آخر 10 مشاركات
يوميات العبّادي .. * مميزة * (الكاتـب : العبادي - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          رواية أسمعُ عواء الهوى (الكاتـب : روز علي - )           »          212- الارث الاسود - أيما دارسي (تصوير جديد) (الكاتـب : Gege86 - )           »          رواية ناسينها ... خلينا نساعدكم [ أستفساراتكم وطلباتكم ] (الكاتـب : × غرور × - )           »          الجبلي .. *مميزة ومكتملة* رواية بقلم الكاتبة ضي الشمس (فعاليات رمضان 1436) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          تسألينني عن المذاق ! (4) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          روايات الكاتب عبد الله البصيّص (الكاتـب : Topaz. - )           »          أخطأت وأحببتك (60) للكاتبة: لين غراهام ..كاملهــ.. ‏ (الكاتـب : Dalyia - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات العربية المنقولة المكتملة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-10-16, 09:54 PM   #11

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي




الفصل التاسع


مر يومين بدون أحداث مهمة تذكر والهدوء يعم حياة جميع أبطالنا عدا "إسراء" التي أصبحت كالهيكل العظمي تتغذي علي بعض اللقيمات من أجل ذاك الوحش الذي يأتي لها كل ليلة ليتغذي عليها..
أعلنت إذاعة القرآن أن الساعة باتت الثانية عشر لمنتصف الليل..لتلتفت "قمر" بجسدها إلي الراديو الموضوع بجوارها لترفع الصوت قليلا وتعيد نظرها إلي جهاز "اللاب توب" الذي يبعث شعاع ضوئي هادئ يخفف من حدة ذاك الظلام الذي يحيط بالحجرة...
حركت "قمر" رقبتها يمينا ويسارا لعل ذاك الألم الذي يتحكم منها يهدأ قليلا بينما ارتفع صوت إشعار بوصول رسالة علي حسابها الخاص علي الفيسبوك..
أخفضت "قمر" نظرها قليلا بلامبالاة لتتسع عينيها بصدمة ممزوجة بتشتت تحكم فجأة من أوصالها..
إشعار برسالة باسم "fady hamdy" جعل "قمر" تشعر وكأن جهازها الخاص يصوب إشعاعات كهربية ينتفض لها جسد "قمر"..إشعاعات كهربية جعلت دقات قلبها تتسارع و كأنها في سباق عدو من أجل قراءة نص الرسالة الذي يحتوي علي بعض المعلومات من أجل رسالة الماجستير الخاصة ب"قمر" ..
و كأي أنثي فضولية تحرك إصبع "قمر" لفتح صفحة "فادي" الخاصة وباتت تتنقل في تلك الصفحة التي تحوي الكثير والكثير من صور "فادي" مع أصدقائه في حفل معين أو مناسبة معينة أو رحلة ما والكثير من المنشورات المرحة بينه وبين أصدقائه..
في النهاية توصلت "قمر" إلي أن تلك الصفحة ما هي إلا صورة مصغرة من "فادي" تعكس غموضه وتعجرفه ومرحه الذي يظهر فقط مع أصدقائه..
ابتسامة لم تستطع "قمر" تفسيرها ارتسمت علي ثغرها وهي تفتح محادثة "فادي" لتكتب حرف وسرعان ما تزيله لتبقي علي هذا الحال قرابة خمس دقائق..لتزفر "قمر" بضيق وتغلق عينيها لمدة ثواني معدودة ومن ثم تفتحها مصوبة إيها للوحة المفاتيح لتكتب:و عليكم السلام أولا..ثانيا شكرا علي تلك المعلومات كثيرا ولمجهودك..ثالثا كيف هي أحوالك ؟!
علي الجانب الآخر..كان "فادي" يمدد جسده علي أريكة وقدمه علي الطاولة وعليا طبق كبير من رقائق البطاطس ..يشاهد فيلم أجنبي بصحبة أبيه الذي يجلس صامتا يتأمل ابنه الوحيد الذي بات يشعر وكأنه غريب عليه..
زفر "حمدي" بحزن ممزوج بضيق وهو يتأمل معالم وجه "فادي" التي توحي بأن تركيزه منصب كليا علي ذاك الفيلم ليقول "حمدي" بنبرة ضيق: فادي!!
التفت "فادي" بنظره قائلا بنبرة تساؤل:نعم يا أبي ؟؟
وضع "حمدي" كوب الشاي الذي كان بيده علي الطاولة قائلا بنبرة ضيق:أعطيني تفسير واحد لتغيرك المفاجئ هذا؟؟
تناول "فادي" إحدى رقائق البطاطس ليقول بنبرة هادئة:لا شئ يا أبي سوي أنني أفكر في أمر ما
تغيرت ملامح "حمدي" إلي الغضب المكتوم ليقول بنبرة شبه مرتفعة:أنا لا ألعب معك لعبة لحل لغز ما..أريد منك توضيح كامل لتصرفاتك تلك
أغمض "فادي" عينيه لثواني معدودة حاول فيها امتصاص غضبه وعدم رفع صوته ليفتح عينيه قائلا بنبرة متأدبة:أبي!! أنا لست طفل مازال في الروضة أنا الآن في عمر 33عام أستطيع بكامل عقلي تدبير أموري والوصول لتفسير لكل ما يجري من حولي ولذلك أرجو منك أن تتركني علي راحتي وبمجرد وصولي لما أبحث عنه سأخبرك يا أبي بالأمر من البداية
زفر "حمدي" بقوة ممزوجة بقلق تمكن من أوصاله علي ابنه الذي مازال يراه طفل صغير يخشي عبور الطرق بمفرده ليقول "حمدي":حسنا يا "فادي" سأتركك أنت وعقلك هذا ولكن تذكر شئ واحد يا بني..أنه إذا لا قدر الله حدث لك مكروه ما بسبب اندفاعك هذا فأنا لن أستطيع المضي في تلك الحياة لأنك سندي في هذا العالم يا بني من بعد والدتك
تنهد "فادي" بخوف ممزوج بفرحة خافتة ليقوم من موضعه مقترب من والده ليطبع قٌبلة حانية علي جبينه قائلا بنبرة أوشكت علي البكاء:أنا لا أسوي شئ في العالم من دونك يا أبي وبدعواتك لي لكانت تلك الحياة حطمتني
مسح "حمدي" علي كتف ابنه بحنان داعيا إياه ومن ثم عاد "فادي"إلي موضعه يتابع ذاك الفيلم ومن حين إلي آخر يسترق النظرات إلي والده وبداخله شعور من الخوف الذي يفجر مليون سؤال و سؤال..
ارتفع صوت التلفاز معلن فاصل تليفزيوني لينظر "فادي" إلي هاتفه بلامبالاة فيجد إشعار برسالة علي تطبيق الفيسبوك..
بدل "فادي" وضع هاتفه من الصامت إلي الإهتزاز ومن ثم يتجه إلي إشعار تلك الرسالة لترتسم ابتسامة خافتة علي ملامحه لتتلاعب أصابعه علي شاشة هاتفه ليرد علي تلك رسالة "قمر"..
ثواني أصبحت دقائق أصبحت ساعات و "فادي" يعبث بهاتفه من حين إلي آخر يرد علي رسائل "قمر" التي تجلس أمام شاشة حاسوبها وابتسامة خافتة تكسو ملامحها..
...
أغلقت "إسراء" حقيبة ملابسها بإحساس من الفرحة يتسلل ببطء لكيانها الهزيل...التفت "إسراء" بنظرها إلي لوحة تضم أيام السنة لتقترب منه ببطء لتتنهد بقوة ممزوجة بغصة ألم وهي تري ذاك الأسبوع الذي قضته مع "محب" يمر أمام عينيها بسرعة لا تقارن مع بطء الأيام التي مرت بين يدي ذاك الوحش الذي انتهك جسدها بدون أي شعور إنساني..
لمسة يده المتخشبة أحاطت يدها المرتعشة ليقترب "محب" من أذنها قائلا بنبرة أمر:أريدك أن تنفذي لي أمر ما وإذا نجحتي في تحقيقه سأعتقك للأبد والفيلم الخاص بك سأحرقه أمام عينيكي
التفت "إسراء" بنظرها بلهفة ممزوجة بفرحة لتقول وكأنها تلهث:ما هي وأنا علي استعداد كامل لتنفيذها
...
كعادتهم منذ أسبوع كامل يتحدثان من الساعة السادسة إلي أجل غير مسمي..سكبت "قمر" قليل من اللبن في كوب الشيكولاتة الساخنة الخاصة بها لتعبث أصابعها بشاشة الهاتف لتكتب:اليوم أجازة أخيرا انتظرتها منذ سنين
علي الجانب الآخر..كان "فادي" منشغل بتجفيف جسده من قطرات المياه الدافئة ليرتفع صوت هاتفه معلن وصول رسالة ليعبث بأصابعه بشاشة الهاتف ليكتب:سنين!!نعم نعم أنا أعلم أن الثانية في القاهرة تمر كالسنة
تمددت "قمر" علي الأريكة وهي تعبث بشاشة هاتفها لتكتب:حسنا ما الحل الآن !!
تتغير طباع الجميع إلا تلك اللامبالاة المسيطرة علي "فادي" ليعبث بشاشة هاتفه ليكتب:استغلي وقتك في النوم
ضربت "قمر" علي جبينها بكفها الصغير لدي رؤيتها لرسالة "فادي" لتقول بنبرة هامسة "سعد زغلول قال إن مفيش فايدة" لتعبث بشاشة هاتفها لتكتب:حسنا سأنام في المباراة
خرج "فادي" من حجرته ليلقي تحية الصباح علي والده وهو يعبث بشاشة هاتفه ليكتب:ستأتي للمباراة
مع "مريم" ؟؟
بينما "قمر" منشغلة بالرد علي رسالة "بسام" آتتها رسالة "فادي" لتعبث بشاشة هاتفها لتكتب:بكل تأكيد
مرت ما تقارب النصف ساعة وذاك المتعجرف وتلك العنيدة يتحدثان إلا أن أنهي "فادي" المحادثة لذهابه إلي المسجد بينما بدأت "قمر" في ترتيب ملابسها من أجل الذهاب إلي المباراة الخاصة ب"فادي و ياسر"
...
شعر "منير" بإهتزاز هاتفه المحمول في جلبابه ليضع كوب الشاب علي الطاولة ويستخلص هاتفه لتبدأ المكالمة بينه وبين مدير حسابات المصنع..
المدير بنبرة شبه ثابتة:عذرا لإزعاجك في هذا الوقت المبكر
منير بنبرة قلقة:لا توجد مشكلة..ولكن هل حدث شئ؟؟
اختفت أصوات أنفاس المدير القلقة لثواني ليقول بنبرة ضجر:أنا أعمل معك منذ إنشاء ذاك المصنع..هل حدث مني غلط ما؟؟!!
منير بنبرة تعجب ممزوجة بفضول:بالطبع لا ولكن ما الذي حدث لكل هذا!!
المدير بنبرة ضيق:إذن أرجو منك أن تعلم أن ما سوف أقوله ما هو إلا لمصلحة المصنع فقط
أكمل المدير بنبرة تردد ممزوجة بضيق:الأستاذ "محب" البارحة سحب من حساب المصنع 750ألف جنية بدون وجه حق وعندما حاولت منعه تعدي عليً لفظيا وجعلني أمر بصرف الشيك بذاك المبلغ
اكتست ملامحه بعصبية كادت أن تفتك بشريانيه التي بانت حدتها من الغضب الذي تملك منه ليصمت "منير" لثواني قائلا:حسنا شكرا للإخباري سأحادثه أنا
بمجرد أن أنهي "منير" المكالمة عبثت أصابعه سريعا بطلب "محب" ليأتيه صوت ذاك السكير وهو يقول:نعم
نبرة ضجر ممزوجة بغضب قارب علي الفتك بحاسة السمع لدي "محب" انطلقت من "منير" الذي قال:بأي حق تسحب 750 ألف جنية من رأس مال المصنع هل جننت أم ماذا..هذا ليس أول كل شهر لتقبض نصيبك من الأرباح أو مبلغ من صفقة ما هذا رأس مال الشركة بأي حق تفعل هذا هل نفذت حصتك من أرباح شهرنا هذا في يومه الثامن
أطلق "محب" نسمة من عود تبغه امتزجت من نسمات الهواء التي ترطب سيارته علي الطريق ليقول "محب" بنبرة باردة:احتجت ذاك المال فأخذته ما المشكلة إذن
نبرة توعد ممزوجة بعصبية انطلقت من "منير" الذي قال:حسنا لن أطلب منك ذاك المال ولكن ضع في حساباتك أنه مخصوم من أرباحك الشهرية
قهقهة خافتة انطلقت من "محب" وهو ينهي المكالمة قائلا:كما تشاء
ألقي "محب" هاتفه علي المقعد المجاور له ليقول بنبرة سخرية:لا تستعجل يا "منير" فكلها أيام باتت معدودة وستصبح ابنتك تحت قدمي وبيدك ستفعل ذلك
...
مجموعتين من الرجال كل مجموعة مكونة بما يقارب الخمسين رجل..المجموعة الأولي تقف و وجوههم ملثمة بوشاح أبيض يلائم تلك الملابس الصعيدية التي تغطي أجسادهم المتألمة من أشعة الشمس الحارقة بينما المجموعة الثانية يبدو علي ملابس رجالها الرفاهية فهذا يرتدي بذلة من ماركة عالمية وذاك يضع بين ثغره عود تبغ يقدر بالآلاف وكهذا لبقية الرجال الواضح من هيئتهم إذا دققنا النظر أنهم أجانب آتوا إلي تلك الصحراء ليسلموا أكبر كمية مخدرات في تاريخ "مصر" كمية مخدرات تعادل رمال صحراء "مصر" وأراضيها..
أنهي الرجال نقل تلك البضاعة القاتلة ليشير لهم زعيمهم بالإتيان بالمال لتبدأ عملية تسليم المال..
لحظات صمت تم فيها نقل أول حقيبتين من المال ليرتفع صوت طلقات النار تدريجيا معلن وقوع هؤلاء المجرمين بين فكي الداخلية لتنهال عليهم دفاعات الرصاص تقتل من تقتل وتصيب من تصيب..ليحاول بعض من الرجال الاحتماء بصخرة ما أو الفرار في كهف لجبل ما..
و لظروف غامضة علي طرفي التسليم والتسلم كان رجال الداخلية في براعة غريبة في التقاطهم كفئران تجوب أركان المنزل وكأنها تعرف أي مخبئ سيفكرون فيه بل زاد الأمر غرابة علي هؤلاء الرجال بعض رجال الشرطة الذين استطاعوا الوصول لهم بسهولة بمجرد احتمائهم بكهف جبل..
قوة رجال مشاة مدربين علي أعلي مستوي مصحوبة بطائرات اجتاحت الجو فجأة بمجرد الإمساك بزمام الأمور وبعض من الأسلحة المخصصة للداخلية كل هذا وتلك العزيمة المسيطرة علي قلوب الضباط ساعدت في تقوية جانب الداخلية المصرية ليكونوا علي مشارف الفتك بهؤلاء الرجال..
بينما علي الجانب الآخر..رجل يعدل وشاحه الأبيض يحتمي خلف جبل ما يصوب سلاحه تجاه مجموعة من الرجال يماثلونه في شكل الجلباب الذي يرتديه طلقة فالثانية فالثالثة استطاع الفتك بثلاثة منهم وبينما هو علي استعداد بالفتك بالرجل الرابع شعر بيد تمسك برقبته في محاولة لقتله..
عراك نشب بين الرجلين دام لدقائق معدودة استطاع فيها ذاك الرجل التمكن ممن يصوب الطلقات لأصدقائه ليجعله هو أرضا وهو فوقه ليحاول نزع ذاك الوشاح عنه ليحاول نزع ذاك الوشاح بعفوية ليزال الوشاح من علي وجهه ذاك الرجل وتزاح معها قطعة جلدية جعلت عيني ذاك الرجل تتسع صدمة ممزوجة بغضب ليقول:من أنت!!
وقبل أن يكمل ذاك الرجل حديثه آتته طلقة نارية اجتاحت رأسه معلنة إنهاء حياة ذاك الرجل ودفن سر ما معه ليعيد الرجل الآخر وشاحه علي وجهه ويرفع سلاحه علي كتفه ليكمل معركته تلك..
وفي غضون ساعتين ونصف الساعة استطاعت الداخلية إنهاء تلك المسألة و الإمساك ببعض الرجال من الجانين وقتل بعضهم وإصابة البعض الآخر
....
في تمام الساعة الخامسة عصرا..أطلق الحكم المسئول معلن نهاية المباراة المقامة بين مجموعة من الأصدقاء بفوز فريق "فادي و ياسر" وباقي أصدقائهم ليقفز مشجيعهم من موضعهم بفرحة مصحوبة ببعض الهتافات المشجعة وبين هؤلاء نجد "مريم و قمر" اللتان ارتفع صوتهما بحماس لفوز ذاك الفريق...
ولأنهم أصدقاء منذ الصغر..لم يهتموا لخسارة من؟؟ أو مكسب من؟؟ لذلك ظل لاعبي الفريقين يجوبان الملعب بفرحة ممزوجة بجنان إلي حد ما..
فرحة عارمة سيطرت علي أنحاء الملعب لمدة نصف ساعة أخري بعد انتهاء المباراة ليتجه كلا من أعضاء الفريقين لاستبدال ملابسهم..ليحيط "ياسر" كتف صديقه وهو في طريقهم للحجرة قائلا بنبرة شبه هامسة:مستواك في تحسن ملحوظ يا صديقي
قهقهة خافتة صدرت من "فادي" الذي مسح حبات عرق تجتاح وجهه:واجبي عليا أن أقول لك ذلك فأنت من أحرزت هدفين ولست أنا بهدفي الوحيد
ما إن أنهي "فادي" جملته حتى وصل الصديقين إلي حجرة تبديل الملابس ليشعر "فادي" بضربة خافتة في رأسه صدرت من "ياسر" الذي قال بنبرة خبث:أنا أقصد "قمر" يا صديقي
رفع "فادي"حاجبه الأيسر ليقول بنبرة متعجبة إلي حد ما: "قمر" !! و ماذا في "قمر"!!
التقطت "ياسر" ملابسه من حقيبته ليقول بنبرة مزاح:صداقة غير موضوعة بالحسبان نشبت بينكم ومجيئها إلي مباراة اليوم
خلع "فادي" تيشرت المباراة ليلتقط منشفته القطنية قائلا بنبرة اكتست بالتعجب كليا:و ما الذي في ذلك ؟؟
اتجه "ياسر" إلي دورة المياه المخصصة لاستحمامه قائلا بنبرة مزاح:تلك علامة يا مارد
ضحكات عالية انطلقت من الصديقين وهم يأخذون حمام دافئ سريعا ليكملوا حديثهم وهم يرتدون ملابسهم..
بينما في حديقة النادي الذي أقيمت فيه المباراة..مسحت "مريم" علي جبينها بإرهاق قائلة بنبرة شبه هامسة:لقد تأخروا كثيرا
نظرت "قمر" إلي ساعة يدها بملل لترتشف قليل من العصير قائلة:كما تقولين دائما لن يكونوا الصديقين المشاكسين بدون مواعيدهم المضطربة
ضحكة خافتة انطلقت من "مريم" التي قالت بنبرة تشتت:أشعر وكأن الصورة تختفي وتعود في ثواني
هبت "قمر" من موضعها بصدمة ممزوجة بخوف لتمسك بيد "مريم" وقبل أن تتفوه بأية حرف..انزلقت رقبة "مريم" علي يمينها معلنة فقدها لوعيها لتشهق "قمر" بخوف وقبل أن تفكر حتى آتاها صوت "ياسر" الضاحك يقول:"مريم" هيا بنا يا حلوتي
التفت "قمر" له بسرعة قائلة بنبرة شبه باكية:بسرعة يا "ياسر" لقد فقدت "مريم" وعيها بسرعة إلي المستشفي
لحظة صمت مرت علي "ياسر" شعر فيها وكأن أطرافه أصابها الشلل لرؤيته زوجته فاقدة لوعيها ليفيق من ذاك الجمود الذي أصاب أطرافه علي ضربة خفيفة في كتفه من "فادي" الذي يقول بسرعة:هيا يا "ياسر" بسرعة أحضرها وأنا سأقود سيارتك بسرعة
وفي ما يقارب الخمسة دقائق..انطلقت سيارة "ياسر" بقيادة "فادي" الجالس في مقعد القيادة وبجانبه "قمر" ودموعها اللؤلؤية تجتاح ملامحها و "ياسر" الجالس في المقعد الخلفي وبين ذراعيه "مريم" الغائبة عن الوعي..
......
صوت صيحته الغاضبة قارب علي أن يكون سبب في اهتزازة أرضية تطيح بمكتبه هذا وهو يستمع لأحد رجاله الذي كان مسئول عن تحديد موعد ومكان التسليم ليقول "محب" بنبرة كادت أن تطيح بهذا الرجل:سأعتبر أنني لم أسمع ما قولته للتو وأخبرني أن البضاعة في المخازن
تدحرجت قطرتين من العرق علي جبين ذاك الرجل ليقول بنبرة شبه مرتعشة:لقد بعث لي "عبدالباسط" قبل هجوم الداخلية بدقائق أننا تسلمنا البضاعة وأنه سيسلم المال وسيأتي لا أعلم ما الذي حدث بعدها مهمتي كانت تحديد المكان والموعد وليس الذهاب معهم
اقترب "محب" من "عبدالباسط" بخطوات نارية ليحكم قبضته علي رقبته قائلا بنبرة تشع غضبا:ومهمتك أيضا أن تؤمن مكان الاستلام وليس الجلوس في المنزل كالمرأة المنتظرة الرجل الذي سيأتي ل..
قبل أن ينهي "محب" حديثه ارتفع صوت طرقات علي باب مكتبه ليأذن "محب" بالدخول بنبرة ضجر ليدخل أحد رجاله المجهولين بالنسبة لنا ليقترب من أذنه ليقول له حديث ما بنبرة هامسة عجز أحد غير "محب" علي سماعها..
ثلاثة دقائق والنصف دقيقة جعلت حال "محب" يتغير 180درجة ليعتق رقبة "عبد الباسط" من بين يده ليقول بنبرة أمر:أغرب عن وجهي يا "عبد الباسط" وأبعث بفاكس إلي المستثمرين الأجانب لتبلغهم بأني سأكون عندهم في ظرف 24ساعة
أنهي "محب" حديثه معلن الإذن لرجاله بالخروج ليتجه "محب" إلي هاتفه باعث برسالة غامضة لأحد ما..
.....
تهللت ملامح وجه "ياسر" صدمة ممزوجة بسعادة ليقول بنبرة تعجب:أعد ما قولته مرة أخري !!
ارتسمت ابتسامة هادئة علي وجه الطبيب الذي طأطأ علي كتف "ياسر" بهدوء قائلا:مبروك يا بني زوجتك حامل ولكنها ستمكث معنا حتى تأتي الطبيبة المتخصصة من أجل إعطائها بعض الفيتامينات لتستكمل قواها
قفز "ياسر" من موضعه فرحة ممزوجة بجنون بعض الشئ ليظل يصيح بفرحة:سأصبح أب
و لأن الجنون في تلك اللحظة يجوز كليا بات "ياسر" يحادث جميع من يمر عليه من أطباء وممرضين وحتى المرضى و أهلهم بات يقول لهم "سأصبح أب"
ما بين ابتسامة خافتة من تلك علي جنونه و تحسر من ذاك علي المسئولية التي باتت علي عاتقه وتعجب من تلك وصل "ياسر" أخيرا إلي حجرة "مريم" ليستبدل باب الحجرة بطبلة شعبية بات يلحن عليها لحن الفرحة..
تركه "فادي و قمر" لجنونه هذا ولكي يحظي هو و"مريم" بلحظة بمفردهم تليق بتلك المناسبة..
دلف "ياسر" إلي الحجرة وهو يقول بحركة مسرحية طفولية:الحلو صار حامل الحلو راج يجيب ليً بنوتة تزيد جنوني به
عينيها تشعان فرحة وقلبها يتراقص من كلمات "ياسر" التي باتت نسمات الأكسجين الخاصة بها..
وليستكمل ذاك الجنون التام..قفزت "مريم" من علي الفراش كالطفلة التي تهرول إلي والدها بمجرد دخوله إلي المنزل..لتستقر "مريم" في عالمها الخاص بين ذراعي "ياسر" لتهمس في أذنه قائلة:بات في أحشائي شئ منك سأحافظ عليها طيلة عمري
أحاط "ياسر" خصر زوجته بحنان ليمنحها صدمة كهربية اجتاحت كيانها وهو يهمس قائلا:أحبك يا حلوتي
بينما "ياسر و مريم" في لحظتهم الفريدة من نوعها..كان علي الجانب الآخر علي طاولة مستديرة في كافيتريا المستشفي..ارتشف "فادي" قليل من العصير الموضوع أمامه وهو يضع هاتفه علي أذنه قائلا:من معي!؟
نبرة شبه باكية ممزوجة بشعور الاحتياج باتت واضحة في نبرة "إسراء" التي قالت:أنا "إسراء"
اكتست ملامح "فادي" بتعجب ممزوج بلامبالاة علي عكس عيني "قٌمر" التي تشع فضولا ممزوج بضجر ليقول"فادي" بنبرة برود:حسنا..ماذا هناك؟؟
أوقفت "إسراء" سيارتها ليرتفع أنين بكائها المصحوب بنبرة صوتها المرتعشة وهي تقول:أنا متعبة جدا يا "فادي" متعبة جدا لا أعلم ما الذي فعلته ليحدث في كل هذا
شعور من الضعف الممزوج باحتياج سيطر علي أوصال "إسراء" جميعها..لم تعلم لمن تشتكي!؟ لم تعلم لمن تظهر ضعفها؟! لم تعلم من سيستمع لشكوها؟!
و بلا وعي منها حادثت "إسراء" من استطاع الاستيلاء كليا علي قلبها لتنهار كليا أمامه..ليرتفع أنين بكائها أضعاف مضاعفة وهي تتفوه بكلمات غامضة بالنسبة ل"فادي" الذي اجتاحه شعور من التعجب الممزوج بالشفقة ليستأذن من "قمر" ذاهبا إلي أحد طرقات المستشفي وهو يقول:ماذا حدث لكل هذا؟! أهدي فقط
بينما كان كيان "إسراء" يشتعل ضعفا ممزوج باحتياج..كان شعور غريب يتسلل خفية إلي أوصال "قمر"..
ذاك الشعور الذي يجعلك تشعر أن من أمامك هو لك فقط..
ذاك الشعور الذي يجعل قلبك يشتعل غضبا من نسمة هواء باردة أصابت من أمامها..
ذاك الشعور الذي يجعلك أنانيا...
ذاك الشعور علي قدر ما به من أضرار إذ زاد عن الحد ولكن في حقيقة الأمر أن مميزاته هي التي تعيد إحياء القلب المتهالك..
ذاك الشعور الملقب ب"الغيرة" ليس غريبا عن العشاق ولكنه غريب علي "قمر" التي باتت تحرك قدمها بضجر ممزوج بعصبية قاربت علي جعلها تقفز من موضعها لتحطم هاتف "فادي" علي رأس التي تحادثه تلك..
بينما علي الجانب الآخر..زفر "فادي" بضيق من بكاء "إسراء" الذي لم ينقطع منذ أن بدأ..
وبدون أية مقدمات قالت "إسراء" وهي تكفف دموعها:شكرا لك علي ما فعلته مع أمي يا "فادي" هذا معروف معلق في رقبتي وأنا أعلم كيف أرد ذاك الجميل ولكنني أريد منك أن تنتبه لي قليلا
نبرة فضول نبعت من شفتي "فادي"الذي قال:حسنا ماذا هناك؟!
مرت ما تقارب العشرة دقائق..ليعود "فادي" إلي الطاولة وكأن شئ لم يكن ليجد "قمر" تنظر إلي هاتفها بلامبالاة ليقول لها:هل سنذهب إلي "مريم"الآن
أغلقت "قمر" هاتفها وبالرغم من الغيرة الممزوجة بالفضول التي قاربت علي الفتك بها قالت بنبرة باردة:حسنا
...
اختلف حال "مريم" علي مدار أسبوعين فباتت الآن جالسة معظم يومها علي فراشها نائمة بسبب ذاك الكسل الذي يجتاح أوصالها بسبب سفر "ياسر" المفاجئ إلي الأقصر بسبب إحدى الرحلات السياحية..
بينما "إسراء" باتت وبدون أي مبالغة كالهيكل العظمي..تأكل بعض اللقيمات لتستطيع زيارة والدتها لا أكثر بينما شعور من الراحة المؤقتة اجتاح كيانها بأكمله لسفر "محب" الذي سيطول لما يقارب الشهر..
أما "منير" فروتينه اليومي وانشغاله بالمصنع والمزارع لم يمنعه هو وزوجته علي الاطمئنان يوميا علي فتاتهم بل وزيارتها لمدة 24ساعة لا أكثر دون المبيت معها في منزلها..
أما عن "بسام" الذي باتت حياته بأجمعها غامضة علي الجميع عدا "قمر" التي باتت تحادثه في اليوم فوق ال6مرات خوفا عليه من جنونه الذي سيهوي به لا محالة...
و "حمدي" كعادته بين انشغاله بعمله وذكريات ماضيه الغامض تمضي الأيام أمام عينيه بدون شعور بها سوي بضع الساعات التي يستمتع بها بسبب ابنه..
أما عن "فادي" و "قمر" فباتت صداقتهم الآن قوية جدا عن السابق..فبالرغم من العند المسيطر علي "قمر" و
التعجرف و البرود المتمكن من "فادي" نشبت صداقة بينهم..لا يعلم أي منهم كيف نشأت؟؟ولا لأين ستقودهم؟؟
...
التقط "بسام" بعض الملفات من "منير" ليقول بنبرة تعجب ممزوجة بفضول:ما كل هذا يا عماه!!
ارتشف "منير" قليل من الشاي ليقول بنبرة جدية:تلك الملفات تخص المناقصة التي ستقام بعد أسبوعين لذلك أريد منك أن تحافظ عليها وأنا سأبعث لك بالمتخصصين لدرستها في منزلك وإياك أن يعلم أحد غيرك بتلك المناقصة
عقد "بسام" حاجبيه بتعجب من نبرة "منير" ليقول بنبرة تساؤل:حسنا ولكن لماذا!! نحن كالعادة نناقش المناقصات في المصنع ما الذي تغير
زفر "منير" بضيق ليقول بنبرة ضجر:في السابق كانت مصلحة المصنع هي الشغل الشاغل للجميع ولكن منذ أن أصبح "محب" شريك فيه بات كالحيوان الذي يتغذي علي الأرباح الشهرية ولن يكون عنده أي مانع إذا باع المناقصة مقابل بعض المال من أي منافس لنا
ابتسم خافتة غزت ملامح "بسام" الذي قال بنبرة مزاح:ماكر أنت يا عماه
قهقهة خفيفة صدرت من "منير" الذي أمسك بأذن "بسام" كأنه طفل يعاقبه ليقول بنبرة جدية:و الآن أخبرني أيها المشاكس..ما سر اختفائك الدائم هذا!!
تصنع "بسام" الألم بطفولة ليقول بنبرة خبث ممزوج بضحك:هل سأتزوج مثلا يا عماه!! أنا في أباشر أعمال المصنع دائما و هكذا
سيطرت الجدية علي ملامح "منير" الذي قال بنبرة تحذيرية: "بسام" أنت ابني ولست ابن أخي فقط ولذلك إذا علمت بأن تهورك هذا قادك إلي الخطر سأكسر قدميك بيدي
نبرة قلق مدفونة بين طيات حديث "بسام" الذي قال:لا تقلق يا عماه أنا أعلم ما الذي أفعله
....
هي المرة الحادية عشر التي تحادث فيها "قمر" "فادي" في أقل من الساعة ولكن يأتيها الرد الدائم من فتاة تقول "عذرا الهاتف الذي تحاول الاتصال به غير متاح"
وضعت "قمر" هاتفها علي طاولة تجاور أريكتها لتقول بنبرة غضب مكتومة:إذا رأيتك أمامي يا أنتي لأجعلك غير متاحة للحياة
بينما علي الجانب الآخر..تحديدا في إحدى الحافلات السياحية..انطلقت الحافلة أخيرا بعد عطل دام لساعة كاملة بسبب المحركات..ولحسن حظ "ياسر" ومن معه في الوفد السياحي أن تلك الساعة لن تؤثر علي موعد طائرة عودتهم إلي القاهرة..
جلس ياسر" علي مقعد مخصص له ليفتح شاشة هاتفه عابث بأصابعه عليها ليبعث رسالة لزوجته علي تطبيق "الواتس أب"... وما بين الرسالة و الأخرى استمر الحديث بين الزوجين لمدة ربع ساعة إلا أن قاربت بطارية هاتف "ياسر" علي تفريغ تمام شحنتها...
ليغلق "ياسر" هاتفه...تارك المجال لعينيه لكي تذوق طعم الراحة ولو لدقائق..وبمجرد أن أطبقت جفون "ياسر" علي عينيه..سمع صوت سيارة تمر من أمام الحافلة كأنها تخشي الاقتراب منها ولكن سرعان فتح "ياسر" عينيه لتتسعان صدمة ممزوجة بتساؤل قارب علي التحول إلي أداة التقاط لتلتقط ذاك السائق الذي انطلق بسيارته بأقصى سرعة كأنه شعر بعيني "ياسر" التي رصدت حركاته الغامضة.....
تلك الحركات الغامضة التي بعثت في روح "ياسر" القلق الممزوج بالتساؤل..إن كانت عينيه خدعته هذه المرة أم أحد آخر خدعه..



