آخر 10 مشاركات
جددي فيني حياتي باللقاء *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          [تحميل] الثلاثيني الملتحي / للكاتبة عذاري آل شمر ، عراقية ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          رواية واجتاحت ثنايا القلب (1) .. سلسلة ما بين خفقة وإخفاقة (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          واهتز عرش قلبي (1) .. سلسلة الهاربات (الكاتـب : ملك جاسم - )           »          كرزة هليل - قلوب أحلام قصيرة [حصرياً] - للكاتبة:: رانو قنديل*مميزة*كاملة&الرابط (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          1114-قناع من الخداع -سارا وود-دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          مشاعر على حد السيف (121) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : salmanlina - )           »          الإغراء المعذب (172) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 2 سلسلة إغراء فالكونيرى ..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          سارية في البلاط الملكي * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : هديرر - )           »          مصيدة الإبتزاز (77) للكاتبة: جيسيكا ستيل ... كاملة ... (الكاتـب : فراشه وردى - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-01-15, 04:06 AM   #61

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,433
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



المملكة العربية السعودية – الرياض
دخلت الى المنزل بتعب
اقتربت من المطبخ الذي سمعت الأصوات منه
اطلّت برأسها وقالت بخفوت
: السلام عليكم
التفتن اليها جميعًا ورددن مبتسمات
ابتسمت بكسل
: ما شالله وش هالايجابية اليوم
اقتربت هديل لتقبّلها
: عاد اليوم متعطفات ومتكرمات انا وملاك ومسويات الغدا
رفعت حاجبيها بدهشة , نظرت الى امّها
: صدق يمه ؟
هزّت رأسها بابتسامة
ضحكت لتقول
: وش طابخين طيّب
قالت ملاك بحماس , جعلهن يرمقنها بسعادةٍ كبيرة
: انا رز بالخضار وهديل دجاج متبّل في الفرن وخالتي سوّت شوربة ونوعين سلطة و...
صمتت بارتباك
لتتابع هديل دون ان تلتفت اليها
: ايه وخالتي سوّت محشي شكله وريحته يخققون , ايه وما قلت لك ملاك وامي فريق وانا وخالتي فريق
ضحكت رتيل بعمق
: فالينها اليوم , ليتني معكم عاد
قالت ام وليد بضحكة
: بكرَة خلّك لحالك فريق وسوّي الغدا
رفعت كتفيها
: ما عندي مانع , وبكسب صدقوني
دفعتها هديل
: يلا يلا بس , اطلعي غيري وانزلي بنحط الغدا
نظرت ام علي الى ساعة الحائط
: اصبري لين يجي علي , يبيله ربع ساعة وعليها
قالت ام وليد
: ماهو قلتي يرجع على اثنين او ثلاثة ؟
: ايه ينتهي دوامه اثنين او ثلاثة , بس متعودين يجون للغدا ثم يرجعون للدوام
قالت ام وليد باستحسان
: زين ما شالله
قالت رتيل
: يمه يقول تركي وليد ما يرد على جواله ليه
قالت ام وليد بزفرة
: ناسيه هنا
تركت رتيل المطبخ لتمرّ بغرفة الجلوس
: تركي تقول خالتي ناسي جواله
تأفف تركي
: وين بلقاه الحين
رفعت كتفيها , وصعدت الى الأعلى
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
خرجت وهي تتلفت تبحثُ عن شقيقها
همّت بالاقتراب لتلفت نظرها سيارةُ شقيقها الآخر
ظلّت في مكانها تنظرُ اليهما
ويبدو انّهما لم ينتبها الى بعضهما
نزل الاثنان بملل
وناديا بصوتٍ واحد
: اخلصي
انتبها اخيرًا
ضحكت باستخفاف
قال عبد الله
: يلا تعالي
نظرت الى صقر
صمتَ لثوانٍ ثم قال
: ارجعي معاه , انا عندي شغل
ركب السيارة وتركهما
اتجهت الى سيّارة عبد الله
سار عبد الله وهو يسألها
: عسى ما درى عن رتيل ؟
ابتسمت بسخريةٍ مريرة
صمتت لثوانٍ , ثم قالت
: لا , ما درى
التفت اليها
: متأكدة ؟
: ايه
: صوتك ماهو عاجبني , اعرف نبرة مسيلمة الكذّاب ذي
قالت بملل
: اضحك يعني ؟
التفت اليها مستغربًا
: وش فيك ؟
التفتت الى الشارع بضيق
: ولا شي
مد يده ليدير وجهها اليه
قال بجديّة
: صاير شي ؟
قالت بانزعاج
: قلت لك ولا شي , استغفر الله
صمت وتركها
وهو يجزم انّ الأمر يتعلق بصقر
كيف لا , وهو ايضًا يعاني من صقر
مسقومٌ بصقر
متعب بِـ ومن صقر
اخشى ان تصبح مجرد ندبةٍ لحبٍّ كان يملأ قلبي
اخشى ان اتجاوزك يا صقر
اخشى على نفسي ان اتّبع قلبي النافر منك
لا اريدُ ان انتهي منك
لا اريدُ ان ينتهي حبّي العظيم لك
ارغب بشدّة ان تبقى اخي الذي طالما انتظرته
الذي مذ ولدت احببته
لا تجبرني يا صقر على الصدّ
ابقَ فيني يا صقر , لا تنسلخ عن قلبي
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الرابعة مساءً
دخل الى المكتب وابتسم
نهض ذياب وهو يقول بقلّةِ صبر
: بشّر
مدّ بالورقةِ التي في يده الى صقر
امسكها بتوتر
فتحها ليقرأها
أعاد قراءتها ثلاث مرّات
حتى دمعت عينيه
تركها وسجد على الأرض الباردة
قال بهمسٍ يحرق حنجرته
: سبحان ربي الأعلى وبحمده , اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت , سجد وجهي للذي خلقه وصوّره , وشقّ سمعه وبصره , تباركَ الرحمن أحسن الخالقين , اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيمِ سلطانك
مرّت ثوانٍ أخرى بصمت
لم يعلم كيف يشكر الله على كرمه ونعمه
صمت بخشوع , ثم رفع رأسه
ليجد ذياب وسعد ساجدان مثله
نهض وعانق ابي بدر
قال ابو بدر متأثرًا
: الحمد لله رب العالمين , ان شالله عقبال الحُكم العادل اللي يريّح قلبك
نهض سعد وبعده ذياب
فزّ الاثنان وعانقاه بشدّة
ضحك وهو يشدّ عليهما
ثم جلسوا ليقول سعد
: ما شالله تبارك الله بسرعة طلع موعد المحكمة , الصبح كانت جلسة الاستجواب
ارتاح ذياب في جلسته وهو يقرأ ورقة تحديد جلسة المحكمة مرّةً أخرى
ابتسم ابو بدر
: عشان تعرفون معزّتكم , وانّنا كلنا مهتمين بموضوعكم
قال صقر بصدق
: الله يرفع قدرك يا ابو بدر , والله ما اطلع من جميلك
شدّ على يده بمحبّة
: الفضل لله يا صقر
ابتسم بشبه راحة
لن يرتاح حتى ينتهي من راشد
وتعود اليه زهرة قلبه
سعادته ومجمل حياته !
