آخر 10 مشاركات
317 – صدى الذكريات - فانيسا جرانت - روايات أحلامي (الكاتـب : Just Faith - )           »          مذكرات مقاتلة شرسة -[فصحى ] الكاتبة //إيمان حسن-مكتملة* (الكاتـب : Just Faith - )           »          أنين الهوَى - الجزء 1 من سلسلة تايري -شرقية زائرة -للكاتبة:ملك على* مكتملة & الروابط* (الكاتـب : ملاك علي - )           »          ودارتـــــــــ الأيـــــــــــــام .... " مكتملة " (الكاتـب : أناناسة - )           »          عــــيــــنـــاك عــــذابــي ... مكتملة (الكاتـب : dew - )           »          عيون لا تعرف النوم (1) *مميزة & مكتمله * .. سلسلة مغتربون في الحب (الكاتـب : bambolina - )           »          لقاء الخريف / الكاتبة : طرماء و ثرثارة ، كاملة (الكاتـب : taman - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          ضلع قاصر *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : أنشودة الندى - )           »          الدخيلة ... "مميزة & مكتملة" (الكاتـب : lossil - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-11-14, 10:41 AM   #51

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




المملكة العربية السعودية – الرياض
لحفتها ومسحت على شعرها
دخلت ابنتها لتشير لها ان لا تتكلم
اقتربت وقالت
: شلونها الحين
زفرت وجعًا
: الحمد لله , حسبي الله على اللي كان السبب
قالت هديل بحقد وحرقة
: الله ياخذه عساه ما يربح ولا يشوف خير في حياته
انزعجت والدتها
: لا تدعين ما يجوز
فتحت رتيل عينيها , وقالت ببحة تجرح حنجرتها
: يمه
التفتت اليها والدتها
: ها يمه , ليش صحيتي
رفّ رمشها عدّة مرات , ثم قالت
: عطشانة
اقتربت هديل وقالت برجاءٍ حانِ
: رتول طلبتك
قرصتها امّها , لكنّها تجاهلتها
قالت رتيل بتعب
: وش تبين
قبّلتها هديل
: تكفين طلبتك , قومي انزلي معاي تحت , تغدّي معاي ونجلس تحت , تكفين رتول تكفين
صمتت لثوانٍ , ثم قالت
: تعبانة
قالت هديل برجاء
: تكفين
زفرت وصمتت , ثم قالت
: ساعديني أقوم
لم تصدق هديل , ولم تصدق والدتها !
تحركتا بسرعة لتساعدانها على النهوض
نزلت وجلس في غرفة المعيشة
أحضرت هديل الطعام وجلست مقابلةً لها
وام علي بجانبها
رفعت ام علي الملعقة , وهي مبتسمة
: خذي , من ايدي
اكلتها وابتسمت ابتسامةً باهتة
دخل تركي
: السلـ... – ابتسم ابتسامةً واسعة حين رآها – هلا هلا هلا , توْ تــوْ تبارك البيت ورجعت روحه
ابتسمت له ممتنة , ومعتذرة
قبّل رأسها وجلسَ بجانبها
: ارحبي
قالت هديل وهي ترفعُ احدَ حاجبيها
: اعصابك ! كم لك مو شايفها على ذا الترحيب
رمقها بنظرةٍ متهكمة
: مو شغلك , عطيني خبز
مدّت له برغيف الخبز , واستغلت الموقف
: اقول تريكي
: بـنـت
: تركي تركي
همهم , لتتابع
: وش رايك تطلعنا اليوم
قال ساخرًا
: لا والله
قالت والدته بحنان
: أي والله ودّنا نطلع
قالت رتيل بهدوء
: انا تعبانة
قال تركي بمحبة
: ما في طلعة الّا معك
قالت بضيق
: لا تضغطون علي
قالت والدتها
: يا يمه ما نبي نضغط عليك , تركناك على راحتك وشوفي وش صار فيك , ما ابي منّك غير تجلسين معنا , ساعدينا عشان تطلعين من التعب اللي انتي فيه , لازم نتعاون ونتخطى النقطة هذه , الحياة ما راح تنتظرك تتشافين من صقر ! بتمشي ولما تفوقين على نفسك بتلقينها تعدتك
مسحت أدمعها بصمت
امسكت هديل بيدها وقالت بحب
: لا تبكين يا روحي , تكفين رتيل والله قلوبنا انخبصت عليك الايام اللي فاتت , حنّا اهلك وما لنا غيرك ولا لك غيرنا
حمحم تركي
: هاه وش قلتي
قالت باستسلام
: اوكي
قفزت هديل تعانقها
: روووحي انننتي
ابعدتها والدتها
: النعمة يا بننت
جلست مكانها وعادت تأكل
قاطعها هاتفها
ردّت بمحبة
: هلا والله
: شلونك هديل
قالت هديل بسعادة
: الحمد لله طيّبة , وانتي
ابتسمت
: شكلك مستانسة
قالت هديل بحماس
: رتيل نزلت تتغدى معانا ونبي نطلع بعد شوي
فزت داليا وهي تهتف
: احلفي
ضحكت هديل
: والله
دمعت عيني داليا بسعادة
: الحمد لله , والله كنت خايفة عليها خصوصًا بعد ما عرفت وش صار اليوم
قالت هديل بثقة
: حنّا بنات عادل ما ينخاف علينا
ضحكت داليا
: اجل انبسطوا , وونسوها
توادعتا , وأغلقت هديل الهاتف مع دخول علي للمنزل
حين رأته رتيل همّت بالنهوض
وصُدِم هو من رؤيتها
منعها تركي من ان تنهض
قالت ام علي
: كملي غداك , وانت تعال تغدى
جلس أمامها وقال
: انا آسف
لم تجبه
: ما ادري وش اللي خلّاني اتركك , انا غلطان واعتذر , وحرام بالله ما اسمح له يقرب لك مرّة ثانية الّا برضاك
رمت ببصرها بعيدًا عنه
قلبها غاضبٌ منه جدًا
شقيقها الذي ظنّت انّه اول من يسندها
خذلها
وسلّمها برخصٍ الى ذاك الرجل
الرجل صاحب أقسى قلبٍ عرفته البشرية
قالت هديل تقاطع أفكارها
: رتول , لا تخلين ذاك الشايب العايب يكون سبب انّك تتهاوشين مع اخوك , اصلا الحقير مبينة خطته يبيك تتهاوشين معانا كلّنا عشان ترجعين له
شد علي شعرها بخفّة
: لا تغلطين قلنا , ما تفهمين انتي ؟
تأوّهت وابتعدت عنه , لتقول بحقدٍ أحمق
: هذا وانا اصالحك عليها ياللي ما يبين فيك الخير
ضحك وهو يعود لطعامه
وظلّت رتيل صامتةً تفكر في كلمات اختها
أيعقل ان يكون يخطط لهذا !
زفرت بهمٍ , وتشاغلت بالطعام !
,
,
المملكة المتحدة - لندن
التفت وليد الى ملاك وكان قَد نسيها في خمرة لقاء والدته
كانت شِبه مغشيًا عليها
نظرها غيرُ ثابت
وجسدها مضطرب
وترتعش كريشة في أوّج الريح
فزّ اليها بخوف
: ملاك , بسم الله عليك , ملاك كلميني
ضرب خدّها بخفة وهو يناديها بخوف
نهضت والدته وأسرعت اليهما بفزع
: ملاك يمّه
كان كُوب الماء على الطاولة
أخذته لتغسل وجه ملاك وهي تسمي
قالت ملاك بهذيان
: وليد
: ابوي , وش فيك كلميني
: وليد , انا تعبانة , ابي انام وليد , ما ادري وش فيني
عانقتها والدتها وبكت
: بسم الله على قلبك يا قلب امّك من التعب , يا يمّه لا تفجعين قلبي اللي ما حيَا ولا ردت روحه الا توْ
أبعدها وليد عنها ونظر اليها
بَكت ملاك بضعف
: وليد والله ماني طبيعيه , تكفى نوّمني
عانقها وهو يهمس في اذنها بآيات الله علّها تسكن
لم تفهم والدتهما ما خطبهما
ظلّت تنظر اليهما لدقائق قَبْلَ أن تشهق
كانت قد قالت لها ملاك قبل قليل انّهما يتيما الأم , انّها لم تعرف والدتها التي توفيت عقِب عامين من ولادتها وتولى وليد رعايتها
قالت بلا تصديق
: اختك ما تدري..
هزّ رأسها نفيًا وهو يعض على شفته السفلى
صرخت ملاك
: وليد والله اسمع واشوف واحس , وليد يمكن تلبسني شي ! نوّمني بنااام ما ابي اسمع ما ابييي
: بس , بس يا روح وليد هدّي واسمعي وليد
قالت بهزل
: ما ابي اسمعك
: تبيني اقول لك امّك موجودة وما ادري وينها ؟ وتعيشين معي بعذاب لهْ أوّل ما له آخر ؟؟ تبين تموتين الف موتة بالدقيقة ؟ ما نويت فيك سوء يوم خبيت عنّك , حبيتك اكثر من نفسي وبديتك على نفسي , مستحيل كنت أرضى تتعبين مثلي وتبكين مثلي وتنقهرين مثلي
ابعدته وهي تصرخ
: اسكت , اسسسكت خلاص , مو حقيقي اللي يصير , مستحيل يكون حقيقي , رجعني لخالتي وليد رججعني
شعرت بشيءٍ يسقط في حجرها
وصوتٌ باكٍ يخاطبها
: قلبي هالصور , وقوليلي اللي يصير حقيقي ولا انتي تعبانة
نظرت الى الصور بجنون
وليد , ووالدتها التي تعرفها
والدتها التي تضع صورتها بجانب رأسها وتتحدث اليها كلّ يوم
وبعض الصورِ فيها والدها
وبعضها تظهر هي فيها طفلة رضيعة لم تتم اسبوعان من عمرها
شهقت شهقات متتالية بغير تصديق
لا يمكن !
كيف لهذا ان يحدث !
كيف لروحٍ فارقتنا أن تعود
وكيف لقلبٍ ان ينبض وقد جف وتآكل بعد عقود
دارت فيها الدنيا
لتفقد وعيها على صدر شقيقها
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
السابعة مساءً
فتحت له الباب بابتسامةٍ واسعة
دخل وجلس أمامها بصمت
جلست بجانبه وقالت بمحبة
: بنتعشى مع بعض
التفت اليها
ولا يعلم من أين نزلت عليه الفكرة
قال مباغتًا
: وش رايك نطلع انا وانتي نتعشى مع اهلي ؟ تتعرفين عليهم !
قالت بضيق
: ودّي نكون بروحنا اليوم
امسك بيدها برفق
: احنا طول العمر مع بعض , ودّي تتعرفين على اهلي
: بس اهم ما يبوني ! يتضايقون مني
هزّ رأسه نفيًا وهو ينهض ويسحبها لتقف امامه
: يلا البسي , بنتظرك عند الباب
رغمًا عنها استبدلت ثيابها وخرجت ليمسك بيدها وينزلا سويًا
كان يدرك ان والدته سترفض
وداليا ستقلب الدنيا رأسًا على عقب
لكنّه مصر !
وصل الى منزلِ اهله والتفت اليها
: انتظريني بناديهم
ابتسمت مجاملة
نزل ودخل الى غرفة المعيشة
اقترب من والدته
: يمه
اعرضت عنه
زفر وجلس امامها
: يمه , انتي حرمة تخافين الله وعندك عدل وتخافين تظلمين احد
عقدت حاجبيها وظلّت صامتة
قال والده
: وش عندك
قال برجاء
: زوجتي ما لها ذنب بأي شي انا اسويه , هي حتى ما كانت تدري اذا لي اهل او لا
قال والده بعدمِ فهم
: طيب ؟
: انا طلبت منها تجي معاي ونطلع كلنا نتعشى , تتعرفون عليها
رفع والده حاجبيه
: لا والله !
نهضت والدته وقالت برفضٍ قاطع
: انسى
وقف امامها مسرعًا وهو يقول
: يمه حرام والله , ما لها ذنب , هي زوجة ولدك زيّها زي رتيل
قالت تقاطعه بعصبية
: لا تقول زي رتيل
زفر وقال
: طيب بس اثنينهم حريمي
انفجر والده ضاحكًا وضحك هو ايضًا
مؤمنًا بمقولة , شر البلية ما يضحك !
قالت والدته
: ما ابي اشوفها
قال والده بهدوء
: يا ام صقر تعوذي من ابليس , الولد معاه حق
التفتت اليه متعجبة
: رتيل ماهي بنت اخوك !
قال ببساطة
: بنتي مو بس بنت اخوي , وصقر ولدي , وهذه زوجته , ولها حق علينا بغض النظر عن فعايل ولدك
قالت بغصّة
: مالي قلب اقابلها ولا اكلمها واللي في رتيل من وراها وبسببها
قبّل صقر كفّ والدته
: بسببي يمه ماهو بسبب مها
نزلت داليا وحين رأته كشرت في وجهه
التفت الى والده , كان يرجوه بعينيه ان يتصرف
لانّه يكاد يقسم انّه ابدًا لن يستطيع اقناع داليا
قال والده
: داليا
قبّلت رأسه وجلست بجانبه
: سم
: اطلعي البسي يبه بنطلع
التفتت اليه مندهشة
: من يطلع !
: نطلع نتعشى مع صقر
التفتت الى صقر ثم الى والدها
ثم قالت مشمئزة
: عليكم بالعافية ما ابي اطلع
قال والدها بهدوء
: ما قلت ممكن تقومين , قلت قومي
قالت معترضة
: يبه !
: قومي
نظرت اليه لتجد في عينيه حزمًا
نهضت مجبرة , لا يمكنها عصيان والدها ابدًا , مهما بلغ تدليله لها
التفت ابو صقر الى زوجته وقال باستعطاف
: يلا يا ام صقر , عشان خاطري
زفرت , ورضخت
قبّل صقر رأس والده ممتنًا
قال والده بجمود
: ماهو عشانك , عشان الضعيفة زوجتك , ما ابي ربّي يحاسبني عليها
صمت صقر ونهض والده ليبدّل ثيابه
ظلّ ينتظرهم
حتى نزلوا ليخرج ويفتح باب مها
قال مبتسمًا
: مها ابوي جاي تعالي ورا
نزلت مبتسمة وانتظرت لتسلم عليهم
خرج والد صقر , ثم والدته وشقيقته
اقترب ابو صقر وقال بهدوء
: السلا عليكم , شلونك يبه ؟
اقتربت وقبّلت كتفه باحترام
: الله يسلمك عمي , عساك بخير
هزّ رأسه
: الحمد لله
اقتربت مها من ام صقر مبتسمة
: شلونج خالتي , ان شالله طيّبة
ضغطت ام صقر على نفسها واجبرت ابتسامةً باهتة ان تظهر
: الحمد لله
كادت داليا ان تعود الى المنزل
كانت تشتم صقر وزوجته بكل شتائم العالم التي تعرفها
كان صقر يعلم انّها ستعود
لذا امسك بها وهو يبتسم برجاء
: عشان خاطري
قالت بشراسة
: ما لك خاطر
قالت مها بلطف
: شلونج حبيبتي
نظرت اليها بحقد ولم تجبها
قال صقر وهو يكتم ضحكته
: ما عليه ترى داليا تستحي
هزّت مها رأسها بابتسامة والتفتت الى السيارة
ركبت وبجانبها ام صقر ثم داليا
كانت تأكل اظافرها بغيض ليس له نهاية
وصلَ صقر الى المطعم ونزلوا جميعًا
امسك بيدِ زوجته وسار يتقدمهم
,
اوقف علي سيارته امام المطعم ونزل
فتح باب السيارة لرتيل التي كانت تجلس خلفه
ساعدها على النزول
ودخلوا الى المطعم !
,
,
الى الملتقى



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 26-11-14, 03:49 PM   #52

امال س

فراشة الروايات المنقولة

alkap ~
? العضوٌ??? » 276954
?  التسِجيلٌ » Dec 2012
? مشَارَ?اتْي » 666
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » امال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حمدلله علي السلامه طولتي الغيبه علينا بس اهم شئ رجعتلنا والله افتقدنا رتيل وصقر وباقي أبطال الروايه الجميله بس مش متخيله النهايه فظيعه صقر انت حظك نحس يوم ماتحب تخرج انت واهلك يكون نفس المطعم مع رتيل وأهلها ايه ده دا كده البنت مش هتبص في وشك تاني بصراحه موقف لا تحسد عليه وبعدين انت متزمت يا أخي متحكي لأهلك النت مريت بيه ايه الهينقص منك يعني البنت هتروح منك وانت بتتفرج لا وبعد الموقف ده ذاد الطين بله يالله ربنا يستر وحد ياخد باله ومايتقابلوش وحد ينسحب من المطعم موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

امال س غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-14, 09:38 PM   #53

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



بسم الله الرحمن الرحيم
البارت السابع الثلاثون

,
,
المملكة العربية السعودية – حائل
فتح الباب وتسند بكتفه عليه
انتظر لدقائق
حتى ظهرت سيارة احمد
ابتسم بشوقٍ وهو يقترب منها
أوقف احمد سيارته وترجل منها
اقترب من يوسف باشتياق كبير
عانقه بكل ما أوتي من محبة
بكل ما أوتي من اشتياق
وبادله الآخر
بكل ما أوتي من افتقارٍ لصديقه !
قال يوسف بمحبة
: والله ان ترحب
ضحك احمد
: الله يبقيك
دخلا الى المنزل
لم يستطع منع عينيه المتمردة
من ان ترتفع للأعلى
ليلمح اختفاءها خلف الستارة
ابتسم بخفة
وزفر عشقًا !
كيف للطفلةِ التي تعبث بداخلكِ
ان تبعثر قلبي
ان تتلاعب باحساسي المرهق !
كيف لكِ كلّ تلك الهالة التي تجبرني على القدوم من الرياض
لأشعر بكِ قريبة !
يا ذات الشعر السرمدي
والهدب المترامي
ويلٌ لقلبي منكِ !
,
,
المملكة المتحدة – لندن
حملها بخوفٍ وهو يهتف
: ملاك ! ملاك بابا وش صار لك
حاولت والدته الاقتراب ليقول بنبرةٍ متملكة
: اتركيها
تراجعت بوجوم
وضعها على الاريكة وخرج يطرق الباب على عبد العزيز بقوّة
فتحه عبد العزيز بهلع وهو يهتف
: خالتي سارة صار عليها شي !
قال وليد برجاء
: اطلب لي الاسعاف , اختي فقدت وعيها
زفر عبد العزيز براحة لم يلحظها وليد
واتصل فورًا بالاسعاف
كان وليد كالمجنون يسير بلا وعي
قلبه متآكلٌ على شقيقته
التي ربّاها ورعاها
ابنة قلبه
خليلة روحه
ظلّ يسمّي عليها بخوفٍ وحسرة
حتى سمع طرقات عبد العزيز وندائه
: يا وليد الاسعاف وصلت
نهض بسرعة وهمّ بحملها ليباغته فريقٌ مسعف
اقتربوا ليقول وليد
: انا بشيلها
قال عبد العزيز بالانجليزية , ولا يزال بالخارج
: يقول انّه سيحملها
قال أحدهم
: نخشى ان تضرّها او تؤلمها !
قال وليد وقد أضاع انجليزيته
: ماهي مكسورة , فقدت وعيها بس
أخبرهم عبد العزيز بذلك ليتنحوا جانبًا
ويحملها وليد وينزل بها الى سيارة الاسعاف
ويحَ قلبي ان كان سبب سقوطكِ مسجيّة يا ملاك
ويلٌ لي ان كنت السبب !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
دخل وأشار لأحد العاملين في المطعم
اقترب العامل ليطلب منه طاولة لخمسة أشخاص
أشار له العامل ان يتفضل ومن معه
ليجلسوا على الطاولة
سحب الكرسي لزوجته لتجلس , وجلس بجانبها
جلست والدته مقابلةً له
وداليا مقابلةً لزوجته
ووالده في مقدمة الطاولة بينه وبين والدته
ابتسم وهو يمدّ لوالدته لائحة الطعام
: وش مشتهية يمه
قالت بجمود
: أي شي
نظرت داليا الى اللائحة
وبحثت عن أغلى طبق
لتطلبه ببرود
ابتسم صقر بهدوء وهو يدركُ مقصدها
: ما يغلى عليك , بس الطبق ايطالي وأساسي في النعناع , وانتي عندك حساسية من النعناع !
قالت بغيض
: انا مشتهية آكله
قالت والدتها وهي تكتم حدتها
: آخر مرة بغيتي تموتين منّه , انسي
تأففت وأعادت بصرها الى اللائحة
قالت مها بلطف
: اذا مشتهية ايطالي...
قاطعتها بابتسامةٍ مكرهة
: شكرًا لك ما احب احد يعطيني رأيه
رفع صقر حاجبه
وعقدت مها حاجبيها منزعجة
قال صقر وهو يرمق داليا بتهديد
: مها وش حابة تاكلين ؟
كانت متضايقة من تصرف داليا
قالت بهدوء
: عادي
ضمّ كفّها الى كفه وهو يقرب اليها لائحة الطعام
لتختار لهما نفس الطبق
,
جلسوا حَول الطاولة
قبل ان يجلس تركي التفت خلفه ليلقي نظرة
سقط بصره على عائلة عمّه
صُدِم من الصدفةِ المقيتة التي جمعتهم في ذات المكان
التفت الى رتيل وقال
: رتول تعالي مكاني
نهضت من مكانها بهدوء وجلست بجانب علي
ظنّوا جميعًا انّه يسعى للاصلاح بينهما
جلس مقابلًا لها وارتاح
شهقت هديل وهتفت
: شوف...
وضع كفّه على فهمها فورًا وهمس
: شششش , انتبهت لهم وغيّرت مكاني مع رتيل انطمي
قالت والدته
: خنقتها وش فيك
قالت هديل بارتباك
: معليش عَلّيت صوتي , بس كنت بقول لرتيل تشوف المينيو
ارسل تركي لعلي
( صقر واهله وراك )
اشار له لينتبه لهاتفه
رأى الرسالة والتفت ببطئ
ثم عاد الى مكانه وهو يزفر
ابتسم بهدوء والتفت الى رتيل
: وش تبين
قالت بغير اكتراث
: الحقيقة انا مو مشتهية شي , ولا حابّة اجلس في المطعم
قالت امّها بحنان
: وش تبين طيب ؟
قالت بعد صمت
: ناخذ سفري ونروح مكان نشم هوا
نهض علي فورًا
: يلا اجل مشينا
نهضا هديل وتركي كالقروصين حين رأيا صقر ينتبه لوجودهم
اسرع تركي وغطّا رتيل بجسده
: يلا حنا نروح السيّارة وانت جيب الأكل وتعال
لكنّ صقر كان قد رآها !
نهض من مكانه بلهفة
التفتت اليه زوجته
: شفيك !
كان ينظر اليهم وكأنه يرجوهم ان يسمحوا له بالاقتراب
اقترب بهدوء ليسحب تركي اخته ويهمّ بالسير للباب
تعرقلت وكادت تسقط لتسرع يدا صقر بالتقافها
قالت بانزعاج
: تركي كنت بتطيحني
لم يبتعد " علي " الذي تظنه , يديه عنها
قبل ان تقول " ابتعد "
ضرب قلبها بعنف
ليست ذراعا علي التي تحاوطانها برفق
ليست انفاس علي التي تلامس وجهها برقة
ليس قلب علي الذي ينبض بجانب كتفها الأيمن !
ازدردت ريقها وقالت تعاند نفسها
: علي ابعد عني
قال بنبرةٍ تَخُصها وحدها
: على اساس مصدق انّك تظنيني علي
اضطربت انفاسها
وكاد قلبها يقفز من بين أضلعها
ضيقٌ متجبرٌ وقعَ على روحها الضعيفة
اختناقٌ أصابها
ارتجفت بشدة
يا الله !
يا بحةً استوطنت فؤادي
يا صاحِب الكَفّ الخشنة الضخمة
التي ما ان تمسني حتى تصبح رقيقةً ناعمة
يا اسمر الوجنتين
سمرتك التي تُعذب قلبي الذي يجلس بسكونٍ داخل قلبكَ القاسي
مضت السنون وانا ابتلع مرارة غيابكَ اللاذعة
طوتني الأعوام يا سيّد روحي
مرّت الأعوام وانا اشهق غيابك الموجع
حتى جئت فلقمتني شهقاتٍ أطول
يصعب زفيرها !
لا استطيع اخراج غيابك الفاسد من عقلي
انّه كورمٍ خبيث ينهشني
يصعُب عليّ تجاوز ما فعلته وما تفعله
زفرت بحدّة ورفعت رأسها الى تركي برجاء
قالت بنبرةٍ هزيلة
: علي باعني الصبح لا تبيعني بالليل
اقترب تركي وقال بصوتٍ منخفض , بأحرفٍ تخرج ملتهبة ودّ لو يحرق صقر بها
: ابعد عنها , لا تفضحنا
قال صقر بحنين
: تعالي
أوشكت على الانهيار
: تركي طلبتك
قالت ام علي ببكاء
: صقر يا يمه الله يرضى عليك اكفينا شرّك , ابعد عن رتيل بنمشي , لا تفضحنا
قال بحرقة
: زوجتي !
قال علي وهو يكاد يقتل صقر
: صقر احنا بمكان عام , ابعد عنها
قالت رتيل وهي تتمسك بتركي , وتكاد تسقط من الدوار الذي أصابها
: ترككي
سحبها تركي , وتركها صقر منكسرًا
شدّ تركي على جسدها الضعيف وهو يسألها بقلق
: فيك شي ؟
أتسألني يا أخي !
مالذي لم يُصبني لتسألني , مالذي لم يؤرق قلبي ويجرح أهدابي
مالذي لم يجرح وجنتي من ذرف الدموع
اتسألني يا تركي لتجاملني
ام انّك حقًا تجهل !
التفتت الى طاولة صقر
وتمنت لو لم تلتفت
عاد اليها بعد ان رجته ام علي
جلس بجانب امرأة لم تنظر اليها
رأت عمّها وزوجته
وداليا !
ياهٍ على الخيبة التي هبطت على روحها !
قالت بهمس
: يلا نمشي
زفر تركي وهو يساعدها على السير
,
,
المملكة المتحدة – لندن
مستشفى سينت ميري
خرجت الطبيبة عاقدةً حاجبيها
قالت متسائلة
: ما بها ؟
قال وليد بندم
: تعرضت لصدمة
هزّت رأسها
: واضحٌ جدًا , يجب مراعاتها والاعتناء بها , ربّما تدخلُ في حالةِ صمت , ابقَ قريبًا منها
هزّ رأسه ايجابًا وهو يزفر تعبًا وخوفًا على صغيرته
قالت الطبيبة
: انتظر حتى ينتهي محلول المغذي , وسآتي بعد قليل لأطمئن عليها واعطيها وصفة الدواء
ابتسمت وابتعدت
دخل الى الغرفة واقترب منها
مسح على شعرها بحنو
قال هامسًا
: اعيذك بكلمات الله من كل ما يؤذيكِ
فتحت عينيها ببطئ , وقالت ببحة
: وليد
ابتسم
: عيونه
حاولت تعديل وضعها ومنعها
: ارتاحي ابوي
قالت بتردد
: وش صار
هزّ رأسه نفيًا
: ما صار شي
قالت بخوف
: مدري وش صار علي , تخيلت اشياء !
حبس زفيره وقال
: ما عليك شرّ ان شالله
نظرت اليه طويلًا قبل ان تبكي
قال بضيق
: ليه ليه , وش صار الحين
هزّت رأسها بهستيريا
: وليد لا تجنني , لا تسايرني وتهبل بي , وش اللي صار
قال بعد صمتٍ لثوانٍ
: ملاك , يا قلب اخوك , انتي ارتاحي وبس تطيبين عندنا وقت طوييل نقول فيه كل اللي نبيه , بس ارتاحي
قالت بخوف
: واذا طلعت وين بتوديني
ظلّ صامتًا , لتقول ببكاء
: للي طلعت من قبرها !
زفر بحدّة ونهض ليخرج من الغرفة
سينفجر !
ستقتله تلك الملاك
تنبّه الى انّه تركَ والدته ولم يُطمْئنها حتى الآن
ثم تذكر انّه لا يحفظ رقمها !
ضرب الحائط بقدمه متضجرًا
ظلّ ينتظر ملاك في الخارج
لن يدخل ليستمع الى هذيانها
مرّت خمسةَ عشرة دقيقة لتأتي الطبيبة وتلقي نظرةً على ملاك ثم أعطت وليد وصفة الدواء متمنيةً لملاك الشفاء
أمسك بيدها وسار الى خارج المستشفى
أوقف سيارة الأجرة واتصل على عبد العزيز ليعرف مكان البيت
توقفت السيارة أمام العمارة بعد دقائق
نزل وليد وساعد شقيقته
وصعدوا الى شقة السيدة سارة
نظرَ اليها وفكّر كيف يقنعها
قال بعد تردد
: اسمعي , ما راح يصير بينك وبينها أي احتكاك , بس احراج نجلس في بيت الرجال , وبكرة ولا بعده بنرجع الرياض , اعتبري نفسك في فندق !
قالت بذعر
: فكرة وجودها ترعبني !
قال برجاء
: تكفين ملاك
ازدردت ريقها , قالت بهمسٍ راجٍ
: يارب
طرق وليد الباب
وفتحته السيدة سارة بعد ثوانٍ
وبلهفة
: حبيبتي الحمد لله على سلامتك , عسى ما شر
قال وليد بلطف
: بدخلها ترتاح
اشارت لهما ان يدخلا
دخلا , والتفت اليها وليد بخجل
: في أي غرفة ادخلها
قالت بحنان
: في غرفة وحدة ودها لها
اخذها وليد الى الغرفة
استلقت على السرير
غطّاها وليد وجلس قريبًا
كانت تشعر بالارهاق والرغبة في النوم
بسبب المحلول المغذي
مرّت دقائقُ ثقيلة , لتنام
نهض وليد وخرج الى الصالة
كانت والدته تبكي بصمت
حين شعرت به رفعت رأسها وقالت بحبٍ عميق
: حيّ هالشوفة , تعال يا روح امّك
اقترب وجلس امامها أرضًا
قال بلا تصديق
: يمّه
مسحت على رأسه بحنين
: يا لبيه
أراح رأسه الى رجلها وهو يقول
: مو مصدق والله
انحنت لتقبّل رأسه طويلًا
: يا روح امّك , والله يا وليد خايفة اكون نايمة واقوم , ان كان حلم ليت الله ياخذ روحي فيه , ياخذها وانت بحضني يا حبيبي
قبّل يدها بجزع
: بسم الله عليك , ما صدقت لقيتك !
ابتسمت بوجعٍ وهي تتأمله
: كبرت كثيير !
ظلّ صامتًا
قالت بعد تردد
: شلونها ملاك
زفر بتعب
صمتَ بخجلٍ منها , بمَ يُجيبها !
قالت بصبرٍ طويل
: صبرت عمري كلّه يا وليد , بصبر على ملاك وعلى كذبتك
تهدج صوته ليقول
: غصب عنّي ! ما لي الّا اقول امّك ماتت يا اختي , انا امّك وانا ابوك وانا اخوك , ما لي قلب يتركها تتعذب مثلي , مالي قلب يا يمّه والله , لا يغرّك طولي وعرضي وشنبي , قلبي عند ملاك ضعيف وتعبان ما فيه شدّة , ملاك وخاتي عايشة ضعفي وقوّتي
قالت والدته بلهفة عميقة
: عايشة !
ابتسم بحسرة
: خالتي طيّبة الحمد لله , انتظرت وصبرت معاي , قبل حول السنة ابوي قال لي امّك ميتة , واحترت شهرين ما عرفت اقول لها اللي تنتظرينها ماتت , يوم قلت لها انهارت , بعدها كشفت كذبة ابوي ولا قدرت اعلمها الصدق , افضل انتظر بروحي , اتعب وانتظر واصبر في امر كنت يائس منّه
كانت تبكي بشجن
أي علقمٍ تجرعه هذا الشاب !
الذي يبدو كهلًا
أي مرارةٍ تحمّل قسوتها على روحه وصمت
كم صبر وكم عانى , كم انتظر !
سحبته الى صدرها
علّها ترويه بعضًا مما فقد
علّها تعيد اليه جزءً من ما أعطى
علّها تطمئن قلبه , انّه لم يعد وحيدًا
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
التاسعة ونصف صباحًا
فتحَ عينيه بتعبٍ وصعوبة
تلفت يبحث عن أحدٍ حوله
حاول مناداة احد
وفشل
جاهد جسده ليتحرك
فأصدرت الأجهزة انذارًا بتحركه
خلالَ ثوانٍ مُلِأت الغرفة بالأطباء والممرضين
قال أحدهم
: الحمد لله على السلامة !
لم يستطع الحديث
ليقرب له الممرض كوبَ ماء
شرب نصفه دفعةً واحدة , وأبعده الممرض وهو يقول بلطف
: كفاية , مو زين تكثر
سعل مرهقًا
قاموا بالفحوصات اللازمة
وخرجوا جميعًا سوى طبيبٍ واحد
قال بلطف
: ان شالله بكلم أهلك ويجون يشوفونك اليوم , الحمد لله على السلامة
قال ببحةٍ تجرح حنجرته
: دكتور
همهم الطبيب باهتمام
قال متسائلًا
: وش فيني ؟!
قال الطبيب باهتمام
: ما تذكر !
تحدث بتعب
: اذكر انّي تصوّبت , ولا اذكر شي عقبها
هزّ الطبيب رأسه متفهمًا
: الرصاصة صوّبت مكان صعب , وانت كنت في غيبوبة لفترة طويلة , الحين تحتاج الراحة والهدوء , وبنرجع نسوي لك فحوصات نعرف وش الضرر ووش المضاعفات , بس انت لا تجهد نفسك
قال بتعب
: الله يخليك كلم اهلي يجون ضروري
ابتسم يطمئنه
: أبشر
وخرج ليتركه , لم تمر خمسةَ دقائق حتى غرق في سبات عميق
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
العاشرة صباحًا
فتحت الباب وزفرت مقتربة
: ما ودّي أحلف انّك ما نمتي من امس !
قالت بعد صمت
: نمت وصحيت الفجر وما جاني نوم بعدها
جلست أرضًا امامها
قالت بمرح
: ندبس علي وتركي بفطور برى ؟
قالت وذعرٌ فشلت في اخفائه يظهر على مقلتيها
: لا ما ابي
قالت هديل بعد صمتٍ لثوانٍ , وبحقدٍ مضحك !
: آآخ لو تصح لي فرصة , والله انّي اتوطى الشايب العايب اللي ما يستحي على وجهه ذا , يموت على الحريم من وحدة لوحدة !
فتحت رتيل عينيها بصدمة
ورُغم وقاحة تعليق اختها
الا انها انفجرت ضاحكة
ضحكت حتى دمعت عينيها
حتى سعلت بشدة
ضحكت هديل بحزن من ضحكها
كأنها لم تضحك منذ أعوام !
نسيت ضحكتها
نسيت جمالها وربيعها
نسيت رقتها , ومنظرها المريح !
دخلت ام علي وابتسمت بحنان
: الله يجعلها ضحكة خير
أمنتا بصدق , ورتيل تمسح دمعتين تعلقتا في مقلتيها
جلست ام علي على السرير وقالت
: ننزل نسوي فطور ؟
قالت هديل بدلال
: رتيل ودّها بفطور من برى , صح رتول !
رفَعت رتيل أحدَ حاجبيها
لتقول ام علي ساخرة
: حتى لو طلبتني بنفسها ما في , قومي يلا انتي وهي راسي صدّع ابي شاهي
قالت هديل
: يا ذا ادمان الشاهي اللي عندك يمّه , ماهو زين حبيبتي !
دفعتها والدتها برجلها بخفة
: قومي قومي
نهضت بملل
: يعني خلاص ما في فطور برى ؟
: هديييل
تأففت وهي تسحب رتيل
: قومي , صلحي لنا فطور محترم
قبل ان ترفض رتيل , قالت ام علي
: أي والله ودّي بفطور مرتب من يدّك
نهضت على استحياء
لم تستطع ردّ طلبها
نزلت الى المطبخ , وهي متعبة
منكسرة
خائبة !
تتأفف كثيرًا , وتزفر أكثر
قالت هديل
: وش فيك ؟
قالت بنبرةٍ لا روحَ فيها
: ما فيني شي
قَبل ان تجيبها هديل رنّ هاتف والدتها
رفعته وابتهجت من الاسمِ الذي ملأ الشاشة
ردّت بحب
: هلا والله
قال مبتسمًا
: يا هلا فيك , شلونك
هزّت رأسها وكأنّها تراه
: الحمد لله , وانت ؟! وملاك شلونها !
صمتَ لثوانٍ , ثم زفر
: الحمد لله طيبين
قالت بقلق
: صاير شي !
ضحك متصنعًا
: لا وش بيصير يعني , خالتي وين
: امّي فوق وجوالها تحت , اصبر بطلع لها
: خلاص ما له داعي , انا الحين عندي شغلة بخلصها وان شالله ان قدرت اتصل وقت ثاني , سلمي عليها وقولي لها وليد بيجيب لك أجمل مفاجأة في حياتك
قالت بفضول
: وش بتجيب ؟!
قال بوجوم
: مو شغلك
: تكفى ولييد علمني ماني معلمة أحد
: انقلعي
ضربت الأرض معترضة
: وش شايفني بزر
: هديل حبيبي جد مشغول , فارقي
قالت ساخرة
: وش عنده وزير الخارجية
ضحك منها وأغلق الهاتف
التفتت الى اختها
قبل ان تتكلم , صرخت بفزع
: رتيل جرحتي نفسك
فزّت رتيل بانتباه
نظرت الى اصبعها وفتحت عينيها بصدمة
تعرج جبينها من الألم
قالت هديل بلا تصديق
: ما حسيتي وانتي تقطعين اصبعك !
تأففت وهي تحبس دمعات الألم
اقتربت هديل بحنو
: بسم الله عليك , تعالي انظف لك الجرح وأغطيه
نزلت دمعةٌ يتيمة من عينها اليمين
قالت هديل وهي تعانقها
: يا حبيبييي انا , سلامات يا روحي
ألمٍ يدكُ روحي يا هديل , لن تستطيعي مداواته
جَرحٌ غائر فيّ ينزف وجعًا وخيبة
تفشلين في تضميده
متعبةٌ انا يا أختي
أرهقني ذلك الصقرُ جدًا
أرهقني اليُتم
أرهقني اشتياقي الى صدرٍ لا أخشى البكاء عليه
كيف لليتم ان يظلّ يؤلمنا مهما كبرنا !
كيف لوجعه ان يتضخم مع كل سنةٍ تنقص من أعمارنا
كيف لمرارته ان تتحاذق أكثر , وكأنّها تزيدُ علينا مصائبنا
انّي أبكي امًا افتقدها
امًا لم أتوسد قلبها سوى اسبوعان من عُمري
اسبوعان لو متُ ألف مرةٍ لا أذكر منهما شيئًا !
أفتقدها يا هديل وربِ السماء
انّي أنعى أبًا , كان من حقّي أن أعيش في كنفه
كان من واجبه تجاهي أن يحملني , ثم يمسك بيدي ويعلمني كيف أمشي
أستحقُ منه عناقًا وقبلة , أستحق منه حكايةً قبل أن انام
استحق منه ان يشهر بعتابه وغضبه في وجه صقر
اريدُ بالحاح , رؤيةَ صقر خاضعًا أمام ابي !
انّي مكسورةٌ يا أختي
مكسورةُ قلبٍ وخاطر
جريحة روحٍ انا يا اختي
أنساني صقر يتمي
ثمّ يتمني أضعافًا !
لمَ يؤذيني صقر في نفسي
لم يركل حبّي الهزيل
لم يسخر من يتمي المُر
خبئيني عنه يا هديل
خبئيني حتى لا يجدني ابدًا
اقتليني يا هديل ان استطعتي !
أرجوكِ اقتليني , لاذهب لوالديّ
لم يَعُد في الدنيا ما يُغري لأبقى
شهقت بفزع حين لامست يدُ ام علي أدمعها
قالت ام علي بوجعٍ وحسرة
: وش فيك يا امّي
قالت بانكسار , كسر فؤاد ام علي !
: ابي امّي يا خالتي ! ابي اروح لها تعبت والله
تأوّهت ام علي وجعًا , تأوّهت حرقة وحسرة
عانقتها وبكت رغمًا عنها
: ليش تسوين فيني كذا يارتيل لييش , ليش توجعيني فيك , ارحمي قلبي يا يمّه , ارحمي ضعفي فيك وفي اخوانك
كانت تشعرُ انّها تهوي
وكأنّ الأحرف تتسلق الى حنجرتها , وتغرق في غصتها
كأنّ الأدمع تحتبس في قصبتها الهوائية
لا هي تغسلُ مقلتيها
ولا هي تتلاشى , وتسمح لها بالتنفس
كان تنفسها مرتجفًا
متعبًا
همست برجاء
: ياارب
ابعدتها ام علي وهي تمسح على وجهها بحبٍ ملتاع
حبٍ عميقٍ لا تفقهه هذه الطفلة
حبٍ تجهل حجمه
ولا تعترف بوجوده !
اجتذبتها لتضع رأسها في حجرها
مسحت على شعرها وهي تهمس بشجن
: بسم الله ارقيكِ من كلِّ داءٍ يؤذيكِ , أعيذك بعزة الله وقدرته من شر ما تجدين وتحاذرين , اسأل الله العظيم ربْ العرش العظيم أن يشفيك – غصّت بأدمعها اللتي تحرق روحها – يارب ارفع البلاء عن بنتي , يارب ان اسألك راحة البال لها , ياربي يا حبيبي ما لنا غيرك تشافي لي هالبنت وتفرج همها وتمسح على قلبها , ياربي طال ابتلائي بها , ان كان بذنبٍ أذنبته فاغفره لي وشافِ ابنتي , وان كان اختبارًا على صبرنا فارفعه عنّا , ياربي ما لي قوّة على وجعِ بنتي , يارب انّك ترى ضعفي وقيلة حيلتي , فارفع عنّا البلاء , لا اله الّا انت سبحانك انّي كنت من الظالمين , أعوذ بالله من الشيطان الرجيم , بسم الله الله الرحمن الرحيم.......
راحت تتلو بشجنٍ من كتاب الله
يقاطع تلاوتها بكاءٌ مُر
يشبه نظرة طفلتها التي تتوسد حجرها
طفلتها التي كانت ترتجف وتبلع ألمها
ألَمٍ كخناجر مسمومة
تجرح قلبها بقسوَة !
أين تكون يا صقر
ومالذي تفعله !
,
,


