آخر 10 مشاركات
بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          ابو قلب حجر (الكاتـب : Maii Algahez - )           »          مشاعر على حد السيف (121) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : salmanlina - )           »          نصال الهوى-ج4من سلسلة لعنات العشق-قلوب زائرة-للكاتبة:إسراء علي*كاملة+رابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          عواطف متمردة (64) للكاتبة: لين غراهام (الجزء الأول من سلسلة عرائس متمردات)×كاملة× (الكاتـب : Dalyia - )           »          14- الزواج الابيض - نيرينا هيليارد - ع.ق ( نسخه اصلية بتصوير جديد ) (الكاتـب : angel08 - )           »          22 - المجهول - ايفون ويتال - ق.ع.ق (الكاتـب : hAmAsAaAt - )           »          116 - أريد سجنك ! - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : angel08 - )           »          457 - الحب خط أحمر ـ تريش وايلي ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-02-13, 10:02 PM   #21

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي






- 20 - رقصة كولومبين =



ارتفع صوت زامور سيارة والدها ، يخبرها أن موعد الانطلاق حان ، تقدمت من المرآة وألقت نظرة خاطفة على شكلها ، بدت في ثوبها الأحمر وشعرها الذهبي ، كأميرة قادمة من بلاد القصص البعيدة والخيالية !! رفعت يدها بحركة سريعة تدفع شعرها وتتأكد منه . كانت قد ذهبت إلى مصفف الشعر وطلبت منه حركة خفيفة ، واستجابة لطلبها ، عمل على تجعيد شعرها الطويل ورفع جزء منه في حركة بسيطة جدا ، ثم ألقى باقي الخصلات على كتفها بشكل عشوائي ، لمست الشعيرات المجعدة المتهدلة حول عينيها ، وراقها شكلها البسيط ، فرسمت على فمها المصبوغ ابتسامة راضية ، وانطلقت إلى سيارة والدها المتوقفة في الخارج .

كان والدها وطنيا متعصبا ، ولهذا ارتدى زيا ملكيا ، كالذي كان الملك هنري يرتديه ، أما أوليفيا فقد فضلت شيئا بسيطا ، يسهل عليها التحرك فيه ، فارتدت ثوبا ذا لون عسلي لطيف تلاءم بشدة مع عينيها ، كان طويلا ، لكنه لم يكن يمس الأرض ، وارتدت في قدميها حذاء منخفضا وبسيطا جدا . امتدت يد السيد مارك تحمل قناعا فضي اللون مزين بريش أحمر وبعض القطع النقدية اللامعة ، تناولت دايزي القناع بهدوء وشكرت والدها ، تفحصت القناع ، ولاحظت دقة صنعه ، الريش الأحمر مثبت بإتقان ، النقود معلقة بشكل ملفت ، واللون الفضي ، قد تم طلاؤه ببراعة شديدة ، سألت باستغراب شديد وهي تثبت القناع على وجهها :
_ من أين حصلت عليه أبي ؟؟
كان سؤالا عفويا في محاولة منها لافتتاح حديث ما ، لاحظ والدها التلألؤ اللطيف في عينيها المنبهرتين :
_ لقد سألت لك عن قناع يناسب ثوبك الأحمر ، وكان هذا ما وجدت ، فهل أعجبك ؟؟
ردت بصوت منخفض وهي تربط القناع خلف رأسها :
_ إنه جميل جدا ، شكرا لك .
لم يرد ، وإنما التزم الصمت طوال الطريق ، وكان هذا غريبا بالنسبة لدايزي ، فوالدها إنسان حيوي واجتماعي ، وفي حالاته الطبيعية ما كان ليصمت أكثر من خمسة دقائق على الأكثر ، سألته بقلق :
_ هل أنت بخير ؟؟ إن كنت لا تريد الحضور فبأمكاننا العودة أبي !
لاحظ مارك نبرة القلق ، والاهتزاز الخفيف في صوتها ، فرد :
_ لا تقلقي يابنتي ، أنا بخير .
لم تجادل وإنما التزمت الصمت هي أيضا ، وركزت أنظارها على أضواء القصر الملكي ، التي بدأت تظهر من خلف المباني العالية ، ألقت نظرة إلى ما أمام القصر فرأت عددا كبيرا من السيارات ، شعرت فجأة بالضيق يتسلل إلى نفسها ، فقبضت على صدرها علها تقلل من الألم المتأجج في أعماقها ، لم تعلم ما سبب هذا الانقباض الرهيب
لكنها أملت أن يكون لشيء حسن .

أوقف والدها السيارة أمام المبنى الضخم المضاء ، فتح أحدهم الباب من الخارج ، وكان يبدو أن هذا هو عمله الذي كلف ليقوم به ، إذ أمسك يدها برفق وساعدها على النزول ، ثم رحب بها بلطف كبير وابتسامة واسعة ، ردت دايزي له الابتسامة شاكرة ، وانتظرت والدها الذي ساعد أوليفيا ثم أعطى المفتاح لرجل يرتدي بزة رسمية، حتى يقوم بوضع السيارة في المكان المخصص لها . ارتقت دايزي السلالم بهدوء ، وهي ترفع فستانها بين يديها لئلا تتعثر به ، استقبلتها ردهة واسعة ذات أرضية واسعة ، نقلت نظرها في أرجاء المكان الفسيح ، كان جميلا جدا ، بلاطه أبيض يعطي شعورا بالبرودة ، جدرانه مطلية باللون الذهبي الخفيف ، تزينها لوحات لجميع الملوك الذين حكموا إنجلترا في زمن من الأزمان ، جذب انتباهها ثريا من الكريستال ، طويلة جدا ، وقد بدا لدايزي أنه ليس لها سقف وإنما هي معلقة في الهواء هكذا ! تبسمت لأفكارها الخيالية ، وارتقت الدرج الطويل إلى الأعلى حيث توجد غرفة الحفل .

لم يكن من الصعب تلافي الأنظار ، فكل من في الغرفة كان يرتدي زيا تنكريا أغرب من سابقه ، ويبدو أن النساء تأنقن بشكل مبالغ ، حيث رأت دايزي العديد من النساء يرتدين مجموعة من الحلي النادرة والثمينة ، رفعت يدها ببطء وتلمست القلادة المعلقة في رقبتها ، قبضت عليها برفق وابتسمت ، كانت قررت عدم ارتداء قلادة السيدة هيلين حتى لا تضيع أو تصاب بأذى ، لكنها وأثناء تفقدها لشكلها وجدت أن شيئا ما مفقود ، احتاجت إلى لمسة جمالية فريدة وملفتة ، وبدون وعي منها تناولت القلادة ووضعتها حول عنقها فراقها المنظر ولم تنزعها .


بدت الحفلة مملة وعادية ومتكلفة ، مجموعة من الطاولات الكريستالية منتشرة حول ساحة الرقص التي تخلو إلا من قليل من الأشخاص ، وحول كل طاولة وقف مجموعة من الأشخاص يتباحثون في شؤون العمل والتجارة أو هكذا قدرت دايزي ، لفت نظرها ثلاث سيدات متشحات بالمجوهرات والفراء الغالية ، يتهامسن وينظرن إلى بعضهن البعض بعدم رضى ، فعرفت أنهن من تينك النساء الحسودات غير القانعات ، اللاتي يردن كل شيء لنفسهن ، ويرين أنفسهن أفضل من باقي النساء .

تنهدت بعمق ، فليس يهمها ما تفعله أولئك النسوة أو مايتباحث به أولئك الرجال ، أو ما تتمتم به مجموعة الشبان الواقفة قبالتها ، استدارت بهدوء إلى الطاولة التي وقف بقربها والدها وصبت لنفسها كأسا من الماء وشربته دفعة واحدة ، ثم سألت بضجر خفيف :
_ إلى متى ستدوم هذه الحفلة أبي ؟؟
كان مارك يعلم أن الحفلة لن تروق دايزي ، وكان الضجر باد في عينيها الجميلتين ، وكان بإمكانه أن يعيدها إلى البيت ، لكنه يريد لهذه الحفلة أن تنتهي بخير سار للجميع ، وهكذا قال بلطف :
_ أنا لا أعلم حقا .
وكان يقول الحقيقة فعلا ، سألت أوليفيا بعطف وهي تلحظ ضيق دايزي :
_ هل مللت ؟؟
ردت دايزي ، وقد حركت فمها دلالة على الضجر الشديد :
_ أجل ، ولا أظن أن في هذه الحفلة ما يستدعي وجودنا .