,
,
المملكة العربيّة السعودية – الرياض
الخامسة مساءً
نهض تركي ليفتح الباب
عقد حاجبيه
: وينك للحين انت
قال ببرود
: خذ لي طريق
عاد الى الغرفة
: رتيل اطلعي فوق وليد رجع
نهضت لتنهض ملاك وهديل معها
صعدن الى الأعلى ودخل وليد
: السلام
جلس دون ان ينظرَ لأحد
قالت والدته
: وين كنت يمه
قال بنبرةٍ ميتة
: ادوّر شقة
قالت خالته بحذر
: لإيش الشقة ؟
: ننتقل لها انا وامّي واختي
قالت خالته بصدمة
: بتترك بيتي وتنتقل لشقة !
رفع كتفيه بلا مبالاة
: هذا الطبيعي , تظنين بنعيش عندك للأبد يعني ؟ في النهاية بنتك تتغطى عنّي واختي تتغطّى عن عيالك
قالت بجدّية
: بنتي ما اشتكت , وملاك تكشف وجهها عند عيالي , ما بيضرها حجابها على راسها ان كانوا موجودين , ما ابي لطيفة تطلع وتتركني , كفاية اللي راح من اعمارنا واحنا بعاد
هزّ رأسه نفيًا
: الى الآن ما لقيت شقة مناسبة , لكن بمجرد القى راح ننتقل
قال تركي
: في شي مضايقك ؟
قال علي
: انت ما كنت مفكّر بهالشي قبل
: الّا , اوّل ما تركت بيت ابوي وانتقلت للرياض قلت لكم فترة قصيرة لين القى شقة ننقل لها انا وذيك , والفترة طالت وسافرت للندن ورجعت والبنت راحت لابوها , دامها رجعت وما في شي يعطّل , خلاص ننقل
التفتوا الى ام وليد التي صمتت لثوانٍ , ثم قالت بهدوء
: معاه حق
قالت ام علي متضايقة
: الله يهديك بس , وش اللي معاه حق انتي الثانية
ابتسمت ام وليد وهي تربت على فخذ شقيقتها , ثم التفتت لابنها
: متغدّي وليد ؟
: لا
: احط لك اكل يمّه ؟
: مو مشتهي
صمتت وهي تنظر الى شقيقتها بحزن
قالت ام علي
: ان جاع بيقول لك
زفرت والتفتت الى التفاز
واضحٌ جدًّا كم ستعاني مع هذين الاثنين
كلّ واحدٍ منهما يحتاج قلبًا جديدًا لم يستعمل من قبل , ليتحملَ عنادهما وعنفوانهما
قلبًا يداريهما ويراعي حاجتهما
ليسَ قلبها الهزيل
المتعفنِ من الفراق والبكاء والحزن !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الخامسة وعشرون دقيقة مساءً
اتكأت بتعبٍ الى الجدار
نظرت اليهم بحقد
لم تستطع كبح لسانها , لتقول بغضبٍ منهم
: والله ان صار له شي ما اسامحكم , توّه راجع ما امدانا نشبع منّه ولا من جلسته ودّرتوه وروحتوه مننا ! وش تبون انتم وش تبوون ! لكم سنتين تخططون عليه كأنّكم تنتظرونه يرجع عشان تذبحونه
كانت تتكلم بغضبٍ يدكّ قلبها , وتبكي بحرقة
اقتربت اميرة لتعانقها
: بس حبيبتي , ماهو جايّه شي ان شالله , ادعي له تهاني بدل هالبكي , لا توجعين امّي وابوي زيادة كافيهم اللي فيهم
ربتت غالية على كتفها وهي تحبس بكاءها
: تحسبين هالشي هيّن عليهم ؟ كلامك يزيدهم يا تهاني , فقدوا بندر قبل ورعبهم وخوفهم يتأذى عزيز , هدّي حبيبتي بيقوم بالسلامة يا رب
اجهشت بالبكاء وهي تغطّي وجهها بكفّيها
ستموت حقًّا ان اصابه مكروه
انتظرته لأربعِ اعوامٍ لينتهي من دراسته
ليعود ويكون قريبًا منها
لينام في الغرفة المجاورةِ لغرفتها
لتصبّح على وجهه
لتفطِر معه
لتركب سيّارته ويوصلها الى جامعتها
ليعنفها ان تأخرت عليه
ليسخر من تفاهةِ الفتيات حين تخبره عن احاديثهن
ترغبُ بشدّة ان يعقد حاجبيه بعصبيّة حين تظهرُ فتنةُ عينيها
ترغبُ ان يحطّم رأس اي متطفلٍ ينظرُ اليها
ترغبُ ان تبقى في البيت ويحضر لوازمها
تشتهي شقيقًا كبيرًا
اضافةً الى حبّها الجمِ له
هتف قلبها بتذلل
" احمِه يا رب , لا تحرم عينيه النور , ولا تسلب من قلبه النبض , أعنه يا رب لينهض على قدميه , ارغب بأخي يا رب لا تأخذه منّي "
خرجَ الطبيب بعدَ وقتٍ طويلٍ على قلوبهم
اقتربوا بتثاقل
خوفًا من خبرٍ يرديهم شهداءَ كربٍ لن يحتملوه
قال الأب برجاء
: بشّر
ابتسم بهدوء
: ان شالله ما عليه خطر , شويّة رضوض وجروح تجاوزناها
قالت اميرة وهي تهيؤ نفسها للأسوأ
: ليش تأخرتوا داخل طيب !
