آخر 10 مشاركات
2006- فارس الجزيرة الأستوائية - لينسى ستيفنز - روايات غدير 2000 (الكاتـب : Just Faith - )           »          إمرأة لرجل واحد (2) * مميزة و مكتملة * .. سلسلة عندما تعشق القلوب (الكاتـب : lossil - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          السرقة العجيبة - ارسين لوبين (الكاتـب : فرح - )           »          كل مخلص في الهوى واعزتي له...لوتروح سنين عمره ينتظرها *مكتملة* (الكاتـب : امان القلب - )           »          [تحميل] مهلاً يا قدر ،للكاتبة/ أقدار (جميع الصيغ) (الكاتـب : Topaz. - )           »          130 - كلمة السر لا - روبين دونالد (الكاتـب : عنووود - )           »          ثمن الكبرياء (107) للكاتبة: Michelle Reid...... كاملة (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          روايات بتحبوها كثير وانامعاكم (((دليل الروايات حسب الاحداث))) (الكاتـب : fabiola - )           »          فجر يلوح بمشكاة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree4Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-11-17, 02:59 AM   #1

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
Flower2 408-عندما يتكلم الحب -كاترين روس -(كتابة /كاملة)


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته






ازيكم أعضاء روايتي الحلوين والحلوات
اليوم مبارك بجد علينا وعليكم
عشرأعوام أكمل منتدنا من سنينه عشرة
قراءة ممتعة لكم جميعا








روايات احلام

(408) عندما يتكلم الحب

كاترين روس

كانت كارى مايكلز تحتاج إلى خطيب فى الحال !

فقد انقلبت حياتها رأساً على عقب إثر تبنيها ابنة أخيها اليتيمة. وهى الآن لا تجد لمشكلتها مع هذه الفتاة الصغيرة إلا حلاً واحداً : إيجاد رجل و التظاهر بأنها مخطوبة له!

لم تستطيع أن تصدق حظها الجيد عندما عرض عليها المحامى الأسبانى الجذاب ماكس سانتوس أن يصبح خطيبها المزيف.و لكن فى لهفتها للقبول لم تنتبه إلى أنها لا تعرف الكثير عن حاجة ماكس الخاصة لهذا العرض

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي



الرواية منقولة شكرا لمن كتبها

ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 27-11-17 الساعة 07:27 AM
Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-11-17, 12:14 PM   #2

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

1 / غريبان و..... كذبة بيضاء
أليس من الغرابة أن تتغير الحياة فى لحظات ؟ فكرت كارى بذلك وهى تأخذ مكانها فى القسم المخصص لرجال الأعمال فى الطائرة. فى الماضى كانت تأخذ وقتها بعد إنهاء جدول مواعيدها خلال رحلة العمل إلى مكتب باريس و تستمتع بفترة تسوق فى الشانزيليزيه لكنها فى هذه الأيام ما عادت تهتم بذلك كله....فالوصول إلى المنزل فى الوقت المناسب لتكون مع ابنة أخيها بات محور تفكيرها الأن
تفقدت كارى ساعة يدها عندما أعتذر القبطان عن التأخير فى الإقلاع و أعلن أن الوقت المتوقع لوصولهم إلى برشلونة هو الرابعة ونصف.
تساءلت أن كانت ستتمكن من الوصول إلى المنزل فى الوقت المناسب كى تصطحب بنفسها مولى من المدرسة. عادة لا يسبب تأخيرها أى مشكلة لأنها استخدمت مربية لتساعدها و تحل مكانها فى وقت كهذا أما هذا الأسبوع فقد طلبت سيلفيا أجازة لتسوية مشاكل خاصة بها . بدت الفتاة تعيسة ما جعل كارى تشعر أنها مجبرة على الموافقة.
بطريقة ما تمكنت كارى من تدبر الأمر بإجراء تبديل فى مواعيدها فتمكنت من اصطحاب مولى بنفسها طيلة الأسبوع. ورغم صعوبة الأمر إلا أنها استمتعت به حقاً. فى الواقع غدت أجمل لحظة فى نهارها لحظة رؤيتها لابنة أخيها و هى تخرج راكضة من الصف بابتسامة كبيرة على وجهها فيما جدائل شعرها الغامقة تقفز عالياً . فحرارة هذا الاستقبال و الطريقة التى ترتمى بها بين أحضان كارى أمران يؤثران فيها و يسعدانها .
تعمل كارى مديرة تنفيذية ناجحة فى وكالة إعلانات و اعتادت على الوتيرة السريعة فى حياتها. أما الآن فعليها الإقرار بأن أولوياتها فى الحياة شهدت انقلاباً جذرياً خلال الأشهر القليلة الماضية و ذلك منذ وصول مولى لتعيش معها. فجأة لم تعد حياتها المهنية تشكل محور حياتها و هذا يمثل تغيراً كبيراً بالنسبة لـ كارى . لطالما كانت متفانية فى مهنتها فهى أول الواصلين إلى المكتب صباحاً و آخر من يغادر مساءً .إنه ذلك التفانى المطلق الذى أوصلها إلى وظيفتها المرموقة فى مكتب الوكالة فى برشلونة أما هذه الأيام فهى تتلهف للعودة إلى المنزل و بدلاً من قراءة تقارير العمل فهى تقرأ قصص ما قبل النوم لـ مولى.
بدأ زملاء كارى فى العمل يلاحظون التغيير فى نمط حياتها...بالاضافة إلى ذلك فأن الأمور لم تكن تسير على أفضل ما يرام مع رئيسها المباشر . إن وظيفتها متعبة جداً و مليئة بالضغوط غير أن المكافأة أيضاً مرتفعة و هذا أمر جعل الكثيرين ينتظرون أن تزل قدمها و ترتكب الأخطاء .
لكن كارى لم تكن تنوى أرتكاب أى هفوات . فبالرغم من أن مشاغلها هذا الأسبوع دفعتها إلى أقصى قدراتها غير أنها حصلت على العديد من العقود الجديدة فأثبتت بذلك أنها مازالت تبرع فى وظيفتها و تتقنها بشكل ممتاز.
مضت حتى الآن ثلاث أشهر على الحادث المأساوى الذى حرم الفتاة الصغيرة والدها و لم تتردد كارى فى أخذها بين أحضانها . مولى هى ابنة أخيها غير الشقيق و ليس لديها أقارب باستثناء جديها الموجودين حاليا فى أستراليا و مولى بالكاد تعرفهما .
لم يتطلب الأمر من كارى سوى نظرة واحدة إلى الفتاة الجالسة بانتظارها فى مركز الشرطة كى توقع على الاستمارات اللازمة لانتقال مولى إلى عهدتها .
فى الواقع تقدمت منذ بضعة أسابيع خلت بطلب تبنى الطفلة بشكل قانونى إلا أنها استلمت منذ بضعة أيام رسالة منذرة بالسوء من جدة مولى . ذكرت الجدة فيها أنها غير راضية عن الموضوع و أنها تريد أن تحضر لمقابلتها . من المتوقع أن تصل جدة مولى مساء الغد. كارى تشعر بشئ من القلق بشأن هذه الزيارة.
غداً هو يوم الجمعة و على كارى إنجاز أعمال يوم كامل قبل أن تضطر إلى التفكير بجدة مولى . بالإضافة إلى ذلك فأن غداً هو يوم هام بالنسبة إليها فهى تأمل بأن تفوز بعقد عمل دعائى لصالح شركة سانتوس . طلب منها مديرها خوسيه أن تذهب قدماً فى مهنتها و تعلم كارى أنه بدأ يراقب أداءها بعينين ناقدتين إلا أن الاختبار الحقيقى يكمن فى قدرتها على تسويق أفكارها لمدراء شركة سانتوس خلال اجتماعها بهم غداً. فتحت حقيبتها فى محاولة لإعادة اهتمامها إلى العمل و إبعاد القلق عن تفكيرها .
كان ذهن كارى منشغلاً عندما جلس رجل فى المقعد إلى جوارها . نظرت إلى الأعلى مستعدة لتبتسم بأدب قبل العودة إلى مطالعة الأوراق الموضوعة أمامها لكن شيئاً ما حدث عندما نظرت إلى عينيه السوداوين....اهتز مزاجها بقوة فقد بدا الرجل فائق الوسامة إلى أبعد الحدود.
حاولت أن تعود للتركيز على العمل لكنها وجدت نفسها سارحة الفكر بوجوده . فقد تنبهت حواسها بشكل لم تعرفه من قبل لذاك الجسد القوى الطويل الذى يجلس على بعد سنتيمترات منها فقط . لم تشعر يوماً فى حياتها بانجذاب غامر كهذا تجاه أى رجل , حتى أن الرائحة الرقيقة لعطر ما بعد الحلاقة الذى يضعه جعلت أحاسيسها تتمايل
راحت تختلس النظر إليه من حين إلى آخر بنظرات أطلعتها على كل ما يختص به : بنية وجهه الوسيمة القوية الصارمة , كثافة شعره الأسود, تفصيلة بذلته الباهظة الثمن, وحتى يديه الضخمتين اللتين تبدوان كفؤتين . لاحظت أيضاً طريقة تبسم مضيفات الطيران و هن يمرن بجانبه . وبناء عليه أدركت كارى أنه رجل أعتاد أن تلاحظه النساء , فكانت ردة فعلها أن تحاول جاهدة تجاهله.
عند غقلاع الطائرة اضطرت كارى أن تضع أوراقها جانباً و تدس حقيبتها تحت المقعد الموجود امامها . وضعت يدها على مقبض مقعدها فأحتكت يدها عرضاً بيد الرجل .
ـ عذراً !
نظرة إليه بينما تبسم الرجل لها. ابتسامته تلك تركت أعذب تأثير على جسدها فكأنما غرق قلبها بخفة إلى معدتها ثم عاد و أرتفع . بادلته ابتسامته بنصف ابتسامة مهذبة ثم أشاحت بنظرها بعيداً فقد كرهت إحساس الاهتياج الذى أثاره فى أعماقها .
تمالكى نفسك بحق السماء! قالت لنفسها بحدة. فأنت امرأة أعمال فى التاسعة و العشرين من عمرها و ليست مراهقة يحمر وجهها خجلاً .
ما ان أستوت الطائرة فى مسارها مدت كارى يدها لتفتح حقيبتها مجدداً و أخرجت اوراقها . شعرت بنظراته تتأملها و هى تحاول القراءة . وأدركت تماماً أنه يتفحصها عن قصد نوعاً ما . تمنت فى تلك اللحظة لو أنها لم تشد شعرها الطويل الأشقر إلى الخلف بأسلوب صارم هذا الصباح.
سألها:"هل أنت ذاهبة إلى برشلونة فى عمل ؟"
ــ كلا بل أنا أعيش هناك. أنا عائدة من رحلة عمل
لاحظت لهجته الأسبانية الجذابة و صوته الأجش ففكرت أنهما يفسران لون شعره الشديد السواد و عينيه النافذتين.
سألته غير قادرة على احتواء فضولها :"ماذا عنك؟ هل تعيش فى برشلونة أم تزورها بهدف العمل أيضاً ؟"
ــ قليلاً من كلا الاحتمالين.
رغم أن الفضول راح يتآكلها إلا أنها تمنعت عن سؤاله عن مهنته . من الواضح أنه بارع فى عمله , مهما كان هذا الأخير . فمظهر السلطة البادى عليه يجهر بالكثير عنه ى. لذا عادت كارى تكرس نفسها للعمل و لكنها صارت تقرأ الفقرة ذاتها مراراً و مراراً. رفض ذهنها بعناد ان يركز على العمل بين يديها بل ركز على الرجل و على كل حركة يقوم بها.
أصغت إليه و هو يتسامر بود مع إحدى المضيفات باللغة الأسبانية . رغم ان كارى بريطانية بالولادة إلا إنها تتقن العديد من اللغات . فهى تتحدث الإسبانية بطلاقة لذا لم تواجه اى مشكلة فى متابعة ما يدور من حديث.
تغزلت المضيفة بالرجل بشكل فاضح و هو لم يبدُ رافضاً كلياً لاهتمامها . فى الواقع بدا انه يغازلها أيضاً و لا عجب فى ذلك فتلك المرأة هى إسبانية سمراء جذابة جداً.
عبست كارى و هى تنظر إلى الأوراق أمامها ثم أمرت نفسها بأن تتوقف عن الإضغاء إليهما . فما يقولانه لا يهمها فى شئ كما أن الموضوع لا يعنيها .
ما يهمها فى الواقع هو حصولها على هذا العقد مع شركة سانتوس غداً . وإذا قامت بإنهاء عملها الآن سيتسنى لها الوقت اللازم لتقوم بتنظيف شقتها هذه الليلة , ثم تتحضر للقاء جدة مولى غداً.
سألها فجأة :"هل ترغبين بمشروب؟"
و عندما رفعت نظرها لاحظت أن مضيفة الطيران تنتظر أخذ طلبها .
أغراها قبول الدعوة لكنها تبسمت و هزت رأسها معتذرة :"شكراً , لكنى لا أستطيع . على التركيز على هذا العمل"
رد مبتسماً :"منطقى جداً"
اللعنة ! كم تبدو ابتسامته رائعة . فكرت كارى باضطراب
تمايلت الطائرة فجأة فأنزلقت بعض أوراقها على جانبى طاولتها , ووقعت على الأرض عند قدميه فالتقطها بسرعة و أعادها إليها .
ــ شكراً
و فيما همت بأخذ الأوراق منه تلامست يداهما عرضاً ما جعل أنفاسها تنقطع فجأة . ما خطبها؟ لقد قابلت العديد من الرجال الوسيمين خلال الأعوام السابقة و لم يؤثر بها أحدهم بهذا الشكل.
سألها الرجل بعد أن لمح رمزاً على إحدى الأوراق :"هل تعلمين لدى شركة سانتوس؟"
ـ ليس تماماًَ . فأنا أعمل لدى وكالة إعلانات و آمل أن أقوم بسلسلة إعلانات تلفزيونية لمنتجاتهم
ــ أحقاً؟ هذا مثير للاهتمام . إنهم ينتجون عصيراً ممتازاً.
ــ هل هو ممتاز حقاً؟
تبسمت كارى ابتسامة عريضة فجأة و شئ ما جعلها تخفض حدودها العادية فى التحفظ لتعترف :"فى الواقع أنا لم أجربه أبداً....لكن ربما يجب ألا أقر بذلك"
رد بابتسامة صبيانية جذابة جعلت قلبها يقفز من مكانه :"ربما لا!"
حاولت أن تبقى عملية جداً منزعجة من نفسها لتجاوبها معه بهذا الشكل فعادت تقول :"لكننى سأتمكن من تسويقه مهما كان طعمه.فأنا بارعة فى ابتداع أفكار جديدة مبتكرة لأى منتج سواء كان جيداً أو سيئاً.....ذلك هو عملى"
ــ لكن , الا يساعدك أن تكونى مقتنعة؟
ــ نعم , بالطبع !
أومأت كارى سريعاً قائلة :"سأدرس كل ما يتعلق بمنتجات سانتوس غداً و سأقوم بزيارة إحدى مزارعهم لأتحدث إلى المسؤول عنها"
تجولت عيناه بسرعة عليها متفحصة كل ما يختص بها بدءاً من الطريقة الأنيقة التى عقدت بها شعرها الأشقر بعيداً عن وجهها إلى الخلف وصولاً إلى بذلتها السوداء ذات التنورة و القميص الأبيض
شعرت كارى بالحرارة تدب فى دمها نظراً لطريقته فى تأملها إذ بدا الأمر و كانه يلمسها بعينيه.
ــ حسناً ! على أى حال أرجو أن تعذرنى....
انتزعت عينيها بعيداً عنه و تابعت :"من الأفضل أن أعود إلى عملى"
ــ بالطبع
أومأ بأدب فتساءلت كارى أن كانت قد تخيلت ما رأته من بصيص اهتمام فى عينيه منذ لحظات
وصلت المضيفة حامله مشروبه بينما ركزت كارى بصرامة على عملها.
بعد فترة قصيرة تم تقديم وجبة طعام ما أجبرها على وضع أوراقها جانباً .
سألها و هى تخرج أدوات الطعام :"إذاً كيف يسير العمل؟"
فتظاهرت بجد أنها مهتمة بطعامها و قالت :"أنه يسير على ما يرام , شكراً لك"
ــ ذلك أمر جيد.
وصلت مضيفة الطيران جاملة زجاجة عصير فقال :"آه ! الآن لا يمكنك رفض تناول كوب من هذا العصير"
و لاحظت انه طلب زجاجة من عصير سانتوس الفاخر و تابع قائلاً :" بإمكانك مزج المتعة مع العمل الآن و القيام بالقليل من البحث أيضاً"
ــ ذلك كرم من قِبلك....ولكن....
قال وهو يسكب العصير :"ليس تماماً . فلدى دافع آخر مخفى"
سألته مترددة و هى تلقى نظرة سريعة إليه :"أى نوع من الدوافع؟"
ــ حسناً أريد أن أعلم ان كنت تحبين هذا العصير حقاً.
ابتسم ابتسامة عريضة فيما تابع يقول :"مع أنك قلت إنه لن يشكل أى فرق بالنسبة لحملتك الدعائية . ولكن....."
هز كتفيه بطريقة إسبانية و أردف :"أنا فضولى لأكتشف الحقيقة"
تجنبت كارى بحذر لمس يده و هى تتناول الكوب الذى قدمه لها .
راقبها وهى تأخذ رشفة صغيرة منقلاً عينيه بتمهل على وجهها الرقيق البيضاوى الشكل ملاحظاً عظمتى خديها المرتفعتين و الانحناءة السخية لشفتها . لاحظ أيضاً أنها لا تضع الكثير من مساحيق التجميل, إذ لم تكن فى الواقع بحاجة إليها . فبشرتها رائعة أما عيناها الكبيرتان ذات اللون الأزرق السماوى فلستا بحاجة إلى أى تجميل أبداً
ــ حسناًً....
انتظرت كارى لحظة لكى تتطور النكهة فى فمها ثم قالت :"إنه منعش جداً....يتمتع بطعم الفاكهة الممتاز و هو ليس شديد الحلاوة"
تناولت رشفى أخرى و أضافت :"نعم ,أنه جيد جداً . لا أعتبر نفسى حكماً مدرباً فى هذا المجال و لكنى قد أنصح الأصدقاء بهذا العصير و أظن أن ضميرى سيكون مرتاحاً عندما أسوقه....هذا إذا حصلت على عقد الإعلان"
سكب لنفسه كوباً و هو يقول :"إذاً , أخبرينى قليلاً عن وكالتك . هل هى كبيرة أم صغيرة؟"
ــ إنها تدعى "إيماج" و هى كبيرة جداً فلديهم مكاتب فى لندن و نيويورك , باريس مدريد و منذ أثنى عشر شهراً خلت افتتحوا مكتباً فى برشلونة , حيث أعمل الآن . تأسيس الوكالة كان تحدياً كبيراً أما الأن فنحن نحصل على عقود جيدة حقاً لذا فهى تتوسع سريعاً
ــ أستنتج أنهم نقلوك من مكتب لندن
ــ نعم تم تعيينى هنا مع مديرى خوسيه ثم استخدمنا موظفين محليين إنه مركز عظيم و أنا أستمتع حقاً بإقامتى فى برشلونة.
ــ إنها مدينة جميلة و أنا أشعر بالسعادة دوماً بعودتى إليها.
إلى من يعود؟ تساءلت كارى . فإذا كان قياس الجاذبية ممكناً على مقياس مرقم من واحد إلى عشرة فهو حتماً سيتخطى المقياس
أكملت حديثها بسرعة لتغطية شعورها المفاجئ بالغرابة :"إذا أردت أى إعلان لعملك عليك أن تتذكر إيماج"
هل تلعثمت بكلامها؟ تساءلت فجأة . عادة لا تشعر كارى بالارتباك برفقة الرجال فهى مسيطرة على نفسها على الدوام . فى الواقع هى مسيطرة جداً إلى درجة تزعج أحياناً أصدقاءها الحميمين
ــ أنا بالتأكيد سأتذكر
ابتسم ثم تابع :"ما هى أفكارك لشركة سانتوس؟"
ترددت قبل الإجابة عن ذلك السؤال فطمأنها بابتسامة عريضة :"أنا لست أعمل فى مجال الإعلانات"
سألته مدركة فجأة أنه يطرح الكثير من الأسئلة :"ما هو عملك؟"
ــ أنا محام
ــ أحقاً؟
و شعرت أنها ترغب بسؤاله إذا ما كان يعرف أى شئ يتعلق بقوانين التبنى ثم تمالكت نفسها فمناقشة عملها بدا لا بأس به لكن الأمر يختلف عن البدء بحديث شخصى عن مولى مع شخص غريب تماماً
استغربت كارى أنه محامٍ إذ لم يبدو عليه انه يعمل داخل مكتب فهو يتمتع بجسد رائع . قدرت انه يكبرها بست سنوات لذا فهو تقريباً فى الخامسة و الثلاثين أو السادسة و الثلاثين من عمره لكن من الواضح أنه يهتم بنفسه . فجسده يظهر ذلك بصورة جيدة.
ــ أعمل فى مجال القانون المشترك و غالباً ما أتعامل مع مؤسسات كبرى
ــ آه ! أرى ذلك
قال برقة :"علينا أن نعرف عن أنفسنا "
ثم تابع :"أنا ماكس"
ــ كارى مايكلز
ابتسم قائلاً "أنا سعيد بلقائك كارى"
حثها بلطف:"إذاً كنت تخبيرنى عن مخططاتك لشركة سانتوس"
بدا أنه مهتم حقاً بالموضوع , وجدت كارى نفسها تتوسع فى أفكارها :"حسناً أنها مؤسسة عائلية و فكرت أننا يجب أن نعمل على تلك الناحية"
أخرجت مسوّدة رسمه كانت قد خربشتها مولى على إحدى اوراق العمل فى الأسبوع الفائت.
ــ فى الواقع هذه الرسمه أوحت لى بالفكرة
أخذ الرسمه و تمعن فيها باهتمام. فرأى فيها أشكال أشخاص من عيدان الكبريت ترقص فى ما يشبه أشجار الفاكهة بينما تشرق شمس كبيرة صفراء فوق رؤوسهم
ــ فنى جداً
تبسم ابتسامة كبيرة و سألها :"هل هى من رسمك؟"
تبسمت كارى :"رسمتها ابنة أخى ذات الأربع سنوات فى الأسبوع الفائت . لم أكن سعيدة جداً حينها لكننى أخذتها لاحقاً , و فكرت...هذه هى ! إنها ما أريده تماماً. فعلى شركة سانتوس أن تغيير صورتها و ان تتوسع فى فكرة العائلة و فى الوقت نفسه عليها أن تبدو شركة متطورة و عصرية"
لم تدرك كارى مقدار الحديث الذى دار بينهما إلا عندما أضاءت إشارة وضع حزام الأمان و أعلن القبطان أنهم يتهيأون للهبوط
تمتمت :"آمل أننى لم أسبب لك الملل بإخبارك الكثير عن عملى"
ــ على العكس , وجدته مدهشاً.
تساءلت إن كان يقول ذلك من باب الأدب الزائد , إذ لا يمكن أن يكون مهتماً حقاً بموضوع إعلان سانتوس
انطفأت إشارة وضع حزام الأمان فوقف الجميع للملمة أغراضهم و لاحظت كارى أن طوله يتخطى الست أقدام .
نظرت سريعاً إلى ساعة يدها محاولة إنهاء تفكيرها به فهو ليس سوى غريب عابر و على الأرجح لن تلتقيه أبداً مجدداً. الأمر الأهم بالنسبة إليها هو الوقت فبالكاد يمكنها الوصول إلى المدرسة لاصطحاب مولى.
قال لها و هى تهم بالوقوف لجمع أغراضها :"كانت رحلة مثيرة جداً للاهتمام. لقد استمتعت برفقتك"
ــ نعم.و أنا أيضاً...
تراجع فى وقفته ليسمح لها أن تتقدمه خلال نزولهما من الطائرة . لاحظت كارى فيما كانا يمران من الباب أن مضيفة الطيران ثبتت نظرها عليه فقط . دفعها فضولها لإلقاء نظرة سريعة إلى الخلف فلاحظت ان المضيفة وضعت يدها على كتفه لتستمهله و تقول له شيئاً ما. ربما تقول له على سبيل المثال : هل ترغب فى أخذ رقمى؟ كما فكرت كارى بجفاء.
ذكرها هذا المشهد بزوجها السابق فلطالما تهافتت عليه النساء للفت انتباهه أينما يذهب, أما هو فلم يكن يأخذ بعين الاعتبار أنها ترافقه .
جعلتها هذه الفكرة تتابع سيرها من دون أن تنظر إلى الخلف
لفحتها حرارة الشمس الإسبانية ما إن خطت على الدرج خارج الطائرة .
مدهشة هى زرقة السماء الصتفية أما النسيم الجاف المغبر فكان يهب من الأرض شديدة الجفاف على المدرج.
حملت كارى جواز سفرها عالياً وهى تسير عبر المطار العصرى. لم يكن لديها أى حقائب لتتسلمها فذهبت إلى الخارج مباشرة.
عادة ما يكون هناك العديد من سيارات الأجرة المنتظرة خارج هذه المحطة أما اليوم فلم تجد غير واحدة فقط . هرعت كارى باتجاهها , لتلاحظ أن هناك راكباً فى المقعد الخلفى و قد سبقها إلى السيارة. التفت الرجل قليلاً و هى تقترب فانتبهت إلى أنه هو نفس الرجل الذى جلس قربها فى الطائرة. كيف خرج إلى هنا بهذه السرعة بحق السماء؟
ما إن همت بالرحيل حتى فتح باب السيارة و قال الرجل:"تبدين فى عجلة من أمرك , فهل ترغبين فى أن نتشارك سيارة الأجرة هذه؟"
نظرة كارى لوهلة إلى تينك العينين السوداوين اللتين تذيبانها بجاذبيتهما فترددت لكن ما أن تذكرت مولى الجالسة بانتظارها فى الصف حتى هزت رأسها موافقة
ــ شكراً
ابتسمت له و هى تصعد إلى السيارة و تجلس بجانبه.
ــ هل تمانع فى أن أنزل أولاً؟ أنت محق...أنا على عجلة من أمرى فبعد دقائق على أن أقل ابنة أخى من المدرسة.
ــ بالطبع
وافق بسهولة, ثم أصغى إليها وهى تعطى العنوان للسائق .
ــ شكراً لك.
قالت له بأدب مجدداً و استرخت مسندة ظهرها إلى المقعد بجانبه .
ــ لا بأس بذلك فعلى أى حال أنا ذاهب إلى الجهة الأخرى من المدينة وعملياً ان ستنزلين على طريقنا.
أخرجت كارى هاتفها لتتصل بإحدى صديقاتها و كانت تلك الصديقة قد وعدتها بأنها ستمر لاصطحاب مولى إذا ما تأخرت اليوم.
ــ مرحباً برناديت , أنا كارى , الأمور على ما يرام...لا داعى لأن تصطحبى مولى من المدرسة. ساتأخر بضع دقائق لكننى سأصل إلى هناك.
انحرفت عينا كارى إلى الرجل الجالس بجانبها و هى تستمع إلى ردود برناديت المرحة الخالية البال . تساءلت أن كان متزوجاً أم لا , فهو لم يمن يضع خاتم زواج , لكن ذلك لا يعنى شيئاً فالعديد من الرجال لا يضعونه...لا سيما أولئك الذين يستمتعون بمغازلة نساء أخريات . هناك أمر واحد أكيد : إن وسامته الزائدة عن الحد العادى لا تساعد فى أراحة بال أى امرأة تتزوجه.
سألها بفضول ما أن أنهت مكالمتها :"لِمَ تقع على عليك مهمة اصطحاب ابنة أخيك من المدرسة؟ أين والديها؟"
تمتمت كارى:"كلاهما متوفيان . توفيت والدتها منذ سنتين , ووالدها... شقيقى...قتل فى حادث سير منذ بضعة شهور"
ـ أنا متأسف.
هز رأسه و التعاطف بادٍ فى عينيه السوداوين ثم علق :"يا للفتاة المسسكينة!"
للحظة لم يعد بإمكانها ان تقول المزيد و قد اجتاحها الحزن فجأة . فعلى الرغم من أن طونى لم يكن إلا أخاها غير الشقيق غير أنهما كانان مقربين من بعضهما , ووجوده بالقرب من برشلونة كان احد الأسباب التى جذبتها للعمل فيها. مازالت لا تستطيع التصديق بأنه مات...كان الأمر بمثابة كابوس مزعج مر عليها تمكنت من أن تقول :"لكننا تدبرنا أمرنا"
ــ أنا واثق من أنك تفعلين ذلك. يبدو واضحاً انك امرأة قادرة و كفوءة جداً لكن الأمر لا يمكن ان يكون سهلاً
لملمات كارى شتات نفسها سريعان و قالت :"لدى مربية تساعدنى لكنها فى إجازة هذا السبوع ما جعل الأمور تصعب بعض الشئ"
لاحظت أن السيارة تلتفت الآن نحو الشارع المؤدى إلى المدرسة فقالت:"على أى حال أشكرك مجدداً لأنك سمحت لى بمشاركتك سيارة الأجرة"
ألقت كارى نظرة سريعة إلى عداد المسافة و سألت:"بكم أدين لك؟"
قال بسرعة :"أنا كنت ذاهباً فى هذا الأتجاه فى مطلق الأحوال . أرجوك لا تزعجى نفسك بالدفع"
أرادت كارى ان تناقش الأمر لكنها فجأة رفعت نظرها لترى مولى واقفة على الرصيف خارج المدرسة ممسكة بيد امرأة . انحنت إلى الأمام بقوة و أدركت أنها جدة الفتاة الصغيرة . ومن التعبير الصاعق البادى على وجهها استنتجت كارى أن الجدة غير راضية أبداً.
ــ ماذا تفعل هنا بحق السماء؟ لم أتوقع وصولها قبل يوم غد.
سألها ماكس ملاحظاً شحوب لونها المفاجئ :"هل من خطب؟"
ــ لا...! كل ما فى الأمر أن جدة مولى هنا , وتبدو منزعجة....ربما بسبب تأخرى.
انحنى إلى الأمام ليلقى نظرة ثم قال:"لم تتأخرى إلى حد بعيد فهنالك أطفال آخرون يخرجون الآن"
ــ حتى ولو كان مجرد خمس دقائق فذلك لن يرضى كارمل . تعتقد أن من صالح مولى أن تعيش معها و مع زوجها لأننى غير متزوجة كما أن مهنتى متطلبة .
ــ هذا ممكن لكن هناك العديد من الأمهات العازبات اللواتى يعملن و طالما أن مولى سعيدة معك فلا أرى أين تكمن المشكلة .
ــ لا ! ولا أنا . أعتقد أن نيتها جيدة فهى تريد القيام بما هو أفضل لابنة أبنتها . آمل أن أتمكن من طمأنتها أن مصلحة مولى هى بقاءها معى.
توقفت سيارة الأجرة تقريباً بموازاة وقوف المرأة . كارمل ماك كورماك امرأة بدينة فى بداية الستينات من عمرها شعرها أبيض معقود على شكل كعكة و ترتدى فستان صيفياً مطبعاً بالأزهار .بدت امرأة لطيفة جداً لولا تعابير الغضب البادى على وجهها .
ــ على أى حال....
مدت كارى يدها سريعاً إلى مقبض الباب و أردفت :"أشكرك مجدداً"
راقبها ماكس و هى تمشى على الرصيف ملاحظاً كيف أشرق وجه الفتاة الصغيرة ما أن لمحت كارى و كيف ركضت نحوها مبتهجة .
ما أن بدأت سيارة الأجرة بالتحرك انتبه ماكس فجأة أنها تركت هاتفها الخلوى على المقعد . فطلب من السائق أن يوقف السيارة ثم أنزل زجاج النافذة و ناداها :"كارى ! نسيت هاتفك"
نظرت حولها ثم سارت لتأخذه منه. ابتسمت وهى تقول:"شكراً , فذهنى حتماً ليس معه فى الوقت الحالى"
ــ ذلك مفهوم
أنتقلت عيناه إلى الفتاة الصغيرة التى لفت ذراعيها بأحكام حول رقبة كارى ثم إلى المرأة التى كانت تراقب باستهجان من الخلف.
ــ أتمنى أن تسير أمورك على ما يرام كارى....أراك لاحقاً.
راقبت كارى سيارة الأجرة و هى تسير مبتعدة عنها.ماذا يقصد بقوله :"أراك لاحقاً؟" على الأرجح أنها لن تراه أبداً مجدداً . فهما ليسا إلا غريبين عابرين و هى لا تعرف حتى أسم عائلته . لسبب ما أنسلت وخزة ندم إلى أفكارها بهدوء . كم هو شديد الوسامة و متفهم....و كم يسهل التحدث معه ! لم تتذكر كارى أنها أفضت بمكنوناتها يوماً لشخص غريب كما فعلت معه. لكن ما أن ألتفتت لتواجه جدة مولى حتى قامت سريعاً بسحق ذلك الشعور.
المشاكل فى حياتها تكفيها من غير وجود رجل يزيد الأمور تعقيداً . هى تحتاج إلى كل تركيزها الآن لأجل مولى.
جاء صوت كارمل حاداً عندما قالت :"كارى لقد تأخرت فى وصولك لاصطحاب مولى المسكينة"
ــ إنها خمس دقائق فقط كارمل . من الجيد أن أراك.
ثم أضافت فى عجل:"لم أتوقع وصولك قبل الغد.
أومأت كارى و تساءلت فجأة أن كانت المرأة قد تعمدت الحضور أبكر من الموعد على أمل أن تنال منها و هى غير مستعدة.
ــ كيف حال بوب؟
سألتها بأدب متذكرة ما أخبرها به طونى أن حماه عانى من ذبحة قلبية فى وقت سابق هذه السنة ؟
ــ لم يكن بحالة جيدة أبداً
للحظة لانت تعابير الغضب على وجه المرأة و أردفت :"وإلا لكنت حضرت إلى هنا فى وقت أبكر "
قالت كارى برقة :"أنا متأسفة كارمل . لابد انه وقت عصيب بالنسبة إليك"
ــ لم يكن سهلاً
اعترفت كارمل و هى تتنهد قبل أن تتابع :"شعرت بالأسى لعدم تمكنى من حضور مأتم طونى...و أنا شديدة القلق على مولى"
نظرت كارى نزولاً إلى الطفلة التى بين يديها و احتضنتها بقوة أكبر قائلة :"أمورك تسير على ما يرام , أليس كذلك مول؟"
أو مات الفتاة الصغيرة ثم قاومت لتنزل ما أن رأت إحدى صديقاتها .
قالت المرأة من دون تردد :"عنيت ما قلته فى رسالتى كارى. لا أعتقد ان تبنيك لها فكرة جيدة"
شعرت كارى بخوف مفاجئ بسبب حدة التأكيد فى صوت المرأة .
ــ لا أعتقد أن علينا أن نناقش هذا الأمر الآن كارمل . لكن على أن أقول أننى لا أفهم أسباب اعتراضك .
ــ حسناً ! أنها فى منتهى الوضوح. حفيدتى تحتاج إلى حياة منزلية مستقرة و ليست متأكدة أنها ستحصل على ذلك مع فتاة عزباء منطلقة حول العالم بسرعة البرق.
قالت كارى برقة :"أنا لا أفعل ذلك كارمل . أنا فقط أؤدى عملى ثم أعود لأعتنى بها . كما أننى قد وظفت مربية ممتازة لمساعدتى "
كانت أمهات أخريات يمرن بمحاذاتهما على الرصيف فرحن ينظرن بفضول بأتجاههما . أدرمت كارى أن المكان ليس مناسباً لنقاش مماثل فضلاً عن قلقها من أن تفهم مولى ما يدور من حديث عنها . تقدمت إلى الأمام قائلة :"هيا بنا نذهب إلى شقتى حيث سأعد الشاى . هناك يمكننا التحدث براحة أكبر إذ يجب ألا تسمع مولى حديثنا هذا"
قالت كارمل و كأن كارى لم تقل لها شيئاً :"أعتقد أن من الأفضل أن تعود مولى معى إلى استراليا . أعلم أن نيتك حسنة لكن حياتك غير مستقرة أبداً"
ــ غير مستقرة؟!
عبست كارى . من الواضح أن كارمل منهكة بالقلق أولاً على زوجها و الآن على حفيدتها . تابعت تقول برقة:"حقاً , كارمل أنت مخطئة تماماً"
سألتها كارمل :"إذاً....من كان ذلك الرجل فى سيارة الأجرة معك؟"
ــ الرجل....؟
ترددت كارى مشدوهة من السؤال المفاجئ . إذا قالت إنه أحد الغرباء اللذين ألتقتهم فى الطيارة فلن يبدو الأمر جيداً.
ــ صديق حميم ما كما أفترض؟
ــ حسناً, نعم...
فكرت كارى أن هذا بدا التفكير العقلانى الأمثل لكن كارمل لم تبدُ مطمئنة إذ قالت:"أترين؟ هذا بالضبط ما يقلقنى . أعتقد ان مولى يجب ألا تكون عرضة لسلسلة من الرجال فى حياتها فقد فقدت والدها لتوها و هى تحتاج إلى الاستقرار"
ــ ستحصل على الاستقرار.
قالت كارى بيأس متحمس لتطمئن المرأة ثم أكملت تقول :"علاقتى مع....ماكس...مستقرة جداً"
ــ أحقاً؟
توقفت كارمل و بدت فجأة مهتمة :"أتعنين انك قد تتزوجين؟"
ــ حسناً....
تأنت كارى و قد شعرت أن موقف كارمل سوف يتحدد بناء على جوابها .ثم أردفت:"حسناً ! نعم قد أفعل "
لم تكن تلك كذبة تماماً فقد تتزوج يوماً ما...من أحدهم.
وضعت كارمل يدها على صدرها و بدت مغمورة بالارتياح :"آه يا فتاتى العزيزة ! لو تعلمين كم يسعدنى سماع ذلك . فذلك يضفى لوناً مختلفاً على الأمور"
ــ أحقاً؟
ــ حسناً....بالطبع!
تحركت كارمل و شبكت ذراعها بذراع كارى قائلة :"أنت محقة , فهذا ليس مكان مناسب لمناقشة الأمور.دعينا نذهب إلى شقتك"
ــ إنها تبعد مسافة دقائق سيراً على الأقدام . فأنا أسكن فى موقع قريب جداً للعمل و مدرسة مولى.
حاولة كارى بيأس أن تسوق الحديث إلى أمور واضحة و حقيقية فيما هن يسرن مبتعدات عن أبواب المدرسة.
قالت كارمل :"لا تابهى بكل ذلك. عليك ان تخبرينى كل ما يتعلق بذلك الشاب. ماذا يعمل فى الحياة؟"
ــ أنه محامٍ
قالت كارى ذلك بضعف . فقد انتابها شعور فظيع بأن كذبتها الصغيرة البيضاء تحولت إلى فجوة هائلة سوداء.
ــ محامٍ ! يا للروعة....! هو وسيم جداً بالكاد أستطيع الانتظار لأتعرف إليه بشكل لائق . عليك أن تصطحبيه لتناول العشاء معنا فى الفندق حيث ننزل مساء الغد
ــ آه لا أستطيع!
ارتعبت كارى الآن وأكملت :"هو ذاهب فى رحلة عمل غداً "
اوقفت كارمل مكانها قائلة:"لكن يا عزيزتى يجب أن نتعرف إليه بشكل رسمى"
ــ نعم بالطبع
انتاب كارى شعور خفيف بالغثيان و هى تقول :"سأرى ما يمكننى ترتيبه"

abeer Abdel monem likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-11-17, 12:14 PM   #3

