آخر 10 مشاركات
اخطأت واحببتك *مميزة*& مكتمله* (الكاتـب : Laila Mustafa - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          بأمر الحب * مميزة & مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          عندما يُخطئ حبيبان!! (21) -رواية شرقية- بقلم: yaraa_charm *مميزة & كاملة* (الكاتـب : yaraa_charm - )           »          مهجورة في الجنة(162) للكاتبة:Susan Stephens (كاملة+الرابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          263 - بيني وبينك - لوسي غوردون (الكاتـب : PEPOO - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          البجعة الورقية (129) للكاتبة: Leylah Attar *كاملة & تم إضافة الرابط* (الكاتـب : Andalus - )           »          1109 - شئ من الحقيقة - شارلوت لامب - د.ن (الكاتـب : * فوفو * - )           »          135 - الخطوة الأخيرة - مارغريت بارغيتر ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-11-13, 09:27 PM   #31

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Elk


* * *
تركت الصلاة فلم تبلغني مأربي، وعدت كما كنت أحاول أن أجرب أي طريقة أخرى أنساها بها، يا إلهي...! ألم تخلق سواها؟
كنت أكب على عملي في مقيل النائب بجهد زائد، وأعتني بصاحبي المريض معظم الوقت وأجلس مع البورزان أسمع منه حكاياته عن "حرب الانسحاب" التي هزم فيها، وأنصت لزامل العسكر المعتاد، ومع كل ذلك لم أستطع نسيانها!
كنتُ أتذكر تعبيرها لي بأنني تحولت من دويدار إلى خادم، أغسل "المتافل" وألقط الجمر "للمدائع" وأكنس مكان المقيل في وقت متأخر من الليل.

* * *

عدت إلى غرفة صاحبي ذات ليلة متأخراً. ارتميت بجوار النافذة الصغيرة، ينهشني الغمّ والكدر والضيق... الضيق الحقيقي من الحياة.
وسمعت سعاله مصحوباً بأنين جديد، تفقّدته، كان هامداً سوى حركات متباطئة من رأسه.. جسمه بارد ولونه شاحب.

* * *

قال الطبيب الأجنبي الوحيد في المدينة، وربما في البلاد كلها، بعربيته المكسّرة:
- ما فيش خوف، واحد حبة بعد أكل، إن شاء الله تمام، بعدين، تأتي مرة يجي عندي، لازم أشوفه!
لملمت صاحبي من أمام الطبيب الذي هرع مسرعاً يتفقد أرانبه في سفل الدار. ذكّرتني رائحة مخلفات الأرانب بداري في القرية، تنشقت بشوق تلك الرائحة فهي شبيهة برائحة ثورنا وبقرتنا وغنمنا!
حاولت مداعبة صاحبي بترديد كلام الطبيب المكسر عربياً، فابتسم مجاملاً لي فقط.
كانت حالته سيئة، ومن يوم إلى يوم تسوء أكثر، وحبة العلاج التي قررها الطبيب لم تجد نفعاً.

* * *

أعدته إلى الطبيب عدة مرات فسمعت الكلام المكسر نفسه وحبة العلاج نفسها التي لا يملك سواها دواء للمريض.
حاولت ذات صباح أن أشدو وأنا منفرد بأغنية من قريتي فلم أستطع. وحاولت أيضاً أن أصفر بفمي لحنها فتعثرت.
لا أدري ما الذي جعلني أفقد حتى مجرد الإحساس بالسعادة لأستقبل يوماً جديداً آخر!

