آخر 10 مشاركات
نوفيــ صغار أسياد الغرام ـلا -قلوب زائرة- للكاتبة الآخاذة: عبير محمد قائد *كاملة* (الكاتـب : Just Faith - )           »          18 - بين السكون والعاصفة - كاى ثورب - ع.ق ( نسخة اصلية ) (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          1027 - القدر المشؤوم - سالي وينتوورث - د.ن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          مـــا أصعب الإبتعاد عنها *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : عيون الرشا - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          همس المشاعر بين ضفاف صورة .. وحروف ماثورة... (الكاتـب : المســــافررر - )           »          القرار الصعب (ريما وعبد المحسن) / للكاتبة روح الشمالي ، مكتملة (الكاتـب : أمانى* - )           »          سَكَن رُوحِي * مكتملة **مميزة** (الكاتـب : سعاد (أمواج أرجوانية) - )           »          لهيب عاشق-قلوب أحلام زائرة- للكاتبة الرائعة::هبة خاطر *كاملة+روابط* (الكاتـب : noor1984 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة

Like Tree2Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-12-16, 05:30 PM   #81

بنت الهواشم

? العضوٌ??? » 388963
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 1
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » بنت الهواشم is on a distinguished road
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك max
¬» اشجع hilal
افتراضي


الروية مرره تجنن مادخلت المنتدى الا لاجل اكملها اتمن تكملينها لاني انتضر التكمله بشووووووووووووووووق

بنت الهواشم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-08-17, 01:11 PM   #82

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
عدنا والعود أحمد




#

بعد مرور ثلاثة أسابيع :-


مضت ثلاث أسابيع وهي تنعم بحنان أبوها ودلال أخوانها ومحبة زوجة أبوها .. ثلاثة أسابيع كانت كفيلة بإنها تنسيها كل سنين البعد والغربة ، طلبت تبرير لغيابه عنها كل هالسنين لكن ما لقت الجواب الشافي .. تعذر لها بعمل طارئ اضطره يطلع بهدوء من بلده من دونها ! ، ترجاها تنسى كل شي وتبدأ من جديد ، وعدها مايبعد عنها ويبقى سندها .. اطمأنت لوعوده وتناست ألمها ،
من أسبوعين سافرت برحلة استجمامية وعائلية لتنعم بقرب العائلة أخيرًا ..
كانت جالسة بكوفي صغير قريب من فندقهم بصحبة أخوها نواف ، أخوها اللي عوضها عن كل اللي فاتها .. ضحكت بنشاط وهي تضرب كفه : بس يكفي ، يعني ماتستحي وأنت تحكي لي عن مغامراتك العاطفية ! هذا وأنت لسى صغير !
باعتراض وهو يرتشف قهوته الباردة : أنا صغير ؟ تراني بعمرك على فكرة !
بإصرار : ايه صغير نواف ، الشاب يبقى صغير لين يتخرج من الجامعة ، وقتها ممكن يعقل
باستسلام : اوكي أوافقك الرأي بهالنقطة .
رفعت راسها للي دخل الكوفي وواضح إنه مو منتبه لهم ، تقدم يبي يجلس لكن فجأة طاحت عينه عليهم .. هي توترت وابتسمت بهدوء ، لاحظها نواف ولف وراه ، شاف أخوه التوأم رواف وهو يناظرهم بتعقيدة حواجب ، ابتسم وهو يأشر بيده : صباح الخير .. تعال رواف اشرب قهوتك معنا .
رواف بضيق تقدم وجلس بوسطهم مجبر بدون ما ينطق بكلمة .
نواف وهو يشوف الجو متوتر بين أخوانه ، طلب لأخوه قهوته المرة المفضلة : اطلب اللي تبي رواف ، اليوم معزومين على حساب شوق .
رواف بصوته المنخفض : تسلم
شوق وهي تحاول تكسر الحاجز اللي بينها وبين اخوها : الله يسلمك ، تعبان رواف ؟
رواف من دون ما يناظرها : لا بس شوي راسي يعورني
مضى الوقت بطيء وهو يشرب قهوته مجاملة ومجرد ما انتهى من كوبه طلع .
نواف لاحظ الضيق بوجه شوق : هو كذا .. هذا طبعه لا تشيلين بخاطرك
شوق بضيق : ما أعرف ليش يعاملني كذا ، ما أحس إنه أخوي مثلك .. أنت من أول ليلة قضيتها ببيتكم وحسيت إني أعرفك من زمان !
نواف : رواف هذا طبعه مع الكل ما يتأقلم بسرعة .. أصحابه بإيطاليا معدودين وشبه معدومين ، تقدرين تقولين ما يعرف غيري !
شوق بتقطيبة حواجب : سبحان اللي خلقكم توأم
مجرد ما انهت كلمتها وصلها صوت رسالة نصية ، فتحتها وتوردت خدودها بربكة
نواف بضحكة : الخطيب الحبيب ؟
ابتسمت وهي تقفل الجوال : ايه
بحسرة نواف : عاد خسارة والله تتزوجين بهالسرعة واحنا مابعد شبعنا منك ، مو معقول الأسبوع الجاي زواجك
ابتسمت : ما ببعد عنكم ، بس بنتقل لبيت ثاني .. بندر متوعدني لو فكرت أأجل الزواج .
زفر بصوت عالي : لنا الله !





*






بالرياض :-


دخل بيت جده بعد دوام متعب ، توجه للمجلس الخارجي اللي مجتمعين فيه عيال عمه
عمه يوسف : أشوف حيلك مهدود بدر !
بدر وهو يفصخ شماغه ويفتح أزارير ثوبه : الله وكيلك فوق المهدود .. - وبتهديد رفع أصبعه - بس من الحين أقولكم إجازتي تبدأ بعد يومين ! زواجي الأسبوع الجاي ومازلت أكرف ياظلمة !
رائد بابتسامة : تطمن ، احنا ما صدقنا يتحدد هالزواج اللي بلشتنا فيه من صغرك !
ابتسم ابتسامة واسعة وهو ينقل بصره لأخوه بندر اللي تكلم بضيق : بعد أسبوع زواجي والعروس للحين ما شرفت ! كأن أبوها ماخذ راحته شوي !
ضحك لبندر : استهدي بالله مارح يخطفها
تركي : صحيح شلونها مع أهلها ؟ كلمتها قريب ؟
بندر ومازال الضيق بوجهه : أمس مكلمها وواضح إنها موب يمي أبد ، مرة مستانسة مع أهلها .. بس زين رحلتهم للرياض بعد بكرة

أحمد بابتسامة : الحمدلله هذا المهم ، مانبي غير راحتها والله .. -التفت لبدر وباستفسار - شلونها دانة مع الجلسات ؟
مجرد ما نطق باسمها نقل نظره لعمه تركي اللي تكهرب من الطاري بدون أي تعليق : الحمدلله أمورها تمام وتجاوبها سريع بشكل ما توقعته ، رجعة معارفها ردت لها الروح وبدت تسترجع كثير أشياء .
رائد : يا صغر الدنيا بس ، أجل خوينا وليد تطلع دانة خالته من الرضاعة !
بندر : سبحان الله أحيانًا الرضاعة اللي دايمًا أوقف ضدها يطلع منها خير ، المسكينة كان مالها أهل لو ما تمت هالرضاعة .
تركي أخيرًا تكلم وهو يوقف : الحمدلله رجعوا لها أهلها وحلينا العقد اللي بيننا ، ماعاد يحتاج تزيدون بطاريها ترى يجيب لي الضيقة
أحمد بتفهم : الحمدلله ، وقفتك مع البنت بأزمتها ما ينكرها أحد ومأجور عليها إن شاء الله
رائد وقف يلحق تركي : أنا رايح لأمي أشوف ميرا ، تخاويني ؟
تركي هز راسه ولحقه .



-



بمكتب المسؤول ، انتهى اجتماعهم وطلع بضيق شديد .. توجه لبراد المويا القريب وأروى جفافه ، التفت للي وقف وراه ويقوله : راكان ، استغفر ربك .. ترى الضيقة واضحة عليك ، حاول تضبط نفسك !
راكان بثقل كبير : يا خوي شلون تبيني أهدأ ؟
صديقه عبدالرحمن جره لداخل مكتبه وهو يتلفت : قصر صوتك ، مو زين يلاحظون إنك متضايق من الموضوع !
راكان جلس على الكرسي بهم : ولده زواجه بعد كم يوم ، وتعرف .. العروس أختي ، مابي يصير شي وتنهدم فرحتهم ، أقلها يعدي الزواج على خير وبعدها نشوف للموضوع
عبدالرحمن بحزم : راكان .. تعرف هالمواضيع مافيها عواطف ، هذا وطن ومسؤولية .. لو كان المطلوب أخوك من لحمك ودمك تجيبه وأنت مغمض عيونك ! ، وتعرف الحجز في مصلحة المخطئ ومصلحة كل نفس في هذي الأرض
راكان تنهد يزيح الهم : طبعًا ، ما ينكر هالشي أحد .. وأعرف إذا تأخرنا يوم فاحنا نهدم اللي نبنيه من زمان .
اندق الباب ، عبدالرحمن : بعدين نكمل موضوعنا .. لا تشيل هم ممكن ما يصير شي إلا عقب شهر -وبصوت عالي - تفضل
خرج راكان بعد ما دخل أحد النقباء على صديقه ، طلع من الدائرة وتوجه لسيارته .. حركها متوجه للبيت ، لكن اتصال وصله من رائد غير وجهته لبيت أم رائد ، عند الحبيبة الغائبة اللي اشتاقها كثير وسهى عنها الفترة الماضية بسبب انشغاله .
20 دقيقة وكان متواجد ببيت عمته ،
تركي بعتاب : وينك ما تنشاف ، أنت شايف كيف أوضاعنا صعبة و بكل برود تبعد ؟!
راكان بضيق : آسف وحقكم علي والله
رائد بتفحص لوجه ولد عمته واللي بحسبة أخوه الصغير : أنت هالفترة مو طبيعي ، فيك شي ؟ فيه مشاكل صايرة فوق اللي عندنا ولا ندري عنها ؟
راكان هز راسه يبعد الشكوك : ولا شي ، بس خويي اللي حكيت لك عنه لسى ما قضت مشكلته.
رائد بتشكيك : بس ؟
راكان بتأكيد : ايه تطمن ... - بعد صمت قصير - بدخل أسلم على ميار ، فيه أحد ؟
تركي وقف : ايه البنات عندها ، الحين بناخذهم وخذ راحتك .

-

بالداخل ، كانوا حولها مجتمعين في محاولة لإخراجها من جو الكآبة المحيط بها ..
تالا اللي كانت جالسة جنبها على السرير : زواجنا الأسبوع الجاي .. أبيك مبتسمة وتضحكين .
ابتسمت ميرا بهدوء تطمنها ..
ريان وقفت وقبلت خدها : يللا نشوفك على خير .. بطلع الحين وبكرة بجيك
هزت راسها إيجاب بإبتسامة ، منى لحقت ريان ..
خلال عشر دقايق فضى المكان من البنات ، تمددت ميرا بتعب وهي تذكر زواج شوق وملاذ وتالا ..نفسيًا غير مستعدة أبدًا ، مافي شي يحمسها غير إنهم خواتها اللي ماجابتهم أمها ، إذا ماشافت يوم فرحهم مين يستاهل تشوفه ؟
انفتح الباب ودخلت أمها : حبيبتي ميرا محتاجة شي ؟ تبيني أساعدك للحمام ؟
ميرا هزت راسها نفي وهي تشكر أمها بداخلها .
ابتسمت أمها بحنان : أجل هذا راكان ولد عمتك جاي يبي يسلم عليك
تغيرت ملامح وجهها بضيق وبسرعة حركت راسها رفض .. أمها بضيق : يمه هو جاي خصيص عشانك ، يبي يشوفك .. بس يسلم عليك ويطلع !
ميرا بإنهاء للنقاش تدثرت بلحافها معلنة رفضها التام .. أم رائد تنهدت بهم : براحتك ، بس هذا راكان .. أخوك .. اللي من ولدتك وأنا مطمنة إنه حولك وبيبقى دايم معك ، بس ما أضغط عليك
طلعت أمها بينما هي تركت العنان لدموعها ، من يوم صارحها بإنه هو مشاري وهي كارهة وجوده .. ماتبي تسمع اسمه ، على مدى سنين تكتشف إنها مستغفلة من أقرب الناس لها ، خسارتها ما كانت خسارة وحدة .. خسرت راكان ومشاري ، الأخ والحبيب !
وصلها صوت هادي ومنخفض : زعلانة ؟
ارتجفت من صوته ، ماتوقعت وجوده .. شالت اللحاف عن وجهها بصدمة وهي تناظره .. هالها منظره ! ما كان راكان المليء بالحياة ، كان شبح بكل بساطة .. ثلاث أسابيع بعد عنها وكأنها 10 سنين .. كبر وكبر جدًا ، الهم والضيقة ماكلته أكل .
جلس على كرسي المكتب وبإبتسامة حنونة : والله لك فقدة ، طمنيني عنك
هي صدت وجهها عنه وهي تكتم عبراتها .. حاول يتناسى كل شي يشغل باله وسلط اهتمامه عليها وكأنها ميرا اللي يعرفها من زمان : أبشرك ، لقيت علاج بألمانيا مضمون .. وأنتِ حالتك على فكرة مو صعبة ، بكل مستشفى فيه علاج لكن المستشفى اللي بألمانيا أضمن ونتيجته أسرع ... بس ينتهي زواج ملاذ والباقيين ونطلع الأوراق وعلى طول نسافر هناك .. شرايك ؟
ميرا الموضوع شدها لكن حاولت ما تبين ..
راكان بتغيير للموضوع وقف ، وأخذ الكيس اللي بجنبه : شوفي وش جبت
رفعت عينها للكيس بتعقيدة حواجب ، تابع : فستانك اللي فصلتيه للزواج - تقدم لها وحطه بجنبها - الحين أبي منك تجهزين وتلبسين عبايتك ، بنروح للسوق مع أمك نخلص اللي ناقصك وناقصها للزواج
كانت بتعترض ، لكنه ما ترك لها المجال وهو يطلع من غرفتها ويقول : من دون رفض .. بسرعة أنتظرك.



-





بأحد الكافيهات ،
جالس ومنشغل بجواله ، تلقائيًا أصبعه تروح لاسمها ( مشاعل ) كانت ( متصل الآن ) ، بخاطره لو يرسل لها كلمة وحدة بس .. يسمع صوتها بتسجيل صوتي ، اشتاق لها كثير ..
انتبه للعيون المحدقة فيه بأسى ، رفع راسه لصديقه " وليد " : شفيك ؟
وليد زفر وهو يتراجع على الكرسي : ولا شي !
يعرف إنه يكذب ، وخوفه الشديد يفضحه .. يخاف يفقد فهد بأي لحظة بعد ما طلعت نتايج التحاليل والمختبرات ..
فهد ابتسم : زين أجل لا تطالع فيني كذا
وليد والهم ياكله على رفيق عمره ، رفيقه اللي ما بقى لهم إلا هم ! ، كل شي حولهم راح ولا يملكون إلا مواساة بعض : فهد .. ماودك تسمع كلامي وتسوي العملية ؟ التأخير مو بصالحنا
فهد عقد حواجبه بضيق : لا وليد ، أنا قايل لك قبل زواج أخوي ماني مسوي شي .. بعدين الحمدلله كنت أتوقع الأسوأ !
وليد بعصبية خفيفة من بروده : توقعت الأسوأ ؟؟ فهد أنت تعرف شنو يعني ورم بالرئة ؟ .. - زفر بعد ما هدأ شوي - وضعك الحين مستقر ، استئصال ينهي الموضوع كله قبل لا ينتشر أكثر !
فهد على هدوئه : تطمن وليد ، بسويها إن شاء الله قريب .. مابقى غير أسبوع على الزواج
وقف وليد : زين خلينا نطلع ، ضقت هنا والله
طلعوا وتوجهوا لسيارة وليد ، تحركوا متجهين للشقة اللي استأجروها ..
وليد بعدما قاطع صمتهم : فهد ... إذا سويت العملية وانتهى الموضوع ماودك ترجع مشاعل لذمتك ؟
فهد والطاري ينكده ويضيق عليه بخفوت نطق : هي صغيرة نصيبها بيجيها مع شخص أفضل ، ماودي أعلقها فيني وأنا عاجز أجيب لها طفل !
وليد : عندكم هديل ، ربوها .. ولا عاجبك الوضع وهي بالمركز وما تشوفها إلا كم ساعة بس بعد ما أخذوها !
ابتسم فهد وهو يطالع لوليد بنظرة : أنت تزوج ونقدر نجيبها باسمك ، وتطمن أنا بتكفل بتربيتها
وليد ببرود رمى عليه نظرة : لا أنا عايف الزواج
فهد بجدية : وليد عمرك تجاوز الثلاثين ، لا تضيع عمرك كذا ! .. صدقني حياتك بتتغير لو تزوجت
وليد : أنا إذا أبي أتزوج بتزوج وحدة أبيها فعلًا - ابتسم بضحكة على حاله - بس اللي أبيها خلاص ماعاد يجوز أفكر فيها !
سكت فهد ولا علق ، هو يدري إن أخته سحر هو اللي يقصدها .. لكن ما بيده يسوي شي !
وصلوا للشقة الكبيرة والهدوء مسيطر عليها ، توجه فهد لغرفته يشرب دواه وياخذ دوش ، بينما وليد راح لغرفته المشتركة مع أبوه .. فتحها وبإبتسامة صغيرة للممرض : السلام عليكم
الممرض اللي كان جالس على اللاب توب : أهلًا وعليكم السلام
أخذ منه أخبار أبوه ووضعه بعدها طلع مستأذن ، جلس وليد على الكرسي بجنب سرير أبوه ، راح يتأمله بحنين وهو يمسح على شعره .. أبوه اللي ماكان بحسبة أبوه زمان ، الحين يحس إنه مالك الدنيا ومافيها وهو يشوفه يتنفس حوله .. زم على شفاته بحزن يمنع العبرة اللي تحشرجت وهو يذكر كيف كانت حالته سيئة يوم راودته الشكوك حول أبّوة أبوه ، في قعر حزنه وبكاءه وخذلان الدنيا له طلع له طلال يثبت له إن أبوه وأمه أشرف وأنقى من البياض ، يبكي على حاله اللي ما سرته يوم ! ، ومايعرف وش اللي بيجيبه له القدر بكرة ،
مسح جبين أبوه ، قبّله ودثّره باللحاف .. وبهدوء فتح المكتب الصغير اللي بالغرفة ، طلّع كرتون ورقي منه .. فتحه وهو يعبث بالأوراق اللي داخله ، سحب ورقة ملاحظات متوسطة وقديمة .. فتحها وابتسامة تشق طريقه ، خطها ( السيء ) بنظره كان جميل بهذي اللحظة ( ملعقة عسل ، ملعقة زيت زيتون ، شوي زنجبيل ، وليمونة معصورة .. كل ساعتين عطيها لشهد وبتتحسن إن شاء الله .. لا تنسى ، سحر ) تنهد وهو يذكر اليوم اللي مرضت فيه أخته شهد بداية معرفته بعايلة أبو عمر وجيرانهم أبو فهد ، قابل سحر ذاك اليوم في المستشفى وبضيق تذمر لها عن حاله وحال أخته وإنه عاجز يسوي لها شي والتعب مو تاركها .. طلعت الورقة من شنطتها وكتبت له بسرعة ، وهو يناظرها باستغراب .. عطته الورقة وهي تقول بصوت متعاطف : سوي لها اللي كتبته بالورقة وصدقني بتتحسن ، وإذا بعدها مريضة عادي جيبها عندنا !
تفاجأ منها ذاك اليوم لكن سرعان ماسرت بقلبه قشعريرة وهو يتحسس الاهتمام والحنان أخيرًا لأول مرة من بعد وفاة أمه ..
تحسس الورقة بأصابعه وهو يمررها على خطها ، يا سرعة الأيام ويا بُعدك ! ، اكتشف أن الفترة اللي سافر فيها لإيطاليا كانت مجرد وهم .. ظن إنه نساها لكن هيهات ! ، رجع الورقة بملف أنيق مو قادر يرميها ، طلّع ظرف بني واستخرج الورقة اللي فيه ، كان خط أمه الأنيق يزينها .. كتبتها له وحده لأنها تعرف بيجي يوم وبيكون محتاجها ، ورقة إثبات طهارتها وطهارته .. سلّمها له طلال بعد ما ضاقت فيه السبل .
غلبه النوم وسط كومة أوراقه ، ونام متمدد على الأرض بدون إحساس ..



*



رنة العود الشجية كانت تطرب جلستهم ، محتضن العود ويدقه بكل احترافية واندماج .. بينما هي جالسة ملاصقة له وراسها مرتخي على كتفه باطمئنان .. النسيم العليل يملى روحهم ، سرت رعشة خفيفة بجسمها غمرتها أكثر بكتفه .. وقف دق العود ولف عليها بإبتسامة دافية : بردتِ ؟ باقي عالشتاء بدري !
لمت نفسها أكثر : ليش وقفت ؟ كمّل
بدر وهو يترك العود بجنبه بينما هي استعدلت بجلستها : خلاص قضينا ، ودك ندخل داخل ؟
بإصرار هزت راسها نفي : إذا أنت بردان ادخل ، أنا بجلس هنا
ابتسم على نبرتها اللامبالية : أنا خايف عليك تمرضين قبل زواجنا ، مافيني أقضي شهر العسل أطبب .
ماردت عليه ، اكتفت بإنها تنسدح على البساط اللي مادينه بحديقة بيتهم : شوف النجوم ، شوفتها تشرح الصدر .
انسدح بجنبها بصمت يراقب النجوم " الخفيفة " ، تكلمت بعد صمت : ميرا ... بتتكلم من جديد ؟
التفت عليها متفاجئ من سؤالها ، لكن سرعان ما تنهد وهو يلتفت بكامل جسده عليها .. رفع كفه واستقرت بهدوء على خدها ، مسح عليه بخفيف وبهمس : تطمني ، لا تشغلين بالك .. حالتها مو سيئة .
ابتسمت بربكة من قربه الشديد ، بادلها الابتسامة وهو يحس بتوترها لقربه .. زاد بقربه وأخيرًا لامست شفاته أنفها ، قبّله بخفّة وأبعد وجهه عنها بينما كفه مازالت على خدها ..
فزّت على صوت السيارة من خلف الباب ، وجلست مستعدلة بسرعة فائقة .. انفتح باب الكراج ودخلت سيارة أبوها ( أحمد ) ، ببطئ استعدل بدر بجلسته وبابتسامة لعمه : مساء الخير
أحمد بغضب مازح وهو يخرج من سيارته : وانت وش تسوي عندنا ؟
بدر بضحكة يناظر تالا : جاي أتقهوى مع زوجتي ولا ممنوع !
أحمد تقدم لهم : زوجتك بعد أسبوع ، الحين هي بنتي ولا يا تالا ؟
ابتسمت تالا لأبوها بحب : دايمًا بنتك والله



-



بالسيارة ، مستندة على الشباك تراقب بداية طلوع الشمس ، عدلت جلستها مجرد ما دخلت الحي اللي يسكنون فيه أهلها .. فيلا جدها الكبيرة جدًا ، مقابلها فيلا بنفس الحجم لجارهم أبو فهد ، على يمين بيت جدها تطل فيلا عمامها الواحد بعد الثاني ..
قاطع تأملها صوته المنخفض وهو يوقف السيارة ويطلع من محفظته بطاقة الصراف : خليها عندك .
شادن عقدت حواجبها بضيق : معي اللي يكفيني هالمدة .
عبدالعزيز ومازالت البطاقة بيده : خليها معك احتياط ..
زمت شفايفها بضيق وبهمس : بتطول ؟
ابتسم ابتسامة صغيرة حنونة : ما أعرف شادن ، أفضل لي ولك نبعد عن بعض لين أتحسن وأرجع لك .. تطمني
زفرت بضيق تحبس دمعتها ، ما صدقت يرجع لها عشان يبعد عنها .. مسك كفها وراح يمسح عليه بطمأنينة : ادعي لي شادن ، ادعي لي وادعي على اللي مسبب لنا أزمتنا
مسحت وجهها بظاهر كفها : الله يتولانا عزيز ، الله يتولانا ..
عبدالعزيز قبّل كفها بأسى لحاله وحالتها : أستودعتك الله ، الله يحفظك ..
نزلت أخيرًا من السيارة ووقفت قدام بيت جدها ، راقبته لين اختفى عن عيونها ، همست بغصة : الله يسخرك لي ويسخرني لك يا حبيبي .



-



هبطت طائرتهم لأرض الوطن أخيرًا مع بزوغ شمس يوم جديد ، بمجرد خروجها من البوابة برفقة أهلها شافت بندر برفقة تالا وتركي في استقبالهم ..
ابتسمت بشوق جارف وهي تلمحهم ، تقدمت تاركة أهلها وراها ..
أخذتها تالا بالأحضان وبشوق كبير ، بادلتها الاحتضان بضحكة حب خفيفة ، ابتعدت بعد جرعة تخفيف الشوق وهي تتبادل الكلام معها ..
انتقلت عيونها لحبيبها البعيد وهو يقبل راس أبوها ، ويسلم على أخوانها يلحقه عمها تركي ..
تالا وأخيرًا حست بالفرحة الحقيقة من مدة : اشتقت والله !
ضحكت شوق وبصراحة مغيضة : أنا ما حسيت بشي ! أصلًا ماحسيت بالأيام وهي تمشي كأني لسى شايفتك أمس !
ضربتها بخفة وقهر : حيوانــة ، أجل اشتقتِ للحبيب بس ..
بعثرت نظراتها بخجل وابتسامة خجولة ، لكن سرعان ما صرفتها لزوجة أبوها المبتسمة وجاية لهم بعد ما كانت تسلم على بندر وتركي اللي ما زالوا بتبادلون الكلام مع أبو شوق .. سلمت عليها تالا ، كانت تنتظر شوق سلام ولو عابر من اللي بيكون زوجها بعد أسبوع .. لكن خابت آمالها وهو يتجاهلها طالع لمواقف السيارات وهو يقول موجه كلامه لأبوها : أنا باخذ الشناط لسيارتي ..
لكن سرعان ما نطق أبوها : لا الله يعافيك بندر - رفع جواله - هذا هو وليد يتصل ، جاي ياخذ عيالي
بندر باستنكار : وين ؟ لا عمي الله يعافيك .. احنا ليش جايين ؟ تعالوا معنا
أبو شوق باستعجال : لا أنا معي شغل ضروري الحين بيمرني رجال وعيالي خلهم يرتاحون مع خوالهم ونجيكم الليل ..
تفهم تركي الموقف خصوصًا إن زوجة ولد عمه مابينهم صلة وأهلها موجودين بالرياض ..
نطقت شوق أخيرًا بهمس راجي لأبوها : بروح معهم الله يخليك ، اشتقت لجدتي وأهلي
ابتسم بحنان : ايه أكيد ، كنت بقولك روحي معهم سلمي على عمامك وارتاحي وبنجيك الليل
تقدم نواف بضيق : والله بتملين منهم وأنتِ بتتزوجين قريب ، تعالي معنا نشبع منك
ابتسمت شوق وحضنته بخفة : والله محد يمللني من جلسة جدتي وجدي
سلمت على أبوها وراحت معهم ، طول الطريق كانت سوالفها مع تالا ما وقفت مع بعض التعليقات من تركي .. بينما بندر ملتزم الصمت
أخيرًا وصلت للبيت اللي تربت وعاشت فيه عمرها كله ، الحنين والشوق الكبير لجدتها كان أكبر من كل شي .. ما حست بنفسها إلا وهي طايرة لجناحها ..
فتحت الغرفة وهي متأكدة إن جدتها بهذا الوقت تكون صاحية وتقرأ على سجادتها ، ابتسمت بحنو كبير وهي تشوفها بمكانها المعتاد ولا يظهر إلا جلالها ..
تقدمت وقبلت راسها وبمجرد ما حست فيها جدتها فزّت : يمه شوق !
شوق غلبتها دمعة وارتمت بحضنها تتنفس ريحة البخور والحنا في مصلاها ما شاء لها الوقت
بهذي اللحظة انفتح الباب ، وطلّ منه بندر .. كان متأكد إنه بيلقاها بهالصورة مع جدته ، حست فيه أخيرًا واستعدلت بجلستها وهي مازالت بحضن الجدة ، رفعت عينها له ولمحت طرف ابتسامة على شفاته وهو متسند على طرف الباب يتأملهم ..
سرت رعشة حياء على جسدها وهي تحاول تشتت انتباهها بجدتها اللي تسألها عن أخبارها وتفاصيل سفرها حتى اختفى أخيرًا
هبت شوق واقفة بعد ما قالت لها جدتها تروح تسلم على جدها وتناديه يجلس معهم ، اصطدمت عيونها ببندر جالس بالصالة الصغيرة التابعة للجناح ، هو مجرد ما حس بخروجها ترك جواله ووقف ، نزلت عيونها بخجل بينما هو يتقدم لها .. أخيرًا اقترب جدًا منها حتى لامستها أطراف أصابع قدمه ، تفجرت الدماء من جبينها بسبب حرارة قبلته اللي انطبعت عليه .. نطق بصوت منخفض ولا زال بقربه ويده خلف راسها : الحمدلله على سلامتك .
نزلت راسها وشعور جميل يخالجها وهي اللي ظنته متجاهلها ، وبصوت بالكاد ينسمع : الله يسلمك ..
ابتعد قدر خطوة للخلف ويده تعبث بمسبحته ، الصمت حل عليهم لثواني وهو يتأملها ، نطقت أخيرًا تحاول تهرب من نظراته الفاتنة : بنادي جدي ...
أبعد جسمه عن طريقها : خذي راحتك ، محد موجود ..
وبسرعة الريح طارت خارج الجناح بعد ما بعثرها قربه ..


-


بالمستشفى ..
انتهت جلسته معها ، الجلسة الأخيرة لهم قبل إجازة زواجه .. بابتسامته المميزة : دانة ، أنا سعيد إنك تتقدمين كل مرة أكثر ، أثبتِ لي إنك قوية والله !
بادلته الإبتسامة : شكرًا دكتور بدر ، والله ما أعرف كيف أشكرك
بدر : واجبي دانة ، أنتِ عزيزة والله ! - فتح الدرج مكتبه - بس قبل لا تروحين بعطيك شي
عقدت حواجبها باهتمام تراقبه ، طّلع ظرف أنيق ومده لها : دعوة زواجي بعد كم يوم ، لازم تحضرين
اتسعت ابتسامتها وهي تاخذه : واو ، مبروك .. - فتحته وقرأت الأسماء المسجلة عليها ، حاولت تذكر أي اسم لكن خانتها ذاكرتها .. نسيانها لكل الفترة الماضية كان ضريبة استرجاعها لذاكرتها -
بدر وهو يلاحظ عقدتها : لا توجعين راسك ، مابتذكرين شي .. كل اللي صار لك بعد الحادث صعب تسترجعينه ، المهم هو إنك ترجعين لنفسك الحقيقية وبس .
دخلت الظرف بحقيبتها : صحيح ، لكن اللي متأكدة منه إني ما بنسى فضلكم علي حتى لو كنت ما أذكره !
ودعته وطلعت بعد ما وصاها كثير بنفسها خلال فترة إجازته ..