قالت غالية
: كمّل دكتور
زفر وقال
: بس...
قاطعته ام بندر بانهيار
: لا يا رب لا
قال الطبيب بتعاطف
: هدّي يا امّي , بسيطة ان شالله , رجله فيها كسر مضاعف وخايفين من النزيف , اسعفناه حاليًا , وطلبنا طبيب متخصص وبأقرب وقت بيكون موجود بإذن الله , ضروري نسوي له عملية , الحمد لله ان عبد العزيز كان رابط حزام الأمان وهذا بعد الله حمى جمجمته وجسمه من الضرر , ارجوكم ترتاحون وتهدّون اعصابكم , عبد العزيز بيكون بخير بإذن الله
بردّة فعلٍ جميعهم تشاركوها
سجدوا حمدًا وشكرًا لله
كانوا خمسة , لكنّهم في الحقيقة كيانٌ واحد
اعتراض وحزنٌ واحد
بكاءٌ واحد
سجدةٌ واحدة
ورفعةُ رأسٍ مطمئنة , واحدة !
قالت غالية وهي تمسح ادمعها
: نقدر نشوفه ؟
: الحين لأ , لأنّه منوّم بمخدر , تقدرون تروحون للبيت وترجعون بكرة الصبح
قالت ام بندر برجاء
: تكفى يا دكتور الله يخليك لشبابك , خلني اشوفه نظرة بس
ظلّ ينظر اليها بصمت
قالت اميرة
: بس امّي تطل عليه , ما راح ترتاح ان ما شافته
زفر باستسلام
: طيّب , تدخلين بس دقيقة والله يخليك ما تتكلمين معاه , لأن ممكن يسمعك وينفعل
هزّت رأسها بلهفة
: ايه ابشر
ابتسم وهو يشير الى احدى الغرف
: طيّب تعالي تعقمك الممرضة
سارت باستعجال وهو تهتف
: الحمد لله , الحمد لله
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الحاديةَ عشرةَ صباحًا
دخل الى المنزلِ بهدوء
اتجه الى المطبخ
قال بخفوت
: السلام عليكم
التفتت اليه بسرعة
هتفت
: سلطان ! وين كنت من امس ؟ من طلعت ما رجعت واتصلت عليك الف مرة ما ترد ومالك دوّر عليك ولا لقاك , خفنا عليك !
اتجه الى برّادة المياه وشرب دون ان يجيبها
اقتربت منه
: انت بخير ؟
قال بهدوء
: بخير , جدّتي وين ؟
: جالسة في غرفتها
هزّ رأسه ايجابًا وذهب الى غرفتها
قال بهدوء
: السلام عليكم
رفعت رأسها لتنظرَ اليه بصمت
على تعاريج وجهها الحبيبة ظهرت خيبتها منه
حُزنها , الذي نثره عليها دون مبالاة
صدّت عنه دون ان تجيبه
اقترب ليقبّل رأسها وهو يزفر بندم
جلس أمامها وقبّل يديها
قال بنبرةٍ رقيقة
: انا آسف يمّه
لم تجبه , وهي تكتم عبراتها في قلبها المكلوم
احنّت أسها بعيدًا عنه
وشفتيها تتقوسان بحزن
وفي عينيها غبنة
غبنةُ الأمّ التي ترعى وتربّي وتبذل
لتجازى بصرخةٍ من احبّ خلقِ الله اليها
قلبت سبحتها بين اصابعها
وهي لا تميز شكل خرزاتها من الدموع التي تسبح في مقلتيها
كَلَيْلٍ طويل , حبّها وعطاؤها
كابدت مآسٍ طويلة وحدها
تنتظر نهاية الليل الذي أبى ان ينجلي
انتظرته طويلًا
ليأتي سلطان قبل بزوغ الفجر الأكبر بثوانٍ
ويحجب نوره قبلَ ان يشرق
قال برجاء
: يمّه
تجاهلته , وقفزت دمعةٌ وحيدة من عينها
تشربها حجابها العريض
أنّت بخفوت , لا يدركُ هذا الطفلُ ذو الشعيرات البيضاء في رأسه ولحيته كم تُكلف عصبيّته
كيف تدكُ حصونًا
وتهدم حياةً
يظنني طفلة او شابّةً يعتذر لي عن قتلي فأتجاوزه !
لستُ والله غاضبةً منك , فأنت قطعةٌ من قلبي
ولستُ حاقدةً عليك
جدّتك يا سلطان حزينة
مكسورة
وانت الذي كسرتها
انت الذي آلمتها , يا احبّ خلق الرحمن لها
سحب كفّيها لتسقط السبحة منهما
قبّلهما وهو يقول بوجعٍ مختنق
: يمّه بالله عليك كلميني , هاوشيني اضربيني , ما على الأرض اعز منّك يا ام مساعد , اموت انا ان زعلتي , طز في كلْ شي دونك يمه , تكفين لا تسكتين , لا تذبحيني كذا يمه
قالت ببحّة
: قوم عنّي
فلتت منه غصّة ليتحشرج صوته ويقبّل كفّها مجددًا
: يمّه
دخلت اروى وصمتت من منظرهما
قالت الجدّة
: قولي له يقوم عنّي يا اروى
قالت بتردد
: سلطان
قال بحدّة
: اطلعي برّى
تراجعت لتقف بجانب الباب
سحبت كفّيها منه وصدّت برفض
قال بغضبِ طفلٍ تقاطعه والدته
: ماني قايم من هنا , لو تبين تكسرين عصاك على راسي ماني قايم
كتّف ذراعيه وظلّ على جلسته ملاصقًا لها
تأففت وهي تبتعد عنه
ليقترب بعناد
صمتت مستسلمةً له
لكنّها رافضةٌ لأن تتحدث اليه
لن تستطيع اصلًا !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
التاسعة صباحًا
جلس مع والدته على طاولةِ المطبخ ليفطر معها
قال بتساؤل
: داليا راحت ؟
: لا بعد شوي , انت وش مصحيك بدري ؟
رفعَ كتفيه
: مدري والله صلّيت الفجر ولا قدرت انام مرّة ثانية , نزلت للرسبشن شربت قهوة جلست شوي قرأت , بعدين قلت اجي افطر معك
قالت بهدوء
: وراه ما تفطر مع زوجتك ؟
رفع حاجبه وابتسم
: وش اعتبر الجملة ذي ؟ طردة ولا تقبّل لمها ولا وش !
