آخر 10 مشاركات
أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          ☆باحثاً عن ظلي الذي اختفى في الظلام☆ *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : Ceil - )           »          أجمل الأسرار (8) للكاتبة: Melanie Milburne..*كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          شعر ثائر جزائري (6) *** لص ذكي سارق عجيب *** (الكاتـب : حكواتي - )           »          تناقضاتُ عشقكَ * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : ملاك علي - )           »          219 - صديقان ...وشيئا ما - جيسيكا ستيل (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          رواية صدفة للكاتبة : bella snow *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : bella snow - )           »          خادمة القصر 2 (الكاتـب : اسماعيل موسى - )           »          رواية أحببت فارسة أكاريا (الكاتـب : الفارس الأحمر - )           »          طيف الأحلام (18) للكاتبة: Sara Craven *كاملة+روابط* (الكاتـب : nano 2009 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-04-13, 07:29 PM   #11

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25


part 10


خلف تلك الشجرة .. وقفت بهدوء انظر إلى الأثنين امامي و هما يتناقشان ..!
لم اقصد التصنت .. او ربما قصدت !!..
لكن وجودهما سويةً جذبني .. فقد شعرت انها تعرفه .. لكني لم اتوقع ان يلتقيا امامي بهذه السرعة ..!
أول جملة سمعتها من تلك الشقراء حيث كانت هناك ملامح عابسة على وجهها الجميل : لهذه الدرجة لا تريد رؤيتي ..! اترسل جارك ليقوم بمهامك ..!
بدا ان حوارهما قد بدأ قبل وصولي بفترة : مهامي ؟!..
- أجل ..! لقد جاء كولي امر لشقيقتك في المدرسة ..!
- حقاً ؟!.. لطف منه ان فعل هذا فقد كنت مشغولاً و لم استطع تلبية الدعوة التي ارسلتها لهاتفي باسم المدرسة ..!
شعرت بالتوتر حينها .. أذاً هاري كان يعلم ان المدرسة طلبت من ولي امر كيت ان يأتي ..!
بحزن قالت هي : انت تتعمد تجاهلي ..!
بدا عليه الانزعاج : أنا ؟!.. لم اكن لأفعل ذلك لولا ملاحقتك لي في كل مكان ..! لما تبعتني إلى هنا ؟!..
رفعت صوتها عندها باستياء و غضب : لو اعطيتني فرصة لكففت عن هذا .. لكنك لم تفعل !!..
اتسعت عيناه حتى كادتا تخرجان من محجريهما و بذهول هتف : أنا لم أعطك فرصة ؟!.. ألم يكن زواجنا بعد اسبوعين فقط حين فسختي الخطبة يا مايا ؟!..
صدمت عندها من كلام هاري !!.. هل كان سيتزوج من مايا روبنس حقاً ؟!.. يا لها من صدمة !!..
لحظة .. لما الصدمة ؟!.. هاري شاب وسيم للغاية و ثري ..! الآنسة روبنس جميلة ايضاً وهما من ذات الطبقة في المجتمع ..!
أوشحت خطيبته السابقة بوجهها وهي تقول : اعترف اني تسرعت بهذا ..! أنا آسفة ..!
لكنها لم تلقى سوى البرود مقابل اعتذارها : اقبل اسفك ..! لكني لن اتقدم لخطبتك مجدداً ..! انت مدللة زيادة عن اللزوم و هذا يزعجني ..! كما ان والدك لا يحبني و قد كان اجمل ايامه حين قررت فراقي ..! لو علم انك تريدين مني ان اخطبك مجدداً لتبرأ منك في الحال ..!
دمعت عيناها حينها : لما انت قاسٍ هكذا ؟!.. لم تستغل حبي لك ؟!.. انت تعلم اني فسخت الخطبة حين ادركت اني لن أكون الأهم لديك ..! لكني الآن راضية بهذا ..!
ابتسم ببرود عندها : لا تجعلي الأمر يبدو كأنك مظلومة ..! مسألة اهتمامي بأختي لن تجعلني افضلها على شريكة حياتي ..! أنت فقط تعتقدين هذا ..!
- و ماذا في النهاية ؟!..
- كف عن محاولاتك الفاشلة ..! فقد قررت خطبة احداهن قريباً ..!
اتسعت عيناها و هتفت : ايمكن انها مضيفة الطيران تلك ؟!..
بابتسامة سخرية علق : هل وصل الأمر لمراقبة من اخرج معهم ايضاً ..! أنت مهووسة !!..
- و لأنك تعلم اني كذلك يستحيل أن تخطبها !!..
- لما ؟!.. أنها افضل منك ..!
- في ماذا ؟!.. أنا أجمل منها و نسبي افضل من نسبها ..! كما انها مجرد مضيفة ..!
- صحيح ..! أنت اجمل بالشكل .. و نسبك أفضل بالتأكيد .. كما انك معلمة موسيقى لبنات النبلاء تتظاهر بأنها مشرفة طلابية حين يتم دعوة هاري ليبيرت للمدرسة ..!
- إذاً لماذا تفضلها علي ؟!..
- انه امر لا تدركينه ..! لكني سأختصره لك .. قلبها انقى من قلبك !!.. و لعلمك .. كيت تحبها أيضاً ..!
- انت اخترتها من أجل كيت أذاً !!..
- لا .. لقد اخترتها من قبل ان تعرفها كيت !!..
كنت متفاجئاً من كلام هاري .. لم اعتقد انه معجب بميراي لتلك الدرجة ..!
سالت دموع الانسة روبنس أكثر و هي تقول باستياء : يا له من ذوق عفن !!..
أجابها بسخرية : ذلك الذوق العفن اختارك أولاً ..!
كشرت بانزعاج ثم سارت مبتعدةً بغضب إلى ناحية أخرى ..!
لم يتحرك هاري من مكانه لفترة مما دعاني للخروج متظاهراً اني وصلت للتو : اخيراً وجدتك هاري ..!
دون ان يلتفت قال : اعلم انك كنت هناك منذ فترة ..!
شعرت بالتوتر و بدناءة موقفي لكني قلت بهدها بأسف : أعتذر حقاً ..! لقد اقصد التصنت ..!
التفت ناحيتي ليقول : أذاً .. ذهبت اليوم نيابة عني ..!
بارتباك قلت : كيت طلبت مني ذلك ..! لقد رجتني ان لا أخبرك ..! آسف ..!
تنهد حينها بضجر : لا عليك ..! لقد حللت مشكلتي ..!
صمتنا للحظات قبل ان اقول : اممم في الحقيقة كانت الآنسة روبنس منزعجةً حين جئت انا ..!
اتجه ناحية شجرة قريبةٍ و جلس ارضاً مستنداً إلى جذعها مما دعاني لأن اتقرب انا الأخر و أجلس امامه ..!
قال عندها بهدوء : تعرفت إلى مايا قبل سنيتن و تقدمت لخطبتها منذ عشرة اشهر تقريباً ..! كانت الأمور تسير على ما يرام لولا انها لا تطيق كيت و الأمر كذلك بالنسبة لتلك الأخرى ..! لم يكن ذلك بتلك الأهمية فأنا كنت اعلم انهما ستتآلفان مع الوقت ..! والد مايا لم يكن راضياً تماماً فهو كان يتمنى ان يخطبها احد النبلاء حتى يدخلوا إلى ذلك العالم الكرستالي ..!
أومأت ايجاباً : أجل .. سمعت انهم يحاولون الاختلاط بذلك المجتمع ..!
طأطأ رأسه حينها : منذ سبعة اشهر اصيبت كيت بداء السكري و كان علي ملازمتها في المشفى طيلة ايام مرضها الأولى و التي كانت خمسة عشر يوماً ..! لم يعجب ذلك مايا حيث كان هناك عدة حفلات يجب ان ارافقها فيها لكني لم افعل كما ان هناك تجهيزات الزفاف الذي كان في ذات الشهر ..! ذلك اغضب والدها كثيراً و اغضبها ايضاً ..! وفي ذلك اليوم اتصلت بي لتخبرني بأن هناك رجلاً خمسينياً نبيلاً تقدم لخطبتها و ان علي ان احضر خلال ساعة و إلا سيكون عليها الزواج بذلك الرجل ..! كان واضحاً لي انها تكذب .. و رغم ذلك اجريت عدة اتصالات و تحققت ان كل ما قالته هو كلام بنات افكارها فقط ..! ضايقني هذا التصرف كثيراً لذا لم اذهب غير ان كيت كانت ستخرج في تلك الساعة من المشفى و علي مرافقتها للمنزل ..! لقد كانت مايا تعلم ان كيت ستخرج في ذلك الوقت اختارته لترى ان كنت سآتي اليها مسرعاً ام سأبقى مع اختي المريضة ..!
صمت للحظات ثم تابع : حين لم آتي .. قدمت هي بنفسها و القت علي بالخاتم لتقول بانها ستفسخ الخطبة ..! أصدقك القول ان ذلك اراحني فأنا لم أكن بذلك الحماس للزواج بها ..! والدانا كانا على صلة في السابق .. و قد التقيت بها عدة مرات في طفولتي ..! تستطيع القول انه قد تم اختيارنا لبعض منذ زمن ..!
باستغراب سألت : اذاً أنت لم تخطبها لأنك تحبها ؟!..
ابتسم بسخرية ليقول : لقد احببتها لفترة .. لكن ليس لتلك الدرجة التي تجعلني اتزوجها ..! اعتقدت اني سأحبها اكثر بعد الزواج .. لكن تصرفاتها باتت لا تطاق ..!
عدنا للصمت حينها للحظات .. بدا هاري منزعجاً منها بشكل كبير ..!
لم أعلم ماذا أقول كي أغير الجو لكني في النهاية قلت بسخرية : أذاً تريد خطبة خالتي ..! و أنت معجب بها لتلك الدرجة ..!
نظر ناحيتي بسرعة و قد بدا الاحراج عليه .. تنهد بضجر ثم قال : يا لك من فتى .! و ماذا في ذلك ؟!.. الآنسة ستيوارت شابة لطيفة و هي بالتأكيد ما احتاج اليه ..!
ابتسمت عندها : و هل أخبرتها ؟!..
أومأ سلباً : سأخبرها قريباً ..! و أرجوا الا ترفضني ..!
ضحكت بخفة عندها : يستحيل ان تفعل ..! انك تقلل من قيمتك حقاً هاري ..! أنت وسيم و ذكي و غني .. كما انك طبيب ..! من المخبولة التي سترفضك ؟!!.. حتى خطيبتك السابقة عادت تجري وراءك !!..
كتم ضحكته عندها وهو يقف : ربما انت على حق ..! حسناً لما اتيت خلفي ؟!..
تجمدت للحظات و انا احاول ان اتذكر لما كنت ابحث عن هاري و لم اكد افقه ذلك إلا و صرخت : صحيح !!. كيت !!..
اتسعت عيناه بذهول : ما بها ؟!..
وقفت حينها امامه و أنا أقول بتوتر : في الحقيقة دخل بعض الزجاج إلى قدمها و قد نقلها ادوارد إلى المشفى ..!
لم اكد اكمل كلامي إلا و ضربني على رأسي وهو يهتف بغضب : أيها الأحمق لما لم تقل هذا من قبل ..!
ركض عندها عائداً لمكاننا بينما وضعت يدي على رأسي بألم : سحقاً .. إنك و تلك الميراي مناسبان لبعضيكما حقاً !!.. يملكان ذات الضربة !!.. اشعر بالشفقة على ابنائهما منذ الآن !!..
سرت بعدها للحاق بهاري .. و في النهاية وجدته يقف قرب البقية و الهاتف على اذنه .. أغلقه وهو يقول بهدوء : قال ادوارد ان كل شيء بخير و ان جروحها بسيطة .. سوف يعودون إلى هنا بعد قليل ..!
باستغراب سألت : هل وصلوا للمشفى بهذه السرعة ؟!..
التفت ناحيتي ببرود و اشار الى ناحية ما : هناك مشفى كبير في نهاية الشارع ..!
ابتسمت بارتباك : حقاً ؟!.. سعيد انها بخير ..!
جلسنا سويةً و قد قررنا انتظارهم هنا ..! كان ليو هادئاً للغاية على عكس العادة ..!
أرجوا ان يكون هذا درساً له حتى لا يزعجها مجدداً ..!
..........................................
مضت الأمور على خير .. فقد عادت كيت مع انيتا و ادوارد بقدم ملفوفة بالضمادات و عكاز من الألمنيوم ليعوض عن قدمها التي ترفعها ..!
بالتأكيد هي ستؤلمها إن وطئت عليها ..!
وها نحن نجلس سويةً نتناول المثلجات لتزيد من انتعاش الجو ..!
انهيت ما معي و استلقيت على العشب حينها .. ان رائحته رائعة و الندى الذي لم يجف من بعد المطر الذي هطل بداية الصباح قد جعله رطباً بشكل رائع ..!
استلقى احدهم بقربي و قد كان ريكايل ..!
بهدوء سألت : أتشعر بتحسن ؟!..
همهم موافقاً عندها فعدت لأسأل : قلت ان بيير سيأتي هذا الشهر ..! ألا تعلم متى بالضبط ؟!..
ابتسمت عندها بمجرد ذكر صديق طفولته ذاك ليقول : لست ادري بالضبط .. ربما الاسبوع القادم او الذي يليه ..!
التفت اليه مستغرباً : لم يحدد ؟!.. ألم يحجز تذكرة بعد ؟!..
- انه يستطيع الذهاب للمطار و شراء تذكرة من دون حجز بسبب جدته الثرية ..!
قطبت حاجبي عندها : حسناً .. كونها بارونة سويسرية امر كبير .. لكن هل هي بذاك الثراء الفاحش ؟!..
- اجل .. أعتقد ذلك ..!
ابتسمت للحظات و انا افكر : هذا يعني ان بيير سيرث ثروة كبيرة .. اليس هذا جيداً له ؟!.. سيكون كتعويض عن الحياة البائسة التي عاشها في طفولته ..!
اختفت ابتسامته و تبدلت بحزن مثير للشك : ليته يكون هكذا ..!
قبل ان اقول شيئاً سمعت خالتي تنادي : لينك ريك .. هيا سنتجول سويةً ..!
جلست و انا انظر اليهم حيث يبعدون عني بضعة امتار : و كيت ؟!.. لن تستطيع السير ..!
- ليو قال انه سيبقى عندها لذا لا مشكلة ..!
استنكرت الأمر المستحيل تماماً بينما ابتسم ريكايل مجدداً و قد جلس : هيا .. ربما يريد ان يعتذر لها ..! ألم تقل انها اصيبت وهي تطارده ؟!..
نظرت اليه بشك : أتمزح ؟!.. اعتقد ان الدنيا ستنتهي قبل ان يعتذر ذلك المغفل لاحدهم !!.. و ان لم يكن كذلك فاعتذاره سيكون صافرة لبداية الحرب العالمية الثالثة !!..
ضحك بخفة وهو يقف : ليس لذلك الحد لينك .. أنا واثق ان لذلك الفتى جانباً حسن ..! صحيح انه ينادي كيت بالصبيانية طيلة الوقت لكنه ايضاً يدرك انها فتاة لذا يعلم بأن ما حدث قد آلمها بالتأكيد أكثر مما كان سيؤلمه هو ..!
وقفت انا الآخر عندها و انا اقول : أرجوا ان يمر الأمر على خير ..!
..................................
تجولنا حول ميدان الزهور و في ارجاء الحديقة الأخرى .. انه يوم رائع بالفعل ..!
شعرت بأني في نزهة عائلية حميمة حقاً ..!
بالنسبة لي .. انيتا هي الأخت الكبرى اللطيفة التي تفعل كل ما باستطاعتها لإسعاد العائلة .. ميراي هي الأخت الكبرى المرحة التي تعطي الأجواء فرحاً و سروراً طيلة الوقت .. ادوارد هو الأخ الأكبر الذي تستشيره فيما تريد فيدلك على الطريق الصحيح .. و هاري هو اخي الأكبر الذي يفهمني و يعرف نقاط ضعفي جيداً .. أما ريكايل فهو بالطبع الأخ التوأم الذي لا غنى لي عنه .. كيت و ليو الاخوان الاصغران المزعجان كثيرا المشاكل و التذمر ..!
ربما انا الوحيد الذي يشعر بالأمر على هذا النحو .. لكني واثق ان الجميع في غاية السعادة هذه اللحظة ..!
عدت ادراجي للاطمئنان على كيت و ليو .. انا حقاً قلق من بقاء قطبي الموجب و السالب هناك وحدهما معاً ..!
لكن حين وصلت كان الجو هادئاً ..!
كانا يجلسان على مقربة من بعض كل منهما يوشح بوجهه عن الآخر بانزعاج ..!
هناك بعض احمرار الاحراج على وجه كيت اختلط بملامحها الضجرة ..! أما على وجه ليو فقد كان هناك احمرار بسيط على خده الايمن دليل صفعة غير مقصودة و قد بدا الاستياء عليه ..!
كتمت ضحكتي حين رأيتهما هكذا .. الأمر واضح ولا يحتاج لشرح !!..
فما ان هم ليو للاعتذار بطريقة مهذبة للمرة الأولى بحياته صفعته تلك الأخرى بلا شعور و هي تهتف بأن هذا محرج و ان عليه الا يتكلم بهذه الرسمية !!..
نظر إلي الاثنان بانزعاج بالغ و هتفا في الوقت ذاته : ما المضحك ؟!..
بالغت في كتم ضحكتي و انا اقول : لا شيء .. هيا استعدا .. سنعود للمنزل في الشمس ستغيب بعد قليل ..!
......................................
من اكثر الأشياء ازعاجاً .. ان يرن شيء ما في رأسك و انت نائم بهناء ..!
ذلك الرنين استمر لبعض الوقت بينما لم استطع ان احدد ان كان ام رنين منبه ام رنين اتصال ؟!..
لذا مددت يدي من تحت الغطاء لتعبث فوق الخزانة الصغيرة بقربي حتى حصلت على ضالتها .. هاتفي النقال ..!
نظرت اليه بعيون شبه مفتوحةٍ لأدرك ان هناك متصلاً ما .. ايثن ..!
غريب .. لما تصل الآن ؟!.. اليوم يوم عطلة ..!
وضعت الهاتف على اذني بعد ان اجبت على الاتصال بصوت يملأه الخمول و النعاس : مرحباً ..!
جاءني صوته المعاكس تماماً و المفعم بالنشاط : صباح الخير .. يبدو اني ايقظتك ..! عذراً ..!
اجبته بنبرة اخف من النبرة السابقة : صباح النور ..! لا عليك لا مشكلة في ذلك ..! كم الساعة الآن ؟!..
- انها التاسعة صباحاً ..!
- آه حقاً ؟!.. لم اتوقع ان انام إلى هذا الحد ..!
ضحك بخفة عندها : اذاً استيقظ يا كسول ..!
رفعت رأسي عن الوسادة و جلست فوق السرير و قد ابتسمت : ها أنا استيقظت ..! حسناً .. ما قصة الاتصال المفاجئ في هذه الساعة ؟!..
- لا شيء ..! كنت سأسألك الخروج لتناول الفطور معي ..! والداي و اخواتي ذهبوا لجدتي في الريف منذ الامس .. و بقيت انا و أخي الأكبر .. لكن ذلك الأخير يقضي وقته في الجامعة طيلة الصباح حتى في ايام العطل ..!
ضحكت بخفة عندها : كما هو متوقع من شقيق ايثن الأكبر !!..
ضحك عندها : ماذا .. أهذه سخرية ؟!..
- اطلاقاً .. لكن يبدو ان الحرص على الدراسة متوارث في العائلة ..!
- ليس كذلك بالفعل .. فأختاي الصغيرتان ليستا كذلك ..!
- اها .. هكذا إذاً ..! حسناً يبدو اني سأخرج معك فانا لا اعتقد اني سأجد افطاراً في المطبخ ..!
- اذاً أخبر ريكايل و ليونيل و كيت كذلك ..! اعلم انكم تتناولون الفطور سويةً كل يوم ..!
وقفت عندها و اتجهت لستارة الغرفة التي ظهر من خلفها القليل من الضوء و فتحتها لتدخل اشعة الشمس إلى الغرفة : لا اعتقد ان كيت ستستطيع .. في الحقيقة لقد اصيبت بجروح في قدمها بسبب الزجاج في الأمس ..!
- اه حقاً .. أرجوا ان تكون بخير ..!
- اطمئن .. لا شيء خطير ..! لكن تعلم انها مصابة بالسكري و مثل هذه الجروح تؤذيها لذا اعتقد انها ستبقى نائمةً طيلة الصباح ..!
- هكذا إذاً .. اتمنى لها السلامة ..!
- شكراً لك ..!
- اذاً سأنتظركم .. سأعطيك نصف ساعة فقط ..!
- لك ذلك ..!
- اراك بعد نصف ساعة ..!
- حاضر .. إلى اللقاء ..!
اغلقت الخط عندها و التفت إلى الخلف : ريـ ..!
لم اكد اكمل كلمتي حين رأيت سرير ريكايل فارغاً و مرتباً بعناية .. يبدو انه مستيقظ منذ فترة ..!
نظرت إلى هاتفي مجدداً لأجد ان هناك رسالتان ..!
الأولى من هاري يقول فيها انه اعطي كيت الانسولين و قد عادت للنوم بعد تناول الفطور و انه من الأفضل تركها نائمة هذا الصباح ..!
و الأخرى من ريكايل الذي قال ببساطة " سأخرج لمكان ما .. لن أتأخر " ..!
و هكذا يكون مكانه و موعد عودته مجهولاً الآن .. هذا الفتى !!..
عموماً ليس هذا وقته ..!
رتبت سريري ثم اخرجت من خزانتي الصغيرة بنطالاً ازرقاً بلون قاتم مع كنزة قطنية خفيفة رمادية يوجد عليها رسم جمجمة عظمية باللون الأسود .. لا احبذ هذا النوع من الرسومات لكن كيت اصرت علي ان آخذها ..!
لدي نصف ساعة فقط لذا علي ان استعد بسرعة و اوقظ ليو ايضاً ..!
.............................................
كنت اسير مع ايثن على الرصيف بين المارة وقد انتهى الأمر بذهابي وحدي فليو فضل اكمال نومه ليستغل العطلة ..!
قررنا الذهاب لاحد المطاعم الصغيرة على ذلك الشارع العام و هذا ما حدث بالفعل ..!
فقد جلسنا متقابلين وقد كانت امامي فطيرة سجق مع كأس من العصير بينما طلب ايثن فطيرة تفاح مع قهوة فرنسية ..!
سألني عن كيت و ما حدث لها فأخبرته القصة بالتفصيل ..!
نظر الي بعدها باستغراب : صحيح .. اين ريكايل ؟!.. هل فضل النوم ايضاً ؟!..
ببساطة قلت : لا اعلم .. لم اجده حين استيقظت .. ترك لي رسالة يقول فيها انه خرج لمكان ما ..!
- يا للأسف ..!
- الم تتصل بالبقية ؟!..
- سام تقضي نهاية الاسبوع عند جدتها عادةً ..! أما ماكس فهو يساعد في محل والده في العطل ..! ريا لم ترد على اتصالي فيبدو انها نائمة ..!
- هل عاد يوجين من رحلته ؟!..
- اجل .. مساء الأمس ..!
- هذا جيد .. من السيء ان تبقى وحدها في ذلك المنزل ..!
بدا عليه الاستغراب : هل اخبرتك عن الأمر ؟!.. اقصد ما تفعله زوجة ابيها ..!
تنهدت عندها : في الحقيقة ..!
قصصت عليه ما حدث مساء ما قبل الامس بشكل مختصر حين كانت ريا تنتظر والدها و ما حدث بعدها ..!
بدا عليه الهدوء الحزين عندها : حقاً ؟!.. لقد فعلت خيراً بها ..!
- في الحقيقة لقد اشفقت لحالها .. رغم انها رفضت في البداية لكني اقنعتها بالمبيت عند جارتي ..!
- ريا كتومة جداً .. لذا حتى نحن لا نعرف التفاصيل خاصةً أن يوجين ليريد لأحد ان يتدخل في الأمر ..! انه يعتقد اننا نشفق عليهما و هو لا يريد هذا ..!
- أفهم ذلك .. أنه امر طبيعي لشخص مثل ذلك اليوجين ..!
صمتنا بعدها و نحن نتناول الافطار .. لكن ايثن بعدها قال : هيه لينك .. حدثني عن حياتك قبل ان ننتقل لمدرستنا ..!
حافظت على ملامح وجهي كما هي و قد ابتسمت بتصنع : لم يكن فيها ما هو مثير ..!
ابتسم هو الآخر : حقاً ؟!.. لقد عشت فترة خارج البلاد .. اليس هذا مثيراً ..!
- لقد كنت طفلاً لذا لا يفرق معي المكان .. لقد مضت ستة سنوات تقريباً منذ عدت الى فرنسا ..!
- هذا يعني انك درست المرحلة المتوسطة و الثانوية الأولى هنا في باريس ..! ماذا عن اصدقائك في المدرسة السابقة ؟!..
اختفت ابتسامتي للحظة لكني اعدتها بسرعة : لازلت على اتصال معهم ..!
بدا عليه الحماس : حدثني عنهم ..!
- ما بك تلح اليوم يا ايثن ؟!..
- احب الحديث عن الماضي ..!
- أأنت عجوز في الخمسين ؟!..
- هيا لينك .. لنضيع الوقت بهذه الأحاديث ..!
ترددت في البداية .. لكني فكرت انه حتى لو حدثت ايثن عن اصدقائي فهو لن يدرك المكانة الاجتماعية التي هم فيها من خلال هذا الحديث ..!
تنهدت عندها و قلت : حسناً .. لدي العديد من الاصدقاء في السابق .. و لكن قوة العلاقة بيني و بينهم تختلف من شخص لآخر ..! مثلاً كان لدي صديق اسمه ماثيو .. رغم انه صديقي منذ السنة الاعدادية الأولى إلا اني نادراً ما اتفق معه ..! و حين نتشاجر فإن احدنا ينظر للآخر بانزعاج طيلة الوقت ..!
ضحك بخفة : أي صديق هذا ؟!.. لا شك انك واجهت وقتاً عصيباً معه ..!
كتمت ضحكتي لأني تذكرت احداث رحلة لندن الماضية اكثر الاماكن التي اشتد فيها شجاري مع ماثيو : انت محق ..!
- و من ايضاً ؟!..
- دايمن صديق لي منذ الطفولة .. انه احمق للغاية بشاهدتي و شهادة أخواته ..! و هو مهووس بفتاته فلورا التي يمكنني القول انها نسخة من ريا في التصرفات لولا انها اكثر اجتماعية من تلك الأخيرة ..! هناك ايضاً شقيقة دايمن الصغرى اندي .. تلك الفتاة تكون مجنونة حين تخطط لشيء ما .. و هي تكذب كثيراً !!..
بدا عليه الاستنكار : اصدقائك غير طبيعيين ..!
- ليس تماماً ..! هناك فتاة يابانية تعرفت اليها منذ فترة .. اسمها سورا وهي لا تنفك عن عناق ريكايل كلما التقت به و قد اقسمت ان تجعله يحبها ..!
- هذا مثير .. و ما رأي ريك بالأمر ؟!..
- انه يتمنى ان يختفي حين تكون امامه !!..
ضحك عندها بشدة حتى ادمعت عيناه : يا الهي غير معقول !!. لم اعتقد ان شيئاً كهذا يحدث مع ريك المسكين ..!
توقف عن الضحك ليقول : لينك .. اليس لديك صديق طبيعي واحد على الأقل ؟!..
ابتسمت عندها ابتسامة واسعة : بلا .. صديقي لويفان الذي تعرفت عليه في اسكوتلندا .. انه اعز اصدقائي و هو يعرف عني اكثر من البقية بكثير ..! و هناك ايضاً ليديا .. رغم اني لم اتعرف عليها إلا منذ بضعة اشهر لكنها باتت مقربة مني بسرعة ..! انها جميلة للغاية فحين تراها ستجزم انها اميرة من عهد القلاع و الخيول ..! اضف إلى ذلك انها لطيفة و طيبة القلب ..!
بدا عليه الاستغراب : هل تحبها ؟!..
ضحكت بخفة و لم استغرب سؤاله : ليس هكذا ..! انها صديقة لوي ..!
- هكذا اذاً .. تعرفت اليها من لويفان ؟!..
- لا .. أنا من عرفتهما على بعض ..!
استنكر الأمر عندها : بعد كل هذا المديح كان بإمكانك ان تجعلها صديقتك بدل ان تعرفها على شخص اخر ..!
ابتسمت بهدوء عندها : القلب يختار ما يشاء ايثن ..! اني اعتبرها اختاً فقط ..!
بدا عليه الحماس عندها : اني أود رؤيتها حقاً لأرى ان كانت كما تقول ..!
- انها كذلك دون ان تراها ..! بل اكثر من ذلك ..!
- لينك .. أي فتاة هذه ؟!..
بفخر قلت : انهم يسمونها .. محبوبة الملايين ..!
سرح بخياله قليلاً : احاول تخيل شكلها ..! أهي اسكتلندية ؟!..
- لا .. بل فرنسية ..!
- حسناً .. يجدر بك ان تعرفني عليها فيما بعد ..!
- لم التقي بها منذ مدة .. لكني سأحرص على ذلك ..!
ارتشف من كوب القهوة حينها ثم نظر الي باستغراب : أليست ميشيل من اصدقائك ؟!..
شعرت بالتوتر بمجرد ذكر اسمها .. لكني قلت عندها : انها من معارف ريكايل قبل ان نعيش معاً .. لقد التقيت بها منذ فترة بسيطة ..!
تنهد عندها بتعب : ان حياتك غريبة لينك .. لديك اخ توأم مع هذا لم تعيشا سويةً .. و عشت في بلد اجنبي بينما هو لا يزال هنا .. يقال ان التوأم لا يقبلان أن ينفكا عن بعضهما لكني لم اعد اصدق هذه المعلومة ..!
لم اعلم كيف ارد عليه ؟!..فأنا بالطبع لن أقول اني لم اعرف ريكايل إلا منذ بضعة اشهر ..!
نظرت لايثن و ابتسمت لأغير الموضوع : ايثن .. بما ان لا احد في منزلكم .. ما رأيك أن تأتي معي لمنزلنا بدل البقاء وحدك ..!
ابتسم لي عندها : شكراً لك .. يسعدني هذا .. سأرسل رسالة لجيمس اذاً ..!
- جيمس ؟!..
- اخي الأكبر ..! انه في الخامسة و العشرين ..!
- اها .. ماذا يدرس اذاً ؟!..
- علم الكيمياء .. ينوي ان يكون بروفيسوراً في جامعة ..!
- ماذا عنك ؟!.. ستدخل الطب ؟!..
نظر إلي باستغراب : لما تعتقد ذلك ؟!..
ابتسمت عندها : أرى انه يليق بك ..!
اومأ سلباً و قد ابتسم : انوي دراسة القانون .. سأصبح محامياً ..!
وقفت عندها : اعتقد ان كل الوظائف المرموقة تناسبك ايثن ..! حسناً أنذهب الآن ؟!..
وقف هو الآخر : أجل .. هيا بنا ..!
.................................................. ..
توقف المصعد فنزلنا نحن الاثنان منه و عندها قلت : سأتفقد كيت اولاً ..!
اتجهت إلى شقتهم و انحنيت امام الباب حيث السجادة الصغيرة واخذت المفتاح من تحتها حيث اخبرني هاري عن مكانه .. فتحت الباب بهدوء و دخلت ..!
لم اجد احداً في غرفة الجلوس .. ربما تكون في غرفتها ..!
ان شقتهم بذات تصميم شقتنا لكنها اكبر ففيها ثلاث غرف للنوم .. واحدة لكيت و الأخرى لهاري و الثالثة فارغة ..!
كما ان غرفة الجلوس و المطبخ اكبر ..!
وصلت لغرفة كيت و فتحت الباب قليلاً لألقاء نظرة .. كانت غرفتها ذات الجدران السماوية و الاثاث الأبيض مرتبة بعناية .. و قد كانت صاحبتها تستلقي هناك على السرير و تنام في هدوء تام ..!
كفاني هذا فأغلقت الباب دون ان اوقظها مع ان الساعة تكاد ان تصير الحادية عشر صباحاً ..!
خرجت مقفلاً الباب و معيداً المفتاح لمكانه ثم التفت لايثن الذي كان يقف قرب باب شقتي ..!
اتجهت اليه و أنا أخرج المفتاح من جيبي : أنها مرتك الأولى هنا صحيح ؟!..
اومأ إيجاباً بابتسامة : سأتأكد من دعوتك لمنزلي في المرة القادمة ..!
أدخلت المفتاح في الباب و انا اجيب : هذا لطف منك ..!
حاولت فتح الباب لكن المفتاح لم يتحرك فاستغربت : الباب غير مقفل .. غريب انا متأكد اني أقفلته قبل ان أغادر .. قد يكون ريك قد عاد ..!
تابع ايثن : و ربما يكون ليو استيقظ و ذهب لزيارة امه هذا الصباح ..!
بسخرية قلت و انا ادخل : ذلك ضرب من الخيال ..!
دخل ايثن من خلفي و اتجهنا لغرفة المعيشة : تفضل .. انها غرفة الجلوس ..!
بدا بعض الاستغراب على ايثن مما جعلني تلقائياً القي نظرة إلى الأمام لأصدم أنا الآخر بما رأيت ..!
نظر إلي ايثن بهدوء و هو يشير إلى الأمام : من هذا ؟!..
باستنكار هتفت : لا أدري !!!..
أجل .. هناك شخص !!!..
فتى صغير .. ليس صغيراً لكنه يبدو كذلك .. ربما هو في الرابعة عشر تقريباً ..!
لكن لديه ملامح طفولية .. كان يجلس على الاريكة في المنتصف و يستند إلى الخلف و قد غفى كما يبدو ..!
انه نحيل .. بل صغير الحجم نوعاً ما .. له شعر بلون العسل الفاتح الصافي .. ينزل إلى منتصف رقبته .. و وجه مستدير طفولي للغاية اثناء نومه .. يرتدي قميصاً ابيض و سترة قطنية زرقاء مع بنطال جينز اسود .. ان ثيابه فاخرة !!..
لكن .. ما الذي جاء بهذا الفتى إلى شقتي !!..
الباب كان مفتوحاً !!.. أيعقل اني نسيته هكذا فدخل منه ؟!..
ربما يكون صديقاً لليو !!..
اسرعت ناحية غرفة ليو و فتحت الباب لأرى انه لا يزال نائماً ..!
هذا يعني انه ليس من فتح له !!..
عدت ادراجي بخطوات متسارعة و انا اشعر بالريبة حول هذا الصغير ..!
دخلت الى الغرفة و ايثن يراقبني بصمت و نوع من الاستغراب ..!
وقفت امام ذلك الفتى الوسيم للغاية للحظات ثم هتفت بغضب : هيه انت !!..
فتح عينيه و كأنه تفاجأ لكنهما كانتا شبه مفتوحتين .. عيناه عسليتان جميلتان .. انهما تلمعان بشكل مثير رغم انه لم يفتحهما كلياً بعد ..!
فتح عينيه عندها و نظر إلي للحظات قبل ان تتحول ملامحه الى الاستنكار ثم إلى الخوف وهو يقول بقلق و توتر : من انت ؟!..
حتى صوته لطيف !!!..
انه كالأطفال !!.. او ربما كالفتيات !!..
قطبت حاجبي : أنت من يجب ان يتم طرح هذا السؤال عليه ..!
وقف بسرعة و ركض ليختبئ خلف الأريكة وهو يتمتم : لص ؟!..
استنكرت الأمر تماماً : أنا ؟!.. أنت هو اللص !!..
وضع يده على قلبه عندها و هو يقول بخوف : هل ستقتلني ؟!!..
صدمتني كلمته للغاية بينما اقترب ايثن مني وهو يشير ناحيتي و يخاطب الفتى : و هل ترى انه يحمل سكيناً او ما شابه ؟!..
اغمض عينيه بقوة و هتف و الرعب يملأ قلبه : لا فائدة من خطفي فأنا لن ارث شيئاً !!..
تنهدت و اقتربت منه فعاد إلى الخلف حتى اصطدم بالجدار خلفه مما جعلني اتوقف و انا أقول : لن أؤذيك !!.. أريد أن اعرف فقط ماذا تفعل في بيتي ؟!..
اتسعت عيناه عندها لكنه هتف : هذا دليل كذبك !!.. أنت لست صاحب البيت أصلاً !!.. اعترف .. أأنت لص ؟!.. خاطف ؟!.. لا .. ربما ارهابي !!.. فهمت أنت عميل لإحدى المنظمات !!..
طفح الكيل !!.. من هذا المجنون ؟!..
صرخت عندها بغضب : و ما الذي اريده بخطف طفل مدلل مثلك ؟!..
لم أكد اكمل جملتي حتى سمعت صوت الباب يفتح و يغلق : لقد عدت ..!
انه ريكايل .. هذا يعني انه عاد للتو فقط !!.. من اين دخل هذا الفتى ؟!!..
عدت بنظري ناحيته لأرى ان نظرته تغيرت إلى نوع من الاطمئنان ..!
دخل ريك عندها و نظر الينا بتعجب حين رأى ذلك الفتى ملتصقاً بالجدار بينما انا امامه و ايثن يراقب خلفي ..!
قبل ان اقول شيئاً ركض ذلك المدلل ناحيته وقد هتف : رييييي !!..
اسرع ليختبئ خلفه و قد تشبث به : انظر .. هناك لص لحق بي الى هنا !!.. انه يريد خطفي !!.. لنهرب بسرعة ..!
كنت مستنكراً تماما وقد بدا الهدوء على ريك الذي ابتسم بلطف : انه ليس لصاً ..!
نظر الفتى ناحيتي للحظة و بتردد و عدم اطمئنان : حـ .. حقاً ؟!..
تنهدت مجدداً : بعد كل هذا .. يظهر انه من معارفك !!..
بدا الانزعاج عليه : هل كنت تحاول اخافته يا لينك ؟!.. لما قلت انك ستخطفه ..!
- لم اقل هذا !!.. هو من قرر ذلك بنفسه !!!..
- اه حقاً ..!
ابتسم عندها و نظر لذلك الفتى وهو يقول : لا تخف بيير ..! هذا اخي لينك ..!
.
.
.
ماذا قال ؟!..
.
.
.
هل قال .. بيير ؟!..
.
.
.
بييير !!!..
.
نظرت ناحيته بشك و صدمة : أهذا .. بيير ؟!!..
امسك به من كتفيه و اوقفه امامي ليقول بمرح : لينك .. اعرفك .. هذا صديقي بيير لايسر ..!
هل أصدقه أم لا ؟!..
اشرت ناحيته بطرف اصبعي : هذا صديقك ؟!..
قطب حاجبيه باستياء : لينك !!.. قد يبدو صغيراً لكنه في السادسة عشرة ..!
- انه اقصر من ليو رغم انه اكبر منه ..!
- حجمه ليس مهماً .. كما ان ليو طويل بالنسبة لسنه ..!
- اه حسناً ..!
كان كتف ريكايل يصل لمنتصف رأس بيير تقريباً .. انه اقصر منه بكثير ..!
نظرت ناحية ذلك البيير بازدراء : لما اعتقد اني لص ؟!..
ابتسم مجدداً ليقول : انه يواجه الكثير من محاولات الاختطاف فلا تلمه ..!
لم افهم المقصود تماماً .. لكنني تنهدت وحينها تقدمت ناحيته و مددت ليدي مصافحته : مرحباً .. أنا لست لصاً كما ترى فأنا شقيق ريكايل ..!
نظر ناحيتي بتوتر للحظات لكنه صافحني : ما دمت شقيق ري .. فلا بأس ..!
استنكرت : ري ؟!.. ما هذا أيضاً ؟!..
اجابني اخي عوضاً عنه : انها عادة قديمة .. من الطفولة ..!
تنهدت عندها و أنا أقول : رايل ريكايل ريكي ريك و الآن ري !!.. هل تسمح لكل شخص ان يناديك كما يشاء ؟!..
كتم ضحكته عندها : نوعاً ما ..!
نظر لايثن عندها : أهلاً ايثن .. عذراً فقد تأخرت في الترحيب بك ..!
ابتسم له بمرح : لا عليك .. اذاً أهذا صديق قديم ؟!..
- انه صديقي منذ الطفولة ..!
نظر لبيير عندها وهو يقول : ايثن هو صديقي من المرحلة الثانوية ..!
تقدم ايثن لمصافحته فابتسم للمرة الأولى بابتسامة لطيفة مرحه : مرحباً ..!
ابتسم ايثن تلقائياً ثم التفت الي ليقول : انه لطيف لينك ..!
بهدوء قلت : أجل .. أرى ذلك ..!
جلسوا عندها على تلك الأرائك حيث كان بيير بجانب ريك الذي قال : لقد صدمت حين اتصل بي و قال انه في المطار .. لذا ذهبت بسرعة لاستقباله و احضاره إلى هنا ..!
لما لم يقل في الرسالة انه ذاهب لاستقبال بيير ؟!.. لانتظرته هنا على الأقل ..!
سأله ايثن باستغراب : حين وصلنا كان بيير وحده هنا ..!
- أجل .. فقد ذهبت لشراء القهوة السريعة من دكان العم جاك لإعدادها .. و يبدو انكم وصلتم قبلي ..!
اتجهت للمطبخ عندها و انا أقول : سأذهب لأعداد القهوة .. دقائق و اعود ..!
اتجهت عندها ناحية المطبخ و انا افكر في مدا سعادة ريكايل بوجود بيير هنا ..!
بدأت بإعداد القهوة من خلال صب الماء الساخن في الأكواب .. لكني ما ان حملت احدها حتى انزلق مني ليصطدم بالأرض و يتحطم الى قطع صغيرة و قد سكب الماء الساخن منه ايضاً ..!
تراجعت الى الخلف بسرعة و ارتباك مبتعداً عن قطع الزجاج المتناثرة و حينها كان الثلاثة قد وصلوا للمطبخ على اثر صوت الحطام ..!
ضربت جبيني بخيبة امل : فعلتها مجدداً ..!
بينما تنهد اخي و هو يتقدم ناحيتي بضجر : الن تكف عن تحطيم الأواني لينك ؟!.. لا تجبر نفسك على مالا طاقة لك فيه ..!
جثوت ارضاً دون ان ارد و بدأت بجمع قطع الزجاج وقد بدأ هو الآخر بمساعدتي فيما هتف ايثن بقلق : احذرا الا تصابا بجروح ..!
بسخرية علق ريك : اطمئن .. فقد اعتدت على هذا بفضله ..!
باستياء و ملل قلت : اعتذر لتعويدك على امور قد تؤذيك ..!
قبل ان يرد علي بشيء انطلقت ضحكة بسيطة من احدهم فالتفتنا سويةً لصاحبها الذي اتضح انه ضيفنا الجديد لا غير .. يا إلهي حتى ضحكته كالأطفال !!!..
نظر اليه رايل باستنكار : ما المضحك الآن ؟!..
حاول التوقف عن هذا بلا جدوا و هو يقول : لأنك كنت كذلك ري .. كنت تحطم الأطباق دوماً ..!
وقف اخي عندها و كتف يديه لينظر اليه باستياء مصطنع : و لما تعتقد أني كنت أفعل ذلك ؟!..
توقف بيير عن الضحك عندها و هو يقول بابتسامة متوترة : حسناً .. اعترف انك كنت تحطمها متعمداً لسبب نبيل ..!
قطب ايثن حاجبيه عندها : تحطيم اطباق و سبب نبيل !!.. اين الرابط في ذلك ؟!..
نظر اليه ريك بابتسامة وهو يشير لبيير : ذلك لأن هذا الصغير المدلل كان يسقط طبقه دوماً حين يقوم بغسله بعد الغداء حيث على كل طالب أن يفعل ذلك .. و قد كنت اضطر لأن احطم صحني انا الآخر حتى لا يعاقب وحده ..!
بابتسامة لطيفة اردف ذلك البيير : كان العقاب قاسياً للغاية .. لكن وجود ري يخفف علي من قسوته ..!
نظر الاثنان لبعضهما عندها و كأنما يتذكران شيئاً من تلك اللحظة القاسية التي ابتسما فيها لوجودهما سويةً معاً ..!
أجل .. أنه الشيء الذي يعرفه بيير و لا اعرفه انا عن ريك .. هي تلك اللحظات القاسية المرة ايام الطفولة ..!
في مكان اشبه بالسجن .. بلا ام و لا اب .. مع اشخاص تجردت الرحمة من قلوبهم .. كل من حولك اما ظلمة او مظلومون .. اعمال عنف تمارس على الاطفال لأتفه الأسباب .. حينها تكون بحاجة ماسة لشخص يساندك .. شخص يهون عليك وحشة ذلك المكان .. شخص تشعر ببعض الاطمئنان حين يكون بقربك و لو كنت في اصعب الظروف .. خاصة و انت طفل لا حول لك و لا قوة .. ليس لك حتى اب يقف في وجه من يؤذيك و يحميك منهم .. و لا ام تلجأ اليها حين تشعر بالخوف فتبقى معك حتى تعود السكينة لقلبك .. لديك فقط طفل مثلك يلقى من القسوة ما تلقى و يرى من العذاب ما ترى .. لكن على الأقل سيحاول ان يبتسم في وجهك و ان كان ذلك صعباً ليجبرك على رد تلك الابتسامة ..!
أجل ..!
لقد كان بيير هناك .. و ليس أنا ..!
............................................
وضعت السلطة التي قمت بصنعها في الثلاجة بينما كان رايل يقف قرب قدر الباستا ..!
خرجت من المطبخ دون أي كلمة و دخلت غرفة الجلوس حينها فكان ايثن يجلس على الاريكة و يمسك بين يديه باطار صور ..!
ابتسمت حينها : هل اعجبتك ؟!..
نظر إلي للحظة ليرد الابتسامة وقد عاود النظر إليها : انها مذهله .. ارى انك تشبه امك كثيراً لينك ..!
رفعت احد حاجبي عندها : حقاً ؟!.. لم يقل لي احد هذا من قبل ..! الجميع يقول بأن ريك يشبه أبي و تبعاً لهذا فأنا اشبهه ايضاً ..!
كانت تلك الصورة هي الصورة الوحيدة لنا مع والدينا .. حين كنا رضيعين ..!
تقدمت و جلست بجوار ايثن و انا اقول : انظر .. ان شعر ابي مثل شعر رايل تماماً ..!
ضحك بخفة : أرى ذلك ..! والدكما وسيم حقاً .. هناك خدش غريب على وجهه ..!
كان يقصد تلك الندبة الصغيرة تحت عينه .. ابتسمت عندها و قلت بمرح : لقد كان جامحاً ..!
التفت إلي متفاجئاً : حقاً ؟!..
- أجل .. لكنه ترك ذلك العالم بعد ان فقد صديقه بسبب ذلك ..! صديقه ذاك كان يدعى لينك ايضاً .. وقد سميت نسبة اليه ..!
كان مذهولاً عندها : هكذا اذاً ..! لا شك انه كان صديقاً عزيزاً للغاية ..!
اردف بعدها و قد ابتسم : لكن الا يجعلك هذا تشعر بان لاسمك قيمة ..! لقد سميت ايثن هكذا فقط ..! لكن ان يكون هناك سبب مهم لاسمك امر رائع ..!
وقفت عندها و انا اقول : أجل .. هناك المزيد من الصور .. سأذهب لإحضارها ..!
تركته بعدها و اتجهت لغرفة النوم ..!
دخلت مغلقاً الباب من خلفي و اتجهت إلى الخزانة لأخرج منها صندوق امي العزيزة .. تلك الأم التي لم اعرفها إلا بالصور ..!
تركته على السرير ثم فتحته لأبحث في الالبوم و بينما كنت كذلك سمعت بعض الضجة البسيطة قرب باب الغرفة فعدت ادراجي اليه ..!
فتحت الباب و رأيت بيير يقف و ينظر للأمام بصدمة بالغة و الخوف واضح عليه : ما الأمر ؟!..
هذا ما قلته بتوتر فأشار للأمام دون ان ينطق او ينظر الي مما جعلني تلقائياً انظر لتلك الجهة ليزداد رعبي اكثر فأكثر !!..
باب غرفة ليو كان مفتوحاً .. الأضواء مغلقه و هناك ضوء الشمس البسيط من النافذة .. على ذلك السرير الصغير في الزاوية كان ينام صاحب الغرفة بسلام مستمتعاً بيوم العطلة وهو لا يعلم عن الكارثة القادمة له في الثواني القليلة القادمة ..!
كان احدهم يقف قرب السرير .. فتى صغير بشعر اسود قصير و عينان زرقاوان كالمحيط بدا الشر الحاقد فيهما بينما ابتسامة شيطان اسود على شفتيه .. أو بالأحرى على شفتيها !!..
فقد كانت تمسك بعكازها المصنوع من الألمنيوم و ترفعه للأعلى بكلتا يديها و في نيتها ان تهوي به بأقوى ما تملك على رأس ضحيتها دون الاهتمام بأن هذا قد يقتله ..!
اكملت فلم الرعب ذاك بتمتمتها الحاقدة السعيدة : سنلتقي في العالم الآخر مجدداً ..!
صرخت لحظتها بفزع : ليو احذر !!!!..
فتح عينيه قليلاً و انتبه لها فأسرعت تهوي بتلك العصى ليصرخ مرعوباً و قد دفع نفسه بسرعة منقذاً نفسه ساقطاً على الأرض بينما استقر العكاز على الوسادة فقط !!..
اخذت انفاسي عندها و دخلت حالاً لأشغل النور و انطلق اليها غاضباً : كيت !!!.. أنت تتجاوزين حدودك في كل مرة !!..
تفخت خديها بضجر : كنت سأصنع له كدمة فقط ..!
- كنت ستقسمين رأسه لنصفين !!..
لم ترد بل أوشحت بوجهها بلا اهتمام مما دعاني لأن أقول باستياء كبير : لتحلمي بمحل الكعك لشهرين قادمين !!!!.. هذا أقل شيء حتى تتأدبي ..!
التفت ناحيتي عندها و هتفت : مستحيل !!..
وقف ليو عندها و صرخ هو الآخر : بل انت هي المستحيلة !!.. أكنت تنوين قتلي ؟!..
ببرود قالت : لا .. لكن لو حدث فسيكون افضل !!..
- صبيانية مجنونة !!.. أتريدين لأمي ان تموت قهراً ..!
اردفت أنا عندها بذات غضبه : ان كان احدهم سيموت قهراً بسببها فهو هاري بلا شك !!..
استندت على عكازها حينها بضجر و سارت دون أن تردف كلمة واحدة !!..
هذه الفتاة تذهلني في كل مرة .. ستقودني للجنون بالتأكيد !!..
- من هذا أيضاً ؟!..
التفت الى الخلف لأرى من سألت تقف امام ذلك الفتى الصغير و المرعوب تماماً منها بينما كانت تنظر إليه من الأسفل إلى الأعلى بطرف عين ..!
بتوتر قال هو : اسمي بيير ..!
بدا انها تذكرته فوراً : اه .. انت صديق ريك كما اعتقد ..!
أومأ إيجاباً بصمت .. لكنه تمتم بعدها : أأنت .. صاحبة سوابق ؟!..
لم اذهل كثيراً من سؤاله بعد المشهد الذي رآه للتو ..!
ابتسمت هي بمكر : أجل .. لقد ضربت خمسين ولداً حين كنت في السابعة .. وقد قتلت رجلاً العام الماضي !!..
شهق مفزوعاً بينما شعرت بالإحباط حين صدقها : أنها تكذب عليك !!..
نظرت إلى رايل الذي وصل للتو و على وجهه ابتسامة بينما هتفت كيت باستياء : لما أخبرته ؟!.. كنت اود أخافته أكثر ..!
- هيه كيت .. انه يصدق الكثير من هذه الأشياء فلا تجعليه يأخذ فكرة سيئة عنك ..!
تمتمت عندها : لقد اخذها بالفعل ..!
تقدم ليو الذي طار النوم من رأسه و رفرف بعيداً ناحية ذلك البير ووقف امامه .. و كما كنت اتوقع كان اطول منه بقليل : أهذا صديقك ؟!..
هذا ما قاله بنوع من البرود بينما تنهد ريك بضجر : أعلم ما ستقول " لما هو صغير هكذا ؟!.. انه قصير القامة !!.. أنه أقصر مني !!.. " أليس كذلك ؟!..
كتم ضحكته عندها و عاد ينظر الى بيير وهو يقول بنبرة مرعبة : لا تقترب من تلك الصبيانية .. ستظهر لك في كوابيسك !!..
لم يكد يكمل جملته حتى هوت بالعكاز على رأسه بالفعل فسقط أرضاً يتلوى من الألم و يمسك رأسه : يا لك من مجرمة !!..
تجاوزته عندها و انا أتمتم بضجر : هذه المرة أنت تستحقهاً ..!
اتجهت للمطبخ حيث كان ايثن هناك قرب القدر : هل انتهت المشكلة ؟!..
اقتربت منه عندها : أجل ..!
- لقد قلق ريكايل و قرر ان يتفقد الوضع .. طلب مني ان اراقب القدر رغم اني لا اعرف شيئاً في الطبخ ..!
- لا تقلق بهذا الشأن .. لقد كنت كذلك حتى ما قبل شهرين أو ثلاثة على الأكثر ..!
- و الآن ؟!..
- محترف بجدارة ..!
بسخرية علق : أجل .. محترف في تحطيم الأواني ..!
بضجر و احراج قلت : هذا امر آخر مختلف تماماً ..!
ضحك عندها بخفة وهو يقول : أنك ممتع بالفعل لينك .. من الجيد انك صرت عازفاً في ذلك المطعم لأنك لن تجد مطعماً يقبل بيد خفيفة كيدك تسقط منها الاشياء بسرعة ..!
كلماته تلك ذكرتني بمرة قال لي ريكايل فيها ان مكان يدي هو على مفاتيح البيانو و ليس بين الأواني و الصحون ..!
اطفأت نار الموقد حين رأيت ان الباستا قد طبخت جيداً و هتفت عندها : هيا .. وقت الغداء ..!
جلسنا سويةً على تلك الطاولة ..!
انا و اخي مع كيت و ليو و هذه المرة انضم إلينا بيير و ايثن ..!
كيف ستكون ايامنا القادمة يا ترى ؟!..
لا أعلم .. لكني اشعر ان هناك اموراً مهمة للغاية ستحدث ..!
...............................



حل المساء بسرعة في ذلك اليوم الغريب بالنسبة لي فقد انتهى بنا و نحن جالسون نتبادل الأحاديث العامة حتى تفرق الجميع في طرفة عين ..!
فها هو ايثن غادر منذ لحظات كي يعود لمنزله بينما خرج رايل مع بيير منذ ساعة و لم يعودا بعد .. هاري اخذ كيت للمشفى من اجل مراجعة لقدمها .. اما ليو فقد ذهب لزيارة والده ..!
و هكذا بقيت وحدي في الشقة اشعر بضجر يوم العطلة المتقلب هذا ..!
ان العمل كان يشغلني في وسط الاسبوع لكن جلوسي بلا عمل هكذا يجلب لي الوساوس و الأفكار السيئة لذا لا أطيقه ..!
ربما علي النزول إلى الساحة .. قد اجد الأطفال هناك فيشغلوا وقتي ..!
قبل ان اقدم على أي شيء رن هاتفي الموضوع على الطاولة معلناً عن وصول رسالة نصية ..!
اتجهت اليه و فتحت الرسالة التي قلبت حالي تماماً حيث كان محتواها " الأطفال يسألون عنك .. ما رأيك أن تأتي للزيارة ؟!.. " هذا فقط ..!
و الأدهى انها كانت من : جوليا ؟!...
هكذا تمتمت بتعجب لاستوعب بعد لحظات انها تدعوني لزيارة الملجأ اخيراً .. حيث جين و البقية ..!
دون ان ادرك كانت ابتسامة عريضة قد غزت شفتاي حتى اخر مدى و بسرعة اتجهت لغرفتي : سأبدل ملابسي و اخرج في الحال .. يبدو أن العفو قد حل علي أخيراً ..!
....................................
نزلت من الحافلة و انا احمل علبة شوكولا صغيرة احببت ان اقدمها للأطفال بعد هذا الغياب الذي يقارب الشهرين ..!
و ها أنا اسير باتجاه الملجأ الذي يبعد بضعة امتار عن مقعد انتظار الحافلة ..!
و قفت امام الباب و قلبي يتراقص بفرح .. في الماضي لم اعتقد ان هذه السعادة ستغمرني بمجرد أني سألتقي بطفل !!..
كان هذا ضرباً من الخيال بل اني كنت سأستحقره بالمرة !!..
اخذت نفساً عميقاً و ضربت الجرس و بعد لحظات فتح احدهم الباب : مرحباً ..!
هذا ما قلته في وجه الآنسة جينا الاخت الصغرى و التي ابتسمت لي بسعادة : أنت لينك ..! أهلاً بك .. منذ زمن لم نرك هنا ..!
يبدو ان جوليا لم تخبرهم بدعوتها : اعذريني .. انشغلت لبعض الظروف ..!
- تفضل ..!
- شكراً لك ..!
دخلت إلى ذلك الممر فقالت بذات ابتسامتها : الآنسة جوليا تعمل في المكتب .. أتريد لقاءها الآن أم تنتظر قليلاً ؟!..
اني احيي جوليا فرغم سنها الصغير فهي كبيرة بأفعالها فأين ستجد فتاة في السابعة عشر تدير ملجأ أيتام يا ترى ؟!..
ابتسمت عندها : لا بأس .. سأرى الأطفال اولاً ..!
- انهم في الحديقة مع اختي ..!
- سأذهب لرؤيتهم الآن ..!
- تصرف على راحتك .. سأكون في المطبخ ان احتجت شيئاً ..!
- شكراً لك من جديد ..!
سارت هي مبتعدة بينما نظرت لساعتي لأجد انها تشير للسابعة و النصف ..!
سرت بعدها إلى باب الشرفة الكبيرة المطلة على الحديقة الخلفية .. و حين خرجت رأيتهم فوراً هناك ..!
كانت الآنسة جيني تجلس مستندة إلى الشجرة و تحمل معها كتاب أطفال مصور تقرأ لهم قصة ما .. بينما كانوا جميعاً متحلقين حولها مستمعين لها بإنصات ..!
لم أشأ أن افسد هذا لذا نزلت درج الحديقة و بقيت هناك لبعض الوقت و لم ينتبه لي سوى الآنسة جيني التي تابعت القصة حين لاحظت وقوفي لانتظار انهائها ..!
مضت بعض دقائق بسرعة قبل ان تغلق الكتاب وهي تقول : و هكذا انتهت قصتنا لليوم .. غداً إن كنتم مهذبين فسأحكي لكم قصة أخرى ..!
بدت السعادة عليهم و هم يتناقشون ببراءة بما سمعوه للتو إلا أنها قالت بمرح : لدي لكم مفاجأة ..!
التفتوا نحوها و التساؤلات تملؤهم قبل ان تشير ناحيتي و هي تقول : أنظروا للخلف ..!
لم يكن منهم إلا فعل ما طلبت و اول من فعل كانت رينا التي هتفت في الحال و قد كانت هناك ابتسامة سعيدة على وجهها : انه لينك ..!
تقدمت بضع خطوات في حين كان معظمهم قد و قف و ركض ناحيتي ..!
لقد اشتقت لهم كثيراً .. أكثر مما كنت اتوقع !!..
جثيت ارضاً لاستقبل جين التي عانقتني بعناق حار و هي تهتف : جاء اخي لينك أخيراً ..!
رينا كانت قد قفزت و تشبثت برقبتي كما تفعل دائماً بينما اسرعت لورا لتنضم لجين في العناق ذاته ..!
كنت اضحك بلا شعور عندها : لقد اشتقت لكم حقاً .. هيه رينا ستخنقينني ..!
ابتعدت عني حينها كما فعلت الصغيرتان للتقدم ديالا اللطيفة و تفاجئني بقبلة على وجنتي و هي تقول بسعادة : لقد انتظرنا زيارتك طويلاً ..!
لم يكن مني إلا أن ربت على رأسها عندها و قد ابتسمت لها : اسف عزيزتي .. لقد كان لدي الكثير من الأعمال ..!
قفز ايريك علي عندها لسقطني أرضاً على ظهري و هو فوقي و قد هتف بمشاكسة : انت لم تصبح قوياً خلال هذه الفترة إطلاقاً ..!
ضحكت عندها و أنا أقول : بل اصبحت اقوى مما تعتقد ..!
دفعه مايك عني عندها : يكفي ايريك .. ستكسر عظامه ..!
جلست لحظتها و انا أقول : لست بهذا الضعف مايك ..! عظامي قوية فأنا كنت اشرب الحليب في صغري كثيراً .. و عليكم أيضاً أن تفعلوا ذلك ..!
تقدم ذلك الخجول عندها : لينك .. هل تذكرني ؟!..
ابتسمت له بلطف : بالتأكيد مارسيل .. أنا لم أنسى أي واحد فيكم ..!
بدأت اشير ناحيتهم واحداً واحداً : لنبدأ بالفتيات .. ديالا اللطيفة .. لورا الجميلة .. رينا المرحة .. و جين الصغيرة ..! و الصبية هم .. ايريك المشاكس .. مايك النشيط .. جون المهذب .. و أخيراً مارسيل الخجول ..!
ضحكوا حينها على تلك الأوصاف و بدأوا يلقبون بعضهم بها بينما اخذت انا العلبة التي سقطت مني على الأرض لأقول : لقد احضرت لكم الشوكولا .. أجلسوا بهدوء حتى أعطيكم اياها ..!
جلسوا في دائرة بانتظام ما عدى جين التي اخذت موقعاً استراتيجياً في حضني فلم ارفض اطلاقاً .. ففتحت العلبة و اعطيت كل منهم قطعة ثم اعطيت الصندوق إلى الآنسة جيني و قلت : اعطهم منها حين يكونون مهذبين ..!
ابتسمت لي عندها : حاضر .. انهم مهذبون دائماً .. لكن التفريط في الحلوى يؤذي الأسنان ..! أليس كذلك ؟!..
أجابوها بصوت واحد : صحيح ..!
ضحكت لهم عندها : أذاً سأترككم معاً لبعض الوقت ..!
ذهبت عندها فنظروا سويةً إلي و حينها هتفت لورا بمرح : لينك .. أنت و رايل تعيشان سويةً الآن اليس كذلك ؟!..
أومأت ايجاباً فعلق مايك بضجر : أنا اريد ان اعيش معكم ايضاً ..!
ضحكت بخفة عندها : المكان هنا أفضل و هذا المنزل اكبر بكثير ..!
جين رفعت رأسها لي و هي تقول ببراءة : لينك .. رايل يقول ان هناك اطفالاً في منزلكم الجديد ..!
- ليس في منزلنا يا جين .. أنهم معنا في ذات العمارة ..!
جون الذي كان بجانبي سأل باهتمام : هل هم لطيفون ؟!..
ابتسمت له عندها : أجل ..!
لم يكن اهتمام ديالا أقل فقد قالت عندها : حدثنا عنهم ..!
- حسناً .. انهم اربعة فقط .. آركيف في العاشرة و هو اكبر منكم .. أنه فتى لطيف و مهذب كثيراً ..!
تعمدت عدم الحديث عن والديه او انه يعيش مع والده فأنا الآن اتحدث لأطفال ايتام لم يعرفوا للوالدين أساساً ..!
تابعت حديثي حين لاحظت اهتمامهم الكبير : ايميلي ايضاً أكبر منكم فهي في التاسعة .. و هي لطيفة كذلك و مجتهدة في دراستها ..! أما لوسيان فهو في مثل عمر ديالا و ايريك أي في السادسة .. انه مرح و يطيع من يكبره سناً ..! و أخيراً لين الصغيرة فهي في الخامسة .. و هي تحب اللعب كثيراً و رحيمة بالجميع ايضاً ..!
بدا عليهم الحماس عندها حيث قالوا بأن لديهم اصدقاء من الحي و الحي المجاور بصفات مشابهه ..!
و هكذا بقينا نتبادل الأحاديث بسعادة و قد اشادوا جميعاً بطعم قطعة الشوكولا التي اهديتها لهم ..!
لحظتها سأل ايريك باستغراب : لما لم يأتي رايل معك ؟!..
التفت ناحيته و أجبت : لقد قدم صديق لزيارته من بلاد بعيدة و هو يقضي وقته معه الآن ..!
هتف مايك بحماس و سعادة : أهو بيير ؟!..
نظرت اليه متعجباً و أومأت إيجاباً فانتشرت سعادته و وصلت للبقية الذين هتفوا بتسابق ..!
- أحقاً جاء بيير إلى هنا ؟!..
- لما لم يأتي لزيارتنا ؟!..
- أريد أن اريه بيتنا الجديد ..!
- أنا لا أذكره ..!
- لقد قدم العام الماضي يا جين .. كنت اصغر لذا ربما لا تذكرينه ..!
كنت مستغرباً حقاً من فرط النشاط الصادر بعد سماع اسم بيير : هل تعرفونه جيداً ؟!..
هتفت رينا بحماس : أجل .. لقد اتى لزيارتنا كثيراً مع رايل .. و آخرها كانت العام الماضي .. أنه شخص رائع ..!
اردفت ديالا بابتسامة : انه لطيف كثيراً و حنون ايضاً .. هو يقول بأنه يفهم شعورنا ..!
شعورهم ؟!.. شعور العيش عيشة صعبة ..! العيش بلا والدين ..! أجل فحتى بيير فقد والديه في سن مبكرة و الأدهى من ذلك في ظروف مرة ..!
كان جون يبدو و كأنه يتذكر شيئاً و ابتسامة حالمة على محياه : انا اكون سعيداً حين يربت على رأسي .. أنه دافئ و لطيف جداً .. وهو يشبه رايل كثيراً ..!
أومأت لورا ايجاباً و رغم صغرها إلا انه من الواضح أنها تذكره جيداً و هذا ان دل على شيء فسيدل على الاثر العميق الذي تركه ذلك الشخص في نفسها ..!
مارسيل ايضاً قال : لا اذكره كثيراً .. لكني اذكر اني احبه كما احب رايل ..!
كنت شبه مصدوم من كلامهم فأنا قابلت بيير اليوم و كل ما رأيته هو فتى يهتف برعب حين يقابل شخصاً جديداً و يتوتر ازاء اقل الاشياء ..!
أي شخصية تلك التي تقبع خلف شخصيته الطفولية ؟!.. أم أنها ذات الشخصية لكن حين تكون في المحيط المناسب ؟!..
لست ادري .. لكن قبل ان أقول أي شيء لهم سمعت صوتاً من خلفي : مساء الخير ..!
تصلبت في مكاني بينما هتف الأطفال بصوت واحد : مساء الخير ..!
لم اتحرك و لم انظر للتي خلفي وقد بدأت السير ناحيتي حتى وقفت بقربي وهي تقول : سأستعير لينك قليلاً يا صغار .. ما رأيكم ؟!..
هتفوا مجدداً : موافقون ..!
ابتعدت جين عني فوقفت دون ان انظر لتلك الفتاة التي قالت بنبرة هادئة : اتبعني للمكتب ..!
سارت بعدها فنظرت إليها أخيراً من الخلف حيث كانت ضفيرتها الفرنسية الطويلة تصل لنهاية ظهارها وقد ارتدت كنزة قطنية بيضاء مع بنطال اسود في منتصف ساقها ..!
سرت خلفها و قد اخذت نفساً عميقاً .. ها قد آن الأوان لمواجهة جوليا أخيراً ..!
دخلنا إلى المنزل و اتجهت هي لمكتب الادارة الخاص بها و انا من خلفها .. وقفت قرب الباب و نظرت الي بهدوء شديد فتظاهرت بالمثل وقد دخلت قبلها فتبعتني مغلقةً الباب ..!
تقدمت بضع خطوات دون ان تنظر إلي و هي تقول : ما ردة فعلك تجاه الرسالة ؟!..
ابتسمت عندها و قد قررت ان اكون طبيعياً : كنت حزيناً ..!
نظرت الي باستنكار فأردفت : ذلك لأنك لم تكتبي أي تحية او شيء من هذا القبيل ..! لكني كنت سعيداً لأني علمت أنك صفحتي عني ..!
أشاحت بوجهها عندها و هي تقول باستياء : و ما أدراك ؟!.. ربما دعوتك فقط من أجل الأطفال .. كما ترى انا لم اردف أي تحية ..!
- ما اعرفه انك فتاة صارمة جوليا .. لذا استطيع ان استنتج انك لن تدعيني إلا بعد ان صفحتي عني ..!
تنهدت بتعب و اتجهت لمقعدها خلف المكتب و قد اشارت لي بالجلوس ..!
فعلت ذلك فنظرت إلي للحظات قبل ان تقول : اسمع لينك .. لقد سامحتك لأن ميشيل لم تعد تهتم لأمرك .. و لكن ان عدت لمضايقتها مجدداً بأي شكل من الأشكال فسأقطع علاقتي بك نهائياً ..!
أومأت موافقاً لأني اعلم ان الذنب ذنبي في كل ما حدث سابقاً و علي تحمل نتائج أفعالي ..!
ابتسمت برضى أخيراً و تنهدت بتعب : انتهى الأمر ..!
باستنكار قلت : يفترض أن أفعل انا هذا ..!
نظرت لي للحظات قبل ان تقول : حسناً كيف حالك مع الحياة الجديدة ؟!..
- كل شيء بأفضل ما يرام ..!
- ريكايل حدثني عن الكثير .. يبدو أنك تستمتع بوقتك ..!
- شيء من هذا القبيل .. حياتي هذه كانت اقل صعوبة مما توقعت .. لكنها مليئة بغريبي الأطوار ..!
- الدنيا كلها مليئة بهم .. لكن في حياتك السابقة لا احد يظهر هذا الجانب ..!
- ربما تكونين محقة ..! حسناً .. كيف حال الملجأ ؟!..
ابتسمت ابتسامة عريضة عندها : كما ترا .. الأمور تتحسن باستمرار .. ليديا تقضي الكثير من وقتها هنا و الأطفال يحبونها .. يجب ان أشكرك على احضارها هنا في المرة الأولى و تعرفيها على المكان .. لا أعلم ماذا كنا سنفعل من دونها ؟!..
ابتسمت أنا الآخر : لم أفعل شيئاً .. فليديا بطبيعتها تحب تقديم المساعدة للجميع .. فما بالك بأطفال ايتام ..!
- انت محق ..!
سألتها عندها بترقب : و ماثيو ؟!..
نظرت الي باستغراب : ما به ؟!..
تعجبت من ردة فعلها الطبيعية .. توقعت ان تظهر بعض الخجل او شيء من هذا القبيل لكن يبدو ان ماثيو لم يوضح لها عما في داخله تجاهها : هل لا زال يزور الملجأ ..!
- أجل .. من فترة لأخرى ..! و احياناً يحظر أخاه الصغير ..!
- و هل يعلم بأن ليديا هي المالكة ؟!..
- ليس كذلك .. ليديا حريصة على عدم معرفته بالأمر لذا اخبرت الأطفال الا يذكروك أو يذكروا ليديا امامه ..!
- انها خدمة عظيمة منك ..!
بدا انها ستقول شيئاً قبل ان تطرق الآنسة جيني الباب طرقتين ثم تفتحه : عذراً على المقاطعة .. آنسة جوليا .. السيد ماثيو قدم للزيارة و يقول انه يريد ان يلتقيك الآن ..!
.
.
قلبي كاد ينفجر من شدة الضرب و قد شعرت انه سقط في معدتي و قد وقفت حالاً كما فعلت جوليا التي قالت بتلعثم : ماثيو هنا ؟!..
أومأت جيني ايجاباً : أجل .. ها هو قربي ..!
كانت الآنسة جيني تنظر إلي بتوتر فيبدو انها تعلم اني لا أريد رؤية ماثيو ..!
نظرت لجوليا بخوف فرأيتها تشير إلى الخزانة قربها دون ان تنطق ..!
لم يكن لي إلا أن اسرعت و فتحت تلك الخزانة التي كان بها بعض الرفوف و الملفات لكن هناك مساحة فارغة في الاسفل كفت جسدي النحيل فأسرعت جوليا لأغلاق الباب علي و هي تقول : دعيه يدخل ..!
فتحات التهوية في تلك الخزانة كانت تسمح لي برؤية ما يحدث بوضوح ..!
دخل وريث ديمتري إلى المكان .. و لحظتها كادت انفاسي تنقطع ..!