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 07-12-14, 09:40 PM   #54

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانيةَ عشرةَ ظهرًا
دخل وهو يزمجر
صرخ بالحارس
: افتح الباب
فتحه الأخير بذعر
دخل ورفعه بقوّة عن الأرض
لكمه بكلّ قوّته
صرخ به بجنون
: ليش ولا أحد يشهد عليك ! ليش ما في دليل لفظي ضدك – صرخ بهستيريا – لــيــش
قال راشد بألم
: الله ياخذك , شتبي منّي انت !
رفسه ليسقط على الأرض ويتلوّى بألم
ظلّ يرفسه ويصرخ
: ابي كلب واحد بس يقول انّك خطفت صقر , كلب واحد يكفيني , محد راضي يتكلم !
استفرغ راشد ما في جوفه
استفرغ دماءً حمراء
وذياب يأبى أن يرحمه
حتى سحبه أحدهم بقوّة وهو يصرخ به
: انت جنيت !
قال بجنون
: ايه جنّيت , وان ما طلع لي شاهد من تحت الأرض بموته بقضي عليه ولا يهمني أحد
صرخ به الآخر بلا تصديق
: ذياب انت فقدت عقلك ! وش فيك تعوّذ من الشيطان , ابليس ركبك خلاص !
حاوط ذياب رأسه وهويقول بهستيريا
: حياتنا ضاعت بسببه , والى الآن مو قادرين نسوي له شي , للحين مو قادرين نثبت حقنا , للحين مو قادرين نعاقبه
سحبه الآخر وهو سينفجر منه , صاح بالحارس
: عالجوا الرجال وقفلوا الباب , وممنوع ينفتح لذياب بعد كذا , اللي يفتح له الباب يعتبر نفسه مفصول !
فتح ذياب فمه ليعترض
ليصرخ به غاضبًا
: ولا كلمة , تحرك قدامي لا بارك الله فيك
سارَ بغضب , عبَر البوابة وسار الى المصعد
كان يشعرُ بغضبٍ لو أطلقه الى العالم لحرقه !
يشعرُ انّ روحه تتهشم من الداخل
مَضَت الحياة ونسيتهم
لم تلتفت وتنتظرهم
أضاعتهم لثمانيةِ أعوام , والآن يعجزون على اللحاق بركبها
كأنّهم قَدِموا من زمنٍ آخر
كأنّهم ولِدوا في حُقبةٍ أخرى !
لا شيء ينتظرهم
أتوا ليجدوا كلّ شيءٍ قد قُسِم , ولم تذكرهم الحياة بنصيبهم !
زفرَ بحرارة
شقيقه الذي يصغره بعامانِ فقط , أدخل ابنيه للمدرسة !
وهو لا يزال دونَ زوجة
ودون أطفال
ولم يترقَ في عمله
ولم يبنِ له بيتًا
ولم يحصل على دروعٍ تكريمية
ابن شقيقته ولِد وتوفي طفلًا
وهو لم يره أبدًا
مرِضت والدته , وهو لم يَكُن بجوارها
زفرَ حرقةً أخرى
على شقيقه سعد
يستحق حياةً أخرى
يستحق بهجةً تُزهِرُ قلبه
لا جحيمًا يزأر في وجهه !
في الأمس رأى طفلان
عرفهما !
رغمَ انّه يراهما لأوّل مَرّة
كانا يحملانِ ضحكتها
ونظرتها
ولونها
تَرَكها فداءً لصقر
وعاد ليجدَ طفليها
فتحا على قلبه بابًا من الجحيم
يحرقانه بضحكهما
ودّ لو يظمُهما
لو يقبل أعْيُنهما
لو يخبرهما , انّه كان يجب ان يكون والدهما !
لكنّه اكتفى بالنظرِ اليهما بحسرة
حسرةٍ تأكله بتلذذ
وهو صامت , يرسم ابتسامَةً كاذِبَةً على وجهه
ابتسامَةً تشبه ابتسامة المهرجين
الذين يزرعون المرح
وفي داخلهم ينبوعٌ حَزين !
جلس على الكرسي المقابل للمكتب
وهو يتذكر عذابات صقر الكثيرة
كلُّ تلك الآلام تستمتع بنقر قلوبهم
مُذ أتَوا
وراشد !
عاش سعيدًا كريمًا هانئًا
دَمّرهم ليعيش على بقاياهم
زاد غَضبه وهو يقسِمُ ألفًا انّه لن يتركه
جلس ابو بدر أمامه , وهو يكتم غيضه
: وش فيك انت !
قال غاضبًا
: وش فيني ؟ وش اللي ما فيني
قال ابو بدر بحزم
: حاسب صوتك , ما احنا في استراحة ولا في قهوة عشان تدخل بالهمجية ذي , ترفس الباب وتدخل بتذبح الرجال وتطلع هنا تصارخ , نسيت نفسك انت !
ظلّ صامتًا
ليتابع ابو بدر
: لو ما بَعَدتك عن الرجال كان مات بيدك , وش يخلصنا وقتها ! انت ليش غبي ؟ ليش ما تعرف تتصرف ! بتصرفك ذا ممكن تخفف العقوبة على راشد , ممكن تلبسنا الخطأ ويطلع هو المسكين الضعيف المضطهد
ضرب صدره بقسوة وهو يقول بقهر
: هنا نار يا ابو ابو بدر , نار ما تهدأ لين تحرق راشد
: اهدأ , تعوذ من الشيطان , لا تخرب شغل سنين , وبعدين حرام الضرب ذا اتقِ الله ما يجوز , ذا مسجون عندنا حرام نأذيه الّا في ما يأمر به القاضي
أراح رأسه الى الخلف مغمضًا عينيه , وتأوّه حَسرة
ليقول ابو بدر بهدوء
: ندمان ؟!
فتح عينيه بسرعة
: على !
: حياتك اللي ضيعتها
قال بنفيٍ قاطع
: حشى والله , ولو ينعاد فيني الزمن أرجع واضيع حياتي له , والله انّ عمري كلّه فدا لصقر
زفر ابو بدر
: الله يديم عليكم , بس يا ذياب الصبر زين , صبرنا سنيين , لا تحسبنا فرحانين بالحياة اللي راحت وبالوضع اللي وصلتوا له , ولا تحسب انّ التأخير في المحكمة متعمد , والله اننا نشتغل على مدار الساعة , انتم مننا وفينا , عيالنا واخوانّا , وقضيتكم قضيتنا , لكن كل شي يبي له وقته وجهده , اذكر الله وتصبّر
: انا مو هامتني نفسي كثر صقر وسعد مو كاسرين ظهري , همهم كبير يا ابو بدر , كبير حيل
شدّ ابو بدر على رجله بمواساة
: لهم الله
زفر , وصمت
كفى بالله وكيلًا
وحسيبًا
وعالمًا وبصيرًا !
يَعلم ما في أنفسهم
ويثق في عدله , وحكمته
حتى وان تأخر الأمر
فيه خيرٌ لهم
يثق بربه كثيرًا !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الواحدة مساءً
دخلوا الى الغرفة يدفعهم اشتياقهم
وتُسَيّرُهم لهفتهم
اقتربت والدتهم وهي تحبس دمعاتها
همَست بحنانٍ بالغ
: خالد حبيبي !
هزّته بخفة ليفتح عينيه ببطئ
شهقت لين بخفّة حينَ فتح عينيه
قال فيصل مبتسمًا
: الحمد لله على السلامة يا بطل , طوّلت علينا !
قبّل بندر كفّه , وقال بصدق
: اشتقنا لك
التفت الى والدته وناداها بهمس
قالت مبتسمةً بوجع
: يا عيون امّك
انحنت لتقبّل ما بين عينيه
قبَلة دافئة
فيها من المشاعر ما يعافي قلبه الخامل
رفع يديه بصعوبة وعانقها بخفة
ابتعدت بعدَ ثوانٍ لتقترب لين بحزنٍ وندم
: الحمد لله على سلامتك حبيبي , ليته فيني ولا فيك
نهروها جميعًا
قالت والدتها بتعب
: يا يمّه بطلوا من الدعاوي ذي , والله ما عاد فيني شدّة , وش تبون تسوون فيني انتم !
قبّل فيصل رأسها
: بس انا ما عَوّرت لك قلبك فيني , صح !
نظرت اليه لثوانٍ
: الله لا يبين غلاتك ولا يوجعني فيك , مع انّك اول من أوجعني !
قال مستغربًا
: انا !
هزّت رأسها ايجابًا
: لمّا كنت صغير , ثلاث مرّات , مرّة وانت بعمر سبع او ثمان أشهر وجاتك حمّى شديدة ووصلت للموت , ومرّة وانت بعمر ثلاث سنين وبلعت لك كيس مدري ورقة وبغيت تموت , ومّرة وانت سبع سنين وصار عليك حادث
: اوف اوف , وش ذا الماضي ! بس والله مصايبي تهون عند غيري
قالها وهو يرمق اخويه واخته بطرف عينه
قالت لين
: انا ابتلاء انجبرنا عليه , وخالد قضاء الله وقدره , الدُور والباقي على اللي طَيّر قلب امّي باختياره !
صَدّ بندر بنظره عنهم وهو يضحك
ضحكت والدتهم براحة
ثم قالت بصدق
: الله يحفظكم ولا يوريني فيكم بأس
أمّنوا بهمس
اقتربت من خالد وقالت بحنان
: أكلت يمه ؟
هزّ رأسه نفيًا
: الدكتور يحدد متى وشنو آكل
عقدت حاجبيها
: عز الله موّتك جوع على كذا
ابتسم بخفة
: مدري عنه – التفت الى فيصل – فارس اللي صوبني صح ؟
قال فيصل
: ايه عسى ايده للكسر , مسكوه مخبينه عمامك في استراحة في الخلا
قالت لين بحرقة
: الله ينتقم منّه
قالت والدتها منزعجة
: لا تدعون مو زين , قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل , تكفيكم وتغنيكم عن الدعاء
همست لين
: ونعم بالله
قال بندر
: طيّب متى يطلعونك
زفر بتعب
: والله ما ادري , باقي فحوصات وما ادري ايش , يعني يومين ثلاث وعليها
مَرّ الوقت بين حديثٍ وصمت , حتى قال خالد
: اجل وليد وين ! التعبان ولا مر ولا سلّم
قال فيصل
: طلعت له شغلة بلندن , سافر من يومين قال ما بيطوّل
عقد حاجبيه
لندن !
ارتجفت لين من ذكر لندن
ازدردت ريقها راجيةً الله ان لا يتذكر أحدُهم ايّ شيء
ان لا يتذكروا خطيئتها
ان لا يدفنوها حَيّةً على فعلتها
حبست في صدرها آهةً طويلة
آهة مشتاقة , متعبة , ومحتاجة
حنينٌ يقرص قلبها ويركل مشاعرها بقسوة
الى حبيبها
حبيبها الرجل
حبيبها الذي لا يستحق هجرًا ولا وجعًا ولا خيبة
حبيبها الذي حتى نسماتُ الهوَاء العالية تقسو عليه
من شدّة نقائه , ورقّة قلبه
الويلُ لي من ذنبي في حقّك يا سعود
ستقتلني خَطِيئتي
كيف أجرمت بك
كيف سَوّلت لي نفسي تركك
هل تبحث عنّي !
ام انّك طلقتني !
أكادُ اقسم انّي سأخرج بعد قليلٍ او غدًا
أجوب الأرض لأبحث عنك
لأعانقك بشدّة
وأخبرك بكلِ أسف العالم انّي أشتاقك
انّي لم أفكر حين ابتعدت
كيف لِحُبك ان يهوي بي كحجرٍ ثقيل رُمي في حجري
كيف لابتسامتك ان تظلّ كطيفٍ مُرعبٍ يلاحقني
رغم لطفها وجمالها
يا رجلًا جمعت بين منكبيك أدفأ عناق
وبين دفتي صدرِك العريض
كلّ حنان الدنيا
وفي نظرتك طيبة الكون بأسره
وعلى شفتيك , جميع لُغات الحُب في العالم !
كيف لرجولتك تلك السطورة التي ترهبني حتى في غيابك
رغمَ انّي لم أرك يومًا غاضبًا , او مستاءً
الى أنّي أشعر بغضبك يحرقني
ويُعَرّي قبحي وذنبي !
خائفةٌ انا من ان تجدني يا سعود
ومرعوبة انا , من الّا تجدني !
,
,
المملكة المتحدة – لندن
مطار هيثرو
فتح حزامه ونهض بهدوءٍ صامت
هدوءٍ لازمه بشدّة , في اليومين الماضيين
هدوءٍ يشبه الموت , الذي يخطف منه من يحب
أخذ حقيبته الصغيرة من أعلى المقعد
ونزل من الطائرة
انتهى من اجراءات الوصول
ودلف من بوابة الواصلين
اقترب منه السائق
: سيدي
ناوله الحقيبة بصمت
ودون أي نظرةٍ محيية كعادته
ركب السيارة
وظلّ ينظر في شوارع لندن
حتى وصلوا الى تشيلسي , الى المنزل
دخل بهدوء
واتجه الى صوتِ البكاء
كانت جدته تبكي , بحزنٍ لا يشبهها
حزنٍ لم يَره على ملامحها من قبل
رأى تعرجات الوجع تظهرُ بوضوحٍ على جبينها
وآهاتٌ وزفراتٌ عذبته منذ التقطتها مسامعه
ووالدته تتوسد صدر والده تنتحب بحرقة
تبكي بكاءً مكلومًا
بُكاءُ من ماتت شقيقتها الوحيدة !
كان بكاؤها مفصلًا على حزنها
انتبه له والده , قال وهو يهمُ بالنهوض
: الحمد لله على السلامة
التفتتا اليه , ونهضتا بشهقة
كانت جدته أقرب
عانقته وشدّت عليه
حاوطها وهو يتغصب الكلماتِ لتخرج من حنجرته العنيدة
: كل نفسٍ عنده بأجل , انّها لله , ائتمنها للحياة وعاد لأخذها , لا تنزعجي من أمانةٍ رُدّت الى صاحبها
قالت بلوعة
: ماتت ابنتي , ماتت زهرتي الرقيقة , رحلت فتاتي اليافعة
أغمض عينيه وهو يزدرد ريقه
: انّا لله وانّا اليه راجعون نانا
ابتعدت عنه ليعانقه والده ويهمس في اذنه بحنان
: عظم الله أجرك
قال بضياع
: جزاك الله خير
ابتعد والده ليقترب هو من والدته
ارتمت في حضنه وزاد نحيبها
عَلَت شهقاتها , واشتد نعيها
اخترقت آهاتها أذنه بوحشيّة
اهتز جسده وشعر بغصته تجرح حنجرته
أطلق آهةً صغيرة
بلعها ولم يُتمَها
شد على والدته وقال برجاء
: بس يمّه ما يجوز , استرجعي يمّه اذكري الله
أرهقته جدًا ببكائها
قالت بنبرةٍ تقتله
: راحت رنا رااحت يا سعود ماتت اختيي
قال بارتجاف
: لا اله الا الله , لاا اله الا الله , بسم الله عليك يمّه بسم الله عليك يا روحي
تعب جسده من الموقف
جلس أرضًا وهو يشدُ على والدته
قال بهمس باكٍ
: بس يا يمّه
تشبثت بثيابه وهي لا تسمع سوى حُزنها
لا ترى الّا سنوات حياتها الأولى التي شاركتها رنا تفاصيلها
أدق تفاصيلها !
وكيف لحزنٍ على الشقيق ان يكونَ الّا موتًا تُحْقَنُ به الأرواح
كيف له الّا ان يكون بؤسًا يخطُ تعاريجه على ملامحنا
هو انطفاء ضَوء الشمس
هو عذابٌ متجسدٌ برحيل
هو ليسَ سوى جرحٌ غائرٌ , لا ملتئم !
مهلوعةٌ هي من تخيلها في ظلمة القبر وحدها
يلتهمها الذعر بوحشيّة , حين تذكرُ انّ الدود لن يبقي منها شيئًا !
سوى عظمَةٍ صغيرة !
ياهٍ على الموتِ ما أقساه
جبروته يبطش الخلائق تباعًا
لم تتخيل يومًا انّ شمسًا ستشرق
ورنا ليست موجودة على ظهر الأرض لتُحييها
كيف للقبر ان يضمّ تلك الفاتنة الممتلئةِ بالحياة
كيف لرقتها وأناقتها ان تسكن قبرًا ضيقًا مظلمًا
يا لسطوَةِ الموت
وحظورُه الخاطف
حينها ندِمت انّها لم تذكره دومًا
حينها علمت لم أوصانا الرسول ان نكثر من ذكره
أطلقت آهةً أذابت روح ابنها قبل ان تذيبها
همست باستجداء
: يااارب , يارب هوّن عليها وحدتها وأطلق لسانها حينَ سؤالها , يااارب ارحم ضعف قلبي يارب
كفَاكِ قهرًا لقلبي يا امّي
كفاكِ ممارسة عذابكِ الطاغي عَلَيّ
لم أعُد احتمل
سأتبع رنا من شدّة الوجع الذي يحيط به
انّي اتنفس ألمًا
اشعر به في رئتي
ويهبط على معدتي ليسحقها الفًا
اقترب ابو سعود ليسحب زوجته وهو يهزّها بخفة
: رونا تعوذي من ابليس بيصير فيك شي , ما يجوز والله اللي تسوينه , بس يا بنت الحلال هدّي
نهض من مكانه وصعد الى غرفته
ليختلي بحزنه
ليفسح له المجال
ليفعل به ما يشاء !
,
لندن – السفارة السعوديّة
قالَ بحزم
: انا ولدها ومحرم لها
قال الموظفُ ببرود
: هي دخلت مع والدها , لازم هو اللي يوقع على خروجها
قال وليد بهدوءٍ يسبقُ عاصفةً حقيقة
قد تدمّر المكان بمن فيه !
: شوف يا ما ادري من انت , كفاية اثنين وعشرين سنة زي البهايم ما عرفتوا تتصرفون في أمر رجوع حرمة بروحها من بريطانيا , ولا واحد فيه رجولة يشوف موضوعها اللي ابسط منّه ما فيه , وفوق انكم هاملين أمرها شايلين ايدكم من معيشتها , حرمة تطلع تشتغل وتجيب فلوس أكلها وشربها وايجار بيتها ! , اقسم بالله انّ عندي اللي يسكر سفارتكم بكبرها , وبعدين ابوها من أي مقبرة أجيبه لك يوقع لك ؟! اذا انا هذا كبري اصير ولدها يعني حرمة كبيرة , أي اب هذا اللي بينتظرك تقول يجيني يوقع ! خل النفس طيّبة عليكم لا والله وعزة جلال الله اقلب الدنيا على روسكم
قال الموظف بتعالٍ
: انت من تحسب نفسك ! قلت لك هذا امر قانوني...
ضرب المكتب مزمجرًا
: طز فيك وفي قانونك , الحين بتعطيني خروجية لها ولا ورب الكعبة ما تطلع لك شمس وانت في وظيفتك ذي
ظلّ الموظف ينظر اليه بصمت
ليقول وليد وهو يتمالك أعصابه
: عندك مشكلة في السمع !
قال ببرود
: بعطيك الورقة لكن انت تتحمل المسؤولية كاملة
ابتعد وليد عن المكتب وهو يحبس زفرةَ راحةٍ أن تخرج
: اخلص
أخرج ورقةً من أحد الملفات
مَلأها ببعض المعلومات ثم مدّها الى وليد الذي قَرَأها بعناية
قال بسخرية
: ما اشوف مكتوب ابوها يجي !
قال الموظف وهو ينشغل بملفٍ آخر
: قضية عن أخرى تفرق
أمال وليد فمه ساخرًا
: أخرى !
أكمل بيانات الورقة ووقعها أخيرًا
طبعها الموظف وختم النسختين بختم السفارة
ليحتفظ بنسخة
ويعطي الأخرى لوليد
الذي أخذها وكأنه يأخذ عمُرًا جديدًا خاليًا من الهم والحزن !
خرج من السفارة واتجه الى المقهى القريب
قال بسعادة لا توصف
: ملاك أخذت الخروجية
ابتسمت ببرودٍ وتبلد
: عالبركة
تجاهل برودها وقال
: يلا تبين السوق ؟
هزّت رأسها نفيًا
: ابي ارجع السعودية
أشار الى عينيه
: بشوف أقرب حجز ونرجع
مدّ بيده اليها
رغمَ غضبها منه , ورغم حزنها بسببه
الّا انها لا تطمئن حتى تتشبث به
حتى تسير ملاصقةً له
تشعرُ انّه والدها
وليس شقيقها !
عادا الى المنزل
وليد بضحكةٍ عريضة
وملاك بتكشيرةٍ بغيضة !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانية ظهرًا
أنزلها السائق امام منزل جدتها , وذهب ليحضر الأخريات
دخلت واقتربت من غرفة جدتها
: يمه ؟
: يا هلا , سلطان هنا يا امّي
ابتعدت بصمت وجلست في غرفة الجلوس
مرّت عشرُ دقائق لتدخل أروى الى المنزل
رأتها واقتربت لتسلِمَ عليها
: هلا والله
عانقتها الأخرى بمحبة
: اشتقت لك
قالت أروى معاتبة
: مبيّن الشوق ! الله لا يقطع بنا من جا مالك ما عاد لك شوفة
ابتسمت
: ايه خلاص مالك يوديني ويجيبني , واحراج اجي واخوك هنا
قالت اروى بنظرةٍ ذاتِ مغزىً
: البنات كلّهم كل يوم يجون ولا قالوا احراج
ابتسمت ولم تجب
زفرت اروى
: بروح اسلم على جدتي وابوي وارجع لك
هزّت رأسها بصمت
غابت اروى لدقائق ثم عادت
: لينا تجين المطبخ ؟
نهضت من مكانها
: يلا
دخلتا الى المطبخ وتبادلتا حديثًا قصيرًا
قبل ان تقول اروى بحذر
: لينا , حاقدة عليه ؟
تشاغلت بسلة الفواكه
: على مين ؟
رفعت اروى حاجبها
: ولد الجيران
كان قد همّ بالدخول للمطبخ وتراجع حين سمع صوت لينا
لكنّه توقف وشعر بالغضب من جملة شقيقته
ما علاقتها بابن الجيران !
قالت لينا بتغابٍ واضح
: وش دخلني بولد الجيران احقد عليه
اقتربت اروى ونظرت الى عيني لينا مباشرة , وقالت بحدة
: سلطان , للحينك حاقدة عليه
عقدت لينا حاجبيها
: سلطان حكاية انتهت من زمان
قالت اروى برفض
: كذابة
غضبت لينا
: وش اللي كذابة
قالت اروى بحدة
: ما تمشي علي يا لينا , شفت بعيني صورته اللي مخبيتها في صندوقك اللي على بالك محد داري عنّه , الصندوق اللي فيه العقد اللي اهداك ايّاه يوم ملكتكم , الصندوق اللي فيه البطاقة اللي أرسلها لك وانتي مريضة قبل ملكتكم , الصندوق اللي فيه وردة يابسة ما ظل فيها روح...
قاطعتها لينا بنبرةٍ موجعة
: خلاص اروى
قالت اروى بغضب
: ليش ما تقولين لي اللي في قلبك ! ليش ما تجيني وتصرخين وتطلعين أي شي في نفسك , ليش لك سنين تكتمين , ليشش !
رفعت رأسها اليها وفي عينيها دمعتين عنيدتين
قويتين , تشبهانها !
قالت بقوّة
: وش تبيني اقول لك ! انا ماني ضعيفة يا اروى , ايه حبيته , لا ما حبيته عشقته ! هو اللي من وعيت والكل يقول انّي له , كنت صغيرة لمّا انخطبت وملكت عليه , حبيته وحلمت فيه وبنيت عليه كل احلامي الوردية , تخيلت بيتي وعيالي وحياتي , حتى احفادنا اللي على اسماءنا تخيلتهم ! لكنّه باعني وأرخصني وتركني , سلطان ما حبني في حياته , سلطان كان معتبرني وسيلة للحياة , كنت زوجة والسلام , زوجة اختاروها اهله , سلطان ماهو من الناس اللي تحب وتختار شريكة حياة , حياته ماشية على شختك بختك , وحظي الردي طيحني فيه , ما كانت تفرق معاه لو كنت أي وحدة , لكن انا فرقت معاي كثير , اللي حبيته اكثر من أي شي في الدنيا تركني ببرود ! حبيته يا اروى لكنّي ما افكر فيه , ولو يرجع ويطلبني لو يظل آخر رجال ما اوافق عليه , انا كرامتي فوق حبّي له , كرامتي واحترامي لنفسي اهم منه وأولى , تبين تذليني لأنّي حبيت اخوك في يوم ! تبين تشوفين في عيني انكسار منّه ! تعقبين انتي وياه , والله ما ينزل راسي ولا ابكيه وانا اخت مالك
تأوّهت اروى متوجعةً من حديثها
قالت متأثرة
: اقسم بالله ما اقصد اللي فهمتيه
شدّ على قبضته بقوّة
وابتعد بهدوء كما اقترب
للتوْ أدرك دناءةَ فعله
لم يعتقد انّه كسرها لهذا الحد
كان يظنها مثله
ليست مهتمة !
تركها , لوثها بظنون ليست سوى في عقله المريض
عقله المتوعك جدًا
المستعصي على العلاج !
شعر بوجعٍ أكبر , حين انتبه الى انّه خذلها وآلمها
ثم ما طبطب جراحه ولا لازمه في محنته
الّا شقيقها الوحيد !
شقيقها الذي لفظت اسمه معتزةً به للتوْ !
جَلَس امام جدته التي قالت مستغربة
: وش فيك يا ولد ؟
قال بنبرةٍ موجوعة
: انا وش سويت في لينا ؟
قالت جدته بفزع
: وش سويت !
همّت بالنهوض ليمسك بها
: اقصد قبل سنين
جلست جدّته وزفرت براحة
ثم تنهدت وجعًا , ولم تمرّ ثوانٍ حتى غرقت عينيها دمعًا
: توك تفطن !
: علميني
قالت وهي تضرب كتفه بعصاها , بعتابٍ مدفونٌ بنبرتها
: أوجعتها , والمرة اللي تنوجع من رجل صعب علاجها
كلماتها بسيطة , وتقليديةٌ جدًا
لكنّها وصلت الى قلبه وخدشته
فهمها تمامًا
أكثر من ما يجُب ان تُفهم
كانت نبرتها , ونظرتها
كفيلة بايصالِ قبحه اليه !
بكت جدته رُغمًا عنها
اقترب ليقبّل رأسها
كم يؤلمونها !
لم يرحموا ضعفها ولا الشيب الذي غزَى رأسها
جميعهم يتفننون بكيل الوجعِ لقلبها المخمورِ بهم
لم تُحِب في حياتها شيئًا مثلَ ما أحبتهم
ولم يقسوا على أحدٍ , كقسوتهم عليها !
قالت بصدق
: اسأل الله انّه يعوضها باللي احسن منّك بألف مرّة
ابتسم بهدوء
: لو طلبتها مرّة ثانية تزوجيني ايّاها ؟
قالت برفضٍ لا جدال فيه
: والله لو تحب السما يا سلطان ما لها رجعة , انا بناتي ما ارجعهم لواحدٍ ما عرف قدرهم , توصل لمواطي لينا انت عشان تعافها وتبي تردها بمزاجك !
ضحك بعمقٍ ثم قال
: انتي تدرين انّي مو قاصد اردها ! بس بعرف ردّة فعلك
قالت بتعالٍ
: حاصل لك تردها
ابتسم بصدق
: الله يرزقها باللي أحسن منّي , والله ما استاهلها وادري ماهو حاصل لي , لكن زواج ماني متزوج ولو بعد ميّة سنة
قالت بغضب
: تخسي , والله ان تتزوج ورجولك فوق راسك
قال ساخرًا
: ايه ان شالله
,
: اقسم بالله ما اقصد اللي فهمتيه
صمتت لثوانٍ , ثم تابعت وهي تجلس امامها
: انتي الوحيدة اللي اجلس معك واسولف معك , انتي اللي تعرفين همّي وتواسيني بضيقي , وظنيت انّي الأقرب لك , شفت الصندوق صدفة , خفت عليك ! ظنيتك تبكين عليه ومهمومة لليوم , والله ما قصدت الّا انّي اوقف معك وأخفف عنك
قالت لينا بهدوء
: ما احتاج تخففين عنّي , والله ماهي قواية ولا مكابر , واللي حط فيني الروح انّي ما عاد افكر فيه ولا ابكيه , الصندوق مجرد ذكرى , وراح اتخلص منها بأقرب وقت
شدّت اروى على كفها وقالت بصدق
: لا تزعلين منّي , انا وحيدة يا لينا لا صديقة ولا قريبة , ما في الّا انتي اللي تخفف وحدتي !
ابتسمت بصمت
وأشغلت نفسها بعيدًا عن أروى
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
مطار الملك خالد الدولي
الثالثة مساءً
اتصل على تركي الذي ردّ فورًا
: ها وينكم
قال بصوتٍ مبتهج
: انت وينك من اوّل واقفين في صالة الوصول
تلفت تركي ليراهم
أغلق الهاتف واقترب بلهفة
قال برجفة
: خالتي
شهقت بلهفة
: يا حبيبي انت !
اقترب بخوفٍ وهو يهمس
: صدق هذه انتي !
مدّت بذراعيها اليه , ليقترب ويعانقها
ارتجف بخفّةٍ ورهبة
يشعر انّ الموقف مهوّل !
امرأة غريبة تعانقه
امرأة تدعى خالةً له
خالةٌ غابت طوال أعوامهم التي مضت
والآن تظهر من حيث لا يعلمون
ابتعد عنها وقبّل رأسها
: الحمد لله على سلامتك , نورتي ديرتك
ابتسمت بمحبة
: الله يسلمك يا يمّه
عانق وليد وهمس بحرارة
: قرّت عينك
قال وليد بصدق
: والله ما ادري وين اروح من فضلك علي !
ضربه تركي بخفّة
: عيب عليك ! ان كانت امّك فهي خالتي اخت امّي !
ساروا الى سيّارة تركي
وسار تركي يوّدُ لو يقطع المسافة ما بين المطار والمنزل بثوانٍ
قال وليد
: متأكد محد حس ؟
قال تركي ضاحكًا
: وش يحسون فيه بالله عليك ! قلت رايح اجيب وليد وانا طول عمري اوديك واجيبك من المطار
ابتسم وليد وهو متوتر
كانت ملاك صامتة
ملتصقةً بالباب ولا تلتفت ابدًا الى والدتها
وصلوا أخيرًا , ونزلت ملاك بسرعة
قال تركي مبتسمًا
: مفتوح الباب ادخلي
دخلت وهتفت
: خالتي
خرجت خالتها من الغرفة الأقرب الى باب المنزل
قالت مرحبةً باشتياق
: هلا هلا , هلا والله
عانقتها ملاك بكلِ اشتياقٍ وحاجة شعرت بهما في لندن
ابتعدت عنها لتعانق هديل التي كانت تهتف بسعادةٍ من عودتها
مرّت دقيقة ليدخل وليد ويبتسم
: السلاام عليكم
قفزت هديل لتعانقه بشدّة وهي تهتف
: وين مفاجأتك
ضحك منها وأبعدها
ابتسمت خالته
: هلا براعي المفاجآت , اكلت قلبي هديل تنتظرك تجي بس عشان المفاجأة !
ضحك بارتابك وهو يعانقها ويعود ليقف قريبًا من الباب
قالت خالته مستغربة
: ادخلوا وسكروا الباب !
قال مبتسمًا
: بدخل المفاجأة
ضحكت خالته
: دخلها يلا
التفت الى والدته , كانت تضع كفّها على فَمها وتبكي بحرقة
قال وليد بحنان
: لا تبكين
عقدت ام علي حاجبيها , ولا تزال ابتسامتها على شفتيها
امسك وليد بيد والدته وأدخلها الى المنزل
نظرت اليها ام علي بصمت
واختفت ابتسامتها تدريجيًا
حتى فتحت عينيها بصدمة وأطلقت شهقةً كادت تودي بحياتها !
,
,
الى الملتقى