قالت بلا مبالاة
: اعتبرها اللي تبي
نزلت داليا وهي تنادي
: يمه
: تعالي انا في المطبخ
دخلت وقبل ان تتحدث صمتت من رؤية صقر
ابتسم وهو يحييها بحاجبيه
اقتربت لتجلس بجانبِ والدتها وتنظرَ اليه
قال بسخرية
: وش شايفة ؟
قالت بخفوت
: شايفة انسان ما اعرفه , ما اسمع الكلام اللي يقوله , اسمع اللي بين الكلام
صمت
قالت والدتها
: وش تبربرين انتي , افطري بس بيجي اخوك يوديك
رفعت رأسها الى صقر بابتسامةٍ غريبة
: ليش ما توديني انت صقر ؟ ما شالله عليك تعرف المستشفى واكيد تعرف الكلية وتعرف قسمي وتعرف كل شي , وانت اخوي وعبد الله اخوي
قال ببرود
: ما عندي مانع , وحاسبي كلامك
نهضت بانفعال
: لمّا تحاسب افعالك يا اخوي , يا كبير , ياللي تركتنا تسع سنين ما ندري وين رحت – قالت بسخريةٍ مريرة – تدري اشك انّك كنت ساكن في البيت اللي ورانا , او البيت اللي نهاية الشارع , او يمكن كنت في بيتنا بس متخفّي , اظن حتّى اختفائك كان لعبة غميضة بس على طريقتك , لأنّ انت لك طريقتك الخاصّة في كل شي , الناس تختفي دقايق وتطلع عشان تضحك , وانت تختفي سنين وتطلع عشان تجرح , يمكن حتى زواجك تمثيلية , كل شي فيك ماهو حقيقي
قال بحدّة
: داليا
قالت والدتها بدهشة
: وش فيك انتي ! تعوذي من الشيطان على ذا الصبح , اعوذ بالله ابليس راكب راسك من صبحية رب العالمين
تركتهما لتصعد وهي تحترق
كاذبٌ بتفوّق
مجرمٌ محترف
يلعب من تحتِ الطاولة
ويتحدث بما بين السطور
لم ولن يكون واضحًا يومًا
اخبرها عبد الله يومًا عن جدّها " ابي راجح "
وانّه ربّى صقر
مذ صغرهم قال الجميع ان صقر نسخةٌ عن جدّها المتوفي
لم تصدق ان شقيقها سيكون نسخة من جدّها
الذي ظنّت انّه شخصيةٌ خيالية
خلقت للروايات والحكايا فقط
نسخةٌ انت من جدّك يا صقر
كلّ ما فيك ايحاءات
لست حقيقيًّا في شيءٍ يا شقيقي الأكبر !
,
,
الى الملتقى
,
*اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق ، والأعمال والأهواء.
اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ، ودعاء لا يُسمع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن علم لا ينفع , أعوذ بك من هؤلاء الأربع *


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 15-02-15, 10:56 AM   #62

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,433
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
البارت الواحد والأربعون
,

,
المملكة العربية السعودية – الرياض
العاشرة صباحًا
اقترب الرجل المسن من الاستقبال
: صبحك الله بالخير
رفع الموظف رأسه وابتسم
: يا هلا صباح النور , بإيش أخدمك ؟
: عبد العزيز العُمر وين غرفته يا ابوي ؟
نظر الى جهازه , ثم الى المُسن وابتسم بلطف
: الدور الثاني غرفة ميتين وعشرة
: مشكور الله يعطيك العافية
صعدوا الى الدور الثاني والى غرفة عبد العزيز
دخلوا لينظر اليهم ببرود
ثم التفت الى الجهةِ الأخرى
اقتربت والدته بلهفة
: حبيبي الحمد لله على سلامتك , وقّفت قلبي عليك يا امّي
قبّلت اميرة جبينه وقالت بحنو
: خوّفتنا عليك
تبعتها غالية ثم قالت
: آخر الطيحات ان شالله
امسك والده بيده وابتسم بهدوء
: لا بأس طهور يبه
قفزت تهاني وأمالت جسدها عليه لتعانقه بشدّة
: حبيبي انت ما تشوف شر , والله خوّفتني علييك
زفر ثم قال ببحة
: تعبان ابي انام
بكت والدته
: ليش يا يمّه تسوّي فيني كذا , الله يحرق ابو السيّارات اللي تاخذ عيالي منّي , ما عاد نبي سيّارة نمشي على رجولنا اسلم
ربت زوجها على كتفها
: استغفري ربّك لا تفاولين على الأوادم
اغمض عبد العزيز عينيه بصمت
همست تهاني بجانبِ اذنه
: اقسم بالله ما طاوعتهم وحذرتهم , انا ما لي دخل فيهم وفي كلامهم
احتدّت نظرته وقال
: اتركوني لو سمحتوا
قال والده بهدوء
: انت تعبان الحين ارتاح , واحنا ما بنطول عندك
: خذها من الآخر يبه , انا متضايق منكم
قالت اميرة
: ما عليه هدّ الحين وارتاح , ولما تطلع بالسلامة نتفاهم
نظر اليها ليقول بنبرةٍ لا يعلم هل يسخر فيها , ام هو غاضب , ام مندهش !
: نتفاهم على ايش ؟ الكلام انتهى بالنسبة لي , ولا تحاولون تكلموني بهالموضوع مرّة ثانية
قالت غالية
: مو وقت هالكلام عزوز , ارتاح حبيبي
صرخ بغضبٍ استحكمه
: وش يعني ؟ وش تقصدون !
قالت والده بحزم
: قلنا ارتاح , لا تحدّنا على كلام يتعبك الحين
شدّ على قبضته
لتمسح والدته على رأسه وهي تبكي بهمس
: بسم الله عليك يمّه , لا تنفعل حبيبي لا تتعب نفسك , كل شي بيكون بخير
نظر اليها بضعف
: ليش يمّه , ليش !