لم تكن تظن بأن سانتا يحقق الأمنيات لغير الصغار وفي غير وقت العيد ، وكانت قانعة بأنها لن تبارح مكانها هذا حتى نهاية الحفلة ، لكن الصوت المحبب الذي تسلل إلى أذنها وداعبها بخفة ، رسم ابتسامة خلابة على شفتيها :
_ ماذا عني ، ديدي ؟؟
شهقت دايزي بدهشة شديدة واستدارت بسرعة ، لتجد ميديا واقفة أمامها ، صرخت ولم تتمالك نفسها بل عانقتها بشدة وأخذت تتأرجح بها ذهابا وإيابا ، وهي تردد عبارات تدل على الشوق والحنين والحب ، ضحكت ميديا بفرح، وصاحت بدايزي لتتوقف عن هذه الأرجحة التي تجلب الدوران ، استجابت دايزي لمطلبها ، وابتعدت تمعن النظر في زي صديقتها . كان زي ميديا عبارة عن زي فرعوني من القماش الأبيض الملتف حول جسدها بأناقة ، يزينه من الوسط حزام من الخرز الذهبي ، وكانت ميديا قد رفعت شعرها الأجعد كله في تسريحة كلاسيكية ووضعت على عينيها قناعا ذهبي اللون ، بسيط الشكل . رفعت دايزي يدها وتمتمت :
_ زي جميل ميديا .
عدلت قناع صديقتها بهدوء وضبطت لها الزي على كتفيها ، وكانت ميديا تجيب :
_ لقد أصر نيكول على أنه ملائم لي .
لم تعقب دايزي على قولها ، ولفت الأمر انتباه ميديا ، فدايزي ما كانت لتترك الحديث معلقا وإنما كانت لتشرع في الحديث عن أشياء أخرى ، كما كانت لتغوص معها في بحرلا يجف من الأسئلة ، رفعت عينيها فوجدت نظر دايزي معلقا بشيء ما خلفها، عيانها متسعتان وقد بهت لونهما قليلا ، وملامح التركيز بادية على وجهها الرقيق ، ابتسمت ميديا ابتسامة ذات مغزى خاص وسألت بهدوء :
_ ما الأمر دايزي ؟؟
كانت دايزي لا تزال تفكر في ما رأته ، لقد كانا اثنين ، بنفس الطول والحجم تقريبا ، كلاهما مغطى بالسواد ابتداء من شعرهما الفاحم ، مرورا بالقناعين المظلمين ، وانتهاء بالحذاء صاحب العنق الطويل ، والرداء الطويل الأسمر . استفاقت دايزي على صوت ميديا ، وردت دون وعي منها :
_ لا شيء ميديا ، إنما أظن أن عيناي بدأتا تخونانني .
وما كانت لتقول هذا في ظروف طبيعية ، لكها ما إن رمشت بعينيها حتى كانا قد اختفيا ، كلاهما ، ولم يبق منهما أي شيء ، سوى خيال في عقل دايزي المضطرب .
تابعت ميديا الابتسام بهدوء ثم أمسكت بيد دايزي وأخذت تجرها بشدة ، وتصيح بصوت عال :
_ هيا ، تعالي وألقي التحية على نيكول .
التفت شاب من وسط الحضور ، كان يوشك على وضع الكأس بالقرب من فمه حتى يرتشف القليل منه ، لكنه حالما سمع صوت ميديا استدار بسرعة ، أبصر فتاة ذات شعر ذهبي وقناع مميز تسير معها ، فابتسم بمرح ، ووضع الكأس ثم سار مسرعا باتجاه دايزي ، وعانقها بحب ، بادلته دايزي العناق ، وهمست بفرح للقاء هذا الصديق :
_ اشتقت لك أيها الزوج السعيد ، لقد سمنت قليلا .
تراجع إلى الخلف بهدوء ، وأشار لميديا بعتب :
_ إنها السبب ، تطعمني ثلاث وجبات كاملات في اليوم .










كادت دايزي أن تضحك ، لكنها تسمرت مكانها مرة أخرى ، وبدأت تعتقد بجد أن عينيها تخونانها ، كانا هما واقفين في الطرف الآخر من الغرفة ، يحملان في يديهما كأسين ، ويشيران إليها لتشاركهما الشراب . لم يفت نيكول هذا التحول المفاجئ ، حدق في ميديا ، فأشارت له بـ ( نعم ) ، اتقدت عيناه في حماس مشتعل ، وسأل دايزي مصطنعا الدهشة :


_ ما الأمر دايزي ؟


أمسكت به من كتفيه وأدارته بسرعة ، حدق في الساحة الخالية أمامه ، ثم التفت لدايزي وهمس بلطف :


_ لا يوجد ما يلفت النظر دايزي !


رأت دايزي أن تري نيكول ما رأته عله يثبت صحة ما شاهدته ، لكنه لدهشتها قال بأنه لم ير شيئا ، قطبت بهدوء وقد بدأ لون عينيها يميل إلى الرمادي :


_ أقسم لك نيكول ، لقد كان هناك شابان متشحان بالسواد ، لهما أعين خضراء ، بل شديدة الخضار ، كانا يحدقان بي ويشيران إلي وفي لحظة واحدة اختفيا .


رد نيكول بهدوء قدرما استطاع :


_ لا بد أنك متعبة .


أصرت دايزي :


_ في البداية ظننتني كذلك ، لكنني الآن متأكدة مما رأيت .


قالت ميديا بغير اكتراث ، في محاولة منها لصرف انتباه دايزي عن الموضوع قليلا :


_ لابد أن هذا هو زيهما لهذه الحفلة التنكرية ، لا أنكر أنهما غريبان ، ولكنهما لن يكونا أغرب من نيكول .



كان نيكول يرتدي زيا فرعونيا هو الآخر ، تنورة بيضاء قصيرة ودرع ذهبي يكسو صدره ، وعلى رأسه تاج ذهبي تخرج منه أفعى ، ويحمل في يده صولجانا ذهبيا .


لكن دايزي لم تكن تنظر لهما ، وإنما انشغل تفكيرها بذانك الاثنين اللذين يظهران فجأة ويختفيان فجأة ، وإن كان الأمر كما تقول ميديا ( مجرد زي تنكري للحفلة ) فلم يختفيان هكذا .


تاهت دايزي في دهاليز من الأفكار ، شعرت بأنها تختنق ، وشعرت بصدرها يضيق عليها ، ثم أحست بأن الأرض تميد بها ، لم يكن هنالك من تفسير لما يقوم به هذان الاثنان ، لم تعلم لم ، ولكنها أصبحت تولي الأمر أكثر مما يحتمل ، ربما هي حقا متعبة وتحتاج إلى الراحة ، أو ربما هي مجرد صدفة أن يظهرا ويختفيا هكذا، ربما هو أمر خارج عن إرادتهما ، وحالما بدأت تصدق ذلك ، رأت ظلين أسودين يشيران إليها من بعيد ، بدا لها للحظات أن أعينهما تبتسم لها ، أرادت نفض تلك الأفكار من رأسها ، فهزته وما إن فعلت ذلك حتى اختفى الشبحان مرة أخرى وتركا دايزي تتخبط في قلق .



تبادل نيكول وميديا بعض النظرات ثم هزا برأسيهما بهدوء وابتسما في نفس الوقت ، وأتاحت ميديا الفرصة لنيكول ليتكلم ، فقال :


_ أتعلمين أن كايل وصوفيا قد حضرا الحفلة أيضا ؟؟


استطاعت ميديا بهذه الكملمات صرف انتباه دايزي عن الغريبين وإن كان مؤقتا . تبدلت ملامح دايزي التعبة وأصبحت أكثر انتعاشا من ذي قبل لذكر أخيها الحبيب ، تألقت عيناها بحب وسألت :


_ ماذا ؟؟ هما أيضا هنا !


ردت ميديا بإيجاز :


_ نعم لقد دعيا كذلك !