* * *

كان مقيل اليوم متوتراً، فالنائب ظل خارجاً داخلاً وحالته ليست مستقرة، بل وحالة الضيوف المعتادين في المقيل أيضاً!
أدركت أن هنالك شيئاً، ربما حدث، أو هو في طريقه للحدوث، قد أزعج الجميع!
قال أحد المقربين للنائب وقد تأكد من معرفته التامة لوجوه الموجودين:
- ما الذي حدث في صنعاء؟
- قُتلَ الإمام.
- ومن قتله؟!
- حزب الأحرار.. الدستوريين.
واستمرت فترة صمت:
- هل غادر "السيف" المدينة؟
- نعم.
- وكيف غادرها؟
- لا أعلم.
- ألم يترك لك خبراً؟
- لا يثق بأحد.
ذهلت لهذا الحوار المتبادل بين النائب وقريبه والذي اتسع مجاله بين المجموعة.
وغادر الضيوف مقيلهم مبكرين على غير عادتهم، واختفى النائب في أحشاء قصره وملحقاته، وعدت مبكراً إلى صاحبي حيث أخبرته بهذه الأحداث، فوثب من مرقده فجأة وهو يسألني:
- هل قُتلَ الإمام؟
- هذا ما سمعته.
وارتمى على ظهره وصوته يخفت:
- هل أنت متأكد من ذلك؟
- هذا ما سمعته.
ونهض مرة أخرى:
- وليّ العهد... "السيف".. أين هو؟
- غادر المدينة.
وارتمى مرة أخرى على ظهره قائلاً كمن يخاطب نفسه:
- لقد فشلوا...! كان عليهم بسيف الإسلام قبل الإمام.
- ماذا قلت؟!
- لا شيء.
- هل أنت بخير؟
- كنت.

* * *


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-13, 09:29 PM   #32

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25

* * *
أهذا الدويدار، صاحبي، أكثر إدراكاً للأوضاع مني، وهو المريض، الآن، وربما على فراش الموت!؟
عجبت، ولمت نفسي، وأنا صاحب قضية ويهمني الأمر أكثر منه!
ارتميت على الفراش في مكاني المعتاد والهواجس تتكالب عليَّ، فقد قُتلَ الإمام الهرم في صنعاء، وسيفه ولي عهده فرّ من المدينة.
وأسرتي؟ بعضها مشرّد والآخرون في السجون أو المهجر.. وأنا رهينة، ودويدار، وخدام مؤخراً، لأن والدي يعارض سياسة الإمام وسيوفه.
لقد قُتل الإمام وهذا هو المهم، وبأيدٍ يمانية وهذا هو الأهم. أكيد ذلك، وأكيد ما حدث.
وفرّ وليّ العهد السيف المسلط على رقابنا. خيبة أمل وغمّ وخذلان، ولكن لا يهم!

* * *

في سجل تاريخ شعبنا اليماني أنه قادر على تنفيذ كل رغبة تجتاح مشاعره وهو ينفذها بالفعل ولو بطريقة عشوائية. ربما يقال إنها ليست ميزة، ولكنني أؤكد أنها ميزة، فباستطاعته إنهاء الظالم ولو بصبر الجمال وحقدها!

* * *

هيأت مكان المقيل مبكراً مما استغرب له النائب. ولم أُظهر له أي شيء عن مشاعري لما حدث، ولا هو سأل أو تكلم عن ذلك. لئيم بطبعه! وخبيث! وكنت قد اكتشفت من خلال ممارستي للعمل معه أنه يظهر للآخرين غير ما يبطن. تعلمت ذلك منه وطبقته في معاملتي معه بالرغم من استهجاني لهذا الأسلوب.

* * *

ونشطت لكي أسمع جديداً في الأمر، لكنهم بخلوا هذا اليوم بأن يتفوّهوا بأي حديث مهم، فكان مقيلاً صامتاً توجّست من خلاله مخاوف وذعراً وقلقاً.
لا بد أن شيئاً قد حدث! هذا ما استنتجته. وجوه القوم تعكس القلق نفسه الذي أعيشه!

* * *

بكرت على غير عادتي، وتجولت في أرجاء القصر وملحقاته ما شاء لي التجوال. حتى دار الشريفة حفصة، مررت بها.
يا ترى هل هي مهتمة بهذه الأحداث؟ أم أن كل همّها هو نفسها والشاعر، وربما أنا؟!

