من البرد ، لم يكن من الجوع ، لم يكن من الخوف أن تموت رعباً فقط ، بل أنتابها حدس رهيب ، بأنها لم تكن وحدها في هذا الممر ، هناك شيء ما ، أو أحد يطاردها خلسة ، وصوّر لها خيالها أن هناك عيوناً تلمع وسط الضباب تلاحقها ، وأشتد بها الذعر ، إذ تذكرت أنها قرأت في كتاب الدليل عن هذه الجبال قبل مغادرتها انكلترا ، أن هناك دببة وأيائل تعيش في هذه المناطق ، ومن المعروف أن هذه الدببة تهاجم المارة
فإذا كانت مظاهر الحياة المدنية التي تحيط بشقتها هناك تبدو لها مرعبة عندما تكون وحيدة ، فكيف وهي في هذا المكان النائي عن كل مظهر من مظاهر الحياة إلا من تلك الوحوش التي تتلصص متوارية عن الأنظار ؟!!!
ومع ذلك كانت كاترين متأكدة أن ليزا لا بد أن ترجع إليها ، ولكنها هي التي فقدت الأمل بسرعة !!
وقفت كاترين وقامت ببعض الحركات لتنشيط جسمها المتجمد ، وقررت المسير ، إن الدرب الذي سارت فيها ليزا بسيارتها لا يزال واضحاً ، وعليه فلتبدأ من هناك ، مشت كاترين ومشت ، لكن الرذاذ المتواصل أضاع معالم الطريق الرطبة ، ولم تعد قادرة أن تتأكد إن كانت تسير في الممر الصحيح أم أنها ضلت عنه ، شعرت كأنها تسير بانحدار بسيط ، ولكن إلى أي اتجاه ؟ لا تدري 0
خشيت أن تكون قد دارت بطريقة ما إلى الخلف في الاتجاه المعاكس ، من حيث لا تشعر وسط هذا الضياع الذي وقعت فيه ، وإنها تسير الآن أبعد فأبعد بين الجبال بدلاً من الخروج منها 0
فجأة أدركت كاترين أنها ليست وحيدة مع مخاوفها ، ولا كانت هي الدببة التي تترصدها ، إنه صوت بوق سيارة يدوي آت من بعيد ، كان الصوت واضحاً حتى لأذنيها المتجمدتين ، لقد سمعته بالفعل بعدما فقدت الأمل في التصديق بأن ليزا عادت إلى رشدها 0
أخذت تتعثر كيفما مشت ، أسرعت باتجاه الصوت ، تحاول أن تصيح بأعلى ما تستطيع ولكن صوتها لم يكن يخرج من حلقها الجاف إلا بصعوبة بالغة 0
الصرخات التي كانت تطلقها مزيج من الكلمات المتقطعة والنشيج 0
(( ليزا ، هنا أنا ، أنا هنا))
بعد دقائق غمرها نور السيارة ، ولما تأكدت من النجاة ، خذلتها قدماها ، وسقطت على الأرض تبكي ، تبكي الساعات الطويلة التي أمضتها في ظلمة الخوف والرعب ، لم تعد تبالي بأفكار ليزا بها ، إذ كان يرضي روحها الشريرة رؤيتها جاثية على الأرض ذليلة هكذا ، لم تعد تبالي بشيء إلا الهرب من هذا المكان الرهيب
((كاترين ))
في بادئ الأمر ظنت أنها أصيبت بهلوسة ، مع أنها كانت متأكدة أنها سمعت صوت بوق سيارة ، ورأت أنوارها ، وأيقنت بالنجاة ،ولكن عندما نطق جيرد باسمها في هذه البقعة الشائكة الصخرية المخيفة ، تأكدت أنها كانت تتخيل ، وأن ما سمعته وما رأته كان من صنع أوهامها ، فانحنت رأسها أكثر فأكثر باستسلام حتى كاد يلتصق بالأرض 0
(( كاترين 00يا الهي ، إذا ألحقت بك أذية ، أقسم بأني سأقتلها ))