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

2 / لا تقترب منى !
رن جرس الهاتف فى مكتب كارى و هى على وشك المغادرة فرفعت السماعة و قالت بحدة :"كارى مايكلز"
ـ مرحباً كارى, أنا كارمل . أنا فقط أتساءل إن كانت الفرصة سنحت لك حتى الآن للتحدث مع صديقك الشاب . زوجى سيصل الليلة و غداً هو يوم السبت و فكرة أنه يمكننا أن نلتقى جميعاً . أود أن أحجز طاولة للغداء فى الفندق حيث ننزل.
شعرت كارى و كأن قلبها بدأ يهبط نحو معدتها . فقد سهرت حتى منتصف الليلة الفائتة و هى تحاول التأكيد لـ كارميل أن كل شئ رائع فى حياتها , لكن كارمل لم تبدِ اهتمامها إلا بشئ واحد: ماكس! حاولت كارى استخدام كل أنواع الحيل لتبعدها عن الموضوع لكنه ما أنفك يعود على الحديث . مع رحيل كارميل لتعود إلى الفندق أصبحت نفسها على وشك أن تصدق أمر... خطيبها المزيف وذلك لكثرة ما طرح الموضوع فى حديثهما .
و الآن وجدت نفسها واقعة فى مأزق غاية فى الفوضى ذلك أن كارمل ترفض أن يتم إبعادها عن الموضوع بأعذار واهية عن كثرة انشغال ماكس , فماذا يمكنها أن تفعل؟
قالت كارى برقة:"تلك فكرة لطيفة كارمل , لكن أظن أن مولى و أنا فقط سنتمكن من مشاركتكما الغداء , فـ ماكس يخوض قاضية مهمة جداً فى المحكمة و ليس قادراً على الانصراف حالياً.
ــ حسناً ! علينا أن نمدد فترة بقائنا . على أى حال أنا حجزت تذكرة القدوم فقط لأننى ظننت أن مولى ستعود معنا.
هذا الاقتراح بحد ذاته جعل ضغط دم كارى يحلق مرتفعاً .
ــ أسمعى ! على أن أذهب الآن كارمل . أنا مشغولة جداً سأتصل بك لاحقاً .
يا له من مأزق ! فكرت كارى و هى تضع سماعة الهاتف . ما كان عليها أن تكذب..! ماذا دهاها بحق السماء و أجبرها على فعل ذلك؟
فاجأها صوت مديرها من الباب :"هل كل شئ على ما يرام كارى ؟"
ـــ نعم . شكراً .
خوسيه هو رجل بهى الطلعة فى أواخر الثلاثينيات و هو مثل ماكس إسبانى ذو شعر أسود . لبرهة وجدت كارى نفسها تنظر إليه بطريقة جديدة تماماً متسائلة إن كان من الممكن أن ينجح بلعب دور ماكس . لكن ما أن مرت الفكرة برأسها حتى قامت بإلغائها . فـ خوسيه هو مديرها و لن يتأثر بذريعتها . علاوة على ذلك فهما بدأ بالمواعدة فى بداية السنة , إذ راحا يخرجان معاً لتناول الشراب بعد العمل أو لحضور مسرحية و لم تفكر كارى بالموضوع بجدية كبيرة حتى ظهور مولى على الساحة فاعترض خوسيه على ابنة أخيها فاجأها كثيراً. لم يبدُ أبداً مسروراً بالتطفل الحاصل على حياتهما المنظمة جداً كما بدا مرتعباً عندما أخبرته عن نيتها فى تبنى مولى . عندها قامت كارى بتهدئة الأمور بينهما و منذ ذلك الحين عادت علاقتهما إلى ما كانت عليه كزملاء عمل .
قال خوسيه :"تبدين متعبة قليلاً الأطفال عمل شاق , أليسوا كذلك؟"
لاحظت كارى التهكم فى صوته . ليست مولى عملاً شاقاً لكن الشاق فى الأمر هو التعامل مع الراشدين فى هذه اللحظة كما فكرت بشرود.
ــ مولى لا تسبب أية مشكلة إطلاقاً.
أجابته بذلك بحزم قبل أن تضيف :"أنا على وشك الذهاب إلى مزارع سانتوس"
سألها خوسيه فجأة :"هل تظنين أن على بابلو الذهاب عوضاً عنك؟"
عبست كارى قائلة :"هذه الصفقة لى أنا , خوسيه"
ــ اعرف أنها لك , كل ما فى الأمر أن بابلو قال أنك تبدين مشتتة الذهن بعض الشئ و متعبة لذا عرض بلطف أن يحل مكانك فالرحلة طويلة إلى تلك المزارع .
فكرت كارى بغضب , فالصقور المفترسة بدأت تحوم للنيل من وظيفتها, متسترة لجعلها تعيد النظر بشأن مولى .
ــ أعتبر أن العقد أصبح فى حوزتنا خوسيه.
بدا خوسيه متأثراً . فى الواقع يجدر به أن يكون كذلك . فكرت كارى و هى تتوجه إلى موقف السيارات . عليها أن تحصل على هذا العقد الآن فهى مسألة كبرياء و فخر باحترافها لمهنتها .
أثناء رحلتها إلى مزارع سانتوس سوف تراجع الوقائع ف ى ذهنها.
ـــ
إنها أملاك واسعة جداً ! فكرت كارى وهى تلتف نحو الطريق الفرعية بعد رحلتها الطويلة بالسيارة . بدت أمامها حقول واسعة منتشرة على أمتداد النظر, حيث تنبسط صفوف طويلة منظمة من أشجار الفاكهة .
أخيراً التفت حول المنعطف فظهر أمام نظرها المنزل الرئيسى . إنه منزل مشيد على الطراز الإسبانى , ذو قناطر مقوسة و فسحات دائرية و هو يتوهج بيضاً تحت أشعة الشمس إلى جانب المنظر الخلفى لجبال بنفسجية غائمة.
من الواضح أنه منزل رجل ثرى جداً و رغم ذلك فهو يتمتع بكل سحر الطراز البسيط لمنزل ريفى . أُغرمت كارى حالاً بالمكان و أعجبتها بشدة نبتات الخبازى الإفرنجية القرمزية اللون , و البوغنفيلة البنفسجية المتسلقة حول النوافذ .
أوقفت كارى سيارتها أمام المدخل الرئيسى و فور خروجها لفحتها حرارة ما بعد الظهر الشديدة القساوة . بدا الهواء ساكناً حيث يسود الهدوء باستثناء صوت رشاشات مياه العشب.
فُتح الباب الأمامى فخرج رجل قصير القامة ممتلئ الجسم متوسط البنية قدرت كارى أنه فى أواسط الثلاثينات . بادرها الرجل قائلاً :"آنسة مايكلز. أنا مانويل باربرا مدير أملاك سانتوس"
ــ أنا سعيدة بلقائك سنيور باربرا.
كانت كارى تكلم هذا الرجل عبر الهاتف خلال الأسابيع القليلة المنصرمة و بدا لها أنه ودود جداً تابعت تقول :"و أرجوك نادنى كارى"
نظرت كارى إلى الأعلى مع شخص آخر من الباب الأمامى و سرعان ما أصيبت بصدمة إذ التقت عيناها بالنظرات القوية الثابتة للعينين السوداوين اللتين تخصان خطيبها المزيف ماكس
ــ أسمحى لى أن أقدم لك ماكس سانتوس
قال مانويل بتباه :"المدير المدبّر لشركة سانتوس"
ــ سبق أن التقينا .
راقب ماكس تعابير الصدمة و و الانزعاج البادية على وجه كارى , وظهرت ومضة من فى عينيه قبل أن يقول :"من الجيد أن أراك مجدداً كارى "
بسرعة هدّأت كارى أعصابها و أجبرت نفسها على الابتسام له بتحفظ بارد . إنها بحاجة للحصول على العقد معه , فمنافسوها فى المكتب سوف يحتفلون مسرورين بانتصارهم إن أخفقت فى الحصول على العقد.
ــ ماكس, هذه مفاجأة حقاً!.
ابتسم ماكس و كأن نبرتها الودودة أمتعتة بشكل كبير . ثم قال :"مفاجأة سارة كما آمل . مانويل سيرافقك فى جولة على المزارع . وبعدها يمكننا مناقشة العمل خلال الغداء "
أملت كارى أن يختفى و يتركها مع مانويل . بهذه الطريقة على الأقل قد تسنح لها الفرصة لاستجماع أحاسيسها و التفكير بهذا الموقف. لكن تحققت أسوأ مخاوفها عندما رافقهما ماكس باتجاه الباحة الجانبية للمنزل .
لاحظت أنه يرتدى اليوم ملابس عادية لا بذلة رسمية فهو يرتدى بنطلوناً من اللون العاجى و معه قميص ملائمة مفتوحة القبة . هذه الملابس الفاخرة غير الرسمية جعلته يبدو أشد وسامة . إلا أن ما جذب انتباهها ليس مظهره فقط بل أيضاً هيئة القوة الكامنة فى داخله, فهنالك قوة جاذبة ساحرة تزوده برجولية فجة يصعب تجاهلها زهرة منسية
سألها و هو يتراجع إلى الوراء كى يسمح لها بالتقدم أمامه :"كيف حال ابنة أخيك اليوم كارى؟"
ــ إنها على ما يرام , شكراً
تساءلت كارى لبرهة عما قد يقوله ماكس لو أخبرته عن الكذبة التى لفقتها عنه. على الأرجح أنه سيرتعب. أغلب الظن أنه رجل متزوج و ربما لديه ستة أولاد.....
قالت فى محاولة يائسة للتركيز على العمل:"لديكم مكان مؤثر جداً هنا"
راح مدير الأملاك يشرح لها عملية التصنيع التى يستخدمونها بينما حاولت كارى جاهدة أن توليه كل اهتمامها . لكنها طيلة الوقت ظلت شديدة الإدراك لعينى ماكس اللتين تراقبانها .
ما هى اللعبة التى يمارسها؟ لِمَ لم يخبرها بالأمس عمن يكون؟ أتراه يحاول إثارة غيظها فقط قبل أن يخبرها أنه لن يطلب خدماتها لإعلاناته؟
ما إن عادوا إلى الخارج تحت أشعة الشمس المبهرة زلت قدم كارى فأسرع ماكس و مد يده ليلتقط ذراعها و أبقاها قريبة منه للحظة . فى تلك اللحظة تساءلت عما ستشعر به لو أن هاتين اليدين القويتين ضمتاها...مجرد التفكير بـ هذا الأمر جعل الحرارة تتسارع فى أرجاء جسدها كالحمم.
سألها بلطف :"هل أنت بخير؟"
ــ نعم....شكراً لك.
تحركت كارى مبتعدة عنه وقد أرعبها المنحنى الذى أخذته أفكارها . إنها لا تعرف شيئاً عن الرجل...بعدئذٍ ساورا نزولاً باتجاه بساتين الفاكهة فبدت حرارة الشمس أكثر حدة بعد خروجهم من برودة المكان . لكن ربما ذلك يعود جزئياً إلى الأفكار التى تدور متسارعة فى ذهنها
ـــ
وجدت نفسها وحيدة مع ماكس عندما حضر أحد الموظفين مع مانويل . فألقت باتجاه ماكس نظرة سريعة و هى تشعر بخجل غير مبرر.
ــ لِمَ لم تُخبرنى عمن تكون عندما كنا فى الطائرة يوم أمس؟
هز ماكس كتفيه دون أن يظهر عليه أى انزعاج أبداً بسبب السؤال المطروح و قال :"ظننت أن هذا قد يؤثر على ما كنت ستقولينه"
ــ حسناً ! بالطبع سيؤثر .
فجأة قذفت عيناها الزرقاوان شرراً و هى تقول :"كنت متقدماً علىّ بشكل غير عادل"
ابتسم قائلاً :"وقد استمتعت بذلك "
حمل صوته نبرة مخيفة جعلت دمها يفور , فحاولت بعزم وتصميم أن تتجاهل تأثير ذلك عليها حين قالت :"هذه ليست لعبة , كما تعلم . هذا العقد هام بالنسبة لى"
ــ أعرف, فقد رأيت ذلك بنفسى يوم أمس.
ــ لكنك مع ذلك لم تخبرنى من تكون .
ضاقت عيناها قبل أن تكمل :"و تلك اللعبة التى لعبتها بطلبك عصير سانتوس فى الطائرة لتسألنى عن رأيى فيه....أفترض أننى لو قلت إنه لم يعجبنى ما كنت سأتواجد هنا الآن . ببساطة كان سيتم تبليغى عبر الهاتف هذا الصباح أن خدماتى غير مطلوبة"
ــ ما كنت لأقول لك ذلك أبداً
قال ماكس الكلمات بنبرة همس خافتة و عاد ليؤكد :"استطيع أن أؤكد لك انه بغض النظر عن رأيك بمنتجات سانتوس كنت سأدعوك للحضور إلى هنا و تناول الغداء معى"
لم تكن كارى متأكدة حقاً إن كان عليها أن تتقبل قوله هذا . أهى مخيلتها التى تصور لها تياراً ذات طابع شخصى تحت كلماته أم أنه ببساطة يقصد أنه سيستمر فى علاقة العمل معها ؟
أشاحت بنظرها بعيداً عنه و أطبق عليها السكوت . غريب أمر قدرته على إرباكها بسهولة , ففى العادة هى إنسانة واثقة من نفسها لا سيما فى ما يتعلق بالعمل لكنها تشعر أنها مكشوفة تماماً عندما تكون بجوار ماكس.
عاد مانويل لينضم إليهما و هو يؤكد بأدب :"آسف على ذلك , هنالك مشكلة بشأن مواعيد التسليم , ماكس . أخشى أنه يتوجب علىّ الصعود على المكتب لأحل الأمر"
لوح مانويل مودعاً كارى ثم سار بخطوات واسعة عائداً إلى الاتجاه الذى كان ماكس و كارى قد أتيا منه.
ــ آسف على ذلك , فالأمور هنا حامية جداً فى الوقت الحالى . هيا نصعد إلى المنزل.
ثم وضع يده على ظهر كارى ليقودها إلى الاتجاه الصحيح. مع أن اللمسة على جسدها خفيفة لكن شعرت كارى كأنها تحرقها . جزءاً ما فى أعماقها رغب بالاقتراب منه أكثر فأكثر و جزء آخر أراد الهرب بعيداً عن التيارات الخطيرة المتسارعة بينهما. فربما هو رجل متزوج وله أولاد , ذكرت نفسها بذلك مجدداً .
فتح ماكس الباب الأمامى ثم وقف متراجعاً ليسمح لـ كارى بتقدّمه فى الدخول إلى المنزل . فلاحظت كارى أنه شديد اللياقة و يتحلى بالآداب إلى أقصى حد, لذا حاولت جاهدة أن تحول تفكيرها بعيداً عما أعجبها فى ماكس. من الواضح أنه رجل أعمال حذق , وهذا جلّ ما عليه أن يشغلها.
ألقت نظرة خاطفة من صالة الدخول إلى الفيلا. فأعجبت بالأرضية الرخامية المعتدلة و أيضاً بيت الدرج الملوكى الملتف بأناقة نحو الأسفل يحيط به سياج حديدى منمق مطلق الروعة. بدت هناك عدة أبواب تقود للخروج من الصالة باتجاهات مختلفة . لكن ماكس قادها من أقرب باب نحو قاعة لطيفة فاتحة اللون ذات أرضية رخامية كتلك التى تغطى الرواق . فُرشت هذه القاعة بمقاعد طويلة واسعة بيضاء اللون ذات مساند مخططة باللون الأزرق الباهت فبدت منسجمة مع زرقة حوض السباحة الممتد فى الخارج قبالة الشرفة البيضاء.
ــ هل نجلس فى الخارج على الشرفة؟
سألها ماكس وهو يفتح أبواب الفناء , ثم قادها إلى الخارج نحو طاولة و كراس وضعت فى مكان يطل على الجبال المحيطة بالمنزل.
ــ إن المكان رائع هنا.
ــ نعم يعجبنى المكان هنا.
ما حاد ماكس بنظرة عن وجه كارى فيما كان يتحدث و أدركت كارى أنه يقوم بمراقبتها ما جعلها تشعر بالارتباك و الخجل الشديدين .تساءلت لما تراه ينظر إليها بهذا الشكل!
ــ هل تسكن هنا بمفردك؟
سألته ذلك آملة ألا يبدو السؤال و كأنها مهتمة جداً
ــ نعم , ذلك صحيح.
ــ أحــقـــاً ؟
فوجئت تماماً و بدا الأمر واضحاً فى عينيها وهى تنظر إليه.
ــ نعم, حقاً
ابتسم ماكس ابتسامة عريضة و كأنما وجد ردة فعلها ممتعة جداً . ثم أردف :"طلبت بناء هذا المنزل منذ بضع سنوات . إن أفراد عائلتى الآخرين يسكنون فى الجوار أما والدىّ فيعيشان فى منزل العائلة الرئيسى فى الجهة الأخرى وهو يبعد حوالى عشرة كيلو مترات عن منزلى"
ــ هذا مكان فسيح لشخص واحد.
قالت ذلك محاولة إخفاء ميلها إلى الشك و الريبة.
ــ أفترض أنه كذلك , لكننى أحب أن أحظى بخلوة لنفسى.
ــ نعم , و أنا أحب ذلك أيضاً . لطالما كنت راضية و مكتفية بشقتى حتى الآن.
وجدت كارى نفسها تخبره باندفاع :"إنها شقة مريحة و موقعها قريب من مركز المدينة و بدا أنها الحل المناسب لكل متطلباتى عندما أشترتها لكن منذ دخول مولى إلى حياتى بت أبحث عن مكان فيه مزيد من الاتساع"
ابتسمت لـ ماكس ثم تابعت :"طبعاً ليس بعظمة هذا المكان بل فقط منزل صغير مع حديقة يسهل الاعتناء بها حيث يمكن لـ مولى أن تلعب...."
توقفت كارى للحظة قبل أن تكمل قائلة :".....هذا شرط أن أحصل على الوصاية أولاً بالطلع"
لاحظ ماكس الغمامة السوداء التى مرت فجأة أمام عينيها الزرقاوين , فعلق قائلاً:"مولى تعنى الكثير بالنسبة إليك, أليس كذلك؟"
ــ نعم
رفعت كارى ذقنها حتى التقت عيناها بعينيه مباشرة و هى تقول :"هى تعنى بالمطلق كل شئ بالنسبة لى , إنها كل ما تبقى لى من عائلتى"
ــ أستطيع أن أفهم ذلك فاتلعائلة هامة جداً . هذه الأملاك مثلاً تم توارثها من الأب إلى الأبن لأجيال و بما أننى الأبن الوحيد لوالدى فهى ستصبح يوماً ما مسؤوليتى حتى أمررها بيدى لأولادى.
تمتمت كارى :"لابد ان الشعور بالاستمرارية يبعث فيك الرضى"
هز ماكس كتفيه و تابع :"فى بعض النواحى . لكن فى نواحٍ أخرى يمكن أن يشكل ضغطاً"
سألت كارى بفضول :"أى نوع من الضغوط؟"
تردد ماكس برهة قبل أن يجيب :"حسناً...! جميع أفراد عائلتى تقريباً يعملون فى مجال أنتاج العصير , أعمامى و أنسابى ....لذا فالمحافظة على هذا النجاح هو أمر بالغ الأهمية"
قالت كارى فوراً :"حسناً ! أنا أستطيع رفع إحدى هذه المشاكل التى تثقل كاهلك فأنت لن تكون مخطئاً بأختيارك وكالة إيماج للقيام بالأعمال الدعائية لكم "
ضحك ماكس:"أنت امرأة أعمال ذكية . هل تعرفين ذلك؟"
ــ بالطبع !
أومأت كارى برأسها متابعة :"لذا عليك توظيف خدماتى لصالح شركتك"
تبعتهما إلى الشرفة امرأة إسبانية شابة قاطعتهما عن الحديث لتسأل بلغة إنكليزية مفككة إن كانا يرغبان بتناول مشروب قبل الغداء.
ــ كوب من الليمونادة سيكون جيداً .
سألها ماكس بعد أن بقيا لوحدهما مجدداً :"أمازالت تحافظين على صفاء ذهنك لأجل العمل؟"
ــ بالطبع
نظرت كارى إلى ماكس و لاقت عيناها عينيه ثم ساد الصمت بينهما قبل أن تقول ساخطة :"لِمَ أخبرتنى بالأمس أنك محام؟"
سألته ذلك بصوت أبح , فهى بحاجة لمعرفة الحقيقة.
ــ لأنى محام فى الحقيقة.
عبست كارى :"لكننى ظننت أنك تدير هذا المكان"
ــ أنا عضو فى مجلس الإدارة لكننى لم أتول المسؤولية الكاملة لإدارة الشركة بعد. ذلك لن يحدث حتى يقرر أبى أن يتقاعد.
ــ آهـ ! أفهم ذلك.
ــ لسوء الحظ إن والدى فى المستشفى حالياً فقد تعرض لجلطة خفيفة منذ بضعة أسابيع . هذا الأمر أجبرنى على أخذ إجازة من عملى الخاص حتى أحل مكانه لبعض الوقت.
ــ أنا آسفة جداً. كيف حال والدك الآن ؟
ــ إنه بخير . فالأطباء يقولون إنه سيتعافى كلياً.
ــ على الأقل هذا مريح بالنسبة إليك.
أومأ ماكس:"نعم , أنه كذلك . لكنها كانت بمثابة صدمة , فقد ظننت أن والدى لا يمكن قهره....و اعتقدت انه سيكون بحوزتى المزيد من الوقت لأكون مستقلاً عن ممتلكات سانتوس . أما الآن فلم أعد متأكداً تماماً"
وصل ما طلبه ماكس و كارى من مشروب فقادها ماكس نحو الطاولة و سحب أحدى الكراسى لتجلس عليه ثم جلس بدوره مسترخياً فى كرسيه و راقبها بنظرة ثابتة .
ــ على أى حال يكفى التحدث بهذا الموضوع الممل. أخبرينى المزيد عنك.
ــ أخبرتك عنى يوم أمس.
تابعت كارى بابتسامة محزنة :"فى الواقع أظن أننى أخبرتك الكثير جداً و على الأرجح سببت لك الضجر"
قال ماكس بابتسامة صغيرة :"أؤكد لك أن ذلك لم يحصل"
ابتسامة ماكس فيها شئ ما يجعل قلب كارى ينبض لذا أشاحت بنظرها عنه سريعاً . إنه رجل ساحر و هى تعرف حق المعرفة مخاطر الوقوع فى غرام شخص مثله.
ـــ
ــ على أى حال , من الأجدى ان نبدأ بمناقشة العمل . ما رأيك بأفكارى التى عرضتها لك يوم أمس؟
ــ أعتقد أنها جيدة
قالها بصدق قبل أن يتابع قائلاً :"و أظن ان و الدى سيوافق عليها "
ــ هل يفترض بك مراجعته بخصوص هذه الأفكار أم أن القرار النهائى يعود إليك؟
قال ماكس بحدة :"أنا حالياً أحاول إبقاءه بعيداً عن أية قرارات تتعلق بالعمل, فوالدتى ترغب بألا نزعجه ليتخذ أى نوع من القرارات طالما أن صحته غير مستقرة . لذا فسيكون القرار النهائى لىّ أنا عوضاً عنه"
تبسم ابتسامة عريضة ساخرة قائلاً :"ها أنت قد جررتينى إلى أخبارك من سيقرر, لكن هذا لا يعنى أننى سأوقع من دون أن أراجع كل شئ حتى أدق التفاصيل"
ــ يمكننى التعايش مع ذلك.
قالت كارى ذلك و هى تشعر بالرضى الذاتى لأنها استطاعت معرفة هذا القدر من الأمور منه.
سألها بابتسامة :"حتى لو كان ذلك يعنى بقاءك هنا لتناول غدا مطولاً جداً؟"
ردت له الابتسامة قائلة :"وقتى كله على حسابك"
ــ حسناً ! ذلك أمر مشجع.
نظرت كارى إلى عينيه للحظة و شعرت و كأنما قدرة خفية جاذبة تشدها إليه. فجأة تساءلت ما يكون رده لو طلبت منه مرافقتها لملاقاة جدة مولى على الغداء يوم غد , و الأدعاء أنه رفيقها . ما إن مرت الفكرة فى ذهنها حتى تخلصت منها مرتعبة فالتجربة علمتها مخاطر دمج العمل مع الحياة الخاصة . أنها قاعدة ذهبية بالنسبة إليها و هى تنوى الالتزام بها . على كل حال فإن ماكس سانتوس سيرتعب لو أخبرته عن كذبتها البيضاء الصغيرة... وقد يقرر حمل عقد الترويج الدعائى إلى وكالة أخرى .
أشاحت كارى بنظرها بعيداً عنه بسرعة و تناولت حقيبتها قائلة :"لنرى الآن..فأنا لدى المزيد من التفاصيل التى أود مناقشتها"
راقبها ماكس و هى تفتح حقيبتها الجلدية بهدوء تام فأعجبه احترافها لعملها و أثارت اهتمامه... مضى وقت طويل على آخر مرة استحوذت فيه امرأة على اهتمامه.
بحثت كارى بسرعة بين الأوراق حتى وجدت التفاصيل المتعلقة بالموضوع. بعدئذٍ تركز الحديث على الأوراق الموضوعة أمامها , لكن الأمر تطلب كل عزم و تصميم من قلبها لتحافظ على تركيزها .
شعرت كارى بالارتياح مع وصول مدبرة المنزل لتبلغهما ببدء تقديم طعام الغداء ما أعطاها بضع لحظات لتستجمع خلالها قواها الذهنية.
قادها ماكس بأتجاه غرفة الطعام التى تطل أيضاً على الشرفة حيث جلست بمواجته إلى طاولة طويلة مصقولة . لِمَ تشعر بالخطر فى كل مرة تلتقى عيناها بعينيه؟
اقترحت كارى بلباقة :"إذا ,إن أعجبتك أقتراحاتى ربما يمكننا البحث فى التفاصيل لإنهاء عقدنا اليوم!"
قال ماكس ملاحظاً :"يبدو أنك أصبحت فجأة على عجلة من أمرك"
ــ حسناً ! أنت تعرف ما يقال: الوقت من ذهب.
لاقت عينا كارى عينيه مباشرة للحظة قبل أن تتابع :"أشعر أنك أنت أيضاً لا تحبذ تضيع الوقت".
تبسم ماكس لقولها :"أنت محقة . أنا لا أحب تضيع الوقت سدى. لكن مع ذلك لدى الوقت الكافى لغدائنا المطول"
ــ نعم , بالطبع !
تبسمت كارى و عندما لم تعد قادرة على تحمل نظراته , أشاحت بنظرها بعيداً عنه , وما لبثت أن قالت :"لكننى لا أجرؤ على التأخر فى عودتى إلى برشلونة و إلا فأن جدة مولى ستعلق مشنقتى "
بعدئذٍ خففت كارى من حدة نبرتها ثم ركزت اهتماماتها على صحن المقبلات الذى وضعته أمامها مدبرة المنزل.
راقبها ماكس عن كثب من مكانه فى الجهة المقابلة للطاولة . فهو لم يلتق مطلقاً بامرأة حاولت البقاء متحفظة جداً و باردة الطباع معه. استشعر أنها استخدمت عملها كحاجز تختبئ خلفه و رغم كل ردودها العملية الحادة فهى امرأة بمنتهى الحساسية
ــ حسناً ! سأحاول ألا أؤخر كثيراً
قالها برقة ثم أردف :"هل ستقومين باصطحاب مولى من المدرسة؟"
ــ كلا فقد طلبت من جدتها أن تقوم هى بذلك , إنها تريد تمضية المزيد من الوقت مع مولى
ــ إذاً, أفترض أنك تسرعين لأجل موعد غرامى حار؟
ــ حتماً لا , ففى الوقت الحالى لدى ما يكفى من التعقيدات فى حياتى ! ببساطة أريد أن أكون فى شقتى عندما تصل كارمل مع مولى , فلدينا الكثير من المواضيع لنناقشها .
ــ بين مولى و عملك , حياتك تبدو حامية جداً.
ثم تابع بغير اكتراث :"أنا مثلك , أتخبط مسرعاً بين هذا المكان و عملى كمحام"
فجأة قاطع حديثهما صخب سُمع فى الرواق الخارجى . نظرت كارى حولها لترى مانويل يرافقه طفلان كثيرا الصياح هما صبى و فتاة فى مثل عمر مولى تقريباً و يبدوان كالتوأمين.
ــ آسف على هذا الإزعاج.
قال مانويل من مدخل الباب متابعاً:"تم إرسالهما من المدرسة قبل انتهاء الدوام و زوجتى ما زالت فى المدينة لذا أريد إيصالهما إلى جدتهما"
ــ لا بأس بذلك.
قالها ماكس بسهولة و لم يبدُ منزعجاً . عندما لمحه الولدان هرعا بالدخول من الباب لإلقاء التحية عليه.
راقبته كارى و هوة يدفع بكرسيه للخلف بعيداً عن الطاولة كى يستقبل الولدين بعناق كبير . بعدئذٍ شعث بيده شعرهما , و تبسم ابتسامة عريضة فيما راحا يحادثانه بحماس بالغ وكانا يتحدثان الإسبانية بطلاقة و سرعة .
ــ تقول والدتنا إنه يمكننا إقامة حفل عيد مولدنا فى الحديقة الخلفية لمنزلنا الأسبوع القادم....و ستحضر أنت و الجميع....يمكننا امتطاء الفرس الصغير و إقامة حفل شواء ....
ــ هاى, أنتما....ترويا قليلاً.
علق مانويل ضاحكاً من المدخل ثم أكمل قائلاً :"ماكس لديه اجتماع عمل , ولا يريد سماع أى شئ عن حفلة عيد مولدكما"
قال ماكس بابتسامة كبيرة :"على العكس , فأنا مهتم جداً"
راقبت كارى كبف جثم كل ولد على ركبة من ركبتى ماكس ثم وجدت نفسها تقارن تصرفه اللبق السلس مع الأطفال بتصرف خوسيه و شعوره بالغرابة فى حضور مولى.
ــ كارى , هذان ولدا مانويل .
عرفها ماكس بهما و هو مغتبط قائلاً :"بيلا و إيميليو يصادف عيد مولدهما الخامس بعد أسبوع من يوم الأحد هذا"
ــ مرحباً بكما.
تبسمت كارى و تحدثت معهما بالإسبانية :"يبدو أنكما ستقيمان حفلاً رائعاً
شرع الطفلان بشرح حماسى صاخب مخططاتهما للحفل فوجدت كارى نفسها تضحك و تسألهما المزيد من الأسئلة باهتمام.:
قال مانويل لـ ماكس :"أنا فقط حضرت لأبلغك أن والدك أتصل بالمكتب هاتفياً منذ برهة و سأل عن مواعيد التسليم . قلت له ان كل شئ على ما يرام, ومع ذلك يبدو أنه قلق على مجرى الأمور"
هز ماكس رأسه قائلاً :"سأمر بعد قليل إلى المستشفى لأطمئنه"
وافق مانويل و أكمل :"لكنك تعرف طباعه و إنه لا يحب الإصغاء للنصائح"
فى هذا الوقت أحضرت مدبرة المنزل الأطباق الأساسية للغداء .
ــ هيا بنا يا ولدىّ ! علينا أن نذهب الآن لندع ماكس و كارى بسلام.
أخذت كارى تفكر ببطء أن ماكس يجيد حقاً التعامل مع الأطفال , ثم خطر لها فجأة أنها على الأرجح أخطأت فى حكمها عليه يوم أمس , فاعتقدت أنه مجرد زير نساء كثير التلاعب و الغزل مع النساء كزوجها السابق...لكن يبدو أنها لم تكن تعرف ماكس حق المعرفة .
ابتسم ماكس ابتسامة عريضة لـ كارى فيما أنغلق الباب الرئيسى خلف مانويل و ولديه و علق قائلاً :"إن وجود الأطفال فى البيت يسبب الدوار إلى حد ما , أليس كذلك؟"
ــ نعم , لكن المضحك فى الأمر أنهم حالما يذهبون و يعم الهدوء المطلق فى الأجواء تجد نفسك منزعجاً من السكون الزائد .تبسمت كارى و أكملت :"من الغرابة أننى كنت أعتبر حياتى بمفردى نعمة أستمتع بها...أرضى نفسى... أخرج ساعة أشاء....لكننى الآن لن أتخلى عن مولى و لو أعطونى كنوز العالم بأسره."
تبسم ماكس و قال :"حسناً ! آمل ألا تضطرى إلى ذلك"
ــ نعم....آمل ذلك .
صمتت كارى و أخذت تسكب بعضاً من البايللا و القريدس مع السمك المدخن.
سألها ماكس محدثاً:" هل تسبب لك جدة مولى الإزعاج؟"
هزت كارى رأسها :"إلى حد ما . لذا علىّ إقناعها بأننى أهتم جيداً بالصغيرة , بالإضافة إلى أنه علىّ البقاء متيقظة فى التعامل معها , فـ كارمل شخصية مريعة حقاً"
ــ نعم يبدو أن على كلينا البقاء متيقظى الذهن , كارى . فأنا أيضاَ علىّ الذهاب إلى المستشفى لأحاول إقناع والدى بتناسى أمور العمل بما أننى مسيطر عليها و أديرها جيداً.
علقت كارى :"كما أرى , هو لا يريد التخلى عن الإمساك بزمام الأمور "
ــ حسناً ! إنه موقف مشابه لوضعك مع جدة مولى . إن أخبرته أننى أنوى الزواج و الاستقرار لسره ذلك أكثر و شجعه على ترك الأمور بين يدى , لكنه يظن أن وضعى الحالى غير ثابت و أن عملى كمحام يتطلب الكثير من الوقت فى حين أن المزارع تحتاج إلى مزيد منن الاهتمام .
ــ لكن ألا تحتاج المزارع حقاً اهتماماً بدوام كامل؟
ــ أخشى أنها كذلك فى الوقت الحالى....فمع صحة والدى المتدهورة انزلقت الأمور عن مسارها بعض الشئ . بالإضافة إلى ذلك لدينا مأزق إضافى , فـ مانويل ينوى الرحيل لتأسيس عمل خاص به , ولطالما كان هو حجر الزاوية الأساسى لشركة سانتوس و أظن أنه يشعر بالسوء لرحيله فى هذا الوقت العصيب. لكن سنحت له فرصة رائعة للعمل , وأنا نصحته بأن يستغلها لصالحه و لا يفرط بها.
ــ إذاً من سيستلم إدارة عملية الإنتاج هنا؟
ــ حسناً ! إن كنت محقاً بمعرفتى لوالدى فهو حتماً سيحاول العودة إلى العمل حالما يستطيع ذلك.
قال ماكس ذلك بصوت يحمل نبرة القلق و تابع :"كنت لأقترح توظيف مدير آخر لكنى لا أظنها فكرة تسعد والدى . فلسوء الحظ هو رجل تقليدى عنيد و لن يشعر بالرضى و السرور إلا حين أستلم أنا زمام الأمور بدوام كامل , و من المستحسن أن أكون متزوجاً أيضاً"
ــ يفاجئنى كونك غير متزوج.
قالت كارى ذلك بغير اكتراث و تابعت :"إذ يبدو أنك تحسن التعاطى مع الأطفال"
ــ هاى, لاتبدأى.
تبسم ماكس ابتسامة كبيرة و أكمل :"....يكفينى ما يقدمه والدى من تصريحات . ولمعلوماتك كنت على وشك أن أعقد قرانى منذ بضع سنوات . ماذا عنك؟"
ــ أنا تزوجت عندما كنت فى بداية العشرينات من عمرى لكنها كانت غلطة و تطلقنا بعد مرور ثلاث سنوات .
قالت كارى ذلك ولوت شفتيها بسخرية .
تساءلت و هو يراقبها عن كثب إن كان هذا هو سبب الحذر و الحرص اللذين يراهما فى عينيها الزرقاوين الغامقتين بين الحين والأخر
ــ ألم تفكرى بالزواج مجدداً ؟
هزت كارى رأسها و أجابت :"أنا أحب حياتى كما هى تماماً , إنها منظمة و غير معقدة , كما أشعر أننى أنا المسيطرة عليها و صاحبة القرار و هو أمر يسعدنى"
خفضت كارى نظرها بإنهزام مسائلة نفسها , لِمَ تراها أخبرته بهذه الأمور فى امور شخصية فائقة الخصوصية .
ــ إذاً بغض النظر عن مولى أنت امرأة أعمال حقيقية .
ــ نعم . أفترض أننى كذلك.
ــ أنا بطبعى من هذا النوع أيضاً
رد ماكس بترو و بطء , وأكمل :"أنا مثلك أحب أن أكون المسيطر على قدرى . لذا قررت إنشاء عملى الخاص عوضاً عن البقاء هنا فى شركة العائلة , ومن الواضح أن قرارى لم يسعد والدىّ حينها"
ــ و ما الذى ستفعله الآن مع مرور الشركة بأزمة ؟
سألت كارى بحشرية متابعة :"هل ستتخلى عن عملك و تستلم زمام الأمور بدوام كامل؟"
ــ نعم. إذا رفض والدى أن يستقيل من عمله , عندئذٍ سأستقيل أنا . إن هذه المزارع فى النهاية هى موطنى , وقد خُلِقتُ لأجلها , كما أن الإحساس بالانتماء أمر يجذبنى بقوة.
تحرك فى أعماق كارى شئ ما بسبب طريقة قوله لهذا الأمر . فقد توفيت والدتها وهى فى السابعة من عمرها و تم إرسالها لتقيم مع والدها و زوجته. لم تشعر أبداً كارى أنها تنتمى إلى تلك العائلة. لكن الأمر الوحيد الجيد الذى نتج عن ذلك هو أخوها غير الشقيق طونى....و ابنته مولى.
حاولت كارى أن تبعد أفكارها بسرعة عن طونى قبل أن يبدأ حزنها فى بالتصاعد إذ لا فائدة من العودة إلى الماضى , فـ مولى و المستقبل هما جل ما يهمها فى الوقت الحالى . الآن عليها أن تعود لمنزلها كى تواجه جدة مولى بعزم و تعترف لها بالحقيقة.
أزالت مدبرة المنزل الأطباق عن الطاولة , فين حين ألقت كارى نظرة سريعة إلى ساعة يدها , واستغربت أنها مكثت فى هذا المكان لما يزيد عن الثلاث ساعات. قالت بخفة:"يا إلهى ! من الأفضل أن أسرع . لم أعرف5 أن الوقت تأخر إلى هذه الدرجة"
تناولت حقيبتها , وأخرجت نسخة من عقد العمل الدعائى قائلة لـ ماكس:"سأترك لك هذا لتراجعه ماكس , فإذا كنت راضياً عن محتوياته يمكنك التوزقيع عليه و إعادته لى غداً عبر البريد"
لم يجبها ماكس مباشرة بل قال:"ربما يمكننى إعادته شخصياً مساء الغد؟ إنه مساء السبت...يمكننا تناول العشاء معاً"
فقالت بسرعة :"ذلك ليس ضرورياً حقاً , ماكس"
تمتم ماكس بثقة :"ربما . لكنه يسعدنى"
أهو يغازلها ؟ تساءلت كارى فجأة و الأجراس المحذرة ترن فى أعماقها .
أنه رجل أعتاد أن توافقه النساء على كل كلمة يقولها لكن هذا ليس أسلوبها هى مع الرجال....ما بينهما هو مجرد علاقة عمل فقط.
ــ إذا رغبت بالحضور إلى المكتب صباح الاثنين لمناقشة أية تعديلات ترغب بإجرائها على العقد فذلك مناسب لى لكننى منشغلة مساء الغد.
وافق ماكس على ردها بغير اكتراث :"حسناً! سأتصل بك يوم الاثنين . ما رأيك؟"
ــ حسناً! على أن أذهب الآن.
شعرت كارى أن عليها الرحيل من هذا المكان قبل أن تجد مكانه تضعف و توافق على تناول العشاء معه فمن السهل جداً أن تقول له نعم , لكن العمل و المتعة لا يلتقيان . ذكرت نفسها مجدداً .
قالت بحدة و هما يخطوان خارجاً تحت أشعة الشمس :"إذا سوف نتحدث نهار الإثنين"
قال ماكس:"حتما , سنفعل"
تساءلت كارى إن كانت نبرته تحمل فى أعماقها معنى الوعد بطريقة غير مباشرة أم أن مخيلتها صورت لها ذلك ! نبذت شعورها هذا وحاولت أن تبدى مزيد من الاهتمام بالعمل و مع وصولهما إلى السيارة التفتت نحوه و مدت يدها لتختم اللقاء بطريقة رسمية قائلة :"أشكرك على وقتك"
لكن ما أن مد ماكس يده ليصافحها حتى تسارعت فجأة مشاعر غير اعتيادية فى جسدها , فلمسة يده على بشرتها سرت كتيار كهربائى .
جذبت كارى يدها بسرعة مبتعدة عنه و صعدت سيارتها و قلبها يثب و يرتد على أضلاعها . إن آخر رجل كان له هذا التأثير عليها هو زوجها السابق, وكثيرة هى العِبر التى تعلمتها معه , وهى عبر يصعب عليها تجاهلها . عليها أن تبقى ماكس سانتوس بعيداً عنها .
تساءل ماكس فيما وقف يراقبها و هى تبتعد بالسيارة عمن تراها ستقابل مساء الغد على العشاء.أهو عشاء عمل أم متعة؟