تساءلت دايزي والشك يملأ قلبها :


_ لكن ، من قام بدعوتكم ؟؟


بدا التوتر على ميديا التي لم تعرف بما تجيب ، إذ اهتزت شفتاها بهدوء ، وتمتمت ببضع كلمات لم تفهم دايزي منها شيئا ، فسارع نيكول لإصلاح الموقف وقال :


_ يبدو أن علاقات السيد هاري تجاوزت كل توقعاتنا ، إذ كان يعرف الملك على ما يبدو ، وعندما علم الملك بموت السيد هاري وبأنني وريثه قام بدعوتي وميديا عوضا عن السيد هاري .


لم تقتنع دايزي كثيرا بما قاله نيكول ، لكنها ادعت عكس ذلك ، وقالت بحماس ولهفة للقاء شقيقها :


_ خذاني إلى كايل والآن .


أمسك نيكول بيدها ويد ميديا وقادهما بين الجموع الغفيرة في بحث قصير عن كايل وصوفيا المختفيان بين التجمعات الي بدأ عددها بالازدياد رويدا رويدا . شعرت دايزي بأن المكان يضيق ويصغر ، وأن الجدران بدأت بالتقلص على الموجودين ، أحست بقليل من الدوار في رأسها ، وفي غمرة انشغالها بهذا التعب المفاجئ الذي أصابها اصطدمت بشخص ما لم تتبين كنته إلا بعد أن وجدت نفسها في أحضانه ، رفعت رأسها لتعتذر منه ، فإذا بها في حضرة العينين الخضراوين والقناع الأسود الذي يغطي وجه صاحبه بالكامل حتى فمه وأنفه ، تحدثت صاحب القناع :


_ هل أنت بخير ؟؟


بدا لها صوته ثقيلا جدا ، وعزت ذلك إلى القناع الذي يغطي فمه ، وضعت يديها على صدره ودفعت نفسها بعيدا عن الرجل الغريب ، ثم سألته بهدوء وقد اهتز قلبها بقليل من الخوف لم تعلم سببه :


_ من أنت ؟؟ ولم كنت تشير إلي ؟؟


أجاب الرجل دون أن يبدو في صوته أي أثر للاكتراث ، حتى أن عينيه بدتا جامدتين غير متأثرتين بشيء :


_ لست أنا من أشار إليك ، لقد كان صديقي .


مر أحدهم بسرعة من بينهما ، وفيما كانت تستعد لتسأله سؤالا آخر ، كان ذاك الرجل الغريب قد اختفى مرة أخرى ، وغرز الشك في قلب دايزي ، وسكب قليلا من الرهبة فيه ، حدقت بنظرات تائهة في المكان بحثا عن أي أثر لذلك الرجل الغريب ، لكنها لم تجد شيئا ، بدا كل شيء عاديا ، أشخاص يتحدثون ، أصوات ضحكات وهمسات ، وصوت موسيقى منخفضة تضفي القليل من المرح إلى الجو ، شعرت بغصة في حلقها ، وأن أنفاسها محبوسة في صدرها ، فحاولت أخذ نفس عميق ، سحبت وسحبت وسحبت بأقصى ما تستطيع ، حتى شعرت بكل الهواء في جوفها يتبدل . شعرت بيد تضرب كتفها بهدوء ، استدارت بسرعة فرأت تلك العينين الخضراوين تحدق فيها مرة أخرى ، خافت كثيرا ، تراجعت قليلا إلى الوراء فاصطدمت بشيء خلفها ، تحسسته بيدها فإذا هو قماش، ألقت نظرة خاطفة على من خلفها فزاد رعبها ، شعرت بالدموع تحتشد في عينيها ، وقبل أن تسيل تلك الدموع امتدت يد من خلفها ومسحت على خدها بلطف ، وقال الرجل خلفها بصوت ثقيل :


_ لا تبكي أيتها الأميرة !!


وفجأة ، لم تعد تشعر بشي، استدارت تبحث عن ذاك الرجل فلم تجده ، عادت تستدير لتنظر إلى الرجل الآخر فلم تجده كذلك ، وإنما وجدت كايل بشعره الأشقر وعينيه الحنونتين ، وذراعيه المفتوحتين ، لم تنتظر بل ألقت نفسها بين ذراعيه الدافئين ، وسالت دموعها حبات لؤلؤية تحشم خدودها الناعمة الرقيقة ، ربت على شعرها بحنان وسأل :


_ ما الأمر يا أميرتي الصغيرة ؟؟


ردت دايزي بصوت مهتز :


_ هناك أشباح تطاردني في صحوتي كايل .


قال لها بحب ، وعيناه تهتزان بقلق :


_ لا تقلقي يا صغيرتي ، فلن يؤذيك أحد طالما أنني بجانبك .


رفع وجهها ومسح دموعها من على خديها بحنان ، سألها ودفق من الحنان ينضح من عينيه اللطيفتين :


_ ألن تسلمي على صوفيا أم ماذا ؟؟


مسحت آثار الدموع عن وجنتيها وهتفت :


_ لقد اشتقت إليها كثيرا .


ظهرت صوفيا فجأة من خلف كايل ، وقالت باشتياق :


_ وأنا كذلك .


وبسرعة كانتا تحتضنان بعضهما البعض ، قالت دايزي بشعور عميق :


_ لقد اشتقت لكم جميعا .


ابتسمت ثم تابعت بمرح :


_ تبدون بأحسن حال .


كان كايل يرتدي زي قرصان ويغطي إحدى عينيه بعصبة سوداء ، وكذلك صوفيا ارتدت زي بحارة ورفعت شعرها إلى الأعلى في حركة لطيفة ، علقت دايزي بهدوء :


_ إنكم تشكلون عصابة من الحمقى .


قال نيكول باستياء ، محدقا في ثوبها الأنيق :


_ وهل تظنين أن بإمكان الجميع ارتداء هذا اللون ، بحيث يظهرون أمراء وملوكا !


وكان يشير إلى أنها تبدو جميلة ومتفردة ، قالت له بهدوء :


_ لا تقلق نيكول لا تزال أجمل أسمر ذا شعر أشقر رأيته في حياتي .


همس نيكول بلهجة مبطنة ، وصوت سلس :


_ ماذا عن ذوي الشعر الأسمر والعيون الزرق .


لم ترد دايزي وإنما أخفضت بصرها بهدوء ، سألها نيكول :


_ كيف وصلتما إلى هذه الحال ؟؟


ردت بإيجاز، وهي تعبث باللفستان بأناملها الرقيقة :


_ قال : إنني أعيقه وأثقل عليه ، وهكذا انتهى الأمر .


صمتت قليلا ، ثم صححت لنفسها بمرارة :


_ لم ينته لأنه لم يبدأ ، لم يكن هناك شيء ما ولن يكون !


_ أهكذا تظنين ؟؟


فتحت عينيها على وسعهما لسماعها ذلك الصوت مجددا ، استدارت فلمحته يبتعد ويختفي بين الناس، لم تر منه سوى ردائه الأسود المتطاير خلفه ، استدارت إلى الباقين وسألت بشك خائف :


_ هل رأيتموه ؟؟


سأل كايل مبديا القليل من الجهل :


_ من تقصدين دايزي ؟؟


ردت بسرعة وهي تشير إلى زاوية فارغة في الغرفة :


_ الشخص الذي قال لي : ( أهكذا تظنين ؟؟ ) !


أجاب نيكول بسرعة :


_ دايزي نحن واقفون أمامك ، ولو أن أحدهم مر من خلفك لرأيناه .


قالت دايزي بتصميم ، وضربت الأرض بقدمها :


_ أؤكد لك نيكول ، أنا لست بمجنونة ، وأعلم ما رأيته قبل قليل .



وقبل أن يجيب أحدهم انطفأت الأضواء ، وتصاعدت الهمسات المستنكرة من الحضور ، يطالبون بإعادة الأضواء إلى هذه الحفلة ، تناثرت الأضواء الملونة في المكان ، كانت تجري بين الناس ، تنتشر في الغرفة وتسير بسرعة ، قبل أن تلتقي كلها في قاعة الرقص الفسيحة التي تتوسط القاعة . ارتفع صوت موسيقى راقصة في المكان ، فأخذت الثنائيات تتوافد إلى ساحة الرقص الواسعة وامتدت يد نيكول السمراء إلى دايزي :


_ هل تقبل الأميرة أن تراقص العبد المسكين ؟؟


أجابت دايزي بحب :


_ إذا وافقت زوجة العبد المسكين .