تكلم جيرد ثانية ، وعندما شعرت بيدين قويتين ترفعانها عن الأرض تمنت أن يكون ذلك حقيقة لا حلماً ، إلا أنه لم يكن حلماً بالفعل ، كان هناك بن وهورس أيضاً ينزلان من السيارة 0
شعرت بأن جيرد قد تملكته الرعشة أيضاً ، فأحاطته بذراعيها لتبعث فيه الاطمئنان ، مد يده إلى رأسها ، ورفع عنه الشعر المستعار ، وألقاه على الأرض ، ثم لفها بمعطفه ليبعد عتها البرد الذي اخترق عظامها 0
((يا الهي ، كاترين كنت كالمجنون ، ولو أنك أصيبت بأذية لكنت قتلتها ، هل تعرفين ذلك ؟ ))
((لكنها لم تفعل ، و لا بد أنها أخبرتك أين تجدني وإلا كيف اهتديت إلي بهذه السرعة ))
تأوه جيرد ، في الوقت الذي وضع بن يده على كتفه ثم قال :
(( أكثر من أربع ساعات ونحن نبحث عنك بين هذه الصخور ، حتى كدنا نفقد الأمل )))
تابع بن بهدوء ، وهو يمسك ذراع كاترين :
(( جيرد أدخل إلى السيارة ، ألا ترى أن الفتاة تكاد تتجمد من البرد ؟ يمكنك تاجيل الحديث الآن حتى تعيدها إلى المنزل ))
قال هورس :
(( جيرد أدخل السيارة ن واجلس في الخلف ، وأنا سأقودها ))
أفسح جيرد لكاترين كي تتقدمه ، ثم جلس إلى جانبها ، نظرت كاترين بشيء من الارتياب إلى ليزا التي كانت تجلس أيضاً في المقعد الخلفي ، أما الأخرى فقد تطلعت إليها بعينين ملؤهما الحقد ، وقالت ببرود:
(( أرأيت يا جيرد ، إنها بخير ، ولا ضرورة لكل ذلك الرعب الأحمق الذي أبديته ))
((ليزا اصمتي ))
رأت كاترين وهي تلقي برأسها على كتف جيرد أن غلين كان يجلس على المقعد الأمامي ، فمد يده يربت على يدها وقال :
(( أظن أن كلا منا عنده ما يخفيه ، أليس كذلك ؟ هل تسامحينني على خداعي لك طيلة هذا الوقت ؟ ))
(( إني آسفة 000))
(( لننس الموضوع ، لقد أدركت منذ البدء أنه لا يمكن أن تكوني فالنتينا من الطريقة التي تتصرفين بها ، وأخيراً أخبرني جيرد عن هروبها ، أما السبب الرئيسي لإلحاحي على مجيئك معنا ، كان لأرد الصفعة لكليهما ، فالنتينا وصديقك سيمون ، ولم أكن أعلم في بادئ الأمر أنه كان لجيرد مأرب آخر ))
كان هورس يقود بسرعة ، والسيارة الكبيرة تقفز قفزاً على طول الطريق 0ولذا قطعوا المسافة في وقت قصير ، ولم يشعروا إلا والسيارة تقف أمام المنزل يطالعهم وجه ماريا الشاحب ينطق بالكآبة والقلق 0
نزل جيرد من السيارة مخاطباً المرأة الهندية بجفاء ، فلم تسمعه كاترين يخاطبها بمثل هذه اللهجة من قبل :
(( هيئي حماماً حاراً ، لقد وجدنا كاترين ، ولكن الرطوبة اخترقت جسمها حتى العظم ، ثم خذي لها حساء ساخن إلى غرفتها ، لاشك أنها جائعة أيضاً ))
بقيت كاترين في المياه الساخنة ، تستمتع بدفئها ، بعد ذلك الصقيع الذي جمد جسمها ، ولم تخرج منها إلا بعدما أحست بالحرارة تعود إلى أوصالها من جديد ، وتعيد إليها نشاطها وحيويتها 0
استلقت بارتياح فوق سريرها تبعد عن ذهنها جميع الأحداث الرهيبة التي مرت بها ، ولا تفكر إلا بجيرد ن لا شك أنه يحبها ، وهي بالتأكيد تحبه0
ولما رجع إليها بعد حين ، كان بودها أن تسأله عما حدث عندما عادت ليزا بدونها ولكن الخجل من جهة ن وعدم رغبتها بالتدخل في علاقتهما الشخصية من جهة أخرى أسكتها تماماً عن الكلام ، حتى فاجأها جيرد بسؤال دون أن ينظر إليها :
((أخبريني ، هل ستتزوجين سيمون ؟ أعني هل هذا ما تريدينه ؟ أم ستكون لدي الفرصة لثنيك عن ذلك ؟ ))
اتسعت عينا كاترين ، ولكنه كان ما يزال لا ينظر إليها وتابع :
(( في الليلة الماضية أعطيتك مهلة لتجيبي ، أما الليلة فلا ))
أمسكت كاترين أصابعه بحنان ، وقالت :
((جيرد ، كنت أظن أنك تريد الزواج من ليزا ، هذا ما سمعته منذ وصولي إلى شلالات موز000))
(( لكن هل سمعت هذا مني ؟ إني أحبك يا كاترين ، فهل تحبينني كما أحبك ؟))