abeer Abdel monem likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-11-17, 12:15 PM   #4

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-11-17, 12:16 PM   #5

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

4 / نــــار و مـــثـــلــــجــــات
بدت مولى مسرورة إلى حد بعيد و مستقرة على كرسيها بين ماكس و كارى
ــ أخبرتنا كارى أنك تسكن بالقرب من مزارع الفاكهة , أليست كذلك؟
سألت كارمل و هى تسكب لـ ماكس القليل من الشاى
ــ نعم , مزارع سانتوس
مد ماكس يده ليساعد مولى على أختيار قطعة من الحلوى و تابع شارحاً :"إنه عمل عائلى"
ــ ما أروع ذلك ! وهل هو المكان الذى ستقيمان فيه أنت و كارى بعد زواكما؟
أوشكت كارى أن تختنق بالشاى تاذى ترتشفه لدى سماعها هذا السؤال , لكن ماكس بدا مرتاحاً للتوسع فى موضوع زواجهما.
ـ آه ! أتصور ذلك.
نظر ماكس بسرعة إلى كارى و لاحظ التعبير البادى فى عينيها , فابتسم و أكمل :"ما قولك يا عزيزتى؟ يروقك المكان بالقرب من المزارع , اليس كذلك ؟"
قالت كارى بسرعة :"المكان رائع هناك , فهو فسيح جداً"
قالت كارمل و هى تنحنى للأمام :"أتعلمين كارى . الآن لاحظت انك لا تضعين خاتم خطوبة"
ــ أحقاً لاحظت ذلك؟
حدقت كارى إلى يديها و شعرت بالجزع يجمد دماغها .
ــ حسناً !ذلك...آه ! إنه.....
قاطعها ماكس برقة :"السبب هو أننا أبقينا أمر خطوبتنا سراً حتى الآن , فقد كنا بانتظار ان تهدأ الأمور قليلاً قبل إعلان نوايانا"
عبست كارمل : "تهدا الأمور....! من أى ناحية ؟"
قال ماكس بهدوء :"الأشهر القليلة الماضية كانت وقتاً عصيباً بالنسبة إلى كارى و مولى يا كارمل , فـ كارى ما كانت بمزاج يسمح لها بالاحتفال"
ــ يمكننى تفهم ذلك
نظرت كارمل بسرعة باتجاه كارى , وبدت عليها تعابير التعاطف . كما التفت ماكس نحوها مبتسماً أيضاً و قال :"لكنننا مستعدان إعلان خطوبتنا الآن , ألسنا كذلك عزيزتى؟"
ــ نعم ....أظن أنه ينبغى علينا ذلك.
أملت كارى ألا يُظهر صوتها ما أحست به من جزع.
سألت كارمل بإصرار و هى تصب تركيزها على ماكس :"إذاً , متى تنويان تحديد موعد الزفاف؟"
قالت كارى سريعاً:"علينا التفكير بـ مولى أولاً الآن"
بدا على كارمل إنها تأخذ هذا الأمر بعين الأعتبار حين قالت :"نعم, لكن ليس عليكما تأجيل موعد الزفاف . إذا ما أسرعتما بالاستقرار أنت و ماكس معاً , سيمون الأمر لصالح مولى . يعجبنى موضوع إقامتكما إلى جانب المزارع , ألا يعجبك الأمر بوب؟"
نظرت كارمل باتجاه زوجها , فأومأ لها موافقاً . فكرت كارى أنه يبدو متعباً بسبب رحلته الطويلة من أستراليا
ــ سارة... أى والدة مولى كانت أبنتنا الوحيدة , و ما زلنا نفتقدها كثيراً . لذا نرغب بأن نقوم بالأفضل لصالح مولى.
فسر بوب ذلك لـ ماكس و قد بدا متعباً يجر نفسه ليتمكن من الجلوس مستقيماً على الكرسى , ثم تابع موضحاً :"لكن تربية طفل صغير هو عمل متطلب , وأنا لست بصحة جيدة تماماً . لذا و لأكون صادقاً معكما , عندما أخبرتنى زوجتى عن وجوب حصولنا على وصاية مولى شعرت بالقلق حيال تكيفنا مع الموضوع....لا سيما كارمل . فلم يكن أمراً سهلاً بالنسبة إليها أن تعتنى بى خلال فترة مرضى....."
قاطعت كارمل حديث زوجها معترضة :"بوب! بالطبع سنتكيف . ببساطة علينا أن نتكيف فهو واجبنا تجاه سارة . لقد تناقشنا بالموضوع مئة مرة , فرابط الدم يجعلنا أدنى الأقارب لـ مولى...."
أطلقت كارمل نظرة تجاه كارى و قالت:"لست أقصد الإهانة كارى لكن طونى لم يكن إلا أخاك غير الشقيق"
صُعقت كارى من هذه الكلمات , فهى كانت تخشى أن تقوم كارمل باستخدام هذه الحجة لتحصل على وصاية مولى . إلا أنها قالت بسرعة :"نعم, لكننا كنا مقربين جداً كارمل"
ــ نعم . لكن نحن أقرب إليها بفضل رابطة الدم , وسوف نكون قادرين على الاعتناء بها....
قاطع بوب زوجته و هى فى خضم حديثها :"نعم, بالطبع سنتكيف , لكن إذا أردنا أن نكون صادقين مع نفسينا , فليس خيارنا الأول أن نقوم بأخذ حفيدتنا لتعيش معنا. لأننا سنضطر إلى تغيير نمط حياتنا . إضافة إلى ذلك , هى بالكاد تعرفنا, كما أن شخصاً صغيراً مثلها يتطلب الكثير من الوقت و الطاقة"
حدق بعدها بوب باتجاه كارى بنظرة صارمة مطولة قائلاً:"من الواضح أن مولى تحبك حباً جماً , فقد رأيت ذلك من طريقة تعلقها بك عندما كنا فى الصالة. إذا كنا سنتنازل عنها لأجلك فمن الضرورى أن نعرف أنها لن تحتل المرتبة الثانية فى سلم أولوياتك. أما بعد لقائنا ماكس اليوم فقد تخلصنا من بعض مخاوفنا تجاه تبنيك مولى"
شعرت كارى بحرارتها ترتفع مع مرور كل لحظة و بارتباكها و تشويشها يزدادان أيضاً . قالت بصوت أبح و قد اتسعت عيناها الزرقاوان :"أعدك صدقاً أننى شأضع مولى على رأس أولوياتى"
بدت صادقة و هى تحدق مباشرة إلى عينى بوب . على الأقل هذه هى الحقيقة بغض النظر عن ماكس و عن وظيفتها ...وكل أمر آخر . إن مولى هى فعلاً فى المرتبة الأولى بالنسبة إليها.
أومأ بوب برأسه ونظر إلى ماكس قائلاً :"حسناً ! فى الوقت الحالى سنبقى هنا لبعض الوقت للتعرف على مولى بشكل أفضل و سنخرج برفقتها و سنرى كيف تجرى الأمور . ويوماً ما ربما يمكننا الذهاب إلى المزارع خاصتك"
شعرت كارى بقلبها يدق بجنون فيما رد ماكس :"بكل تأكيد"
وصل النادل إلى طاولتهم ليرفع بعض الأطباق الفارغة كما أحضر المثلجات لـ مولى
ــ هل هى لذيذة عزيزتى؟
سألتها كارى فهزت مولى رأسها موافقة و تبسمت ابتسامة عريضة .
فجأة شعرت كارى بالدموع تكاد تتفجر فى أعماقها , لكنها لم تدرك تماماً سببها . أهى غبطتها بالسرور البرئ الذى عبرت عنه مولى تجاه المثلجات , ام المحادثة التى جرت مع جدى مولى....
التقت عينا كارى بعينى ماكس فتبسمت مصممة على تمالك أأعصابها ثم شعرت بارتياح عميق عندما بادر ماكس بحديث عن المزارع . بدا مرتاحاً بتبادل أطراف الحديث مع بوب فأخبره أنهم سيجنون المواسم ثم تكلما عن العمل بشكل عام.
أصبحت الأجواء بين الجالسين إلى الطاولة خفيفة مرحة , فى الوقت الذى حضر فيه النادلون لرفع الأطباق الفارغة. فـ مولى قد أنهت كوب المثلجات الخاص بها و لطخت يديها . حاولت كارى أن تنظفها لها قدر الإمكان بإحدى الفوط ثم قامت بحملها عن الكرسى باتجاه غرفة المعاطف قائلة مبتسمة :"أعذرونا , أنا فقط ذاهبة لأغسل يدى مولى قبل أن يتلطخ فستانها بالمثلجات"
راقبت كارمل كارى و مولى و هما تقطعان غرفة الطعام المكتظة ثم نظرت إلى ماكس قائلة بإندفاع :"أنا مسرورة جداً لأن كارى تعرفت إليك , فحسبما أخبرنى طونى زوجها الأول كان خسيساً جداً لذا كان يقلق عليها كثيراً حينما كانت متزوجة . لكنها منذ استقرارها و إقامتها فى إسبانيا صارت تشعر بسعادة أكبر . كما بدأت بمواعدة الرجال مجدداً . طونى لم يذكر لى أبداً أن كارى تواعد شخصاً مستقراً و مهتماً بالعائلة مثلك. لكن......."
عبست كارى قبل أن تكمل حديثها :".....فى الواقع عندما تحدثنا آخر مرة عبر الهاتف عن كارى فهمت منه أنها تواعد شخصاً يعمل معها فلا المكتب"
ــ كارمل!
عبس زوجها و هز برأسه قبل أن يردف:"ربما لم تفهمى إلا نصف الحقيقة, فى كل محادثاتك مع طونى كانت تدور حول مولى"
ـــ نعم....نعم, بالطبع !
بدأ وجه كارمل يحمر قليلاً ثم تابعت تقول :"ما قصدته هو انه من الرائع أنكما تعرفتما على بعضكما فـ كارى فتاة طيبة و هى تستحق نيل بعض السعادة بعض زواجها المريع ذلك"
استوعب ماكس هذه المعلومات فحاول تهدئة كارمل المرتبكة , بعد أن تابعت حديثها مبررة لأنها أخطأت فى فهم ما قاله طونى . فقال عندما توقفت لالتقاط أنفاسها :"أنت لم تفهمى الموضوع خطأ تماماً . كارى و أنا التقينا من خلال العمل فهى تقوم بترويج حملة دعائية لمنتجاتنا "
ــ آه !
ظهر الارتياح على كارمل ثم تبسمت له متابعة:"هى جذابة جداً , أليس كذلك؟"
وافق ماكس بابتسامة عريضة . وعندما رفع نظره لاحظ أن كارى عائدة فراقبها و هى تسير عبر الغرفة باتجاه طاولتهم و أعجبته طريقة سيرها اللبقة كما أعجب برقتها و ثقتها بنفسها . و لم يغفل ماكس عن ملاحظة نظرات الرجال إليها بإعجاب و هى تمر بقربهم و هو امر لم تعره كارى أى اهتمام.
تساءل ماكس فجأة عن من تراه الرجل الذى كانت تواعده كارى فى المكتب .
قالت كارمل عندما وصلت كارى إلى الطاولة :"كنا نتحدث عن طريقة لقائك بـ ماكس"
ــ أحقاً ؟
تبسمت كارى لكنها شعرت بعضلات وجهها تؤلمها و هى تحاول المحافظة على هذا التعبير . نظرت باتجاه ماكس لينيرها بفحوى القصة التى كان يحكيها فيما كانت غائبة فقال برقة:"كنت أخبرهما أننا التقينا بسبب العمل وأنك تنظمين حملة دعائية ذكية لمنتجاتنا"
أومأت كارى :"آه.....! نعم "
ألقت لمحة باتجاه ماكس مستغربة قدرته على أن يبدو مقنعاً جداً فى قوله . وما أن التقت عيناها بالنظرة الحادة لعينيه السوداوين حتى شعرت بالدم يتسارع فى عروقها .
فكرت أن عليها الخروج من هذا المكان و الابتعاد عن الأكاذيب . وفيما حاولت مولى العودة إلى الجلوس مكانها بجانب ماكس , أمسكت كارى يدها و منعتها قائلة :"حقاً علينا أن نعود الآن"
ثم تابعت بحزم وهى تنقل بصرها من كارمل إلى بوب :"على أن أعيد مولى إلى المنزل لأجل قيلولة الظهيرة . وأنا متأكدة أن قسطاً من الراحة سيفيدك أنت أيضاً بوب بعد رحلتك الطويلة المضنية"
أومأ بوب برأسه ثم هم الجميع بالنهوض واقفين فيما قالت كارمل بسرور :"أسعدنا التعرف عليك ماكس. سننتظر بشوق لقائنا المقبل و سنتصل بك لاحقاً كارى بشأن حضورنا لرؤية مولى"
أومأت كارى و قالت موافقة :"نعم ساعة ترغبان"
رغم حرارة ما بعد الظهر الشديدة خارج الفندق إلا أن شعور كارى بالارتياح بدا غامراً بمجرد الانصراف من هناك.
وضع ماكس يده على ساعد كارى ليستوقفها عندما تقدم منهم البواب ليعرض عليهم إيقاف سيارة أجرة قائلاً بخفة :"هيا ! تعالى فسيارتى مركونة بعد المنعطف"
و قبل أن تتمكن من الإجابة أخذ ماكس يقودهما باتجاه مدخل موقف السيارات فيما راحت مولى تقفز بسرور من قدم إلى أخرى وتشد بعكس يد كارى الممسكة بها , لذا توقفت كارى عن المسير لتحملها كى تحميها من السيارات التى قد تخرج مسرعة من الموقف .
قال ماكس:"هيا ! أعطينى مولى فهى ثقيلة جداً عليك لتحميلها على هذه الأدراج حتى نصل إلى السيارة"
ذهبت مولى إلى ماكس من غير أن تتمتم أو تقول شيئاً و تبسمت ابتسامة كبيرة من فوق كتفه باتجاه كارى و كأنما كل ما يجرى هو أمر ممتع جداً.
ضغط ماكس على زر فى علاقة المفاتيح فانفتحت أبواب سيارة من طراز bmw ثم أجلس مولى بأمان فى المقعد الخلفى وضعاً لها حزام الأمان . استرخت كارى على المقعد الأمامى إلى جانبه فأدار جهاز التكييف و فتح المراوح تجاه كارى . سألها :"أذلك أفضل؟"
مرت عينا ماكس على ملامح كارى الشاحبة المصفرة باهتمام و قلق قبل أن يقول :"هل أثرت عليك الحرارة فى الخارج ؟"
ــ إن حرارة الموقف كانت أسوأ فقد أزعجنى جداً الكذب عليهما ماكس.
ــ لكنهما بدوا أسعد بكثير عندما أنتهى لقاؤنا و رحلنا إذا كان فى هذا الأمر بعض التعزية بالنسبة إليك.
ــ نعم , لكن ذلك جعلنى نوعاً ما أشعر بالذنب أكثر فأكثر
أمالت كارى رأسها إلى الخلف و أسندته إلى مقعد السيارة مغمضة عينيها للحظة قبل أن تتابع بصوت خفيض مكتوم :"ببساطة , ألم يكن الأمر مروعاً؟ كان على أن أقول الحقيقة"
قال ماكس بجدية :"أعتقد أن ما قمت به هو لائق أكثر على المدى البعيد فقد رفعت عبئاً كبيراً عن كاهلهما . من الجلى أنهما يحبان حفيدتهما , لكن بوب لم يبدُ بصحة جيدة تماماً . حتى كارمل بدت مرتاحة أكثر فأكثر مع إدراكها أنك تسيطرين على الأمور هنا "
ــ مازالت لا أشعر بالارتياح حيال الأمر.
فتحت كارى عينيها و نظرت إليه :"لكن أعترف أنك تستحق جائزة أوسكار على دورك. شكراً لك"
قالت بغير اكتراث :"لقد عقدنا اتفاقاً كارى. قومى برد الخدمة لى بالمقابل و نكون قد تساوينا حينها"
سبب جوابه البارد بعض الارتباك لـ كارى . حرك ماكس المفتاح فى المكان المخصص له فدار محرك السيارة مطلقاً هديراً ملؤه الحياة.
سألت كارى بفضول :"حسناً ! ما هى هذه الخدمة تحديداً ؟"
أدار ماكس السيارة لكى يخرج من الموقف صعوداً باتجاه ضوء النهار الساطع قبل أن يجيبها :"ما أحتاجه هو عمل تمثيلى مماثل مع عائلتى"
ألقى باتجاه كارى نظرة سريعة ساخراً متابعاً :"أنت تدعين أنك خطيبتى, وأنا أدعى اننى خطيبك . إنه ترتيب عملى يسعد الجميع"
بدا ماكس كمديرها خوسيه عندما يقفل عقد عمل ما . غير أن هذا ليس بعمل بل تلاعب بمشاعر الناس لذا شعرت كارى بأكثر من وخزة ريبة وشك بالموضوع:"انا لست أفهم , لِمَ أنت بحاجة إلى خطيبة؟"
ــ أكتشف والدى أن مانويل راحل فى وقت غير مناسب , فبدأ بالتحدث عن نيته فى العودة إلى عمله السابق حالما يخرجونه من المستشفى نهار الأثنين.
أوقف ماكس السيارة عند إشارة السير و أخذ ينقر بأطراف أصابعه على المقود ثم أكمل كلامه :"طلبت منه ألا يقلق لأننى سأستلم الإدارة مكانه , لكنه مازال يرفض عرضى بعناد و يقول أننى لا أتمتع بالشغف اللازم تجاه الأرض. فباعتقاده , لو كان الأمر صحيحاً لفكرت بالاستقرار و الزواج من فتاة جميلة و إنشاء عائلة"
نظر ماكس باتجاه كارى وقد بدا العبوس و القلق فى عينيه :"لقد حذر الطبيب الأخصائى والدتى أنه فى حال عاد والدى إلى ضغوطات العمل فإن صحته ستتدهور بسرعة و هى قلقة جداً عليه....كلنا كذلك"
تبدلت أضواء إشارة المرور فسألها ماكس متجاهلاً دوى أبواق السيارات التى أطلقها السائقون خلفه عند بقائه متوقفاً :"فى أى اتجاه تقع شقتك؟"
ــ عليك الالتفاف إلى اليسار عند ملتقى الطرق الأتى.
راف\قبته كارى و عو يقود ببراعة فى الطريق المكتظة بالسيارات , وقبل أن تقول :"إذاً باعتقادك أنك إذا قدمتنى إلى والديك على أننى خطيبتك , سيشعر والدك بالارتياح حيال تسلمك زمام الأمور"
ــ ذلك سيبرهن له أننى جدى فى رغبتى بالحلول مكانه و يصادف أننى حقاً جدى بذلك.
نظر ماكس سريعاً باتجاه كارى و أضاف :"لكن وجودك إلى جانبى سيساعد على أقناعه بذلك , وسيمنحنى ذلك المزيد من الوقت , كما سيوقفه عن القلق و المعاتبة"
هزت كارى رأسها :"نعم !لكنه مجرد إدعاء بالأمر , ماكس . وما سيكون شعور والدك عندما تخبره بعد فترة وجيزة أن خطوبتنا المزيفة قد أُلغيت ؟"
قال ماكس :"سيساوره شعور كارمل و بوب ببساطة سيكون عليه تخطى الأمر , فهذه الأمور تحدث عادة و قد تفشل العلاقات الغرامية . علينا أن نتعاطى مع الموضوع بعقلانية و أن نسير قدماً"
القت كارى نظرة سريعة باتجاه ماكس ملاحظة الحدة القاسية فى كلامه . من الجلى أن ماكس سانتوس هو رجل واقعى , وقد استعرض حسنات الموضوع و سلبياته بطريقة عملية باردة ثم قرر أن الغاية تبرر الوسيلة.
تساءلت كارى إن كان عمله الرفيع المستوى هو ما جعله يتمتع بتلك الحدة القوية أم تراه سبب آخر.....شئ أكثر خصوصية من ماضيه؟
تابع ماكس بجفاء :"لهذا السبب أقترح أن نبقى على إدعائنا بالخطوبة لأطول فترة ممكنة....بهذه الطريقة نربح المزيد من الوقت فالوقت سيشفى الجراح. بإمكان والدى ان يرتاح خلال هذه المهلة , أما كارمل و بوب فسوف يتقبلان موت طونى و تغيير الظروف التى تبعته"
للحظات لم تقل كارى أى شئ فما قاله ماكس بدا منطقياً نوعاً ما .
أحست كأن حملاً أزيح عن كاهلها فشعرت بالغبطة و الارتياح لبرهة . تمتمت قائلة :"يكاد الأمر يبدو عملياً عندما تصوغه بهذه الطريقة"
قال ماكس بحزم:"أعتقد أنه عملى , فكلانا أعزب, وكلانا لا نرغب بارتباط يقيدنا . إنه ترتيب يحقق المطلوب تماماً . بالطبع , إلا إذا كان لديك صديق حميم غير معلن قد يسبب مشكلة و فوضى"
قالت كارى بهدوء :"كلا , ليس لدى أى صديق حميم"
أصر ماكس: " كل ما فى الأمر أن كارمل ذكرت خلال الغداء ما أخبرها به طونى عن مواعدتك لأحدهما فى مكتبك"
ألقى ماكس نظرة سريعة باتجاهها فلاحظ أن بشرتها قد احمرت فجأة. أشارت كارى إلى الأمام قائلة بخشونة :"أنا أسكن هناك"
اتبع ماكس تعليماتها, فالتف باتجاه الطريق المؤدية إلى منزلها ثم أوقف السيارة أمام بناء مرتفع . أطفأ المحرك ثم استدار لينظر إلى كارى :"إذاً أنت لا تخرجين مع أحدهم فى العمل؟"
أصبحت عينا كارى الزرقاوين داكنتى اللون بسبب الغضب فقالت متذمرة :"حياتى الخاصة تعنينى أنا فقط و لا يحق لأحد أن يتطفل عليها , لا كارمل و لا أنت...."
ــ كارى إذا كنا سنسير قدماً بهذا الاتفاق فعلينا أن نعرف ما ينتظرنا
ثم أردف قائلاً :"بالطبع , إلا إذا غيرت رأيك و رغبت بالاتصال بـ كارمل و بوب لإطلاعهما على الحقيقة"
أقشعر جسد كارى و شعرت بالغثيان لمجرد تخيل هذا الأمر . ألقت نظرة سريعة باتجاه المقعد الخلفى للسيارة حيث تغط مولى فى نوم عميق مسندة رأسها إلى رأس الدمية موجو . عادت و نظرت باتجاه ماكس قائلة :"كلا , لا أرغب بتغير رأيى . كنت أقابل أحدهم فى العمل , إنه مديرى خوسيه . لكنه لم يستطيع تقبل حقيقة أن مولى تأتى بالدرجة الأولى فى حياتى الآن لذا تغيرت الأمور بيننا"
ــ تغيرت ....بمعنى أن علاقتكما قد انتهت؟
بدت عينا ماكس السوداوين و كأنهما تغوصان فى فى أعماق نفسها , فأومأت إيجاباً.
راقبها ماكس . فبدا له كأنها تخشى مصارحته و كأن شيئاً ما يقف حاجزاً حولها قائلاً : لا تقترب منى أكثر فأنا لدى شخصيتى الخاصة.
بعدئذٍ رفعت كارى ذقنها و ثبتت نظرتها السلطوية على ماكس . هذه النظرة التى كان قد تعرف إليها من خلال غداء العمل بينهما , ثم سألته بجفاء:"وماذا عنك ؟ لماذا تطلب منى أن أدعى أننى خطيبتك ؟ لابد أن هنالك مليون امرأة يمكنك أن تطلب منهن ذلك . حتى أنك تستطيع أن تخطب إحداهن فى الحقيقة ثم تستقر معها"
هز ماكس كتفيه و جاء صوته أكثر رقة و هو يقول :"قررت القيام بذلك ذات مرة و كان كل شئ جاهزاً لزفافنا , لكن....ببساطة لم تفلح الأمور"
لبرهة ظهرت فى نبرته لمحة من الكآبة و الاستغراق فى التفكير , جعلت كارى تتساءل عما تراه جرى بينه و بين خطيبته السابقة, ثم تذكرت ما قاله منذ قليل:"العلاقات الغرامية قد تفشل , وعلينا ببساطة تخطى الأمر و المضى قدماً"
أيشعر ماكس بالندم على ماضيه؟ و قبل أن تتمكن من طرح أى سؤال بدل ماكس نبرته إلى أخرى أكثر عملية حين قال :"إذاً كما ترين أعتقد أنه من الأجدر لى أن ألتزم بترتيب عملى هذه المرة"
تأثرت كارى بشمل ما . ربما بسبب نبرته الواقعية العملية الحافة. فقالت ببرود :"نعم, حسناً ! ماكس لقد فهمت قصدك ولا داعى لأن تقلق من هذه الناحية , أؤكد لك . فأنا لن أنجرف فى إدعائى بكونى خطيبتك و لا رغبة لى مطلقاً بأن أتزوج مجدداً "
قال ماكس بخفة :"كما قلت لك من قبل , إنه الاتفاق الأنسب"
ناقلاً نظراته من النار المتأججة فى عينيها الزرقاوين إلى الانحناءة الرقيقة لشفتيها , وتابع يقول :"لكن بالطبع علينا أن نكون مقنعين فى إدعائنا هذا"
نظرت كارى إليه بحذر :"ما الذى تقصده؟"
ــ أعنى أن الناس سيتوقعون منا أن نتصرف كعاشقين لا كشريكى عمل .
أشاحت كارى بسرعة نظرها بعيداً عنه . فكلامه الرقيق جعل مختلف أنواع أجراس التحذير ترن فى أعماقها .
ـت ما دمنا لبقين فى تعاملنا مع بعضنا البعض و نقول الكلام المناسب فى الوقت الحاجة....
فجأة مد ماكس يده و وضعها تحت ذقنها رافعاً وجهها لأعلى فأُجبرت على النظر إليه
قال بصوت أبح :"أعتقد أن الناس سيتوقعون منا أكثر من ذلك"
تمتمت كارى :"ماذا تقصد؟"
تحركت عينا ماكس مجدداً متأملة وجهها و فجأة شعرت كارى بحرارة العواطف بينهما تتصاعد لتخرج عن السيطرة . تحرك ليدنو منها فأدركت أنه ينوى معانقتها . شعرت كارى بغرائزها تحذرها بأن تتراجع غير أنها لم تستطع فقد سيطرت عليها قوة جارفة تفوق كل ما كان يمليه عليها عقلها.
تسللت رائحة عطر إلى أحاسيسها مع اقترابه منها أكثر فأكثر فشعرت أنه ىدافئ و نظيف و جذاب بشكل غير معقول . مرر ماكس أطراف أصابعه على جانبى وجه كارى ثم تحرك ليقترب منها مجدداً و أخذها بين ذراعيه فى عناق آسر.
جاء هذا العناق كتيار كهربائى رقيق و ناعم مسهما معاً . فتجاوبت كارى غير واثقة , مع أنها حاولت أن تقاوم بكل طاقتها . لكن القوى الغامضة فى أعماقها دفعتها إلى الاقتراب من ماكس أكثر. بعدئذٍ أشتد عناق ماكس ليغدو أكثر تطلباً , فأغرقها فى غمامة ساحرة أحاطت بكل مظاهر التعقل فى ذهنها
أندفع ماكس و كاى مبتعدين عن بعضهما بسرعة لدى سماعهما صوتاً من المقعد الخلفى للسيارة . نظرت كارى من حولها فلاحظت أن مولى مازالت نائمة لكنها بدلت وضعيتها
تكلم ماكس أولاً :"إنها على ما يرام"
ــ نعم.....
نظرت كارى إلى ماكس و بدا أن ذكرى ذلك العناق تتراقص بينهما كنوعٍ من التوبيخ الساخر . ابتسم ماكس لها برقة قائلاً بنبرة لا تخلو من الإغاظة :"إذاً , يبدو أننا لن نواجه مشقة فى إدعائنا بأننا حبيبان"
ابتلعت ريقها بصعوبة :"من الأفضل أن أرحل ماكس فـ مولى يجب أن تنام فى سريرها"
ما إن خرجت من السيارة حتى تبعها قائلاً :"سأحمل لك مولى إلى الداخل"
نظرت إليه بتساؤل , فتابع :".....هكذا تضعينها فى السرير من غير أن توقظيها "
ترددت كارى للحظة ثم أومأت برأسها موافقة و فكرت أنها خلال فترة نوم مولى سيتسنى لها أن تستجمع شتات نفسها على الأقل.
راقبته و هو يفتح الباب الخلفى للسيارة ثم يمد يديه برقة ليفك حزام الأمان عن الطفلة النائمة . تحركت مولى عندما حملها ماكس لكنها لم تستفيق.
قالت و هى تراقب ماكس يضع مولى على سريرها :"شكراً لك"
ـ لا عليكى , فهى فتاة صغيرة محببة....تذكرنى بابنة أختى بيلا.
ــ لم أكن أعلم.....ألديك شقيقة؟
قالت كارى ذلك و استدارت لتعدل الستائر فغرقت الغرفة فى ظلام جزئى
ــ نعم , فيكتوريا....تعرفت على ولديها ذلك اليوم فى منزلى بيلا و أيميليو
ــ لكننى ظننت أنهما ولدا مدير الأملاك؟ آه....فهمت!
قالت كارى فجأة عندما استوعبت الأمر :"مانويل هو صهرك و مدير الأملاك أيضاً"
ـت نعم مانويل هو زوج شقيقتى . بما أننا سنصبح خطيبين يبدو أن هنالك الكثير الذى يجب أن نعرفه عن بعضنا البعض , ألا تظنين ذلك؟"
أضاف برقة :"هناك الكثير الذى يجب أن نعوضه و نفهمه عن بعضنا"
أدركت كترى إن ماكس يتحدث بصوت منخفض خشية أن يوقظ مولى , لكن الهمس الأبح أرسل موجات خفيفة مدغدغة فى أعماقها جعلتها تعى ما يحصل فجأة . بدت الغرفة شبه المظلمة مزعجة بشكل شخصى , ووجدت نفسها تفكر بذلك العناق فى السيارة.
انزعجت كارى من ردة فعلها , فذكرت نفسها بحدة أن ماكس و قبل أن يعانقها بدقائق قليلة شدد على أن خطوبتهما مجرد عقد عمل لا غير , لذا فأى شغف قد يشتعل بينهما هو مجرد خيال.
سألها ماكس :"ما رأيك أن نتعشى معاً مساء الغد؟"
تذكرت كارى أن ماكس طرح عليها السؤال نفسه عندما ألتقته بالصدفة عند مكتب الاستقبال فى الفندق هذا الصباح , لكنها رفضت عرضه, أولاً لأنها لم تشأ أن يعتقد جدا مولى أنها تعمل خلا النهار ثم تبتعد عن مولى أيضاً فى المساء لمواعدة الرجال , أما السبب الآخر فهو أنها أرادت أن تبقى تعاطيها مع ماكس ضمن حدود العمل الآمنة . أما الآن فما عاد لهذين السببين قيمة.
ــ حسناً !على أى حال أفترض أننا مازالنا نحتاج إلى التحدث بشأن الأعمال.
قالت كارى بحذر و هى تحاول أن تبدو عملية فى نبرتها ىثم تابعت :"فقد قلت هذا الصباح إن هناك بعض التساؤلات التى ترغب بطرحها بشأن العقد الإعلانى"
عودتها إلى موضوع العمل أغاظته نوعاً ما , فرد بجفاء :"إذاً هل أمر لاصطحابك مساء الغد؟ فلنقل فى حوالى السابعة ونصف "
ــ على ان أتحقق من إن كان لدى كارمل و بوب استعداد للبقاء مع مولى....
أقترح ماكس:"لِمَ لا تطلبين منهما مجالسة مولى فقد يسرهما ذلك ؟ يمكننا أن نقصد مطعماً فى الجوار و بهذه اتلطريقة يمكننا أن نعود بسرعة فى حال حصول أية مشكلة"
ــ حسناً سأسألهما.
وجدت كارى نفسها توافق على الأمر و قد بدا لها العشاء مع ماكس مشوقاً. فجزء منها أراد التعرف أكثر على ماكس بينما كان جزء آخر مفتوناً به . تساءلت إن كان ذلك الافتنان هو نفسه الذى يشعر به أحيانا الأطفال تجاه النار!
أضافت كارى بحزم مجدداً :"يمكننا مناقشة شئون العمل . سأحضر نسخة من العقد لتراجعه"
قال ماكس بحزم:"أنا متأكد أن كارمل و بوب سيلفتهما رؤيتك خارجة للعشاء مع خطيبك و أنت تحملين حقيبة خاصة بالعمل . دعى و لو لمرة واحدة العمل فى المنزل كارى"
بدت جملته أشبه بالأمر لا بالطلب . فيما تابع يقول:"نحن خارجان غداً فى موعد غرامى و أى حديث عن الأعمال سنقومك بها فى الدقائق العشرين الأولى فقط"
ــ لكننى ظننت أنك تنتظر بشوق أن نبدأ بتنفيذ العقد
وجدت كارى نفسها تتحدث إلى ذاتها , فـ ماكس كان قد استدار وغادر الغرفة.
لحقته كارى باتجاه الباب الأمامى :"ماكس أنا...."
ــ سأمر لاصطحابك غداً عند السابعة ونصف . أراك حينها.
قال ماكس ذلك فيما مد يده ليلامس وجهها , بدا أنه شعر بالرضى لأن الأمور سارت على طريقته , لكن هذا التلامس أضرم النار ببشرتها و أثار أحاسيسها .
أسندت كارى ظهرها إلى الباب بعدما أغلقته خلفه . منذ طلاقها تفاخر نفسها لأنها أحكمت السيطرة على حياتها....سار كل شئ بانتظام و هى تدير حياتها كما تشاء سواء من ناحية العمل أم العلاقات الغرامية....
والآن فجأة يبدو أن الحياة تجرها نحو أغرب الاتجاهات و أنها تفقد قدرتها على الإمساك بزمام الأمور.


