" هل رأيت غراهام اوتريفور مؤخرا؟".
" رايت غراهام في المدينة البارحة وتحادثنا بضع دقائق ، وقبل الرحلة ذهبت مع تريفور كما تعلمين ، ذهبنا الى الرقص على انغام الآلآت النحاسية وكان مثيرا جدا ، ولكنني تعبت كثيرا.
قلت لماكس انك خارجة مع صديقة لك وسألني عنها".
" أوه.... ماذا قلت له؟".
بدا القلق على وجه شيرلي:
" قلت ان اسمها .... ميريل ، ماذا استطيع ان أقول عن فتاة خيالية ؟".
ضحكت لهذه المغامرة الا ان شيرلي توقفت واجفة:
" ولكنني وضعتك في وضع حرج".
" ماذا لو أصرّ على رؤيتها ؟ لزعزع ذلك كيانك ، ولكنني حاولت ان اقنعه بان ميريل فتاة طيبة".
" خيرا فعلت يا بني".
واضافت شيرلي:
" صحيح انني وجدت متعة في الرقص ، الا انني فضلت لو كان غراهام معي ، انني معجبة به اكثر بكثير من تريفور ولن انسى كيف لاطفني اثناء الرحلة".
" بالفعل كان لطيفا جدا ، كنت افكر في ذلك منذ برهة".
" قد ياتي ليزورك لأنني أخبرته بمرضك، هل تريدينني ان اتصل به هاتفيا لياتي ليراك؟".
نظرت بني اليها نظرة تفاهم.
" نعم يا شيرلي ، أحب أن يأتي ليراني".
" ساتصل به هاتفيا الآن".
قالت ذلك وخرجت.
استندت بني الى الوسادات خلف ظهرها وشيء من القلق باد على وجهها ، ما تحتاج شيرلي هو شاب يكون لها ، ماكس يحبها محبة الاب ، ربما ، ولكنه لن يكون لها ، وتشك بني كثيرا في أنه يعلم بتعلقها به ، ولكنه يعرف جيدا ان عطفه عليها لا يجب أن يتحول الى عاطفة قد تحطم حياتها ، وتأملت كثيرا في اقوال وتأكيدات شيرلي بأنها وماكس سيتزوجان ، وحاولت جاهدة ان تجد أساسا يؤيد اقوالها ، ولكنها فشلت ، خاصة وأن ماكس ، كما هومعروف عنه ، عازب ابدي ، حياته عمله ، حياته في مزارعه ، في عماله ، في أملاكه الشاسعة وفي بيت المزرعة الجميل ، وليس بحاجة الى أكثر من ذلك...وفعلا تعتقد بني أن ماكس سيعتبر الزوجة عبئا غير منتج ، لا راسمالا مثمرا.
أرخت العنان لمخيلتها فرات ماكس يمر أمامها في كل مواقفه ، منذ اللحظة الأولى من لقائهما حتى الساعة التي هي فيها ،وكان بينهما المد والجزر ، التقارب والتباعد ، التصالح والتشاجر ، والحائط القائم بينهما هو زواج والدها ،ماكس رجل صلب فولاذي ولكن قلبه ، كما تعتقد ، قد يكون من حرير.
انقطع تصوّرها عندما دخل ماكس مع العلاج وميزان حرارة ، وأزعجها مرأى القدح في يده لأنه دليل على دوائه الكريه.
" هذا لصالحك ، أنت تريدين أن يراك والدك في السرير ، أليس كذلك؟".
دهشت لذكر والدها ورفعت نظرها الى ماكس وقدح الدواء مرفوع الى فمها ، لم يفهم معنى نظرتها فقال يحثها:
" تناوليه حالا فترتاحي".
سالته بفضول وهي تقرّب القدح من فمها:
" هل تتناول أدوية احيانا؟".
" لا اتذكر أنني تناولت دواء في حياتي اسرعي ، لا تكوني جبانة ".