بنفس المكان لكن بالدور الثاني
وقف قدام المصعد ينتظر انفتاحه ، فرك عيونه بنعاس يبعد النوم .. أخيرًا انفتح ، من دون ما يركز على البنت اللي داخل دخل وقفل الباب .. وبهمس وهو يطلع جواله ألقى السلام ..
بالمقابل هي عقدت حواجبها بألم وتركيز على وجهه ، متأكدة إن هالوجه مألوف .. وجدًا ، لكن للأسف ما عرفته ، نطقت بعدم تفكير : أنت .
رفع راسه مباشرة على صوتها اللي انحفظ بذاكرته ، حس وكأن أحد يضربه على راسه بقوة وهو يشوفها لأول مرة من بعد ما راحت .. : دانة ؟؟؟
مجرد ما نطق اسمها تأكدت إنها تعرفه فعلًا لكن ذاكرتها المريضة ما تسعفها لتعرفه .. : تعرفني صح ؟
زم شفاته وأبعد عيونه عنها بسرعة ، لعن نفسه لأنه فكر يطلع المصعد : لا
دانة بضيق أكبر : أنا متأكدة إني أعرفك ، لكن مين أنت ذكرني !
زفر بضيق على انفتاح الباب : قلت لك يا بنت الحلال لا !
لحقته بسرعة وهي تشوفه يطلع معطيها ظهره : تركي !!
وقفت بصدمة وهي تستوعب إنها عرفت اسمه ، وهو بالمقابل لف مصدوم .. ابتسمت بنشوة الانتصار على ذاكرتها : زين يعني حتى اسمك ذكرته ! - تابعت بعد صمت خفيف - أنا ما أعرف مين تكون بالضبط ، لكن متأكدة إنك قدمت لي الكثير .. شكرًا
راحت من قدامه وإبتسامة الانتصار لا زالت على شفاتها ، علقت عيونه عليها وهي رايحة .. تنهد بضيق شديد وهو يستغفر ربه .. تذكر أخيرًا إنه كان نازل لأحمد يفطر معه ..

بالكافتيريا كان جالس مقابل وليد
أحمد وهو يرتشف قهوته : ما تفكر ترجع تشتغل هنا ؟
وليد بعد ما وازن السكر في القهوة : والله مالي خاطر أسوي أي شي ، مالي نفس حتى بالحياة !
ضحك أحمد من سوداويته : يا ساتر ! .. ارجع معنا وصدقني بتمشي لك وقت ، ولا سافر لك وخذ لك درجة علمية تفيدك .. أو تزوج ! صدقني الحياة ما توقف كذا .. بتقتل نفسك بالفراغ
ابتسم بسخرية : لا خلني كذا مرتاح
دخل تركي اللي ابتسم مجاملة لوليد ، تقدم وسلم عليه : وش جابك هنا ؟ ولا اشتقت للأيام الخوالي
وليد بإبتسامة : لا والله باقي ما اشتقت للكرف ، بس جيت آخذ خالتي - وبضحكة على الوضع الغريب - خالتي الصغيرة دانة
جلس تركي بملامح جامدة : أظنها خلصت وتدور لك .. لمحتها جالسة برى
وقف وليد بسرعة : زين ما بتأخر عليها - لف رايح لكن سرعان ما استدرك وهو يلمح ضيق تركي ، حط يده على كتفه بامتنان - لا تضايق نفسك ، وقفتك هذي ما ننساها لك لا تظنها كانت غلطة .
ابتسم تركي بخفوت : تسلم
ابتعد وليد بينما أحمد ملتزم الصمت يراقب الوضع ..



-


وصل لمقر عمله ، دخله بهيبته العظيمة .. يرد التحية العسكرية لكل من يؤديها له ، أخيرًا توجه لغرفة العمليات .. اجتماع عاجل يرأسه هو ، نقاشات حادة تبادل آراء ، وأخيرًا قرارات حاسمة تنهي الاجتماع ..
وقفوا طالعين من عنده ، أمرهم ينادون على راكان .. دقيقة حتى كان راكان قدامه ،
راكان بعد ما قفل الباب تقدم : الحمدلله على سلامتك طال عمرك ..
محمد أمره يجلس وبجدية كبيرة : راكان ، أنا ما رجعت هنا إلا بعد تعب وخسارات كثيرة .. وأنت تعرف إني أتابعك من دخلت معنا قبل سنتين وأثبت نفسك بنجاحاتك .. احنا ما اخترناك لهالمهمة إلا لثقتنا فيك ...لكن - وبتحذير شديد - عواطفك وقربك للمطلوب لا تسمح لها تزعزع أي شي ، لا تهدم اللي بنيناه من فترة !
زم شفاته راكان : ما يحتاج تعيدون علي هالكلام ، أنا مستعد لأي شي .. بس ...
محمد بنفس جديته : بس لا تخاف ، محد بيعرفك من أهلك أو معارفك .. وقت العملية مابتكون متواجد قطعًا ، احنا مو أغبياء نفرط فيك ونخليك تنكشف وأنت عضو دائم
هز راسه راكان برضا ، بينما تابع أبو شوق بلهجته القوية : راكان .. أي خطأ يكلفك عمرك ! أي خطأ .. لو كان صغير .. قرابتك فيني ما تفيدك ذاك الوقت
ابتسم بطمأنينة : مو راكان اللي يخيب ظنكم ويخيب أرضه !
لبس نظارته أبو شوق ومسك مجموعة الصور اللي قدامه : تقدر تتفضل الحين


-






لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-08-17, 01:12 PM   #83

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



مرت أيام وها هو اليوم المنتظر أخيرًا .،

صحت من نومها أخيرًا ، حركت رجولها بتعب .. لامست أقدامه المرتخية جنبها ، تحركت ببطء ناوية تقوم عن السرير .. لكن يده منعتها وهو يجذبها أكثر له مانعها تقوم : وين ؟
لفت عليه وبإبتسامة خجولة : خلاص بقوم ، وراي شغل
نطق والنوم يغلبه ولا زال مغمض : شوي بس ..
استرخت بحضنه حتى حست فيه يرجع يستغرق بنومه ، تسللت من بين يدينه بهدوء ومشت بخطوات بطيئة ، قبل أقل من أسبوع شالت الجبس عن رجلها ولا زالت تعرج بشكل خفيف .. دخلت الحمام وجلست تحت المويا ، ابتسمت بحب وخجل وهي تشوف آثاره على جسدها البكر ، الفترة اللي كانت تعبانة فيها أجبرته يداريها أكثر ويقضي أغلب وقته معها يساعدها .. كانت كفيلة بإنها تقربها له وتسمح له أخيرًا بمسح آثار زوجته السابقة ، حتى ليلة البارحة غرق في تفاصيلها أكثر وذابت في حبه ..
طلعت من الحمام ولبست ، وهو لا زال نايم .. توجهت لغرفة فداء الملاصقة لهم ، قبلت خدها وغطتها أكثر ..
قادتها رجولها مثل كل صباح لغرفة المرسم الخاصة فيهم ، مكان إلهامها وعالمهم الخاص .. كانت مليئة باللوحات المبعثرة في كل مكان ، والألوان تلطخ الأرض المفروشة بكيس شفاف .. جلست على الكرسي واللوحة اللي ما بعد انتهى منها موضوعة قدامها ، داهمتها رغبة عنيفة تعبث بها وتضيف عليها بعض اللمسات .. لبت رغبتها وهاهي من ساعة جالسة تحوس فيها .
فتح الباب وتأملها وهي مو حاسة فيه مندمجة مع لوحته ، تقدم بهدوء وجلس خلفها : صباح الخير
فزت على صوته ، التفتت بسرعة واصطدمت به : صباح النور .. متى صحيت ؟
ابتسم وهو يفرك عيونه : قبل شوي - نقل نظره لها وبهمس مبتسم على خجلها - الحين أقدر أقول صباحية مباركة يا عروس ؟
بعثرت نظراتها بربكة ، لكن سرعان ما انفلتت منها ضحكة خجولة .. ضحك لضحكتها : خجلك زايد ..
ما علقت ورجعت تعبث باللوحة من جديد بإبتسامة مشرقة تحت نظراته ، تابع ريشتها بإعجاب شديد .. تكلم بعد مدة قصيرة : ملاك ، أفكر جديًا يكون ركني بالمعرض الجاي مشترك بيننا
التفتت بصدمة : تمزح ! المعرض عالمي .. لا تستهين فيه
صقر : العكس كذا بيجذب أكثر ، لوحات مشتركة لزوجين رسامين .. -ابتسم-فكرة جذابة ، وكذا بتثبتين نفسك أكثر في مجال الرسم
هزت راسها بتفكير : ممكن ! ... - لفت عليه وهي تذكر موضوع شاغلها - لا تنسى اليوم زواج أقاربي
وقف : ذكرني فهد ، لا تنسين أخوه عريس بنت عمك
ساعدها على الوقوف وأسندها عليه ، رغم قدرتها على المشي لكن اعتاد على مساندتها بالفترة الأخيرة .



-




"خلاص لفي شوفي نفسك "
أخيرًا التفتت على المراية وسرعان ما ابتسمت برضا ، وجهت كلامها لريان اللي تقفل أزارير الفستان : حلو ؟
ريان عدلت الفستان وبإبتسامة كبيرة : جمييييييلة والله !
تالا بضيق تتابع وهي تدقق في ملامحها : بس الميكب اب ..
قاطعتها ريان بصرامة : ولا تقولين شي .. أنتِ مو متعودة على المكياج وحاسة نفسك محيوسة ، بس صدقيني مرتب والله
تنهدت بصوت عالي بينما ضحكت ريان : ايه خذي شهيق وزفير تروقين وتهدين أعصابك
زمت شفاتها : مو متوترة ، العكس أحس بسلام على قلبي - بحلطمة وبؤس - بس شايلة هم الزفة !
قبلتها على خدها : لا تشيلين هم شي ، بيمر الوقت بسرعة .. تعالي الحين نشوف البنات
طلعوا من غرغة التبديل الصغيرة اللي تطلعهم مباشرة على غرفة واسعة .. مجرد ما طلعت اتسعت إبتسامة ميرا وشهقت شادن بانبهار : شهالزين تالا ؟ والله ما توقعت تطلعين كذا
ضحكت تالا بخفة : حيوانة ، يعني توقعتيني شينة
اكتفت بضحكة شادن بينما شوق تكلمت بتوتر واضح : يا برودك ، ترى بعد شوي بيجون ، ملاذ بالغرفة مع جواد ..
تقدمت تالا وجلست جنبها وبضحكة خفيفة : ليش هالتوتر شوق ! ، يا ساتر على كثر توتري أمس أحس إني الحين بقمة الروقان !
تنفست بعمق شوق وهي تهز رجولها ، ماردت لأن عقلها ببساطة ماكان يم تالا ..


-


قبل بوقت قصير ..
كان جالس جنب أبوه والفرحة مو سايعته ، وأخيرًا بتنزف له حبيبة طفولته .. تقدم رامي "أخو راكان الكبير " : جاهز يالعريس ؟
رفع راسه بحماس : خلاص أدخل أسلم عليها ؟
ابتسم أبو فهد لابنه اللي يحسه وحيده، والتفت على رامي زوج بنته : روح شوف لنا طريق
بهاللحظة جاء راكان وهو يسمعهم : خلاص العروس تنتظركم .
وقف جواد جنبه ومشوا خلف أبو فهد ورامي ، همس جواد لراكان وهو يلاحظ ضيقته ما راحت حتى بالزواج : ابعد هالوجه المتضايق أقلها عشان زواج أختك إذا مو مقدر الصحبة !
لف عليه راكان بضيق من كلامه ، وسرعان ما ابتسم : مبسوط والله ، لا تشغل بالك فيني بليلة عمرك !
جواد والوقت ما يسمح له يناقش صاحبه : خلني بس أرجع من شهر العسل وبستلمك وأعرف وش انت مهبب
اكتفى بضحكة و لا علق وبخاطره متضايق ..


-


بقاعة النساء الفخمة ..
فرغت طاقتها بالرقص مع أختها سهى وملاك ومنى ، نزلت من الدرج وسرعان ما توجهت للطاولة اللي جالسة عليها مشاعل وريتاج
جلست بتعب وهي تفرك ساقها ، ضحكت عليها ريتاج ورمت عليها كم تعليق .. بينما مشاعل كانت ملتزمة الصمت ، تأملت عن كثب ملامح سحر .. تشبه له كثير ، ولأول مرة تلاحظ الشبه الشديد .. غمازة بأسفل الذقن تميز عائلتهم وكأنها بصمة يعرفون بها ، قاطع سبيل تأملها وشوقها صوت ريهام اللي جلست بجنبها ونطقت بصوت أشبه للهمس : شفتِ لمار ؟
عقدت حواجبها مشاعل وهي تبحث حولها : لا .. أظنها ما حضرت
زمت شفاتها بضيق ريهام وبعد تردد نطقت : وائل حضر طبعًا !
بققت عيونها بدهشة : وائل مسافر ! ما بلغك !
ريهام تداركت صدمتها وضحكت بسخرية : لا والله ، تعرفين يعني لي أسبوعين ما شفته
هزت راسها استياء على حال خالها وزوجاته ، كلّ بوادي .. لمار من شهر مقلوب وضعها وتاركة البيت ، ريهام من أسبوعين ببيت أهلها ، وخالها متغير كليًا ومسافر مع صاحبه عبد العزيز بدون لا يبلغ زوجاته ! ، حطت يدها على فخذ ريهام وبإبتسامة : الله يهديه ، ويلم شملكم
زمت شفاتها بضيق وبداخلها تعرف إن طريقها مسدود .. قررت تنهي كل شي لكن ضعفها وخوفها يمنعونها



-



مجرد ما فتح الباب غمرته عواطف عميقة ظهرت على شكل إبتسامة عريضة ، أخيرًا هذي هي جالسة قدامه بالفستان الأبيض .. كانت لحظة أقرب للحلم ، تقدم لها بخطوات ثابتة ما يشوف غيرها ، ما كانت مثل أي عروس تدفن نظراتها للأسفل ، العكس كانت رافعة راسها فوق تراقب خطواته بإبتسامة مشرقة ..
وقف قدامها وبإبتسامة سحب كفوفها من حضنها ولمها بين يدينه : أخيرًا تالا !
اكتفت بإبتسامتها ، نزل لمستواها وقبل جبينها : الله يبارك لي فيك ويبارك لك فيني ..
أحمد اللي كان واقف خلفهم يتأمل وحيدته وحبيبة قلبه ، طفلته اللي ما تكبر عنه أبد .. اليوم أقسى يوم على قلبه ، حتى وإن تظاهر بالفرح .. اليوم بس يرجع لبيته وحده من دون أي حس ثاني ، ليلة ثقيلة على روحه ، تقدم بهدوء مما أجبر بدر يبتعد ويجلس جنب عروسه .. إبتسامتها العريضة سببت له غصة ، قبل لا ينزل لمستواها هبت واقفة ولفت ذراعها على بطنه ، دفنت راسها بصدره الواسع : الله يخليك لي أبوي ..
أحمد فلتت منه دمعة على حبيبته حمد ربه إنها ما شافتها كونها مغمورة بحضنه ، لكنها ما خفت عن الجالس قدامهم .. : الله يسعدك يا بنتي و يوفقك - أبعدها عنه شوي وتابع بإبتسامة - تدرين إن قلبي ما يطاوعني أبعد عنك
وقف بهاللحظة بدر بعد ما أثر فيه الموقف الأبوي لتالا ، ضحك بمرح : لو سمحت يكفي ، خلاص ترى أنا الحين المسؤول عنها .. بذلك مثل ماذليتني
ضحك أحمد : تنتقم الحين ؟؟ تراها بنتي من لحمي ودمي ، لا تسوي روحك علي ولا أشيلها الحين للبيت معي !
أبعدها بدر عن أبوها بخفة وضمّ عمه بامتنان صادق : الله يقدرني وأكون عند حسن ظنك عمي أحمد ، تالا بقلبي وعيوني استودعتها لا تشيل همها ..
طبطب كتفه أحمد : هذا عشمي فيك ..



-


بالغرفة القريبة :
كانت جالسة بتوتر كبير ، زوجة أبوها بجنبها تهديها .. لحظات حتى انفتح الباب ، طل منها أخوها نواف بإبتسامة عريضة .. تقدم ودخل وراه رواف بإبتسامة خفيفة نادرًا ما تظهر عليه ، يتبعهم أبوها وعمامها أحمد وتركي .. وأخيرًا فارس الطفولة والصبا بندر يظهر ببشته الأنيق ..
أخذها أبوها بالأحضان ، باركوا لها عمامها وأخوانها .. أخيرًا جاء العريس و كل ما تقدم خطوة هبطت نبضات قلبها أكثر ، قبّل جبينها وبصوته الجهور : مبارك شوق ..
نطقت بهمس بالكاد ينسمع : الله يبارك فيك



-



بمكان بعيد عنهم ، بروح الحجاز وطيبتها ..
( مدينة الحبيب المصطفى )
أغلق جواله بعد ما كلمها وأخذ أخبارها ، الطمأنينة غصب تسري بروحك بهذا المكان الطاهر .. توجه للروضة الشريفة ، سلم على رسوله وصاحبيه .. وابتهل يصلي لله يشفي روحه ونفسه ويطهّرها من كل أذى ، ألح في دعائه لها .. يالله وأنت العظيم الجامع الرؤوف ، أصلح ما بيننا ودمّر كيد كل ساحر .. دعا لصديقه ورفيقه ، مشاركه في محنته .. اللي ضحى بحياته لأجله .
اعتدل جالس ، سلّم وأنهى صلاته .. مسح على وجهه يشيل أثر البكاء ، وصله رنين جواله .. وكالعادة لا متصل غيره ( الغالي وائل ) يطلبه يجي لساحة الحرم يتعشى معه ..
كان وائل واقف عند اواخر الساحة ، وفي وقت متأخر مثل هذا الأعداد المتواجدة قليلة جدًا مما يضفي سلام وهدوء أكبر ..
جلسوا مقابل بعض ، مد وائل حبة الشاورما الصاروخ لعزيز اللي أخذها بتلذذ كبير : زين ما جبت لنا البيك !
ضحك وائل وهو ياكل أول لقمة : خابرك ما تحبه
تناولوا بعض التعليقات على أجواء المدينة ، حتى نطق أخيرًا عزيز بجدية : متى ناوي ترجع زوجاتك ؟
ابتسم بسخرية : لا خلني كذا مرتاح
وائل : طيب كلمهم على الأقل ، صدقني جفاك هذا بيرجع لك ..
تنفس بضيق ونطق أخيرًا : المشكلة الجفاء منها والله ، انا مقدر أجافيها كل هالفترة !
أطرق عزيز بضيق على صاحبه ، خاصةً أنه يعرف كونه هو السبب الأول في كبر الفجوة بينهم : وائل ... غلطت غلطة كبيرة يوم تزوجت ، لا تلومها
بيأس : كنت ... أتمنى أعيش معها لحظة بلحظة فرحة أول طفل ، لكن هي مقفلة كل طريق لها !
عزيز بضيق على حال صاحبه : قايل لك ، لا تجازف بحياتك عشاني .. هذا أنت هدمت عمرك وعمرها
تحولت نظراته للشر : لا ، أنا ما زلت عند خطتي .. الشي الوحيد اللي ما ندمت عليه ، وجود بنتها معي بيسهل علي المهمة .. أنتظر بس نرجع وتنحل المشكلة وأطلقها وأرجع لمار وينفك اللي مسبب لكم أذى
هز راسه بيأس من صاحبه : بنتها مالها دخل ، الحين ترميها مطلقة عشان أمها !
ما رد وائل ، تنهد عزيز بقلة حيله .. صاحبه ويعرفه عنيد وشربة شر تلوح بنفسه ..



-




جالسة على كرسيها المتحرك بصمت مطبق ، كانت تتمنى هذا اليوم لأجل أقرب ثلاث لقلبها .. لكن مرضها منعها حتى من إنها تلبّس تالا العباية أو تعدل الفستان لملاذ أو حتى ترقص لأجل شوق .. وهاهم يطلعون مغادرين كل وحدة مع عريسها ، كانت تتمنى لو تطلع بالسيارة مع راكان وتراقب زفة الشباب لهم بالسيارة لكن راكان راح مع ملاذ وجواد يوصلهم المطار و هاهي وحدها أخيرًا
طلعت من الغرفة اللي كانت فيها ملاذ بعد ما ودعتها بدموع وشوق مسبق .. طيارتها بعد ساعة لأسبانيا
مسحت دمعتها بحزن شديد ، رفعت راسها واصطدمت عيونها بـ منى الواقفة قرب الباب الخارجي الخلفي تراقب بتوجس .. عقدت حواجبها باستغراب وهي تسمع صوت عمها أحمد من ورا الباب يبتعد ، غريبة وش تسوي منى هنا ؟ .. فزت منى بخوف وهي تنتبه لميرا : يمه خوفتيني
اكتفت ميرا بنظرة استغراب ، بينما منى تقدمت لها تبعد التوتر .. وش تقول ؟ كنت أراقب عمك وهو طالع من القاعة ؟ ..
تقدمت لها وامسكت بكرسيها ناوية تدفها لداخل ، لكن رنين جوال ميرا قاطعهم .. طلّعته ميرا من جيب الكرسي وسرعان ما عقدت حواجبها وهي تشوف اسم عمها أحمد على الشاشة ..
فتحت مكبر الصوت وهي تحث منى تكلمه بدلًا عنها بطبيعة الحال .. : هلا حبيبتي ميــرا ، قولي لشادن ولا سحر تساعدك وتطلعك عندي .. أنا برى أنتظرك كان ودك تشوفين زفة الشباب
حستّ روحها بتطلع من الفرحة ، وكأن عمها كان يقرا أفكارها .. لطالما كان القريب والحنون للجميع ، هزت راسها بحماس لمنى اللي كان وجهها مقلوب وهي تسمع صوته وحنانه يلمسها قبل لا يمس ميرا .. مسكت الجوال وقربته لفمها وكأنها تخاف ما يوصله صوتها المرتعش / الواهن : أنا ... منى ..
ما استوعبت كلمتها إلا بعد ما شافت تعقيدة حواجب ميرا المستغربة وشبه ضحكة مرتسمة عليها ، نطقت بسرعة وكأنها تخاف إنه يقطع الاتصال ويروح : الحين نجيك !
الصمت المطبق كان رد أحمد ، نطق أخيرًا بصوت مختلف كليًا عن صوته أول : اوك .. أنتظركم لا تتأخرون
وببساطة روحها عزمت نفسها معهم ، سحبت ميرا بسرعة وحماس للغرفة اللي فيها أغراضهم .. لبستها العباية ولبستها : بسرعة بسرعة لا يروح علينا
ميرا كانت الدهشة ما كلتها وهي تشوف انقلاب حال منى ، لبسوا وسرعة ودفتها منى باستعجال للباب الخلفي اللي طلع منه أحمد ..
سرت رعشة رهبة وحنين وهي تشوفه واقف بكل أناقته الرجولية جنب السيارة ، التفت عليهم وتقدم بخطوات سريعة لهم
هبط قلبها وهي تشوفه عن قرب ورائحة العود تسبقه ، ماكانت تفصل بينهم سوى خطوة ..
أما هو وقف جنب منى يبيها تبعد على أساس يساعد ميرا ، لما ما شاف أي بادرة للتحرك منها رفع عينه لها وتعلقت بعيونها الفاتنة وهي تتأمله عن قرب ، نزلها بسرعة ونطق أخيرًا وهو يمسك أطراف الكرسي : شوي يا " بنتي " ، بشيل كرسي ميرا ..
انتفضت على صوته القريب جدًا ، ابتعدت وكأنها ملسوعة على وقع كلمة ( بنتي ) ! ، وكأنه يذكرها بالفارق العمري الكبير بينهم ! قاطعها صوته : افتحي باب السيارة منى ..
اسمها ، ولأول مرة تحبه .. هو كان ينطقه بكل أمان بينما هي كانت تسمعه وكأنه أغنية طلالية !
تقدمت وفتحت باب السيارة الأمامي ، ابتعدت للخلف شوي سامحة له يقرب الكرسي ويشيل ميرا بكل خفة ويحطها بالمقعد .. قفل باب السيارة ولف للباب الخلفي فتحه والتفت لها : تفضلي بنتي ..
دخلت بخفة قلبها اللي تحسه طاير يحوم حوله ،
كان بشته مرمي بإهمال بجانبها ، شال كرسي ميرا وقبل لا يدخله بجنب منى ..رفعت البشت بسرعة لحضنها سامحة له يدخل الكرسي بكل أريحية ، نطق وهو يعدل الكرسي : يضايقك ؟
هزت راسها نفي ، أي ضيقة ممكن تحسها وهو بكل هالقرب منها ..
قفل الباب وتوجه لمقعده ، أول ما حرك السيارة نطق بإبتسامة عريضة ووجهه لميرا : حيا الله بنتي ميرا !
ميرا اكتفت بإبتسامة ، حرك السيارة وهو يسولف لميرا عن زواج الرجال ..
اما بالخلف ، كانت تستمع لكل كلمة منه وكل ضحكة .. تأملت أدق تفاصيله ، انفراجة شفاته مع كل حرف ، أصابعه اللي تمسك بالدركسون .. ثوبه الأبيض وشماغه .. لحيته الخفيفة ، الشيب المعدود المتناثر حولها .. كل شي يفتن ، رجولته مفعمة بالحنان .. صوته العميق يدغدها ،
نطق بابتسامة : هذا هم العرسان !
لفت ميرا للسيارات اللي حولهم ، الشباب كانوا متحمسين وأصوات البوري تملا الشارع .. بندر بسيارته اللي يقودها نواف ورواف .. وخلفهم سيارة بدر اللي يسوقها تركي ، أما ملاذ وجواد كانت وجهتهم للمطار مخالفة لطريقهم ، لذلك ما شافتهم ..
أبعدت سيارات الشباب عن سيارة أحمد ، سامحين له يتقدمهم لسيارات المعاريس ..
مجرد ما شافت تالا أبوها وبجنبه ميرا لوحت لهم بيدها بحماس وميرا تضحك بفرحة حقيقية ، أما شوق الرهبة كانت ماكلتها واكتفت بإبتسامة داخلية لهم ..
رافقوهم في موكبهم ، وأخيرًا ابتعدت سيارات العرسان بطريقها للفندق .. أصوات السيارات انخفضت ، رجعت بعضها للقاعة والبعض أكمل مشواره مبتعد ..
أحمد كان يراقبهم وقلبه يرفرف فرحة لبنته وحزن لأجله ، تنهد بصوت عالي : الله يوفقهم .. - حس بيد ميرا تقبض على كفه وتشدها ، ابتسم لها - عقبالكم بناتي
تهدج قلب منى كونه حاسس بوجودها ، شدت على بشته وهي تلويه بين أصابعها .. بهاللحظة علا رنين جوالها ، ارتبكت وطلعته من شنطتها ، كان المتصل ( ريانتي ) .. ردت بتوتر كبير منتظرة تهزيء ريان : هلا ريان
ريان بضيق كبير : وينك أنتِ ؟؟ دورت عنك بكل مكان مالقيتك !
خفضت صوتها وبهمس مسموع : أنا مع ميرا و ... أبوها !
شهقت ريان بصدمة : وش تسوين ؟ تمزحين ؟
منى بلعت ريقها تدور عذر : لا بس رحت أساعد ميرا
زفرت بورطة ريان : الحين بنطلع من القاعة ، وش أقولهم ؟ تعرفين إن خالتي أم رائد هي اللي بتوصلنا مع أخوها
انتابها خوف شديد : ريان ! لا تروحين وتخليني !
ريان بعد صمت خفيف : يالله ، وش هالورطة منى .. ياسر لو عرف مشكلة ، احمدي ربك مسافر
مع ذكر اسم ياسر زاد الخوف أكثر ، لو بس كان موجود ممكن يذبحها !
بهاللحظة وصلها صوته وهو حاسس بالتوتر اللي صابها : انا بوصلك مع ميرا ، لا تشيلين هم
ابتسمت بصدق وتناثر كل قلقها وخوفها وحل محلهم عواطف دافية سرت فيها .. نطقت أخيرًا لريان : خلاص الحين بيوصلوني البيت طريقهم طريقنا ..
قفلت ريان والقلق ياكلها على منى ، بينما منى تعيش أجمل لحظات عمرها ..
كان يسولف سوالف عابرة لميرا يقطع الصمت بينهم ، ومرة حاول يشرك منى بالكلام وهو يوجه كلامه لها : ولا وش رايك منى ؟
تلخبطت ولا عرفت وش ترد خاصةً إنها ماكانت يم سوالفه ، كل اهتمامها منصب على هيئته وحضوره القوي بقلبها .. همست : اممم صح اللي قلته !
انتبابته ضحكة خفيفة على ردها كون تأييدها لكلامه اللي كان يعلق فيه ساخر على بنته تالا من باب المزح غير متوقع ، حس إنها ما كانت معهم وفسر ذلك بقلقها الشديد ..
كانت تتمنى لو يوقف الزمن بهاللحظة ، لكن هذا هو الطريق ينتهي بهم أخيرًا عند بيتهم ..
نزلت من السيارة والود ودها لو تجلس وتبات فيها ، وقفت بجانب السيارة تنتظر أحمد اللي طلع لياخذ كرسي ميرا ويساعدها ..
مشت تسبقه لتفتح له الباب ، غابت عنها ضيقته الشديدة مجرد مادخل العمارة .. المكان اللي مهما حاول مايقدر يتجاوزه بدون ضيقة ، رفع عينه لها وهي تفتح الباب .. الحياة تدب فيها بكل أشكالها ، تجاوزت صدمة الاعتداء بشكل مبهج ما توقعه أبدًا ، منى ما غابت عن باله يوم من حادثة الاعتداء .. عاش نفسية سيئة جدًا لفترة طويلة وهو يتخايل وضع البنت الشابة وماذا لو كان مكانها بنته أو إحدى بنات أخوانه ! لذلك كان إحساسه بالأبوة اتجاهها كبير فترة الاعتداء عليها .. كان بشكل شبه يومي يزورها بغرفتها بالمستشفى ، يجلس معها وقت طويل يقويها ويمحي الآثارالسلبية عنها .. ما راحت عن باله يوم حتى بعد انقطاعها ، وهاهي ترجع له هالسنة مصادفة بعد ما عقدت صداقة قوية مع البنات ..
دخلت البيت وفتحت الباب كامل ، ليدخل بكرسي ميرا بأريحية ..
دخل ميرا لبداية الصالة ولف طالع : ميرا إذا جات أمك روحي لبيتكم ، جبتك هنا أفضل ولا تجلس كل وحدة بروحها ..
هزت راسها تطمنه وهي تشيل الحجاب عن راسها ، بينما منى لحقته تففل الباب وراه .. لكن قبل لا يختفي عن عينها ويتوجه للدرج لحقته بخطوات سريعة وبدون تفكير : أحمـــــد !
لف باستغراب وعقدة حواجب : آمري ..
انربط لسانها وتنفسها يزيد ، لاحظ توترها .. تقدم بهدوء وإبتسامة حنونة : منى ، في شي بنتي ؟
زمت شفاتها بحزن من كلمته ، تابع يوم شاف صمتها : منى .. الله يعلم إنك غالية والله ، إذا في شي ولا مضايقك أي شي أنا موجود .. اعتبريني أبوك ! لا تترددين قولي
نطقت بغصة : أنا مو بنتك ! لا تقولي بنتي !
بهت وجهه من كلامها اللي ما توقعه أبد ، مسح جبينه وبتوتر من انقلاب حالها ..
جمعت أنفاسها وزفرتها بحرارة تقتلها : كنت أبي ... أشكرك .. بس !
عقد حواجبه وهو يشوف انقلاب حالها ورجفتها الواضحة ، وهاهي أول دمعة تنزل باستسلام .. لكن سرعان ما اعتلته صدمة شديدة وهو يشوفها تتقدم نحوه .. وهاهي تقرب بشدة وتقبل كتفه بشفاتها المرتجفة ، وبسرعة البرق اختفت !
وقف لدقيقة مذهول من الموقف وحركتها اللي ما توقعها أبد ، استرجع الموقف ونزل عينه لمكان قبلتها .. مسح وجهه وهو يتنفس بشكل عالي ، داهمته رغبة يرجع للبيت ويكلمها ، لكن استدرك بالنهاية ونزل بخطوات ثقيلة .. جلس بسيارته بدون لا يحركها ..
أما عندها ، مجرد ما هربت منه دخلت البيت وقفلته مرتين وتسندت على الباب وهي تتنفس بشدة وكأنها خارجة من حرب ضروس ، مسكت وجهها الملتهب تحاول تخفف حرارته .. زفرت بقوة لكن توقفت بذهول وهي تشوف ميرا بطرف الممر تناظرها بنظرة غير مفهومة !
للتو استوعبت إن ميرا موجودة ! ، ووجودها بقرب الباب يأكد لها إنها سمعت ولو القليل من الكلام !
ميرا ابتسمت ابتسامة خفيفة ما عرفت منى كيف تفسرها ، ابتسامة سخرية أو شفقة ! .. واستدارت بكرسيها داخلة الصالة ..
عضت منى شفاتها بتوتر كبير فوق توتر موقفها مع أحمد ، هي لازالت تشم ريحة عطره وكأنها انغرست بجسدها !
تقدمت لمغاسل المجلس ورشت وجهها بمويا باردة ، علها تخفف حرارتها .. توجهت لغرفتها عند ميرا بعد تردد كبير ، كانت جالسة على كرسيها بغرفة منى وتمسح المكياج قدام التسريحة ، رفعت بصرها للي دخلت ووجهها مخطوف لونه .. تجاهلتها وأكملت شغلها ..
تقدمت منى بخطوات ثقيلة ، جلست على طرف سريرها .. : ميــرا
قبل لا تسترسل بالكلام لفت ميرا ورفعت يدها تطلب منها تسكت ، طلعت جوالها .. فتحت الملاحظات ، كتبت شوي ورفعتها بوجه منى اللي سحبت الجوال بتوتر وقرأت المكتوب : ( صحيح ما فهمت شي .. ولا قدرت أستوعب ، ربكتك وتوترك من دق عمي أحمد يبيني أطلع ما خفت عني .. ما أعرف وش بينكم ولا أعرف القصة ، لكن لأني أحبك أقولك لا تعلقين قلبك بوهم - انسابت دموع منى بحرقة وهي تقرأها ، أكملت - بس لاتشيلين هم .. مابقول لأحد وكأني ما كنت موجودة معكم )
تركت الجوال بحضنها وغطت وجهها تبكي ، ومن بين بكاءها تنطق بفضفضة : هذا اللي يعور ميرا ! ، وهم .. يالله حتى أنتِ تشوفينه وهم ! شقول طيب لقلبي ولهفتي عليه ! - صمتت تهدي نفسها ، تابعت وهي تستشعر ميرا تقرب منها - صحيح هو عمك ، وأبو صديقتي .. لكن .... والله أحبه !
ميرا اللي كانت تسمع مصدومة ، ماتوقعت الكلام من منى .. سحبت منى لحضنها وضمتها والصدمة لازالت تاكلها ..
وصلها صوت منى بحضنها وببكاء : عمك أحمد سوى لي شي كبير بحياتي ... من زمان ، قبل لا أعرفكم بثلاث سنوات ، انتشلني من قبري و طلعني فوق للسماء .. والله يا ميرا !
ميرا كانت تعرف إن عمها قبل سنوات ساعد منى بعد حادث أصابها على حسب كلام ريان ومنى ، لكن كان مجرد حادث عادي بنظرها ! كيف تتعلق منى فيه بهذا الشكل ؟
ابتعدت منى شوي عن صدر ميرا ، مسحت دموعها وطاحت عينها على ميرا ونظرة حيرة وتساؤل كبير تلقي بها .. نزلت عيونها وبضيق : لا تسأليني ميرا عن شي ! ، تكفين مافيني أقولك .. لا تحمليني فوق طاقتي
تفهمتها ميرا واكتفت بطبطة تهديها ، عم الصمت بينهم غير صوت شهقات منى المتفرقة .. نطقت بعد ما هدأت : أعرف إنه ما يشوفني إلا مثل تالا .. وهالشي يوجعني والله ! لكن خليني كذا على الأقل ألقى لي سبب أعيش لجله ! ... ممكن تقولين حقارة وشذوذ أني أعلق قلبي وروحي بشخص ممكن يكبرني بـ 18 سنة وأنا بحسبة بنته ، لكن ... القلب مايعرف ولا يفهم !
بهاللحظة وصلهم صوت انفتاح الباب الخارجي .. مسحت دموعها بسرعة منى وتوجهت لحمامها الخاص تغسل وجهها وآثار الدموع ..