رفع ابو بندر رأسه الى الأعلى بقلّة صبر
ثم قال
: انا بنزل للسيارة , لا تبطون علي
وخرج
لتتبعه غالية بعد ان قبّلت رأسه , وقالت بهدوء
: مو كل شي مثل ما تشوفه , حاول تقرأ اللي بين السطور
أغمض عينيه وهو يزفر
قالت اميرة معتذرة
: انا بعد لازم امشي , العيال يرجعون الظهر وللحين ما طبخت
خرجت بعد ان ودّعته
التفت الى والدته وقال ببحة
: روحي يمّه
: بجلس عندك
: روحي ما علي خوف
زفرت والتفت الى تهاني
: امشي
قبّلت وجنته وقالت بمحبة
: لا تبطي علينا عاد
ظلّ وحيدًا
ليفكّر باستغراب
مالذي بين السطور !
ما هو الذي يجب ان يقرأه !
طرَأ له سعود , ليعضّ على شفته باشتياق
لا يجب ان يعلم سعود عن الحادث
ذاك المجنون سيترك ما بيده ويأتي فورًا !
دخلت الممرضة , لتقول بلطف
: صباح الخير
قال بوجوم
: صباح النور
اقتربت لتتفحصه
ثم قالت وهي تدوّن ملاحظاتها
: ان شالله احسن اليوم ؟
قال بهدوء
: متى اطلع ؟
صمتت لثوانٍ , قبل ان تخبئ وجهها خلف لائحة الملاحظات لتضحك
عقد حاجبيه
: انا قلت شي يضحك ؟
حمحمت , ثم قالت معتذرة
: انا آسفة , ما راح تطلع قريب , منتظرين اختصاصي يجي يكشف عليك ويقرر نوعية العملية اللي تحتاجها , ونسوي لك العملية وترتاح كم يوم , وبعدها تطلع ان شالله
قال بصدمة
: ليه كل ذا !
قالت بلطف
: عندك كسور مضاعفة في ساقك , وامس كانوا خايفين من النزيف لكن سيطرنا عليه الحمد لله
: طيب والجبس كم يطوّل ؟
رفعت كتفيها
: هذا بيحدده الاختصاصي بعد ما يشوف حالتك , تبغى شي ثاني ؟
هزّ رأسه نفيًا , وهو يريح رأسه على الوسادةِ بضيق
قالت بهدوء وهي تغادر الغرفة
: تقوم بالسلامة
فتحَ عينيه وهو يتذكر موضوع عائلته الذي اوصله لهذا الحال
فكّر في نفسه انّه ان اراد التخلّص منهم يجب ان يتزوج
لكن من !
ضحك بسخريةٍ مريرة وهو يفكّر ان يتزوج الممرضة
وضع كفّه على عينيه ليقول بخمول
: لا بالله انهبلت يا عبد العزيز , نام بس نام !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانيةَ عشرةَ مساءً
نزل الدرج بثوبه الأبيض
وهو يقول بزفرة
: حاول تكلّم سعد تسحبه بالكلام , يعني اذا ما لهم نيّه بالرجوع انا اشوف شغل ثاني واسافر
قال الآخر متضايقًا
: يعني يا الله لك الحمد رجعنا لأهلنا وديرتنا ولاهو قاصر علينا شي , ليه تدوّر النكد انت ؟ هذا انت وش زينك ومرتاح...
قاطعه بجمود
: مالك انا ما قلت امش معاي , انا بس ابيك تفهم من سعد وش خطّتهم , عشان اشوف وضعي , انا طلقت السعودية ولا لي رجعة
زفر مالك , ثم قال
: جدّتي واهلك يدرون ؟
: لا , اذا خلّصت كل شي بقول لهم
ظهرت اروى امامه وهي تلومه بنظراتها
صُدِم من وجودها
اولاها ظهره ليهرب من عينيها
دخلت الى غرفةِ جدّتها وهي تبكي
: يمه
قالت بقلق
: وش فيك !
عانقتها بحزن
: سلطان يبي يرجع يسافر
جفلت الجدّة لثوانٍ , ثم قالت بعصبيّة
: من قال لك ؟
: سمعته وهو يكلّم مالك
زفرت الجدّة , ثم قالت بلا مبالاةٍ مفتعلة
: بكيفه
دخل سلطان الى الغرفة وابتسم بهدوء
: افا بس , عادي عندك اسافر !
صدّت عنه
قبّل رأسها وجلس قريبًا منها
نظرت اليه اروى تعاتبه
ازدرد ريقه , ثم ضحك بتصنع
: امداك جيتي علمتيها
بكت اروى برجاء
: تكفى لا تسافر , لا تتركنا مرّة ثانية
زفر ليقول
: اروى وش فيك جهزتي الدوا قبل الفلعة , باقي ما صار شي , ويمكن ما اسافر اصلًا
احنت رأسها لتدسّه بين ركبتيها الملاصقتان لصدرها
التفت الى جدّته التي اشاحت عنه ببصرها
قال بزفرة
: طوّلتي الزعل يا ام سلطان
قالت بانفعال
: تخسي
انفجر ضاحكًا
حتّى اروى الحزينة ضحكت رغمًا عنها
قالت الجدّة بانتقاد
: هذه شوفة النفس وفعايلها , عدّى عيالي كل ابوهم وجعلني امّه
ضحك مجددًا ثم قال
: ما فيها شي , يعني ماني من عيالك انا !
قالت بجمود
: مانت ولدي , انت حفيدي
عقد حاجبيه
: لا لا لا , هذا كلام كبير !
: انا ما عندي ولد يعصيني
زفر وصمت
فكّرت بصورةٍ سريعة
هذا المتهوّر ما دامَ وضعَ الفكرة في رأسه , ربما يسافر غدًا !