* * *

توافد على قصر النائب مواطنو منطقته المحيطة بالمدينة، معظمهم من رعاياه وشركائه في الأراضي، وقلة من الأنصار.
بعضهم ببنادق يحملونها على أكتافهم بملل، والبعض الآخر بعصي وفؤوس يتوكأون بها. وكانوا "يزملون" أمام بوابة القصر:
يا شجرة يا مُورِقة يا مُحْدِقة...
...يسقيك ربي بالمطر!
أشكال وألوان من البشر غير منسقة ولا منتظمة، وأفواه تنعق بكلام ليس في محله، امتعض له النائب وهو الذي كان قد أرسل لهم الرسل (القاصدة) لكي يحضروا ويشّرفوه في مثل هذه الأحداث والأزمات، وهذه المواقف التي يجب فيها الحزم والصرامة وإظهار القوة بكثرة الأتباع النافعين.
ومع ذلك فقد مرّت الأمور كما يهوى، فكان تعليل الناس هو أن النائب سيحسم الأمور لصالحه، أو لصالح السيف وليّ العهد، أو لصالح الأحرار. وقد استغل النائب هذه التآويل المتنوعة وتركها تسري وتشيع، وارتاح لها كثيراً!

* * *

قلت لصاحبي المريض كل ذلك، فقال:
- النائب؟ مَلَكي أكثر من الملك!
- كم أنا غبي!
- أنت طفل.
- وصفوني قبلك بهذه الصفة!
- أتقصد الشريفة حفصة؟!
- والبورزان أيضاً!
وسعل فجأة سعالاً حاداً لم يهدأ منه إلا عندما ضممته إلى صدري، فقال بصوت خافت:
- البورزان؟! ليس لديه سوى قصة "حرب الانسحاب" التي هزم فيها، وهي حكاية كبيضة الديك!
كانت إجابة بعيدة عن القصد، وربما تعمّد صاحبي المريض ذلك! لكنني قلت:
- لم أقصد ما طرق ذهنك من وهم!
- على كل حال، ستعرف ذلك مستقبلاً!
لم أحاول الإجابة عليه بأن البورزان قد قال لي ذلك من قبل.. وشعرت بحرجه، فرقدنا هامدين مع بصيص من نور من كوة النافذة الصغيرة، وسعاله الحاد يقلقني ولا يهدأ إلا بعد أن أضمه إلى صدري كي يستردّ نَفَسه.

* * *


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-13, 09:32 PM   #33

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Elk

* * *

منذ فترة لم يطرق أذني ذلك الرنين الساحر الصادر عنها، كم هو رائع! في بلادي التي حكيت لها عنها العجاب، استضعفوني واعتدوا على أسرتي، وصادروا كل شيء، مسخوني إلى رهينة ودويدار ثم خادم، في بلاطها وبلاط أخيها النائب!
لكأن صوتها الرنان ينزلق الآن في رفق ويحول الصدى إلى موسيقى ذات أنغام حالمة!