يتبع......
#نورهان_حسنى





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-16, 10:22 PM   #12

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل العاشر


موسيقي صاخبة تتراقص عليها فتاة بين ذراعي "محب" الذي يحيط خصر بذراعه الأيمن وبذراعه الأيسر كأس من الفودكا يرتشف منه قطرات وهو متلذذ بالنظر إلي جسد تلك الفتاة الشبه عاري..
ارتشف "محب" القطرات الأخيرة من الفودكا ليطبق عي شفاه الفتاة بقٌبلة شهوانية سريعا وهو يتراجع إلي الخلف ليجلس علي الطاولة الوحيدة التي تضم شركائه في ذاك المكان الخالي من أي بشر عدا "محب" وشركائه..
انطلق النادل بخطوات ثابتة يسكب بعض من الشراب في كاس "محب" الذي قال بنبرة خبث: You want me to become drunk "تريدني أن أصبح ثمل"
انطلقت قهقهة صاخبة من ذاك الرجل المقابل ل"محب" لتنطلق دفعة من دخان تبغه ليقول: Impossible, I just want you be enjoy to agree to accidental "مستحيل أنا أريدك فقط أن تستمتع لكي توافق علي عرضي"
نبرة فضول ممزوجة بخبث انطلقت من "محب" الذي قال: I will give you a unique show who take the goods at the price agreed upon, and for that I will send you with 20 kilos of cocaine as a gift
"سأقدم لك عرض فريد من نوعه سأخذ البضاعة بالسعر الذي اتفقنا عليه ومقابل ذلك سأبعث لك ب20 كيلو من الكوكاين كهدية"
صمت الرجل لثواني معدودة توحي بأن ذاك العرض نال إعجاب وتوفق علي كل الحسابات التي كانت أمامه ليقول: This is very interesting, but do you know what raises my mind !! Your trading in all kinds of legal resources, including the non-law
"هذا شيق جدا ولكن أتدري ما الذي يثير ذهني!! تجارتك في كل أنواع الموارد الشرعية منها والغير شريعة"
تحسس "محب" كتف الفتاة العاري التي جلست لتوها بجانبه ليقول بنبرة ماكرة: In my own world there is nothing illegal as long as it brings money
"في عالمي الخاص لا يوجد شئ غير شرعي طالما أنه يجلب المال"
أعلن "محب" انتهاء الحديث بنظرته الماكرة الممزوجة بسعادة لإتمام صفقته الثالثة في جولاته تلك لتضاف إلي قائمة الربح لديه بعد صفقة المخدرات الفاشلة..
...
في عصر اليوم التالي..أعلن صوت صافرة المصعد الكهربي وصوله للطابق السفلي لتستقله "قمر" بلامبالاة ممزوجة بإرهاق وقبل أن تضغط علي زر الطابق الخامس..فتح "ياسر" باب المصعد ليستقله هو و زوجته..
ألقت "قمر" التحية علي "ياسر" بمناسبة عودته بأمان الله ليلة أمس ولتنطلق بحديثها مع "مريم" حول أحوال حملها وما شابه ذلك..
ومع نهاية حديث "مريم" أعلن صوت المصعد وصول "قمر" إلي طابقها المحدد لتفتح باب المصعد الكهربي بتردد ممزوج بإحراج..
وما هي إلا لحظات معدودة انتصر فيها قلب "قمر" علي أية عوامل أخرى لتلتفت بنظرها إلي "ياسر" قائلة:أعذرني..ولكن لماذا اختفي "فادي" وهاتفه غير متاح دائما
نظرت "مريم" إلي "ياسر" بتعجب ليقول "ياسر" بنبرة أسف:ألم تعلمي!! والد "فادي" في المستشفي
اتسعت عيني "قمر" صدمة ممزوجة بخوف قائلة:والده!!
نبرة تعجب ممزوجة بعدم فهم انطلقت من "ياسر" الذي قال:والده مرض مساء البارحة و "فادي" بصحبته من لحظتها إنهم بالمستشفي التي اصطحبنا فيها "مريم" سابقا
علامات من الصدمة التي أوشكت علي التحول لبكاء ظهرت علي ملامح "قمر" وهي تغلق باب المصعد الكهربي مودعه "مريم و ياسر"..
بعد ثواني معدودة..أغلق "ياسر" باب منزله قائلا بنبرة عدم فهم ممزوجة بضيق:لماذا لم تقولي لها يا "مريم"!!أنا تعجبت من عدم ذهابها معنا ولكنني قولت أنها مشغولة برسالتها
خلعت "مريم" حجابها وابتسامة خافتة تزين ملامحها وهي تقول:كل هذا ولم تضح لك الصورة!!
نبرة تعجب ممزوجة بعدم استيعاب انطلقت من "ياسر" الذي قال:أية صورة؟!
أسندت "مريم" رأسها إلي الخلف وهي تقول بنبرة فرحة:العنيدة وقعت في حب المتعجرف والمتعجرف واقع في حب العنيدة
اتسعت عيني "ياسر" صدمة ممزوجة بعد استيعاب ليقول:نعم!؟ كيف هذا!؟
غمزة ماكرة انطلقت من "مريم" التي تقول بنبرة واثقة:نعم يا حبيبي هذا ما حدث والإثنان يتلاشيان التفكير في ذاك الأمر..ألم تري أحوال صديقك !؟ ألم تري لامبالته التي تخفي فضولهم عندما استأذنت منكم ونحن في المستشفي بحجة محادثتي ل"قمر"؟! ألم تري لهفة "قمر" لسماعها أي خبر عن ولا دموعها المتحجرة في عينيها؟!
مسح "ياسر" علي رأسه بتشتت وهو يقول بنبرة غير مستوعبة:يا الله لو صدق كلامك ستكون إحدى عجائب الدنيا السبع
......
طأطأ "فادي" رأسه بإرهاق ليجعلها بين كفيه ليطبق الإغلاق علي عينيه بجفونه التي لم تذق طعم للراحة منذ رؤيته لوالده ملقي علي الأرض فاقد للوعي..
في تلك اللحظة فقط شعر "فادي" بأنه سيكون يتيم كليا..
في تلك اللحظة فقط ولأول مرة يشعر "فادي" بالضعف..
في تلك اللحظة فقط عندما أمسك بذراع والده يحركه بخوف مناديا إياه سقطت دموع ذاك المتعجرف الذي يخفي طفل يخشي أن يفقد أباه..
فاق "فادي" من شروده علي صوت يجلس علي مسافة مقعدين منه يقول له بنبرة شبه باكية: "فادي"
استجمع "فادي" قوته التي تشتت منذ مرض والده ليرفع عينيه بثباته المعتاد لتتسعان دهشة لرؤيته قطرات لؤلؤية متحرجة في عيون "قمر" ليقول "فادي" بنبرة تعجب:"قمر" !! كيف آتيتي إلي هنا؟؟
نبرة شبه مرتشعة ممزوجة بقلق نبعت من "قمر" التي قالت:لم أعلم بمرض والدك إلا من نصف ساعة..ولكن المهم كيف هي أحواله؟!
تنهيدة حيرة تحمل في طياتها خوف وقلق نبعت من "فادي" الذي قال:الحمدلله أفضل من البارحة
أكمل "فادي" حديثه بنبرة تعجب ممزوجة بقليل من تعجرفه المعتاد قائلا:ولكن لماذا آتيتي!! كان ممكن أن تأتي غدا مع "ياسر"؟!
أطبقت "قمر" علي عينيها برموشها المرتعشة وكأنها تخشي النظر إلي "فادي" في تلك اللحظة تحديدا لتقول بنبرة شبه هامسة:لأني أحبك
صدمة كهربية اجتاحت أوصال "قمر" وكأنها كانت مغيبة عن الوعي وبمجرد أن أنتهت حديثها عادت إلي الحياة..لحظات معدودة شعرت فيها "قمر" وكأنها أطرفها أصابها الشلل الكلي ولكن ما بال قلبها؟!
قلبها باتت دقاته تتسارع خوفاً من رد فعل "فادي" وفرحةً من شجاعته علي البوح بحقيقة مشاعرها..
رعشة خوف نبعت من رموش "قمر" وهي تفتحها لتتسع عينيها دهشة لرؤية مقعد "فادي" فارغ..
هل غضب من حديثي!؟ هل تركني بمفردي ليخبرني بطريقة غير مباشرة رفضه لما قولته؟!
أسئلة كثيرة اجتاحت عقل "قمر" لتجعل عينيها شبه عاجزة عن التحرك من النظر لمقعد "فادي" ولكن سرعان ما فاقت "قمر" من لحظتها المرعبة تلك علي صوت "فادي" يقول:عذرا يا "قمر" ولكن رأيت الطبيب يخرج من حجرة والدي فذهبت إليه..ماذا كنتي تقولين ؟!
تنهيدة طمأنينة ممزوجة بتحسر نبعت من "قمر" التي قامت من موضعها قائلة:شئ غير مهم ..المهم الآن كيف حال والدك؟!
نبرة طمأنينة ممزوجة براحة نبعت من "فادي" الذي قال:سيخرج ليلا بإذن الله لقد استقرت حالته
مرت قرابة الخمسة دقائق...تحدثت فيها "قمر" و "فادي" حديث عابر عن حالة والد "فادي" وأحوال "قمر" لتستأذن "قمر" من "فادي" وتعود إلي منزلها..تجر خلفها تحسرها علي شجاعتها التي لم تكن لها أية فائدة وفرحةً علي الاطمئنان علي "فادي" و والده..
...
في صباح اليوم التالي...صوت نغمة رنين هاتفه الصاخبة عكرت صفو الهدوء الذي يسود الحجرة..
أزاح "محب" الوسادة من فوق رأسه ليلتقط هاتفه بملل قائلا بنبرة ضجر:خير!!
آتاه نبرة صدمة ممزوجة بخوف يقول:لقد احترق مخزن الملابس في الأقصر
انتفض "محب" من علي موضعه ليصيح بنبرة غضب ممزوجة بعدم استيعاب:نعم!! مخزن الأقصر!! كيف حدث هذا والحراس أين كانوا!!
نبرة متشتتة من أثر الصدمة الغير متوقعة ليقول ذاك الرجل المجهول:الداخلية في كل مكان وكل الحراس وجودوا وهم فاقدي الوعي
مسح "محب" علي شعره بغضب ليقول بنبرة تنبيه:أحذر أن يتفوه أحد من الحراس بشئ إلي لي أنا مفهوم وأنا سأستقل أول طائرة
آتاه صوت الرجل المجهول الذي تحدث بنبرة تخفي في طياتها خبث وهو يقول:بالطبع نحن في انتظارك
..
جلس "حمدي" علي أريكة أمام شاشة التلفاز يتابع بعض الأخبار بينما "فادي" منشغل بتحضير بعض الطعام الصحي له..
ارتفع صوت المذيعة قائلة بتلك النبرة المعتادة:في مسلسل الحوادث الغامضة الذي مر علينا مسبقا منذ ما يقارب العشرة أيام عندما لقي رجل مازال مجهول لدينا مصرعه بطريقه وحشية علي الطريق الصحراوي..
انطلق صباح اليوم وهو يحمل في جعبته حريق هائل نشب في إحدى أكبر مخازن الملابس التي يملكها أحد رجال الأعمال "محب...."
وقبل أن تكمل المذيعة حديثها التقط "فادي" جهاز التحكم بالتلفاز ليبدل القناة الإخبارية بفيلم أجنبي..
عقد "حمدي" حاجبيه بتعجب قائلا:لماذا أبدلت المحطة يا بني؟؟!
تأكد "فادي" من وضع طاولة الطعام أمام والده ليقول بنبرة لامبالاة:ليس بمهم يا أبي منذ متى وأنت متابع للأخبار
أكمل "فادي" حديثه بطريقة مرحة قائلا:الآن تذوق طعامي وأخبرني عن رأيك
ابتسم "حمدي" لابنه بهدوء ليقول بنبرة عتاب:أنا الآن أصبحت بخير لماذا لم تذهب إلي عملك إذن؟!
نبرة جدية مصطنعه ممزوجة بحزن هو الآخر مصطنع نبعت من "فادي" الذي قال:هل أنا ممل لتلك الدرجة؟! علي العموم شكرا يا أبي وسأذهب إلي عملي غدا
اتحدت ضحكات الأب وابنه سويا مضيفة جو هادئ علي تلك الأسرة الصغيرة جدا التي يحمل أفرادها لنا الكثير من المفاجآت فيما بعد..
...
مرت ثلاثة أيام..يحاول فيها "محب" جاهدا الوصول إلي من أحرق مخزنه ولكن النتيجة دائما الفشل ولكن ذاك الفشل لم يحرك عزيمة "محب" نهائيا بل ذات تصميمه علي معرفة الجاني بعد أن تم إغلاق الحادثة ضد مجهول.
بينما حياة باقي أبطالنا كما هي و روتينهم اليومي لم يتغير عدا الكثير من العصبية اجتاحتهم جميعا فجأة والكثير من البرود الذي انتقل عبر الجو من "فادي" إليهم جميعا..
...
دلفت "مريم" إلي حجرتها لتتسع عينيها تعجب ممزوجة بضجر لتقول بنبرة عصبية مكتومة:مازلت مصمم علي رأيك يا "ياسر" ؟؟!!
أغلق "ياسر" الزر الأول من قميصه ليقول بنبرة إرهاق ممزوجة بلامبالاة:نعم يا "مريم" لا أستطيع ألا أذهب إلي العمل
اقتربت منه "مريم" بسرعة لتتحسس حرارة رأسه لتقول بنبرة ضجر:حرارتك مازالت مرتفعة وبالإضافة إلي رشح أنفك لن أتركك تذهب نهائيا يا "ياسر"
زفر "ياسر" بضيق وهو يكمل إغلاق قميصه قائلا:حبيبتي هذا ليس وقت للحديث لدي عمل
وضعت "مريم" يدها علي صدر "ياسر" لتفتح القميص دفعة واحدة وهي تصيح بغضب:لن تذهب
لحظات صمت مرت علي الزوجين..ارتعشت فيها رموش "مريم" من خوفها من رد فعل "ياسر" علي رفع نبرة صوتها أمامه ولكنها فوجئت بضحكاته ترتفع في جميع أركان الحجرة..
فتحت "مريم" عينيها بتعجب ممزوج بخوف وقبل أن تتفوه بكلمة أطبق "ياسر" علي معصمها بيده قائلا بنبرة جدية مصطنعة ممزوجة بخبث:أتدري أن حسابك زاد برفع صوتك هذا وفتحك لقميصي بتلك الطريقة التي لم أفعلها أنا
قرأت "مريم" ما في عيني "ياسر" جيدا لتتسع عينيها هي بصدمة ممزوجة بإحراج وقبل أن تتفوه بحرف واحد سلبها "ياسر" روحها ليسافر بها إلي عالمهم الخاص حيث جازها "ياسر" علي فتح قميصه بتلك الطريقة ليكون الجزاء علي طريقة العشاق..
..
بعد انتهاء دوام العمل المقرر لليوم..استقل "فادي" دراجته البخارية رافعاً الخوذة علي رأسه وقبل أن ينطلق بالدراجة آتاه صوت "إسراء" تقول:ماذا أفعل الآن فيما طلبه مني؟!
التفت "فادي" بنظره يبحث فيمن يكلمه ليجدها "إسراء" تقف علي مسافة أمتار منه..ليخلع خوذته قائلا بتساؤل :و ماذا طلب؟!
أخرجت "إسراء" هاتفها من حقيبة يدها لتفتحه علي محادثة ما وتضعها أمام "فادي" قائلة بنبرة مرتعشة:هذا
لحظات صمت مرت علي "فادي" وهو يقرأ الرسالة بتمعن ليقول بنبرة جدية:حسنا أبعثي له بالمعلومات الذي يريدها
اتسعت عيني "إسراء" دهشة ممزوج بعد فهم لتقول بنبرة تساؤل:كيف؟! أنا وأنت نعلم ما الذي سيفعله بتلك المعلومات
ابتسامة خبث غزت ملامح "فادي" الذي أرتدي خوذته قائلا بنبرة ماكرة:هو يريد بعض المعلومات فلنعطيه ما يقوده إلي المكان الذي نريده
شعور من الراحة النسبية استولي علي أوصال "إسراء" التي قالت:و لكن ماذا لو فعل بي شئ لأني أبلغته بمعلومات خطأ
تهيأ "فادي" لقيادة دراجته البخارية ليقول بنبرة ثقة ممزوجة بطمأنينة:لا تقلقي نهائيا أنا أعلم ما أفعله
...
ارتشف "بسام" قليلا من فنجان القهوة ليزفر بضجر قائلا:و أنا أحب أن أعلم كل أطرف العمل..أما ذاك الغموض لا يتسع صدري له
تنهدت "أسماء" بحيرة ممزوجة بتردد لتقول:يا "بسام" تلك هي الأوامر ويجب تنفيذها علي أكمل وجه من فضلك
نبرة عصبية مكتومة ممزوجة بعند نبعت من "بسام" الذي قال:حسنا إذا استمر هذا الوضع علي ذلك سأقلب الطاولة علينا جميعا وأنفذ ما جئت لأجله
نبرة تهدئة نبعت من "أسماء" التي قالت:"بسام" أهدأ أولا ومن ثم فكر أن كل ما يحدث سيكون نتيجته ما تريده
مرر "بسام" أصابعه بين خصلات شعره بضجر ممزوجة بحيرة وملامحه تبدو عليها علامات التفكير للوصول إلي قرار فيما يفعله..
أسئلة كثيرة دارت في ذهن "بسام" بات يسألها لنفسه لأول مرة...
لأول مرة يشعر بأن ما فعله في البداية كان خطأ..
لأول مرة يشعر بأن رغباته مقيدة بأوامر عليا..
زفر "بسام" بضيق ممزوج بتردد ليقول:حسنا يا "أسماء" فلنتابع العمل ولكنني سأعلم كل شئ قريباً
ارتسمت ابتسامة طمأنينة علي ملامح "أسماء" التي قالت:جميعنا سنعلم كل ما كان غامض قريباً
....
دقت xxxxب الساعة معلنة أنها باتت العاشرة مساءً..ليقوم "فادي" من موضعه قائلا:حسنا سأذهب المهم أنك بخير
نبرة مزاح نبعت من "ياسر" الذي قام من موضعه قائلا:هل آتيت فقط لتعلم متى سيكون العزاء؟!
ابتسامة ماكرة غزت ملامح "فادي" الذي قال بنصف عين:بحالتك تلك؟! مستحيل أن يكون عزاء ستكون ليلة زفاف لأنك تبدو وكأنك عريس جديد
قهقهة شبه عالية نبعت من "ياسر" الذي وكز صديقه في كتفه قائلا:حسنا يا "فادي" زيارة جميلة لا تكررها مرة أخرى
وقبل أن تتحرك شفاه "فادي" دلفت "مريم" إلي الحجرة قائلة:العشاء جاهز
نبرة اعتذار نبعت من "فادي" الذي حمل سلسلة مفاتيحه قائلا:لا أعذريني اليوم يا "مريم" فأنا أتضور جوعا للنوم لا أكثر
اكتست علامات الضيق علي ملامح "مريم" التي قالت:تصرف أنت معه يا "ياسر" بطرقك المعتادة ريثما اطمئن علي "قمر"
اتجهت "مريم" إلي حجرتها لتحادث "قمر" بينما قال "ياسر" بنبرة مزاح:هيا يا "فادي" فأنا الذي أتضور جوعا للطعام
علامات من التعجب الممزوج بالقلق سيطرت علي ملامح "فادي" منذ أن أنهت "مريم" حديثها ليقول "فادي" بنبرة تساؤل:ما الذي في "قمر"؟؟
ابتسامة ماكرة ارتسمت علي ملامح "ياسر" الذي قال بتلقائية:إنها في جامعتها فقط تنهي بعض الأمور وستتأخر
زفر "فادي" بضجر ممزوج بقلق يختفي تحت طيات ملامحه التي تظهر اللامبالاة ليقول بنبرة معتذرة:سأذهب أنا حتى لا أترك أبي أكثر من ذلك
و بدون أن يترك "فادي" أية فرصة ل"ياسر" ودعه ليستقل المصعد الكهربي وهو يبعث برسالة إلي أبيه يخبره بأنه سيتأخر الليلة..
خليط عبارة عن ضجر ممزوج بغضب ممزوج بقليل من الفضول والكثير جدا القلق وبعض الأحاسيس التي عجز "فادي" عن تفسيرها..كل تلك الأحاسيس بل وأكثر اتحدت سويا مكونة خليط من المشاعر جعل عقل "فادي" يطرح الكثير والكثير من الأسئلة..
ساعة فالثانية فالثالثة و"فادي" جالس علي درجته البخارية أمام العمارة السكنية من يلمحه لثواني يظن بأنه بركان من الغضب علي وشك الإنفجار والفتك بكل من حوله...
في تلك الساعات التي مرت..دار تسجيل سينمائي سريع لحياة "فادي" بكل ما يمتلكه من غموض..من تعجرف..من لامبالاة..من تردد..من أمور حسمها مسبق ولكن من الواضح أن لقبله رأي آخر بها..
من الواضح أن حياة ذاك المتعجرف ستنقلب رأس علي عقب بسبب أمر بدأ يجتاح أوصاله من فترة وهو يحاول تجاهله ولكن وبدون أية ترتيبات انفجر ذاك الشعور داخله كليا ليمتزج بغضبه الذي قارب علي الفتك بكيان "فادي" الذي حاول في لحظات كثيرة العودة بدراجته إلي منزله ولكن ذاك الشعور الممزوج بالغضب أمسك بزمام الأمور ليحبط أية محاولات منه في العودة إلي منزله..
أضأ "فادي" شاشة هاتفه ليجد أنها صارت الواحدة صباحا ليضغط علي هاتفه بغضب قارب علي تحطيم الهاتف وقبل أن يتهيأ جسده للعودة إلي منزله..وقفت إحدى سيارات الملاكي أمام العمارة السكنية...لتهبط من جانبها الأيمن "قمر" التي قالت بنبرة شاكرة:شكرا جزيلا يا دكتور "كرم" علي إيصالي
أغلقت "قمر" باب السيارة ومعها تفتح علي نفسها نار غضب "فادي" الذي يجلس علي دراجته البخارية أمام أحد الأشجار التي حجبت رؤية "قمر" له ولكنها لن تستطيع حجب غضبه الذي قارب علي التحول إلي نار تفتك بأوراق الشجرة التي تتراقص بخوف صانعة نسمة هواء عاجزة عن تخفيف غضب "فادي"..
سار الدكتور "كرم" في طريق عودته بسيارته بينما أغلقت "قمر" حقيبتها وقبل أن تخطو قدمها الدرج الأول من السل فوجئت بنبرة"فادي" الحادة تنادي باسمها لتلتفت بتعجب لتفاجأ ب"فادي" يقف أمامها بسرعة خيلت لها لثواني أنه مصاص دماء كالذي نسمع عن سرعته الفائقة في الروايات الخيالية..
اتسعت عيني "قمر" صدمة ممزوجة برعب من نظرات عين "فادي" التي تشع غضباً بل في الأحق تشع نار قاربت علي التهام "قمر" لتصاب أطرافها بالعجز عن التحرك من بركان الغضب الذي يقف أمامها..
متر أو أكثر بقليل كانت تلك المسافة التي تفصل بين "قمر" و"فادي"..كانت تلك المسافة كافية تماما لإيصال نبرة "فادي" النارية ليقول:فتاة العض كان يظن أنها محافظة علي نفسها وعلي عرض والدها التي تركها هنا بمفردها تأتي إلي منزلها بعد منتصف الليل وفي سيارة رجل غريب عنها
شعرت "قمر" وكأن كلامات "فادي" ما هي إلي أعيرة نارية تخترق كيانها بقوة قاربت علي الإيقاع بها وقبل أن تتفوه بحرف واحد..أكمل "فادي" موجة غضبه العارمة وهو يقول بصوت غاضب:كان من الممكن أن تكملي الليلة معه علي الأقل لن تكوني بهذا الرخص عندما تهبطي من سيارته
أصابت الموجة الثانية من الغضب الناري "قمر" التي لملمت شتات نفسها بسرعة قائلة بنبرة غضب ممزوجة بعند:وأنت من كي تحاسبني علي أفعالي؟! فلتذهب أية معتقدات عقيمة لهذا المجتمع إلا الجحيم طالما أنني مازلت محافظة علي نفسي
وكأن كلمات "قمر" ما كانت إلا وقود للنار المشتعلة داخل "فادي" لتزيد من حدتها ليقول "فادي":مجتمعنا نعم عقيم ولكن تصرفاتك تلك فسري لي معني أني تأتي فتاة بصحبة رجل بعد منتصف الليل بسيارته غير أنها كانت بين أحضانه
اتسعت عيني "قمر" غضب قارب علي الفتك ب"فادي" لتقول "قمر" بنبرة غضب عارمة:تفكيرك هو العقيم يا أنت ولن أبرر تصرفاتي لشخص مثلك أفكاره ملوثة ومريضة
وقبل أن تفكر "قمر" في الاستدارة آتاها صوت "فادي" الذي اخترق كل خلية منها وهو يقول:"قمر" أمامك دقائق معدودة لتعطيني سبب مقنع لما فعلتيه
نبرة عند ممزوجة بغضب نبعت من شفاه "قمر" التي قالت:ولماذا أفعل ذلك ؟! من أنت؟!
نبرة غضب نبعت من شفاه "فادي" الذي ضرب الأرض بقدمه قائلا:تكلمي
نبرة عند أقوي تملكت من "قمر" وكأنها اكتسبتها من ضربة "فادي" للأرض لتقول:ليس لدي أية أسباب تجعلني أبرر لك أي شئ ..ليس لديك أية حقوق تجعلني أبرر شئ ما لأفكار عقيمة
نبرة أمر ممزوجة بغضب أوشك علي التحول ضد "فادي" ليجعله يلقن تلك العنيدة درساً ولكن حاول "فادي" التماسك قائلا:بل لي وتحدثي يا "قمر"
نبرة برود اكتسبتها"قمر" من "فادي" امتزجت بعندها الفطري جعلها تعقد يدها أمام صدرها قائلة:حسنا وما هو؟!
تحولت لامبالاته إلي لا وعي ليصيب كيانه وكأنه صدمة كهربية امتزجت مع غضبه العارم لتمحيه في لمح البصر وتبدل مكانه بلا وعي أو بالأحق بدلت الصدمة الكهربية "فادي" الغاضب المتعجرف إلي "فادي" الذي يملك قلب باتت دقاته تعزف لحن غريب علي ذاك المتعجرف..
دقات قلبه باتت تعزف لحن يمد الجسد بالراحة..
دقات قلبه باتت تعزف لحن الأب الذي يخشي أن تصيب نسمة هواء غادرة فتاته..
دقات قلبه باتت تعزف لحن الأخ الذي يحاول بكل السبل استفزاز أخته ولكن في الحقيقة هو يخشي عليها لأنها قطعة من قلبه..
دقات قلبه باتت تعزف لحن العاشق المشتاق للجلوس في حضرة معشوقته..
دقات قلبه حاول كثيراً أن يقضي عليها ويستبدلها بالبرود والتعجرف ولكن ها هي الآن تمسك بزمام الأمور وتجعل شفاه "فادي" تتحرك بصيحة غضب عاشق يقول:أني أحبك......