رفعت ميديا يدها دلالة على عدم الممانعة فاقتاد نيكول دايزي إلى وسط الساحة ، وراقصها على أنغام الموسيقى الهادئة ، تمايلا يمينا ويسارا ، ثم أدارها حول نفسها بضعة دورات قبل أن ينتقلا إلى الخطوة التالية ، تحرك نيكول في خطوة دائرية جعلته مكان دايزي ، وجعلت دايزي مكانه ، وما إن انكشف المكان خلف نيكول قليلا حتى لمحت الشاب المتشح بالسواد مرة أخرى يحدق إليها ، تحرك نيكول قليلا ، فأخفى الشاب عن مرأى عينيها ، تعرقت دايزي ، وأمسكت كتفي نيكول بسرعة وحركته قليلا ، لكن لم يكن هناك من أحد ، إنما شاب برداء مهرج يراقص فتاة ترتدي فستانا تقليديا ، سأل نيكول يتصنع الدهشة :


_ ما الأمر دايزي ؟؟


حكت دايزي رأسها وقالت بضعف ، وتكشيرة تعلو جبينها الأبيض :


_ عيناي تخذلانني نيكول .


أمسك نيكول بوجهها الشاحب بهدوء ، ومسح على عينيها وقال بلطف :


_ أنا واثق أنه مجرد تعب بسيط .


تبسمت دايزي له ، فطلب منها الجلوس والتوقف عن الرقص ، لكن كايل الذي ظهر من خلف نيكول أبى ذلك ولم يرض إلا بمراقصة دايزي ، التي لم ترغب في رفض طلبه ، فسارعت تنتشل يدها من يد نيكول وتنحني بلطف لكايل الذي بادلها التحية ، تغيرت الموسيقى إلى أخرى أكثر حيوية ، وبدا لدايزي أن رقص الصالونات سيكون مناسبا لهذه الموسيقى ، وهكذا بدا لجميع الراقصين ، الذين انطلقوا في حركات رشيقة وسريعة ، تقدم الجميع بخطوات سريعة حتى وصلوا نهاية الساحة ، ثم عادوا بنفس السرعة فتجمعوا في نهاية الساحة ، من ثم دارت جميع الثنائيات في رقصة منتظمة ، بعد ذلك رفع كل راقص شريكته في الرقص إلى الأعلى وأدارها حول نفسها ومررها إلى الشاب الذي يرقص قبالته ، وكان مصير دايزي أن تستقر بين ذراعي الشاب الغريب . لم تستطع أن تتحرك ولو قيد أنملة ، شعرت بجسدها ثقيلا على قدميها ، وأن دلوا من الماء البارد قد صب على رأسها وانهمر ليبعث رعشة برد في جسدها ، غير أن تلك الرعشة كانت رعشة خوف وارتباك ، تحدث الشاب بصوته الثقيل :


_ رجاء دايزي ، لا تجعليني أندم على ما أفعله .


ردت وأسنانها تصطك ببعضها :


_ ماذا تريد مني ؟؟ وكيف تعرف اسمي ؟؟


رد بصوت دافئ ثقيل :


_ لا تبكي ولا تصرخي ولا تخافي ، أما عن كيف أعرفك ، فأنت تعرفينني كذلك .


أدارها بضع دورات حول نفسها قبل أن يعيدها إلى بين ذراعيه ، حدقت في عينيه الخضراوين العميقتين ، وأبحرت في خضرتهما الداكنة ، حاولت أن تتذكر أحدا يملك مثل هاتين العينين فلم يخطر على بالها أحد ، لكن الدكنة في عينيه ذكرتها بدكنة عيني أندريس ، عيناه بحر عميق يصعب سبر أغوارهما ، تخفيان الكثير من الأسرار خلف ستار رموشه الكثيفة ، استفاقت على نفسها ، وهمست برقة مضطربة :










_ أعتذر شردت قليلا .


تحدث الشاب بهدوء :


_ دعيني أحزر ، أهو شاب ؟؟


سألها بدهاء ومكر ، رفعت حاجبيها بهدوء وردت بذكاء بعدما تخلت عن حذرها قليلا :


_ ربما !


تابع هو وهو ينقلها من حركة راقصة إلى أخرى :


_ طويل ؟؟


قالت وهي تتمايل :


_ يمكنك قول ذلك .


تابع بهدوء :


_ أسمر .


ردت دايزي بشك :


_ أجل بالطبع .


ضحك قليلا ، وأكمل :


_ لديه عينان زرقاوان جليديتان ؟؟


تسلل الشك إلى قلبها ، وزحفت التساؤلات إلى عقلها ، حركت رأسها بتوتر ، وهمست :


_ وما أدراك ؟؟


بانت بجانب عينيه تغضنات تشير إلى أنه يبتسم ، أمسك أطراف أصابعها ومررها بهدوء لكايل وهو يردد:


_ هو أخبرني .


أرادت أن تسأله عن ذلك الشخص ، من هو الذي أخبره ؟؟ وكيف ؟؟ وأين التقاه ، لكن ذاك الشاب كان قد تلاشى في الظلمة ، بعيدا عن مرأى عينيها الفيروزيتين ، استدارت بسرعة تحدق في كايل ، وقالت بغصة :


_ اشتقت إلى أيام المخيم كايل .


مسد شعرها بهدوء ثم ضمها لصدره بحب، علم أنها تقصد شخصا بعينه ، شخصا استطاع بقوته وبرودته ودفئه أن يثير الطفلة الصغيرة والشابة الفاتنة في دايزي ، قال لها بلطف :


_ لا بد أنها اشتاقت إليك هي الأخرى .


هزت رأسها لـ ( لا ) وهمست بضعف :


_ لا أظن ذلك !


ساءلها بدهشة :


_ لم تظنين ذلك ؟؟


ردت بصوت خفيض :


_ لأنني ضعيفة وغبية وحمقاء وخرقاء ، ولا أظن أن لديه الوقت الكافي ليتذكرني من بين أكوام الأوراق التي يعمل عليها .


أبعدها بهدوء عن صدره وقال برفق :


_ في هذه ، أظن أن عليكــ أن تسأليه بنفسك ؟؟


نظرت إليه بعيون متسعة ، وسألت بدهشة :


_ كيف ؟؟


كانت إجابته أن أدراها بهدوء لتواجه المقنع صاحب العينين الخضراوين مرة أخرى ، انحنى الشاب في هدوء طالبا مراقصة دايزي التي سألت :


_ إذن ، ما أراه ليس وهما ، أليس كذلك كايل ؟؟


هز كايل رأسه مجيبا بنعم وتركها للشاب الأسمر ، الذي قادها إلى منتصف الحلبة وشرع يراقصها بهدوء ، أمسكت فستانها الطويل بيد ، ووضعت يدها على الأخرى على كتفه ، حدقت في عينيه الداكنتين وأمعنت التحديق فيهما فلم تفلح في معرفة شخص يمتلك مثل هاتين العينين ، سألته :


_ من أنت ؟؟


أجاب دون أن يزيح عينيه عن شيء ما خلفها :


_ ألست تذكرينني ؟


أمالت رأسها يمينا بهدوء ، وسألت :


_ وهل من المفترض أنني أعرفك ؟؟


بدت في صوته رنة حزن وأجاب :


_ أجل ، عادة يتذكرني الناس من صوتي الجميل .


ضحكت دايزي بخفة وقالت :


_ أعتذر ، لا بد أن صوتك قد تغير بسبب القناع الذي يغطي فمك .


رفع يده بهدوء وحك شعره ، ثم همس بغيظ :


_ لقد تشوه صوتي الجميل وكل ذلك بسببه .


سألته دايزي بإلحاح :


_ بسبب من ؟؟


شرع الشاب يشرح بإسهاب :


_ لقد قال لي : حدق في عيني ، ألا رى إنهما زرقاوان وسيكون من الأسهل أن تكون معي في الخطة ، ثم إننا سنكون توأما . وكنت أنا غبيا فصدقته حتى إنني لم أسأله عن شكل الزي ، لقد أقنعني بطريقة أو بأخرى بأنني سأكون بطلا إذ سأنقذ مستقبله ..