نظرته الجريئة من عينيه الزرقاوين لا تزال كما هي مصاحبة ابتسامة صغيرة على وجهه الوسيم بينما خصلات شعره الزرقاء القاتمة المائلة للسواد قد صارت أطول فها هي تصل لأسفل رقبته ..!
قميص بلون السماء مع سترة سوداء فاخرة و بنطال بذات اللون ..!
لا يزال ماثيو أنيقاً كما كان .. متفائلاً و مؤمناً بمبادئه .. هذا ما اتضح لي من نظرته تلك تجاه حسناء الملجأ جوليا ..!
خرجت الآنسة جيني مغلقة الباب و قد اخبرتهم بأنها ستعد القهوة ..!
اشارت جوليا التي لا تزال اثار التوتر واضحة عليها على المقعد امام المكتب فجلس عليه بينما عادت هي لمكتبها و قد ابتسمت : اني متعجبة من هذه الزيارة المفاجئة سيد ماثيو .. عادة تتصل قبل ان تحضر ..!
بابتسامة لطيفة الطابع و صوت يملأه الهدوء : كنت ماراً بالقرب من هنا فآثرت القاء التحية .. آنسة جوليا هل ستستمرين بمناداتي بالسيد .. أني حقاً لا احبذ هذا ..!
لم ترد عليه بل اكتفت بابتسامة صغيرة و قد طأطأت برأسها بنوع من التوتر المصحوب بالخجل اثر ابتسامته الساحرة ..!
كنت انظر لماثيو و اقرأ افكاره التي بالتأكيد الآن تشيد بجوليا و ادبها و أخلاقها مع الجميع اضافةً إلى هذه الوظيفة الانسانية التي تشغلها و في النهاية جمالها البريء ..!
بقيا صامتين لفترة بينما انا اشعر بالفضول جراء ما يمكن ان ينطق به احدهما الآن و في الوقت ذاته اندب حظي الذي رما بي إلى هذه الخزانة الضيقة ..!
تكلم ماثيو عندها بهدوء و قد تقلصت ابتسامته : آنسة جوليا .. لدي كلام مهم اريد قوله ..!
نظرت اليه بنوع من الاستغراب و القلق من نبرته الجادة : تفضل ..!
نظر إليها و هو يقول : أخبريني بصدق .. موافقه ؟!..
ترددت قليلاً قبل ان تومئ ايجاباً فصدمها بسؤاله ذاك : هل انت معجبة بأحدهم او شيء من هذا القبيل ؟!..
لم تكن صدمتي اقل شأناً من جوليا فأنا لم اتوقع ان يتطرق لهذا الموضوع على وجه الخصوص ..!
اما هي فقد توردت وجنتاها و صمتت لفترة قبل ان تنفي هذا : لا .. لست كذلك ..!
بانت معالم الراحة عليه وقد وقف امامها و هو يقول بابتسامة : في الحقيقة .. لدي امر مهم سأقوله لك .. لذا أصغي بكل حواسك ..!
بدا متردداً قليلاً بينما كان الترقب يعلو ملامح جوليا ..!
أغمض عينه للحظات و اخذ نفساً عميقاً قبل ان يقول بجد : آنسة جوليا .. أنا معجب بك فهل تقبلين هذا ؟!..
كتمت شهقتي فماثيو تجاوز توقعاتي بينما بانت ملامح الصدمة العظمى على تلك الفتاة التي تلقت الآن اعترافاً خطيراً جداً قد يغير حياتها ..!
طأطأت رأسها دون ان تنطق وقد بدا ان هذا لم يعجب ماثيو الذي قال بتوتر : اسف لمفاجئتك بهذا .. لكني جاد فيما أقول ..!
لم يكد يكمل كلمته حتى تمتمت هي دون ان تنظر اليه و بنبرة جافة غريبة : أتمزح ؟!..
قطبت حاجبي ازاء ردة فعلها كما كان الأمر مع ماثيو الذي قال بجد و نوع من الاستياء : بالطبع لست كذلك !!..
رفعت رأسها له فشعرت بالتوتر من نظرتها الجادة الهادئة و كأنها تلقت اهانة منذ قليل ..!
ماثيو ايضاً بدا قلقاً من ردة الفعل غير المتوقعة هذه بينما قالت تلك الحسناء بجد : أنت نبيل .. و أنا مجرد عامية فقيرة ..!
بانزعاج هتف : هذا آخر ما يهمني جوليا .. و أنت تعلمين ذلك ..!
لم يبدو ان كلامه اثر فيها فقد تابعت بذات هدوءها : ان كنت انت ترضى بذلك ماثيو فماذا عن ابيك و زوجته ؟!..
تنهد عندها و هو يقول : ابي رجل متفهم و سيفهم وجهة نظري و لن يجبرني على شيء .. اما خالتي فسأقنعها بطريقتي الخاصة و في النهاية هي لا شأن لها بمن اختار أنا ..!
قطبت جوليا حاجبيها و هي تقول بنوع من السخرية : و ماذا عن مجتمعك ؟!.. أتعتقد انهم سيتركونك و شأنك ؟!.. للأسف ماثيو لقد ولدت في مكان يقدس التفرقة بين الطبقات و من المستحيل ان يسمحوا بمثلي لدخول عالمهم المخملي ..!
ضرب الطاولة بكفه بانزعاج و هتف : و ما شأني بذلك المجتمع ؟!.. انهم آخر من يحق له تحديد مصيري !!.. ان كنت ترفضينني من أجل هذا المجتمع فأنا مستعد للتخلي عنه و عن كل ما فيه جوليا ..!
اتسعت عيناي حينها بصدمة .. هذا الماثيو يفاجئني في كل مرة ..!
لطالما كان حاقداً على ما يمسى بالعنصرية .. لكني لم اعتقد ان يصل الأمر لهذا الحد ..!
لأن تخليه عن ذلك المجتمع يعني تخليه عن اسم اسرته و عن كل ما يربطه بها .. هل وصلت مكانة جوليا في قلبه إلى هذا الحد ؟!!!!..
لنعد لتلك الأخيرة التي وقفت عندها و قد طأطأت رأسها بأسف : أقدر لك ذلك ماثيو .. و لا أخفي عليك اني سعيدة بكل ما سمعته منك و لكن ...!
صمتت لفترة مما جعله يتمتم بيأس : ولكن ماذا ؟!..
رفعت رأسها و نظرت إليه بعينيها الزرقاوين نظرة جادة و هي تقول : لكني لا احمل تجاهك سوى مشاعر الاحترام و التقدير .. و لا شيء آخر ..!
اتضح الاحباط و اليأس على ملامحه وقد وقف باستقامة ..!
ابتسم نصف ابتسامة بسخرية على نفسه و تمتم : لقد تم رفضي أذاً ؟!.. هذا مالم اتوقعه !!.. يبدو أني كنت مغتراً بنفسي أكثر من اللازم ..!
نظر اليها عندها بشبح ابتسامة خائبة يائسة و نبرة تحمل ذات المشاعر : لقد كانت فرصتي الأخيرة جوليا .. لم اتوقع ان تضيع بهذه السهولة ..!
فرصته الأخيرة ؟!.. ماذا يقصد ؟!..
اخذ نفساً عميقاً قبل ان يقول بجد : انسي كل ما حدث من فضلك .. أنا ذاهب الآن ..!
خرج بعدها يجر اذيال الخيبة خلفه محبطاً اثر الرفض القاسي الذي تلقاه ..!
لم ارى ماثيو مهتماً بفتاة من قبل .. لكن يبدو ان جوليا كفيلة بإحداث الفوضى في نفسه حتى دفعته لإخبارها عما يشعر دون ان يراعي المعاير بينهما ..!
كانت هي قد جلست على مقعدها و اخذت نفساً عميقاً ثم زفرته بتوتر .. واضح انها لا تزال مرتبكة و متفاجئة و بالتأكيد غير مصدقة لما حدث للتو ..!
فتحت باب الخزانة و خرجت للنور أخيراً و انا اقول : كان هذا مفاجئاً ..!
التفت ناحيتي بسرعة و بدى واضحاً انها نسيت امري تماماً : اجل .. انه كذلك ..!
وقفت بالقرب منها و انا اقول : هل حقاً لا تحملين أي مشاعر لماثيو ؟!..
لم تنطق و لو بنصف حرف بل ضلت صامتة مما دعاني لأقول : أتعلمين ؟!.. أنت اول فتاة اعجب بها ..!
التفت ناحيتي ببرود : و ما الفائدة من هذا بما ان مكانتنا الاجتماعية مختلفة تماماً ؟!..
أوشحت بوجهها مستاءة من الأمر برمته بينما ابتسمت لها : ان ماثيو حقاً لا يفكر بهذه الأمور ..! كما ان المكانة الاجتماعية لا تساوي شيئاً أمام ما تريده القلوب ..!
نظرت الي بطرف عين و تحذير : بشأن كلامك الأخير فأنت آخر من أريد سماع هذا منه لينك !!.. أنا لست غبية مثل ميشيل لأصدق هذه الترهات ..!
ابتلعت ريقي فواضح انها غاضبة الآن و لا مجال للنقاش معها و اقناعها لا من قريب و لا من بعيد ..!
لذا كل ما قلته عندها : عاودي التفكير .. ربما يعود ماثيو ليكرر ما قاله .. أنا ذاهب الآن ..!
تركتها بعدها في حيرة من امرها بين ما تشعر به في الخفاء و بين واقعها المر ..!
تأكدت ان ماثيو غادر المكان فخرجت من المكتب إلى الحديقة .. لأقضي القليل من الوقت مع الأطفال قبل ان اغادر ..!
كانت جين بانتظاري قرب الباب وقد اسرعت ناحيتي لتقول بحماس : لينك .. لقد نمت زهور قوس المطر مجدداً ..!
ابتسمت لها عندها : لأن الربيع بدأ الآن ..!
- تعال لننظر إليها ..!
- قادم ..!
سرت ناحيتها و انا افكر في تلك الأزهار .. أزهار الأراولا المفضلة لدى امي الينا فقد كانت تنتظر الربيع دوماً كي تشهد تفتح ازهارها المفضلة ..!
لكن في هذا الربيع .. تفتحت الأزهار في غيابك يا امي ..!
..............................................
عدت للمنزل حوالي التاسعة و النصف وقد كان الجميع هناك حين اذن ..!
جلست بعد ان القيت التحية على الموجودين المتشكلين في اخي و صديقه بيير .. كيت و ليو و كذلك هاري ..!
كان هناك نقاش بينهم لم أفهم شيئاً منه حتى قال ريك بهدوء : ليو .. لن يضرك هذا ..! عليك ان تتنازل عن الغرفة في الفترة القادمة ..!
هتف هو بانزعاج : و لما لا يتنازل لينك ؟!..
باستغراب سألت : ما القصة ؟!..
كيت كانت هي من أجابني ببرود : ريكايل يريد من المشرد أن يبادله في الغرفة حتى يكون مع بيير ..!
وقفت بصدمة عندها : لا تقولي انه يريد من هذا الاحمق ان يبقى معي في غرفة واحدة .. محال !!..
نظر إلي ليو و هتف هو الآخر : أتعتقد اني سعيد بهذا ؟!.. انا لا اريد التنازل عن غرفتي ..!
بدا القلق على بيير عندها : لا داعي للشجار .. ري لن يشكل الأمر فرقاً ..!
تنهد ريك بتعب و هو يقول : لقد خذلتني يا ليو .. توقعت ان تسدي لي هذه الخدمة ..!
بدا التوتر على ذلك المقصود الذي اوشح بوجهه بعدم اقتناع : حسناً .. لأنك طلبت ذلك مني فقط ..!
و هكذا تقرر ان يتبادل الاثنان الغرف .. بالطبع انا لست راضياً لكني لا استطيع الاعتراض فأنا اعلم ان رايل يريد قضاء اكبر وقت ممكن مع صديق طفولته ..!
هاري وقف حينها و هو يقول : لقد طلبت العشاء من المطعم و سيصل الآن .. رتبوا المائدة ريثما احضره ..!
اومأت موافقاً عندها فخرج هو بينما وقفت و رايل متجهين للمطبخ وقد كنت اشعر بنظرات ليو المنزعجة الغيورة تجاه بيير بينما كان الآخر ينظر اليه ببراءة غير مدرك ماهية تلك المشاهر ..!
اخرجت العصير من الثلاجة و انا اقول : لقد ذهبت للملجأ هذا المساء ..!
نظر الي باستغراب : حقاً ؟!.. هل صفحت عنك جوليا ..!
أومأت ايجاباً فابتسم : هذا امر رائع .. تستطيع الآن زيارة الأطفال متى شئت ..!
يبدو سعيداً بالأمر و كأنما هم انزاح عنه فهو كان متوتراً بشأن علاقتي الفوضوية بجوليا ..!
التفت ناحيته فوجدته يشرب كأس ماء بعد ان اعاد كرت الاقراص لجيبه .. انه دواءه الذي يتناوله يومياً في هذه الساعة ..!
سألت عندها بنوع من التردد : كيف حال صحتك رايل ؟!..
نظر ناحيتي بهدوء لكنه ابتسم بعدها ابتسامة صغيرة : كل شيء على ما يرام .. لدي فحص روتيني الاسبوع القادم و أنا واثق ان الأمور ستكون بخير كما العادة ..!
رجوت ذلك في نفسي ايضاً رغم اني لاحظت تحسن صحته الكبير إلا اني لازلت قلقاً ..!
وصل هاري بالطعام فبدأنا بوضعه على المائدة و جلسنا جميعاً حولها لنبدأ بتناول العشاء ..!
.....................................
مضى يوم الاجازة الآخر بهدوء و سكينة فقد قضيت اليوم بطوله في المنزل إما امام التلفاز او امام كتبي او قراءة دفتر نوتات والدتي ..!
ليو خرج مع اصدقائه منذ الصباح و لم يعد بعد ..!
ريك و بيير خرجا إلى الملجأ منذ الظهيرة أيضاً .. رغم انهما دعاني للذهاب معهما إلا اني فضلت ان اتبعهم فيما بعد ..!
الساعة الآن هي الخامسة مساءاً و كيت هنا تشاهد التلفاز مستلقية على اريكتها و هي تغفو في كل لحظه ..!
وقفت عندها و أنا أقول : سأخرج بعض الوقت .. تريدين شيئاً ؟!..
أومأت سلباً دون ان تلتفت إلي و قد بدا النعاس في عينيها مما جعلني ارمي إليها ببطانية صغيرة : تغطي جيداً فيبدو انك ستنامين في مكانك ..!
فعلت ذلك بصمت ايضاً .. فتركتها و ذهبت لأبدل ملابسي ..!
ارتديت كنزة قطنية قصيرة الاكمام بلون برتقالي مع بنطال جينز ازرق و خرجت من المنزل ..!
سأذهب لموقف الحافلات ثم اتجه بالحافلة للملجأ .. يلزم علي العودة قبل السابعة من أجل ابرة كيت ..!
.............................................
وصلت إلى هناك أخيراً و ضربت الجرس .. فتحت لي الآنسة جيني بابتسامة : تفضل لينك .. الأطفال في الحديقة كالمعتاد ..!
- شكراً لك .. هل جوليا هنا ؟!..
- لا .. لم تأت اليوم ..!
قطبت حاجبي متعجباً .. أيمكن أنها لم تفعل من أجل الكلام الذي سمعته من ماثيو بالأمس ؟!..
ربما هي تفكر بالأمر بجدية و تحتاج للهدوء من أجل ذلك ..!
سرت باتجاه الحديقة و حين خرجت إلى الشرفة رأيت رايل و بيير يجلسان مع الأطفال سويةً في دائرة و يتحدثون بسعادة ..!
كانت ضحكات الأطفال تملأ المكان و هم يحادثون بيير بكل هدوء و ارياحية بينما هو مستمتع معهم ..!
اقتربت منهم و انا اقول : مساء الخير ..!
التفتوا ناحيتي فتهتف جين بسعادة : لينك .. تعال و اجلس معنا ..!
اومأت موافقاً و انضممت اليهم فعادت ابصارهم إلى ذاك البيير و قد كانت ديالا تقول : و ماذا فعلت بعدها ؟!..
ابتسم لها و قال : ذهبت لساحة العازفين و اخذت الكمان من احدهم .. ثم بدأت بالعزف .. لقد قال كل من الحفل ان عزفي جميل ..!
ضحكت رينا بمرح عندها : أذاً كسبت الرهان ؟!..
أومأ إيجاباً ..!
لم أفهم القصة بالضبط لكن يبدو انه يحدثهم عن حادثة صغيرة له ..!
نظرت اليه حين استوعبت شيئاً : أتعزف بالكمان ؟!..
بدا عليه التوتر رغم ابتسامته : قليلاً فقط .. لقد تعلمته حين انتقلت لسويسرا ..!
- رائع .. اتطلع لسماع ذلك ..!
- لم احضر أي كمان معي .. فأنا لا احب الموسيقى لكن جدتي اصرت علي ان اتقن الكمان و الاورغ و البيانو ..!
ضحك ريك عندها بخفة : حتى لينك لا يحب الموسيقى إلا انه محترف على البيانو ..! انكما متشابهان حقاً ..!
نظر الي باستغراب : الا تحب الموسيقى ايضاً ؟!.. لما تعزف إذاً ؟!..
ابتسمت بهدوء عندها و انا اقول : لم احبها اطلاقاً .. لكن من ربتني كانت تحبها لذا علمتني العزف على البيان .. لم ارد ان اخيب ظنها فبذلت جهدي ..!
ابتسم عندها ابتسامة عريضة : الأمر ذاته بالنسبة لي .. فجدتي كانت قد اخبرتني بانه ان اردت العيش وحدي فعلي ان اجيد العزف على ثلاث آلات ..!
- اتعيش وحدك إذاً ؟!.. لما لا تعيش مع جدتك فلا شك أن منزلها كبير ..!
- أجل .. أنه قصر ضخم .. لكني فضلت العيش في شقة بمفردي ..!
اردف عندها و هو يجبر نفسه على الابتسامة لسبب اجهله : القصر مكان لا يناسب فتى مثلي ..! بالنسبة لي انه مكان مخيف حقاً ..!
فتى مثله ؟!!!.. إن كان حفيد بارونة سويسرية يقول هذا فماذا ترك لغيره ؟!..
اذاً ماذا اقول أنا إن و قد عشت في قصرين احدهما هنا و الآخر في دولة مجاورة فقط تبعاً للمرأة التي انتشلتني من دار ايتام ؟!..
لاحظت انه شرد بذهنه للحظات بينما كان ريك ينظر اليه بنظرات تميل للحزن وقد اختفت ابتسامته ..!
هل قلت ما يزعجه يا ترى ؟!..
قبل ان اردف شيئاً سمعت صوتاً من خلفي : مرحباً ..!
نبض قلبي بقوة اثر ذلك الصوت .. الصوت الذي يهز كياني و يطرب مسامعي ..!
التفت و قد ابتسمت عندها : ميـ ...!
- ميشيل !!!..
نظرت لبيير الذي هتف باسمها بسعادة كبيرة ..!
عدت انظر لها و قد كانت عيناها الزرقاوان تحدق به باتساع و هما تلمعان بشكل غريب .. شعرها البني كانت قد تركته و قد بات الآن ينزل عن كتفيها بحوالي الشبر .. و قد ارتدت كنزة قطنية بيضاء طويلة الأكمام مع تنورة سوداء تصل لركبتها ..!
بسيطة و جميلة في الآن نفسه .. هذه الفتاة !!..
لم تلبث ان ظهرت ابتسامة سعيدة على محياها و قد هتفت : بيير !!.. متى عدت من سويسرا ؟!..
وقف عندها و اقترب منها وهو يقول : بالأمس فقط .. كنت انوي زيارتكم في المنزل ..! آسف لما حدث مع الخالة آنا .. كان علي الحضور وقتها عوضاً عن الاتصال فقط لكن ظروفي لم تسمح بذلك ..!
ابتسمت بحزن عندها : لا عليك .. لقد كان اتصالك في ذلك الوقت كافياً لمواساتي ..!
كنت انظر اليهما و هما يتبادلان الأحاديث عن بعضهما بتلقائية و مرح ..!
لا أعلم لما شعرت بألم في صدري .. رغم حديثهما كانا عادياً إلا اني شعرت بنوع من الحزن ..!
لقد ابدت اهتماماً كبيراً ببير حين رأته .. بينما يبدو انها لم تنتبه إلي اصلاً ..!
كانت تضحك بمرح و لا أعلم لما للمرة الأولى اتمنى عدم سماع ضحكتها ..!
لينك توقف عن هذا .. انه مجرد صديق طفولة لها كما كان لرايل .. طبيعي ان يكونا سعيدين باللقاء بعد فترة غياب ..!
- اه .. رأيت الصورة التي أرسلتها لك منذ ايام صحيح ؟!..
- أجل رأيتها .. لقد بدوت وسيماً بالبدلة الرسمية ..! جدتك ايضاً بدا عليها الوقار مع ابتسامتها تلك ..! حين أريت صديقاتي الصورة لم يصدقوا بأنك ذات الفتى المنكوب في الماضي ..!
ضحك بخفة وهو يقول : لا أزال منكوباً كما تعلمين ..!
ضحكت هي الأخرى عندها : لست كذلك بالطبع .. ان لك جدة رائعة و واضح انها تحبك كثيراً ..!
تقلصت ابتسامته و أومأ ايجاباً ..!
نظرت هي عندها الى البقية لتقول : رايل هنا ايضاً .. مرحباً .. و لينك كذلك ..!
لم يكن مني الا ان رددت بهدوء : أهلاً ..!
اما رايل فقد قال بسخرية : أجل نسيتنا جميعاً حين رأيت بيير ..!
بلا مبالاة قالت : و هل هناك خطأ في هذا ؟!.. أنا لم اره منذ زمن و قد اردت معرفة آخر أخباره ..!
- حسناً .. دعينا من هذا ..! لما لم تأت جوليا اليوم ؟!.. هذا ليس من عادتها خاصة ان اليوم عطلة ..!
اخذت تفكر للحظات قبل ان تقول : لا أعلم .. منذ الأمس لم تبدو بخير ..! انها شاردة الذهن طيلة الوقت و قد قالت انها تشعر بالصداع ..!
- ان كانت مريضة فأخبريني لأرافقها للمشفى ..!
- لا اعتقد انها مريضة .. لكني سأستفسر منها عما يشغلها .. رغم انها قالت انها بخير ..!
نظرت لساعتي عندها لأرى انها تقارب السادسة فوقفت و انا اقول : سأذهب الآن ..! كيت تنتظرني فعلي ان اعطيها الانسولين في السابعة ..!
ودعت الأطفال عندها و عدت ادراجي إلى المنزل ..!
اعلم انه بقي الكثير من الوقت حتى السابعة .. لكني لم ارد البقاء لسبب لم افهمه أنا ذاتي ..!
هل لأن ميشيل هناك ؟!.. لكني كنت دوماً اتطلع للقاء ميشيل ..!
ربما .. لأن هناك من يشغل ميشيل عني .. و هذا ما لا احتمله !!..
...........................................
كان صباح اليوم التالي صباحاً عادياً .. استيقظت و ارتديت ملابس المدرسة ..!
وجدت ريك يعد الافطار فقد تولى هذه المهمة بعد اصابة كيت بينما بيير يجلس على الطاولة و يراقبه بصمت ..!
جلست امام ذلك الأخير و قلت : أرجوا ان تكون مرتاحاً بالبقاء هنا ..!
نظر إلي للحظات ثم ابتسم : أجل .. شكراً على الضيافة ..!
بادلته الابتسامة و انا اشعر ان علاقتي بهذا الفتى متوترة لسبب مجهول .. ربما لأنه من ماضي رايل ..!
لكن .. جوليا و ميشيل ايضاً كذلك !!..
لا .. بيير مختلف .. بيير عايش الحياة التي عاشها رايل .. و قد كانا سويةً دوماً .. ربما استطيع القول أن بيير كان قد اخذ مكاني مع اخي التوأم ايام الطفولة ..!
هناك أيضاً شيء آخر .. هو ليس من ماضي رايل فحسب .. بل من ماضي ميشيل أيضاً ..!
ان ذلك يضايقني نوعاً ما فأنا بالأمس رأيت كم علاقتهما ودودة و متحابة ..!
علي عدم التفكير في الأمر حتى لا افترض افتراضات ليس لها أي صحة ..!
تناولنا الافطار وقد انضم إلينا ليو .. أما هاري فقد ذهب مبكراً للعمل ..!
غادرنا بعدها للمدرسة سيراً على الأقدام و في الطريق التقينا بسام التي حيتنا بتحية الصباح بكل مرح كالعادة ..!
سرنا سويةً تجاه المدرسة و قرب البوابة كان رئيس الطلبة كالعادة حيث نظر الينا و ابتسم ابتسامة منافقة : صباح الخير ..!
- صباح الخير ..!
اجبناه سويةً .. رايل بابتسامة .. سام بهدوء .. أما انا فببرود و ترقب ..!
نظر إلي بطرف عين و ابتسم بمكر ثم عاد ينظر لرايل : ريكايل .. رأيتك بالأمس قرب المحطة مع فتى صغير لكنك لم تنتبه لي ..!
بذات ابتسامته رد اخي : اه حقاً ؟!.. عذراً على هذا ..!
- اذلك الفتى قريبك ؟!..
- لا .. انه صديقي .. و قد وصل من سويسراً قبل امس ..!
بمرح علق : اووه .. لديك اصدقاء اجانب اذاً ..! هذا غير متوقع ..!
ضحك ريك بخفة عندها : انه فرنسي لكنه انتقل لسويسرا منذ بضعة سنوات فقط ..!
- اها .. حسناً اتمنى ان تقضوا وقتاً ممتعاً ..!
- شكراً لك ..! اراك فيما بعد ..!
سار ريك امامي و سام تتبعه وهي تستفسر عن بيير بينما تقدمت ليوجين لأبدأ انا هذه المرة و أنا أقول باستياء بسيط : يوجين .. يفضل لك ان تتوقف عن هذا النفاق الذي تقابل شقيقي به ..!
ابتسم نصف ابتسامة و بسخرية علق : انا لست منافقاً ..! اني اتعامل معه بطبيعتي ..!
بحدة نظرت إليه : هذا واضح ايها الشيطان !!..
لكنه كتم ضحكته عندها : انظروا من يتكلم ..! أسمع يا لينك .. ان كنت تعتقد اني انافق امام اخيك الصغير و تريد مني ان ابتعد عنه فيفضل لك ان تفعل الأمر ذاته بما يخص اختي الصغرى .. فأنا ايضاً لا أثق بك و اعتبرك شيطاناً ..!
قطبت حاجبي عندها : ريا صديقة مهمة للمجموعة بأكملها و ليس لي فقط ..! انها مختلفة عنك ..!
بخبث علق عندها : أعلم .. ريكايل ايضاً فتى جيد ..! و ما اراه انه مختلف عنك ايضاً ..! انه ودود و لطيف على عكسك انت ..!
علمت ان الحديث معه لن يجدي نفعاً لذا اكتفيت بالقول بتهديد : عموماً .. لو تسببت معاملتك هذه لرايل بأي مشكلة فأنا لن ارحمك ..!
لم يرد بل اكتفى بابتسامة تحدي قاتله ..!
لذا تجوزته اسير مع البقية باتجاه الصف ..!
هذا الفتى .. لا بل هذا الشيطان .. قلبي يخبرني بأن خلفه مكيدة لا أعرف حجمها و لا اعلم ما ستكون عليه ..!
لكن كل ما ارجوه أن لا يكون لها أي تأثير على رايل بأي شكل من الأشكال !!..
............................................

انتهى البارت

يبدو لي انه طويل صحيح ؟!.. ^^

أتمنى أني لم أتأخر عليكم كثيراً ..!

لننتقل للأسئلة

مايا روبنس الخطيبة السابقة للدكتور هاري .. ما الذي يمكن ان تفعله في المستقبل ؟!..

وصل بيير أخيراً .. ما رأيكم به ؟!..

ماثيو و اعترافه الخطير لحسناء الملجأ .. أيمكن ان تغير جوليا رأيها ؟!..

علاقة مقلقة بين بيير و ميشيل .. أهي مجرد صداقة ام شيء مختلف ؟!..

يوجين عاد لاستفزاز لينك .. هل في جعبته شيء ما ؟!..

في النهاية .. ما هو أفضل مقطع في البارت ؟!..

.........

المقطفات ..!

...
كان المدير متهجم الموجه يجلس كعادته في زاوية المحل .. اقتربت منه للحظة و انا اقول بترقب : طلبتني حضرة المدير ؟!..

...

ربما .. لأنها تذكرني بأليس في كل مرة ..!

...

وقف امامي وهو يشير اليها بسعادة : انها امي ..!

...

لا ملابس رسمية .. لا تعارف مبتذل .. لا آنسات تجبر على تقديم نفسك لهن و طلب رقصة منافقة !!.. كم احب هذا الوضع المريح !!..

...

لم يستطع أي من الموجدين ان يبعد بصره عن ذلك الفتى الذي صار بين لحظتين عازفاً فذاً من القصر الملكي .. هذا ما تشعر به حين تسمعه ..!

...

اخفضت بصري لتلك الصورة التي في يدي و لم اكد افعل حتى اتسعت عيناي على مصراعيهما و قد كتمت شهقتي المصدومة بصعوبة !!..

...

توردت وجنتاها و اشاحت بوجهها : لا تذكر اسمه حتى ..!

...

التفت ناحيتي متعجباً و هتف : عيون فيروزية ؟!..

...

انه يبدو مختلفاً تماماً اليوم .. فمن يراه الآن سيصدق حالاً انه حفيد لبارونة سويسرية ..!

...

ابتسمت نصف ابتسامة بسخرية .. رونق النبلاء ..!

...............................

هذا ما لدي اليوم .. أتمنى ان تكونوا قد استمتعتم بالبارت ^^

في حفظ الله ..!


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-04-13, 05:28 AM   #12

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 11

مضى الدوام المدرسي على خير ما يرام ..!
اليوم توليت مهمة تنظيف الصف بعد الدوام مع اثنين من زملائي بحسب جدول الأسماء .. و لم يستغرق ذلك سوى نصف ساعة ..!
انهينا العمل فحمل الاثنان حقائبهما عندها : إلى اللقاء براون ..!
اردف الآخر من بعده : نراك صباح الغد .. لا تنسى امتحان اللغة الانجليزية غداً ..!
ابتسمت لهما عندها : لن انسى بالطبع .. إلى اللقاء ..!
خرجا بينما ذهبت لطاولتي و حملت حقيبتي من فوقها لأخرج أنا الآخر بعد أن اطفأت الأضواء .. اتجهت اولاً لصف اخي حيث كان هناك بعض الفتيات يجلسن سويةً للحديث في منتصف اعمال التنظيف ..!
اخذت انظر في الصف يمنة و يسرة قبل ان تنظر إحداهن الي و هي تقول : آه .. براون ..! إن كنت تبحث عن اخيك فقد غادر مبكراً و طلب مني اخبارك ان بحثت عنه ..!
نظرت اليها و ابتسمت : شكراً لك ..!
- العفو ..!
تركت الصف متعجباً قليلاً .. صحيح اني تأخرت بسبب عملي لكن عادةً ينتظرني رايل و نخرج سويةً .. او يأتي و يخبرني قبل مغادرته ..! ليس من عادته توصية احد بذلك ..!
ربما كان مستعجلاً ..!
غادرت المدرسة متجهاً للعمارة و انا شارد بذهني ..!
كلما تذكرت شكل ميشيل وهي واقفة بابتسامة امام بيير الذي كان ينظر اليها بمودة اشعر بوخزة في صدري ..!
لما كل هذا الانزعاج يا ترى ؟!..
وصلت للعمارة عندها و انتبهت إلى تجمع في الساحة و ما ان ركزت في الاشخاص حتى غلفني بالاستغراب فلما هم متجمعون هكذا ..!
لكني ما ان دققت اكثر حتى انتبهت انهم متجمعون حول احدهم .. حول ذلك البيير ..!
اقتربت اكثر لأفهم ما يقولون ..!
كان اصدقائي هناك ايضاً ..!
سام كانت متحمسة للغاية و هي تتحدث اليه : أتجيد الرقص الفكتوري ؟!..
بدا عليه الخجل و التوتر : أجل .. لكني تعلمته بعد جهد جهيد ..!
ضحك ماكس عندها بسخرية : لا اصدق .. أنت لا تزال قصيراً كما في السابق بيير !!..
بتوتر قالت ريا : ماكس لا يجوز لك قول ذلك ..!
ربت ايثن على كتفها حينها : هذا الاحمق لا يراعي لسانه لذا تجاهليه و حسب ..!
بنبرة حالمة تكلمت الآنسة ماندي التي كانت هناك ايضاً : آآه وسيم جديد انضم للدور الخامس .. انهم يعزمون على اسكات قلبي !!.. صحيح انه قصير و طفولي .. لكنه قمة في الوسامة حين تنظر اليه ..! طبيعي بما انه ابن فرنسي و سويسرية .. نسيج متكامل بالفعل ..!
كانت وجنتاه تتوردان مع كل كلمة .. ربت ريك على كتفيه وهو يقول : ستعتاد على الآنسة ماندي قريباً فلا تشغل بالك ..!
ضحك ليو بخفة عندها : سيموت قبل ان يفعل .. هذا الطفل القصير ..!
ضربته كيت بمرفقها عندها بانزعاج : كف عن التنمر عليه لأنه اقصر منك فهو اكبر منك في النهاية ..!
نظر اليها بطرف عين و بمكر : آه صحيح .. أنت تفهمين مشاعره بالتأكيد أيتها القصيرة ..!
لم يكمل كلمته حتى ضربت قدمه بعكازها و هي تهتف : أحمق متشرد ..!
لوسيان كان يحمل كرته عندها : هيه بيير .. هل تجيد لعب الكرة ؟!..
ابتسم له و ربت على رأسه : قليلاً فقط .. لكني اود منك ان تعلمني ..!
بدت السعادة عليه عندها فهتفت لين ايضاً : و أنا سأعلمك .. أنا اجيد اللعب كذلك ..!
- سأعتمد عليك اذاً ..!
تقدمت ايمي ناحيته بخجل : أتتحدث السويسرية ؟!..
أومأ ايجاباً : أجل .. فأمي سويسرية قبل كل شيء .. لكن لا يوجد لغة سويسرية فالناس هناك يتحدثون اربع لغات معتمدة .. الالمانية و الفرنسية و الايطالية و الرومانشية ..!
بدا الحماس على آركيف لحظتها : هل تجيدها كلها ؟!..
ضحك بخفة عندها : لقد ولدت في فرنسا لذا الفرنسية هي لغتي عند الولادة .. لكن جدتي تتحدث الالمانية لذا تعلمتها .. و بعد فترة تعلمت الايطالية و الرومانشية ..!
هتفت ماندي حينها : مذهل .. وسيم و يتقن اربع لغات !!.. اريد ان اسمع ذلك ..!
ابتسم لها بتوتر : الانجليزية هي الخامسة ..! حسناً .. قليلاً فقط ..!
بعدها بدأ بالحديث بالألمانية .. لدي خبرة بسيطة بها لكني استطيع ان اعرف انه متمكن منها تماماً .. تحدث بعدها بالإيطالية التي اجيدها ..!
كان يقول بالإيطالية بابتسامة هادئة تميل للحزن : فرنسا هي وطني دوماً أنا فرنسي في النهاية .. اتمنى البقاء هنا للأبد .. لكن لا اريد ان اجعل جدتي حزينة ..! يكفي اني تركت العيش في القصر بسببهم رغم انها الحت علي بالبقاء ..! انهم لا يحبونني و دوماً ما يصفونني بالمتطفل و ينهون كلامهم بقول اني ابن سائق في النهاية ..! لا احب سويسرا .. لكن من اجل جدتي فقط سأبقى هناك ..!
اتسعت عيناي اثر كلامه .. كان الجميع مندمجين معه وهم لا يفهمون ما يقوله .. بل هو قال هذا الكلام ليخرج ما في نفسه ظناً منه ان الجميع لا يفهم هذا لكني فهمته بوضوح فقد تعلمت الايطالية منذ طفولتي تبعاً لأمي الينا التي تجيدها ..!
اتبع كلامه بعدها بالرومانشية ثم صمت بعد فترة لتسأله لين ببراءة : ماذا كنت تقول ؟!..
ابتسم لها و قال : قلت ان فرنسا بلد رائع و انا احبه كثيراً .. و تكلمت ايضاً عن الطبيعة هنا و عن الريف الذي يجب ان نحافظه عليه بحمايته من دخان المصانع ..!
انه كاذب .. انه يخفي ما قاله !!.. كأنه قال ذلك الكلام ليشعر انه فضفض لأحدهم عما في نفسه ..!
لما يفعل هذا ؟!.. لما لا يقول ما في نفسه بصراحة ؟!..
- ها هو اذاً .. الجميع متحلق حوله ..!
التفت عن يساري اثر الصوت الذي سمعته لأرى ذلك المتطفل المزعج بجواري .. يوجين ..!
كان يحمل حقيبته المدرسية و يبدو انه وصل الآن فطريق منزله من هنا في النهاية ..!
نظرت اليه ببرود : ماذا تريد ؟!..
ابتسم بمكر نصف ابتسامه : عبرت من هنا فقط .. حين رأيت ريا هنا اثرت التوقف قليلاً ..!
لم ارد على كلامه بينما نظر هو لبيير الذي كان يضحك بسعادة بينما الجميع ينظر اليه و يتحدث معه بتلقائية و اندماج ..!
- ريا .. هيا لنعد للمنزل ..!
التفت ناحيته و ابتسمت : أنا قادمة ..!
ودعتهم جميعاً ثم سارت مغادرة وحين مرت بقربي ابتسمت بخجل : إلى اللقاء ..!
لم استطع إلا ان ارد تلك الابتسامة : أراك غداً ..!
غادرت مع اخيها الشيطان ذاك الذي تعتبر هي نقيضه تماماً ..!
بينما عدت انظر إلى ذلك الاجتماع دون ان اقترب اكثر ..!
ان هذا البيير فتى غريب .. في بضع دقائق تمكن من كسب مودتهم جميعاً .. ميشيل ايضاً كانت غاية في السعادة حين رأته .. و أطفال الملجأ يذكرونه رغم انه لم يزرهم منذ زمن .. حتى ريكايل يبدو متعلقاً به ..!
كيف صار هكذا رغم الطفولة التي عاشها ؟!.. بل يبدو لي من كلامه منذ قليل ان حاضره لا يقل حزناً و ألماً !!..
كل ما استطيع قوله ان هذا الفتى .. محبوب بكل ما تحمله الكلمة من معنى ..!
........................................
ذهبت للعمل مع رايل ذلك اليوم .. فاليوم هو الاثنين بداية الأسبوع ..!
بدأ العمل طبيعياً إلا اني كنت شارد الذهن مما سبب بعض التوتر اتضح على عزفي ..!
عزفت ثلاث سيمفونيات لكن احداها لم تكن بالمستوى المطلوب ..!
شعرت بأحدهم يربت على كتفي و حين رفعت رأسي كانت الآنسة ليزا التي همست لي : براون رقم 1 .. المدير يريدك ..!
ابتلعت ريقي عندها .. أيمكن ان يطردني بسبب تدني ادائي اليوم ؟!..
وقفت و تركت مكاني متجهاً اليه غير مبال بما نادتني به الآنسة ليزا ..!
براون رقم 1 .. و ريكايل براون رقم 2 ..!
اما المدير فهو يناديني بالعازف بينما اخي بالنادل ..!
ان اسماءنا مطموسة تماماً هنا ..!
كان المدير متهجم الموجه يجلس كعادته في زاوية المحل .. اقتربت منه للحظة و انا اقول بترقب : طلبتني حضرة المدير ؟!..
قطب حاجبيه للحظات : لا يبدو عزفك جيداً اليوم ..!
لم اعرف ماذا ارد عليه .. لكنه في النهاية قال بضجر وهو يشير لي بالرحيل : اذهب اذهب .. لا اريد موسيقى لا تطربني ..! خذ قسطاً من الراحة و عد إلى غداً بطاقة مضاعفة ..!
شعرت بالاطمئنان اثر كلامه هذا فقلت : اعذرني على هذا فأنا اشعر ببعض التعب .. اعدك بمضاعفة جهدي غداً ..!
لمحت شبح ابتسامة على وجهه و لا اعلم اهي حقيقة ام مجرد خيال نسجه دماغي ؟!..
لكني عندها اتجهت لغرف الموظفين الخاصة ..!
لا يبدو لي ان ريك انتبه الي فهو اليوم يساعد في المطبخ بسبب تغيب احد الزملاء .. ربما سيفقد صوت البيانو فقط ..!
اخذت هاتفي و ارسلت له رسالة مفادها اني سأعود مبكراً اليوم ..!
بدلت ملابسي و خرجت من الباب الخلفي الخاص بالعاملين ..!
كانت الشمس لا تزال في الافق .. عادة حين اخرج من هنا يكون الليل قد حل ..!
اخذت نفساً عميقاً .. لا افهم ما الذي حدث لي بالضبط .. لما انا متوتر و شارد الذهن هكذا ؟!..
سرت في الشارع بين الكثير من المارة .. لا احد يلتفت لي و لا ينتبه الي .. منذ فترة قريبة كانوا يحدقون بي جميعاً و يتمتمون بأني اشبه الفتى المفقود الذي ظهرت صورته في الصحف ..!
سرت الى حينا القريب و انا شاغل ذهني بأن علي ان افكر بهدوء لمعرفة ما الشيء الذي يزعجني الآن بالضبط ؟!..
كلما فكرت في هذا ظهرت لي صورة ميشيل ..!
انا لا اريدها ان تعيد الخاتم .. انا خائف من ان تفعل ذلك مجدداً .. لا اعلم لما اشعر بشيء ما في داخلي يلزمني بأن اكون معها ؟!..
حاولت مراراً طرد الفكرة بقولي انها مجرد فتاة لا اكثر و لا اقل تذهب و تأتي غيرها لكن لا ..!
هناك شيء غريب اشعر به تجاهها .. شيء ابعد منه عن الحب و غيره ..!
كأنه واجب ما .. كأنني اوجبت على نفسي ان اكون معها ..!
ربما .. لأنها تذكرني بأليس في كل مرة ..!
انها تشبه اليس .. و لها عينان مطابقتان .. هذا كان اول ما جذبني لها و هو ما يجعلني اتعلق بها حتى الآن ..!
ربما لو لم تكن تشبهها لما التفت لها حتى !!..
انا حائر حقاً ..!
لم افكر بهذا الا حين رأيتها مع بيير .. اخشى ان يقوم بيير او غيره بأخذها مني !!..
حينها سأفقد اليس مرةً أخرى !!..
اعلم انكم لا تفهمون شيئاً فأنا الآخر لا أفهم !!!..
لكني اتمنى حقاً ان اجد اجابة لهذا يوماً ما ..!
........................................
فتحت باب الشقة و انا انادي : لقد عدت ..!
سرت إلى غرفة الجلوس مباشرة لأني اعلم انها المكان الذي لابد ان يكون فيه احد ما ..!
و بالفعل كان الجميع هنا ..!
فكيت كانت مستلقية على الاريكة تشاهد برنامجاً غنائياَ في التلفاز .. و ليو يجلس على الارض مستنداً إلى الاريكة وهو يتابع معها وهو يأكل من كيس البطاطا بين يديه ..!
انتبهت لاحدهم عندها ..!
كانت تجلس على الاريكة الطويلة مع بيير يتصفحون مجلةً ما باندماج و قد بدت عليها السعادة عندها : أجل هذه المنطقة .. هل زرتها ؟!..
اومأ ايجاباً بابتسامة : لدا جدتي منزل شتوي هناك ..!
بدا عليها الانبهار : رائع .. لقد رأيت الكثير من المنازل .. لكن قيل لي انها لأثرياء البلد فقط ..! يبدو ان جدتك ثرية حقاً ..!
بدا عليه التوتر عندها : حسناً .. انها تملك بنكاً ..!
بنك !!.. بنك في سويسرا ..!
بعد ان عرفت هذا استطيع ان ادرك كمية الثروة الهائلة التي في رصيد جدته !!..
هتفت عندها بحماس : هذا مذهل .. البنوك في سويسرا مزدهرة بأموال الدول اجمع .. سيكون رائعاً ان ترث هذا ..!
تقلصت ابتسامته كما يحدث دوماً : الورث لا يهمني .. كما اني لست الحفيد الوحيد ..!
بدا انه لا يود اكمال المحادثة لذا قطعت هذا بقولي : مرحباً .. خالتي ..!
رفعت رأسها لي و ابتسمت : أهلاً لينك ..!
تقدمت ناحيتها و انا اقول : منذ متى و انت هنا ؟!..
- منذ ساعة تقريباً .. حين وصلت رأيت انكما قد ذهبتما للعمل للتو .. كنت انوي زيارة المحل الذي تعملان به و رؤية ادائكما لكني غيرت رأيي حين رأيت بيير .. فكرت في التعرف اليه فقد حدثني عنه ريك من قبل ..!
التفت بيير ناحيتي وهو يسأل بقلق : اين ري ؟!..
اجبته بهدوء و انا اسير إلى غرفتي : لم ينتهي وقت العمل بعد .. لقد عدت مبكراً .. سيعود في المساء ..!
قررت ان آخذ قيلولة بعد ان اخذ حماماً بارداً .. اشعر حقاً بالنعاس ..!
الساعة الآن هي الخامسة مساءاً ..!
.........................................
شعرت بيد توضع على جبيني ففتحت عيني بخمول و امسكت بتلك اليد لا شعورياً لأنظر لصاحبها الذي ارتبك : آسف .. هل ايقظتك ؟!..
بهدوء قلت وقد تركت يده : لا عليك .. كم الساعة ؟!..
اجابني عندها بقلق : انها الثامنة و النصف مساءً .. لكن لحظة أأنت مريض ؟!.. لما غادرت مبكراً دون اخباري ..!
- تركت لك رسالة في هاتفك ..!
- حسناً .. أأنت بخير ؟!..
رفعت جسدي عن السرير عندها : أجل اطمئن .. لا شيء يدعوا للقلق .. كنت اشعر ببعض الارهاق فطلب مني المدير المغادرة ..!
بدت عليه الراحة عندها و ابتسم : هذا جيد .. هيا استيقظ و بدل ملابسك .. انهم يقيمون حفل شواء في الاسفل ..!
قطبت حاجبي : حفل شواء ؟!..
أومأ ايجاباً ليقول : اليوم يصادف اليوم الذي انتهى فيه بناء هذه العمارة ..!
بسخرية قلت : يوم ميلادها اذاً .. حتى العمائر تحتفل ؟!..
ضحك بخفة عندها : ليس كذلك .. لكن الجميع يشعر بالامتنان لهذا المكان الذي يجمعهم ..!
تمتمت عندها : و أنا اكثر من يشعر بالامتنان ..!
- حسناً هي كفاك كسلاً .. الجميع في الساحة اسفلاً فلا تتأخر ..!
سار ريك بعدها إلى خارج الغرفة بينما تركت سريري فلا وقت للنوم الآن ..!
اخرجت من الخزانة قميصاً بلون السكر مع بنطال اسود .. يجب ان اطرد النعاس اولاً و هذا لن يحدث إلا بغسل وجهي بالماء البارد ..!
.......................................
كانت الأجواء في الاسفل منتعشة .. رائحة اللحم المشوي بالبهارات المنوعة تملأ المكان ..!
هناك طاولة خشبية طويلة جداً حولها مقاعد كثيرة للضيوف .. اما عدة الشواء فقد كانت بالقرب منها تحت اشراف السيدة انيا و الآنسة ماندي ..!
معظم سكان العمارة هنا يضحكون سويةً بسعادة و اندماج .. كؤوس العصير الملونة تبعاً لفواكهها تتراقص هنا و هناك .. فقط العم جاك كان يحمل علبة نبيذ خفيفة التأثير ..!
الحلوى و الكوكيز و الماكرون ايضاً .. الجميع يحمل طبقه و كأسه .. إما جالسين على تلك الطاولة او واقفين يتحدثون ..!
ها انا انضممت اليهم للتو و فور ان فعلت سمعت احدهم : اه .. لينك ..!
التفت ناحية صوت آركيف الذي جاء إلى يركض و هو يسحب خلفه سيدة جميلة في مطلع الثلاثينيات خلفه .. لها شعر بني طويل يصل لمنتصف ظهرها و عينان بلون العسل ..!
وقف امامي وهو يشير اليها بسعادة : انها امي ..!
رفعت راسي لها حالاً لأرى مقدار الشبه العظيم بينهما مزيناً بتلك الابتسامة و عينها الناعستين : تشرفت بلقائك ..أنا سارا والدة آركيف شكراً لعنايتك بابني ..!
ابتسمت بهدوء عندها : لي الشرف كذلك .. لا داعي للشكر فلديك ابن مهذب و لطيف للغاية ..!
اتشح وجهه السعادة اثر ذلك المديح بينما رفعت والدته رأسها لتقول : لقد اخذت الاذن بالخروج اليوم بعد نهاية اليوم الدراسي لاحتفل هنا مع الجميع .. فانا بالفعل لم اكن مطمئنة لترك آركيف في مكان ما كما انا الآن .. صحيح اني سأعود للمدرسة صباح الغد لكني لن اقلق عليه فهو سيكون بخير مع البقية هنا ..!
نظر اليها هو بمرح : أجل اطمئني .. أنا و ابي نستطيع تدبر امرنا .. ستبدأ العطلة قريباً و ستكونين قادرة على العودة ..!
اقترب السيد جوناثان منا عندها : مرحباً .. هل تم التعارف ؟!..
التفت ناحيته عندها : أجل .. لديك زوجة لطيفة سيد جوناثان ..!
ابتسم و ربت على كتفها ليقول بثقة : أعلم هذا ..!
ضحكت بخفة فضحك هو الآخر مع طفلهم ايضاً .. انهم عائلة سعيدة بالفعل : لينك .. تعال لتحصل على بعض الحلوى ..!
كانت هذه الآنسة ماندي تناديني فأجبتها : قادم ..!
استأذنت السيدة سارا و السيد جوناثان بالمغادرة و اتجهت إلى تلك الطاولة حيث كانت خالتي ميراي تقدم المساعدة و قد سكبت لي كأساً من عصير الرمان : انه لذيذ .. واثقة انه سيعجبك ..!
اخذته منها عندها مع طبق الحلوى : شكراً لك ..!
ان الاجواء مريحة بطريقة ما .. و كأن الانزعاج الذي شعرت به طيلة النهار قد طار في غمضة عين ..!
جلست على احد المقاعد حول تلك الطاولة و بدأت في تناول الحلوى و حينها شعرت بأحدهم يربت على كتفي ..!
دون ان التفت عرفت صاحب هذه اليد : ماذا ريكايل ؟!..
جلس بقربي عندها بحماس : مذهل .. عرفتني دون ان تلتفت حتى ..!
ابتسمت بهدوء : طبيعي ان اعرف بما انك اخي التوأم ..!
جلس بيير من الجهة الأخرى وعلى وجهه ابتسامته اللطيفة المعتادة : ري كان قلقاً عليك ظنناً منه انك مريض ..! من الجيد انك بخير حقاً ..!
لم استطع ان ابتسم له لسبب اجهله : لم انم جيداً الليلة الماضية ..!
التفت ناحية ريك عندها : رايل .. هل استذكرت لامتحان الانجليزية ؟!..
أومأ ايجاباً : أجل .. ماذا عنك ..!
- لست مضطراً لذلك فهي اللغة الثانية لي بعد الفرنسية ..!
- كما هو متوقع منك ..!
قبل ان يقول شيئاً سمع صوت ليو يناديه : ريكايل .. تعال انظر إلى هذا ..!
وقف عندها : آتي الآن ..!
سار مبتعداً فعدت انظر لطبق الحلوى الذي لم اكل منه سوى لقمة حتى الآن : هيه لينك ..!
بدا صوت بيير مرتبكاً بعض الشيء .. أجبت دون ان انظر اليه : ماذا ؟!..
القلق كان واضحاً عليه وقد تمتم : هل .. هل فعلت ما يزعجك ؟!..
التفت ناحيته عندها باستغراب : لما تقول هذا ؟!..
طأطأ رأسه بحزن عندها : لا ادري .. لكني اشعر بهذا ..! إن كنت فعلت ما يزعجك بلا قصد فأنا اعتذر ..!
كيف يتوجب علي الرد الآن ؟!..
الحقيقة و ما فيها اني لم اتقبل هذا الفتى الغريب حتى هذه اللحظة لسبب اجهله ؟!..
لا اعلم كيف يستطيع ان يكون محط انظار الجميع في لحظات .. و كيف يتعلقون به ايضاً ..!
رغم انه لا يبدو اجتماعياً .. كما انه طفولي ايضاً ..!
تنهدت عندها بتعب : لم تفعل شيئاً لذا لا تقلق ..!
قطب حاجبيه وهو يختلس النظر إلي : لكنك تبدو منزعجاً ..!
بهدوء اجبته : انه امر ليس لك دخل فيه فلا تقلق هكذا ..!
لم يقل شيئاً .. اشعر بالذنب حقاً فهو لا شأن له بالفعل بانزعاجي ..!
لا حل لهذا حقاً !!..
التفت ناحيته و ابتسمت بهدوء : لا تشغل بالك .. دائماً اصاب بالإحباط لسبب مجهول لكن هذا يختفي بمرور الوقت ..!
نظر ناحيتي للحظات ثم ابتسم : ارجوا ذلك حقاً .. و ارجوا ان لا اكون مصدراً للإزعاج ..!
- انت لست كذلك فلا تقلق .. ففي النهاية انت صديق ريك لذا لا يمكنني ان انزعج منك ..!
لست واثقاً من صدق ما أقوله .. لكني بالفعل لا اريد ان اكرهه .. فهو صديق رايل في النهاية .. و هو بالتأكيد عزيز عليه ..!
بدت عليه الراحة مدموجة بالسعادة : هذا مطمئن ..!
- ماذا تفعلان انتما .. تعالا و ساعدانا في الشواء بدل البقاء هكذا ..!
التفت ناحية كيت التي كانت خلفي و سألت : و هل فعلت ذلك ؟!..
بضجر اجابت : قدمي مصابة ..!
بسخرية علقت : هل تشوين بقدمك ؟!..
صرخت في وجهي مستاءة : احمق .. ألا ترى اني استند إلى هذا العكاز ..! بدل التحقيق معي قم انت بذلك ..!
امسكت بي و سحبتني بالفعل فما كان مني بالانصياع لها ..!
ان الوضع الآن يذكرني بحفلات النبلاء فالجميع يتناول الطعام و يشرب العصير و يضحك بسعادة .. ينقصنا الرقص فقط ..!
لكن هناك شيء مختلف .. انه البساطة و الروح النقية ..!
لا ملابس رسمية .. لا تعارف مبتذل .. لا آنسات تجبر على تقديم نفسك لهن و طلب رقصة منافقة !!.. كم احب هذا الوضع المريح !!..
الآن فقط ادركت ان هناك اشياء في دنيا النبلاء تثير اعصابي و قد تخلصت منها الآن ..!
و ها انا الآن اقف قرب اللحم المشوي اقوم بتقليبه على النار و لحظتها : ليزعف احدكم شيئاً ..!
نظرت الى السيد اندريه والد لين ذو الخمسة و الثلاثين عاماً و الذي دوماً ما نرى زوجته السيدة كارولين التي تبدو كابنتها لكن بنسخة مكبرة بجانبه تماماً ..! من شدة تعلقه بها قام بتسمية ابنته باسم مقتبس من اسمها ..!
كارولين .. لين ..!
كم هو رومنسي هذا الرجل !!..
كان اقتراحه قد اعجب الجميع لكن لا يبدو ان لاحد هنا خبرة في الأمر فحتى الآنسة ماندي علقت بقولها : احب اغاني الروك .. لكني لم اتعلم الموسيقى ..!
نظر السيد جوناثان لزوجته : لدينا كمان في المنزل .. الم تتعلمي العزف عليه ؟!..
أومأت سلباً : لقد تركه شقيقي في وصايتي قبل سفره لكني لم المسه من قبل ..!
نظر هاري ناحيتي عندها : لينك يجيد العزف على البيانو ..!
باستنكار علقت : لكننا لن نستطيع احضار بيانو إلى هنا ..!
كان الجميع في حيرة من امرهم قبل ان يهتف اخي بحل اخير لهذه المشكلة : بيير .. انه يعزف على الكمان ..!
التفت الجميع ناحيته عندها و انا من بينهم ..!
عندها هتفت خالتي : اذاً لنسمع شيئاً منك ..!
بدا عليه التوتر و قد اردفت السيدة آنيا بحماس : أجل بيير .. سنكون سعيدين بذلك ..!
ركض آركيف إلى بوابة العمارة عندها : سأحضر كمان خالي ..!
تبعته ايمي عندها : سأساعدك ..!
أخذ ينظر يمنة و يسرة بتوتر : لحظة .. أنا ....!
قاطعه ليونيل بمكر : لم يعد امامك خيار .. مع اني اعلم اننا لن نسمع سوى صوت النشاز ..!
بدأوا بتشجيعه على فعلها و في النهاية لم يكن منه إلا ان وافق مرغماً ..!
احضر آركيف الكمان و اعطاه اياه .. و قف عندها في المنتصف وهو يمسك به و بعصاه تلك ..!
نظرت اليه بانبهار لحظتها حين وضع حافته على رقبته تحت ذقنه و رفع العصى اليه .. انها وقفة محترف !!..
أجل .. انها ليست وقفةً لمجرد هاوي .. لقد تدرب في قصور سويسرا على هذا ..!
لقد خضعت لتدريبات مشابهة في البيانو و اعرف كم تلك الدروس جدية و احياناً قاسية ..!
اغمض عينيه و ملامحه الهادئة سحرت الجميع قبل ان يبدأ بالعزف حتى .. و لحظتها بدأ ..!
تلك الموسيقى الرمادية التي خرجت من ذلك الكمان .. كأنه مسجل اعاد الشريط من البداية فدقة تلك الموسيقى كانت تطرب الاذان و تبهرها كذلك ..!
نغمات حزينة .. تشعرك بالحنين لأيام سعيدة قد فقدتها .. تأسر القلب بالكامل ..!
أي اندماج هذا ؟!..
لم يستطع أي من الموجدين ان يبعد بصره عن ذلك الفتى الذي صار بين لحظتين عازفاً فذاً من القصر الملكي .. هذا ما تشعر به حين تسمعه ..!
اغمضت عيني اتخيل صوراً مبهمة و قد دخلت الى جوه تماماً .. لا تستطيع ان تصرف سمعك عنه ..!
و بعدها بقليل .. توقف وقد انتهى ..!
فتحت عيني على اصوات التصفيق لأجد اني اصفق انا الآخر دوم ان اشعر ..!
- مذهل .. مذهل بالكامل ..!
- اني على وشك البكاء ..!
- لقد اعدتني للأيام الخوالي ..!
- تذكرت حقاً ايام زواجي الأولى ..!
- اما انا فقد عادت لي ذكريات الثانوية ..!
- لقد تجمعت دموعي في عيني بالفعل ..!
- بيير ارجوك .. أعزف المزيد ..!
كانت هذه ردة الفعل التي تلقاها اثر تلك السمفونية و لا الومهم .. فأنا الآخر تأثرت بها ..!
لم يكن من بيير إلا ان يلبي لهم طلبهم بمعزوفة اخرى اكثر جمالاً و اذهالاً من سابقتها ..!
...............................
مضت تلك الليلة على خير و سعادة فقد استمتع الجميع بالطعام و بالموسيقى المجنونة لذلك الفتى ..!
مضى اليوم التالي كذلك بهدوء و اليوم هو يوم الاربعاء ..!
سرت في ساحة المدرسة الكبيرة بلا هدف معين .. كنت فقط ابحث عن رايل او ايثن او حتى ماكس لقضاء بقية وقت الاستراحة مع احدهم لكني في النهاية لم اعثر عليهم رغم كثرة الطلاب في الساحة ..!
انتبهت حينها لاثنتين تجلسان على مقعد طويل هناك قرب ملعب كرة القدم .. احداهما لها شعر طويل و كثيف بلون برتقالي ناري بينما الأخرى بشعر مجعد بلون الدم القاني ..!
بالتأكيد سأعرفهما بتلك الألوان المميزة .. سام و ينار ..!
اقتربت منهما ولم ينتبها لي بسبب انشغالهما بالحديث حيث كانت تلك الينار تقول بقلق : في الحقيقة لا اود ذلك .. لكني لا اريد خذلان ابي ..!
اه .. ذلك الاب الخبيث .. ما الذي يريده من ابنته المدللة يا ترى ؟!..
ربتت سام على كتفها و بمرح قالت : لا تخافي .. أنا واثقة ان الأمر ممتع و يستحق التجربة ..! و من يدري فربما تنجحين ..!
اقتربت منهما اكثر و لم استطع السيطرة على فضولي : مرحباً يا فتيات .. ما الذي تفعلنه هنا ؟!..
التفتت الي سام بابتسامة عريضة كما هي عادتها : آه لينك .. تعال و اسمع هذا ..! ينار ستجري مقابلة زواج !!.. تلك التي يقوم بها النبلاء !!.. أليس هذا مثيراً ؟!..
هتفت تلك الأخرى بخجل : سام .. لا تقوليها بصوت مرتفع هكذا ..!
كنت متفاجئاً في البداية .. فأنا لم اعتقد ان ادريان سيستخدم ابنته لأمور كهذه .. مقابلات الزواج لا تجلب خلفها إلا المصالح ..!
لحظة لينك لما الدهشة ؟!.. أن ذلك الحقير سيفعل أي شيء في سبيل رفع اسمه و زيادة ثروته ..!
لكن .. انا قلق بما انها ينار .. لا اعلم ان كان ريكايل يحبها حتى الآن ام لا و لا اتجرأ على سؤاله .. سيكون مؤلماً له ان علم و هو لا يزال متعلقاً بها ..!
ابتسمت بتصنع عندها : هذا عظيم اليس كذلك ينار ؟!..
توردت وجنتاها عندها : لا اعلم ان كان كذلك حقاً ؟!.. فأنا لا اعرف الطرف الآخر و لم التق به اطلاقاً ..!
قبل ان اقول شيئاً هتفت سام : ليس لديك حتى صورة ؟!.. ما اسمه إذاً ؟!..
اخرجت ورقة من جيبها عندها : والدي اعطاني صورة له ..!
اسرعت سام لآخذ الصورة منها و بذهول قالت : رائع !!.. انه وسيم ينار !!.. أنت محظوظة حقاً ..!
- الوسامة ليست كل شيء .. مع ان ابي قال انه فتى لطيف ..! انه في ذات عمري في النهاية لذا ستكون المقابلة مبدئية و حسب حتى لو مضت الأمور على خير فلن يكون هناك خطوبة و زواج إلا بعد التخرج ..!
بفضول قلت : أألقي نظرة على الصورة ؟!..
لم تكد ينار تقول شيئاً حتى مدتها لي سام : انظر ..!
اخذتها منها و انا اقول باستياء بسيط : يفترض ان ينار هي من تسمح لي بهذا .. هناك امور لا يمكنك التحكم بها سام ..!
تدخلت ينار عندها بارتباك : لا بأس لا تشغل بالك .. كنت سأجيب بالموافقة في الأساس ..!
اخفضت بصري لتلك الصورة التي في يدي و لم اكد افعل حتى اتسعت عيناي على مصراعيهما و قد كتمت شهقتي المصدومة بصعوبة !!..
ذلك الشعر الكحلي القاتم و العينان الواثقتان بذات اللون و تلك الملامح الوسيمة مع ابتسامته اللطيفة ..!
نظرت الفتاتان إلي بتعجب و قد سألت سام : ما الأمر لينك ؟!.. أتعرفه ؟!..
ابتلعت ريقي بصعوبة و اغمضت عيني للحظات .. بالطبع أنا اعرفه و اعرفه بشدة ايضاً ..!
ابتسمت بتصنع لحظتها لأخفي توتري : لا .. لكنه يشبه الممثلين في التلفاز فهيئته مذهله ..!
حولت تلك السام نظرها للفتاة الأخرى : و ما اسمه اذاً ؟!.
بتوتر و خجل تمتمت : مـ .. ماثيو ديمتري ..!
.
.
أجل !!.. لقد كان ماثيو ديمتري لا غير !!..
.
.
حاولت ضبط اعصابي .. ذلك الماثيو !!..
كيف يجرأ على فعلها ؟!..
مقابلة زواج .. و مع من ؟!.. مع ابنة ادريان ؟!!..
هل تجاهل أن ذلك الرجل هو من دمر حياتي ؟!!..
ليكن أنه ليس لي اهمية عنده ..! أنسي والدتي ؟!.. لقد كانت علاقته بها وطيدة و دوماً ما كانت تسأل عنه و تدعوه لشرب الشاي معنا !!..
من المستحيل ان يكون مجبراً على هذا فهو ليس من ذلك النوع الذي يقبل بمثل هذه الأمور ..!
ثم .. هل نسي جوليا ؟!..
ألهذا قال لها انها كانت فرصته الأخيرة ؟!..
لديه مقابلة زواج قريباً .. و مع ذلك اعترف لفتاة أخرى .. ماذا لو ان جوليا قبلت مشاعره ؟!.. هل كان سينسى امر ينار و يلغي المقابلة !!..
آآآآآآآه رأسي سينفجر من هذا ..!
- هيه لينك .. ما بك ؟!..
نظرت إلى سام عندها و أجبت بهدوء : آه لا شيء ..!
وقفت ينار عندها بابتسامة : حسناً .. سأذهب الآن لمجلس الطلبة لإنهاء بعض الأعمال ..!
اعطيتها الصورة عندها فذهبت في حال سبيلها ..!
جلست بجانب سام بإرهاق .. ماثيو اذاً ..!
- اسمع لينك ..!
التفت إلى تلك التي بجانبي لأرى عيناها تلمعان بحماس فقابلت ذلك ببرود : ماذا ؟!..
- ما رأيك أن نذهب لمشاهدة ينار وقت المقابلة ؟!..
قطبت حاجبي مستنكراً : ها !!.. أتمزحين ؟!..
- أطلاقاً !!.. سأخبرها بذلك فلا تقلق ..! سنكون هناك لنشجعها ..!
- ذلك مرفوض سام .. اخبرتك من قبل ان لكل شيء حدوده ..!
- هيا ارجوك .. صدقني ذلك سيجعل ينار مطمئنة اكثر اثناء مقابلتها لذلك الوسيم ..!
اخذت افكر للحظات .. لن يكون الأمر سيئاً ..!
في الحقيقة اشعر بالفضول حول ذلك الموضوع و اتمنى رؤيته بأم عيني ..!
تنهدت بقلة حيلة عندها : موافق .. على شرط ان تكون ينار على علم بهذا ..!
بدت عليها السعادة وقد هتفت : اطمئن سأخبرها ..!
- هناك شرط آخر ..!
- ما هو ؟!..
بجد قلت : لا تخبري ريكايل عن امر هذه المقابلة .. مفهوم ؟!..
اختفت ابتسامتها و حل محلها الاستغراب : اممم .. لا اعلم لما تريد هذا لكن لابأس .. موافقة ..!
شعرت بالراحة عندها .. فحتى لو كان ريكايل قد نسي امرها قد يحزنه سماع خبر كهذا ..!
و للأسف لديه قلب لا يصمد أمام أي خبر مفاجئ ..!
..........................................
مقابلة ينار مع ماثيو ستكون يوم الاحد القادم ..!
اليوم هو السبت .. اليوم الأول في عطلة نهاية الاسبوع ..!
انتهينا من تناول الغداء للتو .. و ها أنا أقوم بتنظيف المائدة مع رايل .. منذ اصيبت كيت الاسبوع الماضي تراكمت الأعمال علينا ..!
لا بأس .. المهم انها لم تصب بأذى فمع ذلك الجرح اضافة لإصابتها بالسكري كنت قلقاً حول المضاعفات التي قد تصيبها ..!
نظرت لرايل الذي كان يقوم بجلي الصحون امام الصنبور : هيه ريكايل .. ألديك ما تفعله غداً ؟!..
اغلق الماء بعد ان انتهى و التفت الي : في الصباح ام المساء ؟!..
- في المساء ..!
ابتسم بهدوء ابتسامة شاحبة : آه .. لدي موعد مع الدكتور مارفيل في المشفى ..!
قطبت حاجبي عندها : لحظة أأنت بخير ؟!..
أومأ إيجاباً : أجل اطمئن .. أنه فحص روتيني فحسب .. الفحص الشهري ..!
تنهدت عندها : أهو في المساء ..!
- حوالي التاسعة مساءاً ..!
- غريب .. عادة تكون المواعيد في النهار ..!
- بسبب كثرة المراجعين يطرون لتأجيل بعض المواعيد حتى المساء ..!
لم اعلق على الأمر لكنه جلس بجواري على الطاولة : لما سألت ؟!.. أهناك شيء ؟!..
ابتسمت عندها بهدوء : لا .. لا شيء إطلاقاً ..!
- اذاً أأطلب منك خدمة ؟!..
- ماذا ؟!..
- قد يستغرق الفحص وقتاً .. أيمكنك اخذ بيير معك ان خرجت من المنزل ..! انها فرصة لتقوية علاقتك به ..!
شعرت بالتوتر لحظتها : آخذه ؟!.. إلى أين ؟!..
ابتسم عندها : إلى أي مكان .. اذهبا مثلاً لمطعم او مقهى ..!
- ألا يفضل ان نفعل هذا و انت معنا ؟!..
- لا .. اذهبا فقط و تحدثا سويةً .. ارى ان العلاقة بينكما متوترة بعض الشيء ..!
يا إلهي .. لقد لاحظ هذا ..!
علي ان اوافق على طلبه حتى لا يشك بشيء .. لكن هل آخذ ذلك البيير لمقابلة الزواج تلك ؟!..
لن يكون هناك مشكلة إن لم يكن يعرف الأطراف المشاركة ..!
انه الخيار الوحيد امامي في النهاية : حسناً لا بأس بهذا ..!
بانت علامات الرضى على قسمات وجهه و وقف بعدها ليخرج من المطبخ ..!
لا أعلم لما يراودني القلق حياله كلما اراد الذهاب للمشفى ..!
ربما يكون هذا طبيعياً .. لكنه مؤلم ايضاً ..!
.........................................