-




حرارة شديدة تنهشه ، نسى حبوب علاجه بالشقة .. ومضت ساعات على موعدها ، تحامل طول وقته فقط ليشوف أخوه الوحيد عريس .. رغم إن وجوده مثل عدمه لكن إحساسه بفرح أخوه خفف عنه الألم ، تلفت بضيق وانهاك شديد يدور على وليد اللي راح يسلم على مجموعة رجال من ربع ساعة ولا ظهر ..
وقف متحامل الوجع ونيته يروح يسترخي بالسيارة على بال ما يجي وليد ويرجعون ، لكن بهاللحظة وصله صوت رسالة على جواله ( مرحبا فهد ، إذا باقي ما رحت انتظرني .. لو ما بشغلك ياليت توصلني - سحر )





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-08-17, 01:13 PM   #84

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



سحر .. اللي باقي ماراحت ، أرسلت الرسالة لأخوها فهد .. وكلها أمل إنه باقي موجود ماراح ، في ساعة متأخرة مثل هذي مستحيل تطلع بروحها مع السواق .. زوجة أبوها طلعت من ساعة ولا خبرتها ، واكتشفت للتو هذا .. أكلها الخوف في البداية خاصة إنها كانت معتمدة على زوجة أبوها وودعت بنات جيرانهم ، لكن تذكرت أخيرًا أخوها فهد ..
كانت لابسة عبايتها وماسكة الجوال بقلق تنتظر رده ، فزت بفرح بمجرد ما شافت رسالته ( أنا بالسيارة ، أنتظرك عند باب الحريم )
لبست حجابها ورمت الطرحة على وجهها .. خرجت وشافت أخيرًا سيارة فهد ،
توجهت لها ودخلت .. سلمت ووصلها رده بصوت ضعيف ، لاحظت تعبه الشديد حتى إنه ما كلف نفسه يسأل عنها ..
اعتلاها الاستغراب كونه ما حرك السيارة ، كان جالس بكل سكينة ومرخي جسده على الكرسي .. نطقت بخفوت وهي تظنه ينتظر زوجة أبوهم : خالتي راحت ، بس باقي أنا ..
هز راسه ولا علق ، كان التعب ماكله ومثقل عليه حتى الكلام ..
مرت دقيقتين وهم جالسين بدون حركة ، حتى اعتدل فجأة فهد وطلع من السيارة .. راقبته وهو يلتف حول السيارة ويتوجه للمقعد اللي بجانب مقعد السواق ! ، قبل لا يزيد فضولها ظهر أخيرًا مقترب من السيارة .. دهشت وهي تشوفه يدخل السيارة ، كان مختلف كليًا عن آخر مرة شافته فيها قبل مدة طويلة ، وكأنه كبر عشر سنين ، تمامًا مثل فهد !
مجرد ما قفل الباب نطق بقلق : تأخرت عليك ! - شغل السيارة وبذات القلق - مدري كيف تنسى دواك !
سعل فهد بشدة سعال متتابع مما أثار خوف وليد ، زاد سرعة السيارة : شوي ونوصل - استخرج علبة مويا كانت بجنبه ومدها لفهد عل نوبة السعال تخف ..
أخذها فهد بيدين ترتجف ووجهه قلب أحمر ، ارتشف المويا ونطق بصعوبة : أختي سحر ....معنا !
بهتت ملامح وليد بصدمة ، وبتلقائية رفع عينه للمرايا خلفه وطاحت عليها تناظرهم بتوتر من حالة أخوها .. قلقه الشديد على فهد منعه يحس بوجودها ،
تابع فهد اللي هدأت نوبة سعاله بصوت متحشرج : نوصلها أول ..
كان بيعترض وليد كون بيت أبو فهد طريقه مخالف كليًا عن شقتهم وبعيد وحالة فهد تزداد سوء ، لكن مابيده حيلة !
عم الصمت لدقائق معدودة قبل لا ترجع النوبة لفهد بشكل أقوى ، فتح أزرار ثوبه بضيق .. سحب منديل وسعل فيه بشدة ،
مدت كفها لكتفه بخوف ،وصله صوتها الخايف : فهــد !!
كان عاجز عن الرد وسعاله يمنعه حتى من إنه يسمع أو يدرك شي .. وليد ، التفت على صديقه وصدمه منظر الدم الخفيف على المنديل ، بدون وعي فرمل بسيارته ورجع للطريق السريع لشقتهم .. كان يسوق بسرعة جنونية متجاوز كل السيارات
ازداد خوف سحر مع هذا المجنون اللي ممكن يصدم بهم بأي لحظة ، تمنت لو رجعت مع السواق بهذي الساعة ولا ركبت معهم .. لاحظت الطريق اللي اختلف وانتابها القلق الشديد ، مرت ربع ساعة وبكل دقيقة تزيد حالة فهد سوء .. وقف وليد بشكل عشوائي وهو يستشعر السكون اللي حل على فهد فجأة بهذي اللحظة ، كان قريب من فقدان الوعي !
نزل بسرعة وتوجه لباب فهد ، فتحه وسحب فهد .. سنده على كتفه وهو يرمي المفتاح لسحر بعصبية متوترة : قفلي السيارة واطلعي افتحي الشقة .. بسرعة !
ما تحركت من مكانها غير مستوعبة لأي شي .. صحاها صوته : بسرعة سحر !!
طلعت من السيارة بتعثر قفلتها ولحقتهم بربكة وخوف ، دخلوا المجمع السكني الفخم والطويل .. توجهوا للمصعد ، فتحته بسرعة وسمحت لهم يدخلون قبلها .. وصلها صوت وليد : الدور السادس
ضغطت عليه و استكانت بعيونها عليهم ، فهد حالته صعبة وواضح إن ضيق التنفس عنده شديد ، يسنده وليد على كتفه وبيده الثانية يمسح بمنديل العرق اللي مبلل وجه فهد وعيونه تنطق الخوف الكبير على فهد .. عضت شفاتها بحزن على حالة أخوها ، لأول مرة تشوفه بهالضعف الشديد ..
انفتح المصعد ، طلعوا وتبعت وليد اللي توجه لشقتهم .. كان واقف قدام الباب ينتظرها تفتحه ، توترت كونه ما أبعد لها المكان .. فتحته بيدين متوترة وبسرعة البرق تخطاها وولج لداخل مع فهد واختفى عن عينها ..
فتح باب غرفة فهد بخطوات سريعة ، ومدده على السرير .. توجه للمكتب الصغير بالزاوية وطلع الدواء أخيرًا ، ساعد فهد على ابتلاعه ، طلع جهاز الأكسجين ، حقنه بعلبة دواء مخصصة وركبه على أنفه وفمه .. جلس بجنبه على السرير يراقبه بضيق وعقله وقلبه مشغول فيه ، انتابته هذي الحالة آخر مرة قبل شهر .. مرض صاحبه يوجعه ، يعتصر قلبه وهو يشوفه يذبل بين يدينه .. !
بعد دقائق قصيرة بدأ يسترجع فهد لونه ، فتح عيونه بتعب وتلفت .. ابتسم وليد بصدق : خوفتني عليك والله !
رفع راسه بعقدة حواجبه وعيونه تتنقل في المكان ، أبعد الجهاز عن فمه شوي وبصوت ثقيل : سحـر ...وينها ؟
فتح عيونه وليد وللتو يستوعب إنها معهم ! ضرب جبهته : اوف نسيتها ! .. -وقف بسرعة - تلقاها بالمجلس ، بناديها تجلس عندك وبنتظر برى
وقبل لا يسمح لفهد يتكلم توجه خارج الغرفة قاصد المجلس .. لكن قبل لا يوصل انصدم بالباب المفتوح وهي واقفة بجنبه بقلق وبمجرد ما شافته استعدلت بوقفتها ، تقدم عند الباب وبهمس متضايق : ليش ما دخلتِ.. سحر ؟
سحر لمت كفوفها ونزلت عيونها ، ترددت تدخل لشقة تعرف إنها لأخوها وصديقه العزابي فقط !
فتح الباب على مصراعيه : ادخلي لاتوقفين هنا ..- دخلت بخطوات بطيئة وتردد ، وصلها صوته هامس وهي تمر بجنبه - آسف ، اضطريت أجيبك هنا .. البيت بيت أخوك مو أحد غريب
هزت راسها علامة تفهم بدون ما تتكلم ، تقدمها ليدلها على غرفة فهد .. أول ما دخلت الغرفة ارتفع صوت آذان الفجر ، تقدمت وجلست على كرسي المكتب بزاوية الغرفة .. بينما وليد تقدم لفهد ، تفقده .. عدل المخدة بحيث يسترخي فهد بشكل مريح : أنا بطلع للمجلس ، إذا حسيت بشي أنا موجود
هز راسه فهد بدون تعليق ، توجه وليد للخارج وقبل لا يطلع لف على سحر : إذا ساءت حالته ناديني على طول
راقبته وهو يطلع ويقفل باب الغرفة تارك لها مجال ترتاح ، تقدمت لفهد بهدوء .. ملامحه مسترخية وتنفسه بدأ ينتظم ، أبعد الجهاز عنه للمرة الثانية وتكلم بصوت مبحوح : اعذريني .. انجبرنا نجيبك هنا .. بعد شوي بنوصلك
هزت راسها نفي : لا تشيل هم ، انت تعبان .. بكلم السواق يجيني
عقد حواجبه بضيق من ردها : لا .. لا تروحين وحدك بهالوقت !
هزت راسها إيجاب : ولا يهمك ، بس الحين رجع الجهاز عليك ..
ركب الجهاز واسترخى ، بينما هي راحت تجلس على المكتب من جديد .. تأملت نفسها لثواني ، فصخت الكعب تريح رجولها .. جلست لفترة مستندة على الكرسي تراقب الوضع ، فهد ارتخت ملامحه وعيونه منسدلة بأريحية .. تنفسه يدل إنه دخل بنوبة نوم ، هزت رجلها بتوتر .. ما تعرف وش تسوي ، لكن الأكيد إنها تبي الحمام تمسح المكياج والمناكير وتتوضى للصلاة ، ما تعرف كيف تتصرف بهاللحظة .. فهد تعبان ونايم ومو يمها ، قبل لا تدخل الغرفة لمحت دورة مياه قريبة جنب الغرفة مباشرة .. ترددت هل تخرج من الغرفة أو لا ، وش بتسوي إذا قابلت وليد .. كيف تدخل الحمام ؟ انتابها إحساس بإنه مكان محظور على بنت مثلها بشقة عزاب ..
طلعت جوالها ، كانت تنوي ترسل لوليد تستفسر عن وجوده .. لكن تذكرت إنها حذفت رقمه من زمان ، كانوا قديمًا يتبادلون الرسايل تحت غطاء ( شهد أخته ) حتى انكشف لها هيامه بها ، وقطعته نهائيًا .. تمنت إنها ما حذفت الرقم بهاللحظة ، لكن خطر على بالها حسابه بتويتر .. بسرعة دخلت تويتر ، فتشت عن حسابه بين ( المتابعين لها ) وبسهولة لقته .. كانت آخر تغريدة له قبل ست ساعات:
( عبارة عن صورة قديمة لمراهقين أشعثين ، كل واحد مرخي ذراعه على كتف الثاني .. وتعليق " صورة التقطت لآخر يوم لي في الثانوية ، أنا مستند على أكثر الأشياء ثباتًا في هذا العالم ، أخي فهد )
تأملت الصورة والعبارة الدقيقة ، ليتضح لها مدى العلاقة الوطيدة اللي تجمعه بأخوها فهد .. انتقلت لزر الرسالة بعد تردد صغير ، كتبت بسرعة لئلا يتغلب عليها التردد
( موجود ؟ )
انتظرت لخمس دقائق حتى وصلها رده ( فهد بخير ؟ )
( بخير ، نايم .. بس عادي أطلع المطبخ ؟ )
اختارت المطبخ لتظهر أكثر لباقة من ( دورة المياه ) ، وكأنها قرأت ضحكته من بين السطور رغم إنه رد بـ ( خذي راحتك ، أنا طالع أصلي )
تنفست الصعداء ، كانت نيتها فقط تنبهه لا يدخل ونجحت .. فصخت عبايتها وتركتها على الكرسي
دخلت دورة المياه وقفلت الباب ، كانت نظيفة ومرتبة لا تظهر وكأنها لشباب ، وقفت قدام المراية وهي تمسح المكياج والمناكير بمناديل خاصة ، توضأت .. وقفت عند الباب لثواني تنصت لو في أي حركة ، ارتاحت والهدوء يعم المكان .. طلعت بحذر ودخلت الغرفة مثل ما خرجت منها ،
تلفتت وشافت سجادة صلاة على الكومدينه ، أخذتها وبدأت تصلي .. أنهت صلاتها وما تحركت من مكانها ، ما تعرف وش تسوي ؟ وجودها هنا أكبر غلطة ، في قمة تفكيرها كانت تلعب بأصابعها .. وفجأة هبت واقفة وهي تلاحظ إن دبلتها مو موجودة ، تذكرت إنها فسختها عند مغسلة الحمام قبل لا تتوضأ .. وقفت ، فسخت عبايتها وتوجهت للباب وقلبها مطمئن إن وليد غير موجود ..
فتحت الباب وطلعت وهي لافة تقفله ، ومجرد ما استدارت جمدت مكانها وهي تشوفه بثوبه وأزراره المفتوحة والشعر محيوس وعيونه مسلطة عليها ..
كان بالمطبخ المكشوف كليًا على الصالة ، مستند على الدولاب وبيده كوب مويا للتو أنهاه .. رفع عينه بتلقائية لها و تبعثرت قوته وهو يشوفها بفستانها القصير واللي يظهر معالم أنوثتها بشكل صارخ ويوجع قلبه .. شعرها القصير جدًا يكشف عن نقطة ضعفه عنقها الطويل واللي يزينه عقد لؤلؤ .. زفر هواءه الحار وزم شفاته ، هي أقل من ثانيتين حتى اختفت من جديد لكن هذي اللحظات قلبته وشدت نبضات قلبه ، أعادته لنقطة الصفر بعد ما تناساها وظن إنه نساها ..
جلس على الكرسي يستعيد أنفاسه بعد ما سلبتها ، مسح وجهه بكلا كفينه ..
أما هي دخلت الغرفة وقفلتها وتنفسها يزيد .. ما توقعت وجوده أبدًا ، لعنت نفسها كونها فكرت تطلع ..
لبست عبايتها وتكتفت بها ، راقبت فهد تتمنى يصحى ويرجعها لبيتهم وترتاح .. وكأن أمنيتها وصلت لروح فهد وفتح عيونه بتعب ، فزت عنده بسرعة تتأمله وتذكرها بوجوده ..
نطق بهمس : كم الساعة ؟
جلست على طرف السرير قربه : خمسة الفجر
مرت دقيقة صمت وهو يستوعب ما حصل له وسبب وجود أخته سحر بجنبه ، استدرك ونطق بصعوبة : وليد وين ؟
هزت كتوفها : مدري ، يمكن في المجلس !
سعل سعال خفيف ، اعتدل بعد ما هدأ وهو يلحظ توترها : الحين نوصلك .. بس بصلي
وقف بتثاقل وتوجه للحمام يتوضأ ، أنهى صلاته بعد معاناة وهي تراقب حركاته الثقيلة ..
وقف متجه للمجلس وهي تتبعه وقفت برى المجلس بحيث تسمعهم تنتظر فهد ،
كان وليد مرخي جسده وعيونه في الفراغ سرحانة .. مجرد ما شاف فهد فز واقف : ليش قمت ؟
فهد بضيق : بنوصل سحر
وليد اللي حس بوجودها بالخلف ، تأمل ملامح فهد التعبانة بضيق : فهد .. أنا بوصلها تطمن ، أنت ارتاح
فهد عقد حواجبه يفكر وهو فعلًا حيله مهدود ، مفعول الدواء مازال فيه يسلب قوته .. تابع وليد يشجعه وبهمس ما يوصلها : تطمن عليها معي ، دامها أختك فهي بعيوني
لف فهد لسحر يستشف ردة فعلها ، كانت بترفض لكن نظرة التعب على فهد خلتها تتراجع .. نطقت بهمس وهي تهز راسها : خذ راحتك فهد
انزاح ثقل كبير على فهد ، لف على وليد : خلاص وصلها بس لا تسرع ، وخذ سيارتي !
هز راسه وليد ومر متجاوز سحر للباب ، فهد تقدم لسحر وبإبتسامة يطمنها : وليد أخوي الثاني ، تطمني .
هزت راسها ولفت تلحق وليد ، نزلت تتبعه وهاهم أخيرًا في السيارة ..
تحركت السيارة والهدوء يطغى عليهم ، مرت دقائق وهاهي الشمس أخيرًا تظهر أول خيوطها ..
قطع صمتهم صوتها مستفسر : أخوي فهد .. وش فيه ؟
مارد بسرعة ، رفع عينه لها وبسخرية : مفروض أنا أسألك ، هو أخوك أنتِ ، كيف ما تعرفين !
زمت شفاتها بغيض من أسلوبه الساخر على توتر العلاقة بينهم وبين أخوها الكبير .
رد أخيرًا : ورم رئوي
شهقت بصدمة وحزن / خوف على أخوها : ليش ما قال لنا !
تابع يطمنها : ورم حميد ، لا تخافين .. ومافي مجال يتطور
هدأت روحها على كلامه ، لكن الحزن ما زال ياكلها عليه ..
طغى الصمت عليهم بقية الطريق ، أخيرًا شارفوا على الوصول .. كانت مطمئنة كون السيارة سيارة فهد ، بحيث لو أحد لمحها تخرج منها ما تساوره الشكوك
وقف بجانب الفيلا من الجهة الخلفية ، فتحت الباب وقبل لا تنزل سمع صوتها : شكرًا وليد .. تعبناك معنا
ونزلت



-



في مكان ومشاعر أخرى تمامًا ..
الظلام يغطي الغرفة ، عدا عن أشعة الشمس اللي تتسلل على جسدهم باعثة الدفء فوق الدفء اللي يختلجهم ..
كان حاشرها بجسده بتملك ، يراقبها بسكينة من دون ما تحس ، الظاهر التعب هدها ودخلت بنوبة نوم عميق .. على عكسه اللي يدب النشاط فيه مطير النوم عنه ، ابتسم بدفء وهو يمرر أصبعه على وجهها .. بدايةً من جبينها ومرورًا بعيونها وأنفها حتى شفاتها المكتنزة .. زادت ابتسامته وهو يذكر خجلها القاتل الليلة الماضية ، كانت أشبه بعصفور بردان .. أقلقه توترها ، هدأ من روعها بكلمات مطمئنة وحضن طويــــل دافئ يطمئنها فيه ، حتى تجاوبت معه أخيرًا بعد إحساس الأمان اللي غمرها فيه .. مضت ساعتين ولازالت نائمة ، والوقت يداهمهم .. رحلتهم لأسبانيا بعد ساعة ونصف
عانقها بقبلة دافئة علّها تحس وتفيق ، وفعلًا تحركت بعقدة حواجبها غير مستوعبة ..
شوق رمشت أخيرًا رمشة تلامس خده القريب ، فتحت عيونها بنعس وكسل واصطدمت فيه .. سرعان ما استوعبت وغرقت بخجل كبير ملازمها ، غمضت عيونها تتظاهر بأنها مازالت نائمة .. كانت تتمنى لو صحت قبله حتى تتسلل بكل أريحية ، نبضات قلبه تشعر فيها وكأنها في قلبها من ملامسته لها .. وصلتها صوت ضحكته الخفيفة على حركتها ، وحتى يزيد إحراجها متلذذ بحمرة وجهها .. راحت أصابعه تلعب بعنقها وانحناءات جسدها ومع احمرار وجهها ورجفة شفاتها تعالت ضحكته ، همس بمتعة وكفه تستقر خلف ظهرها : داري إنك صاحية ، خلاص قومي عاد
زمت شفاتها ولا زالت مغمضة تلعب دور النائمة .. أنقذها رنين جواله العالي ، بتكاسل ابتعد عنها ووقف تاركها خلفه .. توجه للتسريحة مكان جواله ، ابتسم وهو يشوف اسم المتصل : يا هلا بالعريس !
أخوه بدر بضحكة مرحة : أهلًا بالعريس ، صحيتوا ولا باقي ؟
بندر مرر يده على شعره وهو يلف لشوق اللي استعدلت بجلستها أخيرًا منتهزة بعده عنها ، وهي لافة اللحاف حولها تغطي جسدها عن عيونه ، جاوب أخوه وهو مبتسم : تونا صحينا ، وش هالإزعاج اللي عندك ؟
بدر تنفس بقوة : طالعين نفطر .. - وبشكوى- الله وكيلك مانمت ومن الفجر جالسين نهجول بالشوارع !
اعتلت بندر ضحكة على وضع أخوه : مو صاحيين !
بدر : هذي هي عروسي جات ، خلاص أخليك كنت بنبهك تصحى .. أشوفك بالمطار
بندر وهو يلمحها تقوم باتجاه الحمام نطق بسرعة : زين يللا
قفل الجوال وأسرع خطواته لها ، رمى اللحاف عنها ولمها له ساحبها معه للحمام


-

عند بدر ،
مجرد ما قفل الجوال دخلت عنده بالسيارة وهي حاملة كوبين قهوة باردة : أنا العروس وأجيب لك القهوة ! مو مفروض أنت تجيبها
ابتسم بحب وهو ياخذها منه : والله طابور الشباب طويل بنجلس ساعة عليه - لف عليها وضربها بخفة بمرفقه وبإبتسامة : بعدين وش فيها زوجتي تخدمني !
ضحكت وهي ترتشف القهوة : لا لو سمحت لا تفكر إني أخدمك بيوم من الأيام ، هذا تفضل مني عليك
تابعوا مشوارهم والراحة تسري بروحها ، وعدها ما يقرب منها وتكون بحكم الزوجة شرعًا إلا بعد ما يتأكد إنها تهيأت نفسيًا وجسديًا له ، قربه بهالشكل يبعث السلام لقلبها .. وقربها منه أقصى مناه ومنى طفولته ، تمكينها منه مسألة هينة بيصبر عليها لأجلها ..


