آخر 10 مشاركات
عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )           »          دجى الهوى (61) -ج1 من سلسلة دجى الهوى- للرائعة: Marah samį [مميزة] *كاملة* (الكاتـب : Märäĥ sämį - )           »          56 - الندم - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          شيءٌ من الرحيل و بعضٌ من الحنين (الكاتـب : ظِل السحاب - )           »          لا تتحديني (165) للكاتبة: Angela Bissell(ج2 من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )           »          سحر التميمة (3) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          رحلة امل *مميزة*,*مكتملة* (الكاتـب : maroska - )           »          السر الغامض (9) للكاتبة: Diana Hamilton *كاملة+روابط* (الكاتـب : بحر الندى - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات عبير العام > روايات عبير المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-01-12, 10:46 PM   #1

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
:jded: 178 - قيد الوفاء - سارة كريفن - روايات عبير القديمة(كامله)**


178 - قيد الوفاء - سارة كريفن - روايات عبير القديمة

الملخص

وجدت كريستينا نفسها بلا بيت ، بلا اقارب ، بلا مهنه وبلا مال كخشبة طافية على وجه الماء في بحر هائج، لذلك وافقت بلا تردد على عرض صديقة عمتها بالسفر معها الى جزر البهاماس كمرافقة وسكرتيرة ، وهناك تحاول السيده براندون تزويج كريستينا من حفيدها ثيو لتضمن له الميراث .
الا أن ديفلين ابن شقيقتها يكتشف لعبة خالته وما تنطوي عليه خاصة أنه الوريث الحقيقي واعتقاده بأنها تحب ثيو يمنعه من الاعلان عن عواطفه او الدفاع عن حقوقه.
كريستينا الوحيدة ، الضعيفة تخفي حقيقه مشاعرها إتجاه ديفلين وتنساق لرغبات صديقة عمتها السيده براندون التي ساعدتها في احلك ظروفها.
ولكن القدر يأبى ان يقع الظلم على قلبين عاشقين فيتدخل في اللحظات الاخيره.



محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 19-06-16 الساعة 12:32 AM
أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-12, 01:27 PM   #2

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

يللا من اليوم رح بلّش بكتابة الرواية

أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-12, 04:33 PM   #3

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

1-القدر الغامض


" والان ، المجموعة الرابعة والثلاثون ! تمثالان صغيران ، سيداتي وسادتي ، من يحب أن يعرض سعرا ؟".
وتحولت نبرة بائع المزاد العلني الى همس خافت عندما أغلقت كريستينا وراءها باب غرفة الطعام بهدوء ، ومشت بخطى بطيئة عبر الممر الضيق المؤدي الى مدخل البيت الصغير الخلفي.
لقد إرتكبت خطأ فادحا في البقاء لحضور المزاد العلني ، إنها تدرك ذلك الان ، حذّرها السيد فريث من مغبة تجربة كهذه ، تجربة مشاهدة محتويات منزلها معروضة للبيع ، وهي التي الفتها طوال ستة أعوام ألفة حميمة ، يا ليتها اصغت اليه وتوارت عن الأنظار ، ولكن عاطفتها كانت أقوى من ان تقاوم ، غمرها شوق خفي لأقتناص فرصة لشراء ولو قطعة صغيرة من تحف عرابتها ، لتحتفظ بها كذكرى سعادة غابرة.
ولكن جاءت الأسعار المعروضة لشراء الآنية الصينية ، وقطع الأثاث والتحف الأخرى لتذكرها بمدى إفلاسها.
كم ستفرح عائلة ويبستر بنتيجة المزاد ، راتهم يجلسون في آخر الغرفة ، يتبادلون إبتسامات الظفر ، كان كل شيء بالنسبة اليهم يسير على ما يرام ، ولا يفيدها الآن إقناع نفسها بحقهم الشرعي في التصرف هكذا ، لم يدعوا فرصة تفوتهم إلا وشددوا على حقهم البديهي ، وهي تعرف أنها لا تملك أي حقوق من الناحية القانونية ، ولا علاقة للمثل الأخلاقية في مثل هذه الأمور.
مشت بكآبة الى المطبخ الخلفي ، كان ، كبقية البيت ، خاويا من كل قطعة قابلة لبيع ، وبدت خزانة الحائط الكبيرة كالحة ، مهجورة ، لا اثر للآنية الزخرفية والنحاسية على رفوفها.
توجهت الى المغسلة ، وفتحت صنبور الماء البارد ، ورشفت من راحتيها لتطفىء عطشها ، ثم مسحت جبينها بقطرات منعشة.
كانت لا تزال عاجزة عن إستيعاب التغيير المفاجىء في حياتها واوضاعها ، وعرفت أن عليها التفكير في المستقبل ، ورسم خطة ما ، تماما مثلما اخبرها السيد فريث عدة مرات ، ولكن كيف ؟ بدا لها أنها كانت تعيش في سعادة منحتها إياها العمة غريس ، تلك المرأة الحنونة والمستبدة في آن معا ، والتي رعتها بنية حسنة بعد ان أصبحت يتيمة كافضل عرابة ، ولكنها لم تساندها في اللحظة الحاسمة من حياتها.
ولكن ، وكما أشارت فيفيان وبستر باسلوبها المتعالي ، ما الذي كانت تتوقعه من إمرأة لا تربطها بها صلة قرابة ودم ؟ وكانت هذه عبارة السيدة وبستر المفضلة ، مع تجنبها الإقتراب من العمة غريس عندما كانت حية ، او الإهتمام بها وبصحتها.
ولم تكن العمة غريس ، في أي حال ، بسيطة العقل ، كانت تعرف مدى إعتماد إبنة اختها عليها ، وتركت كل شيء في وصيتها لفيفيان ويبستر ، ولم تذكر كريستينا بخير أو شر ، وهي التي لازمتها طوال حياتها ، وتولت امور البيت الصغير وساعدت عرابتها في كل أعمالها الخيرية ، وذكّرت نفسها انها لم تكن تطمع في الحصول على شيء ، العمة غريس هي التي أصرت دائما على توفير كل ما تحتاج اليه كريستينا في حالة حدوث شيء طارىء لها ، مع انها لم تحدد ما الذي تعنيه بذلك ، ورددت كل هذا على مسامعها مرة تلو الأخرى ، خاصة عندما كانت تقترح كريستينا حصولها على مؤهلات لمهنة لائقة، فتعترض عليها .
وطالما سمعت الآنسة غرانثم وهو اللأسم الأول لعمتها تقول :
" لا حاجة الى المؤهلات يا عزيزتي ، أعدك أنه لن يعوزك شيء ، وسوف أولي عناية خاصة لهذه المسألة ، لا تقلقي".
وها هي كريستينا الآن تجد نفسها بدون عمل أو أي ضمان آخر ومحرومة من الجلوس في بتها القديم ، والتفكير بالمستقبل بروية ، تنهدت باسى ونظرت من النافذة محدّقة في حديقة الخضار الصغيرة حيث صرفت مع العمة غريس ساعات طويلة من العمل المضني الى ان سقطت صريعة مرض عضال.
علت وجهها إبتسامة عابرة وهي تفكر في نشر إعلان صحفي يعلن عن مواهبها الخاصة :
" فتاة كفؤة ، في التاسعة عشرة من عمرها ، تملك خبرة محدودة في طهي الطعام ، وزرع الخضار ، والضرب على الآلة الكاتبة ، ورعاية المرضى ...".
بدا لها أن اللائحة طويلة لا تنتهي ، ولكن لا بد لها من الإقرار بعجزها عن إتقان اية مهنة ، وهل يوجد شخص آهر يرضى بخدماتها مثل العمة غريس ؟ راودتها شكوك كثيرة .
لقد وجدت نفسها تعيش فجأة مع عرابتها عندما تعرضت والدتها لنوبة قلبية ، بعد ان فقدت زوجها ، وكريستينا لا تزال طفلة صغيرة.
وواظبت كريستينا على الذهاب الى مدرستها ،مدركة ان عمتها غريس هي التي تدفع رسوم التعليم ، كما كانت تفعل منذ البداية.
وما ان بلغت سن السادسة عشرة حتى طلبت منها العمة غريس التوقف عن الدراسة ، وملازمتها في البيت ، فتخلت عن متابعة الدراسة وخضعت للأمر الواقع ، وهي لا تنكر مدى راحتها في العيش مع عرابتها ، والسكن ضمن أجواء قرية جميلة كانت عمتها احد وجوهها البارزة.
وبذلت جهدا خاصا لأيجاد رايطة ودية بينها وبين عمتها القاسية ، وذات الاراء المتزمتة ، فقد كانت ضد تحرر المرأة ، بأي شكل من الأشكال ، وترى ان كل إمرأة تحتاج الى رجل ليرعاها ويحميها من ( عوادي الزمان ) بدون أن تحدد ما الذي تعنيه تماما.
ووجدت عمتها من يرعاها في شخص السيد فريث ، محامي العائلة ، والذي كانت تتقيّد بآرائه حول أية مسألة ، بإستثناء مستقبل كريستينا كما يبدو ، وماتت بدون زواج أو أولاد ، وما أن شيّعوها الى مثواها الاخير حتى تقدم السيد فريث من كريستينا ليبدي اسفه وعجزه عن إقناع عمتها لتغيير وصيتها لتشملها ولو على نحو متواضع.