مساء ذلك اليوم ذهبت إلى ملجأ الأطفال لأطمئن عليهم .. لكني علمت انهم ذهبوا لمدينة العاب صغيرة برفقة الآنستين جيني و جينا ..!
لذا انتهى الأمر بجوليا وحدها هناك و قد فتحت لي الباب لتخبرني بهذا : حسناً .. أريد التحدث إليك ..!
نظرت إلي بشك ثم قالت : أسبقني لغرفة الجلوس ..!
فعلت هذا بينما اتجهت هي إلى المطبخ ..!
جلست على الاريكة التي بلون السكر في تلك الغرفة افكر .. هل علي حقاً أن أسألها ؟!..
ربما هذا أفضل من أجل مقابلة الغد ..!
لم تمض سوى دقائق و عادت وهي تحمل فنجانين من القهوة على صينية معدنية ..!
جلست على اريكة قريبة مني وهي تقول : ما الأمر ؟!..
ابتسمت بهدوء : هدئي من روعك فأنا لن أسألك عن ماثيو ..!
توردت وجنتاها و اشاحت بوجهها : لا تذكر اسمه حتى ..!
- أأنت غاضبة منه ؟!..
- قلت انك لن تسأل ..!
- آسف اعذريني .. جئت لأسألك عن شيء آخر ..!
نظرت الي باستغراب فقلت بجد : هل تعرفين فتاة اسمها ينار ؟!..
ازداد استغرابها من الأمر : لما تسأل ؟!.. و كيف تعرفها أصلاً ؟!..
- انها طالبة في مدرستنا ..!
- حقاً .. لم يخبرني رايل ان ينار تدرس معه ..! في الحقيقة لقد انقطعت علاقتي بها منذ مدة بدون ان اشعر ..!
- اذاً تعرفينها ؟!..
أومأت ايجاباً : ان كنت تقصد ينار سميث ذات العينين الفيروزيتين فقد كانت زميلتي في الاعدادية .. لكني لم التقي بها منذ يوم التخرج ..!
قطبت حاجبي عندها .. هي لم تذكر امر ريكايل بل ذكرت انها زميلتها .. أيعني ان رايل عرفها عن طريق جوليا ؟!..
بهدوء سألت : حسناً .. و هل لها علاقة ما برايل ؟!..
أخذت جوليا تفكر للحظات : منذ سنتين حين كنا في الخامسة عشر أي في السنة الاعدادية الثالثة كان لدى صفي مشروع تطوعي .. و قد اختاروا تقديم المساعدة في الملجأ لأن امي مديرته وهذا سيسهل التواصل معها و لأنهم يعرفون ان حالته ليست جيدة ..! و في ذلك اليوم كان ريكايل قادماً للزيارة فقد كان في المدرسة الداخلية حين اذن ..! اعتقد انه تعرف لينار في ذلك اليوم ..!
شعرت بالحماس لبقية القصة : وماذا أيضاً ؟!..
نظرت الي عندها : لقد لحظت انهما تحدثا كثيراً معاً و سمعت انه التقت به مرة اخرى .. لكن لا اعتقد انهما خرجا في مواعيد او ما شابهه فرايل لم يكن يستطيع مغادرة المدرسة إلا في ايام قليلة و كان يأتي إلى الملجأ فيها ..!
كلامها غريب .. أيعني انه لا علاقة لهما ببعض ؟!..
ربما علي ان استفسر عن والد ينار الآن : جوليا .. أتعرفين شيئاً عن والديها ؟!..
كانت متعجبة من أسئلتي لكنها أومأت سلباً : لم تكن علاقتي بها قوية .. لكنها اتت لمساعدتنا في الملجأ عدة مرات منذ يوم التطوع .. إلا اني لم اسألها أي اسئلة شخصية ..!
بدا انها تذكرت شيئاً فقد قالت : آه صحيح .. اذكر انها تعرفت لميشيل ايضاً و قد تحدثتا كثيراً ..!
يال حظي السيء .. تمتمت بانزعاج : و كأنني استطيع ان اسأل ميشيل ..!
كتمت ضحكتها عندها : اما أن تسألها حتى تشبع فضولك أو ان تنسى الأمر ..!
نظرت الي بعدها باستنكار : آه صحيح .. لما كل هذه الأسئلة ؟!.. هل وقعت في حب ينار و تخشى ان رايل يحبها او شيء من هذا القبيل ؟!..
بضجر قلت : مستحيل ..! كل ما في الأمر هو اني لاحظت انها و رايل يعرفان بعضهما مسبقاً لكن كل منهما يخفي علاقته بالآخر ..!
- و لما لم تسأل مبكراً ؟!..
شعرت بالتوتر من إجابة هذا السؤال فأنا يستحيل ان اقول ان تلك الفتاة لديها مقابلة مع ماثيو غداً و لذا انا اسأل الآن ..!
أخذت فنجان القهوة و ارتشفت القليل منه : انها قهوة فاخرة ..!
أجابتني و هي تحرك السكر في فنجانها : لقد احضرتها ليديا إلى هنا ..!
امسكت لساني عن السؤال عن احوال ليديا التي افتقدها بشدة هذه الفترة : ارسلي لي رقمها .. اريد محادثتها قريباً ..!
نظرت الي متعجبة : القهوة ؟!..
باستنكار قلت : لا بل ليديا !!.. ماذا اريد بالقهوة الآن ؟!..
- اه حسناً .. لقد طلبت هي الأخرى ذات الطلب منذ فترة وجيزة ..!
- حقاً ؟!..
- أجل .. ألم تتصل بك ؟!..
- لا لم تفعل ..!
- ربما تفضل ان تبدأ انت بهذا ..! لا بأس إليك رقمها ..!
اخرجت هاتفها و قامت بأرسال الرقم إلى هاتفي فأطلق نغمة تدل على وصول الرسالة : شكراً ..!
- العفو ..!
انهيت فنجان القهوة عندها و وقفت : شكراً على القهوة ايضاً .. أنا ذاهب الآن .. أوصلي سلامي للأطفال ..!
- سأفعل ..!
غادرت الملجأ عندها بعد قليل من المعلومات عن ينار و ريك و التي لا اظن انها ستخدمني في شيء ..!
لكن على الأقل عرفت كيف تقابلا للمرة الأولى ..!
...........................................
في اليوم التالي تلقيت رسالة من سام عن الزمان و المكان وقد اكدت لي ان ينار على علم بهذا ..!
لا أعلم ما قد يطرأ في رأس تلك المجنونة سام لذا لا اود المخاطرة و لكن فضولي سيقتلني لأني اشعر ان هناك امراً مثيراً سيحدث ..!
هناك امر يقلقني .. ان المكان هو احد المطاعم الشهيرة .. أعلم ان هذا طبيعي و لكن ذلك المكان يكون مليئاً بالأثرياء و النبلاء و اخشى ان يتعرف علي احدهم ..!
هناك امر آخر فبيير سيأتي معي لأن الزمان هو التاسعة و الربع تقريباً أي بعد مغادرة ريكايل ..!
لا أظن أن في هذا مشكلة .. المهم ان اكون حذراً من ان يكشفني ماثيو ..!
.................................................. ...........
الساعة الآن هي التاسعة و عشرون دقيقة ..!
و ها أنا اقف في موقف الحافلات بانتظار الحافلة التي ستأخذني للموقف القريب من المطعم ..!
ارتديت بنطال جينز اسود و كنزة قطنية رمادية بقبعة خلفية وضعها على رأسي لأخفي شعري الاشقر و قد استعرت نظارة هاري الاحتياطية ..!
بجواري كان ذلك الفتى يجلس وهو يرتدي بنطال ازرق و قميصاً بلون العسل مع سترة سوداء .. ان ملابسه انيقة كالعادة : إلى اين سنذهب ؟!..
كان هذا سؤال بيير لي .. لم يكن مني إلا اخباره بالحقيقة حينها : إلى مطعم فاخر ..!
باستغراب سأل : و لما .. " فاخر " ؟!..
التفت ناحيته و قلت ببساطة : في الحقيقة زميلة لي لديها مقابلة زواج هناك .. و قد اصرت سام على اخذي معها للمراقبة ..!
قطب حاجبيه : عمل مشين ..!
- اعلم هذا ..! لكن الفتاة تعلم بأننا سنراقبها كما اننا سنكون هناك لنشجعها ..!
- و هل تشجيعها حجه ؟!..
- تستطيع قول ذلك ..!
باستغراب سأل : لكن .. هل العامة هنا يقومون بمقابلات زواج ؟!..
أومأت سلباً : لا .. لكن تلك الفتاة لديها اب ثري .. و الفتى الذي ستقابله ابن لاحد النبلاء ..!
توقفت الحافلة قربنا فصعدنا إليها .. جلسنا بجوار بعضنا في نهايتها فسأل مجدداً : أتلك الفتاة صديقتكم ؟!..
- تستطيع قول هذا ..!
اسند رأسه بملل إلى الخلف : اتساءل ان كانت جميلة ..!
- ستراها قريباً .. كما انها جميلة فلديها عينان فيروزيتان مثيرتان للاهتمام ..!
التفت ناحيتي متعجباً و هتف : عيون فيروزية ؟!..
اومأت ايجاباً باستغراب فأردف : ألها شعر احمر ؟!..
قطبت حاجبي متعجباً : كيف عرفت ؟!..
- أهي ينار ؟!!!..
اتسعت عيناي مصدوماً : أتعرفها ؟!..
أخرج هاتفه عندها و بدأ يعبث فيه لبعض الوقت ثم مده إلي ..!
اخذت الهاتف منه و ألقيت نظرة لأذهل بما رأيت ..!
صورة .. لشخصين احدهما يمسك بالكاميرة بشكل عكسي و يمد يده بعيداً لالتقاطها .. لذا لم يظهر سوى الرأسين اللذان كانا قريبين من بعضهما ..!
الأول لفتاة بشعر احمر و عينان فيروزيتان مذهلتان مع ابتسامة مرحه .. و الآخر لفتى يبتسم بهدوء بشعر اشقر مصفف للخلف و عينان خضراوتان بدت فيهما نظرة مطمئنة ..!
التفت لبيير غير مصدق : انه ريكايل ..!
أومأ ايجاباً و قد بدا الحزن عليه : أجل .. ري كان يحب تلك الفتاة ..!
قطبت حاجبي باستياء : لقد شككت في هذا كثيراً ..! لكن علاقتها تبدو طبيعية !!..
- لقد تشاجرا منذ مدة .. قبل عشرة اشهر تقريباً ..!
باستغراب سألت : الا تعرف السبب ؟!..
طأطأ رأسه بانزعاج : سألته عن السبب فقال انه لا سبب معين ..! حتى انه لم يخبرني من منهما قرر ترك الآخر أصلاً ..!
رفع رأسه و اردف : لكن هل ري على علم بالأمر ؟!.. اقصد مقابلة الزواج ؟!..
اومأت سلباً و انا اشعر بالحيرة .. ربما يفضل ان اسأل بيير ..!
لكن إن سألته فهذا يشعرني بالإحباط فهذا يشعرني انه يعرف كل شيء عن ريكايل مع انه اخي التوأم ..!
يكفي لينك .. اترك التفكير في هذا الآن فهذا ليس وقته ..!
اخذت نفساً عميقاً و سألت : أتعتقد ان ريكايل لا زال يحبها ؟!..
لم يرد .. بل اوشح بوجهه بصمت .. لا أعلم ما الذي يخطر في ذهنه .. لكنه يبدو جاداً للمرة الأولى ..!
اسندت رأسي إلى النافذة بجواري و تمتمت : ينار اذاً ..!
لا اعلم ان كان اخفاء رايل للموضوع يعود لشجاره معها او لأنه لا يتجرأ على قول ذلك ..!
ما الذي علي فعله ؟!.. لو نجحت هذه المقابلة فربما يحزن هذا رايل ..!
هل املك انا شيئاً لفعله ؟!..
ربما علي ان ابقى ساكناً متمنياً ان تكون الأمور بخير ..!
....................................
دخلت مع بيير إلى ذلك المطعم و من الجيد ان موظفي الاستقبال لم يعترضوا طريقنا ..!
كان من الممكن ان يفعلوا ذلك لو كنت وحدي .. لكن هيئة بيير بملابسه الفاخرة و تصرفاته النبيلة جعلتهم يلزمون الصمت ..!
انه يبدو مختلفاً تماماً اليوم .. فمن يراه الآن سيصدق حالاً انه حفيد لبارونة سويسرية ..!
كنت قبل ان ندخل قد اتصلت بسام فأخبرتني عن مكان طاولتهم بالضبط .. ينار حجزت لنا طاولة قرب طاولتهم حتى نكون امام ناظريها ..!
لا أعلم ان كان هذا من أجل ان تطمئن لرؤيتنا ام لتتمكن من مراقبة سام و التأكد من انها لن تقدم على أي فعل مجنون ..!
رأيتها هناك من بعيد بشعرها البرتقالي الملفت للنظر فاقتربت منها و فور ان وصلت ذهلت لوجود ثلاثة معها على الطاولة : الجميع هنا اذاً ..!
ابتسموا جميعاً لي .. ايثن .. ريا .. ماكس ..!
تكلم ذلك الأخير عندها : حين اخبرتني سام قررت الحضور .. أريد تجريب المطاعم الفاخرة و لو ليوم واحد ..!
تنهدت عندها و جلست معهم و بيير بجواري ..!
كانت الطاولة لستة اشخاص .. ثلاثة امام ثلاثة ..!
جلست في المنتصف عن يميني يساري سام و يميني بيير .. أمامي ايثن و بجانبه ريا من جهة و ماكس من الجهة الأخرى امام سام ..!
تمتمت عندها : ألا تظنون انكم ستربكون ينار هكذا ..!
بابتسامة علق ايثن : بالعكس .. كانت مطمئنة حين رأتنا ..!
- اين هي الآن ؟!..
- هناك .. قرب التمثال الحجري ..!
نظرت إلى تلك الجهة فرأيت تلك الطاولة التي تجلس عليها تلك الينار .. وحدها ..!
بالقرب منها تمثال على شكل حورية بشعر طويل تجلس على صخرة و تنظر للأرض باستحياء .. انه مطعم بحري في النهاية ..!
تعجبت : ألم يصل الطرف الآخر بعد ؟!..
بملل اجابت سام : يبدو انه سيتأخر لبعض الوقت ..!
ببرود تكلم بيير أخيراً : غريب انهما ليسا في غرفة لكبار الشخصيات ..!
نظرت اليه ريا لتقول بهدوء : ينار طلبت ان تكون في طاولة عادية .. فهي قلقة من البقاء وحدها مع شاب تلتقيه للمرة الأولى ..!
تذكرت لحظتها مقابلتي مع ليديا .. في تلك الغرفة الفخمة ..! حينها قررنا عدم البقاء هناك طيلة الوقت .. خرجنا و تجولنا في عدة اماكن .. شاهدنا فلماً و جلسنا في حديقة صغيرة .. كانت مقابلة زواج فريدة من نوعها .. الأولى و الأخيرة في حياتي فنظام المقابلات هذا متبع لدا النبلاء فقط .. أما العامة فمراسم الزواج عندهم ابسط و اسهل بكثير ..!
ابتسمت حينها لتلك الذكرى المهمة في حياتي فهي جعلتني اتعرف لفتاة ليس لها مثيل ..!
ايقظني من شرودي صوت سام التي هتفت بحماس : لقد اتى ..!
رفعت بصري فوراً للطاولة المقصودة .. و حينها رأيته ..!
كان يقف بالقرب منها بملابس انيقة تتمثل في بنطال رسمي اسود و قميص ابيض فاخر مع سترة رسمية سوداء كذلك .. لقد اختار البدلة الرسمية اذاً لكن بدون ربطة عنق ..!
بدا الذهول على رفاقي : انه وسيم اكثر مما تخيلت ..!
هكذا تمتمت سام بلا شعور بينما علق ماكس بدهشة : بالفعل .. انه يبدو كالأمراء ..!
اردف ايثن ايضاً : اجل .. فهو احد النبلاء في النهاية ..!
ريا ايضاً علقت باندماج : فعلاً للنبلاء رونق خاص ..!
ابتسمت نصف ابتسامة بسخرية .. رونق النبلاء ..!
أجل .. فهو وريث ديمتري في النهاية .. احدا الاسر النبيلة العريقة ..!
مارسنلي .. دايفيرو .. روبرتون .. أكثر أسر النبلاء فخراً ..! ومن بعدها في التدريج مباشرة ديمتري و رافالي و عدد من الأسر الأخرى .. ثم في النهاية مردستن و برايان و بقية النبلاء جميعاً ..! و ما بعدها هم الأثرياء الذين ليسوا من النبلاء لكنهم تمكنوا من اثبات انفسهم في هذه الطبقة و كأقرب مثال سميث اسرة ينار ..!
لذا في السابق كانت روزاليندا و ليديا اكثر المرشحات لنيل لقب السيدة مارسنلي ..!
دعنا من هذا الآن .. لقد وقفت ينار بارتباك وهي تنظر اليه ..!
بفستان انيق لؤلؤي يصل لأسفل ركبتها بقليل بأكمام طويلة واسعة تصل إلى مرفقه مع حزام عريض اسود غالي الثمن ..!
انتبهت لسام التي مدت لي شيئاً .. سماعة موسيقى صغيرة للأذن كانت تضع زوجاً في اذنها بينما تمد إلي الزوج الآخر و هو متصل بهاتفتها .. أهذا وقت سماع الموسيقى ؟!..
اخذت منها السماعة و وضعتها في اذني و فوراً سمعت : اعتذر على التأخير ..!
اتسعت عيناي لحظتها حين سمعت صوت ماثيو فنظرت إلى سام و تمتمت : كيف فعلت هذا ؟!..
بمشاكسة قالت : انه متصل بهاتف ينار ...!
جيد .. هكذا سأسمع حديثهما بوضوح فقد اجابت ينار حينها : لا بأس .. لقد وصلت قبل قليل فقط ..!
جلس الاثنان حينها و انا اراهما و اسمعهما بوضوح ..!
ابتسم ماثيو ابتسامته اللطيفة تلك و التي تجعل كل فتاة تراها تغرق في عالم آخر وهو يقول : تشرفت بلقائك آنسة سميث ..!
كانت هي بدورها مرتبكة و متوترة : الشرف لي أنا .. سيد ديمتري ..!
ها قد بدأت .. تلك المقابلة المصيرية ..!
.....................
انتهى البارت

أجل أدرك ذلك .. أدرك ان البارت قصير للغاية و هذا يحزنني قبل ان يحزنكم لكن صدقوني لقد نفذت حصيلتي من البارتات التي كتبتها و لم يبقى سوى القليل + هذا ما ينص عليه ترتيب الأحداث في ذهني ..!

هذه المرة ليس لدي اسئلة أو مقتطفات .. سأترك لكم مساحة التعبير عن البارت و الأحداث عامة كما تشاؤون ^^

اتطلع لقراءة توقعاتكم ^^

في حفظ الله و رعايته


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-05-13, 07:47 PM   #13

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25

part 12


كان يقف بالقرب منها بملابس انيقة تتمثل في بنطال رسمي اسود و قميص ابيض فاخر مع سترة رسمية سوداء كذلك .. لقد اختار البدلة الرسمية اذاً لكن بدون ربطة عنق ..!
بدا الذهول على رفاقي : انه وسيم اكثر مما تخيلت ..!
هكذا تمتمت سام بلا شعور بينما علق ماكس بدهشة : بالفعل .. انه يبدو كالأمراء ..!
اردف ايثن ايضاً : اجل .. فهو احد النبلاء في النهاية ..!
ريا ايضاً علقت باندماج : فعلاً للنبلاء رونق خاص ..!
ابتسمت نصف ابتسامة بسخرية .. رونق النبلاء ..!
أجل .. فهو وريث ديمتري في النهاية .. احدا الاسر النبيلة العريقة ..!
مارسنلي .. دايفيرو .. روبرتون .. أكثر أسر النبلاء فخراً ..! ومن بعدها في التدريج مباشرة ديمتري و رافالي و عدد من الأسر الأخرى .. ثم في النهاية مردستن و برايان و بقية النبلاء جميعاً ..! و ما بعدها هم الأثرياء الذين ليسوا من النبلاء لكنهم تمكنوا من اثبات انفسهم في هذه الطبقة و كأقرب مثال سميث اسرة ينار ..!
لذا في السابق كانت روزاليندا و ليديا اكثر المرشحات لنيل لقب السيدة مارسنلي ..!
دعنا من هذا الآن .. لقد وقفت ينار بارتباك وهي تنظر اليه ..!
بفستان انيق لؤلؤي يصل لأسفل ركبتها بقليل بأكمام طويلة واسعة تصل إلى مرفقه مع حزام عريض اسود غالي الثمن ..!
انتبهت لسام التي مدت لي شيئاً .. سماعة موسيقى صغيرة للأذن كانت تضع زوجاً في اذنها بينما تمد إلي الزوج الآخر و هو متصل بهاتفتها .. أهذا وقت سماع الموسيقى ؟!..
اخذت منها السماعة و وضعتها في اذني و فوراً سمعت : اعتذر على التأخير ..!
اتسعت عيناي لحظتها حين سمعت صوت ماثيو فنظرت إلى سام و تمتمت : كيف فعلت هذا ؟!..
بمشاكسة قالت : انه متصل بهاتف ينار ...!
جيد .. هكذا سأسمع حديثهما بوضوح فقد اجابت ينار حينها : لا بأس .. لقد وصلت قبل قليل فقط ..!
جلس الاثنان حينها و انا اراهما و اسمعهما بوضوح ..!
ابتسم ماثيو ابتسامته اللطيفة تلك و التي تجعل كل فتاة تراها تغرق في عالم آخر وهو يقول : تشرفت بلقائك آنسة سميث ..!
كانت هي بدورها مرتبكة و متوترة : الشرف لي أنا .. سيد ديمتري ..!
ها قد بدأت .. تلك المقابلة المصيرية ..!
- كيف حالك ؟!.. أتمنى ان تكوني بخير ..!
- انا كذلك بالفعل .. شكراً لك ..!
- اعتقد اننا في العمر ذاته ..!
- آه .. أجل .. أخبرني والدي بهذا .. اعتقد اني اصغرك ببضعة اشهر فقط ..!
- يبدو ان والدك حدثك عني ..!
- أخبرني ببعض الأمور فقط ..!
شعرت لحظتها بالألم من هذا .. انه يدرك بالتأكيد ما فعله ادريان لي و رغم ذلك لا يبدو مهتماً ..!
بدأ في الحديث بأمور بسيطة كالاهتمامات و الهوايات .. أخبرها بأنه شغوف بالكتب و يعزف على ثلاث آلات هي البيانو و الكمان و الناي : ماذا عنك ؟!..
بدا عليها الخجل و الارتباك عندها : في الحقيقة .. ادرس البيانو في الفترة الحالية ..!
شعر بتوترها فابتسم لها : لا عليك ..! كيف حالك و الدراسة ؟!..
توردت وجنتاها وهي تقول : مدرستي من المدارس العادية جداً .. لكني نائبة رئيس مجلس الطلاب .. الأمر ممتع نوعاً ما ..!
- أمر جيد ..! الن تنتقلي لمدرستنا ؟!..
- والدي يتمنى ذلك ..!
- ماذا عنك ؟!..
صمتت قليلاً قبل ان تقول : لا أعلم .. لدي اصدقاء كثر و لا اود فراقهم ..! لكني في الوقت ذاته اود تلبية رغبة ابي ..!
انها تتحدث عن ابيها طيلة الوقت .. هل ادريان يتحكم بها إلى هذا الحد ؟!..
انا حتى الآن لم اقتنع انها ابنته و اشعر ان ذلك اليوم الذي دعتنا فيه لقصر مارسنلي كان مجرد كابوس ..!
وصل عشاءهما فبدأ بالأكل .. حينها سأل ايثن باستغراب : أين ريكايل ؟!..
كدت اقول شيئاً لكن بيير سبقي وهو يقول : لم يكن مهتماً بالقدوم ..!
التفتت الي سام : لقد طلبت مني ألا اخبره فهل اخبرته أنت ؟!..
توترت عندها : لا .. لم أخبره ..!
تابع بيير كذبته تلك : أنا فعلت !!..
التفت الجميع ناحيته و أنا محتار مما يود هذا الفتى فعله .. لكنه لحظتها قال ببرود : أخبرته بأن الفتاة التي يحبها لديها مقابلة زواج .. و قد رفض القدوم فهو لن يحتمل هذا ..!
اتسعت عيناي بصدمة من جرأة بيير في ذكر الموضوع هكذا كما كان البقية مصدومين أكثر مني فماكس هتف بعد برهة صمت : ريك يحب ينار ؟!..
أومأ ذلك الغريب ايجاباً فسألت سام بصدمة : ينار صديقتنا لا غير ؟!.. منذ متى ؟!..
اجابها ببرود ممزوج بالجد : منذ مدة طويلة .. لكنهما افترقا قبل فترة ..! رغم ذلك انا اعلم انه لا يزال يحبها ..!
بتوتر سألت ريا : و هل ينار كذلك ؟!..
أوشح بوجهه قليلاً : لا أدري .. لكني اعتقد ذلك ايضاً ..!
تمتم ايثن عندها بحيرة : أعتقد اني شعرت بأن تصرفاتهما مريبة عدة مرات تجاه بعض ..!
قطبت سام حاجبيها : لما لم تخبرني ينار بالأمر ؟!.. بل لما انفصلا ؟!..
لا احد يعرف اجابة لذلك السؤال .. و أنا ايضاً ..!
بقينا صامتين لفترة و قد شحبت وجوههم .. فهما الآن عرفا ان اثنان من اهم اصدقائهم كانت تربطهم علاقة مهمة انقطعت بطريقة مجهولة ..!
شعرت بالألم أكثر فأكثر .. لما اختار اخي ابنة اسوء رجل عرفته ؟!..
صحيح اني واثق بأنه لا يعرف والدها لكني خائف .. لو عادت علاقته بها بطريقة ما فقد يتعرض ادريان له ..!
اخذت نفساً عميقاً و وقفت : سأذهب لدورة المياه ..!
قلت هذا و سرت مبتعداً عنهم .. ليس لي مزاج للتفكير اكثر ..!
وصلت لدورة المياه و اتجهت إلى احد الأبواب المغلقة .. دخلت و اغلقت الباب ثم استندت اليه و انا اهمس لنفسي : ما العمل الآن ؟!..
اشعر ان علي ان اعيد علاقتهما بطريقة ما .. لكني خائف من النتائج العكسية ..!
ادريان لن يرضى بهذا بالطبع !!.. و ينار تبدو من النوع المنصاع تماماً فإن طلب منها والدها تركه فستفعل على الفور ..!
لكن .. لو لم يكن ريك مهتماً لما كان يحتفظ بتلك الميدالية حتى الآن !!..
لما اخترتها هي ؟!!.. لما ريكايل ؟!!!..
بقيت بضع دقائق هكذا مستنداً إلى الباب أفكر و في كل مرة اصل لطريق مسدود ..!
ليس لدي إلا ان انتظر حتى تنتهي هذه المقابلة المصيرية على الأقل و أعرف كيف ستكون نتيجتها ..!
استدرت لأفتح الباب لكني لحظتها سمعت نغمة هاتف ترن .. انه ليس هاتفي بل هاتف احد دخل الآن لدورة المياه ..!
صداه كان يتردد في ذلك المكان المحاط بالرخام من كل ناحية .. سمعت بعدها صوت صاحب الهاتف : لما يتصل الآن ؟!.. هذا ليس وقته ..!
كتمت شهقتي بصعوبة حين ادركت انه صوت ماثيو لا غير ..! لا شك انه انهى طعامه و آتى ليغسل يديه ..!
علي ان انتظر حتى يغادر اذاً فأنا لست مستعداً ليكشفني اتجسس عليه هنا ..!
هاتفه لا يزال يرن لكنه اجاب في النهاية : مرحباً .. أهلاً دايمن ..!
قطبت حاجبي عندها .. ان كان دايمن فلما يبدو صوت ماثيو منزعجاً من الإجابة عليه ؟!..
اشعر بالقلق .. هل ساءت علاقتهما من بعدي ؟!.. مستحيل فهما صديقان منذ زمن كما ان دايمن هو من عرفني لماثيو حين كنا في سنتنا الاعدادية الأولى ..!
قررت ان استمع لما سيقوله صاحب الهاتف فصوته واضح بسبب الصدى خاصة ان المكان فارغ من الناس : أنا ؟!.. في احد المطاعم ................ مع ستيف و خالتي .. لما تسأل ؟!..
استنكرت الأمر .. لما يكذب عليه ؟!.. الم يخبره بالأمر ؟!..
ربما لم يفعل لأنها ابنة ادريان .. فلا شك ان رافالي اجمع يحقدون على هذا الرجل الآن ..!
تابع حديثه عندها : و هل وصلتك أخبار جديدة عنه ؟!.. ................ مادامت هذه إجابتك فيفضل لك ان تهدأ و تنتظر الأخبار فالبحث لا زال قائماً ..! ................. أريد ان افهم لما انت خائف إلى هذا الحد بما انه لم يغادر فرنسا ؟!.. هو ليس طفلاً يا دايمن ..!
بطريقة ما .. شعرت اني المعني بالأمر ..!
اردف بعد تنهده بضجر : اسمع .. حلك الوحيد هو ان تبحث عن خادمه ذاك فربما يعرف شيئاً عنه خاصة ان بقية الخدم قالوا انه كان معه خارج المنزل في الليلة التي اختفى فيها ..! ................... بالطبع اقصد ذلك الفتى المدعو ريكايل ..!
يا إلهي .. ربما البحث عني صعب لأني غيرت اسمي .. لكن ريك لم يفعل !!..
بالتفكير في الأمر اعتقد انهم لا يعرفون اسم عائلته .. رغم ذلك الأمر مقلق بالفعل فهم سيتمكنون من ايجاد الاسم كاملاً بسرعة كبيرة ..!
تكلم عندها مجدداً : دايمن اعذرني فأنا مشغول الآن ..! ........ سأتصل بك فيما بعد ..!
أغلق الخط عندها و هو يقول بضجر واضح : و كأن الضائع طفل في الثالثة .. أنا واثق ان لينك يستمتع في مكان ما ..!
كتمت ضحكتي بصعوبة فأنا بالفعل مستمتع بحياتي الجديدة ..!
بالتفكير في الأمر .. فماثيو اكثر شخص يفهم شخصيتي الشيطانية لأنه دوماً ما كان مضاداً لها و يعرف مزاجي دوماً ..!
لذا هو يدرك اني من المستحيل ان ابقى في مكان لا اكون مستمتعاً فيه !!..
سمعت صوت الماء عندها و بعده بمدة اختفى الصوت ليظهر عوضاً عنه صوت الخطوات المبتعدة .. لقد ذهب إذاً ..!
اخذت نفساً عميقاً عندها و انتظرت قليلاً ثم غادرت المكان عائداً إلى اصدقائي ..!
يبدو ان دايمن قلق للغاية .. لا شك ان العم رونالد و الخالة كاثرن قلقون اضعاف قلقه ..!
لا أعلم ما الذي يتوجب علي فعله ؟!.. صحيح اني مخطأ بعدم اخبارهم بأني بخير لكن ليس لدي خيار آخر ..!
وصلت لطاولة رفاقي و جلست بينهم حيث كانوا قد طلبوا العصير ..!
ارتشفت القليل من عصير الليمون الموضوع امامي و أنا اقول : هل حدث تطور ؟!..
اعطتني سام السماعة بصمت فوضعتها على اذني و حينها سمعت صوت ضحكاتهما المتناغمة فقلت بملل : يبدو انهما يقضيان وقتاً ممتعاً ..!
بخوف تمتمت سام : هذا ليس جيداً .. ماذا عن ريكايل ؟!..
لم اعلم كيف اجيب بينما تكلم ماكس بحزن : ماذا لو كان يحب ينار حتى الآن ؟!.. الأمر لن يكون سعيداً إطلاقاً ..! حتى ينار ربما تكون تحبه بطريقة ما ..!
تكلمت ريا بتوتر و كأنها تذكرت شيئاً : بالتفكير في الموضوع .. اذكر ان ينار حدثتني منذ فترة عن شيء من هذا القبيل ..!
التفتنا لها سوية بسرعة و قد قلت حالاً : ما الذي تقصدينه ؟!..
اخذت تتذكر و قالت : اعرف ينار قبل البقية هنا .. فوالدتي كانت صديقة لأمها في الماضي ..!
والدة ريا توفية منذ زمن .. هذا يعني انها على معرفة قديمة بينار ..!
اردفت بعدها بهدوء : مرة كنت اسير معها في حديقة قرب الحي .. و قد قالت لي " ماذا لو كان لديك شخصان مهمان يلزم عليك إما ترك احدهما او عصيان الآخر ؟!.. " في الحقيقة لم اعرف كيف اجيبها فطلبت مني نسيان الأمر ..! لم استطع ان انسى هذا فعدت لها بعد ايام لأسألها ان كانت تواجه مشكلة ما فقالت لي بأن المسألة انتهت و انها لا تستطيع عصيان ذلك الشخص ..!
بدأنا جميعاً بالتفكير في كلام ريا المبهم .. فلم يكن من ايثن إلا ان قال و قد استنتج شيئاً : هذا يعني ان احدهم قد طلب منها ترك ريكايل و هي لم تستطع ان تعصي هذا الشخص ..! قد تكون والدتها مثلاً ..!
باستياء علق بيير : لما يطلب منها امراً كهذا ؟!.. ري بالتأكيد لم يقم بأي عمل سيء ..!
تنهدت عندها و قلت : هذا يعني ان ينار تركت رايل فوق ارادتها .. ربما لا تزال تحبه ..!
بقلق قالت سام : ما العمل إذاً ؟!..
جاء صوت من السماعة عندها : آنسة سميث .. اخبريني هل سبق و كان لديك شخص تحبينه ؟!.. لا تفهميني خطأً و لكن هذا مهم لمعرفة ان كان يمكن لعلاقتنا ان تستمر ..!
بسرعة قلت : سام .. ابعدي السماعة و ضعي المكبر ..!
أومأت موافقة و فعلت ذلك بحيث صار الجميع قادراً على سماع كلامها حين قالت بخجل و توتر : في الحقيقة ..! كان لدي ايام المرحلة الاعدادية شخص قد اعجبت به ..! كان لطيفاً و مهذباً ..! صحيح اننا تحدثنا كثيراً و لكن بسبب بعض الظروف لم نكن نلتقي بسهولة إطلاقاً ..! كان هذا في الماضي أما الآن فعلاقتي به عادية تماماً ..!
بجد سألها : أكنت تحملين مشاعر له ؟!..
بدا الحزن في صوتها : اعتقد ..!
- و الآن ؟!..
- لا أعلم ..!
- هكذا إذاً ..!
سألته بجد عندها : ماذا عنك ؟!..
ابتسم لها بهدوء : تم رفضي قبل عدة ايام ..! تلك الفتاة صعبة و من المستحيل ان تنظر إلي ..!
بدت مدهوشة من كلامه : ترفضك أنت !!.. أنها فتاة غريبة بالتأكيد ..!
أومأ أيجاباً و هو يقول : نحن متعادلان الآن ..!
ابتسمت عندها بهدوء : ربما .. يقال ان القلوب المكسورة تندمج سويةً ..!
ضحك بخفة عندها : أنت تبالغين .. لكني احببت هذه المقولة ..!
انهما مدمجان في الحديث عن امور لا يمكن ان تقال في مقابلات الزواج !!.. كيف يشعر هذان الآن ..!
نظرت للبقية حين تمتمت ريا بقلق : ما الحل ؟!.. على هذا المعدل كل منهما سيخدع نفسه و يظن انه سيسعد الآخر بينما يفكر برفيقه السابق ..!
انها محقة .. ماثيو يستحيل ان ينسى جوليا بسرعة .. و يبدو ان ينار لم تنسى رايل و الدليل هو تلك الميدالية المشتركة و التي لازالت تعلقها على هاتفها ..!
وقف احدنا عندها .. انه ايثن الذي تمتم بغضب : سأذهب لأحدثهما .. هذا لا يحتمل ..!
شهق ماكس بفزع : أتمزح ؟!!.. أنت مجنون !!.. انه نبيل يا ايثن ..! ان افسدت عليه هذا فقد تقع في ورطة ..!
نظر إليه بغضب : لا يمهني !!.. لا يمكن ان نضيع العلاقة بين ينار و ريك !!..
بدا ان بيير يوافقه الأمر : أنت محق .. حتى ذلك النبيل يبدو انه يحب تلك الفتاة التي تكلم عنها ..!
لم يكن مني إلا ان قلت : إن اردت ان تحدثهما فاذهب ..! لكني ارجوا منك استخدام اسم رايل عوضاً عن ريكايل ..! لقد كانت ينار تدعوه هكذا ..!
كلامي الأخير كان مجرد حجة .. بينما الحقيقة اني لا اريد لماثيو ان يشك في تشابه الاسماء خاصة انه حدث دايمن عنه منذ قليل ..!
أومأ ايثن موافقاً و اتجه إليهما و البقية في ترقب بينما رفعت سام صوت الهاتف مع ارتفاع معدل الحماسة لديها ..!

وقف بالقرب منهما فانتبها له .. استغربت ينار فعلته و لم تضع في ذهنها أي احتمال : ايثن ؟!..
نظر إليها ماثيو : تعرفينه ؟!..
أومأت إيجاباً : أجل .. انه احد اصدقائي ..!
نظر الاثنان اليه مجدداً و قد احتدت عيناه وهو يقول : ينار .. كفي عن خداع نفسك ..!
قطبت حاجبيها مستغربة بينما لم يعرف ماثيو كيف يعلق بينما تابع ايثن بجد و بصوت مرتفع : أخبريني بصدق .. الا زلتي تحبين رايل ؟!..
اتسعت عيناها بصدمة للحظات ثم طأطأت رأسها بينما بدا الترقب على ماثيو ..!
اردف مجدداً : أأعتبر الصمت علامة الرضى ؟!.. إن كان كذلك فلما تركته ؟!!.. ينار لولا اني اعرف ان رايل شخص طيب و لطيف لما اوقفتك عما تفعلينه !!.. لكن في الفترة الأخيرة منذ انضم رايل الينا عرفت كم هو شخص رائع يندر ان تجدي مثله !!.. متسامح مع الجميع .. و نبيل بأخلاقه !!.. أيستحق منك ان تتركيه هكذا ؟!..
دمعت عيناها عندها و بدا ان كلام ايثن قد اثر فيها بشدة و قد تمتمت : ليس بيدي .. لا استطيع !!..
وقفت عندها و اردفت بصوت مرتفع : لم أكن اريد تركه !!.. لقد اجبرت على هذا رغماً عني !!!..
رد عليها فوراً وهو يقول : أن كان احد قد امرك بتركه فلا تستمعي له !!.. حياتك لك انت و ليست لغيرك !!.. مثل هذه الأمور لا تمشي بالإجبار !!.. لا اريد ان اقول شيئاً في السيد ديمتري فمن الواضح انه شخص رائع .. لكن اعلم انك اجبرت عليه !!.. انت من يحدد مصيرك لا غير !!..
جلست عندها و الدموع تسيل من عينيها بينما بدا ماثيو مبهوراً بما يسمع ..!
انظار جميع من في المطعم باتت مسلطة عليهم .. الجميع بلا استثناء و كأنهم يشاهدون فلماً درامياً بلمسة رومنسية قاتلة ..!
تمتمت بألم عندها و قد طأطأت رأسها : و لكن .. ابي يريد مني الارتباط بشخص ثري او نبيل ..! ماذا أفعل انا بهذا ؟!.. والدي عزيز علي و لا اريد ان اخالف رغبته ..!
تنهد ايثن بتعب ثم قال : ربما بت ثرية الآن .. و ربما ستنتقلين قريباً لمدرسة أخرى ..! لكن هذا لا يعني انك صرت اعلى مستوى منا ..! نحن جميعاً اصدقاء و حتى بعد ان عدت للعيش مع ابيك لم يفكر احدنا بأنك صرت مختلفةً الآن ..! حتى رايل يفكر هكذا .. لذا لا تجعلي العنصرية تحد من طريقة حياتك !!.. والدك يحبك و يريد لك السعادة !!.. لذا لا يهم إن كان نبيلاً ام لا !!.. المهم ان يكون قادراً على اسعادك فقط ..!
نظرت إليه عندها بعينيها الباكيتين و قالت بيأس : لكني خائفة .. ان عدت لاعتذر من رايل فقد يرفض اعتذاري ..! لقد سببت الكثير من الألم لرايل ..!
ابتسم لها عندها : لن يفعل ..! و حتى ان فعل فعليك المثابرة فالأشياء التي تثابرين من أجلها هي الأفضل حين تحصلين عليها ..! لا يمكنك ان تيأسي في مسألة كهذه ..!
لم ترد عليه بل اخذت تفكر في كلامه .. لكن احدهم تكلم أخيراً : أنت محق ..! العنصرية مرفوضة .. يجب علينا المثابرة و عدم اليأس ..!
التفت ايثن ناحية ماثيو الذي قال هذا بابتسامة وقد و قف ليقول : لقد اعجبت حقاً بنظرتك للأمر ..! شكراً لك ..!
بدا الارتباك على صاحبي من هذا المديح المفاجئ بينما نظر ذلك الآخر لينار وهو يقول بذات ابتسامة : آسف انسة سميث .. لا يمكنني المتابعة أكثر ..! أود أن أحاول اكثر بشأن جوليا ..!
بقيت تنظر إليه للحظات ثم وقفت و قد ابتسمت رغم دموعها و هي تقول : حتى أنا سيد ديمتري .. سأعتذر من رايل على ما فعلته في السابق و سأثابر حتى يقبل اعتذاري ..!
مضت لحظات صمت بدأ بعدها اصوات التصفيق و التصفير في المطعم و قد أُعجب الناس بهذا العرض و الجميع يتمنى السعادة لينار و ماثيو فيما اختاراه ..!
اسرعت سام و خلفها ماكس و ريا إلى ينار لتهنئتها و تشجيعها ..!
كنت ابتسم بهدوء في مكاني و بيير بجانبي على وجهه ابتسامة مشابهة وهو يقول : لما لا تذهب انت ايضاً ؟!..
اجبته بهدوء : لا داعي .. يكفيني ان الامر مر على ما يرام ..!
كنت اسمع اصواتهم السعيدة من خلال سماعة الهاتف و الناس يهنئونهم من بعيد ..!
بدا ماثيو معجباً بأسلوب ايثن فقد صافحه و شكره بقوله انه اعاد له الأمل مجدداً ..!
نظر بعدها الى ريا و بقي ينظر اليها للحظات قبل ان يقول : عذراً يا آنسة ..!
التفت ناحيته باستغراب و قد توردت وجنتاها : أهلاً ..!
ابتسم بهدوء : انت تشبهين شخصاً أعرفه ..!
عقدت حاجبيها قليلاً : من تقصد ؟!..
تابع عندها بذات ابتسامته : شاب يدعى يوجين .. و هو في الثامنة عشر ..!
اتسعت عيناي بذهول مما سمعته بينما أجابت ريا بابتسامة خجله : اعتقد انك تقصد شقيقي الأكبر ..!
ضحك بخفة عندها : ذلك واضح .. ان الشبه بينكما كبير ..!
بدا الاستغراب على البقية فقد سألت سام : كيف تعرف يوجين ؟!..
نظر إليها و هو يقول بمرح : التقيته صدفة منذ فترة في حديقة برج ايفل و قد تحدثنا معاً .. و من يومها بت التقيه هناك عدة مرات ..! انه شخص لطيف و مرح حقاً ..!
شعرت بنار تستعر في صدري !!.. ما الذي ينوي عليه ذلك الشيطان بهذه العلاقة المريبة ؟!..
ايمكن انه ذهب لماثيو عمداً بسببي ؟!!..
ان كان كذلك فهو يدرك انني لينك مارسنلي !!..
قبضت يدي و وقفت بغضب : أنا مغادر ..!
قلت هذا و سرت مبتعداً فأسرع بيير ليلحق بي وهو يقول : انتظرني ..!
خرجنا سويةً من المطعم دون ان يلاحظ احد كنت اسير بخطى متسارعة لأخرج من البوابة الكبيرة و بيير ينادي اسمي عدة مرات و بعد ان خرجنا التفت اليه بانزعاج و صرخت : توقف عن تكرار لينك لينك في كل لحظة !!!..
بدا عليه الاستغراب : لما .. أليس أسمك ؟!..
تنهدت عندها بضجر : بلا .. انسى الأمر ..!
كنا نسير في الشارع بين الناس صامتين .. هو يختلس النظر إلي من برهة لأخرى بينما أنا مطأطأ رأسي أفكر بعمق ..!
ماذا يريد هذا اليوجين مني ؟!!..
- إلى اين نذهب ؟!..
توقفت و نظرت لبيير الذي سأل ببساطة : إلى المنزل ..!
قطب حاجبيه وهو يقول : لكننا لم نتناول العشاء .. الست جائعاً ؟!..
الحق اني كذلك و بشدة .. لا فائدة من المقاومة و الاستسلام هو افضل حل ..!
لذا قلت بهدوء : أي مطعم تريد ؟!..
حرك كتفيه بطريقة لا ارادية تعني انه ليس لديه شيء معين .. في النهاية هتف بحماس : لدي فكرة .. سأعد انا العشاء ..!
استنكرت الأمر تماماً و هتفت : أنت !!.. تجيد الطهي ؟!..
أومأ إيجاباً : أجل .. أجيد الطهي ..!
- و ماذا ستطهو إذاً ؟!..
- أي شيء يقدم في القصور ..!
تنهدت بضجر و قلت : و لما القصور على وجه الخصوص ؟!..
بذات ابتسامته قال : لأني كنت اراقب طاهي قصر جدتي و اساعده احياناً ..!
تابعت سيري و انا اقول بلا مبالاة : و لما حفيد البارونة يقضي وقته في مطبخ القصر ؟!..
ابتسم بمرح عندها : لأنه المكان الوحيد الذي لا يعترض احدهم طريقي و يزعجني فيه ..! كما ان الطاهي يعرف والدي من قبل و هذا يشعرني بالراحة ..!
التفت اليه باستغراب : و من يزعجك بالضبط ؟!..
اخذ يفكر للحظات قبل ان يقول : اشقاء والدتي و شقيقتها و ابنائهم و ابناء عمهم ايضاً .. أنها اسرة كبيرة ..!
قطبت حاجبي عندها : لما يزعجك كل هؤلاء ؟!.. هل تسمح جدتك بهذا ؟!..
بقي صامتاً للحظات قبل ان يقول : كل ما على جدتي هو ان تصرف علي بمالها الخاص و تعاملني بلطف كما تشاء ..! انها الوحيدة التي تعتبرني من العائلة ..!
ترددت قليلاً قبل ان اقول : أتقصد انك منبوذ من قبلهم ؟!.. أليس في هذا مشكلة ؟!.. أقصد فيما بعد ان حدث شيء لجدتك .. فربما يطردك البقية ..!
بابتسامة مرحة معاكسة لكلامه تماماً هتف : لا مشكلة .. فقد تقرر طردي من سويسرا فور ترك جدتي لمنصبها ..!
باستنكار هفتت : ماذا ؟!!.. أتمزح ؟!!.. ثم لما تقولها بهذه البساطة ؟!!..
- اعتدت على الأمر ..!
- لكني لم افهم قصدك حتى الآن ..!
- كما قلت .. من أجل العيش في سويسرا اشترطت الاسرة على جدتي اني لن اكون من الاسرة اطلاقاً في أي شيء .. لا في المصاريف و لا في الورث حتى ..! لذا وجودي هناك هو مجرد ارضاء ضمير لجدتي ظننا منها ان اهتمامها بي سيمحو ذنبها الذي اقترفته في حق والدتي بالتبرؤ منها في السابق ..!
قطبت حاجبي مستغرباً و قد بدأت افهم ان حياته ليست بتلك السعادة كما كنت اعتقد : و ما رأيك انت بالموضوع ؟!..
طأطأ رأسه وقد اختفت ابتسامته : بالنسبة لي الأمر اشبه بدواء مر سيزول مفعوله بعد فترة ..! جدتي كبيرة في السن و حتى ان كانت لا تزال قوية فستتعب مع الوقت و تتنحى عن منصب رئاسة العائلة ..! هي حالياً تكافح نفسها من اجل الاستمرار فقط لأن هذا مرتبط ببقائي في سويسرا او رحيلي لفرنسا ..!
شعرت للحظة ان هناك تشابه بيني و بينه .. فأنا ولدت كعامي بسيط .. لكني عشت فترة من الغنى لسبعة عشر عاماً و ها أنا اعود كما كنت يوم ولادتي ..!
اما هو فالعكس .. لديه ام ثرية لكنه عاش طفولة فقيرة .. أما الآن فهو حفيد لامرأة فاحشة الثراء لكن ذلك سيبقى مدة قبل ان يعود إلى الفقر مجدداً ..!
الأمر متشابه نوعاً ما ..!
تنهدت عندها و انا اقول : يبدو ان لديك قصة مثيرة .. ما رأيك ان تحدثني عن نفسك ؟!..
بدا عليه التوتر حينها : ليس فيها ما هو مثير .. انها قصة طويلة و مملة ..!
- و انا مهتم بسماعها ..!
- لما فجأة ؟!..
بجد قلت : لأني اريد معرفة المزيد عنك !!..
باستغراب و حيرة سأل : و لما انا على وجه الخصوص ؟!..
شعرت بالتوتر من سؤاله و ترددت في الاجابة .. ولكني في النهاية اجبت و قد أوشحت بوجهي عنه بهدوء : ذلك لأنك .. الشخص الذي نشأ بجوار ريكايل ..!
بدا عليه الاستغراب من اجابتي فأردفت عندها : قد يكون ذلك غريباً .. لكن في احيان كثيرة اشعر ان الاختلاف الجسيم بيني و بينه مشكلة كبيرة ..! رغم اننا توأمان إلا ان بيننا عدداً كبيراً من الحواجز ..!
بتردد قال : لكن .. بدا لي انكما ودودان معاً .. و مقربان من بعضيكما كثيراً ..! حتى ريك دوماً كان يتحدث عنك سواءً حين كنت اهاتفه من سويسرا او منذ قدمت إلى هنا ..!
ابتسمت عندها له : يبدو ان حديثنا سيطول .. ما رأيك ان ندخل هذه الحديقة الصغيرة و نجلس لنتحدث سويةً ؟!..
اومأ ايجاباً فوقفنا مع كثير من الناس عند خط المشاة حتى ظهر الضوء الأحمر للسيارات لنسير بعدها إلى الجهة الأخرى من الشارع حيث تلك الحديقة الصغيرة المسورة .. إحدى عشرات الحدائق المشابهة التي تملأ باريس ..!
كان هناك ارجوحة امامها ملعب رملي للأطفال فيه بعض الألعاب لكن لا يوجد طفل واحد في المكان ..!
هناك عامود انارة ابيض تدور حولة بعض الحشرات الصغيرة .. و السكون هو الجو المحيط تماماً ..!
سرنا إلى الارجوحة و جلس كل منا على واحدة و بقينا صامتين لفترة ..!
لكني بعدها قلت بهدوء : في بداية معرفتي للعلاقة التي تربطني برايل كانت الأمور على ما يرام .. لم نكن نعرف الكثير عن بعضنا لكن هذا طبيعي فمع مرور الأيام بتنا اقرب لبعض ..! لكن كل منا كان يجهل الكثير عن ماضي الآخر .. كنت اعرف ان ريكايل عاش في الملجأ ثم المدرسة الداخلية السيئة و ان له صديقاً يدعى بيير .. لكن كان هذا حدود ما اعرفه ..! هو ايضاً يعلم اني عشت طفولة مترفة و عشت بضع سنوات في اسكوتلندا تعرفت فيها لصديقي لويفان ..! لكنه لا يعرف المزيد ..! هذا اقل بكثير مما يفترض ان يكون لأننا توأمان ..!
حرك ارجوحته قليلاً ليقول : انتما توأم مختلف في الطباع و هذا ما لاحظته خلال الفترة الأخيرة ..! لكن ذلك ليس مشكلة اطلاقاً ..! مع مرور الوقت ستكونان اقرب لبعض ..!
تنهدت عندها و تابعت : حين بدأت العيش هذه الحياة البسيطة اعتقدت اني سأكون اقرب لرايل لأننا نعيش الحياة ذاتها ..! تعلمت كل شيء من هذا العالم و غيرت نفسي تماماً قدر ما استطيع حتى اتمكن من فهم رايل اكثر ..! صرت اعمل و ادرس بجد و تعرفت لكثير من الزملاء .. أعامل الجميع بلطف و الاعب الأطفال !!.. أنها أمور لم اكن التفت لها في حياتي السابقة ..! ربما لا تعلم بيير .. لكني الآن نقيض تماماً لما كنت عليه في السابق ..! و مع هذا ....!
صمت قليلاً ثم تابعت بيأس : الأمر لم ينجح ..! حتى اني بت اعتقد اني كنت اقرب لرايل في حياتي السابقة و اننا بتنا ابعد لبعض الآن ..! يبدو ان سبب تلك الحواجز ليس الحاضر المختلف ..! بل الماضي أيضاً ..! ادركت ذلك حين رأيت كم انت قريب لرايل .. ذلك لأنك شخص من طفولته ..!
ابتسم بهدوء ليقول : أعتقد اني افهم القليل من هذا ..! ري لا يحب ان يتحدث عن الماضي المؤلم .. و لا عن المستقبل المجهول ..! انه يريد ان يعيش يومه فقط ..! منذ انتقلت لسويسرا لم يكن يحدثني عن أي امور سيئة تحدث معه ..! كنت اعلم انه يواجه الكثير من الصعاب رغم ذلك لم ينطق بأي شيء منها ..! تذكر الماضي يؤلمه لأنه مليء بالأمور الحزينة ..! أما المستقبل فخوفه من المجهول هو ما يؤرقه .. صحيح انه شخص متفائل للغاية .. لكنه كأي بشري يخشى مما قد يحدث في مستقبله خاصة مع تلك الحياة التي عاشها في السابق و التي كادت ان تقضي عليه عدة مرات لذا هو لا يعلم ان كان سيرى ذلك المستقبل ام لا ..!
كنت انظر اليه باندماج تام .. لقد كان يشرح لي شخصية ريك بالتفصيل ..!
هذا الفتى .. انه يعرف اخي التوأم أكثر مني بكثير ..!
كم هذا مثير للسخرية !!..
رغم ذلك .. شعرت بالراحة للحديث معه صدقاً ..!
التفت ناحيتي عندها و ابتسم بمرح : لينك .. ليس المهم ان تعرف ماضي ري ..! المهم ان تعيش الحاضر معه و هذا سيجعلك اقرب له ..!
انسى امر الماضي .. و أتجاهل امر المستقبل .. و اعيش الحاضر ؟!..
اعتقد ان هذا هو ما يجب ان يحدث .. في الفترة الحالية على الأقل ..!
ابتسمت له عندها : اجل .. شكراً على هذه النصيحة ..!
وقف عندها و هتف : هيا الى السوبرماركت !!.. سأشتري ما اعد به العشاء ..!
وقفت خلفه و قلت : لا بأس ..! اسمح لي بالمساعدة ..!
............................. اشترينا كل ما يلزم من السوبرماركت و عدنا بالحافلة إلى الحي و ها نحن نسير ناحية العمارة ..!
التفت الى بيير بضجر : هل تتهرب من ان تحكي قصتك لي ؟!..
بدا عليه التوتر و قد قال : اطمئن .. سأخبرك في وقت لاحق ..!
لم ارد ان اصر عليه فتابعت سيري بصمت ..!
منذ قليل اتصل ماكس و سأل عنا فقد اختفينا من المطعم فجأة .. أخبرته بكل بساطة اننا غادرنا المكان حين رأينا ان المياه عادت لمجاريها ..!
و لكن في تلك اللحظة رن هاتفي مجدداً : من هذه المرة ؟!..
اخرجت الهاتف فوجدت انه ريكايل .. الساعة هي الحادية عشر و لا شك انه سيسأل عن تأخرنا ..!
اجبت حينها : مرحباً ريك .. ها نحن في طريق العودة ..!
جاءني صوته الهادئ حينها : حقاً ؟!.. هذا جيد فالوقت تأخر ..! بالمناسبة لينك .. أعذرني لكني لن اكون في المنزل هذه الليلة ..!
توترت لحظتها و وقفت في مكاني و بقلق قلت : ما الذي تقصده ؟!..
بذات النبرة اجاب : اطمئن .. لا شيء يدعوا للقلق ..! لكني مضطر للمبيت في المشفى من اجل الفحوصات ..!
قطبت حاجبي عندها دون أن انطق .. و بعد صمت تكلم هو : لينك .. أتسمعني ؟!..
حاولت ان امنع ارتجاف صوتي : أجل .. اسمعك ..! أخبرني بصدق .. هل هناك شيء ؟!..
هذه المرة كانت هناك لمسة مرح مصطنعة في صوته : أطلاقاً .. أخبرتك بأنها مجرد فحوصات ..! لا تقلق فسأعود في الصباح الباكر ..!
ضغطت على الهاتف و انا اسمعه يردف : و الآن .. تصبح على خير ..!
أجبته بهدوء : تصبح على خير ..!
أغلقت الخط بعدها بثقة مهزوزة تجاه كلام ريك الذي كان يحاول ان يطمئنني : ما الأمر ؟!..
كان هذا سؤال بيير القلق .. أجبته و أنا اضع الهاتف في جيبي : سيبقى ريك في المشفى الليلة ..! يقول انه من أجل الفحوصات فقط و انه لا داعي للقلق ..! سيعود في الصباح ..!
سار بجواري و هو يقول : أأنت واثق من كلامه ؟!.. ريك يكذب كثيراً في هذا الموضوع !!..
بهدوء قلت : أجل أعلم .. لقد واجهت الكثير من المشاكل في السابق و كاد قلبي يتوقف عدة مرات بسبب كذبه الذي لا معنى له ..!
اردفت بحنق : يريد ان يطمئنني ؟!!.. الآن أنا اكثر قلقاً لأني اعلم انه يكذب دوماً بشأن صحته !!.. حين يقول انا بخير أعلم انه في اسوء حالاته !!.. هذا لا يحتمل ..!
أخرجت هاتفي بعدها بسرعة و قررت ارسال رسالة : الحل الوحيد هو أن أتأكد من ادوارد !!..
سألته في الرسالة عن حالة ريكايل و لما عليه ان يبقى في المشفى ؟!..
و بعدها اعدت الهاتف لجيبي و قد دخلنا اسوار العمارة ..!
صعدنا بالمصعد و فور وصولنا للأعلى رن هاتفي دليل اجابة رسالتي ففتحته بلهفة ..!
.
(( مرحباً لينك .. أطمئن فلا شيء خطير ..! هناك تراجع بسيط في قياساته لذا نريده ان يبيت هنا من اجل ابقائه تحت الاجهزة حتى نتأكد من القياسات ..! سيخرج في الصباح الباكر و يعود للمنزل فوراً ..! ))
.
الآن يمكنني ان اطمئن قليلاً .. رغم ان مسألة تراجع القياسات لا تريحني ..!
اخبرت بيير بالمحتوى فظهرت ابتسامة اطمئنان على وجهه حينها ..! لم يكن اقل قلقاً مني بالتأكيد ..!
دخلنا للمنزل .. كيت ذهبت لبيتها لتنام فغداً ستذهب للمدرسة أخيراً بعد غياب طويل منذ اصيبت قدمها .. أما ليو فقد وجدته نائماً في سرير رايل ..!
طلب مني بيير البقاء امام التلفاز حتى ينتهي من اعداد العشاء فلم اعترض .. أريد ان ارى ماذا يمكن لهذا الفتى ان يفعل ..!
..................................
وقفت امام المائدة مذهولاً و أنا أرى ذلك الطبق الذي لطالما كان الأول عندي .. الباستا الايطالية ..!
التفت لبيير لحظتها و الذي كان يقف بفخر و على وجهه تلك الابتسامة المرحة : لما اخترت هذا الطبق ؟!..
أجابني بمرح : لسببين .. الأول هو اني محترف فيها فطاهي القصر كان دوماً يعدها لأن الكثير من ضيوفنا يحبونها .. و الثاني ان ري اخبرني انها الطبق المفضل لديك ..! و الآن تفضل ..!
جلست على طاولة المطبخ وهو امامي و امام كل منا طبق عشاءه .. لم اعرف ما الذي علي قوله .. لكن رائحتها تثلج الصدر حقاً ..!
منذ زمن لم اتناولها .. لقد كانت من الاشياء الكثيرة التي افتقدتها من الماضي ..!
لما احب هذا الطبق ؟!.. ليس لطعمه فقط بل لسبب أكثر اهمية بكثير ..!
لطالما قالت امي الينا ان ابي جاستن الذي لم اعرفه يوماً كان يحبه كثيراً و كان طبقه المفضل !!.. لذا اشعر انه شيء بسيط من الرابطة بيني و بين الأب الذي انتشلني من دار الايتام و قرر ان يجعلني ابناً له على ان يترك زوجته الغالية التي لا تنجب الأطفال ..!
كان بإمكانه ان يتركها و يتزوج غيرها .. و لكنه ضحى بفكرة ان يكون له ابن من نسله على حساب بقائها بقربة ..!
و قد كنت انا الحل لتلك المشكلة التي كادت تدمر حياة الزوجين السعيدين ..!
ابتسمت لحظتها بلا شعور .. حبي لجاستن لا يختلف كثيراً عن حبي لإلينا .. صحيح اني لا اعرف أي نوع من الاشخاص هو بالضبط و لكن يكفيني ان امي احبته و قبلت به ..!
تذوقت لحظتها شيئاً من تلك الباستا .. انها تذوب في الفم بسلاسة و هي غينة بنكهة ايطالية بحته ..!
بالفعل .. كما يقدم في المطاعم الفاخرة !!..
- ما رأيك ؟!..
نظرت للطاهي الذي سأل بلهفة فقلت بتصنع البرود : جيده ..!
بدا عليه الاحباط : لا داعي للكذب .. لقد كان استمتاعك واضحاً و انت تتذوقها ..!
أكلت لقمة اخرى عندها : أحسنت .. ستتحسن اكثر مع مرور الوقت ..!
كتم ضحكته : أجل .. استطيع ان ارى لهفتك اثناء تناولها و هذا يكفيني عن عبارات الثناء التي ترفض اخراجها ..!
كتمت ضحكتي أنا الآخر و تجاهلته رغم انه كشفني : لنتناول العشاء و نذهب للنوم .. أنا لدي مدرسة و عمل غداً ..!
بدأ هو الآخر بتناول عشاءه : صحيح .. أنا أيضاً بدأت اشعر بالنعاس ..!
...............................
شعرت بأحدهم يهزني وهو يقول : لينك .. أين وضعت المقص ؟!..
سحبت الغطاء على رأسي حينها و قلت بخمول : لا اذكر .. ابحث عنه في حقيبتي المدرسية ..!
كان هذا ليو الذي قد استيقظ قبلي بمدة و ها هو يصول و يجول باحثاً عن المقص منذ الصباح حتى ان ازعاجه ايقظني من نومي ..!
انه صاخب جداً حين يستيقظ !!.. و حين يضيع اشياءه يبدأ بالرنين على رأسي حتى يجدها !!.. منذ بدأ في النوم عندي و انا لا اهنأ خاصة انه يتحدث اثناء نومه احياناً و احياناً أخرى يضحك كالمجنون !!..
عموماً لا بأس .. لقد اعتدت على هذا ..!
مضى بعض الوقت بهدوء .. ربما ذهب للبحث في مكان آخر ..!
اخذت هاتفي الذي كان قرب وسادتي و نظرت للساعة .. انها السادسة و النصف ..! بقي نصف ساعة فقط على بداية الدوام المدرسي ..!
ابعدت الغطاء و رفعت جسدي عن السرير و انا اتمتم : حان وقت الاستيقاظ ..!
في تلك اللحظة لفت نظري شيء بقرب السرير !!..
شيء لم اتوقعه اطلاقاً !!.. او بالأحرى نسيت أمره !!..
اتسعت عيناي و تسارعت نبضات قلبي .. كيف نسيت هذا الأمر ؟!!..
كيف سمحت له بأن يبحث عن المقص بكل حرية في غرفتي ؟!!..
هذا ما كنت اقوله لنفسي و انا اراه يجلس هناك امام الدرج المفتوح تحيط به كومة من ذكرياتي المصورة !!!..
أجل .. لقد وجد تلك الصور بالفعل !!!!..
تمتمت عندها بخوف : لـ .. ليو .. ماذا تفعل ؟!..
رفع رأسه ناحيتي و الصدمة تغطي ملامحه مما جعلني أصرخ : لما فتحت ذلك الدرج ؟!!!..
بدا عليه الخوف و التوتر و قد ترك الصورة التي بيده ليقول: لا .. لم أقصد !!.. كنت ابحث عن المقص !!..
نزلت من السرير حيث كان امامي مباشرة على الأرض و صرخت : قلت لك ان المقص في الحقيبة و ليس هنا ..!
وقف عندها و تلعثم من شدة صدمته و عدم تصديقه لما رأى : لم أجده .. لم أجده هناك ..! أنا لم اقصد الاطلاع على شيء !!..
- ما الذي يجري ؟!..
- لما تصرخان منذ الصباح ؟!..
كان هذا بيير و من خلفه كيت اللذان استنكرا الجو هنا ..!
يا إلهي .. ماذا أفعل ؟!.. لقد كشفني هذا المشرد !!..
بلا شعور ابتعدت عنه و سرت لخزانتي و اخذت ثياب المدرسة ثم دخلت لدورة المياه ..!
خرجت بعد دقائق و انا اغلق ازار قميصي الأبيض فلم اجد احداً في الغرفة .. حتى الباب كان مغلقاً كما ان الصور أعيدت إلى الدرج المغلق مجدداً ..!
يا لي من مهمل !!..
أشعر بانزعاج عظيم !!.. حين علمت كيت لم اكن مستاءً لكن ليونيل مختلف !!..
لا شك انه ادرك اني لينك مارسنلي حقاً من تلك الصور !!.. إن لم يفعل فهو اكبر احمق في التاريخ !!..
ظهرت لحظتها صورة والده السيد مارك في ذهني !!.. ذلك الأب يبحث عني !!.. لا شك ان ابنه سيخبره بما رأى !!..
امسكت برأسي و انا اشعر بالصداع ..!
الا يكفيني ريك الذي في المشفى ليأتي هذا الاحمق و يزيد الطين بله ؟!..
تابعت ارتداء ملابسي على عجل و حملت حقيبتي لأغادر الغرفة بعدها .. سرت ناحية الباب دون ان انطق : لينك .. الإفطار ..!
كانت هذه كيت لكني هتفت بغضب : لا اريد شيئاً ..!
نظرت إلي بحنق دون ان تنطق حرفاً فتابعت سيري ناحية الباب و فور ان فتحته كان احدهم يقف امامه : صـ .. صباح الخير ..!
شعرت بهدوء بسيط في مشاعري .. لقد عاد في الصباح كما قال تماماً ..!
نظرت إليه للحظات بينما كان يبتسم بتوتر وهو يفكر بالتأكيد بسبب هالة الغضب المنبعثة مني ..!
ببرود نطقت أخيراً : صباح الخير .. كيف حالك الآن ؟!..
- كل شيء بخير ..!
- اجابة متوقعه ..!
قلتها باستياء لأني اعلم انه لن ينطق غيرها !!..
تجاوزته بعدها و انا أقول : اذهب و خذ قسطاً من الراحة .. سأغادر انا الآن للمدرسة ..!
هتف حينها : سألحق بك بعد قليل ..!
التفت ناحيته و صرخت بغضب عارم : يجب عليك ان ترتاح فقد عدت من المشفى قبل لحظات فقط !!.. إن رأيتك في المدرسة فسأقتلك بكل تأكيد ..!
كان مذهولاً من عباراتي تلك و هو موقن بأني بالتأكيد دخلت حالة من الجنون لسبب يجهله !!..
سرت ناحية الدرج عندها و نزلت بخطوات متلاحقة ..!
اشعر بضيق كبير .. يا له من صباح مزعج للغاية ..!
نزلت الدرج و غادرت المبنى و تبعاً له غادرت العمارة .. لم اخطو خطوتين حتى سمعت : صباح الخير .. لينك ..!
التفت إلى ذلك الصوت الرقيق الناعم .. كانت تقف خلفي بزيها المدرسي المطابق لزيي .. بهدوء أجبتها : صباح الخير ريا ..!
اني التقي بها دوماً في الصباح فموعد ذهبنا للمدرسة متطابق و نحن نسير على الطريق ذاته .. كما اننا نعود سويةً كثيراً أيضاً .. و في معظم الاحيان يكون ريك معنا ..!
بدا عليها قلق بسيط : وجهك شاحب .. أأنت مريض ؟!..
- لا .. اطمئني ..!
- غريب ان ريكايل ليس معك ..!
- سيتغيب اليوم .. لقد اصيب بالزكام لذا طلبت منه ان يبقى في الفراش ..!
سرنا سويةً بعدها و هي تقول : أرجوا له الشفاء العاجل ..!
- شكراً لك ..!
لم نكد نبتعد عن باب العمارة بضعة امتار حتى سمعت صوت احدهم : لينك .. انتظر !!!..
تجاهلته حينها وقد عرفت صاحب الصوت بسهولة و بالكاد كبت غضبي ..!
إلا انه عاد لينادي : قلت توقف !!.. استمع لما سأقوله ..!
التفت ناحيته و انفجرت غضباً في ذلك المتشرد : بما انك عرفت الحقيقة .. فذهب لأبيك و أخبره عله يفرح بها .. تأكد من مراجعة مقاله قبل ان ينشره فأنا لا اريد أي إشاعات كاذبة ..!
توقف في مكانه وهو ينظر إلي بنوع من الصدمة الممزوجة بالاستياء بينما تابعت طريقي و خلفي ريا التي لم تفهم شيئاً إلا ان ذلك الموقف اثار توترها الذي اجبرها على النظر ناحيتي بقلق ..!
......................................... ماذا علي ان افعل الآن ؟!..
معرفة ليو بالأمر .. يعني معرفة العالم بأسره !!..
ربما اتصدر الصحف في الأيام القادمة .. و المصيبة هي ان قاموا بإدخال ريكايل !!..
اشعر بالغضب و الخوف و القلق ايضاً .. أي تشتت هذا ؟!..
- براون !!!..
رفعت رأسي لذلك الرجل الذي وقف بقربي .. معلم الجغرافيا الذي لا يطيقني منذ يومي الأول هنا لسبب اجهله ..!
نظرت اليه ببرود : ماذا ؟!..
بوجهه المتجهم تكلم : انها المرة العاشرة التي اطلب منك الاستماع لما اقوله خلال الدرس .. أيعجبك هذا أم تقف في الخارج ؟!..
لم ارد عليه بل بقيت ارمه بنظرات باردة مستفزة مما جعله ينفعل : حين أكلمك قف و خاطبني !!!..
وقفت حينها و بذات برودي قلت : و الآن ؟!..
كان جميع من في الصف يراقبنا بتوجس .. لطالما كان يخاطبني هكذا لكني كنت التزم الصمت و انصاع له ..!
لكن ما لا يعلمه هو اني حين اكون غاضباً و واقعاً في مشكلة ستظهر شخصيتي الشيطانية التي لها شهرتها الخاصة باسم شيطنة السيد مارسنلي ..!
بدأ حينها محاضرته الغاضبة المليئة بالشتائم : ان لم توقف هذه المهزلة حالاً فلا تحضر حصتي !!.. الشرود في الحصة ممنوع منعاً باتاً أفهمت ؟!.. اعتقد انك لست احمقاً لدرجة عدم فهم هذا ..!
نظرت إليه بحدة و قلت : احترم الفاظك يا هذا !!..
بدا مذهولاً للحظة .. عادة اجيب ايجاباً بكل صمت .. لكني للمرة الأولى ارد عليه إلى هذا المدى .. حتى الطلاب بدأوا يتهامسون عندها ..!
اما ذلك المعلم فقد امسك بقميصي من اعلاه بعنف : أعتقد انك انت من يجب ان يكون اكثر احتراماً !!.. حقاً قليل تهذيب و تربية !!..
امسكت بيده حينها و انا اتمتم : تربيتي افضل من تربيتك عشر مرات !!.. للمرة الأولى ارى احد المعلمين يتقصد طالباً معيناً دون غيره في كل حصة ..!
صرخ حينها و قد شد من قبضته : يبدو أنك تحتاج لإعادة تأديب ايها الفتى !!.. حقاً على عكس اخيك المحترم تماماً !!..
ابتسمت بمكر حينها لأقول : أخي فقط ماهر في تجاهل المجانين !!.. ابعد يدك عني في الحال و إلا فلي تصرف آخر معك ..!
جز اسنانه بغيض بالغ و دفعني للحظة ثم حاول ان يلكمني بيده الأخرى الا اني تمكنت من تجاوزها لأتركها تصطدم بالجدار خلفي !!..
بدا عليه الألم وهو يمسك بها و الواضح ان اصابعه تضررت ..!
لسوء حظه .. لقد تدربت على الفنون القتالية منذ طفولتي كأي فتى من الطبقة المخملية .. و لكمة كتلك استطيع تفاديها بسهولة ..!
نظر الي بعينيه الغاضبتين : سأخصم الكثير من درجاتك على قلة تهذيبك .. تأكد بأني سأجعلك تندم على فعلتك ..!
ببرود اجبته : افعل قدر ما تستطيع اذاً ..!
رن الجرس عندها فذهب لأخذ كتبه من اول الصف و غادر غاضباً بينما اسرع الطلاب للتجمع حولي من فتيان و فتيات ..!
- براون !!.. كيف فعلت هذا ؟!..
- انك جريء حقاً !!.. لكن ذلك الأحمق يستحق !!..
- تمنيت لو ضربته ايضاً سيكون ذلك رائعاً ..!
بدا القلق على ماكس حينها : لينك .. أرجوا ان لا يفكر بالانتقام منك ..!
بهدوء قلت : لن يجرأ على هذا ..!
بجد سأل ايثن : ماذا ستقول لو طلبك المدير بشأن هذا ؟!..
ابتسمت بخبث : لقد حاول ظربي .. و بشاهدة الجميع .. صحيح ؟!..
هتف كل الطلاب عندها بحماس و تفاعل : أجل بالتأكيد ..!
نظرت لايثن : لدي شهود ..!
ابتسم بهدوء عندها : أنت حقاً تستطيع تدبر امرك ..!
دخلت معلمة المهارات الإدارية لحظتها .. آنسة هادئة بمعنى الكلمة .. صوتها بالكاد يسمع و هي لطيفة و تبتسم على الدوام كما انها ساذجة للغاية ..!
جلس الجميع في مكانه فقالت بصوتها الناعم : لنبدأ درسنا الآن ..!
استرسلت في حديثها و بدأت الشرح .. و معها عدت انا لأفكر مجدداً ..!
وضعت رأسي على الطاولة بين ذراعي .. هذه الآنسة لا ترفض نومي في الحصة و لا تعلق حتى و هذا اكثر ما يعجبني بها ..!
لكني لا اريد النوم الآن .. أريد ان افكر بعمق فقط ..!
ماذا سأفعل حين التقي ليو مجدداً ؟!!.. أشعر اني لن التقيه اصلاً !!..
اني مشتت .. لا يمكنني ان افكر في أي شيء معقول في هذه الحالة ..!
.................................
انتهت الحصة بهدوء كما بدأت .. و الآن هو وقت الاستراحة ..!
خرجت مع ايثن و ماكس من صفنا حيث كان الاثنان يتحدثان بينما أنا في حالة صمت رهيب ..!
ضرب احدهم ظهري بشدة فالتفت إلى ماكس الذي قال بمرح : ما بك اليوم و كأنك تعرضت لصدمة عاطفية منذ الصباح ؟!.. هل رفضتك فتاة ما ؟!..
تنهدت بتعب عندها : انا ارفض عادةً و لا أُرفض ..!
- يا لك من مغرور !!..
- انا صريح فقط ..!
- حتى ريكايل كان وجهه شاحباً اليوم ..!
التفت ناحيته باستغراب : متى رأيت ريكايل ؟!..
تعجب من استغرابي : حين خرجت لدورة المياه صادفته هناك ..!
- متى ؟!!..
- مع بداية الحصة الثانية ..!
اتسعت عيناي بذهول لحظتها : هل حضر ريك للمدرسة اليوم ؟!.. أنت تمزح !!..
قطب حاجبيه عندها : لما انت متفاجئ هكذا ؟!..
- لأنه من المفروض ان يكون متغيباً ..!
- لقد رأيته اليوم صدقني ..!
اردف ايثن بعدها : أنا ايضاً رأيته حين مررت من امام فصلهم في الحصة الأولى ..!
شعرت بالدم يغلي في عروقي : ذلك الأهوج ..!
سرت بعدها بخطوات متسارعة ناحية صفة .. إن كان هناك فعلاً فالويل له مني !!..
وصلت إلى هناك و فتحت باب الصف بطريقة عنيفة اجبرت كل من فيه للالتفات ناحيتي ..!
كان هناك عدد لا بأس به من الطلاب .. نظرت لمقعد ريكايل هناك لأجد انه بالفعل يجلس و قد ابعد عينيه عني بتوتر فهو يعلم ما ينتظره ..!
سام كانت تقف بقربه بالإضافة لطالبة اخرى و طالبين اثنين حيث كانوا يتحدثون سويةً عند طاولته ..!
هتفت سام بمرح : مرحباً لينك ..!
تجاهلتها و سرت ناحيتهم غاضباً و صوت خطواتي مسموع و جميع من في الفصل يحدق بي حتى ايثن و ماكس اللذان دخلا خلفي ..!
وقفت امامه و قد أوشح بوجهه بقلق .. تمتمت باستياء عميق حينها : طلبت منك ان تبقى في المنزل .. ألا يمكنك ان تكون اكثر حرصاً ؟!..
رفع رأسه ناحيتي و ابتسم بتصنع : لقد اخبرتك بأن كل شيء على ما يرام .. حتى ادوارد قال هذا ..!
صرخت بانفعال عندها و قد ضربت الطاولة بكفي : كان على ادوارد ان يربطك في السرير حتى تعلم انك لست في وضع يسمح لك بإجهاد نفسك فيه ..!
بدا متلعثماً لحظتها : لا بأس لينك .. لقد رأيت انه لا داعي لتغيبي عن المدرسة .. كما ان لدي امتحان و لا اريد تأجيله ..!
بذات انفعالي هتفت : و هل الامتحان الزم عليك ؟!!.. هل تتعمد فعل هذا لإزعاجي ..!
كان عدد الطلاب في الصف قد ازداد بطريقة ما فمن سمع صوت الصراخ من الخارج دخل ليرى ما القصة ..!
وقف ريك حينها و ابتسم مجدداً : هدء اعصابك .. لقد كانت مجرد فحوصات لا أكثر ..!
- رغم ذلك لن يضرك ان تأخذ قسطاً من الراحة هذا الصباح ..!
- لينك .. أنا اعرف وضعي جيداً و لذا اعرف اني بخير الآن و لا شيء غير ذلك ..!
- ريكايل هلا توقفت عن تلفيق الأكاذيب ؟!!.. أنا بنفسي سألت ادوارد و اخبرني بالتفاصيل !!..
- هذا يكفي .. لقد لفت انتباه الطلاب ..!
تجاهلت كلامه و ربتت على كتفيه حينها و انا اقول : هيا .. احمل اشياءك و عد للمنزل ..!
نظر الي بعناد : لن أفعل ..!
حاولت كتم غضبي قدر الإمكان : كف عن المعارضة و نفذ ما أقوله .. هذا من أجلك و انت تعلم ..!
- ما أعلمه هو انه لا حاجة لبقائي في المنزل في يوم دراسي مهم كهذا ..!
بلا شعور دفعته و قد صرخت بغضب : لتتحمل انت نتائج أفعالك اذاً .. أن حدث شيء فأنا أخلي مسؤوليتي منه ..! صدقني لن تنجو من غضب ادوارد حينها ..!
كان قد سقط فوق كرسيه لحظتها و يبدو انه تفاجئ من تلك الحركة ..!
رغم ذلك سرت لأغادر الصف و اتجاوز ذلك الكم من الطلاب اللذين كانوا هناك يتهامسون ..!
- ماذا ؟!.. هل يتشاجر توأم براون حقاً ؟!..
- للمرة الأولى ارى لينك غاضباً هكذا ..!
- أنا لا افهم ما يقولانه .. لكن انظروا إلى وجه ريكايل .. انه شاحب و يبدو انه مريض ..!
- أنت محق .. يبدو أن لينك يريد منه ان يعود ليرتاح ..!
- أهذا قلق زائد أن ماذا ؟!..
- كم هو رائع ان يكون لك اخ توأم .. حتى في شجاراهما كل منهما خائف على الآخر ..!
يا لهذه التعليقات .. لو لا اني لا اريد افتعال المزيد من المشاكل لرددت عليهم واحداً واحداً ..!
خرجت من الصف و بدأت اسير بالممرات و اتمتم بانزعاج كبير حتى سمعت خلفي : لينك .. توقف ..!
التفت إلى ايثن لحظتها و قلت بذات انزعاجي : ماذا هناك ؟!..
بقلق قال : أنت لست بخير اليوم .. بل منذ الأمس حين كنا في المطعم ..! ما الذي حدث لك ؟!..
تنهدت بتعب عندها : لا تشغل بالك ايثن .. لقد تجمعت علي بعض الضغوطات فقط .. عادة ابدأ بالتصرف هكذا حين اكون متوتراً ..!
ابتسم بهدوء لحظتها ابتسامته تلك التي تجعل من يراها يطمئن بدون شعور : لن اجبرك على الحديث .. لكن ان احتجت لأي مساعدة فتذكر أن لديك صديق اسمه ايثن ..!
لم اجد إلا ان ابتسم لحظتها : شكراً ايثن .. أنك بالفعل صديق رائع ..!
بادلني تلك الابتسامة ثم ربت على كتفي : هدء بالك .. كل شيء سيكون على ما يرام ..!
أومأت ايجاباً فقال بعدها : الآنسة هيلين طلبت مني أن أخبرك أن تمر عليها اليوم ..!
هيلين !!.. ماذا تريد المشرفة الطلابية مني ؟!..
نظرت إليه بهدوء : سأذهب إليها الآن إذاً ..!
لم يعلق بل تركني بينما سرت أنا ناحية الدرج و أنا افكر بكل ما حدث اليوم منذ بداية الصباح ..!
كان الطلاب في كل مكان حولي فوقت الاستراحة لا يزال في بدايته .. لم أرى ينار اليوم .. يبدو انها لم تحضر ..!
كل ما اتمناه هو الا ارى يوجين .. لأني سأفقد اعصابي عندها !!..
نزلت الدرج و سرت في انحاء المدرسة الكبيرة متجهاً لغرفة المشرفة .. و حين وصلت طرقت الباب طرقتين فطلبت مني الدخول : عذراً ..!
نظرت إلي لحظتها و ابعدت نظارة القراءة عن عينيها و هي تقول : آه لينك .. تفضل ..!
دخلت مغلقاً الباب من خلفي ثم سرت ناحية المقعد امام مكتبها و جلست : قال ايثن انك طلبتني ..!
تركت ما بيدها و قالت : أجل ..! هناك بعض الشكاوي ضدك من قبل المعلمين ..! يقولون بأنك كثير الشرود في الحصص و كثير النوم ايضاً ..! كما ان معلم الجغرافيا قال انك تشاجرت معه اليوم ..!
ببرود قلت : لقد حاول ضربي .. كل ما فعلته هو الدفاع عن نفسي ..!
- آه حقاً ؟!.. اذاً أنسى امره ..! ما قصة النوم معظم الحصص .. ألا تنام في المنزل ..!
- بلا ..!
- أخبرني هل تعمل او ما شابهه ؟!..
- أجل .. بعد المدرسة اعمل بدوام جزيء حتى المساء ..!
- طيلة الأسبوع ..!
- لا بل اربعة ايام في الاسبوع فقط ..!
- حسناً لا باس .. عموماً ما يجعل المعلمين يصبرون هو ان درجاتك مرتفعة رغم انك غير مجتهد .. أتعلم ؟!.. انت من الطلاب العشرة الذين يحصلون على اعلى الدرجات في المدرسة ..!
- امر جيد بالفعل ..! إذاً ما مشكلتهم بالضبط ..!
بدا عليها الاستياء و هي تقول : انت غير متفاعل في الحصة اطلاقاً و هذا يزعج المعلمين ..! عموماً لقد طلبوا مني ان ارافقك لمنزلك ليوم واحد كي ارى طبيعة حياتك ..!
قطبت حاجبي : تأتين لمنزلي ؟!..
أومأت ايجاباً : أجل .. اريد ان التقي بعائلتك ..! انت طالب جديد مع ذلك تحدث الكثير من الفوضى .. كما انك شعبي للغاية رغم هدوئك و هذا يثير فضولي ..! وهناك شيء آخر .. أنت معاكس تماماً لأخيك التوأم ريكايل ذو الأخلاق العالية و المحبوب لدا جميع المعلمين وهذا لا يصدق ..!
بضجر قلت : ليس كوننا توأم يعني ان نتطابق في كل شيء .. ريكايل هو ريكايل و لينك هو لينك .. لكل منا شخصية مختلفة عن الآخر ..! حتى الأشياء التي نحبها و نكرهها مختلفة ..!
بدا عليها الاهتمام : حقاً ؟!.. توأم فريد ..!
- لا اعتقد ذلك ..!
- عموماً لن تغادر اليوم بدوني ..!
- كما تشائين .. أهناك أمر آخر ؟!..
- لا .. أنصرف الآن ..!
وقفت مغادراً مكتبها تلك اللحظة و انا افكر .. هل من الجيد أن تأتي لمنزلي ؟!..
هذا غير مهم .. فلا أظنها قادرةً على اكتشاف شيء ..!
قالت ستلقي بأسرتي .. أي اسرة ؟!..
اسرتي الوحيدة هو ريكايل ..!
حتى خالتي ستشكل اسرة خاصة بها قريباً ..!
لأصعد للسطح الآن كي استنشق بعض الهواء ..!
وصلت للدرج الموصل للدور الثاني .. و هناك كان ريك ينزل و بقربه ماكس و سام ..!
نظر إلي للحظات .. انه وجهه مصفر و شاحب .. كما ان نظرته هذه غريبة ..!
هناك شيء من الضعف فيها .. لكني رغم ذلك تجاهلت هذا فقد حذرته من قبل ..!
صعدت اول درجتين و قد كان امامي مباشرة .. لحظتها انتبهت كيف صار وجهه محمراً فجأة و شخصت عيناه لوهلة وهو يتهاوى بدون سابق انذار !!..
اتسعت عيناي و ارتفعت انفاسي و انا اراه يسقط إلى الأمام حيث كنت .. و بلا شعور مددت يدي في محاولة لالتقاطه و فعلاً فعلت إلا اننا سقطنا نحن الاثنان إلى الخلف و شعرت بظهري الذي ضرب في الأرض بقوة ..!
كتمت المي و انا اسمع الأصوات الكثيرة حولي حيث تجمع الطلبة المحيطون بالمكان بسرعة حولنا ..!
- لينك !!.. ريكايل !!..
فتحت عيناي لأرى سام التي نزلت بسرعة ناحيتنا بعد ان صرخت بفزع ..!
شعرت لحظتها بجسد ريكايل الذي كان جزء منه فوقي ..!
بسرعة جلست رغم الم ظهري الشديد و انا امسك ريك بخوف بين يدي : رايل ..! رايل ما بك ؟!!..
حاولت أن اعدل وضعيته فصار رأسه على ذراعي بينما قدماه ممتدتان للأمام ..!
كان وجهه محمراً بشدة لحظتها و صوت انفاسه التي كان يسحبها بسرعة يتعالى في المكان ..!
نبض قلبي بقوة لحظتها و صرخت : ريك ..! ماذا حدث ؟!..
كانت سام قد جلست على الأرض من الجهة الأخرى بينما ماكس يقف بقربنا مصدوماً لكنه هتف و هو يركض مبتعداً : سأستدعي الآنسة هيلين ..!
كنت اهزه بين ذراعي : ريكايل !!.. افتح عينيك ..!
بالكاد يسحب انفاسه ..!
نظرت للطلاب المتجمعين بسرعة و صرخت : ابتعدوا حالاً .. انه يحتاج لبعض الهواء .. لا تتجمعوا هكذا ..!
بالعفل اخذوا يبتعدون و يحاولون صنع مساحة كبيرة بينما اسرع بعضهم لفتح النوافذ القريبة ..!
عدت لأنظر إليه لأجد انه ليس مجرد ضيق تنفس .. قلبه ليس بخير !!.. هذا واضح ..!
شعرت بالدموع في عيني لحظتها لكني بسرعة بحثت في جيوبه عن دوائه علني استطيع فعل شيء ..!
لحظتها فتح عينيه بشكل جزئي فهتفت : رايل ..!
رفعت جسده اكثر حتى صار جالساً تقريباً و قد امسك بي بقوة بإحدى يديه ليثبت نفسه بينما اسرع ليضع يده الأخرى على فمه وقد بدأ يسعل ..!
لا يمكن أنها تلك الحالة مجدداً !!..
لما الآن ؟!.. لما في هذا الوقت ؟!..
رفعت رأسي لسام و قلت بسرعة : أتصلي بالإسعاف !!..
أومأت ايجاباً بتوتر و أخرجت هاتفها ..!
وصلت الآنسة هيلين في تلك اللحظة : ما الأمر ؟!. .
شعرت باسترخائه بين ذراعي لأدرك انه فقد الوعي .. بينما كانت هناك أثار للدماء على كفه الأيمن ..!
......................................... انتهى البارت << كف ><