يجب ان تباغته قبل انا يباغتها
حمحمت ثم قالت
: اقول سلطان
قال بمحبّة
: لبّيه
: انت شغلك نفس شغل شركة عمّك ناصر ؟
عقد حاجبيه من سؤالها , ولم يتنبأ بما تريده
: أي تقريبًا , ليه ؟
هزّت رأسها بتفكير , ثم قالت
: اجل اسمع , اليوم تروح لعمّك وتتوظف عنده , وبكرة تجي معي نخطب لك
رفع حاجبيه لثوانٍ , ثم ضحك وهو يشيح ببصره عنها
قالت بجديّة
: انا ما امزح
صمت لثوانٍ , ثم قال
: يمه الله يهديك وش هالكلام
ضربت الأرض بعصاها بحزم
: قلت اللي عندي , وان كنت ما تبي وعزّة جلال الله لا اعرفك ولا تعرفني ولا ابي اشوف وجهك ابد
شهقت اروى بصدمة , وصُعِق سلطان من كلماتها
اقترب منها ليتحدث , لكنّها ردعته
: وراك , ما ابي منّك الّا كلمة حاضر , او تعصاني وتقوم تطلع برّى ولا عاد تطب بيتي
الجمته الصدمة
توقّف عقله عن العمل
لم يفهم كلمةً واحدة مما قالت
لم يعد يستطيع فكّ الأحرف ليفهمها
فقد قدرته على النطق
قالت اروى برجاء
: يمه تعوّذي...
قاطعتها بحدّة
: وش قلت ؟
نهض من مكانه دون وعي
وخرج من الغرفة
لتشهق اروى وتتبعه وهي تهتف
: سلطان وقّف تكفى , سلطان وين رايح
سقطت العصا من يدِ الجدّة بضعفٍ وخوف
لم تتوقع ابدًا ان ينهض !
هل يرحلُ حقًا !
لن تعيش الى نهاية اليوم ان فعلها !
حاولت مناداته لكنّها لم تستطع
شعرت بدوارٍ يلفُّ رأسها
ولا زال صوتُ اروى يصلها , باكيًا راجيًا
: سلطان تكفى وقّف انت تدري ما تقصد كلامها , الله يخليك لا تطلع – ضربت فخذيها بانهيار وهو يغلق الباب , جلست ارضًا لتبكي بجنون وتصرخ – وين رايح وين مخليني ويين ! ليش تتركني , ليش تتخلّى عنّي
نهضت الى غرفة جدّتها
ظلّت بجانب الباب تبكي وتتهمها بغضبٍ يعمي بصيرتها عن رجفةِ جدّتها
بغضبٍ لم يتجاوز حدود قلبها
غضبٍ خرج على هيئة نحيبٍ يمسُّ شغاف القلب
بكت وهي تلومها بنحيب
: ليش يمّه سويتي فينا كذا , ليش خليتيه يروح , ليشش يمه ليش , ما تبينه كان تركتيه لي طيّب ! الله يسامحك يمّه الله يسامحك
تركتها وصعدت الى غرفتها وهي لا تصدّق ما حدث
تشعر وكأنّها في كابوسٍ مزعج
لا تريد تصديق ان خوفها في الأيام الماضية
قد تحقق أخيرًا !
لا تخذلني سلطان
لا تخذلني وتهرب مجددًا يا اخي
ارجوك !
,
,
المملكة المتحدة – تشيلسي
الحاديةَ عشرةَ والنصف صباحًا
شعر بهمسٍ ضاحك قريبًا منه
عقد حاجبيه وظلّ على وضعه وهو يرهف السمع
سمع صوتَ جدّته تهمس
: حسنًا اقتربي منه وقرّبي الكوب من انفه , هل تستطيعين ام ستحرقينه ؟
قالت بحماسٍ هامس
: نعم استطيع
اخذت الكوب واقتربت بخفّة
ابتسم وفهم
وضعت الكوب امام انفه وهمست في اذنه
: صباحُ الخير يا صديقي , هيا استيقظ
همهم بتمثيل
رفعت جدّته حاجبها وعلمت انّه مستيقظ
اقتربت وقبّلت وجنته بحب
ارتسم شبح ابتسامةٍ على شفتيه
قالت السيدة جوليا بابتسامة
: حسنًا فيكي يبدو انّه لا يريد الاستيقاظ
قالت وهي تضع الكوب جانبًا وتهزّه برفق
: سآود , الن تستيقظ !
فتح عينيه بكسل وابتسم
: مرحبًا حلوتي
قبّلت وجنته مبتسمة
: هيا انهض , قالت خالتي رونا سنذهب في نزهةٍ عائلية اليوم
عقد حاجبيه ونظر الى جدّته
: حقًا نانا ؟
ابتسمت
: نعم حبيبي سنذهب , ستأتي معنا صح ؟
قال باعتذارٍ لطيف
: اودّ ذلك , لكن لديّ عمل
قالت فكتوريا بخيبة
: لن اذهب اذًا
مسح على شعرها
: يا حلوتي اذهبي واستمتعي , وفي يومٍ آخر سأذهب معكم
دخلَ والديه الى الغرفة , لتقول والدته
: صباح الخير حبيبي
ابتسم
: هلا يمه صباح النور , شلونك اليوم ؟
هزّت رأسها بهدوء
: الحمد لله
قال والده
: عندك شي اليوم ولا تطلع معنا ؟
حكّ رأسه بأسف
: والله ودّي اخاويكم بس الحين بطلع للجامعة اخلص قبل العصر وعلى طول للندن عشان الدوام
قالت والدته
: نخليها يوم ثاني ؟
: لا على ايش , اطلعوا غيروا جو ويوم ثاني نطلع كلنا
قالت فكتوريا
: اتتحدثون الأسبانية ؟ لقد درست الفرنسية ولا تشبه حديثكم !
انفجر سعود ووالده ضحكًا , وابتسمت رونا وهي تمسح على رأسها
: لا حبيبتي , هذه لغتنا العربية
قالت متعجبة
: هل هذه هي العربية ؟
قال سعود
: هل تودّين تعلمها ؟ ام انّك مثل نانا لم ترغب ابدًا في تعلمها
قال ابو سعود بسخرية
: من نحاستها والله
احمّر وجه سعود وهو يكتم ضحكه
ووضعت ام سعود كفّها على فمها لتضحك بهمس
قال سعود وهي يفركُ جبينه حتى لا يضحك
: نانا الن تغيري رأيك في لغتنا ! انّها لطيفة
ابتسمت
: لا اودّ تعلمها , يكفي ان اتحدّث الانجليزية والفرنسية
قالت فكتوريا
: حسنًا بعيدًا عن اللغات , الن تغيّر رأيك ! ارجوك من اجلي
حملها وهو ينهض
: اتمنى يا صغيرة , لكنني اعمل واذهب الى الجامعة لن استطيع !