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-12, 10:00 PM   #4

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي



قال لكريستينا بلوعة :
" تظاهرت بعدم سماعي ، وانت تعرفين اسلوبها المعهود في هذه الأمور".
لم تجد كريستينا تفسيرا معقولا لتصرف عمتها ، اما السيدة ويبستر فهي لا تعرف معنى الشهامة وسماحة النفس ، كان همها الوحيد التخلص من كريستينا بأسرع وقت ممكن ، وبدون إظهار أدنى إهتمام بمستقبل فتاة سهرت الليالي للإعتناء بعمتها ، إن عليها الان الإعتماد على نفسها وفق مفاهيم السيدة ويبستر ، ولتحمد ربها على بقائها مدة طويلة تعيش بالمجان حياة مرفهة هنيئة ، وهي كما تدل تصرفاتها لا تبدي أي إهتمام بالبيت الصغير او محتوياته ، فهي لا ترغب في التخلي عن لندن والإنتقال الى الريف ، لم تكن السيدة ويبستر مهتمة بأكثر من تحويل أرثها الى عملة صعبة ، وبأقصى سرعة.
كانت كريستينا تتمنى أن تحتفظ عائلة ويبستر بالبيت الصغير ، لقضاء عطلة نهاية الأسبوع ، وإستخدامها لترعى شؤونه أثناء غيابهم ، وخابت كل آمالها ، كما رفضت السيدة ويبستر ان تساعدها في إيجاد عمل مماثل ، وإكتفت بذكر بعض مكاتب التوظيف.
أما السيد فريث وزوجته فكانا كريمي الأخلاق ،ووعداها بإعطاء توصيات ملائمة عندما يحين الوقت ، وذهبا ال
حد دعوتها للسكن معهما ، ساعة يأتي دور البيت الصغير لطرحه في المزاد العلني ، لكن كريستينا لم تقبل عرضهما ، إعتقدت أن وجهة نظر عائلة ويبستر اكثر عملية لجهة ضرورة تولي أمورها بنفسها ، ودخول معترك الحياة قبل فوات الآوان ، ثمة مجالات كثيرة خارج هذه القرية الصغيرة ، وعليها أن تبحث عنها.
وقررت أن إتخاذ الخطوة الأولى هي أصعب مرحلة في أي عمل ، وكانت خطوتها الأولى إستئجار غرفة في فندق القرية الوحيد ، مع إدراكها انها ستكون تدبيرا مؤقتا ، فهي لا تملك إلا النذر القليل من الدراهم، وستحتاج صاحبة الفندق السيدة ترثنون لكل غرفة لإستقبال السياح مع تقدم فصل الصيف .
وظلت كريستينا تفكر في عمتها ، وتلك الفرص التي كانت تقتنصها لعقد قرانها ، كلما سنحت الظروف ، وإلتقت بشاب ، ومع ذلك ، لم يستقر رايها على أحد ، وهي تعرف انها تتمتع بقدر معين من الجمال ، وفقا لمرىتها التي يتراءى فيها شعرها الشقر الطويل وتموّج عينيها الخضراوين .
ومنذ وفاة عمتها ، إتضح لها أن عدم زواجها يعود الى إدراك معظم عائلات القرية لوضعها الإجتماعي وتواضع إمكانياتها المادية ، وهي عائلات غنية في معظمها نتوقع مصاهرة من هم بمستوى قريب من مستوياتهم.
شعرت بالألم وهي تفكر في هذا الأمر ، وقررت طرد شبحه من ذهنها ، القت نظرة على ساعة يدها ، كان المزاد العلني مستمرا ، ففكرت ان تتوارى عن الأنظار ، فهي لا ترغب في لقاء عائلة ويبستر مرة أخرى ، والإصغاء الى الإستفسار عن مدى نجاحها في إيجاد عمل ، تنهدت بحسرة ، هذه هي الحقيقة المرة فهي حتى الان تقدمت بطلبات عديدة للعمل ، وبدون فائدة .
علاوة على ذلك ، يبدو نهارها مملا ، طويلا ، فلتركب القطار الى لندن ، وتتصل ببعض مكاتب التزظيف التي ذكرتها السيدة ويبستر ، إنها الآن وحيدة، وعليها شق طريقها بنفسها ، ومهما كانت الصعاب .
ألقت نظرة أخيرة مليئة بالحزن على المكان والحديقة ، وإستدارت نحو الباب ، ثم إكتشفت انها لم تكن وحدها ، وإنطلقت صرخة تعجب من فمها ، وتراءى لها أن الإمرأة الواقفة أمامها ، كانت تراقبها منذ فترة طويلة .
لم تكن إمرأة طويلة ، ولكنها قوية الشخصية ترتدي ملابس متقنة ، وتتكىء على عصا دقيقة الصنع ، مرهفة كالسيف.
نادتها الإمرأة بإسم عائلتها ، وبصوت هادىء خفيض ، يرطن بلكنة أجنبية :
" الآنسة بينت؟".
ترددت كريستينا ، ثم اجابت :
" نعم ، ولكن للأسف الشديد لا أعرف....".
إبتسمت المرأة بتمهل ، كاشفة عن أسنانها البيضاء السوية :
" كما تقولين ، لم يسبق لنا التعارف ،ولكن اؤكد لك ، يا آنسة انني لا اعتبرك إنسانة غريبة ، ويخامرني شعور بان صداقتنا قديمة ومتينة ".
إعترت كريستينا الدهشة ، فتابعت المرأة :
" إسمحي لي بتوضيح ما اقصد ، أنا مرسيل براندون ، يا ىنسة ، الم تحدثك عمتك عني أبدا ؟".
وقالت كريستينا بصراحة :
" لا ، ابدا .... هل ... هل كنت إحدى صديقاتها؟".
وجدت صعوبة في تصديقها ، كانت عمتها إمرأة إنكليزية خالصة ، لم تغادر أرض بريطانيا في حياتها ، على ما تذكر كريستينا ، ويستحيل ان تكون اقامت أي نوع من العلاقة مع هذه المخلوقة الغريبة الأطوار.
هزت الإمرأة راسها :
" كنا في المدرسة معا، وكذلك اختي مادلين ، لم تذكر عمتك شيئا عنها كذلك؟".
بلعت كريستينا ريقها :
" كلا ، لا أظن انها اتت على ذكر ايام دراستها ن بدا لي دائما ان لا اصدقاء لها خارج هذه القرية هنا "".
" يصح ما تقولين في الفترة الخيرة من حياتها مع ذلك كنا نتبادل الرسائل لسنوات عديدة ، وتلقيت ىخر رسالة منها منذ ثمانية عشر شهرا ".
صمتت قليلا ثم ما لبثت ان قالت :
" آسفة لعجزي عن الوقوف على قدمي مدة طويلة ، ولا ارى أثرا للكراسي...".
أجابت كريستينا بحسرة :
" إنك على حق ، عن كل شيء معروض للبيع ".
" إذن ، ربما تعرفين مكانا آخر حيث يمكننا التحدث والجلوس ، وحيث لا توجد ذكريات مؤلمة ؟".
فكرت كريستينا قليلا ، لم تجد أي مبرر لرغبة صديقة عمتها القديمة هذه في التحدث اليها ، سوى مجرد إشفاقها عليها ، وتعزيتها في مصابها ، ولكنها لم تقتنع بهذا التفسير ، لاحظت أنها إمراة هادئة الطباع ، جدية الملامح ، ويستحيل ان تهدر وقتها في إبداء عواطف لا معنى لها ، وتساءلت عن عدم حضورها الماتم ، ومجيئها الآن عوّض ذلك ، وعمن أخبرها بوفاة العمة غريس في المقام الأول ، لقد تولت هي بنفسها مهمة إبلاغ النبأ المؤسف الى اصدقاء العمةغريس ومعارفها ، وتعرف جيدا انها لم تكتب الى احد يدعى براندون ، وبما ان السيدة براندون حضرت المزاد العلني لأنها ارادت هي الأخرى شراء آخر تذكار عن صديقتها ، ولكن لا يبدو أن عملا كهذا يتلاءم مع شخصيتها.