أخباركم يا أصحاب ؟!.. أن شاء الله تكونوا بخير و صحة و عافية ..!

تمنيت حقاً حقاً حقاً أن أرد عليكم واحدةً واحدة ..! لكن خوفي من التأخر عليكم هو ما منعني خاصة اني الاسبوع الماضي كنت مضغوطة دراسياً للغاية و أيضاً الأسبوع القادم .. حتى اني لم انهي البارت إلا اليوم مع صلاة العشاء لذا قد تجدونه قصيراً بعض الشيء ..!

لكن صدقوني كنت سعيدة و في قمة السعادة بكم جميعاً .. خاصة من عبر بكل قوة عن هذا الرواية عامة و البارت السابقة خاصة .. أني خجلة حقاً لأني لا أجد الوقت لشكركم واحداً واحداً .. لكني أتمنى تعويضكم في الأجزاء على الأقل ..!

لننتقل للبارت الجديد الآن ..!

ماثيو و ينار لم يكملا الطريق .. كيف سيكون مصير كل منهما بعد ذلك ؟!..

أمور جديدة نكتشفها عن بيير .. هل هناك المزيد ؟!..

يوجين و علاقة غريبة بماثيو .. ما السر خلفها ؟!..

ليونيل اكتشف الحقيقة .. هل سيخبر والده بما عرف ؟!..

و في النهاية .. ماذا سيحصل لريكايل يا ترى ؟!..

.........

هذا ما لدي اليوم .. و بحكم انتهائي من البارت اليوم لا يوجد مقتطفات حتى الآن ..!

أتمنى ان تعبروا كما تشاؤون عن الاحداث و رأيكم بها ..!

أعذروني إن كنت قد تأخرت .. و أعذروني لو تأخرت فيما بعد فضغوط الدراسة من امتحانات و تسليم مشاريع تضغط علي هذه الفترة ..!

في حفظ الله و رعايته ..!



التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 03-05-13 الساعة 08:38 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-05-13, 08:36 PM   #14

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25

part 13


امسكت برأسي بين يدي و انا اجلس على ذلك المقعد من الألمنيوم ..!
كم مرة تعرضت لهذا الموقف ؟!..
لا اذكر .. لكن عدة مرات ..!
و رغم ذلك لم استطع ان اعتاد عليه ..!
في كل مرة يبقى قلبي مرعوباً و الدموع تتجمع في عيني و تسيل بسلاسة .. و أشعر ان الموت سيأخذه لا محالة ..!
شعرت بأحد ربت على كتفي .. كانت الآنسة هيلين التي رافقتني بسيارة الاسعاف من المدرسة حتى هنا في المشفى ..!
ريكايل هناك .. ادوارد في الداخل يعتني به و هذا يطمئنني نوعاً ما فقد خفت ان لا يكون موجوداً هذا الصباح فهو كان هنا مساء الأمس ..!
بقلق قالت الآنسة هيلين : لينك .. اليس من الافضل ان تتصل بأحدهم لتخبره عن ما حدث ..!
حاولت ان اخفي ارتجاف صوتي : بمن اتصل ؟!..
- ولي امرك أو احد افراد اسرتك .. أمك ابوك .. أي شخص كبير يأتي إلى هنا كي يتولى الأمور ..!
أم و أب ؟!.. للأسف نحن لا نعرفهما ..!
تمتمت بعدها و انا اضغط على رأسي أكثر : هل تفي خالتي بالغرض ؟!..
بدا عليها الاستغراب قليلاً : و والداك ؟
ترددت .. هل أخبرها ؟!.. و ما المشكلة في ذلك ؟!.. رغم اني لا أحب الحديث عن هذا الموضوع بالذات ..!
تابعت حديثي بصوتي الشبه مرتجف : امي و ابي .. توفيا بعد والدتنا بثمانية عشر ساعة فقط ..! ليس لنا اية أخوة ..! قريبتنا الوحيدة هل خالتنا ميراي ..!
حل الصمت على المكان بينما حاولت هي ان تستوعب ما قلته ..!
بينما اخرجت انا هاتفي و ارسلت رسالة إليها ( مرحباً خالتي .. صباح الخير .. أين أنت الآن ؟!.. )
لم ارد ان اتصل عليها فترعب من صوتي المتغير تماماً ..!
و لم تمض سوى لحظات و ارسلت ( أهلاً لينك .. صباح الخير عزيزي .. أنا في المطار الآن أعمل فقد عدت من ويلز قبل قليل ..! هل تريد شيئاً ؟!.. )
عدت لأراسلها مجدداً ( لا شيء .. حين تنتهين من عملك اتصلي بي ) ..!
اعدت الهاتف لجيب سترتي لحظتها و قلت : لن تأتي .. إنها في العمل ..!
افاقت من شرودها وهي تقول : من ؟!..
- خالتي ..!
- هل اخبرتها بوضع ريكايل ؟!..
- لا .. لا اريدها ان تقلق ..! انا و ريك نسبب الكثير من المتاعب لها لذا لم اخبرها .. طلبت منها ان تتصل بي حين تنهي عملها ..!
- حسناً .. هذا جيد ..!
سمعت صوت خطوات متتابعة كأن احدهم يجري ناحيتي و من بعدها هتف : لينك ..!
رفعت رأسي لحظتها لأجد هاري يسير ناحيتي بسرعة فوقفت كردة فعل لا إرادية ..!
ربت على كتفي لحظتها وهو يقول بقلق : ماذا حدث مع ريكايل ؟!..
شعرت بالاختناق لحظتها و استندت إلى هاري و انا اتمتم : أنها غلطتي .. كان علي ان امنعه من الذهاب للمدرسة .. كان علي الا اتشاجر معه !!..
ربت على رأسي عندها وهو يقول : اهدأ قليلاً .. أجلس الآن و لنتحدث بهدوء ..!
ابتعدت عنه قليلاً ثم عدت لأجلس بينما قال وهو واقف امامي : قلت انه ذهب للمدرسة ؟!..
أومأت ايجاباً فجثى امامي و ابتسم بهدوء : اطمئن .. اعتقد انه مجرد اجهاد ..!
قطبت حاجبي عندها : لكنه كان يبصق دماً ..!
- لم يكن بخير من الأساس .. كان عليه الا يكابر .. من المفترض ان يأخذ قسطاً من الراحة ..!
- هل سيكون بخير إذاً ؟!..
- لقد اطلعني ادوارد على التفاصيل هذا الصباح .. ان رايل يجهد نفسه في العمل و الدراسة اضافةً أنه لم يعد يهتم بنظامه الغذائي كما في السابق .. اهماله هذا اودى به لهذه النتيجة ..!
شعرت بالقلق اكثر و اكثر : كان علي ان اكون اكثر حرصاً ..!
ربت على كتفي و هو يقول : أخبرتك انه سيكون بخير .. أنه يحتاج قرصة في أذنه حتى يكف عن المكابرة ..!
ترددت قبل ان اومئ موافقاً ..!
حينها انتبه هاري للآنسة هيلين بجواري ليقول : أعتقد اننا التقينا سابقاً .. أنت من مدرستهم صحيح ؟!..
أومأت ايجاباً بتردد بسيط : أجل ..! كما اذكر انت من قدم لتسجيل توأم براون في المدرسة ..!
اخذت تدقق النظر فيه و في ثيابه تلك التي كانت عبارة عن بنطال اسود مع قميص ابيض و فوقه المعطف الأبيض الطويل الخاص بالأطباء : لم اعتقد انك تعمل طبيباً ..! تبدو مقرباً من لينك و ريكايل ..!
أومأ إيجاباً بابتسامته اللطيفة : أجل .. أنا جارهم .. كما اني طبيب ريكايل ..!
- هكذا إذاً ..!
قبل ان يقول احد شيئاً آخر خرج احدهم من الغرفة فوقفت حالاً لأرى انيتا التي كانت البشرى في وجهها : لقد تم الأمر بنجاح .. أنه بخير الآن .. يمكنكم الدخول ..!
شعرت و كأن مياه باردةً سكبت على رأسي لحظتها .. لقد مر الأمر بسلام هذه المرة !!..
نظرت لهاري الذي كان يبتسم لي بثقة : أخبرتك ..!
وقفت بعدها و سرت معه إلى داخل الغرفة و ما إن دخلنا حتى شهقت انيتا بفزع : ادوارد !!.. ماذا تفعل ؟!..
تفاجأت بالدكتور مارفيل يقف قرب السرير و يسحب اذن ريكايل الذي كان يتأوه لحظتها وهو يتمتم بغضب : في المرة القادمة سأقص أذنك التي لا فائدة منها !!.. أعتقد اني اخبرتك ان تذهب للمنزل و ترتاح لا ان تكابر و تذهب للمدرسة ايها الاهوج ..! هل تتظاهر بأنك لم تسمعني ؟!..
بألم تكلم رايل بصوته المبحوح : آسف .. أقسم اني اسف ..!
تقدمت حينها باستياء اخفيه خلف نظرتي الباردة : يبدو ان علي ان اقص لسانك أيضاً حتى لا تكذب مجدداً ..! ذكرني .. أقلت أن ادوارد اخبرك بأنك بخير و ان الذهاب للدوام المدرسي اليوم امر طبيعي ؟!..
ترك ادوارد اذنه حينها و هتف باستياء : أيها الأحمق العنيد !!.. و تتظاهر بأنك الفتى المهذب الطيب الذي لا مثيل له ..!
امسكت انيتا بذراعه حينها : أهدأ إدوارد .. انه لا يزال متعباً و هذا ليس الوقت لعتابه ..!
نظر رايل ناحيتي للحظات لتلاقيه نظرتي الغاضبة الباردة مما جعله يبعد عينيه مرعوباً منها ..!
تكلمت بعدها بجد و هدوء : ادوارد .. كم يلزم على ريكايل البقاء في المشفى ؟!..
- يمكنه البقاء حتى المساء فقط ..!
- أيمكنك ان تتركه هنا ثلاثة ايام ..!
- ان كنت تريد ذلك فهذا ممكن ..! أنا موافق ..!
شهق ذلك المقصود فزعاً : أتمزحان ؟!!.. لا اريد البقاء هنا !!..
اردفت بعدها بذات نبرتي الباردة : دكتور ادوارد .. يبدو ريكايل متعباً .. أيمكنك أن تمنع الزيارة عنه حتى صباح الغد ؟!..
ابتسم بمكر : أجل .. من دواعي سروري ..!
بدت الصدمة عليه بينما تمتمت انيتا بفزع : مرعبان حين يتفقان ..!
وافقها هاري على هذا : أجل .. و ريك هو الضحية !!..
تقدمت الآنسة هيلين لحظتها و نظرت لريك : ريكايل .. كان عليك التغيب عن المدرسة ما دمت مريضاً بدل هذه الفوضى التي سببتها ..!
قطب حاجبيه لحظتها و تمتم : أسف .. لم اقصد تسبيب المشاكل ..!
تنهدت عندها براحة : المهم انك بخير .. لقد افزعتني بالفعل ..!
كان وجهه شاحباً و اثار المرض ظاهرة عليه .. خرجنا من الغرفة ما عدا ادوارد الذي بقي ليخبره عن كيفية تلافي مثل هذه المشكلة مرة أخرى ..!
فور ان خرجنا التفتت لأنيتا : هل هو بخير حقاً ؟!..
ابتسمت عندها بلطف وهي تقول : اطمئن .. كل ما فعلناه هو اعطاءه بعض الحقن من اجل دفع القلب لضخ المزيد من الدم ..!
بقلق قلت : لكنه كان يسعل دماً ..!
- لينك .. هذا طبيعي في حالته ..! كما انه لم يسعل الكثير و لذا اطمئن ..! بما انه لم يتعرض لصدمة ما فهذا جيد ..! لقد ارهق نفسه هذه الفترة مما جعل نبض القلب ابطأ و اضعف لذا لم يضخ الدم بشكل جيد في الجسد ..!
لم اقتنع كثيراً بكلامها .. ولكن يبدو لي انه بخير حقاً ..!
اردفت بعدها بجد : صحيح .. قال ريك انه سقط فوقك من الدرج .. هل تأذيت ؟!..
- لا تقلق .. مجرد الم بسيط في الظهر و قد خف الآن ..!
- رغم ذلك يجب ان تقوم بعمل اشعة عليه .. الظهر منطقة حساسة بسبب وجود العمود الفقري .. لو تأذى هذا العامود فسيؤدي إلى عواقب وخيمة ..!
لم اعلق فابتسمت هي حينها :تعال معي لنقم بعمل اشعة لنتأكد من سلامته .. كما سأعطيك بعض المراهم احتياطاً كي لا تظهر كدمات فيه ..!
- حاضر ..!
....................................
الساعة الآن هي الثانية عشر ظهراً ..!
قامت انيتا بالعناية بي فقد خضعت لفحص بالأشعة العادية و كذلك الأشعة المقطعية .. غير ان ظهري اصطدم بالأرض رأسي كان كذلك و لذا أي شيء قد يسبب نزيفاً داخلياً يؤدي للوفاة ان لم يتم مداواته ..!
لكن النتائج كانت مطمئنة فأنا لم اسقط من مسافة مرتفعة ..!
ها أنا عائد للمنزل فالدوام المدرسي سينتهي بعد نصف ساعة و لكني لم اكن وحدي عندها .. فالآنسة هيلين مصرة على مرافقتي !!..
ها نحن نسير في شوارع الحي بعد نزلنا من الحافلة منذ قليل ..!
كنت قد اخرجت هاتفي و كتبت رسالة تشير أن ريك بخير و قد ارسلتها لسام و ماكس و ايثن و ريا أيضاً .. طلبت منهم ان يطمئنوا باقي الطلبة و أيضاً ألا يقوموا بزيارته اليوم فهو يحتاج للراحة ..!
اعدت الهاتف لجيبي و قد كنت قد وصلت للعمارة : تعيش هنا ؟!..
- أجل .. في الدور الخامس ..!
- جيد .. قريب من المدرسة ..!
- الذهاب سيراً يأخذ من سبع إلى عشر دقائق فقط ..!
دخلنا إلى ساحة العمارة فلم يكن هناك احد حتى الأطفال .. لم يعدوا من المدرسة بعد ..!
قبل ان ندخل من البوابة قلت لها : سأذهب لذلك الدكان اولاً لشراء بعض الحاجات ..!
ببساطة قالت : سآتي معك اذاً ..!
لم اعترض بل سرت معها إلى الدكان و دخلنا حيث كان صاحبه يجلس خلف طاولة المحاسبة البسيطة و في يقرأ الصحيفة : مرحباً عم جاك ..!
التفت ناحيتي ليقول بابتسامة : اوه لينك .. عدت من المدرسة مبكراً ..!
أومأت ايجاباً فنظر إلى الشابة معي ليقول : و من هذه الآنسة ؟!..
- انها مشرفة في المدرسة .. و قد اصرت على مرافقتي طيلة اليوم من أجل بعض الأمور ..!
تكلمت الآنسة هيلين باحترام حينها : أدعى هيلين و انا مشرفة في الثانوية القريبة من هنا ..!
ابتسم لها : تشرفنا يا آنسه ..!
اردفت حين لاحظ شيئاً : أين ريكايل ؟!.. ألم يعد بعد ..!
اخذت نفساً عميقاً ثم قلت : الحقيقة انه مريض بعض الشيء و يستلزم عليه البقاء في المشفى .. لكن اطمئن لا شيء خطير ..!
صمت للحظات قبل ان يقول بهدوء : هكذا إذاً .. أرجوا له الشفاء العاجل ..!
- شكراً لك ..!
قلت هذا و انا انظر إلى المواد الغذائية و احمل ما ينقص المنزل من أجل الغداء ..!
رايل ليس هنا و كيت في المدرسة لذا يستلزم علي البدء وحدي ..!
اشتريتها و دفعت الحساب ثم اتجهت مع الآنسة هيلين إلى مدخل العمارة .. صعدنا من خلال المصعد إلى الدور الخامس مباشرةً .. و اتجهنا إلى الشقة ..!
كنت قد نسيت حقيبتي المدرسية في المدرسة .. لكن ماكس ارسل الي قائلاً بأنه سيحضرها فيما بعد ..!
فتحت باب الشقة بالمفتاح الذي كان في جيبي حيث قالت الآنسة التي ترافقني : اتعيش هنا مع ريك وحدكما ؟!..
تنهدت بتعب : نحن ثلاثة افراد نعيش في هذه الشقة .. على الأقل ..!
لم تفهم المقصد لكنها قالت : هل الفرد الثالث هو خالتك ؟!..
فتحت الباب و دخلت : لا .. بل طالب اعدادية متشرد ..!
بدا الاستنكار في عينيها بينما وقد تبعتني إلى الداخل .. أغلقت الباب فأخذت هي تنظر إلى الشقة الهادئة تماماً و التي غمرها نور الشمس الصادر من نوافذ الغرف ..!
بهدوء علقت : شقة صغيرة حقاً ..!
- غرفتا نوم و غرفة جلوس و مطبخ .. أضافة لدورتي مياه ..!
ادخلتها إلى غرفة الجلوس : تفضلي هنا ..!
في الوقت ذاته سرت ناحية المطبخ و تركت الاغراض التي اشتريتها على طاولة الطعام الصغيرة ..!
تذكرت امر بيير .. أنه هنا بالتأكيد .. ربما يكون نائماً ..!
عموماً لأوقظه فقد تأخر الوقت كما انه من الجيد ان يساعدني في تحضير الغداء ريثما تصل كيت ..!
اتجهت لغرفة ليو و فتحت الباب .. كان هناك فراشان على الأرض بينهما مسافة لا بأس بها .. أحدهما مرتب بعناية و اما الآخر فقد كان ذلك الفتى ذو الوجه البريء ينام عليه ..!
كانت الغرفة شبه مظلمة بسبب الستائر المغلقة .. تجاهلت الاضواء و اتجهت للستارة لأزيل بعضاً منها : بيير .. لقد نمت طيلة الصباح ..!
التفت ناحيته ليتحول هدوئي إلى صدمة بسيطة حين رأيت ملامح وجهه المرهقة و حاجبيه المقطبين اثناء نومه كما انه كان يتحرك بشكل غريب ..!
اقتربت منه ببعض القلق .. يبدو انه يرى كابوساً ما ..!
فوجئت بقطرات العرق تسير من جبينه بينما هناك دموع تنحدر من عينيه و اصوات انفاسه مرتفعة ..!
يبدو انه كابوس بالفعل .. علي ان اوقظه حالاً ..!
جثيت بقربه و انا اقول : هيه بيير ..!
ارتفع صوت انفاسه و بدا كأنه يصارع شخصاً ما مما جعلني اربت على كتفه و قد هتفت بسرعة و بخوف : بيير استيقظ ..!
لم اكد اقل تلك الجملة حتى صرخ و قد فتح عينيه و استقام جالساً وهو يسحب انفاسه بصعوبة و قد وضع يده على صدره بينما هناك دموع تسيل من عينيه ..!
شعرت بالارتباك لحظاتها لكني ربت على كتفه : أأنت بخير ؟!..
التفت ناحيتي و قد شهق بفزع بينما اتسعت عيناي حين رأيت ملامح وجهه المرعوبة الخائفة وقد غسلته الدموع وقد تمتم بصوت مبحوح : ر .. ري ؟!..
كدت اقول شيئاً لكني صدمت به يمسك بذراعي بقوة و يده ترتجف و قد طأطأ رأسه وهو يتمتم بصوت لا يقل ارتجافاً عن ارتجاف جسده : لقد .. لقد رأيته مجدداً ..!
شعرت بالاسى عليه رغم اني لا ادرك أي نوع من الكوابيس هو هذا الكابوس الذي رآه ..!
اسند جبينه إلى كتفي فربت على ظهره تلقائياً لأصدم بمدى ارتجافه الغير طبيعي .. و كي اطمئنه تمتمت : اهدأ .. لقد كان مجرد كابوس ..!
اختنق صوته حينها وهو يتمتم : لقد رأيتهم .. رأيت لحظة اطلاق النار هذه المرة ..!
قطبت حاجبي و لم افهم قصده .. يبدو انه شيء من تفاصيل كابوسه ..!
اخذت نفساً عميقاً و قلت : بيير .. انه مجرد كابوس و لذا لا تشغل بالك به ..!
رفع رأسه عني دون ان ينظر لوجهي و اومأ ايجاباً ..!
اني افهم شعوره .. لقد بقيت ارى الكوابيس لمدة طويلة خلال حياتي ..!
كنت دوماً أرى اللحظة التي اخترقت فيها السكين جسد اليس الصغيرة ..!
يبدو ان لبيير ذكريات مشابهة ايضاً لكني لا اعرف تفاصيلها ..!
ربت على كتفه حينها و قلت : اغسل وجهك الآن و انسى امر هذا الكابوس ..!
لم يعلق بل ترك ذراعي بتردد فوقفت و قررت تركه وحده لبعض الوقت ..!
رأيت الآنسة هيلين وقد كانت تقف قرب الباب فيبدو انها هرعت إلى هنا حين سمعت صوت الصرخة ..!
كانت علامات القلق و الحيرة على وجهها لكني اشرت لها ان كل شيء بخير فعادت ادراجها ..!
خرجت من الغرفة بعد ان تركت بيير الذي حنى ركبتيه و اسند رأسه و ذراعيه إليهما ..!
يبدو محبطاً للغاية من هذا الكابوس .. أشعر بالقلق حقاً من هذه المسألة فصرخته تلك كانت دليلاً على انه ليس مجرد كابوس صغير ..!


اتجهت لغرفة الجلوس حيث كانت الانسة هيلين التي قالت في الحال بقلق : أذلك الفتى بخير ؟!..
- اجل اطمئني .. لقد رأى كابوساً فقط ..!
- هل هو الفرد الثالث ؟!..
- لا .. انه صديق ريكايل وهو يعيش في سويسرا .. لكنه قدم لقضاء اجازته معنا و سيبقى هنا قليلاً من الوقت ..!
- اه .. هكذا إذاً ..!
- عن اذنك .. سأبدأ بإعداد الغداء ..!
قلت هذا و انا اسير للمطبخ .. انها جادة في خصوص معرفتها لتفاصيل حياتي .. ربما كان من الأفضل ألا ازعج المعلمين ..!
بدأت بإعداد المعكرونة بالصلصة الحمراء و هي الطبق الذي اجيده اكثر من أي شيء آخر نظراً لسهولة صنعه ..!
و بينما انا اقوم بذلك شعرت بأحدهم دخل إلى المطبخ : مرحباً ..!
التفت لأرى بيير بوجهه الشاحب و قد ظهرت ابتسامة لطيفة على محياه .. و بهدوء اجبته : أهلاً ..!
بدا عليه الاستغراب : أين ري ؟!..
- لم يأتي للمنزل ..!
صمت للحظات و يبدو انه صدم .. لقد كان يعتقد اني ريكايل قبل قليل فالمكان كان شبه مظلم و صوتي يشبه صوت رايل إضافة أنه لم يكن في حالة تسمح له باستدراك ماهية الشخص الذي امامه ..!
و الآن وقد ادرك بأنه كان انا فلا شك انه محرج من الأمر ..!
بهدوء قلت : لا عليك .. أنا ايضاً أرى الكثير من الكوابيس ..!
لم يعلق بل سحب الكرسي و جلس على المقعد و في محاولة لتغير الموضوع : واين ري اذاً ؟!..
أغلقت القدر و سرت ناحيته لأقول : لقد اعدته للمشفى .. لقد بدى مرهقاً في الصباح ..!
تعمدت عدم معرفته بالحالة التي اصابت رايل كي لا يقلق ..!
لكنه رغم ذلك هتف بقلق : أهو بخير ؟!..
أومأت ايجاباً : أجل .. لقد كان يكابر حين اتى للمدرسة .. كان عليه ان يبقى في المنزل ليرتاح ..!
طأطأ رأسه للحظات قبل ان يقول : لقد حاولت منعه من الذهاب .. لكنه حين علم بالمشاجرة التي حدثت بينك و بين ليو اصر على ان يذهب ليطمئن عليك ..!
نظرت اليه بدهشة حينها .. لقد كان ريك قلقاً علي اذاً !!.. ذلك الأهوج !!..
باستياء تمتمت : عليه ان يقلق على نفسه قبل ان يقلق علي !!..
وقفت و اتجهت للثلاجة و اخرجت علبة مياه بلاستيكية لأشرب ما ابرد به على صدري : انت تجيد الطهو اذاً يا لينك .. غير متوقع !
التفت لأجد الآنسة هيلين قرب الباب : لست بتلك المهارة لكني استطيع تدبر امر الغداء على الأقل ..!
نظر بيير اليها باستغراب فقلت : بيير اعرفك .. الآنسة هيلين هي المشرفة الطلابية في مدرستنا ..! يا آنسة .. هذا بيير لايسر صديق ريك منذ الطفولة ..!
قام كل منهما بتحية الآخر و قد تقدمت الآنسة هيلين لتجلس على احد المقاعد : ان كنت تحتاج لأي مساعدة فأنا موجودة ..!
أغلقت غطاء العلبة بإحكام بعدما شربت نصفها : لا يجوز ان ندع الضيوف يقومون بهذه الأشياء ..!
قبل ان تنطق شيئاً سمعنا صوت الباب يفتح من خلفه صوت خامل ضجر : لقد عدت ..!
وصل المشرد الذي يحتاج إلى صفعة !!..
أنا لن أرخي دفاعاتي ناحيته !!..
وقف امام باب المطبخ بزيه المدرسي الذي كان عبارة عن قميص أبيض و بنطال كحلي و هو يعلق حقيبته ذات الحزام الواحد على احد كتفيه بينما تستقر الحقيبة على الجهة الأخرى : لدينا ضيوف ..!
قال هذا ببرود فأردفت انا بانزعاج دون ان انظر إليه : لما عدت الآن ؟!.. الن تتناول الغداء عند والدك ؟!..
استفزه كلامي فقال حالاً : أتناول الغداء اينما اشاء ..!
التفت ناحيته و قلت ببرود مصطنع : اوليس لديك موعد مهم معه ؟!.. أم انك ستأجل هذا لما بعد الغداء حتى تكون في كامل طاقتك ..!
ظهر الغضب على وجهه و هتف : أخرس ايها الأحمق مارسنلي !!!..
لم يكد يقول الاسم الأخير حتى رميت عليه علبة الماء بكل ما املك من قوة و غضب لتصدم بوجهه و قد صرخت : لا تنطق ذلك الاسم علناً أيها المشرد !!!..
كان قد سقط ارضاً اثر الدوار الذي اصابه من اصطدام العلبة بوجهه ..!
وقفت الآنسة هيلين غاضبة : لينك .. ممارسة العنف على من هم اصغر منك ممنوعة ..!
بهدوء و بساطة قال بيير : أنهما لا يتفاهمان إلا بهذه الطريقة ..!
جلس ليو ارضاً ونظر الي بغضب .. اخذ علبة الماء و وقف بسرعة ليرميها علي لكني تفاديتها حالاً : أنظر أين تطلق في المرة القادمة ..!
لكني لحظتها سمعت صوتاً اشبه بصوت سائل سكب على النار و ما إن التفت إلى الفرن حتى وجدت القدر قد انقلب فوقه و سكبت منه المعكرونة على الفرن و على الأرض مما جعلني اشهق فزعاً : أفسدت الغداء ايها الأهوج !!..
- كله بسببك أنت .. لو تلقيتها لما اصطدمت بالقدر ..!
اسرعت لأطفئ نار الموقد و انا اقول بانزعاج : كيف سأتدبر امر الغداء الآن ..!
باستغراب قال بيير : ليست المرة الأولى التي لا نتناول فيها الغداء ..!
- اعلم .. لكن لدينا ضيف اليوم لذا الأمر مختلف ..!
ببرود قالت الآنسة هيلين : لا تشغل بالك بي فأنا أقوم بحمية ..!
ليو اتجه ببرود ناحية غرفته ليبدل ملابسه بينما بدأت مع بيير بتنظيف المكان ..!
اتصلت بهاري و طلبت منه ان يجلب الغداء معه من احد المطاعم .. أخبرني ان خالتي ستأتي و أنه سيذهب ليحضرها من المطار كي يخبرها عن ريكايل ايضاً ..!
و ها نحن في غرفة الجلوس الآن حين دخل احدهم : لقد عدت ..!
دخلت كيت إلى الغرفة و هي لا تزال بملابس المدرسة و فور ان رأتني قالت : لدي امتحان في الرياضيات .. ستساعدني في الدراسة ..!
باستنكار قلت : منذ متى و انت تهتمين للامتحانات ؟!..
قطبت حاجبيها باستياء : أنت من طلب مني ان اتفوق ..!
تنهدت عندها و قلت : لابأس .. بعد ان نتناول الغداء ..!
بدا انها انتبهت للآنسة الآن لكنها لم تعلق بينما كان الاستغراب واضحاً على المشرفة الطلابية : الم تقل انه ليس لديك اخوة غير ريكايل ؟!.. من هذه إذاً ؟!..
قبل ان اقول اجابت كيت ببرود و بساطة : ابنته ..!
شهقت الآنسة بينما هتفت أنا : كفي عن الكذب !!.. أنا أكبر منك بأربع سنوات فقط !!..
التفت ناحيتي لتقول : إذاً من هذه الفتاة ؟!..
- انها جارتي ..! تذكرين الدكتور ليبيرت ؟!.. أنها اخته الصغرى ..!
عادت تنظر إليها بسرعة : آه هكذا إذاً .. أنها تشبهه حقاً ..!
سارت كيت متجاهلة الجميع و هي تقول : سأبدل ملابسي و اعود ..!
غادرت هي بينما التفت الآنسة هيلين ناحيتي بشك : و هل تبقى هذه الفتاة معظم وقتها هنا ؟!..
قطبت حاجبي و قلت : كل ما في الأمر انها يتيمة الوالدين و اخوها غالباً في العمل .. لذا تقضي الوقت معنا بدل البقاء وحدها ..! شقتنا مليئة دوماً بالكثير من الاشخاص لذا لا تستغربي ان يدخل شخص في كل ثانية ..!
- لقد جئنا ..!
كان هذا صوت هاري الذي دخل الآن .. نظرت للآنسة عندها : الم أقل لك ..!
دخل و معه خالتي التي هتفت بسرعة : لينك .. كيف مرض ريكايل فجأة ؟!..
وقفت عندها و قلت بهدوء : اطمئني .. لقد اخبرني ادوارد بأنه سيكون بخير ..! لقد اخطأ بإرهاق نفسه ..!
دمعت عيناها عندها و هي تقول : و كيف جعلته يرهق نفسه ؟!..
صمت و لم اعلم كيف أرد عليها .. اشعر حقاً بالذنب تجاه هذه المسألة ..!
ربت الدكتور هاري على كتفها حينها و هو يقول بهدوء : ميراي اهدئي .. لينك ليس له أي ذنب فيما حدث ..!
نظرت إلي عندها و هي تقول بأسف : اعتذر .. لقد انفعلت فقط ..!
تقدمت ناحيتي بضع خطوات و هي تقول : عموماً المهم انه بخير ..! في المرة القادمة اخبرني حالاً فأبناء أختي اهم من العمل ..!
أومأت ايجاباً لحظتها فسألت : هل اخبرت جوليا و ميشيل ؟!..
لقد نسيت امرهما تماماً : ليس بعد ..!
- يجب ان تفعل .. فأنت تعلم انهما يعدان ريكايل كأخ لهما و هو كذلك ..!
- حسناً .. سأخبرهم بالتأكيد ..!
وقفت الآنسة هيلين عندها و تقدمت : عذراً .. أأنت خالة لينك و ريكايل ..!
التفتت ميراي ناحيتها باستغراب : آه .. أجل .. من أنت ؟!..
- اعرفك بنفسي .. أنا المشرفة الطلابية في مدرستهما و ادعى هيلين ..! سعيدة لأن ريكايل بخير ..!
- تشرفنا .. و انا ميراي .. شكراً لك يا آنسة ..!
- حين أخبرني لينك ان لديه خالة اعتقدت انها كبيرة في السن .. لم اتوقع ان تكون شابة صغيرة مثلك ..!
ابتسمت الآنسة هيلين لحظتها : أنا اكبرهما بثمان سنوات فقط ..!
- اوه هكذا إذاً ..! أود التحدث معك بموضوع لينك .. انه يسبب بعض الازعاج للمعلمين ..!
كنت مصدوماً من الآنسة هيلين التي نظرت ناحيتي بمكر بينما نظرت إلي خالتي بتوعد ..!
و بارتباك قلت : سأذهب لتجهيز المائدة ..!
اسرعت إلى المطبخ و هناك كان بيير ينظر إلى أكياس الطعام التي جلبها هاري ..!
اقتربت منه و قلت : لنعد المائدة ..!
نظر إلي حينها : متى ستذهب لرؤية ريكايل ..!
ببرود قلت : قال الطبيب انه من الأفضل تركه يرتاح اليوم .. لذا يفضل ألا نزوره ..!
لم يعترض على غير المتوقع بل بدأ العمل بصمت .. انه شارد الذهن .. يبدو ان ذلك الكابوس قد اثر عليه حقاً ..!
..............................................
تلقيت محاضرة طويلة من ميراي بحضور هيلين عن موضوع النوم في الحصص و الشرود فيها ..!
بالطبع كان من ابرز المواضيع ان علي ان اجعل ريكايل المهذب المحبوب قدوة لي في المدرسة و هذا هو المستحيل بعينه ..!
بعد ان تناول الجميع الغداء قمت بمساعدة كيت في الدراسة .. انها ذكية و تفهم بسرعة اكثر مما توقعت .. لكن مشكلتها هي في مزاجها المستاء على الدوام و في عنادها الذي لا يحتمل ..!
خالتي عادة لشقتها كي ترتاح بعد السفرة بينما بدلت انا ثيابي و استعددت للذهاب للعمل ..!
و ها هي الآنسة هيلين خلفي في كل لحظة ..!
كنا في الحافلة سويةً و قد كانت تجلس بجواري مما جعلني اقول بضجر : يا آنسة .. هل ستلحقين بي أينما ذهبت ؟!..
ببرود قالت : أجل .. يجب ان اعرف السبب الذي يجعلك تشرد طيلة الحصة ..! ربما يكون الأمر متعلقاً بمكان عملك ..! بالمناسبة ماذا تعمل ؟!
نظرت إلى الشوارع من النافذة و ببرود قلت : عازف في مطعم عائلي ..!
التفت إلي مذهولة : أتعزف ؟!.. على ماذا ؟!..
- البيانو ..!
- هذا مثير حقاً ..!
- ليس كثيراً ..!
- على العكس .. قلة من الشباب يتعلمون العزف ..! كيف تعلمته ؟!..
ترددت للحظات قبل ان اتمتم : المرأة التي ربتني كانت تجيد هذا ..!
- اريد سماعه ..!
- ستسمعين حين ابدأ العمل ..!
صمتنا قليلاً قبل ان تقول : صحيح .. ما علاقتك بذلك الفتى المدعو ليونيل .. أهو قريبكم ؟!..
ذلك المشرد : لا .. ان والديه منفصلين لذا هو يعيش معنا ..! والدته تعيش في العمارة ذاتها و قد تمنت ان يكون بالقرب منها ..!
- و لما لا يعيش عندها إذاً ..!
- انها متزوجة و لديها طفل من زوجها الآخر .. لذا هو لا يريد العيش مع زوجها ..! الأمر ذاته بالنسبة لوالده ..!
- هكذا إذاً ..!
توقفت الحافلة عندها فنزلنا منها و سرنا بعض الوقت على الصريف حتى وصلنا للمطعم .. استغربت تجمع الناس في الخارج مما جعلني اسرع و اتجاوز الصفوف لأرى بعض رجال الاطفاء في المكان بينما يظهر السواد على الجدران من خلال الزجاج الخارجي الذي تكسرت اجزاء منه : ما الذي جرى ؟!..
هذا ما تمتمت به قلقاً و حينها انتبهت للمدير الذي كان يقف هناك مع رجال الاطفاء فأسرعت ناحيته : حضرة المدير .. ماذا حدث ؟!..
التفت ناحيتي حينها و قال : لقد انفجر الفرن بسبب اهمال احد الموظفين .. المكان يعج بالفوضى في الداخل و المطبخ في حالة رديئة جداً ..!
قطبت حاجبي عندها : ماذا سنفعل إذاً ؟!..
تنهد عندها و قال : سنغلقه لبعض الوقت حتى نقوم بإصلاحه ..! حتى ذلك الوقت سأسجل اسمك في احد المكاتب كي يتم توظيفك مؤقتاً في مكان آخر ..!
ترددت للحظات قبل ان اومئ موافقاً .. لكن المدير انتبه حينها و قال : أين اخوك ؟!..
- انه مريض بعض الشيء و هو في المشفى .. سيبقى بضعة ايام هناك ..! لذا اود منك عدم تسجيل اسمه معي ..!
- هكذا اذاً .. لا بأس ..! اتمنى له الشفاء ..!
- شكراً ..!
- اذهب الآن .. سأتصل عليك ان طلبك احدهم ..!
- حاضر ..!
تركته بعدها و عدت للآنسة هيلين التي كانت بين الحشود و اخبرتها بما حدث : يبدو ان الاصلاحات ستأخذ وقتاً ..!
أومأت ايجاباً عندها فقالت : ماذا ستفعل اذاً ؟!..
اجبتها بهدوء : سأعود للمنزل ..!
بدا عليها الضجر حينها ثم قالت : أن كان هكذا فلا بأس .. يبدو ان مهمتي انتهت اليوم ..! اراك في المدرسة غداً ..!
ابتسمت لها : إلى اللقاء ..!
سارت في ذلك الشارع مبتعدةً عني .. رائع .. لقد تخلصت منها !!..
و الآن .. هناك مكان اريد زيارته قبل العودة للمنزل ..!
..................................


وقفت امام باب ذلك المنزل الصغير و رننت الجرس ..!
لم اتي لهم مسبقاً في هذا الوقت .. عادة ازورهم في المساء حين انهي عملي ..!
اعرفتم من اقصد ؟!.. انه ملجأ الأيتام ..!
لم اكن اريد للآنسة هيلين ان تأتي إلى هنا كي لا تعتقد اني اتصنع اللطف حتى تقتنع بي ..!
من الجيد انها رحلت .. كنت أعلم انها ستصاب بالملل قريباً ..!
وقفت انتظر للحظات امام الباب .. غريب انه لم يفتح بسرعة ..!
ضغطت على الجرس مجدداً و بعدها بلحظات سمعت : من هناك ؟!..
كانت نبرة توجس .. ما القصة ؟!..
بهدوء قلت : أنه انا .. لينك ..!
مضى بعض الوقت قبل ان تفتح تلك الفتاة الباب و على وجهها نظرة اقرب للصدمة !!..
و لا أخفي عليكم .. أني صدمت حين رأيتها امامي !!!..
كانت قد فتحت الباب على وسعه و ها هي تنظر إلي و تتمتم : لـ .. لينك !!..
لا أعلم ما المشاعر التي اجتاحتني لحظتها ؟!..
أهو الشوق ؟!.. أم القلق ؟!.. أم الخوف ؟!.. ام السعادة !!..
لا أعلم لكني هتفت باستنكار: ليديا !!!!!!!!!..
تحولت معالمها للسعادة وهتفت : أنه انت حقاً !!. .هذا رائع لينك !!..
قبل ان اقول شيئاً امسكت يدي و سحبتني إلى الداخل ثم أغلقت الباب : من الرائع اني رأيتك أخيراً !!.. كنت قلقة عليك !!.. كيف حالك الآن ؟!.. و ما حال الحياة الجديدة ؟!.. لقد حكى لي ريكايل القليل من الأمور !!.. كيف حاله هو الآن ؟!.. لم اره منذ مده !!.. و ماذا عن ...........!
قاطعتها حينها : على رسلك .. كيف سأجيب عن كل هذا ؟!..
توقفت لحظتها ثم ضحكت بخفة : اعذرني .. لقد انفجرت من هول المفاجأة ..! لم اعتقد اني سأراك فجأة ..! كنت انوي الاتصال بك قريباً ..!
ابتسمت لها لحظتها : أتعلمين .. انه شيء إيجابي لقاءنا فجأة .. لقد كنت متردداً بالاتصال بك ..! ظننتك ستكونين غاضبة مني لأني تأخرت في هذا ..!
أومأت سلباً بابتسامة لطيفة و وجنتين متوردتين : لا عليك ..! فكرت كثيراً انه من الجيد ضربك و خنقك حين رؤيتك بسبب هذه القطيعة ..! لكن لا بأس الآن ..!
شعرت بالرعب للحظه .. كلامها معاكس تماماً لابتسامتها اللطيفة ..!
- تفضل الآن ..!
- شكراً لك .. غريب ان تفتحي الباب ..!
- لا يوجد غيري هنا ..!
التفت ناحيتها بصدمة : ماذا ؟!.. أين الأطفال ؟!..
بابتسامة اجابت : عادة يذهبون للملاعب القريبة خلال النهار ليستمتعوا .. و ترافقهم الآنستان جيني و جينا ..! أنا اتي إلى هنا في هذا الوقت كي أتبادل الحديث مع جوليا ..! لكنها لم تأتي اليوم .. قالت انها محمومة قليلاً فنصحتها بالبقاء مرتاحة في السرير ..!
- هكذا إذاً ..! و لما انت بقيت هنا ؟!..
- لا أعلم .. فكرت في البقاء و انتظار الأطفال عوضاً عن الذهاب للمنزل ..!
دخلنا إلى غرفة الجلوس و جلسنا معاً حينها : الم يكتشف والدك أنك تصرفين على هذا الملجأ ؟!..
ببساطة قالت : لا .. لأني اصرف عليه من مدخراتي الخاصة ..!
كما هو متوقع من وريثة روبرتون ..!
انتبهت حينها لثيابها .. تلك التنورة القصيرة السوداء الفخمة مع القميص الأبيض و ربطة العنق السوداء الرسمية و السترة المطابقة ذات اللون الاسود و الحدود الذهبية مع شعار لشيء ما على الصدر .. انها ملابس ثانوية مارسنلي ذاتها ..!
تمتمت للحظة : هيه ليديا .. كيف حال المدرسة ؟!..
اختفت ابتسامتها عندها لكنها سرعان ما رسمت واحدة باهتة : كل شيء بخير حتى الآن ..! لا نزال جميعاً ندرس هناك ..! لكنها تسمى مدرسة دايفيرو حالياً ..!
كما توقعت .. هم لم يغلقوا المدرسة بل غيروا القليل فيها ..!
بدا التردد على ليديا قبل ان تنطق : في الحقيقة .. كنا نفكر في الانتقال منها ..! لكن تعلم لينك أن الأمر ليس بهذه البساطة ..! في عالم النبلاء هذا حتى انتقال احدهم من مدرسته قد يتسبب بحرب بين الأسر ..! لذا توجب علينا البقاء هناك ..!
بهدوء قلت : لا بأس .. أنا ادرك هذا جيداً ..! كيف حال الرفاق أذاً ؟!..
طأطأت رأسها حينها بتوتر و حزن : لا اعلم كيف اخبرك ؟!.. ان الأمور متوترة حقاً بين بقية الاصدقاء ..! رافالي اصبح شخصاً غاضباً على الدوام .. هناك الكثير من المشاحنات بينه و بين ديمتري ..! انه يعتقد ان ديمتري سعيد باختفائك ..! في المقابل ديمتري لا يلقي بالاً بل يتجاهل كل هذه الشجارات مما يجعل رافالي يغضب اكثر ..!
هكذا إذاً .. دايمن و ماثيو في حلقة شجار غير متوقفة ..!
اردفت هي حينها : فلورا تركت منصب نائبة رئيسة المجلس من أجل رافالي .. هذا كي لا تكون بالقرب من روز ..! لكنها تبدو حزينة طيلة هذه الفترة فقد تغير رافالي كثيراً بالنسبة لها ..! صار سريع الغضب و عدم مراع لكلامه ..! لقد حدث شجار كبير بينه و بين ديمتري اليوم .. كانوا محط انظار كل من في المدرسة ..! لقد كادوا يتضاربون لولا تدخل المعلمين ..!
قطبت حاجبي حينها و قلت : و لما ؟!..
ترددت قبل ان تقول : اليوم انظمت لصفي طالبة جديدة .. حين رآها رافالي و عرف اسمها اصيب بحالة غضب شديدة و حاول ضربها إلا ان ديمتري اوقفه و هكذا تشاجرا ..! لقد كانت الفتاة مرعوبة حقاً و قد بكت ايضاً ..! بدا انها لا تعرف شيئاً عن سبب هذه الفوضى بل يبدو لي انها لا تدرك ماهية هذا العالم ..!
استنكرت الأمر تماماً : و من هذه الفتاة ؟!..
اشاحت ليديا بوجهها للحظات قبل ان تجيب : تدعى .. تدعى ينار سميث !!.. و هناك اشاعة تقول بأنها ابنة ادريان سميث الوحيدة ..!
.
.
معقول !!!..
.
.
وقفت من هو الصدمة و هتفت : قلت ينار ؟!!!.. متى انتقلت ينار لمدرستكم ؟!!..
رفعت رأسها إلي باستغراب : أتعرفها ؟!..
انتبهت لنفسي و جلست لأقول بتوتر : كيف انتقلت بهذه السرعة ؟!..
قطبت حاجبيها و قالت : لا افهم عما تتحدث ..! لكنه يومها الأول ..!
شعرت بالقلق حينها .. هل اجبرها ادريان على الذهاب إلى هناك فجأة ؟!.. كانت ستنتقل قريباً لكن كيف حدث بهذه السرعة قبل ان تخبرنا ؟!..
بقلق سألت ليديا : لينك كيف تعرفها ؟!.. ظننت انك ستغضب حين تسمع اسمها .. أليست ابنة ادريان ؟!..
ترددت قليلاً قبل ان اقول : بلا .. يبدو لي انها ابنته ..!
- و من اين تعرفها ؟!..
تجاهلت سؤالها و سألت بسرعة : ليديا .. ما ردة فعل ماثيو حين رآها ؟!..
كانت متعجبة مني لكنها قالت : في الحقيقة .. بدا لي انها تعرفه من قبل .. لقد رأيتها تتحدث إليه على انفراد ..!
- ماذا عنها هي ؟!.. كيف كانت تبدو بالنسبة لك ؟!.. هل كانت طبيعية ؟!..
- اطلاقاً .. لقد كانت خائفة من الوضع حتى قبل المشاجرة ..! لا الومها فالجميع كان ينظر اليها و يتهامس بشأن ما حدث بين سميث و مارسنلي في الفترة الأخيرة ..! اصدقك القول اني كنت متعجبة منها فيبدو انها لا تعرف شيئاً ..!
- طبيعي .. تلك الفتاة لم تعش حياة الطبقة المخملية الا منذ مدة قصيرة ..!
- كيف ؟!.. لم افهم ؟!.. ثم اجبني الآن حالاً .. كيف تعرفها ؟!..
تنهدت حينها ثم قلت : في الحقيقة .. ينار هي طالبة من مدرستي الجديدة ..! لقد كانت تحضر للمدرسة حتى نهاية الاسبوع الماضي لذا دهشت من انتقالها فجأة ..!
باستغراب سألت : هل كنت تعلم انها ابنة ادريان ؟!..
يبدو ان علي ان احكي القصة لليديا منذ البداية ..!
بدأت بحكاية القصة باختصار لليديا .. كيف تعرفت على ينار عن طريق سام .. و كيف علمت انها ابنة رجل ثري .. و حين دعتنا لمنزلها و تبين انه قصر مارسنلي .. و في النهاية كيف اتضح انها ابنة ادريان .. و ختمت الأمر بمقابلتها مع ماثيو ..!
كانت ليديا غير مصدقة لما تسمع .. و حين انهيت كلامي بقيت تفكر بالأمر للحظة قبل ان تقول بتردد : يبدو لي .. يبدو لي انك لا تكرهها ..!
صمت حينها .. لم اعلم كيف يمكنني الإجابة ؟!.. لكني في النهاية اومأت إيجاباً : أجل .. لا أكرهها ..! انها لا تعرف شيئاً عما فعله والدها ..!
قطبت حاجبيها حينها : غريب لينك .. كان يفترض ان تحقد عليها سواء عرفت ام لم تعرف ..! انت لست من النوع المثالي الذي يسامح بسهولة ..!
ابتسمت حينها : أنت محقة ..! لقد عشت في صراع نفسي لفترة كي اقنع نفسي بأنه يجب الا اكرهها ..! لكن الحقيقة اني لم أفعل من اجل رايل ..! لقد تبين لي انها كانت صديقته في الماضي .. و انه لا يزال يحبها ..!
اتسعت عيناها و فاهها بصدمة : مستحيل ..!
- لهذا ليديا ..! لا اريد منك ان تكرهيها .. من اجل ريكايل على الأقل ..!
- لكن .. هل يعلم ريكايل عن حقيقة والدها ؟!..
- حتى الآن لا .. و لكن قد يكتشف قريباً ..! لكني حينها سأكون موجوداً لأخبره بأن ينار بريئة من اعمال والدها .. لا اريده ان يكره الفتاة التي اختارها و وثق بها ..! صحيح انهما متشاجران هذه الفترة .. لكن ينار قررت الاعتذار إليه ..! لذا صدمت انها انتقلت قبل ان تفعل ..!
- اعتقد اني اتفهم الوضع الآن ..! انها ايضاً تبدو مصدومة من المكان .. يبدو ان والدها فاجأها بفكرة انتقالها ..!
- ذلك واضح .. المشكلة انها منصاعة اليه بشكل كبير ..! انها تبدو قويةً و هذا ما يوحي به مظهرها .. لكن بعد معاملتي لها لفترة من الزمن اكتشفت انها ذات شخصية انقيادية نوعاً ما ..! لا اعرف الكثير لكن اعتقد انها فتاة طيبة للغاية .. و الدليل انها لم تكتشف مصائب والدها ..!
- أذاً .. كيف علي أن اتصرف معها ؟!..
اخذت نفساً عميقاً ثم قلت : ليديا .. اعلم ان طلبي قوي حقاً .. لكني اريدك ان تكوني صديقة لها ..!
بدا التوتر عليها لكني اردفت حالاً : أن تركتها وحدها ستعامل باضطهاد خاصة انها تجهل الكثير عن عالم النبلاء و ما فيه ..! خاصة مع اسم الاسرة ذاك ..! لكن ان صارت وريثة روبرتون بقربها فلن يتجرأ احد على ايذائها ..! ذلك فقط من أجل ريكايل ..! اعلم ان ذلك سيسبب لك المشاكل مع دايمن و فلورا ..! لكني واثق ان ماثيو سيدعمك فأنا واثق انه علم انها لا تعرف شيئاً من خلال المقابلة ..! ارجوك ليديا ..!
ابتسمت حينها للحظات ثم اتسعت ابتسامتها لتقول بمرح : يبدو ان علي ان استعير شيطانك كي استطيع التعامل مع رافالي ..!
.
.
هذا يعني .. أنها موافقة ..!
.
.
ضحكت بخفة حينها : انا و شيطاني تحت تصرفك آنسة روبرتون ..!
ضحكت هي الأخرى لحظتها : يسعدني هذا .. سيد براون ..!
ابتسمت لحظتها : لا اعتقد انك ناديتني باسم براون من قبل ..!
- انه يروق لي ..! هل اعتدت عليه ؟!..
- اجل .. كثير من الناس ينادونني به ..! في المدرسة و في العمل ..! فقط سكان العمارة ينادونني باسمي ..!
- هكذا اذاً ..! لم تخبرني كيف حال حياتك الجديدة ؟!. .لقد حكى لي رايل عن كيت و ليونيل ..!
- انهما مجرد مشردين يجلبان الصداع ..! لكني اعتدت عليهما بطريقة ما ..!
- هذا جيد .. ماذا عن العمل ؟!..
- اعلم عازفاً في مطعم صغير .. الرئيس مرعب المظهر و التصرفات لكنه حكيم بطريقة ما ..! سيغلق بعض الوقت للترميم لذا انا في اجازة هذه الفترة ..!
- اعتقد ان العزف يناسبك ..! حسناً .. أين ريكايل ؟!.. غريب انه لم يأتي معك ..!
صمت حينها للحظات .. أنا لم اخبرها بعد .. ماذا يتوجب علي القول ؟!..
ابتسمت بهدوء : سيبقى ريك في المشفى بضعة ايام ..! انه مجهد و البقاء في المشفى اكثر راحة له من منزلنا المليء بالإزعاج ..!
بدا عليها القلق و هتفت : لحظة .. أهو بخير ؟!..
أومأت ايجاباً : اجل اطمئني ..! انه اهوج .. يرهق نفسه بلا تحسب ..! لكنه بخير هذه الفترة .. على الأقل ..!
على الأقل .. أجل .. أشعر انه لن يكون بخير قريباً .. لما كل هذا القلق و الخوف بالرغم من كلام ادوارد و انيتا ؟!..
اخذت نفساً عميقاً و قلت : هل رأيت خالتي كاثرن خلال هذه الفترة ؟!..
أومأت سلباً : لم ارها منذ مدة طويلة .. بالرغم مني اني حضرت حفلاً لبرايان و كانت مدعوة له لكنها لم تحضر ..!
لم اعلق على الأمر .. و لكني قلت : على ذكر برايان .. كيف حال ذلك الأحمق تيموثي ؟!..
ببرود قالت : اصدقك القول ؟!.. انه سعيد للغاية باختفائك ..! يتصرف كما يشاء و علاقته جيدة مع روزاليندا ..!
- ليلعب بذيله فقط ..! ألم يحاول التقرب منك مجدداً ؟!..
- بلا .. انه يفعل على الدوام ..! لكنني اتجاهله ..! انه منافق و انا لا احب المنافقين !!..
ابتسمت حينها : ماذا عن لويفان ؟!.. لم اتصل به منذ فترة .. كيف حاله ؟!..
توردت وجنتاها حالاً و ارخت بصرها للأرض : انه بخير .. نحن نتراسل كثيراً .. لكن الحديث صعب بعض الشيء ..!
شعرت بالقلق .. لطالما كان لوي هكذا منذ صار ممثلاً .. لا يفرغ للاتصالات الهاتفية ..!
لكني قلت حتى اغير الموضوع قليلاً : اين هو الآن ؟!..
- انه في لندن هذه الفترة .. قال انه سيحاول ايجاد فرصة و لو بسيطة لزيارة باريس ..! اتمنى ان يفعل ..!
- لا اضمن لك هذا .. لطالما كنت ضحية وعوده الكاذبة ..!
- لم اعلق اية امال اصلاً ..!
ابتسمت بهدوء عندها : اسمعي ليديا .. قد يكون لوي مشغولاً على الدوام لكنه شخص مخلص للغاية .. لا احد يفهم قصة اخلاصه أكثر مني ..!
بالتأكيد .. لقد كان مخلصاً لي دوماً .. حين كنت لطيفاً .. و حين كنت شيطاناً .. و حين كنت جباناً بكاءً .. و حين كنت اتشاجر بشراسة ..!
كان يساندني دوماً .. حتى ان كنت على خطأ يقف معي و حين ينتهي الأمر يبهني لخطئي بطريقة ساحرة تجعلني اقتنع رغم ان قلة من الناس يستطيعون اقناعي بخطئي ..!
ابتسمت هي الأخرى ابتسامة صغيرة : ادرك هذا .. انا اثق به ..! انه شخص يستحق هذه الثقة ..!
شعرت بالاطمئنان .. ليديا ايضاً فتاة مخلصة .. أن اجتمع الوفاء بين هذين الاثنين فلن يستطيع احد تفرقة شملهما ..!
وقفت حينها و قلت : اذاً .. يبدو ان الأطفال سيتأخرون و علي العودة للمنزل .. سأراهم في مرة أخرى ..!
أومأت ايجاباً بمرح : أجل .. و اياك ان اعدت هذه القطيعة ..!
- اطمئني .. لقد تجاوزنا الخطوة الأولى بسلام و هذا هو المهم ..!
ودعت ليديا بعدها بعد لقاء تمنيته طويلاً .. بالفعل اشتقت لشخص يساندني و يفهمني كما تفعل ليديا ..!
ربما سببت لي الجنون في لحظات .. لكني ادرك انني سببت لها الجنون طويلاً ..!
...............................
حل المساء .. على ذلك الرصيف المليء بالمارة كنت اسير بينهم بهدوء و بلا صحبة ..!
المحلات على يميني متنوعة ابتداءً بالمقاهي و مروراً بمحلات الهدايا و انتهاءً بالمتاجر التي تحتوي على كل شيء بأرخص الأسعار ..!
لقائي بليديا كان مريحاً حقاً .. لقد عدل مزاجي المتعكر طيلة اليوم و منذ الأمس ..!
معرفتي عن احوال اصدقائي هدأت اعصابي .. أعلم انه ليس من الجيد قول ذلك بسبب الشجارات بينهم و لكن على الأقل ادرك ان دايمن احمق و غير مسؤول و لكني ادرك ايضاً ان ماثيو يفهم هذا جيداً .. و بالتالي يعلم ان دايمن لا يقصد ما يفعل ..!
رغم انزعاجي الدائم من ماثيو و التناقض الغير منتهي في شخصيتينا إلا اني اثق بقراراته على الأقل ..!
مع هذا .. حتى الآن لم افهم لما قام بإجراء مقابلة مع ينار تحديداً ؟!..
على ذكر ينار .. كيف سأخبر بقية الرفاق عن انتقالها ؟!..
الأفضل ان لا اخبرهم .. حتى لا يتساءلوا كيف عرفت هذا ؟!..
لندع الأمور تسير بسلاسة فهذا الأفضل ..!
رفعت بصري لأنظر في طريقي و بدون قصد وقعت عيني على احدهم فقد جذبني بلا شعور في تلك اللحظة ..!
بقيت احدق به وهو يخرج من محل الزهور يحمل باقة صغيرة من ازهار الأوركيد النادرة ..!