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 14-12-14, 09:10 AM   #55

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
البارت الثامن والثلاثون
,
,

المملكة العربية السعودية – الرياض
قالت ام وليد بنبرةٍ تُرسل العذاب الى من يسمعها
: عايشة
ظلّت تنظرُ اليها بصدمة , وجنون !
شعرت بالدوار وهي تهمس غير مصدقة
: لـطيـفة !!!
اقتربت ام وليد , تُجبر قدميها على السير
تكاد تجلد نفسها لتسرع
شعرت ام علي انّ قلبها يتهاوى
كانت انفاسها محبوسة , وعينيها مشدوهة
اطلقت انفاسها كآهةٍ أثقلت قلبها
سارت مسرعةً الى شقيقتها
عانقتها وهي تصرخ بلا تصديق
: لطيييفة ! لااا اله الّا الله , ياا الله ! هذه انتي يا لطيفة , رجعتي من الموت يا قلب اختك ! رجعتي غصب عن الكل , يا روحي يا لطييفة ياا روححيي
لم تحملها قدميها اكثر
تخاذلت قواها لتسقطها ارضًا , وتجتذب شقيقتها اليها
تعانقتا عناقًا أبكى هديل التي لم تفهم شيئًا !
وأبكى ملاك التي لا تزال آثار موقفٍ سابقٍ كهذا تنهشها !
وأبكى وليد , الذي ظنّ انّه سيعيش عمرًا على عُمره ولن يرى هذا الموقف !
وأبكى تركي , الذي انفطر قلبه من شهقاتِ والدته التي تصيب قلبه بسهامٍ من وجع !
بكت ام وليد حتى آلمها قلبها
وهي تتلمس شقيقتها غيرَ مُصدقة
مرّت الأعوام تباعًا , أوجعتهم بالفراق
الفراق الذي أبى ان يقشع غيمته السوداء عنهم
الفراق المتجبر
الذي جلد أرواحهم بسياطٍ من لوعة
أبعدتها لتنظر اليها وهي تهتف
: اسألك بالله هذه انتي ! بالله عليك انتي لطيفة ! انتي بنت امّي وابوي ؟
انتحبت ام وليد وهي تعانقها وتقول متعذبة
: حسبي على اللي بعدك عنّي , يا وجع قلبي فيك يا اختي , يا كبر همّي اللي انشال عنّي بشوفتك يا عايشة
فتح الباب ليدخل علي
الذي لم يكن يعلم عن شيء !
قال بصدمة
: يمّه شفيك !
نظر الى وليد وتركي الذين صدّا عنه يمسحان أدمعهما !
اقترب من والدته
: يمّه وش صاير
قال منتحبة
: ردّت لطيفة يا علي , رجعت لطيفة
عقد حاجبيه
: من لطيفة
التفتت خالته اليه , ليصدّ عنها وهو يكاد يجنُ من الموقف
قالت خالته ببحة
: علي يا روحي انت , تعال يا يمّه
قال وليد بعد ان حمحم ليصفّي حنجرته
: هذه امّي
التفت اليه مصعوقًا
: مين !!
شهقت هديل ايضًا
التي لم تستوعب الأمر برمته , الّا بنطق وليد بتصريح !
قال وليد مبتسمًا بوجع
: امّي , خالتك !
نظرَ اليها ببلاهة
ضحك تركي
: علي الله يفشلك سلّم على خالتك !
نظرَ الى شقيقه
: ها
انفجروا ضاحكين , ليقول تركي
: أي حتى انا ما عرفت اسلم , بس شنيوي يا اخوك خالتنا يجوز
انحنى بتردد
ومدّت ذراعيها لتعانقه
: يا حبيبي , يا عمري انت , لا اله الّا الله كبرتوا وتغيرتوا
ابتعد وهو يبتسم بمجاملة
التفتت أخيرًا الى هديل
التي عرفتها من شدّة شبهها بوالدتها
ابتسمت بحنان
: عاد علي ما ينشره عليه اذا ما عرفني , وتركي عادي اذا استغربني , بس انتي ؟
كانت تضع كفّها على شفتيها وترتجف
قالت بذعر وهي تحتمي بتركي الذي كان يقف قريبًا
: شلون يعني خالتي ! وش الميّت اللي يرجع من قبره !
مدّ وليد جسده ليضربها على مقدمة رأسها
: وقص يا هبلا , ما تعرفين تتكلمين انتي !
التفتت اليه لتصرخ به , وهي جدُّ مرعوبة
: وش ما اعرف اتكلم , حرمة ميتة من اثنين وعشرين سنة شلون ترجع للحياة !
قالت والدتها بصوتٍ مُنهك
: هديل تعالي لي يا امّي
تراجعت برعب
: ما ابي
امسك تركي بيدها , وقد شعر انّ الأمرَ حقيقي
: هديل بسم الله عليك
نفضت يدها منه وهي تتراجع الى الدرج برعب
جميعهم مُرعبون الآن !
شهقت وهي تصعد الدرج مُسرعة
قالت ام علي وقد عّقّدت حاجبيها
: تركي يمّه اطلع لاختك , المغرب قريب لا يجيها شي – التفتت الى شقيقتها وقالت بنبرةٍ معبقةٍ بودٍ وحب – والله ان ترحبين
قبّلت ام وليد يدَ شقيقتها وهي تمنع نفسها من البكاء
نزل اليها وليد بحنو
: يلا يمّه قومي للمجلس , مو زين جلسة الأرض القاسية
نهضت بمساعدته , وساعد علي والدته لتنهض
التفتت ام وليد الى ملاك , همّت بالحديث , لكنّها صمتت
,
دخلت الى غرفة رتيل واسرعت لتختبئ تحت لحافها
قالت رتيل مستغربة
: وش فيك !
دخل تركي فجأة لتشهق بذعر
قالت رتيل
: عمى وش فيك وقفتي قلبي !
اقترب تركي لتصرخ به
: لا تقرب منّي
قالت رتيل بصدمة
: وش فيها ذي !
قال تركي بملل
: انتي هيه اعقلي لا اهفّك كف يعقلك !
جلس على السرير والتفت الى رتيل
قال
: شفتي وليد ؟ امّه اللي هي خالتنا قبل اثنين وعشرين سنة أخذها جدّي ابو امي مدري وين واختفت , دورنا عليها ما لقينا لها اثر قلنا خلاص نقول انها ماتت عشان محد يسأل ويطلع كلام على كيف الناس , والحين وليد دورها ولقاها , وموجودة تحت رجعت معاه , وذي انفجعت على بالها عفريت طلع من القبر
قالت رتيل بصدمة
: ام وليد عايشة !
قال متمللًا
: لا تسويلي انفجعتي انتي بعد
قالت بغيرِ تصديق
: شلون ! اثنين وعشرين سنة مختفية !
: هذا اللي صار
التفت الى هديل التي خَفّت رجفتها , لكنّها قالت بخوف
: طيّب ليش قلتوا ميتة
: قلت لك عشان لا يسألون الناس واحنا ما ندري وينها
ظلتا صامتتين , ليقول تركي
: يلا انزلوا سلموا عليها
تبادلتا النظرات , لتقول رتيل بنبرةٍ مبطنةٍ بالجُبن
: انا بنام
هزّت هديل رأسها مؤيدة
: ايه صح بنّام احنا تعابنين
ضحك وأردف
: طيّب يا التعبانين انزلوا سلموا واطلعوا ناموا
ازدردتا ريقيهما , ليقول بمللٍ وهو ينهض
: اخلصي انتي ويّاها
قالت رتيل بنبرةٍ جعلته ينفجر ضاحكًا
: ايه صح عيب لازم ننزل نسلم , واذا هي فيها بسم الله ولا شي ما بتقدر تسوي لنا شي كلهم تحت وامّي موجودة , وما نطوّل بس سلام ونطلع
قالت هديل بتردد
: تهقين ؟
هزّت رتيل رأسها ببلاهة
: ايه ما عليك
هزّ رأسه مستخفًا بهما , ونزل يتقدمهما
قال
: وليد لا هنت
نهض وليد الى الغرفةِ الأخرى
لتدخلان متلاصقتان
دفع تركي هديل
: يلا سلمي على امّك , ولا التحضن في وليد جا من الهوا
اقتربت بتردد
لتقول ام وليد بحنانٍ بالغ , وهي تعانقها
: هلا ببنتي , هلا حبيبتي
قبّلتها كثيرًا وهي تشمُها باشتياق
ابتعدت هديل لتجلس ملاصقةً لوالدتها
قالت رتيل بابتسامةٍ حذرة
: شلونك خالتي
كادت تتقدم , ومنعتها عقدة حاجبي ام وليد وهي تقول
: هلا حبيبتي , ما عرفتك يمّه من انتي ؟
اختفت ابتسامتها تدريجيًا , لتقول ببحة
: انا رتيل
قالت ام وليد
: من بنته ؟
رصّت ام علي على اسنانها وودّت لو تصمتُ شقيقتها !
قالت باستدراك
: لطيفة وش فيها ذاكرتك ! رتيل بنتي نسيتيها !
التفتت اليها مستغربة
لتقول ام علي وهي ترجوها بعينيها
: بنت ايمان الله يرحمها , بنتي اللي رضعتها وربيتها مع هديل !
التفتت ام وليد مستدركة
: آآه , هلا والله حبيبتي , سامحيني يا يمّه ناسية والله
اقتربت رتيل لتقبّل رأسها , وتملصت من عناقها
ابتعدت قليلًا , لتقول ببحة
: الحمد لله على سلامتك , عن اذنكم
أولتهم ظهرها وصعدت
لتنهضان هديل وملاك كالمقروصتان
قالت ملاك بضيق
: وش سويتي !
صعدتها خلفها مسرعتين
التفتت الى شقيقتها التي انكسرت نظراتها
وظلّت صامتة !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانية مساءً
مسحت على شعره بحنان , وهمست برفق
: حبيبي
لم يُجبها
رفعت صوتها
: حياتي , قوم تأخر الوقت
همهم وأدار وجهه عنها
ابتسمت
: اللي يشوفك يقول صار لك سنة مو نايم ! قوم يلا !
قال بخمول
: اتركيني تعبان
: انزين تعبان على عيني وراسي , بس الوقت تأخر وفونك ما سكت
قال ولا زال على وضعه
: من اللي يتصل
: امّك , واحد اسمه ذياب وايد اتصل , وواحد اسمه عبد الله
عقد حاجبيه ونهض
: عبد الله متصل !
أخذ هاتفه واتصل بعبد الله فورًا
ردّ عبد الله بصوتٍ يسبح كراهية , كما يظنُّ هو !
: الو
قال بهدوء
: وش عندك متصل ؟
قال عبد الله متأففًا
: امّي انشغل بالها فيك لك يومين ما بيّنت اجبرتني اتصل عليك
قال بغير اقتناع
: اها
قال عبد الله لينهي المكالمة
: يلا
وظلّ ينتظر ليغلق الهاتف , لم يجرؤ على اغلاقه في وجهه !
زفر صقر وقال
: اوكي , سلام
أغلق الهاتف ورماه جانبًا
التفت الى مها التي كانت تنظر اليه بعمق
ابتسم بهدوء
: صباح الخير
ضحكت
: أي صباح ! الساعة ثنتين الظهر حبيبي
قال بغيرِ اهتمام
: دام توّي صاحي يعني صباح
اكتفت بابتسامة
نهض ليغسل وجهه ويتوضأ
صلَى وظلّ في مكانه يفكر
أحضرت له كوبَ قهوة , وجلست أمامه أرضًا
قالت بهدوء
: بشنو تفكر
زفر وارتشف من القهوة , ثم قال بتفكير
: اشياء كثير
: مثلًا
نظرَ اليها وحبس ضحكته بوضوح
: اللي تفكرين فيه اهم شي واوّل شي افكر فيه
قالت بعصبية تخفيها
: ما فكرت بشي
هزّ رأسه وهمهم
قالت بغيض
: أي وشنو بعد
قال بهدوء
: ضروري نطلع لشقة , وبشوف موضوع عمّك ابو منال لازم يطلع...
قاطعته بخوف
: بس عمّي ! وابوي ويدّي وراشد ؟!
نظر اليها بصمت
قالت وهي تكاد تبكي
: رد علي
قال بهدوء
: ما اعرف شي عنهم , بس اللي متأكد ان ما عليه شي ابو منال
قالت برجاء
: تكفى علمني ليش محبوسين , الله يخليك ابو راجح
احتضن كفّها المرتجف
: وش فيك انفعلتي ! هدّي ما فيه شي
: واهلي !
: ما عليهم شر
قاطعها قبل ان تتحدث
: قفلي لي السيرة ذي مها الله يرضى عليك , حتى انا ما ادري عن شي ومنتظر معك
صمتت , وظلّت تنظر اليه بنظرةٍ اتهام
قال بضيق
: لا تناظريني كذا
رمت ببصرها بعيدًا عنه , وهي تحبس بكاءها
زفر ومدّ ذراعه ليعانقها
لكنّها نهضت وتركته
ظلّ مكانه ينظر الى مكانها الذي تركته
أنهى قهوته
ونهض وهو يشعرُ بالغضب
لبس باستعجالٍ وخرج
اتصل بذياب وهو يركب سيارته
ردّ ذياب بعصبية
: بدري
قال بملل
: انت وبعدين مع العصبية ذي ! لا يجيك شي من عصبيتك روّق يا عمي
قال ذياب ساخرًا
: مشكور يا بابا على النصائح اللي زي وجهك , وينك فيه ؟
: توني طالع من الفندق
: تعال الكوفي شوب
ودعه واتجه الى المقهى
جلس أمامه وهو عاقدٌ حاجبيه
ابتسم ذياب
: شلونك
هزّ رأسه بصبر
: الحمد لله
قال ذياب
: ما في جديد
هزّ رأسه نفيًا , ليسأله
: وش صار معاهم ؟
شدّ ذياب على قبضته بعصبية
: للحين , يدورون شاهد !
ابتسم صقر بهدوء
: ما في شاهد , الّا اذا عمّه او جدّه بيشهدون عليه
قال ذياب
: هذا اللي مجنني , ذول الاثنين لو ايش ما بيشهدون على اللي سوّاه
رفَع صقر كتفيه وقال ببساطة
: لازم نجبرهم
قال ذياب بتفكير
: شلون
: هددهم فيه , او بيّن لهم وضع حريمهم وان حالتهم مبهذلة ومشردين , هو كذا كذا بيتعاقب يعجلون بالموضوع احسن
قال ذياب
: نروح لهم الحين ؟
قال بهدوء
: ما ابي اشوف احد منهم , روح بروحك وقت ثاني
قال بغيض
: ممنوع من دخول السجن
استدرك صقر وانفجر ضاحكًا
: ايه صح نسيت , استغفر الله والله طاغية انت
قال ببرود
: تمنيت اذبحه
ابتسم صقر
: لو ما حرمة الدين ودخول الضرب للسجين من الاعتداء , كان قلت لك سلمت يمينك
ابتسم ذياب
: الله يسلمك اقل الواجب
انفجرا ضاحكين
ضحكا من قلبين متوجعين
ليتناسيا كمّ الألم المترسخ فيهما
ضحكا ضحكة طويلة , ختماها بزفرةٍ مكلومة
مهضومة !
قال صقر بعد صمتٍ قصير
: ما ينفع في السالفة ذي الّا سعد , تحس عنده اسلوب ماهو انا وانت
ابتسم ذياب بسخرية
: أي اسلوب يرحم والديك , من اوّل مرّة استفرد براشد هفّه كف نسّاه اصله وفصله !
ضحك صقر بعمق
: ما اقدر اتخيّل سعد عنيف !
قال ذياب بنبرةٍ مقهورة , هادئة مبطنة بغضبٍ عاصف
: القهر اللي بقلبه ما خلّا فيه عطف
صمت صقر وألقى ببصره بعيدًا عن ذياب
اذا كان هو زوجًا لرتيل ويتعذب من صدّها
رغم انّه يدرك ان مردها اليه
فما بالُ سعد !
الذي لن تعود له يومًا الأنثى التي عشقها يومًا وما زال
التي تُرسلُ ابنيها مع والدهما كلّ يومٍ ليصلوا في ذاتِ المسجد الذي يصلي فيه !
غاب سعد عن أفكاره في ثوانٍ حين تربعت عليها رتيل بتعالٍ وأنفة
يا وجعي يا رتيل !
الى متى يبقى قلبكِ صادًا عن حبيبك !
الم تشتاقي صقر كما اشتاقك !
الا ترحمين ضعف قلبه وشيب رأسه وتعودين لتطمئنيه
زفر بصبرٍ يتجرعه رغمًا عنه
كأنّه يرى الطريق اليها
طريقٌ طويل !
تحفه المستحيلات , لتمنعه من الوصول
لا يدري لمَ يعاقب دومًا بفقدها
فعلها الموت الذي كاد يخطفها مرّة
والأمر الذي قيل له انّه حدث لها ولن تستطيع الخروج معه ثانية " لأنّها كبرت " !
وفعلها راشد
والآن تفعلها هي !
كيف تتصوّرين بعقلكِ الأحمق انّي سأستطيع خوض الحياة دونكِ !
كيف تقتنعين انّي اقدر على تنفس الدنيا , دون ان تمسكي بيدي , وتنفثي معي أيّ وجعٍ او تعب
ألا تعلمين انّكِ حين ولدتِ
كنتِ تحملين بين أصابعكِ الصغيرة حياتي القادمة
كنتِ تدسين في تعاريج يديكِ اللطيفة كلّ ضحكةٍ سأضحكها , وكل السعادة التي سأعيشها
وفي طيّات بكائك , كنت أعدُّ كم مرة سأتألم
وكم مرةً سأهزم
وكم مرّة سأبكي وجعًا !
وحين تضحكين تضيئين حياتي القادمة والماضية , وحتى الحياة التي أتخيلها قبل ان انام
كيف لكِ ان تسلبي كلّ حياتي بصدّك !
كيف تُعطِين نفسكِ الحق بأن تسلبيني نفسي
سرقتيني منّي !
لم أعد سِوى حمّى اسمها رتيل
تسيرُ على الأرض
وحدكِ لكِ القدُرة على جمعي , وبعثرتي , ثم جمعي وتشكيلي كيف ما تشائين
وحدكِ تجعلين قلبي يصلّي الفًا , حين تغازله عينيكِ بضحكتها
انتي فقط التي أكونُ كاملًا معها
لا ينقصني سوى ان تعانقيني
ليكتمل كلُّ شيء
وكأنّي صورَة كُمّلت بابتسامة ساكنيها !
لا تُطيلي البُعد انّي أرجوكِ
روحي لا زالت تتغذى على وجودكِ
لم أعتد فطامك المفاجئ !
,
,
المملكة المتحدة – تشيلسي
السابعة مساءً
طرق الباب بتوتر
فتحه أبو سعود وابتسم بهدوء
: تفضل
قال بنبرةٍ محرجة
: الله يسلمك , اقدر اطلع له !
هزّ ابو سعود رأسه وأشار له ليدخل
دخل وسار مارًا بغرفة الجلوس
التي كان يصدح منها صوتُ القرآن , وبعض الشهقات الخفيفة
صعد الى الأعلى وطرق الباب
لم يأتِه الرد , ففتحه
دخل ليجد سعود مستلقٍ على سريره
يحدق في السقف بصمتٍ مطبق
اقترب ليجلس بجانبه
ازدرد ريقه
: سعود !
التفت اليه وهو صامت
قال عبد العزيز
: شلونك ؟
ظلّ ينظر اليه دون ان يتحدث
شعر عبد العزيز انّه يفقد قدرته على جمع الأحرف ويرتبها ليخرجها على هيئة عبارات
شعر بالضعف من منظر سعود الهزيل
قال وقد بدأ يغضب
: اكلمك انا
لم يجبه
هزّه عبد العزيز
: سعود تحرك , كلمني
قال سعود ببحة عميقة
: وش تبي
قال عبد العزيز وأعصابه مشدودة
: وش مسوي في حالك كذا !
أغمض عينيه دون رد
عنفه عبد العزيز وهو يضرب كتفه بغيض
: قوم , ما انتهت حياتك للحين , خالتك توفت ؟ الله يرحمها ! بتموت معاها يعني ؟ لو الحياة توقف بموت شخص كان شفتني للحين على فراش بندر أبكي عليه , قوم كسّر صرخ ابكي , لا تقتل نفسك كذا
اعتدل بجلسته , واحتقنت مقلتيه احمرارًا
قال مختنقًا
: ماتت خالتي وما شفتها
صرخ به
: انت مو قالب كيانك حزنك على خالتك
قال بنبرةٍ توشِكُ ان تبكي
: ماتوا وخلّوني , ولين شردت منّي , حياتي انقلبت فوق تحت
شدّ عبد العزيز على كتفه
: ارجع رتبها من جديد , دوّر لين وكمّل دراسة , ترحم على اللي ماتوا وتصدّق عنهم وادعي لهم , لا تكون يائس – ناداه مؤنبًا - يا سعود ! انّه لا ييأس من روح الله الّا القوم الكافرين , تبي تكون منهم !!
ظل صامتًا , ينظر اليه بتيه
ناداه عبد العزيز , ليصدّ عنه بضعف
: احس انّي تعبان عزيز , اتركني بروحي
نهض عبد العزيز وهو يمسك بمعصمه بعصبيّة
: قوم , ماني تاركك , ما امنعك من الحزن , انزل تحت ابكي واحزن وازعل , احزن مثل ما المفروض تحزن , ماهو تسوي لي دراما وتجلس لحالك ولا تاكل ولا تتكلم ولا تنام , قوم معاي
سحب يده دون رد
صرخ عبد العزيز باسمه
ليلتفت اليه وقد بدأ يغضب من الحاحه
قال عبد العزيز باستفزاز
: لا تجلس لي زي الحرمة تبكي وتشكي وايدك على خدّك , قوم يا جبان
شعر سعود وكأنّ عبد العزيز يرمي عود ثقابٍ على قلبه الثمِل بالوجع
أصبح تنفسه عاليًا وعينيه تقدح غضبًا
انقض على عبد العزيز يضربه وكأنّه يعاقبه على كلّ ما يحدث معه
استقبله عبد العزيز بلكمةٍ قوية
جعلت سعود يرفسه ويلكمه بجنون
نهض ابو سعود بقلق من صوتهما الذي ارتفع
ورونا وجوليا فزّتا بشهقة
صعد الثلاثة يتقدمهم ابو سعود
فتح الباب بقوّة ليُصعق منهما
اقترب وهو يقول بصدمة
: يا شباب تعوذوا من الشيطان وش فيكم ! يا سعود عيب
حاول ابعادهما ولم يستطع
صرخت جوليا بغضب
: الا تخجلان من نفسيكما انتما الاثنان ! الستما قد كبرتما قليلًا على الشجار
اقتربت رونا ببكاء
: سعود يمّه عيب , عبد العزيز اتركه تكفى
دخل ابو سعود بينهما بقوّة وأجبرهما على ترك بعضهما
جلس عبد العزيز على الأريكة وهو يلتقط انفاسه
وجلس سعود ارضًا
وهو يلهث
جلست والدته امامه تبكي بحرقة
: ناقصتك انا , ليش يا يمّه تهاوشتوا
مدّت يدها لتلمس الكدمة في وجهه
أبعد يدها بهدوء ورفع رأسه لينظر الى عبد العزيز
الذي كان ينظر اليه بأمل , بنظرةٍ حانية , تخبره كم يحبه ويخاف عليه !
ابتسم بلا شعورٍ منه
حتى اتسعت ابتسامته وانفجر ضاحكًا
ليضحك عبد العزيز براحة
قالت السيدة جوليا وهي ستنفجر
: انتما غير مؤدبان !
تركتهما لتذهب الى غرفتها
نهضت رونا بهدوء وهزّت رأسها مستاءة
وخرجت من الغرفة
قال ابو سعود بعصبية
: لا يا شيخ انت ويّاه ! وش يعني هذا الحين
قال عبد العزيز بهدوء
: خير ان شالله
صرخ بهما
: على كذا ما راعيتوا شعور ام سعود ولا جدّته , هذا تصرف غير مسؤول
نهض عبد العزيز وفي عينيه رجاء
: السموحة منّك يا عم
زفر وهو يرمقهما بنظرةٍ أخيرة , وخرج
جلس عبد العزيز بجانب سعود وظلّ صامتًا
قال سعود بعد دقائق
: عوّرتك ؟
قال عبد العزيز ساخرًا
: ابد بس يبي لي كم جبيرة وكم تضميدة
قال سعود بهدوء
: حلال فيك
ابتسم عبد العزيز بمحبة
: فدوة لك
التفت اليه سعود واكتفى بنظرةٍ عميقة
حملت لعبد العزيز مشاعر الاخوّة القويّة , التي يكنّها سعود له
ثم أشاح ببصره عنه , بهدوءٍ تام
هدوءٍ , بعيدٍ عن الصمت والضعف الذي كان فيه !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثالثة مساءً
اقترب الطبيب وجلس أمامه بهدوء
التفت اليه متسائلًا
: خير يا دكتور
تنهد الطبيب وهو يحاول تجميع عباراته ليتحدّث اليه
: الحقيقة مو عارف وش اقول لك , انت عارف طبعًا ان كليتك اللي تصوّبت استئصلناها لانّها فسدت خلاص
هزّ رأسه بصمت
تابع الطبيب
: بعد ما قمت وسوينا لك الفحوصات اللازمة , اتضح لنا انّ عندك مشاكل ومضاعفات , بعضها بيّن , وبعضها للأسف ما قدرنا نحدد وش هو
قال بهدوء
: طيّب ؟
رفَعَ الطبيب كتفيه بارتباك
: كليتك الثانية , متضررة بشكل كبير , والحادث ما له دخل هي تعبانة من زمان وشفت لك بعض التقارير ومراجعات قديمة تشتكي منها وفي الفحوصات الأخيرة بيّن الضرر
التقط انفاسه وهو يزمّ شفتيه بقوّة
أغمض عينيه لثوانٍ , ثم فتحها بصمت
قال الطبيب بمواساة
: انا آسف
هزّ رأسه نفيًا , وتغصّب ابتسامةً صفراء
: الحمد لله
نهض الطبيب وقال
: لا تشغل بالك , ان شالله نتفق على علاج يريحك وتتشافى عليه بإذن الله
أومأ ايجابًا ولا زال صامتًا
حين خرج الطبيب
أغمض عينه وأراح رأسه الى الوسادة بهمْ
كان يظنّ انّه سيخرج بصحةٍ جيّدة
لينتقم لنفسه
ليحمي شقيقته ووالدته
ليأخذ حقّهما !
زفر ببطئ
" ربِ لك الحمد في السرّاء والضراء , اللهم لا اعتراض على حُكمك , أنجيتني من قلبِ المَوت تفضلًا منك وكرم , بيدك دائي وشفائي , وانّي راضٍ بما تكتبه لي "
أغمض عينه متجاهلًا ما سمعه من الطبيب
لن ينال الّا ما كُتِب له
وكُلُّ ما كُتِب خيرٌ ولو بعد حين !
فزّ من صوتِ الباب الذي فُتح
التفت اليه وتهللت أساريره بسعادة
: وليد !
اقترب وليد مسرعًا
عانقه بمحبةٍ واشتياق
قال بصدق
: الف الحمد لله على سلامتك , يا كلب خفت تروح !
ابتسم خالد بمحبة
: الله يسلمك , وين أروح واخليك ! على قلبك
ضحك وليد وجلس على السرير
: بشرني شلونك الحين !
ابتسم بهدوء
: الحمد لله
عقد وليد حاجبيه
: وش صاير !
زفر وتردد , ثم قال
: ولا شي
قال وليد بسخرية
: صدقتك , تكلم وش فيه !
تأفف من وليد الذي يكشف كذبه الواضح دومًا !
صمت لثوانٍ , ثم أخبره بما قاله الطبيب !