يتبع......
#نورهان_حسنى



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-16, 10:22 PM   #13

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل الحادي عشر


نسمة هواء بارد اجتاحت كيان "فادي" قبل "قمر" ليخيم الهدوء علي ذاك الشارع الذي حمل من لحظات براكين غضب متفجرة ولكن الآن بات تحولت العند إلي صدمة..تحول الغضب إلي عدم تصديق...
أصاب العجز كيان "فادي" و"قمر" وكأن الزمن توقف بهم للحظات لا يعلم أي منهما مدها ولكنها لحظات تحمل في طياتها الصدمة الممزوجة بالفرحة الممزوجة بقليل من الندم الممزوجة بكثير من عدم التصديق..
دقات قلب نبعت من الإثنين شعروا وكأنها ستفضحهم من سرعتها ولحنها الذي يعزف لحن الفرحة بفوز الحب علي التعجرف وانتصاره علي العند..
أذني "قمر" ما زالت تسمع صدي حديث "فادي" وبوحه بحبه..عينيها تتلألأن كالقمر ليلة تمامه إلي بدر وشفاها تأبي الحديث لتظل نبرة "فادي" هي المحتلة لأوصالها..
بينما "فادي" في صدمة سيطرت علي كيانه بأجمعه..صدمت مشاعره الذي حاول إخفائها وصدمة البوح بها والأهم من كل هذا في نظره صدمته من "قمر" التي عادت بعد منتصف الليل مع رجل غريب مهما كان سنه..
عقله بات يصوب اللوم والغضب إلي شفاه التي نطقت بما حاول تكذيبه وقلبه يتراقص فرحاً لأن شفاهه أباحت عما ظن أنه سيبلي مع الزمن..
و مع هذا الصراع الداخلي الذي قارب علي الفتك ب"فادي" بدأت لامبالاته تعود له تدريجيا ليزفر "فادي" بقوة وقبل أن يخطو خطوة إلي دراجته البخارية آتاه صوت "قمر" المرتعش من الفرحة تقول:ذاك الدكتور أحد أعضاء اللجنة التي ستناقش معي رسالة الماجستير و لم أكن في الجامعة بعد الساعة السادسة ومن بعد ذلك كنت أبحث عن بعض الكتب إلي أن آتاني اتصال منه..مالا تعرفه ولا أحد يعرفه يا "فادي" أن ذاك الدكتور له ابنة من أم أجنبية ولسوء حظه أنه تم الاعتداء عليها منذ أكثر من سنة ومنذ تلك اللحظة وهي لا تري نور الشمس لأن تلك الحادثة جعلتها تفقد النطق وأنا علمت بذلك الأمر عندما ذهبت له مرة في المكتب لسؤاله في أمر ما ودلفت أم تلك الفتاة إلي المكتب بدون إذن لتتشاجر معه وتتهمه بأنه السبب فيما حدث لابنتهم لأنه من آتي بها إلي القاهرة وذلك علمت ما حدث وهو من أخبرني بالأمر ومنذ تلك اللحظة لم نتحدث في الأمر إلا اليوم حدثني وطلب مني أن أجلس قليلا مع ابنته لأنه لا يأمن أحد غيري عليها نظرا لأني أعلم ما حدث ولأن الممرضة العاكفة علي الجلوس معها اضطرت لأخذ عطلة وهو مرتبط بإجتماع مهم فلم يكن أمامي إلا الموافقة وعندما عاد أصر علي إيصالي خشية أن يحدث لي مكروه ما..
ابتلعت "قمر" ريقها بصعوبة لتقول بنبرة حانية:هذا كل ما حدث صدقني.."فادي" أنا أ...
قبل أن تكمل "قمر" حديثها فوجئت ب"فادي" يسير من أمامها متجها إلي دراجته البخارية ليستقلها بأقصى سرعة ويضع خوذته..هرولت "قمر" إلي "فادي" قائلة بنبرة شبه باكية:"فادي" لا تذهب
نظرة عيني "فادي" لم تستطع "قمر" تفسيرها نهائيا ولكنها بعثت فيها القليل من القلق ولكنها قالت بنبرة يقين:ستعود يا "فادي" سأنتظرك
وبمجرد أن أنهت "قمر" حديثها انطلق "فادي" بدراجته البخارية بأقصى سرعة تاركا "قمر" بين فرحتها ببوحه بحبه لها وحزنها لتأكدها من أن نظرته الأخيرة توحي بأنه سيغيب لفترة...
....
دلفت "إسراء" إلي حجرتها التي يسودها الظلام بينما إضاءة الهاتف التي تعلن قدوم اتصال جعل"إسراء" تسير تجاه هاتفها بتردد ممزوج بقلق لتلقط هاتفها لتجد اسم "محب" ينير الهاتف وكأنه يبعث فيها صدمة كهربية تزيد قلقها وتوترها..أغلقت "إسراء" عينيها ليقفز في خيالي سريعا صورة "فادي" وهو يؤكد عليها ما يجب فعله لتحادث "إسراء" نفسها قائلة:يا الله ساعدني كل ما أفعله من أجل أن أرد دين "فادي" الذي في رقبتي يا الله أمنحني القوة لأستكمل ما بدأته
غزت الثقة كيان "إسراء" رويدا رويدا لتفتح عينيها بطمأنينة واضعه هاتفها علي أذنها قائلة بنبرة مدللة:اشتقت لك كثيرا
نبرة تعجب ممزوجة بحدة نبعت من شفاه "محب" الذي قال:أين ستكون رحلة الوفد؟!
عبثت "إسراء" بخصلات شعرها ليغزو صوتها نبرة ماكرة ممزوجة بدلال لتبدأ في إبلاغ "محب" جميع المعلومات حول الوفد السياحي الذي سيكون تحت إشراف "فادي" لتنهي "إسراء" حديثها قائلة:هذا كل ما وصلت له
زفر "محب" دخان تبغه ليقول بنبرة خبث ممزوجة بأمر:حسنا سأنتظرك تأتي لي مساء الغد
علامات من الضجر الممزوج بالخبث غزت ملامح "إسراء" التي حاولت اصطناع نبرة الفرحة قائلة:حسنا
....
مر صباح اليوم التالي كعادة الروتين اليومي الخاص بأبطالنا عدا "قمر" التي لم تستيقظ من نومها إلا في الخامسة عصرا وكأن عينيها تخشي أن تري أية مشاهد أخرى عدا مظهر "فادي" وهو يبوح بحبه وأذنها غير قابلة لسماع أية كلمات أخرى عدا كلمة "أحبك" من "فادي"..
غصة ضيق اجتاحت أوصال "قمر" وهي تستمع لكل مرة للسيدة التي تنعي لها خبر غلق "فادي" لهاتفه ولكن بالرغم من أنها غصة ضيق اجتاحت الفرحة التي تسيطر علي أوصال "قمر" قررت "قمر" البدء في استكمال عملها ومن حين إلي آخر تحاول الاتصال ب "فادي" المشغول حاليا مع وفده السياحي المسافر به إلي "الغردقة"
..
أعلنت هيئة ضبط الوقت تمام الساعة الثالثة صباحا لترتفع نغمة هاتف "محب" الصاخبة لتعكر صفو نومه..
تمللت "إسراء" في الفراش بملل لتزيل يدها من حول "محب" معلنة استكمالها لنومها بينما أضاء "محب" الأباجورة التي بجانبه ليمسك بهاتفه قائلا:أتمني أن يكون الأمر مهم الذي تجعلني استيقظ لأجله
نبرة هي الأشبه بالعويل الممزوج بالخوف نبعت من شفاه أحد رجال "محب" الذي استطاع الهرب ليقول:إنها مصيبة بكل المقاييس
انتفض "محب" من موضعه ليقول بنبرة غضب مكتومة:ماذا حدث؟! إياك أن تكون حافلة الوفد وصلت إلي الفندق؟!
لهث ذاك الرجل أنفاسه وهو يقول بنبرة خوف ممزوجة بإرهاق:كما أمرتنا يا باشا انتظرنا أمام المطار وفي الموعد المحدد فعلا تحركت الحافلة التي أبلغتنا بأرقامها وفي المكان المحدد للتنفيذ فوجئنا بسيارات من الداخلية تحيط بنا وقبضت علي بعضنا والبعض الآخر لقي مصرعه وأنا هربت بأعجوبة ولكن يا سيدي تلك الحافلة كانت تحمل ضباط للداخلية لأن مع بدء الالتحام معهم قفز منها الجميع حتى النساء ليطلقوا علينا الرصاص
صيحة غضب نبعت من "محب" الذي قفز هاتفه ليرتطم بحائط الحجرة وقبل أن يتفوه "محب" بأي حرف التقط بيده التي برزت عروقها من الغضب خصلات شعر "إسراء" المتناثرة علي الوسادة ليبدأ في تسديد اللكمات لها دفعة متتالية وهو يصيح بها بغضب:تتعاوني مع الداخلية ضدي يا... يا...
رفع "محب" قبضة يده ليسدد الضربة التالية ل"إسراء" ولكنه فوجئ بها تنتفض من تحته وتصيح به بنبرة ثقة قائلة:لقد بلغتك أن مقصد الوفد تغير وبعثت لك بالرسالة وعندما أتيت إليك لم تمنحني أية فرصة للحديث
اتسعت ملامح "محب" تعجب ممزوج بغضب ليسدد لها ضربة موجعة في معدتها قائلا:كاذبة لم تصلني أية رسائل
تحسست "إسراء" موضع الألم بأناملها المرتعشة لتلتقط هاتفها بيدها الأخرى قائلة:حسنا أنا كاذبة..الرسالة أمام عينيك بتاريخ الإرسال والوقت
ضغط "محب" علي هاتف "إسراء" بقوة قاربت علي تحطيم الهاتف ليسرع بالتقاط هاتفه ليجري اتصالاته مع بعض رجاله لمعرفة من الذي دبر له هذا الفخ لأنه بالنسبة ل"محب" باتت "إسراء" بريئة لأنها بعثت بالرسالة وبالنسبة له الخائن من رجاله..
....
نظرة من عيني عاشق لمعشوقته تبوح بكل ما لم تقدر الشفاه علي قوله...
نظرة من عيني عاشق لا يمكن أن تكذب وما تبوح به سيتحقق عاجلا أو أجلا...
نظرة من عيني عاشق بمثابة الصدمة الكهربية التي تعيد إحياء قلب معشوقته لتضخ الدم إلي باقي أجزاء كيانها..
نظرة عيني "فادي" بالرغم من أنها باحت بما حاول عقله دفنه إلا أنها باحت بنظرة أسف علي بٌعد سيطول إلي أمد غير مسمي..
فهمت "قمر" نظرت عينيه جيدا ولكنها حاولت جاهدة أن تمثل دور الجاهلة لتطرد فكرة أن "فادي" سيغيب لفترة لا تعرف مداها..ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهيه "قمر" فغياب "فادي" لم يدم يوم أو اثنين بل دام اثنا عشرة يوما..لم تعرف فيهم "قمر" أية أخبار عن "فادي" حتى "ياسر" لم يستطع أن يتكلم أمامها لأنه وعد "فادي" بألا يبوح عنه بشئ..
اثنا عشرة يوماً..بذلت "قمر" فيها كل جهودها علي العمل علي رسالتها الخاصة في محاولة منها لعدم التفكير في أمر "فادي" لأنها رأت فعلته أنه يبلغها بطريقة غير مباشرة أن ما قاله كان غير ما يشعر به لتسيطر تلك الفكرة علي أوصال "قمر" لتبدأ في عملها طيلة يومها علي رسالتها الخاصة لتنجز فيها تقدم ملحوظ أشاد به المشرف علي الرسالة وحتى أصدقائها في الجامعة بات إعجابهم بنشاطها يزيدها تحفيزاً أكثر وأكثر..
بينما "ياسر" في حيرة من أمره من تصرفات صديقه والجمود الذي أصاب "قمر" فجأة وعلي الصعيد الآخر في انشغاله بعمله و"مريم" التي باتت تحتاج له في كل لحظة من يومها كأنه الأكسجين الذي سيمدها هي وطفلتها بالحياة....
لتمر الاثنا عشرة يوما بما فيها من فرحة كانت أو جمود أو حزن ليأتي اليوم المصيري في حياة كثير من أبطالنا..
ذاك اليوم الذي يحمل السعادة لبعضهم والتعاسة للآخر..
..
أغلق "بسام" الملف الذي أمامه ليقول بإرهاق وهو يسند رأسه إلي الخلف:كفي يا "أسماء" لم أعد قادر علي التفكير حتى
حركت "أسماء" رأسها يميناً ويساراً بألم قائلة:حسنا سأذهب أنا إلي منزلي
نبرة ضيق ممزوجة بطلب نبعت من "بسام" الذي قال:أمكثي قليلا أريد التحدث معك
اتكأت "أسماء" بخدها علي كفها لتقول بنبرة شبه نائمة:حسنا ماذا تريد أيها " الملازم " ؟!إذا تأخرت سأتلقي محاضرة من أبي سيادة "اللواء" و أنا في غني عنها
قهقهة شبه عالية نبعت من "بسام" الذي حرك إصبعه نافيا ليقول بنبرة مزاح:لا لا ملازم ذاك و ملازم أول انتهي زمنه من مدة الآن صرت "الرائد بسام " أم نسيتي أيتها "الرائدة" ؟! تذكري جيدا لقد تم ترقيتنا سويا بعد مهمة المخدرات الخاصة ب"محب"
"الرائد بسام" ذاك ما كان غامضا عنا طوال المدة المنقضية..لأن "بسام" بعد إنهائه للمرحلة الثانوية ما أظهره أمام الجميع أن الثانوية كان كفايته من التعليم ولكن لم يعلم أحد بأنه ذهب لأحد ضباط الداخلية الذي كان يعتبر أحد أصدقاء والده ليكون حلقة وصل تجلب له الموافقة بأن ينضم إلي كلية الداخلية ولا يأتي لها إلا في المعسكرات وبالفعل استطاع ذاك اللواء جلب الموافقة ل"بسام" ليمضي سنين كليته في الخفاء... ومن ثم وبعد إنهائه لفترة الكلية كان بريق "محب" بدأ يلمع عاليا في أركان المحافظة ليصل لأذان الداخلية التي شكت في أمره ومن ثم زرعت "بسام" كضابط متخفي بزي أنه أحد رجال "محب" لتبدأ الخطة رويدا رويدا ويقع "محب" في المصيدة التي أعدت له..ليصبح "بسام" هو ذراعه الأيمن وهو نفس الذراع الذي سيلقي به بين القضبان..
كل هذا والكثير الكثير سنتعرف عليه فيما بعد ولكن لنعود إلي "أسماء" التي قالت بنبرة مزاح:ولكن صدقني إذا تأخرت سيعاقبك أبي قبلي أنا شخصيا
ارتشف "بسام" قليل من كوب العصير الموضوع بجانبه ليقول بنبرة ضحك:لا تقلقي سيادة اللواء يعرفني جيدا ولا تنسي أنني ابن صديقه
حركت "أسماء" رأسها يميناً ويساراً وهي تقول بنبرة شبه سخرية:نعم نعم لا أنسي أيضاً كيف تعاملت مع ابنته أول مرة!!
قهقهة عالية نبعت من "بسام" الذي قال بنبرة عتاب ممزوجة بمزاح:مازال عقلك محتفظ بتلك الذكري صدقيني لم أكن أعلم وكنت أريد التخلص منك بأية طريقة
علامات الضيق الممزوجة بالجمود نبعت من "أسماء" التي قالت:وماذا الآن؟!
نبرة هادئة ممزوجة بجدية معروف بها "بسام" الذي ارتشف قليل من العصير قائلا:الآن!!أريد أن أتزوجك..هل توافقين؟!
صدمة ممزوجة بفرحة اجتاحت كيان "أسماء" بسرعة لتتمكن من أوصالها في لمح البصر لتتسع عينيها تساؤل إن كانت ما سمعته صحيح أم أن أذنها باتت مريضة بما في قلبها وأن قلبها هو من أوهمها بذلك..
بلعت "أسماء" ريقها بصعوبة لتقول بنبرة شبه مرتعشة:"بسام" هذا ليس وقت للمزاح
مرر "بسام" أصابعه بين خصلات شعره لترتسم ابتسامة هادئة علي ملامحه قائلا:أنا أبلغت سيادة اللواء بطلبي هذا ليلة أمس وأبلغته أيضا أنني لا استطيع أن أعلن ذاك الأمر إلا بعد القبض علي "محب" وموافقته متوقفة علي موافقتك أنت ولذلك طلبت منه أن أعرف رأيك بنفسي
الفرحة تحولت إلي شعور من العجز سيطر علي أوصالها ودقات قلبها باتت تعزف لحن هادئُ..
في تلك اللحظة فقط تحولت "الرائدة أسماء" إلي "أسماء" الانثى التي تخفي مشاعرها تحت ستار مهمات الداخلية وتبادل إطلاق الرصاص ولكن الآن انقلب الوضع رأساُ علي عقب بسبب كلمة مهما كانت أية فتاة قوية عندما تسمعها ممن دق قلبها لأجله تنهار أية قوة لها ويعلو صوت قلبها وفقط..
تناولت "أسماء" حقيبتها بسرعة وهي تقوم من موضعها قائلة بنبرة متشتتة:أنا أنا!! أنا يجب عليا أن..أن أذهب
ابتسامة فرحة من خجل "أسماء" ارتسمت علي ملامح "بسام" الذي قال:أبلغي سيادة اللواء أنني قادم في المساء لنشرب الشربات
...
انحنت "قمر" بجسدها لتضع أسطوانة بأغنية "قارئة الفنجان" في مشغل الأسطوانات لترتسم علامات الهدوء علي ملامحها وتشمر عن ساعديها وتتأكد من ربطة شعرها لتبدأ في حملتها لتنظيف حجرتها..
ما بين الأوراق التي رتبت علي المكتب والمراجع والكتب التي أعيد ترتيبها علي الأرفف والملابس التي تم طيها و وضعها في الخزانة و صوت "مريم" التي تحادث "قمر" عبر تطبيق "الإيمو"
مر الوقت براحة نسبية علي "قمر" التي ارتفعت ضحكاتها هي و"مريم" من حين إلي آخر علي مزاحهم الدائم إلي أن أغلقت "مريم" المكالمة لتبدأ في إعداد طعام الغذاء لزوجها بينما في ذلك الحين..دلفت "قمر" إلي المطبخ تبحث عن أية طعام تتناوله نظرا إلي إرهاقها في التنظيف وانشغالها به وعدم إعداد أية وجبات..
و بدون أية مقدمات ارتفع صوت جرس الباب معلن قدوم أحد ما..لترتدي "قمر" إسدالها سريعا وتفتح الباب لتجد شاب في منتصف عقده الثاني يبدو من ملابسه أنه عامل في أحد المطاعم ليرتفع حاجب "قمر" الأيسر قائلا:السلام عليكم.نعم؟!
نبرة مهذبة نبعت من شفاه ذاك الشاب الذي قال:ذاك الطلب من أجلك يا آنسة
زاد تعجب "قمر" أضعاف مضاعفة لرؤيتها حقيبتين تنبع منهما رائحة ذكية تعشقها "قمر" تقول:ولكنني لم أطلب شئ
نبرة تعجب نبعت من ذاك الشاب الذي قال:الطلب لهذا العنوان يا آنسة والحساب مدفوع أيضاً
التقطت "قمر" الحقيبتين من ذاك الشاب وتعجبها يزداد أضعاف مضاعفة من ذاك الأمر ولكن سرعان من اختفي تعجبها نهائيا وسيطر عليها الجوع من الرائحة المنطلقة من الحقائب تزف لها أن ذاك الطلب من الطعام الذي تعشقه و هو "السمك"..
لتضع "قمر" الحقائب علي طاولة المطبخ وهي تقول بنبرة غناء مرحة:سمك يا سمك معدتي تشتاق لك يا سمك
فتحت "قمر" الحقيبة الأولي لتجد بها معلبات الأرز والسلطات وما شابه ذلك لتأخذ معلقة أرز سريعا قائلة بنبرة فرحة وهي تأكلها:يا الله من شعر باحتياجي لتلك الوجبة
وسرعان ما آتي الجواب سريعا ل"قمر" وهي تفتح الحقيبة الثانية لتجد أعلاها ورقة مطوية لتلتقطها "قمر" بفضول وبيدها الأخرى ملعقة الأرز..
صوت ارتطام المعلقة بطاولة المطبخ صاحب فتح "قمر" للورقة لتتسع عينيها صدمة ممزوجة بعدم تصديق وكأن عقلها الباطل هو من أوحي لها بتلك الكلمات..
دقات قلبها تتسارع للتأكد من تلك الكلمات ورعشة يدها الممسكة بالورقة جعلت "قمر" تعيد قراءة الورقة للمرة الرابعة لتحرك شفتيها بما هو مكتوب فيها والذي نص علي
"أتمني لكي وجبة ممتعة علي قدر ذاكرتي أنكي قولتي لي في مرة أن من يحضر لكي وجبة سمك لن تحبيه فقط بل و ستتزوجي به أيضاً..و لعلمك بي أنني أناني في تلك الأمور لذلك أريد منك الأمرين وأمر آخر أن تنهي تلك الوجبة بصحة وفي تمام الساعة السادسة ألقاكي في المطعم الذي طالما ذهبنا له مع "مريم و ياسر"
معلومة صغيرة..أنا أحبك "إمضاء\ فادي"
لحظات صمت لم تعلم "قمر" كم عددها ولكن من المؤكد أنها كانت كافية بالنسبة لها لتتأكد عينيها من كل كلمة كتبها "فادي" بخط يده لتستهلك "قمر" الوقت الكافي لتحفظ ما في تلك الرسالة في صندوق ذكرياتها المبهجة ليتحول جمودها إلي شوق ويتحول حزنها إلي سعادة أعادت البسمة إلي ملامحها وينقلب غضبها إلي لهفة لرؤية "فادي" ولو لثواني..
ارتسمت ابتسامة خافتة علي ملامح "قمر" التي ضربت الورقة بجبينها علي طفولتها تلك التي تمكنت منها وجعلتها تنسي غضبها ليحل محله حبها الذي لم تنكره يوماً لتشعر بدقات قلبها التي تتراقص فرحة وكأنها تقول لها هنيئا لكي بمن تمنيته..
أعادت "قمر" طي الورقة كما كانت وبخفتها المعتادة اتجهت إلي حجرتها لتخبئ الورقة في صندوق خاص بها تطلق عليه "صندوق الذكريات" ومن ثم اتجهت "قمر" إلي المطبخ لتبدأ في تناول تلك الوجبة الشهية التي حملت لها كلمات لم تتخيل يوماً أنها ستحظي بها..
....
صورة تجمع "قمر" و"فادي" عند درجات العمارة السكنية عندما كانوا جالسين يتحدثون..
تليها..صورة تجمعهم في أحد المطاعم الفاخرة هم و"مريم و ياسر"..
تليها..صورة تجمعهم في الجامعة عندما تقابلوا صدفة و وقفوا يتسامرون..
تليها..صورة تجمعهم عند زيارة "قمر" ل"فادي" في المستشفي من أجل الاطمئنان علي والده..
تليها..صورة تجمعهم في تلك الليلة التي اعترف "فادي" بحبه..
تلك الصور والكثير منها لكل لحظة جمعت "فادي" ب"قمر" عن طريق الصدفة كانت أم بتخطيط منهما..تلك الصور الذي التقطها ذاك الرجل من رجال "محب" الذي كان مختص بمراقبة "قمر" ليسلم تلك الصور ل"محب" الذي بات يتناوب في مشاهدتهم بغضب ممزوج بخبث ورائحة دخان تبغه تحيط به وكأنها تصنع له الجو الملائم لتنفيذ خطته القاتلة..
وضع "محب" الصور في مظروف خاص به ليقول بنبرة شاكرة:إلا هنا وتوقف عملك ستجد مكافأتك عندما تخرج ومعها هدية بسيطة مني و اطلب من صديقك الذي تركته في القاهرة أن يبلغني إذا خرجت من منزلها في أية لحظة
حرك الرجل رأسه موافقا وأثني علي مكافأة "محب" الزائدة عما كانوا متفقين عليه وذهب لاستمتاع بمكافأته بينما أسند "محب" رأسه إلي الخلف وهو يعبث بشاشة هاتفه ليضغط علي اتصال بالرقم الخاص ب"منير"..
ابتسامة خبيثة ارتسمت علي ملامح "محب" الذي قال:سآتي لرؤيتك في ظرف نصف ساعة لأن لدي شئ مهم أريد أن أريك إياه
.....
دلفت "مريم" إلي حجرتها وهي تسير علي أصابع قدمها خشية أن يستيقظ "ياسر" لترتسم ابتسامة حب علي ملامحها وهي تختبئ تحت الغطاء لتسند رأسها علي صدر "ياسر" الذي شعر بلمستها الطفولية ورائحة عطرها التي يحفظها ظهرا عن قلب ليفتح عينيه بكسل قائلا:كم الساعة؟!
نبرة شبه هامسة ممزوجة بمزاح نبعت من شفاه "مريم" التي قالت:الخامسة والنصف ولكن أخفض صوتك حتى لا يستيقظ حبيبي
قهقهة عالية نسبية نبعت من "ياسر" الذي أحاط خصر "مريم" بيده قائلا:حسنا ماذا بكي؟!
تنهيدة قلق نبعت من "مريم" التي قالت بنبرة قلق:لا أعلم ولكنني قلقة جدا من ماذا لا أعلم
نبرة مزاح ممزوج بضحك نبعت من شفاه "ياسر" الذي قال:لا تقلقي لن أتزوج عليكي إلا بعد ..
لم تمنحه "مريم" فرصة لاستكمال حديثه لتقول بنبرة غضب مكتومة:إلا بعد ماذا يا "ياسر"؟!هل أنت تخطط للزواج بأخرى ؟! إذن فلتهنئ بها وحدها وطل...
ضحكات صاخبة نبعت من "ياسر" وهو يكتم ثغر "مريم" قائلا:لا تكملي أيتها المجنونة أنا أمزح أمزح لا يوجد عاقل يكرر الزواج مرتين
اتسعت عيني "مريم" ضجر ممزوج بغضب قارب علي أن يتحول إلي نار ستخرج من أذنها لتقول:وماذا في الزواج إذن؟!
مسح "ياسر" علي رأس "مريم" بحنان ممزوج بضحكاته المتتالية وهو يقول:الزواج!!إنه لنعمة والآن فلننام حتى لا نضطر للذهاب إلي أي من منازل والدينا
نبرة ضجر نبعت من "مريم" التي قالت:وماذا سنذهب لهم؟!
حاول "ياسر" السيطرة علي ضحكاته ليقول بنبرة جدية وهو يغلق عينيه:حسنا حسنا فلننام الآن وفي المساء سأخبرك لماذا
...
رفعت "قمر" حقيبتها علي كتفها لتخطو قدمها الدرجة الأولي من سلم المطعم لتتسلق باقي الدرجات بخطوات شبه ثابتة وقلبها يعزف لها لحن هادئ ساعدها علي الوقوف أمام باب المطعم لتفتحه بيدها المرتعشة لتقع عينيها سريعا وكأنها مصممة لرؤية "فادي" أولا الذي يجلس علي طاولة في أقصى يسار المطعم ويده تعبث بشاشة هاتفه..
سارت "قمر" تجاه "فادي" وعينيها تزداد اتساعا كأنها تشبع ما بها من شوق لرؤيته وبالرغم من ذلك عقلها يصب داخل كيانها ثورات غضب من تصرفاتها التي تعتبر بالنسبة له طفولية ولكن في نهاية الأمر..
وقفت "قمر" أمام تلك الطاولة لتقول بنبرة ثابتة:السلام عليكم
ابتسامة هادئة رسمت علي ملامح "فادي" من قبل أن يرفع عينيه من علي شاشة هاتفه تلك الابتسامة التي جعلت "قمر" تشعر وكأن نسمة هواء بارة تتراقص حولها بهدوء لتهدأ من حرارة وجهها الذي جعل خديها يتوردان ليرفع "فادي" عينيه قائلا:وعليكم السلام
جلست "قمر" علي المقعد المقابل ل"فادي" ليبدأ الحديث الروتيني بينهم كالسؤال عن الأحوال والعمل وما إلي ذلك إلي أن أنزل النادل أكواب الشيكولاته الساخنة وبعض الكعك لتقول "قمر" بنبرة جدية:حسنا هل لي بسؤال؟!
ارتشف "فادي" القليل من كوبه ليقول بنبرة هادئة:تفضلي
عقدت "قمر" يدها أمام صدرها لتقول بنبرة غضب مكتومة ممزوجة بفضول:أين كنت طوال المدة الماضية؟!
مرر "فادي" أصابعه بين خصلات شعره ببروده المعتاد الذي لم يستطع التخلي عنه حتى أمام حبيبته ليقول:كنت مع وفد سياحي في الغردقة ومن قبل أن تسألي لماذا كان هاتفي مغلق دائما؟!سأجيبك
ارتشف "فادي" قليل من مشروب الشيكولاته الساخنة ليقول:لأدرس جيداً الخطوة المقبلة لأن ما أريده ليست لعبة أعجبتني لأيام وأريد الاحتفاظ بها ما أريده هو الزواج منك يا "قمر" وذاك القرار ليس بالمزحة لذلك كان يجب التفكير جيداً فيه حتى وإن كان فاتورة ذلك ألا نتحدث لفترة طويلة
إحراج ممزوج بسعادة سيطر علي أوصال "قمر" التي ارتشفت قليل من مشروب الشيكولاته الساخنة قائلة:و ماذا بعد الآن؟! هل من أجل التوصل لقرارك تبتعد ومطلوب مني أن انتظر عودتك إلي أن تتوصل لذاك القرار
نبرة جدية ممزوجة بحكمة "فادي" المعتادة نبعت منه عندما قال:حديثي لا يحمل ذاك المعني..نعم في الفترة الماضية استطاع كلا مننا التعرف علي الثاني بطريقة صحيحة والتعرف علي طباعه وما إلي ذلك وهذا ما جعلني أحبك ولكنني لا أنكر ذاك الحب أبدا ولكن في حياتنا أنا وأنتي سر من الماضي سيجعل ارتباطنا الرسمي شبه مستحيل لذلك كان يجب عليً أن أبعد لفترة وأدرس جيداً أبعاد ذاك الزواج الذي سيتم مهما تكلف الأمر..كان يجب أن أتأكد أن حبك الذي رزقني الله إياه سيجعلني أحارب من أجلك
علامات من التعجب الممزوج بعدم الفهم نبعت من "قمر" التي قالت بتشتت:"فادي" أنا لا أفهم أي شئ
حرك "فادي" ملف كان موضوع أمامه ليضعه أمام "قمر" قائلا:حسنا اقرئي الموجود في ذاك الملف وانتبهي لحديثي جيدا
ما يقارب الساعة مرت و"فادي" يقص علي "قمر" خبايا الماضي القاتلة وما بين صدمة "قمر" ودموعها كانت تطرح بعض الأسئلة و"فادي" يجيبها بهدوء ويحاول التقليل من صدمتها تلك لينهي حديثه قائلا:بعد كل ما قصصته عليكي..فهمتي الآن لماذا بعدت لفترة؟!
كفكفت "قمر" دمعة تلألأت علي أبواب جفونها لتقول بنبرة خوف ممزوجة بتساؤل:ولكن لماذا عدت يا "فادي" ؟! كيف أحببتني رغم كل ما أخبرتني به ؟!
نبرة صدق ممزوجة بجدية وبعض من الثقة نبعت من "فادي" الذي قال:أنا أعلم تلك الأمور من قبل أن تبدأ صداقتنا حتى وبالرغم من ذلك أحببتك وإن كان علي بٌعدي الفترة الماضية كان من أجل أن أثبت لعقلي وأتأكد كلياً أن حبك سيجعل إصراري يزداد علي الزواج منك
نبرة مرتعشة ممزوجة بقلق نبعت من "قمر" التي قالت:ولكن أبي؟! و"محب"؟!
زفر "فادي" بضجر ليمسح علي شعره بضيق قائلا:إن كان علي والدك فأنا مازلت أبحث عن طريقة لإقناعه أما "محب" فذاك هو المشكلة الكبري بالرغم من أنني أحياناً أعلم ما الذي ينوي فعله ولكنني لا أستطيع أن أجمع كل أموره الغامضة وتلك هي المشكلة ولكن ما يطمئنني قليلا أنكي لستي في النوبة
تنهدت "قمر" بخوف لترتسم علي ملامحها ابتسامة هادئة وتقول بنبرة مزاح تحاول بها تخفيف حدة الحديث:نسيت أن أشكرك علي وجبة السمك ولكن بعد ذلك أجعل الوجبة أكبر لأن المعدة تتسع لكمية أكبر
ضحكة عالية انفلتت من "فادي" لتتحول ملامح ضيقه إلي هدوء ويختفي ضجره بين طيات نبرته المرحة التي قالت:كمية أكبر؟! من الواضح أنني سأسحب ما قولته لأنني لا أجد كمية أكبر من تلك لفرد واحد
رفعت "قمر" حاجبها الأيسر بحركة طفولية ممزوجة بنبرة مزاح:حسنا حسنا أنا سأجلب لي كل شئ بمفردي
نبرة بروده المعتادة التي كانت السبب الأقوى أمام "قمر" لتعشقه نبعت من "فادي" الذي قال:من الأحسن ذلك لنوفر المال للزواج
نبرة عدم فهم مصطنعة نبعت من "قمر" التي تذوقت بعض من الكعك قائلة:أية زواج؟!
ضحكة خافتة ارتسمت علي ثغر "فادي" الذي قال بنبرة برود ممزوجة بمزاح:زواج ميكي و ميني
تنهدت "قمر" بإحساس من الطمأنينة يتسرب ببطء لكيانها الذي يرتعد قلقاً لتقول بنبرة شبه مرتعشة:هل لي بسؤال يا "فادي"؟!
أومأ "فادي" رأسه موافقاً ليقول بنبرة انتباه:تفضلي
ارتشفت "قمر" قليل من مشروب الشيكولاته الساخنة لتقول بنبرة مترددة ممزوجة بإحراج:بالرغم من كل ما حدث لم تسألني قط عن حقيقة مشاعري؟!
ابتسامة خافتة ارتسمت علي ملامح "فادي" الذي أشار بأصابعه إلي "قمر" لتقترب منه مقدار سنتيمترات ويقول "فادي" بنبرة شبه هامسة ممزوجة بثقة:يقولون أن العشاق لا تفضحهم إلا النظرات ونظراتك قالت لي أكثر ما تمنيت أن أسمعه من شفتيك وبالإضافة لأنني لا أريد أن أسمع أية كلمات منك إلا عندما أزين أصابعك تلك بخاتم زواج محفور عليه اسمي
يقولون أنك متعجرف!!مغرور!!بارد!! ولكنك عندما عشقت لا يبارزك في العشق أي بني آدم علي وجه الأرض...
هكذا كان حال كيان "قمر" الذي انفجرت بداخله ثورة فرحة تمكنت من كل خلية بها بسبب تأثير كلمات "فادي" التي صوبت إلي قلبها كأنها دفعات مركزة من السعادة لتعيد إحياء كيانها الذي كان غاضب من ساعات منه..
ابتسم "فادي" بهدوء لحال "قمر" التي تجمدت في موضعها لمدة ثواني و هو يقرأ بسهولة ما يدور في بالها وتريد عينيها البوح به..
ففي النهاية هو عاشق وفي حرم العشاق لا توجد للشفاه دور وإنما في حرم العشاق لغة العيون هي لغتهم..
نبرة تساؤل ممزوجة برغبة في تغير مجري الحوار لأنه مهما كان لا يحق لهم الحديث أكثر من ذلك نبعت من شفاه "فادي" الذي قال:و لكن من الواضح أن موعد الرسالة سيتحدد قريبا
انتبهت "قمر" إلي حالتها التي تشبه مراهقة تسمع كلمة حب لأول مرة في حياتها لترتشف قليل من المشروب قائلة:لا أظن ذلك يا "فادي" المشرف الرئيسي علي الرسالة كل لحظة بحال أما الباقيين عكسه تماماً ويقدمون لي كل سبل المساعدة
نظرة ثاقبة نبعت من عيني "فادي" وهو يرفع كوب الشيكولاته فوق ثغره قائلا: والدكتور "كرم" ؟!
تناولت "قمر" قطعة من الكعك لتقول بنبرة ثابتة:تعامله معي فوق الممتاز و كأني ابنته ويقول أنه في نهاية العام سيسافر بابنته إلي فرنسا كفرصة لتغير الجو المحيط بها وتتواصل مع طبيب تخاطب
دام الحديث في أمور عامة بين "قمر و فادي" إلي أن باتت الساعة الثامنة والنصف مساءاً ليتواصل "فادي" مع أحد سائقي التاكسي الذي يتعامل معه ليستقل "قمر" ليعود كلا منهما إلي منزلها..
و سؤال واحد يتردد في ذهن كلاهما منذ أن استقلوا وسائل الانتقال "هل لهم بلقاء آخر؟! هل سيغدر الزمن بهم مبكراً أم ماذا"
....
وكعادة البيوت المصرية مهما كان وضعها الاجتماعي عندما تطرق الفرحة أبوابهم فأهلا بأية عادات شعبية كانت فإحساس الفرحة الذي يتملك من الأوصال أهم..
بالرغم من أنها تمر بنصف عقدها الخامس لم تهتم والدة "أسماء" لأي اعتبار غير فرحتها للمعة عيني ابنتها التي تمنت سنين عمرها أن تري تلك الفرحة في عينيها لترفع يدها بزغروطة من أم مصرية أصيلة مع نهاية قراءة الفاتحة لتحتضن "أسماء" والدتها بفرحة اجتاحت أوصالها منذ أن آتي "بسام" إلي منزلهم طالبا الزواج بها..
احتضن "بسام" والد "أسماء" قائلا بنبرة أسف:أعذرني يا عمي لأن الخطوبة ستتأخر إلي أن تنتهي المهمة ولكنني كنت أتمني أن أعلن الخبر سريعا
ابتسم "والد أسماء" بتفهم قائلا:ما يشغل بالي حقاً أن تحافظ عليها غير ذلك من أية تقاليد لا تشغل بالي قدر سعادتها
نبرة ثقة ممزوجة بوعد تتناسب كلياً مع علامات الفرحة التي تسيطر علي ملامح "بسام" الذي التفت بنظره تجاه "أسماء" قائلا:وأنا لا أريد سوي سعادتها وسأبذل كل جهدي لرسم ابتسامتها تلك
شعور من الخجل الممزوج بالسعادة تحكم من أوصال "أسماء" التي باتت تشعر بأن خديها أصبحا كثمرة الطماطم في موسم الحصاد ليقول والدها بنبرة أب غيور:كان جيد أن موعد الخطوبة سيتأخر لتتعرف علي حماك وغيرته جيدا ً
ضحكات خافتة نبعت من جميع الحضور قطعها صوت رنين هاتف "بسام" الذي عقد حاجبيه بتعجب لرؤيته لاسم "منير" ليفتح المكالمة قائلا:السلام عليكم
وكأن "بسام" فتح المجال لبركان يثور غضباً ونيرانه قاربت الفتك بالجميع لتأتيه نبرة "منير" الغاضبة وهو يقول:أريدك في بلدتنا الليلة وألغي أية مواعيد مهما كانت لأن في نهاية الأسبوع المقبل سيكون زفاف "قمر" علي "محب"
صيحة غضب ممزوجة بصدمة نبعت من "بسام" الذي قال:نعم!! زفاف من ومن ما هذا الجنون؟؟
نبرة غضب ممزوجة بأمر نبعت من شفاه "منير" الذي قال:الجنون الحق ما ستعلمه عندما تأتي
أغلق "بسام" هاتفه بغضب واستأذن من الجميع لينطلق بسيارته لعودته إلي النوبة وهو يحاول مرارا وتكرارا الاتصال ب"قمر" ولكن هاتفها مغلق...