لما يشتري الأزهار ؟!.. أخبرته بأن عليه الا يزور ريكايل اليوم .. لكن لما هذا النوع خاصة ؟!..
لحظة .. ملامح وجهه تبدو شاردة و محبطة .. ليس كمن سيزور مريضاً ..!
ربما من الأفضل ان اتبعه لأعرف ما قصة هذه الزهور ؟!..
سرت خلفه بين الناس دون ان ينتبه لي بسبب الزحام .. كنت حريصاً على عدم تضيعه ..!
و بعد السير لمدة طويلة و الانحراف في عدة طرق ادركت اننا نتبعد عن المشفى فقط .. هذا يعني ان الزهور ليست لمريض يريد زيارته ..!
أهي لفتاة ما ؟!.. ربما فالفتيات مغرمات بالأزهار و خاصة النادرة منها ..!
بدأنا في الدخول إلى مناطق قديمة اخف زحاماً .. أي فتاة سيلتقيها في هذا المكان ..!
لقد كانت الشوارع قدمية و اضاءتها خافته .. لا يوجد سوى شخص او شخصين يسرون في المكان بالإضافة إلينا على اكبر تقدير ..!
و في نهاية ذلك الشارع كان هناك تل يمكنك الصعود إليه بذلك الدرج القديم المتصدع ..!
صعد ذلك الفتى بالفعل فلحقت به بلا تفكير و قد ازداد فضولي للضعف و قلقي معه ايضاً ..!
في الأعلى .. شعرت بالتوجس من رؤية ذلك المكان القديم الذي يفوح برائحة الموت .. مقبرة !!..
لما يزور مقبرة ؟!.. و يحمل الزهور أيضاً ..!
بدأت السير في الممرات المرصفة التي نمت عليها الحشائش و القبور تحيط بي يميناً و شمالاً .. كان هناك اشجار كبيرة في المكان .. يبدو انها مقبرة قديمة حقاً و القبور فيها رخيصة الثمن ايضاً ..!
نظرت امامي إلى ذلك الفتى الذي وقف امام احد القبور ثم وضع الأزهار فوقه ..!
لا أدرك ما الفائدة من هذا العمل ؟!.. اشعر انه ارضاء للذات فقط فالميت لن يستطيع رؤية هذه الزهور و استنشاق عبيرها ..!
كانت هناك شجرة ضخمة معمرة بالقرب من القبر .. اسرعت للاختباء خلفها و نظرت للفتى الذي جلس بكل هدوء وقد نصب احدا ساقيه و اسند احدا ذراعيه لركبته وهو يتمتم : لقد عدت ..!
كنت بالقرب منه استطيع سماعه ..!
للتو فقط ادركت انه يرتدي بنطالاً اسود و قميصاً اسود و سترة باللون ذاته ..!
الإضاءة باهتة في المكان .. يوجد مصباح ابيض هناك تطير حوله الحشرات .. لكن نوره كان خافتةً بسبب قدمه ..!
لمن هذا القبر يا ترى ؟!..
ربما لأحد والديه .. أو لصديق قديم .. أو ربما شخص عزيز بالنسبة له ..!
كنت استطيع رويته و قد كانت نظراته حزينة للغاية و هو يقول بصوته الهادئ الناعم : اسف لأني هجرتك منذ زمن ..! كنت خائفاً من هذه الزيارة ..! خائفاً على مشاعري و ردة فعلي ..! لكن اليوم .. رأيتك في حلمي .. لذا فكرت انه ربما علي ان اتي إلى هنا ..! اعلم انك لا تسمعني .. لا تشعر بي .. لا تدرك شيئاً .. لكن ..!
دمعت عيناه و اختنق صوته : أنا اردت ان اتحدث .. ان اخرج ما في قلبي ..! لقد افتقدتك حقاً .. ربما لم نعش معاً طويلاً .. لكني افتقدتك ..! دفئك .. و ابتسامتك .. و الأمان الذي تبعثه إلى نفسي .. لقد افتقدته كله ..! مايكل اتذكر حين اخبرتني بأنك مشتاق إلى ميلي كثيراً ؟!.. لقد اخبرتني كيف ان مجرد تذكرها يصيبك بألم في الصدر و حسرة يتيمة ؟!.. اني اشعر بهذا الشعور الآن ..!
الألم في صوته .. و الدموع الحارقة سالت على وجنيته .. خطابه لهذا الشخص الميت .. كلها المتني حقاً رغم عدم معرفتي بالعلاقة الفعلية له مع صاحب القبر ..!
تابع بعدها و قد ظهرت ابتسامة بسيطة على شفتيه رغم دموعه التي تنحدر بسلاسة على بشرته البيضاء الناعمة : لقد كبرت الآن .. مضت بضع سنوات .. و ها أنا في السادسة عشر .. في المرحلة الثانوية ..! بعد وفاتك بمدة قصيرة جاءت جدتي لتعتذر .. قالت انها اسفة على ما فعلته بك و بميلي ..! لقد كنت ضعيفاً لدرجة اني قبلت عذرها ..! لو كنت قوياً لرفضت !!.. لقد سببت هي لنا الكثير من الآلام ..! لكني لم استطع مواجهتها بهذا ..!
بدا ان هناك نبرة غضب و عتاب في صوته : كله بسببك !!.. أنت من عودني على الاعتماد عليك في كل شيء !!.. لا تعلم كم صرت كسيراً من بعدك ؟!.. مضطهداً .. حقوقي مهضومة تماماً ..! حتى حق ميلي لم استطع استرداده ..!
قطب حاجبيه و اردف : ابي .. لقد طلبت مني ان اكون قوياً .. لقد صرت هكذا الآن ..! تدربت على الفنون القتالية .. صرت استطيع الوقوف في وجه ابناء خالتي و الدفاع عن نفسي ضد كلماتهم الجارحة ..! لن اسمح لهم بإهانتك او اهانة امي .. لقد وقفت في وجههم جميعاً .. لقد بت قوياً يا ابي ..! لكن ..!
طأطأ رأسه و اسنده الى ركبته و تمتم : لا زلت غير قادر على ضبط مشاعري .. لا زلت ابكي بسرعة ..! لا زلت ارى الكوابيس المفزعة و استيقظ في حالة صعبة ..! لا زلت ضعيفاً في اعماقي ..! كله بسببك !!..
صمت للحظات .. كي يسترد انفاسه .. كي يمسح دموعه .. لقد كان والده أذاً ..!
اعلم ان والده مات منذ سنوات .. لكني لا اعرف كيف ؟!.. أكان مريضاً ام انه حادث ما ؟!..
اردف ذلك الفتى الذي لم يكن غير بيير الذي لا يزال مجهولاً بالنسبة لي : لقد رأيت كابوساً اليوم .. انه ذلك المشهد ذاته ..!
بدأ يرتجف حينها .. كما كان حين ايقظته من ذلك الكابوس : لولم استيقظ .. لاختنقت في مكاني ..! لقد رأيت هذا الكابوس مراراً .. و لكن هذه المرة كانت مختلفة ..!
طأطأ رأسه مجدداً و تمتم : لحظة اطلاق النار .. رأيتها !!..
لم افهم مقصده اطلاقاً .. لقد قال هذه الجملة حين استيقظ أيضاً ..!
.
(( لقد رأيتهم .. رأيت لحظة اطلاق النار هذه المرة ))
.
كانت هذه هي العبارة التي القاها علي في الظهيرة ..!
أي اطلاق نار ؟!.. أيعقل ان والده مات بطلق ناري ؟!!..
بالتفكير في الأمر .. كأني اتذكر ان رايل ذكر لي شيئاً عن عمل والد بيير في الجيش ..!
انهى ذلك الفتى كلامه بعد ان هدأ أخيراً و مسح دموعه و قال : احضرت لك زهور الأوركيد التي احبتها ميلي ..! انا اعيش في سويسرا حالياً .. حيث عشت انت في السابق .. لذا لا تنتظر زيارتي ..! سأفعل حين اتي إلى هنا ..! و الآن .. وداعاً ..!
قالها بهدوء باهت و وقف .. سار من الناحية التي انا فيها فالتزمت الصمت إلا انه نطق : من يتبعني هذه المرة ؟!.. لقد شعرت بك ..!
فات الأوان على الهرب ..!
ظهرت امامه لحظتها .. و حينها تغيرت ملامحه الباردة ليبتسم بلطف : انه انت لينك ..! هذا مطمئن ..! كنت انتظر ظهور لص ما تبعني من سويسرا ..!
قطبت حاجبي : و لما على اللصوص ان تتبعك و انت الوريث المنبوذ ؟!..
اتسعت ابتسامته قليلاً و دار حول نفسه ليقول بلا مبالاة : الوريث المنبوذ .. لقب يناسبني ..! انه يرادف عبارة .. الوريث الذي لن يرث شيئاً !!..
نظر ناحيتي و قال : الحمقى من اللصوص لا يفهمون ..! يعتقدون اني من سأرث كل شيء فقط لأني مقرب من البارونة ..! بينما هي جعلتني بقربها كي تريح ضميرها حين تخلد للفراش و تقول بهمس " ميلي .. طفلك في امان .. انه عندي الآن .. لا تخافي عليه " ..! و هي لا تعلم بأن ابنتها عانت الأمرين بسببها ..!
ترددت للحظات قبل ان اقول : ميلي .. اهو اسم والدتك ؟!..
أومأ إيجاباً بهدوء ..!
انه شخص مختلف تماماً حين يكون بعيداً عن ريكايل .. حتى اني اشعر بالخوف البسيط منه فردود فعله مجهولة بالنسبة لي ..!
بينما يكون مع ريكايل كالحمل الوديع الذي يحتمي به .. حين يكون بعيداً عنه يبدو كثعلب يراقب قفص الدجاج لينقض عليه ..!
نظرت إلى ذلك القبر حيث كتب عليه اسم الشخص و تاريخ الوفاة و مسقط الرأس : مايكل لايسر .. انه والدك أذاً ..!
تجاوزني حينها و هو يقول : مايكل لايسر .. الفتى الفرنسي الذي نشأ في سويسرا كخادم في أحد القصور يقوم بتقشير البطاطا كل يوم كعمل اساسي ..! في الوقت ذاته كانت كاميليا غوستاف الأبنة الأصغر للسيد غوستاف رئيس احد اكبر البنوك السويسرية ..! كاميليا او كما كان يدعوها المقربون ميلي كانت محط انظار عالمها بأجمعه .. الجمال الرباني الذي فاق كل مثيلاتها .. عينان كعسل مسكوب تحت اشعة الشمس .. و شعر كما خيوط الحرير التي نسجتها دودة القز بلون الكثبان الرملية اللامعة في بلاد العرب ..!
نظر ناحيتي حينها و اردف بابتسامة مرحة : كانت قوية و عنيدة .. كما سمعت !!.. حتى انها كانت تتسلل لتتحدث مع فتى البطاطا الفرنسي ..! و قد كان يكبرها بعام واحد فقط ..! يحضر عليها صداقة الفتيان .. لذا كانت صديقاتها الفتيات بالنسبة لها كالحزب المنافق الذي يثني عليها في العلن و يحسدها في الخفاء ..! أما مايكل كان مختلفاً .. كان يذمها و يحسدها امامها و ليس من خلفها !!..
صمت قليلاً ثم اردف و هو ينظر إلى السماء المظلمة التي خلت حتى من قمر يضيئها : حين بلغت الثامنة عشر .. كان الشبان يتسابقون لخطبتها .. الهدايا الكثيرة التي وصلتها ثروة لوحدها ..! كثيرون حاولوا الارتباط بها من ابناء جلدتها لكن والدها كان ينظر للبعيد ..! كان يريد نسباً أقوى من نسبه هو .. يريد رجلاً لديه صلاحيات في الدولة .. رجل سيقرب غوستاف اكثر من السلطة ..! و قد وجدوا هذا الرجل حقاً ..! تقدم لخطبتها رجل في الخامسة و الثلاثين .. ابن دوق و مشرح لأن يكون دوقاً بعد والده ..! أي حظ هذا ؟!.. كان على والدها ان يوافق فوراً متجاهلاً سمعة الخاطب السيئة ابتداءً بأنه شخص مستهتر بدماغ متحجر يسعى لتسلية نفسه مروراً بزوجتيه السابقتين و اللتان انفصل عن كل واحدة منهما بعد ان اصابه الضجر من هن دون أي تعويض و ختاماً بالحفلات المشبوهة التي يقيمها ..! غض غوستاف نظره عن كل هذا و وضع نصب عينيه " أبن الدوق " ..!



ابتسم نصف ابتسامة سخرية : اخبر ميلي بقراره .. فواجهته بالرفض القاطع .. إلا انه اخبرها بأن رأيها هو في ذيل الأمور المهمة من هذا الزواج ..! لم تكن من النوع الذي ينصاع بسهولة .. لكن كطبيعتها الانثوية اصيبت بالخوف و الاحباط وهي تخشى ان يتم هذا الزواج حقاً .. لم يكن لها إلا الذهاب لمايكل الذي كانت قد عينته سائقاً و خادماً خاصاً لها منذ سنة تقريباً ..! أخبرته بقرار والدها فنظر إليها بحدة و قال " أنا لن اسمح بهذا .. لأن ميلي لن تكون لغيري " ..! صدمتها بكلامه كانت كبيرة .. ليس بسبب مشاعره بل اعترافه بالأمر هكذا .. كخادم انه لمن الجرأة ان يخبر سيدته بأنها ستكون له فقط دون غيره ..! قلبها الذي خفق لكلماته تلك اخبرها باليقين .. لقد كانت مغرمة بمايكل منذ زمن دون ان تدرك ..!
التفت ناحيتي و ابتسم : ماذا تعتقد انهما فعلا ؟!..
لم يكن مني إلا ان ابتسمت و أنا أقول : بما ان ابنهما امامي الآن .. فهما قد تزوجا بالفعل ..!
أومأ إيجاباً : أجل .. هربا لفرنسا خفية كاللصوص .. تركت ميلي رسالة لوالدها طلبت فيها منه أن يتبرأ منها و اخبرته بأنها ستتزوج بالرجل الذي تختاره هي ..! لقد جلبت العار للأسرة و هذا ما جعل الأب يقسم الا ترث قرشاً واحداً لا هي و لا نسلها من هذه الثروة ..! قدمت لفرنسا .. و تزوجت بمايكل كما تمنت .. بدأ هو بالعمل في قصور الأثرياء .. لكن خبره كان يتناقل بسرعة بأنه هرب من قصر غوستاف و هناك احتمالية كبيرة لتدخله في هرب ابنتهم .. لذا كان الحصول على عمل صعباً حتى في باريس ..!
بدا الحزن في صوته رغم ملامحه الباردة : بالنسبة لميلي .. فقد ابدت شجاعة كبيرة في تخطي وضعها الجديد في ذلك الحي الفقير في منزل لم يكن سوى غرفة واحدة متصدعة الجدران ..! كانت ماهرة في التطريز فقد تعلمت ذلك في قصر غوستاف فباتت تطرز المناديل و تبعيها نهاية النهار لتحص على القليل من المال يسد رمقها في المساء ..! لم تمض مدة طويلة حتى حملت لتنجب بعدها ابنها الأول و الذي قررت ان تسميه " بيير " لقد كان الاسم يروق لها بطريقة ما ..! مايكل كان يعمل في الأعمال الحرة ليكسب المال .. كانت حياتهم تسير بعسر لكنها في نهاية المطاف ليست بالحياة المستحيلة .. كانا مطمئنين لوجودهما سويةً على الأقل ..!
صمت قليلاً ثم اردف : اصيبت كاميليا بالمرض .. و بعد سنوات من الصراع ضده خسرت المعركة و توفيت مع عدم قدرة مايكل لفعل شيء .. تم ارسال جثتها إلى سويسرا كي تدفن في مقبرة عائلتها فهي في النهاية تنتمي لهم ..! دخلت المدرسة في ذلك الوقت و انضم والدي للجيش .. مضت السنوات تجر بعضها و انا لا التقي بمايكل إلا بضعة ايام في السنة بسبب ظروف عمله التي تلزمه البقاء على الحدود ..! لكن .. حين صرت في الثالثة عشر حدث شيء لم يكن متوقعاً ..!
ترددت قبل ان اقول باستنتاج : هل اصيب بعيار ناري و توفي ؟!..
التفت ناحيتي ليقول : لم يكن الأمر بهذه البساطة ..! الحقيقة انه لم يصب بل اصاب شخصاً !!.. اثناء المناورات التدريبية انطلقت من بندقيته الحربية رصاصة بالخطأ لتصيب احد زملائه و ترديه قتيلاً ..!
اتسعت عيناي اثر ما قاله و قد صدمني حقاً .. أهذا يعني ؟!..
طأطأ رأسه ليقول ببرود : حكم عليه بالإعدام بالرصاص جراء فعلته ..! و في ساحة الاعدام ذلك اليوم حين سألوه " مايكل لايسر .. ماهي امنيتك الأخيرة ؟!.. " كانت اجابته " اريد رؤية ابني الوحيد " ..!
اخذ نفساً عميقاً و سار ناحية الشجرة ليستند إليها كأنما لم يعد يستطيع الوقوف وحدة : كنت محبطاً طيلة ذلك اليوم .. لأني اعلم انه يوم الاعدام .. كان يوم اجازة في المدرسة .. اليوم الوحيدة في الأسبوع .. لكني بقيت في فراشي اندب حظي و ارجف خوفاً ..! ري كان هناك .. حاول مواساتي و دفعي للقدوم معه و تناول الفطور .. لكني لم انطق بكلمة ..! حتى جاء احد المعلمين و قال ان هناك شرطياً قدم لأخذي لساحة الاعدام كي اودع مايكل الوداع الأخير ..! خيرني الشرطي بين القبول و الرفض .. رغم خوفي الشديد قبلت بالأمر و ذهبت معه ..! ابي كان كل شيء في حياتي .. لم اكن في ذلك الوقت اعرف شيئاً عن غوستاف .. لذا كنت احمل هم الوحدة من بعده ..! في ساحة الاعدام كان هناك قلة من الناس من اهل القتيل جاؤوا لرؤية اعدام من اخذ منهم ابنهم ..! زوجته و ابناءه كانوا هناك .. كان احدهم في عمري كما اذكر ..! حين وصلت كان والدي جاثياً على الأرض يداه مقيدتان خلف ظهرة .. بلا شعور ركضت ناحيته و عانقته .. لقد كنت خائفاً جداً .. اعتقدت اني لن اراه مجدداً ..! قام الضبط بفك قيده فاحتضنني عندها و هو يعتذر .. " بيير انا آسف .. آسف لأني سأتركك وحدك في هذا العالم .. بيير كن قوياً .. لا تبكِ .. أنت رجل فلا تخف من شيء و لا تبكِ .. انا واثق بأنك ستتمكن من تجاوز هذه المحنة .. قد يبدو عليك الضعف .. لكنك مثل ميلي تماماً .. زهرة من الخارج .. و اسد ثائر من الداخل ..! "
جلس ارضاً وهو لا يزال يستند إلى الشجرة و تابع : تلك الكلمات لن تمحى من فكري .. اسمعها في اذني كل ليلة .. اشعر انها ترن في رأسي كالأجراس ..!
طأطأ رأسه و اردف بألم : اعادوا تقيد يديه و اخذوه بعيداً عني .. كدت ان اتبعهم إلا ان الشرطي الذي جذبني امسك بذراعي و طلب مني الصبر بنبرة متألمة ..! قيدوه في دعامة خشبية و أغمضوا عينيه بقطعة قماش سوداء .. على جهة اخرى كان رجل يغطي وجهه و يرتدي ملابس غريبة يحمل بندقية والدي ذاتها فقط طلب اهل القتيل ان يموت بذات البندقية التي قتل ابنهم بها ..! كنت اريد ان اصرخ .. بلا لقد صرخت .. بأعلى ما يمكنني .. كنت اقول بأني سأكون قوياً يا أبي .. سأكون مثل ميلي .. سأكون مثلك أيضاً ..! كانت عيناي تؤلمانني بسبب الكم الهائل المفاجئ من الدموع ..! لوهلة شعرت بأن معجزة ستحدث و ان اهل القتيل سيعفون عنه بعد هذا المشهد الدرامي .. لكنهم و للأسف كانوا اقسى من ذلك ..! جهز الرجل البندقية كي يطلق النار .. اخذ والدي نفساً عميقاً وهو يدرك انه النفس الأخير في حياته ..! أما انا فقد اتسعت عيناي .. كنت اريد اغلاقها لكن لم استطع .. حاولت ذلك .. لا أريد ان ارى !!.. لا اريد ان ارى آخر ما تبقى لدي يموت .. الشخص الذي كان سندي طيلة حياتي .. الشخص الوحيد من عائلتي ..! بدا لي ان مشاعري هذه وصلت لذلك الشرطي الذي لن انسى معروفه حين غطى عيناي بكفه في تلك اللحظة .. حينها تم اطلاق النار مرتين .. واحدة فالرأس و أخرى في القلب ..!
رفع يديه و امسك برأسه و بنبرة مكتومة : كل شيء لي .. انتهى ..! لقد فقدت روحي في تلك اللحظة ..! صرختي تلك كادت تقتلني ..! إلا ان الشرطي الشهم اخرجني من المكان حالاً قبل ان ارى دماء والدي تسيل على الأرض كالماء المسكوب ..! اعادني للمدرسة و انا بصدمة لم يستطع احد اخراجي منها ..! لم استطع النطق لمدة اسبوعين .. كانت الحروف تأبى الخروج من فمي ..! لقد فقدت والدتي سابقاً لكني لم اشعر بهذا الشعور ..! الكوابيس بذلك المشهد بقيت تلازمني حتى اليوم .. رغم كل الأدوية التي اخذتها كي اتخلص منها بقيت تطاردني إلى الأبد ..! ربما لو لم يكن ري معي ليخفف عني لكنت قد فقدت عقلي ..! حتى بعد ظهور جدتي لم اكن اريد الذهاب معها .. كنت خائفاً مما سوف الاقيه .. إلا ان ري اصر على ذهابي كي اغير نمط حياتي و انسى القليل من ما مضى ..! لكن للأسف .. سويسرا الآن بالنسبة لي كالغرفة المظلمة التي يجب علي البقاء فيها بصمت ..!
لم اعلم ماذا أقول ؟!.. كل ما اعلمه اني لا استطيع مواساته ..!
أو بالأحرى .. هو ليس بحاجة أن اواسيه .. أحياناً المواساة تزيد الآلام لأنها تشعرنا بأن ما عانيناه كان عصيباً فعلاً ..!
لذا و كي حاول صرفه عن الأمر بعض شيء : هل تكره جدتك ؟!..
أومأ أيجاباً بهدوء و بلا تردد : أكرهها .. لكني اخفي هذا في قلبي ..! صحيح انها لطيفة معي و تحبني .. لكني يستحيل ان احبها ..! قد ابتسم لها و اضحك معها و لكني لن احبها ..! لقد كانت السبب الأول و الرئيسي لما حدث !!.. فحين هربت ابنتها لم تحاول اعادتها و فهمها ..! بل بقيت خلف زوجها دون ان تعترض على شيء ..!
تقدمت ناحيته بضع خطوات : ماذا عن جدك ؟!.. أعتقد انه توفي قبل ان تذهب لسويسرا ..!
ابتسم نصف ابتسامة حينها : كان ذلك من حسن حظه .. لا يعلم ماذا كنت سأفعل به لو رأيته ..! أنه حتى لا يستحق ان يكون اباً لميلي ..! و أنا بالتأكيد لم اعترف به يوماً كجد لي ..!
بقينا صامتين لبعض الوقت .. في النهاية لم يكن مني إلا ان اقلت : بيير .. انت الآن في فرنسا .. في البلد الذي عاش فيه والداك سويةً بسعادة رغم الفقر .. لذا عليك ان تكون سعيداً هنا و تنسى همومك تماماً ..! أعلم بأن والديك ايضاً توفيا في هذا البلد لكن .. على الأقل هناك اشخاص يريدون ان يروا ابتسامتك هنا لذا انسى ماضيك و ابتسم ..!
رفع رأسه الي و نظر ناحيتي .. هناك ابتسامة امل و الم على شفتيه .. يغمرها الدفء و اللطف و تخفي خلفها خبايا كثيرة .. رغم وجهه المحمر الذي رطبته الدموع .. ابتسم و هو يقول : أجل .. ادرك هذا .. و هذا ما أفعله طيلة الوقت ..!
.................................................
انتهى البارت ..!

كنت انوي جعله أطول لكني قررت التوقف ^^


كيف حالكم يا رفاق .. هذا هو البارت الجديد ..!

أرجوا ان يكون قد نال على اعجابكم ..!

سأترك لكم حرية التعليق عليه لذا لا اسئلة اليوم ^^

في حفظ الرحمن ..!