-




مرت 3 أيام

كان يجلس وحده بمكتبه الكبير ، يأكله التفكير من المسألة اللي طرحها عليه إخوانه الاثنين .. أحمد ويوسف ، كان مجرد اقتراح ونصيحة أخوية ، لكنها سلبته النوم .. انفصل عنها من سنين ، والحين رجع ينفتح الموضوع !
هي .. كانت زوجة مخلصة ، ما ينكر العشرة الحسنة بينهم ، لكن مشاكل وعدم توافق بينهم أدى لانفصالهم أخيرًا .. اقترحوا عليه يلم شمل عائلته من جديد ، مابقى من العمر إلا قليل .. بنته الوحيدة والصغرى مرضها اللي سلب منها الحركة كأي بنت بعمرها تصارع مرضها بعيد عنه .. وكواجب أبوي كبير يقوم برعايتها تحت جناح بيته ، لكن اللي شاغل تفكيره هو ردها ! ، لأول مرة من طلاقهم يفكر بعودتها لعصمته .. جلس وحده لساعات غارق بتفكيره .. وأخيرًا قرر
تنهد بهم كبير ورفع السماعة : بلغ رايد يجيني بسرعة .
دقائق معدودة حتى انفتح الباب وطل منه ابنه رائد : هلا يبه ، آمر
اعتدل بجلسته وأشر لابنه يجلس ، نطق أخيرًا : أختك ميرا ، شفتها قريب ؟
هز راسه رايد : ايه لسى أمس الليل كنت عندها ...
صمت أبوه مو عارف كيف يبدأ ، نطق رائد وابتسامة داخلية تعتليه .. الظاهر الموضوع اللي كلمه عنه أحمد بدا يجيب مفعوله : آمر يبه .. في شي ؟
شبك كفوفه ببعض واستند برأسه عليها : أمك ..
سوى نفسه متفاجئ : وش فيها أمي الله يخليها ؟
تنهد بقوة أبوه وأراح ظهره للخلف : مو عاجبني وضعكم وأنا أبوك .. أختك مريضة وأنا بكل مرة أزورها أحس بالحرج ، هي بنتي وأبيها تتعالج وتقوى تحت عيني .. وتعرف ... وضع أمك مو ذاك الزود
تكلم رائد بحمية يدافع عن خاله قدام أبوه : خالي مو مقصر يبه ، وأنا ولدها .. كل اللي تبيه تامر به بس
ابتسم على لهجة ابنه : الله يديمك لها ذخر .. خالك ما قلت عنه شي ، رجال والنعم فيه .. لكن يظل وضعنا أفضل منهم بكثير ، ليش نكلفه هم فوق همه ؟
رائد تكتف : بالمختصر يبه وش تبي ؟ تبي تجيب ميرا عندك أقولك من الحين هي رافضة ومحد بيقوم فيها مثل أمي
تنفس عمر وبهدوء : إذن نجيبهم كلهم عندنا !
رفع حاجب رائد وكل مراده أبوه ينطقها : شلون ؟
أبو رائد : أرجع أمك لعصمتي
ابتسم بانتصار أخيرًا : الساعة المباركة والله يا بو رايد !
أبوه وقف : قوم نادي عمامك وقولهم يتجهزون ، وأنا بروح أجيب جدك .. بكرة خالك مسافر مافي وقت
خلال نصف ساعة كانوا مجتمعين ببيت أم رائد اللي انصدمت من الطلب ، بعد كل هالجفاء والسنين يفكر أخيرًا يرجعها ؟ ، مشاعر الحب غير موجودة بينهم .. لكن المودة والرحمة غصب تجمعهم
ما خفت عنها فرحة بنتها ميرا اللي راحت تترجاها بعيونها ! .. تأملتها وبداخلها تفديها بكل روحها ، إن كانت بتوافق فهو فقط لأجلها .. لفت على أخوها الكبير : موافقة
ضحكت ميرا بمجرد ما سمعتها ، رفعت يدينها وحاوطت أمها بامتنان كبير ..
كان لهذا الحدث أثر كبير على العائلة ، أقيم عشاء فخم في بيت الجد بعد ما تم كتب الكتاب ..
ماخفت فرحة ميرا عن الجميع ..
وهاهم أخيرًا في بيتهم بعد غياب سنين ، رائد دخل ميرا غرفتها بفرحة كبيرة : يا هلاااا والله أسفرت وأنورت الدنيا .. أم رائد وأخت رائد أخيرًا !
ريتاج اللي كانت بالغرفة تجهزها وترتبها ، عدلت المخاد لميرا : اي والله ، أخيرًا بيرجع حس البيت ! ، خاصة بعد ما راحت ملاذ
كان جواب ميرا الوحيد هو الابتسامة الكبيرة ، تركوها ترتاح وطلعوا لجناحهم ..
استلقت براحة فاقدتها من زمان على سريرها ، أخذت الجوال وفتحت الواتس .. أرسلت رسالة مطولة تحكي جميع التفاصيل للمجموعة اللي تجمعها بـ شوق وتالا فقط .. ضحكت لقهر تالا كون هالحدث العظيم فاتهم .. أما شوق كانت الفرحة فعلًا غامرتها ، تركت الجوال بعد مافرغت اللي داخلها أخيرًا .. وبمجرد ما استرخت فزت بخوف على صوت خبط خفيف على الشباك !
كانت تقدر تشوف ظلاله من خلف الستارة ، تنهدت بحنين لتلك الأيام .. من طفولتهم كان دائمًا يسوي هالحركة بمشاغبة وتخويف ، كون غرفتها مطلة على سيب صغير خارجي مجهز بجلسة خاصة من تصميمها .. اعتدلت بجلستها ، سحبت الكرسي القريب منها وبصعوبة سحبت نفسها له .. حركته متوجهة للشباك الكبير ، أزاحت الستارة ومثل ما توقعت كان طالع على الكرسي ومتمسك بالجدار ينتظرها ..
ناظرته بضيق بدون أي تعليق ، أشر لها بكفه تفتح الزجاج .. زفرت بضيق وهزت راسها نفي ، ترجاها بعيونه وشفاته اللي ما يوصلها صوته .. ترددت في البداية ، لكن خضعت أخيرًا وهاهي تفتح الشباك كامل ..
راكان ، دفع بنفسه للأعلى وجلس على طرف الشباك من دون ما يدخل لداخل الغرفة ..
ابتسم : أخيرًا ميرا !
تابع بفضفضة : تدرين إني صاير مو طايق البيت ! ، ما أجي إلا الليل أتطمن على أمي ..
تكتفت وأراحت ظهرها على الكرسي تسمع لثرثرته .. لف عليها وبإبتسامة حنونة : فقدت حسك والله ، عرفت مقدارك عندي ..
تقدمت وقربت له ، سحبت جواله بمباغتة من جيبه ، مسكت أصبعه ووثبتتها على الزر لينفتح لها .. تفاجأ من حركتها ، تابعها وهي تطقطق عليه وأخيرًا حطته قدام وجهه .. قرأ المكتوب بعقدة حواجب ( في شي ثاني كمان ؟ لأني تعبانة وأبي أنام .. لا تفسد الفرحة اللي أحسها )
تأملها لثواني .. شعرها الأسود الطويل معقود بظفيرة ، وجهها وجسدها اللي نحفوا كثير وكأنها فقدت عشرة كيلو .. نطق بصوت هامس : زين - رفع أصبعه كتهديد - بس لا تفكرين تهربين مني !
سحب جواله من يدها وقفز من الشباك لأسفل ، المسافة بسيطة وغير مرتفعة .. تقدمت شوي تراقبه وهو ينفض يدينه .. رفع راسه لها وبمباغتة ضم شفاته بقبلة هوائية أرسلها لها ، فتحت عيونها بصدمة وسرعان ما شافته يضحك بشقاوة قبل لا يعطيها ظهره ويبعد .. تنهدت بنرفزة منه وتراجعت للخلف تنام .



-



منعزلة في غرفتها ، الحزن ياكلها .. مسكت جوالها تسترجع الرسائل النصية اللي تمت ليلة البارحة
( هي : أعتذر أحمد ، أتمنى ما تفهم غلط ، بس كنت عاجزة عن شكرك )
بعد ساعتين ( أحمد : انسي الموضوع ، أنا ما أشوفك غير بنت ثانية لي .. الله يوفقك ، وانتبهي لعمرك .. حافظي على قلبك ولا تتركينه سبيل ، مازلتِ يا بنتي بعمر الزهور )
حافظي على قلبك ولا تتركينه سبيل ! هالعبارة شطرتها نصفين ! ، سبيل ؟ سبيل فقط لأنه سمح له بالدخول والاطمئنان فيه ! ليه يستهتر فيها وفي قلبها ! رسالته هذي سلبتها النوم من أمس .. أيقنت إنها فعلًا تقاسي اتجاه وهم وسراب ، مهما حاولت الفارق العمري بينهم يجبره يشوفها مثل بنته بشكل فطري ، قرأت ردها اللي كتبته وهي بقمة جرحها وقهرها منه : ( سبيل ؟ شكرًا لك .. ممكن أجل تعلمني كيف أحول هذا السبيل لطريق مسدود ما يدخله أحد ؟ شاكرة لك سخريتك مني .. ما ألومك ، أظن إني ورطتك مع وحدة ما تشوفها غير مراهقة ساذجة .. ليت الصدفة ما جمعتنا وليتني مت قبل ذاك اليوم )
وصلها رده مباشر ( الله يسامحك ، ما أسخر منك ، منى .. لا تضيعين عمرك بهباء منثور مازلتِ صغيرة .. صدقيني بتكبرين وتفهمين .. الله يوفقك )
ضمت نفسها وهي تبكي بقهر على عمرها الضايع ، معقول يكون اللي تحسه مجرد نزوة ؟ لأن مافي أحد قدامها غيره تعلق قلبها فيه ؟ زفرت بحزن علها تخفف النار اللي تاكلها .. سحبت جوالها من جديد ، وبعصبية كبيرة حذفت رقمه .. قامت وتوجهت لدولابها ، طلعت من الدرج الأعلى كيس قماشي رقيق .. تأملت الشماغ اللي داخله ، القطعة الحمراء اللي رافقتها سنين ، ناظرته بغيض شديد ورمته فوق الدولاب ..
بهاللحظة انفتح الباب ، لفت لريان اللي دخلت بضيق : منى .. يكفي عاد ما تبين تطلعين من الغرفة !
بضيق توجهت لسريرها : لا
تقدمت ريان وجلست بجنبها على السرير ، وبحنان : ماودك تقولين لي وش فيك ؟
زمت شفاتها بحزن ، مافيها تحكي عن خيبتها وسخريته !
ريان بإبتسامة : على راحتك ، بس ... ما سمعتِ آخر خبر !
هزت راسها نفي وهي تنسدح معلنة نهاية الحوار : لا
ريان تربعت : أم رايد جارتنا رجعت لزوجها !
لفت باستيعاب والخبر يشدها : متى ؟
ريان : اليوم .. - وبضيق - يعني خلاص ماعاد لنا جيران ، والبنات ما بنشوفهم كثير !
فتحت عيونها بصدمة ، يعني حتى هو مارح تشوفه مصادفة أبدًا بعد اليوم ! حتى آخر سبيل بينهم انقطع ، وكأن كل شي ضد حبها الغريب !
رجعت تضم لحافها وبحشرجة صوتها الضيق : خلاص اطلعي بنام
قامت ريان بضيق من حالة منى : زين .. وترى ياسر رجع قبل العشاء ، لا تنسين تسلمين عليه
هزت راسها من تحت اللحاف ولا علقت ، وبمجرد ما أغلقت ريان الباب انخرطت ببكاء مكتوم


أما ريان ، طلعت من الغرفة وتوجهت لغرفتهم .. قفلتها ووصلها صوته : شلونها ؟
ريان تنهدت : بخير لا تشغل بالك
ياسر بضيق : لو أدري وش فيها بس !
جلست بجنبه ومسكت كفه ، بإبتسامة حنونة : عادي لازم الواحد ينفس .. بكرة تلقاها رايقة
ابتسم لها من دون تعليق .. تمددت على رجله وسحبت كفه لشعرها ، تجاوب معها وراح يمسح راسها بخفة ، نطقت : وخالتي كيفها ؟
ياسر بهم : مثل حالتها ، ما طلعت من المستشفى .. برجع لها وننقلها هنا بالرياض
سحبت كفه وقبلتها : تطمن ، كل شي بيكون بخير لا تشغل بالك ..
نزل لمستواها وطبع قبلة امتنان على راسها

\\



السلام عليكم ورحمة الله عزيزاتي ..

مهما بعدنا عنكم ، مصيرنا نرجع لكم ��
من أول مرة كتبت فيها الرواية 2011 ، كنت مازلت بأول مراحل الثانوية .. تمنيت وانتظرت اليوم اللي أشوفها بقسم ( الروايات المكتملة ) ، خانتني نفسي وخانتني ظروفي .. انقطعت بالرغم من إن شخصيات الرواية بقلبي ، وها أنا أعود ..
لا أطمح بعودة المتابعات القديمات ولا متابعات جدد ، لكني فقط أطمح لإنهاء الرواية .. لأبدأ روايتي الجديدة ..
لا أخفيكم إن كثير من قناعاتي القديمة اللي كتبتها بالرواية تغيرت تمامًا ، نظرتي للأمور اختلفت .. لكن سأحاول جهدي أن أنهيها كما بدأتها ..

تبقى القليل من الرواية ، قرابة جزئين تقريبًا .. الجزء الثاني موجود معي حاليًا .. تبقت المراجعة فقط وإن شاء الله أنزله ، بالنسبة للجزء الأخير سيكون جاهز قريبًا ..


-


اعذروا تقصيري ، وشاكرة لكم كل هذا الوفاء ��
حساباتي على مواقع التواصل موجودة بالتوقيع ��








لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-09-17, 12:39 AM   #85

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



الله أكبر الله أكبر .. لا إله إلا الله
الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .

عيدكم مبارك ، تقبل الله صالح الأعمال ♥





*


وكيف يتمّ بأسك في أناسٍ
تصيبهم ، فيؤلمك المصاب ..
- المتنبئ .



؛
؛




بالشقة البعيدة ،
كان جالس بالمجلس وحده ، يتأمل الخاتم اللي بيده .. خاتم ذهبي أنيق ، منقوش بداخله اسمها واسم خطيبها ( سحر ، عبدالله )
يا ترى معقولة ما فقدته ؟ ، هل يعني لها هالخاتم كثير ؟ .. ماذا لو أنهى وجود هالخاتم ؟ هل بينتهي كل شي وبيختفي اسم عبدالله !
زفر بضيق على حالته الصعبة ، يهوجس بأشياء مالها أساس ! ، كله من وجودها ذاك اليوم بالشقة .. لو ما جات ما كانت هذي حالته !
وقف ودس الخاتم بجيبه .. توجه لغرفته حيث ينام أبوه ، وبهدوء وثقة رمى الخاتم بسلة القمامة ! من دون أي تأنيب ضمير !
كان ناوي يتمدد على سريره ، لكن الصوت الصادر من برى منعه .. طلع عند فهد اللي للتو رجع وهو حامل بيده الطفلة الصغيرة " هديل " ، كان يلاعبها ويضحك بسعادة .. وخلفه تقفز شهد بمرح ، بمجرد ما شافته ركضت له وضمته : ولييييييييييد !
نزل لمستواها وضحكة تتسلل له ، حملها لفوق ودار فيها بينما هي تصرخ بمرح
فهد ابتسم لمنظرهم اللي فقده من زمان
وليد نزلها : اشتقت للإزعاج
فهد بضحكة : جبتها علها تحرك شوي من برود الشقة
ابتسم وليد وتقدم ، حمل هديل عن فهد وراح يعفس وجهه لها علها تضحك .. : شكثر اشتقت لها هالنتفة !
فهد ترك الأكياس اللي كان حاملها على طاولة المطبخ : بالغصب سمحوا لي آخذها معي ... تغديتوا ولا أطبخ لكم معي ؟
وليد جلس تارك هديل بحضنه تلعب بميدالية المفاتيح بينما شهد تحوس بالشقة : أبوي غديته .. أنا باقي ، تكرم لي واطبخ
بدأ فهد يطبخ بحماس بعد نوبة التعب اللي داهمته مؤخرًا وأردته جالس .. تشاركه شهد بمرح ، بعد مدة وسوالف عابرة ، رفع راسه لوليد وكأنه تذكر : صحيح ، شفت خاتم غريب بالشقة ؟
وليد وكأنه انلسع ، تدارك نفسه ونطق : اممم فيه سوار وساعة كانت بالحمام ، حطيتها بغرفتك ما شفتها ؟
فهد تابع تحريك الرز على النار : إلا شفتها .. بس ماشفت خاتم معها !
وليد ببراءة : تلقاه طاح
ابتسم فهد : مو مهم - بضحك تابع - سحر مكلمتني اليوم تسأل عن الخاتم خصيصًا .. تعرف البنات يقدسون هالخرابيط !
ضحك وليد بجمود مخفي ملامحه عن فهد : إلا بسألك ... متى زواجها ؟
فهد رفع عينه لوليد يستشف مشاعره اللي ماخفت عنه : بعد شهرين !
نزل راسه وليد يتابع لعبه مع هديل : الله يوفقها
فهد وزع الرز والدجاج على الصحن ، قربه لوليد وجلس مقابله .. : وليد .. لازم تشغل نفسك ، قدم على أي وظيفة تنفعك
وليد بضيق من هذا الموضوع : ناوي أطلع للشرقية أو البحرين .. أحس الرياض تقتلني ، خاصة بعد ماجوا خوالي ، مو طايق أحد الله وكيلك .. بس يمر هالشهر وتسوي عمليتك وبعدها نطير لهناك سوا .
فهد نقل نظره لهديل المستكينة بكرسيها .. قاطعه وليد : لا تشيل هم ، حتى هديل نقدر ننقلها للشرقية .. لقيت بيت هناك زين وكبير
فهد كان يراقب حماس وليد بصمت ، تابع وليد : تدري أفكر نفتح مشروع صغير تديره انت .. كوفي على قدنا - بضحكة ممزوجة بنشاط - عندنا خبرة ، ولا نسيت ركن القهوة اللي اشتغلنا عليه أيام الجامعة ؟
ضحك فهد بمرح على ذكرى الأيام الماضية : الله ! قسم خاطري نرجع له
وليد ابتسم : عاد حلمك تمسك كوفي وتضبطه .. وعيادة صغيرة خاصة بجنبه افتحها لي
فهد والفكرة راقت له كثير : والله فكرة جازت لي .. زين نشغل نفسنا هالأيام تخطيط ، الديكور علي !
قاطعهم صوت جوال وليد : هذا طلال .. بشوف وش يبي

-


بتورنتو :

كانت واقفة على طرف الرصيف بين الجموع الغفيرة ، بكل استمتاع تُطرب للموسيقى اللي يعزفها رجل هرم وحفيده الصغير ..
انتشلها من غرقها في تفاصيلهم يده اللي انحطت على كتفها : وينك ! خوفتيني عليك
لفت عليه بابتسامة : هنا مابعدت
جواد ناولها قطعة الحلوى التقليدية : راقوا لك !
ابتسمت بانتعاش : مررررة جواد
وقف معها ينتظرهم ينتهون ، دامها مستمتعة فهذا يكفيه .. مضى على وجودهم بكندا أسبوع ونصف ، أسبوع ونصف لكنها اعطته فيها عمره كله .. حبيبة الطفولة وصديقته وأمه ، الاندماج فيما بينهم يلحظه الغريب قبل القريب .. وكأنهم ماخلقوا إلا ليكملوا بعض
انتهى العازف أخيرًا ، تركوا له بعض النقود .. تشابكت أصابعه مع أصابعها ومشوا يستمتعون ببقية يومهم .


-


بأرض الوطن ..
كان جالس على لاب توبه ينهي بعض أشغاله .. رفع راسه لمشاعل اللي وقفت قدامه تمد له كوب القهوة ، أخذها بابتسامة : تسلم هاليد والله
جلست بجنبه بعد ما أخذت كوبها ، ترددت لكن نطقت بالأخير : خالي ..
رفع راسه باهتمام : آمري !
ابتسمت بعذوبة : ما يامر عليك عدو .. كنت بسألك بس متى ترجع لمار ؟
وكأنها فتحت جرح عميق مايتداوى ، قفل لاب توبه : لا تسأليني !
مشاعل : ورهام ؟
تعلقت عيونه بعيونها من دون تعليق .. نطقت بحزم : ترى واضح إنك عايفها ! - بقهر - طيب ليش تزوجتها دامك ما تبيها ؟ هدمت حياة البنت وحياة زوجتك معها ! - وقفت بضيق - بس هذا أنتم الرجال ، مايتغير طبعكم !
كان مصدوم من كلامها ، لأول مرة تعترف له بملاحظتها اتجاه ريهام ! ، كان ناوي يوقف يلحقها .. لكن صوت جواله قاطعه ، رفعه واعتلاه الاهتمام الشديد وهو يشوف الاسم ! ( وليد ) ! نسى آخر مرة قابله فيها ! مستحيل يذكره لله في الله !
فتح الجوال وهو مستعد لأي خبر يسمعه : هلا وليد
وصله صوت وليد : أهلًا ... - كان صوته مو رايق أبدًا مما زاد توتر وائل - بس .. أبيك لو سمحت تشرف بمستشفى ****
الخوف تملكه ، هذا نفس المستشفى اللي تراجع فيه لمار حملها ! : وش فيه ؟ صاير شي ؟
وليد بعد صمت : تعال ونتكلم هناك !
قفل الجوال بسرعة ، لبس ثوبه والهم معتليه .. كل الاحتمالات خطرت في باله ! ، نزل لسيارته وبسرعة جنونية قادها .. خلال 20 دقيقة كان قدام المستشفى
مجرد ما دخل من البوابة الرئيسية لمح وليد واقف عند الكراسي وواضح إنه ينتظره .. تقدم له حتى انتبه له : إن شاء الله خير !
وليد كانت ملامحه جامدة ، تأمل حال وائل والقلق اللي ياكله ، زفر أخيرًا وفجرها : الجنين مات ، الله يعوضك !
وكأن طوفان كبير دار فيه وارتطم به الأرض ! ، ما استوعب ! .. طفله اللي ما حس بوجوده راح ؟ بكل بساطة راح ! باقي ما حضنه ولا سمع نبض قلبه برحم أمه ! شلون يروح بهالسهولة ! يا ويل وجع قلبه ..
صحاه صوت وليد اللي لاحظ مدى الصدمة ولا توقعها بعد ما مسك كتفه : وائل ! استهدي بالله .. هو باقي جنين ماكسب غلاتكم !
ضاق تنفسه وجلس على أقرب كرسي ، سند راسه على كفوفه وهو مائل بجسمه .. يا سهولة الكلام يا وليد ! ياسهولته وأنت ما ذقته ! اللي يده في ماي مو مثل اللي يده بالنار وأكلته وأحرقته ..
رفع راسه أخيرًا وبوجع : ولمار ؟
ناظره وليد بنظرة عميقة : فوق .. تنتظرك !
وقف بسرعة متحامل الوجع ، لو هو اللي ما عاش مع ابنه إلا أيام قليلة كيف بيكون حالها وهو رافقها شهور بكل لحظاتها وخطراتها ! : كم رقم غرفتها ؟
وليد : 66 .. بس !
لف عليه وائل بضيق : بس شنو ؟
وليد بهمس : ترى نفسيتها تعبانة ، لا تضغط عليها
هز راسه بضيق وطلع تارك وليد خلفه .. صادف بطريقه بعض من أهل لمار .. الجدة ، طلال .. وبعض النساء اللي مايعرفهم ، كانوا يرمقونه بنظرات وكأنه هو سبب إجهاض الجنين ! ، تحامل نظراتهم وتعداهم .. وهاهي الغرفة قدامه ، سند راسه على الباب يقوي نفسه ، طال غيابها عنه .. طال لدرجة إن الرعشة بدأت تسري فيه شوق وحب لها .. أخذ شهيق وزفير ، طق الباب وفتحه بدون ما يسمعها ..
وقف عند الباب بعد ما قفله ، كانت مستلقية ومعطيته ظهرها بشكل آلمه .. تقدم بخطوات بطيئة ، وصله صوتها قبل لا يقرب أكثر : لا تقرب !
زلزله صدها وردها ! مو بهالوقت لمار مو الحين ! أحتاج فقط أواسيك وتواسيني .. تحكين لي عن أيامه الأخيرة ، عن لحظة فقده .. مو الحين الله يسامحك !
نطق بهمس موجوع : لمــار !
كانت لا تزال حارمته شوفتها ، استعدلت بجلستها بصعوبة بالغة .. لفت أخيرًا عليه حتى هاله منظرها ! وكأنها شبح لمار ..
زم شفاته بضيق : الله يعوضنا .. لا تبكـ...
وقبل لا ينهي كلمته نطقت بغيض ولولا تعبها كان صدع صوتها أرجاء المكان : لا تقووول يعوضنا ! .. الله يعوضك ! ، لأن خلاص ماعاد فيه اللي يجمعنا !
شقته نصفين بكلماتها ، كان محتاج منها مواساة ، حضن .. لمسة حنونة ! .. تدارك صدمته وبهدوء تمالك نفسه .. قرب لعندها ورفع كفوفه لوجهها يحاول يضمه : لا تتعبين عمرك يا عمري ، أنتِ الحين تعبانة !
أبعدت كفه بنفور وعصبية : ابعد ... قلت لا تقرب !
تراجع خطوتين متفهم تقلبها : براحتك ، بس هدي أعصابك !
تنفست بقوة بعد التوتر اللي سببه لها ، نطقت أخيرًا : ناديتك ... لأني أبيك تنهي كل شي !
عقد حواجبه غير مستوعب ، تابعت وصوتها يتهدج ببكاء : ماكنت أتمنى يجي الطفل ! عشان ما أضطر لشي يربطني فيك ! .. هذي رحمة ربي ، عفتك يا وائــل ولا عاد أبي طاريك يحيا بحياتي
ضغط على نفسه و لف معطيها ظهره : لمار .. أنا بتركك ترتاحين ! عقبها نتفاهم
صارخت صرخة هزته وأجبرته يلتفت عليها : لااااا ، الحين - انهارت كليًا وكأن خبر وفاة جنينها للتو يوصلها - الحيــــن ، الحيين قولها وطلقني .. أبي عدتي تنقضي بسرعة وأتخلص منك ! مابيك
تقدم لها بسرعة يحاول يهديها كانت تقاومه بضعف شديد ، بهاللحظة انفتح الباب .. دخلت الممرضة وجدة وليد بسرعة .. خلصوها من يدينه وسحبوه برى الغرفة .. كان وليد واقف مقابل الغرفة بأسى لحالة خالته ! لا يزال مصدوم منها .. كيف قدرت تتخلص منه ؟ وهي اللي حاربت الجميع لأجله ! ، كانت ميتمة فيه لدرجة ما تشوف خطأ من أخطائه ! وفجأة انهار كل شي ! ، سبحان من يغير القلوب ! ، خطرت في باله سحر .. داهمته رغبة يسأل خالته عن طريقة تخلصها من حب وجنون زوجها ! عله يستفيد .. ما حس بنفسه وهو يدعي بقلبه ( اللهم يا مثبت القلوب ، ثبت قلبي على حبها )
تحرك بثقل ناوي يلحق وائل اللي طلع من الغرفة ناوي ينزل تحت ولأول مرة في حياته يرق قلبه لحالة وائل رغم يقينه بإنه يستاهل ما يجيه ..
نزل ولمح وائل واقف بعيد وأمامه مباشرة فهد اللي للتو وصل ..
أمسك كتفه وبمواساة : الله يجبركم وائل ، قدامكم عمر تشوفون ذريتكم
وائل اللي كان مستاء جدًا ومجروح منها هز راسه بشكر لفهد ، بادر فهد بلهفة قلبه : امشي معي ، بوصلك ..
وائل كان يحتاج يبعد عن الجميع ويجلس وحده ، أو يطير لرفيقه عزيز اللي يعرف البير وغطاه .. نطق بضيق : ما تقصر فهد .. بس خاطري أمشي وحدي
ما عارض فهد وهو يشوف وائل يروح مبتعد ، وبخاطره لو يلحقه ويوصله ويجلس ببيته .. على الأقل ينعم بقربها !


-



بأرض دبي ،
بأحد الأبراج العالية .. حيث يقام أكبر معرض للرسامين العرب ..
كانت واقفة جنبه بركنهم الخاص ، ركن أنيق يليق بفنان كبير على مستوى العالم العربي .. لكن هذي المرة تختلف كليًا لوحاته ، امتزجت بريشتها مضفية عليها لمسات خاصة يدركها جميع الرسامين والمتذوقين ..
صقر التفت عليها ملاحظ حماسها : شايفة ؟ قلت لك هذي فرصة ما تتفوت ..
ابتسمت بحماس : اي والله ، الحمدلله ما فوتها .. بس ما أعرف شلون تستحمل المعارض !
ضحك ضحكة خفيفة : لازم تتحملين لجل هدفك ! ، صحيح بالبداية تعب .. لكن لذة الإنجاز تذوقينها آخر يوم
جلست على الكرسي بانهاك ، وشربت علبة المويا اللي بجنبها .. تأملت اللوحات حولهم وبإبتسامة حالمة : يالله ! تصدق .. السنة الماضية بس كنت أتمنى لو أحضر لك معرض ، أشوف حسابك وانقهر إني ما قدرت أحضر !
تقدم لها وجلس بجنبها ، مسك كفها : واليوم مو بس تحضرين لي ، إلا تشاركيني وتتفوقين علي كمان !
ضحكت بخفة : أوعدك ما ينتهي المعرض إلا وأنا ساحقة اسمك !
لفوا بشكل عفوي على الفلاش القوي اللي توجه لهم ، ابتسموا للمصور اللي كان يلقط صورة لهم بهذا الوضع ولوحاتهم خلفهم ..
وقف صقر وقال وهو يشير لقدام : هذا هم أهلي جايين أخيرًا !
وقفت تلحقه ، جمدت للحظات وهي تشوف البنت اللي تمشي جنب الجازي أخت صقر ! ، كانت سلامة طليقته ..
خافت يبين التوتر والضعف عليها ، تماسكت مدعية القوة وهم أخيرًا يوقفون قدام ركنهم .. كانت الجازي وأمه يتكلمون بحماس شديد ملتقطين بعض الصور لهم .. بينما سلامة واقفة خلفهم تسحب العربية اللي فيها بنتهم ( فدا ) ، رفعت بصرها له مستعدة إنها تشوفه بحالة هيام وشوق لطليقته ! ، لكن كان واقف بجنب أمه يشرح لها بمرح !
وصلها صوته وهو يسحبها من يدها : وهذي سويناها مع بعض يمه .
أمه راقبت اندماجهم اللي ما توقعته وابتسمت بصدق كبير أخيرًا لتقاربهم ..
صقر .. وصله صوتها اللي اشتاق له كثير : بــابا !
لف على بنته بحنين ونزل لمستواها : عيون البابا !
أصدرت همهمات ما يفهمها غيره وكان يتجاوب معها بشكل جميل .. رفع راسه للي واقفة جنب العربية تراقبه ، كانت تبتسم ابتسامة ناعمة .. : شلونك سلامة ؟
هنا ، ملاك ابتعدت كثير باتجاه أم صقر وأخته .. ما تتحمل تشوف أو تسمع شي ممكن يهدم اللي بنته خلال هالمدة ..
ردت سلامة بابتسامتها : الحمدلله .. شلونك أنت ؟
وقف : الحمدلله ، - لف على ملاك ، شافها بعيدة تشغل نفسها ، رجع بنظره لها - مبسوط مع زوجتي !
هزت راسها براحة : هذا المهم ، أخيرًا لقيت لك وحدة تشاركك اهتمامك
صقر : كملتني وكملتها .. ولقيت روحي معها !
سلامة نطقت وهي تجر العربية : الحمدلله ، هذا اللي كنت أبي أشوفه
ولفت متوجهة للبقية ، قربت لملاك وبصوت ما ينسمع إلا لها بسبب ضوضاء المعرض : أهنيك !
لفت ملاك لها وعقدت حواجبها ، سلامة تابعت : قدرتِ تغيرين صقر ! ، حقيقة السعادة والراحة تنطق بها عيونه !
ابتسمت ملاك : الحمدلله ..
سلامة : كان محتاج وحدة تفهمه وتشاركه ، و مافي غيرك قدر على هالشي .. - مسكت يدها تطمنها - زواجي بعد شهر .. بالإنسان اللي اختاره قلبي ، لا تفكرين بيوم بماضي صقر .. لأنك حاضره ومستقبله ! فعلًا أنا مبسوطة لشوفتكم واقفين مع بعض بمعرض يحلم به كل فنان
ابتسمت ملاك والهم ينجلي عنها ، كانت تخاف ترمي عليها أي كلمة أو صقر تنقلب حاله لشوفتها .. لكن اكتشفت انها أساءت الظن : الله يوفقك سلامة ، الحياة قدامك .
بادلتها الابتسامة : واللي مطمني أكثر ، قالوا لي شكثر بنتي فدا حبتك ..
ملاك نزلت راسها لفدا : فدا بقلبي قبل عيوني ، لا تشيلين همها !
بهالوقت وصلهم صوت صقر موجه كلامه لأخته : جازي فيك تبقين هنا ؟ نبي نلف على كم ركن أنا وملاك
تحلطمت الجازي لكن بالنهاية رضخت ..
سحب صقر كف ملاك ومشى معها ، ضغط على كفها أكثر وبهمس : لاحظت توترك ، لا تشيلين هم .. قلبي تخلص منها والله
شدت على يده أكثر من دون تعليق وبداخلها تدرك مدى صدقه .