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 14-12-14, 09:11 AM   #56

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


,
,
المملكة العربية السعودية – حائل
العاشرة صابحًا
قال مستغربًا
: الله يطوّل لي عُمرك وش فيك معصبة !
قالت بلهجةٍ حازمة
: تقوم الحين ترجع ولا تناقشن
عقد حاجبيه
: يمّه وش صاير
قالت بعصبية
: ماهو صاير شي يمّه , أبطيت علينا ونبيك ترجع , فيها شي ذي !
قال بهدوء
: حامد عندك الله يحفظك أي شي تبينه هو حولك , انا ما كملت يومين على بعض
: تكفي اليومين , همَاك رايحن تشوفُه وتسلم علاه ! ما بعد يخلص سلامك يعني ؟!
ضحك رغمًا عنه
: وش تبين يا ام احمد , وش العلم
قالت بغضب
: العلم في بطنك
قال بهدوء
: والله ما ادري وش تقصدين , علميني انتي
: هاللي انت رايحن لها وتبي اتزوجها على ذي الفقيره
فتح عينيه بصدمة , ازدرد ريقه وقال باستدارك
: من هي !!
: هاللي تقوله زوجتك انت تحب وحدة ورايحن لها
نهض وهو يشعر بالأرض تدورُ به
: هي قالت كذا !
: ايه
ازدرد ريقه بارتباك
: يمّه الله يهديك وانتي صدقتي ! خبال حريم شافتني بسافر قالت اكيد يحب , تعرفين انّ ما لي بالامور هذه , زوجتي وبنتي مغنيني عن حرمه ثانية , وان كنت بتزوج جيتكم وعلمتكم
هدّأت والدته وصمتت لثوانٍ , ثم قالت بتحذير
: انا بصدقك , لكن ان دريت انّك تكذب
قاطعها بضحكةٍ هادئة
: الله يحفظك ليه بكذب يعني !
لم تُطِل عليه الحديث , وأغلقت الهاتف
رمَاه جانبًا وهو يتنفس الصعداء
سمع صوتًا خارج الغرفة واقترب بحذر
رأى جسدها الصغير تلتفُ عليه عباءتها , وتحملُ حقيبتها الكبيرة
تبدو عائدةً للتوْ
سَمِع تأففها
: يا كرهي للجامعة
قال يوسف من بين اسنانه
: صوتتس الرجال هنيّه
التفتت اليه وهي تكاد تبكي , وقد خفضت صوتها
: ما ابي ادرس خلاص
اطلق يوسف ضحكةً رنانة
: توتس داخلة الجامعة ما بعد تشوفين شي , على طول كرهتيها !
اختفى صوتهما حين دخلا الى المنزل
عاد الى سريره وابتاسمةٌ حلوَةٌ تُزين شفتيه
تنهد بعشقٍ لا يليق بمظهره
بعشقٍ ملتهبٍ يسكن قلبه ويسيّره كيف ما يشاء !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
التاسعة مساءً
قالت ام علي
: لطيفة اللهم صلّي على النبي من العصر واحنا على ذي الجلسة وانتي جايّة من سفر
قالت بصدق
: والله ما ودّي اقوم عنّك
قالت ام علي بمحبّة
: الحمد لله رب العالمين اللي رجّعك , والله ماني مصدقة !
دخل وليد الى الغرفة ملقيًا السلام
اقترب من خالته وتوسد حجرها
قالت ام علي وهي تمسح على شعره بحنان
: وين كنت حبيبي
اغمض عينيه وزفر
: عند خالد
: فاق ؟
قال بهمّ
: ايه
دخلتا ملاك وهديل وجلستا بجانب ام علي
ابتسمت لهما ام وليد وقالت
: اجل وين رتيل
قالت ملاك بحقد
: وش بينزلها بعد ما حسّت انها غريبة !
عقدت والدتها حاجبيها , وفتح وليد عينيه مستغربًا
: ليه حسّت انها غريبة
قالت ملاك غير مبالية وهي تشير الى والدتها بغيرِ مبالاة
: قالت لها من انتي ومن بنته
اعتدل في جلسته وهو يكادُ يقتل ملاك
قرصتها هديل لتقول بصراحة
: والله ما كذبت بشي , من جيتي انا تعبت ورتيل انجرحت...
زجرها وليد بغضب
: ملاك !
التفتت اليها خالتها وفي عينيها لومٌ كبير , ودمعتين تلمعان بحزن
: ما تبينها يا ملاك ! براحتك يا امّي , لكن هذه اختي وانا ابيها وما صدقت ترجع , لا تجلسين معنا قومي اطلعي فوق ولا ترمين علينا كلام يسم البدن !
اقتربت من خالتها وهي تقول بسرعة
: خالتي عساني ما ابكيك تكفين لا تبكين انا آسفة
ابعدتها خالتها بحزن
: ماهو انا اللي تعتذرين لي – التفتت الى شقيقتها – امّك اللي راحت روحها عشانكم تجازينها كذا !
التفتت الى والدتها وقالت على مضض
: انا آسفة
كانت ام وليد تمسح دمعاتٍ تمردن عليها وظهرن بقسوةٍ على مقلتيها
نهض وليد وسحب شقيقته عنوة
قالت والدته وهي تهمُّ بالنهوض
: اتركها على راحتها , انا بطلع
نهضت معها ام علي
: يلا نروح فوق نرتب اغراضك
خرجتا سويًا وتركتا ملاك ووليد , وهديل
نهضت هديل وقالت بغيض وهي تضرب كتف ملاك
: والله ما تستحين على وجهك انتي , اللي يشوفك يقول يا الله البنت كيوت وناعمة وما لها حس , وانتي والله عقربة تبن , اللي ما فيه خير لأمّه ما فيه خير لأحد يا حقيرة
تركتها وخرجت الى الصالةِ الأخرى
قال وليد بخيبة
: ما هقيتها منّك !
قالت وهي تبكي رغمًا عنها
: مو قادرة اتقبلها ! مو داخلة راسي
اجتذبها وليد من ذراعها بقسوة , وقال من بين أسنانه
: عنّك لا تقبلتيها , وش هالبجاحة ! هذه امّك غصب عنّك تحترمينها وتنطمين وتخضعين لها
نفضت نفسها منه وقالت
: مسوي فيها مثالي ! هذه اللي توّك تجيبها لي وتفرضها علي ماهي زيّها زي ابوي ؟ اللي من اثنين وعشرين سنة ما وطيت على راسه ولا احترمته ولا مرّة ولا حبيته كثر ما حبّك ! لا تنهَ عن خلقٍ وتأت بمثلـ...
قاطع كلماتها وهو يشدُّ شعرها بغضب
: اشوفك ما عدتي تحسبين حساب لأحد !
كانت هديل قد سمعت صوتهما , وجاءت مسرعة
شهقت وهي تبعده عنها
: يا وليد تعوّذ من الشيطان شيل ايدك عنها
صرخت ملاك بقهر
: ابعد عنّي لا تتمرجل علي
صفعها بيده الخشنة , على وجنتها الناعمة
وضربها بقسوة
خرجت هديل وهي تصرخ
: يمممممه الحقي وليد بيموّت ملااك ! يممماااا
نزلتا بسرعةٍ وخوف
قالت امّه وهي تحاول ابعاده
: وليييد , وليد اترك اختك وش صار لك !
سحبته خالته بقوّة لتحتمي ملاك بها وشهقاتها الخائفة ترتفع
صرخت خالته به غيرَ مصدقة
: انت انجنيت خلاص ! من أعطاك الحق تمد ايدك عليها
ظلّ صامتًا وهو يشيح بنظره عنها
اقتربت خالته وصرخت به
: رد علي
نظر اليها لتضرب كتفه بقبضتها
: يا خسارة الشنب اللي عليك والله
التفتت الى ملاك المرتجفة , الباكية وأخذتها معها للأعلى
قالت ام وليد ببكاء مكسور
: ليش ضربت اختك ! ليش يا وليد حرام عليك يا يمّه تضربها , اختك الوحيدة والصغيرة والخايفة واللي ما لها غيرك , ليش تكسر فيها !
زفر بندم وهو يخرج من المنزل
,
عانقتها خالتها بحنان
: بس يا يمّه بسم الله عليك
مسحت هديل على شعرها
: ملاك هدّي مو زين تبكين كذا
ابعدت وجهها عن خالتها
: بروح لأبوي
عقدت والدتها حاجبيها
: وش تسوين عنده !
قالت بتمرد
: والله ما اجلس , بروح لأبوي
قالت خالتها بحدّة
: لا تصيرين طفلة , ناقشيني بفهم
نهضت ولا زالت تنتفض
: ابوي وبروح له , ما فيها شي , انا خايفة من اختك ومو متقبلة انّ امّي رجعت للحياة , ووليد مدّ ايده علي عشانها , والبيت ضاق علينا , والمكان الطبيعي لي بيت ابوي !
نهضت خالتها وابتسمت ساخرة
: الحين البيت ضاق علينا والمكان الطبيعي بيت ابوك ! اوكي يا ملاك كلمي ابوك يجيك او يرسل فهد , او اوديك انا بنفسي مع علي او تركي
صدّت عن خالتها
: بكلم ابوي
هزّت خالتها رأسها وخرجت من الغرفة
قالت هديل وهي تقترب منها
: من جدّك بتروحين ؟
قالت باصرار
: ايه
: ووجعيه ان شالله حتّى وجعيه
التفتت اليها
: ما لك دخل فيني
صرخت بها هديل
: عساك سالمة يا بنت ؟ كلّنا ما عاد لنا دخل فيك وما عاد نناسبك ولا مالين عينك !
صرخت هي الأخرى
: قلت ما لكم دخل , اتركوني لا تسوون مثاليين على راسي
دخلت رتيل من صراخهما وهي عاقدةٌ حاجبيها
: صوتكم واصل تحت شفيكم !
قالت هديل
: تعالي شوفي الهانم , ما عاد احد مالي عينها ! تطاولت على وليد لين ضربها ورمت على امها قنبلة وش كبرها , والحين تجادلت مع امّي وتبي تروح لأبوها وتقول لي ما لكم دخل فيني !
نظرت اليها رتيل ثوانٍ
وملاك تنظر اليها بقوّة
قالت رتيل بهدوء
: تعالي هديل , معاها حق وش دخلك فيها ؟ هي كبيرة ولها حق تتخذ قرارتها , امشي
حملقت فيها هديل بصدمة
: بتروح لابوها !
كررت رتيل بهدوء
: تعالي
خرجت هديل رغمًا عنها , لانّها لو بقيت قريبةً من ملاك ستقتلها !
,
بعدَ عدّة ساعات نزلت ملاك بحقيبتها اليتيمة
وضعتها أمام الباب وهي تُحكِمُ حجابها على رأسها
فُتِحَ باب غرفة المعيشة لتفزّ شاهقة
التفتت وهي تضع يدها على موضع قلبها
: فجعتيني
عقدت هديل حاجبيها
: وش تسوين !
قالت بهدوء
: فهد ينتظرني برى
فتحت هديل عينيها بصدمة
: بنت من جدّك !
هزّت رأسها ايجابًا
سمعت ملاك صوت تركي من الداخل
: المويا يا بنت
التفتت لتفتح الباب وهي تقول بهدوء , وخوف من ردّة فعلهم !
: فهد اخو وليد واقف برى
فزّ وليد واقفًا ووالدته أيضًا بقلق
قال وليد
: وش يبي
نهضت ام علي وهي تقترب من الباب لتسأل هديل بعينها
أومأت هديل بارتباك
اقترب وليد وأبعد هديل ليخرج من الغرفة
قال وهي ينفي ما فهمه
: وش تسوين هنا ؟
صدّت عنه , ليزمجر
: قلت وش تسوين
اقتربت خالته لتقف بينها وبينه , وقالت بهدوء
: وليد تعوّذ من الشيطان , عادي البنت بتروح بيت ابوها
صرخ بها
: بتروحين بدون اذني !
صرخت هي الأخرى , بقوّةٍ تستمدها من ضعفها الهزيل !
: ما لك كلمة علي ! انا عندي اب أولى فيني منك
اقترب ليسحبه علي ويقول بحدّة
: بتمد ايدك عليها مرّة ثانية !
التفت اليه وهو يقول بغيرِ تصديق
: بتروح !
اقتربت والدته
: اتركها تروح لأبوها يا وليد , ما فيها شي ! الأب له حق يا يمّه
التفت اليها
: انتي اللي تقولين كذا !!
صدّت عنه لابنتها
قالت بحنان
: روحي يا امّي , لا تبطين عليْ !
قال وليد بغضب
: انا ماني راضي تروح , ووصايتها عندي واقدر امنعها
قالت والدته برجاء وهي تهمس قريبةً منه
: تكفى يا وليد , لا تكرهني وتكرهك اكثر ! عشان خاطري يا حبيبي
قال برفض
: مستحيل اسمح لها تطب بيته , لو يمسك السما ما يشوفها
قالت والدته بنبرةٍ كسرت ظهره
: اذا تبي رضا امّك اللي توّك تلقاها !
قال برجاء
: يممممه
قال تركي وهو منزعجٌ من ملاك
: ملاك ادحري ابليس وادخلي , وش يوديك لابوك ! انتي شفتي شكثر ضركم
قالت والدته بحدّة
: اطلع منها انت
قال بغضبٍ يكتمه
: ما عندنا غيرة نهيّت بناتنا بذا الليول
قالت والدته بذهول
: عنبو ابليسك وين مهيتينها ! اخوها دمها ولحمها جاي ياخذها لبيت ابوها !
أشاح ببصره بضيق
: حتّى لو
قال علي بهدوء
: امشي اوصلك سيارة اخوك
قال وليد باستنكار
: علي !
امسكت به والدته وهي تنظرُ اليه برجاء
صمتَ لثوانٍ , ثم قال بقهر
: روحي يا بنت ابوك , ولا عاد ترجعين
ودخل الى الغرفة
شعرت انّ الكلمةَ كسهمٍ اخترقها بقوّة , وأراق دماءها على طول جسدها
كادت تسرعُ اليه لتقبّل كفّيه الحانيتين !
كانت ستعتذرُ اذا ما آلم جسدها يده حين ضربته !
لكنّها داست على بنوّتها له , وتكبرت بقوّة
وخرجت دون ان تودّع حتى خالتها الأم !
حملَ علي حقيبتها وخرج قبلها
سارت خلفه ببطئ
ترجو ان يناديها أحد !
لكنّ " أحد " لم يكُن موجودًا ليناديها !
نزل فهد وصافح علي مبتسمًا
أخذ حقيبتها ووضعها في الخلف
ودّعهم علي ملوحًا بيده ودخل الى المنزل
ركب فهد والتفت اليها مبتسمًا
: حيّ الله ملاك !
قالت بهدوءٍ شاحب
: الله يحييك
: وش طاري عليك وتبين تجين ؟ ووليد وينه
رمَت ببصرها بعيدًا عنه وصمتت
ولم يسألها أكثر !
,
ركل الوسادة الثقيلة بغضبٍ ثائر وهو يصرخ
: صرت كخّه الحين ! صار وليد ما يمون ولا يتكلم ولا يفتح فمّه
قال تركي
: يا رجال تعوّذ من ابليس , بسلامتها بكرة هي تندم
التفت اليه بغضب
: سلمتها لهم ببرود
قال علي بحدّة
: سلمتها لمين بفهم ! يا وليد حط عقلك براسك ما في قوّة بالعالم تمنع بنت من ابوها !
قالت ام وليد بحرقةٍ وحسرة
: وقوّة ظلم البشر وتَجَبّرهم تحرم بنت من امها ! تبعدها عن حضنها وهي بنت نفاس !
صمتوا جميعًا
لتمرّ ثوانٍ , حتى صرخ وليد بجنون
: انا شلون طاوعتكم !
هبّ واقفًا ليخرج من المنزل
أمسكا به تركي وعلي , وعلي يصرخ به
: بس يا مجنون , خلاص تعوّذ من ابليس
قال تركي وهو يدفعه للخلف
: انطم واجلس لا تهايط الحين , قبل شوي زي الكلب تركتها تمشي والحين جالس تناقز على روسنا
انفجرت هديل ضاحكة لينظروا اليها بحدة
وضعت كفّها على شفتيها وابتسمت
: آسفة !
تمتم تركي باستصغار
: تافهة
ضحكت بهمسٍ وهي تنهضُ من مكانها
: انا بطلع انام والله ما من جلستكم فايدة , يلا ماماتي
نهضت والدتها والتفتت الى شقيقتها
: يلا لطيفة نطلع ننام
نهضت معها بتثاقل
,
,
*بعدَ شهر*
,
,
المملكة المتحدة – لندن
السادسة مساءً
وضع آخر قميصٍ في الحقيبة وزفر براحة
ابتسم سعود ابتسامةً صفراء
: وأخيرًا
هزّ رأسه وضيّق بصره بطريقةٍ مضحكة
: وأخيرًا
ضحك سعود بخفّة
جلس أمامه وقال
: يظلْ بكرَة أروح استلم مَلفّي وشهادتي الصبح , وبعد العصر أسافر ان شالله
قال سعود بصدق
: زرعت وجنيت , الحمد لله اللي تمم لك بخير
قال متضايقًا
: والله على كثر فرحتي بنفسي , متضايق عليك , ياخي لو انّك كملت اللي بقا لك وبعدها نروح للسعودية مع بعض
ابتسم بهدوء
: نهاية الشهر بسلّم آخر تقرير للتخرج
قال عبد العزيز بصدمة
: تكذب !
رفع كتفيه ببساطة
: والله , بعد وفاة خالتي الله يرحمها وجيّتي لبريطانيا أجبرتني جدتي أكمّل
قال عبد العزيز بفرحةٍ حقيقة
: يسلم راسها
ابتسم وأشاح ببصره بصمت
قال عبد العزيز
: طيّب متى تلحقني
: ان شالله اخلّص امور الجامعة وكم شغلة هنا وأسافر
: الله ييسر لك
أمّن بهمسٍ وغرق في صمته مجددًا
لا زالَ مرهقًا من موتِ خالته الحبيبة
الصديقةِ المقربة الى قلبه
تألّم لفراقها وكأنّه لم يتألم من قبل
كان يعلم انّ ما مرّ به قبل وفاتها له دورٌ في حزنه الذي انفجر مع رحيلها
يشعر بخوفٍ من السفر مرّةً أخرى
يخشى فشلًا ذريعًا لم يتحمله
يخشى ان لا يجدها , تلك التي يكره ذكرها !
,
,
المملكة عربية السعودية – الرياض
الثالثة مساءً
أدخلوه الى المنزل على كرسيٍ مُتحرك
يدفعه بندر , وفيصل يتقدمهما ليفتح الباب
حين فتح , انطلق هتافُ السعادَةِ من والدته وعينيها دامعتين بترحيب
عانقته والدته بحبٍ وهي تقول بنبرةٍ مهتزّة
: يا هلا ومسهلا , توْ ما نور البيت يا حبيبي
ابتسم وهو يقبّل ما بين عينيها
اقتربت لين وقبّلت رأسه
: الحمد لله على سلامتك يا روحي
: الله يسلمك
دفع بندر الكرسي ليدخل به الى غرفة الجلوس
ضيّفته لين بالشوكولا وهي تقول ضاحكة
: خالد لا تكثر شوكولا مشتريتها غالية !
ضحك بخفّة وهي يدس في فمه قطعة
جلست والدته بقربه
: عساك طيّب الحين يا امّي
: الحمد لله
تمتمت برضىً وامتنان
: الحمد لله
بعد قليلٍ قال خالد وهو ينظرُ الى لين
: الّا لين من جيتي ما سألنا عن سعود ! وينه وش اخباره ؟
ارتجف الكَون من حولها , وتوقف قلبها عن النبضِ لثوانٍ
شعرت بأنّ جسدها يغوص الى الداخل , لم تعدْ تَشْعر بأيّ نبضةٍ او حركةٍ به
أنقذها سُعَالُ بندر الحاد , وصرخته المتأوّهة
التفتت اليه والدته
: شفيك !
نهض وهو يعقدُ حاجبيه بألم
: حرقت نفسي بالشاهي
نهضت لين تؤنبه بارتجاف
: كم عمرك عشان ما تعرف تشرب شاهي !
ضحك خالد
: لا يكون انحرق لسانك منّه وكبيته !
نظر اليه بطرف عينه
: يعني موعشانك متدلع هاليومين تقعد تستظرف على راسي !
ضحكا منه فيصل وخالد
وانسلّت لين من بينهم الى المطبخ
متعللةً بخرقةٍ لتمسح الشاي !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الرابعة مساءً
طرقت الباب بخفّة
لتردّ عليها من الداخل
: تفضل !
فتحت الباب ودلفت مبتسمة
فزّت الأخرى مستغربة
: خير خالتي فيه شي !
اقتربت لتجلس قريبةً منها
: بسولف معك , عادي !
ابتسمت مجاملة
: أكيد عادي , حيّاك
سألتها بهدوء
: ليش ما تزلين تجلسين معانا تحت !
قالت وهي تدسُ خصلةً من شعرها خلف اذنها , وتهرب بعينيها عنها
: وليد تحت , ما آخذ راحتي ولا هو ياخذ راحته
رفعت كتفيها بهدوء
: بس وليد من الصبح للعصر يطلع لدوامه , وأحيانًا يطلع مع تركي للاستراحة
صمتت
لتقول ام وليد بدفء
: انتي زعلانة منّي يا رتيل ؟
رفعت عينها بسرعة , ثم بعثرت نظرها بعيدًا
: لا , ليش ازعل منّك
امسكت بيدها وقالت بحنان
: طالعيني يا حبيبتي
نظرت اليها بصمت
قالت ام وليد
: ادري انّك من اوّل مرّة سلمتي علي وما عرفتك أخذتي موقف , وادري انّ موقفي بايخ
قالت رتيل بتبرير
: لا...
قاطعتها ام وليد وهي تطبطب على يدها برفق
: يشهد الله يا رتيل , الله اللي مرسل لساني وقادر يوقفه ويقطع حسّي ونفسي , انّك مثل هديل بالنسبة لي , احبّك واعدّك بنتي , ويشهد الله انّي ما اشوفك غريبة مثل ما تظنين , شلون اشوفك غريبة وانتي راضعة من عايشة ؟! وانتي بنت ايمان حبيبة الكل ! انا سنين الغربة اللي عشتها نسّتني كل شي , ما كنت اذكر غير وليد وملاك وعايشة , اذكر ان عندها عيال بس والله ناسية اسماءهم واعمارهم , ذكرني فيهم وليد من سوالفه عنهم
ازدردت ريقها
: مو مشكلة يا خالتي
أومأت ايجابًا
: يا بنتي والله حاز في خاطري انّك عازلة نفسك عننا , قلت لك انتي بنت عايشة يعني مثل بنتي , ما احب اشوفك وحيدة ومعزولة
ابتسمت ابتسامةً صفراء
عانقتها ام وليد وهي تمسحُ على شعرها
: سامحيني يا رتيل
قالت بشحوب
: مو زعلانة منّك والله
قبّلت رأسها ولم تبعدها عنها
كانت قد علمت عن أمرها مع صقر
ولأنّها نذرت ما في جعبتها من حنانٍ لكلّ مكسورة
كانت تبرُّ بنذرها , وهي تحاولُ جذب حُزنِ رتيل منها , وايداعه الى جوفِ الأرض
دخلت ام علي وهديل خلفها
ابتسمت ام علي بهدوء واقتربت
: رتول ؟
همهمت رتيل
قالت هديل وهي تضع يدها على خاصرتها
: لا والله ! وخري عن امّي بالرضاعة
نظرت اليها بصمت
ويجوب في خلدها انّ الجميع هنا من اجلها
جميعهم ينزعون ابتسامةً من قلوبهم ليحاولوا جاهدين زرعها على شفتيها الشاحبة
جميعهم يجاهدون ليخرجوها من صمتها وحزنها
لم تكسر بالجميع وتستمرُ في حقن الخيبة لنفسها
لم تبقى حزينة !
والجميعُ قد مضى بحياته !
ازدردت ريقها وهي تضمُّ ام وليد , وتقول بتملك
: والله عاد خالتي , والخالة ام !
صمتن بتعجبٍ وصدمة
لم يصدقن ما سمعنه
تبادلنَ نظراتٍ سريعة
لتقفز هديل على سريرها وهي تقول مبتهجة
: وخّري بس اقول
قالت ام وليد بحنانٍ بالغ
: هديييل , اتركيها
مسحت ام علي على شعرِ رتيل مبتسمة
: كذا انا اغار !
ضحكت وهي تبتعد عن ام وليد لتقبّل كفّ امّها بحب
قالت ام علي بعبرة
: الله يرضى عليك يا روحي
اختنقت بعبرتها من دعوتها الصادقة
سمعن صوتَ تركي في الأسفل
: الغدا يا جماعة ! بنموت من الجوع
نهضت ام علي
: هديل...
قاطعتها رتيل
: انا بنزِل اساعدك
ابتسمت ابتسامةً أبلغُ من كلّ حديث العالم !
نزلن سويًا ووضعن الغداء للشبّان الثلاثة
وتناولن غداءهن في الغرفةِ الأخرى
بعد ان انتهوا نهضت رتيل الى المطبخ , لتجد علي هناك
نظرت اليه بصمت لثوانٍ , ثم قالت بحزم
: علاوي
التفت اليها بابتسامة
: عيوني
ابتسمت بهدوء
: الله يسلم عيونك , معليش بجلس معاك انت وتركي شوي !
عقد حاجبيه بقلق
: خير ؟!
طمأنته وهي تخرج من المطبخ
: خير ان شالله , بس عندي موضوع معكم
هزّ رأسه
: اصعدي غرفتك الحين نجيك
صعدت الى غرفتها لتتبعها هديل بسرعة
: ليش صعدتي !
ضحكت رغمًا عنها
: وش فيك وجهك مخطوف !
: ليش صعدتي ؟
قالت بهدوء
: انتظر تركي وعلي عندي معاهم موضوع
زفرت هديل براحة
: على بالي بترجعين لعزلتك يا شيخة !
ضحكت وهي تشيحُ ببصرها عنها
لتخفِي الخيبة التي لا تزال متربعةً في مقلتيها
دخلا تركي وعلي وألقيا التحية
جلسا ليقول تركي
: شغلتي بالي وش صاير
التفتت الى هديل
ليقول علي بحزم
: هديل برى وسكري الباب
قالت معترضة
: تراني بنت عادل زيي زيكم ! انا اختكم
اجتذبها تركي من طرف ثوبها
: طيّب يلا
أخرجها وأغلق الباب وجلس
أخذت رتيل شهيقًا هادئًا وعميقًا
ثم قالت بهدوء
: ببدأ بالموضوع بدون مقدمات , انا ابيكم ترجعون علاقتكم بـ - صمتت قبل نُطق اسمه , ثم نطقته باستثقال – بصقر ! مثل ما كانت
عقدا حاجبيهما
ليقول علي بحدّة
: يا شيخة !
قال تركي بعصبية
: هو ذا موضوعك ؟ على بالي عندك سالفة !
قالت برجاء
: تكفون اسمعوني , انتوا اخواني ومعاكم حق تنقهرون عشاني وتاخذكم الحمية لي , بس هو ولدم عمكم والقطيعة مو زينة والرحم معلقة بالعرش وتقول لله سبحانه وتعالى الله اقطع من قطعني وصِل من وصلني ! بصراحة موضوعي معاه معقد وطويل , وحرام انتوا ما لكم ذنب نتقطع علاقتكم بأخوكم عشاني !
صدّا عنها ليقول تركي بحزم
: محد شكا لك الحال
قالت باصرار
: اسألكم بالله , باللي شق سمعكم وبصركم – ازدردت ريقها وكأنها تستحلف نفسها , قالت بهدوء – ما اشتقتوا له !
صمتا , لتقول ببحة
: انا سألتكم بالله , أعطوني !
قال علي بعد صمت , وباستسلام
: ما فيها شك اننا اشتقنا له , صقر مو حيّ الله ولد عم والسلام
التفتت الى تركي
: وانت يا تركي !
نهض من مكانه
: مستحيل , انتي عندي فوق كل شي
نهضت وتمسكت به
: انا سألتك بالله !
قال وعينيه تهربُ من حدّة عينيها
: ايه بس...
قاطعته فورًا
: لا بس ولا غيره , انا ما يرضيني ولا احللكم ان كنتوا تقاطعونه بسببي , اتعضوا من غيبته اللي راحت اتعضوا من قصّة خالتي ام وليد , اتعضوا من القصص اللي حولنا , اليوم هو موجود , يا عالم بكرة وين يكون
كانت تتحدث وتواصل الدعس على قلبها
كأنّها تجلده بكلماتها
كان ضميرها يسخر منها
وكأنّه يرفع احد حاجبيه ليسألها
وماذا عنكِ !
الا تنصحين نفسك بهذا الكلام !
وكأنّ علي سمعه ليقول بهدوء
: وانتي يا رتيل ! ليش ما قلت لنفسك هالكلام
صدّت عنهما
: تكفى يا علي لا تفتح لي السيرة هذه , انا توّها روحي تتعافى , توني اقوم على رجليني , لا تكسر حماسي برجعتي للدنيا , اتركني , والله يقضي في أمري
قال باستسلام
: طيّب
همّا بالخروج من غرفتها لتلتفت اليهما
: روحوا له الحين !
نظرا اليها بنظرةٍ فهمت معناها
نظرةٍ تخبرها انّهما يعلمان كمّ الانكسار فيها
وكم تضغط على نفسها , من اجلِ علاقةٍ ستؤذيها اكثر من ان تنفعها !
,
,
المملكة العربية السعودية – الدمام
الخامسة مساءً
ناولتها كوب الشاي مبتسمة
أخذته بهدوءٍ وارتشفت منه ببالٍ مشغول
نظرَ اليها والدها بمحبة
: بنطلع بكرة كشتة مع عمامك , تروحين معانا اكيد !
توترت قليلًا , وقالت بلطف
: ما لي نفس اطلع !
قال فهد بنبرةٍ هادئة , مبطنةٍ بشيءٍ لم تفهم ماهيته
: ليش ؟
نظرت اليه دون ان تُجيبه
قالت روان بغيرِ اكتراث
: اكيد عشان وليد ما يرضى !
ارتجفت حتى كادت تحرق نفسها بالشاي !
قالت بارتباك
: لا مو كذا...
قاطعها فهد بهدوء
: ملاك , لك شهر هنا وماحنا فاهمين ليش جيتي ووين وليد
التفتت اليه لتقول معاتبة
: مستثقلني بهالشهر يعني
قال يحذرها
: لا تقلبين الطاولة وتتذاكين علي , هذا بيتك بدون تفضل مني , حتى لو استثقلك غصب عنّي تدخلين وتجلسين قد ما تبين , انا بس بفهم وش وراك
رفعت كتفيها بهدوء
: ما وراي , عادي يعني بيت ابوي وبجلس فيه
همّ فهد بالحديث ليقاطعه والده بهدوء
: اتركها يا فهد
صمتَ رغمًا عنه
نهضت من مكانها وقالت بلطف
: يعطيك العافية خالتي على الغدا
ابتسمت لها
: عافية حبيبتي
اتجهت الى الدرج
: انا بطلع انام صاحية من بدري
تابعها فهد بنظرته حتى صعدت , وهو يتوعدها سرًا !
نهض من مكانه وخرج الى حديقة المنزل
اتصل على وليد
ليردّ بعد اتصالين
: هلا
: السلام عليكم
عقد حاجبيه
: وعليكم السلام , مين ؟!
قال فهد ساخرًا
: اخوك فهودي
صمتَ لثوانٍ , ثم قال ببرود
: خير
: الخير بوجهك
: وش تبي
صمت فهد لثوانٍ , ثم قال
: والله مو كفو احد يسأل عن أخبارك
: اخلص
: ملاك وش سالفتها
فزّ من مكانه
: وش فيها ؟
قال فهد بهدوء
: ما فيها شي , بس مو مقتنع بطلعتها من بيت خالتها وبدونك ولها شهر عندنا بدون لا تجيها انت , وش صاير !
جلس في مكانه وحبس زفرَة راحةٍ ان تنطلق
سأله بحذر
: ليش هي قايلة شي يعني ؟!
: لا , من جت ما تقول الّا بيت ابوي وما فيها شي , آمنت بالله بس ماهو انت اللي تتركها لبيت ابوها بدون لا تاخذها او حتّى تجي تشوفها , ويمكن حتى ما تتصل عليها !
قال ببرود
: لا تحشر نفسك بيني وبينها , ويلا انقلع
أغلق الهاتف لينظرَ اليه فهد مغتاضًا
وهو يقسمُ ان خطبًا ما أصابهما !
,
,
المملكة العربيّة السعودية – الرياض
السابعة مساءً
دخلت الى المنزل وهي تهلل وتسبح , وحفيدتها تساعدها على السير
دخلتا الى الغرفة ليعتدل في جلسته مبتسمًا
: وين كنتي يمّه
جلست لتقول وهي تمدد أرجلها
: وحدة من جاراتنا مسوية عشاء , استقبال لبنتها
قال مستفسرًا
: والدة يعني ؟
هزّت رأسها نفيًا
: كانت تدرس برى وتوها رادّة
عقد حاجبيه
: بروحها !
قالت غيرَ مكترثة
: والله ما ادري , الوكاد انها وحيدتها وتوّها ترجع عاد سوت عشا
ابتسم
: بس بدري على العشا الحين , شكلك ما تعشيتي !
قالت
: لا والله ما تعشيت تعبت من الجلسة , وحلفت عليّ الّا اشيل عشاي معاي , الحين تحطّه اروى ونتعشى جميع
دلّك رجليها بحنان
: بسم الله عليك
رمقته بمحبة , وصمتت دقائق حتى عقدت حاجبيها
: سعود ما كلمك ؟!
: كلمت عمّي محمد , يقول طيّب الحمد لله وبيخلص جامعة ويجي ان شالله
قالت بحنين
: عمّك زين ؟
ابتسم بهدوء
: زين ويسلم عليك كثيير ومشتاق لك ويبي يجي
هزّت رأسها بيأس
: ما يجي , من سنين يقول لي بجي ولا جا , محمّد نسا امّه خلاص
قبّل يدها بعطف
: تعوذي من ابليس يمّه , الأم ما تنتسى وش عاد لو انها انتي
نظرت اليه بعمق ليسترجع كلماته على عقله مرةً أخرى
اترجف كفّه وأشاح ببصره عنها
كان يشعرُ بالغثيان ينهش معدته
وبوخزٍ كخناجر حادّة تمزق قلبه
وكأنّ بابًا أغلق منذُ أعوامٍ يفتحُ لينفث سمومه عليه
شعرَ انّه يتهاوى
كأنّه يعود بشريطٍ الى الوراء
ويوقفه عند نقطةٍ سوداء
سوداء قاتمة
لوّنها عقله بدقةٍ وحرفية
وكأنّه يعيشها من جديد !
يداهمه شعورٌ بأن يستفرغ ما في جوفه
وان ينفث كل الشهقات التي تجرعها في تلك اللحظة
جميعها تحملُ رائحةَ الذكرى المقيتة
طبطبت جدّته على كفّه ليشهق ويلتفت اليها بحدّة
قالت بحنان
: بسم الله عليك , تعوّذ من ابليس يا امّي
نهض من مكانه وهمّ بالخروج واروى تدخل الى الغرفة
قالت مبتسمة
: العشا سلطان !
قال وهو عاقدٌ حاجبيه
: ما اشتهي
وضعته وسألت جدتها
: وش فيه !
قالت بحزن
: ما فيه شي حبيبتي , ارفعي له عشاه
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
السابعة وخمسٌ وثلاثون دقيقة
سمِعَ جرس الباب واتجه اليه ليفتحه
ابتسم ابتسامةً واسعة حينَ رآهم
رفع صوتَه بترحيب
: هلااا والله , يا مرحبًا نورتوا
سلّم عليهم وأدخلهم الى المجلس
نادى قبل ان يدخل
: القهوة
دخل وجلس بجانب تركي مقابلًا لعلي ووليد
: يا الله انّك تحيهم , شلونكم عساكم بخير !
ابتسم علي
: الله يسلمك , شلونك انت !
ابتسم عبد الله
: والله من شفتكم انا بخير , وش الزيارة الحلوة هذه
تبادل الثلاثةُ النظرات
ليقول وليد بعد ان حمحم
: جايين نشوف صقر ونسلم عليه
عقد حاجبيه بصدمة
: صقر !
قال تركي ساخرًا
: ايه اغبر الوجه ما غيره
قال عبد الله ببداية غضب
: وش مسوي بعد !
قال علي وهو يهزّ رأسه نفيًا
: جايين نطيّح الحطب
قال بصدمة
: مع صقر !
قال وليد بهدوء
: ولد عمهم والدم عمره ما يصير ما
قال بغضب
: عقب ايش ؟ ما هو خلّى الدم ماء بفعايله
شدّ تركي على كتفه
: يا عبد الله لا تقسّي قلبك على اخوك , رتيل ماهي بفايدتك اكثر منّه , ما لك بالدنيا غير اخ واحد
التفت اليه
: من جدّكم انتم !
قال علي بابتسامة
: اسألك بالله ما اشتقت له !
قال بتهرب
: صقـ...
قال تركي باصرار
: سألك بالله اعطيه
قال بغضب
: اكيد بشتاق لأخوي , لكن...
قال تركي بصدق
: شوف يا عبد الله , انا وعلي ولا عمرنا كنّا مفكرين نرجع نكلم صقر واحنا عيال عمّه , لكن سمعنا كلام اللي يبي مصلحتنا ويبي لنا الخير , لازم نتعض بالفقد والفراق اللي صار , وصقر اليوم بيننا بكرة ما ندري وين بيكون , انت اخوه واقرب له , لا تقسّي قلبك عليه
ظلّ صامتًا
قال وليد
: ولا تنسى كبر الذنب بقطيعته , هذا اولى الناس بوصلك بعد والدينك
نهض وهو يقول ببرود
: انتم احرار
خرج من الغرفة ليضحكوا بخفّة
دخلَ الى غرفة المعيشة وظلّ ينظر اليه بصمت
قالت والدته
: من عندك عبد الله
زفر ليقول
: ماهم جايين لي
: لمين ؟
نظرَ الى صقر
: ضيوف لك
نهض صقر وهو يقول
: اكيد ذياب
سارَ الى غرفةِ الاستقبال ليقول عبد الله
: يبه تعال سلّم عليهم
قال بهدوء
: بعد شوي قبل يمشي اجي اسلم عليه
: ماهو ذياب
: من ؟!
: علي وتركي ووليد
قالا مذهولين
: مين !!
ابتسم بهدوء
: عيال اخوك ووليد
نهض وهو يقول بقلق
: وش صاير
قالت ام صقر بخوف
: رتيل وش فيها ؟
: مو صاير شي جايين يصالحون صقر
خرّت والدته ساجدة
وتهللت اسارير والده
وذهب عبد الله الى المطبخ
: خلصتي
التفتت اليه متضجرة
: من ذا اللي جاي بدون موعد
قال وهو يقضم من التفاحة
: يور هازبند
التفتت بسرعة
: كذاب
: والله , ومعاه تركي ووليد
اقتربت بخوف
: وش يبون
ضحك رغمًا عنه
: طردة يعني !
قالت بعصبيّة وتوتر
: عبد الله
زفر وهو يحمل الصينية
: يتصالحون مع اخوك
خرج وتركها مع صدمتها !
,
دخل مبتسمًا
ثمّ اختفت ابتسامته تدريجيًا
قال بحذر
: وش صاير !
نهض الثلاثة ليقول وليد وهو يجبرُ نفسه على الابتسام
: كذا تستقبلنا !
قال ببطئ
: رتيل فيها شي ؟
قال تركي ببرود
: اكثر من اللي سويته فيها ! ما اظن
قال علي بهدوء
: ترككي – التفت اليه ليقول بوجوم – جايين نصالحك ونحط ايدنا بايدك في النهاية احنا عيال عم
ظلّ صامتًا لثوانٍ حتى استوعب
ثم ابتسم بمحبةٍ صادقة
: اعز من لفا والله
اقترب ليسلّم عليهم , ثم جلس متصدرًا المجلس
دخل عبد الله بالقهوة ليقول ساخرًا
: ها
قال تركي بذات سخريته
: جب القهوة بس , الله يعينّا على ما بلانا , جينا للشقا برجلينا
ضحك وليد وهو ينزلُ رأسه ليخفي ضحكته
وعقد علي حاجبيه مؤنبًا
وابتسم صقر بهدوء
يعلم الثلاثة , انّهما لم يكفّا عن تعليقاتهما وسخريتهما اللاذعة !
جلس عبد الله بعد ان ضيّفهم
بجانبِ تركي !
,
,
الى الملتقى