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-06-13, 01:43 PM   #15

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25

part 14


كنت اجلس في غرفتي و الهاتف بيدي .. هل اتصل ؟!.. اجل يتوجب علي ذلك ..!
نظرت لذلك الاسم .. " المجنونة " لقد سميتها هكذا في السابق لاستفزها فقط ..!
لا اعلم لما ؟!.. لكني مشتاق اليها ..! منذ فترة لم نلتقي .. و أنا لا اصادفها في الملجأ ..!
لو طلبت منها الخروج في نزهة معي فسترفض قطعاً ..!
لأنسى هذا الآن .. ضغطت زر الاتصال ..!
كنت انوي الاتصال بجوليا فهي الأكبر و الأكثر حكمة .. لكن ليديا قالت انها مريضة لذا لا اريد ان ازيد همها همين ..!
خياري الوحيد كان الاتصال بميشيل ..!
- مرحباً ..!
ترددت قليلاً قبل ان اقول : مرحباً ميشيل .. كيف حالك ؟!..
كان صوتها طبيعياً : أهلاً لينك .. أنا بخير .. ماذا عنك ؟!..
- بحال جيدة ..!
- غريب ان تتصل بهذا الوقت .. على ذكر الأمر فهذه المرة الأولى التي تتصل بي ..! لا تقل انك من النوع الذي يتصل في انصاف الليالي !!..
- انت تمزحين بالتأكيد !!.. الساعة لا زالت العاشرة .. كما اني لم أفرغ إلا قبل قليل فقط ..!
- إذاً .. ماذا كنت تريد ؟!..
- هل علمت بما حدث مع ريكايل ؟!..
صمتت قليلاً قبل ان تتنهد بهدوء : أخبرتني ليديا حين زرت الملجأ مساءاً .. كيف حاله الآن ؟!..
ظهرت ليديا لتبدأ بتخفيف الهموم عني .. كنت حقاً متوتراً من فكرة اخبارها بنفسي ..!
شكراً لك ليديا الرائعة إلى الأبد !!..
استلقيت فوق سريري لأقول : انه بخير .. يمكنك زيارته في الغد ..!
- هل ستذهب أنت لرؤيته ؟!..
- أجل ..!
- متى ؟!..
- ربما في الظهيرة فأنا اخشى ان ارتبط بعمل آخر النهار .. حتى اني افكر بزيارته في الصباح ان امكن ..! لما تسألين ؟!..
- فقط حتى اتأكد ألا اكون في ذات الوقت معك ..!
قطبت حاجبي حينها : هيه ميشيل .. ألا زلت تكرهينني رغم كل تلك الاعتذارات ؟!.. لقد قلت بأن الأمر انتهى ..!
- ربما .. لكني احياناً اشعر بأني لا اريد ان اراك ..!
- أتعلمين ؟!..
- ماذاً ؟!..
- لم تظهر في حياتي فتاة تزعجني و تذلني بهذه الطريقة مثلك !!..
- لعلك تتعلم من هذا الأدب و التواضع ..! لكن يبدو ان اسلوبي هذا ايضاً لن ينفع معك !!..
جلست فوق السرير منزعجاً : انت الوحيدة التي لا زالت ترى روح مارسنلي في داخلي !!.. حتى آندي حين رأتني لم تتعرف ألي ..! قولي الصدق الم اتغير ؟!..
- أمممممممم .. اعتقد انك ازددت وزناً فقط ..!
كانت تقولها بسخرية جمة .. انها تتعمد ازعاجي ..!
يبدو ان حلي الوحيد هو مجاراتها : حقاً ؟!.. أنت ايضاً .. يبدوا انك سمنتي في الفترة الأخيرة ..!
انفعلت عندها : انت تحاول اغاظتي فقط ..!
استلقيت على ظهري و قلت و قد بدأت اشعر بالاستمتاع بهذا : أطلاقاً .. لكنك تبدين في حالة مثيرة للشفقة هذه الفترة ..!
- يا لك من وقح ..!
- لما لا تكونين مثل جوليا ؟!.. انها حسناء بشعر طويل و وجه ملائكي ..! أأنت واثقة انكما اختان ..!
- احمق !!.. كف عن استفزازي و إلا فإن شبحي سيظهر في حلمك الليلة ..!
ضحكت حينها فقد نجحت حقاً في استفزازها : لا تقولي هذا الكلام عزيزتي ..!
صرخت بغضب عارم حينها : لست عزيزتك أيها الأخرق !!!..
أغلقت الخط بعدها باستياء ..!
يا لها من نهاية مأساوية لمكالمتنا الأولى ..!
ابتسمت بهدوء .. قد لا تعود الأمور إلى سابق عهدها .. لكن على الأقل يمكنني ان اتحدث معها .. لم تعد تتجنبني بتلك الطريقة الملحة ..!
ربما يأتي يوم تعود فيه الأمور إلى مجراها ..!
اتساءل .. هل لا زلت احبها ؟!..
لا أعلم .. ربما بات لدي نوع من التبدل ضد محاولاتها في ازعاجي او تجنبي ..!
لم اعد اهتم كالسابق ..!
و بت أفكر فيها اقل من الماضي .. أهذا يعني ان نهاية مشاعري قد اقتربت ؟!..
قبل ان يطرأ على بالي امر آخر فتح احدهم الباب فنظرت إلى بير الذي دخل و قد ارتدى ملابس النوم ..!
قطبت حاجبي : ما الأمر ؟!..
بضجر علق : طردني ليو من الغرفة .. قال انه سينام هناك و علي ان انام هنا ؟!..
كتمت ضحكتي حينها : و نعتك بالقصير ؟!..
نظر إلي بطرف عين نظرة غاضبة !!.. انه شخص آخر تماماً بعيداً عن ريكايل !!..
بهدوء قلت بعدها : حسناً لا بأس .. أنا ايضاً لا اريد ذلك المتشرد في غرفتي ..!
اغمضت عيني وقد شعرت بالقلق .. أخبرتني كيت حين عدت بأن ليو كان قد ذهب ليزور والده اليوم ..!
أيعقل انه اخبره بشيء ما ؟!..
.....................................
الساعة الآن هي السادسة صباحاً .. و ها أنا نزلت من الحافلة عند أقرب محطة للمشفى ..!
كنت ارتدي ثياب المدرسة فعلي الذهاب إليها تمام السابعة .. لكني قررت ان ازور ريك اولاً فلا زلت قلقاً عليه ..!
ركضت على ذلك الرصيف حتى دخلت من البوابة .. كانت ساحة المشفى شبه خالية .. هناك فقط بعض السيارات تسير في طرق هذه المدينة الطبية ..!
اتجهت للمبنى الذي يحوي غرفة رايل ..!
كانت هناك شابة تقف خلف طاولة الاستقبال و حين رأتني قالت : لحظة ايها الفتى .. لم يبدأ موعد الزيارة بعد .. سيبدأ في السابعة حتى التاسعة و النصف صباحاً .. ثم من الثانية عشر حتى السابعة مساءاً ..!
اقتربت منها و قلت و انا اتصنع الحزن : سأكون في المدرسة خلال ذلك الوقت .. و بعد المدرسة علي ان اذهب للعمل حتى المساء و تكون الزيارة قد انتهت ..! ارجوك .. انه الوقت الوحيد الذي استطيع فيه زيارة اخي الصغير ..! انا قريبه الوحيد و إن لم اذهب لرؤيته فلا احد سيفعل ..!
بدا انها تأثرت حقاً فقد اتضح ذلك على وجهها : حـ .. حقاً ؟!.. لا بأس إذاً .. أذهب لرؤيته ..!
ابتسمت لها : شكراً لك ..!
اسرعت بالجري مبتعداً قبل ان تغير رأيها .. لقد انطلت عليها حيلتي ..!
وصلت لغرفة ريك و طرقت الباب طرقتين : رايل .. لقد جئت ..!
دخلت حينها فرأيته نائماً على السرير .. ربما كانت فكرة القدوم في الصباح سيئة ..!
لكني ما ان اقتربت حتى فتح عينيه و نظر إلي بخمول : من ؟!.. لينك ؟!..
جلست على المقعد الصغير قرب السرير : و من سيكون غيري ؟!..
رفع جسده الذي كان منحنياً من الأساس و هو يفرك عينيه : كم الساعة الآن ؟!..
- السادسة صباحاً ..!
- لم تبدأ الزيارة ..!
- حيلتي جعلتها تبدأ ..!
نظر إلي للحظات ثم عاد ليستند لتلك الوسائد الكثيرة : كما هو متوقع منك ..!
تساءلت حينها : كيف حالك ؟!..
- بخير .. لكني اشعر بالملل ..! اريد الخروج ..!
- عليك البقاء لبعض الوقت حتى نطمئن عليك ..!
- سأكون قد اصبت بالجنون حتماً ..!
قطبت حاجبي و قلت : دعنا من هذا الآن .. انت لم تخبرني بعد لما جئت للمدرسة رغم تحذيري ؟!..
ابعد بصره عني للحظة : في الحقيقة .. علمت ان ليو اكتشف امرك .. فقلقت عليك و اتيت لأفهم القصة ..!
صمت قليلاً قبل ان اقول بضجر : لا توجد أي قصة ..! كان يبحث عن المقص فعثر على الصور ..!
التفت ناحيتي : و ماذا فعلت معه طيلة الأمس ؟!..
- لم ابقى سوى وقت الظهيرة في المنزل .. و لم اتحدث معه بسبب وجود الجميع ذلك الوقت ..! أنا اصلاً لا أفكر في الحديث معه ..! آه صحيح .. سيغلق المطعم لفترة ..!
بدا عليه الاستغراب : حقاً ؟!.. لما ؟!..
- لقد انفجر الفرن .. و المكان يحتاج لإعادة ترميم ..! قد اعمل في مكان آخر حتى ذلك الوقت ..!
- هكذا إذاً .. هل ستكون بخير ؟!..
- اطمئن .. اعتدت على الأمر بطريقة ما ..!
- إذاً ماذا كنت تفعل طيلة الأمس ؟!..
ابتسمت حينها : التقيت بليديا ..!
ظهرت ملامح الصدمة البسيطة عليه : كيف ؟!..
بدأت احكي له عن الأمس و كيف ذهبت إلى الملجأ و التقيت ليديا هناك .. أخبرته ببعض الأمور عما حدثتني عنه و حرصت الا اذكر اسم ينار في الموضوع .. هي حتى الآن لم تعتذر إليه و لا اعرف كيف ستكون مشاعره تجاه انتقالها المفاجئ ..!
نظر إلي بهدوء و سأل : كيف حال بيير بالأمس ؟!..
استندت إلى الكرسي و قلت : كان محبطاً .. لقد استيقظ في الظهيرة على كابوس مفزع .. و بقي مستاءً طيلة اليوم ..!
قطب حاجبيه بقلق : هكذا إذاً .. انه يرى الكثير من الكوابيس للأسف ..!
ترددت قليلاً قبل ان اقول : في الحقيقة .. لقد اخبرني بيير بالقصة .. أقصد والده ..!
نظر إلي للحظات بصمت قبل ان يطأطأ رأسه : لم اعتقد انه قد يفعل ..! انه يحاول نسيان الأمر .. لا شك ان الكابوس ازعجه حقاً ..!
بقي صامتاً للحظات قبل ان يردف : لأن بيير يرى الكثير من الكوابيس و يستيقظ اثرها فزعاً فكرت انه ليس من الجيد ان يكون مع ليو في ذات الغرفة ..! قد يتسبب هذا بالإحراج للأول و بالإزعاج للثاني .. لذا كنت مصراً على ان اكون مكان ليونيل ..!
أومأت ايجاباً : أجل .. لقد استنتجت هذا بعد ما رأيته بالأمس ..! عموماً لا تقلق عليه .. أنه بخير .. لقد طرده ليونيل من الغرفة لذا سيستعمل سريرك ..!
لم يعلق على الأمر .. بدا قلقاً حقاً على بيير ..!
هذا طبيعي فذلك الفتى كالأخ الأصغر لرايل و بطريقة ما هو يشعر بأنه مسؤول عنه ..!
وقفت حينها و قلت : سأغادر الآن .. لدي مدرسة و يجب ألا اتأخر ..!
نظر إلي حينها و ابتسم : أجل ..!
سرت مغادراً لكنه استوقفني : لينك ..!
التفت ناحيته بهدوء فأوشح بوجهه قليلاً قبل ان يقول : أعتذر عن الأمس .. لم اقصد استفزازك ..!
صمت حينها بضع لحظات ثم قلت بنبرة هادئة : أنا ايضاً كنت منفعلاً ..! إلى اللقاء ..!
خرجت بعدها من تلك الغرفة و شعور بالقلق يراودني .. رغم انه يبدو لي بخير لكن وجهه المصفر الشاحب و صوته المبحوح يثيران قلقي ..!
لا أعلم لما أشعر بأن هناك أمراً على وشك الحدوث ؟!..
............................................
كان اليوم الدراسي يمر علي بروتين ممل للغاية .. الجميع كان يسأل عن ريك بإلحاح !!..
أين هو ؟!.. في أي مشفى ؟!.. كيف حاله ؟!.. ما المرض الذي يعاني منه ؟!.. اهو مرض متوارث ؟!.. أأنت مريض أيضاً يا لينك ؟!..
الطلاب .. الاساتذة .. طاقم الادارة .. حتى عاملة المقصف و عامل النظافة !!..
الكثير من الأمور التي قلبت رأسي ..!
حتى اني تمنيت ان امسك بمكبر الصوت و اصرخ بهم انه بخير فلتكفوا عن هذا ..!
كان هذا بعد ان سألتني فتاة باكية مغرمة .. هل سيموت ؟!!..
كدت اقتلها في تلك اللحظة !!..
انتهى ذلك اليوم الطويل أخيراً فحملت حقيبتي و سرت لمغادرة المدرسة .. ايثن و ماكس كانا معي و التقينا بسام و ريا في الساحة الخارجية .. لقد قرروا زيارة ريك بعد المدرسة للاطمئنان عليه ..!
ركبنا الحافلة سويةً بينما كانت تقول سام : اتصلت بها عدة مرات لكنها لم تجب ..!
اردفت ريا بقلق : أنا ايضاً .. هذا ليس من عادتها ..!
ببساطة علق ايثن : قد تكون مريضة ..!
بينما كان رأي ماكس الذي طرحه بمكر : ربما محرجة من ريك ..!
كانت هذه مناقشتهم القصيرة بشأن ينار التي اختفت فجأة ..!
لم احب المشاركة حتى لا يزل لساني .. و في النهاية قرروا أغلاق الأمر باستنتاج أن لديها ظرفاً ما و ان سام ستعيد الاتصال بها ..!
توقفت الحافلة قرب المشفى فنزلنا منه و حينها قلت : ربما من الأفضل ألا نذكر لريك أمر ينار حتى لا يقلق ..!
وافقوا على الفكرة دون أي مناقشة ..!
سرنا بين المباني لبضع دقائق حتى دخلنا احداها و من فورنا اتجهنا لغرفة ريكايل ..!
الساعة الآن هي الواحدة ظهراً ..!
كدت اطرق باب الغرفة لكني سمعت اصوات ضحكات من الداخل .. وقد لفت هذا نظر الجميع ..!
لكني طرقته حينها و دخلت : مرحباً ..!
اوووه .. ما هذا التجمع ؟!.. هل خرج الجميع من مدرسته و قدم إلى هنا رأساً ؟!..
كيت و ليو و بيير .. خالتي ميراي ايضاً .. و المفاجئة هي جوليا و ميشيل .. أما الغريب حقاً فهو وجود ليديا ..!
ابتسمت حين رأيت تجمعهم : رائع .. الجميع هنا ..!
دخل رفاقي من بعدي و توجهوا رأساً إلى رايل حيث بدأت ريا بابتسامة : كيف حالك ريكايل ؟!..
ابتسم لها حينها : أنا بخير كما ترين ..!
- هذا يسعدني حقاً ..!
من بعده علقت سام وهي تتصنع الارهاق : كدت اموت بالأمس من الخوف !!.. لقد افزعتني فعلاً ..!
بابتسامة متوترة : اعتذر لهذا ..!
- لا تهتم .. المهم انك بخير ..!
ايثن و ماكس ايضاً ابديا سعادتهما لسلامته ..!
في ذلك الوقت و قف ليو و هو يحمل حقيبته المدرسية : إلى اللقاء ريكايل .. أنا ذاهب الآن ..!
نظر إلي بانزعاج و قال : لدي موعد مع والدي ..!
ذلك التافه المشرد !!..
يريد اغاظتي !!!..
لحظ ريك الأمر فقال بابتسامة هادئة : إلى اللقاء إذاً ..!
غادر بعدها و عيناي ترصده .. يا له من أخرق ..!
كان رفاقي قد انتبهوا لجوليا و ليديا .. و اعتقد ان الأخيرة جذبتهم أكثر بجمالها الفاتن و هندامها الفاخر ..!
كنت قد تقدمت ناحية الاثنتين الأخيرتين متعمداً تجاهل ميشيل : كيف حالك ليديا ؟!.. و أنت جوليا ؟!..
توردت وجنتاها كالعادة و هي تقول : انا بخير ..!
جوليا ايضاً قالت : و انا كذلك ..! أرى انكما تصالحتما ..!
جلست على حافة السرير و قلت : لم نكن متخاصمين في الاساس ..!
نظرت إلى ميشيل بعدها و قلت : آه ميشيل .. كيف حالك ؟!..
ببرود أجابت و هي تعبث بهاتفها : بخير ..!
نظرت إلى رفاقي و قلت : أعرفكم بالفتاتين ..! الأولى هي جوليا .. و هي شقيقة ميشيل الكبرى ..!
ابتسمت لهم عندها : تشرفت بلقائكم ..!
اشرت للأخرى حينها و قلت بفخر : و هذه هي ليديا ..! انها منقذتي الدائمة .. و احدا اعز اصدقائي ..!
بدا عليها الاحراج : أنت تبالغ لينك ..!
التفتت ناحية البقية حينها و بابتسامتها اللطيفة و وجنتيها المتوردتين : تشرفنا .. أنا ليديا ..!
كانوا مذهولين منها على الأرجح و لا ألومهم .. فأنا مررت بهذه التجربة في السابق ..!
اشرت إلى رفاقي و عرفتهما عليهم واحداً واحداً ..!
حينها بابتسامة مرحة قالت سام : تبدو ليديا مقربة منك يا لينك ..!
أومأ إيثن موافقاً : أجل .. أذكر انك قد حدثتني عنها ..! لقد اعتقدت انك تبالغ حين وصفتها لي !!..
تدخلت خالتي ميراي حينها بابتسامة : انها حقاً مقربة من لينك و من ريكايل ايضاً ..!
كانت ليديا محرجة بعض الشيء لكن ماكس صرخ حينها باستنتاجاته الفذة : لينك !!!.. أيعقل انها صديقتك ؟!!!..
احمر وجهها بينما ضحكت أنا بلا شعور كما كان الأمر لرايل !!..
ذلك لأن ليديا كادت ان تكون خطيبتي في السابق !!..
تنهدت هي بتعب من هذه المسألة : كم عدد الناس الذين اعتقدوا هذا الاعتقاد ؟!..
رايل قال حينها وقد توقف عن الضحك : يبدو انك تناسبين لينك فعلاً ليديا ..!
علقت خالتي بابتسامة : الأفضل ألا يسمعك لوي ..!
ازداد احمرار وجهها بعد ذكر ذلك الأخير ..!
بينما قلت أنا لكي اوضح هذا الأمر : ماكس .. الحقيقة ان ليديا صديقة عزيزة فقط ..! أن لديها رفيقاً أفضل مني بكثير !!..
نظرت إلي حينها و هفتت بإحراج : لينك توقف رجاءً ..!
- اعتذر .. كنت اريد توضيح الأمر فقط ..!
- سأشكيك عند لوي !!..
- الأفضل ألا تفعلي فأنا لا اريد ان تفسد علاقتي بأهم اصدقائي ..!
هنا .. تكلم احدهم و الذي كان صامتاً طيلة الوقت : هذا غريب ..!
التفت الجميع إلى ريا التي قالت هذا بنبرة مستغربة حقاً و حينها سألت سام : ما الغريب ؟!..
نظرت ريا ناحيتي بخجل بسيط : لينك .. يبدو ان لديك اصدقاء جيدين .. لما انتقلت من مدرستك السابقة اذاً ؟!..
لا أخفي عليكم انها اربكتني بهذا السؤال ..!
لكني كنت قد جهزت اجابة سابقة : صديقي لوي اسكتلندي و قد تعرفت اليه حين درست في ادنبره ..! و من خلاله تعرفت إلى ليديا ..!
بدا ان اجابتني اقنعتهم نوعاً ما ..!
حينها قالت سام بمرح : اعتقد ان هذه ثياب ثانوية مارسنلي الشهيرة .. أتدرسين هناك ؟!..
قبل ان تجيب ليديا علق ماكس : لكن .. اعتقد ان اسمها تغير منذ فترة ..!
بتوتر أجابت ليديا : أجل .. لقد صارت باسم المالك الجديد .. لكن لا زال الكثيرون يسمونها باسم ثانوية مارسنلي كشعار لها ..!
بذهول اردفت سام : واااااااااو .. أتدرسين هناك حقاً ؟!..
أومأت ايجاباً : أجل .. والدي موظف في احدا الشركات التي تمنح الموظفين المميزين بعض المزايا ..! هكذا تمكنت من الدراسة هناك ..!
لقد اخفت ليديا بكل بساطة و تواضع اسم اسرتها الفاخر و نسبها العريق ..!
هذا ما لحظته انا و ريك و ميراي ايضاً ..!
نظرت لايثن الذي كان شارد الذهن لحظتها : فيما تفكر يا ايثن ؟!..
انتبه الي و ابتسم بهدوء : لا شيء مهم ..!
وقفت ميشيل عندها و هي تقول : علي الذهاب للمنزل الآن كي استعد للذهاب للعمل ..! إلى اللقاء ريك ..!
ابتسم لها : إلى اللقاء ..!
لكنها ما إن سارت خطوتين حتى التفتت و هي تقول : آه صحيح .. بييير .. لقد عثرت على بعض الصور القديمة لنا .. اود اطلاعك عليها قريباً ..!
ابتسم لها حينها و قال : حسناً .. اتصلي بي حين تكونين متفرغة ..!
بادلته تلك الابتسامة اللطيفة ..!
اتقصد اغاظتي تلك الحمقاء ؟!.. و من يهتم بها ؟!!.. لقد مللت حقاً من تصرفاتها المستفزة !!..
لينك .. توقف عن خداع نفسك ..! انت حالياً لا تدرك هل تحب ميشيل ام لا ؟!..
الحقيقة اني احببتها لأليس .. ثم احببتها لنفسها .. و يبدو اني عدت لأحبها كأليس .. ماذا بعد ذلك ؟!..
لا أعلم .. و الأفضل ان اتجاهل هذا حالياً ..!
جوليا ايضاً استأذنت بالذهاب فعليها الا تتأخر عن الملجأ ..!
ليديا بعدها بقليل ودعتنا و قد تمنت الشفاء العاجل لرايل ..!
و ايضاً بعدها ببضع دقائق غادر اصدقاءنا بحجة ان على ريكايل ان يرتاح و انهم اطمأنوا عليه ..!
بقي انا و خالتي و بيير و كذلك كيت التي غفت فوق تلك الأريكة الطويلة منذ بعض الوقت فقد كانت صامتة طيلة الوقت بسبب النعاس المسيطر عليها ..!
قامت خالتي بتغطيتها و هي تقول : لينك .. ايقظها بعد قليل و خذها للمنزل ..!
أومأت موفقاً بهدوء ..!
طرق الباب حينها ودخل من بعده الدكتور ليبيرت كما يفترض تسميته هنا : مرحباً ..!
انتبه فوراً لكيت النائمة و تنهد بتعب : هذه الفتاة .. لو انها ذهبت للمنزل كما طلبت منها لكان افضل ..!
تقدم ناحيتها و هو يقول : لينك .. ساعدني أريد حملها على ظهري ..!
نظرت إلى قوامه النحيل حينها و بقلق و سخرية : تستطيع ؟!..
انتبه لنظرتي تلك و هتف باستياء : بالتأكيد !!.. قبل ان تنظر إلي انظر اليها كيف هي نحيلة كنملة صغيرة !!.. انها نحيلة من الاساس كما ان السكري انهى كل ما فيها ..!
تنهدت حينها و اقتربت منها كما فعل هو .. ساعدته على حملها فوق ظهره وقد مر الأمر بسلام و حينها همس لي : اتبعني ..!
لم افهم ما قصده بهذه الهمسة الجادة .. لكني التفت للبقية و قلت : سأعود بعد قليل ..!
تبعته بعدها و خرجنا من الغرفة و حين ابتعدنا بضعة امتار : انزل الى حديقة المشفى .. ستجد مارفيل هناك يتحدث مع بعض المرضى ..! انه يريد ان يتحدث اليك ..!
لم اشعر بالاطمئنان اطلاقاً لكلامه لكني اومأت موفقاً ..!
يا ترى .. ماذا يريد ادوارد ان يقول لي ؟!..
...............................................
مرت نسمة هواء باردة لحظتها .. تمتمت بتردد ممتزج بالخوف و الصدمة : لكن .. الم تقل انه تجاوز مرحلة الخطر ؟!..
كانت نظراته جادة ناحيتي و قد تمتم : لينك .. انا نفسي لست واثقاً مما اقوله لك الآن .. لكني اخبرتك فقط حتى تكون مستعداً ..!
قطبت حاجبي بألم و استنكار لحظتها : ما الذي تقوله ادوارد ؟!.. تقول لي انه قد لا يكون بخير قريباً و ان شيئاً ما يمكن ان يحصل .. ثم تعود للقول ان هذا مجرد احتمال .. أتلعب في اعصابي ؟!!..
تنهد حينها و اقترب مني ليربت على كتفي و يضغط عليهما و هو يقول : كن أكثر شجاعة و تقبل الأمر ..! ان ريك اشد بأساً منك فحين أخبرته تقبله بهدوء و بلا تردد ..!
نظرت اليه و قد غشتني لحظات صدمة : أخـ .. ـبرته ؟!..
أومأ إيجاباً : كان علي اخباره .. لقد اخبرته بكل ما قلته لك صباح اليوم ..! ابتداءً بأن حالته ليست مستقرةً أطلاقاً مروراً بقياساته الغريبة هذه الفترة و انتهاءً بأن عليه ان يستعد للقادم الذي قد يكون سيئاً ..! لقد اخبرته حتى لا يتردد بإخباري ان شعر بشيء ما ..!
طأطأت رأسي حينها و انا اشعر بأطنان من الهم تضغط على صدري .. حين تعلم بأن شخصاً مهماً و عزيزاً عليك يعيش الآلام و انت لا تسطيع فعل شيء .. كم انا عاجز ..!
لم انطق .. و لم انبس ببنت شفه .. أنا حتى ليس لدي ما أقوله ..!
هذا ما دعا ادوارد لأن يقول : كل ما اردت ايصاله لك .. لا تجزع ان حدث شيء .. كن قوياً لينك ..!
ايضاً لم استطع نطق حرف واحد بل كنت احاول التخفيف من حدة ارتجافي ..!
هذا ما دعا ادوارد لأن يقول بيأس بعد تنهيدة خيبة : للأسف .. قد يكون ريكايل اضعف منك جسدياً .. لكنه يملك رباطة جأش أكبر منك بكثير ..!
سار بعدها تاركاً إياي افكر في كل ما قاله منذ بدأت الحديث معه قبل دقائق في هذه الحديقة ..!
اتجهت إلى ذلك الكرسي الخشبي تحت تلك الشجرة الكبيرة و جلست عليه ممسكاً برأسي كمن فقد كل ما يملك و أنا أتمتم : ماذا أفعل ؟!.. ليس هناك شيء استطيع فعله ..! لا أملك شيئاً يمكنه ايقاف هذا ..! ريكايل .. كيف تقبلت هذا ؟!!.. لقد كنت تضحك معنا منذ قليل رغم علمك بالمصير المنتظر الذي ستواجهه !!..
رفعت نفسي و نظر للسماء لحظتها .. أنها صافية .. لكني اشعر ان هناك عاصفة هوجاء على وشك ان تهب لتدمر شيئاً من سعادتي ..!
...............................................
كانت الساعة تشير إلى الخامسة ..!
و انا في تلك الغرفة التي ضمت عدة اشخاص تختلف مشاعري ناحية كل واحد منهم ..!
في المشفى حيث غرفة ريكايل الصغيرة ..!
خالتي التي بدت اليوم كالأم الحنون تجاه ريك كانت تنسق تلك الزهور الذي احضرها الضيف الموجود حالياً و تضعها في تلك الزهرية قرب السرير ..!
بيير الذي لا زلت اعلم هل مشاعري تجاهه هي انزعاج ام شفقة ام ماذا بالضبط كان يجلس على المقعد قرب تلك النافذة التي فتح جزء منها و التي تطل على حديقة المشفى من الدور الثاني ..!
اخي رايل يجلس على سريره الذي يحضر عليه مغادرته في الفترة الحالية و هو مستند إلى تلك الوسادة الكبيرة و يتحدث إلى ضيفه الذي وصل الآن بابتسامة لطيفة مرحة جعلتني اعيد التفكير مئة مرة فيما قاله لي الدكتور ادوارد في الظهيرة ..!
أما ذلك الضيف الثقيل علي فلم يكن إلا رئيس هيئة الطلاب يوجين الذي حضر بحجة انه يريد ان يطمئن على رايل بعد سقطته بالأمس فقد كان احد الذين حضروا في النهاية مع وصول سيارة الاسعاف .. و قد كان يجلس على كرسي من الالمنيوم قرب السرير ..!
بالنسبة لي فقد جلست على الاريكة المقابلة لذلك السرير و انا انظر ليوجين بتوجس .. انا حتى الآن لا أدرك أهو مصدر خطر حقيقي تجاهي أم لا ؟!..
ريك كان يقول بابتسامة لطيفة : لقد كلفت على نفسك حقاً يوجين .. شكراً على هذه الأزهار ..!
كان رد ذلك المنافق المبتسم منمقاً للغاية : لا بأس ريكايل .. في النهاية انا رئيس هيئة الطلاب و هذا واجبي اتجاه جميع الطلبة .. كما انك صديق عزيز لريا لذا يتوجب علي الاطمئنان عليك ..!
تابعا حديثهما عن الصحة و كيف يجب الاهتمام بها .. أنهال بعدها يوجين بتوصيات كبيرة بأن صحة ريك اهم من الدراسة و ان لا بأس بتغيبه إن شعر ببعض التعب ..!
مضت عشر دقائق على هذا الحال ..!
وقفت حينها و انا أقول : سأعود للمنزل الآن فيجب عليك ان ترتاح رايل .. لقد توالت عليك الزيارات منذ الظهيرة ..!
كان عدد من طلاب صفه و طلاب صفي ايضاً قد قدموا للزيارة اليوم ..!
و قد قالوا بأن البقية سيحضرون للاطمئنان عليه في الغد ..!
و بحكم شعبية ريك الكبيرة في المدرسة بين الطلبة و المعلمين و الفتيات على وجه الخصوص هناك احتمالية بان يتضاعف عدد زواره ..!
أرجوا الا يؤثر هذا عليه سلباً ..!
لم اكد اخطوا خطوة واحدة حتى وقف ذلك الآخر ليقول : أذاً يجب علي أنا ايضاً الذهاب .. أتمنى لك الشفاء العاجل ريك ..!
لما عليه ان يغادر معي في ذات الوقت ؟!!.. لست في مزاج للتحدث معه ..!
التفت إلى بيير و قلت : ألن تأتي أنت أيضاً بيير ؟!..
أجابني بهدوء : سأبقى بعض الوقت ..!
يا إلهي .. كان املي الوحيد في بيير الذي سيجعل يوجين يلتزم الصمت معي ..!
لكن يبدو اني مضطر للمغادرة معه في الوقت ذاته .. لا اريد ان ينفرد هذا الفتى بي بأي شكل من الأشكال ..!
غادرت الغرفة و ها أنا اسير مغادراً المبنى .. كما توقعت فها هو يتبعني في كل خطوة ..!
خرجت من المبنى ثم سرت لدقائق و هو خلفي صامت .. هذا هو الطريق الوحيد للخروج لذا لا استطيع ان اقول انه يطاردني على وجه الخصوص ..!
و بعد مغادرتي اسوار المدينة الطبية وقفت عن موقف الحافلات وهو بجواري ايضاً حيث جلسنا متجاورين على ذلك المقعد ..!
كان الصمت مطبقاً للحظات قبل ان يفتتح هذا بقوله : يجب عليك ان تكون اكثر رفقاً بريكايل .. سمعت انك كنت تتشاجر معه قبل ان يفقد الوعي ..!
اشحت بوجهي بعيداً عنه : هذا ليس من شأنك ..!
بمكر علق : ما دمت الأخ الأكبر .. عليك ان تتحمل المسؤولية ..!
توقف الحافلة في تلك اللحظة انجدني فأسرعت بركوبها و هو خلفي مجدداً ..!
كانت ممتلئة نوعاً ما فلم يكن هناك سوى مقاعد محدودة فارغة .. جلست على احدها فجلس بجواري .. ماذا يريد الآن ايضاً ؟!..
تحركت الحافلة عندها فقال هو مجدداً بذات نبرته الخبيثة دون ان ينظر إلي : ربما انت لم تعتد ان تكون مسؤولاً إلا عن نفسك ..!
تجاهلته و تجاهلت ما يرمي إليه رغم اني لست واثقاً ..!
انه يقذف علي بعض العبارات الغير مفهومة بالنسبة لي من فترة لأخرى و كأنه يلمح لشيء ما : سمعت من الطلبة ان عزفك مذهل .. هل تعلمته في قصر ما ؟!..
قبضت يدي و لم ارد عليه .. انه الآن يجعلني في حيرة من امري .. أهو يعلم الحقيقة أم لا ؟!..
ربما يشك في الأمر .. علي الا اتوتر حتى لا اثبت له صحة نظريته ..!
مضت لحظات قبل ان يقول بابتسامة ماكرة و هو يهمس : هيه لينك .. منذ متى و أنت الأخ الأكبر لريكايل ؟!..
اتسعت عيناي اثر ذلك السؤال الغريب الغير منطقي !!..
بما اني و ريكايل توأمان فيفترض ان اكون أخاه الأكبر منذ اللحظة التي ولدنا فيها ..!
لكن بطريقة ما أنا لم اصر اخاه إلا قبل ما يقل عن ستة اشهر ..!
نحن لم نكمل حتى نصف سنة منذ عرفنا بعضنا ..!
توقفت الحافلة في تلك اللحظة فوقف وهو يقول : سأنزل هنا .. اراك فيما بعد ..!
لم ارد عليه .. لأني لا زلت مصدوماً .. أنه حقاً يعرف الحقيقة !!..
أجل .. لا شك انه يعلم بأني .. وريث مارسنلي المفقود !!..
لحظة لينك .. لا يوجد ادنى دليل على ذلك ..!
لكن .. لقد عقد صداقة غريبة مع ماثيو !!.. لما ؟!!..
علي ان اتجنبه .. علي ان اتجنبه بأي شكل من الأشكال !!..
علي ان اجنب ريكايل ايضاً ..!
ذلك لأن ماثيو يبحث عن ريكايل الآن .. و مجرد عثوره عليه قد يقلب الموازين رأساً على عقب !!..
........................................
استلقيت على سريري و انا اتحدث اليها بالهاتف : و ماذا حدث بعدها ؟!..
بهدوء أجابت : رمقني رافالي بنظرة غريبة حين رآني اسير معها ..! لكن اتعلم لم اعتقد انها هكذا .. في البداية بدت لي فتاة قوية من مظهرها .. لكن تصرفاتها تدل على توترها .. و بعد ان صاحبتها وجدت انها هادئة و رزينة أكثر مما توقعت ..!
بقلق سألت : الم تري ان كانت تعرف ما قصة مارسنلي مع سميث بالضبط ؟!..
- اصدقك القول .. لقد سألتها مباشرة ..! قلت لها ان الجميع يتجنبونها بسبب ما حدث بين الأسرتين و أن عليها الا تشغل بالها ..!
- و ماذا كانت ردة فعلها ؟!..
- بدا لي انها تعرف القصة مجملاً بدون تفاصيل ..! لكنها اردفت بعدها " انا حتى الآن لا ادرك من المخطئ بالضبط .. تبعاً للقصة التي حكاها والدي ارى انها مسألة نزاع ستظل إلى الأبد " !!..
- ما الذي تقوله هذه الفتاة ؟!.. بالتأكيد سميث هم المخطئون بخداع مارسنلي و الاستيلاء على ثرواتهم !!..
- ربما حكى لها والدها قصة أخرى ..!
- أجل .. بدأ بتلفيق الأكاذيب ذلك الحقير ..!
صمتت للحظات قبل ان تقول بتردد : لينك .. اسمع هناك شيء اريد اخبارك به ..!
شعرت بجدية كلامها لذا استقمت جالساً و انا استند إلى الوسادة على سريري و قلت : ما الأمر ليديا ؟!.. هاتي ما لديك ..!
اخذت نفساً عميقاً ثم قالت : في الحقيقة .. جدي قدم بالأمس لزيارتنا .. منذ سنوات ترك كل اعماله لوالدي و قرر ان يعيش نهاية حياته حياة هادئة في الريف مع قلة من الخدم ..! بالأمس دار بينه و بين والدي حوار غريب و قد مررت بالصدفة و سمعته ..!
شعرت بالتوتر من كلامها : ماذا قالا ؟!..
بدأت ليديا تعطيني نصوص الكلام الذي سمعته من والدها و جدها بالأمس ..!
.
.
((
- هل علمت يا والدي ما حدث في الآونة الأخيرة ؟!.. لقد فقد مارسنلي كل ما لديهم ..!
- و من اين لي ان سمع ؟!.. لقد تركت حياة النبلاء و الشركات لك و انت الوحيد الذي يمدني بالأخبار ..! اذاً .. كيف خسروا كل شيء فجأة ؟!.. اذكر ان السيدة مارسنلي كانت مسيطرة على الوضع ..! حتى بعد وفاتها من المستحيل ان ينهار كل شيء بهذه السرعة ..! أين وريثهم ؟!..
- وريثهم لا يزال في عمر ابنتي ليديا .. لم يكن له الفرصة لإدارة شيء فقد استولى ادريان سميث الذراع اليمنى للسيدة مارسنلي على كل شيء ..!
- قلت سميث !!.. اعتقد ان ادريان كان ابنهم الأخير ..!
- أعتقد ذلك ..!
- يا له من رجل .. حين اغتيل والده قبل ثلاثين سنة قال الجميع ان سميث فقدوا مكانتهم إلى الأبد ..! لكن ها هو فردهم الأخير قد عاد بعد كل هذه السنوات ليستعيد كل شيء ..! لو كنت بمكان مارسنلي لرميت به منذ زمن .. الخطأ خطأهم أن جعلوه مقرباً دون التفكير في انه قد ينتقم منهم يوماً ما ..!
))
.
.
كنت مصدوماً بما سمعته من ليديا التي اردفت بتوتر : انا لم افهم شيئاً .. لكن يبدو ان سميث كانوا على علاقة مع مارسنلي في الماضي ..!
قطبت حاجبيه منزعجاً و أنا أقول : لا تمزحي معي .. سميث لا ينتمون للنبلاء !!.. من أين لهم بهذه العلاقة التي تبدو وثيقه ؟!.. ثم ما المقصد من كلمة " يستعيدون " ؟!!..
- انا لا اعلم لينك ..! لكني تذكرت كلام ينار حين قالت ان والدها اخبرها و ان هذا يعني فقد استمرار نزاعات ..! يبدو ان سميث و مارسنلي كانوا على خلاف مشابه في الماضي أيضاً ..!
ضغطت على جبيني حينها و انا اقول : يكفي ليديا .. لم اعد اريد سماع المزيد ..! لقد هربت من هذا العالم فقط كي ارتاح من صداع الرأس هذا ..! و الآن ها هو يعود إلي !!.. فقط بسبب هذه الينار !!.. انا الآن اعيش حياة جيدة رغم كل شيء و فجأة تظهر هذه الفتاة لتفجر رأسي ..!
- اهدأ لينك ..! الغضب لن يفيد شيئاً ..! انسى امر ينار و سينتهي الأمر ..!
- لو ان الأمر بيدي لنسيت ..! لكن المشكلة هو ريكايل !!.. ربما كان من الأفضل ترك ينار مع ماثيو و هكذا كنت سأتخلص منها إلى الأبد ..!
بدا عليها الانزعاج حينها : لينك !!.. ليس عليك ان تفكر هكذا ..! ثم هل نسيت جوليا ؟!..
- جوليا هي من رفضت ماثيو ..! لن تنزعج لو تقدم لخطبة ينار !!.. حتى ريكايل في شجار معها ..! سينساها بسرعة حينها !!.. و كأن ادريان سيتركه اصلاً ان علم انه اقترب من ابنته ..!
- توقف عن هذا !!.. تخيل لو ان احدهم تقدم لخطبة ميشيل .. هل كنت سترضى حينها !!..
صرخت بغضب لحظتها : ليفعل من يشاء ذلك فقد قررت ان انسى تلك الفتاة إلى الأبد !!.. أن كانت مصرة على موقفها مني فأنا لم يعد لدي أي اهتمام بها ..!
صمتت حينها و يبدو ان الصدمة الجمتها ..!
لاشك انها ستعترض الآن و تقول بأن علي ان اقاتل من اجل ميشيل ..!
لكن ردها حينها اذهلني فقد قالت بهدوء : قد تكون محقاً .. ربما الاصرار الزائد ادى لمشاكل اكبر بينكما ..! يبدو انه لم يكتب لكما ان تكونا معاً في النهاية ..!
صمت حينها دون رد .. ليس لدي ما أقوله .. لا يمكنني ان اوافق كلامها او ارفضه ..!
لذا اكتفيت بالقول : تأخر الوقت و لدينا مدارس غداً .. تصبحين على خير ليديا ..!
بصوتها الهادئ مع لمست حزن : أجل .. تصبح على خير ..!
اغلقت الخط حينها و امسكت برأسي .. ماذا علي ان افعل مع هذه الينار ؟!..
ربما من الأفضل التأكد من مشاعر ريك اولاً : انه يحبها ..!
رفعت رأسي حين سمعت ذلك الصوت لأرى بيير يقف قرب الباب و هو ينظر إلي باستياء : ريكايل يحبها !!.. لذا توقف عن قول ليتها تكون مع ماثيو او انه يجب التخلص منها !!.. انت لن تعرف كيف سيشعر ريكايل حينها !!..
هذا الفتى الغريب !!.. كل ما افهمه عنه أنه يكون حملاً وديعاً قرب رايل و ذئباً مفترساً بعيداً عنه ..!
أوشحت بوجهي عنه و أنا أقول : أنت أيضاً لا تفهم .. والد ينار قد يؤذي ريك ان علم بأنه يتقرب من ابنته ..!
- رغم هذا القرار في النهاية لري !!.. هو من يختار ان كان يريد ينار رغماً عن والدها ام لا !!.. لقد رأيت بنفسك انها ارادت الاعتذار منه ..! لاتكن عائقاً لهما ..!
نظرت إليه بغضب و رفعت صوتي : من هو العائق هنا ؟!!.. تطلب مني الا اكون عائقاً ضد ريكايل و ينار بينما انت اكبر عائق بيني و بين ميشيل !!.. منذ ظهرت و هي فقط تتصنع الاهتمام بأمرك حتى تزعجني !!.. ألا يمكنك ان تكون اكثر احساساً بنفسك !!..
بغضب مع نبرة صوت اعلى من صوتي هتف : لا شأن لي بك و بميشيل !!.. في النهاية هي رفضتني قبل ان تعرفك حتى !!..
اتسعت عيناي اثر كلامه .. رفضته !!..
هل اعترف لها و رفضته !!..
متى كان هذا ؟!!..
لحظة .. أهذا يعني انه يحب ميشيل أيضاً ؟!!!!!!!!!..
اتجه ناحية سرير رايل و سحب الغطاء و الوسادة ثم خرج وهو يقول : سأنام في غرفة الجلوس ..!
يالبروده !!..
يرمي علي بقنابل ثم يذهب لينام بهدوء !!..
هذا الفتى .. سيقودني للجنون قريباً !!..
ففي احيان يكون لطيفاً كالقطط حتى حين لا يكون ريك هنا .. و في معظم الأحيان ينقلب إلى كلب مسعور !!..
رغم ان مظهره لا يوحي بمقدار الشيطنة التي لا تعمل إلا حين يكون للأمر علاقة بريكايل ..!
في النهاية .. هذا الفتى يبجل اخي اكثر مني بأضعاف مضاعفة ..!
......................................
مضى يومان مملان و ثقيلان للغاية .. ريك لا يزال في المشفى و لم يحدد موعد خروجه بعد ..!
اليوم هو الخميس .. و ها أنا اغادر اسوار المدرسة قبل بقية الطلاب حيث ان معلمنا للحصة الأخيرة متغيب لذا اخبرت الآنسة هيلين اني سوف اغادر لكي اذهب باكراً لريك في المشفى ..!
خالتي ذهبت صباح اليوم إلى ايطاليا .. كانت تريد اخذ اجازة إلا ان مديرها رفض ذلك .. و قد اخبرناها جميعاً أن كل شيء سيكون بخير وانه يمكنها ان تذهب بسلام ..!
طيلة اليومين الماضيين لم يتسنى لي الجلوس مع ريك لسؤاله عن ينار .. الزيارات لا تنقطع من طلاب المدرسة و زملاء العمل و بعض الزبائن الدائمين لشوكو شوكو .. حتى المدير قدم لزيارته بالأمس ..!
هكذا هو .. يجذب الجميع ناحيته و يجبرهم على التعلق به و القلق عليه .. ذلك لأن لطفه و اخلاقه العالية تفرض على الجميع احترامه ..!
على عكسي فأنا فاشل في هذه الأمور ..!
بالنسبة لبيير فهو يقضي معظم وقته مع ريكايل .. نحن لا نتحدث سويةً كثيراً .. احياناً تحدث بعض المشاحنات البسيطة و احياناً تكون الأمور هادئة و مسالمة ..!
ليونيل أيضاً .. لم اتحدث إليه اطلاقاً بشأن مارسنلي .. أو بالأحرى لست اتحدث اليه اطلاقاً و لا هو .. فقط نرمق بعضنا ببعض النظرات حين نلتقي ..!
انا و كيت نقضي ايامنا كالمعتاد .. لكنها باتت تسألني ان اساعدها في امتحاناتها و هذا امر جيد ..!
ارجوا ان ينتهي هذا الوضع قريباً .. سيحدث هذا حين يخرج ريك من المشفى ..!
استقللت الحافلة و انا شارد الذهن تماماً .. كان العمل ليشغلني بعض الشيء عن هذا الروتين الرتيب ..!
لم يكن هناك الكثير من الناس في الحافلة فالمعظم لم يغادروا مدارسهم و اعمالهم بعد ..!
وصلنا إلى الموقف قرب المشفى فنزلت و تابعت سيري إلى الداخل حتى وصلت مبنى مرضى القلب و اتجهت فوراً لغرفة ريكايل ..!
طرقت الباب طرقتين ثم دخلت : مرحباً ..!
كانت الغرفة فارغةً من الزوار على غير العادة .. فقط كان صاحب الغرفة فوق سريره مستنداً بشكل شبه مستلقي إلى الوسادة الكبيرة و مغمضً عينيه .. لكن ما اثار قلقي هو قناع الاوكسجين المثبت على وجهه ..!
اقربت قليلاً و جلست على حافة السرير .. يبدو انه نائم .. صوت انفاسه مسموع نوعاً ما .. يبدو الشحوب على وجهه ايضاً ..!
حالته سيئة اليوم رغم انه كان بخير في اليومين الماضيين .. هذا مقلق ..!
كانت يده ممتدة بقربي فأمسكت بها لأجد انها ساخنه ..!
قطبت حاجبي و رفعت يدي لجبينه لأجد انه ساخن ايضاً .. اهو يعاني من الضعف الآن يا ترى ؟!..
فتح عينيه عندها بخمول فأبعدت يدي : هل ايقظتك ؟!..
تمتم عندها بصوت مبحوح : يدك باردة .. اعدها ..!
بهدوء قلت : اليس من الأفضل استعمال خافض للحرارة .. فيدي لن تفيد شيئاً ..!
اغمض عينيه و تمتم : لا اريد المزيد من الأدوية ..!
لم اعلم ماذا اقول لكني اعدت يدي فوق جبينه استجابة لطلبة ..!
فكرت .. هل اسأله الآن عن ينار ؟!.. أخشى ان تسوء حالته ..!
سأجرب .. ان شعرت انه لا يريد الحديث سأطلب منه ان ينسى الأمر ..!
بهدوء قلت : ريكايل ..!
فتح عينيه بشكل جزئي و نظر إلي .. اخذت نفساً عميقاً ثم قلت : الم يحن الوقت لتخبرني عن علاقتك بينار ؟!..
راقبت ردة فعله بأدق التفاصيل .. لقد بدا هادئاً و كأنما لا يشعر بنفسه وقد تمتم : لقد كنت .. أحبها ..!
اصدقكم القول اني لم اعتقد انه سيجاوب حالاً .. لذا سألت مجدداً : و الآن .. ألا زلت كذلك ..!
أغمض عينيه و هز رأسه بشكل شبه ملحوظ يدل على الايجاب ..!
اذاً .. لا يزال كذلك ..!
و الآن .. كيف اتصرف بما انها ابنة ادريان ؟!.. ريكايل بالتأكيد لا يعرف هذا و من المستحيل ان اخبره ..!
رفع يديه لحظتها و امسك بيدي التي فوق جبينه لينزلها قليلاً إلى عينيه .. انه ساخن بالفعل .. اشعر و كأنه متضايق من هذا الوضع و لا يعرف ماذا يفعل ..!
- ريك .. هل انزع قناع الأوكسجين ؟!..
اردت التأكد من ماهية حالته بالضبط فأومأ سلباً و هذا أقلقني اكثر .. ما الذي قلب حاله بهذه الطريقة ..!
مضت بضع دقائق على هذا الحال ابعدت بعدها يدي عن وجهه لأجد انه غفى دون ان يشعر ..!
على الأقل بما انه نام فهذا مؤشر جيد .. ارجوا ان تتحسن حاله بعد هذه الغفوة ..!
.........................................
كانت الساعة تشير إلى الخامسة و انا في تلك الحافلة عائداً للمشفى ..!
اليوم تمنع منع الزيارة عن ريك فيما عداي و بيير .. ذلك لأنه مرهق و بحاجة للراحة ..!
كنت طيلة اليوم عنده و كذلك صديقه رغم انه كان نائماً معظم الوقت بهدوء و كأنما لم ينعم بالنوم منذ زمن ..!
و منذ ساعة تقريباً قررت العودة للمنزل كي احضر له بعض الحاجيات و الملابس الاضافية ..!
و ها أنا سأعود للمشفى بهذه الحقيبة للبقاء حتى نهاية الزيارة تحسباً لأي طارئ ..!
رن هاتفي لحظتها فأخرجته من جيبي و نظرت لاسم المتصل لأجد انه مديري في العمل و هذا نادر بالفعل ..!
رددت على الاتصال حينها : مرحباً ..!
- براون .. كيف حال أخيك ؟!..
تجاهلت عدم سؤاله عن حالي فهذا متوقع : انه بخير هذه الفترة غير انه مرهق اليوم ..!
- الم يحدد موعد خروجه من المشفى ؟!..
- ليس بعد ..!
- حسناً اسمع .. عثرت لك على وضيفة لبضع ساعات ..!
- حقاً ؟!.. لكني لم افهم ما معنى لبضع ساعات ؟!..
- احد المقاهي يريدون عازفاً لهذه الليلة بعد ان حصل لعازفتهم امر طارئ ..! اتصلوا بمكتب التوظيف الذي وضعت فيه اسمك فاتصل المكتب بي و طلب مني التواصل معهم ..!
- رائع .. أهذا يعني اني سأعمل في مساء اليوم فقط ؟!..
- أجل .. لكن الأجرة مرتفعة و ستستفيد منها بالتأكيد ..! عموماً لقد رفضوا في البداية بحجة انك صغير في الثانوية .. لكني حين ارسلت لهم صورتك اقتنعوا باعتبار انك وسيم على الأقل .. عليك ان تكون ممتناً لمظهرك ..!
صمتت للحظات ثم قلت بسخرية على نفسي : أجل .. أنا ممتن لأني وسيم !!..
- اسمع .. عليك ان تكون هناك تمام الثامنة .. و ستبقى حتى الحادية عشر و النصف ..!
هذا جيد .. ستكون الزيارة قد انتهت في ذلك الحين .. صحيح أن وقت انتهاء العمل متأخر لكن لا بأس ..!
أردف بعدها : ابذل جهدك .. ان اعجبهم عزفك فسيتصلون دوماً حين لا يكون لديهم عازف ..! و قد يوظفونك كعازف احتياطي .. لكن هذا فقط حتى تنتهي اعمال الصيانة في المطعم لأني لا انوي التخلي عن موظف احمق مثلك ..!
كتمت ضحكتي حينها فهو لا يريد الاعتراف بموهبتي : حاضر حظرة المدير ..!
- سأرسل لك عنوان المقهى .. اياك ان تتأخر عليهم .. و عليك ان تبدو بأبهى حلة ..!
- أمرك ..!
أغلق الخط بعدها دون أي كلمة وداع .. انه متعجرف لكنه طيب القلب في الوقت ذاته ..!
جيد .. علي ان ابذل جهدي حتى احصل على وظيفة ملائمة .. انه افضل من البقاء هكذا و حتى لا اكون بحاجة للمال في المستقبل ..!
وصلت الحافلة إلى موقف المشفى فنزلت و أنا احمل حقيبة الملابس ..!
و ما إن اقتربت من مبنى طب القلب حتى رأيت احدهم يخرج من هناك ليقف امامي مباشرة ..!
نظرت إلي بهدوء فبادلتها تلك النظرة وقد لفت نظري شيء مهم : قصصت شعرك ..!
قطبت حاجبيها بشكل بسيط : ألقي التحية على الأقل ..!
بهدوء قلت : يالك من مفرطة ..!
امسكت بأطراف شعرها البنية التي تصل إلى منتصف رقبتها لتقول : كان يزعجني كثيراً في الفترة الأخيرة .. لذا آثرت التخلص منه ..!
كان شكلها مختلفاً بعض الشيء بشعر بني لامع يصل لمنتصف رقبتها بأطراف منحنية إلى الداخل .. لقد باتت تبدو اصغر سناً خاصة ان وجهها المستدير بات واضح و عيناها الزرقاوان تبدوان اوسع .. وقد ارتدت تنورة سوداء تصل لركبتها مع كنزة قطنية مقلمة بخطوط عرضية عريضة باللونين الوردي و الأبيض ..!
تذكرت حينها شيئاً و قلت : أكنت عند ريكايل ؟!..
طأطأت رأسها لحظتها : و لما سآتي إذاً .. لرؤيتك مثلاً ؟!..
تجاهلت سخريتها و قلت : لكن الزيارة ممنوعة اليوم ..!
- علمت بهذا .. لكني اردت ان أطمئن عليه رغم ان بيير اخبرني عن حاله بالهاتف ..!
- و كيف وجدته ؟!..
ظهر الحزن على وجهها و قد طأطأت رأسها اكثر : انه شاحب للغاية و لا يبدو بخير .. سأذهب الآن فيجب عليه يأخذ قسطاً من الراحة ..!
استوقفتها بقولي : اخبريني أولاً .. أتعرفين فتاة تدعى ينار ؟!..
رفعت رأسها إلي باستغراب : لما تسأل عنها الآن ؟!.. بل من اين تعرفها ؟!..
- انها طالبة في مدرستنا ..! لكني لحظت ان هناك شيئاً بينها و بين ريكايل .. أتعرفين ما هو ؟!..
اشاحت بوجهها عني للحظات و قد قطبت حاجبيها و بان الاستياء عليها و هي تمتم : ينار كانت في صف اختي جوليا و قد حضرت مرةً إلى الملجأ مع بقية طالبات الصف لكن بدا لي انها تعرف ريكايل مسبقاً ..! لا اعرف الكثير لكنها كانت على علاقة طيبة مع رايل ..!
تعرف ريكايل قبل ان تراه عند جوليا !!..
اخذت نفساً عميقاً ثم قلت : و الآن .. ماذا حدث ؟!..
- لا أعلم .. منذ مدة سألت رايل عنها فطلب مني الا اذكر اسمها ..! اتصلت بها فلم تجب ..! يبدو انهما تشاجرا و هذا مؤسف فعلاقتهما بدت لطيفة بالنسبة لي ..! و منذ ذلك اليوم لا اعرف عنها شيئاً ..!
صمت حينها و لم أجد ما أقوله .. يبدو ان ريك كان بالفعل يحب تلك الفتاة ..!
كم هذا سيء !!..
سارت بعدها بهدوء و حين تجاوزتني همست : اهتم به ..!
ابتسمت نصف ابتسامة و بسخرية قلت : لا احتاج ان تخبريني بهذا ..!
ابتعدت مغادرة المكان فلم التفت لرؤيتها .. و أجدر ما يجب ذكره اني لم ارتبك لرؤيتها ..!
اعتقد ان معظمكم عرف عمن اتحدث .. انها ميشيل التي بت الآن لا اعرف ما هي مشاعري تجاهها بالضبط ..!
تجاهلت لقائي بها منذ قليل و دخلت إلى المبنى و اتجهت رأساً إلى غرفة أخي ..!
حين دخلت كانت انيتا هناك و قد كان رايل يجلس فوق سريره يمد يده لها و هي تقول بابتسامة هادئة : قد تؤلمك بعض الشيء لأنها بزاوية رأسية .. لكن عليك ألا تحرك يدك حتى لا ينكسر رأس الإبرة داخلها ..!
أومأ ايجاباً وقد اغمض عينيه ..!
تقدمت حينها لأرى ان انيتا كانت تمسك معصمه بيد بينما مسك ابرة باليد الأخرى ..!
ادخلت الإبرة بزاوية قائماً في وريد في معصمه فقطب حاجبيه بألم ..!
لا ألومه فمن المعروف أن الإبرة بالزاوية القائمة مؤلمة للغاية اكثر من غيرها ..!
سحبت الإبرة بعد لحظات وهي تقول : حسناً .. انا واثقة انك ستتحسن بعدها .. سيأتي الدكتور مارفيل بعد نصف ساعة ليطمئن عليك ..!
أومأ إيجاباً بوجهها المرهق دون ان ينطق .. أو بالأحرى هو يتحاشى الكلام قدر الإمكان اليوم و كأن هذا سيرهقه ..!
خرجت انيتا بينما جلست انا على الكرسي قرب السرير بينما بيير يجلس على حافة السرير من الجهة الأخرى و هو يقول : الأفضل ان ترتاح الآن ري .. حتى يسري مفعول الإبرة في دمك ..!
امسكت بالجهاز الموصول بالسرير و عدلة وضعيته حتى بات شبه مستقيم ..!
استلقى ريك حينها دون نطق حرف و قد اغمض عينيه بينما حملت انا الحقيبة و وضعها في الخزانة الحديدية الصغيرة على الجدار : لقد احضرت لك بعض الملابس الإضافية و سأتركها هنا ..!
لم أجد رداً كما توقعت .. يبدو انه لا يعي ما حوله للأسف ..!
.....................................
حل المساء و انتهى موعد الزيارة ..!
ها أنا في المنزل قد بدلت ملابسي مستعداً للذهاب لمكان العمل الجديد ..!
لقد ارسل لي المدير وصفاً للمكان .. قال انه مقهى افتتح حديثاً ..!
سرت مغادراً المنزل الذي كان فارغاً ..!
فبيير خرج من المشفى و اتجه للملجأ رأساً .. و كيت قالت انها ستقوم بأعمال المنزل الأسبوعية في شقتهم .. أما ليو فقد ذهب لزيارة صديق على ما اعتقد .!
لم التق بأحد في طريقي .. كما اني نسيت اخبار كيت بأني سأتأخر ..!
عموماً لا بأس فهي لن تقلق بشأني بالتأكيد ..!
استقللت الحافلة ذهاباً إلى المكان المحدد .. و حين وصلت بعد عشرين دقيقة كانت الساعة تشير إلى السابعة و خمسين دقيقة .. بقي عشر دقائق و يبدأ العمل ..!
وقفت للحظات انتظر لذلك المكان .. أنه اكبر مما توقعت بكثير .. كما انه فخم ايضاً ..!
لا أخفي عليكم اني ترددت لحظتها .. قد يتعرف علي احد ما هنا ..!
أخذت نفساً عميقاً لحظتها .. لا بأس .. المدير قال انه هذا المقهى حصل على ثلاث نجوم فقط حتى الآن .. ابناء الطبقة الراقية لا يعترفون إلا بالنجوم الخمس ..!
استجمعت قواي و دخلت من الباب الرئيسي .. و على الفور كان هناك نادل في استقبالي : أهلاً سيدي .. هل احجز لك طاولة ..!
كم هذا مبتذل !!..
بهدوء قلت : عذراً .. لقد جئت من أجل الوظيفة ..!
رفع رأسه و نظر إلي : آه هكذا إذاً .. تفضل خلفي ..!
سار ذلك الشاب الذي يبدو في اوساط العشرينات إلى الداخل فلحقت به .. ان المكان في الداخل فاخر بحق .. فتلك الجدران و الأرضية الفخمة و تلك النوافذ الكبيرة .. الطاولات الكراسي كل شيء .. و تلك الإضاءة الخافتة و ايضاً الرائحة العطرة ..!
اكثر ما جذبني هو الإضاءة .. بما انها ليست قوية هكذا فهي ستقلل من امكانية التعرف الي و هذا رائع ..!
تبعت الشاب الذي دخل من باب خاص بالموظفين إلى ممر مختلف عن بهو المقهى حيث كانت الأرضية اقل فخامةً و الجدران و الإضاءة باللون الأبيض ..!
كان هناك رجل قد خرج من احد الأبواب في ذلك الممر : سيدي المدير ..!
التفت ذلك الرجل الذي يبدو في أول الثلاثينات ناحيتنا بعد ان ناداه النادل ..!
وقفنا امامه حينها فقال الشاب و هو يشير إلي : يقول هذا الفتى انه قادم لوظيفة ما ..!
نظر المدير ناحيتي للحظات قبل ان يقول : آه .. صحيح أنت من تلك الصورة ..!
انصرف النادل ليتابع عمله بينما نظر المدير إلي ليقول : حسناً .. ذكرني باسمك ..!
اخفيت توتري و انا اقول : لينك براون ..!
أومأ إيجاباً ليقول : أجل .. جئت كعازف مؤقت الليلة ..! انك تبدو اوسم من ما في الصورة .. عموماً ارجوا الا تخذلني .. سأحكم عليك بعد اول معزوفة .. إن لم يكن جيداً فسنشغل الموسيقى من جهاز التسجيل و سيتحتم عليك المغادرة ..!
بجد قلت : سأبذل ما بوسعي ..!
قطب حاجبيه للحظات : لا زلت في السابعة عشر .. قد تصلنا انتقادات بشأن هذا لكن ان اثبت جدارتك لن يتمكن احدهم من قول شيء ..! و الآن .. تلك غرفة الملابس .. ستجد زياً معلقاً على الجدار .. بدل ملابسك بسرعة فسيبدأ عملك قريباً ..!
أومأت إيجاباً و سرت بسرعة ناحية تلك الغرفة ..!
.....................................
وقفت امام المرآة و قد ارتديت بنطال اسود رسمياً مع قميص ابيض كذلك إضافة إلى سترة بلا أكمام طويلة من الخلف .. انها ملابس رسمية للعمل ..!
اخذت نفساً عميقاً و انا انظر إلى نفسي مجدداً .. أو بالأحرى إلى شعري الذي صففته للخلف ..!
هذا انسب بما انها ملابس رسمية .. كما اني اكون اكثر اطمئنان هكذا ..!
قطبت حاجبي للحظات .. ان وجهي الآن كوجه ريكايل تماماً .. اتساءل كيف حاله الآن ؟!.. هو لم يبدو بخير إطلاقاً ..!
قبضت يدي بقوة و انا احاول تهدئة نفسي .. لقد تناول دواءه قبل مغادرتنا .. أنيتا و ادوارد قالا ان لديهما مناوبة في المشفى اليوم و سيهتمان به .. هذا يجعلني اطمئن بعض الشيء ..!
خرجت من تلك الغرفة و اتجهت إلى الصالة حيث الضيوف .. و فور ان فتحت الباب كان المدير هناك ..!
وقف ينظر إلي من الأعلى إلى الأسفل للحظات : جيد .. أنه يناسبك .. كما ان تصفيف شعرك هذا يجعلك رسمياً أكثر ..!
اشار إلى البيانو الذي كان على منصة في زاوية المحل و قد كانت ذا ديكور خاص يظهر فخامة بارزة : البيانو هناك .. يمكنك أن تبدأ الآن .. ستجد سجل النوتات في مكانه .. أختر ما تشاء و ابدأ ..!
أومأت إيجاباً و اتجهت إليه .. صعدت على درجات ثلاث حتى اعلى المنصة .. كان هناك بعض الزبائن يجلسون حول الطاولات وفي ذلك الوقت انتهت الموسيقى التي كانت تعمل من جهاز التسجيل ..!
ذلك جعلني اتوتر أكثر .. لكن علي أن اكون اكثر تماسكاً و ثقة بنفسي .. لقد تدربت على يدي إلينا .. لذا انا لا يمكن ان أخطئ ..!
جلست على ذلك المقعد الصغير و بدأت انظر إلى تلك الآلة الموسيقية المذهلة .. إنه فاخر .. يشبه الذي كان لدينا في القصر .. نظرت إلى العلامة التجارية المحفورة فوقه لأجد انه من ذات الشركة المصنعة ..!
قلبت النوتات قليلاً .. كلها معزوفات مشهورة لعازفين معروفين .. لقد تعلمت معظمها في الماضي و هذا سيسهل علي ..!
اخترت احداها و قد كانت طويلة و صعبة .. إن لم اثبت جدارتي من البداية فلن انجح ..!
أخذت نفساً عميقاً .. و بدأت العزف ..!
......................................
الساعة تشير إلى العاشرة و النصف .. و بطريقة ما تمكنت من السيطرة على الوضع ..!
كان الجميع يشيد بي بعد كل سمفونية .. و حتى المدير كان راضياً تمام الرضى ..!
انهيت سمفونيةً أخرى و حينها شعرت بأحد خلفي فالتفتت لأجد طفلة في السابعة بشعر اشقر طويل و ملامح جميلة و فستان لطيف غالي الثمن و هي تقدم لي زهرة حمراء بابتسامة ..!
ابتسمت لها و اخذ الزهرة منها : شكراً لك ..!
اتسعت ابتسامتها و عادت لمقعدها .. يحدث هذا كثيراً ان يتم تقديم الزهور للعازفين الموهوبين خلال وقت عملهم .. لا شك ان والديها ارسلها لتقديم هذه الجورية الحمراء ..!
اقترب احد النادلين مني ليقول بابتسامة : المدير يقول انه يمكنك اخذ استراحة لعشر دقائق الآن ..!
ابتسمت له و أومأت إيجاباً ثم و قفت مغادراً منصة العزف و اتجهت الى باب العاملين .. كان هناك كم لا بأس به من الزبائن و بعضهم لا زالوا يتوافدون بينما يخرج آخرون ..!
عائلات و شباب و فتيات و عشاق .. من كل الأصناف و الأعمار انه مفتوح للجميع .. مكان هادئ تقضي فيه بعض الوقت في شرب القهوة و الاستماع إلى الموسيقى الوردية ..!
اتجهت لغرفة تبديل الملابس حيث كان هناك طاولة حولها بضع مقاعد فجلست على أحدها و اخذت نفساً عميقاً .. لقد تجاوزت الأمر بطريقة ما ..!
دخل احدهم في تلك اللحظة و قد كان المدير الذي يحمل فيه يديه فنجان قهوة صغير يتصاعد منه البخار .. وضعه أمامي و هو يقول بابتسامة و رضى : أحسنت عملاً .. لقد اذهلت الجميع ..!
انه مدير لطيف على عكس مديري السابق ذو الطباع الخشنة ..!
ابتسمت له حينها : شكراً لك سيدي .. يسعدني اني لم أخيب ظنك ..!
- حسناً .. اشرب هذه القهوة الآن و استعد كي تعود في العمل .. بقي ساعة كاملة قبل ان ينتهي موعد عملك ..!
- حاضر ..!
غادر بعدها تاركاً إياي و حدي بينما ارتشفت انا شيئاً من الفنجان .. كم هي لذيذة هذه القهوة و مميزة حقاً ..!
تذكرت هاتفي الذي وضعته في جيبي على وضع الصامت حتى لا يزعجني .. يجب ان اتفقده فقد تكون كيت قد أرسلت تسأل عن مكاني ..!
اخرجته من جيبي و فتحت الرمز السرير ليظهر امامي تنبيه كاد يوقف قلبي ..!
35 مكالمة لم يرد عليها ..!
14 رسالة نصية جديدة ..!
وقفت من مكاني مفزوعاً .. ما شأن هذا العدد المرعب من المكالمات و الرسائل !!..
اسرعت لأتفقد المكالمات ممن بالضبط لأجد أنها توزعت بين .. هاري .. كيت .. ليو .. بيير ..! و قد كان لذلك الأخير النصيب الأكثر ..!
اسرعت لتفقد الرسائل وقد كانت من نفس الأشخاص بمحتوى متشابه متوزع بين اين أنا و ماذا أفعل الآن و أن علي أن اعيد الاتصال بهم بسرعة و ان هناك امراً مهماً جداً ..!
شعرت بارتخاء في ركبتي و انهرت فوق الكرسي .. قلبي ينبض بعنف كأنما سينفجر و أنا أجهل السبب ..!
ربما فقط لأني غادرت المنزل دون ان اخبر احداً ..!
لا .. يبدو لي ان هناك مصيبة قد حدثت !!..
في تلك اللحظة ظهرت تنبيه جديد .. أو بالأحرى هناك من يتصل بي ..!
الاسم " بيير لايسر " ..!
كانت يدي ترتجف لكني بسرعة رفعت الهاتف لأذني و أجبت : مرحباً ..!
هتف حالاً : لينك ..! يا شباب لقد اجاب ..!
بخوف قلت : بيير ما الأمر ؟!.. لما كل هذه الاتصالات ..!
- أين أنت الآن ؟!.. لما لم تجب مسبقاً ..!
- كان لدي بعض الأعمال .. لذا تركته بوضع صامت .. دعك من هذا الآن .. أخبرني ما الذي يحدث ؟!..
كان صوته متوتراً و خائفاً و هو يقول : لينك .. المشفى .. تعال بسرعة إلى هنا ..!
اتسعت عيناي لحظتها و قلت : ماذا حدث ؟!!.. هل حدث شيء لريكايل ..!
بدا ان احدهم اخذ الهاتف منه لحظتها : لينك ..!
شعرت بالتوتر أكثر : هاري قل لي .. ماذا حدث لريك ؟!.. أخبرني حالاً ..!
كان صوته جاداً و حازماً : أهدأ أولاً ..! خذ نفساً عميقاً في الحال ..!
اخذت نفساً عميقاً و قلت : هات ما عندك ..!
صمت قليلاً قبل ان يقول : لقد دخل ريك لغرفة العمليات منذ نصف ساعة ..!
.
.
.
مستحيل !!..
.
.
.
اختنق صوتي و دمعت عيناي .. لم اعرف كيف اجيب .. كيف حدث هذا فجأة ؟!..
لحظة .. هل قال غرفة العمليات حقاً ؟!.. هل ريك الآن يخضع لعملية ما ؟!..
- لينك اسمع .. اعلم انك مصدوم .. ابقى مكانك قليلاً حتى تهدأ .. و بعدها تعال إلى هنا .. لا داعي للعجلة فأنت لن تستطيع فعل شيء حتى لو جئت ..!
أجل .. أنا لا استطيع فعل شيء .. من البداية و انا لم استطع فعل شيء ..!
- اهدأ .. أنا واثق انه سيكون بخير .. اطمئن فمارفيل سيتولى الأمر .. عليك ان تثق به لينك .. عليك ان تثق بريكايل ايضاً ..!
بذلت جل جهدي لأخرج تلك الكلمة من بين ارتجافي : حـ .. حسناً ..!
اغلق الخط بعدها فشرعت بجسدي كله يرتعش ..!
الدموع قد تجمعت في عيناي .. تأبى ان تسيل او ان تزول ..!
قبضت على صدري لحظتها و انا اهمس لنفسي : ماذا يحدث ؟!.. ايمكن ان يموت ؟!.. أخي !!..
طأطأت رأسي أكثر حينها .. ماذا أفعل الآن ؟!.. لما لا ازال جالساً هنا ؟!.. علي الذهاب للمشفى ..!
لكن حتى لو ذهبت .. هل سأبقى قرب الباب انتظر خروجه ؟!.. أو ربما سيخرج أحدهم ليخبرني بأن الأمر لم ينجح .. لا يمكن !!..
لما انا متشائم ؟!.. لا شك انه الخوف !!.. أجل لأني خائف فقط ..! عموماً علي ان اذهب الآن للمشفى .. لا يمكنني البقاء هنا بينما اخي في تلك الحال ..!
وقفت حالاً و سرت مغادراً الغرفة و في الحال التقيت المدير مجدداً و الذي قال بتعجب : لم تنته استراحتك بعد .. آه لا بأس لقد جئت لأستدعيك على العموم ..!
لكنه ما إن اقترب قليلاً حتى تغيرت ملامحه إلى الصدمة : ما به وجهك شاحب هكذا و كأنك رأيت شبحاً !!..
لم اعرف كيف اعبر لكني قلت : ايها المدير .. يجب .. يجب ان اغادر حالاً ..!
قطب حاجبيه باستنكار : إلى أين ؟!.. لا زال هناك بعض الوقت قبل نهاية فترة عملك ..!
رفعت احدا يدي لأمسك برأسي .. اشعر بالصداع و اشعر اني سأفقد وعيي ..!
كل ما يدور في رأسي هو ريكايل و صورة ريكايل و ابتسامة ريكايل ..!
ماذا لو فقدت هذا الآن ؟!..
.
.
(( للمرة الأولى أدرك ذلك .. ريك لم يعش في منزل من قبل .. على عكسي فأنا عشت في قصر مارسنلي الذي كان منزلي ..!
أما ريك فعاش في الملجأ و المدرسة الداخلية ..!
ربت على رأسه حينها : يحق لك أن تتحمس أذاً ..!
بانزعاج بسيط : لا تعاملني كطفل .. أنا اصغر منك بخمس دقائق فقط ..!
- أن اربت على رأسك لا يعني أني أعاملك كطفل ..! أنا اعاملك بلطف فقط ..!
- شكراً على لطفك .. لكني لم اعتد على هذا ..!
ابعدت يدي عن رأسه و انا اتصنع الاستياء : يا لك من ولد سيء !!..
بغضب هتف : ألن تتوقف عن هذا ؟!!..
كتمت ضحكتي .. اكتشفت أن مثل هذه التصرفات تجعله ينفجر غيضاً .. هذا ممتع بالفعل فلا بأس بإزعاجه من فترة لأخرى ..! ))
.
.
(( جثيت على احدا ركبتي و بدأت اجمع الزجاج في كفي بنوع من التوتر و الرعب !!..
و في اللحظة التي امسكت فيها بإحدى القطع جرحت اصعبي لحظتها و بدأ الدم يسيل منه ..!
بقيت انظر إلى ذلك الجرح للحظات و أنا غير مستوعب لما يحدث ..!
اشعر بالقلق .. لاشك أني سأطرد لا محاله !!..
انتبهت ليد امسكت بيدي حينها ..!
نظرت إلى ريكايل للحظات لأجد ملامحه هادئةً تماماً و قد أخرج منديلاً من جيبه ووضعه على الجرح وهو يضغط أسفله قليلاً بشكل مؤلم بعض الشيء ..!
أخرج بعدها لاصق جروح و بدأ بلفه على الجرح و قد ابتسم : حين تعمل في مكان كهذا فلاصق الجروح يجب أن لا يفرغ من جيبك ..!
انه أكثر قدرة للتحمل مني ..! بل أكثر حكمة و حنية ..!
ابتسمت بنوع من السخرية على نفسي : ربما كان يجب أن تكون أنت الأكبر ريكايل ..! ))
.
.
(( جلست على احد المقاعد حول تلك الطاولة و بدأت في تناول الحلوى و حينها شعرت بأحدهم يربت على كتفي ..!
دون ان التفت عرفت صاحب هذه اليد : ماذا ريكايل ؟!..
جلس بقربي عندها بحماس : مذهل .. عرفتني دون ان تلتفت حتى ..!
ابتسمت بهدوء : طبيعي ان اعرف بما انك اخي التوأم ..! ))
.
.
لما أتذكر هذه المواقف الآن ؟!!..
تذكرت وجهه المرهق اليوم .. كان مريضاً حقاً و لا يقوى على الكلام .. لا شك ان هناك مضاعفات حصلت له حتى اطروا لإجراء عملية مستعجلة ..!
لقد اخبرني ادوارد من قبل .. قال انه لن يكون بخير .. رغم ذلك لم اعتقد ان يصل الأمر لهذه الحال ..!
لم احتمل الوقوف فجثيت ارضاً لحظتها .. لو حدث شيء سيء لريك .. فأنا سأفقد عقلي بالتأكيد .. فبدون ان ادرك .. بات وجوده امراً ضرورياً في حياتي ..!
لم يمضي الكثير من الوقت منذ التقينا .. و منذ اكتشفنا الأخوة بيننا .. انها بضعة اشهر فقط .. لكن قلبي يؤلمني الآن بشدة و اشعر بالضيق ..!
أنه ذات الشعور الذي شعرت به في ذلك الصباح .. حين حصل الحادث لأمي إلينا ..!
أيعقل أن ريك أيضاً ....!
- براون !!..
استيقظت من افكاري على صوت المدير الذي هتف بفزع و هو يربت على كتفي بشدة : ما بك الآن ؟!.. أأنت مريض تكلم ؟!..
أومأت سلباً و انا اتمتم بصوت مخنوق : علي ان اذهب إلى المشفى ..!
قطب حاجبيه : ما دمت غير مريض لما تذهب للمشفى ؟!..
دمعت عيناي حينها و انا اقول : أخي .. أخي مريض .. علي ان اذهب حالاً..!
اتسعت عيناه في تلك اللحظة : تقول اخوك ..!
أومأ ايجاباً و انا اقول : انه اخي التوأم .. اتصلوا بي منذ قليل .. و قالوا انه دخل لغرفة العمليات ..!
قطب حاجبيه بتوتر : هذا سيء .. ان كان الأمر كذلك فيمكنك المغادرة .. لكن اريدك ان تبقى لخمس دقائق اضافية فقط ..!
لم افهم سبب طلبه لكنه تابع : اسمع .. صاحب المقهى سيصل الآن إلى هنا .. يجب ان يكون كل الموظفين موجودين حينها .. فور ان يدخل إلى مكتب الإدارة يمكنك المغادرة ..!
امسكت رأسي و اومأت إيجاباً .. لا يمكنني ان ارفض .. كما اني احتاج بعض الوقت كي استعيد هدوئي قبل ان اغادر و إلا فأنا سأفقد وعيي حتماً ..!
اتجهت اولاً لدورة المياه و غسلت وجهي بالماء بالبارد ..!
عدت بعدها إلى الردهة الرئيسية لأجد ان الضيوف يستمعون للموسيقى و يتبادلون الحديث بشكل طبيعي إلا ان العاملين قد اتجهوا ناحية البوابة ليصطفوا لاستقبال صاحب المقهى و بلا تفكير ذهبت و اصطففت بينهم حيث كانوا يقفون على الجانبين .. هناك ثلاثة نادلين مع المدير على جهة بينما على الجهة الأخرى وقفت بين اربعة آخرين ..!
كنت انظر إلى الأرض و القلق يعتريني .. لينتهي هذا الأمر حالاً لأذهب للمشفى : أهلاً بك سيدي ..!
انتبهت ان الجميع هتف باحترام بهذه الجملة ما عداي .. لا اعتقد ان احدهم سيلاحظ هذا على العموم ..!
كان جل تفكيري هو مغادرتي المكان حتى نسيت ان ارحب بصاحب المكان .. كنت اشعر بخطواته الهادئة وهو يسير بين العاملين حتى وقف امامي مباشرة مما اثار استنكاري .. هل لاحظ اني لم أقم بتحيته ؟!.. ام انه يتساءل عن هذا الموظف الصغير الذي يرتدي زي العازفين ؟!..
لحظتها .. سمعت صوت ضحكة بسيطة شبه مكتومة جعلت قلبي ينبض بارتجاف أكثر مما هو عليه فتلك الضحكة لم تكن مطمئنة : عجيب حقاً .. أن أراك هنا ..!
اتسعت عيناي على اقصى حد و قد شلت الصدمة لساني لكني بسرعة رفعت رأسي لأنظر لوجه السيد الذي لم يكن سوى ادريان سميث بحد ذاته !!!!!!!!..
بقيت احدق به مصدوماً بينما ابتسامة شيطانية قد غزت شفتيه : أد .. أدريان !!..
هكذا تمتمت و أنا غير مستوعب ما يحدث حتى الآن إلا أن احد مرافقيه الشخصيين قد هتف : أنت !!.. كيف تجرأ على رفع رأسك دون اذن السيد سميث و مخاطبته بتلك الطريقة !!..
قاطعه ذلك السيد حينها : لا بأس .. هذا الصغير هو احد معارفي ..! أليس كذلك يا .. ريكايل براون ؟!!..
قال هذا اولاً ثم اردف بابتسامة أكبر مكراً : اوه عذراً .. أنك تبدو مثل أخيك تماماً .. لينك !!..
كنت غير قادر على التعبير او الحركة بينما ربت هو على رأسي و يقول بمرح : ياااه لقد كبرت كثيراً و صرت قادراً على العمل ..! عازف ؟!.. أنه يناسبك حقاً أكثر من أن تكون نادلاً ..!
انتهى الشلل المؤقت الذي اصبت به فضربت يده بسرعة و انا اتراجع إلى الخلف و قد صرخت : لا تلمسني أيها الوغد !!..
بدت نظرة كبرياء في عينيه وقد اختفت ابتسامته .. سار بضعة خطوات إلى الأمام وهو يقول ببرود : احضروه ..!
امسك بي اثنان من اتباعه ليجراني بعنف خلفه كأسير يقاد إلى منصة الإعدام : أتركاني حالاً أيها الحقيران ..!
كان الجميع يحدق بي مذهولاً من زبائن و عاملين ..!
وقعت عيناي على احدهم يجلس على طاولة فردية صغيرة و يحدق بالمشهد بقمة الاستمتاع ..!
اتسعت عيناي بذهول لرؤيته .. ماذا يفعل هنا الآن ؟!.. أيعقل أنه خلف هذا !؟..
ذلك الفتى .. لقد شككت بمخططاته منذ البداية !!..
لم يكن مني إلا ان صرخت و انا انظر إليه بغضب عارم : سحقاً لك يوجين !!!!..
اتسعت ابتسامة ذلك الشيطان لحظتها و لم يرد .. ذلك الحقير !!!..
أخذني الرجال إلى غرفة الإدارة خلف سيدهم الذي نظر إليهما بطرف عين : اتركاه هنا .. و غادرا حالاً ..!
افلتاني لحظتها و غادرا مغلقين الباب من خلفهم ..!
نظرت ناحية ذلك الرجل بحقد بينما ابتسم مجدداً نصف ابتسامة بغرور و خبث : مضى زمن طويل بالفعل ..!
بانزعاج قلت : لم تمض سوى ثلاثة اشهر على اكبر تقدير ..!
- لكن بالنسبة لي أنا الشخص الذي كنت اراك امامي كل يوم طيلة سبعة عشر عاماً .. ان ثلاثة اشهر مدة طويلة بالفعل ..!
- كان اسعد ما فيها هو أنني تخلصت من وجهك ..!
بدا عليه المكر : آه حقاً .. لكني اعتقد انك رأيتني منذ فترة قريبة ..!
لم افهم كلامه لكنه حينها قال : يبدو انك تعلمت الكثير خلال هذه الفترة القصيرة ..! صرت تعمل لكسب رزقك ..!
- خطأ من هذا برأيك ؟!..
- دعك من هذا الآن .. أنا اريد التحدث معك ..!
باستياء قلت : ليس لي حديث مع شخص مثلك ..!
سرت بعدها في نية لأن اغادر الغرفة لكني شعرت بيديه على كتفي و قد جرني بشدة إلى الخلف و ما إن التفت إليه حتى شعرت بشيء ما يخترق معدتي ..!
لقد اصابها بركبته .. هذا مؤلم .. أشعر و كأنها انفجرت : إن لم تستمع إلي بهدوء .. فسأجبرك على هذا ..!
ضغطت على بطني بكلا ذراعي .. اشعر بالدوار و الألم .. يجب ان اغادر الآن .. علي ان اذهب للاطمئنان على رايل ..!
لكن تلك الضربة من مرفقه إلى اسفل رأسي أجبرتني على السقوط ارضاً غير قادر على الحراك : تذكر اني من اشرفت على تدريبك فنون القتال ..!
اشعر بالدوار الحاد .. سأفقد وعيي .. لا يمكن .. ريكايل .. علي ان اسرع للمشفى .. أخي ..!
في تلك اللحظة .. فقدت كل شعور متصل بهذا العالم ..!
..............................
انتهى البارت هنا ^^


أتمنى ان يكون بالطول الكافي للتعويض ^^

سأترك لكم حرية التعليق على البارت كما تشاؤون ^^

و الآن في حفظ الله


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-06-13, 10:15 PM   #16

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25

part 15

.
.
.
(( أين أنا الآن ؟!.. المكان من حولي غريب ..! كأني اقف في ممر طويل ..!
هل أنا أحلم ؟!..
انه يبدو كممر مشفى ..! لكنه مضيء بشكل مثير للريبة ..!
سمعت اصوات خطوات من يساري فالتفتت في الحال لأجد سيدة شقراء الشعر زرقاء العينين ترتدي ثوباً طويلاً بلون السكر و تدفع عربة صغيرة ..!
اتسعت عيناي .. انها امي الينا .. لكنها تبدو اصغر سناً و كأنها في بداية العشرين .. لما هي هنا الآن ؟!..
هل مت انا ايضاً و ها أنا التقي بها ؟!..
هفتت لحظتها : أمـ ...!
لم اكمل كلامي حين انتبهت للعربة معها .. كانت عربة طفل ..!
دققت فيه لأجد أنه يوجد طفل صغير بشعر اشقر كشعرها و عينان خضراوتان و بشرة متوردة بعمر السنتين تقريباً وهو يرتدي بنطال قصيراً ترابياً و كنزة قطنية بلون السماء طبع عليها شعار لإحدى العلامات التجارية الفاخرة ..!
ذلك الطفل .. أنه أنا !!..
هل عدت للماضي البعيد ؟!.. قبل خمسة عشر سنة ؟!.. أم أني احلم و حسب ..!
تجاوزتني تلك السيدة و على وجهها امارات الحزن فلم يكن مني إلا ان تبعتها بلا شعور في ذلك الممر الطويل الغريب ..!
انها لا تراني .. هذا ما استنتجته ..!
كان هناك باب في النهاية دخلت منه .. ترددت قليلاً قبل ان ادخل إليه لأجد اني في غرفة كبيرة و ملكية لأحد المستشفيات ..!
فور ان دخلت لفت نظري فخامة المكان ليثبت انها غرفة خاصة لمريض خاص بالتأكيد ..!
نظرت إلى السرير الكبير ذو الأغطية الفخمة باللون الذهبي القاتم المختلفة عن اغطية المشفى البيضاء المعتادة ..!
كان هناك شاب يستند إلى الوسادة الكبيرة بشعر بني قصير و عينان خضراوان .. وجه وسيم و ساحر للغاية رغم شحوبه و تأثير علامات المرض عليه .. يبدو في السادسة و العشرين من العمر ..!
يمسك بين يديه بملف و يقلب الصفحات فيه باهتمام كبير ..!
اقتربت السيدة اكثر و سحبت الملف فانتبه لها الشاب لتقول بعتاب : الم اخبرك الا تطلب أي ملفات إلى هنا ؟!.. بدل ان ترتاح و تقلق على صحتك انت قلق على امور الشركة ..!
ابتسم لها ابتسامة لطيفة للغاية : الشيء الوحيد الذي انا قلق عليه هو انتما عزيزتي ..!
اغلقت الملف و هي تقول : اطمئن فزوجتك و ابنك بخير لذا عليك ان تقلق على نفسك فقط ..! سيتم مصادرة هذا .. اعلم انك طلبت من ادريان ان يهربه لك .. لكني سأخبره ألا يفعل مجدداً ..!
ضحك بخفة حينها : لما انت قلقة جداً .. ان صحتي تتحسن مع مرور الوقت .. سأخرج من المشفى قريباً ..!
ظهرت على شفتيها ابتسامة حزينة و هي تتمتم : اتمنى هذا حقاً ..!
كنت اراقب الجو الودود بين هذين الأثنين .. و لا احتاج لأن أقول ان الشاب لم يكن سوى ابي جاستن لا غير ..!
ما اعرفه انه توفي حين كنت في الثانية تقريباً ..!
اشعر و كأن هذا الوقف قد حدث حقيقة في الماضي .. أهذا يعني اني ارى ذكريات ما ؟!.. أو ربما احلم بها ..!
وقفت امي التي كانت تجلس على حافة السرير و قربت عربة الأطفال اكثر ثم حملت الطفل منها لتضعه في حضن زوجها و هي تقول بابتسامة صغيرة : لقد جاء لينك للزيارة اليوم ..! اهتم به قليلاً ريثما اتحدث إلى الطبيب ..!
خرجت من الغرفة حينها فنظر الشاب إلى الطفل و ابتسم له وهو يقول : أهلاً لينك .. هل اشتقت إلى بابا ؟!.. بابا اشتاق إليك أيضاً ..!
شعرت بشعور غريب حينها .. انه يتحدث إلي الآن .. يعتبر نفسه ابي .. رغم انه يعلم تماماً اني لست ابنه في النهاية .. رغم ذلك هو يبدو سعيداً بي للغاية ..!
كانت ملامح ذلك الطفل الذي هو " أنا " تبدو سعيدةً .. و كأنه بالفعل اشتاق لهذا الرجل .. بل هو يشعر بالانتماء إليه .. يشعر بأنه ابنه حقاً ..!
حتى انه هتف حينها : بابا ..!
لم يكن من جاستن إلا ان طبع قبلة على جبين الطفل ثم قال بابتسامة يشوبها الحزن : لينك .. بابا قد يضطر للذهاب قريباً ..!
بدت على الطفل نبرة تساءل بريئة : اين ؟!..
ربت على رأسه و تابع : بابا نفسه لا يعلم ..! لكن .. بابا يريد من لينك ان يكون قوياً .. و يهتم بماما و يحرص عليها ..! ذلك لأن لينك يحب ماما صحيح ؟!..
ابتسم حينها وهو يقول : نعم و احب بابا أيضاً ..!
ابتسم له مجدداً حينها و بعدها تابع : بابا يحب لينك كذلك ..! حين تكبر ستكون انت المسؤول عن ماما .. لذا انا اريدك ان تكون شجاعاً و قوياً حينها ..!
كان يعلم بأن ذلك الطفل ذو السنتين فقط لا يفهم شيئاً مما يمليه عليه .. لكنه لم يتوقف عن الحديث بل احتضنه إلى صدره و اسند رأسه على رأس طفله و تابع : أريدك ان تهتم بدراستك و تحصل على اعلى النتائج .. كي تكسب احترام الجميع و تستطيع اثبات نفسك .. كن محباً للناس و ودوداً و لكن كن حازماً أيضاً كي لا يتم خداعك او استغلالك .. لينك أريدك ان تكون الوريث من بعدي .. و لكن عليك ان تكون حذراً من اعدائك فهم كثر .. عليك ان تعرف من يجب ان يكون صديقاً و من يجب ان يكون عدواً .. أختر اصدقاء جيدين .. و كن مخلصاً لهم .. مهما حدث لا تخن ثقتهم بك .. أريدك أن تكون كذلك لأني لم استطع ان افعل .. لينك .. لقد خنت اعز صديق لي في الماضي .. و خنت اقرب شخص إلى قلبي ايضاً .. حين تكبر و تتذكر كلماتي هذه .. اوصل اعتذاري .. إلى أدريان .. و إلينا .. هذه هي وصيتي لك ..!
اتسعت عيناي اثر كلامه .. ما الذي فعله يا ترى كي يعتذر ؟!.. خيانة !!.. لكن ذلك لا يبدو واضحاً ؟!.. لقد كانت الينا تضحك في وجهه قبل قليل .. و أدريان ضل معه حتى آخر لحظة من حياته .. متى قام بخيانتهما ؟!..
انه ليس شخصاً سيئاً .. أجل .. ملامح الطفل المرتاحة الآن تدل على انه مطمئن تماماً .. الينا أيضاً .. هي بالتأكيد لن تحب شخصاً سيئاً ..!
انتبهت له حينها و قد ابعد الطفل عن صدره و نظر لعينيه و ابتسم : لينك .. تذكر أيضاً .. مهما حدث و مهما كانت الظروف التي سوف تواجهك .. سأضل احبك دوماً .. لأنك ابني .. و ابن الينا ..!
كانت هناك دموع تسيل من عينيه لحظتها مع ابتسامة رقيقة متألمة ..!
رفع الطفل يده إلى وجه الشاب وهو يقول بقلق : بابا .. لما تبكي ؟!..
اتسعت ابتسامته حينها و رفع كفه ليمسح دموعه و يحتضن الطفل مجدداً بعد ان قبل وجنتيه ..!
حينها همس في اذنه بلطف : لينك .. تذكر .. بابا يحبك .. و ستظل ابني إلى الأبد ..! ))
.
.
.
فتحت عيني بعدها و انا اشعر بدوار غريب و لا ارى سوى ضباب ابيض يغشى عيني ..!
ما هذا الحلم الغريب ؟!..
بل لما احلم بجاستن الآن ؟!..
رأسي يؤلمني .. و جسدي كذلك .. اشعر اني ملقاً على شيء ناعم و مريح .. رغم ذلك اشعر بأن جسدي بكل مفاصله يؤلمني ..!
هناك صوت يرن في اذني .. و لا استطيع رؤية شيء حتى الآن ..!
أين أنا ؟!.. ما الذي حدث ؟!.. و اين يفترض ان اكون ؟!..
اشعر ان هنالك خللاً في ذكرياتي ..!
ريكايل .. أين هو ريكايل ؟!..
اهو في المنزل ؟!.. أم في المشفى ؟!..
كأني اتذكر ان هاري طلب مني ان آتي للمشفى ؟!..
ريكايل في غرفة العمليات .. أين انا إذاً ؟!..
ماذا حدث ؟!.. أنا لا اذكر ؟!..
صحيح .. كنت في العمل .. هل فقدت وعيي و انا في الطريق للمشفى ؟!..
لكني لا اذكر اني غادرت المقهى ..! لقد اخبرت المدير أني سأذهب .. لكنه طلب مني البقاء .. و بعدها ..!
.
.
أدريان !!!!..
.
.
أجل .. لقد رأيت ادريان !!..
الآن تذكرت كل شيء .. أدريان افقدني الوعي ..!
لكن لماذا ؟!..
شعرت بالضباب على عيني ينقشع .. و حين زال تماماً بدأت ارى ما حولي ..!
انا مستلق على شيء وثير .. انه يبدو كسرير فخم .. المكان مظلم .. لكن يوجد نور خافت و كأنه من ضوء القمر ..!
ارى امامي جداراً مغطاً بورق فاخر .. و توجد ساعة جدارية في الأعلى ..!
كم الساعة ؟!..
انها الرابعة و النصف فجراً ..!
رأسي .. علي ان اتذكر كم كانت الساعة قبل أن افقد وعيي ..!
صحيح .. كانت العاشرة و النصف ..!
هذا يعني .. ست ساعات .. كنت فاقداً وعيي لست ساعات ..!
حاولت جاهداً رفع رأسي الثقيل قدر استطاعتي ..!
اغمضت عيني بشدة تحت تأثير الصداع الذي اشتد علي و الرنين داخل رأسي الذي ارتفع مستواه ..!
تمكنت من الجلوس على ركبتي في النهاية وقد امسكت رأسي بكلتا يدي ..!
اخذت بضع لحظات حتى فتحت عيني لأدرك اني كنت ملقاً بإهمال فوق سرير كبير .. فحتى الغطاء الذهبي كان تحتي ..!
هذا السرير لا يبدو غريباً علي ..!
اتسعت عيناي و بدأت انظر حولي في الحال لأجد اني في غرفة كبيرة ..!
ذلك الجدار الزجاجي وقد ازيحت عنه الستائر الذهبية لتسمح لضوء البدر المكتمل بالدخول إلى تلك الغرفة .. الأرائك في تلك الزاوية .. خزانة الملابس الضخمة .. طاولة التجميل ايضاً ..!
تمتمت حينها غير مصدق لما أرى : أنها .. غرفتي !!..
أجل !!..
غرفتي الخاصة !!.. غرفتي في قصر مارسنلي !!!..
ما الذي افعله هنا ؟!..
كنت ارتدي قميصاً ابيض و بنطال اسود .. انها ملابس العمل التي كنت ارتديها قبل ان افقد وعيي .. لكن السترة ليست هنا ..!
لحظة .. أنا الآن في قصر مارسنلي فعلاً ..!
هل حملني جنود ادريان إلى هنا ؟!..
ريكايل !!.. انا لا اعرف ماذا حدث لأخي بعد ..!
اسرعت لأبحث عن الهاتف في جيبي فلم اعثر عليه .. أين ؟!.. اين هو ؟!..
اخذت انظر حولي بعشوائية لكني لم اجد شيئاً ..!
علي ان اتصل برايل الآن ..!
تذكرت .. يوجد هاتف في الغرفة الأخرى من الجناح .. حيث شاشة التلفاز و المطبخ التحضيري ..!
نزلت من السرير و ما ان خطوت خطوتين حتى بدأ رأسي يدور و قد غشى عينيي ضباب ابيض حتى اني اضطررت لأن اتراجع و أجلس على حافة السرير ..!
اخذت بعض الوقت حتى تمكنت من الرؤية مجدداً و وقفت مرة اخرى بخطى متثاقلة و جسد يئن ..!
امسكت بالمقبض و فتحت .. لكنه لم يفتح ..!
حاولت مرات عديدة و قد ارتفعت نسبة توتري : أرجوك افتح .. يا إلهي انه مقفل ..! الهاتف .. احتاج الهاتف حالاً ..!
لا فائدة .. انه مقفل من الخارج .. و انا حبيس هنا الآن ..!
لما يحدث كل هذا الآن ؟!..
كيف سأطمئن على رايل ؟!..
قد يكون هاري و البقية يبحثون عني .. أجل لا شك انهم استنكروا تأخري و بدأوا بالبحث .. قد يظنون ان حدثاً ما وقع لي فهم حتى لم يكونوا يعرفون اين انا ..!
عدت إلى السرير و جلست على حافته : أي جنون هذا ؟!.. ماذا يريد ذلك الوغد مني ؟!.. لقد تركت له هذا العالم بما فيه ..! لما لا يدعني و شأني إذاً ..!
دمعت عيناي حينها .. اشعر بالخوف و القلق و الألم في آن واحد ..!
اخذت انظر حولي مجدداً حتى لفت نظري شيء على الخزانة الصغيرة قرب السرير ..!
اخذته بين يدي لأجد انه صورة قديمة ..!
على شرفة كبيرة من دور مرتفع لأحد الفنادق .. الينا كانت تقف بابتسامة لطيفة و هي ترتدي فستاناً بلون ازرق مخضر لطيف المظهر .. بالقرب منها وقف جاستن وهو يرتدي قميص ابيض مع ربطة عنق سوداء و بنطال رسمياً بذات اللون يحمل بين يديه ذلك الطفل و يبتسم بسعادة .. كنت بعمر السنة و النصف ببنطال جينز قصير و قميص ابيض مع ضحكة مشرقة في وجه جاستن .. لقد التقطت هذه الصورة في ايطاليا .. حين كان هذا الشاب بكامل صحته ..!
لقد لحظت هذا كثيراً .. في كثير من الصور كنت اضحك في وجه جاستن ..!
حتى في اشرطة الفيديو القديمة كنت طيلة الوقت في حضن جاستن إن كان موجوداً ..!
لا اعرف السبب .. لكن بدا لي اني متعلق به اكثر من الينا في طفولتي ..!
اغمضت عيني بشدة حين تذكرت ذلك الحلم و أنا اتمتم : تطلب مني الا اخون احداً .. أنا من تمت خيانته ..!
القيت بنفسي إلى السرير بإرهاق جسدي و نفسي و ايضاً عاطفي ..!
ضغطت بيدي على الإطار و انا اتمتم بألم : لما تبنيتماني أصلاً ؟!.. ما دمتما ستتخليان عني مبكراً فلما فعلتما من البداية ؟!.. لما لم تتركاني مع ريكايل و ينتهي الأمر ؟!!.. كان ذلك أفضل للجميع بعد كل شيء ..!
لقد حدثت الكثير من الاشياء في حياتي التي لم تكن مستقرة إطلاقاً ..!
بالله عليكم .. لازلت في السابعة عشر !!.. ماذا سيحدث بعد كل هذه المصائب التي تنهال علي متتالية دون ان تسمح لي بالتقاط انفاسي ؟!!..
لينك .. لا يمكنك الاعتراض فهذا قدرك ..!
لكن .. لما على ادريان ان يظهر الآن ؟!.. في اسوء لحظة ممكنة !!.. لما لم يظهر حين يكون ريكايل بخير و في حالة جيدة !!.. لما يظهر حين يكون ريكايل في منتصف عملية جراحية !!..
و يوجين !!!.. حين اعتقدت ان دنيا العامة خالية من الحقيرين يظهر هذا الفتى ليظهر لي خطأ نظريتي !!..
ما الذي فعلته له حتى يتصرف معي هكذا ؟!!.. أم ان ادريان قام بتعينيه جالباً للمصائب لي حتى في حياتي التي كنت اعتقد انها هادئة ؟!..
سوء الحظ يرافقني دوماً اينما ذهبت !!..
بل اني اجلبه لغيري بعد كل شيء !!..
عدت انظر إلى الصورة و قد دمعت عيناي و انا اتمتم : افعلا شيئاً !!.. انتما السبب في ابتعادي عن ريكايل في السابق و الآن !!.. لولم يعرفني ادريان لتجاهلني و ذهب إلى المكتب و كنت الآن في المشفى عند اخي ..! لكن لأني فقط ابنكما يحدث كل هذا !!.. كونا اكثر احساساً رجاءً ..!
لينك ماذا تفعل ؟!.. هل تكلم الصور ؟!.. لن يفيد هذا شيئاً ..! انهما ميتان الآن .. في قبرين متجاورين ..! كل ما تستطيع فعله هو ان تدعوا لهما .. فعتاب الأموات لن يفيد شيئاً ..!
بل أي عتاب هذا ؟!.. اتعاتب من انتشلك من الفقر إلى الدنيا الوردية ؟!..
لتكن ممتناً فقط .. أنت على الأقل حصلت على ابوين بخلاف اخيك ..!
أجل .. لتكن ممتناً لأنك لا زلت على قيد الحياة ..!
فربما بدونهما .. لكنت في عداد الموتى منذ زمن ..!
بقدر ما انا غاضب منهما الآن بقدر ما اشتقت إليهما و اتمنى لو كانا هنا ..!
لم استطع لحظتها إلا ان احتضنت الصورة و انا استلقي على جانبي عاجزاً عن فعل أي شيء : امي .. ابي .. ريكايل ..! لقد تعبت من كل هذا !!.. يجب ان اخرج ..! ريكايل ..!
الصداع الذي اعيشه و الالم النفسي قد اجبرني على اغماض عيني دون ان اقاوم أي رغبة في اراحة عقلي و جسدي لبعض الوقت ..!
...........................................
شعرت بحركة حولي دفعتني لفتح عيني إلا اني أغلقتهما حال ما شعرت بضوء الشمس الذي ملأ الغرفة ..!
اخذت عدة ثواني قبل أن افتحهما ثانية لتقع عيناي على احدهم يقف امامي و يمسك بشيء ما بين يديه ..!
احتجت بعض الوقت قبل ان ادرك انه ذلك الوغد لا غير لذا رفعت رأسي عن السرير بسرعة و انا اصرخ : ألي ان اعرف لما علي ان احبس هنا ؟!..
كان ينظر إلى تلك الصورة التي كانت معي .. لكنه لحظتها نظر إلي و ابتسم بهدوء : صباح الخير ..!
كنت احدق فيه بحقد و انا اتمتم : الصباح الأسوأ على الإطلاق ..!
كانت ابتسامته مستفزة للغاية وهو يقول : لو انك كنت هادئاً و استمعت إلى ما كنت سأقوله لك بالأمس لما اضطررت لإحضارك إلى هنا ..!
قبضت يدي بشدة و صرخت : ماذا تريد مني أيضاً ؟!.. لما تريد ان تأخذ كل شيء مني حتى حياتي الهادئة ؟!!.. الم اترك لك الثروة و الشركة و القصر و الحياة المخملية بأسرها ؟!.. لما تتبعني إلى ذلك العالم الفقير أيضاً ؟!..
نظر إلى الصورة مجدداً للحظات ثم رمى بها بقوة أرضاً حتى تحطم الزجاج الذي يحميها ثم داسها بحذائه وهو يقول بغضب واضح رغم نبرته الهادئة : ما دمت قد ورثت ازعاجي من هاذين الأثنين .. فأنا سأقوم بالدوس عليك ايضاً ..!
اتسعت عيناي اثر الجرأة التي يتكلم بها و تصرفاته المجنونة بل و اثر الصورة التي تحت حذائه الآن مما جعلني اصرخ و انا اقفز ناحيته : أيها الحقير !!!!..
جمعت قبضي في نية لأن الكم وجهه المستفز لكنه لحظتها ابتعد للحظات و قد امسك بذراعي ليلويها وراء ظهري و يدفع بي بعيداً حتى سقطت على الأرض متألماً من يدي التي شعرت بأنها كسرت في تلك اللحظة ..!
دمعت عيناي من شدة الحقد الذي اشعر به و استجمعت قواي لأقف و احاول الانقضاض عليه مجدداً ..!
كنت احاول ان الكمه بيدي بأي طريقة إلا انه كان يتفاداني بكل سهولة نظراً إلى مهارته الكبيرة اضافةً إلى اني الآن في حالة لا تسمح لي بالقتال ..!
كل ما كنت استطيع فعله هو الصراخ و انا احاول ظربه : حقير !!.. تافه !!.. بل و جاحد ايضاً !!.. خائن !!.. أجل خائن هو افضل وصف لك أيها الخائن ..!
لحظتها تمكن من الامساك بي و القى بي ارضاً مجدداً لكن هذه المرة قبل ان اقف كان قد ضغط بركبته على ظهري و قد كانت يده تمسك بخصلات شعري الشقراء وهو يضغط على رأسي ارضاً و هو يقول بنبرة تهديد : قبل ان تطلق علي هذه الألقاب عليك ان تعرف مكانتك ايها الغر !!.. ان كان هناك شخص يستحق لقب الخائن فهو والدك الخائن لا غير !!..
كنت اشعر بنار تستعر في داخلي لكني عاجز عن الحركة فقد قام بتثبيتي تماماً ..!
لكن لساني السليط لا يزال يعمل من حسن حظي : ابي افضل منك و من عشرة من امثالك أيها الحقير !!..
ابتسم نصف ابتسامة ماكرة حينها و هو يتمتم بحقد واضح : انك بالفعل .. ابن جاستن ايها المغفل ..!
لكنه اردف بعدها بغضب يخفيه خلف نظرته الباردة : إن لم تستمع إلي فأنا سأجبرك مجدداً ..!
.................................................. ...