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-11-17, 12:17 PM   #6

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

5 / النار الباردة

ما عساها ترتدى إلى موعد غرامى مزيف ؟تساءلت كارى و هى تنقب فى خزانة ملابسها للمرة الميلون.

أخرجت فستاناً طويل أبيض اللون و حملته أمام جسمها فلاحظت أن فتحة قبته عميقة جداً. فتخلصت منه و تناولت فستاناً مطبعاً برسومات أزهار , مع انه بدا غاية فى الأنوثة إلا أنه بدا أيضاً سطحياً.

أخرجت الفستان الأسود فهذا يجب أن يؤدى المطلوب . إنه أنيق و جذاب و هو يصلح للعمل كما للمتعة أيضاً . نعم , إن الفستان الأسود هة الخيار الآمن و الأمثل.

جلست إلى طاولة التبرج و جففت شعرها بعدما اتخذت قرارها بشأن ما ستلبسه و قد تناهى إلى سمعها صوت التلفزيون من غرفة الجلوس , حيث يجلس بوب و كارمل اللذان وصلا باكراً للاعتناء بـ مولى و مجالستها . فكرت كارى أنهما شخصان لطيفان ودودان , بالرغم من أن مولى مازالت تشعر ببعض الحذر تجاههما , إلا أنها بدت مسرورة برفقتهما فى محيط الشقة المألوفة بالنسبة إليها . شعرت بالارتياح لاختيار ماكس مطعماً قريباً لشقتها , فربغم من أن مولى الآن غارقة فى النوم لكن فى حال إذا ما طرأت أية مشكلة مع كارمل و بوب فهى ستصل بسرعة . تناولت حقيبة التبرج , ووضعت طبقة خفيفة جداً من أحمر الشفاه الزهرى على شفتيها ثم ارتدت الفستان الأسود الذى اختارته مسبقاً فجاءت النتيجة مرضية بالنسبة إليها . أخيراً سارت باتجاه غرفة الجلوس بعدما تناولت حقيبة يدها السوداء المرصعة بالخرز.

قالت كارمل مباشرة :"تبدين رائعة كارى!"

ــ شكرا لك.

ابتسمت كارى لها , ثم ألقت نظرة باتجاه بوب الذى كان يغط فى النوم على كرسيه .

ــ الرحلة من استراليا إلى هنا استهلكت طاقته و أرهقته . كما أن صحته ليست على ما يرام.

قالت كارمل ذلك و قد لحقت نظرة كارى إلى بوب .

قالت كارى و هى تجلس على المقعد الطويل :"إن الغرفة الإضافية جاهزة إذا ما رغب بالذهاب إلى النوم و الأمر ينطبق عليك أيضاً , كارمل , فكلاكما تحتاجان إلى الراحة , فموت طونى ترك وطأته القاسية علينا جميعاً"

ــ أنت محقة

أخفضت كارمل صوت التلفزيون مضيفة :"اعتقد أننا سننام باكراً . أنا مرتاحة جداًَ لأنك التقيت رجلاً لطيفاً كـ ماكس . كلانا نعتقد أن ماكس رائع جداً ليتك تعرفين كم ارتاح بالنا لمجرد معرفتنا أن مولى مستقرة و سعيدة معكما. بوب كان محقاً بالأمس حين قال إننا نشعر بالقلق بشأن التكيف مع مولى و تربيتها....لكن بالطبع كنا سنتدبر الأمر لو حصل ذلك حقاً"

قالت كارى برقة :"بالطبع أنا أفهم أنكما ترغبان بتأمين الأفضل لحفيدتكما"

رن جرس الباب فنظرت كارى إلى ساعة يدها ملاحظة أن ماكس وصل على الوقت تماماً :"لابد أنه ماكس. حسناً لديك رقم هاتفى النقال إذا ما احتجت لأى شئ . لا تتردى فى الاتصال "

ذهبت كارى لتفتح الباب ووضعت فى رأس قائمة أولوياتها هذا المساء التأكيد من ان اتفاقها مع ماكس لن يفسد ما يربط بينهما من علاقة عمل فـ خوسيه يتوقع منها إتمام الصفقة مع ماكس خلال الأسبوع المقبل.

وصل ماكس و هو يرتدى بذلة زرقاء غامقة مع قميص من اللون الأزرق الباهت فبدا أنيقاً من دون بذل أى مجهود .ركز عينيه السوداوين على عينى كارى بنظرة رجولية صرفة . إنها نظرة مطلقة قوية يجبرها على الخضوع, فنظراته أطلقت فى أعماقها شوقاً ملحاً و حاجة صاخبة إليه.

بعزم وتصميم جعلت كارى صوتها مطلق البرودة :"مرحباً ماكس"

ــ تبدين رائعة كارى .

ابتسم ماكس لها , أما طريقته فى لفظ أسمها فأرسلت إشارات تنبيه إلى أعماقها , فأبعدت كارى نظراتها عنه غاضبة من نفسها و تراجعت بأدب لتفسح له المجال بالدخول قائلة:"شكراً لك أدخل قليلاً , فأنا أرغب بالاطمئنان على مولى بسرعة قبل مغادرتنا"

عندما عادت و خرجت إلى الممر وضع ماكس يده على ظهرها ليقودها باتجاه الباب ماجعل مشاعر الخوف تتغلغل فى أعماقها مجدداً . أحست و كأنها تفقد السيطرة على نفسها و أن ماكس بات يتحكم بها.

كانت سيارة ماكس مركونة أمام المدخل الأمامى ففتح باب السيارة لـ كارى قبل أن يلتفت إلى الجهة الأخرى و يجلس على مقعد السائق .

سألت كارى :"هل سمحوا لوالدك بالخروج من المستشفى أم ليس بعد؟"

ــ كلا , لكن آمل أن يخرج بعد ظهر الغد

ــ وهل ذكرت لهما أى شئ عنى؟

ــ كــــلا

نظرت كارى باتجاهه متسائلة إن كان قد غير رأيه فيما يتعلق باتفاقهما . لكن وجه ماكس كان فى الظلام تنيره من حين لآخر الأضواء الأمامية للسيارات المارة فى الاتجاه المعاكس.

ــ هل تنوى أخبارهم عنى أم أنك غيرت رأيك.

استغربت كارى تناقض مشاعرها , فجزء منها يرفض بشدة أى نوع من الأكاذيب لكن مجرد تفكيرها أن قد ينسحب من الاتفاق سبب لها شعوراً بارداً فى أعماق معدتها.

قاد ماكس السيارة باتجاه المنعطف ثم ركنها فى الفسحة المخصصة للتوقف . لم يجب عن سؤالها مباشرة , لكن بعد أن أطفأ المحرك و الأضواء الأمامية التفت إلى كارى قائلاً :"أعتقد أننا يجب أن نُشاهد برفقة بعضنا عدة مرات قبل أن أذكرك لهما. لذلك أخترت أن نتناول العشاء فى هذا المطعم الليلة . فبالإضافة إلى كونه قريباً من شقتك هو مكان يقصده معارفى . ستبدو علاقتنا أكثر جدية و واقعية إذا ما قام الآخرين بإطلاع والدىّ على لقائنا , لأنهما سيسألاننى عنك....."

ثم هز كتفه متابعاً :".....عندئذٍ سأخبرهما بأمر خطوبتنا , وهكذا يصدقان الموضوع أكثر"

ــ أرى ذلك.

ساد الصمت لبرهة ثم قالت بعد تفكير عميق :"أنت حقاً بارع فى مجال الخداع"

قال ماكس و هو يمد يده ليمسك مقبض الباب :"يجب أن تؤدى الدور بالشكل الصحيح . إن والدى رجل ذكى يعرف تماماً أننى لا أقع فى الغرام بسهولة"

تبعته كارى و خرجت من السيارة متسائلة ما الذى يقصده بمعرفة والده له حق المعرفة , أتراه يعرف أنه رجل محب للسيطرة و التحكم ؟ هذه الفكرة كدرت ذهن كارى فرغبت بالتخلص منها. أرادت أن تفكر به على أنه الرجل الساحر الرقيق الذى قام بالترفيه عن مولى و إراحة بالها فى الفندق يوم أمس , ذاك الرجل الممتع الذى لاعب أولاد شقيقته خلال غداء عمل فى منزله . وإذا أرادت حقاً أن تصدق مع نفسها , فأن جزء منها رغب فى أن يكون لعناقهما بالأمس معنى. لكن كارى علمت فى قراره نفسها أن تفكيرها هذا فى قمة السخف فماكس أكد لها بما لا يقبل الشك أن ما يقومان به هو مجرد أتفاق عمل لا غير.

سألت كارى بينما دفع ماكس باب المطعم و وقف جانباً ليسمح لها بالدخول أمامه :"كيف تمكنت من حجز طاولة هنا خلال مهلة قصيرة؟"

ــ أنا أقصد هذا المطعم باستمرار كما أننى على معرفة بمالكه.

سألت كارى بابتسامة :"هل هو أحد أفراد عائلتك؟"

تبسم ماكس ابتسامة عريضة قائلاً :"أمبروزيو هو أبن عمى و والده يعمل فى كروم العنب"

بدت إنارة المطعم خفيفة و باهتة بسبب الشموع المضاءة فى كل حجرة منفردة خاصة , أما الأجواء فتوحى بالارتياح و الحميمية و هى تقف فى الوقت نفسه أنيقة وعصرية, ما جعل المطعم مكاناً يقصده الكثير من الذواقة.

حيت عاملة الاستقبال ماكس بحرارة و هى فتاة سمراء جذابة فى بداية الثلاثينيات من عمرها . استدارت المرأة من خلف المكتب و وقفت على أطراف أصابعها لتعانق المرأة ماكس سائلة إياه عن صحة والده ثم أصغت إلى جوابه و قد بدت فى عينيها السوداوين نظرات اهتمام عميق. حدثها ماكس عن والده للحظات ثم أنتقل بسرعة إلى التحدث بالإنجليزية فيما استدار باتجاه كارى ليعرف عنها:"كارى , هذه إستيل زوجة أبن عمى"

لاحظت كارى طريقة تفحص تلك المرأة السريع لها بنظرة ملؤها الدهاء, لكن نبرة المرأة جاءت مؤدبة عندما ردت :"انا سعيدة بلقائك كارى. فى الواقع , أنا أتذكر الوجوه جيداً و أنا متاأكدة أننى رأيتك هنا من قبل"

تمتمت كارى :"نعم , فأطباقكم دائماً ممتازة"

ــ أشكرك.زوجى أمبروزيو هو رئيس الطهاة كما أنه يمتلك المؤسسة , وهو موهوب جداً . دعانى أرافقكما إلى طاولتكما.

لاحظت كارى كيف شبكت تلك المرأة ذراعها بذراع ماكس فيما ساروا فى الممر العريض بين الطاولات إلى إحدى زوايا المطعم.

و قبل أن يصلوا إلى طاولة ماكس و كارى تطاولت إستيل برأسها و همست بشئ فى أذن ماكس .

حاولت كارى أن تتجاهل الأمر فالمرأة هى زوجة أبن عم ماكس , لذا لا يمكن أن يكون ما قالته شخصياً جداً , بالطبع!

و مع ذلك , ما استطاعت إلا أن تشعر بالسرور عندما انسحب ماكس مبتعداً عن إستيل ثم استدار منتظراً كارى لتستقر فى كرسيها داخل الحجيرة الصغيرة المستقلة قبل أن يجلس هو بدوره فى الجهة المقابلة لها .

أحست كارى كان إستيل تنتظر من ماكس أن يدعوها للجلوس معهما .

جاءت نبرة ماكس ودودة إلا أنها توحى لـ إستيل بالانصراف حين قال :" شكراً لك , إستيل"

ابتسمت المرأة ابتسامة مرحة و هشة نوعاً ما و تركتهما.

سألت كارى بفضول :"ما يعنى هذا؟"

ــ إستيل تتصرف بفضولها المعتاد . هى ثرثارة فظيعة و ترغب بالحصول على كل التفاصيل المتعلقة بك لتتمكن من نقلها إلى بقية أفراد العائلة

تبسمت كارى و قد توهجت عيناها الزرقاوان ببريق الاستمتاع بالأمر :"آهـ ! أرى ذلك"

ثم تابعت :"أفترض أن هذا سبب مواعدتك لى فى هذا المكان . أخبرنى إذاً, هل تظن أننى نجحت فى الامتحان الأول ؟"

ــ حتماً !

شعرت كارى بمعدتها تغوص لدى أجابة ماكس الجدية على ملاحظاتها الجذلة .

حاولت كارى أن تعركز على قائمة الطعام فيما طالع ماكس لائحة الشراب , لكنها استمرت تلقى نظرات باتجاهه و قد تشتت انتباهه بسبب وجوده قربها ألقت الشموع المضاءة ظلالاً متوهجة على وجهه الصارم القوى الوسيم , وتساءلت كارى كيف يكون الأمر لو أنها حقاً تواعد ماكس أى لو أنه حقاً مهتم بها ولا يقوم فقط بإدعاء مزيف.

رفع ماكس نظره عن لائحة الشراب و فاجأها و هى تراقبه فسألها :"هل اتخذت قرارك بهذه السرعة؟"

أومأت كارى برأسها عوضاً عن الاعتراف بأنها كانت منشغلة جداً بالتفكير فيه . عندها أشار إلى النادل بأن يقترب لأخذ طلبيهما , فاختارت كارى بسرعة أول أطباق طعام وقعت تحت نظرها من قائمة الطعام المطبوعة .

لاحظت كيف انتقل ماكس بسهولة من التكلم بالإسبانية إلى الإنجليزية حالما تركهما النادل وحدهما مجدداً فقالت معلقة:"إن لغتك الإنجليزية خالية من أى شائبة فقد لاحظت عدة مرات أنك لا تتباطأ لاختيار الكلمة المناسبة عندما تتحدث و هذا أمر يحصل معى عندما أتحدث الإسبانية"

ــ بل أظن أن لغتك الإسبانية ممتازة أما لهجتك فهى سليمة إلى أقصى حد.

عادة لم تكن كارى تواجه مشكلة فى الضحك على ملاحظة كتلك . لكن شيئاً ما فى طريقة تحدث ماكس إليها و فى نظراته المركزة مباشرة إلى عينيها , جعلها غير قادرة على تمالك نفسها من الاحمرار خجلاً

أهم ما فى الأمر هو أننى أتكيف فى العمل و يفهم الآخرون ما أريد قوله.ثم أعادت الحديث إليه مجدداً حين سألته :"أين تعلمت التحدث باللغة الإنجليزية؟"

ــ والدتى بريطانية و قد تعرفت بوالدى لدى مجيئها إلى إسبانيا فى إجازة لزيارة بعض الأصدقاء . يبدو أن اليوم الذى تعرفا فيه ببعضهما هو اليوم الذى وجب عليها أن تستقل الطائرة لتعود إلى ديارها لكن تلك الرحلة أُلغيت لسبب ما , فقام أصدقاؤها باصطحابها إلى حفلة عوضاً عن ذلك. أمى دائماً تقول أن لقاءهما كان أمراً مقدراً , أما و الدى فيقول إنه حالما رآها أدرك أنها المرأة التى يريد الزواج بها.

تبسمت كارى و قد سحرتها قصة والدى ماكس فعلقت :"إنه الحب من النظرة الأولى . لطالما تساءلت كيف يحصل ذلك . يمكننى أن أفهم الانجذاب من النظرة الأولى لكن كيف يمكنك أن تعرف أنه الشخص المناسب لك...أعنى المناسب حقاً بمجرد النظر فقط و أنت لا تعرف الشخص جيداً؟"

هزت كارى كتفيها قبل أن تكمل :"لا يمكننى أن أتصور أبداً أنه قد يساورنى شعور أكيد كهذا "

ــ إذا سألت أمى عن رأيها بالموضوع فإنها تقول لك ببساطة تعرفين ذلك و تدركينه , أى تشعرين به فى أعماقك.

قال ماكس ذلك ثم وضع يده على وسط صدره متابعاً :"أمى تقول أن الشعور يخالجك هنا تماماً , فهو يخترقك بقوة و يسيطر عليك"

ثم ابتسم ممازحاً :"ويظهر أنك تجدين نفسك عالقة فى الشباك و أنت غارقة بالحب قبل أن تتداركى الأمر"

أثارت ابتسامة ماكس مشاعر غريبة فى قلب كارى فتمتمت بخفة :"يبدو أن والدتك رومنسية . أليس كذلك؟"

ابتسم ماكس ابتسامة عريضة :"ربما! الآن و بعد مرور هذه السنوات كلها , مازالت تخبر قصة لقائها بوالدى بالشغف و الشوق نفسيهما . لقد وقف والداى متماسكين مع بعضهما رغم مرورهما بأوقات عصيبة , وربما تكون محقة حين تقول إن علينا أحياناً أن نثق بغرائزنا بكل بساطة"

هزت كارى كتفيها :"ربما! أنا نفسى كنت رومانسية بعض الشئ فى ما مضى..."

ترددت قليلاً و تمنت لو أنها لم تقل ذلك.

ــ ألم تعودى كذلك الآن؟

فكرت كارى بسؤاله لبرهة . لو طرح عليها هذا السؤال فى الماضى لأمكانها أن تقول نعم إنها رومانسية بشكل مطلق و ذلك قبل زواجها من مارتن . وقبل أن تكتشف بنفسها الأمر الذى لطالما عرفه كل المحيطين بها وهو انجذاب النساء نحو زوجها و مغازلته لهن دون حرج أو حياء . لكن كارى لبساطة نيتها لم تدرك كم تمادى مارتين فى هذه المداعبات .

ردت قائلة :"أرى نفسى إنسانة أكثر واقعية فى هذه الأيام"

سرها وصول النادل فى تلك اللحظة ليسكب العصير لهما .

ابتسمت كارى و قالت :"أخبرنى عن بقية أفراد عائلتك . كم من الأخوة ة\و الأخوات لديك؟"

ــ شقيقة واحدة فقط هى فيكتوريا . كان لدى شقيق أكبر أسمه رامون لكنه توفى منذ عشر سنوات . كان من المفترض أن يستلم هو إدارة الأملاك , أما الآن فلم يبق سواى لهذه المهمة.

قالت كارى برقة:"أنا آسفة لذلك . أعرف كم هو مؤلم فقدان فرد من العائلة"

ــ كنت مسافراً عندما حصل الأمر أزاول أول وظيفة لى مع شركة أميريكية. وفى الحال عرضت على والدى بأن أعود لأعمل مجدداً فى إدارة الأملاك لكنه أصر على أنه قادر على تدبر الأمر . من جهتى أنا لم ألح على الأمر , لأن مانويل بالإضافة إلى العديد من أفراد العائلة الآخرين كانوا يقدمون يد العون.

حاولت كارى أن تخمن بنعومة :"و الآن , هل تتمنى لو أنك تركت عملك وعدت إلى هنا؟"

هز ماكس كتفيه و قد ظهرت الجدية فى عينيه فجأة:"ربما كان يُفترض أن أعود, فلربما برهن ذلك لوالدى بأننى أهوى الأرض , وهذا أمر هام بالنسبة إليه"

سألته كارى بفضول :"وهل لديك شغف تجاه الأرض أم أنك تدعى ذلك فقط لإرضاء والدك؟"

قال ماكس مبتسماً لها :"بالطبع يهمنى أمر المزارع و لطالما علمت أننى سأعود إليها يوماً ما. لكننى لم اتوقع أن أرث الأملاك , فهذا الأمر أحدث تغيراً جذرياً فى مسار حياتى . مع أن التخلى عن مهنتى كمحام سيكون أمراً صعباً و لن أُدعى عكس ذلك"

وصل طعامهما إلى الطاولة و كانت كارى قد طلبت طبق سلطة صدر البط المدخن الذى تم تقديمه بشكل جميل.

وجدت نفسها تخبره عن حياتها , فأخبرته أن والدتها توفيت و هى فى السابعة من عمرها و تم أرسالها لتعيش مع والدها الذى بالكاد تعرفه .

هزت رأسها و هى تقول :"استغرقت وقتاً طويلاً كى استقر, فوالدى ما كان أبداً حنوناً بطبعه و زوجته دونا لم تكن أفضل منه. كلاهما كانا مستهترين , يمضيان معظم أوقاتهما خارج المنزل . خلاصى الوحيد كان أخى غير الشقيق طونى فقد كنا نهتم ببعضنا البعض"

قال ماكس برقة:"أنت تفتقدينه كثيراً, أليس كذلك؟"

أومأت كارى برأسها :"كان صديقى المفضل و شقيقى فى الوقت نفسه "

مد ماكس يده عبر الطاولة و أمسك يدها بلمسة صلبة أشعرتها بالاطمئنان ثم قال:"على الأقل لديك مولى"

ابتسمت كارى و قالت :"نعم...و ذلك بفضلك . فـ كارمل تظن انك رجل رائع"

ابتسم ماكس ابتسامة عريضة :"إنه السحر الإسبانى الذى يعطى نتائج جيدة كل مرة"

فجأة أصبحت كارى منتبهة ليد ماكس التى مازالت مستقرة على يدها فتحولت مشاعرها من الحزن إلى الحذر . بدا لها أن جلدها يحترق و شعرت بالوخز بفعل التلامس , فبدأت أحاسيس التجاوب تتسارع فى جسدها .

سحبت يدها بسرعة بعيداً عن يد ماكس قائلة :"على أى حال زهرة منسية, هذا الحديث ممتع جداً لكننا لم نناقش مواضيع العمل بعد , ؟أليس كذلك؟

قالت ذلك محاولة بيأس أن تبعد ذهنها عن العواطف الخطيرة التى شعرت بها , ثم تابعت :"قلت لى إنك تود مناقشة بعض المشاكل فى ما يخص العقد الإعلانى "

ــ أنا قلت هذا , أليس كذلك؟

توقف ماكس برهة ثن تابع يقول:"لكننى طالعت العقد مجدداً اليوم و يبدو لى أن كل شئ على ما يرام"

عبست كارى :"أحـــقــــاً؟"

قال ماكس ببساطة :"سأوقعه و أحضره إلى مكتبك غداً . متى تظنين أنه يمكننا البدء بتصوير الفيلم الدعائى الذى سيعرض على التلفزيون ؟ أود ان ننطلق بذلك فى أسرع وقت ممكن"

ــ سنبدأ به خلال هذا الأسبوع , وسأعمل عليه حالما تحضر لىّ العقد.

حضر النادل إلى طاولتهما فرفع الأطباق ثم سألهما إذا كانا يرغبان بتناول القهوة .

نظرت كارى إلى ساعة يدها بسرعة . ودت لو أنها تتمهل للتحدث مع ماكس طيلة الليل , لكنها شعرت أنه يتوجب عليها أن تعود , فقالت لـ ماكس:"من الأفضل أن أعود إلى المنزل لأطمئن على مولى"

ــ أنا متأكد من أن مولى على خير ما يرام و ألا لاتصلت كارمل

و قبل أن تتمكن من قول أى شئ قاطعهما رجل يرتدى بذلة رئيس الطهاة البيضاء فبادره ماكس قائلاً :"مرحباً بك أمبروزيو"

ثم وقف بسرعة و صافح الرجلان بعضهما بحرارة قبل أن يستدير ماكس ليعرف كارى بابن عمه . إنه رجل بمثل عمر ماكس تقريباً لكن ليس هناك شبه بينهما إطلاقاً . فــ أمبروزيو أقصر قامة و أكثر بدانة من ماكس و مع ذلك فهو يمتلك العينين السوداوين اللتين تشبهان عينى ماكس . التمعت عيناه بالغبطة و هو يتحدث إليهما .من الواضح أن الرجلين صديقان مقربان من بعضهما .

حضرت بعدها إستيل لتنضم إليهما فجلست على الكرسى الذى قام عنه ماكس للتو , وقالت سائلة كارى :"هل أعجبتكما وجبتكما ؟"

ــ كانت لذيذة جداً , شكراً لك.

أحست كارى فجاة بأن شيئاً ما فى هذه المرأة لا يعجبها , شئ جعلها تشعر بالذعر منها . أزعجها شعورها هذا لأنها ما استطاعت أن تلمس الأمر الذى يضايقها , كما شعرت ببعض الذنب لأنها فكرت على هذا النحو , فـ إستيل بدت مؤدبة و ودودة تماماً معها

ــ ماكس رجل محب , أليس كذلك ؟ جميعنا معجبون به.

خفضت بعدها إستيل نبرتها ومالت مسندة ذراعيها على الطاولة لتقترب من كارى ثم تابعت تقول:"يبدو أنكما تتفقان جيداً مع بعضكما "

ــ نعم نحن كذلك!

ابتسمت كارى و قد تذكرت ما أخبرها به ماكس عن هذه المرأة الثرثارة . ربما هذا هو سبب شعورها بضرورة أن تكون حذرة بوجودها

ــ لكنه يفطر قلوب النساء , لذا كونى حذرة

جاءت كلمات إستيل مرفقة بابتسامة بالكاد وصلت إلى عينيها . تمتمت كارى بخفة :"يفاجئنى لو أنه لا يفطر قلوب النساء , فهو رجل وسيم جداً"

ــ نعم لكن دعينى أخبرك أنه يستمتع هذه الأيام بمطاردة النساء و العبث معهن لذا أنصحك باعتماد البروة معه.

ــ شكراً , لكننى ليست بحاجة إلى اإرشاد.

حافظت كارى بثبات على ابتسامتها , لكنها لم تعجب بنصيحة إستيل .

تابعت تقول :" أمورنا تسير على ما يرام"

ــ أنا آسفة . لم أقصد أن أبدو متطفلة.

بسرعة بدت إستيل منسحقة القلب وهى تضيف :"أظننى أشعر بالقلق على ماكس بسبب هذه العلاقات الغرامية التى يقيمها . والداه أيضاً قلقان , فكما تعلمين هو لم يتخط بعد موضوع ناتاشا"

أتكأت إستيل على الطاولة لتقترب فأكثر بشكل يوحى أنها تستودع كارى سراً ما , قبل أن تتابع هامسة :"لقد عادت إلى المدينة و حضرت هنا لتناول العشاء خلال الأسبوع الماضى"

ــ أحقاً ؟

تساءلت كارى من هى ناتاشا بحق السماء ! هل هى خطيبته السابقة ؟ألقت نظرة تجاه ماكس و تمنت لو انه يللجلوس إلى الطاولة فيحررها من هذه المحادثة الآسرة , فإذا به ما يزال مستغرقاً فى حديثه مع أمبروزيو.

ــ نعم حقاً!

لم تبدً أستيل أبداً مرتدعة من حديثها بسبب نبرة كارى غير الآبهة و أضافت :"أما فى ما يخص موضوع أستلامه إدارة المزارع فأنا لا أعتقد أن ماكس يرغب مأسوراً هناك لفترة طويلة فقد اعتاد أن يبقى حراً و...."

قاطعتها كارى بحدة :"فى الواقع , أنت مخطئة جداً بذلك"

لقد تمادت و على كارى أن تضع حداً لتطاولها , لكى تلعب حقاً دورها كخطيبة ماكس . نظرة إليها إستيل بشحوب مستفسرة :"ماذا تقصدين؟"

ـت أقصد أننى و ماكس منسجمان جداً مع بعضنا و هو مستعد تماماً للاستقرار فى المزارع.

ــ أتعنين أن ماكس جدى فى علاقته.....بك؟

بدا أن إستيل لا تصدق ما تسمعه فيما مررت نظراتها المتفحصة على كارى باحتقار وقح. أدركت كارى أنها كانت محقة فى حذرها من هذه المرأة. و لحسن الحظ قاطعهما أمبروزيو , فأنقذها من متابعة ذلك الحوار المزعج .

ــ على أن أعود على مطبخى , كارى يسرنى التعرف بك.

ــ وأنا أيضاً سررت بلقائك .

وقفت كارى قد أسعدها الابتعاد عن إستيل . ثم تساءلت كيف ارتبط رجل لطيف كـ أمبروزيو بامرأة فظة كــ إستيل.

سألها ماكس و هما يخطوان خارج المطعم :"هل كل شئ على ما يرام؟"

سيطر السكون على كارى . وتلاعبت فى ذهنها مقتطفات من كلمات إستيل: أنه يفطر القلوب...كونى حذرة....إنه يستمتع هذه الأيام بمطاردة النساء و العبث معهن, لذا أنصحك باعتماد البرودة معه

ــ من هى ناتاشا ؟

سألت كارى من دون مقدمات فيما هما يسيران باتجاه سيارة ماكس

فقال بجفاء:" أرى ان إستيل أطلعتك على نزرياتها فى ما يخص حياتى العاطفية "

ــ أضطررت أن أغوص بالموضوع فاخبرتها أننا جديان فى علاقتنا . لم تترك لى إستيل أى خيار . قالت أنها لا تعتقد أن ستستقر يوماً فى المزارع . ولتصبح قصة خطوبتنا قابلة للتصديق توجب علىّ أن أجيبها بشئ ما.

أومأ ماكس :"فعلت عين الصواب "

ـ ربما...لكن بعد أن اختفت ملامح الصدمة من تعابير وجهها لا أظن أنها صدقتنى.

قال ماكس بصوت شرس:"لا تقلقى بخصوص إستيل , فهى صعبة المراس حتى فى أحسن الأوقات"

قالت كارى هازة كتفيها :"لست قلقة بشأنها"

هى لست قلقة بل منزعجة لأنه لم يخبرها بعد من هى ناتاشا . عندما اتفقت مع ماكس على هذه المهزلة أصر على معرفة كا ما يختص بماضيها. و الآن عليه أن يمنحها الثقة نفسها و يخبرها عن ماضيه.

صعدت كارى و ماكس إلى السيارة , وأدار ماكس المحرك

إذاً من هى ناتاشا ؟ تساءلت كارى مجدداً فيما قاد ماكس السيارة على الطرقات المكتظة بالسيارات . هل هى المرأة التى تحدث عنها مرة بشوق و كآبة؟ أى الفتاة التى كانت خطيبته ؟

تذكرت كيف همست لها إستيل عبر الطاولة بطريقة دراماتيكية :إن ماكس لم يتخط بعد موضوع ناتاشا . وذلك قبل أن تضيف بشكل عابر : لقد عادت إلى المدينة .

ربما تكون إستيل على حق ! لو أن ماكس تخطى موضوع خطيبته السابقة , ما كان ليجد صعوبة فى مصارحة كارى و التحدث عنها الآن.

شعرت كارى بموجات من الغيرة تتحرك بقوة فى أعماقها , فأرعبها هذا الشعور المفاجئ تماماً , لِمَ تراها تشعر بالغيرة ؟ فحياة ماكس العاطفية لا تعنيها أبداً , ولا يهمها هذا الموضوع بتاتاً

عضت على شفتها السفلى و فكرت أن هذا الشعور سببه الإرهاق على الأرجح . بل ربما سببه عبء تلك الأكاذيب التى اضطرت إلى تلفيقها , فهى تكره الكذب . نعم هذا هو السبب! من المؤكد أنها لا تغار على ماكس . فبعد انتهاء علاقتها بـ مارتين وعدت نفسها بألا تشعر بالعاطفة تجاه أى رجل, وهى تنوى الألتزام بهذا الوعد . بعد دقائق أوقف ماكس السيارة أمام شقتها .

ــ أشكرك مجدداً على الأمسية الجميلة.

رغبت كارى بالابتعاد عنه بسرعة.

ــ لا شكر على واجب

مدت كارى يدها لتمسك مقبض الباب و بالكاد انتظرت ماكس لينهى كلامه قبل أن تقول :"أراك غداً فى المكتب"

لكنه فاجأها بالترجل من السيارة أيضاً و هى تقول :"سأرافقك إلى باب الشقة"

ــ لا داعى لذلك.

ــ ربما , لكننى أحب أن أراك قد دخلت الشقة بأمان.

أقفل ماكس سيارته ثم سار ليتبعها باتجاه الباب الأمامى للمبنى. فكرت كارى و هى تجاهد لإيجاد مفاتيحها , كم هذا الرجل مزعجاً حقاً ! لِمَ لم ينصرف ببساطة عندما طلبت منه لك ؟

تيقظت حواسها بسبب قربه منها و هى تفتح الباب تنشقت عطر ما بعد الحلاقة التى تسلل إليها عبر نسيم المساء الدافئ . خطا ماكس إلى الداخل , ما إن دفعت الباب لينفتح و بدا من الجلى أنه ينوى أن مرافقتها صعوداً حتى باب شقتها . قالت كارى ملتفتة لتنظر إلى أعلى باتجاهه :"أنا بخير يا ماكس يمكننى الصعود إلى شقتى بمفردى"

سألها برقة :"هل أنت غاضبة منى كارى؟"

ــ لا لِمَ قد أشعر بالغضب ؟

بدأ قلب كارى يدق بسرعة فى صدرها ما إن اقترب ماكس خطوة ليدنو منها.