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-01-12, 10:31 PM   #5

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

( ولكن ما دهاني ؟ ) خاطبت كريستينا نفسها ( لم اتعرف عليها إلا منذ لحظة قصيرة ، ولا يجوز ان انظر اليها هكذا منذ اللقاء الأول ) إبتسمت تطمئنها :
" يمكننا الذهاب الى فندق السيدة ثرثنون".
وهتفت زائرتها :
" إنها فكرة رائعة ، وربما تمكنا من إحتساء القهوة أيضا ".
إعتذرت كريستينا :
" لست متاكدة ، ولكن يتوفر لديها الشاي بدون شك ".
وهكذا كان ، جلستا في غرفة الإستقبال تحتسيان الشاي ، مع بعض أقراص الحلوى ، ولاحظت كريستينا ان مرسيل براندون ترشف فنجانها بشق النفس ، ولا تلمس أقراص الحلوى ، وبدت أنها ليست في عجلة من أمرها لخرق جدار الصمت الذي إنتصب بينهما ، ظنت كريستينا انها تحلّق بعيدا عنها ، غارقة في تفكير مزعج بعض الشيء ، ثم لامت نفسها على خيالها الجامح ، الم تكن هذه المراة صديقة عرابتها الحميمة، ومن الطبيعي ان تشعر بالإنقباض؟
تنحنحت قائلة :
" كنت تحبين عمتي كثيرا ، يا سيدة ؟".
وأخذت السيدة براندون تستعيد كامل ذاكرتها ، رفعت حاجبا بأناقة تلقائية :
" طبعا يا عزيزتي وإلا لما كنت هنا".
توردت وجنتا كريستينا قليلا ، ثم إستجمعت قواها :
" لا ... إعذريني يا سيدة ، ولكنني لا افهم سبب مجيئك ال هنا ، اعتقد .... اعتقد ... ان هذا الأمر لا يعنيني ، ولكن ...".
تلقت السيدة براندون كلماتها برحابة صدر :
" عل العكس تماما ، أنا اتيت من اجل رؤيتك ، تلقيت رسالة من عمتك عندما احست بمدى خطورة مرضها ، الم تذكر ذلك امامك ؟كلا ، لا أتوقع منها هذا ، كانت قلقة على مستقبلك بعد وفاتها ، وادركت ان أي ترتيب مادي تضعه في وصيتها سوف ينتهي الى التنازع في المحاكم ،وسيكون ذلك مكلفا ومزعجا لك ، إن إبنة اخيها كانت تكرهك ، ولما تورعت عن إتهامك بممارسة ضغط مجحف على عمتك لو أورثتك كما كانت ترغب".
قالت كريستينا مطرقة الراس :
" إن السيدة ويبستر لا تحبني ، مع أنني لم اجتمع بها إلا لماما ، ولم تهتم بالعمة غريس عندما كانت على قيد الحياة ".
" انت ما زلت في مقتبل العمر يا عزيزتي ، كريستينا اليس كذلك ؟ وما زلت لا تدركين الحياة بمعناها الحقيقي".
ردت كريستينا بحدة، وهي تعض شفتها:
" إذا كانت الحياة كما تصورها عائلة ويبستر ، فأنا لا اريد فهمها ".
ضحكت السيدة براندون ، وإستلقت الى الوراء في كرسيها ، ثم قالت بلهجة ساخرة:
" حسنا ، أنا فخورة بجرأتك ، إنك شاحبة بعض الشيء ، ولم اتوقع ... ( ثم غيّرت مجرى الحديث ) اخبريني يا عزيزتي عن مشاريعك ، لا يمكنك كما اعتقد التفكير في البقاء هنا ؟".
هزت كريستينا راسها :
" لا ، طبعا ، هذه مسالة غير واردة ، حتى ولو اردت البقاء ، عليّ البحث عن عمل ".
" عظيم ، عظيم، هل تفكرين بعمل محدد ؟".
ترددت كريستينا برهة عزّ عليها الإعتراف بالحقيقة ، فتابعت السيدة براندون :
" إذا كان الجواب كلا ، فانا لدي مشروع ، إنني ابحث عن سكرتيرة وزميلة ، وأعتقد أنك مناسبة تماما ، إذا رغبت في العمل ".
وضعت كريستينا فنجان الشاي على الصينية بيد مرتجفة ، وقالت بهدوء :
" إنها بادرة طيبة منك يا سيدة ، ولكن انا متأكدة من الحصول على عمل ما هنا ، انا ... انا لا احتاج الى الصدقة أو الإحسان ، مهما كانت النية حسنة ".
" هل تظنين أنني اتصدق عليك ؟ إذن أنت لا تعرفينني جيدا ، أنا لا أعيل أحدا مجانا ، إنني اعاني من لتهاب المفاصل ، كما لاحظت ، ولا أتحمل الألم بصبر ورباطة جاش ، فانا حادة الطبع ، ثم هناك العزلة ، فنحن لا نتمتع باساليب الترفيه والتسلية مثلما تفعلين أنت وسواك من الجيل الجديد ".
لم تتمالك كريستينا من إطلاق إبتسامة باهتة :
" لا تخافي فانا لا انتمي الى الجيل الجديد ، تقولين أنك تعيشين في منزل معزول يا سيدة ؟ اين تسكنين ؟ هل تعيشين في فرنسا إذ ...".
هزت السيدة براندو ن براسها :
" لم تطأ قدماي ارض فرنسا مرة واحدة ، ولدت مثل اختي مادلين في المارتينيك بجزر الهند الغربية ، وذهبت انا وأختي الى مدرسة للراهبات في انكلترا ، وهناك تعرفت على عمتك ، وعندما تزوجت ، عشت في سانت فيكتوار ، وهي جزيرة أخرى ، ولكنها أصغر من جزيرة المارتينيك ، وتقع تحت سيطرة بريطانيا ، وكان زوجي في الواقع يملك معظم الجزيرة ، وما زالت عائلتنا تعيش في ارك إينجل".
اضاء الفضول وجه كريستينا :
" يا له من إسم مثير يطلق على منزل ! ارك إينجل : الملاك الحارس".
" نعم ، وقصته مثيرة ايضا ، إنه ليس مجرد منزل ، بل يضم ايضا مزرعة ، ولا تزال الجزيرة فيكتوار تحتفظ بجمالها الطبيعي الأصيل ، لأن معظمها أملاك خاصة بخلاف الأماكن الاخرى التي إمتدت اليها ايادي المقاولين ، ستولعين كثيرا بذلك المكان ".
بلعت كريستينا ريقها ، محاولة العودة الى ارض الواقع ، إنها لا تكاد تصدق ما يجري ! هل يتم عرض عمل عليها في جزيرة كاريبية وهو ما لم تكن تحلم به ؟ ولكن ظل صوت عقلها يكبح جماحها ، سالتها:
لماذا انا بالضبط ؟ لا بد أن هناك المئات من الفتيات اكثر كفاءة مني ؟".
ردت السيدة براندون :
" لا ، إنك تبالغين كثيرا ، كما قلت لك الجزيرة نائية جدا ، ولا تتوفر فيها تسهيلات عديدة مغرية كما يتوقع البعض ، فنحن نعيش حياة هادئة ، وبسيطة ، وأؤكد لك أنها ليست محط أنظار السياح ، واحذرك أنه توجد سلسلة صخور شاهقة محفوفة بالمخاطر تحيط بالشواطىء ، وعندما تهب العواصف غالبا ما ننقطع عن العالم الخارجي لأسابيع طويلة، تعلمنا الإعتماد على أنفسنا ، لأنه لا يوجد حل آخر ".