-





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-09-17, 12:40 AM   #86

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



بجلسة أخوية فقدوها من زمان ..
يجلس ومقابله أخوه الصغير تركي ، الأخ المقرب للقلب وكأنه ابن له ..
تركي وهو يرتشف العصير بتلذذ : تدري ، ناسي آخر مرة عزمتني فيها على الغداء .. -بضحكة- الظاهر فاقد تالا لدرجة تذكرني !
ابتسم أحمد : لا وأنت صادق جايبك للمطعم عشان أفتح شهيتك وأقدر أفاتحك بموضوع
بلع لقمته تركي : أعوذ بالله ! ، ترى كذا تخوفني !
أحمد بهدوء : لا تخاف .. بس لقيت لك عروس !
ضحك تركي بسخرية : بتفتح الموضوع خبرني ، عشان أطلع تارك لك الغداء ..
أحمد بضيق : تركي .. اسمعني ! ، اعتبر هالعمل لوجه الله ..
تركي وقف متنرفز : لا عاد تفتح الموضوع ، أنا وقت مابي أتزوج بجي أقولكم .. البنت اللي اختارها وأبيها مو أنتوا تعرضون علي ! - بسخرية - ولا ليش أنت ما تتزوج !
أحمد تمالك نفسه وتجاهله : زين اجلس كمل غداك ..
لكن تركي ما سمع له وراح تاركه خلفه .. تنهد أحمد بضيق ، العروس اللي كان يخططها لتركي هي منى ! كان جازم إنها بترفض .. لكن قد تلتفت لنفسها وتترك جنونها وتوافق !



-




مضت يومين ..

لبست بجامتها متهيئة للنوم ، جلست على سريرها دهنت نفسها بالكريم والمرطبات .. وأخيرًا استلقت متمددة .. بكرة يوصلها أخيرًا فستان زفافها الأبيض من المصمم ، متشوقة له جدًا مع خوف ترفي بإنه يحتوي على خطأ ولو بسيط .. مع سلسلة خيالاتها غاب عنها النوم ، الهدوء يعم البيت .. والطمأنينة تسري فيه كأي يوم آخر لهم .. جاهلة أنفسهم عن أزواج العيون وكاميرات المراقبة اللي تحيط بهم ، والخطوات الحذرة المنتشرة في أرجاء المكان تحت ضوء القمر ..
تحركت بضجر من الرائحة اللي تسللت لأنفها .. وقفت بحذر ناوية تستكشفها ، نزلت الدرج والريحة تزيد .. شهقت بخوف : غاز !
نزلت بخطوات سريعة للمطبخ ، صادفت بطريقها الخادمة اللي جات مسرعة : ايش فيه مدام ؟؟
سحر بضيق : غـاز .. ليش ما تأكدتِ قبل لا تنامين ؟
الخادمة بقلق : أنا فيه صكر كل شي ..
تقدمت سحر للغاز ، اعتلتها الدهشة وهي تشوف الأنابيب مسكرة بإحكام ..
الخادمة : ممكن يجي من برا
سحر هزت راسها باقتناع : اي يمكن ..
طلعت فوق لدور غرف النوم ، دلفت غرف إخوانها الصغار تتطمن عليهم وتهويها ، كون الرائحة تزيد بشكل موتر ..
فتحت نافذة غرفة أختها الصغيرة وسرعان ما نطقت وهي تشوف زوجة أبوها تمشي بحذر بالحديقة باتجاه المستودع وهي حاملة شمعة : خالتـي !
رفعت راسها لفوق بتوتر : سحر ؟؟؟ ..
سحر بقلق : خالة فيه ريحة غاز ، انتبهي للشمعة بيدك !
خالتها : ايه كنت جالسة استرخي برى وحسيت بالريحة .. قلت أتأكد من الغاز اللي عند المستودع !
سحر نطقت بسرعة وخوف : لا لا تقربين ! يكون التسريب منها وبيدك شمعة ..
بهاللحظة وصلهم صوت قرع الجرس والباب معًا ، سحر عقدت حواجبها باستغراب مين يجيهم بهالوقت ! لكن سرعان مافتحت عيونها بصدمة وهي تشوف خالتها تتعثر بقميصها الطويل وتسقط الشمعة من يدها وماهي إلا ثواني حتى اندلعت النيران حولها بسبب الغاز المتسرب : لااااااااا
التفتت بسرعة لأختها النايمة ، سحبتها : قومي بسرعة !
الصدمة شلتها عن التفكير .. كان جلّ تفكيرها كيف فقط تخرج نفسها وأختها وأخوها وأمهم بأمان .. وصلتها صوت الصرخات المتتالية من خالتها ، غمضت عيونها وهي تسحب أختها وتتوجه لغرفة أخوها تسحبه وهي تطير تحت صياح أختها الصغيرة : ماما تبكي !!!! ماما شفيها .. ماما وينها ؟؟؟
سحبت جوالها من جيبها وللتو تتذكر إنه معها ، وبارتجافة أصابعها فتحته ودقت على الشخص الوحيد اللي باقي لها .. أول شخص طرى ببالها ، بكت بشدة والخادمتين ينضمون لهم : رد يا فهد رد رد .....
وصلها صوته النايم : هلا سحـ...
مجرد ماسمعت صوته انهارت وهي تضم أخوها : فهد تعال ! تعال بسرعة بنموت !
بهاللحظة وصلهم صوت الباب الداخلي يهتز بقوة ، وماهي إلا لحظات حتى انفتح ودخل مجموعة أشخاص بالرداء العسكري بسرعة متوجهين لهم .. سحبوا الأطفال من سحر ، وتمسك فيها أحدهم ، ساندوها : بسرعة اطلعوا ، الطريق للباب الخارجي سالك ..
نطقت بخوف باكي : زوجة أبوي .. الحقوها قبل لا تموت ..
نطق العسكري : عندها مجموعة يساعدونها ، اطلعوا الحين أنتوا الحريق ينتشر بالحديقة !
سحبوهم لخارج ، ومن أضواء سيارات الشرطة لمحت جيرانهم واقفين بفزع وبعضهم ببجايم النوم .. مجرد ما طلعوا تقدم أبو رائد بسرعة لها ، مسكها بخوف : كلكم بخير ؟؟
سحر تمسكت فيه بخوف : خالتي باقي !!
سحبها وهو يحاول يسترها : تطمني ، الدفاع المدني وصل .. مابيصير إلا كل خير
سحبها هي وأخوانها والخادمات لبيت أبوه كونه الأقرب ومجرد ما دخلوا استقبلوهم مريم وريتاج وأم رائد بفزع ..


-


قبل الحدث :
كان جالس بحديقة بيتهم بتوتر كبير .. : يارب ، يارب سلم ويسر !
يدرك إن ثمار عمل سنين وشهور اليوم يجنونه ، يدرك بإن خلال هالساعة بينكشف كل شي وبتحل الكارثة على بيت جارهم أبو فهد .. جارهم اللي ترك كل شي وراه وهرب من يومين ، متأمل إنه بيقدر يطلع أبناءه من هالمعمعة بطرقه الغير قانونية ويلحّقهم به خارج البلد ..
جواد ، رفيقه وصديقه .. وزوج أخته ! ، كيف ممكن يتحمل صدمة الموضوع وهو لازال عريس يقضي شهر عسله ..
قاطع حبل توتره وخوفه صوت نافذتها اللي انفتح ودقة أصابعها عليها ، رفع راسه لها بإبتسامة باردة عله يخفي توتره عنها ..
عقدت حواجبها ميرا بضيق لحالته المقلوبة من يومين ، أشرت على الساعة بمعصمها تبلغه بتأخر الوقت ، ابتسم وهز راسه وبهمس يوصلها وهو يوقف : أرق !
ابتعد عنها بعد ما أرسل ابتسامة ثانية تطمنها ، مضت دقيقتين حتى وصله فجأة صوت صراخ ! ، طار طالع من البيت وبطريقه صادف خاله يوسف بثوب النوم طالع من بيته بخوف : من وين الصوت ؟
راكان والعرق يتصبب منه : أظنه من بيت أبو فهد !
كلها ثواني حتى اجتمعوا أمام البيت ورائحة الحريق توصلهم ..
كان يراقب الوضع بقلق مع خواله ، يدعي عدم المعرفة بأي شي .. والحيرة تاكله بسبب النيران اللي انتشرت بحديقة المنزل ، كانت الخطة فقط مداهمة ومصادرة !
رائد طلع جواله من جيبه : بكلم فهد يجي ..
ومجرد ما رنت الرنة الأولى حتى وقفت سيارة فهد أمامهم وخرج منها برفقة وليد والخوف ياكله ، ركض ناوي يدخل البيت .. لكن وقفوه الشرطة ، مسكه رائد من كتفه : هدي فهد .. أخوانك ببيت جدي سالمين .
لف بعدم استيعاب : وأبوي ؟؟ وش فيه وش صاير ؟ ليش الشرطة مجتمعة ؟ والحريق !
سحبه وليد برفقة رائد : فهد .. نعرف كل شي بعدين ، روح تطمن على سحر .
طار لبيت الجد المفتوح ، وبدون تفكير تقدم لداخل عند عتبة الباب الداخلي مكان ماكانت جالسة سحر وإخوانها حولها يبكون .. بينما أم رائد وريتاج ومريم واقفين يهدونهم بقلق .
سحر مجرد ما شافته يدخل ما انتبهت لرائد ووليد خلفه ، طارت له وحضنته بشدة وصورة زوجة أبوها والنيران تلتهمها مافارقتها : فهد !
لمها لحضنه : وش صاير سحر ؟ - مسك وجهها يجبرها تشوفه - كلكم بخير ؟
هزت راسها نفي وببكاء : خالتي ... شفتها يافهد ، شفتها تحترق قدامي !!
هبطت الصدمة عليه مثل الصاعقة ، لكن سرعان ما وصله صوت رائد من خلفهم : شالوها الإسعاف قبل شوي .. تطمنوا
سحبها فهد وجلسها على عتبات الباب ، التفت لإخوانه اللي مايعرفهم كثير " ثامر ، ريم " .. شدهم له وضمهم يهديهم : كل شي بخير .. الحمدلله الحريق بسيط تطمنوا .. والحين ادخلوا داخل وناموا - رفع راسه لريتاج اللي كانت واقفة على مقربة ناظرها بينما هي بادرت بسرعة ومسكت يدينهم : تعالوا داخل معي ..
فهد رجع لسحر اللي هدأت نسبيًا - وش صار سحر ؟
سحر تنهدت برجفة شفاتها : كنا نبي ننام ، شمينا ريحة غاز قوي من برى .. خالتي كانت بالحديقة ، اندق الباب بقوة وطاحت الشمعة اللي بيدها .. وأظن التسريب كان من الغاز اللي تاركينه عند القبو !
طب طب كتفها : زين .. ماصار إلا كل خير - وقف - أنا بروح اتطمن على أم ثامر وبجيكم ! - التفت لها بعقدة حواجبه وكأنه للتو يذكر - أبوي وينه ؟
سحر : من يومين مسافر
هز راسه لها والتفت لوراء .. مجرد ما وصل للباب ، كان وليد واقف على طرفه ينتظره ، اجتمع حوله اثنين من عناصر الشرطة وأحمد اللي نطق : فهد .. يبونك !
فهد كان جل تفكيره في الحريق وإنهم ممكن يستفسرون عن سببه فقط لا غير ، هز راسه ونزل العتبة الأولى : بس بطمن على أهلي وأرجعهم البيت دام الحريق انخمد .
الشرطي اللي كان واقف قريب : لو سمحت نحتاجك وياليت لو تجيب البنت الكبيرة والخادمتين معك .
اعتلته الدهشة : عفوًا ؟
الشرطي : نحتاجكم بتحقيق ومتأكدين إنكم بتساعدونا .. ياليت تتعاون !
مسح وجهه بضيق : تحقيق وش ؟ الحريق مصادفة مو مخطط له ومحد اشتكى لكم !
وليد مسك كتفه والحيرة تملاه مثل فهد ، لكن سرعان ما قتلتهم الصدمة والشرطي يقول : كل شي يبين بالتحقيقات .. - طلع خطاب من جيبه - عندنا أمر باستجواب جميع أبناء ناصر الـ **** ومن تربطهم علاقة به !
نطق أحمد بضيق : أبو رايد ويوسف أخذوهم للتحقيق ، ما أعرف وش السالفة !
فهد دارت فيه الدنيا وللتو يتبادر لذهنه الممنوعات اللي شافها بيوم من الأيام بقبو البيت ! ، لا ! مستحيل .. يعني كل شي انتهى ! .. تماسك وبداخله يدعي إن الموضوع يكون مغاير تمامًا !
همس له وليد : أنا بروح للمستشفى اتطمن على خالتك ، لا تشيل هم شوف وش يبون منكم !
هز راسه ودخل داخل ينادي سحر ..


-


راكان ، كان واقف يراقب الوضع بهدوء داخلي .. ركب سيارة الشرطة بعد ما استدعوه للاستجواب مثل باقي أفراد العائلة ، وصل للمقر .. دخل إحدى الغرف وسرعان ما نطق بعد ما قفل الباب : وش صار ؟
عبدالرحمن مسح وجهه : لقيناه .. ومعه صهره والباقيين
جلس راكان بتوتر : زين الحمدلله .. طيب الحريق وش سالفته ؟
عبدالرحمن بإبتسامة ساخرة : الحريق مدبر ، واضحة .. لكن فاجأنا !
راكان هز راسه بعدم تصديق : تحرق عمرها عشان تفلت ! مستحيل ..
عبدالرحمن بهدوء : مافي مستحيل راكان ، المهم إنهم يراقبونها تمام ..
جلس قرابة ربع ساعة برفقة عبدالرحمن حتى وقف أخيرًا طالع .. قابله رايد اللي نطق باستغراب : وش يبون راكان ؟
راكان هز راسه بضيق : مدري .. يستحوبون استجواب روتيني ، مافهمت شي منهم !
رائد زفر بهم : الله ييسر .. قلبي ناغزني والله !


-


وليد .. دخل المستشفى اللي انتقلت له أم ثامر ، استفسر عن غرفتها وتوجه لها .. اعتلته الدهشة وهو يشوف الحراسة حولها ، تقدم ونطق للممرضة القريبة : ما أقدر أشوفها ؟
الممرضة لفت على العسكري اللي واقف بجانب الغرفة : ممنوع ، أعتذر
تنهد بضيق .. مو فاهم شي ، حاول يتطمن عليها لكن ردوه من جديد ..
مرت ساعتين وهو بالمستشفى عله يدري عن حالتها ويفي بوعده لصديقه اللي راح متطمن ووكله مهمة الاطمئنان عليها .. حتى وصله رنين جواله ، رد بلهفة : فهد أخيرًا !
وصله صوت فهد ضايق جدًا وكأن الأرض تسحقه وتنهي وجوده : تعال .. وليد ، أنا بمستشفى ***
وليد بقلق : وش فيه فهد ؟ وش صاير !
فهد باقتضاب : تعال بس ..
قفل الجوال وانطلق بسرعة للمستشفى وكل الهواجيس تأكله .. وصل أخيرًا وتوجه للطوارئ ، .. تقدم وليد ولمح فهد جالس على الأرض ولام كفوفه على وجهه بوضعية المهموم ، همس بقلق كبير : فهد ؟
رفع راسه وكأنه غريق أخيرًا وصله طوق الانقاذ ، زم شفاته وبصوت بالكاد يصل له : كل شي .. راح !
جلس مقابله على أطراف أصابعه ، ثبت نظره على عيونه عله يستشفِ منها أي شي ، ماكان قدامه غير عيون ضايعة بالفراغ ومحطمة : فهد ؟؟؟
سعل فهد بشدة وتنفسه يضيق .. وقف ، وبصوت مبحوح : خلك هنا .. سحر داخل ، بروح أسوي لي أكسجين
مسكه وليد بتردد : بجي معك
أبعده فهد : سحر تعبانة ، لا تتركها وحدها ..
وراح مبتعد تارك وليد خلفه ضايع ، رجع بخطواته لوراء .. وقف بجانب الستارة اللي تفصله عن سريرها لثواني حتى تجرأ وفتحها على مهل ، كان ظهرها هو اللي استقبله ..
تقدم بخطوات ثقيلة ، ظهر له جانب وجهها وشعرها المتناثر حوله بعشوائية رغم وجود الحجاب المرخي .. رق قلبه لمنظرها ، كانت أشبه بميتة .. وجهها خالٍ من التعابير والألوان ، شفاتها تحولت للبياض .. عيونها منسدلة بانزعاج يفسر تعقيدة حواجبها ، يدها مستسلمة للمصل اللي يغذيها ..
ما منع الرغبة الجامحة اللي تدفع كفه ليطبطب على جراحها ويمسحها ، رفع كفه واستقرت على كفها الباردة جدًا .. كان يتمنى لو يشيل كل أوجاعها ويودعها داخله بس ما يشوفها بهالحالة الكسيرة ، شد على كفها برقة بينما أصابعه تذوب
بباطن كفها .. حس فيها تحركت ببطء
فتحت عيونها بتعب ، رمشت مما جعله يسحب أصابعه بهدوء لئلا يسبب لها الضيق .. لفت وجهها للشخص الواقف بجانبها ، تعلقت عيونها فيه للحظات .. نطقت بصوت بالكاد يسمعه : كم الساعة ؟
آلمه صوتها التعبان ، نطق بهمس : بعد نص ساعة يأذن الفجر .. تبين شي ؟
غمضت عيونها ، بلعت غصتها بصعوبة .. نطقت بعد صمت بصوت باكي : ليش ماتبي تنتهي هالليلة ؟ ، ليه طويلة ؟ مافيني حيل لها والله !
حسها تهوجس ولا هي بواعية ، أمسك كفها برفق وبصوت حنون : ارتاحي سحر ، بعدك باردة ..
زمت شفاتها وانهالت دموعها أخيرًا : أبي أبكي .. محتاجة أبكي ...
تقطع قلبه لبكاءها ، لأول مرة يشهدها بهذي الحالة .. كانت دائمًا المترفة والمدللة ، لكن الحين قطعة جليد تذوب قدامه .. شد على كفها تاركها تفرغ بكاءها وهو يتأمل وجعها ، وجعها وبكاءها بهالطريقة يدل إن حدث كبير حصل يجهله .. حدث أضر بأحب مخلوقين لقلبه ، رفيقه وحبيبته الأولى .. الاثنين اللي يفديهم بروحه ولا يشوف الوجع يهتك بأرواحهم ..
وصله صوتها الباكي : وين ... فهد ؟
همس : الحين جاي .. تطمني سحر
بهاللحظة وصله صوت فهد جاي وبرفقته أحد ، شال يده عنها بخفة على دخول فهد اللي نطق بحنان يحتاجه هو : سحر .. ريتاج وزوجة يوسف جايين
وكأن مويا انكبت عليها فزت بسرعة وهي تمسك كفه برجاء : لا ... لا فهد مابي أحد ، الله يخليك مابي أحد
ودخلت بنوبة بكاء حادة قطعت قلبهم ، هال فهد منظر انهيارها .. تقدم وحضنها يهديها : خلاص تطمني .. مابتشوفين أحد ، بس لا تبكين .. توجعين قلبي والله !
وليد اللي كان واقف خلفهم ، زادت وتيرة قلقه وهو يسمع حشرجة صوت فهد !
دخلت الممرضة ، أعطت سحر منوم يهديها .. مرت دقائق حتى هدأت أخيرًا بحضن فهد واستكانت تمامًا مستسلمة ..
سدحها فهد على السرير ، عدل حجابها .. وأخيرًا قبل راسها وهو يمسح آثار الدموع عن وجهها ، التفت أخيرًا لوليد اللي تملاه الحيرة والقلق ، همس له : تعال معي ..
طلعوا من قسم الطوارئ ، صادفوا بطريقهم ريتاج ومريم .. اعتذر لهم فهد ولا ترك لهم مجال يتكلمون أكثر .. وهاهو أخيرًا وحده مع وليد
مجرد ما جلسوا على الكراسي نطق وليد : وش فيه فهد ؟ لا توترني أكثر ..
تنهد بضيق فهد تنهيدة كادت تخرج قلبه : أبوي ...
وليد بقلة صبر : شفيه أبوك ؟
فهد : تذكر الحبوب اللي شفتها ذاك اليوم ؟
وليد بصدمة : لا تقول ....
فهد هز راسه بضيق : ايه ، كشفوه .. وطلعت قضايا كثير .. باقي ما فصلوها لنا ، بس فهمت كل شي ! - بقهر هز راسه بعدم تصديق - تخيل انه هارب وتارك عياله وزوجته وراه !
وليد كانت الصدمة شالته ومانعة عنه الكلام ، تابع فهد : الأملاك اللي باسمه كلها مصادرة الحين ، وحسابات البنك مجمدة .. والتحقيقات باقي ما انتهت ولا نعرف وش بيطلع لنا بعد ! - صمت لثواني ، حتى نطق بضيق - أنا ما يربطني فيه شي ، كان مجرد مسمى أب لي .. بس ، أخواني .. جواد وسحر ! - زفر بهم - جواد ! مدري كيف بيستقبل الخبر ! .. وهذي هي سحر منهارة ومصدومة ! كل شي ضاع منها فجأة .. أب ، سمعة ، بيت ، حياة كريمة ... كل شي وليد كل شي ! ما أعرف كيف بتعامل معهم ، صعب ، صعب وكثير بعد .. فوق طاقتنا !
وليد أمسك براسه من هول الصدمة ، فهد كب الكلام عليه ما ترك له مجال يستوعب ! ، انتشله صوت فهد القلقان : و أمل شلونها ؟ شفتها ؟
كان وليد مسلط عيونه على فهد بضياع ، يسترجع كل كلمة قالها عله يعرف وش صار ! ، قاطعه فهد للمرة الثانية بضيق : وليد !! زوجة أبوي وش صار عليها !
استوعب أخيرًا : زوجة أبوك ؟؟ .. مارضوا يدخلوني أشوفها .. بس الحروق خارجية .
تنهد فهد براحة : زين ..


-


صحت متأخر كعادتها الأيام الأخيرة ، الساعة تجاوزت الواحدة ظهرًا ..
توضأت وبدلت ملابسها ، أنهت صلاتها .. توجهت للمطبخ مستعدة تسوي الغداء لخالها ، خلال نص ساعة أكيد بيكون موجود ..
مسكت جوالها تسلي نفسها به على بال ما يستوي الغداء ، انهالت عليها كمية رسائل ومكالمات من أختها الوحيدة ( ريتاج ) !
خافت يكون صار شي لها لا سمح الله ، لكن سرعان ما اعتلتها الصدمة وهي تقرأ :
( مشاعل بسرعة .. مشاعل وينك .. فهد وسحر مو بخير ! .. يالله قومي .. - وبعد ساعتين من وقت إرسال الرسائل - أبو فهد مسكوه ، قضية ممنوعات ) !
جلست على الكرسي مو مستوعبة شي ، رفعت جوالها ناوية تكلمها وتفهم منها وش صار .. لكن طاحت عينها على خالها اللي للتو دخل ووجهه مقلوب ، بادر بسرعة : سمعتِ ؟
مشاعل بصدمتها لا زالت : مافهمت شي وائل ! ، وش صار !
جلس مقابلها على الكرسي ، زفر بضيق : الهاشتاق وصل ترند بتويتر !
زاد توترها : خالي وش صار ! احكي
وائل بضيق : مافي أخبار رسمية ، كله من تويتر والصحف الالكترونية والناس اللي تتمصدر ! - رفع جواله لها حتى تقرأ الهاشتاق الأول ( #الإطاحة_برجل_أعمال_سعودي_ب� �ضايا_ممنوعات )
شهقت غير مصدقة : أبو فهد ؟
وائل نزل جواله : ايه ، للأسف !
مسحت عيونها غير مصدقة : مستحيل
وائل بضيق : حاولت اتصل على فهد ، أبيه يحس إنا معه .. بس مقفل ! ولا أعرف له عنوان ..
نطقت بشكل سريع : كلم وليد ، أكيد معه خبر عنه
وائل : حاولت .. بس الثاني مقفل جواله - بحزن على حال فهد - الله يكون بعونه ، كل شي بيكون على راسه !
استرجعت ملامحه اللي فقدتها من مدة طويلة ، خنقتها الغصة على حاله .. وهي أكثر الناس أدرى بحالته وما عاشه ، مسكين .. حظه أعوج ، ما أمداه يبدأ حياته من جديد حتى حلت عليه الطامة !
وقف وائل ، قال وهو خارج : الدنيا ماتبي تتعدل لأحد .. كل شوي مصيبة نازلة !
توجه لغرفته تاركها بصدمتها ، رمى الأوراق اللي كان حاملها بيده ( طلب من المحكمة لإجراء معاملة طلاق ) ، تنهد بحسرة وهو يشوف صورتها على التسريحة .. شكثر محتاجها ، قد شوقه لها .. معقول كل شي انتهى لمار ؟ تنهين كل شي بكل بساطة ! .. قلب الصورة بضيق وتوجه لحمامه


-


في بيت الجد ،
كان الجميع مجتمع بتوتر كبير .. المأساة تمسهم بشكل كبير ، جارهم من سنين طوال ، ابنهم مرتبط ببنته ، وبنتهم مؤخرًا انزقت لابنه .. عشرة عمر .. فجأة يكتشفون عنه كل هالمصايب ؟ أبناءه الاثنين ( سحر وجواد ) تربوا مع عيالهم وكأنهم جزء لا يتجزء منهم ، كيف بيتخطون المشكلة !
نطق أبو رائد بضيق لزوجته : سحر .. مفروض نجيبها هنا
تنهدت بحزن : رافضة ، وأخوها رافض .. مارضت حتى نشوفها ونتطمن عليها !
أحمد : ما ألومهم ، اللي صار مو شي هين !
أبو رائد مازال بقلقه ، تكلم باستنكار : مفروض ما سمحتوا لهم ياخذون الصغار ، يجلسون يرتاحون عندنا بعيد عن أجواء القلق اللي هناك !
أحمد بتفهم : صدقني ، وضعهم صعب الحين .. ومحتاجين لبعض ، لا تلومهم !
هز راسه بحزن : لا حول ولا قوة إلا بالله ! - رفع راسه لراكان اللي جالس بكل هدوء معهم - جواد ، انتبه تخبره بشي .. خلهم يوصلون ويفهمون بعدين
راكان هز راسه يطمنه : لا تشيل هم ، ملاذ تقول وصلهم طلب من السفارة من دون توضيح لشي .. يعني مو عارفين.
أبو رائد تنهد : زين ، كذا أفضل ..



-



دخل بهدوء الشقة الباردة والهادية ، تأمل إخوانه الصغار نايمين بعشوائية على السرر .. وضوء الشمس يتسلل بهدوء عليهم
تقدم عندها ، كانت جالسة على الأرض ومرخية جسدها على طرف السرير وضامة لحاف على جسدها يدفيها .. كسره منظرها الضعيف ، نزل لمستواها وبهمس نطق وهو يمرر كفه على شعرها القصير : سحر ؟
ما ردت ، اكتفت بإنها ترفع بصرها له .. نطق بهدوء لئلا يزعج الصغار : ما أكلتِ شي سحر من أمس ، جبت لك فطور وغداء .. كلي اللي تبينه !
هزت راسها نفي وبصوت منهك : مو مشتهية
فهد تنهد بقوة أمامها ، ماتزعزع من مكانه .. حست بالإصرار بعيونه ، ولأنها أضعف من أن تناقش وتجادل معه شي وقفت بتعب ..
ابتسم لها ابتسامة باردة بالكاد قدر يرسمها على وجهه ، سحبها لبرى معه وأغلق الباب خلفهم ..
جلست على أقرب كنبة ، بينما هو توجه للمطبخ .. رجع وبيده فطيرة بيتزا وقطع لحم مع رز .. تركه قدامها وعاد من جديد للمطبخ وبيده كوب عصير ، مده لها بابتسامة يشجعها : يللا بسم الله .
هزت راسها نفي بانزعاج : فهد مافيني آكل ، برجع ..
تحول وجهه للاستياء ، لكن سرعان ما نطق : طيب بس اشربي العصير .. مابيك تطيحين علينا مرة ثانية .
رفعت بصرها له ، كان يترجاها بتعب .. أخذت الكاس منه أخيرًا ، ارتشفت قدر صغير يرضيه ..
ابتسم لها بامتنان ، جلس مقابلها .. تكلم بعد صمت : سحر .. أبيك قوية ، مابيك تضعفين بسهولة ! ، ماراح كل شي .. باقي قدامك حياة كاملة ، أنا وجواد موجودين ، سهى موجودة .. لا تظنين إن كل شي انتهى ، بس .. لازم تقوين ، أنت عمادنا سحر .. وأنا عمادك ، مابخذلك .. ولا بتخذليني ، لكن قوّي روحك لجل ثامر وريم .. وجواد ، جواد محتاجك سحر .. أنا مهما سويت ما بسوي اللي بتسوينه أنتِ .. لا تنكسرين لجل ما انكسر أنا ، اوعديني سحر تقوين وتقوّيني معك !
كانت تسمع كلامه ودموعها تنهمر بعذوبة ، كل كلمة قالها لامستها وجبرت روحها .. ألقى على قلبها مسؤولية روحية كبيرة ، أشعرتها بإنه يخاطب روح أمهم فيها ..
وقف وبحنان : لا عاد تبكين ..
مسحت دموعها أخيرًا وهي تهز راسها إيجاب ، وصلها صوته يقول : أنا بروح الحين أشوف أمل ، وبعدها بمر القسم .. انتبهي لثامر وريم ، لا تحسسينهم بشي .. سهى بعد شوي بتوصل الرياض ، وجواد الليلة بيكون هنا ..
هزت راسها تطمنه : إن شاء الله .. طمني فهد
اكتفى بإبتسامة ، لف معطيها ظهره لكن سرعان ما استدار لها من جديد عندما نطقت : فهد .. الله يخليك مابي أشوف أحد ، لا تسمح لأحد يجي
ما استغرب من طلبها ، ابتسم من جديد يطمنها : حاضر .. لا تشيلين هم ، محد بيجي غير جواد وسهى ..
طلع من عندها يجر همومه خلفه ، توجه للشقة المقابلة لشقتهم .. فتحها ودخل لداخل ، كانت هادئة جدًا .. توجه لغرفة وليد ، كان أبو وليد ممدد على السرير بقلة حيلة ، ينام كأغلب وقته غير واعي لعالمه .. جلس على طرف السرير ، مسك كفه وانهال يشكي حاله وضعفه ، يشكي لتجعدات كفه .. علها تسمعه وتنتشله ، وكأنها استجابت له حس بالكف الحانية اللي تمسح على شعره تخفف أوجاعه ، رفع راسه وقابله وجه أبو وليد مبتسم بحنو كبير .. وكأنه بابتسامته أعاد له القوة ، قبل يده وقبل لا يهب واقف أضاء جواله باسم وليد ..
أجاب بقلق : ايوه وليد ..
وليد : لا تجي للمستشفى ، أنا طالع منه الحين .. فيه ناس مجتمعة ينتظرونك
عقد حواجبه بضيق : أي ناس ؟
وليد بغيض : ما أعرف ، بس فيه صحفي .. وأتوقع موظفين عند أبوك ، والباقي ماعرفت عنهم شي
زفر بهم ، مو مراعيين لأي شي وجايين للمستشفى ! : وش السواة الحين ؟
وليد : روح للقسم ، ولا تجي لأي مكان الناس تعرفه مابيتركونك بحالك ، واعتمد علي بالباقي
هز راسه : خلاص إن شاء الله



-



بالنمسا ..