* * *

اعترضت طريقي في فناء القصر بجوار الفسقية. كنت خارجاً لتوي من مكان مقيل النائب بعد أن قمت بإعداده حسب العادة بعد رحيل آخر مُقيّل فيه.
قالت بدلال:
- هيه! يا سبحان الله! كأننا لا نعرف بعضنا!
أخفيت ارتباكي ولم أجبها، لكنها اقتربت مني وأمسكت بذراعي قائلة:
- أوبه (انتبه)! أنا الشريفة حفصة!
- لم أنكر ذلك!
- وأنت رهينة!
- .. ودويدار.
- .. "حالي"!
- وماذا؟
- وخادم سيدي النائب! الذي يقوم..
- بغسل الأواني القذرة، و... و... و...!
- أو تنكر ذلك؟
- معاذ الله!
- حسبتُ أنك ستنكر!
لا أدري كيف واتتني الشجاعة لكي أقف أمامها في ثبات تام واعتزاز بالنفس لم أعهدهما من قبل، مما جعلني أتخطاها ماشياً إلى الأمام، نحو بوابة القصر، فقالت:
- إلى أين أنت ذاهب؟
- لديَّ عمل.
- هكذا!
- ماذا تريدين؟
- أن أراك!
- بهذه البساطة!
وكشّرت كعهدها دائماً، وبصوتها المبحوح المحبّب إلى نفسي قالت:
- وتتركني لوحدي!؟
ونظرتُ حولي متصنعاً الاهتمام، كأنني وإياها في غابة موحشة وهي تخاف الوحوش الكاسرة!
وقلت:
- أنتِ في دارك!
- نعم؟!
صمتُّ قليلاً... كنتُ أعرف أنها أقوى مني في مجال السخرية بالآخرين فحاولت استثارتها:
- لا يهمك إلا ذاتك الخاصة.
- ومن أحبّ.
- كلام!
- هل تنكر ذلك؟
- نعم.
- وتقول هذا بإصرار صارم؟
لم أجبها، فتمالكت أعصابها وأخذت بيدي بعنف إلى ركن في الساحة ثم أجلستني بجوارها فجلست وقالت بصوت لم أعهده فيها من قبل، صوت مشوب بالخذلان والانهزام:
- أريدك أن تنقذني!
لا أدري كيف صدمني سؤالها الحزين الجاد والذي هوت به على مسامعي، كان صوتاً ينمُّ عن حالة ضعف لم أعهده فيها من قبل.
قلت ملاطفاً:
- ومن ينقذني أنا أولاً، وينقذ هذا البلد أيضاً!؟
- أنا ربّة إبلي وللبيت ربٌّ يحميه.
- لم أفهم!
- هه!
- نعم.
- ألم تقرأ حتى كتب التاريخ؟!
- كتب التاريخ؟! لم أقرأ صفحة واحدة! كان والدي يقرأ هذه الكتب دائماً.
ضحكتْ، وقد كادت من قبل أن تذرف الدموع الغزيرة، ثم ضمتني إلى صدرها مرحة.. فاستسلمتُ برأسي بين نهديها الناضجين بالأنوثة والمحبة والشهوة.
أزاحتني برفق قائلة:
- هل تنقذني مما أنا فيه؟
وابتسمتُ مرة أخرى، وقد هالني طلبها المفاجئ، وبعد أن تريثتُ ممعناً في طلبها هذا أجبت بعد قليل:
- ممَّ أنقذك؟!
- من حياتي هذه.
كان ردها واضحاً وسريعاً، فقلت متفلسفاً بحِكَم الريف:
- من هو في الوادي يقول ليتني في الجبل! ومن هو في الجبل يقول ليتني في الوادي!
- حِكَم ريفية هبلاء!
- حِكَم مأثورة وصحيحة.
صمتت برهة أتاحت لي فرصة للتأمل والتبصر، فقالت:
- أنا وأنت في مكان واحد، حسبته أنت جبلاً أو وادياً.
- فرق كبير بيني وبينك، كالفرق بين الجبل والوادي!
- أنا أخت النائب! وأنت دويدار، رهينة، ...و...و...و!!
- هذه نقطة!
- والأخرى؟
- لا داعي للاسترسال في حديث لا فائدة منه!
وثبتْ غاضبة واتجهت نحو دارها.

* * *

توهجت المدينة والقرى المحيطة بها في الجبال والسهول بأضواء هائلة على أسطح المنازل تدل على وقوع حدث هام..

* * *

انتصر الإمام الجديد، السيف، الأمير، وليّ العهد السابق... على الدستوريين، الأحرار، الثوريين...

* * *

وعلتْ دار النائب وملحقاته -برغم تخمينات العامة غير الموفقة- مشاعل النصر المعجونة من رماد وقاز.
كنت قد رفضت بشدة أن أعجن الرماد بالقاز وأشعله رمزاً لانتصار الإمام الجديد، ولكن غيري من المتطوعين قاموا بالمهمة.