يتبع...........
#نورهان_حسنى



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-16, 10:23 PM   #14

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



الفصل الثاني عشر


خلعت "قمر" حذائها بخفة لتلقي بجسدها علي أريكة المنزل وهي تدندن بعض الأغاني بفرحة ويدها تعبث بهاتفها لتجد أن بطاريته استنفدت الشحن لتتركه كما هو بلامبالاة اكتسبتها من فرحتها بحديثها مع "فادي" لتقوم "قمر" من موضعها وهي تدندن إحدى أغاني أم كلثوم ويدها تحتضن السوار الذي أهدها "فادي" إياه قبل أن تستقل سيارة الأجرة..
ظلت "قمر" تتنقل في المنزل بخفة وهي تدور يميناً ويساراً ويدها مازالت محتضنة سوار "فادي" وكأنها طفلة بفستان ربيع باللون الأحمر تتراقص بخفة بين حدائق من الورود التي تعزف لها لحنً هادئاً من النسيم..
ولكن سرعان ما تحول هذا النسيم إلي إعصار غضب يشبه إعصار تسونامي نبع من طرقات غاضبة أو بالأحق طرقات قاتلة علي باب منزل "قمر" التي انتفض جسدها من شدة تلك الطرقات التي بعثت في أوصالها الخوف لتهرول "قمر" سريعا إلي باب المنزل لتفتحه وكأنها فتحت النار في وجهها فبمجرد أن فتحت باب المنزل طلقت صفعة نارية علي وجهها وقعت من أثرها علي الأرض..
صرخت "قمر" بقوة من ألمها وهي تتحسس موضع الصفعة لترفع عينيها بخوف لتجد والدها يقف أمامها وعينيه تشع غضب يتوعد ل"قمر" لتمتم بشفتيها:أبي
هبط "منير" إلي مستوي "قمر" ليقبض بيده التي تشتعل غضب خصلات شعر "قمر" الذي يحتمي خلف حجابها وهو يصوب لها ضربات نارية وصوت صراخها يزداد مع كل ضربة تصوب إلي قدمها أو معدتها أو يدها..
وصلت صيحات "قمر" لجميع من بالعمارة ليصل "ياسر" أولهم إلي منزل"قمر" لتتسع عينيه صدمة من منظر الدم الذي يتدفق من أنفها أو فمها أو قدمها أو ذراعها بالمعني أدق من جسدها كله الذي أصابته كدمات "منير" النارية..
انطلق "ياسر" بسرعة البرق تجاه "منير" يحاول إزاحته عن "قمر" بأية طريق ليدفعه "منير" بقوة وهو يسدد له صفعة قائلا:ابتعد عن طريقي يا صديق "فادي" تلك ابنتي ويجب عليً إعادة تربية تلك العاهرة من جديد وأخبر صديقك و والده أن حقي لن أتركه مفهوم لن أتركه
أنهي "منير" حديثه ليسدد ضربة نارية في معدة "قمر" ومن ثم يتجه إلي حجرتها ليفتح حقائبها بسرعة ويضع فيها كل ما هو موجود ويلقي بأوراق رسالة الماجستير الخاصة بها من شباك حجرتها ليقع بالمنور الخاص بالعمارة بينما علي الجانب الآخر..
هبط "ياسر" في مستوي "قمر" وهو يقول بنبرة سريعة:تحاملي يا "قمر" سأهرب بك من هذا الوحش
تأوهت "قمر" بآهات مكتومة وهي تقول بنبرة هامسة:دعني يا "ياسر" سيؤذيك وأبلغ "مريم" أنني كنت أريد أن أكون معها عند الولادة
بدأ سكان العمارة السكنية يتوافدون بلهفة ممزوجة بصدمة من منظر "قمر" تلك ليصرخ فيهم "ياسر" وهو يرفع الحجاب علي رأس "قمر" قائلا بغضب:ابتعدوا ابتعدوا عنها ابتعدوا
دمعة لؤلؤية اجتاحت خدي "قمر" الذي تزينه دمائها لتقول بنبرة ألم:قٌل ل"فادي" أنني أحبه بل اعشقه قٌل له أني سأنتظر أن يأتي ويأخذني بعيداً عنهم
وبمجرد أن أنهت "قمر" حديثها أطلقت صرخة مدوية ارتعد لها قلوب سكان العمارة أجمع لصرختها من قبضة "منير" التي أحكمت علي شعرها ليقول "منير" بنبرة أمر غاضبة موجهاً الكلام لبواب العمارة:أحضر حقائبها إلي سيارتي
ليكمل "منير" سلسلة الإهانة لابنته ويهبط بها الخمسة الطوابق علي درجات السلم وهي ملقية علي الأرض وتجر من شعرها كأنها عاهرة...لتقفل كل أبواب الرحمة في قلب "منير" وتحل محلها القسوة والغضب الأعمي الذي جعله يهين فتاته إلي تلك الدرجة فقط لأنها أحبت..
بات الآن جسد "قمر" يحمل علامات لغضب أعمي وقسوة تمكنت من "منير" لتدوس قدماه فوق جسد ابنته التي لا توجد بها أية قوة مقارنة به..بينما علي صعيد آخر..كانت "قمر" مغمضة الأعين تتلقي آلام جرها علي درجات السلم بكتم صراخها داخلها وشفتيها ترتعشان مرددة بعض آيات من القرآن الكريم بينما "منير" لا يري أمامه إلا نظرات "محب" التي تشكك في عرضه وصوته وهو يقول:نعم أنا من بعثت من يلتقط تلك الصور لأريك كمية التلوث الذي أصابت عرضك ولكنن لأنني رجل و أخشي عليك من الفضيحة في القرية سأتزوجها وفي ظرف أسبوع فقط غير ذلك سأوزع نسخ من تلك الصور علي أهل القرية لنري رأيهم فيها
هبط جسد "قمر" بقوة إلي درجات الطابق الثالث ليفوق "منير" من شروده علي دفعة في صدره وصيحة تقول:تريد أخذ ابنتك حقك ولن يلومك أحد ولكنك لن تذهب بها بتلك الطريقة إلا وأنا ميت
نظرة غضب قاتلة نبعت من عيني "منير" صوبت تجاه "ياسر" الذي قارب الفتك ب"منير" ليعيد "ياسر" حديثه بقوة:لن تتحرك من موضعها بتلك الطريقة
زاد "منير" من قبضته علي شعر "قمر" ليرفعها بكل قوته قائلا بنبرة غضب:الآن أغرب عن وجهي
أكملت "قمر" باقي طوابق السلم وهي تتحامل علي قدمها التي تنزف دم علي كل درج تاركة بصمة تدل علي مدي الوحشية التي تعامل بها "منير" معها..
وضع "البواب" حقائب "قمر" في السيارة وهو ينظر ل"منير" بغضب ليلقي "منير" بابنته في السيارة منطلقاً بها..
صعد "ياسر" سريعاً إلي "مريم" ليجدها منهارة كلياً لا تستطيع التحرك من علي كرسيها ليطلب من إحدى جاراتهم الجلوس معها ويستقل هو سيارته متجه إلي "فادي"..
بينما في سيارة "منير"..تلقت "قمر" أكبر دفعة سباب وصفعات من والدها الذي يقود بيد وباليد الأخرى يصوب الصفعات لها دون الانتباه لكمية الدماء التي نزفتها أو لدموعها التي تسيل علي خديها بهدوء..
هي لم ترتكب جريمة بل أعادت إحياء قلبها...
هي لم تفعل شئ سوي أنها أحبت من يظنه والدها أنه سلبها شرفها وعرضه ولكنه لم يفكر لدقائق أن ذاك الشاب منح ابنته إحساس بأن تلك الحياة بات لها معني..لم يمنحها كلمات عاشقة فقط بل منحها قلب عاشق يدعو ربه ليل نهار أن يرزقه بها في الحلال..
هي لم ترتكب أي ذنب ولم تضع في حسبانها نهائياً أن قلبها سيدق له ولكن إرادة العشق آبت أن تمنحها قلب غير قلب "فادي" الذي تمنته من ربها في دعوتها كثيرا..
ولكن إرادة والدها منحتها الآن الإهانة أمام الجميع كأنها عاهرة بل حتى العاهرة لن يحدث معها ما حدث مع "قمر"..
...
صيحة غضب نبعت من "فادي" الذي ضرب بيده كرسي مكتبه وهو يصيح:ماذا؟! هي ليست حق أحد غيري أنا كيف يفعل هذا بها؟! ألا يعلم أن لها رجل يحميها
انطلق "فادي" إلي خزانة ملابسه وهو يضربها بكل ما لديه من قوة صارخاً:هذا الرجل أصابه الكبر وبات مجنون أنا سأجعله يذوق العذاب لما فعله
انطلق "ياسر" إلي صديقه سريعاً في محاولة إلي إخماد ثورته تلك قائلا:"فادي" تكلم بعقل لا وقت لغضبك تلك أنا هنا لنصل لحل
ما إن أنهي "ياسر" حديثه حتى فتح "حمدي" باب الحجرة بتعجب ممزوج بقلق:ماذا حدث؟! لماذا تصيح يا "فادي" ؟!
نبرة غضب مكتومة نبعت من شفاه "فادي" التي تشتعل قلقاً علي "قمر" ليقول:أبي من فضلك أتركني وشأني أتركوني
أشار "ياسر" إلي "حمدي" لكي يغلق باب الحجرة ويتركهم بمفردهم ليلتفت "ياسر" إلي صديقه ليجده مسند رأسه علي خزانة ملابسه ويده تسدد لها ضربات متتالية ليقول له "ياسر":لقد جئت لكي أخبرك حتى لا تتصرف بتهور عندما تعلم فكر جيداً يا "فادي" وإن كان علي "قمر" سيحميها الله لأنكم لم ترتكبوا فاحشة
نبرة غضب مكتومة ممزوجة بألم أصاب قلب العاشق نبعت من "فادي" الذي قال:ليس باستطاعتي يا "ياسر" كل هذا بسبب ماضي هم المخطئين به ما ذنبها ليحدث بها كل هذا
مسح "ياسر" علي كتف صديقه قائلا بنبرة حزن:ذاك أمر الله يا صديقي والآن أجعلنا نفكر في حل
مسح "فادي" علي وجهه بقوة ليلتقط أحد التيشرتات الخاصة به ليرتدي أحدهم قائلا:أذهب أنت إلي "مريم" وأنا أعلم وجهتي لا تقلق عليً
نبرة قلق ممزوجة بحزن نبعت من "ياسر" الذي قال:بلا سأقلقك أخبرني فقط ماذا تنوي علي فعله ؟!
نبرة جدية ممزوجة بألم نبعت من "فادي" الذي قال:سأذهب معك إلي العمارة أولا ومن ثم إلي "وائل"
....
ألقي "بسام" بالصور أرضا ليقول بنبرة غضب:تلك الخرافات ما تجعله يزوجها من ذاك الوحش
كفكفت "ناهد" دموعها بتحسر ممزوج بقلق لتقول:صوب "محب" له كلامات نارية وبات عازماً علي تمام الزواج الخميس القادم
ضرب "بسام" الأرض بقدمه قائلا بغضب:هي لم ترتكب فاحشة وما أدراكم أنها حقيقة وإن كانت حقيقة ما الخطأ في الحب ما الخطأ
نبرة خوف ممزوج ببكاء نبعت من "ناهد" التي قالت:أرجوك يا "بسام" أمكث معنا إلي أن يأتوا وحاول أن تجعله يبدل رأيه
وبمجرد أن أنهت "ناهد" حديثها...فتح"منير" باب المنزل ليطرح "قمر" أرضاً لتختلط دمائها بالأرض التي طالما ركضت عليها فرحاً..
صرخت "ناهد" بصدمة ممزوجة بخوف علي حال ابنتها تلك لتهرول تجاهها وتخبئها بين ذراعيها و هي تصيح قائلة:ماذا فعلت بابنتي يا "منير" ؟! هل تريد قتلها وقتلي يا "منير" ؟!
ألقي "منير" بحقائب "قمر" قائلا بنبرة غضب ممزوجة بأمر:تلك هي ملابسها الذي ستذهب بها إلي منزل زوجها الخميس المقبل
حاول "بسام" السيطرة علي أعصابه قائلا بنبرة غضب مكتومة:زوجها من يا عماه؟! "محب" الذي نعلم جيداً ما هو وما هي أخلاقه؟! ما الذي فعلته "قمر" لتفعل بها كل هذا؟!
اتجه "منير" إلي حجرته قائلا بنبرة غضب ممزوجة بحسم:"بسام" أنت فقط ستكون شاهد لا أكثر..إذا تريد البقاء في المنزل أهلا بك ولكن إياك أن تناقشني فيما أفعله لأنني سأعيد تربيتها من جديد وإن كان علي "محب" فشكرا له أنه وافق علي الزواج من تلك العاهرة
طرق "منير" باب حجرته بقوة ليهرول "بسام" سريعا تجاه "قمر" ليحملها بين ذراعيه ليري عينيها التي تغلقها بألم خشية أن تصدر تآوهات أمام والدتها...
برفق ممزوجة بحزن وضع "بسام" "قمر" علي فراشها ليقول:عمتي من فضلك أحضري لنا الإسعافات
انطلقت "ناهد" إلي خزانة الإسعافات وعينيها تطلقان المجال لدموعها في الهبوط بألم لما حدث لما ابنتها بينما بمجرد أن خرجت "ناهد" حركت "قمر" شفتيها بألم قائلة:"بسام"
مسح "بسام" الدماء من علي جبين "قمر" بقميصه قائلا بنبرة أوشكت علي البكاء:أنا بجانبك يا أختي لا تقلقي
تمسكت "قمر" بيد "بسام" التي تزيل دمائها لتقول بنبرة ضعف ممزوجة بكسرة:بحق من خلقنا أنا لم أرتكب أية أخطاء ولم يحدث شئ مما قاله "م..
لم يمنح "بسام" "قمر" أية فرصة و إنما قال بنبرة حانية وهو يكفكف دمعة تشق الطريق إلي خديه:لا تكملي يا "قمر" أنا أعلم جيداً كيف هي أختي
تآوهات موجعة نبعت من شفاه "قمر" لتقول بنبرة ضعف:ولكن لماذا لم يصدقني أبي؟! لماذا أهانني؟! لماذا يريد أن يضحي بي لهذا الوحش؟! لماذا لم يحميني منه ويدافع عني بدلا من تصديقه له؟!
لم يستطع "بسام" أن يأتي بأية إجابة لأسئلة "قمر" أو بالأحق لم يعد يتحمل رؤيتها بذاك المنظر لينفجر باكياً وهو يضمها بحذر إلي أحضانه وبالرغم من شعور "قمر" بعظامها كأنها ستتحطم إلي أنها تمسكت ب"بسام" لتنفجر باكية وهي تردد:أنا أحببته فقط
زادت دموع "بسام" كأنها سيول تشق الطريق إلي وجهه ويده تمسح علي ظهر "قمر" بحنان وشفاهه تحاول جاهدة إيجاد كلمات تطمئنها بها إلي أن آتت "ناهد" بالإسعافات الأولية ليبدأ "بسام" في إسعاف "قمر" علي قدر ما استطاع ومن ثم تركها ل"ناهد" تبدل لها ثيابها ليذهب إلي "منير" الذي قال له:إن كنت تريد مناقشتي في مسألة العاهرة تلك فأخرج من الحجرة غير ذلك تفضل
بالرغم من نبرة الجفاء من "منير" إلا أن "بسام" حاول جاهداً أن يعيده عن قراره القاتل هذا ولكن بدون فائدة..
لتمضي "قمر" ليلتها بين أحضان والدتها وتحت أعين "بسام" الذي أمضي ليلته في بهو المنزل..
....
عقد "فادي" حاجبيه بتعجب وهو ينظر لسلسلة المفاتيح الذي أمامه ليأتيه صوت بواب العمارة:لا تتعجب يا بني أنا أعرفك جيداً و أتمني يوماً أن يكون ابني في أخلاقك وتكون ابنتي في أخلاق الآنسة "قمر" لذلك ذاك المفتاج الخاص بمنزلها هو في أمانتك الآن أصعد إلي المنزل لتلتقط أية أشياء تخص رسالتها لأنني لمحت أن والدها لم يأخذ جهاز اللاب توب الخاص بها وبعض المتعلقات
علامات من الراحة الممزوجة بالألم ارتسمت علي ملامح "فادي" الذي قال بعرفان:لا أعلم كيف أشكرك يا عماه أرجوك أن تدعي لنا
ابتسم حارس العمارة بحزن ممزوج بقليل من الأمل قائلا:أرمي حمولك علي ربك يا بني وبالمناسبة لقد استطاع بعض رجال العمارة إنقاذ بعض الأوراق التي ألقاها "منير" وستجدهم علي طاولة الطعام أما باقي الأوراق للأسف تم إتلافها
شكر "فادي" ذاك الحارس بكل ما استطاع من تجميع للكلمات ليتلفت بعينيه إلي "ياسر" قائلا:الآن سأجمع متعلقات رسالتها فلتصعد الآن لزوجتك هي تحتاجك أكثر مني
نبرة قلق ممزوجة بحزن نبعت من شفاه "ياسر" الذي قال:حسناً ولكن إن احتجت شئ فأنا موجود
ارتسمت ابتسامة باهتة علي ملامح "فادي" لينطلق بسرعة صاعداً إلي منزل "قمر" مستخدم درجات السلم بينما طلب من "ياسر" أن يستقل هو المصعد الكهربي ليستجيب "ياسر" إلي طلب صديقه ...
علي الجانب الآخر..كانت "مريم" مستلقية علي أريكة بمنزلها متخذة وضع الجنين في رحم أمه وعينيها مازالتا تذرفان الدمعة تلو الأخرى في صمت بينما باتت محاولات جارتها جميعها بالفشل لتهدئتها قليلا ولكن بمجرد أن فتح "ياسر" باب المنزل قفزت "مريم" تجاهه لتستلقي بين أحضانه بخوف ليرتفع صوت أنين بكائها الذي ارتفع
بسرعة رهيبة كأنه سهم في البورصة الأوربية...
استأذنت الجارة من "ياسر" الذي حاول تجميع الكلمات لشكرها علي جلوسها مع زوجته ومن ثم حمل "ياسر" زوجته إلي فراشهم وهو يشعر برعشة جسدها وأنين بكائها الذي يزداد في كل لحظة لبقول بنبرة مطمئنة:"مريم" بكائك هذا لن يفيد بشئ أدعي لها صدقيني هي تحتاج الدعاء لا أكثر
نبرة بكاء ممزوجة بألم نبعت من شفاه "مريم" المتمسكة ب"ياسر" قائلة:صوت صراخها مازال في أذني يا "ياسر" لقد كنت عاجزة ولم أحميها من ذاك الوحش ودرجات السلم مازالت تحمل دمائها
رعشة قلق نبعت من "ياسر" خوفاً علي "فادي" من رؤية تلك الدماء ليزفر بحزن قائلا بنبرة حانية:في النهاية هو والدها يا "مريم" مهما كان قاسياً سيحنو عليها مهما كانت ما تعرضت له منه هو والدها ليس بيدنا أن نمنعه عنها
بينما "ياسر" منشغل بتهدئة "مريم"..أنحني "فادي" بجسده إلي إحدى درجات السلم الملطخة بدماء "قمر" ليتحسس "فادي" قطرات الدماء تلك الشاهدة علي ما تعرضت له "قمر" من وحشية لترتعش جفونه غضباً ليطبق "فادي" شفاهه بقوة خشية أن تنفلت منه صرخة ألم يسمعها أحد..ليستكمل "فادي" طريقه صاعداً إلي المنزل وهو يري أمام عينيه الساعات الأخيرة التي جمعته ب"قمر" وعلامات الحزن والألم المكتوم تسيطر بسرعة علي ملامحه وكيانه أجمع..
دلف "فادي" إلي منزل "قمر" لتستقبله قطرات الدماء المبعثرة هنا وهناك لتنعيه علي ما تعرضت له حبيبته من وحشية علي يدي والدها ليغلق "فادي" عينيه بألم وكأنه يصرخ بأوجاعه أن تهدأ قليلا وأنه يجب عليه أن يكون أقوي ليسترد حبيبته ليبدأ "فادي" في ترتيب أوراق "قمر" وبعض الكتب المبعثرة علي الأرض وجهاز اللاب توب الخاص بها وهاتفها المحمول ليجمعهم "فادي" في حقيبة صغيرة ويجلس علي أريكة المنزل و شفتيه تتفوه ب"آه" خافتة من المستحيل أن يسمعها أحد ولكن صدها جعل كيانه كله ينتفض بألم يغطي "فادي" عينيه بيده مانحاً الفرصة لعقله للتفكير ولو لدقائق لعله يصل إلي أية حلول ولكن للأسف بأن جميعها ينتهي ضده هو و"قمر" ليشعر "فادي" بالخمول الممزوج بالراحة لشعوره بعطر "قمر" الذي يحوم حوله كأنه يسدد له دفاعات بطيئة من المخدر لتغلق عيني "فادي" معلنة هروبه من ذاك العالم بقيلولة لم يخطط لها ولكن ما كان واضحاً أن "فادي" استمتع بها كثيرا..
...
شعاع ذهبي هادئ يغزو الطريق إلي حجرة تلك الفتاة التي تغلق عينيها بألم وكأنه يستأذنها في مداعبة جسدها الذي يحوي كدمات لا حصر لها...دمعة لؤلؤية تدحرجت علي خدي "قمر" وهي تفتح عينيها بألم قائلة بنبرة مرتعشة ممزوجة بخوف: "بسام"
ثواني معدودة مرت علي "قمر" التي تبحث بعينيها عن "بسام" في كل ركن من الحجرة لينتفض جسدها بخوف بمجرد أن فتح "بسام" باب الحجرة قائلا بنبرة حزن ممزوجة بعجز تسيطر علي ملامح وجهه:أنا آسف
رعشة خوف صوبت إلي كيان "قمر" وكأنها صدمة كهربية لتقول بنبرة خوف:ماذا حدث؟!
طأطأ "بسام" رأسه بعجز قائلا بنبرة أوشكت علي البكاء:سيتم عقد قرانك أنتي و"محب" الليلة
وكأن كلمات "بسام" كان كسهام أطرافها مسممة تغزر في جروح "قمر" التي تملأ كيانها والأهم ذاك الألم الذي يجتاح كيانها ليتحول حزنها إلي عدم تصديقها وتتحول آلامها إلي لامبالاة لترتفع ضحكات "قمر" الصاخبة وكأنها تهز أركان المنزل الذي يحوي أجمل لحظات حياتها لتزداد ضحكاتها في صخبها وكأن الجنون قد أصابها ليقترب منها "بسام" بقلق قائلا:"قمر" ماذا بك؟! "قمر" اهدئي قليلا
دلفت "ناهد" إلي داخل الحجرة إثر سماعها صوت ضحكات ابنتها الصاخبة لتقول بنبرة خوف:ماذا حدث؟!"قمر" اهدئي قليلا يا ابنتي
قفزت "قمر" من علي فراشها بألم ممزوج بجنون قارب علي التملك منها كلياً لتقول بنبرة ضحك مزمن:أنا؟! أنا بخير جداً اليوم عقد قراني
أكملت "قمر" حديثها بنبرة جنون كاملة وهي تشير إلي وجهها قائلة:ولكن ماذا سنقول للناس عندما يرون تلك المعالم الجديدة أتعلمون شئ لقد وجدت الحل
وقفت "قمر" أمام مرآتها لتلتقط علي صندوق لمستحضرات التجميل لتبدأ في العبث علي وجهها بالمستحضرات وهي تضحك بلا وعي بينما "بسام" عاجز عن إيقافها وهرولت "ناهد" إلي "منير" لتصيح بغضب قائلة:أفعل ما شئت يا "منير" أنا أريدك منك أن تقتلها ولكن لا تزوجها ب"محب" ابنتك ستصاب بالجنون
بينما علي الجانب الآخر..دفعت "قمر" يد "بسام" التي تحيطها لتدور في حجرتها بجنون بالرغم من الألم الذي يسيطر علي جسدها بأكمله إلا أن "قمر" وقفت علي فراشها لتبدأ في مرحلة جنون لتقفز بكل قوتها التي أصبحت هشة وضحكتها الصاخبة ترتفع رويداً رويدأ..
لم تكن "قمر" في ذاك العالم الوحشي الذي يحيط بها وإنما كانت تشعر بأنها في بستان يعج بالأزهار التي تتراقص معها عازفة لحن الفرحة وتري أمامها "فادي" يجلس بين الأعشاب ينظر لها بابتسامته الهادئة..
ذاك هو العالم الذي كانت "قمر" تشعر أنها به..
عالم لم يسلبها كرامتها لأنها أحبت..
عالم لن يجعلها زوجة لرجل تكره..
عالم لا يمتلأ بالقسوة والكراهية والمعتقدات العقيمة..
عالم لا يوجد به إلا "فادي"!!
"فادي" الذي استطاع إعادة إحياء قلب تلك الفتاة ليشعرها بأنها ما زالت مراهقة تتم لتوها عامها الخامس عشر...
"فادي" بكل تعجرفه ولامبالاته كان عاشق أمام عينيها يرويها من شفتيه كلمات ينحني لها العشق احترامً..
فاقت "قمر" من أحلامها الخيالية تلك علي صيحة والدها بها وهو يقول:المأذون سيأتي في تمام الساعة السابعة لذلك لطخي وجهك بأية مساحيق تجميل لعينيك وأرتدي وشاحك
لحظات صمت مرت علي "قمر" ليختلط جنونها بألمها ويحل محله الألم كلياً لتهرول "قمر" تجاه والدها وتجثو علي ركبتيها تحت قدم والدها و جسدها يرتعش خوفا كالمقبل علي تنفيذ حكم الإعدام.. و كيف لا ؟؟و هي لتوها سمعت حكم إعدامها من شفتي والدها...حكم بالزواج من شخص هو و الإنسانية عنصران متضادان..كيف لا؟؟و قد حكم عليها بالزواج من شخص تنحي له القسوة لتتعلم منه...
أمسكت "قمر" بيد والدها برجاء و دموعها تشق الطريق ليده المليئة بالتجاعيد...عيونها تطلب منه أن يرجع في قراره..دقات قلبها تختفي تدريجيا خوفا من تنفيذ هذا الحكم..
تحركت شفاهها المرتعشة بخوف قائلة:أرجوك أفعل بي ما شئت.. أقلتني...أحرقني...عذبني...و لكن لا تزوجني منه أرجوك
ارتفع صوت نحيبها مصاحب لكلماتها المرتعشة..لتتأوه بألم من قبضة والدها العنيفة لتنظر له بخوف قائلة:أرجوك
ضغط والدها علي يدها بقوة ليخلع من يدها السوار قائلا بقوة:أليس هذا السوار من المصراوى..أليس هو من جعلك تجلبين العار لي
قبض والده علي رقبتها قائلا:لا أريد سماع صوتك إلا أن يقام الزفاف
ما إن أنهي "منير"حديثه حتى دلف خارجاً من الحجرة وقبل أن تلحق به "ناهد" أوقفها صوت "قمر" الذي ينبع بالجمود قائلا:أمي انتظري
أكملت "قمر" حديثها وهي تستند علي "بسام" قائلة:اتركيه يا أمي لا تقول شئ..أبي بنفسه يلقي بي في النار
نبرة قلق ممزوجة بحزن نبعت من "بسام" الذي قالت:ما الذي تنوي علي فعله يا أختي؟!
وكأن "قمر"أعادت شحن قوتها وعزيمتها مما تعرضت له من إهانة لتعيد خصلات شعرها إلي وراء قائلة بنبرة جمود ممزوجة بثقة:إن كان "محب" فعل ذلك لنتزوج فذاك العقد سيكون باطل وأنا سأعلمه كيف يفعل بي ذلك ؟! أما عن أبي فالأيام ستثبت له أنني لم أفعل أي شئ مما يظنه و"فادي" سأتزوجه عاجلا أم أجلا
أكملت "قمر" حديثها لتوجه نظرها إلي "بسام" قائلة:الآن يا أخي أرجو منك أن تحضر لي الأدوية التي سأكتبها لك وبعض مستحضرات التجميل لأخفي العلامات تلك
....
شطيرة من الخبز المحمص وقطعة جبن بسيطة مع كوب من عصير البرتقال الطازج وضعتهم "إسراء" علي طاولة الطعام لتبدأ في تناول إفطارها في هدوء إلي أن ارتفعت أصوات طرقات غاضبة علي باب المنزل..
هرولت "إسراء" إلي وشاحها الخاص لتداري كتفها العاري ومن ثم اتجهت إلي باب المنزل لتفتحه بتعجب ليزداد تعجبها من رؤية ذاك الطارق وبتحول إلي صدمة ممزوجة بخوف من نظرات الغضب المصوبة تجاهها..



يتبع........
#نورهان_حسنى



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-16, 10:23 PM   #15

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



الفصل الثالث عشر


بالرغم من أن ليلة أمس كانت الأسوء علي الإطلاق إلا أنه حظي بقيلولة هادئة لأول مرة جعلت عقله ينشط ويعبث في أوراق ذاكرته ليري من طعنه في ظهره ليقدم ل"محب" علاقته ب"قمر" علي طبق من ذهب..
قبض "فادي" علي يده بغضب ليضرب بها باب المنزل لتصيح "إسراء" بخوف قائلة:"فادي" ماذا حدث؟!
نبرة غضب أعمي تمكنت من "فادي" الذي ضرب بقدمه أحد الكراسي الخشبية وهو يدلف إلي المنزل قائلا:لقد قدمت لكي المساعدة مرة والثانية والثالثة وفي النهاية تنقلي أخباري إلي "محب" هل هذا رد الجميل؟!
علامات من عدم الفهم الممزوجة بالخوف ارتسمت علي ملامح "إسراء" التي قالت:"فادي" أرجوك أهدأ قليلا أنا لا أعلم عما تتحدث
نبرة غضب عارمة نبعت من شفاه "فادي" الذي قال:منذ مدة عندما جاءت "قمر" إلي الشركة لمناقشتي في أمر بسرعة ذهبتي لإخبار "محب" الذي قام يدوره بإرسال أحد كلابه أمامنا
حركت "إسراء" رأسها نافية بسرعة ممزوجة بخوف وهي تقول:لا لا لم يحدث أبداً يا "فادي" أرجوك صدقني
نبرة عدم تصديق ممزوجة بغضب نبعت من شفاه "فادي" الذي قال:كاذبة
ابتلعت "إسراء" ريقها بصعوبة قائلة بنبرة أوشكت علي البكاء:"فادي" أنا أحبك ومن المستحيل أن أؤذيك حتى و لو كان ذاك الأذي سيجعلك لي "فادي" أرجوك صدقني أرجوك "محب" إن كان يعلم بحقيقة مشاعري تجاهك ما كان بعثني لأضرك..نعم الغيرة تملكتني عندما رأيتك معاها ولكن بحق أمي المريضة أنني لم أفعل أي شئ مما تقوله
أكملت "إسراء" حديثها وهي تكفكف دموعها قائلة:قل لي كيف أثبت لك أن حديثي حقيقة
لحظات صمت خيمت علي جميع أركان المنزل بينما داخل كيان "فادي" تعم فضوى الغضب والتساؤل والضجر ليحزم "فادي" أمره قائلا:إلي هنا وأي اتفاقيات كانت بيننا انتهت وإن كان علي "محب" فأنا أعلم كيف أفهم ما يجول بخاطره دون مساعدتك
....
نبرة حزن ممزوجة بضيق نبعت من شفاه "بسام" الذي قال:حسناً سأحادثك لاحقاً لأنني أمام الصيدلية
شعور من الحزن الممزوج بالشفقة نبع من شفاه "أسماء" التي قالت:ستتركها تتزوجه؟!
مسح "بسام" علي جبينه بقوة قائلا بنبرة ضجر:عقلي بات مشتت لا يستطيع في التفكير نهائياً وبالإضافة أنه يجب عليه المكوث إلي بعد الزفاف ما عاد لدي طاقة للبقاء في تلك القرية
نبرة حانية ممزوجة بحزن نبعت من شفاه "أسماء" التي قالت:تحمل قليلاً يا "بسام" وحاول التخفيف عن "قمر" و لا أحد يعلم ما الذي سيحدث حتى يقام ذاك الزفاف
أنهي "بسام" المكالمة علي وعد بأن تتكرر ليدلف إلي داخل الصيدلية ليجلب الدواء الذي طلبته "قمر" لتضئ شاشة هاتفه برقم بدون اسم...
كعادة "بسام" لا يجيب علي أية أرقام غير مسجلة عنده ولكن لشعور الفضول الذي تملكه دفعة واحدة عبث "بسام" بأصابعه ليجيب علي تلك المكالمة قائلا:السلام عليكم
نبرة حزم ممزوجة بتساؤل نبعت من شفاه المتصل قائلا:وعليكم السلام.."بسام"؟!
عقد "بسام" حاجبيه بتعجب قائلاً بنبرة تساؤل:نعم..من معي؟!
نبرة الثقة المعتادة في حديثه نبعت من شفاه "فادي" الذي قال:أنا "فادي" أو بالأحق الطرف الغامض في قضية "محب" أيها الرائد
ارتجفت رموش "بسام" بقلق ممزوج بتعجب تحكم من أوصاله ليأتيه صوت "فادي" من جديد يقول:أنا ذاك الرجل الذي آتي بمعلومات صفقة المخدرات و الحافلة السياحية في شرم الشيخ
بالرغم من أن حديث "فادي" أجاب علي تساؤلات كثيرة داخل عقل "بسام" إلا أنها فتحت الطريق لمليون سؤال وسؤال ليقول "بسام" بنبرة تساؤل ممزوجة بتعجب:أنت؟! لماذا كل هذا؟! لماذا تفعل ذلك؟! ما هي مصلحتك
زفر "فادي" بضيق ممزوج بلامبالاة ليقول بنبرة تساؤل:تستطيع "قمر" أن تجيبك علي تلك الأسئلة ولكن المهم الآن كيف هي؟! و ما الذي ينوي والدها عليه؟!
اكتست علامات الحزن علي ملامح "بسام" الذي قال بنبرة أسف:ستتزوج من "محب" ليلة الخميس في هذا الأسبوع وعقد القران سيكون الليلة
لحظات لم يعلم "فادي" كم عددها؟! ولا يعلم كيف مرت عليه؟! دقات قلبه باتت بطيئة للغاية وكأنها في حالة صدمة مما يقال!!عينيه اتسعتا صدمة ممزوجة بعدم تصديق!!وكأنه في كابوس..كابوس يحمل له أسوء لحظات حياته..
أغلق "فادي" عينيه بألم يجتاح كيانه بأجمع بسرعة فائقة إلا أن استولي ذاك الألم علي قلبه ليحيطه من كل جانب ليصبح متحكم في ضرباته ليقوي ذاك الألم ويصبح كأنه وحش تمكن في فريسته ليمد قلب "فادي" بدفعة أقوي من الألم كأنه يريد أن يوقف تلك الدقات...ولكن هل من الممكن أن يستسلم "فادي" ؟!!
أجاب "فادي" علي ذاك السؤال سريعاً ليعود إلي سابق عهده من القوة التي باتت الآن أضعاف مضاعفة ليعيد تجديد قوته من آلامه ليقسم كيانه بـأنه سيعيد إلي قلبه من يتمناها بأية طريقة ممكنة لتتحرك شفاه "فادي" بثبات قائلا:أنا أعلم جيداً أنا "قمر" أجبرت علي ذاك الزواج وأن "محب" هو من بدأ بلعب تلك اللعبة الخسيسة لذلك هل لي بمساعدتك؟!
بدون أن يفكر "بسام" ولو للحظات قال بنبرة تأكيد ممزوجة بعزم:بكل تأكيد ولكن الآن "محب" منشغل بإنهاء كافة الصفقات قبل الزفاف لذلك إن أردنا اللعب ليكون بعد الزفاف
نبرة عزم ممزوجة بثقة نبعت من شفاه "فادي" الذي قال:حسناً إذن موعدنا بعد الزفاف بليلة وأنا سأبحث عن أية معلومات تساعدنا في مهمتنا تلك
....
في تمام الساعة الثامنة مساءً..تحديداً في منزل "منير"..ارتفع صوت المأذون بالدعاء المعتاد بينما "قمر" تجلس علي فراشها..تضم ساقيها إلي صدرها وكأنها جنين في بطن أمه..ترتدي عباءة باللون الأسود و وشاح أسود تخفي خلفه دموعها التي لم تتوقف منذ أن دلف المأذون إلي المنزل..
بالرغم من الجمود والقوة التي احتفظت بهم طيلة اليوم ولكن بمجرد أن علمت بوجود المأذون تحولت جمودها إلي احتياج إلي "فادي" إلي احتياج للنظر إلي بنظرات تعجرفه أو بروده الأهم أنها تحتاج إليه..
تحولت قوتها إلي ضعف...ضعف بات يتملك منذ أن غادرت القاهرة لأنها غادرتها وغادرت معها الظهر الذي ستحتمي به...
كفكفت "قمر" دموعها بمجرد أن سمعت طرقات علي باب حجرتها ظناً منها بأنه "بسام" الذي لم تراه منذ الصباح فبالرغم من أنها طلبت منه بعض الأدوية بعثها لها مع والدتها تاركاً إيها في حيرتها وخوفها..
تحاملت "قمر" علي آلام جسدها لتتجه إلي باب الحجرة لتفتحه وتجد "ناهد" تقول لها بنبرة حزن ممزوجة بضجر:المأذون يطلبك لسماع رأيك
أغلقت "قمر" عينيها بألم لتزيد من قبضتها علي مقبض الباب قائلة:أين "بسام"؟
نبرة حزن نبعت من شفاه "ناهد" الذي قالت:سيأتي بعد أن ينتهي عقد القران لأن رفض أن يحضره ورفض طلب والدك بأن يكون شاهد علي ذاك العقد
اتجهت "قمر" إلي أريكتها الموضوعة بحجرتها قائلة بنبرة قوة:أنا أيضاً رافضة لذاك العقد ولن أقبل بالزواج به
اتجهت "ناهد" إلي ابنتها لتجلس بجوارها قائلة بنبرة حزن:أنا أعلم أنكي مجبورة عليه ولكن ليس أمامنا حل آخر
ما إن أنهت "ناهد" حديثها حتى دلف "منير" إلي الحجرة وهو يمسك بدفتر المأذون قائلا بجمود:رأيك ليس مهم بالنسبة لي المهم إمضائك لأن المأذون ينتظر بالخارج
ألقت "قمر" بنظرها علي ذاك الدفتر لتزيل الوشاح من علي وجهها لترسم ابتسامة باردة قائلة:عذراً لن أوقع علي وثيقة زواج سوي وثيقتي أنا و"فادي"
وضع "منير" الدفتر علي طاولة في الحجرة ليتقدم تجاه "قمر" بهدوء ارتعدت له "ناهد" الذي وقفت أمام ابنتها قائلة بقوة:لن تقترب منها مجدداً يا "منير" كفي إلي هذا الحد كفي..ألا تري كدمات يدها من ضرباتك وأصابعها التي لا تستطيع تحريكها منذ الصباح كفي
عقد "منير" حاجبيه بغضب ممزوج بصدمة من وقوف "ناهد" في طريقه ليقول بنبرة غضب مكتومة:هل تقفي في صف تلك العاهرة يا "ناهد"؟!
نبرة قوة ممزوجة بضجر نبعت من شفاه "ناهد" التي قالت:ابنتي ليست بعاهرة..ابنتي أخلاقها وشرفها يعلمه أهل القرية لبناتهن وإن كنت تقبل تزوجيها غصباً وهذا ضد الدين الذي علمتني إياه حسناً ولكنك لن تجبرها علي التوقيع علي ورقة أنت تعلم جيداً أنه لا قيمة لها بدون موافقتها
ارتسمت معالم الطمأنينة علي ملامح "قمر" التي تمسكت بوالدتها لتستمد منها أمانها وراحتها ولكن سرعان ما ارتفعت نبرة "منير" الغاضبة قائلا:لن تقفي أمامي يا "ناهد" مفهوم
وبمجرد أن أنهي "منير" حديثه رفع يده ليصوب صفعة لزوجته ولكن سرعان ما شعر "منير" بيد ابنته تمسك بيده ليقع نظره علي عيني "قمر" التي تشع غضباً وهي تقول:أمي لن يمسها أحد ولو كنت يا أبي
أفلتت "قمر" يده والدها لتتجه إلي الدفتر لتوقع علي الوثيقة بسرعة ممزوجة بغضب لتلتفت بجسدها قائلة:حسناً توقيعي وحصلت عليه..الشهود والله وحده يعلم ما الكذبة التي أخبرتهم بها حتى لا يأتوا لي و الزفاف سيقام في موعده يا والدي
أكملت "قمر" بنبرة قوة ممزوجة بغضب مكتومة لتقول:ولكن إن كنت تظن يا شيخ القرية أن ذاك الزواج سيكون صحيح فمن الأفضل أن تراجع صحيح الدين أن شرط الزواج موافقة العروس وموافقتي مستحيلة للزواج بهذا المعتوه
اتجه "منير" بجمود ليلتقط الدفتر قائلا بنبرة لامبالاة:من الأفضل أن تعالجي وجهك هذا قبل الزفاف
أغلق "منير" باب الحجرة لتضع "قمر" يدها علي قلبها محادثة نفسها بعجز قائلة "سامحني يا "فادي" لقد وقعت لحماية أمي ولكن ليشهد الله أنني غير راضية علي هذا الزواج ليشهد الله أن دقات قلبي ملكك أنت فقط "
فاقت "قمر" من شرودها علي لمسة يد والدتها التي تمسح علي كتفها قائلة بعجز:ليتني أستطيع منع هذا الزفاف
ارتسمت ابتسامة باهتة علي ملامح "قمر" التي دفنت وجهها بين أحضان والدتها قائلة بثقة ممزوجة بقوة:لن يطول مني شئ يا أمي وسيأتي "فادي" يوماً لأخذي منه
....
حل الليل سريعاً علي "قمر" التي رفضت مطلقاً الخروج لمقابلة "محب" حتى بعد إتمام عقد القران الباطل لتمكث ليلتها في حجرتها تناجي ربها لتخليصها من تلك الورطة لتحل صلاة الفجر سريعاً لتفاجئ "قمر" ب"بسام" يأتي إليها في حجرتها بعد ذهاب "منير" إلي المسجد لتقص "قمر" عليه ما أخبرها به "فادي" لتنهي "قمر" حديثها قائلة بتعجب:ولكن لماذا تريد معرفة كل هذا؟!
مسح "بسام" علي جبينه بضيق ليقول بنبرة شبه هادئة:لقد تحدثنا أنا و "فادي" في الصباح
اتسعت عيني "قمر" صدمة ممزوجة بلهفة لتقفز من موضعها قائلة بنبرة فرحة ممزوجة بشوق:"فادي"!! وكيف هي أحواله؟! هل هو بخير!! هل كانت نبرته بخير؟! ماذا قال لك؟!! هل أخبرك بشئ لي ؟!
نبرة حذر ممزوجة بحزن نبعت من "بسام" الذي قال:"قمر" اهدئي قليلا واصمتي إن علم عمي بشئ لن يكون خير أبداً
طأطأت "قمر" رأسها علي كتف "بسام" لتقول بنبرة ألم ممزوجة بحزن:أشتاق له كثيراً يا "بسام" أشتاق لنبرة اللامبالاة منه وتعجرفه الدائم أشتاق لنظرة الغيرة في عينيه أشتاق لحديثي الدائم معه أشتاق لروحي التي أودعتها بين دقات قلبه
ما إن أنهت "قمر" حديثها حتى شعر "بسام" بدمعة دافئة تجتاح طيات ملابسه ليحيط كتف "قمر" بيده قائلا بنبرة واثقة:وعد مني يا أختي أن أساعد "فادي" بكل طاقتي لنضعه في السجن ومن ثم مهما كلفني الأمر سأزوجك به
تنهدت "قمر" براحة نسبية لتكفكف دموعها قائلة بنبرة قلق:ولكن هل تظن أن "محب" قد يشك بأمرك لأنك لم تحضر عقد القران؟!
ابتسامة خبث ارتسمت علي ملامح "بسام" الذي قال:"محب"!!من المستحيل هو يراني أنني بذلك قدمت له خدمة لأنني عندما أعود سيسألني عما أخبرتني به وبذلك سأستطيع قول ما نريد أن نوصله إيها
دام الحديث بين "بسام و قمر" مدة ليست بقصيرة إلي أن آتي "منير" ليعود "بسام" إلي فراشه ليقضي ليلته يحادث "أسماء" بينما "قمر" فأخيراً نالت قيلولة هادئة بعد أن تأكدت من "بسام" أن "فادي" لن يتخلي عنها..
....
مرت أيام التحضير للزفاف بلامبالاة علي "قمر" التي باتت تقضي يومها بأكمله في حجرتها دون الخروج منها حتى يخرج والدها أولاً من المنزل وهي غير مهتمة تماماً بكمية السيدات اللاتي يحضرن لتقديم المباركات وما شابه ذلك..
بينما انشغال "منير" في دعوة أصدقائه من البلاد المجاورة جعله غير مبالي ل"قمر" وغير مهتم لرفضها القاطع للخروج من حجرتها أو مقابلة "محب"
بينما ذاك الشيطان المتجسد علي صورة إنسان يعيش في تلك الأيام أفضل لحظات حياته فبالرغم من التقاليد التي تلزمه بتحضير كل ما هو متعلق بمنزل الزواج إلا أن فرحته من اقتراب سيطرته علي أملاك "منير" طغت علي كل شئ..
بينما حزن "ناهد" ودموعها التي لم تجف لحظة علي فتاتها لم يشفع لها عند "منير" الذي أجبرها علي إخفاء تلك الدموع أمام السيدات اللاتي يحضرن للتجهيز للزفاف وتحضير الصندوق المخروطي باللون الأحمر الذي يحتوي علي العطور والمسك والصندل لتجوب به خالة "قمر" لدعوة السيدات علي الزفاف..
علي الجانب الآخر..كان "فادي" يمضي نهاره في عمله رافضاً رفض تام أي حديث مع "إسراء" التي تحاول مستميتة تقديم المساعدة له وبمجرد أن ينهي "فادي" عمله يتجه إلي "وائل" ليقضي معه ساعات يتسامران في كيفية الإيقاع ب"محب" ليأتي الليل علي بطلنا المتعجرف ليستبدل تعجرفه بآلامه وهو يتذكر أن موعد زفاف حبيبته من وحش بشري بات قريباً جداً وهو يقف أمامها عاجز لا يستطيع فعل شئ بدون امتلاك أدلة كافية..
وبفضل الله ومساعدة "ياسر" تحسنت حالة "مريم" إلي حد ما لتصبح أقوى قليلاً لتسترجع صحتها من جديد وتحاول هي بدورها تخفيف آلام "ياسر" الذي يعاني إيها بسبب حزنه علي صديق عمره..
ومن بين كل هؤلاء كان "حمدي" الوحيد الذي لا يعلم ما يدور من حوله..بات يري ابنه الوحيد صامت وشارد طيلة الوقت ومهما تحدث معه لا يستطيع الوصول لأي شئ..يري أضواء حجرته مضاءة طيلة الليل وإذا دلف إليها يجده يقف شاردً في شرفته لا يشعر بالكون من حوله وكأنه فقد جزن من كيانه..
....
الوقوف بين يدي الله هو ما كان يضخ الطمأنينة لقلب "فادي" الذي يعتصر ألم..تلك الراحة التي طالما وجدها "فادي" في الصلاة هي ما كانت تبعث في نفسه الأمل بأن الله سيكافئه بما يريد ولكن عندما تشاء إرادته..
دموعه التي لم يراها أحد سوي خالقه تلك الدموع التي طالما اختلطت بأرض المسجد شاهدة علي كل لحظة ألم عانها منذ ابتلائه بفقده لوالدته و الآن هو في اختبار جديد من الله ليعلم مدي صبره ومدي قوة إيمانه به ذاك الاختبار الذي جعله يرتشف ألم أن يري حبيبته تزوج أمام عينيه ومن يتزوجها هو عدوه اللدود الذي استولي علي تفكيره كله لكي ينتقم منه..ذاك الاختبار الذي شعر "فادي" للحظات أنه سيرسب به ولكن سرعان ما تدارك الأمر وأيقن أن الله سيكافئه وسيجزيه خيراً وسيحمي له من تمناها حلال له..
ذاك الإيمان القوي الذي ترسخ في كيان "فادي" كله اكتسبه من كل سجدة كانت لوجه الله عز و جل..اكتسبها من كل دعاء حادث به السماء ولم يسمعه أحد..
رفع "فادي" وجهه من علي الأرض لينهي سجود دام لوقت لم يشعر به مطلقاً بقدر شعوره بتلك الراحة التي استمدها من ذاك السجود ليختم "فادي" صلاة الفجر لتأتيه نبرة هادئة تقول:أنت يا بني؟!
رفع "فادي" نظره متعجباً من ذاك الصوت ليجد شيخ المسجد يجلس علي مسافة منه ليقول "فادي" بنبرة تساؤل:أنا؟!
أومأ الشيخ رأسه بموافقة قائلا بنبرة هادئة:نعم أنت..اقترب قليلاً أريد التحدث معك
تحرك "فادي" تجاه الشيخ وعقدة حاجبيه المتعجبة مازال محتفظ به ليأتيه صوت الشيخ قائلا:غالباً ما أراك أنت و صديقك لك هنا في صلاة الفجر فقط
شعور من الراحة اكتسبه "فادي" من كلامات الشيخ البسيطة ليقول بنبرة مطمئنة:في نهاية ذاك الشارع توجد مقهى دائماً ما نسهر به لذلك عندما ننهي حديثنا نأتي للصلاة ولكنه اليوم عاد إلي منزله مبكراً
نبرة مطمئنة ممزوجة بهدوء نبعت من شفاه "الشيخ" الذي قال:سأقص عليك حكاية قصيرة يا بني إذا أردت سماعها
أومأ "فادي" رأسه موافقاً لترتسم معالم الفضول علي ملامحه قائلا:بالطبع
التفت "الشيخ" بعينيه إلي الموضع الذي كان "فادي" يصلي فيه ليحرك شفاهه بنبرة هادئة قائلة:منذ حوالي 30 عام كان هناك شاب يدعي "راضي" كان ذاك الشاب اسمه من صفاته كان من صعيد مصر وأسرته كحال المصريين في وقتهم كانوا يكملون عشائهم نوم ولكن دائماً ما كان الحمد علي شفاههم المهم يا بني أن ذاك الشاب عندما أخذ الشهادة الإبتدائية توقف عن الذهاب للمدرسة نظراً للحالة المادية لعائلته ولأن المرض اشتدت بوالده وهو الأخ الوحيد وله أختان تؤام فوقع علي عاتقه العمل ليتولي أمر 4قراط من الأرض الوحيد التي ملكها والده ليصل إلي عامه التاسع عشر وقد أصبح خبير في زراعة الأراضي ومحصوله السنوي يحقق له أرباح لم يستطع والده تحقيقها..
أتدري لماذا يا بني؟!
عقد "فادي" حاجبيه بتعجب ليقول بنبرة تساؤل:لماذا؟!
ابتسامة خافتة رسمت علي ملامح الشيخ الذي قال:ذاك الشاب كانت قطعة الأرض الخاصة بوالده تقابل فدادين أكبر عائلات أهل قريتهم وكان كبير تلك العائلة لديه فتاة في نفس عمر ذاك الشاب لتصبح هي السبب الأساسي بعد إرادة الله في جعل ذاك الشاب يتفاني في عمله ليقضي سنين عمله في الحقل وهو يراقبها من بعيد تتنقل بين حقول والدها بخفة ومن حين إلي آخر تبعث له ابتسامة تمده بطاقة تجعل كل خلية في كيانه فرحة لينشأ ذاك الشاب علي ضحكتها التي تمده بالحياة وتنشأ تلك الفتاة علي رؤيتها لذاك الشاب الذي يستطيع إخفاء أية ذرة حزن تصيبها من أول كلمة منهم لتصبح علاقتهم سرية تماماً لا يعلم عنها أحد سوي خالقهما
تنهيدة ألم اجتاحت صدر الشيخ الذي أكمل حديثه قائلا:وبفطرة العشق الذي يمد الحياة لقلب "راضي" و حبيبته قام "راضي" بالذهاب إلي والد الفتاة لينال أكبر قدر ممكن من الإهانة هو وكل فرد من أسرته فوالد الفتاة لم يكتفي بإهانته في منزله بل قام بحرق منزله الذي كان مأوي له هو فقط بعد موت والده بل وصلته قسوته إلي أنه كاد يجبر أزواج أخوته علي تطليقهم لولا أن هؤلاء الرجال رفضوا رافضاً قاطع واصطحبوا زوجاتهم وأطفالهم مسافرين إلي قرية أخرى بعد أن قطعوا علاقتهم نهائياً ب"راضي" لأنهم باتوا متأكدين أنه السبب في كل ذلك تاركين "راضي" يعاني بمفرده فوالد تلك الفتاة لم يستكفي بما فعله فقط بل إنه ابتدع قضية من تأليفه بأن "راضي" حرق بضاعة له ليحبس "راضي" سنة كاملة في زنزانة نادراً ما يصل ضوء الشمس لها لتشهد تلك الزنزانة علي ليالي كتم فيها "راضي" صيحاته من الجلد الذي تعرض له وبعد سنة كاملة خرج من السجن لينفيه والد الفتاة إلي القاهرة محذراً إيها أنه إذا عاد للقرية سيقتله
علامات الصدمة الممزوجة بالعطف ارتسمت علي "فادي" الذي قال بنبرة تساؤل:والفتاة الذي أحبها؟!
أسند الشيخ رأسه علي عمود بالمسجد ليقول بنبرة حزن ممزوجة بألم:تلك الفتاة عانت أضعاف ما عانه "راضي" فبمجرد أن علم والدها بأنها تحب ذاك الشاب بدأت ليالي التعذيب لها من ضرب ومنع للطعام وما شابه ذلك إلي أن دخل "راضي" السجن في تلك الليلة صاحت الفتاة في والدها تصرخ بحبها ل"راضي" علانية دون الخوف من شئ ليضعها والدها تحت قدمها ويمزق شعرها بمقص أحضره شقيق تلك الفتاة وهو يلعن فيها وفي شرفها إلي أن تقدم للزواج منها ابن عمها ليكون أمام الجميع جميل منه للتستر علي تلك الفتاة التي جلبت له العار
غصة ألم اجتاحت قلب "فادي" وهو يتذكر محبوبته "قمر" ليقول بنبرة حزن ممزوجة بعجز:و بالتأكيد تزوجته
حرك الشيخ رأسه نافياً ليقول بنبرة ألم:لا تقول تزوجته بل الأحق أن تقول غصبت علي الزواج منه عقد القران كان باطلاً لأن المأذون عندما سألها عن رأيها صرحت برفضها وبالعكس كان المأذون أحد شركاء والدها فلم يهتم لما قالته بل أكمل عقد القران وتزوجت تلك الفتاة من ذاك الشاب التي بات يسقيها أقصى أنواع التعذيب من ضرب وإهانة و إحاطة قدمها بسلاسل الحديد ومنع الطعام والشراب عنها وحبسها في حجرة الحشرات وفي النهاية أتعلم كل هذا كان لماذا؟!
دمعة ألم ممزوجة بخوف ترقرقت في عيني "فادي" الذي قال بنبرة حزن:لماذا؟!
كفكف الشيخ دموعه التي تجتاح خديه ليكمل حديثه قائلا:لأنها منذ ليلة زفافهم رفضت أن تخضع له لممارسة العلاقة الزوجية ذاك الشاب الذي تزوجته بالرغم من أنه كان يتفنن في تعذيبها إلا أنه كان يرفض أن يمارس معاها الجنس رغماً عنها وهذا يعتبر الشئ الوحيد الذي كان صالحاً فيه ولكن لم تتوقف أمه عن توبيخها في كل مرة تراها فيها بأنها معيوبة وتخشي الفضيحة و والد تلك الفتاة قاطعها نهائياً تاركاً إيها تعاني العذاب مع زوجها هذا ظناً منه بأنها هتكت عرضها مع "راضي" الذي أحببته
نبرة تساؤل ممزوجة بفضول نبعت من شفاه "فادي" الذي قال:وماذا عن "راضي" ؟!