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-01-12, 11:52 PM   #6

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي



إستطردت كريستينا مرتابة :
" لا أكاد أصدق ما يجري ، ولا افهم سبب إختياري أنا بالذات ، وأنت علاوة على ذلك ، لا تعرفين عني إلا الأمور السطحية".
قالت السيدة براندون:
" أعرف عنك ما يكفي ،وأعرف من رسائل عمتك أنها كانت تحبك كثيرا ، وهل تغيرين رأيك لو قلت لك ان اغلى امنية لديها كان إصرارها على إنضمامك الي؟".
صاحت كريستينا بإمتعاض :
" كلا ، او ربما ليس كما تظنين ، إن ما تقومين به هو عمل إحسان ، وأنا لا اريد ذلك ، علي أن أتعلم كيف أكون مستقلة ، إنها بادرة طيبة منك ، واعرف ان العمة غريس لا تريد لي إلا الخير ، ولكن لا احب أن أفرض نفسي بطريقة غير لائقة".
قطبت السيدة براندون حاجبيها:
" ما هذا الهراء يا إبنتي ؟ أنت تخلطين الأمور ، أنت التي سيؤدي عمل خير وإحسان ، انا احتاج الى فتاة تمور حياة مثلك ، وإطمئني لن أدعك ترتاحين لحظة واحدة ، وستقومين بخدمات لا يضاهيها مرتبك ، إنني أمراة أنانية متقدمة في السن ولا أحب صحبة العوانس اللواتي يثرثرن طوال النهار حول ماضيهن وذكرياتهم الغابرة".
جلست كريستينا صامتة ، يضج راسها بالف سؤال ، إن ما تعرضه السيدة براندون بالغ الإغراء ، ولا سبيل الى رفضه ، مع ذلك ، وفي الوقت نفسه ، صدها كبرياؤها عن قبول هذا الأسلوب في معاملتها وكأنها سلعة تتخاطفها ايدي العجائز ، أهذا ما كانت ترتبه لها عمتها قبل وفاتها ؟ يا للإهانة وهي تلمس عدم ثقة احد بها لشق طريقها بنفسها !
مع ذلك لا تستطيع ان تنكر أنها لو رأت إعلانا عن عمل كهذا في مكان ما لما ترددت في تقديم طلب للحصول عليه ، ولاحت في مخيلتها الرمال الفضية واشجار النخيل والأمواج المزبدة ، المتهادية ، كأن عصا سحرية حققت حلم حياتها ، ولكن السيدة براندون بشعرها الأملس البيض واسلوبها المتعالي ، فكرت كريستينا ، لا علاقة لها بعرابة خرافية.
قطعت السيدة براندون حبل أفكارها :
" أنك تشغلين بالك بدون مبرر ، هل يلائمك اكثر لو قلت لك أنك ستكونين تحت التجربة اولا ، لمدة شهر تقريبا ، ومن الأفضل لو إعتبرت زيارتك مجرد إجازة ، أعرف أنك عانيت كثيرا مؤخرا، ولا يحق لي الضغط عليك الى أن ترتاحي قليلا ، ماذا تقولين؟".
إحتارت كريستينا ، ثم تنهدت قائلة :
" ماذا يمكنني ان اقول يا سيدة، أنت لطيفة كثيرا ، ولا تتركين امامي أي مجال للرفض ، لا أعرف كيف أشكرك ".
مدت يدها لإلتقاط عصاها ، شاعرة بالم طفيف ، وقالت تطمئنها :
" سافكر بطريقة مرضية ، إذن إتفقنا ، تقضين بضعة أسابيع تتمتعين بنور الشمس ، ثم نقرر شيئا أكثر ثباتا".
نهضت ببطء وحذر على قدميها ، ثم لاحظت كريستينا وهي تهم بمساعدتها ، فصاحت :
" هذا هو الدرس الأول يا عزيزتي ، لا يهمني ان يساعدني احد ، ساعود الى لندن الآن ، ولكن قبل ذلك سأدفع حسابك مع السيدة ثرثتون ، وتفضلي بحزم أمتعتك هذا المساء إستعدادا للإنضمام الي في الصباح ، وقبل الساعة العاشرة، وأشد ما أكره هو عدم المحافظة على المواعيد".
قالت كريستينا :
" ولكنني قادرة على دفع حسابي ، ما زال معي بعض النقود ...".
وتوقفت عن الكلام يخالجها قلق مفاجىء ، عن الأمور تسير بسرعة عجيبة حتى عمتها غريس لم تتعاملها بهذا الأسلوب الحازم ، الأرستقراطي ، وكأنها مجرد دمية تحركها اصابع السيدة براندون بخفة وبدون عناء.
خاطبتها بلهجة باهتة:
" إحتفظي بالنقود لنفسك ، أو إشتري بعض الملابس الصيفية الخفيفة ، إن ما ترتدينه يلائم منطقة القطب الشمالي ، اكثر من المناطق الإستوائية الحارة ، إختاري ملابس قطنية ، وإشتري ثوب سباحة أيضا ".
إزدادت حيرة كريستينا :
" ولكن لم تذكري لي شيئا عن الحفلات قرب الشاطىء".
أخجلتها السيدة براندون بجوابها :
" لن تكون هناك حفلات ، ولكن الشطآن موجودة ،ولا بد من الإستفادة منها ، وأتوقع أنك تعلمت السباحة في المدرسة ، وىمل ان تعتبري ارك إينجل كمنزلك أنت ، وليس كسجن يأسرك ( ثم ردت تعليماتها السابقة وهي تلاحظ إضطراب كريستينا ) إحتفظي بنقودك ، إسمحي لي ان اؤدي هذه الخدمة لك تعبيرا عن حبي لعمتك ".
ولم يعد يليق بكريستينا رفض طلب كهذا ،وإلا اثبتت مدى تبلد احاسيسها.
صحبت السيدة براندون الى الخارج ، والى أن ركبت في سيارة الأجرة المنتظرة ، وحاولت ان تلوح لها بيدها مودعة ، لكن المرأة العجوز لم تلتفت الى الوراء أو تبادر الى وداعها ، فارخت كريستينا يدها ، تشعر بحماقتها.
عادت ببطء الى الفندق ، تكاد لا تصدق ما جرى أمامها منذ دقائق معدودة ، ها هي حياتها إنقلبت رأسا على عقب ، وتبدل كل وضعها فاصيبت بالدوار.
تجاهلت كريستينا صاحبة الفندق ، وفضولها المعهود واسئلتها المتكررة ، وتحذيراتها من الثقة باي شخص غريب لا تعرفه ، لكنها ظلت تراودها الشكوك ، فقررت الذهاب لرؤية السيد فريث ، لا بد ان يكون في المزاد العلني ، وهو خير من يطلعها عل حقيقة السيدة براندون.
ما أن وصلت حتى كان المزاد قد إنتهى ، ورات السيارات تغادر المكان ، ركضت كريستينا مسرعة ، وها هو السيد فريث يقف قرب سيارة ويبستر لألقاء تحية الوداع ، ترددت قليلا ، ثم لمحته يومىء لتتقدم نحوه ، فلم تجد مناصا من الأقتراب منه ، إبتسم متسائلا :
" أين كنت يا عزيزتي ؟كيف إختفيت فجاة؟".
فكرت كريستينا مليا ، لم تكن ترغب في مناقشة التطورات التي إستجدت في حياتها وعلى مسمع من عائلة ويبستر ، فإكتفت بإبتسامة باهتة ، وغمغمت كلمات غير مسموعة ، آملة أن تقلع سيارتهم ،وتمضي في سبيلها.
ولكن فيفيان ويبستر مدت برأسها من النافذة ، وحملقت في كريستينا بعجرفة، وأستفسرت :
" هل تريدين شيئا ؟".
" أردت التحدث الى السيد فريث".
صمتت فيفيان لبرهة ثم قالت :
" تذكري أن وقته باهظ الثمن ، لا تتوقعي من رجل محترف ، صاحب مهنة كالسيد فريث ، تقديم خدماته اليك بدون مقابل الى الأبد ".
إستدارت كريستينا صوب السيد فريث ، ووجهها يشتعل غيظا :
" انا آسفة ، لم يخطر في بالي...".
وامسك فريث بيدها مقاطعا ، وقال يطمئنها :
" ولم يخطر في بالي انا ايضا ، كيف يمكنني مساعدتك يا كريستينا؟".
هزت برأسها ، محاولة الإنسحاب:
" لا يهم ، لا يهم ، كل ما كنت أريد معرفته....".
وصاحت فيفيان ويبستر بغضب :
" بالله عليك ! إذا كان لديك ما تقولينه ، فهيا ولنضع حدا لهذه المهزلة ! ".
حاولت كريستينا تجاهلها ، وسالت فريث :
" هل سبق للعمة غريس أن أتت على ذكر السيدة براندون امامك ؟".
وقبل أن يجيب ، اقحمت فيفيان نفسها :
" عائلة براندون ؟ طبعا اتت على ذكر العائلة ، ذهبت الى المدرسة مع الزوجتين ، كانتا أختين وتزوجتا اخين ، إنها قصة عاطفية حقا ، لماذا تسالين ؟".
لم تجد كريستينا مهربا من الجواب :
" لأن السيدة براندون في انكلترا الآن وعرضت علي عملا ".
ردت فيفيان ببرودة :
" لا افهم معنى تصرفها هذا ، أنت لا تعنين لها شيئا ، هل كتبت لها متوسلة لإيوائك ؟ أتمنى انك لم تفعلي ذلك يا كريستينا ، إنه عمل ذليل".
قالت كريستينا متحدية :
" لا ، ليس كما تتصورين ، لم أعرف بوجودها حتى هذا اليوم ، يبدو أن عمتي غريس كتبت اليها عندما فاجاها المرض".
أعلنت فيفيان :
" أن وجودها هنا امر بالغ الغرابة ، هل حضرت المزاد العلني ؟".
" لا اعتقد ".
قال السيد فريث بصوت هادىء :
" ما هو نوع العمل الذي عرضته عليك ؟ إن إسمها مالوف جدا لدي ، وأعرف علاقتها بعمتك ، ولكن لم اتصور أن الآنسة غريس كانت تنوي الإتصال بها نيابة عنك ، لا بد من القول ان وجودها نعمة فائقة في هذه الأحوال".
قاطعته فيفيان ثانية :
" لا افهم معنى النعمة هذه ، ولا أرى ضرورة لطلب مساعدة الأغراب"
إحتفظت كريستينا برباطة جأشها ، وأطرقت براسها صامتة ، ثم سمعت محرك السيارة يدور إستعدادا للإقلاع ، تنفست الصعداء ، إن عائلة ويبستر تتوارى عن انظارها ، والى أجل غير مسمى ,
طمأنها
السيد فريث مجددا ، وأكد لها مدى إهتمامه بمستقبلها :
" لا تجزعي ، إنها خطوة في الإتجاه الصحيح ،توكلي على الله ، ولا تصغي الى الأقاويل ، واريدك أن تتصلي بي دائما إذا ما تعرضت لأية مصاعب ، إن عمتك اوصتني بك أيضا ".
ثم صعد الى سيارته ، ومضى في سبيله .
استدارت كريستينا ، وبدأت تسير في طريق العودة الى الفندق ، ظلت مشوشة العقل ، مضطربة القلب ، لا تدري ما الذي تخبئه لها الأقدار الغامضة.