فتحت دايزي فمها لتتكلم ، فأشار لها بأن تصمت ، وتابع هو :


_ وقال : إنني سأكون بطلا بنظره ونظرك ، وأنه يعتبرني أخا له ، وأن من واجب الأخ على أخيه أن يساعده ، وهكذا كما ترين أنا عالق في هذا الزي الذي يجعلني أبدو كالشبح ، وكل ذلك خدمة لمستقبل أخي .


أخذ نفسا عميقا وتابع :


_ لقد انتيهت ، بإمكانك التكلم الآن .


قالت ببطء ، في محاولة منها لربط كل ما قاله ببعضه البعض :


_ رغم أنني لم أفهم حرفا مما قلته ، إلا أنني توصلت إلى نتيجة ما ، عيناك تشبهان عيني أنيتا ، فهل أنت ليسندر؟



لم تستطع التركيز في كلامه كثيرا ، وإنما حاولت بكل جهدها أن تعرف صاحب هاتين العينين ، كانت تبحر في جداول من الأسماء والشخصيات التي سبق لها والتقتها ، عندما لمعت صورة أنيتا فجأة في عقلها ، وشعرت بأن الغشاء قد أزيح أن عينيها وأن باستطاعتها رؤية النور ، وحالما أدركت أن هذا الشخض هو ليسندر ، تكونت فكرة في عقلها تقول : ربما أندريس هنا الآن ، ولم يكن في إمكانها أن تفعل شيئا سوى أن تسأل الشخص الواقف أمامها ، وكانت ردة فعله أن تبسم وبانت تلك الابتسامة في عينيه الداكنتيتن وهو يجيب :


_ جميلة وذكية كذلك .


أدراها حول نفسها ثم ردها إليه ، ثم لزم الصمت بعد ذلك ، لمحت اختلافا ما في مظهر ليسندر ، حاولت التركيز في مظهره لكن القناع كان يغطي وجهه بالكامل عدا عينيه الخضراوين ، شعرت بتيار يسري في عمودها الفقري


وفتحت عينيها على وسعهما ، ثم ابتسمت بلطف وسألت بدهاء :


_ إذن ليسندر ، هل لازال أندريس مزعجا كما كان ؟؟


بدا على الشاب الانزعاج الشديد ، وبدت عيناه جامدتان لا أثر لذلك الدفء اللطيف فيهما ، أدارها حول نفسها مرة أخرى وعاود ردها إليه ، تظاهرت بالبراءة وسألت مرة أخرى :


_ لم لا تجيب ؟؟


تلألأت عيناه باضطراب ، لكنه استطاع وبذكاء ادعاء الثقة والمرح ، ما كان ذلك السؤال ليوقف مسيرة أحد من عائلة يونانية عنيدة كعائلة سوفاكيس ، وليسندر كغيره من اليونانيين ، يمتاز بالذكاء والعناد والتصميم ، سألها معتذرا :


_ أعتذر لم أسمع السؤال جيدا !


هتفت برقة ولطف مصطنعين :


_ لقد سألتك إن كان أندريس لا يزال مزعجا كما كان .


صدرت من ليسندر ضحكة عميقة وعلق بلطف :


_ لم يكن يوما مزعجا ، إنه لطيف في الحقيقة .


قالت بهدوء :


_ أعلم هذا !


وكان أن فعل مثلما توقعت ، فقد أمسك بيدها اليمنى وأدارها حول نفسها من ثم ردها إليه ، كانت تعلم أن خدعة ما تحوم في المكان ، ولم يرقها أن يتم التلاعب بها بتلك الطريقة ، فابتسمت بتعال وقالت مرفرفة بعينيها :


_ كما كنت أقول لك ، إنه مزعج جدا ، وفي بعض الأحيان كنت أشعر بأن الإزعاج يتفجر من براكين مثبتة في أعلى رأسه .


قرر الشاب الحديث أخيرا ، وقال بلهجة حانقة بدت في صوته الثقيل :


_ متى ستتوقفين عن ذلك ؟؟


ردت دايزي بانزعاج ، وكشرت في غضب :


_ عندما تتوقف وليسندر عن تلك الألعوبة الصغيرة .


بدا الانزعاج على حركاته المضطربة ، إذ قام بخطوة أو خطوتين خاطئتين كادتا توقعان دايزي الغاضبة ، سألها بضيق :


_ كيف اكتشفت الأمر ؟؟


ردت بتذاكي وهي تتظاهر بالانزعاج ، على الرغم من أن الابتسامة كانت تتراقص على أغتاب شفتيها :


_ يمتلك ليسندر عينين خضراوين طبيعيتين ، أما عيناك فما هما إلا عدسات ، ويستطيع الناظر عن قرب أن يميز هذا الأمر ، كما أن ليسندر دائم الابتسام وأنت دائم العبوس ، أندريس !!


صرخ بغضب متقد :


_ لست كذلك .


أجابت بغضب :


_ بلى إنك كذلك ، أنت مزعج حقا !


كان على علم يقين بقدرتها على إغاظته وإشعال نار الغضب في صدره ، والخيار الأفضل كان أن يتوقف عن مجاراتها في لعبتها الطفولية ، ولم يول تعليقها الأخير أي اهتمام ، سارع يهمس :


_ تبدين فاتنة الليلة .


ارتبكت قليلا لتغيير مجرى الحديث بهذه السرعة ،ولم ترقها تلك القدرة القاتلة التي يتحلى بها أندريس ، فبإمكانه تغيير الحديث متى شاء ومتى أراد دون أن يزعجه ذلك ، وبإمكانه التأثير في مشاعرها وإشعال النيران فيها دون أدنى جهد منها ، شعرت بشيء يتحرك صعودا ونزولا في صدرها لكنها تجاهلت ذلك وهمست بقدر ما استطاعت من هدوء :


_ شكرا لك .


مد يده إلى قناعها المزين ، وعدل إحدى القطع النقدية ، رفع حاجبيه وسأل بهدوء :


_ أتعلمين أن هذا قناع كولوميبن ؟؟


نظرت إليه بعينين بريئتين واسعتين ، جعلته يبحر في زرقتهما الصافية ، وسألته :


_ ومن هي كولومبين ؟؟


استطاعت أن تلحظ الوجوم من خلف قناعه ، فقد بدت بجانب عينيه بعض التجاعيد الصغيرة :


_ لا أعلم بالتحديد ، لكنها شخصية ذكية ، شجاعة وحادة بعض الشيء ، فاتنة ومخادعة .


رفعت وجهها إليه وقالت وهي تنفي شيئا ما في حديثه :


_ لكنني لم أخدعك .


دار معها بضع دورات في المكان ورد بلطف وعينين داكنتين مال لونهما إلى السواد :


_ لا لم تفعلي ، لكن أنا فعلت .


استدرك حديثه فعقب :


_ ربما كان علي أن أردتي قناع هارلوكان !


تجاهلت تعليقه الأول ، وتساءلت :


_ لماذا هارلوكان بالذات ، ومن يكون ؟؟


حدق في أعماق عينيها الفيروزيتين ، وشعر بأن مياه البحر المتوسط تسبح فيهما ، وتضرب رموشها الكثيفة الطويلة ، التي تمنع تلك المياه من العتو والخروج ، أجاب بسرحان :


_ إنه مهرج ، واسمه يعني الشيطان الذكي ، وهو ذكي ومخادع ، لكن أخطاءه تقوده دائما إلى كوارث ، لا يستطيع الخروج منها إلا بمساعدة كولومبين .


استطرد قليلا ، ثم تابع :


_ ويليق بليسندر أن يكون بانتالون ، التاجر الجشع ، كما يليق بكايل أن يكون بونستيلا السفاح .