* * *

وهمدتُ متألماً بجوار صاحبي المريض. كان يئن بفحيح مؤلم!
توجهتُ نحو النافذة الصغيرة وأضواء المشاعل تتلألأ من على سطح كل منزل وتغمر غرفتنا ذات الكوة الصغيرة بالنور المقلق الأصفر الباهت.
عاد السيف، الإمام الجديد، وقد انتصر. لا بد أن والدي أحد ضحاياه، والذين ضُربتْ أعناقهم في مدينة "حجة". وقد عاد السيف وليّ العهد الإمام الجديد بعد ذلك منتصراً بعد أن أباح "صنعاء" للنهب والسلب والقتل والدمار.

* * *

رقدَ صاحبي الدويدار الحالي، ورقدتُ معه رقدته الأخيرة!
ميتاً كان... وهامداً... بارد الجسم، وبشكل أوحشني!
كنت قد تمالكت أعصابي، فلم أنهر لموته، كنت من قبل أتوقع أن أُصاب بالجنون إذا ما مات صاحبي، لكني تقبلت الأمر الواقع بانفعالات صامتة وهادئة.
احتضنته. وغسلته بنفسي وهو عار، شبه هيكل عظمي، بجلده الباهت اللون الذي تبرز كل نتوءات العظام من خلاله. وكفّنته بكفن أبيض شراه البورزان، وعطرته بروائح تطوّعت بها الشريفة حفصة، وكم كانت ثمينة لديها وتحتفظ بها لمناسبات أخرى! ووضعتُ بين طيات كفنه "مشاقر" من الريحان والزهور الشذيّة.
بحثتُ عن البورزان عسى أن يفتح عيني لينهمر منها الدمع. لكنه كان مكروباً، فارّاً مع عقدته (هزيمة الانسحاب)! وربما زاده فشل هذه الأحداث انهزاماً فهرب!
كم كنت أود أن يكون موجوداً، وخصوصاً أنه شارك بشراء الكفن، ليشاركني متاعبي وهمومي أو يُفرّج عني قليلاً بقصصه عن حرب الانسحاب!
أما الشريفة حفصة، والتي ترددتُ كثيراً لأرتمي بهمومي بين أحضانها، فقد شاركت بالحضور وعلاها الحزن وهي تشم عطوراتها الخاصة الثمينة تفوح من نعش الفقيد. حضرَ أيضاً الطبشي العجوز المفدوغ الرأس.
كنا هؤلاء فقط أهم الشخصيات في جنازة الفقيد الراحل.
كانت معظم نساء القصر وملحقاته، ممن عِشْن معه في مغامراتهن، يتفرجن من بعيد.
جنازة صغيرة سارت بنعش صاحبي الخشبي المحمول على الأكتاف إلى مقبرة المدينة المزحومة بجنائز كثيرة، مصحوبة بأهازيج وتراتيل الموت الشاحبة:

لا إله إلا الله... لا إله إلا الله.

لا إله إلا الله... محمد رسول الله...


* * *


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-13, 09:34 PM   #34

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25

* * *
يا دويدار.. قد امك فاقدة لك
دمعها كالمطر..
يا رهينة.. قد امك فاقدة لك
دمعها كالمطر..

* * *

يا الله رضاك... يا الله رضاك... يا الله رضاك..
وارضَ علينا برضاك... يا الله رضاك..
واحنا طلبناك عظيم الشأن...
يا من تفتح لنا ابوابه!

* * *

طغت على مسامعي كل تلك الأهازيج الماضية وأنا أزاحم. كان عليَّ أن أشقّ بنعش صاحبي الراحل باب المدينة الضيّق إلى مقبرتها العامرة. وطغت أكثر فأكثر "زوامل" وأهازيج جند الإمام الجديد المنتصر:
يا وادي "الحوبان"([2]) توسع..
لجيش سيدي والمدافع..
ثم علا زعيق الجند:
سادتي أنتم نجوم الأرض دايم..
من سعادتكم نزلنا للتهايم..
نرضى الله والإمام.