التعديل الأخير تم بواسطة أمل بيضون ; 13-01-12 الساعة 12:08 AM
أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-01-12, 10:33 PM   #7

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

2- تحذير العراف

فتحت كريستينا مصراعي شباك غرفتها ، وخرجت الى الشرفة تستنشق الهواء المنعش ، وتتمتع بحرارة الشمس الدافئة ، وأخذت تراقب الفناء الداخلي لفندق الذي يتوسطه حوض سباحة ذو الوان تتلألأ زرقة مخضرة كالفيروز .
إستاءت السيدة براندون من تأخر طيارتها الى المارتينيك بعد ظهر ذلك اليوم ، لكن كريستينا لم تشعر باي اسف ، لم تكن في عجلة من امرها لركوب الزورق والإبحار الى جزيرة سانت فيكتوار الصغيرة ، لا باس من قضاء بعض الساعات في المارتينيك والتمتع بمناظرها.
اوت السيدة براندون الى غرفتها ، وأشارت على كريستينا بالمثل لكنها لم تعبأ بنصيحتها ، إنها لم تستوعب بعد كل هذه التطورات ، ولم تزدها رحلة الطائرة إلا شوقا لأكتشاف هذا العالم الجديد.
لم تكن تعرف الشيء الكثير عن المنزل المزرعة حيث ستعيش بعض الوقت ، كل ما تعرفه أن الأخت مادلين وزوجها لقيا أجلهما عندما غرق مركبهما قبل سنوات قليلة ، وبدون أن تلم بتفاصيل هذا الحادث.
تأكدت من شيء واحد ، أن السيدة براندون ، تماما كما قالت ، حادة الطباع ، سريعة الغضب ، إكتشفت ذلك اثناء التبضع في لندن ، وعبر أسلوبها في التعامل مع موظفي الفندق ، ولم تدع احدا يفلت من لسانها وأوامرها عندما توجهتها الى المطار للإقلاع الى المارتينيك.
مرت نصف ساعة وهي تفكر في حياتها الجديدة ، المقلقة ، وها هي تهبط سلالم الفندق العريضة ، حيث خلعت بذلتها التي إرتدتها أثناء الطيران ، وإرتدت تنورة قطنية قصيرة قرمزية اللون ، وقميصا أبيض عقدت أسفله حول خصرها ، وارخت شعرها فوق كتفيها ، فبدت أكثر نضارة وأصغر عمرا ، ان السيدة براندون إقترحت عليها إرتداء ملابس صيفية ، وشجعتها على شرائها عندما مرتا بلندن ، وها هي تنفذ أوامرها.
إشترت كريستينا دليلا سياحيا ، وأخذت تطوف في الشوارع ، تجيل النظر في البيوت ذات الهندسة العجيبة ، وتتوقف قليلا أمام كاتدرائية شاهقة ، او حانوت من حوانيت العطور او اللعب والدمى ، وإشترت دمية صغيرة تزينها أزياء المارتينيك التقليدية.
ولاحظت ان الأزهار تنتشر في كل مكان ، وتتدلى من الشرفات بألوانها الصاخبة المرحة ،وتدافع الباعة يعرضون عليها باقات الزهور المختلفة...
تابعت السير الى أن شعرت بالجوع ، تمنت لو تدخل مطعما لتناول بعض المآكل التي كانت تترامى رائحتها الذكية الى أنفها ، تذكرت تحذيرات السيدة براندون المتكررة وضرورة تناول الغداء في الوقت المحدد ، فقررت العودة الى الفندق ، أوهكذا خيل اليها.
سرعان ما إكتشفت صعوبة ذلك ، لم تعد تعرف طريق العودة ، لو تذهب عبر هذا الشارع وتنعطف يسارا عند تلك الزاوية ، أم تسير في الشارع المحاذي ؟ وأخذت تخرج من شارع وتدخل في آخر ، وتحولت الشوارع الى أزقة ضيقة ، واقل جمالا ونظافة.
وتحولت رحلتها السياحية الى كابوس رهيب ، ابطأت الخطى وهي تحدق حولها مرتابة ، سمعت صوت طفل يبكي برتابة وحدة ، وكانه يمزق جوارحها المتعبة ، وإرتفع وراءها وقع أقدام المارة ، فإطمأنت قليلا ، إنها عثرت أخيرا على احد تسأله عن طريق العودة الى الفندق ، وحتى بلغتها الفرنسية المحدودة.
ولكن ما ان إستدارت حتى تجمدت الكلمات في حنجرتها ، كانوا ثلاثة صبية ، رأتهم يتوقفون ليراقبوها ،وعلى بعد خطوات قليلة منها ، إبتسموا بصمت ، وأدركت كريستينا مدى ذعرها عجزها لأول مرة في حياتها.
إنها حرب أعصاب ، خاطبت نفسها مرتاعة ، فكرت أن تطلق ساقيها للريح ، ثم عدلت عن الهرب ، وهي لا تستطيع التراجع إذا ما فاجأتها نهاية ذلك الشارع شبه المعتم ، وفجأة تقدم احدهم ورماها ارضا ، أغمضت عينيها مذعورة ، وإنطلقت صرخات إستغاثاتها تدوي في الشارع المقفر.
فتحت عينيها ثانية ، فأحست بصمت رهيب يخيم حولها ، وإستدارت ليقع نظرها على رجل طويل القامة يقف وراءها ، أرادت أن تشكره ، وقالت عوض ذلك :
" لقد ذهبوا ! ".
قال بهدوء :
" طبعا ، هل انت مستاءة؟".
كانت لغته الإنكليزية سليمة لا عيب فيها ،وبدون لكنة أو لهجة غريبة ، سالها :
" ما الذي تفعلينه في هذا الحي ؟ هل يعرف أهلك أين انت ؟".
ردت تتحداه :
" انا لست طفلة ، إنني هنا مع ربة عملي".
تمعن في قسماتها قليلا :
" ربة عملك ؟ المعذرة ، لم أعتقد أنك في سن يسمح لك بالعمل ، دعيني أحزر ! هل انت ممثلة أم عارضة أزياء؟".
كان يخر منها ، هكذا إفترضت كريستينا ، فاسرعت بالإجابة :
" انا أعمل سكرتيرة ، ويجب ان أعود الآن ، ثمة من ينتظرني ".
قال بجفاف :
" بدون شك ، ماذا تفعلين بالضبط كسكرتيرة ؟ هل تضربين على الآلة الكاتبة؟".
إزدادت حيرة ، لماذا يتصرف بهذا الأسلوب الفظ ؟ هو الذي بادر الى مساعدتها ، ولم تطلب منه إنقاذها ، قالت :
" قليلا ، نعم أجيد الطباعة قليلا ".
" قليلا ؟ إذن لا بد ان مواهبك تبرز في أمور أخرى ".
صاحت وهي تلقي نظرة على ساعتها :
" يا للويل ، داهمني الوقت ، هل تستطيع ان تدلني على طريق العودة الى فندق بوهرنيه ؟ لقد ضللت سبيلي كليا ".
قال هازئا :
" كيف ستعودين بدون محفظة يدك ؟ لقد نهبوها ، كل ما كانوا يريدونه منك بعض النقود لا غير ".
إزداد هلعها ، فحاولت إخفاء مشاعرها :
" لا باس ، هل تدلني على طريق الفندق من فضلك؟".
أمعن في سخريته :
" سيري في إتجاه الأحياء الغنية ، فانت على مقربة منها الان ، إنعطفي يسارا ثم يمينا وستجدين نفسك في الشارع الرئيسي ، حاولي تجنب الأزقة ، فهي غير آمنة إجمالا ".
إنحنى قليلا ، وإبتعد عنها ، ظلت كريستينا تراقبه حتى توارى عند الزاوية المحاذية ، وكم كانت سعادتها عظيمة عندما إكتشفت دقة توجيهاته ، حيث وجدت نفسها امام مدخل الفندق بعد دقائق معدودة ، فاسرعت الخطى لتنضم الى السيدة براندون قبل أن تفقد صوابها وينفد صبرها.