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 23-12-14, 11:40 PM   #57

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وهذا البارت وصل وعذرًا على التأخير
وعذرًا لأنّ البارت اللي قبله أخطأت في رقمه
كان المفروض يكون الثامن والثلاثون , بس حطيته السابع والثلاثون
يارب كلّكم بخير
فيه سالفة تقرقع بقلبي بقولها لكم
بالنسبة للجفاف اللي في الرواية !
انا اكتب واستنفذ وقت وجهد نفسي وجسدي عشان اكتب بارت طويل ويليق فيكم
في النهاية ما القى أي ردّة فعل او تفاعل !
احس انّ اجحاف في حقّي للأمانة !
انا اكتب الرواية عشاني في المستوى الأوّل
وعشانكم في المستوى الثاني عل طول
لكنّي انزلها عشانكم تمامًا
انا قادرة اكتبها واكملها , واعرضها على المحيطين فيني من الناس اللي اثق في نقدهم ورأيهم
لكن موضوع انّي اكتب واتعب في البارت وانزله , وفي النهاية ما القى أي شي يدفع انّي اكمل في تنزيل الرواية
اتمنى تاخذون الموضوع بجديّة , لأنّ ممكن يكون آخر بارت أنزله :P
ارجو تستمتعون في البارت , وتعطوني رأيكم ان كان معي حق او لا
وأهلًا بالجميع ()*
,
,

بسم الله الرحمن الرحيم
البارت التاسع والثلاثون
,

,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثالثة وخمسة عشر دقيقة مساءً
دخلت الى غرفته بهدوء
اقتربت ومسحت على شعره
همست بحنوْ
: عزوز , قوم يمّه , قوم يا حبيبي
همهم بخمول
قبّلت رأسه بحب
: قوم يمّه , كل لقمة وروح للصلاة
فتح عينيه ببطئ
ابتسم بكسل
: صباح الخير يمّه
ضحكت بهدوء
: الساعة ثلاثة حبيبي
مدد أطرافه , واعتدل في جلسته
قبّل ما بين عينيها
: يخليلي هالوجه , الله لا يحرمني هالدخلة
ابتسمت ابتسامة من يخبئ أمرًا
: ان شالله لا تزوّجت زوجتك تصحيك
ضحك ونهض من سريره
غسل وجهه واتجه الى غرفة الجلوس
رفع حاجبيه يحيي شقيقته الصغرى
التي مسحت دمعتيها وابتسمت في وجهه
عقد حاجبيه
: وش فيك !
أشارت ناحية التلفاز وهي تتعبر
: مات اخو البطل
ضحك ببحةٍ وجلس
قال باستخفاف
: الله يرحمه
شهقت بحزن
: مسكين تعذب بحياته , زوجته ماتت وولده مات , في النهاية اخوه الوحيد مات
زفر وهو يهرب بنظرِه عنها
قال بنبرةٍ كسيرة
: يكفي موت اخوه عشان يتعذب بحياته
تظاهرت بعدم سماعه واندمجت مع التلفاز
تبكي شقيق البطل !
بالأحرى تبكي شقيقها , بحجةٍ بلهاء جميعهم يمثلون تصديقها
دخلت والدته بصينية الغداء
وضعتها أمامه
: يلا يمّه سم بالله
قال يلوم شقيقته
: ليش خليتي امّي تجيبه
مسحت دمعها وقالت ببحة
: ما انتبهت والله
جلس أرضًا وسمّى بهمس
قالت والدته بعد صمت
: عمامك اليوم يجون يشوفونك ان شالله , ابوك مسوي عشا
هزّ رأسه بصمت
قالت بهدوء
: وابو عمر جاي
غصّ في لقمته , رفع كأس الماء ليشربه دفعةً واحدة
ثم صمت لثوانٍ
ثم قال بنبرةٍ أقرب للهمس
: حيّاه الله
ابتسمت
: ما شالله بناته كبروا
ازدرد ريقه
: ما شالله
قالت تهاني بارتباك
: عزوزي شلون نمت امس
هزّ رأسه
: الحمد لله
أنهى طعامه سريعًا , ونهض الى المسجد
وكأنّ جبلًا وقع على قلبه بذكر والدته لأبي عمر وبناته !
زفر بتعب
رفع رأسه ليهمس
: يارب ! انت أعلم بقلة حيلتي , وانت ادرى بهربي ورجوعي غصب عنّي , هوّن علي يا كريم , خفف ثقل حزني
مسح على وجهه ودخل الى المصلى
صلّى تحية المسجدْ
ودعى في سجودها كثيرًا
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الرابعة مساءً
أوقف سيارته أمام الفندق
نزل وسار الى المدخل وهو يرفع نظارته عن عينه
كانت عقدة حاجبيه تجمله رغم منظرها المربك
خطواته مثقلةٌ بغضبٍ يكظمه رغمًا عنه
ركِب المصعد الى الدورِ المنشود
اقترب من الجناح ليعترضه الحارس بصمت
أخرج بطاقة الهويّة خاصته ووضعها أمام وجهه ليصمته
تنحَى جانبًا ليفسح له المجال
: تفضل
قال بنبرةٍ فضّة
: دق لي الباب
طرقه ليأتي صوتٌ انثوي بعد ثوانٍ
: نعم ؟
التفت الحارس اليه , ليقول بهدوء
: ابي لولوة
قالت مستغربة
: من انت ؟
: قولي لها ذياب
مدّت رأسها الى الغرفة , لتصله همساتهن
: واحد اسمه ذياب يبي لولوة !
سمِع شهقة لولوة الخفيفة
وصوتُ امرأة كبيرة
: منو هذا بعد ؟
جاءت نبرةُ لولوة مستعجلة
: بعدين بعدين
نظرت الى المرآة لتعدّل خصل شعرها , وترتب لبسها البيتي
بيجاما بيتية بكمٍ طويل
فتحت الباب لتقول بهدوء
: مرحبًا !
ابتسم برسميّة
: شلونك ؟
هزّت رأسها
: الحمد لله , انت شلونك !
رفع كتفيه ببساطة
: عايش
قالت بحذر
: من وين عرفت انّي هني ؟
قال بهدوء
: ممكن تلبسين وتنزلين معاي للوبي , نتكلم تحت
ظلّت صامتة
ليقول بتأكيد
: ممكن ؟
صمتت لثوانٍ , لتقول
: اوكي
هزّ رأسه وهمّ بالاستدارة , قبل ان يشير باصبعه مستدركًا
: حطّي شي على راسك
تركها دون ان ينتظر جوابها
نزل الى الاستقبال لينتظرها
عادت الى الغرفة وهي تبحثُ بتوتر
قالت مها
: منو هذا ؟
أشارت بيدها
: بعدين افهمكم
قالت ام مها
: انزين شقاعد تسوين !
لم تجبها وهي ترتدي عباءة مها وترتدي حجابها باهمال
ضحكت منال وهي تعدّله
: شفييج تخسبقتي ! يبه على هونج نطري أعدّل شكلج تفشلين
أحضرت عائشة علبة مساحيق التجميل وهي تقول باستعجال
: لحظة حواجبج مو معدلين
رفعت مها حاجبيها مذهولة
: هي انتي ويّاها شتسوون ! جنها رايحة تشوف حبيبها
كتمن ضحكهن مرغمات
رفعت لولوة مرطب الشفاه وهي تتلفت
: مرايا بسرعة
فتحت لها منال الكاميرا الأمامية في هاتفها
رطبت شفتيها بلونٍ زاهٍ ثم قالت وهي تدور حول نفسها
: شكلي زين ؟
أشارت لها عائشة بابهامها
: بيرفكت , صج صج كويتية
ضحكت وهي ترفع حقيبتها
تبعنها الى الباب ليهمسن
: good luck
,
,
المملكة المتحدة – اكسفورد
العاشرة صباحًا
خرج من مكتب استاذه
سار على مهله في حرم الجامعة
ليجلس على طاولتها المعتادة
في مكانها الدائم
أراح رأسه على الطاولة , وأغمض عينيه بحلمٍ طويل
تمنّى لو يستطيع تخيلها
شعر بأنّه لم يتجاوز أعوامًا سبعة
وهو يتمنى امتلاك بلورة سحرية
تريه مكانها !
لو يعلم فقط ان كانت بخير
تلك الأنثى الباذخة البسيطة !
عينيها الغارقتان بثرثرة مشاعرٍ تحكيها نظراتها الباسمة
كفّيها الدافئتين , التان تربت بهما على قلبه الثملِ بها
لم يعتقد ان يحبها الى حدٍ لا يرى مداه
كان يدرك انّه سيحبها
كزوجةٍ تشاركه حياته , تنجب له أطفاله
تشدُّ على كتفه في ضيقه
وتعانقه ضاحكةً في سعادته
لم يعلم انّ انوثتها الرقيقة , الشبيهة بنبرتها
ستشتته
لتصنع منه سعودًا آخر
لتغرقه برضىً منه , في ابتسامتها الحلوة
أحبّها ليودع في قلبها قلبه أمانة
ليدسّ روحه في ثنايا ضحكتها الملتوية النبرة
ليرفرف معها كيمامة بيضاء , مسالمًا في عشقها
متمردًا على أيّ ظروفٍ تصدّه عنها
احببتك يا لين
احببتك بقلبٍ لم يعرف حبًا مع انثى جميلة مثلكِ , من قبل
لم تحبيني كما استحقُ منكِ
لأجدكِ فقط يا لين !
لأجدكِ , واثرثر لكِ بكلِ هذيانِ حبّي , ثرثرة باطشة
لأبطش باستهتارك , الذي آلمني
ولم يؤلمني احدٌ باستغفالٍ من قبل , كيف تجرأتي لتفعليها !
كيف فعلتيها يا لين !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الخامسة مساءً
منذُ نصفِ ساعة تجلسُ أمامه
على شفا شفتيها كلماتٍ أبت ان تخرج
كلّما همّت بالحديث صمتت وانشغلت في أمرٍ آخر
زفرَ أخيرًا وهو يقبّل كفّها
قال بحنوْ
: وش تبين تقولين , آمري باللي تبينه ويوصل لرجليك
قالت بتهرّب
: ما ابي شي حبيبي
رفع رأسها ليقبّل جبينها الندي
: قولي , آمريني
ظلّت صامتة , وفي مقلتيها حار دمعٌ حزين
قالت خالته بهدوء
: بالها مشغول على ملاك
بلعَ غصّة ذكرها
ابنة قلبه العاقّة به !
قال بابتسامةٍ اغتصبت شفتيه
: صدق يمّه ؟
قالت ببحة
: على هواك , اذا تبيني انشغل فيها فأنا والله مشغولة , واذا ما تبي , فأنا ما فكرت فيها , وعسى الله يغفر كذبتي
ضحك بهدوء وقبّل رأسها
التفت الى تركي الذي رفعَ حاجبه بتساؤل
قال وليد بهدوء
: انا قلبي غضبان عليها , جيبها انت
صدّ تركي
: ما لي نزلة لبيت ابوك , ولا لي كلام مع ملاك
قالت والدته بعصبيّة
: كفرت ملاك عشان مالك كلام معها !
رفع يديه بتبرير
: مالي شغل فيها , كسرت كلامنا ورقعتنا بالطوفة وطلعت ذيك الليلة , اللي متصالح مع اللي سوّته يروح لها
قالت ام علي بـ "زعل"
: الله يرضى على علي , والله انّه يسافر لها وهو يضحك اذا طلبته , بار مرضي ماهو انت ويّاه
قال تركي وهو يقبّل رأسها
: يا يمّه الله يخليك لي والله ماهو عناد ولا بردّك , والله لو قلتي لي روح تدرين انّي اروح لها , بس اننا متضايقين من تصرفها
لم تجبه , ليزفر وينهض من مكانه
: خلاص ابشري , بروح أجيبها
اقترب من الدرج لينادي
: يا بنت
طلّتا عليه اختيه
: من تخاويني للشرقيّة
عقدتا حاجبيهما وقبل ان تنطقان , قال بملل
: ما فيها شي بسبع ارواح ولسانها يلوط اذانها , بروح اجيبها من منكم تجي !
قالت رتيل
: انا والله بذاكر ما اقدر
قالت هديل غاضبة
: تخسي ماني رايحة لها ام لسان
قالت ام علي بصوتٍ عالي
: والله ما غيرك اللي ام لسان وشكلي بقصّه وارتاح
عقدت حاجبيها وصمتت
قال تركي بجديّة
: اخصلوا علي , لازم وحدة منكم تجي معي
قال ام علي
: هديل
قالت هديل بملل
: لبيه
: يلا حبيبتي ما يصير اخوك يجيب ملاك بدون محرم
قال متضجرة , ولا تزال في الأعلى
: وذا اللي في حضنك ماهو محرمها وولي أمرها !
قال وليد ببرود
: والتراب لا تحشرين نفسك في سوالف الكبار
ضربت الأرض معترضة
تأففت والدتها وهي تصمت وليد بعينيها
: يلا حبيبتي , اعطيك ميّة ريال اذا تروحين مع تركي
قالت بتشكيك
: احلفي
ضربتها رتيل بخفّة وهي تضحك
: استحي على وجهك
أخفت ضحكتها وهي تقول
: ويشتري لي تركي حلويات وأكل للطريق
قالت والدتها بملل
: طيّب , يلا البسي قبل لا تليل الدنيا ثم تبطون بالرجعة
دخلت الى غرفتها ليعود تركي الى غرفة الجلوس ساخرًا
: ما شالله تعطينها كلمة وانا رجل كرسي واقف
: يرحم والديك فكني من شر لسانها , اشترْ لها اللي تبي تراها صايرة بزر ما تنحمل
اقترب ليقبّل رأس والدته
: يلا اجل انا بطلع للسيارة , ادعي لنا يمّه
قالت بمحبة
: استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه , حط بالك على الطريق حبيبي
قبّل رأس خالته التي قالت بصدق
: الله يجزاك خير ويطول عمر اميمتك ويحفظك حبيبي
ابتسم بهدوء وأشار لوليد مودعًا
تبعه وليد الى الباب وقال هامسًا
: لا تجيب سيرة امّي قدامهم , ملاك ما قالت شي
قال مستغربًا
: ليش ! واذا عرفوا ؟
: عادي مو مشكلة , بس انا ما ابيهم يعرفون الحين
هزّ رأسه متفهمًا
نزلت هديل ودخلت الى غرفة الجلوس
قبّلة وجنتي والدتها
: مع السلامة مامتي
: مع السلامة يا روحي
قبّلت رأس خالتها وخرجت الى شقيقها
رمقت وليد بنظرةٍ مغتاضة , وتجاوزته لتخرج وتركي يتبعها
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
اقتربت لتجلس أمامه
ابتسم وقال
: شكلك أحلى بالحجاب !
توردت وجنتيها , وأسدلت أهدابها عليها لتواريها
ظلّ ينظرُ اليها بابتسامة , حتّى حمحم وهو يعتدلُ في جلسته
: طيّب لولوة نتكلم في المهم
رفعت اليه عينيها باهتمام
قال بهدوء
: مو عارف من وين أبدأ لك , بحاول ارتب بالأولويّة , طبعًا انتي تبين تعرفين من وين عرفت مكانك
هزّت رأسها ايجابًا
: انا اصلًا اللي حاجز لكم في الفندق
عقدت حاجبيها بعدمِ فهم
: لولوة انا صديق صقر وزميله بالعمل
رفعت حاجبيها بدهشة
ضحك رغمًا عنه من تحركاتِ حاجبيها
تابع باستدراك
: احنا نشتغل شغلة وحدة , ووجودنا في استراليا كان لخدمة الشغلة هذه , وهذا احنا رجعنا , بس للحين ما خلصنا شغلنا
قالت بنبرةٍ غريبة
: يعني انت جذبت علي !
قال بحزم
: انا ما كذبت على أحد , ولا تعنيت من السعودية عشان اكذب , شغلي سرّي وما اقدر اطلعك عليه !
همّت بالحديث , ليقاطعها
: لولوة ما اشتقتي لجدّك !
دمعت عينيها دونَ مقدمات , قالت بوجع
: بموت من شوقي له , اوّل مرّة افارقه !
مدّ لها بعلبةِ المناديل
: اوكي لا تبكين على طول , اذا تبين جدّك لازم تساعديني
مسحت دمعتيها لتقول بلهفة
: مستعدّة اسوي أي شي ويرد
أخذَ نفسًا عميقًا
: راشد ارتكب جريمة قبل تسع سنين تقريبًا , وجدّك وعمّك ابو عقاب طمطموا له وداروا جريمته , وهم الشاهدين الوحيدين على اللي سوّاه
هزّت رأسها ايجابًا ليتابع
: الحين كل هالفترة هم بالسجن لأن ما في شاهد على راشد عشان نخلص من موضوع المحكمة والحكم وهالأمور
: انزين ؟!
ابتسم بهدوء
: قلت لك الشاهدين الوحيدين جدّك وعمّك , والاثنين حاولنا بكل الطرق نقررهم على راشد ورفضوا , اذا اعترفوا عليه بننتهي من كل هالمعمعة , وانا اوعدك لو اقتنع يشهد , انا بسعى في التخفيف عليه
قالت بذعر
: ليش يدّي شنو عليه يعني !
قال يطمئنها
: سجن من سنة ونص الى سنتين , اذا اعترف انا بسعى تكون اشهر ويطلع
قالت بتساؤل
: شمسوي راشد !
ظلّ صامتًا , لتقول بهدوء
: مها حاولت تعرف من عمّي ابو راجح...
قاطعها بحدّة حاول كبتها
: صقر
صمتت لثوانٍ , ثم قالت
: حاولت تعرف من صقر شنو سبب اللي صار كلّه ورفض يعلمها بأي شي
: عشان كذا ما اقدر اقول لك شي
قالت بحزم
: وانا ما اقدر اساعدك بشي
همّت بالنهوض , ليقول بحدّة
: بتضرين نفسك وجدّك كذا
رفعت كتفيها
: ما في شي ثابت عليه , ما بيضرّه السجن دامه ماكل شارب نايم , انتوا اللي قضيتكم بتطول الى ما لا نهاية
زفر بغيض
ليقول من بين أسنانه مغتاضًا
: وش هالعناد
تقدمت بجسدها لتقول
: ما ابي اكون على عماي , لازم اعرف شاللي يصير حولي
قال بتهديد
: وان علمتي احد من اهلك
هزّت رأسها نفيًا
: ما راح اعلم احد
كان مضطرًا ولا خيَار أمامه سوى تصديقها !
ملأ رئتيه هواءً , ليزفره ببطئ
سامحني يا صقر !
لأجلك سأعصي أمرك وافشي سرك
أعدك انّها المرةُ الأولى والأخيرة
وسأصمت فمي للأبدِ عنك
يا هدية الحياة لي
يا أخي من رحم الدنيا
الذي لفضك ليرمي بك اليّ , ونسيك لأتذكرك وأعيش من اجلك
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الخامسة مساءً
مدّت له بالورقة
: حطها على مرايتك وعلى مراية السيارة وفي كل مكان
أخذ الورقة ليلقي نظرة , ثم قال ساخرًا
: لا يكون سواقك الخاص وانا ما ادري
قالت بهجوم
: أي ما شالله على السنة اللي فاتت واللي قبلها وطول السنين لمّا رتيل تعطيك الجدول – أشارت لعينيها وقالت تقلد صوته بسخريةٍ مغتاضة – من عيوني كم رتيل عندنا !
اختفت ضحكته ليسترق نظرةً مختلسة الى الذي يجلس أمامه
الذي رفع رأسه عن هاتفه بسرعة وهو يعقد حاجبيه غضبًا
ابتسم من جديد ليقول بنبرةٍ مبطنةٍ بالاستفزاز
: وانتي تجيبين نفسك لرتيل ! انتي وين وهي وين
قفزت عليه بغضب
: لاااا والله
ضحك وهو يبعدها
: يا بنتي ثوبي , طيب دقيقة نتفاهم
ابتعدت وهي تنفخ بغضب
: خير
: رتيل بتروح وتجي معك !
قالت بسخرية
: لا طبعًا , اخوانها يودونها ويجيبونها
قال برقّة , او على الأقل هكذا سمعها صقر !
: عادي اصير لها سواق اودّيها واجيبها
قالت داليا وهي تلوي شفتيها
: يا حنيّين
اكتفى بأن يظلّ مبتسمًا
ليقول صقر بسخرية تحرقُ جوفه
: ما شالله وش هالاهتمام ببنت عمّك
قال مبتسمًا بهدوء
: رتيل ماهي ايْ احد
هزّ رأسه
: ايه , زين علمتني
انتبهت داليا الى مغزى عبد الله , والى مرارة نبرةِ صقر !
نظرت الى عبد الله بحدّة
ليرفع حاجبيه ببرود
هزّت رأسها بانتقاد
ليشيح ببصره عنها
جلست بجانب صقر
وظلّت تنظرُ اليه
لم يكن منتبهًا اليها
يهزّ قدمه بتوتر
ويعض شفتيه بغيض
نظرت اليه طويلًا
وللتوْ اكتشفت انّها لم تخبره كم اشتاقت اليه !
انّها لم تتصرف بشوقها وحنينها الذي هشّم قلبها في غيابه
لم تعانقه طويلًا , ولم تقبّل كتفيه وجبينه بمحبة
مذ جاء صدّت عنه لأجلِ رتيل
فكّرت لثوانٍ
لن تخسر رتيل احد اخوتها من اجلها ابدًا !
لا تزال حرارة صفعتها على وجنتها , حين سمعها علي ذات مرّة !
ابتسمت من بين دمعتين تعلقتا في مقلتيها
اقتربت لتقبّل كتفه
التفت اليها مستغربًا
قالت بعبرة
: والله اشتقت لك , بكيت عليك كثييير , كلْ يوم كنت اصحى من النوم وانا اتمنى يقولون لي صقر رجع , يأسوا من رجعتك يا صقر وانا انتظرتك وتيقنت انّك بتجي , انت اخوي , حبيب قلبي وسندي , مستحيل ما ترجع ! رجعت يا صقر !
مسح على شعرها ونظرته انكسرت
قال بابتسامةٍ متحسرة
: رجعت يا داليا
عانقها لتجهش بالبكاء
قبّلت كتفه من بين بكاءها
: الله لا يجعلني ابكيك , عسى يومي قبل يومك يا صقر , بكيتك عمر ولا فيني ابكيك اكثر
قبّل رأسها وابتسم بهدوء
: بسم الله عليك
ازدرد عبد الله ريقه
قال ببحةٍ ساخرة
: وخروا عنها الدراماتيكية
ابتعدت عن صقر وهي تمسحُ دمعها
قالت بنبرةٍ غريبة
: من حق مشاعرك انها تطلع , لا تخنقها وتقتلها عشان لا تندم , ومحد بالدنيا بيحبّك او تحبّه كثر اخوك الوحيد ! ولا احد بيصفق لك لانّك هجرت اخوك عشانه , ولا احد بيوم بيهجر اهله عشانك
نهضت لتخرج من الغرفة
نهض خلفها وقد ارتجف قلبه من كلماتها
قال ساخرًا
: مدري وش تخربط ذي
خرج من الغرفة ومن المنزل , ليهرب من عيني صقر التي تتهمه , عيني صقر المنكسرة بسببه , ليهرب من ظنون شقيقه الوحيد
لا يعلمُ ايّ قوّةٍ اقتحمته ليكسر بشقيقه ببرود
ليلهمه الظنون السوداء وهو يضحك
كيف قسى على صقر !
رفيق الصبا
الشقيق الوحيد
الذي احبّه كثيرًا
وأعطاه كثيرًا
كيف يدهس قلبه ويوجعه بأكثر ما احبّه في حياته !
زفرَ حسرةً على نفسِه الأمّارةِ بالسوء
كيف أطاعها وانقاد لها دون عناء !
كيف أضاع مبادئه , أمام اعتقاداتٍ بلهاء !
كيف أوجع شقيقه الوحيد , الذي خاله دواءه من كلِّ داء !
,
,
المملكة العربية السعودية – الدمام
الثامنة والنصف مساءً
أوقف السيارة أمام منزلِ ابي وليد , وأطلق زمّاراتها لينبّه الحارس
فتح الحارس الباب وهو يحييه مبتسمًا
ابتسم في وجهه ودخل
أخرج هاتفه واتصل بفهد
الذي أجابه بعد رنتين
: يا هلا
: السلام عليكم
: وعليكم السلام ورحمة الله , وش اخبارك !
: الله يسلمك بخير الحمد لله , يا ليت تطلع لي انا في بيتكم برى
قال بذهول
: صادق !
: أي والله توْ دخلت
أغلق فهد الهاتف وخرج مسرعًا
ابتسم بتعجب وهو يقترب لينزل تركي من السيّارة
سلّم عليه وسأله عن أخباره
قبل ان يقول
: طيّب فهد لا هنت ناد ملاك , انا جاي آخذها
عقد حاجبيه
: تاخذ ملاك !!
: ايه
قال معتذرًا
: سامحني يا تركي بس ما اقدر ارسل اختي معك من الدمام للرياض !
قال تركي بهدوء
: اعذرني بس ولي امرها هو اللي مرسلني , وانا ماني بروحي هديل معاي
قال فهد بنبرةٍ مختلفة
: وليش ما جا وليد ؟
فكّر تركي بسرعة ليقول
: تعبان شوي ويبي يشوف ملاك
قال فهد بقلق
: عسى ما شر !
: لا ان شالله ما عليه شر , ان شالله يومين ويخف , انت بس نادْ ملاك الله يخليك برجع للرياض عندي دوام بكرة
قال فهد بغيرِ اقتناع
: والله مدري وش اقول لك
ضحك تركي رغمًا عنه
: يا رجّال وش فيك متربّين سوى تمون علي اكثر منّك ! وهذاك بيتها اكثر من بيتكم
رفع فهد أحدَ حاجبيه
: يا شيخ
ظلّ تركي مبتسمًا
ليقول فهد مستسلمًا
: طيب انزلوا تقهوو وتعشّوا
: جعلك تسلم والله ما اقدر اتأخر
حاول فهد ثنيه لكنّه رفض
ليدخل فهد وينظر الى ملاك التي قالت بتساؤل
: وش فيه ؟!
: قومي لمّي شنطتك بترجعين الرياض
فزّت بلهفة
: وليد جا !
هزّ رأسه نفيًا
: تركي
تراجعت بتخاذل
قالت ام فهد بتعجب
: ابوك ما بيرضى تروح مع تركي للرياض !
التفتت اليها بحدّة وقبل ان تجيبها قال فهد بهدوء
: يعني انا اللي برضى تروح مع تركي لحالها ! معاه اختّه هديل , يلا ملاك تركي مستعجل
قالت بتردد
: بس انا ما ابي ارجع !
قال بهدوء
: وليد تعبان ويبيك
قفزت بشهقة
: وش فيه !
رفعَ كتفيه
: والله ما ادري بس يبيك
صعدت الى غرفتها مسرعة , ليخرج فهد الى تركي ريث ما تنزل
كان قلبها ينبض بجنون
ترى ما به ! وممَا هو متعب
كان قلبها يتهاوى , كأوراقٍ تلتهمها نارٌ مُتأججة
الّا وليد !
لن تحتمل ان يصيبه ايُّ مكروه
قالت بهمسٍ باكٍ
: يارب احفظه وابعد عنّه كل سوء
نزلت سريعًا وودعت زوجة ابيها واختها الصغرى
وخرجت
اقتربت من السيّارة وهي تقول بخوف
: تركي بالله عليك وش فيه وليد
لم ينظر اليها تركي وقال بجمود
: ان شالله خير
قال فهد مبتسمًا بهدوء
: طيّب هديل ما بتسلم !
فتح تركي الباب وهزّها برفق
: هديل
همهمت , ليرفع صوته قليلًا
: قومي اشوف
فتحت عينيها بانزعاج
: شتبيي
ابتعد وهو يشير الى فهد
نظرت اليه بعدم استيعاب
حتى شهقت بخجلٍ وهي تعتدل في جلستها
نزلت لتصافحه بهدوء وخجل
قال بابتسامة
: شلونك ؟
هزّت رأسها ايجابًا
: الحمد لله
أخيرًا ودّع تركي فهد وركب السيارة
لتركب ملاك خلف هديل
سار عائدًا الى الرياض , وكلاهما صامتان لم يتحدثا اليها أبدًا
ولم تكن لتنشغل بهما اصلًا
كانت روحها ترفرف بهلعٍ على شقيقها الأب
اوّلِ قلبٍ توسدته حين احتاجت للدفئ
اوّل كفّين اطعمتها حينَ بكت جوعًا
اوّل من ابتهج لخطواتها الأولى , ورفعها حين تعثرت
لم تشعر بدمعها الذي بلل نقابها
كان ترتجف ان يكون سوءً اصاب وليد
وهو غاضبٌ منها !
مالذي يؤلمك يا اخي ليأتي تركي ويسطحبني في هذا الوقت !
ويحي يا وليد ان اصابك مكروهٌ وانت عنّي غاضب
لن ارحم نفسي ابدًا , ولن اغفر لها ابدًا !





فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 23-12-14, 11:42 PM   #58

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



,
,
المملكة العربية السعودية 0 الرياض
الثامنة مساءً
طرق الباب وابتعد عنه قليلًا
مرّت ثوانٍ ليُفتح
: يا هلا والله
ابتسم واقترب وهو يصافحه
: شلونك
أشار له ليدخل وهو يجيبه
: الله يسلمك الحمد لله , حيّاك
دخل والتفت اليه بتساؤل
: خالد صاحي !
: ايه , اقلط الحين اجيبه لك
هزّ رأسه ايجابًا , ودخل الى المجلس الخارجي
دخل فيصل الى المنزل واقترب من خالد
قالت والدته
: لا تمرّ قدامه , يصلي
جلس قريبًا ريثما سلّم من صلاته , والتفت اليه
قال فيصل وهو يدفع الكرسي
: وليد هنا , يمّه الله يعافيك نادي على لين تصلح القهوة
أخذه الى المجلس , لينهض وليد فازًّا حين رآه
عقد حاجبيه بحزنٍ من أجله
ليبتسم خالد دون تعليق
انحنى ليقبّل رأسه
: لا بأس طهور
قال خالد بخفوت
: الله يجزيك خير
جلس أمامه وظلّ صامتًا
ليقول فيصل ساخرًا
: تراه ما انشل
التفت اليه وليد حانقًا , وقال بصدق
: يا زينك ساكت يا شيخ , اعوذ بالله من لسانك ما يتكلم بخير ابد
انفجرا ضاحكين , ليقول فيصل وهو يمسح عينيه
: اقصد انّه ان شالله كم يوم ويقوم على رجليه وانت مسويها دراما !
تأفف وليد والتفت الى خالد
: جبت لك جوال بدَل اللي انكسر
قال خالد
: زين سويت , بس المشكلة الشريحة راحت
قال وليد ببساطة
: جبت لك رقم جديد
: مو عن الشريحة نفسها , بس الرقم عند الناس وله سنين
قال وليد ساخرًا
: اللي يسمعك يعني وزير الوزراء , يا شيخ غيّرت رقمك ولا قعدت محد ردا عنك
ضحك خالد بصعوبة وهو يضع يده موضع كليته
عقد وليد حاجبيه
: تعورك !
هزّ رأسه نفيًا , وكأنّه يقول " لا تصدقني "
زفر وليد وهو يضع يده موضع الألم
ويتلو من الرقية الشرعية , وينفث
لتلين عقدة حاجبي خالد
ويحمدُ الله الفًا على وليد
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
نهضت من مكانها وهي تقول باختناق
: قوم نروح للسجن
قال بهدوء
: تبين تروحين الحين ؟
هزّت رأسها ايجابًا , لينهض ويسير أمامها
ركِب سيارته , وركبت بجانبه
ولم يعلق
المهمُ الآن ان تقنع ذلك الجدّ العنيد !
وصلا الى السجن واقتربا من البوّابة
قال الحارس باعتذار
: عندنا اوامر ما ندخلك
قال بغيض
: ماني رايح الجهة الغربية , بدخل السجن الخاص
ظلّ الحارس صامتًا
ليتأفف وهو يخرج هاتفه ويتصل بأبي بدر
ابتعد قليلًا ليتحدث
: سلام , ابو بدر انا معاي حفيدة ابو غانم , علّ وعسى ان كلمته يقتنع يقرّ على الكلب راشد
قال ابو بدر وهو منهمكٌ فيه عمله
: أي زين
ظلّ ذياب صامتًا , ليقول ابو بدر بانشغال
: يلا الله يوفقك , تبي شي ثاني
قال ذياب من بين اسنانه
: يعني انا ليش برأيك بتصل عليك ! هماك مانعني ادخل السجن !
انفجر ضاحكًا , ثم قال بودْ
: طيّب عطني اكلم الحرَس
اقترب من الحارس ومدّ له بالهاتف
حيّاه ثم صمت لينتظر أوامره
: افتح له الباب وخذه بنفسك جهة السجن الخاص , يا ويلك تسهى عنّه ويروح الجهة الغربية , تراه خبل سادي يستمتع بالتعذيب
كتم الحارس ضحكته حتى احمر وجهه , حمحم وقال
: سم طال عمرك
ابتسم ابو بدر وودعه
قال ذياب بشك
: وش قال لك
أشاح ببصره عنه وهو يفتح الباب
: تفضل
اشار ذياب الى بداية ذراعه
: اقطعها ان ما كان سفل فيني
ضحك الحارس وهو يديرُ وجهه بعيدًا عنه
: هيّن اوريه
التفت الى لولوة وحثها لتدخل
سار يتقدمها الى جهة السجن الخاص
الذي لم يكن فيه سوى اشخاصٌ يعدّون
ومكانتهم الاجتماعية عاليةٌ لا تسمح لأن يختلطوا بالآخرين
اقترب من زنزانةٍ أشبهُ بغرفةِ جناحٍ فندقيٍ راقٍ !
فيها ثلاث أسرّة , وتلفاز وثلاجة
مفروشةٌ ورائحتها طيّبة
قال بهدوء
: السلام عليكم
التفت اليه الثلاثة
لينهض ابي عقاب بغضب
: هذا انت
أشار له ليهدأ
: على هونك يا ابو عقاب , ماني جاي اتكلم ولا اغيضكم ولا لي شغل فيكم , جايب لكم شخص زاير
قال بغضبه ذاته
: ما نبي منّك شي
اقتربت لولوة لتقول برجفة
: هذه آنا عمّي !
شهق وقبل ان ينطق كان ابو غانم قد اسرع اليها ليعانقها بكل محبةٍ وحنانٍ يخصّها وحدها
قال بلهفة
: حبيبة ابوج , انتي زينة ؟
قبّلت كتفه وهي تبكي
: اشتقت لك وايد يدّي ! ليش سويت فينا جذي , يبتنا وتركتنا للي يسوى وما يسوى لعبوا فينا لعب من مكان للثاني !
قال بزفرة
: والله ما بيدي شي يابوج
خرج ذياب بصمت ليتركهم
كان رغم صلابة مظهره يرتجف من داخله
خوفًا من ان تفشل لولوة في اقناعهم !
رجَى الله بصدقٍ ان تستطيع
أغلق الباب وابتعد
لتجلس لولوة أمام جدّها وتمسك بكفّه برفق
: شلونك , شلون صحتك ؟
مسح على شعرها
: من شفتج صرت زين
قبّلت يدَه لتقول
: يدّي ليش ما تعترف على راشد !
صُدِم جدّها وعمّها
قال عمّها ابو عقاب بارتباك
: شيعترف فيه
التفتت اليه غاضبة
: على بالكم بنتم طول عمرنا مخدّيين وما ندري عن شي ! هذا انتوا شكثر لكم بالسجن عشان واحد ما يسوى , واحنا عالة على الريّال الغريب , اللي ضافنا فوق اللي سويتوه فيه !
ظلّ صامتًا , لتتابع
: تتستر عليه من حلايا طبايعه ! من زين اخلاقه ؟ خلّه ينقع بالحبوس احنا شكو , يتحمّل نتيجة أخطاءه لمرّة وحدة في حياته
قال جدّها بنبرةٍ لا تخصّ سواها , بنبرةٍ لا تلينُ الّا أمامها
: يا يبه لا تقسين قلبج , هذا اخوج ولد عمّج , ولد ولدي لو فيه عذاريب الدنيا هم ما ارضى عليه
رفعت صوتها بغضب , وهي تبعد شعرها عن رقبتها لتظهر كدمةً قديمة
: هذه ما تعاقب عليها , وغيرها وغيرها , لين متى يعني بنظل تحت طيشه , عايلة كاملة كلّها تتحمل ذنبه وتتحمل تهوره
قال بانهزام
: لولوة مرّ عمر , متى بتنسين !
قالت بانفعال
: لين اشيب , لين يصيرون بناتي بالعشرين واقول لهم عن اللي سواتّه فيني , عمري ما انسى تهجمه علي وانا طفله , يسكر ويعربد واييّ يتهجم علينا , ويتهمنا بالباطل , الخسيس النذل
قال ابو عقاب
: بس يا لولوة , لا تغثين يدّج بهالكلام , وولد عمّج تغيّر من زمان , واعتذر وندم !
التفتت الى عمّها
: ما يهمني ولا يهمني ندمه , انصف مها وريلها يا عمّي , الظلم كبير والله ما يرضى فيه
قال عمّها
: انتي تدرين اقل شي فيها سجن من عشر سنين لاثنعش سنة ! وسحب حصانة وسحب الجنسية الاسترالية , ويرجع للكويت وينمنع من السفر , شنو من قلب يخلينا نضرّه جذي
صرخت بقهر
: وشنو من قلب اللي خلّاه يخطف الريّال من مرته واهله وبيته وديرته ؟! شنو من قلب اعطاه حق يغيّر اسمه وعايلته وحياته كلّها , زوجتوه وسجنتوه ومرمطتوه ! وللحين مو قادر يرمم حياته اللي هدمتوها , ما يقدر يطالع بويه مها , ولا يقدر يظيمها من فعايلكم , ولا حتّى علمها باللي سويتوه فيه , خافوا الله فيه يا عمّي , خلّوا راشد يتعاقب ويتربى
ظلّا صامتين
لتمسك بيدِ جدّها برجاء
: ما اقدر اتمْ طول عمري بالفندق عالة على ابو راجح ! ابي ارد لحياتي يدّي تكفى , حالتنا تكسر الخاطر , لا ندش ولا نطلع ولا نشتغل ولا شي , الريّال يزاه الله خير تكفّل فينا من يينا للرياض , مو معقولة نزوّد عليه , محد يستاهل تضيعنا وتضيّع عمرك عشانه يدّي , حنّا حريم وانت والينا اهو ريّال يدبر عمره
قال بعد دقائق ثقيلة بصمتها
: معاج حق
قال ابو عقاب بذعر
: يبه مو من صجّك !
قال بحدّة
: امبلا من صجّي , انت وراشد تنيازون انا ليش اضيّع عايلتي ! هذيل حريم ما لهم ظهر غيري
ابتسمت من بين دمعها , ليقبّل رأسها برفق
: بس يابوج مسحي دموعج , ما عاش من ينزلها وانا عايش
مسحت عينيها لتقبّل كفّيه بحب
: الله لا يحرمنا منّك ويطوّل عمرك , يا عمري انت
اقترب عمّها ومدّ اليها بكفّه , لتمسك به وتنهض
قبّل رأسها
: الله يحفظج يا بنتي , حطّي بالج على بنات عمج وطمنيهم انّ ان شالله ماكو شي وقريب يطلع ابوي وعمّج بو منال
قالت بعبرة
: وانت ؟!
هزّ رأسه نفيًا بابتسامة
: انا مع راشد , وحتّى لو تبرأت ما راح اتركه بروحه , هذا ولد اخوي وانا اللي مربيه وما اتركه
فُتح الباب ليطلّ الحارس
: انتهت الزيارة
سَمع صوتًا غاضبًا من خلفه
: بأمر مين انت تنهي الزيارة حضرتك !
التفت اليه ليقول بهدوء
: هذا شغلي وانا اعرف اوقات الزيارات ومدّتها
قال ذياب من بين اسنانه
: معليش ذي زيارة خاصّة
قالت لولوة وهي تعدّل حجابها
: خلاص انا بطلع اصلًا
قال ذياب بتوترٍ يخفيه , وهو ينظرُ اليهما
: بدري ! خلصتي ؟
ابتسمت تطمئنه
: خلصت
لم يكن يعلم انّ لدمعتها ونبرتها الراجية المدللة , أثرًا جمًّا على جدّها , يستحيل ان يرّد طلبها بعدهما !
ودّعت عمّيها وجدّها وخرجت مع ذياب
قال بحذر
: بشري ؟
ابتسمت
: من صجّك يدّي يردني !
قال بلا تصديق
: وش يعني ؟
قالت بثقة
: بس نادوه للاستجواب
ظلّ واقفًا فيه مكانه لثوانٍ
حتّى خرّ ساجدًا شكرًا لله
حمدًا واجلالًا لله
ثناءً على الله
أطال السجود وهو يهمس بالحمد لله لا غيرها
حتّى نهض وهو يودُّ معانقتها
قال وهو لا يعرف كيف يصوغ جملةً واحدة
: لولوة , لولوة انتي شكرًا والله , الله يبارك فيك , والله انتي مدري...
انفجرت ضاحكة ليضحك هو الآخر بارتباك وهو يمسح على شعره ومقلتيه غارقتين بدمعِ سعادةٍ لا يليق به ان يكون مالحًا !
أشار لها لأن تسير
: يلا تفضلي اوصلك الفندق
سارت امامه وهي مبتسمة
سعيدةٌ هي لأنّها اسعدته !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
التاسعة مساءً
دخل الى غرفتها واقترب ليقبّل رأسها
: مساك الله بالخير
: الله يمسيك بالنور
جلس قريبًا منها ليسألها
: رجعت البيت المغرب ولا حصلتك
: ايه كنت مسيرة
ابتسم وهو يمدّ لها فنجان قهوة
: كثرانة تسيوراتك
ارتشفت منه وهي تشير بيدها بغير اكتراث
: وش اسوي عاد , مليت من مقابل هالطوف , لا بزر يونسني ويزعجني , ولا كنّة توايق علي وتشوف وش ابي ما ابي
لوى شفتيه وقد فهم ما تريد
دخلت أروى وجلست وبيدها كتابها
قال سلطان
: اجل اروى وينها عنّك
قالت وقد لوت شفتيها
: اروى ! يا الله السلامة ولا تدري عنّي ما غير مقابلة هالكتب
قالت اروى باستنكار
: اننا !!
غمزت لها جدّتها , لتعقد حاجبيها
قال وهو يخفي ضحكته
: اييه
باغتت الجدّة اروى بسؤالها
: اروى ما تذكرين البنت اللي رحنا لاستقبالها ؟
كانت اروى منهمكة في القراءة , لتجيبها بغير انتباه
: وش فيها
اشارت جدّتها بيديها
: وييه ما شالله تبارك الله , وش زييينها ودارسة ومتعلمة ومتربية
قالت اروى ولم تنتبه بعد
: اي
: عاد ما شالله قلبي ارتاح لها كنّها وحدة من بناتي
قال سلطان وهو يهزّ رأسه متأثرًا
: سبحان الله
لكزت الجدّة اروى بالعصى , لتفزّ الأخيرة بفزع
: وش فييه
: اكلمك ولا اكلم الطوفه انا !
قالت باعتذار
: آسفة يمه ما انتبهت – اغلقت الكتاب , وقالت بانتباه – وش كنتي تقولين
: اقول البنت اللي امها سوت لها استقبال تخبرينها
: وش فيها ؟
قالت الجدّة من بين اسنانها بغيض , وهي تشير الى سلطان بطرف عينها
: مزيووونة ما شالله
رفعت اروى حاجبيها وضيّقت عينيها
لتقول ببرود
: ما فيها زود , عاديّة
انفجر سلطان ضاحكًا , وضربتها الجدّة بعصاها غاضبة
: الخلا , انقلعي وراك يلا , لا اشوفك موطوطة عندي مرة ثانية
ضحكت وهي تتودد لها
: اففاا بس , ما اقوى زعلك مامي
قالت بانتقاد
: وش ذا الكلام من وين تجيبونه , سعود نونا مدري وش يقوله , وانتي تقولين ذي
ابتسم سلطان لذكر سعود
: والله له وحشة سعود
تنهدت الجدّة بحنين
: ايه والله , بعد عيني هو , والله يا جيّته الأخيرة ماهو طبيعي
: كلّمته وقال بيرجع نهاية الشهر , عنده دراسة بيخلص ويجي
قالت بحزن
: وعمّك محمد
هزّ رأسه
: والله ما عندي علم كان بيجي ولا لأ , بس بكلمه لك ان شالله
رنّ هاتفه , ليجيب بمحبّة
: ارحب
: شلونك يا ورع
عقد حاجبيه , وقبل ان يتكلم ضحك الآخر معتذرًا
: معليش معليش , المهم وينك
: في البيت
: اجهز بمرّك
: على وين ؟
: معزومين
: من عازمنا !
: ناس ودّهم يشوفونك وياخذون اللي في خاطرك
: علّمني من !
: يا اخي ليش العجلة , اذا رحنا لهم تعرف
: لا تحرجني يا مالك ما احب ذي الحركات
تأفف مالك منه
: ما اقدر اعلمك , دقايق واوصل لك وتعرف
همّ بالحديث ليغلق مالك الخط
نظر الى الهاتف وعقد حاجبيه
قالت اروى
: وش فيه ؟
رمى الهاتف بغير اكتراث
: حيوان قصده بيجبرني اطلع كذا , يبطي عظم خل ينلطع عند الباب ماني طالع
ضحكت اروى لتقول
: اطلع معه وش خسران !
قالت الجدّة
: قوم يا امّي انت من جيت حابس نفسك في ذا البيت , اطلع مع اخوك استانسوا وغيّر جو
: مالي خلق
قالت بحزم
: قوم
ضحك رغمًا عنه ونهض بتثاقل
غيّر ملابسه , وحينَ فتح باب غرفته كانت اروى امامه
مدّت له بهاتفه
: حرق الجوال وهو يتصل
سألها
: رديتي عليه ؟
: لا طبعًا !
أومأ بهدوء واتجه الى الباب لتتبعه
: جيب لي عشا معاك
ابتسم
: وان تأخرت ؟
: ما عليه بنتظرك
: طيّب
خرج ليجدَ سيّارةً غريبة
ترجل منها مالك وابتسم
: سلام
صافحه وسأله باستغراب
: من سيارته ذي !
نزل رجلٌ من مكانِ السائق
اقترب لينظر اليه سلطان بذهول
قال بصدمة
: سعد !
ابتسم سعد واقترب منه
ضحك سلطان بلا شعور وعانقه
: هلا والله , شلونك ! لك وحشة والله
زفر سعد براحة وسعادة من استقبال سلطان له
شدّ عليه وقال بصدق
: وانت والله لك وحشة , فاقد شوفتكم وجلستكم
تباعدا ليقول سلطان مبتسمًا
: عساك بخير
: الحمد لله
قال مالك
: يلا سلطان معنا
: وش عندكم طالعين ! حيّاك سعد اقلط تقهوْ عندي
قال مالك ساخرًا
: دا انتا مستنيّاك حاقات
ابتسم سعد
: ودّنا بطلعة مرتبة
رفع كتفيه ببساطة
: يلا على راحتكم
ركِب سلطان بجانب سعد ومالك خلفهما
سار سعد بسيّارته حتى وصلَ الى مسجد وأخرج هاتفه ليجري اتصالًا
: اطلع انا برى
مرّت ثوانٍ ليخرج ذياب ويقترب من السيارة
عقد سلطان حاجبيه ببداية عصبيّة , ليقول مالك وهو يربت على كتفه
: ما عليه تعوّذ من ابليس , ذا اخو سعد , قلت لك !
قال بضيق
: وش ذي الحركات انت ويّاه !
فتح ذياب باب سلطان وابتسم
: حيّ ابو مساعد والله
ظلّ ينظرُ اليه بصمت , ليلكزه مالك
: ردّ السلام !
نزل من السيّارة وصافحه
: الله يحييك
قال ذياب ضاحكًا
: انا من اوّل ما شفتك قلت هذا يناسبني على جوّي , بس ما صارت فرصة
قال مجاملًا
: ايه
قال سعد
: يلا يا شباب تأخرنا
همّ سلطان بالرجوع الى الخلف
ليقول ذياب
: خلّك مكانك
ضحك مالك
: أي الأفضل تضل مكانك
قرصه سعد ليسكته
عاد الى مكانه بصمت
وركب ذياب بجانب مالك
سار سعد حتى وصلَ الى منزلٍ متوّسط
التفت الى ذياب الذي اخرج هاتفه
: يلا اطلع
قال الآخر
: يلا طالع
ناداه مستدركًا
: جيب عبد الله معك
قال بضيق
: ماله داعي , وهو اصلًا ما ودّه
قال باصرار
: لازم يجي
تأفف , ونادى بملل
: عبد الله الشباب يبونك معانا قوم
قال ببرود
: ما ابي
نزل ذياب وقال
: افتح لي الباب
مرّت ثوانٍ ليفتح الباب ويدخل ذياب
: ناده لي
ناداه بصوتٍ عالٍ
ليخرج يجرّ رجليه بملل
حين رأى ذياب ابتسم واقترب ليسلّم عليه
قال ذياب بلهجةٍ لا نقاش فيها
: يلا البس ومعنا
: والله...
: بالله عليك امش , نبي نستانس وما لنا وناسة بدونك
تأفف وصمت
دفعه ذياب بخفّة
: اخلص
ضحك بكسلٍ ودخل الى المنزل
قال صقر بعد ان ازدرد ريقه
: جبتهم ؟
ابتسم بهدوء
: ايه جابهم سعد ومرّ علي
رفع حاجبيه بتساؤل
: شلون شفت وضعهم ؟
: مالك اضمنه لك , سعد تكلم معاه وراضاه , بس...
قاطعه بزفرة
: سلطان ذا مشكلة , قلبه قلب بعير
انفجر ذياب ضاحكًا
: لو ما العيبة كان ما مدّ ايده ولا سلّم عليّ
ضحك صقر رغمًا عنه
: اذكر تصرفاته مع راشد ومعاك قبل , اذا حط في باله شخص , ما عاد فيه مجال يتصالح معاه
: ان شالله ان معزتك عندَه تشفع لك
صمتا لثوانٍ , قبل ان يقول صقر مبتسمًا
: بموت واعرف شلون اقنعت لولوة تقنع جدّها !
: يا رجل هي كأنّها تدور مستمسك على راشد , ودّها تودّيه قلعة وادرين
نظرَ بصمتٍ لينتبه ذياب الى ما قاله
قال صقر بهدوء
: وش عرفها انّ المستمسك على راشد ؟
خرج عبد الله وقاطعهما , ليقول ذياب مرتبكًا , بسخرية
: وش عندكم انت ويّاه ما تلبسون الّا ثياب ! غيّروا نوعوا اكشخوا اطلعوا عن المألوف !
دفعه صقر وهو يقول بوعيد
: امش امش بس
خرج الثلاثة , انتبه لهم مالك , وكان سلطان منشغلًا بهاتفه
نزل مالك وظلّ ينظرُ الى صقر بنظرةٍ لا تفسر
انتبه سلطان والتفت , ولم ينزل
نظر اليه بصدمةٍ , وخيبة !
قال صقر مخاطبًا مالك , وقد ارخى كتفيه استسلامًا
: والله... – صمت ولم يعرف ما يقول , ثم ابتسم باستعطاف – والكاظمين الغيض والعافين عن الناس
ابتسم مالك بهدوء
وقال بعد ثوانٍ
: شلونك يا طويل العمر !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الحاديةَ عشرةَ وثلاثٌ وثلاثون دقيقة مساءً
أوقف السيّارة أمام المنزل , والتفت الى شقيقته
: هديل !
قالت بكسل
: صاحية
تحركت بخمول لتنزل ومعها حقيبتها وأكياسها , ونزلت ملاك مسرعة
اقتربت من الباب وقبل ان تطرقه فتحته هديل ودخلت
دخلت ملاك لتهتف
: وليد
خرجت والدتها من المطبخ بعد ان سمعت صوتها
لم تمهلها ملاك لترحب بها
صرخت بها بهجوم
: كلّه منّك , من جيتي والمصايب ما تخلّص
أُلْجِم لسانُ والدتها , وحبست أنفاسها
صرخت بها خالتها
: داخلة علينا بشرّك انتي !
تقدمت لتضربها , وهي جدُّ غاضبة
لتهتف لطيفة
: اتركيها يا عايشة !
خرج وليد من الغرفة الجانبية , قال ببرود
: ولا فيك فايدة , المشكلة مصدقة انّي انا اللي بطلبك , من بعد ما كسرتي كلامي انا ما لي معك كلام , امّك هي اللي تبيك وجبناك لها
كانت قد همّت في ان تسرع اليه , ان تعانق حضنه الدافئ
ان تقبّل كفّيه بحبّها الجمِّ له
لكنّها وقفت مبهوتة , وتلاشى اشتياقها وحنينها واحتياجها
عقب كلماته
قالت بخفوت
: يعني كذبتوا علي عشانها !
قالت ام علي من بين اسنانها
: ملاك ورب...
قاطعتها لطيفة بهدوء
: ما لكم شغل فيها , انا امها وانا اللي اتصرف معها , وانا اللي مسؤولة عن تربيتها , الظاهر حنيني وحنيّتي ما جازت لها , تحبّين تشوفين ام قاسية رافعتلك العصا ؟ اطلبي وتمنّي واكون لك الأم اللي تحبين اكونها
تراجعت بخوف
: وش قصدك !
قالت بحدّة
: قصدي اطلعي فوق لغرفة هديل رتّبي اغراضك , وانا الحقك بعد شوي
قالت بعبرة
: ما يحق لكم تحبسوني هنا ! برجع لابوي
قال وليد ساخرًا
: مع الأسف انا الوصي القانوني عليك
قبل ان تجادل , قالت لطيفة مزمجرة , بارتجاف !
: قلت اطلعي فوق
خافت هديل من صراخهم , وخافت ان تضرب ملاك مرةً أخرى !
أمسكت بيدها برفق وهمست
: تعالي لا تعاندين , امشي معاي كل شي ينحل بالهداوة
سارت معها بخوفٍ وذعر
لم يعد هذا البيتُ الدافئ الذي تعشق القدوم اليه
لم تعد خالتها تلك الطيّبة التي تربت عليها بحبٍ وعطف
لم يعد وليد الشقيق الأب , ذو قلبٍ مفصلٍ لها , لكلِ احتياجاتها
اقتربت ام علي من امِ وليد بقلق
: فيك شي ؟
أشارت لها بهدوء
: اتركوني لحالي
دخلت الى الغرفة الفارغة وأغلقت الباب , لتنفرد بنفسها
كفّيها يرتعشان
وقلبها يتهاوى بحزنٍ سحيق
قد جففت ملاك ربيع قلبها , بعد ان ارتفعت وتيرة سعادتها بها
قد عصفت بروحها بصدّها عنها
اوجعت حنينها الحاد اليها
ابنتها الوحيدة , كان يجدر بها ان تكون رفيقتها
لا عدوّتها !
كان يجب ان تلجئ الى قلبها اذا فزّت من نومها
اذا تضايقت من زميلاتها
اذا انزعجت من شقيقها
لا تنأى عنها , وتلجئ الى الناسِ أجمَع سواها !
حُرمت من ان ترضعها , وان تسهر الليل تتأملها
سلِبت حقّها في ان تستمتع بالنظر اليها وهي تكبر
انتزعت امومتها منها عنوَة , حينَ خطفوا الفتاةَ من بينِ كفّيها
كيف يا من أسميتكِ ملاك , لتكوني كالملاك على روحي وقلبي
لتملكي لبّي , وتأسريني كُلّي
كيف تَعُقّين قلبي المهووس بكِ !
كيف يا حبيبة امك الموجوعةِ بكِ وبأخيكِ
كم اشتاق لأن اسمعكِ تناديني
هل لكِ ان تتصوري انّي لم امت حين فارقتك , فقط لأنني اتلهف للحظةِ القاكِ لتناديني بأمّي !
لمَ تحرمين قلبي الملهوف عليكِ حقّه بكِ !
كيف تجردين سعادتي بكِ من التماعها
كيف تخطفين بريق لهفتي عليكِ من مقلتيْ
لمَ يا وحيدتي آلمتني , وجرحتِ امومتي تجاهكِ !
كأنّكِ القمتني جمرةً ملتهبة , لا زالت تتأجج في جوفي
كأنكِ هدمتي أحلامي الشاهقة بكِ على رأسي , لتهشمه وتبعثر أجزاءه
كأنّكِ جردتني من ثيابي أمام شقيقتي وابنائها !
أخزيتني أمامهم , وكأنّه يعيبني مرضٌ معدٍ , وتخشين الاقتراب منّي
ظننت عودتي ستبهجني , وتعيد الوان الحياة الى عيني
بعد ان امضيت حياتي مذ فراقكم اراها رماديّة !
لم تعد الألوان , ولم اعد انا !
لا تزال مشاعركما تتنكّر منّي
حتّى وليد الذي يحاول استشعار بنوّته لي , فشل !
لا تزال عائشة الخالةُ الأم
وانا امرأة دخلية , يستصعب وضعَ رأسه في حجري بعدَ يومٍ مرهق !
ويستثقل ممازحتي , او الجلوس الى جانبي
مرهقٌ وليد بمحاولات بائسة , ان يلهمني بأنّه على وفاقٍ وتصالح بأنّي قد عدت من المنفى
لكنّه يفشل !
ليس بالسهولة ان يصدّق انّي هنا
لا زال ينظرُ اليّ مطوّلًا , كأنّه يسألني
أهذه انتي ! أحقًا عُدّتي !
تنكسر نظرتي وأحير في اجابتي
لا اعلم يا وليد هل عدت ام انّي لا زلت اتخبط في غربتي
قد كفرتي بي يا ملاك
ووليد لا يستطيع الايمان بي بعد !
اخشى ان يزلّ قلبي , فيودّ لو انّي لم التقِ بكم , فأعاقب
وأخشى من كذبي , بأنّي سعيدة بكم , وأيضًا أعاقب !
طرأ لها سعود وعبد العزيز , ولين في غمرة حزنها
فابتسمت وزفرت
كانوا احنّ عليها , وأرحم بها
من ابنَي رحمها !
قلّبت في هاتفها , لتتأمّل رقم سعود ثوانٍ
ثم اتصلت به
,
,
: شلونك يا طويل العمر !
عقدَ حاجبيه , وظلّ صامتًا
قال عبد الله ساخرًا
: من متى يا طويل العمر !
لكزه ذياب ليصمت
اقترب مالك منه , مدّ اليه يمينه ليصافحه
لكنّ صقر تجاهلها وعانقه بمحبّة
بادله مالك بعناقه , ليقول بصدق
: والله انّ بقلبي عليك ما الله به عليم , من شفتك نسيت كل شي
قال صقر
: والله اشتقت لكم
تباعدا ليفتح ذياب باب سلطان ويبتسم
: ما ودّك تسلم ؟
التفت سلطان الى سعد بضيقٍ وغضب
: والله لو انّي داري ما جيت
شدّ سعد على كتفه وهو يبتسم برجاء
: تكفى يا ابو مساعد , صقر اخو دنيا , لا تثقّل قلبك عليه
قال ذياب
: وش هالقلب اللي عليك
التفت اليه بحدّة , ليضحك ويتراجع
: خلاص آسفين
اقترب مالك
: سلطان
قاطعه بزفرة , ونزل من السيّارة
نظرَ اليه بصمت
ليبتسم صقر برجاء
: والله ما يهون عليّ انّك انت تزعل منّي
ابتسم ساخرًا
: اكيد , مو انا خادمك الأوّل
قال صقر بتأنيب
: افا بس يا ابو مساعد
قال عبد الله بذهول
: وش سالفتكم انتوا !
نزل سعد واقترب من عبد الله وهو يهتف
: شلونك يا كلب
ضحك عبد الله ببهجة وهو يعانقه
: سسسسعد , والله اعز من لفى
قال ذياب بملل
: يا شباب مليّنا من الوقفة هنا , اخلصوا علينا
قال مالك بهمس
: فشلتنا والله
زفر واقترب ليسلّم عليه
عانقه صقر , وهمس
: بالله عليك سامحني
قال بجمود
: الله يسامحك
تباعدا , ليصدّ سلطان ويركب السيّارة
وركب مالك خلفه وهو يهمس مؤنبًا
ضحك ذياب بشدّة
: والله ولا عبّرك , يوم شافني كان بيترك لي المكان اللي قدام , انت ماش ولا عطاك وجه
قال صقر ببلاهة
: الله يعدّي هالليلة على خير
قال عبد الله ببرود
: حتّى الرجّال الغريب ما سلم منك
قال صقر بغضب
: عبد الله كل تبن لا تخليني اجنّ عليك
قال ذياب بجديّة
: بس انت ويّاه وش حركات البزران ذي – اشار لعبد الله – اركب انت ولا تطوّل لسانك
قال سعد بضحكة
: يعنني كبير
رمقه ذياب بنظرة , ليضحك ويذهب الى مقعده
قال ذياب هامسًا لصقر
: لا تصغر عقلك انت الثاني , خلّه يولي
زفر بصمت
اقترب ذياب من السيّارة
: مالك وعبد الله ارجعوا للمرتبة اللي ورى , وانا وصقر هنا
,
,
المملكة المتحدة – لندن
التاسعة مساءً
كان مستلقٍ على سريره الخاص
يحاولُ فادي جذبه ليتحدث معه
لكنّه لم يشتهِ الحديث , فيلقي كلمةً ويصمت
قال فادي مغتاضًا
: لَك شو هالدم الجامد ! يي عليك شو غليز !
ضحك ببرودٍ وظلّ صامتًا
رنّ هاتفه وأمعن النظر في الرقم
قال بخفوت
: اللهم اجعله خير , الو
: السلام عليكم
عقد حاجبيه
: وعليكم السلام ورحمة الله , هلا !
ابتسمت بحنوْ
: سعود يا امّي شلونك !
تهللت اساريره , وفزّ من مكانه
: خالتي سارة !
ضحكت بخفّة , ليهتف
: يا بعد قلبي والله , شلوونك ! وين رحتي وش صار عليك , هنت عليك تتركيني وتسافرين !
قالت بمحبة
: وش اسوي يا ولدي , جاني الولد لقاني وردّني
ابتسم بحنين
: والله مشتاق لك , مشتاق لطبخك وسوالفك , بشريني عنّك عساك بخير !
قالت بزفرة
: بخير يا امّي
قال بهدوء
: صوتك ما يقول انّك بخير
: لا تشغل بالك يا سعود , قول لي انت متى رجعت بريطانيا ؟ هقيت بتصل عليك القى رقمك مقفول
زفر بتعب
: توفّت خالتي
شهقت بخفة , وغَرِقت عينيها بالدمع
: انّا لله وانّا اليه راجعون , الله يرحمها ويغفر لها
أمّن بهمس , صمتت لثوانٍ ثم سألته بحذر
: لين شلونها !
تغيّر وجهه وصمت
قالت بقلق
: يا سعود البنت وين راحت ! مو معقول تختفي فجأة !
قال بجمود
: ما ادري يا خالة , لكنّي بلقاها ان شالله
قالت بحنوْ
: الله يشرح صدرك يا امّي , لا تشيل بخاطرك ولا تزعل نفسك , الله يفرج همّك
ابتسم بهدوء
: لندن موحشة بدونك والله ! كانت طيبتك تدفيها وتحليها
ضحكت بامتنان لهذا الشاب
لا تفضله على وليد ابدًا , لكنّها تتمنى لو كان ابنها ايضًا !
اوصته بنفسه خيرًا , ودعت له ثم ودعته
أغلقت الهاتف ونهضت بتثاقل
خرجت من الغرفة لتمرّ من امام الغرفة الأخرى , هامّةً بالصعودِ الى الأعلى
نادتها ام علي
: لطيفة تعالي ذوقي القشد مسويته رتيل , ما يتطوف شغل رتول عاد
ابتسمت رتيل , وابتسمت ام وليد بهدوء
اقتربت وجلست بجانب رتيل
: ما شالله مبيّن حلو
مدّت لها رتيل صحنًا , وفنجان قهوة
قالت متسائلة
: وين الشباب اجل ؟
قالت ام علي
: علي كلّمهم يروحون له الاستراحة , خلّ يستانسون ما غير مقابليني
هزّت رأسها بصمت , وشردت
قالت رتيل برفق
: عجبك خالتي ؟
رفعت رأسها بانتباه , وابتسمت بحنان
: يجنن يا عمري
قالت رتيل بتحايل
: امّي تقول طبخك لا يعلى عليه , عاد ابيك تعلميني
اشارت الى عينيها
: من عيوني , كم رتيل عندنا !
قالت ام علي
: واللي يعافيك علمي هديل معك , ذبحتني ما تعرف تسوي شي
: حرام عليك وش زينها هديل
: الّا قولي رفالتها زايدة
قالت رتيل
: تعرف تسوي قهوة
قالت ام علي بتهويل
: ما شالله تبارك الله ! قــهـــوة !! لا لا لازم تنحط في معرض للتحف النادرة
انفجرتا ضاحكتان وام علي تلوح بيديها باستخفاف
حينها نادت هديل من الأعلى وهي تنزل
: يممــاه
: هه استلمي , خيير
دخلت الى الغرفة وهي تمدّ الأحرف بكسل
: جوعانة
: روحي سوي لك صمونة وجبنة , تبيني اقوم اطبخ لك يعني
جلست وقالت لرتيل برجاء
: رتيل جوعانة
: مالي شغل , اشتهيت القشد وسويته والحين بطلع اذاكر , اظن تدلّين المطبخ والثلاجة
صرخت معترضة
: رتيييل
قالت ام علي وهي تبحث عن شيءٍ ترميها به
: صصوتك ووجع
قالت ام وليد
: عايشة صايرة ما تتحملين شي ابد ! ما اخبرك عصبية وبالك ضيّق
زفرت وهي تقول بتعب
: ما خلّوا فينا بال وسيع والله – التفتت الى ابنتها – ملاك نامت ؟
هزّت رأسها نفيًا
: ولا راضية تفصخ العباية حتّى
زفرت ام علي بضيق
: لا حول ولا قوّة الّا بالله , البنت جنّت وقعدت
قالت ام وليد بنبرةٍ مبطنّةٍ بالوعيد
: انا اللي بعقلها
قالت ام علي بهدوء
: تعوّذي من ابليس , لا تهبلون بالبنت انتي وولدك المطيور
: مالي شغل في وليد , لكنّها تعدّت حدودها وما راح اقضي الباقي من عمري اداريها واراعيها , لازم تفهم انّي امها وشاءت ام ابت تحترمني ولا تتعدّى علي
قالت رتيل بلطف
: اعذريني يا خالتي بس المحبّة والاحترام ما يجون غصب , ينفرضون على الشخص من تصرفاتنا معاه
: يا رتيل يا امّي انا من شفتها وانا اداريها وادلعها واسكت عن تطاولها , لين نست نفسها خلاص , وما اقول لك برفع لها عصا واقول لها احترميني , انا بعرف اتصرف معها
رفعت كتفيها
: انتي ابخص , بس تكفين شوي شوي عليها , ترى صدمتها في وليد اكبر منها , وليد بالنسبة لها الاثنين وعشرين سنة اللي عاشتهم , والاوكسجين اللي تعيش عليه , والنبض اللي تصحى وتنام فيه !
أومأت بصمت
بعد دقائقٍ نهضت
: يلا انا بطلع انام , هديل حبيبتي وين بتنامين اليوم ؟
قالت ام علي
: لا تشيلين همّها , تنام عندي ولا عند اختها , اطلعي نامي حبيبتي
: طيّب , تصبحون على خير
صعدت ودخلت الى غرفة هديل
فزّت ملاك واقفة , تجاهلتها وأقفلت الباب , وسحبت المفتاح !
قالت ملاك بحدّةٍ متوترة
: ما تقدرين تحبسيني
قالت ببرود
: لا تصدعيني صاحية من بدري وبنام , تبين تنامين اهلًا وسهلًا , ما تبين انتي حرّة
هربت ملاك الى زاوية الغرفة , ايضًا تجاهلتها
صلّت الوتر , ثم استلقت على السرير
جلست ملاك على ركبتيها لتبكي بضعف
قال بخفوت وأنين
: والله حرام اللي تسوينه فيني , لا تحبسيني , مو كافي اخوي اللي كرهني بسببك
استعدلت ام وليد في جلستها
لتقول بجمود
: يا بنت افهمي , دخلي هالكلام في راسك , انا امممك ماني عدوتك – أشارت الى بطنها بقهر – طلعتي من هنا ما شريتك من السوق , من دمّي ولحمي , شلون اضرّك او اخلّي وليد يكرهك ؟ انتي واعية يوم تقولين كلامك ذا
: طيب خليني اطلع
قالت بحدّة
: مالك طلعة , لين تستوعبين كلامي , استوعبي وحطّي عقلك في راسك عشان لا احطّه بالقوّة
انفجرت باكية
ولم تلتفت اليها والدتها
رغم قلبها الذي يتفتت ببكائها !
,
,
الى الملتقى
,
*اللهم انّي ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب الّا انت , فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني انّك انت الغفور الرحيم*
,