لكن دايزي لم تكن تركز في كلامه وإنما كان انتباهها منصبا على وصفه لها بالمنقذة ، وكانت تتساءل في قرارة نفسها إن كان هذا الأمر مجرد صدفة ، أم أنه يرمي بقوله هذا إلى شيء ما ، إلى كونها إنسانة مميزة ولو بشكل بسيط بالنسبة له ، كانت الأفكار تضرب جدران رأسها بقوة مسببة لها صداعا حادا ، جعلها تفقد التركيز وتفقد الصبر كذلك ، فسارعت تسأل :


_ ماذا تقصد بقولك : إنك خدعتني ؟؟



توقف عن الحركة قليلا ، ثم انحنى بلطف واقتادها خارج حلبة الرقص ، وفي غمرة تساؤلاتها الملحة وجدت نفسها تسير إلى المجهول ..... معه ، ليس إلى مكان مجهول ، بل إلى شبه حقيقة ستكتمل لتصير حقيقة ما إن يفصح أندريس عنها . وضع يده خلف ظهرها واخترق الطريق معها ، وقادها بعيدا عن كل تلك الضوضاء والأصوات المزعجة ، إلى مكان يكون ملاذا لأفكارهما التائهة .





أزاح القناع عن وجهه وسرعان ما تنفس الصعداء ، لتخلصه من ذلك الكبت المريع ، أطلق زفرة حادة صعدت من أعماقه قبل أن تتلاشى في هواء الغرفة المشبع بالضجيج ، مرر أصابعه السمراء في شعره فبعثره بفوضوية،


فاجأة الصوت الرقيق من خلفه :


_ كيف حالك ، ليسندر ؟؟


استدار بهدوء وفوجئ بالملاك الواقف خلفه ، راقه مظهرها فبقي يحدق فيها حتى احمرت وجنتاها :


_ لم تحدق بي هكذا ؟؟


وما كان ليسندر ليستحي منها ، بل رفع حاجبيه بهدوء وكتف يديه ، وأجاب :


_ تبدين فاتنة .


رفعت لوسيتا أطراف قستانها السكري برقة وهمست :


_ قال أندريس بأنني سأبدو جميلة فيه .


رد ليسندر :


_ وكان محقا .


كانت ترتدي ثوبا يونانيا قديما ، كثير الشبه بالألبسة الرومانية ، قماشته رقيقة وتلتف حول جسدها مظهرة رشاقة قدها الجميل . استطر ليسندر قليلا :


_ هل يمكنني التخلي عن القناع ؟؟


تفاجأت لوسيتا من سؤاله ، لكنها ردت بلطف :


_ بالتأكيد .


وكأنه كان ينتظر تلك الكلمات منذ زمن ، إذ ألقى قناعه في أقرب سلة مهملات ، ومد يده بهدوء إليها :


_ هل تسمحين لي برقصة ؟؟


لم يبد عليها الممانعة ، بل سارعت تستجيب لدعوته وتضع يدها في يده . اقتادها بهدوء إلى حلبة الرقص حيث انحنى بهدوء ، وشع يراقصها بهدوء ، سألته :


_ ما كان قناعك ذاك ؟؟


رد ببراءة :


_ كان لكازانوفا .


ما كانت تلك البراءة الخادعة لتوقع بها ، سألته بحذر وترو :


_ ومن يكون كازانوفا ؟؟


أجاب بدهاء وهو ينظر في أعماق عينيها المترقبة :


_ كان مشهورا بأنه سارق قلوب النساء ، ألا تظنين أن هذه الشخصية تناسبني ؟؟


وكان الالتماع الخطير في عينيه يخبرها أن ما يقوله هو فقط لتسليته و إخافة قلبها الرقيق، ولم تكن لوسيتا من الذين يحكمون السيطرة على انفعالاتهم ، فداست قدمه بكعب حذائها وبكل ما أوتيت من قوة :


_ لا تحاول إخافتي ، هل سمعت ؟؟


شتم بصوت عال ونبرة لم تخل من الألم ، ثم رد بحنق وقد أدرك أن إغضابها لن يفيد شيئا :


_ أعتذر آنستي ، حفيدة الملك .




القمر يلقي بأنامله الفضية لتلامس وجهها الرقيق ، والريح استكانت لئلا تبعثر كلماتها البسيطة ، والزهر تألق لطلتها البهية وجمال طلعتها . بدا المكان معزولا وهادئا وخياليا ، بعيدا عن الضوضاء والعالم ومشاكل الناس وهمومهم ، بعيدا عن الحزن وعن الفرح ! لا شيء فيه سوى الراحة والاستكانة وطعم لذيذ للسرحان في الأحلام والأمنيات البعيدة المنال .



راقبها عن قرب ، تنحني بلطف وتشتم زهرة حمراء اللون ، تداعب بتلاتها برقة ، أشعة القمر الفضية تتكسر على أبواب عينيها الفيروزيتين ، فتزيد من تلألؤهما ، ابتسم بحب لمرآها وفكر بعمق أن كل شيء كان بخير ، كل شيء كان يسير حسبما أراد ، لكنه شعر في فترة ما ، عندما ظهر سيدريك مهددا بقتل دايزي ، بأن الحبل القصير الذي يربطه بدايزي بدأ يفلت من بين يديه ، حتى ضاع في النهاية ، وكان ذلك عندما قال لها : إنها تشكل عبئا على حياته وعليه ، حينها لمح انكسارا ، وطفلا متألما في عينيها البريئتين ، وكل ذلك كان بسببه ، ومنذ ذلك الوقت ومرأى الحزن يطفئ الوميض اللطيف في عينيها .




استقامت تسوي أطراف فستانها الطويل ، وجهت إليه نظرة هادئة ، وحثته بلطف :










_ ما الذي أردت إخباري به ، أندريس ؟؟


لوهلة من الزمن كان قد نسي سبب وجوده هنا ، لكنه عاد فاستفاق وخرجت الكلمات من بين شفتيه :


_ لقد خدعتك .


قال تلك الكلمات القليلة ثم صمت ، شعرت دايزي بأن الجميع يتلاعب بها ، وما كان ذاك الشعور ليفرحها ،


كانت مغتاظة جدا لأنها تقف متوترة منتظرة ، في حين يبدو أندريس كنمر كسول ، هادئ مرتاح البال ، لكن قوي مستعد للانقضاض في أي وقت ، ولم يكن هناك من فريسة سواها ، صاحت بغضب وقد فقدت قدرتها على الصمت :


_ هل تتمتع بقولك : إنك خدعتني ؟؟ إما أن تتكلم أو تدعني لأعود أدراجي .


غضب ، وكانت تعرف ذلك ، عيناه العميقتين استحالتا فحما شديد السواد ، وظهر عرق في جبينه ، وتشنجت عضلات كتفيه ، وبدا لها أنه مستعد لضربها ، لكنه كان مستعدا لمثل هذه الإغاظة ، وجمع ما استطاع من برود ليهمس به :


_ لم يفور دمك بهذه السرعة ؟؟


ردت بحنق :


_ لأنك تعمد إلى استفزازي .


أنكر باستخفاف :


_ لا لم أفعل ؟؟


لاح الاستهزاء في عينيه الجامدتين وافتر ثغره عن شبح ابتسامة لم تصل عينيه قط ، سألته وهي تضرب قدمها بالأرض :


_ ماذا عن هذا الاستخفاف في عينيك ؟؟


أشار إلى حركتها وعلق ببرود :


_ لازلت طفلة .


تقدم بخطوات ثابتة وسأل بترو :


_ ثم ما الذي تعرفينه عني وعن نظراتي ؟؟


تراجعت بضع خطوات إلى الخلف وهمست بتوتر ملحوظ :


_ ليس الكثير !!


رفع يديه وصاح سائلا :


_ ولم تظنين ذلك ؟؟


تساءلت مدعية الجهل :


_ أظن ماذا ؟؟


صر على أسنانه بعد أن كاد يفقد أعصابه لوهلة ثانية :


_ لماذا تظنين أنك لا تعرفينني كفاية ؟؟


أجابته من دون اكتراث :


_ لا أعلم .


في تلك اللحظة بالذات أراد أن يمسكها من كتفيها ويهزها إلى أن تموت بين ذراعيه ، وأبصرت دايزي تلك الرغبة تلوح من بين ضباب عينيه ، فخافت قليلا لعلمها أن باستطاعته القيام بذلك ، فمع ما يمتلكه من قوة وسيطرة يستطيع إخضاع العالم لو أراد . خرجت الكلمات من بين شفتيها همسا رقيقا خافتا :


_ هناك النظرة السعيدة ، والنظرة الهازئة ، والنظرة الحانقة ، والنظرة الراضية ، والنظرة الحزينة ..