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-01-12, 09:59 PM   #8

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

وما أن همّت بدخول قاعة الفندق حتى لمحت مجموعة من السياح يتجمعون في ناحية من الرواق يتابعون شيئا ما يدور هناك .
تغلب عليها فضولها فقررت إكتشاف الحدث الهام الذي يستحوذ على إنتباه الجميع ، تقدمت قليلا الى أن تبينت زنجيا يجلس مقرفصا على الأرض ويرمي عظاما يابسة في الهواء ، ثم يلتقطها وهو يتمتم كلمات تنذر بالويل والثبور ، انه عراف يقرأ البخت ، خطت خطوة الى الأمام ، ووقفت أمامه مدهوشة ، رات رجلا ينقده بعض الدراهم ، ثم يشكره ، ساد صمت مزعج ، لم يتقدم زبون جديد ، فلتجرب حظها ، عساها تتبين ملامح مستقبلها الغامض ، إلتقت عيناها بعنيني العراف ، ووجدته يباشر قذف أصداف براقة ، ويومىء لها لتجلس قربه ، أطاعت أوامره وكأن قوة سحرية تجذبها الى سماع كلماته ، تململ قليلا ، فرك جبينه ، وما لبث ان قال :
" عليك الإحتراس والحذر يا آنسة ، إنني أرى شرا ، كوني حذرة من ابليس آرك إينجل اللعين في آرك إينجل ".
ثم نهض بغتة ،وجمع الصداف والعظام ، وغادر مسرعا ، متجاهلا إحتجاجات الجمهور ، وقفت كريستينا
محمرة الوجنتين ، مضطربة ، تركض كالمجنونة نحو مدخل الفندق ، وكلماته تزن في أذنيها : كوني حذرة من ابليس.
كانت تعاني من صداع رهيب عندما شدّت الرحال في اليوم التالي للذهاب مع السيدة براندون الى جزيرة سانت فيكتوار ، وهي لا تزال تتذكر عبارات هذه العجوز اللاذعة ، وتانيبها لها لتاخرها وتعرضها لمشكلات كانت في غنى عنها.
وإستعادت أحداث يومها الفائت ، وخاصة مقابلتها لذلك العراف وقراءته لبختها لا بد أنه يتناول المعلومات مع احد موظفي الفندق حول النزلاء ، ولا شك أن السيدة براندون اشهر من أن تعرّف ، فكرت كريستينا ، الكل يعرف اين تسكن وإسم منزلها ، وشاهدوها معها ، فكان من السهل معرفة مكان توجهها ، إنها مسألة في غاية البساطة ، ومع ذلك ، كيف تفسر كلماته ؟ ما الذي عناه بالتحديد؟
واخذت تتساءل بقلق عن الدافع الذي حمل السيدة براندون للسفر الى انكلترا والبحث عنها ، فصحتها سيئة ، وتعاني من إلتهاب المفاصل ، ولا تكف عن إبتلاع أقراص والمسكنات ، مما يعني أن قلبها في حالة سيئة أيضا ، وإذا كان هذا هو الوضع ، تابعت كريستينا سلسلة افكارها ، فلماذا لم تكلف احدا غيرها للقيام برحلة طويلة ، مضنية كهذه ؟
وتمنت لو تستطيع إقناع نفسها بعاطفة السيدة براندون الجياشة ، وإنسانيتها المفرطة ، ولكنها لا يمكنها ان تصدق كل ذلك بعد أن إختبرتها عن كثب.
إذن هناك سبب ملح دفع السيدة براندون الى رؤيتها شخصيا ، مع أنها لا تعرف ما هو هذا السبب الملح .
يا لبؤس حياتها ، وطئت ارض المارتينيك تمور حيوية وغبطة ، وتخال أنها تعيش اسعد لحظات حياتها ، وها هي تجلس في هذا المركب حزينة ، مشوشة الأفكار ، تلمح جزيرة سانت فيكتوار فلا تترك في نفسها إلا إنطباعا مغلفا بالسرار والحيرة .
همّت بالترجل من المركب ، محاولة تعزية نفسها ، وتعليلها بمفاجأة سارة جديدة ، قررت ان تشاؤمها لا يليق بها ، وربما كان إحساسا خاطئا لا صحة له ، فتنتظر حتى تنجلي الأمور أكثر .
كانت تنتظرها على رصيف الميناء سيارة فخمة ، يجلس وراء مقودها رجل أسود يرتدي بزة رسمية ، ولاحظت تبدل طبيعة السيدة براندون ، وظهور دماثة لطيفة في تصرفها إزاءها ، وهما تتوجهان نحو السيارة ، ورأت السائق يرفع قبعته ويتوجه صوبهما بإبتسامة عريضة :
" الحمد لله على السلامة يا سيدة ، ويا آنسة ".
أعطته السيدة براندون عصاها ، وصعدت الى المقعد الخلفي قائلة :
" شكرا يا لويس ، باركك الله".
ولاحظت كريستينا السائق يلف بطانية حريرية حول ساقي السيدة براندون رغم رطوبة الجو الحار.
وجلست كريستينا في المقعد الأمامي كما اشارت عليها ربة عملها ، واقلعت السيارة ، وهي تشعر بالحر الخانق ، لكنها لم تفه ببنت شفة ، تمنّي نفسها بحمام ماء بارد وبعض المرطبات فور وصولها.
لم تجد ما يلفت النظر في منطقة الميناء سوى مجموعة من المباني الواطئة المسقوفة بالواح من الحديد المضلع ، وبعلو معظمها الصدأ والغبار ، وكانت الشوارع المتفرعة من الميناء ضيقة ومزدحمة بالدراجات ، ولاحظت كريستينا ان الأرصفة تتكدس فوقها أكشاك الفاكهة والخضار ، وتغص كل بقعة بالأولاد والصغار وشتى الحيوانات ، وأبدت إعجابها بمهارة لويس وهو يشق طريقه عبر هذا ازحام.
وما هي إلا لحظات حتى وصلوا الى طريق عريض ، مستقيم ، لا يعكر صفوهدوئه شيء ، فتنفست الصعداء ، ثم تبيّن لها أن هذا الطريق ليس اكثر كم درب ترابي تتخلّله الحفر ، فتهتز السيارة يمينا وشمالا ، رغم مهارة لويس في القيادة .
وبعد ان قطعوا بضعة أميال صعدت بهم السيارة الى طريق مرتفع ، وتراءى البحر لكريستينا في البعيد ، بلونه الأزرق العميق ، يكاد يعانق الأفق بعفوية اخاذة ، نظر اليها لويس مؤكدا :
" سوف تشاهدين مناظر أكثر جاذبية ".
ومضت بهم السيارة في طريق تتوسط حقولا زراعية ، يعمل فيها عدد من الأشخاص ، ورأتهم كريستينا يلوحون بايديهم ، وتصورت ، بدون ان تلتفت وراءها ، السيدة براندون تهز براسها لرد التحية ، وفطنت انهم الآن على أطراف المزرعة التي ذكّرتها لها ربة العمل .
كانت حقولا شاسعة ، تمتد الى مسافات بعيدة ، ترصعها مجموعات من المساكن لإيواء عائلات العمال ، كما إفترضت ، كأنها عالم صغير وسط عالم آخر ، وإرتابت كريستينا من ضخامة هذه المزرعة ، لم تعرف في حياتها سوى الريف الإنكليزي وجماله الوديع ، وها هي تصطدم بالحر اللاذع ، والتربة الظامئة ، والأشجار والنباتات الغريبة الشكل والبراعم ، احست انها في برية موحشة لم تروضها الحضارة بعد.