ــ لست أدرى...ربما بسبب شئ قالته لك إستيل....

بدا الصدى الهادئ لصوته فى الردهة الفارغة غريباً , ثم أكمل قائلاً :"...أو ربما يخيفك أن تكونى وحدك برفقتى"

ــ هذا سخيف! أنا ليست خائفة منك . لِمَ قد أخاف منك؟

ــ لست أدرى....

مد يده ملامساً وجهها برقة فشعرت كارى بألم فى قلبها لم تستطيع فهمه سببته هذه الحركة الغريبة برقتها. فيما تابع ماكس كلامه :"أحياناً تنظرين إلى بحذر يجعلنى أظن أن أحدهم سب لك الأذى فى الماضى ....لذا أنت تخشين الاقتراب من أى رجل مجدداً"

ارتعبت كارى من ملاحظته , فسارعت إلى القول :"أنا حذرة معك لأنك زبون عمل و لأن هذه المهزلة خطأ كبير , فنحن نكذب على الناس من حولنا لذا أنا لا أشعر بالارتياح"

همست كارى الكلمات بنبرة منخفضة , واندفعت بعدئذٍ مبتعدة عن ماكس قبل أن يتمكن من متابعة حديثه . تابعت طريقها صعوداً على الدرج باتجاه باب شقتها . فتبعها ماكس .

لاحظت كارى ارتجاف يديها و هى تحاول وضع المفتاح فى الثقب لتفتح الباب فمد ماكس يده و تناول المفتاح من يديها ثم أدخله فى القفل.

ــ ها أنت ! ألا ترين ؟ كنت بحاجة إلىّ لارافقك فى نهاية الأمر . قالها بصوت فيه إغاظة رقيقة قبل أن يتابع فيسألها :"و الآن , هل ستخبرينى لِمَ أنت منزعجة منى ؟ ما الذى قالته لك إستيل؟"

ــ قالت الكثير من الكلام التافه....

ـت هذا ما تفعله عادة.

خطا ماكس داخل الردهة الضيقة لشقة كارى ثم أغلق الباب قائلاً :"إذاً أى نوع من التفاهات أطلقتها هذا المساء؟"

بدا قريباً جداً منها فى هذا المكان الضيق , فتراجعت إلى الوراء لتجد نفسها ملتصقة بالحائط . وضع ماكس يديه على الحائط إلى جانبى رأسها فحاصرها فى دائرة ذراعيه من دون ان يلمسها , ما جعل أحاسيسها تدور فى دومة بسبب دنوه منها.

ــ لم تقل أى شئ يضايقنى . كل ما فى الأمر هو أننى لا أحبذ الكذب ....ربما يسهل عليك ذلك , أما أنا فأجده صعباً.

همست كارى الكلمات بشراسة مراعية وجود جدىّ مولى فى الشقة , ثم أكملت قائلة :"كما أعتقد أنه يجدر بك إعلامى من هى ناتاشا و ما الذى تعنيه بالنسبة إليك . فقد فاجأتنى إستيل و لم أعرف عمن تتحدث "

ــ آه ! أرى ذلك

انفعلت كارى مجدداً بسبب رد ماكس الغامض :"إذاً من تكون؟"

ــ هل تغارين كارى ؟

طرح ماكس هذا السؤال بهدوء بالغ و مع ذلك بدت الجدية فى نبرته .

ــ قطعاً لا !

ابتلعت كارى ريقها بصعوبة , وقد شعرت بعقدة تسد حلقها . تابعت تقول :"لا يهمنى الأمر بتاتاً . يمكنك أن تواعد من تشاغء فمغامراتك العاطفية لا تعنينى إطلاقاً . قد تظن نفسك هبة من الله للنساء يا ماكس , لكننى لست واحد من معجباتك"

ــ هل هذا صحيح ؟

حمل صوت ماكس حدة توحى بالانزعاج , ففكرت كارى بأن ذلك أمر جيد لأنه يستحق تخفيض غروره الرجولى بضع درجات.

ــ ربما تتهافت النساء عليك أنما ذهبت لكنك لا تؤثر فى مطلقاً.

قال ماكس بسخرية :"حسبما أذكر أنت لم تعترضى كثيراً عندما عانقتك"

غضبت كارى عندما ذكر ماكس ذلك العناق , فاندفعت قائلة :"حسناً ! كنا نقوم فقط بتمثيل دور من هذه المهزلة و ذلك لم يعن شيئاً ! فى الواقع إذا كنت تعتبر نفسك سيداً نبيلاً , يُفترض ألا تقلل من مستواكط و تذكر ذلك ....الحدث"

قال ماكس بصوت متهامل غير آبه:"آه! يمكننى أن أنزل إلى حيث أريد عندما أرغب فى ذلك"

و قبل أن تدرك كارى نواياه أحنى رأسه مقترباً منها و ضمها فى عناق جديد. أخذت الصدمة الناتجة عن هذا العناق تتقلب فى جسدها , فأطبقت قبضتيها و ثبتتهما إلى جانبيها محاولة إجبار نفسها على عدم مبادلته العناق . لكن يديه الماهرتين تحركتا على ظهرها برقة بالغة أذابت شيئاً فشيئاً الغضب المتأجج فى داخلها . ولم يمض لحظات حتى استبدل الغضب بمشاعر أكثر قوة.

فجأة راحت هى أيضاً تبادله العناق و تحركت ذراعاها بإرادتهما الخاصة لتستقرا على متفى ماكس.

غدا عناقه أكثر عميقاً وتحول إلى النعومة و الاستمالة الرقيقة.

المليئة بالغرور ضغطك دم كارى يرتفع.

ـت و لمعلوماتك الخاصة ناتاشا هى خطيبتى السابقة و هى الآن متزوجة برجل آخر , لذا لن تكون عائقاً أمام أتفاقنا . تصبحين على خير كارى.....أحلاماً سعيدة!

أغلق ماكس الباب خلفه بهدوء و رحل .

ضغطت كارى بأصابعها على خديها , فإذا بهما ملتهبان بفعل حرارة ذلك العناق . أما هى فما زالت ترتجف فى أعماقها بسبب شوقها إليه.


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-11-17, 12:21 PM   #7

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

6 / الــــتـــــحـــــــدى

اجتماع نهار الاثنين الصباحى هو عادة محور اهتمام الجميع , حيث يجلس الجميع حول الطاولة فى غرفة إجتماعات الإدارة , و يتهافتون على الفوز باهتمام خوسيه . يحاول كل فرد من المجتمعين التفوق على الآخرين بدهائه و براعته فى المناورات .

عادة ما تنبرى كارى أثناء الاجتماعات مدافعة عن أفكارها و مركزها فهى دوماً تقوم بأبحاثها و تحضيراتها فى المنزل بشكل جيد و هذا هو سبب فوزها بالعديد من العقود كل أسبوع . لكنها هذا الصباح لم تشعر بميل حقاً إلى الانخراط فى معركة الدهاء هذه, فجل ما يشغل بالها هو عودة سيلفيا مربية مولى إلى العمل , بعد أن قامت هذه الأخيرة بتسليمها إشعاراً يفيد بنيتها فى الإستقالة.

قالت سيلفيا بحزم عندما طلبت منها كارى البقاء حتى نهاية الشهر الجارى:"يجب أن أرحل خلال أسبوعين. صديقى عائد إلى غرانادا و قد طلب منى مرافقته"

من المؤسف أن ترحل سيلفيا الآن و قد اعتادت عليها مولى و أحبتها حقاً أنه تغيير جذرى فى حياة الفتاة الصغيرة هى بغنى غنه .

ــ كيف تسير الأمور فى ما يخص عقد سانتوس؟

طرح خوسيه السؤال على كارى , فدوى صوته على الطاولة مخترقاً أفكارها.

قالت كارى واثقة:"أن الأمور تسير على خير ما يرام خوسيه , فـ ماكس سانتوس سيوقع العقد اليوم"

ـ ظننتك قُلت إنه سيوقعه يوم الجمعه.

ترددت كارى قبل أن تقول :"سيكون العقد على مكتبى اليوم و سأقوم بتنظيم طاقم المصورين ليذهبوا إلى المزارع هذا الأسبوع , لأن ماكس يرغب بشدة أن نبدأ التنفيذ فى أسرع وقت ممكن"

بدا خوسيه مشككاً بالأمر , فأملت كارى أن يحضر ماكس العقد فعلاً إلى المكتب اليوم و ألا يبدأ بالآلاعيب .

فجأة برزت أمامها ذكرى عناقهما مساء الأمس و للحظة بدا ذلك العناق حياً فى ذهنها . تصاعدت فى داخلها الحرارة و الشغف بشدة صدمتها .

فكرت كارى أن ماكس ببساطة عانقها لمجرد إثبات وجهة نظره , لكن ما هى حجتها هى؟ كيف عساها تقابله اليوم؟

ــ حسناً إذاً هنا ينتهى إجتماعنا.

قال خوسيه ذلك بحدة فبدأ الجميع بترتيب أوراقهم ليعودوا إلى مكاتبهم .

أضاف خوسيه فيما همت كارى بالانضمام إلى زملائها الخارجين من القاعة:"أنتظرى لحظة كارى"

توقفت كارى بجانبه عند رأس الطاولة و راقبته فيما أعاد ملاحظاته بتمهل إلى داخل المغلف الموجود أمامه ثم سألته محاولة استعجاله:"كيف أستطيع أن أخدمك خوسيه؟"

فبأنتظارها العهديد من المكالمات الهاتفية التى يجب إجراؤها عدا عن رزمة كبيرة من الأوراق التى يجب كتابتها فى مكتبها . رغم ذلك انتظر خوسيه إلى أن خرج آخر شخص من الاجتماع عبر الباب , بعدئذٍ استقام فى وقفته و نهزر إلى عينى كارى مباشرة.

ــ كنت فقط أتساءل كيف تجرى الأمور بالنسبة لتبنى مولى؟
ــ الأمور تسير على ما يرام, إنها تجرى قدماً.

رأت كارى بريق الخيبة فى عينى خوسيه و هو يسألها :"إذاً , ألن تذهب مولى مع جدتها ؟"

ــ مولى سعيدة معى , وجدتها أدركت ذلك.

هز خوسيه رأسه قائلاً:"أنت ترتكبين خطأ جسيماً كارى , فشخص موهوب مثلك ينتظره مستقبل باهر . لِمَ تربطين نفسك بطفل ليس طفلك فترمين كل شئ خلفك؟"

ردت كارى بحزم :"أنا لا أرمى أى شئ . أننى أحب مولى و أستطيع أن أقوم بعملى و الاعتناء بها أيضاً...."

قال خوسيه مقاطعاً حديثها:"أنت ترمين علاقتنا مع بعضنا"

فوجئت كارى عندما دنا منها خوسيه و قد بدا على وجهه الوسيم تعبير لم تكن مستعدة له , قال بعبوس :"أنا مشتاق إليك.أفتقد لقاءاتنا بعد العمل ....عشاءنا سوياً...."

قالت كارى بنعومة :"خوسيه لقد انتهت علاقتنا. ربما كان من الخطأ أن نتواعد أصلاً , فنحن نعمل بشكل جيد سوياً ىو كان علينا ألا نخاطر بتغيير ذلك. من الأفضل أن ندع الأمور على حالها الآن"

مد خوسيه يده و وضعها على كتف كارى قائلاً :"أعتقد أنك مخطئة بذلك . أظن أننا كنا لنشكل فريقاً ممتازاً سوياً"

استغربت كارى ألا تحدث لمسة يد خوسيه أى تغير فى دقات قلبها و أى أثر على أحاسيسها . لم تستطيع ردع نفسها عن مقارنة تأثيره عليها بالتأثير الذى يتركه ماكس . فبمجرد أن ينظر إليها ماكس تهتاج معدتها و تدب الحياة فى أوصالها.

تمتم خوسيه :"كارى أرجوك فكرى بما كان بيننا و بما يمكننا أن نبنيه سوياً"

بدا لـ كارى أنه ينحنى و يدنو منها فظنت أنه ينوى معانقتها . صدمتها الفكرة فتراجعت خطوة إلى الوراء مبتعدة عنه فى الوقت الذى فتح فيه باب غرفة اجتماعات مجلس الإدارة.

فوجئ كل من خوسيه و كارى بهذا التطفل . بدا قلب كارى و كأنه يغوص عميقاً عندما أدركت أن الشخص الواقف عند الباب هو ماكس سانتوس.

لاحظت كيف استوعبت عينا ماكس السوداوين وقفتها القريبة من خوسيه ,لكنها لم تعلم ما الذى ظنه بخصوص حالتهما , فملامح وجهه بدت غامضة , أما صوته فجاء بارداً عندما تكلم :"أخبرتنى سكرتيرتك أننى سأجدك هنا"

ــ ماكس! لم اتوقع حضورك حتى بعد الظهر.

لم تدرك كارى سبب شعورها بالغرابة لكنها شعرت بذلك. حسناً! إن خوسيه يقف هنا قريباً جداً منها , ودنوه منها لا يدل على محادثة تتعلق بالعمل . لكن, على اى حال هذا أمر لا دخل لـ ماكس فيه.

ــ خوسيه أقدم لك ماكس سانتوس. ماكس أعرفك بـ خوسيه مديرى .

قدمت كارى الرجلين إلى بعضهما بسرعة محاولة استعادة رباطة جأشها .

عاد خوسيه حالاً إلى شخصيته العملية المتدفقة حماساً فيما تقدم نحو ماكس مداً يده ليصافحه :"سررت بلقائك فنحن متحمسون جداً لمشروع سانتوس.... بل متشوقون . أظن أنه سيكون عملاً ناجحاً إلى أقصى حد"

بالمقابل بقى صوت ماكس ثابتاً فى هدوئه :"لنأمل ذلك"

ــ حسناً أنت تتعامل مع أحد أفضل الأشخاص فى فريقنا فـ كارى موهوبة جداً و لدينا فى شركة إيماج منتهى الثقة بقدراتها.

تمنت كارى أن يصمت خوسيه.

ــ اكتشفت بنفسى كم هى مميزة.

تشدق ماكس بكلامه فيما توقف خزسيه ليأخذ نفساً . أما هو فتابع:"ألم أفعل حبيبتى؟"

شعرت كارى أن وجنتيها تحمران خجلاً فيما توجهت عيون الرجلين إلى وجهها. بدا ماكس مرتاحاً أما خوسيه فبدا مصعوقاً مرتبكاً.

تمتم ماكس :"أستنتج أنك لم تخبرى خوسيه عنا؟"

ثم أبتسم لها فيما زاد احمرار وجنتيها لتصبحا بلون احمر داكن فيما أضاف هو :"لكن أفترض أنك محقة , فالعمل يجب أن يبقى مجرد عمل. لنعد إلى موضوعنا الآن , إن العقد معى....."

رفع ماكس الملف عالياً و أكمل :"لأكن علينا مراجعة بعض الأمور و مناقشتها و ربما سنسويها خلال الغداء"

ضاقت عينا كارى الناظرتين إلى وجه ماكس و شعرت بالغضب . من الواضح أنه يقوم بلعبة ما . رغبت بأن تذكره بما قاله لكنها لم تجرؤ على التصدى له أمام خوسيه.

ــ بالطبع!

تراجع خوسيه ليسمح لهما بالخروج من غرفة اجتماعات مجلس الإدارة قبله, و مازالت إمارة الصدمة بادية على وجهه نوعاً ما .

أغلقت كارى باب مكتبها و استدارت باتجاه ماكس لتعاتبه . حالما دخلا و أصبحا بمفردهما و سألته بغضب :"ما كان ذلك بحق السماء؟ لما أخبرت خوسيه أننا مرتبطان على صعيد شخصى؟"

رد ماكس بهدوء :"لأننا كذلك , إلا إذا كنت قد غيرت رأيك بخصوص اتفاقنا....."

حملت نبرته فجأة حدة قاسية و أردف:"...وفى تلك الحالة سوف أعيد التفكير فى بعض الأمور"

عبست كارى :"ما الذى تقصده ؟ أسمع ماكس أن خطوبتنا المزيفة أمر يخصنا وحدنا....و لا علاقة لها بالعمل . لم يكن يحق لك أخبار خوسيه أننا نتقابل و نخرج سوياً"

قال ماكس بصوت بارد :"على العكس. لدى كل الحق بذلك. أنت دخلت فى اتفاق معى لذا نحن مرتبطان سواء شئت أم أبيت"

ــ لكن ليس خلال دوام العمل...

ــ إذاً لا باس إذا أتصلت بـكارمل و بوب خلال دوام العمل لأخبرهما أن أمر خطوبتنا غير صحيحj؟

لاحظ ماكس كيف بهت لون كارى عندما قال هذه الملاحظة فعاد يقول بكلمات رقيقة :"لا يمكنك أن تجعلى كل الأمور تسير كما ترغبين أنت , فإما أن يكون بيننا اتفاق أو لا يكون"

فجأة شعرت كارى بأنها مأسورة :"مازالت لا أفهم لِمَ علينا إطلاع خوسيه على هذا الأمر "

هذه المرةى افتقد صوت كارى إلى الحماسة .

ــ أنها مدينة كبرى كارى لكن يفاجئك كم يعرف الناس بعضهم البعض مثال على ذلك , سكرتيرتك هى إحدى قريبات صهرى.

عبست كارى مذعورة :"أهى كذلك حقاً؟لم أكن اعلم...هل للأمر أهمية؟"

ــ بالطبع! فكما تعلمين إن الناس يتحدثون عن هذه الأمور . هل تعرف بأمر مواعدتك لـ خوسيه فى الآونة الأخيرة؟

ــ لا أظن ذلك.....فالطالما كنا متكتمين على الأمر.

حدقت كارى بـ ماكس و أدركت حقاً أن فى الأمر ما يهدد غروره , فهو لا يرغب بأن تتهم خطيبته بالخيانة , ولو كانت خطيبة مزيفة . مررت يدها خلال شعرها الأشقر الطويل وهى سارحة الفكر :"أن فقط...ظننت انه سيكون من الأسهل فك ارنباطنا كلما قل عدد الأشخاص اللذين نجرهم إلى داخل خدعتنا"

ــ سوف نفكر بطريقة لحل ارتباطنا فى وقت لاحق . أما الآن....أخبرتنى أن الأمر أنتهى بينكما....لكن أما زلت تواعدين خوسيه؟

بدت عينا ماكس ثاقبتين كأنهما تخترقان روحها .

ــ كلا. أخبرتك انه لم يتقبل فكرة دخول مولى إلى حياتى.

استدارت كارى لتنظر إليه فبدت زرقة عينيها صافية صادقة و تغلغلت نظراتها إلى أعماق ماكس . رغم أنه لم يشك بقولها الحقيقة لكنه علم أنه قاطع لحظة من الخصوصية بينها و بين خوسيه . لم يفكر ماكس أبداً أنه من صنف الرجال الغيورين لكنه عندما دخل إلى غرفة اجتماعات مجلس الإدارة منذ دقائق أحس كأن كرة قاسية حمراء ساخنة سارت من خلاله مباشرة.

شعر بالغضب من نفسه لاسترساله فى هذا الاحساس , فنظر سريعاً إلى ساعة يده قائلاً :"أعتقد أننا بحاجة إلى وضع بعض القواعد الأساسية . هل لديك وقت للغداء؟"

ــ ليس حقاً , فعلى إجراء العديد من المكالمات الهاتفية. أمرها ماكس :"قومى بإجرائها لاحقاً"

تأنت كارى لوهلة ثم أو مأت موافقة لدى رؤيتها التعبير الجدى البادى على وجهه:"حسناً ! لكن فقط نصف ساعة من الوقت"

ــ حسناً ! سنقصد مكاناً ما فى الجوار .

تحركت عينا كارى باتجاه المغلف الموجود فى يده و سألته :"هل قمت بتوقيع العقد؟"

انزعج ماكس من سؤالها و أجابها :"ليس بعد"

ــ قلت أنك ستوقع !

ــ سنتحدث بالموضوع أثناء الغداء

ثم أبتسم بتهكم متابعاً :"أنظرى إلى الجانب الإيجابى لأمر فمناقشة العقد ستريح ضميرك . عندما يمكنك ان تقولى الحقيقة , فأنت فى غداء يتعلق بالعمل"

هزت كارى رأسها قائلة :"أنت حاد كالشفرة ماكس سانتوس!"

تمتم ماكس :"أنا فقط أحب أن أتقدمك بخطوة إلى الأمام هذا كل ما فى الأمر"

راقبها وهى ترتب بضعة أشياء على مكتبها ثم تجمع أغراض حقيبة يدها

إنه معجب بأسلوب تحركها كما تعجبه كل خطوط جسدها الرشيقة الجميلة تحت فستانها الأزرق السماوى . تذكر ماكس فجأة طريقة تجاوب كارى مع عناقه لها ليلة الأمس . فحرارة شغفها بدت قوية جداً . وقد جذب نفسه بصعوبة للابتعاد عنها لأنه أعتقد أن على الأمور أن تسير بتمهل . أما الآن فلم يعد متأكداً أن كبح خطواته للتقدم فكرة جيدة.

ــ أريدك أن تأتى لزيارتى فى المزارع خلالة عطلة نهاية الأسبوع المقبلة.

قال ماكس ذلك من دون مقدمات فيما كانا يسيران باتجاه المصاعد فنظرت كارى إليه و قد أجفلتها الدعوة :"لماذا؟"

فُتحت أبواب المصعد فانتظر ماكس حتى دخلا و انغلقت الأبواب ثم أجابها:"ستقام حفلة عائلية بعد ظهر نهار الأحد بمناسبة عيد ةمولد التوأمين .أعتقد أنك يجب أن تتواجدى هناك فهذا سيعطى مصداقية أكبر لعلاقتنا "

ــ ظننت أنك تود الانتظار قليلاً قبل أن تقدمنى إلى عائلتك. ألم تقل إنك تريد منهم أن يسألوك من أكون أولاً؟

قال بطريقة عابرة :"لقد حصل الأمر و سألونى . أعتقد أن إستيل تحدثت إلى والدتى هاتفياً حالما غادرنا المطعم ليلة الأمس , لذا يمكننا التقدم فى المرحلة التالية الآن"

ألقت كارى نظرة سريعة باتجاهه ولاحظت كم هو واثق من نفسه , و كم هو جذاب حقاً

وجدت نفسها تتذكر طريقة عناقه لها ليلة الأمس فشعرت بالأشواق تنهب جسدها كجيش يغزوها معتدياً . إنها أشواق جارفة لم تنقص بعد, وهى مازالت تشعر بوجودها العنيف , لا سيما و هى محتجزة معه فى المصعد الضيق. هذه المعرفة جعلتها ترغب بالهرب إلى أقصى ما يمكن لتبتعد عن ماكس سانتوس . أرعبتها هذه المشاعر , فكيف يمكنها ىأن تشعر هكذا حيال شخص يراها مجرد شريكة تتآمر معه فى شبكة من الخداع؟

طرحت كارى سؤالها لتخبره :"ما الذى تقصده تماماً عندما تقول المرحلة التالية؟"

ــ أى ما سبق أن قلته لك , ستلتقين العائلة و تمضين عطلة نهاية الأسبوع برفقتى فى المزرعة.

ــ عطلة نهاية الأسبوع ؟ أتريد منى تمضية كل العطلة معك؟

سألها ماكس بهدوء:"هل يسبب ذلك مشكلة لك؟"

فُتحت أبواب المصعد فدخلت نفحة من الهواء الساخن لكنها بالكاد تقارن بالحرارة المستعرة داخل كارى. فكرت محمومة : أهى مشكلة ؟ إنه كابوس حقاً أن تضطر إلى تمضية يومين كاملين برفقة ماكس حيث عليها التظاهر بعكس ما تشعر به من الانجذاب الساحق تجاهه.

قالت بسرعة:"لا أستطيع ماكس . لا يمكننى ترك مولى وحدها لفترة طويلة"

ــ لا أتوقع منك أن تتركى مولى بل عليك إحضارها معك. سوف تستمتع بالحفلة نهار الأحد فـ بيلا و إيميليو لا يكبرانها كثيراً . سيكون هناك الكثير من الأطفال أيضاً .

خرج ماكس و كارى إلى الشارع , لكنها بالكاد لاحظت الطرقات المكتظة بالسيارات و أشعة الشمس الحادة . تركز جل تفكيرها على كيفية الهروب من هذا الموقف , لكنها ما استطاعت أن تأتى بأى حجة مقنعة . بدا لها كأنت عقلها قد تعطل عندما احتاجت إليه لابتكار اعذار تعفيها من تمضية الوقت مع ماكس .

ــ أين سننام؟

طرحت كارى أول سؤال تبادر إلى ذهنها , فابتسم ماكس.

ــ هناك خمس غرف نوم فى منزلى كارى , فالمكان واسع جداً

أمسك بذراعها ما إن وصلا إلى تقاطع طرق مكتظ و تابع يقول :"إذا رغبت يمكنك أن تطلبى من كارمل و بوب مرافقتك فقد قالا لى إنهما يودان زيارة المزارع"

لم تعرف كارى إن كانت دعوتهما ستحسن الأمور أم ستزيدها سوءاً , لذا لم تجبه مباشرة . لحسن الحظ , أنشغل ماكس بعبور الطريق و حينما وصلا إلى الجهة المقابلة غير موضوع الحديث قائلاً :"الآن علينا الجلوس لمراجعة يضع قواعد أساسية "

ــ نعم علينا فعل ذلك.

دخل ماكس و كارى إلى مطعم صغير ساحر يقع عند زاوية تقاطع الطرق. تدلت نقانق اللحم من السقف بمشابك خاصة فوق منضدة المطعم المصنوعة من خشب الجوز الفائق اللمعان , حيث رصفت أطباق من الطعام شهية ليختار الزبائن منها ما شاؤوا . كان الوقت مايزال مبكراً على زحمة استراحة الغداء لذا لم يتواجد فى المكان إلا زوج آخر من العشاق يجلسان متكئين إلى المنضدة على كراس خشبية مرتفعة.

قادها ماكس باتجاه طاولة تقع مباشرة تحت مروحة سقف معلقة على الحائط. سألها وهو ينظر حولها بحثاً عن النادل :"بماذا ترغبين؟"

فكرت كارى و هى تنظر إلى عينيه السوداوين الشديدتى الإغراء :قد أرغب بشئ يخولنى التهرب منك , إضافة إلى شئ ما يجعلنى محصنة ضد إغوائك و جاذبيتك , ثم أجابت عن سؤاله :"فقط....فقط فنجان قهوة"

ــ يبدو أن الطعام شهى هنا, تناولى شيئاً آخر

نظرت كارى إلى ساعة يدها قائلة :"ماكس , لا أريد أى شئ . ما كان يُفترض بى أن أكون هنا أصلاً على ان أتابع عملى "

تمتم متكس فيما وصل النادل لأخذ طلبهما :"لا عجب أنك بهذه النحافة "

أيظن ماكس أنها شديدة النحافة؟ تساءلت كيف تبدو صديقاته الحقيقيات ؟

على الأرجح أن صديقته ذات جسد رشيق لكنها ممتلئة الجسم و غير نحيفة . مجدداً بدأت كارى تتسائل عما تراه حصل بين ماكس و خطيبته لينفصلا .

ذكرت كارى نفسها بصرامة بأن الموضوع لا يهمها فلا علاقة لها بذلك.

ــ إذاً ما يخص القواعد التى سنسنها .....

فاجأت ماكس بنبرتها فعاد وثبت اهتمامه عليها أما هى فتابعت تقول:"....أعتقد أنك على حق فنحن حقاً بحاجة إلى أن نقرر بالضبط كيف سنتابع الموضوع. أظن أنه علينا أولاً وضع حد للوقت الذى سنستمر فيه بتمثيل هذه المهزلة"

بدأ شعور كارى بالتحسن عندما تحدثت بطريقة عملية فأكملت كلامها :"الآن , أنا لست متأكدة متى سيعود بوب و كارمل إلى ديارهما فقد قطعا تذكريتهما ذهاباً فقط . نويت أن أسألهما عن ذلك هذا الصباح لكننى نسيت الأمر مع بروز مشكلة جديدة...."

قاطعها ماكس بفضول :"أى نوع من المشاكل؟"

ــ مربية مولى سلمتنى إنذاراً بالرحيل خلال أسبوعين.....

التقت عينا كارى بعينا ماكس اتلسوداوين المتعاطفتين و ما لبثت أن قالت:"أستطيع تدبر الأمر , سأتصل بوكالة التوظيف ليرسلوا لى شخصاً مكانها ثم سأبدأ بمقابلة المربيات فوراً . لكن الأمر أقلقنى لأنه تغير جذرى جذرى جديد فى حياة مولى وهى شديدة الحساسية حالياً"

أومأ ماكس برأسه موافقاً :"إنه موقف صعب فـ مولى حقاً تحتاج إلى الوجوه المألوفة و الروتين الذى ألفته لكى تطمئن"

وصل النادل حاملاً قهوتهما فعاد ذهن كارى بحدة إلى تركيزه . قالت بسرعة :"على كل حال لن ترغب بسماع هذه الأمور , فهذه مشكلتى , وسأحلها قريباً. و ما يجب أن نقرره الآن هو الوقت الذى سنستمر فيه بالإدعاء أننا مخطوبان"

هز ماكس كتفيه :"لا أظن أننا يجب أن نحد أنفسنا بالوقت , فالأمر الأهم هو أن نتعاون و نتوحد معاً فى حبهة واحدة , لذا اقترح أن نعلن خطوبتنا خلال حفلة نهار الأحد "

بدأت نبضات قلب كارى بالتسارع و كأنها فى سباق لدى سماعها اقتراح ماكس , فسألته :"أليس الوقت مبكراً بعض الشئ؟"

ابتسم ماكس :"على العكس . أعتقد أننا تأخرنا بإعلانها فـ كارمل و بوب علما بنيتك فى الزواج منى منذ أول يوم للقائنا"

أحمر وجه كارى خجلاً بسبب نبرة الإغاظة التى بدت فى صوت ماكس,فقالت مبررة :"ذلك أمر مختلف . اضطررت إلى قول هذا لأننى كنت محاصرة و لا مهرب لى , لكننى أبداً لم أعلن الخطوبة بشكل رسمى و صريح"

ــ و مع ذلك....

هز ماكس كتفيه و تابع :".....لم علينا الإنتظار ؟ جميع أفراد عائلتى سيجتمعون نهار الأحد , والوقت مناسب تماماً "

شعرت كارى كأنها تجاهد عابرة فى رمال متحركة , فبلعت ريقها بصعوبة:"ماكس , أنا لا أشعر بالارتياح حيال هذا كله , أنا متأكدة أنهم سيكتشفون أمرنا. أنا .....لست حتى من نوع النساء المفضل لديك"

قال ماكس مطمئنناً :"ربما هذا أفضل"

لاحظت كارى فى عينى ماكس لمحة مزاح جاف أثار غيظها بشكل كبير .

افترضت أن ما يقصده هو أنه عادة يواعد نوع النساء الباهرات الملفتات للنظربجمالهن الأخاذ.

قالت كارى مدافعة عن نفسها :"أنت لست نوعى المفضل من الرجال أيضاً"

قال ماكس رافعاً أحد حاجبيه السوداوين بتهكم :"إذاً ما هو نوعك المفضل من الرجال ؟ خوسيه؟"

ــ خوسيه هو رجل جذاب جداً.

وجدت كارى نفسها مجبرة على الدفاع عن مديرها لسبب ما , افترضت أنه الغرور . فـ ماكس سانتوس اللعين واثق جداً من نفسه . تشدق ماكس ساخراً:"لكنه للأسف لا يحب الأطفال"

تورد جه كارى خجلاً عند سماعها ملاحظة ماكس فتمنت لو أنها التزمت الصمت بخصوص موضوع خوسيه . بالطبع , ماكس على حق , فـ خوسيه مثال سئ لا يعبر عن ذوقها فى الرجال...لكن مارتين أيضاً لم يكن افضل حالاً.

قال ماكس ما إن رأى عينى كارى تمتلئان بالألم :"آسف , ما كان على أن أتفوه بذلك"

أشاحت كارى بنظرها بعيداً عنه و سألته :"إذاً هل ستقوم بتوقيع ذلك العقد؟"

لاحظ ماكس كيف أختبأت كارى خلف عملها.

ــ لست أردى . هل ستحاولين التراجع عن اتفاقنا؟

ضاقت عيناها و هى تنظر إلى وجهه :"هل تحاول أن تبتزنى لأستمر فى هذا الأدعاء؟"

تلاشى اللون تماماً من وجهها عندما تقاعس ماكس عن الإجابة و اهتز صوتها بغضب و هى تقول :"لست تبتزنى....هل تفعل ؟ أهذا ما قصدته فى المكتب عندما قلت لىّ إنك ستعيد النظر ببعض الأمور؟"

هز ماكس كتفيه :"لابتزاز كلمة كبيرة و قوية كارى لكن لا يمكنك لومى على حمايتى لمصالحى . مهما يكن , أنا أديت دورى لكن يبدو لى أنك تحاولين باستمرار التملص من دورك فى الاتفاق "

ــ أنا لا أحاول التملص من الأتفاق , كل ما فى الأمر أننى حقاً قلقة لأن ما نقوم به خطأ فادح.....

قال ماكس محافظاً على هدوئه :"من جهتى أرى أنك تحاولين التملص من الأنفاق , فأما أن تكونى معى فى هذا و أما أن نلغى الموضوع برمته. لا يمكن أن يكون هنالك رأى وسط"

نظرت كارى إلى العقد ثم عادت فنظرت إلى ماكس . أغضبها حقاً أن يصل به الأمر إلى هذا الحد فقالت:"أنت تخادع ماكس . أنت بحاجة إلى العمل الدعائى, فأهميته كبيرة بالنسبة للمزرعة...."

ــ أعفنى من نغمة التسويق هذه كارى.

قاطعها ماكس بهدوء متابعاً :"فهنالك وكالات إعلان غيركم"

حملقت كارى فيه بنظرة ملتهبة من عينيها الزرقاوان المثلجتين.

سألها ماكس من دون ان يبدو عليه الأنزعاج مطلقاً :"غذاً...كيف سيكون الأمر؟"

غمضت كارى ساخطة :"أنت حقاً بارد و تحسب الأمور باحتيال . ألست كذلك ماكس؟"

هز ماكي كتفيه:"كفى عن تضيع الوقت كارى . هل أنت فى داخل الصفقة أم خارجها ؟"

ــ أننى داخل الصفقة.

تابعت تسأله:"و الآن . هل ستقوم بتوقيع العقد؟"

ــ نعم

حمل ماكس ملف العقد قائلاً :"سأوقعه يوم الأربعاء عندما أصطحبك لتناول العشاء"

ــ الأربعاء !

قالت كارى شاحبة :"أريدك أن تقوم بتوقيعه الآن.....هنا"

ــ صبراً حبيبتى !

مد ماكس يده فدفع ذقن كارى إلى أعلى متفحصاً وجهها بدقة باردة قبل أن يقول:"سنخرج لتناول العشاء نهار الأربعاء و سنحدق مطولاً فى عينى بعضنا البعض حيث ستؤكدين لى مجدداً ألتزامك بترتيبنا الصغير هذا . عندئذٍ سأوقع لك العقد"

جذبت كارى نفسها بقوة مبتعدة عن لمسة يده , بينما دوى قلبها مرتطماً بضلوعها :"انت مثير للغيظ تماماً!"