يتبع.......
#نورهان_حسنى



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-16, 10:23 PM   #16

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



الفصل الرابع عشر


وقعت عيني الشيخ علي الموضع الذي كان "فادي" يصلي فيه ليقول:"راضي"؟! عندما آتي إلي القاهرة رزقه الله بعمل في مصنع مأكولات غذائية في الصباح وبعد الظهيرة يبدأ عمله الآخر في مقهى وفي نهاية اليوم يعود إلي حجرة استأجرها علي سطح إحدى العمارات السكنية ينام ساعة كحد أقصى ومن ثم يأتي إلي هذا المسجد يجلس في الموضع الذي كنت تصلي فيه يناجي ربه بالساعات وهو ساجد يشعر الجميع برعشة جسده عند بكائه وهو ساجد وهو لا يعلم ما الذي جعل هذا الشاب يصل إلي ما هو فيه إلا أن تحدث معه رجل كان في منتصف عقده السابع..ارتاح "راضي" جداً في الحديث معه ليخبره بحكايته مع حبيبته التي تركها في قريته لا يعلم عنها أحد ومن ثم انتشرت الحكاية تدريجيا بين المترددين علي المسجد ليلقي "راضي" رد فعل لم يتوقع نهائياً..فبات الجميع بعد أن علموا بحكايته تلك يتقربون منه تدريجياً مكونين الصداقة معه وعندما يجلس في الموضع الذي يصلي فيه ينفضون من حوله تاركين إيها يشكي ما به إلي خالقه
مسح "فادي" علي وجهه قائلا بنبرة حزن ممزوجة بتساؤل:والفتاة الذي أحببها؟! وهو لم يتزوج بعدها؟!
ارتسمت ابتسامة هادئة علي ثغر الشيخ الذي قال:العاشق يا بني أشبه بالمريض بمرض مزمن ولكن الاختلاف أن مرض العشق لا ينهش في الجسد كباقي الأمراض بل يعيد إحيائه..و "راضي" كان عاشق بجدارة عشقه لتلك الفتاة هو ما جعله يصمم علي أن يتعلم أكثر وأكثر بينما تلك الفتاة باتت لياليها كما هي تتعذب من زوجها وتلبي طلبات أمه وأخوته إلا أن تلك الفتاة كان لها أخت كبري هي الوحيدة التي كانت تخفف عنها قليلاً ولكن في الخفاء خوفاً من والدها إلي أن تزوجت تلك الأخت من أبناء أحد أصدقاء والدها لتأتي معه إلي القاهرة وتطلب من زوجها أن يبحث عن "راضي" ولعلاقات زوجها مع أكابر المناطق الشعبية استطاع الوصول ل"راضي" لتكون أخت تلك الفتاة هي حلقة الوصل بينهم لتعيد تلك الفتاة الأمل إلي العاشقين الموجعين بلعنة الفراق إلي أن آتت اللحظة التي يخشها "راضي"
نبرة قلق ممزوجة بفضول نبعت من شفاه "فادي" الذي قال:أية لحظة؟!!
أعاد الشيخ إسناد رأسه إلي العمود ليقول بنبرة حزن تملكت من ملامحه قبل صوته:"راضي" كان متقرب من ربه إلي أقصى الحدود وصابراً علي البلاء إلي أن آتت له أخت حبيبته لتخبره بأنها في زيارتها الأخيرة لأختها كانت مريضة جداً وجسدها يحمل عدد لا يحصي من الكدمات والحروق في تلك اللحظة يا بني وكعادة الفطرة البشرية استسلم "راضي" إلي شيطانه الذي وسوس له بأن راحة تلك الفتاة ستحدث إذا أنهي هو حياته لأنها بذلك ستتأكد بأنه لن يعود وستعيش حياتها كباقي الفتيات ليعزم "راضي" علي الانتحار
نبرة ضجر ممزوجة بفضول نبعت من شفاه "فادي" الذي قال:الانتحار؟! لماذا؟!كيف هو بإيمانه هذا يفكر في ذلك؟؟!
اعتدل الشيخ في جلسته ليستعد في توصيل المعلومة الذي يريد من "فادي" أن يعلمها ليقول:يا بني!!نحن بشر أتدري ما معني ذلك؟!!معناه أننا سنخطئ بإرادتنا أو إن كنا مجبورين سنخطئ ذلك فطرة الجنس البشري تلك الفطرة التي تجعلنا أحياناً نستسلم للشيطان و وساوسه ولكن المتمسك بإيمانه الحق كما تقول لا يقع في فخ الشيطان ويرتكب ما يمحي جميع حسناته..هل فهمت؟!
أومأ "فادي" رأسه بالموافقة ليقول بنبرة تساؤل:ولكن "راضي"؟!
أعاد الشيخ رأسه للخلف قائلا بنبرة هادئة:في قانون العشاق يا بني مهما بعدت المسافات وطال زمن الفراق العاشق الحق هو من يشعره بمن يدق قلبه من أجله..يشعر به من دون أن يتكلم..يشعر به إن كان بينهم أميال.. يشعر به إن كانوا متخاصمين يشعر به لأن دقات قلبهم واحدة تضخ لتمد روح انقسمت علي جسدين بالحياة..
وذاك ما حدث مع "راضي" فعندما عزم علي تنفيذ فعلته تلك وكأنه حبيبته شعرت بأن جزء من روحها ستنهار وكأنها شعرت بأن مصدر القوة الذي يمد كيانها بالإصرار سينهار في تلك اللحظة فقط أغمضت تلك الفتاة عينيها وهي تري صورة "راضي" أمامها وهو يبعد عنها ببطء لتتفوه شفاهها بكلمة واحدة وهي "لا تتركني"
كفكف الشيخ دموعه لترتسم ابتسامة هادئة علي ملامحه قائلا بنبرة هدوء:وكأن جملتها تلك صوبت بسرعة البرق إلي قلب "راضي" ليعدل عن فعلته تلك ويرجع إلي عمله تمر خمسة سنوات ومع كل يوم يمر يرتفع شأن "راضي" في المصنع ليصبح نائب مدير المصنع والذراع الأيمن للمدير ليصنع "راضي" ثروة لا بأس بها إلي أن آتي له الخبر الذي انتظره سنين عمره وهو طلاق حبيبته بعد أن يأس زوجها من الوصول معها لحل
ابتسامة فرحة زينت ملامح "فادي" الذي قال:وماذا فعل "راضي"؟َ!!
ابتلع الشيخ ريقه قائلا بنبرة فرحة:في ذاك الوقت كان ل"راضي" شهرة كبيرة في العمل والمسجد الذي يتردد عليه وسكنه ولذلك استغلهم "راضي" وطلب من الرجال أن يستعيدوا للعودة معه إلي المنزل وبعد مرور فترة العدة بالتمام انطلق "راضي" مع أصدقائه إلي القرية ليقف بسيارته وسيارات أصدقائه أمام منزل والد تلك الفتاة وأهل القرية ملتفين حوله بخوف من رد فعل أبيها وما سيفعله به ولكن "راضي" لم يهتم بهم ولا بوالد الفتاة الذي خرج إليه يصيح به غاضباً وهو يمسك بسلاحه بل صاح باسم حبيبته بأعلى صوته وهي يقر بحبه لها أمام الجميع
اتسعت عيني "فادي" صدمة ممزوجة بقلق ليقول:وماذا فعل والدها؟!
ابتسامة خافتة غزت ملامح الشيخ الذي قال:لم يقدر علي فعل شئ لأن الشرطة جاءت في الوقت المحدد وعندما قال والدها بأن "راضي" جاء ليعتدي عليه خرجت تلك الفتاة التي عاني من أجلها سنوات..خرجت من باب والدها وهي تخطو خطواتها الأولي في حرم قلب "راضي" الذي يعتصر ألماً لشوقه لها لتنكر تلك الفتاة حديث والدها وتقول بأن "راضي" جاء لخطبتها و هي موافقة بل وإن والدها هو من منعها من الزواج منه منذ البداية ليؤمن الضابط الطريق لها لتخرج من بيت والدها الذي قارب علي الفتك بها لولا ضابط الشرطة الذي آمن خروجها ليصلها إلي سيارة "راضي" الذي لم ينتظر لحظات أخرى بل ضمها إلي أحضانه أمام الجميع لينطلق بها إلي القاهرة لتتم إجراءات الزفاف
تنهيدة راحة أطلقها الشيخ الذي اعتدل في جلسته مصوب نظره إلي "فادي" قائلا:تلك الحكاية التي شغلت بالك بها وأنا أقصها عليك ما كنت لأخبر أحد بها لولا أن رأيتك وأن تصلي اليوم رأيت في رعشة جسدك المختفية رعشة جسد "راضي" وعينيك التي تشع ألم عيني "راضي" وملامحك التي بان عليها الوجع مبكراً يا بني رأيت هيئة "راضي" أمامي رأيت هيئة عاشق يرتشف أوجاع الفراق ..أنا لا أطلب منك أن تخبرني ماذا بك ولكن أريدك أن تتعلم من تلك الحكاية يا بني ألا تستسلم مهما طال الفراق أصبر وناجي ربك ليل نهار..إياك يا بني أن تستسلم يوم لوساوس شيطانك إياك أن تصاب باليأس يوم ..أريدك أن تستمد قوتك وعزيمتك من آلامك تلك وأن تضرب بها عرض الحائط وأن تفكر فيما ستصنعه لتقتل ذاك الفراق وتعيد إلي ملامحك الروح التي تجعلها صافية..صدقني يا بني مهما كان الرجل قوي أمام أي خطر يواجه حبيبته يشعر بإرادة وقوة ستفتك بمن يضر بها ولكن إذا استسلم لحظة لشيطانه سيقضي علي حبيبته قبل أن يقضي علي نفسه..فهمت؟!
مسح "فادي" علي وجهه بكفيه ليرسم ابتسامة راحة علي ملامحه قائلا بنبرة هادئة:فهمت
قام "فادي" من موضعه تدريجياً ليتنهد بطمأنينة ممزوجة بثقة ليقول بنبرة تساؤل:إذا أردت الحديث يوماً هل ستسمعني؟!
ابتسامة هادئة غزت ملامح الشيخ الذي قال بنبرة موافقة:بالتأكيد يا بني عمك "راضي" علي استعداد لاستماع لك في أي وقت
علامات من الصدمة الممزوجة بالفرحة استولت علي ملامح "فادي" الذي مسح علي شعره بهدوء قائلا بنبرة هادئة:سيطول الحديث بيننا يا عماه..ألقاك علي خير
...
بمجرد أن خرج "بسام" من المسجد بعد أن أدي صلاة العصر ارتفع رنين هاتفه معلن قدوم اتصال من "ناهد"..
نبرة حزن ممزوجة بقلق نبعت من شفاه "بسام" الذي قال:هل حدث أمر ما ل"قمر"؟!!!
نبرة أوشكت علي البكاء توحي بمدي العجز التي تشعر به "ناهد" نبعت من شفاهها قائلة:"قمر" يا بني رافضة تماماً أن تتزين أو تخرج حتى للنساء اللاتي أتين للتهنئة وعمك أقسم بالله أنها إذا ما خرجت ليتخلص منها وهي رافضة قطعاً الخروج أرجوك تعال يا "بسام" لتتحدث معها
زفر "بسام" بضيق ممزوج بشفقة ليقول بنبرة موافقة:حسناً يا عمتي أنا في الطريق إلي المنزل
علي الجانب الآخر تحديداُ...دثرت "قمر" جسدها بغطائها واضعة الوسادة فوق رأسها لعلها تمنع أصوات الغناء والدفوف التي تنبع من خارج حجرتها...أوصالها باتت البرودة تتحكم منهم تدريجياً وشفتيها يرتعشان خوف من موعد الزفاف الذي سيقام غداً..قلبها يحاول بكل الطرق الممكنة إيجاد أية علامة توحي له أن ما يمر به ما هو إلا كابوس ستفوق منه قريباً وتعود ل"فادي" ولكن كل المحاولات فاشلة بل وإنها تثبت أن ذاك الزواج سيقام..
قوة "قمر" باتت ضعيفة منذ ليلة البارحة عندما آتي "محب" إلي منزلهم وأجبرها والدها علي الخروج له..ليبدأ ذاك المعتوه الملقب ب"العريس" بالتحدث معها بنبرة خبث ممزوجة بسخرية نبعت من كل كلمة صوب تجاه "قمر" التي ظلت عاقدة يدها أمام صدرها تنظر له بإشمئزاز إلا أن قال لها صريحة "جعلت ليلة الزفاف ليلة عيد مولدك لتدركي أن مولدك الحقيقي كان بين أحضاني وإن كان علي هدية مولدك سأمنحك إيها عندما تكوني بين ذراعي"
في تلك اللحظة فقط استجمعت "قمر" قوتها لتقوم من موضعها ببطء قائلة بنبرة برود ممزوجة بعند:الزفاف وسيقام ولكن صدقني أن نجوم السماء تلك أقرب لك من أن تلمس خصلة شعر مني لأن أنوثتي تلك وجسدي ملك لمن أحتل قلبي ملك ل"فادي" لا لأحد غيره
فتحت "قمر" عينيها بألم ويدها تتحسس جرح يدها الذي تسبب فيه "منير" ليلة البارحة بعد أن أخبره "محب" بما قالته ابنته ليضيف "منير" جرح جديد لجسد ابنته المتهالك من جروح قلبها قبل جروح جسدها الظاهرية..
لتعدل "قمر" في جلستها وتبدأ في وضع الأدوية الخاصة بتلك الجروح لتسمع طرقات خافتة علي حجرتها لتغلق عينيها بضجر قائلة بنبرة غضب مكتومة:لا أريد رؤية أحد
نبرة هادئة ممزوجة بطلب نبعت من شفاه "بسام" الذي قال:أنا "بسام" افتحي يا "قمر" من فضلك
سترت "قمر" كتفها العاري لتتحامل علي آلامها متجهة إلي باب حجرتها لتفتحه قائلة بنبرة جمود تخفي في طياتها آلامها:ماذا هناك يا "بسام"؟!
دلف "بسام" إلي داخل الحجرة..ليزفر بقوة قائلا بنبرة حكمة:هل لنا بعقد اتفاق؟!!
عقدت "قمر" حاجبيها بتعجب ممزوج بفضول قائلة بنبرة تساؤل:أي اتفاق؟!
نبرة ثقة ممزوجة بهدوء نبعت من شفاه "بسام" الذي قال:ستسمحين للسيدة المسئولة عن الحنة بالدخول لكي وترتدي عباءة مهما كان شكلها وتخرجين مع السيدات من أجل ليلة الحنة وفي تمام منتصف الليل سأصحبك إلي مفاجأة تنتظريها
ازداد تعجب "قمر" التي صممت لدقائق قائلة بنبرة تردد:أنا أعلمك جيداً يا "بسام" ولكن لا أستطيع تخيل تلك المفاجأة لذلك أنا موافقة ولكن هل تلك المفاجأة تستحق أن أخرج لأمثل دور العروس
أومأ "بسام" رأسه موافقاً وابتسامة الثقة تزين ملامحه ليقَبل جبين "قمر" بحنان قائلا:انتبهي علي نفسك جيداً
ما إن خرج "بسام" من الحجرة حتى دلفت إليها تلك السيدة المسئولة عن الحنة وبصحبتها "ناهد" التي اقتربت من أذن "قمر" هامسة:لقد وضحت لها أنكي سترسمين علي كفيك وكتفك فقط وأنا سأخرج إلي النساء
أومأت"قمر" رأسها موافقة لترتسم ابتسامة باردة علي ملامحها قائلة بنبرة قوة:هل لي بقلم و ورقة ؟!
عقدت السيدة حاجبيها بتعجب لتستخرج ورقة وقلم من حقيبتها قائلا:تفضلي
تناولت "قمر" الورقة لتنحي بجسدها لتكتب جملة وتضعها أمام السيدة قائلة:هذا ما أريد كتابته علي كتفي
اتسعت عيني السيدة بعدم فهم لما هو مكتوب لتقول بنبرة تساؤل:أعذريني يا عروس ولكنني لا أفهم ما المكتوب
تنهدت "قمر" بطمأنينة لتصطنع الحديث قائلة بنبرة براءة:تلك الجملة تكتبها معظم السيدات ليلة زواجهن تغازل فيها زوجها
ابتسمت السيدة براحة لتشمر عن ساعديها لتبدأ في كتابة أول حرف من جملة "Amanti debetur ego
Dicta "Fadi""
كانت تلك الجملة باللغة اللاتينية وترجمتها ليس ما قالت "قمر" نهائياً بل ترجمتها "أنا في ذمة عاشق يدعي "فادي" "
...
ارتسمت ابتسامة خبث علي وجه أحد شريك "محب" الذي احتضنه قائلاً بنبرة همس خبيثة:ستتزوج وتعود لعقلك أخيراً
قهقهة خافتة نبعت من "محب" الذي أشعل تبغه بلامبالاة قائلا بنبرة ماكرة:أتزوج نعم لكن يعود لي عقل ذاك هو المستحيل يا صديقي
جلس شريك "محب" الملقب ب"هاني" علي مقعد بجوار صديقه ليرسم ابتسامة باردة علي ملامحه وهو يقول بنبرة هامسة:التجار وافقوا علي السعر الذي أمرنا به ويطلبون الكوكاين في أسرع وقت
تصاعد دخان تبغ "محب" من حوله ليخفي ابتسامة النصر الممزوجة بالخبث المرسومة علي شفاه "محب" الذي قال:موافقتهم كانت متأخرة للأسف لذلك سننتظر أسبوعين وبعدها سنبيع البضاعة بضعف السعر الذي حددناه
مسح "هاني" علي ذقنه بتردد ممزوج بضجر ليقول بنبرة ضيق:ولكننا بذلك سنجعلهم يذهبون للتجار الآخرين
وكز "محب" صديقه في كتفه قائلا بنبرة ثقة :"هاني" نحن نعلم سوياً منذ أن بدأنا في التجارة بأي شئ وكل شئ وفي كل مرة أجلب لك أضعاف الربح الذي تريده لذلك استمع إلي حديثي جيداً
أكمل "محب" حديثه بنبرة بخبث:لا توجد بضاعة في السوق تنافس بضاعتنا بالإضافة لأن السوق متعطش للبضاعة لذلك كلما أخرنا موعد التسليم زاد ربحنا أضعاف
ما إن أنهي "محب" حديثه حتى اقترب منه أحد كبار رجال القرية يقدم له المباركة ليرمي عليه المال في حجره كعادة من عادات الزواج في النوبة ليأتي الرجل تلو الآخر يكررون ذاك الأمر إلي أن قام أحد رجال محب بربط ذاك المال كقلادة لترتفع أصوات الدفوف والغناء معلنة بداية ليلة الحنة الخاصة بالشاب ..
ليرسم "محب" ابتسامة فرحة ممزوجة بخبث وهو يرتدي تلك القلادة ليهمس في أذن "هاني" قائلا:الآن دعني أحظي بعرسي الذي انتظرته
...
علامات الفرحة تنير ملامح كل السيدات عدا "قمر" التي تجلس في أقصى يمين المنزل علي كرسيها عاقدة يدها أمام صدرها ودموعها تأبي أن تلمع حتى بدموعها لتظهر "قمر" كل قوتها في تلك الساعات لتكتم بقوتها تلك وابتسامة اللامبالاة المرسومة علي شفتيها ألسنة الفتيات والنساء اللاتي بدأ في إشاعة الكلام النائي عن إن "قمر" غصبت علي ذاك الزواج وما إلي ذلك...نعم إنه الحقيقة!!ولكن "قمر" بالرغم مما فعله والدها إلي الآن توجد شظية أمل تتسرب إلي قلبها لتمنحه أمل بأن والدها سيعلم الحقيقة في أقرب وقت ممكن وسيخلصها من ذاك الوحش..
صممت الفتيات حلقات للرقص علي أنغام الدفوف وغناء السيدات لترتفع أصوات ضحكاتهن ومزاحهن مع "قمر" التي تجلس صامتة توزع الابتسامات فقط لتبعث في نفس السيدات أنها راضية علي ذاك الزواج بل إنها سعيدة به ولكن "قمر" لم تستطيع خداع "ناهد" التي تجلس وكأنها تستقبل عزاء ابنتها وليس المباركات علي حنتها..قلبها يناجي ربها من أن يخلص ابنتها من تلك الورطة التي وقعت فيها بيد والدها وأن يمنحها القوة علي الوقوف في وجه ذاك المعتوه..
...
التف بجسده ليضع معلبات الدواء علي الطاولة التي بجانبه ليعتدل "ياسر" في جلسته قائلا بنبرة ضجر:ماذا أفعل لكي تتذكري دوائك ؟!
طأطأت "مريم" رأسها بحزن لترتسم علي ملامحها علامات الألم لتقول بنبرة أوشكت علي البكاء:دوائي هو صديقتي يا "ياسر"
زفر "ياسر" بضيق وهو يمسح علي جبينه ليقول بنبرة حزن:حبيبتي أنتي تعلمي "قمر" جيداً وتعلمي أن الله منحها القوة التي تجعلها تقف في وجه "محب" بل وتلقنه الدرس علي ما فعله فيها
ما إن أنهي "ياسر" حديثه حتى عقد يده أمام صدره وأسند رأسه إلي الخلف مغمض عينيه بإرهاق ليبدأ صراع عقله المشتعل قلقاً علي ما أخبره به "فادي" في الصباح..وصراع الغضب الذي بدأ يتسرب رويداً إلي أوصاله من تصرفات "مريم" التي بات يشعر بأن حزنها علي صديقتها شغلها عن مواساة زوجها فيما يمر به من ضغط في العمل وضغط انشغاله بأمر "فادي" الذي يحتاج إلي مساعدة في ذاك الوقت علاوة عن أي وقت سابق..
نعم "ياسر" مقدر تماماً لقلق "مريم" علي صديقته ولكن أنانيته كزوج عاشق تجبره علي الشعور بالضجر من إهمال "مريم" النسبي لما يحتاجه منها في تلك الفترة..
بينما علي الجانب الآخر..كان نظر "مريم" مصوب تجاه "ياسر" وعينيه المغلقة التي توحي بما يعانيه من إرهاق..لتتنهد "مريم" بحزن ليبدأ إحساس العتاب واللوم يتحكم من أوصالها تدريجياً ليعقد لها محاكمة نارية علي إهمالها لشعور زوجها في تلك الفترة..
تلألأت دمعة بين جفون "مريم" التي أحاطت يد زوجها بيدها وأسندت رأسها علي كتفه قائلة بنبرة أسف توشك علي البكاء:أنا آسفة يا "ياسر" لقد تحاملت عليك كثيراً تلك الفترة سامحني
ابتسامة هادئة اجتاحت ملامح "ياسر" الذي تنهد براحة وهو يطبع قٌبلة حانية علي جبين "مريم" قائلا:الأسف لا يوجد بيننا يا حلوتي
نبرة تردد ممزوجة بإحراج نبعت من شفاه "مريم" التي رفعت عينيها تجاه "ياسر" قائلة:هل لي بتقديم الاعتذار بشكل آخر لأنني أخطأت كثيراً؟!!
عقد "ياسر" حاجبيه بتعجب ليقول بنبرة فضول:حسناً
زفرت "مريم" بحسم لترتفع قليلاً بوجهها لتقابل وجه "ياسر" و بلا وعي منها اقترب "مريم" من شفاه "ياسر" الساكنة لتضمها بين شفتيها بهدوء ممزوج بشوق في قٌبلة طويلة لم يشعر أي من العاشقين بمدتها بقدر شعور "ياسر" بشوق "مريم" الممزوج بأسفها وشعور "مريم" بحنان "ياسر" الممزوج بشوقه..
ابتعدت "مريم" عن شفاه "ياسر" بإحراج ممزوج بتشتت وقبل أن تتحرك شفتيها للحديث آتاها صوت "ياسر" الذي يحمل شوقه وهو يقول:الاعتذار لم يكتمل بعد يا حلوتي
ارتسمت علامات السعادة الممزوجة بالخجل علي ملامح "مريم" التي فهمت ما يعنيه "ياسر" من حديثه لتحيط رقبته بكفيها الصغيرين لتهرب من عالمنا هذا إلي عالمها هي و زوجها ليهنئوا بليلة ساخنة جاءت لتمحي شوق مدفون بين ضلوع العاشقين..




#نورهان_حسنى
يتبع.....