فتش عنها بعيونه ، ابتسم وهو يلمحها مستندة على العمود مكتفة يدينها وتهز رجولها بعصبية .. تقدم لها وبغفلة منها نغز خصرها ،
قفزت من مكانها بتلقائية بينما هو يضحك : سخيف !
بدر بضحكته المشرقة : اختفيتِ وخفت عليك .
تالا بنرفزة شديدة : أنت اللي اختفيت مع ذيك الشقراء ، وش كانت تقول ؟ وليش تضحك علي ؟
رفع حواجبه بتلاعب : امممم مالك علاقة ، أمور خاصة
دفته بخفة : مالي علاقة فيك ، بس ليش كنتوا تناظروني وتضحكون !
ضحك على عصبيتها وأمسك معصمها : كانت تحسبك أختي الصغيرة .. ما كانت تظن إني مرتبط وتحسفت علي
أبعدت عنه ومشت وهي تقول: وعجبتك ؟
باستمتاع وهو يمشي بجانبها : أووه ، لا تنكرين إنها جميلة ..
لفت عليه فجأة : تسابق ؟
قبل لا يستوعب طارت من قدامه تركض وهي تضحك ، ضرب جبهته بحلطمة : يالله ، متزوج بزر أنا !



-







لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-09-17, 12:41 AM   #87

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



كان يمشي بسرعة فائقة بشكل سبب لها الخوف ، نطقت بقلق : جواد ، هدي السيارة ..
مارد ، وكأنها غير موجودة .. ماكان يشوف قدامه غير أبوه ، شعرت بالعجز وهي غير قادرة على تهدئته ومواساته ، هول الصدمة أخرسهم .. من وصله الخبر انقلب لشخص آخر تمامًا لا تعرفه ، ماسمح لأحد يعرف موعد رحلته لئلا يستقبله أحد .. كان أغلب الوقت صامت عدا عن مكالماته مع أخوه فهد فقط ..
وصل قريب من الفلل التابعة لجدها : انزلي ..
نطقت بجزع : وأنت وين بتروح ؟ خذني معك
نطق بهمس غاضب : للجحيم
بلعت ريقها بخوف ، أمسكت بيده مصرة على مرافقته وعدم التخلي عنه .. فاجأها وهو يبعد يده بجفاء : ملاذ بسرعة ماعندي وقت
جفلت من نبرته الحادة ، بللت الدموع عيونها .. همست وهي تنزل : طمني جواد
ماسمعت رده لأنه سرعان ما اختفى عن عينها بسرعته الجنونية ، مسكت قلبها بخوف وبكاء : يارب هدي باله ولا توريني فيه مكروه
حست بالشخص اللي يمشي قريب منها ، رفعت راسها وسرعان ما نطق رائد : ملاذ ؟؟
ملاذ تقدمت نحوه : بيقتل عمره رايد ، الحقه !
رائد رق قلبه لها : تعالي أنتِ ادخلي داخل ، وبشوف له لا تشيلين هم ..
دخلوا بيت الجد ، وبمجرد ماشافت أمها انهارت تبكي غير مستوعبة لكل ما حصل .. بكت أمها لبكاءها ، بكت فرحة بنتها العروس ! ولصهرها الوحيد .. وكنتها المقربة .
هدأت نسبيًا بعد مدة ، اجتمع عندها عمامها وأخوها الكبير رامي اللي وصل العصر من جدة .. نطق يطمنها : لا تخافين ، راح عند أخوه ..
ملاذ بحزن : وين أخوه ؟ وصلني عنده ..
رامي زفر بهم : بشقة مجتمعين ، وصلت سهى عندهم اليوم العصر
نطق أبو رائد بعتاب : ورى ما جلست عندهم ، أنت صهرهم ومنهم وفيهم .. أقل شي تسويه توقف معهم بهالأزمة ، احنا لو بيدنا جبناهم عندنا بس فهد الله يسامحه رافض تمامًا ولا يبي أحد
هز راسه بتفهم : كنت بجلس ، بس حسيت وضعهم متوتر وفهد مو عاجبه جلوسي .. وسهى وصلت لي ضيقته وإنهم مايبون أحد ، خلهم هاليومين يجمعون نفسهم ولا تقلق أنا بجيهم بكرة الصبح
هز راسه استنكار : لا حول ولا قوة إلا بالله !
نطقت ملاذ بسرعة : خذني معك بكرة !
تدخل أحمد يهديها : ملاذ ياعمري اجلسي هنا ، جواد مافيه يشيل همك مع الهموم اللي فوق راسه .. اعذريه
لمت أمها لحضنها تبكي مستقبلهم المجهول ، سمعتهم الضايعة .. حبها المجروح



-


بشقة فهد ..
دق الباب بشكل متسارع ، سرعان ما فتحه وكأنه كان ينتظره خلف الباب .. فهد مجرد ما شاف أخوه الصغير بشكله المفجوع والمسلوبة ألوانه ، سحبه له وضمه يقويه ويتقوى فيه ، لكن جواد سرعان ما أبعده : أبوي وينه ؟
زم شفاته فهد ، قفل الباب خلف أخوه ونطق بهدوء : استهدي بالله ، اجلس وأفهمك كل شي ..
ارتعد لصوت جواد المرتفع : تفهمني ؟؟ فهد تبي تقنعني باللي يقولونه ! مجنون أنت تصدقهم !
فهد أمسك يدينه يهديه : اهدأ ، ريم وثامر لا يحسون على شي !
أبعده بنفور واضح وهو يدفه ، صرخ : خلهم يسمعون .. هذا أبوهم ، خلهم يعرفون إن الناس تكيد لأبوهم وأخوانهم جالسين حابسين نفسهم بشقة !
بهاللحظة ظهروا سحر وسهى والخوف اعتراهم من الأصوات المرتفعة ، نطقت سهى باستنكار وهي تتقدم له : جواد !
جواد أبعدها عن طريقه ، توجه صوب اللي كانت واقفة قريب تناظره بحزن وانكسار : سحر لا تقولين لي إنك مصدقة كل هالزور في أبوك !
نزلت عيونها بضعف واضح ، أمسكها من كتوفها يهزها : إلا أنتِ سحر ! لا توقفين بصفهم ضد أبوي .. - أشر باستهزاء على فهد - تصدقين هذا ؟ .. - هزها من جديد بعنف - سحر اصحي ، هذا ما يهمه أبوك ولا قد سأل عنه ! تصدقينه !
بهاللحظة تقدم فهد له ، سحبه بعنف يبعده عن سحر : ابعد عنها جواد ..
لف عليه ولا زالت ثورته قائمة : أنت اللي ابعد عنها ، لا تسوي روحك فجأة واحد منا ! دايمًا مو موجود ووقت المصيبة تذكرت إنك أخ كبير تستقوي عليها !
جلست سحر على الأرض تبكي بشدة من منظر أخوها وكلامه .. تدرك إن كل هذا تأثير الصدمة ، لكنها بأشد الحاجات لشعورها العائلي ، مو ناقصها تمزيق أكثر : يكفي جواد يكفي !!!
توجهت لها سهى بسرعة تمسكها وتحضنها وهي تدخل بنوبة بكاء عميقة ..
ظهرت رؤوس صغيرة تراقبهم بقلق ورعب ، وصوت خائف أطلقه ثامر : وش فيه ؟ وش صار ؟ ليش يبكون ؟
كانت شقيقته ريم تبكي بضياع من الوضع اللي ما تعرف فيه شي ، لكنها تدرك التوتر اللي عايشينه إخوانها ..
تنهد فهد بضيق ، تقدم لهم .. نزل لمستواهم : مافيه شي .. روحوا للغرفة الحين ، لا تقلقون - نقل نظره لأخته سهى ، عاتبها بعيونه .. ماكان يبيها تنهار قدامهم بهالمنظر ،
تحاملت على نفسها وكأنها استوعبت ، وقفت تمسح دموعها .. : ريم ، ثامر .. تعالي معي ماما .
أخذتهم للغرفة تاركة إخوانها خلفها ، بينما فهد ساند سحر على الوقوف .. وبهمس حاني : خلاص سحر ، امسحي دموعك الحين ، وروحي نامي ..
وقفت أخيرًا وهي تداري دموعها عنهم ، رمت نظرة على جواد وتركتهم خلفها..
لف أخيرًا فهد على جواد الواقف بتوتر يغطيه بعصبيته ، همس بغيض : قلبتهم كلهم لفريقك ؟ زين هيّن ..
تقدم فهد بقلة صبر وفتح باب المجلس اللي بينهم : ادخل جواد أفهمك .. خلي هالليلة تعدي على خير ونفكر بعقل وش نسوي !
دخل جواد مكره للمجلس الصغير ، تبعه فهد وأغلقه من بعدهم ..
جلس أمامه ، سرد له كل شي صار بدايةً من اتصال سحر حتى وصوله للشقة ..
ناظره مذهول غير مصدق : مخدرات ؟ وتزوير وغسيل أموال ! - ضحك ببرود - فهد بتقنعني أصدق كل هالأشياء عن أبوي ؟ مجنون أنت ؟ ما تعرف إن السوق كله منافسة غير شريفة ! وكل واحد يطيح بالثاني ظلم وبهتان ! .. -صمت لولهة ثم تابع - فهد .. أنا أدري بالمشاكل اللي بينك وبين أبوي ! أدري إنه متبري منك ! لكن هذا ما يعني إنك تصدق عنه هالظلم ! ، وش هالقلب اللي تملكه ؟
مسح وجهه بضيق فهد من الموضوع اللي يعيد ويزيد فيه جواد ، مايلومه .. يدرك إنه ما زال تحت تأثير الصدمة ، لذلك قادر يستحمل كل كلامه وتجريحه .. : جواد ، تراه أبوي مثل ما هو أبوك .. يهمني أمره أكثر منك ! لا تزيدها علي !
جواد بسخرية : لا تقول أبوي ! أنا حتى ما أذكر إنك فرد من عايلتنا .. وينك عنا كل هالسنين ؟ ولا تو تذكرت ! ... اسمع ، أبوي أنا أعرفه أكثر شخص .. لا تقنعني بهالسوالف !
فهد هز راسه نفي : للأسف إنك ما تعرفه ..
وقف جواد : كلامي معك منتهي ! ، ما أستوعب كمية الحقد اللي يحمله قلبك .. - باستنكار هازئ - توقف بصفهم ضد أبوك ؟ يا حيف والله !
غمض عيونه فهد يتمالك نفسه : زين لا تروح مكان ، خلك هنا .. محد بيتركك بحالك لو طلعت
لف عليه غير فاهم لشي ، تابع فهد : بكل مكان بتلقى لك مصيبة ، يا موظفين بالشركة خايفين على أعمارهم ومستقبلهم أو صحفيين تويتر ! ، خلك هنا وبكرة يسمحون لنا نشوف أبوي نروح مع بعض ..
تراجع جواد وجلس باقتناع ، مافيه يشوف أحد قبل لا يبرهن براءة أبوه .. نطق بعد صمت طويل : بكرة نشوف لسالم ، محامي الشركة
فهد بسخرية : حتى هذا غسل يده مننا ، أحاول أكلمه مقفل جوالاته .. ويكفيه إنه متورط وممرمطينه بالشرطة !
تنفس بقهر جواد : وش نسوي ؟
هز راسه : ننتظر بكرة وبعدها نشوف أي محامي عل أحد يساعدنا ، رغم إني ماظنيت ... مافي أحد يبي يتورط معنا وهم عارفين إن حسابات البنك موقفة
جواد بهدوء : معي بالبنك كثير ، لا تشيل هم .. وأرضين باسمي والأراضي اللي بالشمال لا تنساها باسم سحر وسهى ، لو اضطرينا نبيعهم حتى نخرج من هالمشكلة ونعدل كل شي بعدين
فهد : أرض سحر وسهى ما بنلمسهم ، خلها تبقى معهم ماتدري وش يصير بعدين .. هم أكثر شي بيحتاجونها
أمسك راسه بتعب جواد مو قادر يفكر .. الصداع ينهيه وينهي أي ذرة عقل فيه ، لا يزال غير مستوعب لكل شي .. يحس إنه بكابوس يقتله ، ينتظر بس أبوه يجي يفيقه من هالرعب !
وقف فهد بهدوء : جواد ، ادخل نام .. بكرة ورانا شغل طويل !
جواد بضيق : أنام ؟ شلون أنام .. مافيني أنام لين أشوف أبوي .
فهد تقدم وأمسك كتفه : نحتاج هدوء ، مانبي أي تهور جواد نندم عليه كل عمرنا .. نام عشان تقدر عالشقى بكرة
وقف باستسلام جواد ، تبع فهد اللي دله على غرفته بجوار الغرفة اللي خصصوها لسحر وسهى ، وبالجانب الآخر غرفة ثامر وريم .. استلقى على السرير المزدوج ، كان يحتاج فقط إنه يجلس بروحه ليستوعب ويعرف وش يسوي بعيدًا عن فهد اللي بنظره مستسلم تمامًا للمشكلة .. قفل فهد الباب خلفه وغادر ..
تسلل فهد من الشقة بهدوء متوجه للشقة المقابلة ، فتحها .. استقبله منظر وليد جالس على أعصابه بالمجلس ، بمجرد ما شافه وقف : فهد .. أخيرًا !
تقدم له فهد وجلس بجواره ، رمى عمره عالكنبة وهو يزفر .. تابع وليد : شلونه جواد ؟
فهد على وضعه : مصدوم ومو مصدق !
زم شفاته وليد : لا تلومه .. وارفق عليه ، تحتاجون لبعض الحين أكثر من أي وقت ثاني ..
فهد بخاطره وده لو إن جواد يرفق عليه ، هو محتاج الرفق أكثر من أي شخص ثاني .. : تكفى قوم جيب دواي ، مافيني انتكس بهالوضع !
وليد امتثل لأمره ، أحضر دواه وبداخله قلقان على خويه ، موعد العملية كان على الأساس بعد ثلاثة أيام .. لكن مع هذا الوضع يدري إنها بتتأجل



-



أشبيليا -

" أغار عليك من عيني ومني
ومنك ومن زمانك والمكان
ولو أني خبأتك في عيوني
إلى يوم القيامة ما كفاني "
كانت تقرأ الأبيات الشعرية المرسومة على قبر ابن زيدون مستشعرة كل كلمة فاضت بها قريحة ولادة ، تلمست بأصابعها الحروف العربية ، التقت أصبعها بأصابعه .. رفعت راسها له ، كان يتأملها بإبتسامة .. ابتسمت بخجل ، ولفت تحثه يمشي معها : آخ بندر ، ليتني عشت بزمنهم ..
شبك أصابعه بأصابعها : تقولينه بس .. عيشتهم صعبة مافيها هالدلال
باستنكار : العكس ، الاندلس كانت كلها حضارة .. احنا اللي عايشين حياة ضايعة !
بندر : زين أنا بعيشك عند اللي قصتهم أعظم ، قيس وليلى .. -لف عليها - تدرين إن نجد كلها آثار أدبية عظيمة وش ناقصها عن الأندلس
ضحكت بخفة : أقنعتني ماشاء الله عليك !
تابع وهو يعدي الصخور الحجرية معها : صدق .. ترى الجزيرة العربية تفيض بهالسوالف اللي تحبينها
شوق : تعرف بندر ، قررت أدخل قسم اللغة العربية والأدب
ناظرها بصدمة : منجدك ؟ ماله مستقبل !
بحماس : لا .. مجالاته كثيرة ، أولها إعلام !
وقف مما جعلها توقف معه باستغراب ، كتف يدينه : وإن شاء الله تحسبيني أسمح لك تصيرين إعلامية ؟
تعدته وضحكة خفيفة تتسلل لها : الإعلام مو محصور على التلفزيون ، عادي .. صحافة ، والتخصص له مجالات كثيرة غير الإعلام
بندر بجدية : ما بوقف بطريقك ، اكتشفت إنك مولعة بالأدب .. ادخلي التخصص اللي تلقين نفسك فيه ، لا تسمعين كلام الناس تنجحين ..
تابعوا طريقهم بسكينة تملأهم ، اكتشفت فيه شخص آخر تمامًا .. شخص مليء بالحياة والحب ، عكس البرود اللي كان يظهره للجميع .. بينما هو اكتشف شوق أخرى ، عدا عن الحالمية اللي تميزها من زمان .. أنثى ناضجة متفتحة روحها للحياة غيرت فكرته عن السذاجة اللي كان يعتقدها في أي فتاة رومانسية مثلها


-



صباح يوم جديد ..
كانوا برفقة رامي ، زوج أختهم والموظف بالسلك العسكري ..
جواد صامت تمامًا ، بينما فهد ورامي يتناقشون ويدورون حلول .. زادت نبضات قلبه وهو يشوف السور الكبير ، خلف هالسور والده ، الشخص الوحيد اللي بينتشله من هالعذاب ويأكد له براءته ..
أخيرًا بعد الإجراءات الأمنية الدقيقة كانوا قريب من الصالة اللي سمحوا لهم يقابلون أبوهم فيها ..
وقف جواد بتوتر شديد لاحظه فهد ، نطق بهمس مرتبك : فهد .. انت ادخل ، أنا بنتظركم برى !
فهد بصدمة : تستهبل ؟ ادخل معي جواد دامنا وصلنا
جواد بضعف شديد همس لأخوه : مافيني أشوف أبوي بهالحالة ! والله ما أقدر ..
فهد هز راسه استنكار من انقلاب حالته ، وكأنه بدا يوعى ويصدق ! ..
نطق جواد قبل لا يبتعد : تكفى فهد ، افهم كل شي منه .. بنتظرك بالسيارة
هز راسه باستياء شديد : زين
نزل جواد بخطوات سريعة حتى وصل السيارة وكأنه يهرب من المكان ومن الحقائق اللي فيه ! ، مضت قرابة الساعتين كانت أثقل من الجبال على روحه ، كان يشعر وكأن الشمس تأكله وتنهش جسده .. لمح فهد ورامي جايين أخيرًا ، ركبوا السيارة وحالتهم لا تسر عدو ..
نطق بقلق : وش صار ؟
انهالت عليه الصدمات وحطمته تمامًا ، كان يسمع ولا يسمع .. يحس إن صوت فهد مجرد مسجل يتمنى لو ينقطع شريطها ..
فهد بضيق تابع : مسكوا جوازات مزورة معه ، تخصك وتخص زوجتك وسحر وريم وثامر .. كان يبي يوصل للنهاية ويسافر بجوازه المزور من اليمن لروسيا .. وبعدها يقدر يطلعكم بهدوء ! - هز راسه بقهر وحزن - اعترف بلحمة لسانه جواد ! - استند على الكرسي - اخخخ يالله شوف وين وصلنا ! ، العصابة اللي مسكوها معه تمتهن التزوير والترويج .. ماعاد ينفع شي ، لا محامي ولا توكيل ولا غيره ! كل شي راح !
جواد فتح بابه بهدوء ، لف عليه رامي بقلق من حالتهم : وين رايح ؟
همس بصوت متحشرج : بمشي وحدي ..
فهد هز راسه لرامي يبيه يتركه لحاله ، عله يرتاح .. نزل جواد من السيارة بثقل كبير ، مشى بخطوات مهتزة لقطعة الأرض الكبيرة الفارغة أمام المركز ..
رامي بقلق : تتركه وحده بهالحالة ، مجنون انت ؟
فهد وتنفسه يزيد : لا تبعد .. امشي بالسيارة شوي بس .. مابنبعد عنه وبنرجع له

أما جواد ، مشى ، ومشى ومشى بالأرض الشاسعة أمامه .. انكب على الأرض يبكي بشدة ، انتحب بألم وذرات الرمال توصل لرئته وتخنقه ، تلطخ وجهه بالتراب .. بكى عمره ، بكى أبوه اللي كان يشوفه أعظم إنسان ، بكى أخته سحر .. بكى لحياته اللي مابعد بدأها بشكل كان يحلم فيه ! شعر إنه فاقد كل شي .. وكل شي يضيع أمامه : يااااااارب !
حس بكف قوية ترفعه : جواد !
كان مستسلم بضعف يبكي ، وصله الصوت من جديد بألم : جواد ياخوي يكفي !
احتضنه راكان بألم وحزن على حال صديقه ، صديق الطفولة .. من وعى على الدنيا وهو معاه ، رافقه بكل مراحله الدراسية ، بكل نزواته وطيشه ووعيه : جواد .. قوم يا جواد ، لا تقتلني أكثر ..
كان ينتحب بشدة ويهذي : مستحيل .....كل شي .. ضاع ! ضاع يا راكان ... مافيني أقوم ... ليتني مت قبل اليوم
سحبه بشدة راكان ، سانده وهو يبكي لبكاءه .. كان هو سبب كبير للإطاحة بالعصابة ، كان سبب لألم وبكاء وتمزيق رفيقه اللي صارت حياته مرتبطة بحياة شقيقته الوحيدة ، لكنه ما ندم .. ألم جواد قد يمس كم شخص ، لكن داء العصابة كان يمس الكثير ويحطم المئات .. ويهدد أمن وشباب وطنه ! .. سحبه لسيارته وجلسه بجانبه ، قادها تحت صوت بكاء جواد ..
ساروا بطريق يجهلونه ، كان الهدف منه فقط أن يهدأ جواد .. الشمس كانت قبل دخولهم المركز مازالت بعيدة عن المنتصف .. لكنها الحين قاربت على الغروب ومازالوا بطريقهم ، هدأ نسبيًا جواد ، لكن روحه ما هدأت .. كانت تمزقه ببطء قاتل ..
وبعد صمت ساعات طوال نطق جواد أخيرًا وهو يلمح الطريق اللي يسلكه راكان : وصلني شقة فهد
راكان بهدوء : جواد ، تعال اجلس عندنا .. احنا نبقى عايلتك وانت ولدنا ، لو تشوف أمي وأهلي كيف قلوبهم عليكم ! لا تردونهم !
جواد بنبرته الهادئة : وصلني شقة فهد راكان
تنهد بضيق : زين ، بس نمر ناخذ ملاذ
قاطعه بحدة : راكان إذا ما تبي توصلني وقف السيارة الحين أنا بكمل طريقي ..
زفر مستسلم وعاد للطريق المخالف من جديد متجه للشقة اللي وصفها له ..
وقف السيارة وقبل لا ينزل جواد ، نطق راكان : ملاذ زوجتك ، همك من همها .. اللي صابكم صابها ، لا تقتلها أكثر
جواد ما علق ، طلع من السيارة وتوجه للشقة .. دخلها بقلب محطم ، مجرد ما دخل .. طاحت عينه على فهد برفقة سهى وسحر بالمجلس وكأن مصاب جلل حصل لهم ،
سحر مجرد ما شافته ، توجهت له وحضنته وهي تبكي بصمت قاتل .. كان ثقله يمنعه حتى من إنه يرفع يده ويضمها .. وصله صوت فهد يقضي على ما تبقى منه : أمل ... حاولت تهرب !
عقد حواجبه بعدم استيعاب ، تابع فهد بوضوح قاتل : زوجة أبوك مشتركة بالقضية بمساعدة أخوها المزور ، حاولت تحرق نفسها حتى تقدر تهرب .. واليوم حاولت تنفذ خطتها بس فشلت ! ..-بقهر فهد - هم اللي جروا أبوك لكل هالمصايب
جواد ما زحزح نظره عن فهد ، كانت الصدمة الأولى كفيلة بإنها تصنع له حاجز ضد أي صدمة ثانية .. مال عالباب بانهاك وقواه تنهار ، تمسكت فيه سحر من بين دموعها : جواد !
اعتدل بصعوبة ، لمحت طرف دمعته اللي قاومها بكبرياء أمامها : وش باقي مصايب ماطلعت لنا ؟ وش باقي سحر .. !



تمّ .
ألقاكم على خير



-







لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-09-17, 09:21 AM   #88

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



*•



مرَّ الزمانُ وما مرَّ الزمانُ بهِ
فأين كان عن الأيام مُحتَجِبا؟!
ساهٍ عن الشَّعَراتِ البِيضِ يَحسَبُها
مِمَّا تَوَهَّجَ من أفكارهِ شُهُبا
- جاسم الصحيح


*•


مرت الأيام وليالي أسبوعين ثقيلة على الجميع ، باستثناء من يقضون أجمل لحظاتهم بالنمسا وأسبانيا ..

طلع من المحكمة يجر خيبته وصك انفصالهم بيده ..
انفصال أبدي ، روحه الأولى ، زوجته الحبيبة .. الأسبوع القادم من المفترض يحتفل معها بذكرى زواجهم .. لكن ، كل شيء انتهى ، قبل عام كان برفقتها يقضون لحظات حبهم معًا ، كانوا يسمعون عن الطلاق ويتعوذون منه ويضحكون طلاق ؟ مستحيل !
قتله صدها وإصرارها على الانفصال ، حاول يكلمها ، يتواصل معها .. يفهم منها ، لكنها كانت تهرب منه مثل اللي يهرب من مريض أجذم !
ركب سيارته بضيق وهو يرمي الأوراق بالخلف .. تعالى رنين جواله ، رفعه .. كان رقم غير مسجل يدق : هلا ...
وصله صوتها التعبان والمنهك : وائل
أبعد الجوال عنه للحظة يسترجع نفسه ، يدرك إنه ظلمها بزواجه منها .. لكن بهاللحظة مو ناقصها ، رجع لها : هلا رهام
ريهام همست بانكسار واضح : مابي منك شي ، بس في لك شي عندي لازم تجي تاخذه
وائل بضيق :أجليها بعدين ..
بإصرار : لازم وائل .. - خفضت صوتها وكأنها تخشى يسمعه أحد - شي يخصك إنت ولمار ، وعبد العزيز
وكأن صاعقة كبرى نزلت عليه : وش الشي اللي يخصنا ؟ تكلمي رهام !
رهام : تعال وبس الحين أو اليوم الليل ، أمي مابتكون موجودة .. بسرعة قبل لا تصحى !
قفلت الخط بوجهه مما جعلته يفقد أعصابه ، كل الأمور طرت بباله .. موضوع يخص عزيز ؟ هي ما تعرف عن صداقته بعزيز ! مافيه غير موضوع واحد ! ، طـار بسرعة لبيت جدها .. وقف مقابل الباب وهو يعيد الاتصال بها .. : أنا تحت ، تعالي ..
انتظرها لدقيقتين حتى انفتح الباب أخيرًا وطلعت منه .. دخلت السيارة وألقت السلام ، قاطعها بغضب : وش الموضوع ؟ بسرعة رهام
خافت من شكله الغاضب ، ما تقدر تواجهه .. بيقتلها طبعًا ، همست بصوت مرتبك : طيب امشي بالسيارة نبعد
زفر بحدة : رهام لا تقلقيني أكثر !
استجمعت قواها ونطقت أخيرًا : الموضوع كبير .. ما أقدر أقوله لك بالسيارة .. والله وائل !
شعر وكأن روحه تطلع ، استشعر نبرة الصدق والخوف فيها .. تحرك بسرعة متجه لبعيد ، مشى بسيارته مسافة طويلة حتى وقف أخيرًا عند مخططات أراضي فاضية ..
وقف السيارة ولف عليها : قولي
غطت وجهها بربكة : بس ... اهدا وائل
وائل بقلة صبر : أنا هادي .. بسرعة احكي !
ابتعلت ريقها : أولًا أوعدني ما تأذي أمي ولا يوصل الموضوع لأحد غيرنا !
بهتت ملامحه ، ظنونه تصيب .. همس : كملي
سقطت دموعها بضعف : وائل قبل كل شي أعرف إني مو راضية عن أي شي حصل ! ، والله مو قادرة أنام من الخوف .. مافيني أسكت أكثر
كان يراقب ارتعاشة أصابعها وخوفها بترقب .. يبيها بس تنطقها ، تابعت ببكاء : أمي أحبها أكثر من أي شي ! بس هي .. هي اللي تبي تهدم كل شي ! حقدها على أم عبدالعزيز وقلة خوفها من الله طيحوها بحفرة ما تقدر تطلع منها ... ودخلتني بمصايبها !
وائل بهدوء أمسك كفها وأبعدها عن وجهها : اهدي رهام واحكي .. لا تخافين
تابعت وهي تستشعر الأمان : عارفة إنك ما تزوجتني إلا عشان تضمن إنك تقرب من أمي وتعرف السحر اللي سببته لصاحبك وبنت خالي .. لا تحسبني غبية ! - تهدج صوتها ببكاء - غبية لأني تعلقت فيك ! وهدمت حياتك .. بس أبي أعدل غلطات أمي وبعدها بكيفك راضية تطلقني بس لا تمس أمي وسمعتها بشي ! تكفى وائل !
كانت تجهل التغيرات اللي طرت على وجهه وقتلت ملامحه ، تجهل السوء والقهر اللي خلفتها فيه .. نطق بهمس : وش تبين توصلين له ؟
أكملت بكاءها : مابي شي .. أبيك بس تهدا ولا تتهور وتطلق لمار ، لين ...
شد كفها بقوة لما لاحظ صمتها : لمار وش دخلها بالموضوع ؟؟ ليش تزيدين وتعيدين فيها ؟ تكلمي لا تحرقين أعصابي أكثر !
ارتعدت بخوف ؛ وائل وعدتني تهدا
ترك كفها لكن توتره ما زال ، تابعت : أنا خلاص ماعاد يهمني شي .. فقدت كل شي ومايهمني وش بيصير .. - فجرتها بوجهه - ذنوب أمي وصلت للمار تبي تبعدها عنك ..
وكأن الأرض ارتطمت به ودارت ، نطق غير مستوعب : وش تقصدين ؟
قطعته لأشلاء وهو يسمعها تقول : أمي .. كانت تحسبني مثلها ، ماتبي أحد يشاركني معك .. واللي سوته لعزيز سوته فيك .. وأنا والله ماقد شكيت لها
هول الصدمة شله عن الإحساس ، خدر بارد كل مايحس فيه .. صوتها يوصله بعيد وكأنه غريق تحت الأرض ما يسمع إلا همهمات !
بكت برجاء وقهر : كانت تبي تصلح حياتي بس ماتدري إنها هدمتها .. مافيني أعيش مرتاحة بعد اللي سوته ، مجافيني النوم وأتقلب على نار كل ليلة .. صدقني وائل !
همس غير مصدق وصوته يغيب : لمار !
لف على وراء بيدين ترتعش ، أخذ الأوراق وفتحها قدامها بقهر وصدمة : اليوم طلقت لمار ! ، اليوم يا رهام !
حلت عليها الصدمة ، بكت بقهر .. لكن سرعان ما نطقت بين دموعها : وائل لا تخاف ! يمدينا .. انت ساعدني وصدقني بنلقى السحر وبتطلقني وبترجعها .. صدقني عندنا وقت !