قال مبتسماً :"و أنت تزدادين جمالاً عندما تغضبين"

وقفت كارى عن كرسيها :"اكتفيت من هذا الهراء....سأعود إلى العمل"

ــ أراك يوم الأربعاء , عند السابعة والنصف كالعادة

أرادت كارى المغادرة بدون ان تجيبه , لكنه قبض بيده على معصمها :"كـــــارى ؟ "

نظر إلى الأعلى باتجاهها بقوة و عزم

ــ نعم...أراك يوم الأربعاء

أطلق ماكس سبيلها و قد تكورت شفتاه , فيما ظهرت عليهما إشارة تنم عن النصر, ثم راقبها و هى تهم بالانصراف


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-11-17, 12:21 PM   #8

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

7 / هذا ما أريده !
كيف تراها حشرة نفسها فى موقف كهذا ؟ فكرت كارى و هى تقود السيارة برفقة بوب و كارمل و مولى باتجاه المزرعة صباح نهار السبت.
قررت بحزم أن دعوة جدى مولى فكرة سيئة , ستسبب لها المزيد من التعقيدات . فى الواقع , هى لم تكن تنوى دعوتهما , إلا ان ماكس طلب منهما الحضور, فأتصل مباشرة بهما فى الفندق حيث ينزلان . أما كارى فلم تعلم بالأمر إلا حين وصولها إلى شقتها حيث اتصلت بها كارمل و أخبرتها عن الرحلة بحماس متدفق.
ــ لم يكن عليك دعوتهما.
قال كارى لـ ماكس متذمرة بتجهم لدى لقائهما للعشاء مساء الأربعاء , ثم تابعت :"كنت قد قررت عدم إخبارهما بالأمر , فهما سيشكلان عبئاً إضافياً نحن بغنى عنه. أما الآن فسيكون علينا الاستمرار فى التظاهر طيلة الوقت, وليس فقط خلال حفة الطفلين"
هز ماكس كتفيه غير مكترث و بدا غير قلق مطلقاً و هو يقول:"عندما تعرفت بـ كارمل وبوب سألانى إن كانا يستطيعان زيارة المزرعة , الا تذكرين؟ و أنا وافقت على ذلك . وبما أننى رجل يلتزم بوعوده كارى سأنفذ ما يخصنى من هذه الصفقة"
أطبقت كارى يديها بإحكام على مقود السيارة .
حاولت ان تهدئ ذاتها , فعلى الأقل وقع ماكس على العقد مساء الأربعاء خلال العشاء , ما أزاح هذا الهم كله عن كاهلها . لكن لِمَ يجدر به دعوة كارمل و بوب إلى منزله؟
تساءلت كارى فجاة إن كان ماكس قد دعا جدى مولى للقدوم كنوع من الضمانة فهو يعلم جيداً أن كارى ستستمر بالأكاذيب بوجودهما .
ألقت نظرة سريعة على المرآة لترى المقعد الخلفى حيث تجلس كارمل برفقة مولى. كانت كارمل تغنى لـ مولى أغنية فى حين قهقهت مولى مسرورة . بدا الجميع سعداء حتى بوب الجالس بقربها فى المقعد الأمامى بدا مبتسماً طيلة الوقت . لاحظ بوب أن كارى تنظر إليع فقال :"هذا رائع كارى , فالمناظر الطبيعية خلابة هنا"
ــ نعم إنها جميلة , أليس كذلك؟
عادت كارى و ركزت نظرها على الطريق أمامها فى حين تضاربت مشاعر الذنب فى أعماقها . كارمل و بوب شخصان طيبا القلب ما جعلها تشعر بأنها حقاً غشاشة مخادعة.
ظهرت الفيلا البيضاء أمام أنظارهم تتلألأ تحت أشعة الشمس المشرقة , فى حين لمعت الحدائق المحيطة بها كجوهرة فى الجو الصافى.
فتح الباب الأمامى وهو يصعدون الدرج تحت أشعة الشمس فظهر ماكس أمامهم . راحت احاسيسها تثب بغرابة فى اعماقها ما إن التقت عيناها بعينيه . مر وقت على آخر لقاء بينهما , منذ مساء نهار الأربعاء عندما تناولا العشاء سوياً
تذكرت كيف افترقا ليلة الأربعاء حيث أصر على مرافقتها صعوداً حتى باب شقتها , حيث أنحنى مقترباً منها و همس فى أذنها :"تصبحين على خير"
استغربت شعورها بالخيبة عندما عانقها ماكس بشكل عابر قبل أن ينسحب إلى الوراء و يرحل , تمنت كارى لو انها لم تذكر ذلك الآن و هو يقترب مرتدياً ملابس عادية. فقد ارتدى بنطلون جينز مع قميص قطنية بيضاء و قد ناسبه هذا المظهر تماماً , إذ جعله يبدو أصغر سناً و أشد جاذبية .
ــ مرحباً حبيبتى.
تدرك كارى جيداً أن كلمات التحبب التى يقولها بصوت أجش هى لأجل كارمل و بوب فقط . مع ذلك نجحت تلك الكلمات و هذه النظرات فى جعل مشاعرها تهتاج بقوة خطيرة . شعرت كارى أنها غير واثقة من نفسها ما ان وضع ماكس يده على كتفها و قد أدركت أنه ينوى معانقتها . هذه المرة لم يكن عناقه خفيفاً , بل عانقها بتملك و عزم أشعرها بالدوار . استدار بعدئذٍ ليرحب بـ كارمل و بوب .
قال ماكس ماداً يده مصافحاً بوب :"أنا سعيد برؤيتك"
ثم عانق كارمل مرحباً بها و هو يتابع قائلاً :"تفضلا بالداخل , وأرجو أن تشعرا أنكما فى منزلكما"
ثم نزل ليكلم مولى التى دنت منه فقال بابتسامة عريضة :" مرحباً يا صبية . كيف حال موجو اليوم؟"
رفعت مولى الكلب ليراه ماكس .فتابع يسألها :"هل ينتظر عطلة نهاية الأسبوع بحماس؟"
أومأت مولى موافقة و هى تقول :"إنه يود تناول المثلجات بعد الظهر"
قال ماكس بجدية :"سوف أضع طلبك فى المطبخ و ستحصلان كلاكما على المثلجات"
ثم ابتسم ابتسامة عريضة و هو يقول :"ربما تكون حتى حصة مزدوجة لكن قبل ذلك هل ترغبين برؤية المكان الذى ستنامين فيه الليلة ؟"
أومأت مولى موافقة و أعلنت فجأة :"انا ما عدت أنام فى السرير الهزاز "
ـــ لا عليك ففى الغرفة سرير ملائم لأميرة . أنتظرى و سترين.
فكرت كارى أن ماكس يبرع فى التعامل مع مولى فيما شغلت نفسها بإخراج حقائب ملابسهم من صندوق السيارة . وما لبث أن حضر ماكس ليساعدها . قالت وهى تضع على كتفها حقيبتها الخفيفة :"لا بأس , أستطيع تدبر الأمر"
تمتم ماكس و هو يمد يده ليتناول منها :"أنت مستقلة جداً على الدوام"
رفع حقيبة ملابس كارمل و بوب أيضاً ثم قال بعزم ثابت هيا بنا لنضع أغراضكم فى غرفكم و يمكننا بعدها أن نتناول المشروب "
راقبت كارى مولى و هى تركض لمجاراة ماكس و هما يدخلان إلى المنزل بدت الفتاة مفتونة به , وما إن هما بصعود الدرج حتى مدت مولى يدها لتمسك بيد ماكس الخالية.
تفاجأت كارى بهذه الخطوة , فـ مولى تبدو عادة خجولة جداً بوجود الغرباء, كما أنها لم تلتق ماكس سوى مرة واحدة.
أوصل ماكس كارمل و بوب إلى غرفتيهما أولاً و هى غرفة مبهجة بمفروشاتها الأثرية . أما طابع الغرفة ذات اللون الأزرق الفاتح المخطط بالأبيض فمريح للنظر باعث للهدوء.
قالت كارمل باستحسان و تقدير :"هذا رائع !"
قال ماكس :"لا تترددا فى طلب أى شئ تحتاجانه . سأدعكما لتفرغا الحقايب و تستقرا فى الغرفة "
وضع ماكس حقيبتهما علة مسند القدمين عند أسفل السرير . فيما شدت مولى بقوة كم قميص ماكس و سألته :"هل هذه غرفتى ؟"
ــ كلا فغرفتك أبعد قليلاً . إنها فى آخر الرواق
ابتسم ماكس و أمسك بيد مولى مجدداً :"هيا بنا لنجد غرفتك و لنرى رأيك بها"
طغى على غرفة مولى اللون الأبيض , لكن غطاء السرير تظهر عليه رسوم شخصيات أفلام الكرتون بألوانها الاهية . اما على الطاولتين بجانب السرير فصفت الألعاب و الكتب المخصصة للأطفال .
ركضت مولى إلى داخل الغرفة لتتحق منها , ثم ابتسمت لـ كارى ابتسامة عريضة فيما تناولت أحد الدببة القماشية لتتفحصها.
فسر ماكس لـ كارى و هى تنظر غليه :"أعارتنى شقيقتى بعضاً من أغراض التوأمين لأجعل الغرفة أكثر قرباً من جو منزلها"
ــ تكبدت عناءً كبيراً لأجل عطلة نهاية الأسبوع هذه , شكراً لك.
تأثرت كارى بمبادرته التى تدل على اهتمامه بـ مولى.
تقدم ماكس ليفتح أحد الأبواب و افترضت كارى أنه يؤدى إلى غرفة الحمام . لكن عوضاً عن ذلك تبين أنه يؤدى إلى غرفة نوم محاذية لغرفة مولى .
ــ هذه غرفة النوم الخاصة بى كارى , ظننت أنها ستكون فكرة جيدة بأن تنامى أنت هنا لأنها مجاورة للغرفة الأخرى حيث ستنام مولى . هكذا ستسمعينها إذا ما إستفاقت خلال الليل.
تبعته كارى . ووقفت بالباب المؤدى إلى الغرفة الأخرى , إنها غرفة ذات أرضية خشبية لأمعة , وفى وسطها سرير خشبى ضخم ذو أربعة أعمدة خشبية , تتدلى حولها ستائر من الموسلين الأبيض . هذه غرفة نوم ماكس! وحينما نظرت إلى السرير شعرت كأن فراشات ترقص بجنون فى معدتها . سألته :"لكن , أين ستنام أنت؟"
سمع ماكس التردد فى نبرة صوتها , فاستدار و نظر إليها و قد ارتسمت على وجهه ابتسامة ساخرة :"ما الأمر ؟ أتخشين أن أرغب بالتمادى قليلاً فى ادعائنا؟"
ــ كلا .....بالطبع لا !
شعرت كارى أن وجهها يزداد حرارة فيما تابعت تقول:"أنا....أنا فقط لا أحبذ فكرة اضطرارك إلى ترك غرفتك الخاصة , هذا كل ما فى الأمر"
ــ حسناً! إذا كنت تشعرين بالسوء حيال الأمر يمكننى البقاء هنا.
تشدق ماكس بكلامه مغيظاً كارى و تابع يقول :"انا لست معارضاً للفكرة . ففى الواقع يمكننا أن نتشاطر هذه الغرفة لأجل المظاهر"
علمت كارى أنها تزداد احمراراً بشكل أكبر الآن, بل شعرت كأن كامل جسدها قد دبت فيه النيران.
ابتسم ماكس ابتسامة عريضة قائلاً :"أتعلمين ؟ تبدين جذابة جداً عندما تشعرين بالاحراج , فعظمتى خديك تشعان و يتحول لون عينيك الزرقاوين إلى زرقة تشبه لون منتصف الليل"
ــ أنا لست محرجة.
قالت كارى ذلك بسرعة محاولة تجاهل نبرة صوته الأجش التى أرسلت موجات من من الشوق فى أعماقها . تساءلت غاضبة : ما خطبها بحق السماء؟ لِمَ يقدر هذا الرجل على التأثير فيها بهذه السهولة ؟ ثم أردفت :"أعلم أنك تمزح فقط"
قال ماكس بحزم :" على الأقل علينا التظاهر بأننا منسجمان سوياً....و إلا سيبدو الأمر مستغرباً"
ــ ماكس , أنا....
ــ لا تقلقى . سأحرص على جعل كارمل و بوب يقتنعان بأننا نعيش قصة حب حقيقية , فأنا أظن أن كارمل ذات تفكير عصرى .
قالت كارى و هى تحاول بيأس أن تبدو مرتاحة بالحديث:"لم أكن قلقة حيال الأمر , بل أظن أنه ليس ضرورياً بتاتاً"
قال ماكس هازاً كتفيه :"حسناً ! لكننا لا نرغب بزرع بذور الشك فى ذهنى كارمل و بوب حيال علاقتنا , أم أننا نريد ذلك؟ من المهم أن ننتبه لكل التفاصيل .مهما يكن أنا رجل فى ريعان الشباب و أنت خطيبتى الجذابة....."
حاولت كارى تجاهل نبرته المغيظة فيما خطت من فوق عتبة الباب لتدخل إلى غرفة ماكس . حاولت أيضاً أن تتجاهل ذاك الصوت المتسائل فى أعماقها الراغب بمعرفة كيفية شعورها لمشاطرة الغرفة معه؟
لاحظت ان ليس فى الغرفة الكثير من المظاهر الشخصية الخاصة بـ ماكس. من الواضح أن الصور الفوتوغرافية الموضوعة فى أطُر على المكتب الموضوع إلى جانب الحائط هى لأفراد العائلة .
وضع ماكس حقيبة كارى أرضاً ثم جلس على حافة السرير قائلاً:"عندما تصبحين جاهزة علينا مراجعة بعض التفاصيل لنتهيأ لحفلة الغد"
سألت كارى بحذر :"أى نوع من التفاصيل؟"
تمنت لو أن ماكس لم يجلس على حافة السرير....و تمنت لو أنها لم تكن شديدة الشوق إلى الجلوس بقربه . أتراها ستتخلص من هذا الفضول الذى يشعل أعماقها , ومن الإنجذاب الذى تشعر به تجاهه , إذ ما اقتربت منه الآن و عانقته ؟ تسللت الفكرة إلى ذهنها لكنها حتماً فكرة غير مرغوب بها وغير مرحب بها.
بالكاد استطاعت أن تسمع ما قاله ماكس . عبرت الغرفة باتجاه النافذة و تظاهرت أنها تتأمل المنظر فى الخارج , فالغرفة تطل على بستان صغير من أشجار الليمون الحامض و البرتقال . أما خلف البستان فتظهر جبال بنفسجية بعيدة من فوق مزارع الفاكهة.
ــ من المؤكد أنهم سيطرحون علينا الأسئلة عن كيفية لقائنا و تعرفنا ببعضنا, لذا علينا أن نتذكر جيداً ما أخبرناه لـ بوب و كارمل ثم نحاول البقاء قريبين من الحقيقة فى أقوالنا قدر المستطاع. فما رأيك أنت؟
قالت كارى بحزن :"أعتقد أن الحقيقة تبعد أكثر فأكثر عنا و كأنها كوكب غريب فى مجرة بعيدة"
نهض ماكس عن السرير و ذهب ليقف خلفها بجانب النافذة . وضه يده على كتفها فأجبرها على الاستدارة و النظر إليه . ثم قال برقة :"كل شئ سيكون على ما يرام "
الرقة التى ظهرت فى نبرة صوته لم تساعد على تهدئة المشاعر التى اجتاحت لاأعماق كارى بفعل لمسة يده. قالت متراجعة بسرعة لتبتعد عنه :"آمل ذلك"
للحظة , أصبحت الأجواء متوترة بينهما . فهنالك جزء فيها يرغب بأن ينحنى إلى الأمام لكى تضع يديها حول عنقه و تشعر بقربه منها . واضطرت إلى محاربة هذا الشعور بشدة .
ركضت مولى إلى داخل الغرفة وهى تحمل موجو فى يدها بينما دست تحت إبطها إحدى الدمى , فارتاحت كارى لأنها لم تعد وحدها مع ماكس . سألت مولى بجدية و كأن ما تقوله هو أحد أهم الأسئلة فى حياتها:"عمتى كارى ! هل يمكننى الأحتفاظ بهذه الدمية؟"
قالت كارى بابتسامة :"لكنك تملكين مئات الدمى فى المنزل,و لست بحاجة إلى المزيد"
بدأت شفة مولى السفلى بالأهتزاز فأدركت كارى فجاة انها مرهقة جداً. نظرت إلى ساعة يدها فوجدت ان الوقت يدنو من الظهيرة ....لم يحن أوان قيلولتها بعد , فـ مولى تنام عادة بعد تناول الغداء لكن كارى تعرف الأشارات التى ترسلها الصغيرة خصوصاً عندما تبدأ بفرك عينيها و قد بدا عليها النكد قالت و هى تبتعد عن ماكس :"سنتحدث فى ذلك بعد أن تستفيقى من قيلولتك"
ثم حملت مولى و قبلتها قائلة:"ما رأيك بذلك؟"
ترددت مولى قليلاً , ثم اومأت برأسها قائلة :"هل يمكننى أصطحاب الدمية معى إلى السرير؟"
ــ بالطبع يمكنك ذلك.
راقب ماكس كارى فيما سارت مع مولى إلى الغرفة المجاورة حيث جلست معها على السرير . راح يستمع إليها فيما أقنعت الطفلة برقة بأن تخلع صندلها قبل النوم.
ابتسم وقد اعجب برقة كارى فى تعاطيها مع مولى....أعجبته نبرتها المتفهمة , وكيف تمكنت من إضحاك الفتاة الصغيرة حتى و هى فى قمة التعب و الإرهاق
ابتعد عن النافذة ثم سار و وقف على عتبة الباب قائلاً :"أن الزر الكهربائى الخاص بجهاز تكيف الهواء هو إلى جانب الباب فى حال رغبت بتشغيله كارى كما يمكنك استخدام المروحة المعلقة فى السقف"
ــ سأشغل المروحة لأننى لا أحب جهاز تكيف الهواء....أنه يذكرنى كثيراً بالطقس فى إنجلترا
ابتسم ماكس ابتسامة عريضة لدى سماع ذلك.
صعدت مولى إلى السرير ثم رفعت الغطاء حتى وصل إلى ذقنها . بعدئذٍ نظرت بشغب من فوق اللحاف إلى ماكس و كارى و سألت ماكس :"هل ستقرأ لى قصة؟"
أجابتها كارى :"أنا سأقرأ لك القصصة مولى ,فالعم ماكس منشغل"
عارضها ماكس برقة :"لست منشغلاً إلى هذا الحد . بالطبع سأقرأ لك قصة , مولى"
هتف مولى مبتهجة :"هل يمكنك أن تقرأ لى قصة البومة و القط؟"
سال ماكس كارى :"لست أدرى . هل قصة البومة و القط بحوزتنا؟"
أومأت كارى متأثرة لأنه سينزعج نفسه ليقرأ قصة لـ مولى :"نعم, لقد أحضرتها معى.لكن...حقاً ماكس لا تزعج نفسك بالقراءة . أنا سأفعل ذلك..."
ــ هاى....! أنا متشوق لقراءة قصة البومة و القطة.
قال ماكس ذلك و قد أظهر فى عينيه السوداوين بصيص مزاح مرح.
استدارت كارى مبتعدة و شغلت نفسها بإخراج القصص من حقيبتها . تمنى جزء ما فى اعماقها لو أن ةماكس رجل بارد غير مبالٍ مع مولى , شأنه شأن خوسيه. ذلك أن اهتمامه بـ مولى و معاملته لها بلطف جعلا كارى تنجذب إليه أكثر فأكثر.
ناولت كارى الكتاب لـ ماكس بعد ان جلس على كرسى فى الجهة الأخرى للسرير و ذهبت هى لأغلاق الستائر كى تمنع ضوء الشمس من الدخول إلى الغرفة.
بدأ ماكس بتلاوة القصة و أصغت مولى باهتمام . هذه هى قصتها المفضلة التى تطلب سماعها كل يوم دون كلل .من المستغرب ألا تعرف هذه القصة عن ظهر قلب كما فكرت كارى مبتسمة و هى تعود لتجلس إلى الجهة الأخرى للسرير.
أعجبت كارى بطريقة ماكس فى تلاوة القصة . حيث شدد على بعض الكلمات ما جعل مولى تبتسم مستمتعة . فكرت كارى أن صوته رائع و جذاب , فأنتقلت عيناها لتتفحصا بتمعن تفاصيل وجهه مستغلة إنشغاله بالقراءة . إن ملامحه شديدة الجاذبية , فالنتوء البارز لفكه ينم عن قوة و عزم كبيرين , أما عينيه السوداوين فأظهرتا الكثير من الخلق الرقيق . انتقلت عين كارى إلى كتفيه العريضتين المليئتين بالعضلات فوجدت نفسها فجأة تفكر كم هو رجل جذاب....
فكرت كارى فجأة أنها واقعة فى غرامه....صُدمت بشدة بالغة لهذا التصور الذى وصلها بشكل غير متوقع فابتعدت عنه حالاً . هذا هراء ! كيف عساها تقع فى غرامه , بحق السماء؟ لقد تعرفت إليه للتو فقط بالإضافة إلى ذلك فهو مغرور و قوى . فهى لم تنس أنه هددها بعدم توقيع العقد الإعلانى.... و هذا تصرف خالٍ من الاحساس تماماً .
كلما حاولت كارى نكران شعورها , كلما ألحت أصوات فى اعماقها تؤكد لها أنه شعور حقيقى. رفع ماكس نظره عن الكتاب ففاجأها و هى تراقبه , عندئذٍ أدركت كارى ان القصة قد انتهت.
طلبت مولى بإلحاح:"مرة ثانية.....مرة ثانية"
ابتسم ماكس لـ كارى ابتسامة تغلغلت إلى اعماق ذاتها , فبدأ كأنها تقبض على قلبها فتعصره على مهل.
قالت مولى :"أقرأها مجدداً...."
قطعت كارى بصعوبة التواصل بين عينيها و عينى ماكس و قالت لـ مولى برقة:"حان وقت النوم"
قالت مولى متوسلة :"فقط مرة واحدة...أرجوك"
بدأ ماكس بقراءة القصة مرة أخرى فيما حاولت كارى ألا تنظر إليه .
نظرت إلى مولى و قالت لنفسها بقسوة شديدة إنها تتخيل الأمور . حسناً ! أن فكرة وقوعها فى غرامه هى مجرد وهم و لابد أن التمثلية و ادعاءهما أنهما خطيبان قد أثرت على ذهنها.
عندما وصل ماكس إلى منتصف القصة كانت مولى قد استغرقت فى النوم, فهمست كارى :"أظن انه يمكنك التوقف الآن"
نظر ماكس باتجاه مولى و ابتسم قائلاً :"بدت مرهقة جداً , من الجلى أن صباحها كان مليئاً بالنشاط"
ـــ كانت متحمسة للرحلة إلى هنا لذا نامت فى وقت متأخر مساء أمس فى موعد تخطى موعد نومها العادى.
ــ كم تظنين أنها ستنام؟
ــ تنام عادة حوالى ساعة.
وضع ماكس الكتاب على الطاولة المجاورة للسرير . وسأل كارى فجأة:"هل أنت على ما يرأم؟"
ــ نعم, أنا بخير , لِمََ تسأل ؟
نظرت كارى إلى ماكس بحذر و فكرت أنها ستموت خجلاً لو علم ماكس بما كان يدور فى ذهنها قبل قليل
ــ بدوت شاحبة بعض الشئ من قليل.
ــ أنا بخير.
رددت كارى كلامها لكن صوتها بدا مزيفاً حتى لأذنيها ثم ةتابعت :"هيا بنا ! دعنا نخرج من هنا"
تسلل ماكس و كارى سوياً إلى خارج الغرفة و تركا الباب مفتوحاً قليلاً .
بدأ شعور كارى بالتحسن ما أن وطا خارج الغرفة المعتمة إلى درج المنزل فقالت لنفسها : إن هذه الأفكار الواهمة المظللة تسللت إلى ذهنها بسب حميمية غرفة النوم . قالت و هما ينزلان على الدرج :"أشكرك على قراءة تلك القصة لـ مولى . انك صبور جداً معها"
اعترف ماكس:"أنا أحب الأطفال . أحب أن أحظى بأبنة صغيرة يوماً ما...."
نظرت كارى نحوه وقد فجأها بإفشاء هذه الرغبة. لدى ماكس العديد من الميزات العميقة الخفية , لكنه أمر لا يغير واقع أن علاقتهما هى مجرد ترتيب مؤقت . ذكرت كارى نفسها بحزم أنه يتوجب عليها أن تتوخى الحذر الشديد , فمن السخف و الغباء أن تنجرف عاطفياً.
ظهر كل من كارمل و بوب خلفهما فى أعلى الدرج المطل على القاعة و سألت كارمل:"أين مولى؟"
رد ماكس عليها :"تأخذ قيلولتها . أنزلا لتناول مشروباً فى الخارج على الشرفة"
انعكست اشعة الشمس على مياه بركة السباحة الفيروزية اللون بشكل يخطف الأبصار . خرج الجميع فى حرارة النهار إلى فناء الشرفة فوقف بوب و كارمل على حافة الشرق\فة مبدين إعجابهما بالمنظر فى حين جلست كارى تحت ظلال إحدى المظلات الضخمة.
سألت كارى ماكس الذى جلس على الكرسى أمامها :"أيمكننى أن أسبح فى البركة لاحقاً خلال النهار؟"
ــ بالطبع . لست فى حاجة إلى طرح هذا السؤال كارى. أريد منك أن تتصرفى تماماً كما لو أنك فى منزلك هنا.
أتخفض ماكس نبرة صوته و أضاف:"نحن سنعلن خطوبتنا يوم غد"
بعدئذٍ بدأ كان الوقت يجرى سريعاً و سار الحديث خفيفاً بسيطاً فبدأت كارى تشعر بالاسترخاء مجدداً.عندما حان وقت الغداء أحست بأنها مسيطرة تمامً على الموقف و إنها بالطبع قادرة على تحمل الأمر . قالت وهى تنظر إلى ساعة يدها :"يجب أن أذهب لأتفقد مولى . ستشعر بالجوع ما إن تستفيق"
قالت كارمل فجأة قبل أن تنهض كارى عن الكرسى :"من الرائع أن تعيش مولى و تنمو فى مكان كهذا . لو كان طونى حياً لما تمنى لأبنته مكاناً أجمل من هذا"
اختفت فى الحال وضعية كارى المريحة و حلت محلها مشارع الذنب و هى تقول:"نعم ...أفترض ذلك"
تجنبت كارى بحذر عينى ماكس المواجهتين لها عبر الطاولة , ولحسن الحظ لم يلحظ أى من بوب و كارمل حقيقة ارتباكها .
ــ كان يتحدث أحياناً عن طفولتكما الصعبة....لطالما قال إنه سيحرص على ألا تشعر مولى بما مررتما به , وأنها يجب أن تحصل دوماً على الاستقرار.
ــ نعم , لطالما قال ذلك.
بلعت كارى ريقها بصعوبة و كان عقدة ما سدت حلقها . تابعت كارمل بتباطؤ :"ما الذى ستفعلينه بخصوص عملك عندما تتزوجين ماكس؟ فبالعيش هنا ستصبحين بعيدة جداً عن برشلونة و لن تقودى السيارة يومياً إلى هناك بالطبع"
ــ حسناً ! أنا....
ناضلت كارى لتعرف ما عليها قوله. أمكنها أن تشعر بعيون الجميع شاخصة إليها منتظرة ردها . إلا أن ماكس أنقذها بقوله:"كارى تفكر فى أخذ إجازة من عملها لفترة قصيرة . وإذا رغبت بالعودة إلى العمل فقد تبحث عن عمل أقرب إلى المنزل . هنالك بلدة تبعد مسافة نصف ساعة عن هذا المكان , حيث يزدهر مجتمع أعمال ناجح و ربما قد ترغب كارى بتأسيس وكالة إعلان خاصة بها . يمكنها أن توظف فريق عمل يساعدها , فتذهب إلى العمل و تجئ إلى هنا ساعة تشأ"
حدقت كارى بـ ماكس عبر الطاولة . لطالما فكرت بأنها قد تؤسس عملاً خاص بها يوماً ما.....أنتابها شعور غريب حقاً لدى سماعها ماكس يقدم فكرة كهذه , لكنها ذكرت نفسها بسرعة أنه وصف مزيف لمستقبل مزيف لهما معاً.
بدت كارمل مرتاحة و مسرورة لما قاله ماكس فأثنت على فكرته قائلة :"هذه فكرة جيدة و افترض أنك قد ترغب فى أطفال لكما معاً بعد فترة وجيزة , أليس كذلك؟"
لم تعلم كارى أن كان بمقدورها تحمل المزيد من هذا . فنظرت إلى ماكس الذى ابتسم لها ثم قال برقة :"إننا نأخذ الأمر حقاً بعين الاعتبار , ألسنا كذلك حبيبتى ؟ لكن أظن أننا سننتظر حتى تستقر مولى تماماً قبل التفكير بذلك الأمر"
بدا ماكس حقيقياً و صادقاً بكلامه حتى شعرت كارى أن الواقع بدأ يفلت من فبضتها أكثر فأكثر . جزء ما فى داخلها بدا يتمنى لو أن هذه القصة واقعية , ولو انها ليست مجرد خطوبة مزيفة , ولو أن هذا الرجل حقاً حبيبها.....أرادت أن تصدق رقة ابتسامته و نعومة عناقه.
دفعت كرسيها بسرعة إلى الوراء بعيداً عن الطاولة فأصدرت صريراً مزعجاً ثم قالت بتسرع :"أعذرونى ! على تفقد مولى"
شعرت بالارتياح للخلص من تلك الأسئلة المحرجة . ركضت صعوداً نحو غرفة مولى بالطابق الأعلى . كانت ابنة أخيها ماتزال نائمة , لكنها جلست على الكرسى بجانب السرير لتنتظر استفاقتها .
ذكرت كارى نفسها بحدة ان ماكس ليس رجل الأحلام الرائع كما يفكر كل من كارمل و بوب . فهذه مجرد مهزلة و هو سيكذب حتى على والديه . حسناً !إن دوافعه شريفة , لكن مع ذلك مازال الأمر كذبة .
تحركت مولى فجأة و فتحت عينيها فبادرتها كارى قائلة :"مرحباً ,عزيزتى. هل نمت جيداً ؟"
أومأت الفتاة برأسها و تمددت متثائبة
ــ هل أنت مستعدة لتناول الطعام
سألت مولى فجأة :"أين عمى ماكس؟"
ــ أنه فى الطابق السفلى.هيا بنا بعد أن تغتسلى و تبدلين ملابسك يمكننا النزول لرؤيته
اتلفترة المتبقية من بعد الظهر بدت أسهل نوعاً ما بوجود مولى معهم استطاعت كارى أن تشغل نفسها بمساعدة مولى على تناول الغداء ثم بمراقبتها و هى تركض و تلعب فى البركة .
أخذ ماكس الجميع فى جولة على بساتين الفاكهة ما إن بدأت الشمس بالانخفاض فى السماء و خفت وطأة حرارة النهار.
قال ماكس شارحاً لـ بوب :"أن التربة هنا جيدة النوعية فهى تصرف الماء بشكل ممتاز ما يسمح لجذور الأشجار بأن تندفع إلى الأعماق لإيجاد ما تحتاجه من مواد مغذية . الجذور العميقة هامة جداًَ فهى سبب بقاء الأشجار قوية و سليمة"
قالت كارمل بابتسامة عريضة :"إنها تشبه العائلات نوعاً ما....فالجذور العميقة تساعد على إبقاء أفرادها متضامنين وسعداء"
بادلها ماكس الابتسامة قائلاً:"تماماً"
ثم سأل ماكس بوب و كارمل بشكل عابر فيما استدار ليقودها باتجاه الباحة المؤدية إلى مستودعات التصنيع:"متى تفكران بالعودة إلى دياركما فلا استراليا؟"
فكرت كارى حالاً أنه يطرح هذا السؤال ليتمكن من وضع حد زمنى لخطوبتهما المزيفة
ــ لست أدرى , فنحن نفكر بالبقاء لأسابيع قليلة فقط . لكن إذا ما قررتما تحديد موعد غير بعيد لزفافكما فقد نفكر بالبقاء لفترة أطول . ليس لدينا أى شئ يربطنا و يسرع عودتنا حقاً!
أنذرت هذه الكلمات كارى بخطر مفاجئ فى داخلها فسارتع تقول :"آه ! لا أعتقد أننا سنتسرع فى أى خطوة كارمل ...ظننت أننى قلت لك ذلك من قبل"
ابتسمت كارمل قائلة :"أعلم ما قلته لكن من الواضح جداً أنك و ماكس لا تقدران على إبقاء أيديكما أو عيونكما بعيدة عن بعضكما البعض , فلم الانتظار إذاً؟"
زلت قدم كارى عند سماعها الكلمات كارمل عنها وعن ماكس , فسارع ماكس إلى وضع يده على خاصرتها ليثبت خطاها ,لكنه عوضاً عن إفلاتها لتسير بمفردها لف ذراعه بإحكام حولها و جذبها لتقترب منه أكثر فيما هما يسيران ثم قال :"هذا صحيح جداً , كارمل . ربما علينا التفكير بتحديد موعد للزفاف , ما رأيك حبيبتى؟"
قالت بصوت ملئ بالغضب :"أظن اننا لسنا مستعدين لذلك بعد"
قال ماكس بصوت ممازح قليلاً :"أترين ما أواجهه يا كارمل ؟ لا يسهل ربط هذه الفتاة"
ضحك كل من كارمل و بوب لكن كارى لم تضحك . أغضبتها السهولة التى يخدع بها ماكس الجميع. افترضت أنه عندما يفضان اتفاقهما و يفسخان خطوبتهما المزيفة سيبرع فى الكذب بسهولة كما يفعل الآن , عندئذٍ سيضع الجميع اللوم عليها لأن علاقتهما فشلت.
ربما آن الأوان لزرع بعض بذور الشك فى ذهنى كارمل و بوب حول روعة ماكس الحقيقية فهكذا على الأقل لن يصدما تماماً لدى سماعهما أن الخطوبة قد انتهت....ولن يفترضا تلقائياً أن الذنب ذنبها كلياً!
ــ لا أعتقد أنك منصف تماماً بحقى ماكس .
تكلمت كارى باندفاع من غير أن تكترث إلى الأصوات المنبهة فى داخلها ثم جذبت نفسها مبتعدة عن ذراعه متابعة:"إن سبب عدم تحديد موعد الزفاف ليس خطتى بالكامل . إن اللوم يقع عليك أيضاً فأنت دوماً غارقاً فى عملك . لذا فأنت لا تكف عن تأجيل أمر تحديد الموعد....."
حملقت كارى بـ ماكس و أكملت :"....و أنت تدرك ذلك"
ساد الهدوء لبعض الوقت , فالتفكل من كارمل و بوب باتجاه كارى قلقين
قالت كارى لهما بصوت مرتجف :"إنه يتهمنى بأننى أنا الفتاة المندفعة إلى العمل , وبأننى أتردد بشأن الارتباط . لن أرضى بذلك , لأنه ليس صحيحاً"
فوجئت كارى عندما أكتشفت ان المشارع المهتاجة فى أعماقها حقيقية جداً فظلت محملقة بـ ماكس . صعب عليها أن تستنتج ما الذى ظنه ماكس بدت ملامحه الداكنة هادئة عديمة الإحساس . أما عيناه فحدقتا فى وجهها بحدة وجدية.
تلاشى الغضب داخل كارى بالسرعة نفسها التى تصاعد فيها . تساءلت بغضب ما الذى تفعله بحق السماء؟اندفعت بسرعة :"على أى حال , أنا فقط أردت أن تعلما أن الذنب ليس ذنبى كلياً فى عدم تحديد الموعد بعد. والآن أعذرانى سأخذ مولى لنعود إلى المنزل"
مد ماكس يده فأمسك ذراعها فيما حاولت الالتفاف لتذهب ثم قال فجأة: "كارى, انتظرى ! أنت على حق"
ــ أنا .....أنا على حق ؟
رفعت نظرها نحوه بحذر , متسائلة عما يقوله بحق السماء !
ــ طبعاً أنت كذلك . كنت قلقاً فعلاً بخصوص العمل.
حاولت كارى أن توقف الحديث و تنهيه بسرعة فقالت :"نعم....حسنا! لا يهم الآن"
ــ بالطبع , يهم.
جذبها ماكس لتدنو منه و قد بدا صوته رقيقاً فيما حدقت عيناه إلى عيناها وهو يقول :"سوف نحدد موعداً للزفاف هذا الأسبوع بالذات"
اتسعت عينا كارى بدهشة و صدمة و بالكاد أحست أن كارمل و بوب يصفقان فى الخلفية
ــ هل تدرك ما تقوله ؟
ارتفع صوت كارى بغير ثبات فيما حاولت تنبيهه ليتراجع قبل أن يخطو أعمق فأعمق ثم أكملت :"ماكس هل فكرت بالأمر؟"
ابتسم ماكس قائلاً :"إنه جل ما أفكر به منذ أول لقاء لنا"



Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-11-17, 12:22 PM   #9

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

8 / عاصفة فى الأفق
سبحت كارى على طول بركة السباحة بضربات قوية نشيطة من ذراعيها. لم تستطيع أن تصدق أن ماكس قلب الأمور ضدها بهذه الطريقة. ما عساه كان يفكر؟
بالكاد استطاعتا أن تكلم ماكس خلال ما تبقى من فترة بعد الظهر . وما زاد الأمر سوءاً هو أنه راح يبتسم لها , و كأن كل الأمور رائعة تماماً , كلما ألتقت عيونهما . فكرت كارى أنه يعتبر كل ما يجرى مزحة كبيرة ممتعة . حسناً! إذاً فلينتظر حتى تدعه بمفرده ليكمل هذه الخدعة.
توقفت عن السباحة عندما وصلت إلى حافة المسبح و نظرت من فوق الحافة بحثاً عن ردائها المصنوع من قماش المناشف لتلفه حول جسمها. كانت الشمس قد شارفت على المغيب الآن و آخذ الظلام ينتهك النهار , فصعب عليها أن ترى رداءها بوجود الماء فى عينيها .
فاجأها صوت ماكس على حين غفلة :"أتبحثين عن هذا؟"
رفعت كارى جسمها قليلاً لتلقى نظرة عبر الفناء فرأت ماكس جالساً إلى الطاولة حاملاً رداءها بيديه.
قالت بصوت بارد:"نعم , هذا صحيح . هلا أحضرته لى هنا من فضلك؟"
ـت لِمَ لا تأتين إلى هنا لأخذه بنفسك؟
قال ماكس ذلك بقصد الإغاظة . ما حرك فى أعماقها اضطراباً عنيفاً فتساءلت ما هى اللعبة التى يمارسها الآن؟
قالت بجفاء :"لا تعبث معى الآن ماكس"
قال ماكس بهدوء :"أنت هى من كانت تعبث خلال فترة ما بعد الظهر . وب المناسبة , اهنئك على تلك التمثلية المدهشة"
ــ صه !
نظرت كارى باتجاه المنزل فـ كارمل عرضت خدماتها بأن تحمم مولى و هى برفقتها فى الطابق العلوى الآن. أما بوب فهو يشاهد التلفزيون فى القاعة لكن رغم ذلك فالحذر ضرورى .
ـ لا بأس , فالأبواب المؤدية إلى الفناء مغلقة .
وقف ماكس و سار باتجاه كارى , لكنه توقف على بعد خطوات منها حاملاً الرداء لها و قال يغيظها :"يمكنك أن تخرجى بأمان فلقد تفحصتك عيناى الخارقتان و يمكننى أن أؤكد لك ان شكلك رائع"
قال بغضب :"إنك بغيض لا تحتمل ! أما المجازفة التى قمت بها بعد ظهر اليوم فمخزية حقاً"
و بدأت برفع جسمها لتخرج من بركة السباحة .
ـــ أنت من بدأ بتلك المجازفة .
ابتسم ماكس ابتسامة عريضة ثم تابع قائلاً :"لكنها بدت مدهشة شجار بي حبيبين.....تقنية حذقة أعتقد أن هذا أعطى إحساساً جديداً بالواقعية لعلاقتنا"
قالت كارى و أسنانة مطبقة على بعضها :"لم تكن تلك تقنية "
سألها فيما وصلت إليه :"إذا لم تكن تقنية , فما كانت إذاً ؟"
لم تجب كارى عن سؤاله و عوضاً عن ذلك مدت يدها لتلقط الرداء فقام ماكس بإبعاده عن متناولها لكى يثير حنقها .
طلبت منه بحدة :"ماكس , أعطنى ردائى "
ــ لن أفعل حتى تطلعينى على ما كان يدور فى ذهنك بعد ظهر اليوم.
حملقت كارى بـ ماكس قائلة :"أظن أنك تعرف . كنت أحاول إعادة التوازن بيننا . ألست تدرك أنك كلما لعبت دور السيد الرائع كلما صعب علىّ أمر إخبار كارمل و بوب عن انفصالنا ؟ ألا تدرك هذا ؟ فهما لن يتوقفا عن تذكيرى فى المستقبل بأننى سمحت لأكثر رجال العصر جاذبية بأن ينزلق من بين أصابعى"
ــ أحقاً سيفعلان؟
ابتسم ماكس ابتسامة عريضة و اردف :"حسناً ! أشعر بالإطراء لمعرفة هذا"
قالت كارى بنزق :"يمكنك نزع هذه النظرة عن وجهك ماكس سانتوس . لأننى أعرف الحقيقة....تذكر....فأنت لست سوى مخادغ مزيف"
قال بتكشيرة مغيظة :"هل أخبرك أحد من قبل بأنك تزدادين جمالاً عندما تغضبين؟"
ــ لا تحاول تغير الموضوع ماكس
قالت كارى ذلك محاولة بيأس أن تتمسك بكل الأفكار المنطقية التى تشغل ذهنها , ثم أكملت تقول :"و الآن بفضل الملاحظة التى تفوهت بها بعد ظهر اليوم سيتوجب علينا ابتكار موعد مزيف لزفاف مزيف لكى نرضى كارمل و بوب "
قال ماكس بنبرة لا مبالية :"يمكننا أن نفعل ذلك , لا مشكلة"
ــ إنها مشكلة بالنسبة إلىّ . كان عليك أن تتصرف كرجل نبيل و تتحمل اللوم على تأجيل الزفاف . والآن كارمل و بوب سنزعجان منى عندما أطلعهما أن الموعد بعيد جداً .
ــ سيكون عليهما فقط تقبل أى تاريخ نتختاره لإخبارهما به....
مد يده ملامساً وجهها و رفع ذقنها إلى الأعلى , ما أجبر كارى على النظر إليه فقال :".....لذا كفى عن القلق "
حاولت يائسة التشبث بمشاعر الغضب التى فجرت انفعالها طيلة بعد الظهر . فعندما تكون حانقة على ماكس يسهل عليها تجاهل خيانة جسدها لها فى التجاوب معه . قالت مرتجفة :"لا أعتقد أن ما تقوم به صائب. إنك كذاب بارع ماكس سانتوس . تماماً كزوجى السابق...."
ــ هــــاى !
قاطعها ماكس بخفة و تابع يقول :"تذكرى فقط أنك أنت من بدأت بالأكاذيب , أما أنا فكنت الكفيل بإخراجك من ورطتك....أتذكرين؟"
بدا وقع هذا التذكير ثقيلاً على كارى , فقالت :"نعم لكننى لم أشأ أن تصل الأمور إلى هذا الحد . فعندما التقيتك صدفة فى الفندق ذلك اليوم كنت فى الواقع ذاهبة لأعترف لـ كارمل بالحقيقة "
قال ماكس برقة :"لكنك لم تفعلى ذلك.
تمسكت كارى برأيها بحزم :"كنت أنوى الاعتراف بالحقيقة أما أنت فتغرقنا أكثر فأكثر فى هذه الورطة , لدرجة أنك جعلت بوب و كارمل يصدقان أننا لا نستطيع ردع نفسينا عن ملامسة بعضنا البعض و أن هنالك انجذاب قوى بيننا....."
ــ أليس صحيحاً .....؟
بدت نبرة ماكس مشككة بشكل مغيظ و مجدداً انتقلت عيناه نزولاً لتتأملاها ببطء وقح . فأحست بأنها ضعيفة و حساسة جداً و رغم ذلك فقد شعرت بشوق جامح إليه .
تمتم ماكس :"هيا كارى ! اعترفى . فهذا أمر لا نستطيع أن نكذب بشأنه . هنالك إنجذاب قوى بيننا , وأنت تدركين هذا"
شعرت أن جلدها يخز محذراً فيما انحنى ماكس مقترباً منها . وقبل أن تدرك نواياه أطبقت ذراعاه عليها و عانقها فأثار عناقه الرقيق المحرض فى أعماقها حرارة حارقة .
تحركت مقتربة منه أكثر و لفت ذراعيها حول عنقه غير مبالية بالماء الذى يرشح من ثوبها المبلل على القميص و البنطلون الجينز الذى اللذين يرتديهما .
كانت كارى ترتجف عندما جذب ماكس نفسه مبتعداً عنها , وقام حالاً بلف ردائها حول كتفيها
ــ أنت تشعرين بالبرد
قال ذلك و هو يفرك الرداء المصنوع من قماش المناشف على جسمها , بحركات رشيقة محاولاً إيقاف أرتجافها . لكن كارى لم تكن أبداً تشعر بالبرد, لأن أرتعاشها سببه مشاعرها القوية نحوه.
و اعترفت بصوت أبح :"ربما أن هناك انجذاب بيننا , لكن هذا كل ما فى الأمر . إذا بقينا لفترة معاً ستنطفئ هذه المشاعر فتحرق نفسها بنفسها , و سيموت هذا الانجذاب "
ــ هل تردين ان نجعل علاقتنا حقيقية لنرى إلى أين ستقودنا ؟
تريث السؤال معذباً أعماق كارى برقة فى أجواء المساء الرومانسية . لكن قبل أن تتمكن من الإجابة , انزلقت أبواب الفناء و فُتحت فاندفعت كارى بسرعة بعيدة عن ماكس
ــ آسفة على أزعاكما يا عصفورى الحب ...
ابتسمت كارمل متابعة :"....لكن مولى تريد منك أن تضعيها فى الفراش بنفسك كارى "
ــ نعم بالطبع .
ابتعدت كارى بسرعة شاعرة بالسرور لأنها حظيت بعذر كى لا تجيب عن ذاك السؤال . عقدت الحزام حول رداءها و دخلت مسرعة إلى المنزل .
تطلب الأمر وقتاً طويلاً قبل أن تستقر مولى لتنام . فقد أرادت أن يأتى ماكس ليتلو عليها قصة أخرى. لكن كارى قالت بحزم :"ليس الليلة , مولى . عليك الاكتفاء بى أنا"
بدت الفتاة الصغيرة عابسة و كئيبة ثم شبكت ذراعيها على صدرها و قالت :"لن أذهب إلى النوم"
ثم قالت فجأة بغضب :"و أنا أريد والدى"
وضعت كارى الكتاب جانباً ثم جلست على حافة السرير قائلة :"اعلم أنك تريدينه يا عزيزتى "
ثم لفت ذراعيه حول مولى فحضنتها و جذبتها إلى صدرها :"أعلم هذا "
فجأة فهمت لِمَا تحب مولى رفقة ماكس بهذا القدر . على الرغم من أن كارى طيبة معها لكن مولى تفتقد أيضاً وجود رجل فى حياتها .
قالت كارى برقة و هى تمسد شعر مولى الأجعد بعيداً عن وجهها :"كل شئ سيجرى على ما يرام , مولى . كما أننا ذاهبتان إلى حفلة يوم غد"
ثم أضافت بحماس :"سيكون هناك الكثير من الأطفال . ذلك أمر ممتع , أليس كذلك؟"
أومأت مولى برأسها ثم أسندت ظهرها على الوسادة قائلة :"هلا قرأت لى قصة البومة و القطة؟"
ابتسمت كارى لها :"سأقرأها مرتين....و ربما حتى ثلاث مرات إذا استقرت فى السرير و حاولى أن تنامى"
تعبت كارى من قراءة قصة البومة و القطة لذا انتقلت إلى قراءة بعض القصص الاحتياطية قبل أن تستسلم مولى أخيراً إلى نوم عميق و هى مرهقة تماماً.
نظرت كارى باتجته الكرسى حيث جلس ماكس فى وقت أبكر من هذا النهار, و فكرت أن الأمور بدت بوجوده أفضل نوعاً ما. بعدئذٍ تذكرت عناقه لها بالقرب من حوض السباحة , كم كان شوقهما إلى بعضهما قوياً كم أحرقت المشاعر المتأججة أعماقها .
سوف تستحم ثم ترتدى ملابسها لتناول العشاء و لن تفكر بما يجب أن تفعله , بل ستأخذ الأمور بروية و تسير فيها خطوطة خطوة . إذ يبدو لها أن كل التخطيط الذى تقوم به لا يجدى نفعاً ولا يحدث فلاقاً فى الأمور.
أحضرت كارى معها فستاناً بلون الزبدة الذهبية الباهتة ولترتديه خلال العشاء. إنه فستان بسيط عادى لكنه أنيق و عصرى ذو شرائط متشابكة على ظهره كربائط الأحذية . رفعت شعرها إلى الخلف و ثبتته ببعض المشابك بعيداً عن وجهها . بعدئذٍ اتجهت نحو الباب من دون ان تزعج نفسها بتفقد مظهرها أما المرآة . فقالت لنفسها فيما بعد و هى تنزل إلى الطابق السفلى إن مظهرها غير ذات اهمية الآن .
ما أن استدارت لتتجه نحو القاعة سمعت صوت ماكس فشعرت أن قلبها بدا يدق بإيقاعه السريع المألوف . وما أن دخلت الغرفة :"سألتها كارمل :"هل هدات مولى؟"
ــ نعم, فى النهاية نامت.
ابتسمت كارى و تمنت لو أنها لم تكن مدركة بحدة لعينى ماكس المثبتتين عليها , أضافت :"آمل أننى لم أجعلكم تنتظرونى مطولاً"
قال ماكس :"كــــــلا "
كان يرتدى بنطلون رمادى مع قميص من اللون الرمادىالمائل إلى الفضى كالعادة بدت على ماكس تلك الوسامة الطبعية التى لا يبذل مجهود فى سبيلها فكأن مظهره العصرى الأنيق يأتى بالفطرة معه.
نظرت كارى باتجاه النافذة حيث لفتت انتباهها ومضة برق باهرة
ــ يبدو ان هناك عاصفة رعدية متجهة نحونا.
أدل ماكس بملاحظته بعدما تتبع نظرات كارى مراقباً السماء التى أضيئت عدة مرات بنور متقطع لا, ثم أردف :"أحيانا نحظى بعواصف مذهلة هنا"
قال بوب فيما نهض عن كرسيه لينظر إلى الخارج :"لم أفترض أبداً أنها تمطر كثيراً فى هذه الأرجاء "
ــ إنها لا تمطر كثيراً , لكن عندما تمطر يمكن أن تحدث عواصف مدارية عنيفة .
فجأة سُمع هدير رعد خفيف جعل كارى تجفل خائفة.
ــ أنت بأمان تام هنا, فمازالت العاصفة على بعد أميال .
وصلت مدبرة المنزل فأبلغتهم ان العشاء جاهزاً , فسرت كارى لأنها حظيت بفرصة لتبتعد عن ماكس . لم ترغب لأن يلاحظ ماكس تأثيرها بأقل نظرة و أقل لمسة من جهته . لعل غروره معتاد على النساء اللواتى يقعن عند قدميه لكنها لا ترغب بأن تكون إحدى الخاضعات لسحره الفتاك.
بدت غرفة الطعام رائعة حيث وضعت أربعة أطباق مواجهة لبعضها على طاولة طعام فائقة اللمعان مضاءة بالشموع . أما الأبواب المؤدية إلى الشرفة فبقيت مفتوحة بحيث تُظهر مشد بركة السباحة المضاءة التى تفيض بالماء كذلك بدا منظر العاصفة المنفعلة بإثارة فوق الجبال .
جلس ماكس على المقعد المواجه لـ كارى فنظرت إليه عبر الطاولة و ابتسمت قال لها برقة:"تبدين جميلة جداً الليلة حبيبتى"
ــ شكراً لك.
ابتسمت كارى و حاولت ألا تُظهر أن مجاملته عنت الكثير بالنسبة إليها .
لكنها تعنى الكثير....ليس الكلمات فقط.....بل الأسلوب الذى أستعمله معها . يبدو أن أسلوبه يخترق عميقاً إلى عينيها....إلى داخل روحها .
هبت على غرفة الطعام نسمة هواء دافئة حركت لهيب الشموع فأخذ لهيبها يتراقص مرتعشاً فيتقطع اشتعاله .
قالت لنفسها بحزم أنها بكل بساطة يجب أن ترفض هذه المشارع , هنالك خطر محدق بها إذا ما انتابتها مشاعر شغف تجاه اى رجل...لا سيما إذا كان هذا الرجل كذاباً طليق اللسان كزوجها السابق .
لعل تمتين العلاقة بينهما هى مجرد لعبة بالنسبة إلى ماكس . آه ! نعم . إنه يود معانقتها و لن يتردد فى التمادى أكثر معها إذا ما سنحت له الفرصة , لكن ذلك سيكون مجرداً من أية مشاعر حقيقية من قبله . أما حين يصبح هذا التدبير غير مفيد له سينسحب بهدوء و يرحل بعيداً من غير أن يكلف نفسه حتى النظر إلى الوراء .
حاولت ان تحيد تركيزها بعيداً عن أفكارها العميقة فتنبهت إلى الحديث الجارى حولها. بوب و ماكس كانا يتناقشان حول أوضاع التجارة . كان ماكس يقول بطريقة عابرة :"المنافسة تزداد أكثر فأكثر هذه الأيام و مهارات التسويق شديدة الأهمية لذا أنا مرتاح جداً لوجود كارى معنا كى تنظم لنا الحملة الأعلامية"
ابتسم ماكس لـ كارى عندما التقت عيونهما لوقت قصير.
تذكرت كارى كيف تعمد ماكس التمنع عن توقيع العقد معهم....كيف هدد باللجوء إلى وكالة إعلانية أخرى . هذه وقائع يجب عليها أن تتذكرها بحزم و تبقيها فى ذهنها فقالت :"لكنك أوشكت أن تستغنى عن خدماتنا و تقصد وكالة أخرى"
ابتسم ماكس لهذه الملاحظة ثم قال لها برقة :"أبداً ! ما كنت لأقصد أى مكان آخر كارى "
ــ أتقصد أنك كنت تخادع ؟
ــ بــالــطــبــع !
ثبتت كارى نظرها على تحديق ماكس بها للحظة مطولة و تساءلت إن كانت هذه هى الحقيقة أم أنه يؤدى دوراً مسرحياً ؟
أسند ماكس ظهره على الكرسى بهدوء و بدا مرتاحاً تماماً و هو يقول :"قد يلجا الرجل إلى بعض الخدع , لا سيما لدى مطاردته لامرأة جميلة "
ثم نظر باتجاه بوب مضيفاً :"أليس هذا صحيحاً بوب؟"
ضحك بوب معلقاً :"حتما هو صحيح"
لا شك أن ماكس يلعب دوراً مسرحياً , قالت كارى لنفسها بنزق . لكن عندما عاد و نظر إليها بهذه الطريقة تسلل الشك مجدداً إلى ظنونها فلم تعد واثقة من أى شئ....لم تعد واثقة حتى من أسمها .
تحول الحديث إلى الحياة فى استراليا فيما تم تقديم الطبق الرئيسى للعشاء .
قالت كارمل لـ ماكس :"أنت و كارى عليكما إحضار مولى إلى استراليا لتمضية إجازة عائلية يوماً ما "
ــ نود ذلك بالطبع
نظر ماكس باتجاه كارى مضيفاً :"اليس كذلك حبيبتى ؟"
إجازة عائلية ! بدا وقع الكلمات مرضياً بالنسبة لهم , لكنهم لا يشكلون عائلة و لن يصبحوا عائلة أبداً . ذكرت كارى نفسها بحدة .تدبرت ان تتمتم بشكل ما إشارة بالموافقة .
ــ ذلك لطف منك كارمل .
هدرت العاصفة فى الخارج مقتربة أكثر فأكثر منهم فنظرت كارى باتجاه الشرفة قلقة جزعة . سألها ماكس برقة :"أستنتج انك لا تحبين العواصف الرعدية , أليس كذلك؟"
قالت كارى بسرعة :"أنا لا أخاف منها"
تلاقت عيونهما فابتسمت ابتسامة عريضة و تابعت تقول :"لأكن لنقل الأمر بطريقة أخرى....لو أننى فى منزلى الآن لهرعت لأنزع القوابس الكهربائية كلها "
ابتسم ماكس و قال واعداً :"لا تقلقى ! أنا سأعتنى بك. إذا ما أقتربت العاصفة أكثر سأغرق المكان فى ظلام دامس"نظرت كارى إليه أيضاً و ابتسمت .
دار الحديث بين ماكش و بوب و كارمل حول أفضل وقت لزيارة استراليا خلال السنة لكن يبدو ان كلماتهم كانت تنحرف عن سمع كارى . للحظة بدا لــ كارى كأن كل ما فى الغرفة أصبح غير ذى قيمة و أحست كأنها أضحت وحدها مع ماكس . حتى العاصفة التى تهدر فى الخارج بدت متلاشية فى النسيان
ــ كارى .....؟
بدا لـ كارى كأن صوت أحدهم يصل إلى أذنيها من مكان بعيد جداً
ــ عفواً ؟
نظرت كارى من حولها فوجدت أن مدبرة المنزل قد رفعت الأطباق عن الطاولة ثم أخذت تعرض عليهم القهوة.
ــ آه ! نعم شكراً لك.
ــ كنت فقط أقول أننا أنا و بوب سنعتذر عن شرب القهوة لنقصد الفارش باكراً. إن بوب لم يتعاف بعد من الإرهاق الناتج عن رحلته بالطائرة . كلانا متعبان.
ــ آه كلا , بالطبع لا.
ابتسمت كارمل ابتسامة عريضة ثم ضحكت عندما رأت نظرة الارتباك على وجه كارى , ثم قالت :"فضلاً عن ذلك علينا أن نترككما بمفردكما قليلاً فأنتما ستتزوجان قريباً . متعا نفسيكما يا عصفورى الحب "
ــ حقاً كارمل ....ليس عليكما أن تسرعا بالانصراف لأجلنا .
ارتعبت كارى خجلاً بسبب ما قالته كارمل فلم تجرؤ على النظر إلى ماكس لترى ما الذى استنتجه من هذا الحديث.
ضحكت كارمل ثم دفعت الكرسى مبتعدة عن الطاولة و هى تقول :"كل سهرة تتخطى الساعة العاشرة تعتبر متأخرة بالنسبة إلينا هذه الأيام , لذا , اعذرينا فسوف ننسحب لنرتاح . نشكرك ماكس على هذا النهار الرائع"
قال ماكس بدفء حقيقى :"لا شكر على واجب , أهلاً و سهلاً بكما, فلقد استمتعت برفقتكما كثيراً"
سألتها كارى فيما توجه الزوجان نحو الباب :"هلا تفقدت مولى لأجلى , و أصغيت إليها من خلف الباب ؟"
ابتسمت كارمل لـ كارى مطمئنة :"بالطبع سنفعل , نراك فى الصباح"
ما إن أغلق الباب خلف الزوجين قال ماكس و هو يبتسم ابتسامة عريضة :"قلت لك إن كارمل امرأة عصرية بتفكيرها "
شعرت كارى بحرارتها ترتفع مجدداً , فقالت :"كل ما فى الأمر أنها تتصرف بدبلوماسية تجاهى , لأنها ظنت أنها أحرجتنى"
علق ماكس بنعومة :"على أى حال أعتقد ان الأمور سارت على خير ما يرام هذا المساء"
ــ نعم انهما زوجان ممتعان
ابتسم ماكس ابتسامة عريضة و قد بدا فى عينيه السوداوين بريق إغاظة شريرة و هو يقول :"حقاً....كما إنهما متفهمان جداً "
مدت كارى يدها فتناولت فنجان القهوة و أخذت منه رشفة , آملة أن يعيدها الكافيين إلى رشدها . لكنها ما إن نظرت إلى ماكس الجالس أمامها إلى الطاولة حت خالجتها بإلحاح تلك المشاعر الجامحة التى أحست بها و هى بين ذراعيه .
بدأت الأمطار تتساقط فى الخارج الآن بينما أضاءت سماء الليل بضع ومضات من البرق الساطع . فجأة تبعتها أصوات رعدة هادرة بقيت معلقة فى الهواء و كأنها تنذر بخطر أتٍ .
انحنى ماكس إلى الوراء و سحب قابس الكهرباء للمصباح الموجود خلفه فغرقت الغرفة فى العتمة باستثناء ضوء الشموع الباهت . سألها برقة :"هل هذا أفضل؟"
لم تكن كارى حقاً متأكدة إن كان الظلام قد حسن شعورها . بدا لها أن حلقة أضواء الشموع التى تلفهما أصبحت أكثر حميمية بفعل الظلام المحيط بالغرفة , لكنها تمكنت من أن تبتسم باعتدال قائلة :"نعم.....أفضل بكثير"
ــ إذا رغبت يمكننا حمل قهوتنا و الشموع إلى الصالة حيث يمكننا أن نشعر براحة أكبر.
ــ كلا فالوقت أصبح متأخراً . كانت أمسية ممتعة لكن علىّ أن أذهب إلى النوم.
حاولت أن تدفع كرسيها بعيداً عن الطاولة و هى تقول لنفسها بحزم إنه يجدر بها ألا تتصرف بغباء لكنها وجدت نفسها غير قادرة على التحرك من مكانها. نظرت إلى ماكس بتردد.
ــ أتعلمين أنك تثيرين جنونى منذ اللحظة الأولى التى وقعت عيناى عليك...؟
بدت نبرة ماكس و كأنها تمزق أحاسيسها . وأخذ قلبها يدق بعنف أكبر الآن . قالت بسرعة و كأنها ستتمكن من القضاء على تأجج مشاعرها عبر استحضار الكلمات المنطقية العقلانية :"أنا....أنا أعتقد أن من الخطأ أن نخلط بين الخيال و الواقع...."
مد ماكس يده ممسكاً بيدها عبر الطاولة ثم أخذ يداعب بشرتها بإبهامه .
أرسلت هذه اللمسات الرقيقة همسات من الشوق.
أحست كارى كأن عينى ماكس تنومانها تنويماً مغنطيسياً , بل أنها شعرت بخفة فى رأسها من شدة التوق إليه . انجذبت عيناها إلى عينيه و تذكرت حرارة عناقه.....
سادت لحظة من السكون . لحظة بدأت فيها العاصفة فى الخارج تشتد بقوة فيما أخذ الرعد يهدر بوحشية لا يمكن ترويضها تماماً كخفقات قلبها الصارخة .
أجبرت كارى نفسها على الوقوف بشكل ما فيما وقف ماكس كذلك .
ــ على أى حال, أشكرك على هذه الأمسية الممتعة.
استدار ماكس حول الطاولة ثم أحكم القبضة على ذراعيها ببطء و تأنٍ فرفعت كارى نظرها إليه بتساؤل . عندئذٍ أمال رأسه باتجاهها و عانقها .
بدا صوت الرعد المتوحش هادراً فى الخارج , ما جعل كارى تجفل مذعورة و تندس أكثر فأكثر بـ ماكس طلباً للحماية . قال لها ماكس مطمئناً :"لا بأس....لا تخافى ما دمت معى فأنا لن أتركك"
لفت ذراعيها حول عنقه فيما اقتربت منه أكثر . أحست بالارتياح لذلك الشعور الذى ولدته ذراعاه فيها .
ازداد عناقهما عمقاً , فأخذت الأحاسيس تتسارع فى جسدها بوحشية بعد أن أصبح نفسها متقطعاً و لم تعد قادرة على السيطرة عليه , اندفع ماكس برفق إلى الوراء قائلاً :"سأوصلك إلى غرفتك فى الطابق العلوى"
كان من المفترض أن يُعيد كلام ماكس الهادئ الواثق بعضاً من الحس العقلانى إلى كارى , لكنها ما أن نظرت إلى عينيه حتى أدركت أن آخر أمر تريد فعله الآن هو الابتعاد عنه .
حالوت أن تتمسك بكرامتها فقالت :"آسفة. أنا أخشى الرعد أكثر حين أكون خارج المنزل"
ربت ماكس على كنفها مطمئناً,ثم قال :"ليس عليك أن تخشى شيئاً و أنت معى"
رفعت ذقنها حتى التقت عيناها بعينيه فمد يده ليلامس وجنتيها بأنامله بطريقة جعلت أحاسيسها تضطرب .
أخذ قلبها يهدر بوحشية فيما قبض ماكس على يدها و استدار ليقودها باتجاه الطابق العلوى.
ما أنت و صل ماكس برفقة كارى إلى غرفة نومه مد يده ليضئ مصباح السقف و قبل أن تصل يده إلى مفتاح النور التمع فى الأفق برق قوى أضاء الغرفة بلون ساطع تلاه رعد قوى هادر , فتمسكت به كارى بشدة. شعرت فى تلك اللحظة أن ماكس هو منقذها و ملاذها.
فجأة بدأت تشعر باضطراب شديد . و تساءلت ما الذى يصيبها ؟ هل أختلط الواقع بالخيال فى ذهنها ؟ففى الواقع ترتيبها هذا مع ماكس هو مجرد عقد يتعلق بالعمل , وخطوبتهما ليست سوى مجرد خدعة و هى لم تسمح لنفسها مطلقاً فى حياتها بأن تضعف على هذا النحو فتتعلق برجل ليحميها .
ــ هل أنت على ما يرام؟
استدار ماكس و نظر إليها فأدركت أنها لم تتقدم أية خطوة بعيداً عن الباب
ــ نعم .....لكن الجو حار هنا
شعرت كارى و كأن النيران تهب فى جسدها لكنها لم تعرف إذا ماك كان السبب فى ذلك قربها من ماكس أم الحرارة الواقعية فى الجو . أدار ماكس قابساً كهربياً إلى جانب السرير فبدأت مروحة خشبية معلقة فى السقف بالدوران و رمت باتجاههما لفحات منعشة باردة.
ــ هل هذا أفضل؟
سار باتجاه كارى فشعرت أن نبضات قلبها بدأت بالتسارع مجدداً
ــ نعم.....
بدا صوتها مبحوحاً غير واثق.
ــ يمكننى أن أبقى معك هنا إن كان ذلك يريحك.
اقترب ماكس منها إلى درجة أنها أستطاعت أن تشعر بتنفسه على بشرتها ثم مد يده ملامساً وجهها و عندما تباطأت فى الرد عليه أخذ يمرر رؤوس أنامله بنعومة على بشرتها متتبعاً حدود وجهها الرقيق الذى يبدو على شكل قلب, و على عظمتى خديها المرتعتين , فبدا كأنه يقرأ ملامحها مستخدماً طريقة برايل المخصصة للمكفوفين . بدت لمساته رقيقة كالهمسات , أنستها خوفها من العاصفة فى الخارج.
ــ سوف أنام على الأريكة إلا إذا كنت تفضلين أن نتشارك السرير.
قال ماكس ذلك بنبرة لا تخلو من الإغاظة.
رفعت كارى نظرها باتجاهه مدركة أنه يهتم لأمرها حقاً . فجأة لم يعد الأمر يبدو خاطئاً بالنسبة إليها . وفكرت :لِمَ لا يبقى معها فى الغرفة؟ فذلك سيشعرها بالطمأنينة من جهة و من جهة أخرى سيجعل كارمل تصدق أن علاقتهما حقيقية و متينة.
ــ لا مانع لدى إن أردت النوم على الأريكة.
فى اللحظة التالية بدأ يعانقها برقة قبل أن يغدو عناقه قوياً و جارفاً .
أشتعل الشغف بينهما بوهج من الحرارة الفطرية البدائية و سيطر على كارى أحساس قوى لا يصدق جعل مشاعرها تدور فى دوامة .
ــ ماكس لا يجدر بنا أن نتمادى فى ذلك.
قالت ذلك بصوت استغاثة خافت و بالكاد استطاعت أن تسمع نفسها.
ابتعد عنها ماكس فظنت لوهلة شنيعة أنه يريد الرحيل إلا أنه بادرها قائلاً:"سأنتظرك هنا إلى أن تبدلى ملابسك . يمكنك أستخدام الحمام"
دفعت كارى شعرها الأشقر إلى الخلف و سارت نحو الحمام . كانت قد وضعت ثوب نومها هناك من قبل فلم يستغرقها الأمر كثيراً لتبدل ملابسها و تخرج
ابتسم لها ماكس عندما سارت ببطء نحو السرير ثم حدثها بالإسبانية :"أنت جميلة كارى , جميلة جداً....."
جعلت كلماته معدتها تنقبض . وفيما هى تبعد الستائر عن السرير اقترب منها و عانقها ببطء و بحلاوة معذبة , فأرسل عناقه ارتعاشات حماسية متجاوبة متسارعة فى جسدها تشبه العاصفة الرعدية التى ما زالت تزأر فى الخارج بقوة تصم الآذان.
بعدئذٍ , أبتعد عنها ماكس بلطف مفسحاً لها المجال لتدخل إلى السرير , ثم أغلق الستائر ليدعها تنام بسلام قائلاً :"تصبحين على خير حبيبتى"
ثم توجه إلى الأريكة ليستلقى بدوره و يخلد إلى النوم.
تدفقت خيوط أشعة الشمس المبكرة , متسللة من خلال النوافذ إلى الغرفة,
بينما تردد صوت سكون تام فى الخارج . عادة تسمع كارى فى الصباح هدير زحمة السير البعيدة أما هذا الصباح فيها شعوراً من الارتباك و الانزعاج . هنالك شئ مختلف!
عادت كارى إلى الواقع بسرعة . نظرت إلى الجهة الأخرى من الغرفة فوجدت الأريكة خالية . استقامت فى جلوسها على السرير و نظرت فى أرجاء الغرفة لتجد نفسها وحيدة .
لم تبد كارى ضعفها بهذه السهولة أما أى رجل من قبل, لذا لم تستطيع أن تفهم ما الذى جعلها سريعة التأثر إلى هذا الحد...حتى عندما كانت متزوجة من قبل لم يغمرها أباً ذال الشعور بالشوق المطلق الجارف ....بالرغم من أعتقادها بأنها كانت مغرمة بـ مارتن.
اشتعلت المشاعر فى أعماقها بمجرد إستعادة صورة ماكس فى ذهنها , ما سبب لها مجدداً أحاسيس متسارعة من الشوق و اللهفة إليه ....فتمنت لو أنه بقربها الآن.
نهضت من السرير منزعجة من نفسها . لم تكن ليلة أمس سوى ظرف طارئ بسبب اضطراب مشاعرها بالإضافة إلى الطقس العاصف ....قالت لنفسها إنها لن تعيد التفكير بما حصل . التفت بالرداء و سارت لتلقى نظرة عبر الباب إلى غرفة مولى. كانت الطفلة ما تزال تغط فى النوم , وذلك يمنحها الوقت الكافى لتأخذ حماماً و ترتدى ملابسها قبل أن تستفيق مولى.
توجهت بسرعة إلى الحمام و فتحت صنبور المياه ثم وقفت تحت رشاش الماء القوى . حاولت كارى ألا تفكر بلمسات يدى ماكس عليها مساء الأمس , فيما أخذت تفرك جسدها بالصابون. أدارت وجهها إلى الأعلى باتجاه المياة الدافئة لكى تتدفق على جسمها بأكمله .
لقد استسلمت لمعانقة ماكس ليلة أمس من دون أية تحفظات . لِمَ تراها لم تبق متحفظة بتصرفاتها معه؟
فجأة على حين غرة ظهرت ذكرى احتضان ماكس لها قبل صعودها إلى السرير فاسترجعت ذاك الشعور بالدفء و الرقة و الدلال الكامل الذى أحست به . بدت هذه الصورة أشبة بصدمة كهربائية تجرى فى عروقها . هل هذا الشعور موجود فقط فى مخيلتها؟ ربما ! على أى حال , فـ ماكس أخبرها مسبقاً و بصراحة تامة أنه لا يرغب بعلاقة جدية.
حاولت أن تركز على النهار الذى ينتظرها حيث سيتخلل حفل اليوم التعرف بوالدى ماكس و الادعاء أمامها بانها مجنونة بحب ابنهما . بدت إمكانيات نجاحها فى التمثيل يوم أمس مثبطة للعزيمة , أما اليوم فالأمور تبدو أكثر توتيراً للاعصاب. لم تبرع كارى يوماً بالكذب , فبمجرد أن ينظر الناس إليها سيكتشفون الحقيقة. سوف ينظر الناس إلى وجهها و سيعلمون أنها غارقة بجنون فى حب ماكس. سيعلمون أنه حب قوى و مذهل يصدقه , أكثر من أى شعور خالجها يوماً.
تسللت الحقيقة إلى إدراكها بصورة غير متوقعة و بهدوء , فأجفلها الأمر و تجمدت من الخوف . أوقفت كارى رشاش المياه ثم وقفت للحظة تراجع الكلمات مجدداً .
أنا أحبه....! فكرت بذهول .....أنا حقاً أحب ماكس!
شعرت بالرعب حين أدركت الأمر , خصوصاً أنها لا تعرف النتيجة. إن تلك المعانقات لا تعنى شيئاً لـ ماكس , تماماً كهذه الخطوبة التى لا تهمه . حالما تطبق كارى ما يتعلق بها فى هذه الصفقة و يشعر والداه بالرضى , ستنتهى شراكتها مع ماكس و على الأرجح لن يقابلها مجدداً .
ــ كـــارى !
أحدث صوت ماكس الآتى من غرفة النوم فيضاناً من العواطف و المخاوف المتسارعة فى جسد كارى . كيف عساها تواجهه الآن؟ كيف عساها تخبئ مشاعرها و تبقى غرورها على حاله؟
وصل ماكس بسرعة أمام باب الحمام منادياً :
ــ لن أتأخر أكثر من دقيقة...اوشكت على الانتهاء.
خطت كارى بسرعة خارج حوض الاستحمام و تناولت منشفة لتلفها حول جسدها فيما راحت يداها ترتجفان . فى الواقع كان جسدها بأكمله يرتعش .
ــ أحضرت لك فنجان من القهوة
ــ شكراً. ضعه على الطاولة هناك.
أسندت ظهرها إلى الباب و أغمضت عيناها قائلة:"هاى إذا كنت محظوظاً فقد تلتقى بـ كارمل ما أن تغادر غرفة النوم . عندها ستضيف المزيد من المصداقية إلى خطوبتنا المزيفة"
أجبرت نفسها على أن تبدو جذلة لكن الأمر تطلب منها كا ما تملكه من سيطرة على ذاتها .
بدا ماكس غير مكترث حين قال :"هل ستخرجين لإلقاء تحية الصباح قبل أن أذهب؟"
ترددت كارى فقد علمت أنها ستكون مجبرة على مواجهته فى وقت ما , لكن ليس الآن.
شعرت بالارتياح عندما سمعت وقع خطوات مولى راكضة باتجاه غرفة النوم و هى تنادى :"عمتى كارى ....أين أنت؟"
تناولت كارى بسرعة رداء الاستحمام و فكرت فى مواجهة ماكس بوجود مولى هو أسهل بالطبع . يمكنها أن تختبئ خلف الطفلة , فتدعى عدم المبالاة من خلال الاعتناء بالصغيرة .
تفقدت مظهرها أمام مرآة الحمام . بدا شعرها مبلولاً بالماء مسبلاً بعيداً عن وجهها , فى حين بدت بشرتها شاحبة إلى حد ما . تمن لو أن بحوزتها بعض أدوات التجميل لكنها سرعان ما أصبحت حازمة مع نفسها , إذ لا ييهمها كيف تبدو أمام ماكس . أخذت نفساً عميقاً إذ لا يهمها كيف تبدو أما ماكس . أخذت نفساً عميقاً ثم قطعت أرض الحمام باتجاه الباب .
استطاعت أن تسمع مولى تتحادث مع ماكس فسألته بحماس بالغ :"متى سنذهب إلى الحفلة ؟ هل أصبح الوقت قريباً؟"
قالت كارى فيما خطت خارجة نحو الغرفة :"أنت لم تتناولى فطورك بعد "
كانت مولى واقفة أمام السرير مرتدية بيجامتها الزهرية اللون فيما نظرت إلى ماكس بجدية و هى تكرر سؤالها بإلحاح:"متى سنذهب عمى ماكس؟"
قال ماكس بغير مراوغة :"سوف نذهب متأخرين ... بعد الظهر بعد أن تكونى أخذت قيلولاتك"
جعدت مولى أنفها قائلة :"ذلك وقت بعيد جداً"
ــ كلا ! هذا غير صحيح , فسيأتى موعد ذهابنا من غير أن تشعرى بمرور الوقت .
تواصلت عينا ماكس مع عينى كارى ما إن استدارت . بدا ماكس وسيماً إلى حد غير معقول فى بنطلون من الجينز وقميص زرقاء مفتوحة عن الرقبة.
ــ صباح الخير !
ابتسم ماكس لها ابتسامة متراخية جذابة , جعلت خفقات قلبها تتصاعد أكثر فأكثر.
أشاحت كارى بنظرها بعيداً عنه باتجاه أبنة أختها
وجاء صوتها هادئاً عملياً حين قالت :"هيا , الآن مولى . آن أوان استحمامك. لا تؤخرى العم ماكس أكثر من هذا "
ــ سأرحل إذاً
قال ماكس ذلك و هو يشعث شعر مولى التى بدأت بالاعتراض على أخذ حمامها , فيما تابع يقول لها :"تصرفى بسلوك حسن مع عمتك كارى"
بعدئذٍ سار باتجاه الباب ثم استدار للحظة :"بالمناسبة أخبرت والدى أننا سنصل أبكر بقليل من بقية المدعوين , لأننا نود إبلاغهما بأمر هام"
شعرت كارى أن قلبها يرتطم بعنف بضلوعها , فقالت :"عليك أن تتولى أنت أكبر جزء من الحديث, ماكس . فأنا لا أدرى ما على قوله"
ابتسم ماكس لها قائلاً :"بلى.ستعرفين ما عليك قوله و ستكونين على ما يرام. فى الواقع ستكونين ممتازة , بينما هما سيقعون فى غرامك بجنون فأنت رائعة"
ابتعدت كارى عنه . إنها لا ترغب بأن يقع فى غرامها أى شخص آخر باستثناء ماكس.....