اقترب من السرير ليأخذ حرارتها ، وابتلعت دواءها في جرعة واحدة وناولته القدح.
" اذا لم تذق طعم أي دواء فانك تجهل ما هو ، هل تصنعه أنت بنفسك؟".
" اعشاب ، ان درجة الحرارة معتدلة جدا ، تستطيعين النهوض غدا ، واذا اعتنيت بنفسك ولم تجهدي جسمك فستكونين سليمة معافاة تماما في نهاية الأسبوع".
كانت بني تتفحص وجهه الذي كانت اساريره منبسطة مع ابتسامة تحوم حول زوايا شفتيه ، وكان مزاجه على درجة من التقارب والتفاهم شجعها ان تساله اذا كان يسمح بأن تذهب ووالدته الى المطار يوم الأحد.
" أرغب في استقبال والدي شخصيا".
كانت عيناها معلقتين باجابة منه وكانت شفتاها ترتعشان ترقبا وقلبها ينبض خوفا:
"هذا يعتمد عليك كليا ، ان قمت بما اقوله لك وان أخذت الأمور على طبيعتها لا ارى مانعا من أن تأتي معنا".
" معنا.........".
لم تصدّق بني ما سمعت أذناها.
" ماكس ، ظننت أن نورا ستستأجر سيارة أجرة".
ما كان عليها أن تتلفظ بكلمة نورا بدلا من السيدة ردفيرن ، لا تدري اذا انتبه لهفوتها أم لا ، قال:
" ايا كانت النقائص التي قد تعزينها الي ، لا تستطيعين اتهامي بسوء الأصول في الآداب يا بني ، بغض النظر عن علاقتي بوالدك فانه سيكون ضيفي ويستحق كل لياقة وحسن مجاملة على صاحب الدار تقديمها الى ضيفه.
كله رسميات ... أحست بقوة تدفعها الى الضحك ، واذا ضحكت فقد يشاركها ماكس ، لكنها فضّلت ألا تخاطر فتعكّر جو التقارب بينهما فابتسمت وشكرته برقة متناهية.
" لا استطيع شكرك ، وسيبتهج والدي بهذا النوع من الاستقبال ".
" هل يعرف باعتراضي على الزواج؟".
" لا يعلم شيئا ، الا اذا أطلعته والدتك".
" آملا في ان اغيّر رايي؟".
قال بلهجة لا تخلو من السخرية :
" بما أنه لا يوجد أي احتمال لقبولي بزواجه افلم يكن من الانسب أن تعلماه؟".
وتمهيدا للاجابة عليه وكسبا للوقت أخذت بني ترتب غطاء السرير ، ثم قالت:
" من المؤسف أنك لا توافق يا ماكس ، ولكن والدتك ستمضي قدما بترتيب كل شيء لهذا الزواج".
توتر الجو بينهما قليلا فأضافت قائلة أنه طالما لا يعرف والدها فهو لا يستطيع الحكم عليه.
" لا أحكم عليه شخصيا طبعا".
بدا متضايقا بعض الشيء ، ولكي يخفي هذا نفض حبة غبار عن كم سترته ، ثم قال:
" دعينا من ذلك الان ، فقد انتهينا منه".
ورات أن هذا دليل على هزيمة من نوع أخر ، أخافتها هذه الهزيمة فمعناها اذلال لكبريائه ، ولكنها تنفست الصعداء عندما رأت أن عبوسه تلاشى ، اذ قال فجأة:
" يجب أن نتفادى أي قول أو عمل قد يسبب لكلينا شجارا لا طائل تحته يا بني ، الا عندما تسمح قوتك بذلك".
ولكن تعابير وجهه شجعتها على أن تقول أنها لن تشاجره مطلقا ، ولكنها خشيت ان يتهمها بأنها تتهافت عليه ، كما فعل مرة في السابق.
قالت مؤكدة :
" لا يا ماكس ، لا يجب ان نقول أو نعمل أي شيء قد يسبب شجارا بيننا".