-



بحديقة صغيرة أمام المجمع السكني قبيل الغروب ، كان واقف خلف المرجيحة اللي تطير وكل ما قربت منه دفعها لتتعالى ضحكات ريم .. ينتقل بعدها لشهد يدفعها مرة ثانية لتسابق ريم بالطيران ..
يتوجه لـ ليان الصغيرة ويساعدها على الانزلاق بالزحليقة الكبيرة .. وأخيرًا توصل له كرة قذفها ثامر بقوة ليردها له ويسجل هدف ..
تتعالى صرخات ثامر بقهر .. : غشاش !
يضحك وليد : هذي حيلتك كل ما سجلت عليك هدف !
ثامر يمسك الكرة : نعيد نعيد..
يتابع لعبه مع ثامر ، يلمحها تخرج من بوابة العمارة .. تتوجه لهم ، تقرب .. وهاهي أخيرًا تدخل الحديقة وتنتقل لـ ليان ، تساعدها على صعود المرجيحة وتدفها من جديد ..
يرمي الكرة على ثامر وبمزح : كمل العب مع الأولاد اللي هناك .. مافيني أهزمك وتزعل !
يركض ثامر ليشارك مجموعة أولاد من نفس المجمع لعبتهم ..
تقدم بخطواته لها ، كانت ذابلة تمامًا .. نحل وجهها كثير ، وجهها شاحب ، ما كانت سحر اللي يعرفها ..
قاطعه صوت أخته شهد : يللا وليد دفني .. أبغى أطيــر !
قرب منها وبإبتسامة سحب المرجيحة له وأعادها بقوة .. انتشرت ضحكاتها بأرجاء الحديقة
قربت سحر لهم ، فعلت بالمثل لأختها الصغيرة بعد ما استنجدت بها ..
كانت تقف بجواره ، يفصلهم فقط متر .. نطق بهدوء : شلونك سحر ؟
بنبرة باردة خالية من الحياة : نفس ما تشوف
نقل بصره لها وبتشجيع ابتسم : الحمدلله ، أشوفك قوية وبخير ..
وكأن كلمته أنهكتها ، جلست على طرف الممر اللي يقع خلفها بقلة حيلة .. شعرت به يجلس قريب منها لا يفصلهم سوى شبرين ، بجفاف حلقها نطقت وهي تضم نفسها : أحس إن كل شي حلم ! .. جسمي ثقيل وكأني أشيل أحجار داخله - بضياع شديد - ما أحس إني أنا ، كل شي ما أحسه بمكانه !
نزلت راسها وهي تمسح دمعة تسللت لها أخيرًا ، وصلها صوته حنون : كل شي بيمضي .. ابتلاء من الله أقوي فيه !
قاطعته بضعف بحشرجة : ليش احنا طيب ؟ مالي قوة على ابتلاء ..
كان يسمعها وقلبه يعوره عليها ، حالها يذيب الحجر لأي قلب .. فكيف بقلبه الشغوف بها ، تابعت بعد ما هدأت قليلًا : أنا إن كنت قادرة أوقف للحين فهو بس عشان فهد ! .. يظن نفسه قوي ويحاول يلمنا ويتحمل كل شي ، يحسب إني ما أشوف الضعف بعيونه ... أدري إنه بكل ليلة يروح فيها عندك يبي يخفف الحمل عن قلبه ... مابي أخذله وأنهار مثل جواد ... - ضمت شفاتها تقتل بكاء قبل لا يولد - أمس عرفت إنه تعب من جديد ، خفت أفقده .. مابي أفقد الشي اللي نرتكي عليه ، بنضيع من دونه أدري !
تراءى له منظر فهد أمس ونوبة ألمه تزيد ، بمجرد ما داهمه الألم توارى عند وليد خايف يشوفونه إخوانه بهالحالة ! ، حتى اعتدل وقام على رجوله من جديد رجع لهم .. غمض عيونه وليد بقلة حيله ، عاجز عن مواساتها ، عاجز عن حل معضلة صديقه .. أكثر شي قادر يسويه يخفف عنه بكلماته ويشد على عضده ، يشعر وكأن المصيبة حلت عليه مثل ما حلت عليهم ..
مسحت دموعها ، أخذت نفس عميق تهدئ صوتها : كنت بس أبي أشكرك ، ما تعرف كيف وجودك خفف عنا كثير .. يكفيني أشوف ثامر وريم يضحكون من جديد
هز راسه وبصدق وقف معها وهو ينفض ملابسه عن التراب اللي علق فيها : مابي شكر ، هذا أقل شي أسويه لفهد ... ولكم
حس فيها وقفت من دون حركة ، رفع بصره لها .. كانت تناظر لقدام بصدمة وحركتها جمدت ، نقل بصره لحيث ماكانت تنظر وسرعان ما شعر بطوفان يرتطم به .. تمنى لو إنه غير موجود ، لو ما طرت على باله فكرة تنزيه الصغار بالحديقة .. لو ما جلس معها ..
تقدم الشخص اللي كان ناوي يطلع للعمارة ، لكن يبدو إنه غير من طريقه يوم شافها وتوجه بخطوات ثابتة لهم ..
ضحك بسخرية وهو يشوفها بجنب وليد : برافو يا بنت ناصر !
وليد شعر إن موقعه خطأ ، لكن رجوله مو قادرة تتزحزح عن مكانها وهو يشوف ( عبدالله ) خطيبها المزعوم يوقف أمامهم .. وصله همسها : عبدالله !
تراجع للخلف وليد وبتوتر نطق : عن إذنك سحر ..
وقبل لا يبعد أكثر وصله صوت عبدالله هازئ : لا يا طويل العمر .. ما أقاطع جلستكم ! كنت جاي أتطمن على - وبتشديد - خطيبتي ، ولقيتها بأحسن حال !
غمض عيونه بغيض وليد ، رغم إنه كان يتمنى هذي اللحظة من زمان ، لكن موقفه الإنساني وإدراكه لضعفها وإنها غير مستعدة لفقد شخص جديد من حياتها أجبره يتمالك نفسه ..
لف عبدالله متوجه لسيارته بعد ما رمى عليها نظرة زلزلتها ، تبعه وليد قاصد يصحح الخطأ اللي ظنه .. نطق وهو يوقف قريب من السيارة : لا تفهم خطأ ، كانت مع إخوانها الصغار بس ..
عبدالله فتح باب السيارة ولف على وليد وببرود : فعلًا واضح !
زم شفاته يهدئ نفسه ، داس قلبه ورجّح عقله للحديث .. بهدوء : تعرف الظروف اللي يمرون فيها ، كن محضر خير .. لا تزيدها عليها !
عبدالله بنبرته الهازئة : وحضرتك مين تجي تنقل لي أخبارهم .. لاحظ إن موقعك خطأ !
اغتاض جدًا ، غلف غيضه بابتسامة شبيهة لابتسامة البارد اللي قدامه : تبي تساندها وتوقف معهم بمحنتهم حياك الله .. لكن حط ببالك إنهم مو بحاجتك !
ركب سيارته وهو يقول ببرود : مافيني أتورط معهم أكثر ! ، تبي تتورط بهم حياك .. بفسح لك الطريق بكرة ، أوعدك !
حرك سيارته مبتعد عن وليد الواقف بذهول من جملته الأخيرة عاجز عن تفسيرها .. فعلًا كان يبي هاللحظة من زمان ، لكن .. ليش يحس بانكسار الحين ؟ ضميره يذبحه لأجلها .. مايتخايل ردة فعلها لو تخلى عنها الشخص اللي من المفترض يكون زوجها بعد شهر بأشد أوقاتها حاجة له ! مو ناقصهم جروح تزيد وجعهم ..
جر رجوله للخلف وهو يمسح جبينه وسرعان ما اصطدمت عيونه بها واقفة على مقربة ! ، ملامحها كانت باردة جدًا مما جعله يشك إن الحديث بينهم ما وصلها ..
تقدم بخطوات ثقيلة لها وبهمس : آسف ..
هزت راسها نفي ، وبحشرجة صوتها : ما صار شي ، كان جاي ... ينهي كل شي .
رفع عينه لها ، لمح لمعة دمعتها اللي جاهدت تخفيها .. صدت عنه وبصوت حاولت يكون واضح : يللا ريم .. تعالوا
تركته خلفها بموجة مشاعر ملخبطة ، أسى .. شفقة ، حزن .. وبصيص أمل !
هي .. التجأت للشقة ، ملاذ وحدتها وتعاستها تواري حزنها ، كانت تدرك تمامًا إنه بيتخلى عنها .. مافي سبب واحد بقى ليتمسك فيها ، ما تلومه أبدًا .. شعرت قلبها أقوى مما تظنه ، صدمتها بأبوها قتلت بداخلها ذهول أي صدمة أخرى ، وكأن حاجز حديدي بات يغلفها ضد الصدمات ..
توجهت لدورة المياه ، غسلت وجهها بماء بارد .. زفرت بعمق وبداخلها تعتزم تقوي نفسها وتعتمد عليها ، توجهت لغرفة جواد .. فتحتها بهدوء ، كانت باردة جدًا .. تقدمت بخطوات بطيئة لئلا تزعجه ، غمرها الحزن لشكله المرهق .. طيلة الأسبوعين اللي راحت كان حابس نفسه بالشقة رافض مقابلة أحد ، الحمى أنهكته .. والصدمة مازالت تسري بروحه ..
وضعت يدها على جبينه تتحسس حرارته اللي ما نزلت ، رق قلبها له .. انتقلت مباشرة لريموت المكيف ، زادت من حرارته علّه يدفيه ..
خرجت من الغرفة قاصدة المطبخ ، قررت تطبخ له شربة خفيفة علها تفيده ..






لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-09-17, 09:21 AM   #89

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



تراقب الساعة المعلقة على الجدار بقلق كبير ، انتهى النهار ومازال غير موجود ومنقطع عن جواله .. دخلت منى الغرفة تشاركها القلق : يالله ! مافيني أصبر ..
ريان بضيق : وش نسوي يعني ؟ نركب سيارة ونمشي عالخط ؟
جلست بجانبها : ما صارت ! مفروض واصلين من الصبح ! .. أكيد صار شي
أبعدت الأفكار التشاؤمية اللي قضت عليها من ساعة تأخرهم : أعوذ بالله ، لا تقولين كذا .. توتريني أكثر !
منى مسحت وجهها علها تهدي نفسها ، سحبت جوال ريان من حضنها .. راحت تبحث عن رقم ياسر ، وصلها صوت ريان يائس : مابيرد ..
سرعان ما تهلل وجه منى بعدم تصديق : يدق يدق
سحبته منها ريان بعدم تصديق .. ومجرد ما وصلها صوت الخط تهلل وجهها .. ثواني حتى انفتح الخط أخيرًا ، جفلت وهي تسمع صوته خالي من الحياة .. وكأنه فقد روحه : ايوه ريان
ردت بسرعة وكأنها تخشى الخط ينقطع : ياسر وينكم ؟؟ خوفتونا
تنحنح عله يخفف الحشرجة بصوته : باقي بجدة ..
ريان بقلق كبير وهي تبعد منى اللي لصقت بجانبها لعلها تسمع : ليش ؟ وش صار ؟
ياسر بضيق شديد : ريان ، ما أقدر أترككم وحدكم .. لازم تجون بسرعة !
بلعت ريقها بخوف وهي تتصور كل الأمور السيئة : وش صار ياسر ، نشفت عروقي
ياسر : مافي شي ، بس أمي تعبت شوي وممكن أطول .. ومافيني أترككم وحدكم
ريان : وأبوي وأمي مو على أساس جايين ؟
مرت لحظة صمت ثقيلة على روحها .. : ياسر !
جاوبها أخيرًا ببحة : غيروا طريقهم لعندنا - وقبل لا يترك لها مجال أكثر ، تابع بسرعة منهي النقاش - احجزي من الموقع بسرعة ، حاولي تكون بدري .. ما أقدر أطول معك أكثر
ريان بلعت ريقها : ياسـ..
وقبل لا تنهي كلمتها وصلها صوته هامس : أستودعتكم الله
قطع الخط تاركها خلفه بدوامة قلق أكبر مما كانوا عليه قبل اتصاله ، وصلها صوت منى : وش فيه ؟
مسكت قلبها بخوف : فيه شي صاير بس مايبي يقولنا !
زمت شفاتها منى بصدمة : وش صار ؟
وقفت بسرعة ريان متوجهة للاب توب وهي تقول : مدري مدري .. بس أمك تعبانة ! وأبوي وأمي رايحين عندهم .. ويبينا نحجز لجدة
جفلت منى : يارب ! وش صاير
جلست بجنب ريان اللي تعبث باللاب توب علها تجد رحلة اليوم .. ضربت جبهتها بقهر : يالله ! مافي اليوم ! .. أقرب رحلة بكرة الليل !
منى : حتى ماعندنا أحد نعرفه ممكن يدبر لنا رحلة
ريان ومازالت تحوس باللاب توب : كلمي ميرا .. ممكن أحد من أهلها يعرف
طلعت جوالها وبعجلة فتحت الواتس .. كتبت بشكل سريع ( ميرا ، تكفين شوفي لأخوك ولا أحد من أهلك إذا يعرفون أي أحد يدبر لنا رحلة اليوم لجدة ضروري ! )
تركت الجوال بيدها وانشغلت بشاشة اللاب توب ، أضاء جوالها بتنبيه لوجود رسالة .. رفعته وهي تقول : أكيد هذي مـ.... - انبترت كلمتها وهي تشوف الاسم ، فتحت عيونها بصدمة .. وقفت بربكة وراحت خلف ريان ، فتحت الرسالة اللي تحمل اسمه ( أحمد ) بتوتر .. وسرعان ما شعرت بالدوار وهي تشوف رسالتها تحت اسمه ! كيف ؟ هي متأكدة إنها أرسلت لميرا ! يبدو إن ربكتها الشديدة اختارته هو من بين جميع الأسماء ! ..
( إن شاء الله ، لكم شخص ؟ )
بلعت ريقها وهي تجاوب ريان اللي تسألها وش صار : ولا شي .. اصبري أتفاهم معها
كتبت بسرعة ( خلاص شكرًا ، أرسلت بالغلط .. آسفة )
وبداخلها تدعي ما يكون يظن بإنها متعمدة تختار اسمه ، كانت تشعر بمغص شديد يداهمها وهي تشوفه ( يكتب الآن .. ) ، أخيرًا ظهرت الرسالة ( مافي مشكلة ، أنا من أهل ميرا .. لكم شخص ؟ )
ترددت تكتب في البداية ، لكن خضعت في النهاية ( ثلاثة )
( ابشري .. الحين توصلكم )
داهمها شعور جميل ودافئ ، بالرغم من إنها عزمت تتخلى عن قلبها لكن بكل مرة ترجع من جديد لخط البداية .. اكتفت بـ ( شكرًا )
جلست على طرف سرير ريان وياسر تستعيد قوتها .. تكلمت أخيرًا : خلاص .. قالت بيدبرها عمها أبو تالا
لفت بهاللحظة ريان تراقب تغير ملامح منى ، تدرك إنها تعاني من حبها .. حب نهايته واضحة من البداية ، هزت راسها بإبتسامة خفيفة لمنى : الحمدلله .. قومي جهزي أشياءك
وقفت منى متوجهة لغرفتها وجوالها بكفها ، مجرد ما وصلت وصلها رده ( إن شاء الله خير ؟ )
كتبت بدون تفكير ( أمي تعبانة ، وأبوي وزوجته وأخوي كلهم عندها )
رد مباشرة ( الله يقومها بالسلامة .. خير إن شاء الله ، لا تخافين )
أخذ البيانات منها وخلال نصف ساعة وصلتهم التذاكر الكترونيًا ، تأملت كلماته الدافية .. المطمنة لها ، آخ لو بس يبادلها نفس الشعور !



-



بالمقابل ..
في مكتبه بالمستشفى ، وقف .. توجه لمكتب أخوه يوسف ، نطق بشكل سريع : يوسف وش صار على عقد الأجهزة المستوردة ؟
يوسف رفع راسه له : خلاص بعد بكرة بيروح سالم جدة ويتفقدها لنوقع العقد ..
أحمد : خلاص بلغ سالم يكنسل رحلته ، أنا بروح لها ..
عقد حواجبه يوسف باستغراب شديد : ليش ؟ وش عندك ؟
أحمد بعجلة : مافي شي ، أفضل أحد منا يروح لها لا ننغش ..
يوسف باستنكار : الشركة المستوردة دايم نتعامل معها شفيك ؟
أحمد بضيق : خلاص بلغتك ، أنا رايح .. وبلغ عمر لا يفقدني ، بعد بكرة الليل راجع
يوسف طلع ملف من مكتبه : لحظة ، لا تنسى الأوراق !
خرج من مكتب أخوه بعجلة بعد ما أخذ الملف تحت نظرات الاستغراب الشديد ، طلع من المستشفى .. توجه لمنزله مباشرةً ، وخلال ثلاث ساعات كان متواجد في المطار ..
انتظر حتى وصله أخيرًا نداء رحلته ، توجه لها بحقيبته الصغيرة بالإضافة لحقيبة لاب توبه .. صعد لدرجة الأعمال ، جلس على مقعده بجانب النافذة .. استخرج لاب توبه يشتغل عليه ليقضي وقته ..
ما حس بالبنت اللي وقفت مصدومة وهي تشوفه جالس على المقعد
بلعت ريقها بصدمة منى وهي تشوفه جالس بجانب المقعد الخاص فيها ، طبتها ريان من خلفها تحثها على السير .. لفت عليها منى بتوتر وبهمس : أنتِ اجلسي هنا .. وعطيني مقعدك
ريان باستنكار قبصتها بخفة : اجلسي أنا بجلس مع تالا ، بسرعة لا توقفين
ماتركت لها مجال أكثر وهي تسحب بنتها تالا وتجلس بمقعدها أمام مقاعد أحمد ومنى ، سلمت أمرها لله .. تقدمت بربكة ، وبمجرد ما وقفت عند مقعدها .. رفع راسه بتلقائية ، شتتها بعيد وجلست أخيرًا ، ابتسم بهدوء وهو يبعد شاشة اللاب توب شوي : السلام عليكم ورحمة الله
وجهت نظرها للأمام تحاول تتجاهله ، لكن وصلها صوته من جديد : السلام سنة ورده واجب !
همست وهي تشبك أصابعها بتوتر : وعليكم السلام ..
لفت راسها للجهة المعاكسة ، بطريقة توضح له إنها ماتبي تسمع صوته .. لكن وكأنه لم يفهم تابع : شلونك ؟ وشلون أمك ؟ إن شاء الله تحسنت
زمت شفاتها بدون رد .. مازال جرحه لها برسائله الأخيرة ، بتكون قوية أمام الفرصة المغرية للحديث والجلوس بجانبه لمدة ما يقارب الساعة ونصف ، لتثبت له قوتها ولا مبالاتها به .
استغرب من صمتها المفاجئ ، ما توقعه أبدًا .. عقد حواجبه بضيق : شفيك منى ؟ أمك تعبانة ؟
لفت عليه أخيرًا كانت تنوي تطلع حرتها فيه لكن قربه بهالشكل وملامحه المستكينة بعثرتها .. تمالكت نفسها ، نطقت بصوت مهتز : بخير .. ارتحت !
وعادت من جديد بنظراتها للأمام ، هو .. مازال مصدوم منها ، ومن عدم احترامها .. بمجرد ما وصلته رسالتها حجز مباشرة لهم وله معهم ، إحساس الأبوة والحنان اتجاهها ما يقدر يفرط فيه .. حتى بعد ما اكتشف مشاعرها اللي يعتبرها مجرد طفولة ! ..
أقلعت الطائرة أخيرًا ، وهو ما زال يفكر في سبب غضبها الواضح منه .. مال بطرف عينه لها ، كان التوتر جلي عليها من فرقعتها لأصابعها وهزها لرجولها .. نطق بتلقائية : اهدي بنتي ، أمك إن شاء الله بخير !
لفت عليه والغضب ياكلها من كلمته المصر عليها ( بنتي ) ! : ممكن ما تكلمني ؟ أنا مابي أكلم أحد لأني مابي قلبي - وباستهزاء واضح - سبيل للرايح والجاي
ناظرها بعدم استيعاب من إصرارها اليوم على صدمته ! ما كانت كذا أبدًا ! ، وجّه وجهه للاب توب ومازال يفكر في سبب تغيرها ، ما مضت غير أقل من دقيقتين حتى التفت عليها بسرعة وكأنه استوعب : منـى !
اسمها على لسانه كفيل بزلزلتها ، شدت كمها وعصرته بين أصابعها .. تابع باندهاش : لا يكون زعلانة ؟
ما ردت مما أكد له زعلها ، أغلق شاشة اللاب توب بإبتسامة ودودة .. وهو يذكر تالا إذا زعلت منه ، إما تقابله بهجوم وشراسة وممكن تتجاوز حدودها معه أو ببرود قاتل ما تترك له مجال يتعامل معها .. بهدوء : منى
كما توقع ، لا رد .. تابع : منى ، مابيك تشنين هالحرب علي .. لا تفسرين أي شي من راسك
استمرت بصمتها ، أكمل : فهميني أنتِ وش فيك ؟
لفت أخيرًا وعيونها أخيرًا بدأت تلمع بأول دمعة : مافيني شي ، بس أبي أمشي بنصيحتك .. مازلت صغيرة ولا بضيع قلبي بأي مكان .
اتسعت ابتسامته بحنانه المعهود : منى .. لا تخلين هالكلام بقلبك ، ولا تظنين إني متجاهلك ، ما قلت لك هالكلام إلا لأني أغليك والله .. قلته عشانك ، مابيك تضيعين عمرك .. وأنا أدري إن كل هالمشاعر اللي بقلبك مشاعر بنت لأبوها ، صدقيني الحب اللي تظنينه وتظنه كل بنت ماهو حب .. الحب يجي بالمواقف والعشرة ، مو مجرد هالخرابيط اللي ببالكم .. يوم الله بيرزقك بزوج صالح إن شاء الله بتعرفين معنى كلامي
كانت تسمع له و قلبها يتقطع أكثر ، عقلها يصدق كلامه .. لكن قلبها يرفض كل كلمة منه ، تنهدت بصعوبة .. هزت راسها بدون أي تعليق وهي تمسح عينها ..
ابتسم أكثر ، وبنبرة أبوية : خلاص الحين لا تشغلين بالك بأي شي ، اهتمي بدراستك وخلي بالك على أمك الله يحفظها
عاد إلى لاب توبه .. تابع شغله بهدوء بقية الرحلة ، بينما هي كانت تصارع روحها داخليًا من جهة ومن جهة أخرى تراقب أدق حركاته ..




-



بنفس وقت إقلاع الطائرة إلى جدة هبطت الطائرة القادمة من أسبانيا على مطار الملك خالد الدولي ..
همست وهي تطب كتفه : بندر .. وصلنا
تحرك أخيرًا وفتح عيونه ، استكان لثواني حتى استوعب وجوده بالطيارة بجنبها .. مسح وجهه بضيق : يالله ، ليش ما صحيتيني بدري !
شوق : شفتك تعبان ، قلت أخليك تنام ..
انتقلت عينه للنافذة ، ابتسم بشوق : الرياض أخيرًا !
شوق نقلت نظرها لحيث ما يشوف : اشتقت لها ..
وقف ، طلع حقيبته الصغيرة .. وخلال دقائق نزلوا أخيرًا من الطائرة ، أمسكت بكفه ومشت بجانبه حتى دخلوا الصالة ، نطقت وهي تتلفت بعيونها : تشوف أخوي نواف ؟
لف عليها بوجوم : خبرتيه ؟
شوق لاحظت ضيقته : قال يبي يستقبلنا .. بس
زم شفاته وهو يجر حقائبهم : زين بس لا تسمعين كلامه لو قال يبي ياخذنا لأهلك
ابتسمت بالرغم من شوقها الكبير لأبوها : تطمن ..
تنهد : هذا هو .. قدام ، متحمس !
انتعشت وهي تشوف أخوها واقف قدام ، تركت بندر وتوجهت له بخطوات سريعة .. مجرد ما شافها ضحك بحب وهو يتقدم لها ، أخيرًا ضمها بشدة وهو يرفع رجولها بشكل بسيط .. : أخيرًا !
طاحت عينها على بندر وهي بحضن أخوها ، تكلم بهمس : شوق ..
شافت الغيض بعيونه ، ابتسمت له .. وأبعدت عن أخوها : يالله شكثر اشتقت لك ..
ضحك وهو يلتفت لبندر ويسلم عليه ، بينما هي انتلقت للي جاي من بعيد وبيده كوبين قهوة .. ابتسم وهو يشوفها ، ضمها بخفة وهو يحاول يبعد يدينه اللي تحمل القهوة عنها .. : الحمدلله على سلامتكم
أخذ نواف القهوة من يد أخوه وباليد الثانية سحب الشنط مبعد بندر عنها : نمشي على بيتنا ولا يا بندر .
بندر بإبتسامة : على بيتنا ، تعبانين والله
شوق تابعت لتأكد : بكرة بشوفكم لا تشيل هم
نواف بضيق ابتسم : والله أبوي محذرني ما أضايقكم ، بس يللا هو الصبح بيمر يسلم عليكم وبجي معه .. ناشب لكم
بندر بإبتسامة مداعبة : وتحسبني بستقبلك بكل مرة تجي ؟
نواف بضحكة : شسوي ، محد قالك تاخذ أختي بدري مننا





-






لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-09-17, 09:22 AM   #90

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



وقف بثقل كبير ، تحامل على وجعه .. ضم بجامته عليه علها تدفيه ، فتح باب غرفته وهو يمشي بخطوات بطيئة متجه للمطبخ .. السكون والظلام كان يغطي الشقة ، مما جعله يدرك إن الليل حل وإخوانه مؤكد إنهم نايمين بهالوقت ..
قبل لا يصل للثلاجة وصله صوت طرق خفيف على الباب .. ما كان فيه حيل يتحرك للباب ، لكن إصرار الطارق جعله يتزحزح من مكانه ويتوجه للباب بخفوت ، فتح الباب .. وكما توقع ، أخوه فهد ..
ظهرت الدهشة والتوتر على ملامح فهد : آ.. صحصحت أخيرًا !
عقد حواجبه بتعب وهو يهز راسه بدون تعليق ، كان ناوي يلف ويكمل طريقه للمطبخ لكن التفت بتلقائية على فهد اللي نطق وهو يزيح عن الباب : تفضلي
ظهرت فتاة بعبائتها من خلف فهد ، للوهلة الأولى ظنها أخته سحر أو سهى .. أو حتى مشاعل طليقة فهد ، لكن سرت الصدمة بملامحه وهو يشوفها .. غمض عيونه عل طيفها يختفي من أمامه ، لكنها ما اختفت !
لف على فهد بتلقائية ، قابلته عيون فهد المتوترة .. همس الأخير وكأنه يؤكد له إنها هي : تفضلي ملاذ ..
غمض عيونه من جديد والعرق بدا يتصبب منه ، سمع صوتها اللي غاب عنه فترة : السلام عليكم ..
حس فيها تدخل وتتجاوزه ، فتح عيونه بضيق واضح ، وصله صوت فهد وهو يدخل الشقة ويقفلها خلفه : تفضلي ملاذ للصالة ، البيت بيتك ..
مجرد ما ابتعدت داخلة الصالة ، ناظر فهد بضيق واستياء شديد .. أمسكه فهد بزنده يحثه على السير : تعال معي للمجلس .. أبيك شوي
سار خلف أخوه رغبة منه للهرب من الموجودة بالصالة تنتظره ، نطق بمجرد جلوسه : ليش فهد ؟
فهد شال شماغه وطاقيته ورماهم بإهمال : عشانك جواد !
بضيق واضح وبصوته التعبان : شكيت لك ؟
جلس مقابل أخوه ، شبك كفينه ببعض : ما يحتاج تشكي لي ، أنا أشوف كل شي .. ما تشوف عمرك شلون تعبان ؟ ولا فكرت في المسكينة اللي كل يوم تترجا أهلها يجيبونها عندك ! .. جواد هذي زوجتك ! ، إذا ما كانت معك الحين متى تبيها توقف معك ؟
جواد بانكسار جلي عليه : وأنا مابيها معي ياخوي ! ، فهد .. انت ما تحس ؟ مافيني أحط عيني بعينها ! ليش تزودها علي ؟
فهد رق قلبه لصوته المنكسر ، تابع بهدوء : وأنا مافيني أشوفك كل يوم تنطفي أكثر جواد ، مافي أحد كثرها ممكن يطلعك من صدمتك ..
جواد ضحك بسخرية محروقة وهو يسند ظهره للكنب : تدري إني لأول مرة أحسدك على شي ؟ .. كونك مطلق بهالأوضاع هذي نعمة لازم تشكر ربك عليها
فهد ضاق من كلمة أخوه ، مايدري شكثر هو محتاج مشاعل بجنبه بهالأزمة .. يعرف قوتها ، والمساندة اللي ممكن تسندها فيهم بهالأزمة : لا تحسد الفقير على فقره ، لا تستهين بوجود زوجتك جنبك .. هي الحين منا وفينا ، اللي صابنا صابها .. لا تقصيها كذا وهي محتاجتك جنبها !
زم شفاته جواد بقهر .. نطق بعد صمت بفضفضة : ماقدرت أعيشها مثل أي عروس أيام تذكرها ، كلها أسبوعين حتى انهار كل شي .. مافيني أتحمل وهي تشوف انكساري بهالشكل .. خذلتها وخذلت أهلها معها
وقف فهد وبحنان كبير ابتسم : لا تحمل نفسك المسؤولية ، هي سحابة سوداء وبتنجلي .. وقف معها واترك لها الفرصة تساندك .
مد كفه لكف جواد وسحبه ليستعدل واقف ، طبطب عليها : روح الحين وشوف زوجتك ، واسجد لله شكر إنها حولك ..
كانت عيون جواد ضايعة بعيون أخوه ، تابع بإبتسامة : وقوّي روحك ، أبيك بجنبي .. مافيني أشيل كل هالحمل وحدي
أخيرًا شقت الابتسامة وجه جواد بعد غيابها ثلاثة أسابيع ، وإن كانت ابتسامة باردة خالية من الحياة .. هز راسه يطمئن أخوه ، ترك يد فهد وطلع من المجلس متوجه للصالة .. قبل لا يدخلها تنفس بعمق يهدي نفسه ، تنحنح أخيرًا ودخل ..
كانت جالسة على الصوفا بالزاوية وعبايتها عليها والتوتر واضح عليها .. بمجرد ما سمعته وقفت بربكة ، تأملت هيئته .. كان نحيل جدًا وأعراض المرض واضحة عليه ، عيونه تغطيها الهالات وشعره منثور حوله بعشوائية ..
تقدم لها بدون ما يطالعها ، كان مشتت نظراته للأسفل .. أخيرًا جلس أمامها وهو ملتزم الصمت ووجه يغوص للأسفل ، حس بخطواتها تتقدم نحوه .. وهاهي أقدامها توقف أمامه مباشرة ، غمض عيونه بشدة يوم حس بكفوفها الثنتين تلامس وجهه ، استسلم لها وهي ترفع دقنه لها .. همست : ارفع راسك ، ليش ما تبي تطالعني ..
فتح عيونه ليظهر لها ألمه وانكساره ، زم شفاته : وش تبين تشوفين فيني ؟ .. القهر ؟ الخذلان ؟ الصدمة ؟ ولا خجلي منك ؟
آلمها قلبها لحاله ، نطقت بصوت مبحوح وكفها تنتقل لشعره تمسح عليه بينما الأخرى مازالت ممسكة بدقنه : أبي أشوف جواد القوي ، مو اللي يهرب ويترك كل شي وراه
نزل راسه بتلقائية على كلمتها ، شد عيونه يحاول يمنع الدموع لأجل ما تشوفها .. لكنها تسللت أخيرًا وبللت كفها ، رمت نفسها بجنبه وهي تسحبه لصدرها .. بكى كثير بحضنها ، شاركته البكاء .. اختلطت دموعها بدموعه ، بكاءه هذي المرة كان يجبره دموعها ، شعر وكأنه للمرة الأولى يتلقى صدمته بأبوه .. بكى قهره وضعفه ، شكى لها ببكاءه قلة حيله ، فقدانه للثقة .. قابلته بحضنها الحنون ، حضن أشبه ما يكون بحضن أمه الراحلة ، بكت لبكاءه ..
شدت عليه بذراعها حتى ارتخى أخيرًا على كتفها ، هدأت أنفاسه .. مازال يغمر نفسه بحضنها ، مررت كفها على جانب وجهه الظاهر لها تمسح بقايا الدمع عنه .. استشعرت الحرارة اللي تسري بجسده ، أبعدت وجهه عن كتفها برفق : حرارتك مرتفعة ، بروح أجيب لك دواء
هز راسه وهو مقفل عيونه ، وده لو تبقى بجنبه وتغمره بعطفها .. لكن الحرارة فعلًا بدأت تأخذ مجراها
توجهت للمطبخ ، استخرجت من الثلاجة حبة البنادول المتبقية .. عادت للصالة ، كانت فارغة منه .. قبل لا تأخذها الهواجيس لمحت حركته بالغرفة المفتوحة ، دخلتها وبيدها الدواء و المويا .. كان واقف يمسح وجهه المبلل بالمنشفة ، تقدمت له بابتسامة وناولته الدواء : اممم ، أنام اليوم هنا ولا ترجعني ؟
كان يدرك إنها تراوغ بسؤالها ، الساعة تجاوزت منتصف الليل .. بطبيعة الحال مابيتركها ترجع ، ابتسم بانهاك وهو يترك كوب المويا على الكومدينة : خليك هنا ..
تسلل الفرح لقلبها أخيرًا ، قفلت الباب خلفها وفسخت عبايتها .. انضمت له على سريره الواسع ، تركت يدها تعبث بشعره بحنية وبداخلها تشكر ربها لأنه سمح لها وأخيرًا تعود لحضنه تشاركه مأساته وتساعده على تخطيها ، والفضل الأول يعود لأخوه فهد اللي جاء لها وطلب منها وجهًا لوجه تجي وتنضم لهم بحسبتها فرد من العائلة ..