تأففت ثم قالت
: اذًا نذهب في يومٍ آخر
قبّل وجنتها القطنية
: اذهبي اليوم
رفعت كتفيها
: لا اريد
انزلها وعبث بشعرها
: كما تشائين
قبل ان يخرج من الغرفة سأله والده
: اقول سعود شلون جدّتك ؟
التفت اليه وزفر
: والله مو مكلمها من فترة , انت ما اتصلت عليها ؟
قال بضيق
: والله من زمان ما اتصلت ولا زرتها حتّى , الله يغفر لي مقصّر في حقّها كثير
ابتسم سعود
: سافر معاي نهاية الشهر
: اضبط وضعي واشوف
خرج سعود من الغرفة
رفعت فكتوريا رأسها الى جدّتها متضايقة
: لا احب لغتهم , لا افهم ما يقولونه !
ابتسمت جدّتها
: يجب ان تحبّيها , انّها اللغة التي نزل بها كتاب الله
: ما هو كتاب الله ؟
قال ابو سعود
: هل تعرفين الله فيكي ؟
رفعت كتفيها
: قليلًا , تعلّمت انّه الرب الذي يحمينا ويكون قريبًا منّا اذا احتجناه , وانّه والد سيدنا المسيح...
قاطعتها رونا برجفة
: لا حبيبتي...
قالت السيدة جوليا بهدوء
: على رسلك رونا , ستنفرينها !
مدّ ابو سعود بكفّه اليها
: تعالي لننزل الى الأسفل واحدّثك عن الله – رفع رأسه الى زوجته وامّها مبتسمًا – هل ستنزلن معنا
قالت رونا بارتباك
: نعم بالطبع – قالت بالعربية – يا ويلي يا محمّد كش جسمي من كلمتها !
قال بهدوء
: طبيعي هذا تعليمهم هنا , هي بعدها طرية وعلى الفطرة وشكلها ذكية ما شالله , ما يبيلها وقت عشان تتعلم , وامّها مسلمة وجدّتها مسلمة والبيئة اللي صارت فيها كلّنا مسلمين , انتي انفعلتي بس
هزّت رأسها وهي تزدرد ريقها
نزلوا الى الأسفل
ليرفعها ابو سعود ويضعها في حجره
: حسنًا يا حلوة , سأحدّثكِ عن الله , وستحبينه كثيرًا , سأخبركِ امرًا ايضًا , ان أحببتي الله ستستطيعين بثّ حُزنكِ اليه , وتستطيعين اخباره بكلّ امورك , وتستطيعين طلب منه ما تودّينه
هزّت رأسها بحماس
: تابع
: الله يا صغيرتي الهٌ عظيمٌ كبير , خلق الكون ووضعنا فيه , ثمّ جمّله لنا بالسماء والنجوم والغيوم , والشمس والقمر , ووضع لنا ازهارًا واشجارًا وليلًا ونهارًا , وعلّمنا كيف نبني منازلنا وكيف نصنع سيّاراتنا , علّمنا كيف نزرع القمح ونصنعُ منه خبزًا , ودلّنا على شجرة الكاكاو لنصنع الحلوى , والهمنا ان نبني المدارس حتّى نظلّ نتعلم , الله يا حلوتي واحدٌ ليس له زوجةٌ او ولد
قالت ببراءة
: الا يشعرُ بالوحدة ؟!
ابتسم
: الله ليس مثلنا يا صغيرتي , لا يشعرُ بالوحدةِ كما نشعر , ولا يشعرُ بالملل كما نشعر , الله لا يشعر بالمشاعر السيئة التي تخطُرُ علينا , الله يشعر بالمشاعرِ الجيدة , بالحُب بالرحمة بإعطاء الخير للناس , بوهبِنا الأموال والأطفال
قالت بنبرةٍ غريبة
: هل يحبني الله ؟
: بالطبع حبيبتي !
رفعت كتفيها بتساؤل
: لماذا لم يجعل لي والِدَين اذًا !
مسح على شعرها بحنان
: بل فعل , لكنّه اشتاق الى والدتكِ فأعادها اليه
: اليس لي أب ؟
صمتَ لثوانٍ طويلة , ثم قال
: سنتّفقُ اتفاقًا فيكي , هُناك امورٌ لا يجبُ ان نسأل عنها , اذا كبرنا فقط نتعلمها
: هل ابي من ضمن هذه الأمور ؟
هزّ رأسه ايجابًا
: نعم
: حسنًا , هل ستتابع حديثكَ عن الله ؟
قالت السيدة جوليا بهدوء
: يكفي الى هذا الحد , هل نتابع في الغد ؟
قال ابو سعود
: عظيم , كل يومٌ سنتحدّث قليلًا , اتفقنا ؟
ابتسمت
: اتفقنا
تنهدت السيدة جوليا وهي ترمي ببصرها بعيدًا عن الطفلة
سامحكِ الله يا رنا , غفر الله لكِ يا ابنتي
ايُّ ذنبٍ اقترفته في هذه الطفلة !
نسبٌ لا يليقُ بها
واسمٌ لا يناسبها
ودينٌ نخشى ان ننزعه منها فتكره ديننا !
نظرت اليها مجددًا وابتسمت بحنوْ
لن تقصّر معها ابدًا
ستعوّض فقدها لرنا في ابنتها
شدّت رونا على كفّ والدتها وابتسمت
لتبتسم بهدوء
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانيةَ مساءً
أوقف السيّارة أمام المنزل وزفر
: هذا وليد بعد وصل , الولد ذا صاير ما ينطاق هاليومين , أخلاقه في خشمه ويهاوش ذبّان وجهه
قالت وهي تحملُ حقيبتها وتضع يدها على باب السيّارة
: ما ادري اذا الومه ولّا الوم ملاك , ولا حتّى خالتي !
التفت اليها
: وش فيها خالتي بعد ؟ هو واخته يتذابحون وكل واحد منهم شايل غلط بروحه
رفعت كتفيها
: ما ادري , بس جالسة افكر وش السبب اللي يجبرها تترك عيالها طول هالعمر , مو فاهمة وش اللي يستاهل تترك طفلة بنت نفاس !