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-01-15, 04:00 AM   #59

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
البارت الأربعون
,

,
المملكة العربية السعودية – الرياض
التاسعة مساءً
مدّت له بزجاجة العودِ المعتق وهي تبتسم وتقول بصدق
: الله يبلغني فيك معرس وأجهزك واعطرك بنفسي
ابتسم وهو يمرر عصا الزجاجة الصغيرة على اماكن النبض
لكزته مؤنبة
: قل آمين
ضحك رغمًا عنه
: آمين يا يمه آمين
دخلت تهاني لتستعجله
: عزوزي البابا يقول انزل بسرعة
خرج من الغرفة ليجد غالية أمامه
ابتسمت وهي تبخره وتتمتم
: قل اعوذ برب الفلق , بدر ليلة تمامه الله يحفظك , الله يبلغنا ونشوفك معرس
قال ساخرًا
: تلاحظين انّ كلامك كبير عليك , ما تحسّين انّك عجوز !
ضحكت لتقول
: ام زوجي مأثرة علي حيل
ابتسم وقبل ان يرد دخل بندر الصغير بثوبه
: خالو , جدّي يقول وينك يا اثول
انفجروا ضاحكين , لتؤنبه تهاني
: ولد عيب تقول لخالك كذا
رفع كتفيه
: جدّي يقوله
مدّ عبد العزيز بكفّه الى بندر الصغير
: يلا تعال ننزل
اختفى من امامهن , لتقول ام بندر بصدق
: يارب تحفظه وتتمم الأمور على خير
أمّنت غالية , وقالت تهاني بارتباك
: والله ان درى عن اللي في بالكم ان يقلب الدنيا عليكم , ويمكن يهج لبريطانيا , هذاني علمتكم
نهرتها والدتها
: الله يكفيني شرّ لسانك , انقلعي للمطبخ ولا يكثر
تأففت وهي تذهب الى المطبخ وتتمتم
: ما يعجبك اللي يقول كلمة الحق
مسحت غالية على كتفِ والدتها
: ما عليك منها بزر , انتي توكّلي على الله بس والله يكتب اللي فيه خير
زفرت وهي تقول
: ونعم بالله
,
دخل الى المجلس ليسلّم على عمومته وأبنائهم
حتى وصل الى رجلٍ ابتسم بحنو
ازدرد ريقه ولمعت عيناه
قال بخفوت
: حيّاك الله
عانقه الرجل بمحبّة
: الحمد لله على السلامة ابوي
قال ببحة
: الله يسلمك عمّي , شلونك , عساكم بخير
قال ابو عمر بهدوء
: الحمد لله يا ابوي , انا بخير والكل بخير
ابتسم وهو يبتعد عنه , ليجلس بجانب والده
امسك والده بكفّه وقال بهدوء
: تغيّر كثير صح ؟
قال ببحةٍ عميقة
: ليش عزمته !
شدّ والده على كفّه
: ما راح تهرب منّه طول عمرك , انت بديت حياة جديدة من يوم اللي سافرت تدرس برّى , كمّل اللي بديته , هروبك منّه ما له مبرر اساسًا !
أغمض عينيه ليجمع شتاته التي بعثرتها رؤية أبي عمر
الرجل الطيّب
ذو الابتسامةِ الرقيقة
هتف قلبه
" الصبر يارب , الصبر ! "
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الحادية عشرة صباحًا
ارتشف من قهوته وأنزل الفنجان بملل
: والله انت نفسية , جمعة شباب والرجال استسمح منّك , بس قلبك اسود
تجاهله وهو يعبث بهاتفه
رماه بالوسادةِ الثقيلة
: من اكلم انا ؟
رفع رأسه وعقد حاجبيه
: تراني بقوم ادفنك
تجاهله وهو يلتفت الى جدته
: يمّه عقلي ولدك , فشلنا مع الناس امس , لين رجعنا البيت وهو ما ضحك ولا ابتسم حتّى
قالت غير مبالية
: وش الجديد , من يومه مفشلنا
انفجر مالك ضاحكًا
قال سلطان وقد اعتدل في جلسته
: افا بس , ليه يمه !
قال مالك
: وش مسوي لها ومزعلها
قالت بتصريح لا جدال ولا نقاش بعده
: وبضل زعلانة طول ماهو معاندني ولا هو راضي يتعوّذ من ابليس
قال سلطان بجديّة
: وش عاندتك فيه ؟ انتي لو تطلبين روحي ترخص لك
قالت بحدّة
: تتزوج
تغيّرت ملامحه , وبدأ يغضب
شدّ مالك على كتفه , وقال بهدوء
: يمه وش لك بذي السالفة ! الزواج ماهو غصب , تبين تفرحين هذا حنّا وش كثرنا ما شالله , سالم خاطب وعرسه قريب وحسن بيخلص امور وظيفته ويتزوج وسعود مملك وبيتزوج , وانا ان شالله اضبط وضعي وبجيك واقول لك اخطبي لي , هو حر متى ما بغى بيجيك
قالت بحدّة
: لا تتدخل انت , هذاني اقول لك يا سلطان , انا بمهلك فترة ان ما طاح اللي براسك والله بتشوف منّي شيٍّ ما يسرك , جاك العلم يا ولد مساعد
لم يسيطر على نفسه ليرمي هاتفه على الحائط بقوّة
واتبعه بفنجان القهوة
جفلت جدّته بصدمة
صرخ بغضب
: وش تبون منّي ! ماني متزوّج لو تجيبين لي حورية
نهض من مكانه ورفس آنية الماء الزجاجية
صرخ به مالك
: وش جاك تعوّذ من ابليس
قال وقد بُحّ صوته
: تبين تجيبين لي بنت شوارع ما ادري وش تسوي من ورى ظهري اضفها في بيتي ؟؟ تبين تكسرين ظهري
بكت الجدّة ليدفعه مالك بقوّة , ويهتف بغضب
: بس يا تبن , انقلع برّى نعنبو هالوجه
خرج وهو غاضبٌ حانق يكادُ ينسف المنزل بمن فيه
تحرق قلبه في كلّ مرّة تذكر له الزواج
تعيده الى فترةٍ يودّ لو ينفيها من ذاكرته
تصرّ على ايلامه
شعر بيدينِ من حديد تحيطان بقلبه الهزِل
كفاكِ يا جدّتي ارجوكِ
ألن تكفّي حتى تري قلبي جثّة امامك !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
العاشرة والنصف صباحًا
غيّرت ثوبها ولبست غطاء شعرها العريض
تعطرت برائحةِ العود العبقة
القت نظرةً أخيرة على المتكومةِ في طرف الغرفة
بعباءتها وحجابها , وتعانق حقيبتها الصغيرة
زفرت بهمٍّ وخرجت من الغرفة
مرّت بغرفةِ شقيقتها وطرقت الباب بخفّة
جاء صوتها
: تفضل
فتحت الباب بهدوء واطلّت برأسها مبتسمة
: صبحك الله بالخير
ابتسمت
: الله يصبحك بالرضى , حيّاك
: تعالي ننزل , البنات والشباب ما قاموا ؟
: رتيل راحت للمستشفى ودّاها علي وراح لدوامه , وتركي نايم ما داوم اليوم , ووليد وهديل تحت , ملاك وين ؟
قالت بهدوء
: نايمة , انا بنزل وانتي الحقينا
هزّت رأسها بصمت , لتخرج ام وليد وتنزل الى الأسفل
ابتسمت وهي تراهما مستلقيان امام التلفاز
: صباح الخير
نهض وليد ليقبّل رأسها
: صباح النور يا عمري , رجعت متأخر امس ولا لقيتك
: ايه طلعت نمت
هزّ رأسه بصمتٍ وبلع سؤاله عنها
قالت هديل بسخرية
: عادي اسأل السؤال اللي من الصبح يقرقع بقلبك , ما هنا غريب
قال ببرود
: أي سؤال
قالت ببرودٍ مماثل
: امس سألت امّي عن خالتي ولا قدرت تسأله , ومن شوي سألتني عن خالتي ولا قدرت تسأله , والحين صبّحت على خالتي ولا قدرت تسأله
تجاهلها وهو ينظر الى التلفاز
قالت ضاحكة
: خلّك محد بيقول لك شي لين تسأل
,
خرجت من غرفتها الى غرفةِ هديل
شعرت بنغزةٍ في قلبها من منظرِ ملاك
اقتربت لتهزها برفق
: يمّه ملاك
فزّت بشهقة
لتربت عليها بعطف
: بسم الله عليك يا امّي , قومي حبيبتي قومي نامي على السرير اريح لك
قالت بوجوم
: ماني نعسانة
: طيب يمه انزلي معي نفطر وتشربين شي يرد عافيتك , وجهك تعبان
نفضت نفسها من خالتها
: ما ابي شي
قالت ام علي باختناق
: ليش تسوين في نفسك كذا ؟ لا توجعيني فيك يا امّي , كافيني هم رتيل
قالت بجمود
: محد طلب منّك تشيلين همّي
: الأم يا يمّه ما تشيل هم عيالها باختيارها
قالت بهدوء
: لا انا ولا رتيل من عيالك
: انتي بنت اختي والخالة ام , ربّيتك وعشت عمري كلّه حسبة امّك , ورتيل بنتي , انا مرضعتها ومربيتها
قالت متضايقة
: اتركيني لحالي خالتي
: تكفين يا ملاك لا تعورين قلبي , قومي معي ماما , قومي حبيبتي
أجبرتها لتنهض
سحبت عنها عباءتها ومدّت لها لبسها البيتي
قالت بتعب
: وعلي وتركي
: ماهم فيه حبيبتي , البسي يلا بنتظرك عند الباب
خرجت لتنتظرها دقيقتان , حتى خرجت تجرّ جسدها عنوَة
مجبرةٌ على ان تساير خالتها
والّا ماتت همًّا !
نزلتا ودخلتا الى غرفة الجلوس
ارتاحت ام وليد لرؤية ملاك
قالت هديل بابتسامةٍ لطيفة
: صبّحهم بالخير
أشاحت ملاك ببصرها عن وليد بخوف
نظرَ اليها مطوّلًا
حتى نهض من مكانه وهو يقول باشمئزاز
: انا بفطر بأي زفت
قالت والدته
: ليش يمّه ! الحين نحط الفطور ونفطر سوى
قال بهدوء
: عليكم بالعافية
قالت هديل
: خذنا معك انا وملاك
ضحك بسخرية , وخرج
قالت هديل بعصبيّة
: وش قصده ذا ؟ وش حركات المراهقين هذه
قالت خالتها
: اتركيه
التفتت اليها وهي تتمالك أعصابها
: يعني جد هذه قلّة احترام لك ولأمي ولملاك , وش سوّت له ملاك عشان يسوي فيها كذا ؟ كان مسوي حنين وطيّب ويحبها ويداريها , في الأخير على اوّل غلطة تغلطها معه بحياتها يضربها ويقاطعها ويحتقرها ويهينها قدامنا كلنا ! ليش ان شالله ! يعني جد حسيت انّه منافق كان يهتم فيها ويوم رجعتي انتي خلاص ما عاد له شغل فيها
بكت ملاك مقهورة
ووجعٌ يدكّ قلبها بعنفٍ أكبر مع كلماتِ ابنةِ خالتها
ظننتني أعرفك تمامًا يا أخي , لم اعلم انّي اجهلك تمامًا
كان يجب ان اتوقع قسوةً منك
عقِب جنونك ضدّ والدك واقربائك
لم اضع نفسي يومًا في دائرةِ حقدك
لم اتصوّر ان يطولني يومًا !
اقتربت خالتها لتعانقها لكنّ هديل منعتها لتعانقها هي , وهي تقول بقوّة
: بس لا تبكين , لا يأثر فيك الحقير ذا , الله لا يحوجك له ولا يجعل حاجتك عنده
نهرتها والدتها
: لا تقوّين باسها على اخوها
التفتت الى والدتها وهي تقول بتهديد
: انا بكلم فهد يجبر عمّي ياخذ وصايتها...
قاطعها وليد بغضبٍ جم
: اقسم بالله يا هديل لو ما سكتّي ان لسانك اقطعه
سخرت منه
: بتتفرعن علي يعني ؟ نسيت نفسك انت ! ناسي عمّي واخواني وامّي ؟! يا حبيبي جنونك اللي تطلعه على ملاك ماهو علي
اقترب منها بغضب لتقفَ خالته في وجهه بحزم
: لا تنسى نفسك , ما اسمح لك ابدًا تمد ايدك على بنتي
قال بغضب
: خل تقوم معي بنت اختك
: ليش ان شالله !
: انا حر , وصايتها في ايدي لو بذبحها محد له عندي شي
بكت ام وليد رغمًا عنها
: بس يا وليد , كافي يا امّي , مو كنت بتطلع وش رجّعك ! اترك لي بنتي يا وليد لا توجعني فيها , اطلع يا يمّه اطلع واصرف عنّي شرّك
زفر نارًا تتأجج فيه
وخرج دون ان ينطق حرفًا
ركب السيّارة وظل يضرب كل ما تقع يده عليه
يفرغ الغضب الذي يحرق اوردته
الوضع يتأزم !
حتى هديل التي لم تكن لتجرح حبّها له يومًا في ان تجادله او ترفع صوتها فوق صوته
تقف ضدّه وبشراسةٍ اليوم
خالته غاضبة
ووالدته حزينة
وابنته !
فتاته الصغيرة
التي رعاها وربّتها عيناه المحبّتان
ارشديني يا ملاك
هل أخطئ في حقّك ام انّي على حق !
احتاج مشورتكِ فيكِ
حلّي معضلتي يا اختي !
زفر بقوّة وهو يلعن هاتفه الذي أعاده ليسمع كلماتِ هديل !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
العاشرة والنصف صباحًا
صرخَ به
: ما لك حق تقول لها شي
تأفف وقال
: وش تبيني اسوي طيب ؟ والله لو قعدنا كذا ولا في عمره بيتكلم , والبنت راسها يابس قالت خلّه بالسجن دامك ما تبي تعلمني
قال صقر بغضب
: والله يا ذياب احسّك بزر ما تتأمّن على شي
غضب ذياب
: البزر انت يا حيوان , الحين انا بزر يومْ تركت حياتي وامّي ولاحقك مثل الحمار عشان احمي حضرة جنابك الكسيف ؟ انت تنطم ولا تتكلم ولا كلمة , انا قلت لها عشاني مو عشانك عشان سعد مو عشانك , حقّك ما تبيه طز فيك , احنا نبي حقنا
رمقه بطرف عينه , ثم انفجر ضاحكًا
قال باستخفاف
: قايلها انا بزر
رفع ذياب حاجبه مغتاضًا
: ما في كرامة ابد !
ضحك صقر وهو يرفع حاجبيه ويرد بصوت من بين اسنانه يفيد النفي
شربا قهوتهما بصمت
ثم نهض صقر
قال ذياب بجمود
: على وين ؟
: شعنده المدام ! رايح لبيت اهلي ليش تبي شي ؟
قال ببرود
: انقلع
سار من جانبه , ليقول ذياب بهدوء
: صقر
التفت اليه وهمهم
لم ينظر اليه ذياب , وقال بهدوء
: تعرفني اذا عصبت...
قاطعه صقر بضحكةٍ عميقة
ثم ربتَ على كتفه وخرج
دخل الى المنزل , بحث في الطابقِ الأوّل ولم يجد أحدًا
صعدَ الدرج ببطئ
اقترب من غرفةِ شقيقته
لكنّه توقّف قبل ان يطرق الباب
وقع بصره على الباب الذي بجوارها
ازدرد ريقه
واقترب من الباب الآخر متجاهلًا غرفة شقيقته
فتح الغرفة بهدوءٍ شديد
اكتسحته رجفةٌ عميقة
شعر انّ الأرض تدور من تحته , وتعيده تسعةَ أعوامٍ الى الوراء
الأثاث ذاته
صورةُ الصحراءِ القاحلة أعلى السرير في مكانها
ثوبه الذي خلعه ذلك الصباح وعلقه خلف الباب
لا يزال في مكانه ! وبجواره ثوبٌ لها
اقترب من خزانة الملابس بارتجافٍ ليفتحها
أغمض عينيه بقوّة , وقلبه يعنف قفصه الصدري من شدّة نبضاته
قفزت دمعتا ضعفٍ الى مقلتيه
احمّرت منهما عينيه
احتبستا ولم تنزلان , عاندتاه , وتكبّرتا على انهزامه
يا الله !
تسعةُ أعوامٍ والثياب مطبقةٌ ومعطرةٌ ومرتبة , بجانبِ ثيابها !
تراجع ليجلس على السرير بانهزام
حاوط رأسه بكفّيه
والتنفس يستعصي عليه
ياهٍ يا فتاتي !
في كلّ يومٍ يمر , تتجلى بشاعتي لي أكثر
ويتضح لي قبحي بدقة أكبر !
استطيع رؤية وجعكِ وخذلانك في كلّ شيءٍ حولي
في نظرة والدَيّ
وحقد عبد الله
وانكسار داليا
في ترتيب أواني المطبخ
ورائحة دهن العود الذي يُعَطّر به مجلس الضيوف
في غرفتي هذه !
وفي عينيّ اذا ابصرتهما في المرآة !
شعر بحركةٍ خارج الغرفة
نهض بتثاقلٍ , وهمّ بالخروج
لتباغته داليا بدخولها , وفي عينيها صدمة
حين رأته تراخى كتفيها
رفعت حاجبها الأيمن بحدّة
: وش تسوي بغرفة رتيل ؟
ابتسم بحزن , وقال بخفوت
: غرفتي اذا ناسية !
قالت بقوّة
: غرفة رتيل يا استاذ , انت من رجعت ونومتك في الصالة , الغرفة لرتيل واغراض رتيل فيها , واكيد بيجي يوم ترجع لها
خرج من الغرفةِ بصمت
لتتبعه داليا
التفت اليها ليقول بهدوء
: وش مصحيك ؟
قالت بعصبيّةٍ وكأنّها تذكرت امرًا
: اخوك النذل ما ادري وينه فيه , محرصة عليه ما يتأخّر علي
: وش عندك ؟
قالت متأففة
: ميداني , لازم اداوم في المستشفى
: طيب تعالي اوصلك انا
رفعت رأسها بسرعة
: تقدر ؟
ضحك بخفوت
: ليش ما اقدر ! يلا تعالي
رفعت الهاتف الى اذنها
: بقول لعبد الله
اتكئ صقر بكتفه الى الحائط
ردّ عبد الله باستعجال
: والله ماسكتني زحمة , بس افك منها اوصل اوراق للبريد واجيك
قالت ساخرة
: خذ راحتك حبيبي انا بروح مع صقر
قال بغضب
: اذبحك ان رحتي معه
قالت بصدمة
: ليه !
صرخ بها
: رتيل معك في المستشفى , لا يشوفها وتصير سالفة
صمتت لثوانٍ تفكّر , ثم قالت بهدوء
: ما عليك بحل زين , لازم اروح الحين
أغلقت الهاتف
رفعَ صقر حاجبه بسخرية
: ما يبيك تروحين معي ! وش الجنون اللي وصل له اخوك ؟
ضحكت وهي تتقدمه
: لا مو كذا , بس يقول طلعتيني من الدوام ومسكتني الزحمة وفي النهاية ما اجيك
همهم ببرود , ودّ صفعها على كذبها التافه
لكنّه تجاهلها
ركبت بجانبه , وظلّت تثرثر حتى وصلا
التفت اليها قبل ان تنزل
: اقول داليا
: هلا !
: رتيل اليوم تطبّق ؟
التفتت اليه بصدمة
قالت ببطئ
: وش تطبّق ؟
قال ببساطة
: تمريض
قالت بدهشة
: وش درّاك انها تمريض ؟
ابتسم بهدوء
: ما تلاحظين انّي جبتك بدون لا اسألك وش اسم المستشفى ؟
صمتت لثوانٍ طويلة لتستوعب
حتى اتسعت عيناها بصدمةٍ عنيفة
قالت بلا تصديق
: وش قصدك !
زفر وهو يشيح ببصره عنه
: انزلي داليا لا تتأخرين اكثر
امسكت بذراعه وهي تقول باختناق
: صقر وش قصدك
التفت اليها وفي عينيه حديثٌ عميق
حديثٌ لم تفهم منه حرفًا
حديثٌ موجوع , ثملٌ بالأسقام والخيبة
قال بنبرةٍ مهتزّة , لأوّل مرةٍ تسمعها منه
: انزلي داليا
نزلت دون ان تنبس ببنت شفة
أغلقت الباب وظلّت تنظرُ اليه
فتح نافذة السيارة
: بابا ادخلي داخل بمشي
هزّت رأسها بغير وعي , ودخلت الى المشفى
تسيرُ بغيرِ هدىً
اتصدقُ ظنوني يا صقر !
ايصدق ما فهمته من ايحاءاتك يا أخي !
,
,
المملكة المتحدة – تشيلسي
الواحدة مساءً
دخل الى غرفة الجلوس
زفر من مرأى والدته وجدّته
ألقى التحية بخفوت واستلقى بجانبِ والدته , ليريح رأسه في حجرها
قالت ببحّة
: تغديت ؟
: لا , وانتوا ؟
: منتظرينك
: ما اشتهي , تغدّوا عليكم بالعافية
داعبت شعره بحنان
: ليش حبيبي
قبّل كفّها وهو يغمض عينيه
: ما لي نفس والله , ابوي ما رجع ؟
: على وصول
فتح عينيه , لينادي بهدوء
: نانا
التفتت اليه , كانَ وجهها ذابلًا مرهقًا
قال بعطف
: الن يختفي هذا الحزن عن وجهك ؟
زفرت بتعبٍ لتقول
: لستُ حزينةً عزيزي , انا مرهقةٌ فقط
: متى ستحضرين الفتاة ؟
عقدت حاجبيها
: ايةُ فتاة !
قالت ام سعود بارتباك
: يعني خادمةً جديدة
رفع رأسه الى والدته ليقول بهمسٍ حاد
: لين متى ؟
همست برجاء
: تكفى يا سعود مو وقته
: والبنت وين ؟
: في الدار
نهض بانفعال
: حرام عليك تاركتها في الدار , بلاوي واشياء تخوّف تصير هناك , هذا بيت امها وبيت جدّتها , شلون نتركها هناك فهميني !
: سعود حبيبي للحين ما طرينا سيرة البنت لجدّتك , اصبر لين يخف حزنها على بنتها بعدين افتح لها الموضوع
نهض وهو ينهي النقاش
: جدّتي ماهي رافضتها عشان نناقشها في الموضوع , غضبها وطردها لخالتي كان عشان هالبنت اللي ما ادري ليش عندّت ولا رضت تعطيها اياها , الحين تقولين لي اسم الدار بجيب الطفلة
: سعود !
قبّل رأسها , ثم قال بحزم
: يمه الله يرضى عليك , الموضوع منتهي
صمتت لثوانٍ , ثم أخبرته باستسلام
همّ بمغادرةِ الغرفة لتقول جدّته بهدوء
: سآود مالذي يحصل ؟
ابتسم بمحبّة
: لا شيء حبيبتي , سأذهب الى مكانٍ قريب وأعود اليكِ بمفاجأةٍ ستحبّينها
ابتسم ابتسامةً صفراء وصمتت
وخرج هو من المنزل
احضار الطفلة ضروريٌّ الآن
سيغيّر جوّ الكآبةِ الذي يخنقهم
سيجلب شيئًا من المرح , ليلتهوا عن حُزنهم
لينشغلوا بها , حتى لا يتأثروا بسفره مجددًا !
,
,
الممكلة العربية السعودية – الرياض
الثانية مساءً
نهض عن سفرةِ الطعام
لتسأله والدته
: وش بتسوي الحين ؟
رفع كتفيه
: باخذ لي غفوة
قال والده بهدوء
: نبيك بموضوع
عقد حاجبيه ليقول بسخريةٍ مرحة
: الله يستر , دام بناتك متجمّعات اليوم وعندك سالفة لا بالله عيّنا خير
ضحكوا منه , ضحكةً صفراءَ مرتبكة !
قالت شقيقته أميرة بابتسامة
: غسل ايديك وروح للمجلس , بنجيب الشاهي ونلحقك
هزّ رأسه بصمتٍ وذهب
قالت تهاني بهمس
: انا مالي دخل ان سوّى بكم شي , اصلًا بقعد في غرفتي ما ابي اشوف
قالت غالية بعصبيّة
: انتي ما تعرفين تنطمين ! اعوذ بالله من لسانك اللي ما يقول خير ابد
قالت تهاني معترضة
: يبااا
ابتسم والدها
: اتركيها يا غالية
قالت اميرة
: تهّون حبيبتي اجلسي في غرفتك ابرك
قالت بعناد
: والله لا اجي , وبشمت فيكم اذا طربق الدنيا على روسكم
قالت والدتها من بين اسنانها
: سكّت بنتك
رمقها والدها بنظرةٍ جادّة , لتزفر وتصمت
نهضت غالية , وقالت
: قومي معاي نحضّر الشاهي
نهضت معها ودخلتا الى المطبخ
قالت تهاني برجاء
: غالية تكفين كلمي امّي وابوي , والله بيعصب , ما تعرفين عزوز يعني ! يعني شلون ضاقوا عليكم...
قاطعتها غالية بتأفف
: اسكتي , بس اسكتي ما تملّين ! لك سنتين على نفس الموّال , قروشتي روسنا , امي وابوي ماهو طايح اللي براسهم , وبيسوونه يعني يسوونه
ركلت الكرسي بغضب
: وش هالاستبداد , عنز هو ولا ثور عشان تاخذون قراراته عنه ! قسم بالله ان هجّ لبريطانيا حلال فيكم
دخلت اميرة , وقالت بهدوء
: كلمة زايدة وتعرفين وش يصير لك
صمتت وأولتهما ظهرها وهي تزفر بغضب