* * *

كان الطبشي العجوز قد أعدّ قبراً صغيراً. كنت في المقدمة وعنقي يكاد ينكسر برغم خفّة النعش ومن يرقد فيه، ولكن استمراري في حمل النعش من القصر إلى المقبرة لقلة المتأجّرين والطالبين للثواب أرهقني كثيراً، وقد انحنيت تحت مقدمة النعش. ورغم تبرّع بعض المارّة لنيل الأجر والثواب، لم يعفني ذلك من حمل المقدمة وإن كان قد ساعدني على أن يظل النعش مرفوعاً إلى الأمام والجنازة مستمرة.
كان العرق يتصبب مني بغزارة ألهبت عيني.
وضعنا النعش أمام القبر الصغير لنتلو عليه سورة "يس" من القرآن الكريم كما هي العادة.
لمحتُ الشريفة حفصة مع بعض نساء القصر وجيرانه جالسات فوق قبور مقضضة. لم أحاول إعادة النظر إليها.. ولا أدري كيف عرفتها تلقائياً مع العلم بأنها مع النسوة الأخريات يلبسن "الشراشف" السوداء نفسها!
وأهَلْنا على القبر ومن بداخله التراب. ونُصب حجر فوق القبر يدل على أن ساكنه ذكر وليس أنثى!
وقمت بنزع شجرة عشب أخضر غرستها فوق القبر وصببت عليها الماء!
أمسكتْ بكتفي الشريفة حفصة وهي تقول:
- عظّمَ الله لك الأجر!
لم أكن أعرف ماذا يُردّ في مثل هذه المناسبة. كنت أذكر فقط أننا نخرج من القرية في أي جنازة لنصيح بالترانيم الجنائزية، ثم نقرأ "يس" والفاتحة فوق القبر.
قالت:
- هل نعود؟
- أريد أن أجلس قليلاً هنا.
- لماذا؟
- هكذا أردت!
- لا تغضب! كلنا حزانى عليه!
- ليس مثلي.
- لا تكن مبالغاً في عواطفك!
- لا وجود للعاطفة في هذا القصر وملحقاته!
ابتسمتْ، وقالت بصوت هادئ:
- لا تكن فظاً.. وجلفاً.. ومتطرفاً..!
- ماذا تقصدين؟
قالت بهدوء أيضاً وهي تُربّت على كتفي:
- لا أقصد شيئاً. كل ما أقصده هو أن نعود إلى الدار لكي نستريح.. وننسى!
- ماذا ننسى؟
وفقدتْ هدوءها، وقد علا صوتها:
- ننسى هذا! هذا الذي رحل! وما فات مات!
- لن أنساه!
- لن ننساه جميعاً، ولكن ما المبرر لبقائنا وحدنا في المقبرة؟
وتلفتُّ حولي. لم أجد أحداً سواها! واقفة أمامي، وصمت المقبرة يخيم ويطغى على حوارنا المتبادل. ومع ذلك جلستْ هي على حجر وجلستُ بجوارها.
كنت أعرف أننا لن نصل إلى حل معاً.
كنت أُدبّر حالي في قضية فكرتُ بها منذ أُسرجت مشاعل النصر للإمام الجديد!
وهي؟ لا أدري بماذا تفكر! قلتُ لها إنني لن أغادر المقبرة إلا عندما أريد.
فقالت:
- وقت الغداء قد أزف، والنائب ربما يحتاج إليك!
وتفوّهتُ على النائب وعلى الجميع بألفاظ نابية وجارحة، لكنها تمالكت أعصابها وقالت:
- هدئ من غضبك!
- لست غاضباً.
- أوَ متألم أنت؟
- لا.
- حزين؟
- ربما!

