شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   القصص القصيرة (وحي الاعضاء) (https://www.rewity.com/forum/f119/)
-   -   وذلك اضعف الايمان **متميزة** (https://www.rewity.com/forum/t209459.html)

كاردينيا الغوازي 18-08-12 08:03 PM

وذلك اضعف الايمان **متميزة**
 
ابتسامة الرضا علت وجهي وانعكست على وجه مصففة الشعر التي تقف خلفي وتطالع ردة فعلي المبتهجة في المرآة ... قلت لها " سلمت يداك ... تصفيفة شعر ولا اروع ..." ردت وقد لاح على وجهها الفخر " اهلا بك في اي وقت ..."
ارتديت حجابي على مهل حتى لا أفسد ما اجادت عمله المصففة وقضت فيه ما يقارب الساعتين!
خرجنا انا وجارتي نتضاحك وقد اعتلى وجهيّنا خلو البال .... كانت شمس الظهيرة في يومٍ صيفي كهذا ازعاج شديد بالنسبة لنا لا مفر من التذمر منه ونحن نقطع بضعة أمتار حتى نصل سيارة جارتي المركونة على جانب الشارع ...
كومة بشرية تتلحف بعباءة سوداء مغبرة جذبت نظري، بدى واضحا انها امرأة وقد جلست القرفصاء على ارضية الرصيف اللاهبة بينما بائع يقف على بعد خطوتين منها وقد اتخذ من باب محله المفتوح مسندا لكتفه وهو يدخن بتلذذ ويتطلع اليها بلا اهتمام ...
لم اتبين ما تفعله بالضبط حتى وصلت اليها يدفعني الفضول ... كنت على بعد متر واحد تقريبا عندما رفعت اناملي لأنفي في حركة اشمئزاز من الرائحة العفنة التي تصدر قريبا من المرأة او ربما منها هي شخصياً! ليتحول شعوري الى احساس مؤكد بالغثيان! ولم يكن شعوري هذا مصدره اقترابي من مصدر الرائحة فقط، ولكن لاني اكتشفت ان مصدر الرائحة هو كيسين متهالكين يحويان على ما يظهر منهما بقايا طعام ... والمرأة فتحت احداهما وتقلب فيه عسى ان تجد ضالة لم استوعبها!
لم اسمع صوت جارتي التي اخذت تناديني بتذمر بينما عيناي تجمدتا على يد المرأة التي تشير لعجز السنين التي تحمل كاهلها ... لم اشعر بنفسي الا وانا اقول بحدة لم أكن اعنيها هي شخصيا بها " ماذا تفعلين؟!! " اجفلت المرأة وهي تستدير لتتطلع نحو الاعلى لوجهي ... يدها التي كانت منذ قليل تفتش بين بقايا الطعام انسحبت سريعا لتضمها لصدرها بينما أطرقت برأسها للأسفل تتوارى خلف طرف عباءتها.. ولكن... ليس قبل ان التقط وجهها بتغضناته البائسة؛ ذلك الوجه الذي يوحي ان صاحبته قد تعدت السبعينات؛ حمل من القهر والانكسار والذل ما لم أره في حياتي كلها ... صوتها جاء محملا بالخزي وهي تهمس " احفادي جائعين " قلت بغضب لم افهم مصدره " انه طعام عفن، سيتسمم احفادك! " ردت بنفس الهمس " وقد يعيشون "
لا اعلم كيف سقطت تلك الدمعة مني وانا اقول بحدة متزايدة " ابتعدي عن هذه الاكياس، خذي هذا المال واشتري طعاما نظيفا لأحفادك " كنت ابحث عن محفظتي داخل حقيبتي وانا اقول هذه الكلمات وعندما وجدتها فتحتها وسحبت كل ما فيها من اوراق مالية وقدمتها للعجوز ... هالني ان اراها تنظر الي وعيناها دامعتان بانكسار أكبر!! بينما يدها ما زالت مضمومة لصدرها، اوشكت ان أجهش بالبكاء وانا اقول بتوسل " ارجوك.. خذيها يا خالة.. خذيها واشتري طعام لأحفادك "
يدها كانت ترتعش دون ان تفارق مكانها على صدرها فلم أجد بدا من الانحناء اليها لأضع المال في يدها واغلقت اناملها على الاوراق بإحكام وضغطت عليها بكلتيّ يديّ وانا اقول باختناق " ليتني أستطيع فعل المزيد " ردت بحشرجة وقد سكن عينيها حزن مرير " ربما تستطيعين.. عندما ترين بقايا طعاما على قارعة الطريق ضعيه في الظل حتى لا يفسد سريعا بتأثير حرارة الشمس، فربما تنفع انسانا جائعا يمر بها.. وذلك... أضعف الايمان "
ومرت الايام ... والمرأة لا تفارق خيالي ... بل وبعد مرور سنوات ما زلت اذكرها كلما تصدّقت بمال او طعام للفقراء، لن اقول أني لم اكن اتصدق قبل رؤيتي لها ولكنها جعلتني استشعر عن قرب شديد ذلك الاحساس المؤلم بالذل وامتهان الكرامة.
وكلما وجدت فضلات طعام في الشارع نحيتها الى الظل وانا اردد " وذلك أضعف الايمان "
تمت
18/8/2012