-





أمام شاطئ البحر الأحمر ، كان يتناول كوب الشاي لعله يصحصح .. تأمل منظر الشروق المقترن بالبحر من إطلالة غرفته العلوية ، منظر ينعش الروح ويهدئها .. أرخى جسده على الكرسي ، ولولهة راوده سؤال أرقه .. ليه أنا موجود في جدة ؟ ما سر الجاذبية الكبيرة اللي تمتاز بها ( منى ) حتى سحبته معها لجدة ؟ يدرك تمامًا أنها مثل شوق أو ميرا مثلًا بنظره .. مازالت بنت صغيرة مهما كبرت بعينه ، لكن صورتها وصوتها متشبثان دائمًا براسه .. وكأنها ليلة مأساتها ، وقت ما حملها على ذراعيه و تمسكت به وهي تنتحب .. قذفت أحبالها الصوتية وملامحها الوديعة بداخل راسه لئلا ينساها ويبقى يحميها دائمًا وللأبد ..
مسح وجهه وهو يزفر بضيق وكأنه يزفر طاريها من باله ، وقف أخيرًا تارك الشمس خلفه .. دخل لغرفته ، أخذ له شاور ينعشه .. خرج من الحمام بالروب وهو يفرك راسه ، سحب جواله من الشاحن .. وسرعان ما ضرب جبهته بضيق : شلون نسيت !
ومثل ما توقع ، انهالت عليه المكالمات من بدر .. كيف ينسى إن اليوم موعد عودة بنته العروس وزوجها ؟ كان يتمنى يكون أول من يستقبلها ، لكن .. طارت الأمنية من بين يدينه !
قرأ الرسالة المتوجة باسم بدر : ( أنا قايل ما بعتمد عليك ، بس وش أسوي لبنتك ؟ )
كتب مباشرة ( أنا بجدة ، رايح أشوف صفقة الأجهزة .. تعذر لي من تالا )
ما وصله الرد إلا وهو يدخل عتبات المستشفى الحكومي اللي أخذ اسمه من منى قبل لا ينزلون من الطيارة ، ابتسم وهو يشوف الصورة اللي وصلته من بدر .. ابنته تالا الحبيبة مستغرقة بنومها بفوضوية على السرير وتعليق ( خلاص بعد وش جاي تبرر ؟ )
اكتفى بضحكة وبداخله يزداد شوق لوحيدته ..
توجه لموظفة الاستقبال ، سأل عن غرفة أم منى .. عقد حواجبه لسؤالها بعد ما صمتت لثواني : تقرب لها ؟
أحمد : لا .. صديق للعائلة بس
قفلت الملف اللي قدامها : الله يرحمها
اعتلته الصدمة : وش ؟
الموظفة : أمس العشاء توفت ، ادعي لها ..
مسك راسه يتدارك صدمته ، هزه بقلة حيله : لا حول ولا قوة إلا بالله ...
نطقت الموظفة بتخفيف : عظم الله أجركم ، زوجة الابن منومة بالدور الأول غرفة 23 ، فيك تساعدهم ..
هز راسه بضيق والدنيا تدور فيه ، مشى بخطوات تائهة للمصعد ، كان جل تفكيره كيف ممكن يقدم المساعدة لهم ..
طلع من المصعد ، توجه للغرفة المقصودة ، طرق الباب أخيرًا ..
انفتح الباب لتظهر له بوجهها الميت ، الإرهاق جلي عليها .. عيونها الواسعة ذابلة تمامًا ، وجهها بهالمنظر يذكره بوجهها قبل سنتين .. بارد !
نطق بصوت جعله متماسك أمامها : عظم الله أجرك .. منى
تعلقت عيونها بعيونه ، وكأنها تبحث عن شي فيها يكذب الواقع .. ما وجدت غير المواساة ، تنهدت وهي تنزل عيونها للأرض .
شتت أنظاره بعيد جاهل ما عليه فعله : الله يرحمها .. أخوك ياسر وينه ؟
نطقت بوهن وشحوب : بالمغسلة .. الجامع اللي قدام
ألقى عليها نظرة مواساة كأكثر شي بيده يسويه لها : ادعي لها وقوي روحك .. راحت للرحيم .
اكتفت بهز راسها بدون تعليق ، استدار للخلف ونزل قاصد مغسلة الأموات .. جلس منتظر عند الباب وهو يستغفر ربه ويدعي من قلبه لام ياسر ، حتى خرج له ياسر ووجهه يغطيه الدموع ، كان وكأن حمل الدنيا بثقلها ارتمى عليه .. رجعت له صورته قبل 16 سنة ، بعد ما كفّن زوجته الراحلة .. وابنته تالا على خفتها كان يشعر بثقل المسؤولية اتجاهها وكأنها جبل ! ، جلس بانهاك ياسر قرب أحمد وهو يبكي بحرقة .. البكاء اللي كتمه عنوةً قدام زوجته وأخته تفجر أخيرًا ،
تقدم أحمد ، جلس مقابله على أطراف أصابعه وهو يشد على كتفه : عظم الله أجرك ، الله يبدلها دار الخير .. ادعي لها ، تحتاج الدعاء .. اصبر والله مع الصابرين
رفع راسه للشخص اللي قدامه ، هول الموقف على روحه كان أقوى من إنه يستغرب وجود الشخص اللي دايمًا يتواجد بجانبه بأي مصيبة تقصم ظهره ، انتحب بقهر وهو ينزل راسه من جديد : شلون أتحمل ؟ .. شلون تبيني أصبر وأنا أغسل أجسادهم الثلاثة مع بعض ؟ .. مافيني قوة والله !
انصدم أحمد من كلمته ( الثلاثة ) ، لكن بطبيعة الحال الموقف ما يسمح له يسأل .. طبطب على كتف ياسر : قوي نفسك ، زوجتك وبنتك وأختك محتاجيننك ! كن قوي ليقوون هم .. الله مع الصابرين يا ياسر الله معك ..
تابع ياسر نحيبه وهو يبكي أمه ، أبوه وزجة أبوه .. استفاق أخيرًا بعد نوبة البكاء على صوت الإمام والموظفين وهم يطلبون منه يدخل يساعدهم بحمل الأجساد لداخل المسجد ، وقف وحيله يخونه .. حملهم وساعده أحمد بحملهم ، حتى صلى عليهم الصلاة الأخيرة ..
ساعده أحمد ومجموعة مصلين بتشييع الجنائز الثلاث حتى أودعوهم مأواهم الأخير .. بكى عند قبورهم ، دعا لهم .. ودعا الله يقوي قلبه على تحمل المسؤولية اللي كانت دائمًا على عاتقه .. لكن وقعها اليوم أقوى .
قاده أحمد لسيارته ، هدأ نسبيًا بعد ما دفنهم بيدينه .. كان شارد وكأنه مو بعالمهم ، بينما أحمد يلقي عليه كلمة مواساة ودعاء بين فترة وفترة لعلها تهدي وتريح باله ، نطق أخيرًا ياسر بأسى : أمي تعبت كثير ، كلمت أبوي .. قرر يجينا لجدة مع أم ريان - زم شفاته وكأنه يحاكي نفسه - ليتني ما كلمته ، ليت لساني انقطع قبل لا أحاكيه
التزم أحمد الصمت يترك له مجال للتنفيس والفضفضة ، تابع بعبرة ياسر : صار عليهم حادث قريب من جدة ، وراحوا ... - غطى عيونه بألم وتابع - أمي ردت على جوالي وقت ما نقلوا الخبر ، ومن وقتها زادت حالتها سوء .. حتى فقدتها هي الثانية أمس ! ... أحس الدنيا تاكل روحي ، ماتبي تتركني حتى تنهيني !
أحمد تنهد بضيق من تأزم وضعه : إنا لله وإنا إليه راجعون ، هذا يومهم .. وهذي سنة الحياة ، وقف واسند أهلك اللي ينتظرونك .. هذا أعظم شي تسويه لأبوك .
استمر بتهدئته حتى وصلوا للمستشفى ، تمالك نفسه ياسر وهو يدخل الغرفة .. استقبلته منى برباطة جأش ، أذهلته قوتها من سماعها للخبر ، تقدم نحوها وضمها لصدره .. أخته الوحيدة ، وطفلته المدللة .. كان دائمًا ملجأ قوتها وأمانها ، لكن هذي المرة امتص قوتها وتشربها ، لعله يقوى بثباتها ..
بادلته حضن بارد طويل ، حتى وصلتهم همهمة ريان .. رفع راسه لها والتقت عيونه بعيونها ، كانت ذابلة والدموع ما جفت عنها .. ابتعد عن منى متوجه لحبيبته اللي تيتمت للمرة الثانية ، أنينها اخترق صدره ببكاء موجع .. ضمها بقوة علها تهدأ : اشششش ريان ، خلاص يا أمي .. -
زاد بكاءها بألم على كلمته ( أمي ) وهي اللي فقدت أبوها بطفولتها وما إن انضمت لعائلة ياسر حتى كان لها أبو ياسر الأب الحنون ، وأمه اللي كانت أقرب لها من أمها .. لكن بلحظة واحدة فقدت الثلاثة لتعيش اليتم من جديد .. انتحبت بصدره ، متمنية لو يكذب الخبر ويصحيها من كابوسها ، لكن عبراته وهي تتحشرج بصدره المرتمية عليه تؤكد إنه واقع ..
مسح على راسها تارك لها مجال تفرغ بكاءها ، بكت كثير حتى غلبها النوم أخيرًا ..
منى ، كانت تناظرهم بتعب .. ومنظر انهيار ريان يقتلها أكثر ، تركت تالا الصغيرة اللي كانت حاملتها على الكرسي وخرجت بهدوء لعلها تتنفس هواء نقي يطلعها من صدمتها .. الدموع استعصت عليها ، تحاول تبكي .. لكنها غير قادرة ، وكأن كل دموعها جفت .. مازالت غير مستوعبة .
خرجت من الغرفة ونزلت للأسفل .. لباحة المستشفى المكتظة ، جلست على أحد الكراسي الموزعة بالمكان .. رفعت رجولها عن الأرض وضمتها تاركة راسها على ركبها ،احتوت نفسها مستدرة البكاء .. لكن لا جواب ، تشعر وكأنه داخلها حرب ضروس .. قلبها يبي يتنفس ، لكن عيونها تأبى ..
ما حست بالشخص اللي جلس بجانبها وينظر لحالتها بأسى حتى نطق بصوته الحنون دائمًا : منى بنتي .. !
رفعت راسها بسرعة وهي تبحث عن مصدر الصوت ، وبمجرد مالفت يمينها اصطدمت عيونها به ..
رفع كفه بحنان بالغ لظهرها ، مسح عليه برقة : كلنا ماشيين على هالطريق يا بنتي .. لا توجعين قلبك
مجرد سماعها لكلمته ( بنتي ) تفجرت أخيرًا ببكاء وهي ترمي راسها على كتفه .. بكت بشدة أخيرًا : خلاص ... راح اللي يقولي يا بنتي ! صرت يتيمة !
انفطر قلبه لها ، احتواها بكفه وهو يطبطب على ظهرها : ياسر موجود .. ريان موجودة ، الله موجود .. .. وأنا موجود ، لا تفقدين روحك ، كلنا معك !
انتحبت بحزن : قولي يا بنتي .. مابزعل ، مابي أفقد هالكلمة بحياتي بعد كل شي فقدته ! مابقى لي غيرها أعيش لأجله ... قولها ، قولها يا ... يبه !
غمض عيونه بألم ، أبعدها قليل عنه .. لكنها رجعت تمسكت فيه بقوة وكأنها تخشى يروح من بين يدينها : أبوي .. وأمي .. راحوا وقلوبهم محروقة علي ! ، أدري ... أمي ما تعبها قلبها إلا بسببي ... بس ... وش أسوي ! مو بيدي ... أنا أموت بكل يوم مية مرة .. وقهرهم علي يوجعني ، والله يوجعني ! ليتني مت بدالهم ..
ضمها له أكثر : اششش يا بنتي .. خلاص ، لا عاد تحرقين قلبك
شهقت بقوة وصوتها يغيب : بقول كل اللي بقلبي لأبوي ولا قدرت أقوله له .. ماكان فيه يطالعني و يشوفني .. أنا كنت أهرب منه ، مابي أشوف كسرة قلبه علي .. وهو .. مايبيني أشوف ضعفه وخذلانه .. يحسب إنه ماقدر يحميني .. وأنا بنته الوحيدة .. بس ... كذا الله اختار لنا .. الشقاء والتعب بهالحياة .. الحين راحوا وارتاحوا ، بس ما أخذوني معهم !
كان يسمع لشكواها وكأنه أبوها ، تعبت قلبه من كلامها .. ليه الله اختاره هو بالذات ليشارك هالعائلة مآسيها ؟ وجعهم دائمًا مرتبط فيه .. حتى صار يشعر إنه واحد منهم ..
مسح دمعة فلتت منه وأبعدها ، كانت ما تزال تبكي .. لكن هذي المرة حيلها مهدود ، وكأن طاقتها تبخرت .. وقفها وهو يسندها ، مشى معها بخطواتها المتعبة وهو مكتفي بقول كلمات باردة لأنه يشعر بأن بكاءها سلب منه كل كلمة ممكن يقدر يواسيها بها .. حتى وصلت غرفة ريان تشاركها باقي ألمها ..







-





جالس بخيبة وهو يتأمل الورقة اللي بيده ، زفر بضيق على دخول وليد عنده ..
كان للتو صاحي من نومه ، عقد حواجبه وهو يجلس مقابل فهد وبصوت مليء بالنوم : وش هالورقة ؟
زم شفاته فهد بضيق ومد الورقة لصديقه ، ما أن مسكها وليد وقرأها حتى انتابته مشاعر مضطربة .. تمالك ملامحه لكي لا تظهر لفهد وهو يعيد الورقة له : إن شاء الله خيرة ..
أخذها فهد بضيق كبير : صراحة كنت أتوقع ، بس مشكلتي ما أعرف طبيعة مشاعرها اتجاه عبدالله ! ، أخاف تتأزم لو عطيتها صك الطلاق .. خاصة بهالظروف !
وليد وهو يدرك تمامًا إنها عارفة ، خاصة بعد موقفها أمس مع عبدالله .. تظاهر بالجهل : الله بيعوضها ..
وقف فهد والملف بيده : بروح أشوف لهم ، وبفتح معها الموضوع .. إن شاء الله تتقبله
هز راسه وليد يؤيده ، تابع فهد بعيونه وهو يمشي ويتخطاه لباب المجلس .. نطق بسرعة : فهد ...
لف عليه فهد ينتظره يتكلم ، نطق وليد برجاء : أدري مو وقته بس ... أنت تدري إني أبيها
فهد لاحت على شفاته إبتسامة خفيفة وهو يهز راسه بقلة حيلة : صدقني بهالوقت متأكد إنها ماتبي ترتبط بأحد .. وممكن تطول هالمدة
وليد ولا زال الرجاء عليه : مابيك تكلمها الحين ، بس أبي أضمن ماحد يسبقني .. حتى لو بعد عشر سنين !
هز راسه فهد ولا زالت الإبتسامة الصغيرة على وجهه ، ترك وليد خلفه وطلع من شقته .. يدرك تمامًا إن مستحيل أحد يتقدم لها بهالأزمة خاصةً ، الأزمة اللي بيستمر تأثيرها على نفوسهم وسمعتهم حتى بعد عشرات السنين ! ، كان دائمًا يتمنى وليد لسحر أخته ، متيقن إن محد بيوقف معها ويسندها مثل وليد مثل ما هو واقف بماله ومواقفه النبيلة معهم حاليًا .. لكن يجهل رأي أخته ، هل بتتقبل وليد أو بترفضه مثل ما رفضته سابقًا ! زفر بهم وهو يدق باب الشقة ، مفتاحه تركه لسحر .. بينما المفتاح الأساسي مع جواد ، ثواني حتى انفتح له الباب .. لتظهر له بإبتسامة مشرقة غابت عنها من زمان ، ألقى السلام وهو يتفحصها : السلام عليكم
دخل وقفلت الباب وراه بإبتسامة : وعليكم السلام .. عارف مين موجود ؟
ابتسم وهو يستوعب سبب إشراقة وجهها : ملاذ .. جبتها أمس معي
دخلت معه المجلس : زين سويت ، جواد محتاجها ..
جلس لتجلس معه : حتى أنتِ وجهك منور اليوم ، شكل جيتها كان مفروض تكون بدري
ابتسمت : ملاذ صديقتي قبل لا تكون زوجة أخوي .. - وقفت - أسوي لك فطور ؟
هز راسه نفي : لا ، بروح بعد شوي وبفطر برى
تابعت سيرها : أجل أجيب لك شاي
نطق يستوقفها : سحر .. انتظري
لفت عليه بعقدة حواجب ، تأملت انقلاب وجهه للجدية المشوبة بتوتر ، تابع : أبيك شوي .. تعالي اجلسي
انتابها القلق من نبرته ، جلست بجانبه تنتظره يحكي .. هو ، كان يجهل كيف يفتح معها الموضوع .. نطق بقلة حيله وهو يمد لها الملف اللي يحتوي بداخله صك طلاقها : الله يعوضك خير منه ..
مسكت الملف بجمود ، كانت تدرك إنه بيتخلى عنها .. وتأكدت من ذلك بحواره أمس مع وليد ، لذلك الموضوع ما صدمها أبدًا .. رفعت راسها لفهد اللي يراقب ملامحها ، نطقت بجمودها : الحمدلله ، راضية بقضاء الله ..
فهد اللي انصدم من جمودها ، استرخت ملامحه براحة .. كان يخشى تنهار أو تتأذى نفسيًا .. لكن يبدو أنها أصبحت قوية جدًا ! : الحمدلله ، الأزمة اللي نمر فيها فتحت عيوننا على الناس اللي فعلًا تبينا وتوقف معنا .. اللي راح الله يوفقه ، والواقف معنا ما بننسى فضله
ابتسمت ببرود ووقفت : بروح أصحي ريم وثامر ..
راحت وتركته خلفها ، وهي تجر بيدها صك طلاقها .. مطلقة قبل لا تُزف بفستانها الأبيض !





-




طلع من المقر براحة كبيرة ، ابتسم وهو يلمح عبدالرحمن اللي يأشر له بيده : تمت ؟
راكان بإبتسامته : الحمممدلله
قرب منه عبدالرحمن : الحمدلله ، هالقضية من 4 سنوات شغالين عليها ومن جيت اختصرتها بسنتين !
راكان زفر : صحيح إنها تعبتني نفسيًا خاصة بعد ما مسكنا أبو فهد وزوجته ، بس الراحة ما حسيت فيها إلا الحين وأبو نواف يقولي تمت المهمة !
ضحك عبدالرحمن وهو يضرب كتفه : باقي بدري عليك ، تجيك أحيانًا قضايا تشيب راسك .. ما تضمن اليوم اللي تعيشه
راكان بضيق : بعدوني عنها ، أنا ما صدقت أخلص من ذي
عبدالرحمن بضحكة : عاد عجبتهم ، ما أضمن لك يشبكونك بأي مهمة قريب !
راكان : الله يستر ..
عبدالرحمن وهو يعدل شماغه : زين روح توكل ، الله يحفظك مافيني أتأخر زيادة ويقلبون علي.
ودعه راكان واتجه لسيارته ، اليوم يوم مهم بالنسبة له .. القضية اللي أرقته انتهت وأخيرًا ، بالإضافة إلى إنه اليوم اللي عزم فيه يخطبها أخيرًا .. ما ينكر إنه خايف ترفضه ، لكن جانب كبير منه يتأمل بالحب اللي يسكن قلبها له حتى وإن أخفته !
وصل للبيت ، أدخل سيارته للمواقف .. طلع منها وتوجه لأطراف حديقة منزلهم ، عند الجلسة اللي تطل عليها نافذتها .. كان ينوي يستكشف ما إذا كانت صاحية أو لا ، لكن وصلته أصوات ضحك وأحاديث مصدرها الجلسة .. مجرد ما ولج اللفة طاحت عيونه على أمه وعمته أم رائد يتبادلون الحديث باستمتاع ، بينما ميرا جالسة معهم بكرسيها المتحرك بملل .. مجرد ما شافته رفعت الطرحة اللي كانت بحضنها على راسها بإهمال .
ابتسمت أمه وهي تشوفه جاي : يا أهلًا بحبيبي
تقدم لها وباس راسها ، وبالمثل فعل مع عمته اللي رحبت فيه .
التفت لميرا أخيرا : شلونك ميرا
اكتفت بإبتسامة وهي تهز راسها ، ابتسم : الحمدلله ! - تلفت حوله - أجلس معكم ولا مالي مكان ؟
أم رائد قربت الكرسي اللي بجانبها : تعال قرب ..
صبت له أمه الشاي وقربته منه ، بينما هو بادر بسؤال : فين ملاذ وأم ليان ما أشوفهم ؟
أم راكان براحة كبيرة تسري بداخلها : ريتاج راحت مع أختها وملاذ راحت لزوجها ما تدري ؟
أم رائد : شلون تبينه يدري وهو مختفي ماحد يشوفه ؟
ابتسم براحة كبيرة : الحمدلله .. يعني جواد تحسن
ارتشف شايه برفقتهم ، استمع لحوارهم عن حالة جيرانهم .. نقل بصره للجالسة على طرف الجلسة وتراقب بصمت ، التقت عيونهم أخيرًا .. ابتسم بسرعة قبل لا تشتتها : تلعبين ؟
عقدت حواجبها باستفهام ، تابع : سعودي ديل ..
تهلل وجهها بفرح ، هزت راسها بسرعة وكأنها تخشى يغير رأيه .. تبسم لتجاوبها ، وقف : بجيبها وأجيك ..
طلع لغرفته وأخذ مجموعة كروت اللعب ، ويوم نزل شافها جالسة على مفرش كبير خلف الجلسة وممدة رجولها على جنب .. وخلفها مركى تستريح عليه ، توجه لها وهو يسمع عمته تقول : كانكم تبون البسكوت تعال خذه وحطه عندكم
اكتفى بأخذ المكسرات وكوبين شاي بالصينية ، تفدم لها وجلس تارك الصينية بينهم .. طلّع الكروت من جيبه وبدأ يخلطها : على ثلاث مجموعات ؟
زمت شفاتها برفض ، رفعت أصابعها وهي تشير بالرقم ستة
زفر وهو يوزع الأوراق : اوكي .. أجل اضمني الخسارة من الحين
اكتفت بنظرة تحدي وبدأت اللعب ، كان يلعب معها بحماس شديد وكأنها ميرا القديمة .. وهي كذلك تناست كل آلامها وإعاقتها وراحت تستمتع بكل مافيها حتى انقضت الساعة الأولى ..
ضحكت بانتصار وهي تتأمل مجموعاتها الخمس ، كانت أقرب منه للفوز .. نطق وهو يسحب ورقتين بهدوء : ميرا ...
نقلت بصرها له تنتظره يحكي ..
تابع وعيونه تنزل للأوراق مشتتها بعيد عن عيونها وبهمس : بعدك زعلانة ؟ أبي أتأكد إنك راضية عني ..
استكانت لوهلة ، شتت عيونها بدون أي استجابة .. مهما كان زعلها منه هي متيقنة ألا أحد يقدر يدخل السعادة لقلبها وينتشلها من ألمها غيره ، معه وحده تحس إنها حرة .. معه وحدة تنسى عجزها عن المشي وعن النطق ، هو الوحيد اللي يقراها ويقرأ مشاعرها دون ما تضطر لتوضيحها بكتابتها على الهواء أو على ورق أو حتى جوال ..
وصلها صوته من جديد برجاء : ميرا !
زمت شفاتها وبدون ما تناظره هزت راسها نفي ، ابتسم وهو يزفر براحة : ما تدرين شكثر يهمني رضاك ..
رفعت بوجهه كرت ( سحب مجموعة كاملة ) وكأنها تنهي نقاشه ..
ضحك بمرح : حيوانة ، استغليتيني
استمروا لساعة ثانية يلعبون متناسين اللي حولهم ، حتى وصل أبو رائد اللي توجه لجناحه يبدل ويغتسل بعد ما ألقى السلام .. وقف راكان بعجلة : اصبري ميرا .. شوي وأجيك
ما ترك لها مجال تعترض وانطلق يلحق خاله ، ومن حسن ظنه لحّق عليه قبل لا يدخل غرفته : خالـــي ..
لف خاله عليه : تبي شي راكان ؟
راكان : أبي أكلمك بموضوع ..
أبو رائد عقد حواجبه : زين ، بس بدخل أتروش .. انتظرني هنا
راكان حك جبينه بتوتر : لا تكفى خالي ، بكلمك أول ..
استدار له أبو رائد بعقدة حواجبه وهو يستشعر أهمية الموضوع : زين ، اجلس نشوف وش عندك
جلس ومقابله خاله ، فرك يدينه بتوتر : خالي .. تواصلت مع المستشفى الألماني اللي حكيت لك عنه وحجزت موعد ،
أبو رائد استبشر وبفرحة كبيرة : الله يبشرك بالخير ! .. - وبحماس - متى ؟
راكان : بعد شهر
أبو رائد : زين .. نروح أنا وعمتك ،
قاطعه راكان قبل لا يكمل : بس خالي صعب تروح وتترك كل شي وراك ..
أبو رائد : كل شي لجل ميرا يهون ، أبيها ترجع تركض وتزعج قدامي .. وباقي الأمور خوالك بيتكفلون فيها
راكان شبك أصابعه بتوتر : خالي ، أنا أبي بنتك بعد رضاكم طبعًا .. نعقد وأسافر معها حتى تتعالج ونرجع
أبو رائد جمد لثواني حتى نطق بهدوء : لا راكان .. بنتي مابي أعطيها لك وأنا أدري إنك تشوفها مثل ملاذ
نطق بسرعة راكان بانكار : خالي والله أنا أبيها .. كنت بفتح معك الموضوع قبل لا يصير لها اللي صار ، بس الظروف منعتني .. ميرا أغلى من روحي ، وإن كنت تشوفني مو كفو هذا شي ثاني ..
زفر أبو رائد : ماقلت إنك مو كفو ، مكانتك بقلبي مثل مكانة رائد .. بس مابيك تظلم نفسك وتظلمها معك كانك ما تبيها
راكان بإصرار : ميرا بقلبي يا خال من صغري ، اسأل ملاذ كانك ما تصدقني ..
تنهد أبو رائد : والنعم فيك ، ما بعطيك كلمة لين أسمع رأيها .. إن كانت تبيك ، عقدنا لكم وتسافر معها ، وإن كانت تشوفك مثل أخوها ورفضت .. أنا وأمها بنروح وكل الأمور بتتيسر ..
وقف راكان بإبتسامة امتنان ، تقدم وقبل راس خاله : الله يديمك لنا ولا يحرمنا منك ..






*•


ألقاكم على خير





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:46 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.