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-01-15, 04:03 AM   #60

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانيةَ عشرةَ مساءً
أطلّت على المطبخ لتقول
: وش تسوين ؟
التفتت اليها وهي تقول بحيرة
: وش نطبخ للغداء
ابتسمت
: عادي أي شي , لا تشيلين همّه
: طيّب الشباب متى يرجعون ؟
: علي يخلّص على ثنتين ثلاثة , ووليد نفس الشي , ورتيل بعد ساعة يروح تركي يجيبها
أخرجت دجاجتان من البرّادة وهي تقول
: طيّب ليه ملاك وهديل ما يداومون
اقتربت لتساعدها
: ملاك اخذت اجازة على سفرتهم للندن , وهديل جدولها لعب يعني يومين اوف ويوم محاضرة ويوم محاضرتين
ضحكت منها , ثم قالت بهدوء
: ملاك وش تدرس ؟
التفتت اليها وهي تستشعر مرارة لفظها لسؤالها
زفرت ثم قالت
: بغت تدرس طب , وحاربت وكافحت عشان تدخله ووليد رفض , في النهاية دخلت اعلام
عقدت حاجبيها
: ليش رفض !
قالت بسخرية
: لأنّ فهد اخوه درس طب , قال ما نبي شي مشترك بيننا
قالت بصدمة
: لهالدرجة !
قالت ام علي بوجع
: وأكثر يا لطيفة , ولدك مريض , يكره اهله يكره اخوانه يكره ابوه وعمامه , يحقد عليهم لدرجة ما تتصورينها , ملاك من يوم اللي تركتيها ما سمح لها تشاركهم مجلس واحد ولا ركبت مع ابوها بسيارته , تخيلي كان يجمع مصروفه عشان يروحون ويجون بالتكاسي ! لين اشترى سيارة , ملاك ووليد ما اذكر مرّة شاركوا اهلهم نفس السفرة , اكلهم كلّه في المطاعم , ومستحيل يتركها في البيت ويطلع , واذا رجعوا البيت ما ينام الّا اذا قفلت باب غرفتها , واكثر واكثر
نظرت اليها بضياعٍ في مشاعرها
يا حبيبي يا بُني !
أوجعت نفسك وحبست شقيقتك في صومعتك
لأيّ حدٍّ شردّتك بعدي
يا صغير قلبي
كيف لم أحسب تبعاتٍ لرحيلي
كيف لم التفت لأنظرَ اليك
لو كنتُ التفتُّ التفاتةً صغيرة لتراجعت
لعُدتُ اليك
لدهست على كبرياءٍ تافهٍ حطّم عائلتي
شرد ابنيّ الوحيدين
أوجعمها , ولا زالا يتلويَان من تبعاته
موجعٌ ان اكتشف بعدَ هذا العمر انّي لا اصلحُ لأن أكون امًّا
موجعٌ جدًّا ان اكتشف فشلي الذريع
مخزٍ ان أرى قبحي الصريح , الذي تخفّى لأعوامٍ طويلة
يا لتفاهتي , وانا اظنّ انّي الخاسرةُ الوحيدة
كيف سأقابل ربّي بأمانةٍ ضيّعتها
التفتت الى شقيقتها , لتقول باختناقٍ ورعشةٌ في كفّيها
: يا ويلي من الله يا عايشة , وش سوّيت في عيالي , ضيّعتهم !
ربتت ام علي على كتفها بِحُلُم
: ان شالله ما ضيّعتيهم , انتي انجبرتي ما اخترتي , العمر قدّامك تردّينهم لك وتعوضينهم , المسألة مسألة وقت بس
هزّت رأسها بخيبة
: ما توقعت انّي تافهة لهالدرجة , اني سطحيّة وانانية !
: اذكري الله , لا تحاسبين نفسك وانتي مثلك مثلهم انظلمتي !
: كان لازم اتحمّل عشانهم , ان ما تحملت ما استحق اسم الامومة اللي شايلته من ثلاثين سنة , انا ما استاهل اكون ام !
دخلت هديل لتصمتان
اقتربت هديل بقلق
: خالتي تبكين !
ابتسمت بوجع
: البصل امّك تقطعه عندي وعيوني حسّاسة
ظلّت تنظرُ اليها بصمت , ثم ابتسمت بهدوء
: اساعدكم بشي ؟
قالت والدتها ساخرة
: ما شالله من وين طالعة الشمس اليوم !
ضحكت
: عشان ملاك رجعت , وحرام رتيل عندها اختبار اليوم وتعبت كثير بالمذاكرة , بفرحها بشي كذا
قالت ام علي
: حدّك تغسلين خضار وتقطعيه
اعترضت
: يممّه وش شايفتني يعني ! بتطيحيني من عين خالتي
أحاطت ام وليد كتفيّ هديل بذراعها
: ما عليك من امّك , الأمْ ما لها شهادة في بنتها , تعالي ساعديني , بقول لك تتبيلة للدجاج تبّليه وحطّيه في الفرن
قفزت بحماس
قالت ام علي مبتسمة
: اجَل نادي ملاك لا تقعد بلحالها
: نفسية ما تبي تجي
تركت ام علي ما في يدها
: انا بناديها
ذهبت الى غرفة الجلوس , وقالت بحزم
: بدون أي كلمة قومي معاي للمطبخ
قالت ببحّة
: ما ابي خالتي
: قومي ملاك , ضيفة شرف يعني ما تبين تقومين معانا !
ضحكت رغمًا عنها
: والله !
ابتسمت ام علي
: يلا يمّه قومي , وهذه هديل بتطبخ اليوم , تعالي يمكن يطلع منّك شي انتي بعد
نهضت بتكاسل
وقبل ان تخرج من الغرفة قالت برجاء
: تكفين لا تجبريني عليها , بساعدك انتي , لا تحطّوني في مواقف توجعني ولا بتساعد الوضع بشي
أشارت ام علي الى عينيها بعطف
: حاضر , بس توعديني وعد
: شنو !
: ما تحاولين تأذينها في أي كلمة او تصرف , واعطي لنفسك حق انّك تتقبلينها وتتآلفين معاها
زفرت , ثم هزّت رأسها ايجابًا
: طيب
سارتا الى المطبخ
ابتسمت ام علي
: انا وملاك بنشتغل سوى , وانتي وهديل اطبخوا سوى , ونشوف من اكلهم احلى
قالت هديل وعينيها تلمعانِ بحماس
: الله والله فكرة ! ليت رتيل معانا , عاد رتيل لحالها فريق وتهزمنا كلّنا
صرخن ثلاثتهن
: قولي ما شالله
تراجعت بصدمة , ثم قالت بانفعال
: بنضل اختي يعني , تف تف ما شالله
قالت ام علي
: قل اعوذُ بربِ الفلق , ان صار لها شي بغسلها بدمّك
قالت هديل بصدمة
: يما من بنتك انا ولا هي !
التفتت اليها ام علي وقالت ببطئ
: وش قلتي ؟؟
تراجعت وهي تقول بخوفٍ ابله
: ولا شي والله , قسم بالله ولا شي
ضحكت رغمًا عنها وأولتها ظهرها
اقتربت ملاك من خالتها وقالت بخفوت
: وش اسوي ؟
: نقعي خمس اكواب رز , بعدين تعالي قطعي الخضار
قالت وهي تُخرج كيس الأرز
: خضار حق ايش ؟
: بتسوين رز بالخضار ان شالله
ضحكت رغمًا عنها
: انا !
: ايه وش فيك اجل ناقصة يدْ ولا رجل ! هديلوه بتسوي دجاج مرّة وحدة
قالت هديل وهي ترفعُ احدَ حاجبيها
: يعني انا اللي ناقصني ايد ولا رجل ! بعدين لحظة انا وملاك بنسوي الأكل انتوا وش بتسوون !
سمعن حمحةَ تركي , اختبئت ملاك خلف بابِ المطبخ , وقالت ام علي
: تعال
اقترب ليطلّ على المطبخ , قال بصوتٍ بُحّ من النوم
: صباح الخير
ابتسمت ام علي
: صباح النور حبيبي , تبي فطور ؟
حكّ رأسه بكسل
: لا ما له داعي اذا الغدا ماهو مطوّل
: يبيله ساعة ان شالله , يعني تجيب رتيل تلقاه جاهز
التفت الى هديل
: وش تسوين بالمطبخ انتي !
قفزت اليه
: بطبخ بتعلمني خالتي , انا وملاك بنسوي الأكل اليوم
رفعَ حاجبه
: انتي وملاك ! اجل انا بجيب غداي من برّا اصرف
دفعته بغيض
: انقلع منت كفو
ضحك ببرودٍ وابتعد
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الحاديةَ عَشرة وخمسٌ وأربعون دقيقة صباحًا
دخلت الى غرفة الاستراحة وهي تُنزل النقاب عن وجهها
رمت الملف على الأريكة ورمت بجسدها بجانبه
بعد ثوانٍ دخلت الأخرى وهي غيرُ منتبهة
نظرت اليها باستغراب
: انتي وش فيك اليوم ؟
لم تجبها
نادتها بصوتٍ عالٍ
: داليا !
التفتت اليها بانتباه
: هلا !
: وش صاير لك اليوم ! كلّش مو على بعضك
زفرت زفرةً طويلة , ثم قالت بهدوء
: ما في شي
اقتربت منها بقلق
: تكلمي وش صاير لك
: قلت لك ولا شي !
غضبت منها وهي تلوحُ بالملف
: تراني بهفّك بذا
قالت ببحّة
: صقر
جفلت رتيل , ارتعش كفّها وماتت نظرتها
قالت بنبرةٍ مهتزّة
: وش فيه !
هزّت داليا رأسها
: ما فيه شي وش فيك بتموتين علينا ! بس قال لي شي خلّاني افكّر
ارتاح جسدها بعد ان كاد يتمزقُ من شدّها وتقلصها
ازدردت ريقها الذي جف
قالت وقلبها ينبض بشدّةٍ ضعيفة !
قالت ببرودٍ لا يشبه ما تشعر به
قالت بنبرةٍ ميّتة
: ايه , اوكَي
رفعت داليا حاجبها , ثم قالت بسخرية
: ما عاد يهمني , ولا ابيه ولا افكّر فيه ! وآخر همّي وابيه يطلقني !
رفعت كتفيها تتظاهر باللا مبالاة
: يعني ولد عمّي مثله مثل عبد الله بزعل اذا صار له شي شين !
هزّت داليا رأسها ببرود
: ايه
تجاهلتها وهي تشيحُ ببصرها عنها
اقسِمُ انّي اكذب يا داليا
اقسم انني كاذبةٌ بلهاء
عاشقةٌ غبيّة
شوقي يفتت اضلعي
شوقي كبيرٌ على قلبي الهزيل
ذلك الرجل الذي لهُ قدرة احتواء العالم بين كفّيه
يعجز عن احتواء حاجتي
لا اعلم ان كانت حاجتي اكبر من العالم !
ام انّه اكبر بكثيرٍ من ان ينظرَ اليها !
رجلُ قلبي الرجل !
الممتلئ بشيء لا يشبهه احدٌ فيه
لا اعلم من اينَ يأتي صقر بفتنته المُحرجة
الفتنة التي تجعلُ الكونَ يتضاءلُ امامه
لا اعلم من اينَ يأتي صقر بقسوته !
قسوته الجارحة
قسوته ذاتُ المخالبِ الحادّة
لا اعلم الى متى ستبقى تستحضرني يا صقر
لتسحبني من عالمي
الى عالمٍ يحويكَ وحدك
الى عالمٍ لا يحوِي سوى غرورك !
اعتقني يا صقر
اعتقني حبًّا في الله !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
نهض من مكانه كالمقروص
هتف بصدمة
: نـعـم !
قال والده بهدوء
: اجلس , ما خلصت كلامي
قال بفيجعةِ الذي سقطت الدُنْيا بدناءتها على رأسه
: وش بتكمل يبه ! وش تبي تقول بعد ؟
قالت اميرة بحنان
: عزوز اجلس حبيبي , اسمع للآخر
التفت اليها ليصرخ
: وش اسمع اكثر , فيه مصيبة اكبر من اللي قلتوه !
قالت غالية برجاء
: لا تبالغ عاد , لا مصيبة ولا شي , وامر موجود ووارد في كل مكان !
صرخ بجنون وهو يقطع مقدّمة ثوبه بهيجان
: عندي مو وارد , عندي حرام وغلط وعيب ومصيبة وطامّة
قالت والدته ببكاء
: عزيز...
قاطعها بذهول
: انتي تفكرين كذا ؟ شلون طاوعك قلبك ؟ شلون قدرتي تطرين هالفكرة في بالك , انتي امّه ! اممممه اكثر انسانة حبّته في العالم , شلون يممه شلون , شلون يا امي وام بندر
قال والده بحدّة
: لا تحسس امّك انها اجرمت عاد
قال بتهديدٍ شديد
: ولا تفكرون تطرون لي هالسيرة مرّة ثانية , اكثر شي تمنّاه اخوي بحياته تبوني اخذه ببرود ! تبوني اكون دنيئ لدرجة آخذ حليلة اخوي ؟؟ - صرخ بجنون وهي يمسك برأسه – يمكن انّه داخل عليها بعد , قبل زواجهم بأربع ايّام مات , سنين وهو مملك عليها ويبيها , أشّر عليها بايده وطاح على رجلك وقال لك يبه تكفى ابيها , تبيني آخذ زوجة بندر يبه ؟ تبيني اتزوج حليلة بندر ! اصلًا هي لو فكّرت تتزوج انا بروح لأبو عمر وبذبحه ان عطاها – قال بحدّة – فجر لبندر وبس , تحرم على ايّ رجّال بعده
خرج من غرفة المجلس الى غرفته ليستبدل ثيابه بغضبٍ جم
ثم خرج من المنزل
ركِب سيارته وقادها بجنون
وهو يضرب الطارّة بكلّ قوّته حين يسترجع حديثهم البارد
طلبهم الدنيء جدًّا !
رحِمك الله يا بندر
رحمك الله يا شقيقي
رحلت يا بندر ليعبثوا بك من بعدك
احبّوك كثيرًا
ليطعنوك بأشدّ ما تحب
لم مُتّ يا اخي !
لم تركتني ليضعوني وسيلةً لغدرك
مشمئزٌّ من نفسي , اودُّ تغيير جلدي !
اودّ ان تدخل سيارته في غياهب الظلام
ليختفي غدري لكَ عن وجه الأرض
زوجتك !
حبيبتك الوحيدة
الوجه الذي حرّمت على عينيك الاناث من بعده
انثاك التي أبعدتها عن عملها , وعن الزيارات
وعن السير في الطرقات
ووددت كفّ جميع الأبصار عنها
يقترحون ان يتزوجها شقيقك الوحيد
يقترحون ان امسك بيدها , واقبّل جبينها امام مئاتٍ من ازواج الأعين البغيضة
ثم أغلقُ بابًا يضمّني معها في خلوة
شهق من افكاره التي وصلت الى هنا
شعر انّه خائنٌ فعلي
دمعت عينيه من الذي وصلَ اليه عقله
فتحَ ازرار ثوبه وهو يختنق
ويتذكّر موتَ بندر
قاده حُزنه بعيدًا عن طارة القيادة
عن الشارع العام
عن السيارات التي تسير حوله
لينحرف عن المسار ويشهق قبْلَ ان تصطدم السيّارة بعامودِ الإنارة الضخم !
,
,
المملكة المتحدة – لندن
الثانية وخمسة عشر دقيقة مساءً
انتهى من الأوراق الرسمية , وقّع عليها
ووقّع تعهدًا برعاية الطفلة وتحمّل مسؤوليتها كاملة
خرج من مكتب الإدارة الى باحة الدار الخضراء
نظرَ الى الأطفال
وابتسم بعطفٍ حينَ رآها
اقترب ليقول بلطف
: مرحبًا
نظرت اليه لثوانٍ , ثم أشارت الى نفسها بتساؤل
هزّ رأسه ايجابًا بابتسامة
اقتربت بابتسامةٍ مشرقة
ايقظت حداده الذي لم ينتهِ بعد على خالته
ذاتُ الابتسامة !
ذاتُ النظرة
لكنّها لا تشبهها ابدًا
قالت بلطف , وبلكنتها الانجليزية المدلـله
: مرحبًا
نزل ليجلس على ركبةٍ أمامها
داعب شعرها
: كيف حالك
: بخير سيدي
هزّ رأسه نفيًا
: بامكانك مناداتي سعود
عقدت حاجبيها
ليبتسم
: قولي ساود , سيكون اسهل
نطقت اسمه ببطئ وكأنّها تدرب لسانها على نطقه
قال بحنو
: حسنًا صغيرتي , يبدو اننا سنصبح صديقين حميمين
قالت بابتسامة
: لا مانع عندي
: انا قريبك , وسأسطحبكِ معي , عندِي لكِ مفاجأة
رفعت حاجبيها بحماس
: احب المفاجآت
نهض وهو يجاري حماسها
: اذًا هيا بنا , المربية تجمع حاجياتك لا بدّ انها انتهت , لم اسألك هل تناولتي طعامك ؟
: نعم منذ قليل
ابتسم ومدّ لها بكفّه
امسكت بيده وسارت معه
اخذ حقيبتها , وانحنت المربية لتقول متأثرة
: حبيبتي ستذهبين !
قالت بتردد , وهي ترمق سعود بريبة
: الن أعود ابدًا !
قال سعود
: بالتأكيد سأحضرك متى أردتِ لتري صديقاتك والآنسة إنجي
ارتاحت قليلًا , لتودّع المربية والأطفال , وتخرج مع سعود
وضعَ حقيبتها في الخلف , وربط حزامها
وسارَ عائدًا الى تشيلسي
حين انتصف بهما الطريق قالت بملل
: هل سنسير اكثر !
قالت معتذرًا
: انا آسف , المكانُ بعيدٌ قليلًا
: الن تخبرني الى اين نحن ذاهبين ؟
ابتسم
: اخبرتك بأنّها مفاجأة , ستحبينها كثيرًا
ابتسمت وهي ترتاح على مقعدها
قال بعد قليل
: لم تخبريني , ماذا اسميكِ ؟
رفعت كتفيها ببساطة , جعلت ابتسامته تتسع , يبدو انّ الطفلة قد اخذت من عائلتها تفاصيلَ صغيرة , بعيدًا عن الشكل
تشبهه حين يرفع كتفيه ببساطةٍ شديدة , ويرخي حاجبيه , وتميل شفتيه قليلًا الى الجانبِ الأيمن
قالت
: اسمي فيكتوريا , اصدقائي ينادونني فيكي
: اذًا سأناديكِ فيكي
هزّت رأسها موافقة
مرّ الوقتُ وهما يتحدّثان
حتّى ادخل السيارةَ الى المنزل
نزل من السيارة , لتنزل وتسير بجانبه
دخلا الى المنزل
التفت اليها وأشار لها بحركةٍ طفولية ان تصمت
ضحكت بخفوت وهي تغطّي شفتيها بكفّيها الصغيرين
دخل الى غرفة الجلوس وابتسم
: سربرايز !
دخلت خلفه مبتسمة
نهضت رونا وهي تقول بحنان
: أهلًا يا حلوة
رفعت حاجبيها بدهشة
لتقول
: سيدتي رونا !
اقتربت رونا وقبّلتها ما بين عينيها وهي تحبسُ أدمعها
نهضت السيدة جوليا وظلّت تنظرُ اليها بصمت
غرقت عينيها بالدموع
نهضت رونا وقالت بارتباك
: امّي هذه...
قاطعتها بنبرةٍ باكية
: عرفتها !
قال سعود
: نانا اليست جميلة ؟
اقتربت منها وجلست على ركبتيها امامها
قالت بتعب
: مرحبًا
انحنت فكتوريا بلطف
: مرحبًا سيدتي
مدّت السيدة جوليا ذراعيها , وقالت بنبرةٍ مختنقة , وشفتيها متقوستان توشكان على البكاء
: هل تسمحين لي بعناقك ؟
ابتسمت الطفلة وعانقتها
شدّت عليها وهي تغمض عينيها وتكبحُ آهةً طويلة ان تفلت
لم تموتي يا رنا , وابتسامتك على شفتي هذه الصغيرة
لم تموتي بعد , وانتي تسكنين نظرتها ولمعة عينيها
ارغبُ بعناقك يا ابنتي
ارغب بضمّك الى صدري الذي هجرتيه طويلًا
للمرة الأولى ارغب باخباركِ انّي ممتنة لكِ
على هذه الطفلة , التي ابقيتِها لي
شكرًا يا ابنتي , شكرًا بقدر ما افتقدك
شكرًا لأنّك تركتي لي قطعة من قلبك تنبض في حضني
قطعةً ستشاركني حياتي المقبلة
انزعجت الطفلة ورفعت رأسها الى خالتها
اقتربت رونا لتضع كفّها على كتف والدتها
: امّي
ابعدتها بهدوء
نظرت اليها لتقول بصدق
: هل تعلمين كم احبّك !
ابتسمت الطفلة وهي تشتت نظرها
قالت بخجل
: شكرًا لكِ
زفر سعود براحةٍ عميقة
جلس على الأريكة وقال
: فيكي اقتربي لأخبركِ امرًا
اقتربت وجلست بجانبه
: حسنًا يا صغيرة , هذه – أشار الى جدّته المبتسمة – جدتنا انا وانتِ , انا اسميها نانا , هل يناسبكِ ؟
: انّه لطيفٌ جدًّا
هزّ رأسه باستحسان
: حسنًا , وهذه – أشار الى والدته – انها والدتي , تستطيعين مناداتها خالتي , وسنكون سعداء لو ناديتها امّي
قالت بابتسامة
: هل استطيع ؟
قالت رونا بحنان
: بالتأكيد حبيبتي
صمتت لثوانٍ
ثم قالت
: افضّل مناداتها خالتي
حينها دخل ابو سعود
: السلـ... – قطع سلامه وهو ينظرُ اليها , ثم ابتسم – لا بد انكِ فيكتوريا !
قالت بدهشة
: هل تعرفني
ابتسم
: بالتأكيد , كيف حالكِ
: بخير , شكرًا سيدي
قال سعود
: هذا والدي , ناديه عمّي
أشارت له بيدها
: مرحبًا عمّي
اومأ برأسه بلطف
: مرحبًا حلوتي
قالت السيدة جوليا
: ستكونين سعيدةً هنا , اعدك
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثالثة مساءً
كانت تجلس على سريرها , ضامةً رُكبتيها الى صدرها
وفي يدها كوبُ قهوة
شاردةٌ في البخار الذي يتصاعد منه بهدوء وسكينة
تشعر انّها تشبهه
مستسلمة في حبّها لسعود
تستنزف مشاعرها معه
ويلفظها كبخارٍ يتصاعد
حتى يختفي آخر رمقٍ منه
ليتخلص سعود منها
كَكوب القهوة , الذي يفتر ان تخلص من بُخاره !
لن يكون بحاجته بعد ان يخرجه كلّه
سيستغني عنه
أرعبتها الفكرة
هل ستستغني عنّي يا سعود
هل ستتخلص منّي !
هل ستنبذني وتخرجني من حياتِك وكأنّي لم اكن
شعرت بنغزَةٍ في قلبها
انا التي رحلت وهجرت واستغنت وتخلّت
مشتاقة يا حبيبي
مشتاقةٌ يا سعود
اشعر انّي اتهاوى , انّي اضعف
لن اصمد أكثر
لا اظنّ انّ لي قدرة تحمّلٍ ستحويني اكثر
خائفةٌ من ان اعود وترفضني
احتقنت عينيها بالدمع
أمالت رأسها جانبًا بانكسار
دائمًا انا بلهاء
لا افقه سوى الهرب
هربٌ ابله
لو تعلم فقط انّي خشيتُ عليك
خشيتُ عليك من عمومتي
من الغولِ المرعب فارس
تركتك خلفي ليوجعني قلبي على فقدك
لكن لا يُصِيبك مكروهٌ بسببي
لم اتركك لانّي لا افكّر فيك
او لأنّي استغفلك كما اجزم انّك ظننت
احبّك يا سعود
يا رجلي الوحيد
اقسم انّي احبّك
لكنّ خوفِي عليك اكبر من ان اكون انانيةً في حبّك
وان اسحبك معي الى بوابةِ الموت التي تلتهمني وتلتهم عائلتي
سأحرص على ان لا تقترب منها
ان ولجتها يا سعود لن تنجو
لن تفلت من شرّها ومخاطرها
ثقْ بقلبك الذي يخبرك كم احبّك
لم أكن لأتجرأ على المقارنة بينك وبين والدتي
من المخزِ يا سعود وانت تعلم ذلك
ان اقدّم حبّي ونفسي على والدتي
امّي لم تكُن امًّا عادية
على الأقل في نظري !
عجزت يا سعود , عجزت !
لم استطع التخلّي عنها وهي تشارف على الموت
تخطّيت نفسي وحبّي , وتخطيتك
لأراها
ولم اكُن لأخاطر اكثر واعرضك لوحشيتهم السادية
التي بدأت بأبي , ثم بي , والآن خالد
ربّما في الغد فيصل او بندر
او حتّى امي !
يجب ان تعذرني يا سعود
يجب !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
توقفت حَرَكة السير في الشارع
سدّت الطريق ثلاث سيّاراتٍ للشرطة
وسيّارة الاسعاف
عاين الضابط مكان الحادث
وحاوطت الشرطة المكان بالأشرطة الصفراء
اقترب رجلا الاسعاف
نَزعا حِزامه بروية
حملاه ببطئ , ووضعها جسده النازف على السرير الخاص ليدخلاه الى السيّارة
بحث الشرطة في السيّارة عن شيءٍ يدلّهم على عائلته
قال احدهم
: ما في لا جوال ولا بطاقة
لينادي المسعف من داخل الاسعاف
: بطاقته طاحت من جيبه
اخذها الضابط ونظر الى الاسم
مدّها الى الشرطي
: كلّم مركز الأنظمة يطلعون رقم ابوه او احد يصير له
هزّ رأسه بطاعةٍ وابتعد
تحركت الاسعاف , وعاد الضابط الى السيّارة المتضررة ليعاينها بدقّة
,
ردّ على الهاتف بهدوء
: هلا , وعليكم السلام – قال بقلق – ايه نعم ابوه خير ان شالله !
اتسعت محاجره برهبة
انزلق الهاتف من بين اصابعه وارتجف جسده
صرخن الأربعة
: وش فيه
لم يقدر على الحديث
جثت ام بندر على ركبتيها امامه , وهي تقول بضعفٍ شديد , برجاءٍ ذليل
: تكفى طلبتك , وعزّة الله عليك , داخلة على الله ثم عليك , لا تقول عزيز صار له شي , تكففى – صرخت بانهيار – طلبتك يا ابو بندر طلبتك
قفزت تهاني بجنون
: يبه وش صار تكلم
حاوطت اميرة اذنيها وهي تهزّ رأسها برفض , وتقول بارتجاف
: مو عزوز يبه , مو عزوز تكفى
اقتربت غالية وهي تتشبث بآخر حبلٍ للصبر
: يبه وش فيه
قال بانهزام
: اللي اخذ بندر بحادث قدّر لعزيز نفس الحادث
صرخن الأربعة صرخةً واحدة
صرخةً حادّة
" لا " معترضة , رافضة
صرخن بالـ " لا " من أعماقهن التي لم تبرأ من جرحها القديم بعد
الـ " لا " ذاتها التي بُحّت أصواتهن منها في وفاة بندر
خشينها , أصابتهن الرهبة منها
بلعنها , خوفًا من ان تعاندهن وتؤذيهنّ !
قالت تهاني بانهيار
: ما يموت عزوز , ماهو على كيفففه ما يروح اخوي ما يروح , والله ما احللكم ولا اسامحكم , ذبحتوا اخوي , ذبحتوا عزييز
نهض بتثاقل , وهو يهتف بضعف
: لا لا , ما مات , ما يموت ان شالله , في المستشفى الحين
وكأنّه بشّرهن بالجنة
لينهضن بلهفة , يمسحن أدمعهن ويكدن يغشين ضحكًا
قال بضياع
: انا بروح له
على كلمةٍ واحدة هتفن بناته
: نروح معك
قالت ام بندر وهي تعجز عن الوقوف
: يا ربي يا حبيبي طالبتك طلبة ما يضر ولدي شي , يا رب لا تجعلني اتمم كلامي ولا تجعل لي وقفة بعد هالجلسة ان كنت كتبت على عزيز شي , يا ربي طلبتك ما يجي ولدي شي , طلبتك يا رب , يا رب انت اللي خلقت امومتي وتعرفها وتعرف فجيعتي في بندر , لا تفجعني بعزيز يا رب , يا كريم يا رب
انحنت اميرة بعطف
: قومي يمّه , قومي نروح للمستشفى , ان شالله ماهو جايّه شي
اتكئت على ابنتها لتنهض , وهي تترنح وتبكي
ولا تلهج بغير
" يا رب ما يجي ولدي شي يا رب "
,
,




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
للكاتبة/, أحلامي, مقلتيك, jooda_

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:43 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.