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-01-12, 12:46 AM   #9

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

تناولت منديلا من محفظتها ومسحت تصبب عرق جبهتها ووجهها ، وكانت السيارة الآن تجري بمحاذاة الشاطىء ورماله الفضية، وأمواجه المتهادية بنعومة ، يلامسها نسيم البحر العليل ، ولكن الحر داخل السيارة كان يخنقها ، وهي لا تجرؤ على فتح النافذة خوفا من السيدة براندون التي تعشق الحر ، مهما كانت درجته ، لا بد أنهم إقتربوا من نهاية الطريق ، علّلت كريستينا نفسها..
إسترخت في مقعدها ، مغمضة عينيها ، ومحاولة تجاهل محنتها ، وإرتجاج السيارة فوق الطريق الوعر ، وما أن همّت بالطلب من لويس للتوقف ، حتى وجدته يخفف سرعته ، وينعطف فوق طريق بدا لها ناعما كالحرير بعد أهوال الميال السابقة ، فتحت عينيها قليلا ، وإكتشفت انهم يمرون تحت قوس من الأشجار الخضراء المنعشة .
وهتف لويس وكانه أحس بضيقها :
" سنصل بعد لحظة قصيرة ".
وإنعطفت السيارة فوق طريق منحدر ، وها هو المنزل يتراءى امامهم ، تظله الشجار الوارفة ، كان مطليا باللون الأبيض ، ويتكون من طبقتين كبيرتين تحيط به مصطبة عريضة ، وترتفع فوقها شرفة يزينها درابزين حديدي امام الغرف العليا ، توقفت السيارة أمام درجات المصطبة ، ولمحت كريستينا إمرأة طويلة القامة تنتظر عبد الباب الأمامي للترحيب بهم ، ويدل فستانها الأسود ومئزرها الناصع انها مدبرة المنزل ، تنفست كريستينا بعمق وهي تحس بتوترها يتلاشى تدريجيا ، نظرت الى مدبرة المنزل وإبتسمت بحياء ، لكنها لم تجد أي تجاوب.
وتوكأت السيدة براندون على عصاها ،ومشت بتمهل وهي تهتف :
" سيدة كريستوف ، هل كل شيء على ما يرام ؟".
ردت مدبرة المنزل بصوت خفيض:
" كل شيء على ما يرام ، لا توجد أي مشكلة ".
وقفت السيدة براندون فوق المصطبة لأستعادة نفسها ، ثم اومات نحو كريستينا التي كانت تسير وراء لويس وهو يحمل الحقائب:
" اقدم اليك الانسة بينيت ، سيدة كريستوف ، هل تلقيت برقيتي؟".
قالت السيدة كريستوف وهي تتفحص زائرتها الجديدة :
" اعددت لها غرفة ، أهلا بك في آرك إينجل يا آنسة ".
وتوجهوا جميعا الى الداخل ، كانت القاعة الأولى فسيحة مربعة الشكل مبلطة بألوان زرقاء وخضراء ، وبدا لكريستينا أن جميع الغرف الرئيسية تفتح أبوابها على هذه القاعة، وتبين لها ان الطبقة العليا تأخذ شكل صالة عرض واسعة ، وإنتصب عند اقدام السلم اللولبي تمثال رخامي لشاب في ريعان الصبا يعتمر درعا معدنيا ، ويمسك برمح طويل يهم ان يطعن به حيوانا مجنحا يرتمي عند قدميه ، وكان الشاب إياه يمد جناحين رائعين مخضبين بالذهب.
تقدمت منها السيدة براندون شارحة :
" هذا هو ملاكنا الحارس يا آنسة ، والذي تحمل المزرعة إسمه ، آرك إينجل او الملاك الحارس".
أجابت كريستينا ببرودة:
" ألم اقل ل كان وراء إسم المزرعة قصة طريفة؟ إنها تعود الى القرن السابع عشر عندما بنت أول عائلة هنا وشرعت بزراعة السكر ، كانوا يستخدمون العمال العبيد في تلك الأيام ، كما تعرفين ، وجلبت مجموعة من العبيد أحد الأمراض ، وإنتشر المرض في كل الجزيرة ، كإنتشار النار في الهشيم، كان مرضا كالطاعون ، وأخذ الناس يموتون كالذباب ،وهكذا تضرع سكان الجزيرة، وهم في مرحلة اليأس ، الى هذا الرمز – الأنجل ".
وسألتها كريستينا :
" وهل نفعت صلواتهم ؟".
أجابت السيدة براندون بإنزعاج :
" زال الطاعون بعد مرور أسبوعين ، وظن الأهالي أنها كانت أعجوبة ، ومنذ ذلك الحين ونحن ندعو المزرعة آرك إينجل ، إن التمثال قديم جدا وجلبته العائلة معها من فرنسا كعربون وفاء ، ( وفجاة تبدل صوتها ) إصعدي الى الطابق الأعلى ، وستدلك السيدة كريستوف على غرفتك ".
شكّت كريستينا في كل كلمة سمعتها ، إنها قصة خرافية ، خاطبت نفسها ، ثم مشت وراء قامة مدبرة المنزل المنتصبة عبر البهو ، وممر تعلوه قنطرة ، وإكتشفت ان الممر يؤدي الى جناح خلفي ، وتوقفت السيدة كريستوف قبل نهاية الرواق أمام باب مزدوج من الخشب ،وفتحته .
أخذت كريستينا تجول بنظرها في الغرفة وهي لا تكاد تصدق عينيها ، كان السقف مطليا بلون عسلي مشع ، وكذلك الحيطان ، أما السجادة والستائر الحريرية فكانت ضاربة الى الصفرة ، وأدركت لتوها ان هذه الزخرفة الفخمة فوق مستوى موظفة قد لا تمكث مدة طويلة ، لاحظت السيدة كريستوف دهشتها ، فقالت :