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-16, 10:24 PM   #17

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



الفصل الخامس عشر



مع دقات الساعة معلنة منتصف الليل..رفعت "قمر" وشاحها الأسود علي وجهها لتفتح شرفتها بحذر لتجد "بسام" المختبئ خلف الشجرة المجاورة للشرفة ليشير ل"قمر" بيده بأن تهبط بسرعة..
ولأن المسافة بين الشرفة والأرض لا تعتبر كبيرة استطاعت "قمر" بسهولة الهبوط إلي الأرض ليمسك "بسام" بيدها بقوة متسللين خفية خارج أسوار المنزل..
شعور الفضول الممزوج بالقلق كان يزين وجه "قمر" المتخفي بوشاحها الأسود وهي تتابع السير خلف "بسام" الذي يتعامل بحرفية عالية..و بدون أية مقدمات تجمدت "قمر" فجأة في موضعها تنظر حولها بصدمة ممزوجة بشوق..
نبرة غضب مكتوم ممزوجة بضيق نبعت من شفاه "بسام" الهامسة وهو يقول:"قمر" هيا بسرعة قبل أن يرانا أحد
علامات من الفرحة الممزوجة بالشوق اتحدت مع ابتسامة "قمر" الباهتة تحت وشاحها لتقول بنبرة هامسة أوشكت علي البكاء:هنا رأيته أول مرة
أغلقت "قمر" رموشها بهدوء لتعود بذكرياتها إلي أول مرة رأت فيها "فادي" كان في ذاك المكان عندما تراقص وشاحها أمام عدسة الكاميرا الخاصة به..
اجتاحت صدمة كهربية قلب "قمر" لتزف له خبر سعيد أخيراً برؤيتها للمكان الذي جمعها أول مرة بمن يدق القلب من أجله لتلألأ دمعة ألم ممزوجة بشوق بين جفون "قمر" التي فتحتها إثر سماعها لنبرة "بسام" الهامسة وهو يقول:هيا يا "قمر" أرجوكي
زفرت "قمر" بطمأنينة اكتسبتها من رؤيتها لذاك المكان لتزيد من تمسكها ب"بسام" ليكملوا السير حتى وصلوا إلي منزل مهجور في أقصى القرية..
دلفت "قمر" إلي المنزل بفضول ممزوج بخوف قائلة بنبرة قلق:"بسام" ذاك المنزل مهجور منذ سنين لماذا أتينا إلي هنا؟!
مسح "بسام" علي يد "قمر" بحنان لترتسم ابتسامة هادئة علي ملامحه وهو يقول بنبرة مطمئنة:لا تقلقي أنا سأجلس في الحجرة الجانبية حتى تنهي المفاجأة
ما إن أنهي "بسام" حديثه حتى انسحب من جانب "قمر" حاملاً معه هاتفه الذي كان يضئ بهو المنزل ليرتعد جسد "قمر" خوفاً لتقول بنبرة باكية:لا أريد تلك المفاجأة ولكن أعدني إلي المنزل
ما إن أنهت "قمر" حديثها حتى تسلل شعاع ضوئي خافت يقترب من "قمر" تدريجياً..
أحاطت "قمر" يدها حول كتفها لتقلل من حدة رعشة جسدها الخائف وهي تحاول الوصول إلي من يحمل مصدر الضوء ذاك..
صدمة ممزوجة بعدم تصديق جعلت عيني "قمر" تتسعان وكأنها تريدان التحول إلي ميكروسكوب للتأكد مما تراه أمام عينيها..تحول خوفها إلي صدمة وتجلب شعورها بعدم التصديق علي قلقها ليتسرب شعور الطمأنينة إلي كيانها تدريجياً ليغلب شعور الخمول الممزوج بالارتجاف علي يدها المحيطة بكتفها لترفع يدها اليمني إلي طرف وشاحها بصدمة ليهبط ذاك الوشاح ببطء ومعه تهبط دمعة لؤلؤية من عيني "قمر" التي حركت شفتيها بصدمة قائلة: "فادي"
وضع "فادي" مصدر الضوء علي الطاولة ليطلق تنهيدة راحة ببطء وهو يقترب رويداً من "قمر" ليتيح لعينيه التي باتت أيام تشهد النجوم علي شوقه لمعشوقته ..يتيح لها الآن الفرصة لإخماد شوقها للنظر إلي تلك العينين التي أوقعت بقلبه الذي باتت دقاته تضخ الدم إلي أوصاله ببطء وكأنها تضح الطمأنينة لكيانها بهدوء لتشعر كيانه بكل جزء من تلك الطمأنينة الممزوجة بالشوق...
ابتسامة شوق ممزوجة بهدوء ارتسمت علي شفاه "فادي" الذي قال بهدوء:كل عام وأنتي بجانبي
ارتفع شهيق و زفير "قمر" تدريجياً في محاولة لاستيعاب أن ما تراه حقيقة لترتسم ابتسامة هادئة علي وجهها لتقول بنبرة هادئة:اشتقت لك كثيراً يا "فادي"
بالرغم من حاجة قلب "فادي" لسماع تلك الكلمات التي تبعث السعادة إلي أوصاله إلي أن ابتسامة "قمر" كانت هي المطمع الأكبر لقلب "فادي" الذي أخرج علبة صغيرة من جيبه قائلا بنبرة مزاح:هي هدية بسيطة ولكن كما أخبرتك أني أدخر المال لزواجنا
أخبأت "قمر" وجهها بكفيها الصغيرين لتخفي دموعها التي تشق الطريق ببطء إلي خديها وما هي إلي ثوان حتى أخفضت كفيها عن وجهها بعد أن صرخت عينيها بها بأنها لم تستكفي بعد من النظر إلي "فادي" لترتسم ابتسامة فرحة علي ملامح "قمر" التي قالت بنبرة مرحة:زواج ميكي وميني أليس كذلك؟!
قهقهة خافتة نبعت من "فادي" الذي مدً يده بالعلبة قائلا:بالطبع
التقطت "قمر" العلبة بفضول ممزوج بفرحة طفولية لتفتحها بشغف لتجد أنها قلادة من الذهب مكتوب عليها "فليحفظك الله لي" ..
مرر "فادي" أصابعه بين خصلات شعره قائلا بنبرة إيمان ممزوجة بثقة:أنا متأكد من أن الله سيحفظك لي إلا أن يأتي موعده ونتزوج
ابتسامة طمأنينة ارتسمت علي ملامح "قمر" وهي ترتدي القلادة قائلة بنبرة ثقة:وأنا متأكدة من أنك لن تتركني وسنتزوج
ما إن "قمر" حديثها حتى خرج "بسام" من الحجرة ليقول بنبرة قلق:هيا يا "قمر" حتى لا يشعر أحد
بالرغم من الألم الذي بات يتسلل إلي كيانه مرة أخري وبالرغم من خوفه مما سيحدث لها عند مواجهتها لذاك المعتوه حاول "فادي" رسم ابتسامة مطمئنة علي ملامحه وهو يقول:هيا يا "قمر" و انتبهي علي نفسك جيداً مفهوم انتبهي علي نفسك جيداً
أومأت "قمر" برأسها بإيجاب وعينيها يرتعدان حزناً ممزوج بألم لتعيد رفع الوشاح علي وجهها بيدها المرتعشة لتقول بنبرة أوشكت علي البكاء:سأنتظرك يا "فادي"
أمسك "فادي" بزمام الأمور ليقضي علي شعور العجز الذي كان سيتحكم به ليمسح علي وجهه بسرعة قائلا بنبرة مطمئنة ممزوجة بإيمان:لا تقلقي سنجتمع عندما يشاء الله ولكن انتبهي علي نفسك مرة أخري
نبرة حزن ممزوجة بطلب نبعت من شفاه "بسام" الذي مسح علي جبينه قائلا:انتبه أنت علي نفسك في طريق عودتك وبمجرد أن تصل إلي منزلك أبعث لي برسالة سأنتظرك
أومأ "فادي" رأسه موافقاً ليمسك "بسام" بيد "قمر" وبيده الثانية يمسك بمفتاح الباب وهو يشعر برعشة يد "قمر" الرافضة للذهاب ويري في عيني "فادي" الرغبة في ضم حبيبته ولو للحظات..ليفتح "بسام" باب المنزل قائلا بنبرة تحمل حزنه:هيا يا "قمر" هيا
ضمة للحظة واحدة كانت هي المطلب الأخير للعاشقين..
ضمة للحظة واحدة ليستعيدوا قوتهم علي استكمال تلك الحرب..
ضمة للحظة واحدة ستعيد إحياء قلوب عاشقة تتألم من الفراق الذي سيدوم إلي أجل غير مسمي..
تلك الضمة التي كانت ستخفف أوجاع كثيرة ماضية وحاضرة ومستقبلية لم يحظي بها العاشقين اللذان يخفيان آلامهما في ابتسامة باهتة ليحرك "فادي" شفاهه قائلا:في أمان الله
عاد "بسام" متسللاً ب"قمر" التي باتت شاردة طوال الطريق وكأنها مغيبة عن العالم لتصل أخيراً إلي شرفتها لتدلف إلي حجرتها عن طريقها وقبل أن تغلق باب الشرفة..
نبعت من "قمر" نبرة هامسة تحمل الشكر الممزوج بالفرحة لتقول:أنت أعظم أخ علي وجه الأرض
ابتسم "بسام" مودعاً ل"قمر" ليتجه كلا منهما إلي فراشه سريعاً..لتبدل "قمر" ملابسها بسرعة لتدثر جسدها بالغطاء وهي تحتضن قلادة "فادي"...
بينما علي الجانب الآخر..استطاع "فادي" برعاية الله الخروج من القرية بأمان ليستقل سيارته متجهاً إلي القاهرة ونظرة عيني "قمر" المحفورة في ذاكرته تضخه في كل لحظة بالعزيمة والإصرار..
...
تسرب شعاع ذهبي معلن بداية يوم جديد..ذاك اليوم الذي لم تضعه "قمر" في حسبانها مطلقاً ليداعب شعاع الشمس تلك الفتاة التي تجلس علي فراشها شاردة محتضنة بكفيها قلادة حبيبها وعينيها تتلألأن بالدموع لثوب الزفاف الموضوع أمامها..
زادت "قمر" من قبضتها علي قلادة "فادي" كأنها تريد أن تهبها القوة التي تجعلها قادرة علي استكمال ذاك اليوم المشئوم وارتداء ثوب الزفاف لأحد غير "فادي"..
لتهمس "قمر" في القلادة قائلة بنبرة أوشكت علي البكاء:فلتحفظني له يا الله ولتحميني من ذاك المعتوه
ما إن أنهت "قمر" حديثها حتى بدأت أصوات الغناء ترتفع تدريجياً معلنة بداية مراسم الزفاف لتقوم "قمر" من موضعها تدريجياً وعينيها تدقق النظر في ثوب الزفاف وكأنها تريد إرسال لهيب من نار جهنم لتحويله إلي رماد..
طرقات غضب علي باب الحجرة جعلت عيني "قمر" تنصرف عن ذاك الثوب لتأذن بالدخول ليدلف إلي داخل حجرتها والديها..لترسم "قمر" ابتسامة باردة علي ملامحها وهي تلقي السلام علي "منير" بينما تحولت ابتسامتها إلي طمأنينة وهي تلقي التحية علي "ناهد"..
عقد "منير" حاجبيه بتعجب ممزوج بغضب ليحرك شفاهه قائلا بنبرة تساؤل:ما تلك القلادة؟!
صدمة كهربية نبعت من كلام "منير" لتصوب مباشرة إلي كيان "قمر" الذي ارتعد بخوف ولكن سرعان ما تحول ذاك الخوف إلي طمأنينة عندما تحركت شفاه "ناهد" قائلة:تلك القلادة منحتها إيها بمناسبة ذكري مولدها
التفت "منير" بنظره إلي "ناهد" قائلا بنبرة غضب مكتوم ممزوجة بعدم تصديق:حقاً!!لم تخبريني عنها
اتجهت "ناهد" إلي ابنتها لتمسح علي كتفها بحنان لتتحرك شفاهها بنبرة ثقة قائلة:لأنك ستلقي بابنتك في التهلكة
وإذا أخبرتك بأمر تلك القلادة التي أرجو من الله أن يتحقق ما منقوش عليها ستمنعني من منحها إياها لأنك إن أردت أن يحفظها الله ما زوجتها ل"محب"
صندوق خشبي صغير الحجم نسبياً كان يمسكه "منير" ليضعه علي الطاولة بغضب ليرتفع صوت ارتطامه بالطاولة ليقول "منير" بنبرة غضب:لولا أن اليوم الزفاف لكنت لقنتك درس لن تنسيه يا "ناهد" الأهم الآن أن تجهزي تلك الفتاة للزواج
ما إن أنهي "منير" حديثه حتى دلف خارجاً من الحجرة وهو يطرق الباب بغضب ليتجه إلي تجمع الرجال حيث بدأت مراسم الزفاف..بينما في داخل حجرة "قمر"..
تنهدت "قمر" براحة لتقول بنبرة إحراج ممزوجة بتردد:تلك القلادة يا أمي...
لم تمنح "ناهد" ابنتها فرصة لاستكمال حديثها لتقاطعها بنبرة حزم ممزوجة بحنان:الأهم الآن يا ابنتي أن تجهزي لذاك الزفاف لذلك أحضري ملابسك لتأخذي حماماً دافئا ومن ثم أرتدي الثوب لتأتي السيدات لتزينك
...
بينما علي الجانب الآخر..قرر "فادي" إخماد ثورة التساؤلات القاتلة التي نشبت في عقله باعتكافه علي العمل لساعات متواصلة بدون أن يكترث لعقله الذي بات يشتعل رويداً رويداً من الجهد المبذول في العمل والجهد المبذول ليقلل من حدة توتره تلك ولحسن حظ "فادي" أن "ياسر" كان في زيارة مع وفد سياحي فبالتالي لم يعلم بأفعال صديقه المجنونة ولا بطاولة مكتبه التي باتت مستوطن لأكواب القهوة وملفات العمل..ومن حين إلي آخر كان يتلقي "فادي" رسائل من "بسام" ليطمئنه علي الوضع في النوبة ليزداد إصرار "فادي" علي إيجاد حل للقضاء علي ذاك المعتوه ويخلص "قمر" منه..
ارتشف "فادي" قليلاً من القهوة ليغمض عينيه بإرهاق محركاً رقبته يميناً ويساراً لتأتيه نبرة متسائلة نبعت من شفاه مديره في العمل قائلا:"فادي"؟! أما زلت هنا؟!!لما لم تذهب لراحة الغذاء أنت تعمل من السابعة صباحاً الآن باتت الساعة الثانية ظهراً
فتح "فادي" عينيه بثبات ليقف مصافحاً مديره وهو يقول بنبرة ثابتة:تعلم حضرتك أنني لا أكترث للغذاء طالما "ياسر" في مهمة و بالإضافة لأنني مشغول بإنهاء بعض الملفات
عقد المدير حاجبيه بتعجب وعينيه تتفحص كمية الملفات الموضوعة علي المكتب وأكواب القهوة ليقول بنبرة تعجب ممزوجة بعرفان:أية ملفات؟! أنت لا تؤجل أية أعمال مطلقاً يا "فادي" وبتلك الملفات التي أمامك أنت تنهي عمل الشركة لسنة مقبلة وليس لأيام فقط
ارتسمت ابتسامة خافتة علي ملامح "فادي"التي يبدو عليها الإجهاد واضحاً ليقول:ذاك عملي لا أكثر وبالمناسبة أنا أنهيت البرنامج الخاص بالوفد الروسي المقرر وصوله بعد أسبوع إلي الأقصر يتطلب من سيادتك فقط المتابعة و من ثم سأعرضه علي المرشد الذي سيصاحبهم ليرتب أموره
علامات من الرضي الممزوج بالجدية ارتسمت علي ملامح المدير الذي قال:أتعلم يا "فادي" منذ أول مقابلة جمعتني معك أنت و "ياسر" كنت أظن أنكم كغيركم من شباب جيلكم ولكن بتعاملي معكم والشكر الذي أتلقاه دائماً من كل وفد تكونون أنت أو "ياسر" المسئولين عنه تزداد ثقتي وتقديري لكم لذلك منحتك أنت وصديقك مهمة وضع البرنامج السياحي ولذلك ستصرف لكم مكافئة قيمة ليلة غد علي ما تقدموه للشركة
ابتسامة باهتة اجتاحت ملامح "فادي" الذي حرك شفاهه بنبرة شكر ممزوجة بحكمة:ذاك عملنا لا أكثر يا فندم
قام المدير من موضعه ببطء وهو يقول بنبرة هادئة:لذلك أنا أريد الجديد منك دوماً أنت و"ياسر"
انصرف المدير إلي استكمال عمله بينما مكث "فادي" لساعة أخرى ينهي الملف الأخير ومن ثم اتجه لأداء صلاة العصر في المسجد لينهيها متجهاً إلي النادي الرياضي ليهرب من تفكيره الذي قارب علي الفتك بأعصابه بممارسة رياضته المفضلة وهي الركض ليمكث "فادي" قرابة الساعتين وقدمه لم ترتاح ولو لثواني..
يركض بكل ما لديه من قوة وكأنه يري ما حدث في الفترة الماضية من حياته في شريط سينمائي يمر من أمام عينيه بسرعة تفوق سرعته في الركض..
أزال "فادي" سماعة أذنه لينحني بيده ليدلك ركبته بحركات دائرية وهو يلتقط أنفاسه رويداً رويداً لترتفع نغمة هاتفه معلنة قدوم رسالة من "بسام" حملت في محتواها أن مراسم العرس ستبدأ الآن وأن "بسام" سيحادثه بعد انتهاء تلك الليلة..
شعور يعتبر خليط من الألم..القلق..الخوف..الغيرة.. الإصرار..تلك الأحاسيس أو ربما أكثر منها اجتاح كيان "فادي" دفعة واحدة وكأنها وقود ازداد اشتعال رأسه أضعاف مضاعفة..
منذ أسبوع و"فادي" يهيئ نفسه لتلك الليلة التي سيقام فيها عرس حبيبته علي شخص غيره..منذ أيام وهو يحاول تدريب كيانه في التحكم علي ردود فعله ولكن أيقن "فادي" أن التدريب علي شئ ما لن يكون بصعوبة ممارسته..
ليتجه "فادي" إلي دورة المياه الخاصة بالنادي ليخفض رأسه تحت صنبور المياه الباردة لعلها تخفف من اشتعال رأسه الذي بات يمثل مراسم إتمام الزفاف أمام قلب "فادي" ليزيد "فادي" من قبضة يده في محاولة منه لاستعادة قوته المعتادة وبرودة أعصابه لتمر ثواني لم يعلم "فادي" عددها ولكنها كانت كافية ليتذكر الإصرار الممزوج بالثقة الذي نبع من عيني "قمر"..ليتذكر الماضي الذي كان السبب الأول فيما يحدث الآن..
ليرفع "فادي" عينيه إلي المرآة لترتسم ابتسامة تعجرفه المعتادة علي ملامحه وهو يجفف قطرات المياه من علي شعره ليحرك شفاهه بطريقة هامسة قائلا بنبرة ثقة ممزوجة بإيمان:أنا استودعت "قمر" عند الله ليرعاها بعينيه فلترني الآن يا "محب" كيف تقرب منها بسوء وهي تحت رعاية الله
....
امتطئ "محب" جواده بماهرة عالية ممزوجة بثقة لترتفع أصوات الدفوف رويداً رويداً لتتلائم مع كلمات الأغاني النوبية المخصصة للزفاف لتبدأ الزفة التي تضم أصدقاء "محب" وأهل القرية ذاهبين إلي منزل العروس..
ارتسمت ابتسامة خبث ممزوجة بفرحة علي ملامح "محب" وهو يتراقص علي جواده بشعور من النصر يتحكم من أوصاله وسط ابتسامة فرحة تحمل في طياتها ضيق كان أو ضجر والقليل جداً ما تجد فرحته نابعة من قلبه لينطلق صدي طرقات الدفوف والغناء ليصل إلي جميع أركان القرية..
بينما في منزل "منير" حيث تجلس العروس في حجرتها تنهي وضع مساحيق التجميل باحتراف لتمحي كدمات وجهها التي تبوح رفضها التام لتلك الجريمة..أنهت "قمر" وضع أحمر الشفاه لتتنهد بحزن ممزوجة بإيمان لتحتضن قلادة "فادي" وهي تهمس بها:هذا اليوم ما هو إلا جريمة فيا الله أحفظني يا الله
بمجرد أن أنهت "قمر" حديثها حتى توالت طرقات الفرحة علي باب حجرتها لتدلف إلي الحجرة بنات خالات وخلان "قمر" وصديقتها من القرية وهم يوزعون الزغاريط في كل أركان الحجرة ليبدوا بأصواتهن تلك السم في جروح "قمر" التي لم تشفي بعد..
استجمعت "قمر" قواها لدي رؤيتها لوالدتها تقف علي باب الحجرة تنظر لها بحزن يظنه الجميع بأنه الحزن الذي يدب في أوصال أي أم لدي زفاف ابنتها ولكن في الحقيقة أن حزن "ناهد" لم يكن علي زفاف ابنتها بل كان علي أن ذاك لم يكن العرس الذي تمنته لابنتها..لم يكن "محب" من تأمن ابنتها عليه...لم تكن ترجو يوماً بأن تكون ابنتها مجرد صفقة أجرها والدها وأن يغصبها علي الزواج من ذاك المعتوه..
اقتربت "قمر" من والدتها بثبات وابتسامة الثقة ترتسم علي وجهها لتحتضن "قمر" والدتها بكل ما أوتيت من قوة لتهمس في أذنها بنبرة إيمان:لا تحزني عليً أنا يا أمي بل أحزني علي عذاب ذاك المعتوه الذي سيبدأ من الليلة
تنهيدة راحة نسبية أطلقتها"ناهد" وهي تمسح علي ظهر ابنتها برفق لتقول بنبرة قلق:عذاب ذاك المعتوه هو ما أتمناه لذلك انتبهي علي حالك جيداً
معالم الفرحة الممزوجة بالطمأنينة ارتسمت علي ملامح "قمر" لتذكرها "فادي" وهو يوصيها بالانتباه علي نفسها لتغمز إلي والدتها بحركة طفولية ومن ثم تخفض طرحة الزفاف علي وجهها...
خرجت "قمر" من حجرتها وسط زغاريط لم تهدأ من النساء وضحكات فرحة تطلقها صديقتها و"قمر" شبه مغيبة عما يدور من حولها تحاول جاهدة أن تلهي كيانها بتذكر أية ذكري لطفولتها أو لها مع "مريم" و"فادي"..
ولكن سرعان ما كان يجب علي "قمر" الإفاقة من أجل تمام تلك الجريمة المسماة بزفاف..لتأتي نبرة ابنة خالتها تهمس في أذنها بفرحة قائلة:لقد بدأت زفة "محب" تقترب
رفعت "قمر" بصرها ببطء لتلقي نظرة عابرة علي ما يحيط حولها..سيدات كثيرات بعضهن تراهم لأول مرة تتعالي أصوات غنائهن والبعض الآخر يجلس يصفق ويتابع موكب العريس الذي يتقدم بينما الفتيات من سنها تحيط بها وعينيها تتشوق فرحة بأن يأتي اليوم الذي ترتدي فيه ثوب العرس..
وبفضل باب المنزل المفتوح علي آخره..استطاعت "قمر" رؤية أعداد الرجال التي لا حصر لها و والدها الذي يقف في مقدمتهم يحاول رسم ابتسامة فرحة بينما معالم الغضب الذي يخفي شعور من الندم بات واضحاً أمام عيني "قمر" التي تنهدت بلامبالاة لتلتفت بنظرها إلي "بسام" الذي يقف وسط مجموعة من أصدقائهم يحاول تلاشي النظر إلي موكب العريس حتى لا ينقض عليه..
بدأت أصوات الدفوف ترتفع بصورة ملحوظة وأعيرة النار تطلق بسعادة فور هبوط "محب" من علي جواده ليذهب إلي "منير" محتضناً إيها بشعور من النصر الممزوج بالتكبر كان واضحاً من نبرته التي هنئ "منير" بها ليقف "منير" إلي جواره ليتقدموا بخطوات ثابتة إلي داخل المنزل وسط أصوات الدفوف الصاخبة..
وكعادة الزفاف النوبي بأن يقدم للعريس كوب من اللبن فور دخوله إلي المنزل..ليلتقط "محب" كوب اللين من خالة "قمر" ليتجه بخطوات ثابتة تجاه "قمر" بينما وقف "منير" بجانب زوجته التي همست في أذنه قائلة بنبرة عتاب:إذا تعذبت ابنتي فأنت السبب ولن أسامحك أبداً علي أوجاعها تلك
نثر "محب" قطرات من اللبن فوق طرحة "قمر" التي تخفي وجهها كعادة الزفاف النوبي ليرتشف قليلاً من اللبن وابتسامة الانتصار الخبيثة تزداد تدريجياً علي وجهه المشتاق لرؤية علامات الضعف الممزوج بالانكسار يزين ملامح "قمر"..
أمسك "محب" بطرف الطرحة وهو يرفع الطرحة رويداً رويداً ليتحطم غروره أمام عند "قمر" و تضرب قوة "قمر" خبثه وتتحطم مطامعه الخبيثة في ليلة سينعم فيها بجسدها أمام ملامح "قمر" الواثقة بأن الله سيحفظها وابتسامتها الباردة التي اكتسبتها من "فادي"..
لتتسع عيني "محب" تدريجياً بصدمة من رؤية هيئة "قمر" الواثقة تلك علي عكس ما كان يتوقع تماماً..
كان متوقعاً بأن يري أنثي ضعيفة مهزومة منكسرة ترفع راية الاستسلام..ولكن!! ما رآه هو تحدى وعزيمة وإيمان ينبع من عيني "قمر" التي تتوعد له..
ولكن سرعان ما استعاد "محب" قوته الممزوجة بخبثه من جديد ليقترب من "قمر" بهدوء وهو يحيط عنقها بقلادة ليهمس في أذنها بثقة:سأنعم بأروع لحظات حياتي وأنا ألتهمك يا "قمر"
مدًت "قمر" ذراعها بثقة ليحيط "محب"بمعصمها بسوار من الذهب لتتحرك شفاه "قمر" بنبرة هامسة استطاع "محب" فقط أن يسمعها وهي تقول ببرود:لن تستطيع أكلي يا "محب" لأنني سأقف في حلقك وأنهي حياتك
ما إن أنهت "قمر" حديثها حتى ارتفعت أصوات الدفوف والغناء من جديد ليودع "محب" "قمر" بنظرة توعد لتقابله "قمر" نظرتها بالثقة لتبدأ حلقات الغناء والرقص خارج وداخل منزل "منير" معلنة بداية حفلة الزفاف
...
حجرة من المفترض أنها مخصصة للنوم تحولت إلي حجرة تعج بأكواب القهوة الموضوعة علي طاولة المكتب وأمام المرآة وبجانب الفراش..ذاك الفراش الذي تحول إلي مخزن لملفات ومستندات تخفي معالمه وجهاز اللاب توب الموصل بمقبس كهربي بجانب الفراش ذاك المنظر الفوضوي أصبح سائد في حجرة "فادي" من أسابيع بل الأحق من شهور فأصبحت عادة "فادي" فور العودة من عمله يأخذ قيلولة سريعة ويبدأ في فحص تلك الملفات وتسجيل الملاحظات علي جهاز الحاسوب الخاص به..ولأن ما حدث ل"قمر" من أسبوع جعله ينشغل قليلاً عما يقوم به فبتمام الزفاف الليلة أصبح إصرار ضعف الضعف ليعكف علي تلك الملفات بدون الانتباه إلي صحته ولا إلي كمية القهوة التي يرتشفها كل ليلة..
ارتفع صوت نغمة هاتف "فادي" ليعبث بيده بين الأوراق ملتقطاً إيها ليغلق الملف الذي أمامه قائلا:هل وصلت لشئ؟!
نبرة إرهاق ممزوجة بقلق نبعت من شفاه "وائل" الذي قال:أتعلم يا "فادي" ما الذي سيحدث إذا علم رؤسائي بما أفعله؟!
ارتشف "فادي" قليلاً من القهوة ليقول بنبرة هادئة:ستفصل من العمل كحد أدني وبحد أقصى ستحاكم أنت و"بسام" للعبث بأوراق رسمية
ضرب "وائل" جبينه بيده ضربة سخرية وهو يقول بنبرة ضحك خافتة:وأنت لن يصيبك أية مكروه
ألقي "فادي" نظرة سريعة علي الأوراق التي تملأ فراشه ليقول بنبرة مرحة:بكمية الأوراق التي معي تلك بالتأكيد سيرأف القاضي بي لتحملي لتلك الأوراق ويحكم عليً بإعدام كحد أقصى وأدني معاً
قهقهة خافتة نبعت من "وائل" الذي حرك رقبته يميناً ويساراً بإرهاق ليقول:لا أعلم ما الإضافة التي ألحقت بالقضية من تصويرنا نسخ لأوراق رسمية وتحقيقات ولا أعلم كيف وافقت علي جنونك ذاك أنت و"بسام"
نبرة مزاح ممزوجة بإرهاق نبعت من "فادي" الذي أسند ظهره إلي الخلف بألم ليقول:ذاك ليس وقتاً للندم فأنت يا صديقي كما يقولون أدبست رسمي
نبرة ضحك ممزوجة بتساؤل نبعت من شفاه "وائل" الذي قال:كنت أتمني أن أربي أبنائي..الأهم الآن هل توصلت لشئ؟!
نبرة ضيق ممزوجة بإرهاق نبعت من شفاه "فادي" الذي قال:لا توجد أية معلومة وحاولت الدمج بين المستندات التي بعثتها لي منذ البداية للوصول لأية معلومة ولكن لا أستطيع
نبرة نعاس ممزوجة بإرهاق نبعت من شفاه "وائل" الذي قال:ليس أمامنا سوي انتظار "بسام" حتى يأتي لنجتمع سويا نحن الثلاثة بالإضافة إلي "ياسر"ً لإيجاد حل وبالإضافة لذلك ما عادت لي طاقة للنظر لأية أوراق وأريد النوم
نبرة شكر ممزوجة بتقدير نبعت من شفاه "فادي" الذي قال:أعذرني يا "وائل" فأنا أشركتك في موضوع لا علاقة لك به من البداية وللأسف تورطت أنت و"بسام" بأخذكم نسخة من الأوراق تلك
نبرة عتاب ممزوجة بلامبالاة نبعت من شفاه "وائل" الذي قال:من الواضح أن القهوة باتت تضعف عقلك..من البداية وأنا أخبرتك أنه لا يوجد أي دليل يثبت أننا أخذنا نسخة منها وبالإضافة أن التخلص منها سيكون بعود ثقاب فقط و"بسام" عندما شاركنا في الأمر من البداية وهو يقول ذلك ولكن الأهم أن نجد حل فقط يا صديقي
أعاد "فادي" شكره لصديقه لينهي المكالمة ويضع هاتفه بالشاحن ويبدأ في تجميع الورق من علي فراشه ليضعه في حقيبته الخاصة ويغلق عليهم بالمفتاح واضعاً تلك الحقيبة أعلي خزانة ملابسه..ليبدأ في تجميع أكواب القهوة ليتجه بهم المطبخ لتنظيفهم...
تنهدت "فادي" بقوة ليفتح صنبور المياه ومعها يبدأ عقله في عقد محاكمة عاجلة لتلك الملفات التي أنهي قرأتها منذ دقائق في محاولة لتجميع المعلومات لإيجاد حل ما...
ومن بين تلك المعلومات الغامضة قفزت صورة "قمر" في خيال "فادي" لتطيح بأية أفكار أخرى كانت تشغل عقله من لحظات ليرسم "فادي" ابتسامة خافتة علي ملامحه وهو يتخيل "قمر" بعندها وقوتها التي ستقضي علي "محب" حتمياً..
ولكن لم تدم تلك البسمة طويلاً لتتبدل ملامح وجه "فادي" سريعاً متحولة إلي القوة الممزوجة بالإصرار لينفجر بركان الغضب داخل كيانه لأن شيطانه وسوس له بأن من الممكن ل"محب" بأن يفتك ب"قمر" نظراً لقوة بنيانه الجسدي وألاعيبه الشيطانية..زاد "فادي" من قبضته علي الكوب ليصبح علي بٌعد سنتيمترات من تحطيمه ولكن سرعان ما بدأ إيمان "فادي" الممزوج بتعجرفه المعتاد يتسرب تدريجياً إلي أوصاله ليخدم نار غضبه بلمح البصر لترتسم ابتسامة التعجرف المعتادة من "فادي" وهو يتخيل ذاك اليوم الذي سيضع "محب" تحت قدمه..
قطرات من المياه نثرها "فادي" علي وجهه وهو يحادث نفسه بسخرية قائلا "يقولون أن الفتيات فقط من يتخذن قرارات مصيرية عند تنظيفهم للأطباق ولكن إذا أخذ الشباب فرصتهم لتجربة تنظيف أكواب فقط ما كنا نحتاج إلي المكوث في جو معتم للوصول إلي قرار"
ما إن أنهي "فادي" حديثه مع نفسه حتى آتته نبرة "حمدي" التي تحمل غضباً مكتوم ليقول:ألن تكف عن تلك القهوة والسهر أمام شاشة حاسوبك
وضع "فادي" الكوب الأخير في المكان المخصص له ليقول بنبرة هادئة:في ظرف شهور معدودة أو أسابيع الله أعلم ستنتهي تلك المسألة بل وسأزف لك خبر تنتظره منذ مدة
عقد "حمدي" حاجبيه بتعجب ممزوج بفضول ليقول:أي خبر ذاك؟!
جفف "فادي" قطرات المياه من علي يده ليقول بنبرة هادئة:بمجرد أن أنهي ما أفعله هذا سأتزوج
تهللت ملامح وجه "حمدي" فرحاً ليقول بنبرة صدمة ممزوجة بسعادة:تتزوج!!أخيراً يا "فادي" ستحقق حلمي ولكن قٌل لي من هي؟!
ابتسامة الغموض التي لم يستطع "حمدي" تفسيرها تمكنت من ملامح "فادي" تدريجياً ليقول:سأخبرك يا أبي بكل تأكيد ولكن بمجرد أن انتهي من عملي هذا أعدك.......





#نورهان_حسنى
يتبع......