الوضع اصبح لا يطاق .. و الآن وسيلتي الوحيدة للتعبير عن غضبي هو صوتي المبحوح و لساني الذي تعب من الكلام : فكا قيدي ايها الحقيران !!..
لم يستمعا إلي بل نظرا لسيدهما الذي يجلس على احدى الأرائك أمامي وهو يدخن سيجارة باهظة الثمن : اخرجا الآن .. و لا تسمحا لأحد بالدخول ..!
نفذا الرجلان امره و غادرا الغرفة .. أو بالأحرى الجناح بأسره .. فها أنا الآن مقيد على كرسي في الغرفة الأخرى من جناحي حيث المكتبة و المطبخ التحضيري و شاشة التلفاز الضخمة ..!
لم استطع ابعاد نظرتي الحاقدة الغاضبة عن ادريان الذي امسك سيجارته بين اصبعيه و أخرجها ليقول : هكذا أفضل .. فقد مللت منك ايها المشاكس ..!
بحقد قلت و انا اضغط على حروفي : و الآن الي ان اعرف لما انا في ضيافة حضرتك ؟!..
وقف و اتجه ناحيتي وهو يعيد تلك التافهة إلا شفتيه لكنه ما إن اقترب حتى ابعدها لينفث الدخان في وجهي مما جعلني اسعل بانزعاج : سحقاً لك .. منذ متى و انت تدخن ؟!!!..
ابتسم نصف ابتسامة ببرود : منذ سنوات .. و لكن كان يفرض علي ان اخفي هذه العادة السيئة عن السيد الصغير ..!
رما بها ارضاً ليدوسها بحذائه وهو يقول : اسمع لينك .. لقد احضرتك إلى هنا لأقول شيئاً واحداً فقط ..!
نظرت إليه بحدة وقد وضعت في رأسي مئة احتمال لما يريد قوله لكنه عندها اظهر نظرة تهديد و توعد صاحبت تلك النبرة الجادة : ابعد اخاك المزعج عن ابنتي ..!
.
.
.
لا أخفيكم اني صدمت مبدئياً ..!
لكني حاولت ان احافظ على اعصابي : ابنتك ؟!.. عن من تتحدث ؟!..
تظاهرت بعدم معرفتي لها .. فأنا في الواقع لم اكن اعلم ان له ابنة ..!
لكنه نظر إلي ببرود وهو يقول : لا تتظاهر بالإنكار .. انت تعرف ينار جيداً ..!
أوشحت بوجهي بعيداً عنه : و ما أدراني انها ابنتك اصلاً ؟!!..
ابتسم نصف ابتسامة و بمكر قال : إن كنت تعتقد اني لم الحظ وجودك حين اتيت إلى هنا بدعوة من ينار في السابق فأنت مخطأ ..!
نظرت اليه بصدمة حين استوعبت الأمر .. في تلك المرة حين أتينا إلى هنا .. لقد رأيت ادريان يعانق ينار .. و حينها عرفت بأنها ابنته .. لكن لم اعتقد ان ادريان علم بوجودي !!!..
عاد ليجلس على تلك الأريكة امامي ليقول : هذا ليس موضوعنا ..! اسمع لينك .. اخبر اخاك ان يبتعد عن ابنتي ..!
ابتسمت بشر حينها و انا اقول بسخرية : و ماذا إن قلت لك ان ابنتك مغرمة بأخي ؟!!..
بدا البرود عليه وهو يقول : يبدو انك تريد مني ان اتعامل معه شخصياً ..! في الواقع انا مراعٍ جداً لظروف اخيك الصحية .. لذا آثرت الكلام معك انت ..! لكن يبدو أن علي ان اتصرف بطريقة أخرى بدءاً من الآن ..!
بحقد صرخت : ان حاولت ان تقترب مجرد الاقتراب من أخي فستكون هذه نهايتك ..!
وقف حينها و نظر إلي بكبرياء : ان كنت قلقاً إلى هذا الحد .. فأخبره ان يقطع كل صلة له بينار ..! لقد سئمت منكما حقاً ..!
بغضب قلت : انت من عليه ان يوقف تصرفاته التافهة !!.. هل وكلت من يراقبني حتى و انا قد تركت كل شيء لك ..!
قطب حاجبيه ليقول بسخرية : لما اوكل من يراقبك ؟!.. انا لا اعلم أي حياة تعيش حتى ..! كل ما اعرفه انك انتقلت لمدرسة ابنتي القديمة ..!
- لا تكذب !!.. ان كنت لم توكل احدهم فما قصة يوجين ؟!!.. أي عقد عقدته بينكما حتى تتآمرا ضدي ؟!..
- يوجين ؟!!.. عمن تتحدث ؟!!..
اتسعت عيناي حينها بصدمة لكني صرخت : كاذب !!.. انت تعرفه جيداً .. يوجين اندرياس !!..
ابتسم بسخرية حينها ليقول : انها المرة الأولى التي اسمع بها هذا الاسم ..! رائع هل يوجد من يزعجك لدرجة اعتقادك انه موكل مني ؟!.. يبدو انك لم تهنأ بحياتك بالفعل ..!
تقدم ناحيتي حينها و ربت على رأسي وهو يردف : ان كنت ستلوم احداً على حياتك الفاسدة فلم جاستن ..! لقد افسد على كثير من الأشخاص حياتهم و هو ابنه يتلقى اكثر ..! اكاد اجزم انه لو رآك الآن لبكى حسرة ..!
كنت انظر اليه بحقد و انا لا اعلم ماذا يمكن ان اقول فأنا لا استطيع تفسير كلامه ..!
إلا انه بحقد قال : لطالما كنت في نظري ابن جاستن فقط ..! حتى الينا لم يكن عليها ان تهتم في طفل مثلك ..!
معدل غضبي يرتفع في مع كل كلمة وهذه المرة صرخت بوجهه : الينا و جاستن هما ابواي ..! ففي النهاية جاستن تبناني من أجل إلينا و لم يتركها رغم انها لا تنجب الأطفال !!.. لذا فقبل ان اكون ابن جاستن فأنا ابن الينا أيضاً !!..
ابتسم نصف ابتسامة بسخرية و برود وهو يقول : انت حقاً تجهل الكثير ..! عليك ان تصحح معلوماتك ايها الصغير ..!
قطبت حاجباي دون ان افهم شيئاً لكنه حينها قال بجد مع نظرة باردة : عليك ان تعرف بأن الينا كانت قادرة على الانجاب لكن لديها علة واحدة ..!
شعرت بأن تفكيري توقف و انا استمع اليه بينما اردف هو : العلة كانت في زوجها !!.. الشخص الذي كان لدية مشكلة مع الاطفال .. هو جاستن !!.. و ليست الينا !!..
.
.
كاذب !!..
.
.
انه يكذب .. فهذا مستحيل !!..
.
.
الينا طلبت من جاستن ان ينفصل عنها كي يرزق بالأطفال .. لكنه رفض و اختار البقاء معها رغم ذلك !!..
أجل .. إلينا اخبرتني بهذا .. قالت انها غير قادرة على الانجاب .. لكن جاستن اختارها على الأطفال !!..
.
.
صرخت بوجهه بكل ما في من غضب و قد دمعت عيناي : أنت كاذب !!!!... امي بنفسها قالت لي الحقيقة .. قالت انها لا تنجب و انها كانت ستنفصل عن ابي ليتزوج غيرها و يرزق بالأطفال !!.. لم تكن تريد ان تحرمه منهم لكنه اختارها رغم كل شيء ..!
كانت نظرة سخرية باردة مستفزة على وجهه وهو يقول : الحقيقة ؟!.. الحقيقة ان الينا المسكينة كانت تجهل الحقيقة !!.. لقد ماتت وهي تعتقد ان العلة منها بينما جاستن هو من خدعها لكي لا تتخلى عنه !!..
فاضت دموعي مع ارتفاع نسبة غضبي : كاذب !!.. لن تخدعني بهذا مهما فعلت ..!
سار ناحية الباب وهو يقول : لدي كل الأوراق التي تثبت كلامي .. أن كنت تريد سأحضرها لك ..! لا تسأل لما هي عندي أنا ؟!.. جاستن طلب مني اخفاءها حتى لا تعرف الينا الحقيقة ..! كان يعلم انها ستصدم به و تعتبر تصرفه هذا خيانة لمشاعرها ..!
فتحه وهو يقول : انا سأذهب الآن .. فكر ملياً فيما قلته لك في السابق .. و إلا فإن لي تصرفاً آخر مع ريكايل ..!
خرج و اغلق الباب ثم اقفله تاركاً إياي وحدي اصرخ بغضب في هذا المكان !!..
عقلي لا يكاد يستوعب أي شيء آخر .. و ملاين الأمور تغوص في ذهني .. كل ما كنت اريده هو التحرر من هذا القيد و القاء نفسي من نافذة الغرفة !!..
..........................................
رأسي ثقيل .. و رقبتي تؤلمني .. اشعر اني غير قادر على الحركة .. ذراعاي ايضاً تؤلمانني بشدة بسبب وضعيتهما الغير مريحة ..!
فتحت عيناي بصعوبة لأدرك اني لا زلت مقيداً ..!
سحقاً لهذا الوضع الذي لا يحتمل ..!
رفعت رأسي و نظرت إلى المكان حولي .. كل شيء هادئ و أنا لا اسمع إلا الصمت .. الضوء الذي دخل عن طريق النافذة كان برتقالياً مما يدل ان الوقت هو الغروب ..!
بعد مغادرة ادريان بقيت اصرخ لوقت طويل .. اعتقد اني بقيت ثلاث ساعات قبل ان تنهك قواي تماماً ..!
الساعة الآن هي السادسة .. لقد كانت الثانية في آخر مرة رأيتها فيها ..!
لقد مضى كثير من الوقت .. ماذا حل بريكايل يا ترى ؟!..
هل نجحت عمليته ؟!.. أم ان الفشل كان مصيرها ..!
لو فشلت .. فما المضاعفات التي حصلت يا ترى ؟!..
لو كان احدها الموت فهو قد مات الآن ..!
و ربما فقط دخل في غيبوبة ما ..!
انا لم اعرف التفاصيل في السابق .. لا اعلم ماذا حدث بالضبط حتى يحتاج لهذه العملية .. لا اعرف كم من الوقت ستستغرق .. و ما نتائجها .. و لا حتى نسبة النجاح او الفشل ..!
دمعت عيناي حينها .. ادريان قلق فقط على علاقة ابنته المدللة بأخي .. هو لا يشعر و لو بجزء من قلقي على رايل الآن ..!
كل ما اتمناه في قرارات نفسي ان يكون بخير ..!
ماذا لو استيقظ بعد العملية و سأل عني ؟!.. لو علم اني مختفٍ عن الأنظار و لا احد يعلم اين انا ماذا ستكون ردة فعله ؟!..
لاشك انه سيقلق بقدر القلق الذي انا اشعر به الآن ..!
اجل .. بما انه اخي التوأم فأنا اعرف ان هذا سيحدث ..!
شعرت بدموعي تتساقط و انا اتمتم : في النهاية انا يمكنني ان اصمد ضد هذا القلق .. لكن رايل لن يستطيع !!.. أرجوا ان لا يخبروه بالأمر ..! هذا إن كان بخير الآن ..! ان كان لا يزال حياً ..!
اغمضت عيني بشدة و اسندت رأسي إلى الكرسي .. رأسي يدور .. لقد تلقيت عدداً من الصدمات مسبقاً ..!
العلة من جاستن .. و ليست من إلينا ..!
هذه ليست المشكلة .. بل المصيبة هي ان الينا لم تعلم بذلك .. و كانت تعتقد ان العلة بها هي ..!
لم خدعها .. هل كان خائفاً ان تتخلى عنه ؟!!.. كم هذا مؤلم ..!
كان بإمكانها الزواج من غيره بعدما مات .. لقد كانت لا تزال في بداية شبابها .. و المستقبل لا يزال امامها ..!
لكن لأنها كانت تعتقد أنها لن ترزق بأطفال .. لم ترد ان تحرم من ستتزوج به كما حصل مع جاستن ..!
في النهاية .. الينا لم تكن سوى ضحية ..!
كانت تتمنى بالتأكيد طفلاً تحمله لتسعة اشهر و تنتظر قدومه بفارغ الصبر .. لتشعر انه فلذة كبدها حقاً ..!
لكن .. أنا و جاستن قتلنا حلمها هذا ..!
فقد جئتها على طبق من ذهب ..!
لم اكن الابن الذي تمنت !!..
كنت ابن جاستن فقط !!..
فقط جاستن الذي لم يكن يستطيع الحصول على ابن غيري !!..
لذا .. انا ابن جاستن وحده ..!
.
.
(( لينك .. تذكر .. بابا يحبك .. و ستظل ابني إلى الأبد ..! ))
.
.
أجل .. لقد كان يحبني .. لأني كنت طفله الوحيد .. الطفل الوحيد الذي يمكن ان يعتبرني ابنه !!..
كان يحب الينا .. لذا كان حبه لها اكبر من ان يعطيها فرصة للتخلي عنه ..!
لقد كانت هذه انانية منه .. لكن من سيلومه ؟!!..
امي كانت تتحدث عنه كثيراً .. لقد كانت تحبه بصدق .. لا يزال المنزل مليئاً بصوره ..!
في كل مرة أراها تقف امام صورة له ارى على وجهها ابتسامة حانية يملأها الحزن و تنتهي بدموع تسيل من عينيها بسلاسة ..!
كأنها تتذكر تلك الأيام الجميلة التي قضتها معه ثم تتألم لأنه لم يعد معها ..!
لم تكن لتتخلى عنه حتى لو علمت الحقيقة ..!
ذلك لأن حبهما اكبر من أي شيء ..!
هذا ما لا يدركه ادريان ..!
و لكن .. ماذا عني ؟!..
جاستن قام بخيانة الينا .. لكني واثق انها ستسامحه رغم كل شيء ..!
أما أنا .. فربما لا !!..
ذلك لأنها اهتمت بي طلية كل هذه السنين بلا فائدة ..!
كان بإمكانها ان تتزوج بعد وفاة جاستن و ترزق بطفل حقاً ..!
ليس ان تربي ابن احدهم !!..
لقد سببت لها الكثير من الآلام ايضاً ..!
فما حدث في طفولتي جعلها تعيش في جحيم .. اطرت لأن تبقى معي طيلة الوقت و تنفذ رغباتي الطفولية الأنانية .. ان تتحمل شخصيتي الغريبة .. كانت تبكي كثيراً دون ان توضح لي ذلك ..!
أجل لا زلت اذكر حين كنت طفلاً ..!
فور ان انام تبدأ بالبكاء .. كنت اسمعها و اتظاهر بالنوم .. كانت تحتضنني و تبكي بمرارة ..!
حتى بعدما كبرت .. احياناً حين تكون وحدها و ادخل فجأة أراها تمسح دموعها لتبتسم لي فقط ..!
لما كان عليها تحمل كل هذا ؟!..
.
.
(( حتى الينا لم يكن عليها ان تهتم في طفل مثلك ..! ))
.
.
ادريان على حق .. لم يكن عليها ان تهتم بي ..!
امي .. انا آسف ..!
لكن .. هل ستكرهينني لو علمت الحقيقة ؟!..
هل ستتمنين لو انك تزوجت و رزقت بطفل غيري لو عرفت ان العلة كانت من جاستن ؟!..
هل كنت تحيبينني حقاً ؟!..
.
.
.
(( كنت دائماً أشعر بالسعادة حين أراك تكبر و تكبر يوماً بعد يوم حتى و إن لم تكن ابني الحقيقي ..! لطالما تساءلت .. لو كنت ابني حقاً فكيف سيكون شعوري نحوك ؟!!.. هل سيكون أقوى أم ماذا ؟!!.. لكني اكتشفت أنه سيكون ذات الشعور لأني لم أفكر يوماً أنك لست ابني !!.. ))
.
.
(( كان يرن بتواصل .. و حين أخرجته من جيبي رأيت أنها والدتي !!..
أجبتها حالاً : لينك أين أنت الآن ؟!!..
بدا الاستياء في نبرتها .. لكني أجبتها بارتباك : أنا !!.. في مكان ما من باريس !!..
لم أكن أعرف أين يمكن أن أقول لها ؟!!..
شهقت بفزع : مكان ما من باريس ؟!!.. لأول مرة تقول هذا لي !!.. لينك .. أيمكن أنك الآن في أحد النوادي المشبوهة ؟؟!!!!!!..
لم أعرف إن كانت أمي قد جنت حقاً !!..
انفعلت حينها : ما هذا الذي تقولينه !!.. انت تعلمين أنك ربيتني جيداً لذا لا داعي لأن تشكي في !!.. ثم لا تنسي بأني أخاف من الثملين !!..
كنت أتكلم عفوياً لأنها حقاً فاجأتني بكلامها !!..
ضحكت حينها بخفة وهي تقول : كنت أمزح معك فقط ..! ))
.
.
(( تابعت طريقي باتجاه والدتي التي كانت تعيرني ظهرها ..!
انتبه لي عمي و خالتي لكنهما لم ينطقا ..!
و حين وقفت خلف والدتي ربتت على كتفيها و أنزلت رأسي لأهمس لها بلطف : لقد حضر لينك .. سيدة مارسنلي ..!
ابتسمت و التفتت ناحيتي لتقول بنبرة سعيدة هادئة : أهلاً بابني الوسيم ..! ))
.
.
(( انتبهت أن السكرتيرة لا تزال هنا و قد كانت تنظر باستغراب فقالت والدتي بابتسامة : كاترين .. هذا لينك ابني..!
بدت عليها الصدمة حينها و قد قالت بلا شعور : لم أعلم بأن لديك ابن سيدتي !!..
ضحكت أمي بخفة فبدا الارتباك على تلك الكاترين و قالت بتوتر : آسفة لأني لم أعرفك سيد مارسنلي ..!
ببرود قلت : لا عليك .. لا شيء مهم ..!
التفت ناحية والدتي حينها بمرح : لن أعطلك عن عملك أمي .. لقد أتيت فقط لأودعك قبل أن أسافر ..!
عانقتني حينها مجدداً : سأشتاق إليك عزيزي .. اهتم بنفسك و اتصل بي كل يوم ..!
ابتسمت حينها و بادلتها العناق : بالتأكيد أمي .. اهتمي بنفسك ولا تشغل حالك بالعمل طيلة الوقت مستغلة غيابي ..!
أطلقت ضحكة صغيرة وقالت : اطمئن .. لن أرهق نفسي ..! ))
.
.
((وجهت بصري إلى أمي التي كانت تنظر إلي بابتسامة رغم وجهها الشاحب ..!
شعرت بالقلق عليها لكنني سرت بخطوات هادئة ناحيتها حتى وصلت إليها ..!
انحنيت و قبلت جبينها و أنا أقول : صباح الخير أمي ..!
بصوت مبحوح أجابتني : صباح الخير عزيزي .. ستذهب الآن للمدرسة ؟!..
أومأت إيجاباً و أنا أقول بقلق : أمي .. عليك أخذ اجازة اليوم فأنت تبدين مرهقة كما أنك لم تأخذي قسطاً كافياً من الراحة منذ أيام ..! صوتك مبحوح و حرارتك مرتفعة ..!
لكنها حينها قالت بابتسامتها الحانية : لا تقلق لينك .. أنا بخير ..!
باستياء قلت : أي خير ؟!!.. يحق لي أن أقلق عليك كما تقلقين علي .. أرجوك أمي .. لا يوجد شيء يستحق أن ترهقي نفسك من أجله و لا حتى أعمال الشركة ..! بداً من اليوم سأساعدك في العمل إن كنت تريدين ذلك .. المهم أن ترتاحي ..!
وقفت حينها و احتضنتني بهدوء و هي تمتم : لا يا بني .. أخبرتك بأني بخير ..! لا تقلق أرجوك عزيزي لينك ..! المهم أن تنتبه لدراستك الآن ..!
و قبل أن تبتعد عني تماماً طبعت قبلة حانية على وجنتي ثم قالت بابتسامة : لكني أعدك بأني سآخذ إجازة الأسبوع القادم و سنذهب معاً لمنزلنا الشتوي ..!
لم أعلم ماذا أقول لكني أومأت إيجاباً و قلت : سأعتبره و عداً منك ..! و الآن إلى اللقاء ..!
بذات ابتسامتها : وداعاً ..!
سرت بعدها مغادراً المكتب .. و لا أعلم لما أخذت كلمة وداعاً تدور في خاطري ..! ))
.
.
ما بها ذاكرتي منتعشة اليوم ؟!..
و كأنها تحاول ان تقنعني بأني مخطأ و تذكرني كم كانت الينا تحبني ..!
الينا اعتبرتني ابنها دوماً ..!
كانت متعلقة بي .. مما جعلني متعلقاً بها ..!
ما بها دموعي تمردت ايضاً ؟!..
لما انا افكر بهذا التفكير السطحي ؟!..
جاستن و الينا هما ابواي .. أجل لقد احباني و اهتما بي .. اعتبراني ابنهما و الاهم لديهما ..!
كم انا غبي لأني فكرت بأنهما أُجبرا على العناية بي ..!
اجل .. رغماً عن ادريان و رغماً عن الجميع .. أنا ابن جاستن و الينا مارسنلي حتى ان لم تربطنا علاقة دم .. فمكانتهما في قلبي مثل مكانة ايان و نيكول براون !!..
و الآن على ادريان ان يأتي ليفك قيدي و يدعني اذهب .. فأنا لن اسمح له بأن يشتت أفكاري مجدداً !!..
علي ان اطمئن على رايل .. أجل هذا ما يجب ان يحدث !!..
ريكايل سيكون بخير .. علي ان اثق بهذا !!..
صوت قفل الباب هو ما قطع علي افكاري .. لا ضوء في الغرفة سوى النور من النافذة .. لقد حل المساء لكن بما اننا في منتصف الشهر فالقمر مكتمل مما يجعل نوره واضحاً داخل الغرفة ..!
ها قد عاد ذلك الحقير أخيراً ..!
سمعت صوت فتح القفل الثاني .. و من بعدها فُتح الباب ببطيء شديد ..!
كنت متعجباً لأن لا احد دخل .. ما الأمر : المعذرة .. هل يوجد احد هنا ؟!..
اتسعت عيناي فذلك الصوت كان صوت فتاة !!..
سمعت صوت فتح القفل الثاني .. و من بعدها فُتح الباب ببطيء شديد ..!
كنت متعجباً لأن لا احد دخل .. ما الأمر : المعذرة .. هل يوجد احد هنا ؟!..
اتسعت عيناي فذلك الصوت كان صوت فتاة !!..
اطلت برأسها قليلاً ليظهر نصف وجهها بتلك العين الفيروزية المميزة ..!
كانت تحدق بالمكان لكن ما إن وقعت عينها علي حتى شهقت بفزع ثم ابتعدت عن الباب !!..
هل اتخيل ؟!.. أم انها ابنة ادريان المدللة ؟!..
لم تمض لحظات حتى اطلت برأسها مجدداً و هي تنظر إلي : من أنت ؟!..
يا لها من ورطة !!.. كيف سأتصرف الآن ؟!.. ستكتشف حقيقتي بالتأكيد ..!
لم انطق .. بل تظاهرت بأني فاقد الوعي فهي بالتأكيد لم تنتبه لأني مستيقظ فالنور خافت في الغرفة ..!
دخلت بعدها مغلقة الباب خلفها .. سارت ناحيتي ببطء و توجس ..!
كنت مطأطأً رأسي فلا ترا ملامح وجهي .. وقفت امامي تحدق بي للحظات قبل ان تتمتم : اهو حي ؟!..
اقتربت اكثر ثم شهقت بتوتر و هي تقول : كأنه ذلك الفتى في الصور ..!
صور ؟!.. لم افهم قصدها لكنها جثت امامي فأغمضت عيني : هي انت ..! أأنت بخير ؟!..
لم ارد .. انها لا ترا وجهي حتى الآن .. لكني ايضاً لا أراها ..!
شعرت بها تمسك بكتفي و تعيدني إلى الخلف و تبعاً لهذا عاد رأسي ليستند لظهر الكرسي فهتفت بفزع : انه لينك !!!!..
سحقاً !!.. لقد عرفتني !!.. لم يعد هناك سبيل للهرب !!..
شعرت بها تمسك الحبال في نية لفك قيدي لكني لحظتها فتحت عيني : توقفي !!!..
بدا انها تفاجأت فقد شهقت مرعوبة و تراجعت للخلف حتى انها سقطت ارضاً !!..
بقيت تحدق بي بعينيها الفيروزيتين المتسعتين بينما قلت و قد قطبت حاجبي : إن فككت القيد فسيعلم ادريان بذلك ؟!..
بتوتر و قلق قالت : و ما شأن ابي بالأمر ؟!..
- ومن باعتقادك قام بتقيدي غيره ؟!..
- أبي فعل هذا !!!.. لما ؟!!..
وقفت حينها بينما لم اجد انا إجابة مقنعة لهذا السؤال .. لكني قلت لها : لما قدمت إلى هذه الغرفة ؟!..
كانت متوترة و كأنها لم تستوعب الموقف بعد وهي بالتأكيد تتساءل لما أنا موجود هنا : لقد .. لقد اخبرتني احدا الخادمات انها سمعت صوتاً في الظهيرة من هذه الغرفة ..!
قطبت حاجبي : و لما لم تأت الخادمة للتفقد بدلاً عنك ؟!..
- ذلك ممنوع !!.. في الحقيقة انا ادخل هذه الغرفة للمرة الأولى .. بل إني لم اصعد لهذا الدور من قبل .. الباب الذي يوصلك إلى الممرات الثلاث مقفل دوماً .. لذا صدمت عندما وجدت المفتاح على الطاولة قرب الباب ..!
هذا يعني ان غرفتي و غرفة والدتي و جيسكا لم تستخدم من بعدنا ..!
- لينك .. لما انت هنا ؟!..
أوشحت بوجهي بعيداً عنها : اسألي والدك العزيز ..!
قطبت حاجبيها و بان الارتباك في صوتها : انك تشبه الفتى في الصور ؟!..
التفت ناحيتها باستنكار : صور ؟!..
أومأت إيجاباً : أجل .. مثل تلك الصورة في غرفة الجلوس .. انها صور السيدة مارسنلي مالكة المنزل السابقة .. في بعض الصور هناك فتى اشقر معها .. لكن وجهه مطموس بقلم اسود .. لذا لا اعرف ملامح وجهه ..!
اتسعت عيناها حينها و كأنها استدركت شيئاً : الفتى .. يفترض ان يكون ابن السيدة .. لينك !!.. أجل اسمه لينك ..!
امسكت برأسها و يبدو لي ان افكارها بدأت تتضارب مع استيعابها للموضوع : انتظر !!.. انت شخص آخر صحيح ؟!.. شخص آخر غير للينك براون ..! شخص يشبهه و يحمل ذات الاسم ..!
لم انطق بل بقيت انظر لها ببرود انتظر النتائج التي ستصل إليها .. أو بالأحرى انا يائس من مجادلتها في الأمر ..!
حدقت بي بصدمة و عينين متسعتين لتسأل بخفوت : أنت أيهما ؟!.. لينك براون ؟!.. أم لينك مارسنلي ؟!!..
بقيت صامتاً للحظات افكر في اجابة مناسبة .. و في النهاية : و ماذا ان قلت أني كلاهما معاً ؟!..
..........................

لنتوقف هنا ^^

أولاً و قبل ان تقولوا ان البارت قصير او ماشابهه .. أود التنويه على ان انين هي من طلبت مني ايقاف البارت هنا ^^

ثانياً .. لن اتمكن من تنزيل بارت في الاسبوعين القادمين بسبب سفري ..!

لذا اتمنى منكم الانتظار ^^

ننتقل الآن للبارت

ظهور غريب لجاستن في ذاكرة لينك و بعض الحقائق عنه .. أي نوع من الناس هو ؟!..

ادريان يطلب من لينك ابعاد ريكايل عن ينار .. هل سينفذ هذا ؟!..

حال ريكايل لا زال مجهولاً .. كيف سيكون ؟!..

في النهاية .. وصول ينار للغرفة .. كيف ستكون ردة فعلها تجاه القادم ؟!.. و ما الحقائق التي ستعرفها يا ترى ؟!..


.............

اتمنى ان تتنظروا البارت القادم لبعض الوقت و ان تعذروني على التقصير ^^

و الآن في حفظ الله و رعايته


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-07-13, 08:00 AM   #17

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25


part 16

حدقت بي بصدمة و عينين متسعتين لتسأل بخفوت : أنت أيهما ؟!.. لينك براون ؟!.. أم لينك مارسنلي ؟!!..
بقيت صامتاً للحظات افكر في اجابة مناسبة .. و في النهاية : و ماذا ان قلت أني كلاهما معاً ؟!..
كانت عيناها تحدقان بي لكن ذهنها بعيد تماماً .. هي بالتأكيد تحاول استيعاب ما سمعته مني ..!
قطبت حاجبيها بعد لحظات الصمت تلك لتقول : بالراحة علي قليلاً .. اتقول بأنك ذاتك ابن مارسنلي ؟!.. و شقيق ريكايل !!.. انت تمزح بالتأكيد !!..
تنهدت بضجر حينها : قلت لك انهما شخص واحد .. أنا و ريكايل شقيقان حقاً .. و في الوقت ذاته انا ابن مارسنلي ..!
- كيف يكون هذا ؟!.. هل ريكايل ابن لمارسنلي أيضاً ؟!..
- لا .. اسرتنا الحقيقة هي براون ..! لكني تربيت عند مارسنلي .. هذا كل ما في الأمر ..!
لم تقل شيئاً .. يبدو انها لم تصدق الأمر .. لم اعلم ماذا يمكن ان اقول لكني لاحظت شيئاً ..!
تلك الملابس التي ترتديها .. الزي المدرسي لمدرسة مارسنلي : لما لم تخبرينا بانتقالك ؟!.. سام قلقة عليك و كذلك الأمر مع ريا ..!
استيقظت من شرودها و بدا عليها التوتر و قد أشاحت بوجهها : حدث كل شيء بسرعة .. و لم اجد فرصة او طريقة لأخباركم ..! كنت اعلم ان سام ستغضب لذا لم اتمكن من مواجهتها ..!
- يا لها من حجة !!..
- انت لا تفهم هذا ..! لقد وعدت سام ان ابقى قدر المستطاع .. لكن الأمر حدث فجأة فحين حل الصباح فوجئت بإحدى الخادمات تحضر ملابس ثانوية دايفيرو و تخبرني بأني سأذهب إلى هناك ..!
- و كيف تسير الأمور معك ؟!..
بقيت تحدق بي للحظات قبل ان تقول بشك : أأنت متأكد بأن علي الا افك قيدك ؟!..
بضجر قلت : أنا مرتاح هكذا فلا تشغلي بالك ..! و الآن .. أخبريني كيف تسير الأمور هناك ..!
جلست على اريكة بالقرب مني وهي تقول : بالتفكير في الأمر .. إن كنت وريث مارسنلي حقاً فأنت درست هناك ..!
- أجل .. كانت ملكاً لي في الاساس ..!
- انا لا اعرف التفاصيل .. لكني اعرف انها كانت مدرسة مارسنلي في السابق ..!
- أخبرتك .. كانت المدرسة باسمي ..! إذاً .. كيف تعايشت مع أولئك النبلاء ؟!.. بحكم معرفتي بهم اعلم انهم لم يتركوك و شأنك ..!
طأطأت رأسها وهي تقول : انهم غريبون حقاً .. الجميع يتصنع المثالية ..! لقد كنت اتعرض للمضايقات حتى قامت إحدى الفتيات بإخبار الجميع اني صديقتها و لأن لها مكانة كبيرة لم يتجرأ احدهم على النظر إلي بعدها ..!
ببرود قلت : أجل .. ليديا روبرتون ذات مكانة كبيرة في مجتمع النبلاء .. من الجيد ان تبقي في حمايتها ..!
شهقت بفزع : كيف تعرف بالأمر ؟!..
- ليديا .. أنها صديقتي العزيزة ..! بل يفترض انها مخطوبتي ايضاً ..! انا من طلب اليها ان تهتم بك ..!
بخوف تمتمت : الآن بدأت اصدق الإشاعات عن لينك مارسنلي ..! كيف تكون انت ذات الشخص الهادئ اللطيف لينك براون ؟!..
بضجر علقت : كل ما في الأمر ان اسم مارسنلي يمنحني احساساً بالشيطنة و التملك ..! بينما لا توجد هذه المزايا في اسم براون ..! لن تفهم فتاة مثلك هذا ..!
قطبت حاجبيها بانزعاج : انا ايضاً عشت باسمين لكني لم اتصرف مثلك ..!
التفت ناحيتها باستغراب : ماذا تقصدين ؟!..
- عندما كنت طفلة كنت مسجلة باسم اسرة امي .. لكني حين بلغت التاسعة صرت باسم اسرة ابي ..!
- و لما لست باسم ابيك منذ البداية ؟!..
- الأمر معقد نوعاً ما .. في الحقيقة والداي انفصلا قبل ولادتي بعد بضعة اشهر من زواجهما .. كانت امي في بداية حملها و لم تخبر أبي بالأمر ..! في الحقيقة والدي لم يعلم بأمري إلا حين بلغت التاسعة .. و كانت المرة الأولى التي رأيته بها ايضاً ..!
اتسعت عيناي بصدمة مما سمعت .. ألهذا لم يعلم احد أن لأدريان ابنة ؟!.. لأنه ذاته لم يكن يعلم بالأمر ..!
قطبت حاجبي متعجباً : و هل رايل يعلم بهذا ؟!..
توردت وجنتاها حينها : في الحقيقة .. كثيراً ما استخدم اسم اسرة امي .. رايل يعتقد ان اسمي هو ينار كريسفورت .. انا لم اخبره بأن اسرتي الحقيقة هي سميث ..!
الآن توضح كل شيء .. لذا ريكايل لم يشك في أمرها ..!
تمتمت عندها : لا تعرفين كم المشاكل النفسية التي سببها اسم اسرتك هذا ..!
باستغراب قالت : و الآن لما انت مقيد هنا ؟!..
نظرت ناحيتها باستياء : وجهي السؤال إلى والدك ..! هو من أتى بي و قيدني ..!
- ولما أبي يفعل هذا بك ؟!..
- حسناً .. استطيع القول انها نشوة غضب يريد تفريغها في ..! على فكرة هو اخبرني بأن على ريكايل ان يبتعد عنك ..!
اتسعت عيناها بصدمة حينها و بدا عليها التوتر و هي تمتم : لماذا ؟!.. أخبرني هل لأبي مشكلة مع ريكايل ؟!..
- مشكلة ابيك الوحيدة هي ان عقليته لا تتقبل أي شخص من طرفي .. و أولهم اخي التوأم !!..
- ما قصة الصراع بينك و بين والدي في الأساس ؟!..
- كل ما في الأمر يا صغيرة ان والدك قام بخيانة السيدة مارسنلي و استولى على كل شيء من بعدها ..! ثم قام بطردي بكل بساطة من بيتي ..! لمعلوميتك فقط .. هذا القصر هو قصري .. و هذه الغرفة هي غرفتي !!.. لكن والدك الجشع اخذ كل هذا بخطة خبيثة منه ..!
وقفت بانزعاج و صرخت : هذا كذب !!.. مارسنلي هم من بدأوا بالأمر ..!
قطبت حاجبي باستنكار :ماذا تقصدين ؟!..
- اقصد ان مارسنلي هم من اخذوا ثروة سميث في الماضي .. كل ما فعله ابي انه استعاد حقة الضائع ..!
كدت اصرخ بوجهها غاضباً لكن فجأة طرأ في بالي الحديث الذي سمعته ليديا من جدها و أبيها ..!
قالوا ان هناك مشكلة بين سميث و مارسنلي .. و انه ما كان على مارسنلي ان يبقوا ادريان قربهم و إلا فإنه سينتقم ..!
رأسي بدأ يؤلمني من هذه القصة : لتتوقفي عن هذا الآن .. أنا لم اعد استوعب شيئاً ..! كثير من الأمور تتصادم في وقت واحد ..!
عادت لتجلس بتعب لتقول : أنا ايضاً .. رأسي فارغ تماماً ..!
نظرت إلي حينها بقلق : أمتأكد أنك ستبقى مقيداً ؟!..
- حتى يعتقني والدك .. أجل ..!
- حسناً .. هل تحتاج شيئاً ؟!.. تبدو حالتك مزرية ..!
- سأكون شاكراً لو سقيتني بعض الماء علني استعيد عقلي الذي شرد و أعلن استقالته ..!
وقفت حينها لتقول : لحظة واحدة .. سأحضر زجاجة ماء ..!
- تأكدي ألا يراك احد ؟!..
خرجت بعدها مغلقة الباب من بعدها ..!
ماذا سأفعل الآن ؟!..
هل اطلب منها ان تتصل بأحدهم لأطمئن على رايل ..!
لكن .. هكذا ستحدث بعض المشاكل .. يبدو انها لم تعد الاتصال بسام و الآخرين .. لو اخبرتها ان رايل في المشفى فقد تتهور و تسرع إليه .. حينها سيسألها الجميع كيف علمت بالأمر .. يجب ان لا يعلم رايل اني هنا .. و يجب ان لا يعلم انها ابنة ادريان .. على الأقل في الفترة الحالية ..!
معرفة حال رايل لن تغير شيئاً بالنسبة لي بينما ستغير الكثير بالنسبة له .. لذا لا يمكنني إلا ان انتظر ..!
علي ان اثق انه سيكون بخير ..!
مضت دقيقتان قبل ان تعود ينار و معها زجاجة ماء باردة .. فتحتها و ساعدتني على الشرب بحكم يدي المقيدتان في ظهر الكرسي ..!
نظرت إليها بعدها و انا اقول : و الآن عليك ان تغادري قبل ان يعلم ادريان بأمرك .. و تأكدي .. تأكدي ألا يعلم .. و لا تخبريه انك التقيتني او حتى علمت بأمري ..!
أومأت ايجاباً وقف وقفت أمامي وهي تقول : سأقول شيئاً واحداً فقط ..!
بدا عليها الجد وهي تردف : أنا لن اتخلى عن رايل ..! حتى لو كان والدي يريد هذا .. فأنا سأدافع عن ما اريد هذه المرة ..!
لا أخفيكم اني شعرت بالطمأنينة حين سمعت كلماتها تلك ..!
لذا لم استطع ان امنع شبح الابتسامة من ان يظهر على شفتي و انا اقول : لنرى إن كنت ستقاتلين من أجله ..!
ابتسمت حينها و هي تقول : الا تريد ان ارخي قيدك قليلاً ..!
تنهدت بضجر و قلت : انت تفسدين الأمر حقاً .. هيا اذهبي حالاً قبل ان يعلم ادريان ..! آه صحيح .. و إياك ان يعلم أي احد باكتشافك لسري .. لا سام و البقية .. و لا حتى ريكايل ..!
بدا عليها التردد و لكنها اومأت إيجاباً و غادرت الغرفة مقفلة الباب من خلفها ..!
و الآن .. علي ان انتظر حتى يعود والدها ليحل هذه المسألة ..!
الساعة باتت السابعة و قد مللت حقاً البقاء هنا ..!
..........................................


مضت ثلاث ساعات و ها هي العاشرة قد دقت ..!
منذ ذهاب ينار و انا باقٍ هنا احاول استجماع افكاري ..!
يبدو لي ان هناك مشكلة قد حدثت بين سميث و مارسنلي في الماضي ..!
هناك شيء آخر .. في ذلك الحلم اخبرني أبي انه قام بخيانة شخصين .. أدريان و الينا ..!
لقد عرفت قصة خيانته لإلينا لكن ماذا عن ادريان ؟!..
هل علي ان أسأله بنفسي ؟!..
صوت القفل هو ما قطع تفكيري و قد دخل من بعده ذلك الرجل الوسيم الخبيث ..!
وقف امامي و هو يبتسم بمكر : انك هادئ و هذا غريب .. اعتقدت انك ستكون نائماً ..!
ببرود قلت : كنت فقط أفكر ببعض الأمور المزعجة ..!
- اه حقاً .. مثل ماذا ؟!..
- امر يشغل بالي حقاً .. ما سبب حقدك على جاستن و على مارسنلي عامةً ؟!..
جلس على تلك الأريكة وهو يقول : سؤال جيد ..!
نظر إلي وهو يبتسم ببرود وقد اسند رأسه إلى ظهر الأريكة : أتريد القصة منذ البداية ؟!..
أومأت إيجاباً ليقول : حسناً .. كان يا مكان في قديم الزمان .. اسرة تدعى مارسنلي ذات نسب عريق و ثروة بسيطة .. و اسرة عامية تدعى سميث تملك ثروة هائلة ..! الأب سميث و الأب مارسنلي قررا ان يتحدا ليشكلا اكبر شركة تجمع بين اسم مارسنلي العريق و ثروة سميث الهائلة ..! و بعد ان بدأت الثروة في النمو و باتت شركتهما تكبر و تكبر طمع احدهما بأن يكون كل شيء له وحده .. و قد كان الأب مارسنلي !!.. لذا و بكل سهولة دبر مكيدة ليقتل الاب سميث في حادثة مرور متعمدة ..! في الوقت نفسه كان الابن مارسنلي و الابن سميث في التاسعة من عمرهما .. و قد كانا صديقين حميمين ..! الأب مارسنلي سيطر على كل شيء .. حتى ان الأم سميث مرضت اثر حزنها و ماتت بعد سنوات بعد صراع مع المرض ..! الابن سميث عاش عند الاسرة مارسنلي .. و حينها اخبره الأبن مارسنلي انه ليس راضياً بما فعله الأب مارسنلي لذا فحين يرث هذه الثروة سوف يعيد المال لصديقه الابن سميث ..!
كنت مركزاً كل التركيز حتى لا تطير القصة من رأسي فأسلوبه في القصة يجبرني على هذا و كأنه يقص حكاية لمجموعة أطفال ..!
اردف بعد صمت بسيط : و حين كبر الابن سميث و الابن مارسنلي و صارا في الجامعة .. التقيا بالجميلة رافالي ..! و قد كانت محط انظار الجميع بجمالها و اخلاقها العالية و شخصيتها اللطيفة ..! أول من التقاها كان الابن سميث .. و الذي ذهب للأبن مارسنلي و اخبره بأمرها و هو يقول بأنه سيخطبها فور ان تعود ثروته ..! طمع الابن مارسنلي بالفتاة الجميلة و تقدم لخطبتها قبل ان يعيد الثروة للأبن سميث ..! للأسف ظهرت حقيقته ليظهر ان الابن مارسنلي كان مثل الاب مارسنلي في طمعه ..! تحطمت امال الابن سميث لكنه قرر ان ينتظر حتى تعود ثروته و يبحث عن فتاة أخرى .. لكن الابن مارسنلي لم يعد المال للابن سميث بل تركه يعمل معه فقط ..! و بعد ما مات الابن مارسنلي جاء الطفل مارسنلي لكي يكون وريثاً لكل شيء ..! لكن الابن سميث صبر و قال ان كل شيء سيعود له في النهاية و ان حقه لن يضيع ..! لكن بعد مرور كل تلك السنوات مل الابن سميث من الانتظار و قرر ان يستعيد كل شيء بنفسه حتى يستطيع ان يتابع حياته و يؤمن مستقبلاً جيداً لابنته ..! لذا استعاد ثروته بكل هدوء و تخلص من الطفل مارسنلي ..!
وقف حينها و هو يتجه ناحيتي و يقول بحقد : و يبدو ان الطفل مارسنلي لن يتوقف عن ازعاج الابن سميث حتى يتم تأديبه !!..
" الابن سميث = ادريان "
" الابن مارسنلي = جاستن "
" الجميلة رافالي = الينا "
" الطفل مارسنلي = لينك "
ياله من اسلوب منظم لقول القصة دون ان يجرح مشاعري بذكر الاسماء !!..
نظرت إليه بحقد حينها : اتعني بعد كل هذا .. أنك كنت تريد الزواج بأمي إلينا ؟!..
ابتسم حينها : جاستن وقف حائلاً بيني و بين الينا .. لقد استغل مكانتي الضعيفة في هذا المجتمع لأنه يعلم ان رافالي لن يقبلوا بي بدون ثروتي .. لذا تقدم هو لخطبتها بحكم مكانته الرفيعة .. و كان افضل عريس مر على رافالي على الإطلاق ..! و بعد ان مات جاستن و اعتقدت ان الينا قد تقبل بي ..! جاء ابن جاستن ليقف حائلاً بيننا !!.. ذلك لأن الينا المسكينة قالت بأنها ستقضي عمرها بالعناية بلينك !!..
امسك بياقة قميصي ليسحبني بقوة وهو يقول بشيطنة كبرى : هل تريدني ان احبك و احب اباك بعد كل هذا ايها المدلل ؟!..
تجاهلت غضبه و قلت ببرود : كان على الابن سميث ان يثق بنفسه اكثر و يتقدم لخطبة الجميلة رافالي دون ان يطلب مشورة الابن مارسنلي بما انه يعرف بأن الاب مارسنلي كان سيئاً و ان ابنه سيكون مثله ..! لا تلم ابي جاستن على سذاجتك و قلة ذكائك ..!
تركني حينها و بقي ينظر إلي للحظات لكنه سار للحظات ليقف خلفي و يبدأ بفك قيدي و هو يتمتم : يبدو ان ما فعله الاب مارسنلي و الابن مارسنلي سيعود كله الآن على الطفل مارسنلي ..!
لم أفهم قصده لكن ما إن تحررت يداي حتى بدأت احركهما بألم : كاد الدم يتحجر في عروقي ..!
لم اكد اكمل جملتي حتى شعرت بلكمة اسقطتني من فوق الكرسي !!..
سقطت ارضاً و قد اصطدم رأسي بالأرض لكني ما إن نظرت إليه حتى رأيت ناراً مستعرة تخرج من جسده و كأن غضب الدنيا كله تجمع في رأسه ..!
لا أخفيكم اني شعرت بالرعب منه ..!
وقفت بسرعة و تراجعت إلى الخلف و انا اتساءل .. هل ضربي هو ما سيطفأ ناره ؟!..
لحظة .. أنا غاضب أيضاً .. لقد حبسني هنا لأربع وعشرين ساعة بطريقة همجية !!..
و جعل قلبي ينفجر قلقاً على أخي ..!
كما ان سري كشف امام ابنته ..!
يبدو انه ايضاً يستحق الضرب !!..
و هكذا .. بدأت معركة عنيفة بين طرفين كلاهما يريد اخراج غضبه على الآخر ..!
و لكن ما لا تعرفونه .. أن غضب ادريان كان مضاعفاً ثلاث مرات ..!
لأن غضبه على الأب مارسنلي .. و الأبن مارسنلي .. و الطفل مارسنلي .. سكب كله فوق رأسي !!..
...........................................
معركة عنيفة انتهت .. لقد نال كلانا حقة من الضرب ..!
لكن عدم التكافؤ كان ان جسدي من الاساس كان ضعيفاً و هزيلاً امام بنية ادريان القوية ..!
و للعلم .. ذلك الوغد هو من دربني على فنون القتال سابقاً لذا من الصعب علي هزيمته بما انه سيتمكن بسهولة من قراءة حركاتي ..!
و ها انا انزل ذلك الدرج بمساعدته بعد ضجر مني و قرر اخراجي من المنزل !!..
لكني لا استطيع السير وحدي لذا هو مضطر لمساعدتي ..!
اني اشعر بغيض حقيقي .. حتى اني اشعر اني على وشك البكاء ..!
انه تافه و أحمق .. مادام حقدك على مارسنلي قد بنيته منذ زمن فأخرج هذا الحقد على احد افرادهم ..!
لما على فرد براون الذي ليس له شأن في القصة ان يكون الضحية !!..
اجزم انه لو كان ابي ايان حياً لاشتكى عليهم لأنهم ادخلونا في قضاياهم و شؤونهم !!..
ايها الأهوج .. انت لم تستفد شيئاً الآن .. فمارسنلي ماتوا جميعاً دون ان تنتقم منهم ..!
- بالتفكير في الأمر .. مارسنلي انتهوا منذ زمن دون ان انتقم منهم ..!
كان هذا ما قاله ادريان بقمة الضجر و البرود مما جعلني اتمتم بانزعاج : لما اذاً تمارس العنف علي ؟!..
تنهد بضجر : عليك ان تتحمل ذنب مناداتك لجاستن بابا أمامي في الماضي !!.. ايضاً لتتحمل كل مرة قلت فيها بكل فخر أنك وريث مارسنلي ايها المزيف ..!
أوشحت بوجهي عنه : ياله من ذنب لا يغتفر !!..
بقي درج الدور الأخير حتى نصل للردهة الرئيسية و الساعة الآن تشير لمنتصف الليل ..!
الارهاق نال مني تماماً فتمتمت : لما لا نستخدم المصعد بما انه موجود ..!
ببرود علق : تضيع الكهرباء على امثالك هو خسارة فادحة !!..
اشعر ان دماغي تحول لقطعة حلوى جلاتين .. فأنا بدأت اخلط الأمور ببعضها و أفكر بالأمور التافهة و حسب ..!
وصلنا إلى الردهة الداخلية و ما إن وصلنا إلى الباب و فتحه ادريان حتى سمعنا : أبي !!..
التفت كلانا ناحية الدرج و قد جعلني ادريان امامه حتى لا تنتبه لي ..!
قال حينها بصوت مرتفع : ما الأمر ينار .. لما لم تنامي بعد ؟!..
كان واضحاً انها قلقة وهي ترى أثار الضرب على كلينا .. تظاهرت بأنها تجهل هويتي في تلك اللحظة : من هذا ؟!..
أجابها بتلقائية : لص متشرد حاول التسلل إلى المنزل .. لا تقلقي فقد لقنته درساً و سأطرده في الحال ..! اذهبي انت للنوم ..!
أومأت إيجاباً بينما انا احدق بالأمام و انا اتمتم : يالك من أب خارق .. تمسك اللص و تضربه ثم ترمي به للخارج ..! أنك تلغي دور الشرطة و تضرب بهم عرض الحائط ..!
لم اكد اكمل تمتمتي حتى دفعني إلى الأمام خارج الباب مما جعلني اسقط ارضاً ثم رما علي بهاتفي الذي كان معه وقد قال حينها : كن شاكراً لأني اطلقت سراحك ..! و الآن اذهب قبل ان اغير رأي ..!
وقفت حينها و التفت اليه بغضب و انا اقول : اتمنى ان يلحق بك ذئب في غابة مظلمة و تسقط في بئر لا يجدك احد فيه و تلدغك الأفاعي حتى ينهك السم جسدك ثم يسقط ضبع عندك و يلتهمك إلى آخر قطعة فيك و تنظم لأشباح مارسنلي !!..
بقي ينظر إلي ببرود وهو يقول : اتمنى ان تصدمك اقرب سيارة يقودها اكثر شخص تحقد عليه في هذا العالم ..!
أغلق الباب بعدها فقلت بضجر : هذا يعني انه سيكون إما ادريان سميث أو يوجين اندرياس .. يا لها من نهاية مأساوية بالفعل لقصتي البائسة !!..
امسكت بالهاتف و حاولت فتحه لكن لا فائدة .. البطارية فارغة تماماً ..!
سرت بعدها و انا اسحب قدمي لأخرج من البوابة الكبيرة التي كانت شبه مفتوحة .. لا يوجد حرس في الخارج و لا حتى حارس للبوابة .. حتى كلاب الحراسة ليست هنا ..!
خرجت من القصر اجر قدماي و اشعر اني سأفقد وعيي في أي لحظة ..!
انها المرة الثانية التي اخرج منه كالمشرد الذي ليس له مأوى ..!
اشعر بالغضب في داخلي .. لكن دماغي يرفض استيعاب السبب ..!
علي مغادرة هذه المنطقة بسرعة قبل ان يراني احدهم ..!
ستظهر اشاعة بأن شبح وريث مارسنلي يجول في الأرجاء ..!
سرت مسافة كبيرة حتى ابتعدت عن القصر .. اشعر اني سأسقط في أي لحظة .. لم اعد استوعب ما يحدث ..!
لكني لحظتها شعرت بأحدهم يقف امامي .. رفعت رأسي لأنظر لذلك الشاب ذو العينين الرماديتين و الابتسامة الشيطانية ..!
شعرت بالغيض و القهر حقاً حتى ان دموعي تجمعت في عيني : ماذا تريد الآن ؟!..
بذات ابتسامته الباردة : كل ما في الأمر اني قلقت بشأنك و اردت ان ارى ان كان قد تم تحريرك ..!
كدت اسقط لحظتها لولا انه امسك بي و ساعدني على الوقوف .. لم اكن املك الطاقة الكافية لإبعاده : ابتعد عني .. أنت السبب فيما انا فيه ..!
ساعدني على السير و هو يقول بابتسامته الباردة : اصدقك القول اني لم اتعمد فعل هذا ..!
- لما كنت في المقهى اذاً ؟!.. أنت تعلم الحقيقة مسبقاً ..! تعرف اني لينك مارسنلي في الأساس ..!
- كان ذلك واضحاً منذ البداية انك هو .. انا اعلم بهذا منذ زمن ..! اما المقهى فكل ما فعلته هو اني نصحتهم بتعينك كعازف بديل حين علمت بأن المقهى ملك للرجل الذي تسبب في فقد مارسنلي لثروتهم .. كنت اريد رؤية ردة فعلك حين تعلم بالأمر بعد يوم عمل ممتع ..! لكن في الحقيقة صدمت بالسيد ذاته يأتي لزيارة المقهى .. كان الأمر ممتعاً فوق ما اتخيل ..!
طأطأت رأسي و قد فاضت دموعي اكثر .. لكني لن اسمح لها بالتمرد : سحقاً لك !!.. لما تفعل هذا ؟!..
خرجنا من الحي و وقف قرب الشارع الرئيسي على الرصيف وهو يقول بهدوء : ربما فقط انا منزعج منك .. الفتى الذي ظهر من العدم ليلفت نظر ريا بكل شيء ..! أتدرك ان ريا مغرمة بك ؟!.. لذا انا أكرهك !!..
ريا ؟!.. اصدقكم القول اني لم اعد افهم ما يقول ..! ما شأن ريا الآن ؟!!..
رأسي صار ثقيلاً أكثر و أكثر ..!
توقفت سيارة أجرة امامنا فركب يوجين و انا معه و لحظتها ارخيت رأسي إلى كتفه و فقدت كل احساس بما حولي ..!
..........................................