ترددت قليلا قبل أن تقول :


_ ونظرة لا أعلم مغزاها .


ضيق عينيه بهدوء وسأل :


_ وكيف تكون هذه النظرة ؟؟


استدارت بعيدا عن مرأى عينيه النافذتين ، حدقت في القمر المكتمل ، ثم نقلت بصرها في أرجاء الحديقة ، في كل شيء بعيدا عن أندريس بقوته وهيمنته الطاغية على المكان ، ورددت بسرحان خفيف :


_ عندما تتضيق عيناك قليلا ، وتميلان إلى النعاس ، ويتلألؤ بريق خافت في وسط عينيك الجليديتين ، حينها أشهر بأن شيئا ما يذوب ، ربما ذلك البرود الذي يكتنفهما ، يتبخر ويذهب أدراج الرياح ، ويحل محله دفء عارم ينضح من بين رموشك الكثيفة .


استدارت تحدق فيه وسألت :


_ هل عرفت تلك النظرة ؟؟


هز رأسه بنعم ، لكنه لم يخبرها أي نظرة تكون تلك ، بل تقدم ليقف بقربها ، وقال برفق :


_ لم أخدعك رغبة مني في خداعك ، ولم أفعل ذلك لإيذائك ، حتى أنني لا أعلم إن كانت تلك خدعة حقيقية !


ابتسم بقليل من المرارة واستكمل حديثه :


_ لم أكن أعلم بالأمر ، لقد عرفت في آخر أيام قضيتها في المخيم .


انتظرته حتى استكمل حديثه ، وحالما صمت رأت في عينيه بمعانا يحثها على قول ما تريد ، سألت بهمس :


_ عن ماذا تتكلم أندريس ؟؟


سحب نفسا عميقا ، أشبع رئتيه بالهواء ، وجدد الهواء في صدره ، قال بتردد :


_ لقد قررت أن أعيش في لندن ، هنا !!


رفرفت بعينيها ، وابتسمت بفرح عامر جعل خديها يتوردان بلون لطيف ، قالت بحب :


_ هذا أمر رائع أندريس .


استوقفها بهدوء :


_ لكن هذا ليس قراري ، فأنا مجبر على ذلك .


ما كانت لتفهم ما يقوله ، فقد كان دائما بالنسبة لها كتابا مغلقا يصعب كشف أسراره المخبأة ، سألته غير واثقة من الإجابة :


_ هل هناك من أجبرك على ذلك ؟؟


رد بتشدق:


_ ليس شخصا واحدا ، بل ملايين الأشخاص .


تعرق جبينها بقلق ، سألته بسرعة والخوف يتدفق من عينيها ويحيط به ليحميه :


_ من هم ؟؟


أمسك كتفيها بهدوء مهدئا إياها وهمس برقة :


_ شعبي !!


ثوان خالتها دايزي دهرا ، ظلت تلك الكلمة معلقة في الهواء ، رددت دايزي بدهشة (( شعبك )) ، فهز رأسه مجيبا بــ ( نعم ) ، حررت نفسها من قبضته القوية ، سألته وعيناها تستكشفان المكان الذي بدا فجأة ضبابيا غير واضح :


_ هل أنت وريث عرش إنجلترا ؟؟


بدا مترددا قليلا ، ولمحت في عينيه سوداوية لم تألفها عليه قبلا ، حرك شفاهه بهدوء ليقول :


_ هذا ما يبدو !


استدارت ببطء وسارت مبتعدة ، تاركة إياه خلفها ، وشعر هو بأن قدميه تجمدتا ، لكنه استطاع أن يسأل بيأس :


_ هل الأمر سيء إلى هذه الدرجة ؟؟


توقفت لبضع ثوان ، قبل أن تستأنف المسير هامسة بمرارة :


_ لا أبدا ، لكنه يقضي على آخر بصيص أمل لدي !


وما كان له أن يترك كلماتها معلقة مبهمة ، تحررت قدماه فجأة من ذاك القيد ، وبسرعة شديدة قطعتا المسافة الصغيرة بينهما ، أمسكها من ذراعها بشدة وأدارها لتواجه عينيه المتسائلتين .


رأت ارتجافا مترقبا في عينيه ، ارتجافا ملحا يرجوها أن تكمل حديثها ، استجابت لذلك الطلب مسحورة فمظهر وجهه الذي انعكس عليه شعاع القمر فأظهره خاطف الأنفاس ، تحدثت بيأس :


_ يقضي على آخر فرصة لي بأن أكون معك يوما ما .


حاولت أن تنتزع ذراعها من بين بيديه القويتين لكنها فشلت ، وكانت تشعر بحاجة ملحة للبكاء ، فصاحت به بهستيريا أن يتركها ، لكنه لم يستجب ، بل فعل العكس ، جذبها إلى صدره وضمها بهدوء ، ضربته وصدته في البداية ، لكنها استكانت لدفء صدره في النهاية ، وأفرغت دموعها على قميصه فبللته ، همس لها بهدوء :


_ لا أريد شيئا في هذه الدنيا سوى أن تكوني زوجتي التي تربي أطفالي وتعتني بي .


أشرقت من بين دموعها ، ضحكة خالت أنها لن تضحكها يوما ، كانت خارجة من الأعماق ، اخترقت ضباب الحزن المعشش في أعماقها ونشرت فيه البهجة ، رفعت رأسها وهمست برجاء :


_ أنا لا أريد أن أستيقظ أبدا !!


استغرقه الأمر بضع لحظات قبل أن يستطيع استيعاب قولها ، وحالما فعل ضحك من أعماق قلبه ، وقال لها :


_ حسنا إذن ، لنقلها بطريقتنا ، لا أريد شيئا في هذه الدنيا سوى أن أقضي حياتي في مشاجرتك وإغاظتك .


قهقهت بصوت عال رمى بالحزن بعيدا عن دربها . ابتسم بحب لها وأمسك وجهها بين يديه ، سألها بلطف :


_ هل تقبل الأميرة أن تكون زوجة هذا الرجل المسكين .


عاتبته دايزي برفق :


_ هذا الرجل المسكين الذي سيصير ملكا !


انصاع أندريس لها وأعاد جملته :


_ أن تكون زوجة هذا الرجل المسكين الذي سيكون ملكا في يوم من الأيام ؟؟


تسربت دايزي من بين يديه ورسمت على وجهها ابتسامة متمردة ، التمع المكر في عينيها وهي تقول بمناورة :







_ وأقضي حياتي كلها في دراسة السياسة لمساعدتك ، الأمر يستحق أن أفكر فيه .


فجأة ..... لم تعد تشعر بالأرض تحتها ، وشعرت أنها معلقة في الهواء ، وكان أندريس قد رفعها وبدأ يدور بها ويدور ، وكانت هي تضحك بصوت عال ، ترجوه أن يتوقف ، صاح بصوت عال :


_ سأتوقف حالما تقولين إنك ستتزوجينني .


صــــاااحت دايزي بأعلى ما استطاعت :


_ أنااااا موااااااااافقة .


وكما وعدها أنزلها إلى الأرض ، وهمس بسعادة غامرة :


_ هيا بنا ، لنبشر الباقين .


ضحكت لذلك الحماس المتدفق من أعماق عينيه ، وجارته :


_ حسنا هيا بنا .






تساءل ليسندر بعدما تناول كأسا من الشراب عن الطاولة :


_ هل تظنون أنهما اتفقا ؟؟


همس كايل ببطء :


_ دايزي ليست سهلة !


أضاف نيكول :


_ وأندريس عنيد للغاية !


أجابت ساندرا التي ظهرت فجأة :


_ لكنهما يشكلان ثنائيا رائعا !


سألها ليسندر بهدوء :


_ هل أنت بهذا التفاؤل دائما ؟؟ مذ أتيت وأنت تظهرين حماسا منقطع النظير .


هزت سان رأسها الكستنائي بحماس ، أشارت لمكان ما خلف الجميع ، وصاحت بصوت عال :


_ لقد اتفقا .


ولم تنتظر أحدا ، بل انطلقت إلى دايزي وعانقتها بحماس شديد ، بادلتها دايزي العناق ، وسألتها بدهشة :


_ متى حضرت ؟؟ لم أرك قبلا !


بررت سان :


_ آسفة لقد تأخرت بسبب ( فرانس ) !