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-16, 10:24 PM   #18

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السادس عشر



حجرة يبدو ظاهرياً أنها حجرة مجهزة لعروسين في ليلتهم الأولي..الألوان الهادئة التي تتميز بها تلك الحجرة وذاك الأثاث البسيط الموضوعة بإتقان..رائحة العطر التي تفوح من جدران الحجرة والورود المبعثرة علي الأرض بطريقة هادئة..كل ذاك لم يشفع أمام عيني "قمر" التي تطلق نظرات لامبالاة ممزوجة بضجر لتأكدها من أن كل ذاك كان ظاهرياً من ترتيب أباها كان أو بذاك المعتوه الذي أصبح يلقب بزوجها فمهما كان من فعله فلن يغير ولو للحظة واحدة إيمان "قمر" بأن كل ذلك ما هو إلي تصرفات تجدها "قمر" أنها طفولية..
خطوات ثابتة نبعت من "قمر" التي تتجه صوب المرآة لتلقي بعينيها نظرة سخرية علي كمية مستحضرات التجميل الموضوعة لتأكدها من أن ذاك الأمر نبع من قريبتها لتتناول مسحوق لإزالة تلك الألوان التي تزين وجهها..
مرت ثواني معدودة وإحساس "قمر" بعدم الانتماء لهذا المكان يتمكن أكثر وأكثر من أوصالها لتشعر وكأن هواء تلك الحجرة كالوحش الذي يحاول الفتك بها تدريجياً لتتجه "قمر" بسرعة إلي نافذة الحجرة لتفتحها بسرعة لتلهث أنفاسها أخيراً وكأنها كانت غارقة في المياه ولتوها استنشقت هواء منعش..أعاد إلي رئتيها الأكسجين الذي يمدها بالحياة وليس أكسجين تلك الحجرة الملطخ بأنفاس "محب"..
أغمضت "قمر" عينيها بهدوء لتهرب من ذاك المكان التي تشعر بالغربة فيه إلي عالمهما الخيالي حيث يوجد أحبابها وفقط..ليرسم لها خيالها صورة لوالدتها التي تضع المصحف أمامها وشفاهها تقرأ بخشوع آية الكرسي.. وصورة ل"مريم" التي تقف في متجر لملابس الأطفال تختار ملابسها طفلتها بعناية مع "ياسر"..
وصورة ل"بسام" الذي يجلس أمام شاشة التلفاز يتابع مباراة الدربي الأسباني بجنونه المعتادة..
وصورة ل"فادي" الذي يرتشف كوب من الشيكولاته الساخنة وضحكاته الصاخبة تتراقص من حوله كأنها تمد "قمر" بالطمأنينة..
لوحة خيالية ضمت جميع أحباب "قمر" ومن تحتاجهم بشدة في تلك اللحظات..تلك اللوحة التي لم تحتوي علي كراهية أو خبث أو انتقام..لوحة خيالية استمدت منها العلاج لجروحها علي صورة قوة وإصرار..
لحظات الصمت تلك ما كانت إلا رحلة قصيرة لعالم موازي تنعم فيه بحريتها..
ولأن الإنسان لا يستطيع الهروب من واقعه إلي أبد الدهر..فاقت "قمر" من شرودها في عالمها خيالي إلي العالم الذي أجبرت عليه لتشعر بيد "محب" تحيط بخصرها من الخلف لتتسع عينيها صدمة ممزوجة بغضب لتقول بنبرة غضب مرتفعة:ابتعد عني مفهوم؟! لن تستطيع لمس خصلة واحدة مني حتى ولو كنت جثة
ما إن أنهت "قمر" حديثها حتى استجمعت قوها لتتخلص من قبضة "محب" الذي استطاع رسم ابتسامة خبث ليقول بنبرة ضاحكة:حسناً العنف جميل أيضاً ولكن ليس من أول ليلة
التقطت "قمر" عباءة من خزانة ملابسها لتلتفت بنظرها إلي "محب" قائلة بنبرة ثقة ممزوجة بإصرار:أحلامك الخيالية تلك من الأفضل أن تعالج بها نفسك
لم يظهر "محب" أية تعبيرات علي وجهه وإنما التفت بجسده ليغلق النافذة لتكسب "قمر" تلك الفرصة لتبلع ريقها بصعوبة لتأكدها أن المواجهة لم تنتهي بعد..
تأكدت شكوك "قمر" بنسبة 100% فور رؤيتها ل"محب" يقترب منها بخطوات ثابتة ونظرة عينيه الغاضبة تزف لها خبر أن تلك الليلة لن تمر مر الكرام..
سنتيمترات معدودة هي تلك المسافة التي فصلت بين "قمر" و "محب" ليحكم "محب" القبضة علي بد "قمر" ليثني يدها خلف ظهرها ويلصقها بصدره تماماً ليقول بنبرة غضب ممزوجة بأمر:تلك النبرة الجميلة لا ترتفع أمامي وما سأقوله هو ما سينفذ
تأوهت "قمر" بألم من قبضة "محب" التي تضيف أوجاع علي جروح جسدها التي لم تشفي بعد..لتحرك شفاهها بنبرة عند ممزوجة بإصرار:لن تستطيع لمسي يا "محب" وأنا لست بخادمة لأنفذ ما تقوله
زاد "محب" من قبضته علي يد "قمر" التي تتأوه بألم أكثر ليقول بنبرة غضب أعلى:لا تشعلي غضبي لأنكي لن تستطيعي إخماده
حاولت "قمر" التخلص من قبضة "محب" ولكن بدون فائدة فبنيانه الجسدي يفوقها بمراحل كبيرة لتحرك شفاهها بألم ممزوج بإصرار:أنا لست بدمية يا "محب" وإن كان ذاك العقد المزور الملقب بوثيقة زواج ما يجعلك تشعر أنني سأتراجع ولو للحظات فذلك مستحيل
افلت "محب" يد "قمر" ليجعلها أمامه مباشرة وبدون أن يمنح "قمر" الفرصة للراحة من قبضته التي أضافت آلام لجسدها..سدد لها صفعة قوية سقطت "قمر" علي إثرها ليصرخ بها "محب" قائلا:صبري لن يدوم طويلاً ولذلك فمن الأحسن لكي أن تتبعي ما أمرك به
لحظات معدودة مرت علي "قمر" وهي تشعر بأنها ستفقد حاسة السمع لديها من إثر تلك الصفعة التي انتشرت في جروحها بسرعة البرق لتزيد آلام تلك الجروح التي لم تشفي بعد..لتغمض "قمر" عينيها لثواني مانحة الفرصة لجسدها للراحة قليلاً وما هي إلي لحظات حتى رفعت "قمر" عينيها بنظرات تحدي إلي "محب" لتقول:وأنا لست بزوجتك بتطلب مني أن أنفذ أوامرك
انحني "محب" بظهره ليحكم القبضة علي رقبة "قمر" التي شعرت بسخونة أصابعه النابعة من غضبه ليرفعها "محب" تدريجياً إلي مستواه وكأنه يريد كتم أنفاسها ليقول بنبرة قوة ممزوجة بغضب:أنتي زوجتى وملك لي أنا
ثواني معدودة مرت علي "قمر" وهي تشعر بأنفاسها ستنقطع من قبضة "محب" تلك لتتأكد من أن قوتها لن تفوق قوة "محب" الجسدية ولا قبضته القاتلة تلك..
ابتسامة خبث ارتسمت علي ملامح "محب" ليلقي ب"قمر" بكل قوته علي الفراش لتلهث "قمر" أنفاسها بأعجوبة وهي تشعر بأن رئتيها تتألمان من صدي إلقاء "محب" لها الذي سرعان ما ارتفعت نبرته الضاحكة وهو يقول:هل أدركتي الآن أنه من المستحيل لكي مقاومتي!!
لهثت "قمر" أنفاسها بصعوبة بالغة بسبب تلك الآلام التي اتحدت علي كيانها دفعة واحدة لتحرك شفاهها بقوة نسبية قائلة:لست زوجتك أفهم لست زوجتك ذاك العقد باطل لأنني لم ولن أوافق..تلك الورقة لا معني لها
قهقهة صاخبة نبعت من "محب" الذي قال بنبرة سخرية:جميلة تلك الجملة في أي فيلم عربي هابط سمعتي بها
تحاملت "قمر" علي أوجاعها لتقف علي قدمها قائلة بنبرة إصرار:تلك هي الحقيقة..أنا لست زوجتك وذاك العقد باطل طالما أنني لم أوافق..وأنت تعلم أنني مغصوبة علي ذلك بسبب أفعالك الشيطانية تلك لذلك وفر علينا الوقت ودعني أذهب للنوم في أية حجرة
نبرة غضب عارم نبعت من شفاه "محب" الذي سدد صفعة أخري ل"قمر" قائلا:لن تستطيعي الصمود أمامي
استجمعت "قمر" قوتها أمام تلك الصفعة لتتحامل علي قدمها التي كانت ستسقط بها ولكن سرعان ما تماسكت "قمر" من جديد قائلة:لن تستطيع لمسي
قوة "محب" الجسدية وغضبه الذي ضعاف قوته تلك جعله يلقي ب"قمر" علي الفراش وهو يخلع جلبابه قائلا:الآن سنعلم حديث من سينفذ
ما إن أنهي "محب" حديثه حتى أنكب علي "قمر" كالوحش الذي يحاول الفتك بفريسته ليحاول تمزيق ثيابها بينما "قمر" تحاول منعه بقوتها تلك التي لا تعد 1% من قوة "محب" لتتعالي صرخاتها رويداً رويداً من اقتراب "محب" للتمكن منها وتمزيق ثوبها..
في تلك الأحيان..كان "فادي" ساجداً لصلاة قيام الليل محركاً شفاهه مناجياً ربه بأن يحفظ حبيبته له ويعيدها له سالمه وأن يمدها بالقوة لمقاومة ذاك المعتوه..
ولأن الدعوة كانت صادقة..كانت من قلب عاشق يتألم من الفراق...كانت من قلب يخشي ربه فقط ويتضرع بالدعاء وهو متأكد من أن أبواب السماء لن تقفل أمام دعواته..
أغمضت "قمر" عينيها بألم في محاولة منها لاستعادة قوتها بينما يدها تحاول منع "محب" من الوصول إلي مراده...لتشعر "قمر" بأن صدمة قوة كهربية اجتاحت كيانها لتدفع "محب" عنها لترفع جسدها ببطء قائلة بنبرة إصرار:لي رب يحميني منك ولي عاشق يناجي ربه بأن يحميني منك لذلك أمحي أفكارك الشيطانية التي تأمل في التمتع معي
إرادة الله صوبت شعور من الاستسلام النسبي داخل كيان "محب" الذي حرك شفاهه بغضب قائلا بنبرة عند ممزوجة بغضب:سأتركك الليلة ولكن تأكدي بأنه لقائي بكي علي فراشي سيكون في أقرب وقت
بمجرد أن أنهي "محب" حديثه اتجه إلي باب الحجرة ليغلقه بغضب متجهاً إلي حجرة الأطفال ليغلب عليه النوم بمجرد أن ألقي جسده علي الفراش لينعم ذاك المعتوه بالنوم..
بينما علي الجانب الآخر..ألقت "قمر" بثوب الزفاف بضجر لتهرب بجسدها تحت قطرات المياه الدافئة لتخلص جسدها من لمسات ثوب الزفاف الذي صمم للقضاء عليها والفتك بفرحتها ليتحول ثوب الزفاف المصمم للفرحة إلي ثوب مصمم لفتك البراءة..
أنهت "قمر" حمامها الدافئ لتدثر جسدها بالغطاء وبيدها الصغيرة تحتضن قلادة "فادي"
....
نعم الله علي "فادي" بالراحة بمجرد أن أنهي صلاة الفجر ليطمئن قلبه ويغلق جفونه بإرهاق لينعم بقيلولة بينما "بسام" فبعد محاولات مستميتة من "أسماء" استطاعت الحد من قلقه علي "قمر" لينعم هو الآخر بقيلولة..
بينما في منزل "منير" كانت الدموع القلقة علي "قمر" هي التي تطغي علي وجه "ناهد" منذ أن انتهي الزفاف وهي جالسة في حجرة ابنتها رافضة الحديث مع "منير" نهائياً ليبعث الله الطمأنينة في قلب تلك الأم التي لم تنعم بالراحة منذ أسبوع لتغمض جفونها بطمأنينة تغزو أوصالها لتنعم بقيلولة هي الأخرى..
بينما "مريم" و"ياسر" كانت ليلتهم هي الأكثر هدوءً بين أبطالنا بسبب قدرة "ياسر" علي إخماد ثورة "مريم" الغاضبة..
بينما كان الأقل حظ هو "منير" الذي بات ليلته يتقلب في فراشه يميناً ويساراً دون أن ينعم براحة..
...
من تقاليد الزواج في النوبة أن في ليلة "الصباحية" يصطحب الزوج زوجته إلي ضفاف النيل ليثر علي وجهها قطرات من مياهه العذبة وتكرر الزوجة تلك الفعلة لزوجها ليأخذوا البركة من مياه نهر النيل ومن ثم يلقون بعض الحلوي به..ذاك هو المتعارف بين كثير من أهل النوبة ولكن في حالة ذاك الزواج المزيف بين "محب" و"قمر"..
كان الحال مختلفاً تماماً فأشعة الشمس داعبت كل واحد منهما علي حدي..لينهي "محب" إعداد نفسه لاستقبال "منير" وأهله ليدلف خارجاً من الحجرة ليجد "قمر" تخرج من حجرتها وهي منشغلة بارتداء القفازات التي تناسب لون الحجاب الذي ترتديه...
أطلق "محب" صفيراً ماكراً لترفع "قمر" عينيها بلامبالاة لتحرك شفتيها قائلة بنبرة شبه هامسة:استغفر الله العظيم
أطلق "محب" دخان تبغه بسخرية لتنبع منه قهقهة صاخبة وهو يقترب من "قمر" بثبات وشفاهه تتحرك بنبرة خبث:ذاك اللون يلائمك تماماً ولكن أتعلمين إن خلعتيه ستكونين أجمل وأجمل
وكأن حديث "محب" كان الوقود الذي أشعل غضب "قمر" التي قالت بنبرة شبه عالية:أتعلم بأنك معتوه مصاب بمرض مسمي الشهوه
نصف ابتسامة رسمت علي ملامح "محب" عجزت "قمر" عن تفسيرها لتزفر بضيق وقبل أن تفكر في الذهاب من أمام "محب" كان هو أسرع منها ليحكم "محب" القبضة علي ثغر "قمر" ويلصق ظهرها كلياً بالحائط قائلا بنبرة توعد ممزوجة بغضب:ذاك تحذيري الأخير إن ارتفعت نبرة صوتك مرة أخري أمامي سأجعلك تعيشين العذاب بمعني الكلمة
ارتسمت ابتسامة توعد ممزوجة بخبث علي شفاه "محب" الذي أحكم القبضة علي ثغر "قمر" ومن ثم عبث بإصبعه ليرفع طرف حجابها ليطفئ عود تبغه في مقدمة جسد "قمر" بمجرد أن أنهي حديثه...نبعت صرخة مكتومة من "قمر" رن صداها في كيان "محب" الذي أصدر قهقهة عالية وهو يقول:أظن أن حديثي بات واضحاً
أغمضت "قمر" عينيها بألم حتى لا تمنح أية فرصة لدموعها بالهبوط أمام "محب" لتصدر أنين ألم خفيف بينما "محب" بات واضحاً علي ملامحه أنه متلذذ لألم "قمر" ليزيد من ضغط يده علي فمها لدقائق معدودة ومن ثم أبعد يده عن ثغرها قائلا بنبرة أمر:أريد فنجان قهوة في ظرف خمسة دقائق
تحاملت "قمر" علي ألمها التي تشتعل واحدة تلو الأخرى لتتجه إلي المطبخ لتحضير القهوة لذاك المعتوه...
مخدرات..ملابس..مواد غذائية..سلاح..التجارة بأعضاء بشرية..المواد الكيميائية الخاصة بالزراعة...
كل ذلك ما هو إلا عينة بسيطة لما يتاجر به "محب" فذاك العقل الشيطاني يتلاعب بأي مادة تجلب له المال..لا يهم ما هي طبيعة تلك المادة أو أضرارها الأهم أن تزيد رصيد أمواله فقط..
وها هو "محب" الآن يرسم ابتسامة انتصار علي ثغره بمجرد أن فتح الرسالة الأولي المبعوثة له علي بريده الإلكتروني من المستثمر الفرنسي الذي بعث به بمكان وموعد تسليم شحنة الملابس التي تقدر بثلاثة ملايين دولار..
لم يمنح "محب" الفرصة لعينيه لقراءة ما تبقي من رسائل وإنما بعث برسالة ل"هاني" شريكه يطلب منه إخبار تجار الملابس بأنه في ظرف أسبوعين ستكون البضاعة في مخازنهم..
بمجرد أن ضغط "محب" بإرسال تلك الرسالة حتى ارتفع صوت طرقات الباب معلنة قدوم "منير" وأهله..
اتجه "محب" لفتح الباب ليجد "قمر" تخرج من المطبخ وهي تحمل فنجان القهوة ليقول لها بنبرة هامسة ممزوجة بضجر:أذهبي إلي حجرتك و أتركي تلك القهوة
زفرت "قمر" بضجر لتتجه إلي حجرتها ليرسم "محب" علي ملامحه علامات الضجر وهو يفتح الباب قائلا بنبرة سعادة مصطنعة:السلام عليكم..أهلا بكم تفضلوا
دلفت "ناهد" إلي المنزل وهي تلتفت حولها بقلق ممزوج بضيق وهي تقول:أين ابنتي؟! أين "قمر"؟!
زفر "محب" بملل وهو يشير إلي الحجرة قائلا بلامبالاة:في حجرتها
اتجهت "ناهد" إلي حجرة فتاتها بينما صافح "محب" "بسام" وهو يهمس له قائلاً:أريدك في أمر ما بعد أن ننهي مراسم الذهاب إلي النيل
أومأ "بسام" رأسه موافقاً وعلامات الغضب المكتوم الممزوج بالضجر تزداد وضوحاً علي وجهه..بينما انشغل "محب" بمصافحة "منير" وباقي أقارب "قمر"..
مر ما يقارب النصف ساعة و"ناهد" جالسة مع ابنتها تحاول استخلاص أية كلمات منها ولكن النتيجة كان صمت "قمر" الدائم بين ذراعيها..
صمتها الذي يخفي أوجاعها..صمتها الذي يخفي صيحات قلبها المحتضر..صمتها الذي يخفي براءة تنهار تدريجياً..
قاطع حديث "ناهد" لابنتها صوت"منير" الذي يعلمها بأن الموعد للذهاب إلي ضفاف النيل قد حان..
تحاملت "قمر" علي أوجاعها واتكأت علي ذراع والدتها لتدلف خارج الحجرة لتتوالي عليها المباركات من أقاربها المعتقدين بأن الليلة الماضية كانت ليلة العمر ل"قمر" لا يعلمون أنها كانت ليلة تتلقي فيها دفعة أولي من العذاب الذي لم يستطيع أحد قرأته في عيني "قمر" إلا "بسام" الذي اقترب منها بحزن وهو يحاول رسم ابتسامة أمل علي ملامحه..ليطبع قٌبلة طمأنينة علي جبين "قمر"..
اشتعل "محب" غضباً من تلك الفعلة ليقبض بغضب علي يده وهو يتوعد ل"بسام" ليحرك شفاهه بنبرة ضجر قائلا:هيا حتى لا نتأخر
اتكأت "قمر" علي ذراع والدتها لتدلف خارج المنزل وسط زغاريط وأصوات غناء ودفوف ترتفع تدريجياً لتتم تلك المراسم وسط جمود يجتاح ملامح "قمر" وتوعد يسيطر علي ملامح "محب"
...
في أحيان كثيرة..يلتهم الجشع حاسة البصيرة لدي الإنسان ليصبح خادماً لجشعه..ليتحول من إنسان إلي حيوان يبحث عن الغنيمة الأكبر..ليتحول من إنسان إلي مصاص دماء يلتهم من يظن أنهم أضعف منه ليجعلهم خادمين تحت قدمه..
يظن من يفعل ذلك أنه بأفعاله تلك يٌرضي جشعه ولكن في الحقيقة هو بذلك يضيق مساحة القبر الذي سيسكن فيه هو وجشعه..
ما ظنه "محب" أن "بسام" دمية يتلاعب بها كما يشاء ولكن بفضل البصيرة التي فقدها والجشع الذي أصبح كالسرطان يفتك بجسده..سلم مقاليد أعماله إلي "بسام" الذي يعمل لهدمه لا أكثر..
ما سبق ما هو إلا خصلة من أفكار راودت عقل "بسام" وهو في طريقه إلي القاهرة لإنهاء صفقة مخدرات مع تجار أجانب لصالح "محب"..
بينما علي الجانب الآخر..كانت "قمر" تتلقي دفعة أخرى من الصفعات والعذاب من "محب" الذي بات يشتعل جنوناً من ذاك الإصرار الساكن بين جفون "قمر" التي تكتم صراخ أوجاعها من صفعاته ولكماته لجسدها الذي لم يشفي بعد من لكمات والدها لتمر ساعة تقريباً..والنتيجة واحدة..رفض "قمر" القاطع للخضوع ل"محب" ومضاجعته في فراشه ليتركها "محب" كما هي ملقاة علي أرض حجرتها..
آلام جديدة غزت كيانها بلا حساب لآلامها التي لم تشفي بعد..بلا حساب لجروحها من والدها الذي يعتبر السبب الأول في جروح ابنته الآن..
فبعد أن كان الأب هو صانع بسمتها ومجفف دمعتها بات الآن من ألقي بابنته بين ذراعي الشيطان دون التفكير في ابنته التي باتت كالجسد الهش من دفعات العذاب التي تتلقها واحدة تلو الاخري.......



يتبع...............
#نورهان_حسنى



التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 07-10-16 الساعة 10:55 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-16, 10:25 PM   #19

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السابع عشر



بعد مرور أسبوع....



تسلل شعاع ذهبي إلي حجرة تلك الفتاة التي تجلس علي فراشها وعينيها منتفختان من كثرة الدموع التي ذرفتها ليلة أمس بعد دفعة الصفعات واللكمات المتتالية لأنها تأبي أن تخضع لشيطان يظن أنه بألاعيبه تلك سيحقق مراده بالفتك بها علي فراشه ولكن الحقيقة أن صفعاته ولكماته تلك ما عادت سوي صدمات كهربية تزيد إرادة الفتاة وإصرارها علي عدم التسيلم له وإيمانها بأن نهايته ستكون في أقرب وقت..
لملمت "قمر" خصلات شعرها بطوق أسود اللون لترتدي عباءتها ومن ثم تتجه أمام المرآة لترتدي حجابها الذي لم تخلعه نهائياً أمام "محب"...
نظرة صدمة ممزوجة بعدم تصديق نبعت من عيني "قمر" التي باتت تزداد اتساعاً كلما تحسست "قمر" مواضع الكدمات والجروح الطاغية علي وجهها في محاولة منها لاستيعاب أن من أمامها هي وليس شبح..
أغلقت "قمر" عينيها عدة مرات متتالية في محاولة من عقلها لرفض فكرة أن تلك الجثة التي يراها هي "قمر"
في محاولة من عقلها بإثبات أنها مازالت محتفظة بجمالها الذي طالما تغزل فيه فتيات القرية وأثني عليه من كانوا يطمعون بالزواج بها..
ولكن!! الحقيقة هي أن رونق تلك الفتاة تحول إلي حزن يرتسم أسفل عينيها.
الحقيقة هي أن ابتسامة تلك الفتاة تحولت إلي صيحات مكتومة تبعث الألم في جسدها عند تلقيها الصفعات من ذاك المعتوه..
احتضنت "قمر" بكفيها قلادة "فادي" التي نجحت في إخفائها عن عيني "محب" لتزيد من قبضتها علي تلك القلادة وكأنها ترجوها أن تمدها بطاقة إيجابية تقضي علي شعاع الإحباط الذي يتسرب خفية إلي كيانها..
بينما في تلك الأحيان..علي بٌعد مسافات كبيرة من تلك الفتاة التي تحولت إلي مستوطن لآلام..كان هناك آلم من نوع آخر يتسرب إلي كيان "فادي" الذي يجلس أمام العمارة السكنية في انتظار "ياسر"..
غصة آلم الفراق..غصة آلم العجز..غصة آلم الشوق..غصة آلم الانتقام..كل ما سبق اتحد سوياُ ليغزو كيان "فادي" فجأة في محاولة من الشيطان لهدم تلك العزيمة الممزوجة بالإيمان التي تتمكن من "فادي"..
وكأن نظرات عيني "فادي" المشتاقة في العودة بالزمن إلي تلك الليلة التي باح فيها بحبه..اتحدت مع ذاك الشيطان الذي يريد إضعاف هزيمة "فادي" ليبدأ شعور الإحباط يتسرب رويداً إلي عقل "فادي"..
ولكن..هل من الممكن لذاك الشعور أن يحطم إيمان بالله؟!
هل من الممكن لذاك الشعور أن يفتك بأمل يسعي "فادي" لتحقيقه؟!
هل من الممكن لذاك الشعور أن يتغلب علي نظرة عيني "قمر" الواثقة في "فادي"؟!
تلك الأسئلة وكثير منها..تعددت الأقاويل لإيجاد إجابة عليها ولكن سرعان ما أمدنا "فادي" بالإجابة بابتسامته الباردة تلك ونظرة عينيه الواثقة ليطلق تنهيدة طويلة تطرد بها أية وساوس كانت تريد التمكن منه..
ليرفع "فادي" عينيه إلي السماء ليناجي ربه بأن يديم رعايته علي حبيبته وأن يعجل باللقاء بينهم..
أما إذا عدنا إلي حجرة "قمر"..نجدها تكفكف دموعها وترسم ابتسامة شوق ممزوجة بحنين لتذكرها نظرات التعجرف من عيني "فادي" ونبرة صوته الباردة..
لتضرب "قمر" جبينها بكفها الصغير وهي تحادث نفسها قائلة "متعجرف ولكنه يمدني بالإرادة وكثيراً ما كانت نبرته باردة ولكني أشتاق إليها"
أنهت "قمر" حديثها مع نفسها لتخفي قلادتها تحت طيات العباءة لتخرج من الحجرة متجه إلي المطبخ لتعد وجبة الإفطار ل"محب" الذي خرج من حجرته ما يقارب العشرة دقائق من وصول "قمر" إلي المطبخ ليرفع نبرة صوته بضجر قائلا:الإفطار!!
زفرت "قمر" بضيق ممزوج بملل من نبرته تلك لتلتفت برأسها خارج حدود المطبخ قائلة:ستجده في حجرة التلفاز بينما أسكب الشاي
وضع "محب" عود التبغ بين شفاهه ليشعله ومن ثم يطلق نسمات من الدخان القاتلة وهو يقول:من الأفضل ألا يتأخر لأنني ذاهب إلي العمل
أكمل "محب" حديثه بنبرة أمر ليقول:ومن ثم أعدي حقيبة ملابسي لأنني ذاهب إلي الأقصر ليومين لأنهي أمر ما
ما إن أنهي "محب" حديثه حتى اتجه إلي حجرة التلفاز لتناول الإفطار بينما باتت "قمر" في المطبخ تتراقص بفرحة لتخلصها من ذاك المعتوه ليومين كاملين ستحظي فيهم بالراحة النسبية..
....
ألقي "وائل" ببعض الأوراق ليزيد الطاولة الدائرية بدفعة أوراق جديدة قائلا بنبرة إرهاق:كيف لا نجد مدخل ل"هاني" هذا؟! كيف؟!!
ارتشف "بسام" قليلاً من فنجان قهوته قائلا بنبرة ضجر: "هاني" أذكي كثيراً من "محب" بالرغم من تظاهره بعكس ذلك ومن الصعب الوصول لثغرة في ملفه
حركة دائرية نبعت من أصابع "ياسر" لتدلك جبينه ليقول بنبرة تفكير:ألا تجدون أن هناك أمر غريب في سجن "هاني" سنة كاملة من فترة وفي تلك السنة عقد "محب" أول صفقة استورد فيها معلبات غذائية ومن ثم عندما خرج "هاني" من السجن نشب بينهم عراك أدي لتحرير ذاك المحضر
لحظات صمت دامت لثواني قطعها نبرة "فادي" المتعجبة ليقول:هل من الممكن أن يكون اتفاق؟!فمثلاً تسبب "محب" في دخوله السجن ومن ثم عقد هو الصفقة وعند خروج "هاني" من السجن هدد "محب" بأوراق ما لذلك نجد تفسير للعراك الذي نشب بينهم وللصداقة التي نشبت بينهم من بعدها
نبرة استيعاب ممزوجة بتفكير نبعت من شفاه "وائل" الذي قال:من الممكن أن يكون تصورك صحيح ولكن ما تلك الأوراق التي تجعل"محب" يخضع بسهولة
باتت التساؤلات والأفكار تطرح واحد تلو الآخر بين مجموعة الشباب تلك التي تجاهد خفية لإيجاد تفسير لأحداث كثيرة غامضة..
ارتفع صوت رنين هاتف "بسام" ليطغي علي صوت الشباب الذي اختفي نهائياً بسبب قول "بسام" بأن المتصل هو "محب"..
نبرة نعاس مصطنعه نبعت من شفاه "بسام" الذي تظاهر التثاوب قائلا:هل حدث أمر ما؟!
نبرة غضب عارم ممزوجة بتساؤل نبعت من شفاه "محب" الذي صاح:أين أنت ؟!!
مازال "بسام" محتفظ بنبرة النعاس المزيفة ليمزجها بقليل من الخبث قائلاً:أنعم بليلة مع فتاة مصراوية
كتم الشباب ضحكاتهم بأعجوبة ليتسلل صوت "محب" الغاضب من سماعة الهاتف وهو يقول:أريدك حالاً في الأقصر أنا وصلت إلي المخزن للتو أريدك عندي في أقرب وقت استقل طائرة إن التزم الأمر
أومأ "بسام" بنبرته موافقاً ليغلق هاتفه قائلا بنبرة تساؤل:"فادي"!! هل فعلت كسابق عهدك في المخزن وأحرقته
حرك "فادي" رأسه نافياً ليقول بنبرة تعجب ممزوجة بنفي:بالتأكيد لا أنا معكم من الصباح إلي أن أصبحت الساعة العاشرة مساءً ..كيف سأحرق المخزن كالمرة السابقة وأنا جالس معكم ولم أجري أية مكالمات
حمل "بسام" سلسلة مفاتيحه ليقول بنبرة قلق:تمام أنا سألحق بأية طائرة متجه إلي الأقصر وسأبلغكم بما يحدث
...
طرقات متتالية علي باب المنزل يتبعها نبرة هادئة تصيح باسمها..جعلت "قمر" تململ في فراشها بضجر ممن أتي ليعكر صفو قيلولة هادئة لها..لتتجه "قمر" لارتداء إسدالها ومن ثم تفتح الباب لتجد والدتها وابن خالها..
عقدت "قمر" حاجبيها بتعجب قائلة بنبرة تساؤل:ماذا حدث يا أمي؟!
نبرة حزن مصطنعه نبعت من شفاه "ناهد" التي قالت:يا حسرة علي زوجك لم ينعم بفرحته بالزواج ليعكر صفوها حريق نشب بمخزن الملابس وقد اتصل بوالدك من دقائق لأنه سيتأخر في العودة إلي هنا وقد يمتد الأمر لأسبوع لذلك ستمكثين عندنا
بالرغم من تأكد "قمر" أن فعلة "محب" تلك بالمكوث عند والدها ما كانت إلا ليطمئن قلبه أنه لا توجد فرصة بأن يأتي "فادي" للقائها لترتسم علامات الفرحة علي ملامح "قمر" التي قالت بنبرة حزن مصطنعه:أعانه الله
بدأت "قمر" في ترتيب حقيبة صغيرة لملابسها لتتجه بصحبة والدتها وابن خالها إلي منزل والدها...
كانت "قمر" متوقعة أن والدها سيقابلها بجفاء وسيسمم كيانها ببعض من كلماته السامة ولكنها لم تهتم كثيراً وإنما
طلبت من والدتها إعداد وجبة شهية لها لشوقها لطعامها لتشبع "قمر" جوعها ومن ثم تتجه إلي حجرتها لتفتح خزانة ملابسها بحذر لتلتقط صندوق خشبي كانت تخفيه بين مفارش فراشها وملابسها..
أحضرت "قمر" مفتاح ذاك الصندوق من حقيبتها لتفتحه ومن ثم تلتقط ورقة لتفتحها وابتسامة الفرحة ترتسم رويداً رويداً علي ملامحها لتحتضن تلك الورقة التي كانت ملحقة بأكياس الطعام التي بعثها "فادي" بعد غيابه المفاجئ ذاك..
دمعة لؤلؤية تدحرجت في عيني "قمر" التي باتت تقرأ كلمة "أحبك" مراراُ وتكراراً لتحادث "قمر" نفسها قائلة "الشئ الوحيد الذي فعلته بلا وعي منك يا أبي إحضارك لذاك الصندوق لتمنحي جرعة من السعادة لرؤيتي تلك الورقة"
أعادت "قمر" طي الورقة من جديد لتعيد الصندوق إلي مكانه ومن ثم دثرت جسدها بغطائها لتنعم بنوم هادئ..
....
فتح "بسام" باب السيارة الأيسر ليجلس بجانب "محب" الذي يشتعل غضباً لرؤيته مخزنه علي الحالة تلك لمرة ثانية ليقول "بسام" وهو يغلق هاتفه:تحدثت مع رجل المقاولات وسيبعث رجاله في الصباح
نبرة غضب ممزوجة بأمر نبعت من "محب" الذي قال:أريد ذاك المخزن أن يعدو كسابق عهده بل أفضل قبل وصول البضاعة
أومأ "بسام" رأسه موافقاً ليقول بنبرة حيرة تحمل في طياتها فضول لمعرفة ما الذي يفكر فيه "محب":ولكن ما الذي سنفعله؟! هل سنجعل الداخلية تتولي الأمر كالمرة السابقة وفي النهاية يقيد ضد مجهول
أشعل "محب" عود تبغه قائلا بنبرة جدية ممزوجة بتوعد:من فعل ذلك لن يفلت من بين يدي ولكن الأهم الآن أن يعود المخزن إلي سابق عهده قبل وصول البضاعة ومن ثم سأبدأ أنا بنفسي في البحث عمن فعل ذلك
أطلق "محب" دخان تبغه يحوم من حوله ليقول بنبرة تأكيد ممزوجة بأمر:أنا سأمكث هنا حتى تأتي البضاعة أما أنت فلا تترك المصنع مهما حدث لأن موعد تسليم الأرباح الشهرية اقترب
أومأ "بسام" رأسه موافقاً..لتأتيه نبرة "محب" المتسائلة قائلا:ولكن ماذا كنت تفعل في القاهرة؟؟!!
نبرة ثقة ممزوجة بلامبالاة نبعت من شفاه "بسام" الذي قال:كما كنت تطلب أراقب ذاك المدعو "فادي" وبالإضافة بالتمتع بالفتيات قليلاً
قهقهة خافتة نبعت من "محب" الذي قال بنبرة خبث ممزوجة بجدية:إن كانوا فتيات القاهرة فلك كل الحق بأن تظل هناك ولكن الأهم أن تركز عل مراقبة "فادي" فور وصول البضاعة
ضحكة خبث نبعت داخل كيان "بسام" الذي قال:هو كما أخبرتك سابقاً دائماً في عمله أو النادي ونادراً ما يذهب لصديقه وكأن الخلاف نشب بينهم
أسند "محب" رأسه إلي الخلف قائلا بنبرة توعد:أنهي مسألة البضاعة ومن ثم أتفرغ له
...
بعد مرور أسبوع دون أحداث مهمة عدا روتين أبطالنا اليومي..
أعلنت دقات ساعة الحائط تمام الساعة الثانية ظهراً لتخلع "أسماء" نظارتها الطبية قائلة بنبرة قلق:هل تظن أن الشحنة ستعبر بسلام؟!
رفع "بسام" عينيه من أمام شاشة "اللاب توب" الموضوع أمامه قائلاً بنبرة لامبالاة:من تجاه "فادي" فأنا مطمئن جداً بأنه لن يرتكب أي جنون ولكن أعداء "محب" كثيرون وتلك البضاعة ستضر بالبعض
ارتشفت "أسماء" قليل من فنجان قهوتها قائلة بنبرة تساؤل ممزوجة بفضول:ولكن ما الذي يجعل "محب" يتاجر في تلك الموارد أجمع ؟! هل ليداري صفقات السلاح والمخدرات؟!
أخفض "بسام" عينيه إلي شاشة اللاب توب قائلاً بنبرة ضجر:"محب" ليس بحاجة ليخفي أعماله بين صفقات السلاح و ما شابه ذلك لأن عقله الشيطاني يسعفه لتصريف تلك الأمور
رفعت "أسماء" حاجبيها بحركة ثقة لتقول بنبرة لامبالاة:من الأفضل أن تقول أن عقله كان يسعفه الآن بات يتلقي ضربة تلو الأخرى
ابتسامة خافتة ارتسمت علي شفاه "بسام" الذي قال بنبرة حب هامسة:ألم يحن الوقت بعد لكي نحدد الزفاف أم ماذا؟!
تحركت "أسماء" بنظرها بعيداً عن محيط نظرات "بسام" وكأنها تتفحص ديكور مكتبها من جديد ولكن في الحقيقة هي أن نظرة الشوق في عينيها لابد من إخفائها وإلا باحت بشوقها الذي يفوق شوق "بسام" لإعلان ارتباطهم الرسمي بدون أية قيود
طرقات خافتة علي باب المكتب أنقذت "أسماء" التي كادت تتفتت خجلاً وأشعلت نار الغيظ في "بسام" الذي قال بنبرة ضيق:تفضل
دلف إلي الحجرة شاب يبدو وكأنه في منتصف عقده الثاني يمسك بملف قائلاً:تلقي "محب" للتو رسالة بموعد تسليم صفقة المخدرات ستكون بعد أسبوع وذاك الورق يحوي الموعد والمكان
تسلم "بسام" الملف ليبدأ في تفحصه سريعاً لتقول "أسماء" بنبرة متسائلة:هل وجدت أية رسائل بين وبين أحد رجاله عما حدث في المخزن من أسبوع
نبرة نافية ممزوجة بتعجب نبعت من شفاه الشاب الذي قال:بالعكس لم يحدث ذاك تماماً ومكالماته اليومية جميعها لم يتضمن كلمة مهمة عن ذاك الموضوع
عقدت "أسماء" حاجبيها بتعجب لتزفر بضيق ومن ثم ترسم ابتسامة هادئة لتقول:حسناُ شكرا لك
استأذن ذاك الشاب بالخروج ليعود إلي عمله ومن ثم اتجه "بسام و أسماء" بتلك المعلومات إلي مكتب اللواء برسم الخطة من أجل الإيقاع بهم..
....
امتزجت نسمات الهواء التي تسيطر علي الحجرة بنسمات عطره المميز وهو يدلف إلي الحجرة بحذر خشية ليبدأ في تبديل ثيابه لتململ "مريم" في فراشها بشعور من الفرحة لتأكدها من عودة "ياسر" لتطلق العنان لخصلات شعرها علي الوسادة لتقول بنبرة نعاس ممزوجة بفرحة:اشتقت لك كثيراً
ابتسامة خافتة غزت ملامح "ياسر" الذي بدأ للتو في خلع قميصه ليلتفت برقبته إلي "مريم" قائلا بنبرة هادئة:أنا أيضاً اشتقت لك واشتقت لابنتي
نبرة تعجب نبعت من شفاه "مريم" التي قالت:أما زلت مصمم أنها فتاة ؟!
حمل "ياسر" منشفته القطنية ليقول بنبرة تأكيد:بالطبع أنا متأكد أنها فتاة تحمل جنونك بالكامل
وبمجرد أن أنهي "ياسر" حديثه ارتفع صوت رنين هاتفه معلن قدوم اتصال من "فادي"..
التقط "ياسر" هاتفه بتعجب ليفتح المكالمة قائلاً بنبرة تساؤل:هل حدث أمر ما؟!
نبرة ذهول ممزوجة بتعجب نبعت من شفاه "فادي" الذي قال:ألم تري الأخبار؟! لقد حدث حريق هائل بسيارات "محب" التي تحمل البضاعة
اتسعت عيني "ياسر" صدمة ليقول بنبرة تساؤل قلقة:هل أنت من فعلها يا "فادي"؟؟!!
نبرة نافية نبعت من شفاه "فادي" الذي قال:بالطبع لا بالإضافة لأن "بسام" أخبرني أن كل طاقم العمل لقي مصرعه في ذاك الحريق..كيف أفعلها أنا إذن؟!
لا يعلم "ياسر" إن كان ضغط عمله أو ضغط ما يمر به مع صديقه أو قلقه الدائم علي زوجته!!
لا يعلم "ياسر" ما السبب الذي جعل نبرته ترتفع ليصيح بغضب:وإن كان؟! ما الذي يمنع فعلك لها؟! أنت المستفيد الوحيد في كل ذلك؟!!
نبرة ذهول ممزوجة بضجر نبعت من شفاه "فادي" الذي قال:أنا؟! من الواضح أنك لا تستوعب ما تقوله
ازدادت حدة نبرة "ياسر" الغاضبة التي أصابت "مريم" بالخوف ليقول بنبرة لامبالاة ممزوجة بغضب:حقاً!!من الواضح أيضاً أنك فقدت عقلك وصرت تقتل الأبرياء فقط لتنتقم
اتسعت عيني "مريم" صدمة لتتجه إلي "ياسر" قائلة بنبرة هامسة: "ياسر" أهدأ قليلاً أنت تتكلم عن صديقك
بينما علي الجانب الآخر..لم يبدي "فادي" أية انفعالات وإنما قال بنبرة باردة:حسناً من الأفضل أن تبلغ الداخلية عني..إلي اللقاء
ألقي "ياسر" بهاتفه علي فراشه ليتجه صوب دورة المياه دون أن يترك فرصة ل"مريم" لتهدئته أو معرفة سبب تغيره المفاجئ ذاك
....
أعمال إعادة تهيئة المصنع لاستقبال البضاعة لم تتوقف علي مدار الساعة منذ أن حدث الحريق وجميع العمال علي قدم وساق يباشرون أعمالهم بإرهاق ممزوج بخوف من "محب" الذي يأتي لهم بنبرته النارية ملقناُ من يتهاون عن العمل درساً تأديب بحديثه السام له..
رفع "محب" ساعة يده إلي مستوي نظره ليجد أنها باتت السادسة مساءً ولم يتلقي أية اتصالات بعد!! عقد "محب" حاجبيه بتعجب ليستخرج هاتفه من بنطاله ويجد أن شبكة المحمول معدومة في المكان الذي يقف فيه..
اتجه "محب" إلي خارج المخزن وقبل أن يقرأ الرسالة الأولي من تلك الرسائل التي هبت عليه كالأسهم تفاجئ "محب" بسيارة "هاني" التي تقف أمامه بأعجوبة من سرعتها القصوى تلك..
ارتجل "هاني" من السيارة بسرعة ممزوجة بغضب ليحكم القبضة علي رقبة "محب" بيده التي تشع نار غضبه ليصيح بغضب:من الواضح أنك أصبحت عاجز عن العمل وذاك بات واضحاً من فترة لكن الآن الأذي بات يصل إلي أموالي
وبفضل قوة "محب" الجسدية استخلص رقبته من بين يد "هاني" ليسدد له صفعة نارية قائلا بغضب:هل جننت أم ماذا؟! كيف تجرؤ علي الحديث معي هكذا وفعل ذاك
تحسس "هاني" موضع الصفعة بغضب ليقول بنبرة توعد:من الواضح أن ذاكرتك باتت ضعيفة ونسيت أنني أملك ما يجعلك تسكن السجن أبد الدهر ولكن ذاك ليس موضوعي أنا أريد مالي لا أكثر
عقد "محب" حاجبيه بتعجب قائلاً بنبرة ضجر:أي مال؟!
وقف "هاني" مباشرةً أمام "محب" ليقول بنبرة غضب:مالي الذي احترق مع احتراق بضاعة الملابس
اتسعت عيني "محب" صدمة ممزوجة بعدم تصديق ليقول بنبرة غضب:بضاعة الملابس؟! هل أنت مجنون؟!!
زفر "هاني" بضجر ليقول بنبرة غضب مكتوم:ذاك ليس وقت مزاح أنا أريد مالي من تلك الصفقة لا أكثر
بمجرد أن أنهي "هاني" حديثه حتى دلف داخل سيارته ليخرج رأسه من زجاجها قائلا بنبرة توعد ممزوجة بغضب:إذا لم يحضر مالي إلي مكتبي في ظرف أسبوع أنت تعلم ما الذي سأفعله ولن أهتم لأحد أياً كان
أكمل "هاني" حديثه بنبرة سخرية قائلا:كان رائع جداً أدائك المندهش من ثواني ولكن نصيحة كفاك ذاك الدور وحاول إخماد الحريق
ما إن أنهي "هاني" حديثه حتى انطلق بسيارته بسرعة قصوى بينما التقط "محب" هاتفه بغضب ممزوج بعدم استيعاب ليبدأ في قراءة الرسالة التي تستنجد به بسبب ذاك الحريق الذي أودي بحياة رجاله وماله
بسرعة البرق التي اكتسبها "محب" من غضبه اتجه "محب" إلي سيارته مستقلاً إياها بسرعة جنونية وهو يحاول إجراء أية اتصالات توضح له حقيقة ما حدث..
....
وضع الجنين التي تتخذه "قمر" دائماً في جلوسها..ذاك الوضع الذي يشعرها أنها مازالت في بطن والدتها..
ذاك الوضع الذي يبعث في روحها الطمأنينة بأنه لن يتم إيذائها طالما أنها بين أحشاء والدتها..
شعور الطمأنينة الذي لم تتوقع أن تفقده بمجرد مواجهتها لذلك العالم الذي يأبي للطمأنينة بزيارة تلك الروح المتهالكة..
رجفة خوف انتفض لها كيان "قمر" لمجرد شعورها بلمسة يد تتحسس كتفها..رفعت "قمر" عينيها المدفونة بين ذراعيها بقلق ممزوج بتعجب لتكتشف "قمر" أنها والدتها لتفسح لها المكان للجلوس قائلة:ماذا هناك يا أمي؟!
نبرة قلق نبعت من شفاه "ناهد" التي قالت:ماذا حدث لرعشتك تلك يا ابنتي؟!هل تخافين مني؟!
حركت "قمر" رقبتها نافية بسرعة لتقول بنبرة أسف:بالطبع لا ولكن جروحي يا أمي ما عاد لديها القدرة علي التفريق بين لمسة يدك الحانية ولمسة اليد التي تغرز السم في جروحي
اقتربت "ناهد" من طفلتها لتخبئها بين ذراعيها وهي تمسح علي كتفها بحنان قائلة بنبرة أوشكت علي البكاء:أعذريني يا ابنتي أعذريني لأنني لم أستطيع حمايتك كسابق عهدي
دمعة لؤلؤية تدحرجت في عيني "قمر" لتسيل علي خديها وهي تقول بنبرة أسف:ليتني لم أكبر يا أمي يا ليت كانت أحزاني تحطيم دميتي فقط ليتني لم أخرج من بطنك يا أمي
ما إن أنهت "قمر" حديثها حتى ارتفعت شهقات بكائها لتشعر "ناهد" برجفة يد طفلتها الممسكة بها بضعف..
حاولت "ناهد" بكل ما أؤتيت من قوة للتخفيف عن ابنتها بالرغم من يقينها أن علاج جروح ابنتها بين ذراعي عاشق مكتوب عليه فراقها و لكن ليس أمامها حلول أخرى سوي التخفيف عنها حتى تسكن بين ذراعيها وتغيب قي قيلولة..
...
مر أسبوع آخر علي أبطالنا..
حال "قمر" الصامتة دائماُ لم يتغير كثيراً بل بدأ جسدها يفقد وزنه لتعوض "قمر" ذاك الوزن بإصرارها الذي يزداد في كل لحظة تري فيها والدها ولكنها تحاول إظهار غير ذلك منعاً لجدال هي في غني عنه..
بينما حالة البرود التام باتت متمكنة كلياً من "فادي" الذي بات منشغلاً طيلة النهار بعمله وبعد صلاة العصر إما يتحدث مع "بسام" عبر الهاتف أو يقابله في المطعم ليكونوا علي تواصل دائم لمستجدات قضية "محب" ومن ثم يعود إلي منزله لأخذ قيلولة سريعة ليذهب إلي المسجد لمقابلة الشيخ "راضي" ليعود من عنده في حدود الساعة العاشرة ليبدأ معركته مع الملفات للوصول إلي حل..
بينما "مريم" باتت في حيرتها من"ياسر" الذي لا يبدي أي اهتمام لعدم حديثه مع "فادي" و "فادي" الذي يخبرها أن الأمور بينهم طبيعية..
أما عن "محب" الذي انشغل أسبوع كامل إيجاد من السبب في حرق سيارات الملابس مسلمً أمر صفقة المخدرات ل"هاني" الذي استطاع الصلح معه بعد يومين من الحادث وتسليمه أمواله
...
شعور من الخوف يتسرب تدريجياً في كيان ذاك الرجل المقيد بحبال متينة تجعله ملتصق بالتمام في كرسي خشبي..رائحة وقود مجهولة المصدر تتطاير من حوله تزيد من رجفة جسده..لترتفع نبرته الصارخة قائلاً بنبرة خوف:من فعل بي ذلك؟!أتركوني أتركوني
وسرعان ما آتت الإجابة سريعاً لذلك الرجل ليأتيه شعاع ضوئي خافت يتسلل إلي تلك الحجرة المظلمة ليظهر أمام نصب عينيه "محب" الذي يشعل عود تبغه الموضوع بين ثغره..
بلع ذاك الرجل الملقب ب"عبد الباسط" ريقه بصعوبة قائلاً بنبرة خوف ممزوجة برجاء:أرجوك يا باشا أرجوك أتركني أعود إلي أهلي أرجوك
علامات الجمود واللامبالاة رسمت علي ملاح مساعد "محب" وهو يضع كرسي خشبي أمامه ليرفع "محب" بقدمه فوقه ودخان تبغه يتطاير من حوله ليقول بنبرة غضب:في صفقة المخدرات الماضية عتقت رقبتك لأنك لم تكن الفاعل ولكن لغبائك ذاك تحرق لي صفقة بملايين
نبرة عجز ممزوجة برجاء نبعت من شفاه "عبد الباسط" المرتعشة وهو يقول:خطأ ولن يتكرر بحياة ابني لن يتكرر أرجوك أتركني أرجوك
الغاضبة الممزوجة بسخرية قائلاً:أختك ما كانت موافقة علي زواجي العرفي منها..ما ذنبي إذن أنها انتحرت؟!
تعالت ضحكة سخرية من "محب" الذي قال باستهزاء:وأنت بغبائك ضربت بفرصتك الذهبية بالعمل معي عرض الحائط من أجل فكرة الانتقام السخيفة تلك
تحولت ملامح الخوف إلي غضب لتشتعل عينيه بنظرة قاتلة ليصيح "عبد الباسط" قائلاً:لن تنعم بأموالك تلك لن يضيع حق أختي س...
لم يمنح "محب" أية فرصة ل"عبد الباسط" ليستكمل حديثه وإنما ألقي بعود تبغه علي الوقود الذي يحيط ب "عبد الباسط" لترتفع صيحات آلامه من النار التي تفتك به..
تعالت صيحات ذاك الرجل من النار التي تلتهم جسده بلا رحمة وعينيه تصوب ناحية "محب" الذي يقف دون أن يبدي أية علامات شفقة وإنما ابتسامة الانتقام تسيطر علي ملامحه..
صيحات "عبد الباسط" باتت ترتفع بقوة قاربت علي الإطاحة بكل ما هو ساكن بتلك الحجرة لتبعث برسالة صغيرة ل"محب" بأن حق ذاك الرجل وغيره لن يضيع وأنه سيأتي عليه يوم الحساب الذي سيلقي فيه ناراً لن تخمد أبداً..
ارتفعت نغمة رنين هاتف "محب" معلنة قدوم اتصال من "هاني" ليخرج "محب" من الحجرة قائلاً:ما الأحوال؟!
وكأن الدفعة الأولي من العقاب في الدنيا ستقام لتوها الآن لترتفع نبرة "هاني" المرهقة الممزوجة بغضب قائلاً:هناك خائن بين رجالنا يا "محب" لقد أحكمت الداخلية الفتك بنا لثاني مرة وبأعجوبة استطعت الفرار منهم والباقي بين قتيل ومصاب ومعتقل
صيحة غضب ممزوجة بتوعد نبعت من شفاه "محب" الذي قال:ذاك جنون!!كيف يحدث هذا؟!تلك الصفقة لم يعلم بها إلا المستثمرين ونحن فقط والرجال الذين بعثناهم برفقتك في الصباح؟!كيف يحدث ذلك؟؟!!
لهث "هاني" أنفاسه بأعجوبة وهو يقول بنبرة إرهاق:سألجأ إلي الجبل لأحتمي به فترة سأنتظر قدومك لي
انطلق "محب" إلي سيارته سريعاً وهو يشير لباقي رجاله بإتباعه قائلا بنبرة غضب:حسناً حسناً مسافة الطريق وأكون أمامك
....
الهدوء المعتاد الذي يخيم علي حجرة المكتب الخاصة ب"فادي" الجالس أمام شاشة حاسوبه ينهي طباعة ملفات خاصة بالعمل وبجانبه فنجان قهوته المعتاد...
قطع ذاك الهدوء..طرقات حذاء "إسراء" الواقفة عند باب المكتب قائلة بنبرة طلب ممزوجة بإحراج:أرجوك يا "فادي" أنا بحاجه للحديث معك بالإضافة أنه بإمكاني تقديم معلومات تسهل ما تقوم به
ارتشف "فادي" قليلاً من كوب قهوته ليزفر بضيق قائلا:حسناً يا "إسراء" تفضلي
ارتسمت ابتسامة فرحة علي ملامح "إسراء" التي جلست علي المقعد الأيمن للمكتب قائلة بنبرة قسم:في البداية أرجوك أن تصدقني يا "فادي" والله الذي لا رب سواه لم أخبر "محب" بأية معلومات عن "قمر"والله
أطلق "فادي" تنهيدة طويلة تبعها نبرته الشبه هادئة ليقول:وأنا أصدقك يا "إسراء" إذن ماذا حدث؟!
ارتسمت علامات الفرحة علي ملامح "إسراء" التي عبثت بشاشة هاتفها لثواني لتضعه أمام "فادي" قائلة:تلك الرسالة وصلتني ليلة أمس من"هاني"
رسالة مضمونها طلب من "هاني" لعقد الصداقة بينه وبين "إسراء" مضاف إليها وعد بالحماية من "محب" الذي لن يستطيع الاقتراب منها طالما أنها في حمايته..
رسالة وجدها "فادي" أنها تحمل الكثير من الغموض ولكن إذا اتبعنا راسلها ستتفكك كثير من العقد في تلك القضية الشائكة...
أعاد "فادي" وضع الهاتف أمام "إسراء" ليقول بنبرة تساؤل:حسناً..ولكن ما الذي تنوي علي فعله؟!
نبرة حزن ممزوجة بإصرار نبعت من شفاه "إسراء" التي قالت:كل ما أريده هو الانتقام من "محب" ويبدو أن "هاني" سيقدم الكثير يساعدنا في ذلك ولكنني لن أستطيع مواجهته بمفردي لذلك أطلب مساعدتك للمرة الثانية......


