المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمل بيضون
الفصل الثالث عندما وصلت صوفي وتوم الى النادي الليلي في تاكسي وجدا نفسيهما في صف طويل , كانت السيارات تقف ثم تفرغ ركابها , رجال في بذلات السهرة , نساء في ثياب طويلة , والجميع يسرعون داخلين الى المطعم الليلي هربا من الثلج المتساقط فوق الرؤؤوس , كانت تتألق إشارات النيون , بينما موسيقى الروك تعزف في الداخل. بينما كانت سيارتهما تنتظر , إندفعت صوفي الى الأمام فجأة جاحظة العينين : "تلك هي جينا تمبريل !". مال توم الى الأمام , هو أيضا , وسأل : " أين هي ؟ هل دخلت الى النادي؟". " دخلت لتوها". إستقام توم في جلسته ومضى يتأمل وجه صوفي وهو يسألها: " هل أنت واثقة من أنها هي؟". فعبست في وجهه : " طبعا متأكدة , كما إنك لن يمكنك أن تخمن أبدا من كانت معه". " فيليب سليد ؟". لم يكن توم يتابع الأقاويل , ولهذا لم يعلم أن جينا توقفت عن الخروج مع فيليب منذ أشهر. هزت صوفي رأسها لاوية شفتيها : " إنه ماك كامرون ". ونظرت الى فم توم المفتوح دهشة وهو يقول : " أنت تمزحين". تحركت سيارتهما الى الأمام ثم توقفت أمام المدخل . فتح لهما الحارس الباب ثم ساعد صوفي على النزول من السيارة والدخول , أخذت تنظر الى السجادة الحمراء الممتدة من الطريق الى البوابة , ثم أخذت تضحك بصوت خافت: " إنني أعرف الآن مشاعر الأمراء". أمسك توم بذراعها : " حسنا , هيا أيتها الأميرة , ودعينا نختلط بالأغنياء والمشاهير". أبرز بطاقة الدعوة عند الدخول , ثم دخلا ليرحب بهما ( باري النسر ) في بذلة سهرة بيضاء وقميص أسود وربطة عنق ذهبية. قال لتوم وهو يدفعه الى الداخل بمودة : " مرحبا , كيف حالك؟". " ليس سيئا , يا باري , إنك تبدو بحالة حسنة للغاية , كما أن المكان يبدو رائعا أيضا!". " لقد أمضيت أشهرا في تصميمه , إنك لن تستطيع عد الوجوه المشهورة التي ستراها , وستكون مادة دسمة للصحافة بقية الأسبوع , كل صحيفة في شارع الصحافة أرسلت مندوبا عنها". تساءلت صوفي بخبث عما إذا كان أولئك المندوبون مختصين بأخبار الجرائم هم أيضا. وكأنما قرأ باري أفكارها , فنظر اليها بعينيه الداكنتين من فوق الى تحت , ثم منحها ما يعتبره إبتسامة مغرية , وقال ماوحا: " أين كنت مختبئة طوال حياتي؟". كبحت ردا ساخرا , لأجل توم , وبدلا من ذلك إتكأت على ذراع توم وهي تطرف بأهدابها ضاحكة. فقال توم بسرعة : " هذه صوفي". " حسنا , مرحبا يا جميلة , في أي وقت تسأمين فيه من توم هنا , أعلميني". إبتسمت صوفي ببرودة , وهي تتساءل عما إذا كان ذلك الإنتفاخ البسيط في الجانب الأيسر من سترته البيضاء هو مسدس , أم أن مخيلتها تصوّر لها ذلك لأن توم كان أخبرها بأن باري له أصدقاء مجرمون؟ كان متجها نحوهما الآن رجل تبدو عليه علائم الإجرام نوعا ما , تبع باري نظراتها , ثم هتف : " مرحبا بينز , هل كان شيء على ما يرام؟". " آسف , للمقاطعة يا سيدي , ولكن لدينا مشكلة صغيرة بشأن الشراب .....". ثم خفض صوته بإحترام بينما عضّت صوفي شفتها تمنع نفسها من الضحك بعد أن أدكت أنه النادل المختص بالضيافة. " كنت أعلم أننا لم نطلب ما يكفي , ألم أقل لك ذلك , يا بينز؟". أخذ باري يتمتم بضيق , ثم ألقى نظرة عابسة على توم وصوفي : " آسف لأضطراري الى ترككما , هنالك مشكلة". عندما جلس الأثنان الى مائدة , فيما بعد , قال توم : " باري شخص لا بأس به لكنه يحب المظاهر قليلا". كانت صوفي تحدق حولها , فأومأت موافقة. لم تكن القاعة واسعة رغم أنها كانت تبدو هائلة الحجم لأن سقفها وجدرانها كانت مغطاة بالمرايا. كانت جينا نيريل تجلس الى مائدة مع سبعة أشخاص آخرين عرفت صوفي بعضا منهم , من ضمنهم أحد مديري سنتنال لم تتذكر إسمه , ولكنها رأته عدة مرات من قبل. همس لها توم: " إنظري , ذاك هو السيد كامرون مع جينا تيريل ! كنت على صواب!". أومأت جينا وهي تنظر الى المائدة الأخرى : " ما الذي تنويه جينا؟". في الصيف الماضي , نشرت سنتنال مقابلة بين فاليري نايت وفتاة شابة تسمى ( مولي غرين ) كانت تدّعي بأنها متزوجة سرا من الممثل المشهور ماك كامرون ولكنه أنكر ذلك ورفع دعوى قذف على الصحيفة. كانت صوفي طبعت خلاصة الدعوى متضمنة سنتنال , وبطبيعة الحال , كانوا يدعون أنه كان لديهم مبرر لما كتبوه لأنه الحقيقة تذكرت صوفي شائعة قالت أن جينا تيريل كانت تخرج مع الممثل كامرون في الصيف الماضي. تقول الشائعة أن نيكولاس كاسبيان قد أمرها بالتوقف عن ذلك , ومع ذلك , ها هي ذي جينا مع ماك كامرون هنا الليلة , معرضة نفسها لهذا العدد الكبير من مراسلي الصحف , فما أفظع ردة فعل نيكولاس كاسبيان عندما يقرأ ما ستنشره الصحف عنهما. أخذت تنظر الى الى مصور يدور بين الموائد , يأخذ صورا سريعة للمشهورين , فتمنت أن لا يأخذ صورة لجينا. وقف , في تلك اللحظة , شخص أمام مائدتهما , فرفعت عينيها الى رجل أسمر البشرة يبدو في بذلة السهرة غايى في الأناقة. حيا توم بإيماءة من رأسه: " مرحبا , يا بيرني , هل أنت في عمل هنا , أم أنك مدعو؟". " ربما سأكتب مقالة عن المطعم ". قال توم ذلك دون حماس وقد تصلب جسمه بشكل غريب , أحست صوفي أنه لم يحب هذا الرجل , فأخذت تتأمل الرجل الغريب عابسة. بادلها هو النظر وقد بعثت عيناه السوداوان التوتر في كيانها , قال يأمر توم : " عرفنا ببعضنا , يا بيرني". فأمتثل توم متلعثما: " صوفي ....... أندريس كيرك". كان الرجل الغريب ما يزال يتأملها , ثم إبتسم فجأة فأدهشها ما بعثت إبتسامته في ملامحه الباردة من ظرف. " صوفي......إسم جميل وهو يناسبك". ومدّ يده يصافحها وهو يتابع: " هل أنت عارضة أزياء أم ممثلة , يا صوفي؟ لا بد أنك إحدى الأثنين بجمالك وذوقك هذا في الملابس....". وجالت نظراته بين شعرها البني الذهبي المكوّم فوق رأسها , وبين وجهها البيضاوي , وقوامها الجميل. أجابت وقد إحمر وجهها تحت نظراته المتفحصة: " أنا سكرتيرة". قال توم: " إن صوفي تعمل في صحيفة سنتنال , في القسم القانوني". إرتفع حاجبا أندريس كيرك الأسودان : " أحقا؟ هل تحبين هذه الوظيفة؟ ألا تجدين القانون مملا؟". " كلا , أنا أراه ممتعا جدا ". قالت ذلك ببرودة , كرد على سؤاله. قال ببطء: " أتمنى لو أنك تعملين عندي , لم يذكر توم أنني محام". شهقت بعجب : " محامي؟ ". وكانت قد ظنت أنه لا بد أحد أصدقاء باري الأغنياء المجرمين ! إبتسم هو ساخرا وكأنه قرأ أفكارها : " ولا أستطيع أن أجد سكرتيرة تفهم جيدا المصطلحات القانونية , أو تشعر بأية متعة في القانون , ألا إذا كان شكلها يشبه قفا الباص , لهذا , إذا ما فكرت يوما في التغيير أتصلي بي ". ثم وضع يده في جيبه وأخرج بطاقة . عندما أخذتها صوفي منه كارهة , ألتمع وهج آلة التصوير , فرفعت بصرها مجفلة , بينما إستدار أندروس كيرك على عقبيه , وقد تجهم عابسا , لكن المصور أولاهما ظهره الآن , وأخذ يلتقط صورة لمائدة أخرى. سأل كيرك توم : " هل ألتقط لنا صورة؟". فهز توم كتفيه : " لم ألاحظ ذلك , ولكن هناك من يلوّح لك بيده من تلك المائدة". نظر كيرك الى حيث أشار توم , فرأى إمرأة في ثوب أحمر , فتمتم لاويا شفتيه : " آسف إذ علي أن أعود الى مائدتي , لكنني آمل أن أعود فأراك في الحفلة , يا صوفي ". ثم إبتعد دون أن يسمع جوابها , وكأنه كان واثقا من موافقتها. عند ذلك تأوه توم قائلا : " ظننته لن يذهب أبدا , أرجو أن لا يكون ساءك التعرف اليه , لم يكن أمامي خيار آخر........". حولت صوفي عينيها عن أندريس كيرك ببطء الى توم : " إنه مخيف بعض الشيء ! لقد أندهشت عندما علمت أنه محامي". نظر اليها بدهشة , ثم همس : " أتعنين أنك حقا لا تعلمين من يكون ؟ إنه مشهور , يا صوفي , لقد بنى شهرته على دفاعه عن بعض كبار المجرمين في لندن , ولديه أصدقاء منهم , لقد شهدت له قضايا حطم أدلة كانت تبدو غاية في القوة , إنه هائل في قاعة المحكمة". " أتصور أنه هائل في كل مكان". قالت ذلك وهي تنظر الى كيرك يجلس الى مائدة حيث وضعت الشقراء ذات الثوب الأحمر يدها على ذراعه بإلفة . نظر توم الى حيث كانت تنظر , ثم ضحك قائلا: " مسكين كيرك , كم يبدو وضعه سيئا وهو يجلس بجانب مائدة مارك كامرون ". ونظر الى الممثل المشهور بشيء ممن الحسد , ثم تابع يقول: " لا أدري ماذا ترى النساء في كامرون , أتظنينه جذابا ؟ أنا لا أرى ذلك". أجابت: " ذلك لأنك لست أمرأة , إنه جذاب , صدقني". كانت جينا تيريل تفكر في نفس الشيء بالضبط وهي تستمع الى ماك كامرون يسلي الحاضرين بتقليده المدهش لأحد أكبر أسماء المسرحيين المشهورين , أخذت تنظر الى جسمه المرن وهو يتحرك , شاعرة بشخصيته المحيّرة , وعينيه السريعتي الحركة , وأبتسامته المشرقة. |