سألت دايزي بتشكيك :


_ هل أعرفه ؟؟


ردت سان بحماس شديد وهي تعانق أندريس :


_ لا ، إنه خاطبي وهو فرنسي وسوف أعرفكم به !!!!


صاحت دايزي بدهشة شديدة ، ثم قالت بعفوية :


_ مبارك لك سان .


سألت ساندرا بترقب :


_ وهل أستطيع أن أقول المثل ؟؟


نظرت دايزي إلى أندريس المبتسم ، ثم أعادت نظرها إلى كل من تجمع حولها وهمست بخجل :


_ نعم .


ومع كلمتها تلك انهالت عليها المباركات ، عانقت كايل وشكرته بحب ، بادلها العناق وتمنى لها حياة سعيدة .


احتضنت ميديا وشكرتها بهدوء لكونها أفضل صديقة وشقيقة حظيت بها يوما ما ، كما عانقت البقية وشكرتهم باستثناء ليسندر فقد قرصته وشدته من أذنه وهددته بوعيد :


_ إن مثلت علي مرة أخرى ، فسأقتلك !


تأوه ليسندر بألم وصاح باعتراض :


_ زوجك هو من جاء بهذه اللعبة .


احمرت دايزي بخجل وصاحت به غاضبة :


_ ليس زوجي بعد .


لم يعرها ليسندر أي اهتمام بل تابع بدهاء :


_ ثم لا تريدين تشويه وجه العريس قبل عرسه ، أليس كذلك ؟؟


صاحت دايزي مستنكرة :


_ ومتى قررت الزواج ؟؟


رفع ليسندر حاجبيه وكشر بتركيز :


_ العروس لم توافق بعد !


سألته دايزي ، وكانت موقفنة من هوية العروس :


_ ومن هي سعيدة الحظ ؟


لم يجبها ، بل حملق في لوسيتا التي ارتبكت بشدة ، وتصاعد الاحمرار ليغزو وجنتيها البيضاوين ، رأت النظرات تتجه نحوها ، فاعتذرت ببطء وانسحبت بخجل شديد ، تبسم ليسندر في إثرها وأطلق تنهيدة من أعماقه ، جعلت الجميع يقهقه فرحا .



ضربت ميديا رأسها وصاحت كأنما تذكرت شيئا ما :


_ لقد نسيت أن أخبرك دايزي .


سألت دايزي بهدوء :


_ ماذا ؟؟


ردت ميديا بسرعة :


_ سيلفيا ستتزوج !!!


شهقت دايزي بدهشة غير مصدقة مات تسمعه أذنيها ، لكن عيني ميديا الجادتين أكدتا لها هذا القول ، سألت بشفقة:


_ ومن هو هذا المسكين الذي سيتزوجها ؟؟


ضحكت ميديا حتى بلغت ضحكتها عينيها الواسعتين ، وهمست بصوت مضحك :


_ لن تصدقي ، ولكنها تطيعه في كل ما يقول .


صاحت دايزي مستنكرة :


_ يبدو أنك خلطت بين سلفيا وبين شخص آخر .


أكدت ميديا :


_ أقسم أنها سيلفيا التي نعرفها ، وزوجها رجل ثري إيطالي ، طويل وأسمر وخطير وحازم جدا ، لكن يبدو أنه يحبها ، وهي تحبه كذلك .


كشرت دايزي باستهجان :


_ سيلفيا تحب شخصا ما ، وشخص ما يحب سيلفيا !! هذا أمر غريب ..



شعرت بيدين دافئتين تمسكان بكتفيها ، ثم وفجأة وجدت نفسها تحدق في عينين أحبتهما وأحبت صاحبهما ، تبسمت بحب . حدق بوجهها بكل تقاسيمه ، شعرها الذهبي ، حاجبيها الرقيقين ، عينيها الواسعتين ، والأمواج الهادئة السابحة خلف أهدابها الطويلة الكثيفة ، حدثها بحب واضح :


_ اتركينا من الباقين ودعينا نتحدث عن أنفسنا .


مد يده إلى قناعها وأراد نزعه لكنه رفضت ، فقال بغير رضا :


_ كولومبين مخادعة ، وأنت لست كذلك .


أمسكت القناع بيديها وهمست :


_ لكن كولمبين هي من جمعني بك .


لاحت على شفتيه ابتسامة متألقة ، جعلت قلب دايزي ينبض بقوة وسرعة شديدة ، همس لها برفق :


_ لا أعدك بحياة خالية من الشجارات ، لكنني أعدك بأن أحبك إلى الأبد .


ردت عليه بكل ما استطاعت من حب :


_ سواء كنت أندريس سوفاكيس ، أو أندريس وندسور ، فإنني سأحبك إلى الأبد .








وَهَكَذَا يَنْتَهِي مِشْوَار قِصَّتِي الَّتِي لَا يُمْكِن وَصْفُهَا بِأَنَّهَا طَوِيْلَة وَلَا قَصِيْرَة

وَأَكُوْن قَد مَرَرْت إِلَيْكُم بَعْض أَفْكَارِي وَبَعْض مَا شْطَح بِه خَيْالي
وَلَكُم أَتَمَنَّى أَن يَكُوْن لَنَا لِقَاء قَرِيْب يَجْمَعُنَا كُلُّنَا سَوِيا ♥

وَقَبْل أَن أُوَدِّعُكُم أَحْبَبْت أَن أُخْبِرَكُم بِبَعْض مَا كُنْت قَد عَزَمْت عَلَيْه خِلَال كِتَابَة هَذِه الْقِصَّة :

1- في بعض الأحيان كان يخطر لي أن أقتل أندريس ، وأبقي على سيدريك ليقتل دايزي >>>
2- في أحيان أخرى كنت أريد أن أقضي على نيكول >>> مخططات جهنمية
3- في أوقات أخرى ، أردت أن يصاب كايل بالرصاصة التي أصابت أندريس وأردت أن أدخله في غيبوبة أبدية >>>
4- وأحيانا كنت أفكر في أن أجعل سيلفيا تتزوج كايل وتهنأ به وأبقي صوفيا وحيدة إلى الأبد .

>>>>>>>>>> ما رأيكم بأفكاري الخطيرة ؟؟؟










لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-13, 11:59 AM   #22

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كانت هذه رواية الأسبوع باللغة العربية الفصحى

نتمنى انها قد نالت رضاكم

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-05-13, 07:45 PM   #23

rayatalislam

? العضوٌ??? » 277502
?  التسِجيلٌ » Dec 2012
? مشَارَ?اتْي » 356
?  نُقآطِيْ » rayatalislam has a reputation beyond reputerayatalislam has a reputation beyond reputerayatalislam has a reputation beyond reputerayatalislam has a reputation beyond reputerayatalislam has a reputation beyond reputerayatalislam has a reputation beyond reputerayatalislam has a reputation beyond reputerayatalislam has a reputation beyond reputerayatalislam has a reputation beyond reputerayatalislam has a reputation beyond reputerayatalislam has a reputation beyond repute
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .


rayatalislam غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-08-13, 03:11 PM   #24

sam2001
 
الصورة الرمزية sam2001

? العضوٌ??? » 165263
?  التسِجيلٌ » Mar 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,479
?  نُقآطِيْ » sam2001 is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

sam2001 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-13, 07:42 PM   #25

sokart albnat
alkap ~
 
الصورة الرمزية sokart albnat

? العضوٌ??? » 261693
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 536
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » sokart albnat has a reputation beyond reputesokart albnat has a reputation beyond reputesokart albnat has a reputation beyond reputesokart albnat has a reputation beyond reputesokart albnat has a reputation beyond reputesokart albnat has a reputation beyond reputesokart albnat has a reputation beyond reputesokart albnat has a reputation beyond reputesokart albnat has a reputation beyond reputesokart albnat has a reputation beyond reputesokart albnat has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

thaaaaaaaaaaaaaaaaaaanks

sokart albnat غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-02-15, 11:56 PM   #26

hyo jing
 
الصورة الرمزية hyo jing

? العضوٌ??? » 337890
?  التسِجيلٌ » Feb 2015
? مشَارَ?اتْي » 35
?  نُقآطِيْ » hyo jing is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

hyo jing غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:34 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.