يتبع....
#نورهان_حسنى



التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 07-10-16 الساعة 10:56 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-16, 10:25 PM   #20

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



الفصل الثامن عشر


لحظات صمت معدودة مرت علي "فادي" وهو يحاول عقد دراسة سريعة لما سيستفيد منه من ذاك الأمر بينما نظرة عيني "إسراء" التي ترجوه بألا يتركها بمفردها تواجه ذاك المعتوه..جعلت "فادي" يميل بنسبة كبيرة للموافقة ليقول بنبرة حاسمة:حسناً يا "إسراء" سنحاول إيجاد حل و إذا بعث لكي بشئ جديد أخبريني وسنجد حل ولكن لعلمك أيضاً أنا لسن بمفردي لذلك سيكون معي مساعدين..راجعي التفكير في الأمر إن أردتي
نبرة حب نبعت تلقائياً من شفاه "إسراء" التي قالت بلا وعي:المهم أن تكون أنت بجانبي
ارتشف "فادي" قليلاً من القهوة دون أن يبدي أي رد فعل لتدرك "إسراء" فعلتها ليكتسي وجهها حمرة من خجلها قائلة بنبرة أسف:أنا آسفة
نبرة لامبالاة ممزوجة بهدوء نبعت من شفاه "فادي" الذي قال:لا توجد مشكلة
استأذنت "إسراء" من "فادي" بعد أن شكرته علي قبوله بمساعدتها لتعود إلي عملها ويكمل "فادي" أعماله
...
رسالة ماجستير أبهرت الجميع بصياغتها المتمكنة حملتها الرياح في ثواني لتهوي بها إلي الهاوية لتتحطم أحلام تلك الباحثة المجتهدة مع صوت ارتطام الأوراق بالأرض ليتحطم حلم آخر لها بسبب تقاليد عقيمة من والدها الذي حرمها من حق الدفاع عن نفسها ظناً منه بأنه هكذا سيأدبها ولكن في الحقيقة ما زادها هو إلا إصرارً..
دمعة لؤلؤية تدحرجت في عيني "قمر" التي تجلس علي أرضية حجرة التلفاز وأمامها مجموعة كتب من ذكريات الثانوية العامة..
تناولت "قمر" دفتر مذاكرة خاص بمادة اللغة العربية لتلتقطه بشغف لتفتحه من المنتصف...
ارتسمت ابتسامة شوق لتلك الأيام وهي تقرأ الكلمات التي تزين الصفحات باللون الأزرق..باتت "قمر" تتنقل بين الصفحات بشغف لتبعث فيها تلك الذكريات الحنين لتلك الأيام ..
فاقت "قمر" من شرودها علي نبرة غضب ممزوجة بضجر نبعت من شفاه "منير" الذي قال:أنتي مجرد زائرة ليس أقل لا يحق لكي التمتع بالجلوس في المنزل..عودتي إلي حجرتك حتى يأتي زوجك ذاك
أغلقت "قمر" عينيها بألم لتلتقط بعض الدفاتر الخاصة بها لترفع عينيها قائلة بنبرة جمود:حاضر
زفر "منير"بملل ممزوج بضجر قائلا بنبرة أمر:أتركي تلك الدفاتر
قامت "قمر" من موضعها بإصرار لترفع عينيها قائلة بنبرة عند ممزوجة ببرود:تلك الدفاتر تخصني أنا ولن أتركها
خطوتين متتاليتين بثقة تحركت بهم "قمر" في اتجاه حجرتها لتتجمد مكانها من قبضة "منير" الغاضبة قائلا:لن تتحركي بتلك الدفاتر
لم تهتم "قمر" بأمر الدفاتر بقدر اهتمامها بإثبات قوتها أمام والدها لتفلت يدها بضجر قائلة:تلك الدفاتر حقي
ما إن أنهت "قمر" حديثها حتى اتجهت إلي حجرتها لتأتيها نبرة والدها الغاضبة قائلاً:إلي أن يأتي زوجك لا أريد أن أري وجهك خارج حدود حجرتك
تمسكت "قمر" بمقبض باب الحجرة لتلتفت إلي والدها بنبرة عند ممزوجة ببرود:ذاك المعتوه لا يٌعد زوجي..ليس بذنبي أنك تعتبر تلك الجريمة زواج
دلفت "قمر" إلي حجرتها لتهوي بها قدمها أرضاً بعد أن أسعفتها أمام والدها الذي أغلق ألف باب وباب علي قلبه أمام ابنته..
ابنته التي كانت ترجو أن تلمح نظرة عطف بين جفونه لتلتقطها من ذاك المعتوه..ولكن والدها بنظرته الجامدة تلك قضي علي حنين ابنته له..
ابنته التي كانت ترجو ضمة حانية منه تدوم ولو لثانية فقط لعلها تشفي جروحها التي تبعث الألم لجسدها الذي بات محرم عليه الراحة.ولكن والدها بنبرة الغاضبة تلك جعلها تلعن احتياجها له..
تنهيدة طويلة أخذتها "قمر" بألم لتكفكف دموعها بسرعة لترتسم علامات البرود علي ملامحها ولكن بات الآن البرود تجاه والدها الذي قطع يد المساعدة عن ابنته..
عكفت "قمر" علي دفاترها الدراسية تستعيد منها ذكريات الدراسة وأصدقائها وليالي المذاكرة مع "بسام" وكل كلمة كتبتها في صفحة ما للمزاح مع صديقتها أو لطلب معلومة ما..
....
رفع "فادي" ساعة يده في مستوي نظره ليجد أن الساعة باتت الثالثة والنصف عصراً ليرفع "فادي" حقيبته الشخصية علي كتفه متجهاً إلي السرداب حيث توجد دراجته البخارية وهو منشغل بإرسال رسالة إلي "وائل" يخبره بأنه يريد لقائه في الغد..
التقطت عدسة عيني "فادي" صديقه "ياسر" الذي يجلس علي دراجته عاقداً يده أمام صدره ليزفر "فادي" بضجر متجهاً إلي الدراجة قائلا بنبرة ضيق:عن أذنك أريد الذهاب بدراجتي
خلع "ياسر" نظارته الشمسية لتظهر نظرة عينيه التي تنم عن راحة لم تزور عينيه من أيام..عقد "فادي" حاجبيه بتعجب بينما "ياسر" لم يبدي أي إشارات سوي رجفة رموشه التي توحي بأن الأمور ليست علي ما يرام..
صداقة دامت أكثر من 25 عام كانت كفيلة ل"فادي" بفهم نظرة عيني صديقه التي تحوي بأن تلك اللحظة ليست بحاجة لحديث الشفاه بل إنها بحاجة ماسة لضمة بين ذراعي صديقه ليشارك آلامه بين ضلوع صديقه..
علامات من الحزن الممزوج بالحيرة سيطرت علي ملامح "فادي" الذي أحاط كتف صديقه بذراعيه في ضمه هادئة ارتفعت فيها شهقات بكاء "ياسر"..
طالما اعتاد كتف "فادي" علي رأس صديقه التي يدفنها فيه لكتم ضحكاته في مزاح بينهم ولكن ها هي الآن تكوي حزناً علي دموع "ياسر" التي تغزوها بسرعة البرق لتبعث في قلب "فادي" القلق ليحرك يده المرتعشة علي ظهر صديقه لعل تلك اللمسة تخفف عنه ولو 1%.
ثانية تلو الأخرى وشهقات "ياسر" تعاني من ذبذبة ارتفاعها وانخفاضها فجأة لتمر خمسة دقائق بالتمام ليرفع "ياسر" رأسه من علي كتف "فادي" الذي يطلق له نظرة تساؤل ممزوجة بقلق ليأتيه صوت "ياسر" المشتت من البكاء قائلاً:منذ أكثر من شهر وأبي يعاني من سرطان في الكبد ولم يٌعلم أحد سوي والدتي حتى أختي لا تعلم حتى الآن
اتسعت عيني "فادي" صدمة لتأتيه نبرة "ياسر" الذي يكفكف دموعه قائلاً:لم أعلم إلا من أسبوع عندما طلبت مني أمي أن أذهب لهم في المنزل بعد انتهاء دوام العمل وهناك علمت ما حدث وأنه يجب السفر إلي فرنسا لإجراء ملية لاستئصال الورم و أبي لم يكن لديه أية نوايا لإخباري إلا عندما عجز عن تدبير باقي المبلغ لذلك أخبرتني أمي بدون علمه
تنهيدة طويلة أطلقها "ياسر" ليتبعها بنبرته الحزينة قائلاً:لذلك كانت نبرتي حادة في آخر مكالمة بيننا ولكن الحمد لله دبرنا المبلغ وسافر أبي في اليوم التالي لمعرفتي وهو الآن يجري الجراحة لاستئصال الورم و والدي مصمم ألا يعلم أحد إلا عندما ينتهي الأمر بل ورفض سفري معه حتى لا نبعث القلق في نفوس أحد بل اصطحب والدتي لتظهر وكأنها رحلة ترفيهية
وكز "فادي" صديقه في كتفه قائلا بنبرة حزن ممزوجة بعتاب:منذ متى وأنت تحزن بمفردك يا "ياسر"؟!منذ متى و أنا أبعث برسالة لك علي هاتفك ولا ترد ؟!
أكمل "فادي" حديثه بنبرة لوم ممزوجة بحزن قائلاً:هل تأتي بعد أكثر من25عام وتطلب أن تبقي بمفردك في ذاك الموقف !! أتعلم ما الذي أريد فعله؟!
نبرة حزن ممزوجة بتساؤل نبعت من شفاه "ياسر" الذي قال:ماذا؟!!
أحاط "فادي" كتف صديقه بذراعه الأيمن قائلا بنبرة خبث ممزوجة بمزاح:أبرحك ضرباً كما كنا نفعل في الفريق المنافس عندما نخسر مباراة
انفلتت ضحكة خافتة من شفاه "ياسر" ليرتب "فادي" علي كتفه بحنان قائلاً:تعال لنجلس في أي مقهى ريثما تطمئن علي والدك
اتجه الصديقان إلي مقهى بجانب الشركة ليمضيان ساعة ونصف وهما يتسامران بمزاح يخفي في طياته قلق "ياسر" و"فادي" علي والد "ياسر" إلي أن بعثت له والدته برسالة تخبره بأنه الجراحة تمت بنجاح وأن والده سيعود بعد أسبوعين..
استولت الراحة علي كيان الصديقين ليتجه كلاً منهما إلي منزله علي وعد بلقاء غداً يجمعهم ب"وائل وبسام" لدراسة موقف "هاني" ذاك وما يمكن الاستفادة منه
...
أما عن "هاني" فقد أقنعه حديث "محب" بأنه لا يجب عليه المكوث في الجبل نهائياً لأنه بذلك يغلب عيني الداخلية إليه التي ستعبث ورائه للوصول لدليل يفسر غيابه المفاجئ لذلك استمع "هاني" لنصيحة صديقه ومكث معه في استراحة "محب" في الأقصر..ليمضي يومين وهما يبحثان علي أي دليل لإيجاد المتسبب في ذاك الحادث الذي أطاح ببضاعة بملايين عطشوا من أجلها السوق لشهور..
مع دقات الساعة الثانية ظهراً..
احتسي "هاني" الرشفة الأخيرة من كوب عصيره قائلاً بنبرة توديع:حسناً سأنهي أمر التجار اليوم لا تقلق
حرك "محب" رقبته يميناً ويساراً بإرهاق قائلاً بنبرة ماكرة:الأهم ألا تنسي إذا فكر أحد في تهديدنا أقلب عليه الطاولة بالأوراق التي معك تلك
أرتدي "هاني" حلته السوداء قائلاً بنبرة تأكيد ممزوجة بضجر:الأسوء أننا سنوقف نشاطنا لمدة
اكتست ملامح "محب" بعلامات الضيق الممزوج بالتوعد وهو يشعل تبغه قائلاً:الأهم عندي الآن أن نصل لمن يتسبب في كل ذلك ومن ثم سنعود لإحياء نشاطنا لأن العبث مع الداخلية الآن لن يقدم سوي المتاعب لنا
أومأ "هاني"رأسه موافقاً ليحمل سلسلة مفاتيحه ويتجه إلي خارج المنزل بينما بدأ "محب" في تهيئة نفسه للذهاب إلي المخازن ومن ثم قرر في نفسه أن يذهب إلي النوبة لليلة لعله يحظي بما يرجوه من "قمر"..
بينما "محب" منشغل بإعداد مصيدة للإيقاع ب"قمر" آتاه صوت رنين جرس الباب ليتجه لفتحه بضجر..
اتسعت عيني "محب" بصدمة اختفت في نظرته التي تشع لامبالاة بينما قابلها ذاك الشرطي بنظرة توعد ممزوجة بتساؤل ليحرك شفاهه قائلاً:أستاذ "محب".!
علامات من الضيق صاحبت نبرة اللامبالاة النابعة من شفاه "محب" الذي قال:نعم؟!
نبرة ثقة ممزوجة ببرود نبعت من شفاه ذاك الشرطي الذي قال:رئيس المباحث يريدك لإحتساء كوب من القهوة معه
أكمل ذاك الشرطي حديثه بنبرة مرتفعة نسبية قائلاً:الآن
علي الجانب الآخر..تحديداً في قسم الشرطة..
ارتشف "وائل" قطرات العصير الأخيرة قائلا بنبرة توضيح:لا يوجد أمامنا دليل يؤكد حديث ذاك الرجل لذلك كان يجب أن يكون اللقاء المبدئي هنا دون استعداء في القاهرة حتى نستطيع التوصل لحل ما
نبرة قلق ممزوجة بتنبيه نبعت من شفاه "رئيس المباحث" الذي قال:ولكن أحذر من ألاعيب "محب" هذا!! لن يصمت لما ستخبره به
حرك "وائل" رقبته بإرهاق قائلاً بنبرة ضجر ممزوجة بتوعد:أنا أعلم أنا حديث ذاك الرجل لن يكون دليل قاطع ولكنني لن أترك "محب" ينعم بحياته كثيراً
ارتفعت طرقات مستأذنة علي باب المكتب ليأذن "رئيس المباحث" بالدخول..ليدلف إلي الحجرة "محب" في صحبة ذاك الشرطي..
قام "رئيس المباحث" من موضعه قائلاً بنبرة عادية:سأتركك الآن بمفردكم أيها النقيب إن أردت شئ أنا في الحجرة المقابلة
أومأ "وائل" رأسه موافقاً..بينما ارتفعت نبرة "محب" الغاضبة قائلاً:أنا هنا لمقابلتك..هل من الممكن معرفة سبب كل ذلك؟!
لم يظهر "رئيس المباحث" أي رد فعل وإنما دلف خارج الحجرة ليقول "وائل" بنبرة خبث:أجلس فقط ومن ثم سنتحدث
زفر "محب" بملل ممزوج بضجر ليجلس علي المقعد المقابل ل"وائل" قائلاً بغضب:هل لديك توضيح لكل هذا؟!
أسند "وائل" ظهره إلي مسند مقعده قائلا بنبرة باردة:بالتأكيد أنت تتابع الأخبار وتعلم أن الداخلية استطاعت من يومين الفتك بصفقة مخدرات كانت ستدمر شباب بلدنا
لم يظهر "محب" أي رد فعل بالرغم من القلق الممزوج بالفضول الكامن في كيانه ليقول بنبرة لامبالاة:أعانكم الله
ارتسمت ابتسامة ساخرة علي وجه "وائل" الذي قال بنبرة ضجر:الأهم الآن أننا استطاعنا القبض علي بعض الرجال ومنهم رجل يلقب ب"عواد" ذاك الرجل أخبارنا في التحقيقات أنه يعلم لصالحك
أكمل "وائل" حديثه وهو يضع صورة أمام "محب" قائلا بنبرة برود:لذلك أردنا أن يكون اللقاء الأول بيننا ودي ونعلم منك هل تعلم ذاك الرجل
ألقي "محب" نظرة عابرة علي تلك الصورة ليزفر بغضب قائلا بنبرة لامبالاة:ذاك الرجل لا يعمل معي وإن استطاعت إثبات غير ذلك أبعث لي مرة أخري
نبرة عالية نسبية ممزوجة بغضب نبعت من شفاه "وائل" الذي قال:لم أنهي حديثي بعد
زفر "محب" بضجر ممزوج بلامبالاة ليقول بنبرة برود:وأنا أخبرت سيادتك أنني لا أعلم شئ عن ذاك الرجل
حديث دام لنصف ساعة..لم يغير فيهم "محب" كلاماته التي تنفي معرفته بذاك الرجل ليجبر "وائل" علي ترك "محب" بعد تأكده أنه يحصن نفسه بأقصى درجة..
...
ما إن أنهي "محب" ذاك اللقاء مع "وائل" حتى اضطر إلي إلغاء سفره إلي النوبة ومحادثة "هاني" ليخبره بضرورة حضوره بعد إنهاء المقابلات مع التجار لإنهاء مسألة "عواد" نهائياً..
ليمر أسبوع آخر علي أبطالنا والحال لم يتبدل كثيراً..الجميع مدفون في روتين حياته اليومية ذاك الروتين الذي استطاع الفتك براحة البال واستبدالها بالضجر من تلك الأيام التي تمر دون الشعور بها..
ذاك الروتين اليومي المختصر عن البعض من أبطالنا في إيجاد دليل لإثبات قضية ما شائكة..
وعند البعض فروتينهم اليومي يتلخص في الجلوس لساعات وساعات لا يعلمون مدها ولكنهم متأكدين بأنها كافية لتصوير كل لحظة ألم بصورة بطيئة..
في النهاية..وقع جميع أبطالنا ضحية للروتين اليومي وهو يبحثون عن حل لإنهاء مشاكلهم..
...
دلف "فادي" إلي مكتبه لإحضار الأوراق الخاصة بالوفد السياحي الذي سيرافقه في رحلته النيلية اليوم..
زفر "فادي" بغضب وهو يبحث عن ذاك الملف بين ملفات كثيرة يمتلأ بيها مكتبه إلي أن استطاع إيجاد ذاك الملف ليغلق درج المكتب بمفاتيحه وهو أن يقوم من موضعه آتته نبرة "إسراء" المستأذنة لتقول:هل لنا ببضع دقائق
نبرة ضجر ممزوجة بموافقة نبعت من شفاه "فادي" الذي قال:حسناً ولكن بسرعة لأنني ملتزم بموعد مع الوفد
ابتلعت "إسراء" ريقها بصعوبة قائلة بنبرة توضيح:أنت كما تعلم "هاني" بات يحادثني رسائل فقط وليس كثيراً أيضاً ولكنه في صباح اليوم بعث لي برسالة بأنه سيغيب لثلاثة أشهر
عقد "فادي" حاجبيه بتعجب قائلا بنبرة ضيق ممزوجة بتساؤل قائلاً:ثلاثة أشهر!؟لماذا كل هذا؟!!
مدًت "إسراء" شفتيها السفلية بجهل قائلة بنبرة أسف:عندما حاولت معرفة لماذا؟!أخبرني أنه لعقد صفقة ملابس لعلها تداري خسارة صفقتهم التي أحرقت ولكنني لم أقتنع بذلك وهو لم يقول شئ آخر
مرر "فادي" أصابعه بين خصلات شعره بضجر ليقول بنبرة سريعة:حسناً يا "إسراء" أنا سأبلغ "وائل" لمعرفة أبعاد ذاك الموضوع ولكنه إن حادثك في فترة سفرك فحاولي استخلاص معلومة منه
أومأت "إسراء" رأسها موافقة لتقول بنبرة إحراج ممزوجة بطلب:هل لي بكلمة أخرى؟!
التقط "فادي" سلسلة مفاتيحه قائلا بنبرة موافقة:حسناً ولكن فلنكمل حديثنا في وأنا هابط إلي الحافلة لأنني سأتأخر هكذا
قامت "إسراء" من موضعها بإحراج لتسير علي مسافة من "فادي" الذي يعبث بالملف الذي في يده منتظراً حديث "إسراء"..
"الحب من طرف واحد" جملة بالنسبة إلي البعض قاتلة..جملة تصيبهم بصدمة كهربية لأنها تعيدهم إلي ذكريات ماضي قاتلة ..
ولكن؟! لم يتذوق الكثير مننا مرارة "عشق إنسان أنت بذاتك تهيئ له الطريق للإرتباط بغيرك" !!
ذاك الشعور ليس بمرض خبيث يفتك بك..ولا بآلام ستداويها الأيام..ذاك الشعور ما هو إلي نهاية حتمية لقلب بات متيقن أن من يناجي ربه بأن يكون نصيبه بات نصيب شخص آخر..
ذاك الشعور يفقدك الأمل في أن العشق الذي يسري في شرايينك بات محرماً عليك..
ذاك الشعور يفقدك القدرة علي الاستكمال ويحولك من عاشق إلي جسد بلا روح ..
ذاك ما كانت تشعر به "إسراء" في كل لحظة تختلس فيها النظرات إلي "فادي" لتجد نظرات حب بل بالأحق هي عشق ولكن لغيرها..
ولكنها لم تسلم من شيطانها الذي بات يسوس لها بإبلاغ "محب" عما ينوي "فادي" علي فعله ولكن بصحوة غضب من قلبها يلقن عقلها درساً بأن القلب العاشق لا يؤذيه عاشقه حتى ولو كان ذاك الأذي سيجعل عاشقه بين يديه..
كلمات مرتعشة جمعت جملة واحدة تحمل في معانيها أسئلة كثيرة تدور ببال "إسراء" التي قالت:لماذا لم تحبني أنا؟!
لحظات معدودة تجمد فيها "فادي" في موضعه لتستولي علامات الذهول الممزوجة بالتشتت علي ملامحه لتعقد لسانه لثواني معدودة..ليبلع فيها "فادي" ريقه قائلاً بنبرة جمود ممزوجة بتعجرفه المعتادة:"إسراء" لا داعي لذاك الكلام لأنه لن يفيدك في شئ
نبرة أوشكت علي البكاء نبعت من شفاه "إسراء" التي قالت:لا داعي؟! ألا تشعر بما في يحدث لي!! أنا أمهد الطريق لك بأن تكون بجوار حبيبتك وأنا من أحببتك قبلها..أنا من ناجيت ربي مراراً وتكراراً بأن تكون لي أنا
سيطرت علامات الغضب علي ملامح "فادي" الذي بات جاهداً في محاولة السيطرة علي ذاك الغضب ليقول بنبرة حسم:وأنا ناجيت وسأناجي وأناجي ربي في كل سجدة بأن تكون حلالي لأن ليس لقلبي عذراً يقدمه لكي لأنني عشقتها هي بدلاً عنكي
جملة أنهي بها "فادي" حديثه لينطلق إلي الحافلة تاركاً "إسراء" في صدمتها ..صدمتها التي حملت لها حقيقة كانت تحاول جاهدة إخفائها..


يتبع.......
#نورهان_حسنى




التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 07-10-16 الساعة 10:57 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:16 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.