تحميل القصة القصيرة ككتاب الكتروني
يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي


laraaa 18-08-12 08:27 PM

رررررررررررررائعه كالعااده كااااري .... دااائما متألقه بطرح للافكااار والحيااه والامور التي تصاادفنا في المستقبل .. فعلا هناااك اشخاااص يعشووون بمأساه وفقر قااهر لا نقدر ان نساعدهم االا بمسااعده بسيطه ..... هؤلاء الاشخااص موجوودين لكن لايوجد احد ان يسأل بهم عسى الله يسااعدهم

حنان 18-08-12 09:01 PM

مرحبا كاردينيا ..
صورة المراة العجوز .. بدون تعليق
انحاول فقط كبطلة قصتك نمد يد العون بالقليل من النقود .. او حفظ الطعام بعيد عن الشمس كأضعف الايمان كما نصحت العجوز ..او بغيرها من الامور لكن دائما يكون فيه تقصير كبيررررررررررررر جداااااااااا وعطاء محدود آني
فقط عطايا ربك هي من تكفيهم شر الكفاف والعوز ..
رائعة دائما برصدك للحالات الانسانية وكالعادة وباسلوب غايه بالرقي تتمكني أيصال مشاعرك لقراءك

دمت متألقة..وكل عام وانتي بخير

حنان 18-08-12 09:03 PM

مساء الافراح .. ايامكم سعيدة حبايب ^ــ^
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 4 والزوار 0) ‏حنان..s, ‏* فاطمة كرم *+, ‏كاردينيا73+, ‏mis moon

mis moon 18-08-12 09:11 PM

مؤلم ان نرى بشر في نفس مدينتنا يموتون جووعاً ونحن نرمي الطعام بحجة انه لم يناسب ذائقتنا في الطعام
مؤلم عندما نسأل عن هؤلاء الذين لايجدون ما يسد جوعهم امام رب العالمين ...
مؤلم .. مؤلم ... مؤلم .. حد الموت من هم بني جلدتنا يجوعون ونحن عندنا امتلأت البطون
القصة راائعة يا غالية
سؤال القصة حقيقية ام من نسج خيالك رائعة حتى لو كانت من الخيال
االمتني كثيراً في الحقيقة
لك خالص تحياتي
نارا

vanissa 18-08-12 09:12 PM

يا الله حقيقة للاسف موجووووووودة في المجتمع و لكن الاغلبية تتعاااااااااامي عليها و للاسف هنااااك حقااا هذه الفئة التي تعااني دووون سبب لا حول و لا قوة الا بالله