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-11-17, 12:23 PM   #10

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

9 / مــفــاجـــأة الـــحــفـــلــة
وقفت كارى وحدها برفقة مولى على الشرفة . أما ماكس فأوصل بوب و كارمل بسيارته إلى البلدة المجاورة ليستكشفا أسواقها و معالمها . سيعودا بعدئذٍ إلى المنزل مباشرة فـ كارمل و بوب قالا أنهما سيستقلان سيارة أجرة لتوصلهما إلى منزل والدى ماكس حتى يحضرا حفلة بعد الظهر .كل الأمور بدت منظمة و رغم ذلك لم تكن كارى قادرة على الاسترخاء فجل ما يشغل تفكيرها هو اقتراب الوقت أكثر فأكثر من ساعة لقائها بوالدى ماكس حيث ستُعلن خطوبتهما المزيفة على مسامع الحاضرين .
مدت يدها باتجاه مولى فى محاولة لإبعاد الأفكار عن ذهنها ثم اقترحت بمرح :"هيا بنا لنذهب و نتمشى فى المزرعة"
كانت مولى تلعب بهدوء فى الظل لكنها ركضت فى الحال لتمسك يد كارى فسارتا سوياً على الدرب المليئة بالأعشاب.
بدأ الهواء مثقلاً بعبير الليمون الحامض و البرتقال و قد أصبح منعشاً أكثر بسبب الأمطار القوية التى تساقطت ليلة الأمس فيما تساقطت بعض الثمار فوق العشب الطويل على الأرض.
ــ هل يمكننى تناول برتقالة ؟سألت مولى و هى تنحنى لالتقاط واحدة
ــ نعم....لكن دعينا نقطف واحدة عن الشجرة.
بدا الأمر أصعب مما اعتقدت كارى فأخذت تصارع بجهد فى شد الثمرة لكى تسلخها عن الغصن . فى تلك اللحطظة سمعت صوتاً يقول بصرامة :"هناك عقاب شديد للأشخاص اللذين يُقبض عليهم و هم يخربون أشجار الفاكهة فى هذه الأرجاء"
أستدارت كارى فرأت ماكس واقفاً يراقبهما تحت ظلال الأشجار و قد بدا فى ملامحه بصيص مرح يكذب نبرة صوته الجدية
ابتسمت كارى قائلة :"ماكس ! لقد أفزعتنى . لم أتوقع عودتك بهذه السرعة"
ــ حسنا! المسافة ليست بعيدة حتى البلدة المجاورة.
تمشى ماكس باتجاههما ثم ابتسم لـ مولى فرفعت الفتاة نظرها إليه فبدت فى عينيها السوداوين ومضة بريئة تنم عن حب المشاكسة.
ـت هل انت من كانت تخرب أشجارى؟
ــ كلا ... الذنب كله يقع على عمتى كارى .
أخبرته مولى ذلك بنبرة شيطانية فابتسمت كارى قائلة :"شكراً جزيلاً مولى!"
ابتسم ماكس ابتسامة عريضة لـ كارى ثم مد يده ليلتقط لهما البرتقالة عن الشجرة. أهتز الغصن بعنف ما إن أمسك به فتساقطت على رؤوسهم رشة صغيرة من قطرات المطر الماسية التى كانت عالقة على أوراق الشجرة . قهقهت مولى و قد ابتهجت متفاجئة .
ــ أخبرتك أن هناك عقاباً لمن يعبث بالأشجار .
ابتسم ماكس ثم أعطى البرتقالة لـ مولى :"هل أقطف واحدة أخرى؟"
هزت كارى رأسها :"كلا ,واحدة تكفى .أعطينى إياها مولى لأقشرها لك"
ــ يمكننى ان أقوم بذلك
ــ الآنسة مستقلة!
قالت كارى ملاحظتها بمرح لـ ماكس
ــ نعم...أتساءل عمن ورثت تلك الصفة ؟
تشدق ماكس بكلماته لابتسامة بطيئة سببت تسارع نبضات قلب كارى , ثم أسرع ليلحق مولى و هو يقول :"أعطنى تلك البرتقالة و أنا سأقشرها "
ابتسمت كارى عندما رأت أن لعبة نشأت بين ماكس و مولى فقد أخذ يطاردها حول شجرة مدعياً أنه قبض عليها ثم تفات منه
أمتلاءت الأجواء بضحكات الطفلة المسرورة ما أدخل الفرح على قلب كارى أيضاً. مشت باتجاه حائط منخفض يلتف حول البستان فجلست عليه تراقب لعب ماكس و مولى لبعض الوقت.
لم يطل الأمر بـ ماكس حتى جاء و جلس إلى جانبها . قال لـ مولى و قد اقتربت منه تمازحه راغبة فى استمرار لعبتهما :"سأقبض عليك لاحقاً"
أدارت كارى وجهها إلى الأعلى باتجاه الشمس و أغمضت عينيها . ثم وجدت نفسها تفكر حالمة كم سيكون الأمر رائعاً لو كان ما يحصل حقيقياً و ليس مجرد خدعة . إن مولى سعيدة برفقة ماكس....و كذلك هى. بسرعة حاولت كارى أن تحول اتجاه تفكيرها بعيداً عن هذا المعنى الخطير .
ــ هل تظن أن لدى والديك أى فكرة عما سنخبرهما به بعد ظهر اليوم؟
تردد ماكس لبرهة ثم قال :"لا أظن ذلك"
نظرت كارى باتجاهه فابتسم لها ابتسامة عريضة موضحاً :"إن والدى على الأرجح لن يصدق الأمر حتى يرأه بأم عينه"
شعرت كارى بأن توترها العصبى قد تجدد بقفزة مفاجئة .
تمتمت بتوتر :"آمل أن أكون قد أحضرت الملابس المناسبة لارتدائها , فأنا سأرتدى فستانا صيفياً بسيطاً"
قال و هو يلقى نظرات متقطعة إلى البلوزة البيضاء و التنورة الطويلة المليئة برسوم الأزهار اللتين ترتديهما:"يمكنك أن تبقى بثيابك هذه إذا شئت,
و ستبدين ممتازة"
بالرغم من ان صوت ماكس بدا غير مكترث شئ ما فى نظراته جعل كارى تتذكر لمساته . فاجتاحتها فجأة لفحة من الشوق العارم.
ــ أفترض أنك على حق ففى مطلق الأحوال هى مجرد حفلة للأطفال .
أشاحت بنظرها بعيداً بسرعة فيما أردفت :"كل ما فى الأمر أنه يُفترض بى أن اتعرف للمرة الأولى بحمى العتيدين , لذا أرغب أن أبدو مناسبة للدور الذى أمثله"
راقبت كارى مولى و هى تلعب بسعادة تحت الأشجار حيث أخذت تجمع ثمار البرتقال المتساقطة فوق العشب الطويل ثم تقوم بتكديسها على شكل هرم .
قال ماكس واثقاً:"سوف تبدين مناسبة للدور و خصوصاً إذا وضعت هذه...."
نظرت كارى إليه متسائلة وراقبتها فيما أخرج علبة صغيرة من جيب بنطلونه الجينز .فتح العلبة ليكشف عن خاتم خطوبة رائع تتوسطه ماسة مربعة راحت تومض ببريق مشع ما إن أنعكست عليهاأشعة الشمس.
صدمت كارى فتراجعت إلى الوراء و لم تعد تعلم ما تقوله . رفعت نظرها عن الخاتم باتجاه عينى ماكس الذى سألها برقة :"هل يعجبك؟"
قالت كارى فيما هو يخرج الخاتم من العلبة :"إنه رائع!"
ــ هل ستشرفيننى بوضع هذا الخاتم لأجلى؟
شعرت كارى بقليها ينزلق بعنف لدى سماعها صوته الأبح . مد ماكس يده ممسكاً بيدها ثم جعل الخاتم ينساب على إصبعها برقة و تصميم . فأحست أن لمسة يده لبشرتها و هو يضع الخاتم برقة فى إصبعها , قد أرسلت فى جسمها ارتعاشة حادة أخترقتها مباشرة فى الصميم.
قال و هو ممسك بيدها :"إنه واسع قليلاً . سيكون عليك أن تأخذيه إلى الصائغ لكى يضيقه لك قليلاً ,لكنه سيفى بالغرض لبعد ظهر اليوم"
ــ إذا قمت بتضيقه لن يكون من السهل إرجاعه إلى المتجر.
قالت كارى ذلك و هى تحاول يائسة أن تبدو باردة و هادئة . لكن الحقيقة هى أنها شعرت بعكس ذلك تماماً . إذا أخذ قلبها يدق بنبضات متسارعة فيما غاصت فى بحر من العواطف المتشابكة. إنها ترغب بأن يكون الأمر واقعياً....إنها ترغب بـ ماكس بيأس و قوة شديدين إلى حد الألم.
قال ماكس و هو يرفع نظره باتجاه كارى :"لا أريد إرجاعه إلى المتجر, أريدك أن تحتفظى به"
ــ أحقاً ؟
بدا لها كأن قلبها توقف عن الخفقان لدقيقة من الوقت . لاحظ ماكس كيف أصبح لون عينيها داكناً , فتحولت إلى زرقة تشبه لون السماء فى الليل , كما لاحظ ان لون بشرتها قد شحب لبعض الوقت . ذكرها وقد بدت فى نبرته حدة جافة :"لا تقلقى , إنه فقط ادعاء و تمثيل . لن أُلزمك بأى شئ"
ــ أعلم ذلك
قال ماكس مفلتاً يدها :"جيد إذاً,نحن متفاهمان"
أومأت كارى موافقة :"تــــمـــامــــاً"
سادت لحظة من السكون بينهما . أدعت أثناءها كارى أنها مستغرقة فى مشاهدة مولى و هى تلعب, لكنها فى الواقع كانت مدركة بحدة لكل نظرة و كل حركة يقوم بها ماكس .
كان هذا الأخير ينظر إليها عن كثب فتساءلت ما عساه يفكر . تمنت لو أنه يدعها بمفردها لبعض الوقت فهى بحاجة لاستجماع شتات نفسها , ونسيان أمنياتها الخيالية بأن تتحول هذه الخطوبة فجأة إلى أمر حقيقى غير مزيف . تمنت أن ينظر إليها ماكس بعينين ملؤهما الحب الحقيقى.
نظرت إلى خاتم الخطوبة فى إصبعها و قالت:"إذاً سوف نلتزم بالواقع قدر الإمكان بعد ظهر اليوم فقد التقينا فى الطائرة و نحن عائدان من رحلة عمل...."
أومأ ماكس موافقاً:"نعم....يمكننا أن نقول حتى إنه كان حباً من النظرة الأولى"
قالت بابتسامة ساخرة :"هذا سيعجب والدتك و سوف يذكرها بلقائها بوالدك"
ابتسم ماكس لها فى المقابل فعادت تسأله :"ماذا سنقول إذا ما سألنا أحدهم منذ متى نعرف بعضنا؟"
ما إن أنهت سؤالها حتى نظرت بعيداً عن عينيه مجدداً .
ــ فى الواقع يمكننا أن نقول أننا التقينا منذ حوالى شهرين و نصف . فأنا أسافر بأنتظام من و إلى برشلونة منذ ذلك الحين.
أومأت كارى ثم قالت :"وما الذى ستقوله حينما يسألوننا عن موعد الزفاف؟"
ـت سنخبرهم ما قلناها من قبل لـ كارمل و بوب فنحن بصدد تحديد ذلك ةهذا الأسبوع.
راقبها و هى تعبث بخاتمها فأخذت تحركه حول إصبعها و تسبحه صعوداً ونزولاً فجأة مد ماكس يده فقبض على يدها و دفع الخاتم بحزم إلى مكانه ثم قال له برقة :"عليك توخى الحذر"
ــ بالطبع سأنتبه له.
حالما لمس ماكس يدها غرقت مشاعرها فى فوضى عارمة . أما هو فتابع يقول :"لا أريدك أن تفقديه قبل الحفلة"
نظرت كارى نزولاً باتجاه الماسة و قالت :"أظن أنه....فقط خاتم مزيف. أليس كذلك؟"
ابتسم ماكس نصف ابتسامة ملتوية و أجاب :"بالطبع أنه خاتم مزيف لخطوبة مزيفة"
أومأت كارى برأسها فهذا تماماً ما توقعته . لكن رغم ذلك عندما نظرت نزولاً باتجاه الخاتم لم تستطيع منع نفسها من التفكير كم يبدو حقيقياً . إنه مميز بروعته!
تمتمت :"أنه تقليد ممتاز جداً"
هب ماكس واقفاً عن الجدار و هو يقول :"إذا كنت لا تمانعين على أن أذهب لأنهى بعض الأعمال قبل موعد انطلاقنا إلى الحفلة"
ــ كلا , لا أمانع.
غطت كارى وجهها بيدها لتبعد نور الشمس الساطع عندما نظرت إلى الأعلى باتجاهه.
ــ آهـ ! أفترض أن على إبلاغك ان ناتاشا قد تأتى إلى الحفلة بعد ظهر اليوم
أضاف ماكس ذلك بشكل عابر , و كأنها فكرة ثانوية لا أهمية لها.
حدقت كارى بـ ماكس وقد بدت خائفة و سألته :"ناتاشا..! أى خطيبتك السابقة؟"
قال ساخراً :"إنها المرأة الوحيدة الذى أعرفها بأسم ناتاشا"
ــ حسناً..! لِمَ هى آتية إلى الحفلة؟
ــ إن والديها يملكان كروم العنب المجاورة كما أنهما صديقان مقربان من والدى.و بما أنها عادت لتقيم فى برشلونة فوالدتى دعتها مع زوجها إريك .
أنها فقط دعوة بداعى المجاملة.
ــ إذاً فقد لا يحضران؟
تمهل ماكس قبل أن يجيب :"أعتقد أنهما سيفعلان لهذا السبب أنا أطلعك على الأمر مسبقاً"
ــ أرى ذلك.
تمنت كارى لو ان بمقدورها رؤية التعبير البادى على وجه ماكس لكنه كان يقف بحيث يواجه ظهره الشمس فأصبح وجهه فى الظل . سألته :"هل ستنزعج من حضورها؟"
ــ كلا فقط حصل الأمر قبل ما يزيد عن أربع سنوات.
مرر ماكس أصابع يده من خلال شعره و قد بدا شارداً فأحست كارى فجأة أنه لا يرغب فى التحدث عن الموضوع. أما هى فترغب بالتحدث عن الأمر. أنها ترغب فى معرفة ما حصل تماماً. أرادت أن تعرف كل التفاصيل الصغيرة عن علاقتهما , مهما كانت الواقائع مزعجة . سألته برقة :"هل أنتهت قصتك معها؟"
قال ماكس بنبرة حاسمة :"كارى هذا الأمر حصل فى الماضى و أفضل ألا أمر عليه مجدداً . ولأكون صادقاً معك أنا أحاول نسيان الأمر"
إنه (يحاول)نسيان الأمر . لو تخطى فعلاً موضوع ناتاشا أما كان عليه أن يقول أنه (نسى) الأمر؟
تابع ماكس يقول بفظاظة :"على أى حال , إنها سعيدة جداً الآن لذا لا داعى لأن تقلقى فلن تتعرضى لردات فعل مزعجة من قبلها فى الحفلة . أنها ليست من هذا النوع من النساء يمكننى أن أقول بصراحى إنها إحدى ألطف الأشخاص اللذين أعرفهم ... سوف تعجبك"
شككت كارى بالأمر فقد بدا واضحاً بالنسبة إليها أن ماكس يتخبط فى مشاعره ي\تجاه تلك المرأة . لكن قبل أن تتمكن من قول أى شئ آخر قاطعتها مولى :"أنظر, عمى ماكس كم برتقالة وجدت!"
نظر ماكس باتجاه الهرم المبنى بعناية و قال مبتسماً :"يا للروعة ! لقد اشتغلت بكد"
سألت مولى بجدية :"هل ستأتى وتلعب معى الآن ؟"
ربض ماكس بحيث صارت عيناه بمستوى نظر مولى و قال لها:"لا أستطيع الآن مولى فلدى بعض العمل لأنجزه , لكننا سوف نقضى وقتاً ممتعاً خلال الحفلة بعد ظهر اليوم , ما رأيك بذلك؟"

أومأت مولى برأسها موافقة . فشعث شعرها الأجعد بحرارة قائلاً :"إنك فتاة مطيعة .أراك لاحقاً"
استندت مولى إلى الحائط ثم راقبته مع كارى فيما سار مبتعداً عنها باتجاه الفيلا . قالت مولى بسرور :"أننى أنتظر الحفلة بفارغ الصبر"
المسافة بين الفيلا الخاصة بـ ماكس و منزل والديه لم يستغرق سوى رحلة قصيرة بالسيارة .
أخذت مولى تثرثر بلا انقطاع فى المقعد الخلفى للسيارة فطرحت على ماكس السؤال تلو السؤال عن الحفلة . فقد سيطر عليها حماس كبير لدرجة أنها بالكاد استطاعت الجلوس بهدوء فى مكانها.
ابتسم ماكس فيما خرج من السيارة عن الطريق الرئيسية باتجاه طريق فرعية مؤدية إلى منزل ريفى كبير مطلى بالكلس الأبيض و قال لها :"لقد وصلنا مولى"
سألته مولى :"أهذا هو المكان الذى أقمت فيه عندما كنت صغيراً؟"
ــ نعم , هذا صحيح.
ــ إلى أية مدرسة كنت تذهب ؟
ــ كنت أقصد المدرسة التى يقصدها أبن و أبنة أختى الآن . إنها فى البلدة المجاورة.
فكرت كارى أن ماكس كان محظوظاً بأن تعيش طفولته فى مكان كهذا . فقد لاحظت كيف استقر البناء ذو السقف القرميدى الأحمر فى أحضان الوادى بحيث أحاطت به المنحدرات المزروعة بأشجار من جهة و من الجهة الأخرى التفت حوله نهر يجرى بشكل أفعوانى نزولاً من الجبال . بدا المشهد رائعاً يستحق التصوير , إذا ظهر المنزل و كانه جزءمن هذا المنظر الطبيعى الخام بل كأنه تواجد فى هذا الموقع منذ البداية.
ركن ماكس سيارته بالقرب من شاحنة بيك أب تحت ظلال شجرة نخيل ضخمة و قال لـ كارى فيما خرج من السيارة إلى دفء أجواء ما بعد الظهر:
يبدو أننا أول الواصلين لذا سنحصل على اهتمام والدى بأكمله "
تمنت كارى فجأة أن يصل كل من كارمل و بوب فى سيارة أجرة , فيرفعان بعضاً من التركيز عنها .راقبت مولى التى ركضت حالاً أمامهما لتجلس على الشرفة و تمسد وبر الهرة التى تجلس هناك
نظر ماكس باتجاهها و كأنه يستمتع بتوترها و قال :"استرخى....ستكونين على ما يرام"
غمغمت كارى متذمرة بغضب:"ما هو الأمر المضحك؟"
ابتسم ماكس و تابع يقول :"أنت تبدين مضحكة. أراهن أنك لا تشعرين بمثل هذا التوتر لدى تعاملك مع عقود عمل بارزة فى مهنتك؟"
عبست كارى فـ ماكس محق إنها لا تحتد و لا تتوتر فى عملها
ــ هذا أمر مختلف
ــ أهو مختلف حقاً؟
توقف ماكس و مد يده فأمسك بيدها و جذبها نحوه لتواجهه ثم سألها برقة :"ما المختلف فى هذا الأمر؟"
ــ حسناً.....!
تمهلت كارى و قد أدركت فجأة ما يصبو ماكس إليه . بدأ الأمر واضحاً بالنسبة إليه . إن ما جرى بينهما هو مجرد اتفاقية عمل و هذا هو سبب برود أعصابه و هدوئه . لكن الأوان قد فات فهى قامت بما لا يُغتفر : انجرفت فى هذا الادعاء و صدقت ما ليس حقيقة . هى فى الواقع تهتم بما يفعلانه فلا عجب إذاً أن ينظر ماكس إليها بعينين متسائلتين . صرخت بانزعاج :"حسناً...! أنا لست مجبرة على الكذب عندما أقوم بعقود عمل , ماكس أعتقد أن هذا فرق واضح جداً"
ــ أنت تعملين فى مجال الإعلان , كارى لذا أنت تعرفين كيف تجملين الحقيقة . لقد أخبرتنى ذلك بنفسك فى المرة الأولى التى التقينا فيها...إذا كنت تذكرين؟
ــ أنا لم أقل ذلك
ــ بل فعلت.
وضع يده تحت ذقنها , فأجبرها على الاستمرار فى النظر إليه.
ــ قلت إنك لست مجبرة على الأيمان بالشئ حتى تسوقى له.
ــ كنت أتحدث عن المنتجات الاستهلاكية
ــ حسناً ! إذا أعتبرى نفسك واجباً دعائياً تقومين به و سوقى نفسك.
ابتسم ةماكس ابتسامة ملتوية و أضاف:"لن تضطرى إلى بذل مجهود كبير فأنت تتمتعين بمواصفات رائعة...."
راقب كيف توردت بشرتها بلون أحمر زهرى فمد يده و أمسك بيدها ثم أدار خاتم الماس حتى يواجه النور قبل أن يضيف :"جل ما عليك أن تفعليه هو الابتسام فالجميع سوف يحبونك"
فكرت كارى أن الجميع سيحبونها باستثناء ماكس فيما شعرت بقلبها يثقل صدرها . إن ماكس هو الشخص الوحيد الذى تنشد حبه و ها هو الآن واقف يتحدث إليها ببرودة بحتة عن شراكتهما و كانها عقد عمل , ومع ذلك فهى تتشوق للاقتراب منه و الاحساس بذراعيه تضمانها.
كرهت كارى نفسها بسبب ضعفها فقد استغرقها وقت طويل لتتمكن التغلب على الأذى الذى ألحقه بها مارتين . وكانت مصممة بشدة على ألا تدع أى شخص يشعرها أنها قابلة للأذى مجدداً...و الآن هاهى , بعد مرور سنوات على طلاقها و قد عاد قلبها ليسير على النهج السابق نفسه.
التفت كل من ماكس و كارى لدى سماعهما صوت سيارة تتوقف أمام المنزل فقال ماكس :"إنها شقيقتى فيكتوريا"
ثم عاد و نظر إلى كارى متابعاً :"وصلت فى الوقت المناسب لتسمع ما سنعلنه"
www.xxxxxx.com/vb3/f752
كم رغبت كارى بأن تهرب بعيداً عن ماكس و أن تطالب بالعودة إلى المنزل و ان تقول له إنها غيرت رأيها . لكنها لم تقدر.
ــ مرحباً ماكس
نادت فيكتوريا باتجاههما بحماس . ساعدت بعدها التوأمين على النزول من المقعد الخلفى للاندروفر ثم هرعت نحوهما فيما أخذ شعرها الأسود اللماع المربوط على شكل ذيل حصانيتمايل خلفها .
فيكتوريا هى امرأة جذابة فى أواخر العشرينيات من عمرها جسدها نحيل و صغير الحجم و هى ترتدى فستان أبيض اللون , راح ينثنى حول جسدها و هى تمشى ما زارد من سحر أنوثتها . ابتسمت لـ ماكس قائلة :"وصلتما باكراً . آمل أن تكونا قد أتيتما لمعاونة مانويل على الطهو"
تملك فيكتوريا العينين السوداوين نفسيهما كشقيقها ماكس و هما تشعان ببريق من الدفء و الحماس . لاحظت كارى ذلك فيما وصلت لتقبل ماكس على كلا الخدين .
قال ماكس و هو يضحك :"آهـ بالطبع..! لن تكون حفلة عائلية ناجحة إن لم أقم بإحراق بعض شرائح اللحم على الشواية"
مد ماكس يده فجذب كارى لتقترب منه قائلاً:"كارى أود أن أقدم لك شقيقتى فيكى"
اقتربت الفتاة فقبلت كارى على كلا الخدين قائلة بنبرة دافئة :"يسرنى لقاؤك. سمعت مسبقاً كل ما يتعلق بك"
ــ أحقاً؟
نظرت كارى متفاجئة باتجاه ماكس.
ــ لا ! ليس منه . بل من ناقلة الأخبار , إستيل.
ضحكت فيكتوريا ثم نظرت وراء كارى حيث نزلت مولى الدرج و وقفت خلف كارى.
ــ هذه مولى
قالت كارى هذا و هى تحاول جذب الطفلة إلى الأمام , لكن مولى ظلت تختبئ بعناد خلفها . قالت لها كارى برقة :"انظرى ها هما بيلا و إيميليو عليك أن تتمنى لهما عيد ميلاد سعيد"
استرقت مولى النظر من خلف كارى باتجاه الطفلين لكن يبدو انها فجأة صُعقت. فصممت من شدة الحياء.
ــ عيد ميلاد سعيد
ابتسمت كارى للطفلين الرائعين فـ بيلا كانت ترتدى فستان أصفر باهت اللون فيما ارتدى إيميليو بنطلوناً من الجينز مع قميص قطنية أنيقة .
قال ماكس:"بحوزتنا هديتان لعيد ميلادكما فى المقعد الخلفى للسيارة"
أنطلق التوأمان بأسئلة حماسية لخالهما , كى يعرفا ما أحضره لهما . تقدمت مولى إلى الأمام و قد نسيت حياءها فجأة فراقبت الطفلين و هما يقفزان حول ماكس بفارغ الصبر.
ابتسم ماكس و نظر باتجاهها قائلاً:"هيا ! قومى بإرشاد بيلا و إيميليو إلى مكان هديتهما فى السيارة مولى أنهما فى المقعد الخلفى"
ركض الأطفال حالاً باتجاه سيارة ماكس و كأنهم يعرفون بعضهم منذ سنوات . أما مولى فبدت شديدة الثقة بأهمية نفسها لأنها على علم بمحتوى الهديتين المغلفتين بالأوراق اتلذهبية
ــ يبدو أن الهدوء و السكينة لن يستمرا طويلاً.
ابتسمت فيكتوريا ثم أكملت :"أنا فقط آمل أن يحافظا على نظافة ثيابهما على الأقل حتى يصل بعض الأشخاص الآخرين....."
شردت فكتوريا عن حديثهما إذ لاحظت فجأة خاتم الخطوبة فى يد كارى. فنظرت إليه متسائلة ثم نظرت باتجاه ماكس :"هل هذا.....؟أنتما لستما....؟"
ابتسم ماكس قائلاً :"نعم. كنا فى طريقنا إلى الداخل لتبليغ والدى بالخبر السعيد"
أطلقت فيكتوريا صرخة حماس :"لا يمكننى أن أصدق أنكما و قفتما هناك تثرثران عن هديتى الطفلين...علينا أن ندخل إلى المنزل ...آهـ ! تهانئنا ..."
سأرعت إلى تقبيل كارى ثم أندفعت مطوقة ماكس بذراعيها بحيث كادت فرحتها توازى سرور الأطفال منذ لحظات . بعدئذٍ أضافت :"هذا أمر رائع! ماكس.. الجميع سوف يشعرون بالإثارة عندما يعلمون"
وجدت كارى نفسها تصعد إلى المنزل و تدخل الباب الأمامى فقد جذبتها فيكتوريا بحماسها نوعاً ما .
بدا المكان مظلماً فى الداخل , لذا تراءى لـ كارى انطباع مبهم عن رواق جميل تكسو أرضيته حصيرة من نبات السمّار . أما غرفة الجلوس الفسيحة الواسعة فزُينت بقطع أثرية من خشب الصنوبر و فُرشت بمقاعد وثيرة .
أخذت فيكتوريا تقود كارى عبر غرف المنزل و هى تعدو بخطوات سريعة فلم تتوقف للحظة حتى خرجوا إلى شرفة تطل على النهر و الوادى .
مانويل زوج فيكتوريا كان فى الخارج يشعل النار فى الشواية بينما وقفت امرأة فى حوالى الستين من عمرها تقطع الخضار على المنضدة قربه . قالت فيكتوريا و هى تقدم لها كارى بتباه :"ماما . هناك أخبار رائعة! لن تحزروا أبداً...."
استدارت المرأة فلاحظت كارى أنها امرأة قصيرة القامة جذابة جداً ذات شعر أسود يتخلله بعض اللون الفضى عند الصدغين . توجهت المرأة نحوها بسرعة فيما خلعت مريول المطبخ الذى كانت ترتدية فوق فستانها .
ــ لقد خطب ماكس ! هذه كارى ,ماما..كنتك العتيدة.
لم يكن من داع لأن تقلق كارى حول ما عليها أن تقوله . إذ بدأ الجميع يتحدثون فجأة فى الوقت نفسه . أصيبت الوادة بالذهول فقامت بمعانقة كارى, ثم أندفعت واضعة ذراعيها حول ماكس .
شعرت أن شيئاً ما تغير فيم مؤخراً.. علمت أن هنالك ما يجرى .. لقد بدوت غاية فى السعادة ! أنا مسرورة جداً لكليكما . أين والدك ماكس ؟ يجب أن يكون هنا!
سرعان ما ظهر والد ماكس عند الباب فأُبلغ بالخبر السعيد .
لاحظت كارى أن ماكس يشبه والده بشكل كبير فهو طويل القامة قوى البنية أما شعره فلا يزال كثيفاً غامقاً اللون . ماكس مشككاً ما إن سمع الخبر , ثم سأله :"هل ستستقر هنا....أم أنك ستعود للإقامة فى سيفيل ؟"
قال له ماكس بثبات :"سأتخلى عن وظيفتى فى سيفيل يا أبى و سأجعل منزلى هنا . أخبرتك بذلك الأسبوع الفائت"
ــ نعم, لقد أخبرتنى. لكننى فى الأسبوع الفائت لم أر ما الذى تغير لتبدل رأيك و ترغب فى البقاء هنا.
نظر والد ماكس إلى كارى و ابتسم قائلاً :"لكننى أفهم الآن"
ثم توجه نحوها و عانقها فشعرت أنها مغمورة بدفء و حرارة عواطف العائلة من كل صوب.
بعد لحظات فُتح الباب فوصل العديد من أقارب ماكس الآخرين . وبعد فترة قصيرة ضاعت فى بحر من الأسماء التى جاهدت و هى تحاول تذكرها
ركضت مولى إلى الداخل برفقة بيلا و إيميليو فرفعها ماكس بسرعة بين ذراعيه و هى مارة بقربه ثم أخذها ليقدمها إلى أمه و أبيه
راقبت كارى عبر الغرفة المكتظة والدة ماكس التى وضعت الطفلة على ركبتها و بدأت تحدثها . بدأ ان مولى تغلبت على نوبة الحياء التى سيطرت عليها منذ قليل , لأنها كانت منسجمة فى الحديث بسعهادة و سرور .
وصل كل من بوب و كارمل إلى الحفلة فأستأذنت كارى من الحشد المحيط بها لتذهب و تستقبلهما . لكن خلال الوقت الذى استغرقته لتقطع الفناء باتجاههما كان ماكس قد قدمهما إلى والديه و اندمج الجميع فى حديث عميق معاً. قالت كارمل برقة و هى تمسك بيد كارى لتنظر إلى الخاتم :"آهـ ! ها أنت تضعين خاتم الخطوبة. إنه جميل جداً عزيزتى. أنا سعيدة جداً لأجلك "
قالت والدة ماكس و الابتسامة تعل وجهها :"سيكون علينا أن نزوج هذين الاثنين بسرعة كارمل قبل أن تعودى أنت و بوب إلى دياركما "
ــ نحن نرغب بذلك كثيراً
قالت كارمل ذلك ثم جلست على المقعد إلى جانبها و هى تتابع كلامها :"أنهما يشكلان ثنائياً رائعاً . أليس كذلك؟"
أينما تحركت كطارى فى أرجاء الغرفة , كانت تسمع الناس يهنئونها بحرارة و يتمنون لهما السعادة . آه ليتهم يعلمون ! فكرت كارى فيما نظرت إلى حيث ماكس مندمج فى حديث عميق مع والده . إن كل ما يجرى بينهما هو مجرد مهزلة و تمثيل.....
رأت عبر الفناء أن إستيل و زوجها امبروزيو قد وصلا. تواصلت عينا كارى بعينا إستيل عبر الغرفة, شعرت كارى كان هذه المرأة تقول لها:"قد تخدعين جميع الموجودين فى هذه الغرفة . لكنك لن تخدعينى أنا . أننى أعرف الحقيقة"
أشاحت بنظرها بسرعة بعيداً عن إستيل و تذكرت أن فيكتوريا أشارت أنها ناقلة الأخبار . لكن حتى أستيل لا يمكنها أن تعرف الحقيقة . أم أنها تعرفها؟!
نظرت باتجاه ماكس فلاحظت أنه بالكاد يركز على حديث والده فقد لفتت انتباهه امرأة تقف بالقرب من مدخل الفناءء . لم تكن كارى بحاجة لأن يخبرها أحد أن هذه المرأة هى ناتاشا...فالنظرة المرتسمة على وجه ماكس أخبرتها ذلك بوضوح تام.


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:09 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.