همست كاترين بعذوبة :
(( أنت تعرف لقد أحببتك منذ رأيتك للمرة الأولى 0 ومن ذلك الوقت علمت أن علاقتي بسيمون لن يكتب لها الاستمرار ، ولكن ليزا 000))
(( دعينا من ليزا ، يكفي أنني أحاول ألا أكرهها لما فعلته بك ، لا بد أنها مجنونة ))
(( ولكني أظن أنها تحبك ))
(( الواقع أنها تريد المزرعة فقط ، هذا هو كل شيء ، وهي تعلم أنني لو تزوجت من غيرها ، فلن تؤول المزرعة إلى غلين ))
((لكن غلين لا يريد 00))
(( أنا أعرف ، غلين لا يريد المزرعة على الإطلاق ، فهو مثل أبيه ، يريد الرحيل عن كندا ، على كل حال لقد انتهى الآن كل شيء ، ومن المؤكد أن ليزا ستقوم برحلة بعيدة عن المزرعة ، وعندما تعود سأشتري لها منزلاً في كالجري ن وفي تلك الحالة ستكون لديها أمور كثيرة ، تشغلها عن إزعاجنا ))
((جيرد ، ماذا عن بن ؟ لا تبعده عن هنا ، أرجوك ، أنا أعلم أنه يزعجك في بعض الأحيان ولكن 000))
(( لن أفعل ، إنه أبي يا كاترين ، فقد كان من جملة أسباب كرهه لليزا ، ظنه أنه ما إذا أصبحت ليزا هي سيدة هذا المنزل فإنها سترغمني على أن ألقي به خارجاً ، ولكن تأكدي أني لن أفعل هذا أبداً ، يبدو أنك ستجعلينني غيوراً لأنك ستجدي رجلين من حولك يحبانك ))
ابتسمت كاترين بسرور وقالت :
(( إن حبك يكفيني يا جيرد ، وأنت تعرف هذا ، متى سنتزوج ؟ ))
(( أريد التأكد أولاً أنك لا تختفي مثل أختك ))
(( لا ، لن أفعل ، لقد ذكرتني فيجب أن أكتب لأبي وأختي ، لا شك أنهما سيتفاجآن عند سماعهما هذا النبأ السعيد ))
(( يمكنني أن أقول لو أن 000))
قاطعته كاترين وهي تربت على خده بدلال وحب وقالت :
((لو أن فالنتينا لم تقدّ سيارة غلين ، ولو أن غلين لم يصب بتلك الحادثة 000))
تابع جيرد كلامها وهو يضع ذراعه على كتفها بحب عميق :
(( لما كنا التقينا ، هل تعتقدين ذلك ؟ أنا متأكد أننا كنا سنلتقي بطريقة ما ، لقد كنت في انتظارك طيلة حياتي ))
(( آه يا حبيبي ، أريد أن أصدق ذلك ، لأنني لا أستطيع أن أتخيل حياتي من دونك كيف يمكن أن تكون 0))

تمت بحمد الله


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-06-10, 08:03 PM   #27

knight

? العضوٌ??? » 95858
?  التسِجيلٌ » Jul 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,309
?  نُقآطِيْ » knight is on a distinguished road
افتراضي

thanks

knight غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-06-10, 09:12 PM   #28

samahss

مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية samahss

? العضوٌ??? » 111513
?  التسِجيلٌ » Mar 2010
? مشَارَ?اتْي » 39,598
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » samahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond repute
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

شكرررررررررا

samahss غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-06-10, 11:58 PM   #29

aichato83

? العضوٌ??? » 113338
?  التسِجيلٌ » Mar 2010
? مشَارَ?اتْي » 287
?  نُقآطِيْ » aichato83 is on a distinguished road
افتراضي

machkourin

aichato83 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-06-10, 07:52 AM   #30

النغمة الضائعة
 
الصورة الرمزية النغمة الضائعة

? العضوٌ??? » 1658
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 521
?  نُقآطِيْ » النغمة الضائعة is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايديكى

النغمة الضائعة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:22 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.