" ألا تعجبك الغرفة يا آنسة؟".
أجابت ببرود :
" على العكس تماما ، إنها أجمل غرفة رايتها في حياتي ، ولكن هل تنوي السيدة براندون تخصيصها لي؟".
نظرت اليها السيدة كريستوف وكأنها توبخها :
" إنها تترك هذه التفاصيل لي، ولكن اؤكد لك أنها ستوافق على إختياري ، لقد جلب لويس حقائبك ، سأطلب من يولاي لتساعدك على فتحها ( ثم حدّجتها هنيهة قبل ان تغادر مرددة ) لكن الظروف تتغير ، اليس كذلك ؟ ربما كان
من الأفضل لك الإستعداد لأي طارىء يا آنسة".
أوصدت الباب بهدوء ، تاركة كريستينا في سيطرة تامة على ممتلكاتها الصغيرة ، وكان أول ما فعلته الإستحمام ، وترتيب ثيابها في خزانة الحائط العريضة .
ثم بدلت ملابسها ، وخرجت الى الشرفة حافية القدمين ، ولمحت عن يسارها سلما حديديا يؤدي الى الحديقة ، وبركة سباحة طويلة مستطيلة الشكل، وإمتدت في كل النواحي مروج خضراء تختلط بعد مسافة شاسعة بشجيرات مزهرة ونباتات برية كثيفة الأوراق ، وبعد ذلك يبدو البحر منبسطا ، جميل المنظر.


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-01-12, 09:23 PM   #10

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

لم تمر دقائق معدودة حتى سمعت رنين الهاتف في غرفتها ، فاسرعت ترفع السماعة قائلة :
" الو ، كريستينا بينيت ".
سمعت زفيرا وأصواتا خافتة ، ولكن لم يجبها أحد ، صاحت بحدة:
" نعم ؟ من هناك من فضلك؟".
سمعت ضحكة مكبوتة وكأن صوتها المذعور أدى الى النتيجة المرجوة ، إزداد توترها:
" هل تكف عن هذا المزاح وتخبرني ما تريد ! ".
ثم سمعت نقرا خفيفا على الباب ، إستدارت مرتاعة ، فرات الباب ينفتح ببطء ، دخلت فتاة تناهزها في العمر ، بدت بالغة الجمال بشعرها الداكن وعينيها السوداوين ،وبشرتها الضاربة الى السمرة ، كبشرة السيدة كريستوف ، لا بل أن كريستينا خالتها صورة مصغرة للسيدة كريستوف عندما كانت في مثل سنها.
إبتمست الفتاة إبتسامة بريئة ، عفوية كاشفة عن اسنانها البيضاء السوية :
" تفضلي بالنزول الى المكتبة لأحتساء الشاي ، أو ربما تفضلين أن أجلب صينية الى هنا؟".
قالت كريستينا بعجلة :
" كلا سانزل بنفسي ، لا بد أنك يولالي؟".
برقت عيناها متسائلة ، وهي ترى سماعة الهاتف في يد كريستينا :
" نعم أنا يولالي ، ولكن هل تحبين شيئا آخر؟".
أحست كريستينا بحرج شديد:
" لا ، ولكن رن جرس الهاتف ولم يجبني أحد ".
إستأذنها يولالي لتدعها تتحرى الأمر بنفسها ، وضعت أذنها على السماعة لحظة ، ثم إستدارت صوب كريستينا :
" لا يوجد أحد الآن يا آنسة، هذا هاتف المنزل الرئيسي ، ومن السهل ضرب رقم مغلوط ".
لم تقتنع كريستينا :
" ولكن لم يقولوا ذلك ، لم يكن هناك أي صوت ، إنه تصرف بغيض".
قالت يولالي ببرودة:
" ربما اخطات الظن ، لا يوجد احد في هذا المنزل يتصرف هكذا ".
ومشت نحو الباب ، متوقعة من كريستينا السير وراءها ، ولم يخب ظنها ، لحقت بيولالي عبر الممر ، متجهة الى السلم الرئيسي ، وهي تبحث عبثا عن موضوع ما لتحدث اليها ، كان وضعها في المنزل غامضا ، إنها الآن مجرد ضيفة ، ولكنها أتت الى هنا لتعمل ، هل أساء تصرفها الى احد ؟ فكرت كريستينا ، لم تتعرف إلا على لويس والسيدة كريستوف ، ويولالي ، لا يمكنها تصور احد من هؤلاء يعمد الى ممارسة الآعيب بغيضة ضدها في يومها الأول.
بلغتا أسفل السلم ، وحدّقت كريستينا في التمثال مرة أخرى ، وفوجئت بإكتشاف شكل جديد للحيوان المستلقي عند قدميه، لم يكن تنينا كما خالته سابقا ، بل يشبه شكلا بشريا ، وقررت انه قبيح المظهر ، يثير الإشمئزاز.
عبرت يولالي القاعة ، تنتظر بفارغ الصبر امام الباب في الجهة المقابلة ، وضعت كريستينا يديها في جيبي تنورتها ، وقالت مستفسرة :
" قولي لي من هو هذا السيد الذي تدوسه القدام ؟".
وقبل ان تفوه يولالي بكلمة ، إرتفع صوت آخر مالوف ، هز كيانها هزا :
" إنه إبليس يا عزيزتي ، إبليس نفسه ".
رات صاحب الصوت يقف عند المدخل المامي ، وعرفته رغم ملابسه الجديدة ، أن عينيه لا تزالان تتماوجان بذلك اللون الفضي الذي لفت نظرها ،وهو يقف هناك في ذلك الزقاق الضيق بعد تعرضها للهجوم ، قال بلطف :
" هل كنت تتوقعين ان يكون كائنا آخر؟".


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:44 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.