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-07-13, 08:01 AM   #18

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

- انه بخير .. لقد تمت معالجة كل الرضوض و هو لا يعاني من أي كسور ..!
- أني حقاً شاكرة لك حضرة الممرضة ..!
- لكن .. ألا تعلمين ما سبب هذه الاصابات التي يعاني منها ؟!..
- آه .. ربما دخل في شجار ما .. صديقي هذا متهور و هو يدخل في الكثير من الشجارات مع اشخاص يفوقونه قوة ..!
- حسناً لا بأس .. أهتمي به .. سأخرج الآن و إن حدث أي شيء فقط اضغطي الجرس قرب السرير ..!
- حاضر .. أنا شاكرة حقاً لك ..!
كنت اسمع هذه المحادثة دون ان ادرك شيئاً مما حولي او حتى اعرف الأطراف فيها ..!
بقيت على هذا الوضع لبعض دقائق قبل ان اتمكن من فتح عيني أخيراً ..!
اول ما رأيته هو سقف الغرفة .. اشعر بقناع الاوكسجين على وجهي .. يبدو اني في المشفى ؟!.. لما ؟!.. آه صحيح .. لقد تشاجرت مع ادريان بالأمس ..! كل ما أذكره هو اني فقدت وعيي في سيارة تاكسي مع يوجين : استيقظت ؟!..
حركت رأسي قليلاً حتى رأيت تلك الفتاة وهي تحدق بي بقلق : أأنت بخير ؟!..
بخفوت تمتمت : ليديا .. ماذا تفعلين هنا ؟!..
قطبت حاجبيها وهي تقول : ينار اخبرتني بالقصة كي اطمئن عليك ..! بعد بحث بسيط علمت انك في هذا المشفى ..!
كنت اشعر بالإرهاق حتى من الكلام فصوتي كان خافتاً و مبحوحاً : أين نحن ؟!..
- انها المدينة الطبية .. لكن يبدو ان أياً من الدكتور مارفيل او الدكتور ليبيرت لم يعلم بأمرك ..!
- و ريكايل ؟!..
- لا يبدو انه يعلم هو الآخر ..!
- كيف حال ريكايل ؟!..
بدا عليها الاستغراب وهي تقول : ما به ريكايل ؟!..
تمتمت حينها : لقد خضع لعملية قبل امس .. كنت اريد الذهاب إليه إلا ان ادريان افسد هذا ..!
شهقت بخوف وقف و قد وقفت حينها : لم أعلم بهذا !!.. أذاً أنت لا تعرف ما حل به الآن ؟!..
- لا .. ليديا كم الساعة ؟!..
- انها التاسعة صباحاً ..! كنت قلقةً عليك لذا استأذنت بمغادرة المدرسة و جئت إلى هنا ..!
- اذاً أرجوك .. اذهبي و اطمئني على رايل ..!
لم اكد اكمل كلمتي حتى دخل احدهم : لينك ..!
نظرت إلى الأمام لأرى انيتا قد دخلت و اسرعت ناحتي و القلق واضح في عينيها : انت بخير ؟!.. ما الذي حدث لك ؟!.. أين كنت ؟!..
تجاهلت كل اسئلتها و قلت حالاً: انيتا .. كيف حال ريك ؟!.. كيف مضت العملية ..!
تقدمت اكثر و جلست على حافة السرير لتقول بهدوء : اطمئن .. لم تكن عملية خطرة .. لقد مضت بسلام .. لكن ريكايل لم يستيقظ بعد ..!
شعرت و كأن ماءً مثلجاً قد سكب فوق رأسي .. حتى اني اغمضت عيني براحة كبيرة .. وقد شعرت ان دموعي تجمعت في مقلتي ..!
كنت واثقاً انه سيكون بخير .. و قد حدث هذا ..!
الآن .. يمكنني ان ارتاح بحق ..!
- لينك .. أين كنت طيلة الأمس ؟!.. الجميع يبحث عنك ..!
بهدوء قلت بعد ان فتحت عيني : سأشرح الأمر لاحقاً .. أنا متعب الآن و اريد ان انام ..! طمئنيهم اني بخير .. أنا فقط احتاج لبعض الراحة ..!
اكملت كلمتي تلك و أنا اغمض عيني بتعب شديد ..!
طاقتي مستهلكة تماماً .. و المهم ان رايل بخير .. و أخيراً يمكنني ان انام بدون أي قلق ..!
......................................
بينما كانت الساعة تشير إلى الثالثة مساءاً ..!
في تلك الغرفة في المشفى .. كنت على السرير كأحد المرضى و قد لف رأسي و بالضماد مع اجزاء اخرى من جسدي ..!
هاري .. ادوارد .. انيتا .. بيير .. كيت .. ليديا .. كانوا جميعاً متواجدين في المكان حولي وقد حكيت لهم اين كنت باختصار بعد الحاحهم الشديد لمعرفة سبب اختفائي طيلة يوم كامل في هذه الظروف ..!
قلت لهم اني التقيت ادريان و انه اجبرني على القدوم معه لقصر مارسنلي و تحدث إلي ببعض الأمور ثم تشاجرت معه شجاراً عنيفاً كان سبب هذه الرضوض على جسدي ..!
بهدوء سأل هاري : و ما هذه المواضيع التي دفعتكما للشجار هكذا ؟!..
أوشحت بوجهي عنه بهدوء : اعذرني .. اود الاحتفاظ بهذا لنفسي ..!
وقف حينها و هو يقول : لا بأس .. انها امور تخصك في النهاية ..! عموماً من الجيد انك بخير ..!
غادر الغرفة بعدها ليذهب و يتابع عمله ..!
ادوارد اخبرني بحالة ريكايل و ان صحته ستتحسن بعد هذه العملية .. قال انه سيبقى في المشفى لبعض الوقت .. و انه لم يستيقظ بعد و هناك احتمال ان يستيقظ هذا المساء ..!
بالطبع طلبت اليهم ان يخفوا الامر عنه .. فأنا لا اريد جعله يقلق ..!
غادر ادوارد و انيتا .. بقي كيت و بيير و كذلك ليديا التي قد وصلت منذ نصف ساعة ..!
نظرت إلى تلك الكيت بهدوء : هل اشتقت إلي ؟!..
كانت نظرتها باردة وهي تقول : آه أجلاً .. كدت اموت شوقاً !!..
انها تسخر مني !!..
تنهدت بضجر عندها ثم نظرت لبيير لأقول : اعتقد انك لم تفهم الكثير مما قلته للتو ..!
بدا هادئاً جداً وهو يقول : ري كان قد حكى لي جزءاً من قضيتك .. لكني لم اعتقد انها معقدة هكذا ..!
لم اعلق على الأمر بينما قالت ليديا : لقد اتصلت ينار لتطمئن عليك بعدما حدث ..!
كدت اقول شيئاً لكن بيير سأل باستنكار : و هل تعرفين ينار ؟!..
اتسعت عيناي و قد نسيت اخبار ليديا انه يعرف ينار : هل تعرفها أنت ؟!.. انها زميلتي في المدرسة ..!
- هل انتقلت ينار لمدرسة الأثرياء ؟!.. لما ؟!..
- والدها يريد هذا ..!
- و لما هي تسأل عن لينك ؟!..
نظرت إلي ليديا حين وجدت انها لا تجيد الإجابة عن هذا السؤال ..!
تنهدت عندها و التفت إلى بيير و كيت و أنا أقول : سأخبركما بالأمر لكن إياكما ان يعلم رايل او أي شخص آخر ..!
عبس وجه كيت وهي تقول : انا لست مهتمة اصلاً .. بل انا حتى لم افهم شيئاً من الأمور التي اخبرتهم عنها قبلاً ..!
كما هو متوقع .. حياة هذه الفتاة متركزة على شخصها فقط دون التفكير في الآخرين إطلاقاً ..!
بينما كان الاهتمام واضحاً على بيير فور ذكر اسم ريك لذا قلت : ينار هي ابنة الرجل الذي سيطر على اموال مارسنلي ..! لذا كنت قلقاً من علاقتها برايل أفهمت الآن ؟!..
كانت الصدمة البسيطة هي ما ظهر عليه مبدئياً .. لذا قال بعدها بقلق : اذاً .. ذلك الرجل قد يؤذي ري ..!
- و هذا ما كنت اريد اخبارك به منذ البداية ؟!..
- و الحل ؟!..
- ينار قالت انها ستتصرف .. ليس علينا إلا ان نثق بها ..!
- أأنت واثق بأن ري سيكون بخير مع هذا ؟!..
- حالياً لا .. لكن لا نستطيع عمل شيء ..! سأجد طريقة لأخبر رايل بالحقيقة .. لكن سيكون هذا عندما يتعافى تماماً ..!
لم يرد بل بدى عليه الاحباط التام .. انه قلق بشأن ريكايل حقاً ..!
في تلك اللحظة رن الهاتف في الغرفة فقالت ليديا انها ستجيب .. رفعت السماعة : نعم ؟!..
لم تمض سوى لحظات حتى هتفت بفرحة وقد وقفت من كرسيها : حقاً ؟!.. خبر رائع !!..
لفت هذا انتباه كل من في الغرفة و قد أردفت هي : سأخبرهم في الحال ..!
اغلقت السماعة و هتفت : انيتا تقول أن ريكايل استيقظ !!..
شعور بالسعادة الممزوجة بالراحة قد امتلأت به روحي حتى اني استندت إلى الوسادة وقد شعرت بأن جسدي كله تخدر ..!
بيير كان قد وقف وقد زال كل الاحباط الذي اصابه قبل قليل بينما كانت ابتسامة سعيدة صادقة قد ظهرت على وجه كيت ..!
نظرت لليديا و قلت : أيمكننا الذهاب لرؤيته ؟!..
بابتسامة نظرت إلي : حالياً لا .. قالت انيتا اننا سنتمكن من ذلك بعد الانتهاء من الفحص .. لكنها تقول انه بخير ..!
هذا هو المهم .. انه بخير .. و هذا اكثر مما اتمنى حتى ..!
حملت ليديا حقيبتها و هي تقول : حسناً اذاً .. يجب علي ان اعود للبيت الآن فلا اعتقد انه ستتسنى لي رؤية ريك اليوم .. بما انه بخير فهذا كافي بالنسبة لي الآن .. اهتم بنفسك لينك ..!
سارت بعدها لتغادر الغرفة .. لقد فعلت الكثير من اجلي و انا اقدر لها هذا ..!
وقفت كيت و سارت ناحية الباب هي الأخرى : إلى أين ؟!..
- سأشتري الماء من المتجر الصغير في الاسفل ..!
خرجت من الغرفة التي لم يبقى بها سواي و بيير ..!
اخذت نفساً عميقاً .. اتساءل ماذا قد تفعل ينار ؟!.. لقد ائتمنت أخي إليها و اتمنى ان تكون على قدر المسؤولية ..!
اعلم ان رايل ليس طفلاً لكي اضعه تحت حماية فتاة .. لكن الشخص الوحيد الذي قد يوقف ادريان عن ايذاء ريك هي ابنته فقط .. فهو بالتأكيد لن يؤذيها حتى إن كانت حاجزاً بينه و بين ريكايل ..!
- ماذا ستفعل لكي لا يؤذي ذلك الرجل ري ؟!..
التفت لبيير الذي قال هذا بنوع من التردد .. لم يكن مني إلا القول بهدوء : لقد اتفقت مع ينار .. انها الوحيدة القادرة على هذا ..!
طأطأ رأسه للحظات قبل ان يقول : انت مذهل لينك .. انت توفر الامان لري بأي طريقة حتى لو استخدمت الآخرين في هذا ..! رغم علاقتك السيئة بوالد ينار .. أنت تجاوزت هذا من أجل ري ؟؟!
قطبت حاجبي دون ان افهم ما مقصده لكنه تابع كلامه دون ان ينظر إلي وقد بدا هدوء غريب ممزوج بحزن في صوته : حين كنت عائداً للمنزل التقيت هاري وهو خارج من العمارة .. أخبرني بأنه سيذهب للمشفى لأنهم اتصلوا به و أخبروه ان صحة ري قد ساءت ..! ركبت معه بسرعة و قدمت إلى هنا رغم ان موعد الزيارة انتهى ..! كانوا يقومون بتجهيز ري للدخول لغرفة العمليات .. حين اقربت منه كان شاحباً و يتنفس بصعوبة رغم ان قناع الأوكسجين كان مثبتاً على وجهه ..! لقد كدت اموت من الخوف .. لكني امسكت بيده و انا انادي عليه عله يشعر بما حوله .. لكنه حينها كان يتمتم ..!
كنت مركزاً على كلامه حين رفع رأسه لي و ابتسم بهدوء : لقد كان ينادي باسمك لينك ..!
صمت و أنا لا اعلم ما ردة الفعل المناسبة .. ما شعرت به هو ان مشاعري و ملامحي تجمدت للحظة فتابع هو : بالنسبة لي .. و بالنسبة لميشيل و جوليا .. و كذلك لأطفال الملجأ .. ريكايل هو الشخص الذي تشعر بالأمان بجانبه ..! ذلك لأن ري دافع عنا كثيراً ..! بالنسبة لي فقد فعل الكثير من أجلي ..! أنه يفعل قدر استطاعته ليحمي من حوله و يخفي ذلك في نفسه ..! أنه احمق لدرجة أنه يشعر أنه المسؤول عن الجميع و كأنه أب عليه حماية أطفاله ..! لكن في الوقت ذاته .. لم يكن احدنا قادراً على حماية ري أو توفير الأمان له ..! لقد كان يحمي نفسه بنفسه ..! اعتقدت انه سيظل هكذا إلى الأبد .. اعتقدت انه لن يحتاج لأي احد وانه يستطيع الوقوف وحده مهما حدث ..! لكن الآن .. أيقنت ان هذا تغير ..!
صمت قليلاً قبل ان يردف : ريكايل يشعر بالأمان و الاطمئنان حين تكون قربه ..! انه يحتاجك أكثر من أي شخص آخر ..! لقد ادركت هذا .. ري سيتمنى ان تكون انت موجوداً حين يكون هو بمشكلة .. لأنه يشعر بالراحة لوجودك معه ..! ذلك ما دفعني للبحث عنك قدر ما استطيع .. لأن ري بحاجة اليك ..!
طأطأت رأسي حينها و قد قطبت حاجبي .. أنا اتساءل عن صحة هذا الكلام !!..
تمتمت بهدوء حينها بما طرأ على بالي : ريك يكره الوحدة أكثر من أي شيء آخر .. أنه شخص يعيش على وجود الآخرين حوله ..! لم يستطع الابتعاد عن جوليا و ميشيل و الأطفال لأنه يحتاجهم بقربه .. لم يقطع علاقته بك رغم الأميال التي تفصلكم لأنه يحتاجك أيضاً ..! حين يفقد ريكايل شخصاً فإن ذلك يحطمه ..! لست مميزاً .. أنا كالبقية فقط .. احاول ان افعل شيئاً لأجله .. لكني اكتشف اني مجرد عاجز اعتمد عليه طيلة الوقت ..!
- ليس كذلك .. أنت مختلف لينك ..!
- ربما لأني توأمه تشعر هكذا ..!
- بل ربما انت لم تدرك ذلك لأنك لا تعرف ري في السابق ..!
قبضت على الغطاء الناعم في تلك اللحظة .. أجل .. أنا لم اعرفه في السابق .. و لا زلت اجهل الكثير ..!
بالرغم من أننا توأمان .. كان يفترض ان اعرفه منذ البداية .. أن أكون أكثر الناس معرفة بتفاصيل حياته !!..
لكني لا اعرف الكثير .. معلوماتي محدودة بالنسبة لبيير و ميشيل و كذلك جوليا ..!
كاد ذلك الفتى ان ينطق شيئاً لكني تمتمت حينها : شكراً على مبادرتك هذه في شرح الامر لي .. اريد ان امشي قليلاً علي اصفي ذهني ..!
قلت هذا و أنا انزل من السرير و امسك بعكاز الألمنيوم كي يساعدني على السير .. في النهاية جسدي محطم و يستحيل ان اسير بدونه ..!
خرجت من الغرفة تاركاً ذلك البيير هناك .. التقيت كيت في الممر : إلى أين ؟!..
هذا ما نطقته بقلق واضح مما جعلني ابتسم بهدوء : سأتجول قليلاً ثم أعود للغرفة ..!
لم تعلق بل تركتي اتابع طريقي وقد طاردتني بنظراتها ..!
سرت في قسم العظام ذاك بين ممراته المليئة بالممرضين و المراجعين .. لكني كنت اشعر و كأن المكان فارغ حولي ..!
اتساءل .. هل يحتاج ريكايل لوجودي حقاً ؟!..
أعتقد ان العكس هو الأقرب للصحة ..!
ربما هو سعيد بوجودي .. و بالتأكيد سيحزن لو اختفيت .. لكن الأمر ليس متعلقاً بحاجته لي إطلاقاً ..!
انتبهت في تلك اللحظة لشخص أمامي .. لا أعرفه لكنه لفت انتباهي عشوائياً ..!
كان فتى في عمري يرتدي ثياب المشفى و قد كانت يده ملفوفة بجبيرة و معلقةً برقبته ..!
وقفت بالقرب منه سيدة في الاربعينيات من العمر و هي تقول بقلق و تشير إلى كرسي متحرك بالقرب منها : هيا لا تكن عنيداً و أجلس .. قال الطبيب انك بحاجة للراحة و عليك ألا ترهق نفسك ..!
بينما كان الفتى يقول بانزعاج بسيط : أنظري يا أمي .. يدي هي المكسورة وليست قدمي .. لما علي أن استخدم الكرسي كالعاجزين ؟!..
- بني أنا قلقة من أن تسوء أصابتك ..!
- لا داعي لقلقك .. أتفهم خوفك الكبير لكن أنا بخير و سأخرج صباح الغد ..!
في الوقت ذاته انتبهت لطفل يجلس على مقعد طويل قرب الجدار وقد كان بحدود الثامنة بينما جثى أمامه على الأرض رجل في الثلاثينات وهو يفتح علبة العصير له وهو يقول : عليك أن تشرب عصير البرتقال حتى تنمو عظامك جيداً .. و حينها لن يكسر اصبعك مرة أخرى ..!
أخذ العصير منه وهو يقول : أبي .. أيمكنني أكل الشوكولا أيضاً ؟!..
- ليس قبل ان تشفى ايها الشقي ..!
قال هذا وهو يربت على رأسه بمرح ..!
لما يلفت الموقفان نظري ؟!..
امرأة تريد من أبنها ذو اليد المكسورة ان يجلس على الكرسي كي لا يرهق نفسه .. و أب يسقي طفله عصير البرتقال المليء بالفيتامينات حتى يشفى اصبعه المكسور ..!
شعرت بارتجاف بسيط في جسدي و طأطأت رأسي قليلاً .. نظرت إلى تلك الضمادات التي تحيط جسدي المحطم من كل جانب .. لو كان والداي هنا ماذا سيفعلان ؟!..
اغمضت عيني .. سيكونان قلقين بالتأكيد .. أبي ايان يدفع الكرسي الذي اجلس عليه .. بينما أمي نيكول تفتح لي علبة العصير .. كان ذلك ليكون دافئاً للغاية .. و ينسيني الألم الجسدي الذي اشعر به ..!
فتحت عيناي اللتان دمعتا حينها .. حالك يا لينك بسيطة ..! لست بحاجة لمن يقلق عليك بها .. تستطيع تدبر نفسك .. تستطيع أن تسير بالعكاز و تفتح علبة العصير و أشياء أخرى كثيرة ..!
لكن .. ماذا عن ريكايل ؟!.. لو كان والداي هنا ماذا سيفعلان ؟!..
سيلازمانه .. سيخففان عنه .. سيشعرانه بالأمن و الدفيء .. لن يكون وحيداً إطلاقاً ..!
كان وجودهما ليشفي نصف ألمه ..!
لكنهما ليسا هنا ..!
منذ البداية ليسا هنا !!..
عدم وجودهما سبب الكثير من المشاكل .. لو كان أبي و أمي على قيد الحياة .. لو لم يموتا في ذلك الحادث .. لكنا نعيش بخير و سلام ..!
أجل .. كان ذلك سيحدث بالتأكيد ..!
لينك .. لما بدأت تبكي ؟!..
عيناي تحرقانني بسب الدموع ..!
رفعت ذراعي المصابة و غطيت عيني بألم .. الأفضل أن أعود للغرفة .. البقاء سيزيد من شقائي و حسب ..!
ففي النهاية .. الشخص الوحيد من أسرتي حاله أسوء من حالي ألف مرة ..!
عدت للغرفة ذاتها .. و فور ان دخلت كان الاثنان في استقبالي ..!
كيت و بيير ..!
نظرت لذلك الأخير الذي التفت إلي حالاً و تمتمت بلا شعور : أنت مخطأ .. ريكايل لا يحتاجني انا ..! ريكايل يحتاجهما ..!
لم يفهم هو قصدي بينما أوشحت بوجهي وقد طأطأت و أغمضت عيني : ما يحتاجه ريك هو أم و أب ..! ليس إلى أخ عاجز لا يعرف عنه سوى القليل ..!
وقف حينها و هو يقول : لكن لينك ....!
قاطعته حالاً : آسف .. هلا خرجتما قليلاً .. اريد ان ارتاح لبعض الوقت ..!
كان يعلم أني في حالة لن تسمح لي بتقبل كلامه .. لذا سار ناحية الباب وهو يقول : هيا كيت .. لينك بحاجة إلى الراحة ..!
لم تكن راضية .. لكنها للمرة الأولى فهمت الموقف و لم تعلق .. بل سارت بصمت مع بيير وقد تجاوزاني لخرجا من تلك الغرفة ..!
انني محبط .. محبط أكثر مما كنت اتخيل ..!
..........................................
[[[ من أكثر الأشياء ازعاجاً هو رنين المنبه في الصباح .. و الدليل ان معظم الناس يغلقونه خلال نومهم بلا تردد ..!
كان ذلك الصوت الرنين الذي يخترق طبلة الأذن مزعجاً .. لكني لم افتح جفناً .. اريد ان انام أكثر و أكثر .. و الطريقة الوحيدة هي تجاهل المنبه رغم صعوبة الأمر ..!
لم تمض لحظات حتى صمت من تلقاء نفسه و كأنه ضجر و سيسمح لي بمتابعة نومي .. و أنا أحترم فيه هذا الشيء ..!
لكن يبدو أن أحدهم لم يفعل فحينها سمعت صوت باب يفتح و شعرت بسطوع الأضواء في الغرفة رغم أني اغمض عيني و من بعده ذلك الصوت الغاضب الضجر : إلى متى ستظلان نائمين أيها الكسولان ؟!.. من في عمركما استيقظ منذ الفجر قبل الطيور لممارسة الرياضة .. بينما لم يكلف احدكما نفسه كي يستيقظ ليحضر الخبز من المتجر لأجل الإفطار !!.. حتى لو كان اليوم يوم العطلة الأسبوعية فأنا لن اسمح لكما بالبقاء نائمين لما بعد الثامنة !!.. هيا استيقظا !!..
ياله من صوت مزعج .. أكثر من ذلك المنبه المحترم على الأقل ..!
فتحت عيني بخمول في الوقت الذي اردت فيه مغادرة السرير لكني لم أشعر بنفسي إلا و أنا أهوي من مكان مرتفع ..!
هل أنا في حلم ؟!..
لقد ارتطمت بالأرض حقاً !!..
- لينك !!.. أأنت بخير ؟!..
شعرت بدوار في رأسي .. الأرضية تحتي من السجاد و هذا حماني بالطبع .. فتحت عيني لأجد وجه ميراي القلق باستقبالي .. أذاً هي من كانت تصرخ منذ الصباح ..!
لحظة .. متى عادت من السفر ؟!..
قطبت حاجبيها : أنسيت أنك تنام في السرير العلوي ؟!..
ماذا ؟!.. سرير علوي ؟!.. عما تتحدث ؟!..
نظرت جواري لأجد سريراً من طابقين .. من أين اتى هذا السرير ؟!..
جلست ارضاً حينها و حدقت حولي .. غرفة صغيرة جداً .. تحتوي على خزانة متوسطة الحجم و مكتبي دراسة صغيرين و سرير من طابقين اختير لكي يتناسب مع ضيق الغرفة .. أين أنا ؟!..
انتبهت لميراي التي وقفت وهتفت باستياء : هيا ريك .. استيقظ أنت الآخر ..!
ريك !!!..
التفت حالاً لأجد ذلك الفتى الذي رفع جسده بخمول بعد أن كان ينام في الطابق السفلي من السرير : حسناً ها قد استيقظت ..!
هكذا كان يتمتم بصوت ناعس ..!
يبدو أنني أحلم ؟!.. أجل هذا واضح ..! فالأمور من حولي تبدو مبهمة و المناظر غير طبيعية ..!
و الدليل هو وجود ريكايل أمامي الآن ..!
عموماً .. لأعش هذا الحلم و أرى ما قد يواجهني ..!
فتح عينيه و نظر إلي ليتمتم : لينك .. يبدو سقطت من جديد ..!
لم ارد لأن هناك ما لفت انتباهي أكثر .. أنه يبدو اصغر سناً .. و شعره مبعثر فقد بدا مثلي .. حتى صوته صغير .. و كأنه في حدود الخامسة عشر ..!
نظرت إلى نفسي لأجد أني أواجه الأمر ذاته .. ياله من حلم !!..
وقفت ميراي التي بدت هي الأخرى في الثالثة و العشرين و سارت ناحية الباب القريب و هي تقول : انهضا هيا .. الافطار جاهز منذ زمن ..!
حين كنا في الخامسة عشر لم نعرف بعضنا .. و يبدو ان ميراي تعيش معنا في ذات المكان .. هل نحن في عهدتها ؟!.. ربما هذا الحلم يريني كيف ستكون الحياة لو اني اعرف ريك منذ سنوات ..!
تجاوزني حينها و خرج من الغرفة : سأدخل الحمام قبلك بما انك ستبقى هنا طويلاً ..!
فور ان خرج سمعت صوت احدهم : ريكايل .. هل استيقظ لينك أيضاً ؟!..
لمن هذا الصوت ؟!.. انا اسمعه للمرة الأولى .. لكنه يبدو مألوفاً بطريقة ما ..!
اومأ ريك ايجاباً فاقترب ذلك الشخص حتى وقف قرب باب الغرفة و بت استطيع رؤيته بوضوح ..!
شابة في الخامسة و الثلاثين من العمر .. بقامة متوسطة الطول و شعر طويل حريري بلون الرمال تربطه بربطة شعر سوداء بينما عيناها ذات لون أخضر جريء و قوي .. امرأة جميلة .. رغم ملابسها البسيطة التي كانت عبارة عن بنطال اخضر غامض و ضيق إضافةً لكنزة قطنية بيضاء بسيطة ..!
خفق قلبي حين رأيتها .. أي حلم هذا ؟!..
ابتسمت لي في تلك اللحظة : يبدو أنك سقطت مجدداً لينك .. رغم مرور كل هذه السنوات لا تزال تسقط من فوق السرير ..!
لم انطق .. بل ان لساني توقف عن الكلام .. مشاعر جياشة انتابتني .. لا أفهم ما هذا الشعور .. لكني اشعر بالاختناق حقاً ..!
قطبت حاجبيها و تقدمت ناحيتي : لينك .. لما تبكي ؟!!.. هل تألمت من السقطة ؟!..
جثت امامي و امسكت بيدي في تلك اللحظة ..!
لطالما تمنيت أن اسمع صوتها .. و أن اشعر بها و اتحدث إليها .. أدرك انه حلم .. لكني في الوقت ذاته اتمنى لو اني في الواقع ..!
يدها دافئة .. عيناها القلقتان اربكتاني تماماً .. بلا شعور بدأت دموعي تسيل ..!
حتى لو كان حلماً .. لقاء امي الآن هو أكثر مما أتمنى ..!
لقد تمنيت دوماً لو أنها بقيت على قيد الحياة و عشنا معها .. يبدو أن هذا الحلم سيحقق أمنيتي الصغيرة ..!
وضعت رأسي على كتفها في تلك اللحظة .. إني اشعر بها .. أعلم أنه صوتها الحقيقي رغم اني لم اسمعه من قبل إلا و أنا رضيع ..!
كنت ابكي أكثر و أكثر وقد عانقتها بلا شعور .. انه العناق الذي يستحيل ان يتحقق في الواقع ..!
رغم انها لم تفهم شيئاً .. لكنها لم تبعدني بل بادلتني ذلك العناق بهدوء ..!
كنت اغمض عيني .. أريد ان اعيش هذه اللحظة بكل ما فيها ..!
- ما قصة هذا العناق منذ الصباح ؟!.. آه انه لينك المدلل مجدداً ..!
- خالتي .. يبدو أنه تأذى من السقطة .. انه لمن القاسي ان تقولي هذا ..!
- بدل ان تبقى لمشاهدة هذا العرض الدرامي اذهب و اغسل وجهك كي تستعد للإفطار ..!
كتمت ضحكتي على ذلك الحوار بين خالتي و ريك .. ابتعدت قليلاً عن والدتي التي ابتسمت بهدوء : يبدو أنك رأيت كابوساً ما بني ..!
كنت اود لو أبقى احدق بوجهها فقط .. لكن لينك .. أنت لا تعلم متى سيوقظك احدهم من هذا الحلم لذا ستغل كل لحظة فيه ..!
رفعت يدي ومسحت دموعي و قد ابتسمت : شيء من هذا القبيل ..!
اتسعت ابتسامتها ثم تقدمت قليلاً لتقبل جبيني وهي تقول : لا تدع الكوابيس تقلقك إلى هذا الحد ..!
كنت استشعر تلك القبلة الحانية على جبيني وانا أقول : حاضر أمي ..!
لطالما اردت مناداتها هكذا .. ربما سيكون هذا الحلم هو الأفضل في حياتي ..!
وقفت و سارت لتغادر الغرفة و حين مرت بالقرب من رايل قبلت جبينه هو الآخر : هذه من أجلك أيها الغيور ..!
وضع يده مكان القبلة وهو يقول : لست طفلاً كي أغار أمي ..!
- ذلك واضح ..! عيناك تلمعان ..!
- انت تتخيلين فقط ..!
- حسناً لا بأس .. هيا لتناول الافطار ..!
اتجه ريكايل ناحية دورة المياه بينما سارت امي و خالتي لجهة أخرى ..!
يبدو أننا في منزل براون .. فحين نظرت من النافذة الصغيرة رأيت الشارع الذي يطل عليه المنزل ..!
ريكايل لا يبدو مريضاً كذلك .. انها الحياة الهادئة المثالية كما اعتقد ..!
خرج ريك فدخلت من بعده إلى دورة المياه الصغيرة تلك .. نظرت إلى وجهي في المرآة .. أبدو صغيراً .. يبدو أنني في الخامسة عشر ..!
خرجت بعد دقائق و اتجهت إلى الغرفة مجدداً .. كان الدور العلوي يحتوي على ثلاث غرف نوم و دورة مياه واحدة .. منزل صغير كمعظم منازل ذوي الطبقة الوسطى من المجتمع ..!
بدلت ملابس النوم وقد كان ريك قد سبقني إلى الأسفل ..!
نزلت ذلك الدرج لأجد أنه ممر صغير .. على اليمين غرفة معيشة .. و على اليسار مطبخ واسع بطاولة طعام صغيرة .. و مقابلي يوجد الباب المؤدي للخارج و بجوار الدرج باب دورة المياه..!
اتجهت إلى المطبخ وقبل ان ادخل سمعت ذلك الحوار الصغير : نيكول .. لما أنت شاردة الذهن ؟!..
- آه .. اسفة ميراي .. لم انتبه حين ناديتني ..!
- أأنت قلقة على لينك ؟!.. لا تقلقي فسقطة كتلك لن تشكل شيئاً ..!
- لست قلقةً على السقطة بقدر الكابوس .. لقد بات يرى الكثير من الكوابيس هذه الفترة ..!
- لقد نصحته عدة مرات بعدم مشاهدة الأفلام قبل نومه لكنه لم يستمع ..!
- لينك حساس رغم أن ذلك لا يظهر عليه .. اخشى انه يواجه مشاكل في المدرسة أو ما شابه ..!
- لا تقلقي من هذه الناحية .. صحيح أن لينك هادئ إلا ان لديه شيطنة عارمة يستخدمها حين يقع في المشاكل ..! لا أحد سيتجرأ على ازعاجه او حتى التعرض لأخيه ..! انه قوي حين تعلق الأمر بهذا ..!
- في هذا انت محقة ..!
انها قلقة من أجل كابوس .. لو كانت حية في العالم الواقعي .. لقتلها حالنا إذاً ..!
رسمت على وجهي ابتسامة صغيرة و دخلت إلى المطبخ : صباح الخير ..!
كانت امي تجلس على الطاولة بينما ميراي قرب آلة القهوة و قد اجابتا سويةً : صباح النور ..!
جلست على الطاولة و ماهي سوى لحظات حتى جاء ريكايل الذي يحمل الصحيفة وهو يقول : اين أبي ؟!..
أجابته أمي وهي تقطع مكعب الجبن الفرنسي إلى قطع صغيرة : لقد خرج مبكراً فلديه عمل في مبنى الصحافة ..! آه صحيح .. لقد نسي فيلم آلة التصوير .. من يتطوع منكما لآخذها له ؟!..
جلس ريك بجانبي و امسك بيدي ليرفعها وهو يقول : لينك يتطوع لذلك ..!
صدمت من فعلته : يالك من ماكر !!!..
كتمت أمي ضحكتها على ذلك التصرف وهي تقول : إذاً تقرر الأمر .. لينك بعد الإفطار خذ الدراجة و اذهب إلى مبنى الصحافة ..!
هتف ريك باستياء : لا أنا اريد الدراجة .. لدي عدد من الأمور علي القيام بها اليوم ..!
- أنها دراجة لينك في النهاية ..!
- لكن دراجتي معطوبة ..!
- تدبر امرك ..!
تنهد بضجر حينها : لقد خسرت ..!
لم يكن مني إلا ان اضحك بخفة .. شخصية ريك كما هي مرحة .. لكن عدم حمله للمسؤوليات جعلها ماكرة و انانية ..!
ان هذا يناسبه أكثر من كونه الأب الذي عليه القلق على الجميع و حمايتهم ..!
كان يصفف شعره مثلي تماماً .. لذا كنا متطابقين .. يبدو انه يتركها هكذا في طول الوقت ..!
تناولنا الإفطار ثم اعطتني امي الفيلم الذي علي أخذه لوالدي الذي لم التقي به بعد ..!
وقبل ان اخرج ربتت على كتفي وهي تقول بابتسامة : لينك .. حين تذهب لمبنى الصحيفة ابحث عن مكتب والدك .. فور أن تسأل عنه سيدلك أحدهم عليه ..! أريد منك أن تعدني بشيء .. لا تغضب حين يقول احدهم ان والدك صغير السن او ما شابه .. فهم بالتأكيد لا يقصدون الإساءة ..!
بالتفكير في الأمر ابي الآن في الخامسة و الثلاثين .. أن يكون لديه ابن في الخامسة عشر امر نادر ..!
أومأت موافقاً : أنا ذاهب الآن ..!
ما دمنا في باريس فأنا اعرف مكان مبنى الصحافة ..!
خرجت من المنزل و أنا اشعر بالنشاط .. أتمنى ان يستمر هذا الحلم إلى الأبد ..!
كانت هناك دراجتان بالحجم المتوسط .. واحدة زرقاء و الأخرى حمراء ..!
كانت الزرقاء معطوبة .. إذاً الحمراء هي دراجتي .. إن لم تخني ذاكرتي فهي ذات الوان الشرائط التي ربطتها ميراي على ايدينا حين كنا طفلين ..!
ما لاحظته أيضاً هو أن لون أغطية الأسرة كان كذلك .. يبدو أن هذا هو النمط المستخدم كي نفرق بين أشيائنا ..!
ركبت الدراجة و حينها خرج ريك وهو يقول بابتسامة : أخي .. ستذهب لمبنى الصحافة صحيح ؟!..
- أجل ..!
- هذا يعني ستستقل القطار .. ماذا ستفعل بالدراجة ؟!..
- بالطبع سوف اوقفها قرب المحطة ..!
اسرع حينها و ركب خلفي فكدنا نسقط لكني وضع قدمي ارضاً كي نتوازن و أنا أقول بتعجب و استياء : أنها ليست دراجة لشخصين ..!
ضحك بمرح حينها : لا بأس .. اسمع .. حين تستقل القطار سآخذ انا الدراجة ..!
- و ماذا سأفعل في طريق العودة ؟!..
- سأعود لأخذك ..!
- أنت تنوي إفساد دراجتي ..!
- هيا لا بأس هذه المرة .. سأعيرك حذائي الرياضي الجديد في حصة الرياضة القادمة ..!
تنهدت بتعب و أنا احرك الدراجة بصعوبة : يا لها من خدمة ..!
العلاقة بيني و بين ريكايل الآن تبدو طبيعية .. كأي أخوين .. لا يوجد أي توتر في الحديث و لا أي أسئلة تملأ رأسي ..!
انه سعيد و مبتسم على الدوام .. هذا أكيد فوجود والداي له الدور الأكبر ..!
بعد خمسة عشر دقيقة على الدراجة وصلنا إلى محطة القطار .. نزلت أنا و قلت : ساعة فقط .. عليك بعدها أن تكون هنا ..!
أومأ إيجاباً و سار مسرعاً بها : أراك فيما بعد ..!
ابتسمت بهدوء .. أنه مليء بالطاقة و النشاط .. يبدو كالأخ الأصغر حقاً بأنانيته و مرحه ..!
ليس مريضاً أو شاحباً أو مرهقاً .. بل يمضي يومه بتفاؤل و بلا مسؤوليات ..!
نزلت الدرج إلى محطة الميترو و وقفت بين صفوف الناس في الأسفل بعد أن رأيت اللوحة التي تخبرني عن القطار الذي علي ان استقله .. يمكنني ركوب القطار التالي ..!
بما أننا في الخامسة عشر .. فهذا يعني أننا لا زلنا في الاعدادية ..!
ياله من حلم .. أتمنى ان يستمر طويلاً ..!
أرجوا أن لا يوقظني أحدهم ..!
نادراً ما يعيش الأنسان حلماً وهو يعلم بأنه نائم الآن و ليس في الواقع ..!
لقد حدث هذا معي عدة مرات .. اكون مدركاً لأن ما أعيشه هو مجرد أحلام .. لكني لا استطيع الخروج منها إلا حين الاستيقاظ ..!
غالباً يحدث هذا في الكوابيس ..!
.


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-07-13, 08:03 AM   #19

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

وصل قطار الأنفاق و نزل منه جمع من الناس بينما صعدت أنا مع كمية أخرى ..!
كان مزدحماً رغم انه يوم عطلة .. ذلك ما جعلني أضطر للوقوف و التمسك بأحد الأعمدة على جدار القاطرة ..!
اندفع بقوة بعد ان أغلقت الأبواب .. سأنزل بعد محطتين و هذا سيستغرق ثمانية دقائق تقريباً ..!
مضت تلك الدقائق بسرعة خاطفة .. ربما كوني في حلم هو السبب ..!
نزلت من القطار و صعدت إلى السطح حيث ذلك الشارع المكتظ بالمارة ..!
سرت في الطريق المؤدي إلى مقصدي و استغرقت خمس دقائق للوصول ..!
وقفت أمام ذلك المبنى الكبير الخاص بصحيفة العاصمة التي يعمل بها أبي .. لم تذكر لي أمي اسم الصحيفة لكني بطريقة ما استنتجت أنه هو .. أو أن حلمي جعله هو ..!
اتجهت إلى الباب الزجاجي الذي فتح بمجرد اقترابي منه .. كان هناك حارس قرب الباب و الذي قال حينها : إلى أين ايها الفتى ؟!..
رفعت الكيس في يدي : سأوصل هذا لوالدي .. لقد نسيه في المنزل ..!
- و من هو والدك ؟!..
- انه الصحفي ايان براون ..! اتعرف أين أجده ؟!..
- اوه ذلك الشاب اليافع .. من كان يعتقد ان لديه ابناً في هذا العمر ..! مكتبه في الدور الخامس ..! فور ان تصل إلى هناك ستعرف الطريق تلقائياً ..!
- شكراً ..!
لم افهم المعنى من تلقائياً .. لكني رغم ذلك سرت ناحية المصعد دون ان اسمع رده على شكري ..!
فتح فنزل منه ثلاثة رجال بينما صعدت أنا و فتاة شابة .. و لا أنسى القول ان الجميع كان يحدق بي ..!
كدت ان اضغط على رقم خمسة لكن الشابة فعلت قبلي .. اننا نقصد ذات الطابق إذاً : إلى أي طابق ستذهب ؟!..
- إلى الخامس ..!
لم ترد .. كانت تنوي ضغط الرقم الذي سأذكره بما انها لم ترى اني فعلت ذلك ..!
وصلنا إليه فقالت بابتسامة : أنت تبدو مألوفاً .. أأنت ابن احدهم ؟!..
نزلنا من المصعد و قبل ان ارد عليها كانت شابة اخرى تسير ناحيتنا وقد لفت انتباهها فقالت : من هذا الفتى ؟!..
أجابتها الأخرى : كنت على وشك معرفة ذلك الآن ..!
نظرت إلي لتقول : انك تشبه الصحفي براون .. أأنت شقيقه الأصغر ؟!..
قبل ان اجيب مجدداً كان كم من الفتيات قد تجمع حولي بلا سابق انذار ..!
- ماذا شقيق براون ؟!.!.
- انه يشبه السيد ايان حقاً ..!
- لا اعتقد أنه شقيقه .. ربما ابن اخيه أو ما شابه ..!
- انظري .. أنهما يمتلكان ذات الملامح و لون الشعر انه شقيقه بالتأكيد ..!
و قبل ان اوضح أي شيء كان ذلك الرجل الضخم ذو البدلة الرسمية و الشعر المليء بالشيب قد اخترق الصفوف و وقف قبالتي ..!
شعرت بالتوتر من ذلك الهدوء الذي طغى على الجو و من نظرات الاستياء الواضحة على ضخم الجثة ذاك وبغضب صرخ : هل هذه الضجة و ترك كل منكن لمكتبها هو بسبب هذا الفتى ؟!.. كيف دخلت إلى هنا أيها الصغير ؟!.. مبنى الجريدة ليس مكاناً للعب الأطفال ..!
كنت في موقف لا احسد علي فلما هذا الرجل يصرخ في الآن ؟!.. كيف علي أن أجيبه ؟!..
شعرت بيدين تربت على كلا كتفيي رجف قلبي بسببهما .. عرفتهما رغم اني لا لم التق بصاحبهما في السابق ..!
و بنبرة واثقة جاءت من خلفي بصوت شبابي : عذراً أيها المدير .. أنت تفزع ابني بصراخك هذا ..!
كانت ملامح كل من أمامي مصدومة بينما التفت أنا في الحال و قد هتفت بسرعة : أبي !!..
نظر إلي و ابتسم لي .. أنه كما في الصور تماماً .. بتلك الملامح الوسيمة و ذلك الخدش على وجنته و شعره الأشقر المصفف بعناية للخلف ..!
ربت على رأسي بإحدى يديه وهو يقول بذات ابتسامته : أنه انت اذاً يا لينك .. كنت أتساءل أيكما وصل إلى هنا ؟!..
كان يقصدني و ريك .. يبدو أنه لم يعرفني من الخلف .. لكنه حين رأى وجهي ادرك أني التوأم الأكبر لينك ..!
كان التهامس من حولي واضحاً
- لحظة .. هل قال أبني ؟!. و قال ذلك الصغير أبي !!..
- مستحيل !!.. ايان لديه ابن في هذا العمر !!..
- لما ؟!!.. لما ايان دون غيره !!.. لقد كنت اعتقد انه اعزب !!.. لقد ضاعت فرصتي !!..
- كم هذا محبط .. براون الوسيم لديه ابن .. و ليس أي ابن بل في الإعدادية كما يبدو ..!
واضح أنهم مغرمات بهذا الصحفي الوسيم .. و لا ألومهن حقيقة .. يبدو أني كنت سبب تعاستهن اليوم ..!
كان ذلك المدير قد خفف من حدة غضبه : براون .. هذا ليس مكاناً تحضر اطفالك إليه ..! ثم منذ متى و أنت لديك ابن بهذا العمر ؟!..
بابتسامته الواثقة ذاتها : يبدو أن لأبني هذا سبباً وجيهاً للحضور ..! لو كان الآخر لربما قلت انه جاء للتسلية ..!
- الآخر .. ألديك ابن غير هذا أيضاً ؟!..
- انهما توأمان ..! اعرفك .. هذا هو التوأم الأكبر لينك ..! الأصغر يدعى ريكايل ..! ان لينك هادئ و متزن وهو ليس متهوراً إطلاقاً ..! بينما ريك مرح و غير مبالي ..! لذا أستطيع القول أن لينك لن يأتي إلى هنا إلا لسبب ما ..! بالنسبة للسؤال الآخر لقد رزقت بهما و أنا في العشرين من العمر ..! و للمعلومية فقط .. أنا متزوج منذ ذلك الحين لذا ارجوا ان لا يفكر أحدكم بأي أمور سيئة ..!
كانت الصدمة طغت على الفتيات بينما عدم الاهتمام على المدير الذي سار مغادراً المكان وهو يقول : عموماً ليغادر ابنك حالاً فقد سبب ما يكفي من الفوضى ..!
بالنسبة لي .. فقد كنت افكر بما وصفني به ..!
متزن و هادئ و غير متهور .. أعتقد انها شخصيتي الحقيقية .. فالظروف التي عشتها في الواقع حرفت شخصيتي إلى مدى بعيد .. بينما هذه الحياة المسالمة الطبيعية جعلتي الفتى الهادئ اللطيف ..!
تفرق جمع الفتيات وقد تم قتلهن تماماً بكلام ابي الأخير ..!
بينما التفت أنا ناحيته و ابتسمت : لديك الكثير من المعجبات ..!
وضع اصبعه على شفتي و غمز لي بمرح : لنبقي هذا سراً عن نينا ..! والدتك عنيفة حين يتعلق الأمر بالغيرة ..!
نينا .. نيكول .. يبدو انه يناديها هكذا دوماً ..!
سرت بجوار والدي إلى غرفة مكتبه الصغيرة .. حيث ذلك المكتب قرب النافذة على الجدار و الخزانة من الجهة الأخرى فقط ..!
- بما اني صحفي مميز .. فقد منحت مكتباً خاصاً .. عليك أن تكون فخوراً بأبيك لينك ..!
لم استطع اخفاء ابتسامتي حينها ..!
أب .. ليس لي ذكريات مع الاباء ..!
فبينما كانت الينا اماً لي .. لم يكن لجاستن حضور في ذاكرتي إطلاقاً سوى بعض اللمحات البسيطة ..!
فكرة أن يكون لي أب .. هذا الحلم حقق هذا .. بأبي الفعلي .. أبي إيان ..!
وقف أمامي وهو يقول باستغراب : ما بها عيناك ؟!..
كانت الدموع قد تجمعت في مقلتي دون أن ادرك .. رفعت ذراعي و مسحتها حالاً : لا شيء ..!
قطب حاجبيه حينها : حسناً .. حين اتصلت نيكول و قالت انها سترسل احدهم لإحضار الفيلم .. أخبرتني انك رأيت كابوساً في الصباح ..!
أنا لم ارى كابوساً بالفعل .. لكنها حجة لبكائي ذاك الذي كان كردة فعل لرؤيتي لأمي ..!
ابتسمت بتصنع حينها : كنت اشاهد فلم رعب الليلة الماضية .. وقد رأيت مشاهد من الفلم في نومي ..!
ابتسم لي حينها و عانقني بهدوء : كن قوياً .. أفلام الرعب ليست شيئاً يستحق ان تراه في احلامك ..!
كان قلبي يخفق أكثر و أكثر .. لقد افتقدت هذا .. افتقدت هذه الأحضان حقاً ..!
بادلته ذلك العناق و قد شددت عليه و انا احاول كتم دموعي .. لا أريد ان يوقظني احد .. أريد ان اعيش هذا الحلم إلى الأبد ..!
مجرد وجود والدين .. يجعني اتمنى ان لا اصحوا ابداً ..!
ابتعدت عن والدي برفق و مسحت دموعي ..!
رفعت الكيس امامه وقد ابتسمت : هذا هو الفيلم الذي نسيته ..!
ربت على رأسي و أخذه وهو يقول بابتسامة : أجل .. هكذا أريد ان ارى ابتسامتك المشرقة ..! حسناً بني .. لقد انقذتني بإحضارك لهذا .. أعلم أن ريك تهرب من هذا كالعادة بمكر .. لكن عليك أن تتحمل تصرفاته الطفولية لأنك الأكبر ..! أرجوا ان لا يكون هذا مزعجاً لك ..!
بمرح أجبته : لا تقلق أبي .. حتى و إن كان ريكايل يتهرب أحياناً فهذا لا يزعجني إطلاقاً .. فهو أخي التوأم في النهاية ..!
بانت عليه ابتسامة لطيفة صغيرة : هذا بحد ذاته يجعلني أفخر بك ..! إذاً لك مكافأة .. سأحضر البيتزا المفضلة لك على العشاء ..!
ليس الأمر اني افضل البيتزا .. لكني ابتسمت له بسعادة : سأنتظرها ..!
ابعد يده عن رأسي وهو يقول : حسناً هيا .. عليك المغادرة الآن قبل ان يقوم المدير بالجولة التفقدية .. حينها سيكون علي أن أخبأك في الخزانة ..!
ضحكت بخفة و أنا اسير ناحية الباب : إن كان الأمر هكذا فإلى اللقاء .. أراك في المساء أبي ..!
أومأ ايجاباً بذات ابتسامته ..!
انه اب لطيف و مرح .. لطالما كان تصوره صعباً علي .. الأمر ذاته مع أمي .. انه بالفعل الحلم الأروع في حياتي كلها ..!
غادرت مبنى الصحافة و بدأت اسير في ذلك الشارع باتجاه المحطة ..!
لو لم يمت والداي في ذلك الحادث .. لكانت هذه حياتنا الحقيقة الآن ..!
توقفت حينها و قد اصبت بالإحباط .. في النهاية .. هذا ليس إلا وهم .. لقد ماتا بعد والدتنا بساعات فقط ..!
لقد عاش ريكايل حياة صعبة .. جعلته يمرض بسبب ما واجهه من صعاب .. جعلته يحمل مسؤوليات اكبر من عمره .. لن تكون الدراجة هي أكبر همه .. لديه هموم أكبر بكثير ..!
أنا أيضاً .. لو عشت هنا لما كنت ابناً لمارسنلي .. و لما كنت التقيت أليس و واجهت تلك المأساة .. لما عشت بتلك الشخصية المتمردة .. لما تمت خيانتي و رمي إلى الشارع فور وفاة الأم التي ربتني ..!
كنا سنعيش سويةً منذ البداية .. توأم يعرف كل منهما الآخر كما يعرف نفسه .. في الغرفة ذاتها .. نتناوب في المهام الملقاة إلينا .. نساعد بعضنا في الدراسة .. نتسابق على دراجاتنا سويةً .. كنا سنكبر معاً .. و نعيش حياةً واحدة .. نتبادل الملابس و الأحذية .. و قد تختلط جواربي مع جواربه و أقلامي بأقلامه و كل أشيائي بأشيائه .. سأضطر لرسم حرفي على كل اشيائي حينها .. سنخوض الشجارات على من سيصعد على ظهر أبي اثناء النزهة .. و سنتحد فور ان يحاول احدهم إيذاء واحد منا ..!
كان ذلك ليكون ممتعاً و سعيداً .. في ظل والدين يضحكان على تصرفاتنا الطفولية و يدعمانا في اتخاذ القرارات .. و كذلك .. يحتضناننا إن شعرنا بالحزن أو الألم ..!
لكن .. كل ذلك تلاشى و بات مستحيلاً .. فور ان كتبت شهادات وفاتهما ..!
لهذا .. ريكايل الآن يعاني وحده .. في الوقت الذي هو بأمس الحاجة لأبوين .. لم يكن هناك أحد ليحل محلهما ..!
انه قدرنا .. رغم انه قاسٍ لكن لا مكننا الاعتراض عليه ..!
شعرت أن الجو حولي سكن .. كان الظلام يحيط بي .. أهي نهاية حلمي السعيد ؟!.. هل سأستيقظ الآن ؟!..
رفعت رأسي و نظرت لمن وقف أمامي ..!
أمي و ابي ..!
في وسط ذلك الظلام .. كنا نحن الثلاثة فقط ..!
لا صوت .. السكون يعم الجو ..!
كانت عينا امي الخضراوان تذرفان الدموع .. الأسى بكل ما فيه رسم فيهما .. بينما ابي وقف قربها وهو يربت على كتفها وقد قربها نحوه .. وجهه يظهر الألم و الحزن و العجز ..!
انهما يدركان الحقيقة .. يدركان ما نحن فيه من ألم الآن .. يدركان كم نحتاج لهما هنا ..!
دمعت عيناي حينها .. اقربت منهما أكثر و أنا أقول : ريكايل مريض .. لقد اجرى عملية جراحية خطره .. قسطرة قلب .. بالتأكيد تعرفانها ..! انا لا استطيع فعل شيء له .. أنا عاجز كما انتما .. لكن ..!
سالت دموعي حينها .. كانا يحدقان بي .. يستمعان بإنصات .. رغم انهما يعرفان ما سأقوله الآن ..!
تابعت حينها بصوت مكتوم : لكن .. ريكايل يحتاجكما .. انتما من يمكنه ان يشجعه و يسانده ..! أنا لن اشكل فرقاً .. في النهاية .. أنا لم اعرف ريكايل إلا منذ بضعة اشهر ..! هل تعلمان كم من الصعب على ريك ان يعيش هذا الألم النفسي و الجسدي ؟!.. وجودكما كان ليمحي نصف هذا الألم ..!
شعرت بالأختناق حينها و قد طأطأت رأسي : لما ؟!.. لما رحلتما باكراً ؟!.. لما لم تبقيا معنا ؟!.. لما تركتمانا بهذه السرعة ..!
شعرت بأمي تحتضني بشدة .. صوت بكائها بدا مسموعاً لي رغم انها تحاول كتمه ..!
لقد بكيت حينها .. أدركت انها عاجزة مثلي بل و أكثر .. تمتمت حينها من بين بكائها : و هل تعلم أنت كم تمنيت لو كنت معكما ؟!.. كم تمنيت أن اسمع كلمة أمي منكما ؟!.. انا لم أختر هذا ..! أنه قدري ان اموت بعد إنجابكما بساعات ..! أنتما زهرة حياتي .. لكني رحلت قبل ان ارعى تلك الزهرة ..! لكن لينك .. أنا احبك .. و أحب ريكايل ..! لقد احببتكما طيلة الفترة التي قضيناها معاً .. قد تبدو قصيرة لكما .. لكنها تسعة اشهر بالنسبة لي ..! لقد غنيت لكما و حكيت القصص .. كنت متشوقة للقائنا .. كنت سعيدة حين حملتك بين ذراعي للمرة الأولى .. كنت سعيدة حين قبلت وجنت ريكايل .. أردت أن افعل هذا مراراً و تكراراً ..! لكن .. هذا لم يكن بيدي ..!
كان ابي هو الآخر قد اقترب مني و ربت على كتفاي وهو يقول بحزن : لا استطيع ان اضيف أكثر على كلام امك ..! أنا ايضاً أحبك لينك .. و أحب ريكايل ..! لقد اردت حقاً رعايتكما .. كنت مستعداً كي اعمل أعمالاً إضافية كي احصل استطيع تأمين كل شيء لأطفالي ..! كنت متشوقاً لذلك اليوم حقاً ..! لينك .. أنا و أمك لا نستطيع فعل شيء لريكايل ..! لكن أنت تقدر .. أنت لا زلت بقربه لينك .. عليك أن تشجعه و تدعمه ..! كن بقربه دوماً ..! قد لا يبدو ذلك مفيداً بالنسبة لك لكنه يعني الكثير بالنسبة لريك ..! ذلك لأنك أخوه الأكبر .. و أسرته الوحيدة ..! وجودك بقربه سيريحه ..! أنه يثق بك لينك .. انه يشعر حقاً بأنك أخوه الأكبر و المسؤول عنه .. لكنه لا يريد أن يثقل عليك بهذا ..! مسؤوليتك هي البقاء بقربه في هذه الظروف الصعبة ..! أنا واثق ان ريك ان رآك .. سيكون سعيداً جداً ..!
اردفت امي حينها و قد ابتعدت عني برفق : أهتم بريكايل .. فهو أخوك الأصغر يا بني ..!
ربت والدي على كتفي و تابع : انها وصيتنا لينك .. أعتني بريكايل من أجلنا ..!
وصيتهما .. ريكايل هو وصية والداي ..!
تمتما حينها وهما يتلاشيان من أمامي : نحن نحبكما إلى الأبد ..!
و هكذا .. بقيت وحدي في تلك الظلمة ..!
تمنيت أن ذلك الحلم لن ينتهي لكن .. علي العودة للواقع .. فريكايل يحتاجني هناك ..! ]]]
.
.
.
............................................
كانت تلك نصف ساعة التي قضيتها بالتفكير بعد ان استيقظت من نومي .. كنت خلالها استعيد لحظات حلمي بما فيه و قد بت اعرف اكثر عن والداي و شخصيتهما ..!
أو بالأخص .. عرفت اصواتهما على الأقل ..!
و الأهم .. مشاعرهما نحونا ..!
لقد طلبا مني الاهتمام بريك .. لا يعني هذا رعايته بالمعنى الحرفي لكن الرعاية النفسية هي المقصد ..!
ريكايل الفتى اليتيم الذي عاش طفولة صعبة بين جدران اليأس و الذي كبر محاطاً ببيئة سيئة يصعب على احدهم تحمل اذاها .. و ما إن خرج من ذلك السجن المسمى مدرسة حتى اتاه سجن المرض الذي كان كالقيود تمنعه من الكثير من الأشياء .. إضافةً للأيام الطويلة التي يقضيها في المشفى ..!
أي شخص عاش هكذا .. كان سيمرض نفسياً بالتأكيد .. لكن لدى أخي الأصغر عزيمة قوية و رباطة جأش لا تهز ..!
اصدقكم قولاً .. اعتقد ان ريك صمد كل هذه المدة لأنه يعلم انه لا يجب أن يستسلم فهناك من هم بحاجة إليه ..!
ففي المدرسة الداخلية .. كان قوياً من أجل بيير ..! و رغم مرضه بقي قوياً من أجل أطفال الملجأ الذي كان راتب عمله يذهب إليهم في ذلك الوقت ..!
لقد كانوا بحاجة لقوته لكن .. هل يحتاج رايل قوة و تشجيع أحدهم ؟!..
يفترض أن تكون مهمة والداي .. إلا انا باتت مهمتي من بعدهما بحكم اني الأخ الأكبر ..!
حتى في حلمي .. كنت احتمل تصرفات ريك لأني الأخ الأكبر على حد قول ابي ..!
ابتسمت بهدوء حينها .. هذا هو معنى ان تكون الأخ الأكبر ..!
تركت سريري في تلك اللحظة و اتجهت إلى النافذة التي تبعد عنه مترين فقط فتلك الغرفة صغيرة جداً ..!
لم يتم وضعي في غرف جماعية خشيت ان يتعرف علي احدهم ..!
كنت انظر إلى حديقة المشفى من غرفتي في الطابق الثاني وقبل أي ان تطرأ أي فكرة إلى رأسي فتح الباب فجأة ..!
التفت حالاً ناحيته لأجد ليونيل الذي كان يلهث بتعب وقد كان يرتدي بنطالاً اسود مع كنزة رمادية قطنية ..!
نظر ناحيتي و هو يسحب انفاسه .. بقي يحدق بي للحظات بينما لم استطع ان اجد سبباً لدخوله المفاجئ هكذا ..!
أخذ نفساً نهائياً عميقاً لحظتها ثم تمتم : أنت هنا بالفعل ..!
لم انطق بل بقيت صامتاً للحظات .. تقدم هو قليلاً و أغلق الباب من خلفه : تبدو بخير .. قالت كيت انك تشاجرت مع احدهم ..!
ما به يبدو قلقاً و متوتراً ؟!..
اشاح بوجهه قليلاً عني : هل اصابتك بخير ؟!..
قطبت حاجبي باستنكار :أأنت قلق بشأني ؟!.. لست مضطراً لذلك ..!
بدا ان كلامي لم يعجبه فقد نظر ناحيتي بحدة : انه امر يخصني أن أقلق على من أشاء ..!
عدت انظر من النافذة و أنا أقول : اطمئن .. انا بخير و سأخرج صباح الغد ..!
بقي الوضع ساكناً لفترة ..!
اني اواجه صعوبة في محادثة ليو في الفترة الماضية ..!
الحقيقة اني اشعر بالانزعاج لأنه اكتشف امر مارسنلي بنفسه بينما كنت انوي اخباره بنفسي .. ما يزعجني أكثر هو ان يعتقد اني كنت أخدعه طيلة تلك المدة التي عرفته فيها ..!
مضى ذلك الصمت لدقائق قبل ان ينطق هو بهدوء : صحيفة ابي في وضع حرج ..!
ببرود دون ان انظر إليه : آه حقاً .. ليس لديهم أخبار مثيرة ..!
- هذا هو السبب .. لذا ابي يبحث عنك ..!
التفت ناحيته و قلت بحدة بسيطة : و ها أنت عثرت علي فلما لم تخبر أباك بعد ؟!.. دعني أحزر .. جئت لطلب الإذن مني ؟!.. بادرة رائعة ..! افعل ما تشاء فأنا لن أرجوك ألا تخبره ..!
- أحمق !!!!!!!!!..
هكذا صرخ بي في تلك اللحظة مما صدمني : ماذا ؟!!!!!..
نظر ناحيتي بغضب و صرخ : هل تعتقد أني سأحدثه عنك ؟!!.. حتى لو كان أبي سيطرد من عمله فأنا لن أشي بك !!..
اتسعت عيناي من جملته الأخيرة بينما بانت لي تلك الحبات اللؤلؤية السائلة في عينيه و قد طأطأ رأسه وهو يتمتم بنبرة متألمة و مقهورة : في النهاية .. كل من أبي و أمي فكر في نفسه .. بحث عن شريك آخر .. قرر تشكيل عائلة جديدة دون أن يفكروا بي !!.. صحيح أنهما ارادا مني العيش معهما .. لكن ذلك لم يكن من قلبيهما !!.. لم يريداني حقاً فأنا ذكرى من الشريك السابق ..! يعتقدان أني لم اسمع .. لقد سمعت والد لوسيان وهو يشكي مني أكثر من مرة بينما كانت أمي تجيبه بأنها فترة مؤقتة فقط قبل أن أكبر و اتدبر أمر العيش وحدي ..! كانت تخشى ان يغضب زوجها أكثر بسببي !!.. حتى أبي .. تظاهرت بالنوم بينما كنت استمع اليه يحدث خطيبته بالهاتف قبل زواجهما .. قال اني سأبقى فقط للنوم و الأكل و ليس عليها ان تلقي لوجودي بالاً .. لن أشكل أي عبء عليها و لن أؤثر إطلاقاً على علاقتهما ..! في الوقت الذي تخلى عني والداي فيه .. حين كنت وحيداً اجلس فوق ركام الثلج بينما المزيد منه يتساقط من السماء وقد كاد يجمد قلبي و روحي ظهرت أنت .. فتحت بيتك لي .. تحملت أنانيتي و تصرفاتي الطائشة و اسلوبي الفض !!.. رغم اني كنت دوماً ما اتشاجر معك حتى أني أغرقتك بالماء البارد في منتصف الليل ..! تحملت كل هذا و لم تطردني !!.. أنت استقبلتني بينما والداي لم يفعلا !!.. هل تظن أني سأفضل الرجل الذي سعد بالتخلص مني عليك ؟!..
كانت صدمتي بذلك الكلام الذي نطق به و الذي خرج مباشرة من قلبه إلى لسانه كبيرة .. حتى اني لم املك ردة فعل بل بقيت جامداً أحاول استيعاب ما سمعته ..!
تقدم ناحيتي قليلاً ليتابع كلامه او مصارحته تلك : حين أتصل هاري ليسأل عنك قال أن ريكايل مريض .. اسرعت أنا و كيت إلى هنا ..! ريك في غرفة العمليات و أنت لا تجيب على الهاتف ..! لم يكن مني إلا ان خرجت أركض في الشوارع و أسأل الجميع عنك .. لقد شعرت بالضياع و الوحدة فجأة فأنت و ريكايل كنتما في حالة لا اعلم بها و ذلك الوضع كان ثقيلاً علي للغاية !!.. لم ادرك أني تعلقت بكما إلى تلك الدرجة .. كنت أشعر بأني فقدت شخصاً من اسرتي ..! ما ادركته في النهاية أنكما اسرتي فعلاً !!..
اقترب اكثر مني وقد سالت تلك الدموع بسلاسة على وجهه .. لقد كانت صادقةً بحق ..!
وفور ان صار امامي مباشرة وضع رأسه على كتفي بينما احدا يديه قد تشبثت بقميصي ..!
بدا واضحاً انه يحاول كتم بكائه : انا لن أشي بك .. اردت قول هذا منذ زمن .. أنا اثق بك ..! حتى لو كنت ابن مارسنلي المختفي فهذا لا يهم ..! المهم انك لينك فقط !!.. لينك الذي لا أريد فقدانه مهما حدث !!.. حين اختفيت فقط .. عرفت كم أنت مهم بالنسبة لي !!..
مشاعر غريبة اجتاحتني .. كانت دافئة بشكل غريب .. لم اعلم ان ليونيل رقيق القلب هكذا .. لقد أخرج ما في قلبه حقاً ..!
كان يكتم هذا طويلاً .. منذ عرف بالأمر بقي يكتمه في صدره بسببي .. أنا الذي لم اعطه فرصةً ليخرج ما في قلبه ..!
لم يكن مني إلا أن عانقته حينها و أنا أهمس له : أنا أيضاً آسف .. لأني شككت بك .. و لأني اخفيت الحقيقة عنك .. و لأني لم استمع إليك ايضاً ..! اطمئن ايها الأخ الصغير المشرد المزعج .. أنا لن اتخلى عن فرد من اسرتي إطلاقاً ..!
أجل .. منذ فتحت لليو بابي .. أصبح واحداً من عائلتي ..!
قد يكون ريك هو اسرتي الوحيدة في الواقع .. لكني أملك عائلة أكبر من ذلك بكثير ..!
....................................
كنت قد بدلت ملابسي و أبعدت تلك العصابة عن رأسي : أنا جاهز الآن ..!
قطبت كيت حاجبيها باستغراب : لما بدلت ملابس المشفى ؟!..
ابتسمت بهدوء حينها : لا أريد من ريكايل ان يقلق إن رآني بها ..!
ربت ادوارد على كتفي حينها : أنت الوحيد الذي سيسمح له برؤية ريك اليوم .. لذا يجب ان تكون إيجابياً مهما حدث ولا تحزنه ..!
أومأت موافقاً يجب أن ابذل جهدي من هذه الناحية ..!
دخل ادوارد منذ قليل ليقول أنه يمكن لأحدنا زيارة ريك هذا المساء .. واحد فقط ..!
كيت و ليو و بيير الذين كانوا موجودين في ذلك الحين قاموا بترشيحي .. حتى ان ذلك الأخير ابتسم و قال انه يستطيع الصبر لرؤية ريك بينما أنا لن استطيع ..!
بصراحة .. أنه محق ..!
سرت مع ادوارد مغادراً الغرفة و مبنى العظام بأكمله إلى مبنى طب القلب و مباشرة إلى غرفة اخي في العناية المركزة التي سيبقى فيها للأيام الثلاث القادمة حتى يتأكدوا من أن العملية حققت نجاحاً كاملاً ..!
وقفت امام باب الغرفة .. اشعر بالخوف .. و لكن اشعر بالسعادة في الوقت ذاته ..!
- هيا .. ادخل .. لكن تذكر .. لا تستطيع البقاء اكثر من عشر دقائق فريكايل يحتاج للراحة اكثر من أي شيء الآن ..!
اخذت نفساً عميقاً : حاضر ..!
فتحت الباب و دخلت إلى تلك الغرفة مغلقاً إياه من خلفي ..!
كنت أغمض عيني .. لكني فتحتهما حينها لأرى تلك الغرفة الصغيرة المليئة بالأجهزة حول ذلك السرير الأبيض ..!
كان السرير منحنياً بينما كان ذلك الفتى يسند ظهره إلى تلك المخدة الكبيرة ..!
هناك بعض الأسلاك من الأجهزة تدخل في ثقوب خاصة بملابسه من جهة الصدر لتثبت حساسات النبض و غيره .. النافذة كانت قرب السرير .. وقد كان ينظر إليها شارد الذهن .. ظهرت السماء البرتقالية معلنة بداية غروب شمس اليوم .. سحل الظلام خلال نصف ساعة فقط .. صوت جهاز قياس القلب هو الصوت الوحيد في تلك الغرفة ..!
تقدمت بضع خطوات فلفت انتباهه صوت خطواتي فالتفت ناحيتي بنظرات ساكنة تماماً .. عيناه الخضراوان تعكسان الضوء البرتقالي الذي ملأ المكان ..!
شعره مبعثر على غير العادة .. لكنه يناسبه بطريقة ما .. وجهه شاحب مصفر .. مه هذا تلك الابتسامة اللطيفة رغم صغرها طغت عليه ..!
اقتربت اكثر حتى وصلت للسرير وقد دمعت عيناي و دون ان انطق احتضنت رأسه بهدوء .. علي ان احافظ على رباطة جأشي حتى لا أؤثر عليه ..!
هو الآخر لم ينطق .. بل أغمض عينيه بهدوء و رفع يده الذي اتصل ابها انبوب التغذية ليضعها على ظهري و يتشبث بقميصي ..!
بقي هذا الوضع للحظات فقط .. ابتعدت عنه قليلاً و قد قبلت جبينه حينها و ابتسمت : مبارك نجاح العملية .. سعيد لسلامتك ..!
اتسعت ابتسامته الصغيرة و قد عاد ليستند إلى الوسادة الكبيرة خلفه و بصوت مرهق مبحوح بالكاد يسمع : شكراً لك أخي ..!
- لا شكر بين الأخوة .. كيف تشعر الآن ؟!..
- اتريد الحقيقة ؟!..
- أجل ..!
- اشعر اني نجوت من الموت ..!
قطبت حاجبي و باستياء بسيط : كم مرة أخبرتك أن لا تتفوه بهذا الكلام ؟!..
كتم ضحكته حينها : لكنك طلبت الحقيقة ..!
لحظتها أغمض عينيه بشدة مما أركبني فأمسكت بيده بسرعة : ما الأمر ؟!..
تمتم بصعوبة و بلا نفس : الأكـ .. ـسج ..!
لم يكمل لكني فهمت انها الأوكسجين وما أن نظرت حولي حتى رأيت قناع الأكسجين بالقرب منه فالتقطته و ساعدته على وضعه ..!
أخذ يلهث حينها قبل ان يأخذ نفساً عميقاً و يفتح عينيه ..!
أقلقني هذا حقاً : أأنت بخير الآن ؟!.. هل استدعي أدوارد أو احدهم ؟!..
أومأ سلباً بهدوء و ابتسم مجدداً : لقد رأيت حلماً ..!
هو أيضاً ؟!!!..
ابتسمت مجدداً : أي نوع من الأحلام ..!
اخذ يفكر للحظات قبل ان يقول و قد عاد ينظر من النافذة و بصوته المبحوح الخافت : لقد رأيت اني في غرفة مظلمة .. قبل ان يظهر نور من مكان ما .. و حين نظرت إلى تلك الناحية رأيتهما ..!
التفت ناحيتي و أكمل : رأيت امي و أبي ..!
اتسعت عيناي قليلاً لكني اخفيت ارتباكي : و ماذا حدث بعدها ؟!..
اغمض عينيه بهدوء و هو يتمتم : تحدثت إليهما .. قالا أنهما معي دوماً .. و أن علي أن لا أيأس مهما حدث معي ..! لقد قالا الكثير مما لا أذكره .. لكني اتذكر كيف كانا يبتسمان لي بلطف ..!
لم اعرف كيف أعلق ؟!.. لكن الأمر جيد نوعاً ما .. على الأقل يبدو ان هذا الحلم قد اسعده ..!
ابتسمت حينها لأمسك بيده و أقول : حتى و إن لم يكونا معنا .. هما في قلبينا دوماً ..!
نظر إلي وهو يقول : هذا صحيح ..!
تركت يده و وقفت حينها : إذاً أخي .. خذ قسطاً كافياً من الراحة ..! علي ان اتركك الآن ..!
أومأ إيجاباً .. أنه مرهق حقاً لذا لم يعترض على مغادرتي رغم انها كانت خمس دقائق فقط ..!
خرجت بعدها و ما إن خطوت خطوتين فقط حتى كان ادوارد امامي يخرج من إحدى غرف المرضى ..!
نظر إلي باستنكار : غريب .. غادرت بسرعة ..!
تنهدت بهدوء : المهم اني رأيته .. أنه بخير و صحته النفسية تبدو جيدة .. ماذا أرجوا اكثر من هذا ؟!..
ابتسم لي لحظتها : دعني اضف ان فحصه الأول منذ استيقظ اليوم كان مبشراً ..!
مررت بقربه و أنا أقول : اهتم به من أجلي ..!
تجاوزته بمسافة فهتف بجد : لا احتاج توصيتك في هذا ..!
لم استطع اخفاء ابتسامتي في تلك اللحظة ..!
شكراً ادوارد .. شكراً انيتا .. شكراً هاري .. شكراً ليديا .. شكراً ليو .. شكراً كيت .. شكراً بيير .. لأنكم بقيتم معنا و اهتمتم بأمرنا ..!
...............................................
أنتهى البارت هنا


كيف حالكم ؟!..

اعتذر عن هذا التأخير الكبير و الذي كان بسببب سفري .. و منذ عودتي بقيت اكتب احداث البارت حتى انهيتها مساء الأمس فقط ..!

سأترك لكم حرية التعليق على البارت

بالنسبة لمن يسأل عن تنزيل البارتات في رمضان .. سيكون هذا حسب تفرغي


في حفظ الرحمن


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-08-13, 07:07 PM   #20

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 17


ان الأمور الجيدة تستمر بالتوالي منذ الصباح .. و الأهم أن الخلاف الذي بيني و بين ليونيل زال إلى الأبد ..!
ستكتمل سعادتي حين يسترد ريكايل عافيته أيضاً ..!
قبل ذلك .. علي انا ان استرد عافيتي .. فها أنا لا استطيع السير بلا عكاز .. قبل قليل عند رايل تركت العكاز بجانب الباب حتى لا يسألني عنه .. كان السير صعباً بدونه لكن جيد ان ريك لم ينتبه لحركتي البطيئة المعوجة بسبب كاحلي الملتوي ..!
علي ان اعود لفراشي .. فقد بدأت أشعر بالإنهاك ..!
و ها أنا وصلت إلى الممر الذي توجد غرفتي في نهايته .. لكن احدهم خرج منها فجأة و سار ناحيتي بخطوات هادئة و هو يحدق في الأرض و كأن هموم الدنيا على رأسه ..!
توقفت في مكاني منتظراً ان تنتبه لي فقد بدت شاردة الذهن .. لكنها بعد لحظات رفعت رأسها و توقفت عن السير ..!
نظرت ناحيتي و قد تغيرت نظرة الحزن إلى حيرة و ألم وهي تحدق بي ..!
كدت ان انطق لكن لساني شل حين رأيت حبات اللؤلؤ السائلة تتجمع في عينيها و هي تمتم : ايها الأحمق !!.. انت و أخوك لا تتوقفان عن أثارة قلقي !!..
لم أعرف كيف أجيب عليها لكنها تقدمت اكثر ناحيتي حتى اصبح الفاصل بيننا متراً و حينها قطبت حاجبيها لتقول وهي تنظر إلى تلك الضمادات و إلى العكاز بيدي : ماذا حدث لك ؟!..
ابتسمت ببلاهة و توتر : سقطت من الدرج ..! هل أتيت لزيارتي ميشيل ؟!.. هذا نادر ..!
أشاحت بوجهها عني و لازلت دموعها ملتصقة بجفنيها وهي تقول : كنت اريد زيارة رايل .. حين قالوا ان ذلك غير ممكن علمت انك هنا أيضاً .. لذا فكرت بالمرور عليك ..!
بقينا صامتين للحظات و أنا لا اعلم ما يمكن قوله .. لكن قلبي كان ينبض بهدوء .. هذا ما تشعر به حين ترى احدهم قلقاً عليك ..!
و لا أخفيكم .. عينا ميشيل فضحتاها تماماً و هي تحدق بي قبل قليل و قد ارتسم فيهما القلق الجسيم ..!
رفعت رأسها ناحيتي و هي تمتم و كأنها مترددة فيما ستقوله : هل .. هل رأيت رايل ؟!..
شددت على مقبض عكازي و أنا أومأ إيجاباً فعادت لتقول : كيف حاله إذاً ؟!.
أخذت نفساً عميقاً و أجبتها : مبدئياً هو بخير .. و صحته النفسية جيدة أيضاً ..! و لكن كما تعلمين .. العملية التي أجراها ليست بتلك السهولة لذا هو يحتاج وقتاً كي يتعافى كلياً ..! رغم ذلك اطمئني .. الدكتور مارفيل يقول أن نتائج فحصه مبشرة ..!
رفعت يديها لتغطي عينيها بظهر كفها و قد انحدرت تلك الدموع على وجنتيها أخيراً : انه بخير إذاً ..!
هكذا تمتمت و قد سارت إلى كرسي قريب لتجلس عليه و تغطي وجهها بكفيها و قد بدأت تبكي بهدوء ..!
لقد كانت خائفة .. خافت أن يكون في حالة خطرة .. هي لن تحتمل أن يحصل لريك أي مكروه .. فبعد وفاة والدتها بات هو سندها في هذه الدنيا .. و هذا البكاء الصامت هو فقط تنفيس عما كانت تكتمه منذ علمت بما حدث لرايل .. بما أنه بخير فيمكنها أن تتفرغ للبكاء الآن ..!
اقتربت منها و وقفت امامها لأقول : لقد انتهى وقت الزيارة قبل قليل و على الزوار مغادرة المشفى .. عودي للمنزل و خذي قسطاً من الراحة .. و أبلغي جوليا أن ريك بخير .. أعلم أن قلقها لا يقل عن قلقك ..!
ابعد يديها عن وجهها الذي غسلته الدموع و أومأت إيجاباً ..!
وقفت حينها و نظرت إلي بهدوء : و أنت أيضاً اهتم بنفسك .. أن مرضت انت فمن سيحرص على صحة ريكايل ؟!..
ابتسمت لها حينها : اطمئني .. سأخرج في الصباح ..!
ظهر شبح ابتسامة صغير على وجهها و هي تسير لتغادر المكان دون أن تنطق بحرف ..!
أنا أيضاً علي ان اعود لغرفتي ..!
لقد اتصل بي ايثن خلال النهار .. و سألني عن سبب تغيبي بالأمس و اليوم ..!
أخبرته أن ريك أجرى عملية و أنه لزمني أن أكون بقربه .. طلبت منه أن يخبر البقية انه بخير و لا داعي لقلهم ..!
رغم ذلك .. ضل يسألني عن حاله و عن حالي كذلك بقلق ..!
بالنسبة لي .. ايثن بات من أكثر الأشخاص الذين ارتاح لوجودهم .. فرغم أني لم أحدثه بالحقيقة خلفي و رغم اننا لا نعرف كثيراً عن بعض إلا أني اطمئن بمجرد رؤيته ..!
اعتقد انه صديق لا يعوض بثمن ..!
دخلت الغرفة و لم أجد أحداً .. لقد غادروا بالتأكيد فوقت الزيارة يكاد ينتهي .. أجزم بأنهم ضنوا أني سأبقى طويلاً مع رايل ..!
عموماً ذلك لا يشكل فرقاً .. أشعر بالنعاس و أريد أن أنام بعمق تام ..!
..............................................
سمح لي بالخروج من المشفى صباح اليوم التالي مصاحباً لعكازي الذي سيرافقني لثلاثة أيام قادمة على الأقل ..!
عدت للمنزل برفقة ليديا التي اصرت على اصطحابي بنفسها بعد أن قالت أنها توصية من لوي الذي كان يتحدث إلي بالهاتف في الصباح الباكر ليعرف آخر أخباري ..!
و في المنزل .. كانت خالتي التي عادت في الليلة السابقة من عملها .. و على غير العادة قالت أن ذهابها للمشفى لن يفيد بشيء ما دامت لا تستطيع رؤية رايل الذي لم يسمح بزيارته بعد ..!
في اليوم التالي ذهبت للمدرسة وقد قررت أن علي أن ادرس باجتهاد من الآن حتى استطيع شرح الدروس لرايل حين يخرج من المشفى ..!
ايثن .. ماكس .. سام .. جميعهم قرروا المساعدة في هذا ..!
ريا أيضاً .. بما انها تصغرنا بسنة فنحن متقدمون عليها علمياً .. لكنها اصرت على تقديم المساعدة بأي طريقة ممكنة ..!
جميع من في المدرسة كان يسأل عن رايل و صحته يومياً .. علي أن أتحمل كوني توأماً لفتى محبوب من الجميع ..!
لم تمض بضعة أيام حتى تلقيت اتصالاً من ينار التي شرحت لها ليديا وضع ريكايل الحالي .. كانت قلقة عليه لكنها أذهلتني بثقتها الكبيرة به حين قالت أنه قوي و سيتغلب على هذه المحنة .. في الحقيقة أنا لم أكن بنصف ثقتها حتى ..!
كانت مصرة على الاعتذار لرايل قريباً .. لكني طلبت منها أن تأجل الأمر بعض الوقت حتى تتحسن صحته فمن الخطر أن تظهر له فجأة و تقول أنها آسفة في ظل هذه الظروف ..!
بعد مضي اسبوع خرج اخي من العناية المركزة و قد تحسنت صحته الجسدية .. و لكي تتحسن صحته النفسية فتحت الزيارة له بعدما كانت تقتصر على أفراد العائلة .. و مقصدي بأفراد العائلة هو أنا .. بيير .. كيت .. ليونيل .. هاري و ميراي ..! لا تستغربوا فنحن بتنا عائلة كبيرة دون أن نشعر ..!
بالنسبة لإدوارد و أنيتا فهذا مكان عملهم في النهاية ..!
و بالطبع لا أنسى ميشيل و جوليا بحكم أخوتهما لريك بالتربية ..!
آه بالمناسبة .. سألت جوليا عن ماثيو .. كادت تقتلني بنظراتها لكنها قالت بعدها بلا اهتمام أنه عاد لزيارة الملجأ كما في السابق .. يبدو أنه قرر أن يبدأ من جديد ..!
أنا أيضاً كنت أزور الأطفال كثيراً لأعوضهم عن زيارة ريكايل .. و بعد أن فتحت الزيارة قاموا بزيارته على مجموعات صغيرة تتشكل من فردين حتى لا تعم الفوضى بسبب كثرة الأطفال في الغرفة ..!
كانت هذه خطوة جيدة فريك كان سعيداً للغاية بهم ..!
أيضاً .. سكان العمارة .. كل قام بزيارته و احضار الهدايا .. حتى السيدة سارا زوجة السيد جوناثان و والدة آركيف قدمت لرؤيته في يوم أجازتها ..!
رغم أنهما لم يلتقيا إلا مرةً واحدة في السابق لكن ريك كما قالت يدخل القلوب بلا استئذان مما جعلها تصر على رؤيته حين علمت بما حصل ..!
أكثر الزوار كان إزعاجاً لي هو يوجين الذي كان يتجاهلني بشكل واضح و كأنه يقول " لا شأن بي بما حدث لك " ..! و في المقابل كنت اكتم غيضي غير قادر على قول شيء له حتى لا يتساءل البقية عما حدث !!..
لكن .. خلال الفترة الماضية تحسنت علاقتي ببيير كثيراً .. لا أعلم كيف لكن أعتقد أننا بتنا نفهم بعضنا أكثر .. و ربما قضاء هذه المدة معاً في المنزل دون ريك هو ما قربنا لبعضنا بهذه الطريقة .. خاصة أن ليو عاد لغرفته و قام بطرد بيير مجدداً مما جعله ينتقل لغرفتي ..!
و بعد اسبوع آخر من تحسن صحة رايل أكثر بدأت أشرح له بعض الدروس المهمة التي فاتته .. كما قدم بعض الأساتذة من المدرسة لزيارته و قدموا ملخصات للدروس حيث يمنه فهمها من مجرد القراءة ..!
اعتقد .. لو كنت أنا المريض لما حظيت بهذا .. لكن كما أقول دائماً ريك ودود مع الجميع .. لذا الجميع ودودون معه ..!
استمر الوضع هكذا حتى مر شهر و نصف .. و أخيراً سيسمح لريكايل بمغادرة المشفى خلال هذا الأسبوع ..!
.................................................. ......
خرجت من المدرسة برفقة سام و ريا بعد ان ودعنا ماكس و ايثن عند البوابة ..!
بسعادة سألت سام : بما ان ريك سيخرج اليوم .. متى سيعود للمدرسة ؟!..
أجبتها بابتسامة : قال الدكتور مارفيل انه يستطيع ان يأتي للمدرسة مطلع الأسبوع القادم ..!
- لا زلنا في أول يوم من هذا الأسبوع .. كم هو محبط ..!
- لقد صبرت طيلة المدة الماضية .. يمكنك الصبر اسبوعاً آخر ..!
- ريك هو الوحيد من المجموعة في صفي لذا افتقده بشدة ..!
التفت ريا ناحيتي باستغراب : لقد توقعت ان تتغيب اليوم حين قلت ان ريكايل سيخرج في الصباح ..!
- كنت انوي ذلك .. لكن خالتي قالت انها ستصحبه بنفسها و انه لا داعي للقلق ..!
قبل ان اقول كلمة أخرى امسكت سام بيد ريا و سحبتها ناحية المنعطف وهي تقول : و الآن إلى اللقاء لينك .. أوصل سلامي لريك ..!
اشرت إلى الطريق و أنا أقول : منزل ريا من هناك ..!
- ستتناول الغداء عندي .. أم أنك تريد ان تصحبها بنفسك ..!
احمر وجه تلك المقصودة بينما قطبت حاجبي بهدوء : سام كفي عن هذا ..!
ضحكت بخفة و لوحت لي وهي تبتعد : إلى اللقاء ..!
نظرت إلي ريا بابتسامة صغيرة : نراك غداً في المدرسة ..!
ودعتهما و سرت لمتابعة طريقي ..!
وصلت للعمارة وفور ان دخلت كانت لين مع لوسيان في استقبالي وقد هتفت بسعادة و هي تمسك بطرف كم سترتي : لقد عاد رايل للبيت ..!
ابتسمت لها و ربت على رأسها : هل رأيته ؟!..
أومأت إيجاباً بسعادة : أجل .. و ماما تقول أننا سوف نقيــ ...!
قاطعها لوسيان بأن وضع يده على فمها حالاً و هو يهمس لها بصوت مسموع : لين أنسيتي ؟!.. لقد أخبرونا ان نبقي الأمر سراً ..!
بدا انها تذكرت فنظرت إليه بعد أن ابعد يده وهي تمتم : لقد نسيت !!..
استنكرت الأمر لكني قلت حينها : حسناً يا صغار .. أراكم فيما بعد ..!
سرت ناحية البوابة و استقللت المصعد في الحال .. لا وقت لصعود الدرج إلى الدور الخامس ..!
وصلت إلا هناك و اسرعت ناحية شقتي .. لقد كانت هادئة في الفترة الأخيرة فالجميع يقضي وقته عند ريك في المشفى ..!
فتحت الباب وهتفت : لقد عدت ..!
اتجهت لغرفة الجلوس و حين دخلت : أهلاً بعودتك ..!
كانت هذه خالتي ميراي التي كانت تجلس على تلك الأريكة لشخصين و بجوارها كان أخي الأصغر بينما كان كل من بيير و كيت يجلس على اريكة أخرى و قد كانوا يحتسون الشاي ..!
و بالطبع .. كيت متغيبة عن المدرسة اليوم ..!
نظر إلى ريك بابتسامة : أهلاً بعودتك ..!
ردها لي بابتسامة صغيرة فقط ..!
وقفت خالتي وهي تقول : هيا لينك .. اذهب و بدل ملابسك لتساعدني في اعداد الغداء ..!
بملل تمتمت : الن تمنحيني بعض الوقت للبقاء مع أخي ..!
امسكت بكتفي و سحبتني إلى خارج الغرفة : ما يحتاجه أخوك الآن ليس الثرثرة معك بل طعام صحي يقوي جسده ..! هيا أمامي الآن ..!
التفت لكيت بابتسامة لطيفة و أردفت : ما رأيك أن تساعديني ايضاً كيت ؟!..
لوهلة اظن اني لمحت ابتسامة صغيرة على وجهها وهي تومأ إيجاباً و تسرع خلف خالتي إلى المطبخ ..!
ان كيت و ميراي تبدوان مقربتان في الفترة الأخيرة أكثر من السابق .. رغم ان كيت لديها عداوة ضد الفتيات إلا أنها تقبلت ميراي ..!
ذهبت لأبدل ملابسي لأساعدهم أنا أيضاً ..!
بعد قليل سيعود ليو من المدرسة و هاري من العمل و حينها سيكون هذا هو وقت تناول الغداء ..!
.................................................. ............


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:12 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.