كاري اسلوب مميز ذكرتني حقااا بظاااااهرة موجودة و عسى الله ان يساعدهم و يفك كربهم


احلى تقييم ليكي

فاطمة كرم 18-08-12 09:26 PM

أحاول الوصول لحال هذه الأم التي تبحث عن طعام لأحفادها بين أكياس القمامة وقد هبطت بها الحاجة لتقتسم طعام القطط الشاردة في الشوارع , هل يأكل الجوع السافر حينها من آدمية الإنسان ذاتها , أكون في مناطق نائية أحيانا لظروف العمل أو لأي ظرف طاريء وتعاف نفسي أن أكل أو أشرب من محل لا أثق في نظافته مائة بالمائة " وهذا سأشتريه بنقودي " حتى لو كانت حالة العطش والجوع عندي في أقصاها , فما بالنا بمن تنازل عن كل هذا وهبط للدرك الأسفل من المطالب .. سد الرمق من فضلات الطعام , أسأل الله ألا نسأل عن هؤلاء المساكين ويعيننا على طاعته فيهم , لو تبرع كل منزل بوجبة فرد يومياً لبنك من بنوك الطعام لما أعياه ذلك ولقلل إن لم يخفي هذه الظاهرة المؤسفة من عالمنا الإسلامي .. لنكن أمة رحمة للعالمين اسم على مسمى وليس فقط تسمية لأساس منخور لا خير فيه

شكراً كاري على القصة المعبرة أعجبني المقابلة بين رخاء بطلة الحكاية وهي تصفف شعرها عند المصففة وحال المرأة المسكينة الهوة الشاسعة في الصورة المتضادة كانت أبلغ من الكلمات

غلاف رائع جدا كعادتك يحكي الحكاية قبل الكلمات :amwa7:

كل عام وانتِ بخير حبيبتي وتنعاد عليكِ بالخير والصحة

في أمان الله


فاطمة كرم 18-08-12 09:30 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حنان..s (المشاركة 7302809)
مساء الافراح .. ايامكم سعيدة حبايب ^ــ^
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 4 والزوار 0) ‏حنان..s, ‏* فاطمة كرم *+, ‏كاردينيا73+, ‏mis moon

مساكي ورد وياسمين يا عثولتي المقطقطة وعيد مبارك عليكم جميعاً :amwa7:

maroska 18-08-12 09:35 PM


وهو كذلك اضعف الايمان

بالنسبة لي هذه القصة حقيقية فمن منا لم يرى هذا المشهد المؤلم؟؟ كلنا
واضعف الايمان يبقى ان نساعدهم ولو بالقليل .. مع ان الحل الحقيقي وهو ان نقتلع المشكلة من جذورها فبضع اوراق مالية ستنتهي ولن تحل المشكلة.

كاري القصة في منتهى الروعة والانسانية والاكثر انك انزلتها في وقت مهم جدا في شهر الرحمة والمغفرة شهر الكرم والخير وفرحة العيد قد تنسينا احيانا باننا شبعى وغيرنا يباتون جوعا لا يذوقون فرحة العيد كما نذوقوها نحن.

شكرا كاري على القصة المعبرة والهادفة .. دوما افكارك لا تخلو من الرقي والعبر القيمة .. ربي يجعلها في ميزان حسناتك.

كاردينيا الغوازي 19-08-12 09:50 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة laraaa (المشاركة 7302741)
رررررررررررررائعه كالعااده كااااري .... دااائما متألقه بطرح للافكااار والحيااه والامور التي تصاادفنا في المستقبل .. فعلا هناااك اشخاااص يعشووون بمأساه وفقر قااهر لا نقدر ان نساعدهم االا بمسااعده بسيطه ..... هؤلاء الاشخااص موجوودين لكن لايوجد احد ان يسأل بهم عسى الله يسااعدهم

شكرا لك حبيبتي ...
هؤلاء الناس مسحوقين تماما ... بعضهم سحقت حتى كرامته والبعض الاخر ما زال يبكي اذلاله وعجزه ...


الساعة الآن 11:26 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.