* * *


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-13, 09:36 PM   #35

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25

* * *

ومرّ الوقت وكاد المساء أن يهجم علينا، قالت:
- ألديك فكرة ما؟
كان الصمت يطبق على كل أرجاء المقبرة، والأصيل يكاد ينتهي بشمسه الحالمة المؤثرة المحببة إلى نفسي. ليت حياتنا كلها أصيل دائم نحلم فيه بمرح الحشاشين، وخيال وطموحات السكارى، وبحرارة توقُّد أفكار "المقيِّلين" بالقات!
أجبتها:
- نعم.
- الهروب؟
- نعم.
- لا يمكن!
- وما المانع؟
صمتت لحظة ثم قالت بتحدٍّ سافر وجادّ:
- لن أتركك!
- هذه المرة سأفلت منكِ.
- لن تستطيع!
تأملتها قليلاً، ثم قالت ساخرة:
- هذا منك مجرد طموح لا تقوى على تنفيذه!
- بل تصميم!
- سأضطر لرميك بالحجارة حتى أدميك!
- حتى ولو بالقنابل!


* * *

عاد الصمت بيننا مع انتهاء الأصيل وإطباق الليل العابس وسكون المقبرة الموحشة. قالت متسائلة:
- إلى أين ستذهب؟
- إلى الجحيم!
- أسألك بهدوء، فلماذا تجيب بغضب؟
- هذا طبعي!
- ليس هذا طبعك! أنت "حالي" دائماً!
- كان ذلك قبل هذا اليوم!
وعاد الصمت.
اقتربتْ مني أكثر، أكثر من أي يوم سابق، وأحسستُ بجسمها المكتنز بكل أنوثة العالم يطويني بحراراته.
كان فمهما العذب يتكلم أمام وجهي مباشرة.
عيناها مركزتان على عينيّ اللتين هربتُ بهما بعيداً!
لم أستطع أن أقابلها وجهاً لوجه، أن أتكيف حتى بمجرد الجلوس معها. لم أستسغ ذلك، ربما رعباً ورهبة!


* * *

قالت وقد مضى الوقت إلى الظلام الدامس وهي تهز كتفيّ تريد أن أواجهها وجهاً لوجه، وبصوت جاد وحازم:
- خذني معك!
- ... إلى أين؟!
- إلى الجحيم!
- أي جحيم؟!
- الذي ستذهب إليه!
ارتعت لقولها. كانت جادّة، وحازمة، وبصوتها المبحوح المحبب إلى قلبي. قلتُ بتروٍّ وبعقل:
- سيدتي!...
وقاطعتني بنرفزة:
- لا تخاطبني هكذا!
- عزيزتي!...
- كن رجلاً وحدِّدْ موقفك!
- أيّ موقف تريدين مني تحديده؟!
- هل تحبّني؟
- نعم.
- هل تؤمن أو تثق بأنني أحبك؟
- ... ربما!... يخامرني الشك في ذلك!
- قلت لك كن رجلاً!
- سمعت منكِ هذا من قبل! مجرد نزوة كلام!
- ليس كلاماً فارغاً الآن.
- بل هو مجرد كلام! أعرف من تحبين... وما هو طموحك!
- عُدتَ إلى الطموح مرة أخرى!
- حقيقة... لا مناص منها!
- الحقيقة أنكَ لا تفهم!
- والحقيقة أنكِ تطمحين ولا تحبين!
تمالكت أعصابها قليلاً ثم قالت:
- قلتُ لكَ خذني معك!
- كلام فارغ!
- أنت جبان!
- في نظرك.
وتمالكتْ أعصابها وتظاهرتْ بأنها تصلح من شأنها واستدارت نحوي قائلة:
- لن أتركك!
- ستتركينني كرهاً عنك!

ووثبت قائمة حيث أخذت حجراً من الأرض لتقذفني به، لكنني كنت قد أطلقت لساقيّ العنان، فابتعدتُ، وانهالتْ خلفي الحجارة المقذوفة منها. لم أتوقف برغم إشفاقي عليها.
وعلا صياحها بصوتها المبحوح الذي أحبه، يطرق مسامعي... وتلقّفتني ظلمات الجبال المطلة على الوادي الموحش المنحدر إلى المستقبل المجهول، وأنا أتوقع صوتها أو حجراً مقذوفاً منها سيقع على ظهري، لكنني كنت قد قطعتُ مسافة كافية في طريق جديد مؤدٍّ إلى المستقبل... مخلفاً ورائي صوتها المبحوح المحبب إلى قلبي، وذكرياتي مع صاحبي المرحوم والبورزان والطبشي الذي فدغت البغلة رأسه، وزملائه الجند المنشدين:

يا رهينة قد امك فاقدة لك..


دمعها كالمطر!!...



تـــــــــــــــــــــمــ ــــــــــت


هامش
ـــــــــــ
([1]) قصيب: جمع قصبة
([2]) الحوبان: وادي مشهور في اليمن.



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-11-13, 08:35 AM   #36

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



************************
كل عام وأنت لقلبي مصدر النور

كل عام وأنت لروحي مصدر الفرح
كل عام وأنا أجمع كلمات الحب
لكي أصنع منها قلادة أهديك إياها
وبمشاعر خالية من التزييف
أقولك كل عام وآمالك وأمانيك تتحقق
كل عام وأنت أغلى ما في الحياة يا كل الحياة


************************



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-12-14, 12:16 AM   #37

farashat alhob

? العضوٌ??? » 330403
?  التسِجيلٌ » Nov 2014
? مشَارَ?اتْي » 325
?  نُقآطِيْ » farashat alhob is on a distinguished road
افتراضي

Nice story
I'll read it
Thanks go on


farashat alhob غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-02-15, 09:33 AM   #38

em esoos

نجم روايتي وفراشة الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية em esoos

? العضوٌ??? » 167417
?  التسِجيلٌ » Mar 2011
? مشَارَ?اتْي » 752
?  نُقآطِيْ » em esoos has a reputation beyond reputeem esoos has a reputation beyond reputeem esoos has a reputation beyond reputeem esoos has a reputation beyond reputeem esoos has a reputation beyond reputeem esoos has a reputation beyond reputeem esoos has a reputation beyond reputeem esoos has a reputation beyond reputeem esoos has a reputation beyond reputeem esoos has a reputation beyond reputeem esoos has a reputation beyond repute
Elk

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصج جدا جميله تستحق. القراءه. ابدع. الكاتب. في. سرد الاحداث. كائنك تعيش. واقع. هذه الاحداث
الاسلوب. رهيب. والكلمات منتقاه. بدقه. وعنايه. وشرح مفصل.
اشجع الكل. على قرائتها. لانها تستحق. القراءه:
يسلم. المسؤلون بالمنتدي. على وضعها. هنا. لاتاحه الفرصه. للكل. لقراءتها.
بالفعل. الكاتب. ابدع. بها.

تقبلو مروري. ام السوس.


em esoos غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-15, 04:20 PM   #39

آيفا رمضان

نجم روايتي وفراشة الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية آيفا رمضان

? العضوٌ??? » 351250
?  التسِجيلٌ » Aug 2015
? مشَارَ?اتْي » 771
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » آيفا رمضان has a reputation beyond reputeآيفا رمضان has a reputation beyond reputeآيفا رمضان has a reputation beyond reputeآيفا رمضان has a reputation beyond reputeآيفا رمضان has a reputation beyond reputeآيفا رمضان has a reputation beyond reputeآيفا رمضان has a reputation beyond reputeآيفا رمضان has a reputation beyond reputeآيفا رمضان has a reputation beyond reputeآيفا رمضان has a reputation beyond reputeآيفا رمضان has a reputation beyond repute
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

رواية حلوووة حبيتها يسلموو

آيفا رمضان غير متواجد حالياً  
التوقيع
شَرقيةٌ، نرجسية آلهوى، #أكتوبرية ٱلولآده .. ذآت خلخٱلٍ يتوجُ قدمه‍ٱ، لَئيمة بٱلعشق، بَسمتهٱ وطنْ وعيونهٱ لو يشوفهم كٱفر لذكَر أسم ' آلله * 💜ﻻ إله إلا الله.....
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
للكاتب, مطيع, مكتملة, الدماج, الرهينة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:22 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.