: اكيد كان في ظروف اجبرتها
التفتت اليه
: انت تعرف ؟
: ما اعرف كل شي , شي بسيط من سالفتهم , وليد كثير متكتم عليها ولا يعرفها غير امي وابوه
زفرت وهي تفتح الباب
: الله يفرج عليهم بس
نزلت والتفتت الى الخلف لتبتسم
: تركي وصل
: قال وهو يفتح الباب
: هديل معاه ؟
: أي
فتح علي الباب ليدخلوا معًا
كانت ام علي امامهم تهمّ بالدخولِ الى المطبخ
ابتسمت ودمعت عينيها من دخولهم
: هلا والله
قبّلوا رأسها واحدًا تلو الآخر
قال رتيل وهي تمسك بيدها بقلق
: يمه وش فيك ؟ باكية ؟؟
ضمتها اليها
: ما فيني يا يمّه , بس دخلتكم علي مع بعض وسلامكم عليّ عندي بالدنيا وما فيها , الله لا يحرمني منكم ومن دخولكم علي مجتمعين
أمّنوا بهمس
همست هديل في اذنِ والدتها
: يمّه خالتي سمعتك , مسكينة انكسر خاطرها
زفرت وهي تقول بقلة حيلة
: سلموا على خالتكم واطلعوا غيروا عشان نتغدّى
قبّلوا رأسها وصعدن هديل ورتيل
ودخل تركي وعلي الى غرفة الجلوس
قال تركي
: سلام
قال وليد بهدوء دون ان يرفع رأسه عن هاتفه
: وعليكم السلام
جلسوا ليسأله علي
: لقيت شقّة ؟
: باقي
: خويي في الدوام قال لي عمّه عنده عمارة جديدة وما سكنها احد اذا تبِي تشوفها
قال تركي
: انت دامك موظف في ارامكو ليش ما تقول لهم ؟
قال علي
: لو يشوف بيت منفصل عن شغله , يعني ما تدري وش يصير بكرة
لم يُجبهما
دخلت ام علي بصينية الغداء , ليفزّ تركي ويأخذها منها
قال علي
: يعطيك العافية يمه
: عليكم بالعافية حبيبي , احنا بنتغدى اذا بغيتوا شي من الحين قولوا
قال وليد بهدوء
: الشطّة لا هنتي
ذهبت الى المطبخ ومدّت بالعلبة الحمراء الى هديل
: ودّيها لاخوانك
اخذتها ودخلت الغرفة
عقدت حاجبيها حين رأت وليد
مدّتها الى تركي وخرجت بصمت
قال علي بزفرة
: وليد حاول تحسّن علاقاتك , اللي مقاطعهم ماهم غرب , هذول خواتك عنبو بليسك !
سمّى بالله وبدأ بطعامه دون رد
قال تركي
: شوف تبي تقاطع هديل وتضرب ملاك وتهاوش من ما تبي تهاوش انت حر , بس تطنش اخوي الكبير وتحقره انا هنا ادفنك
ضحك علي , ولم يظهر وليد ايّ تعبير
قال علي بسخرية
: افا بس , هذه آخرتها تركي والجدار واحد !
ضحك تركي
: يمون ولد الخالة
لم يجبهما ايضًا
فتجاهلاه !
,
طرقت الباب بخفّةٍ ودخلت
ابتسمت
: مرحبا
فتحت عينيها , قالت بتعب
: هلا
اقتربت لتجلس قريبةً منها
: شلونك ؟ معليش والله صايرة ما اشوفك عندي اختبارات وكذا
ابتسم ابتسامةً شاحبة
: ولا يهمّك
: يلا تنزلين تتغدين ؟
: ما لي نفس والله
: وش فيك ؟
: دايخة وحاسة بحرارة
مسّت جبينها , وعقدت حاجبيها
: حرارتك مرتفعة كثير , وش حاسّة بالضبط ؟
ضحكت بارهاق
: بتطبّقين دراستك علي يعني !
قالت بجديّة
: قولي لي شفيك
زفرت ثم قالت
: بطني تعورني مرّة وحاسة جسمي ثقيل , واحس في شي مكتوم داخلي مخليني دايخة
سحبت عنها لحافها
: قومي قومي البسي , نودّيك للمستشفى , شكله قولون والله اعلم
قالت بتعب
: رتيل والله تعبانة اتركيني ارتاح وبعد شوي بطيب
: قومي قلت , انا بروح البس اجي معك
: وش ذنبك انتي ! توّك راجعة من دوامك روحي تغدّي وارتاحي
قالت رتيل بحدّة
: وش ذنبي ؟! انتي بنت خالتي وحسبة اختي اذا ناسية ! قومي اخلصي
تأففت ونهضت بتعب
ساعدتها رتيل لترتدي عباءتها
وذهب لترتدي عباءتها
ثم نزلتا
دخلتا الى غرفة المجلس لتعقد ام علي حاجبيها
: على وين !
قالت رتيل بلطف
: ملاك تعبانة شوي , نتغدّى ونروح للمستشفى
نهضت ام وليد بخوف
: بسم الله عليك , وش فيك يمّه وش حاسة ؟
ظلّت صامتةً تنظرُ اليها
اقتربت ام وليد وساعدتها لتجلس وهي تمسُّ جبينها
: وش يعورك حبيبتي ؟
ازدردت ريقها , وقالت بخفوت
: بطني
وضعت يدها على بطنها وهي تهمس
: اللهم ربِّ الناس اذهب الباس اشفها انت الشافي لا شفاء الّا شفاؤك لا يغادر سقمًا
التفتت ام وليد الى هديل
: هديل يمّه روحي لاخوانك شوفي من فيهم يودّينا للطبيب
نهضت هديل الى اخوتها
قالت وهي بجانبِ الباب
: من فيكم يودّينا للطبيب ؟
قال علي
: وش صاير ؟؟
نظرت الى وليد وقالت بهدء
: ملاك تعبانة مدري وش فيها , وجهها اصفر وترجف وما تقدر تاكل
رفع رأسه بسرعة
ورسم الخوف شبحه في عينيه
وخطّ على جبينه تعاريجه
لتكتم ابتسامتها
قال علي
: اودّيكم انا , جاهزين ؟
قال وليد بقلق وهو ينهض
: خلّك انت , انا بودّيهم
عادت هديل لتقول بحماس
: وليد بيودّيها , فزّ يوم قلت ملاك تعبانة – ضربت كتف ملاك بخفة – يحبّك يا هبلا
ضحكت رتيل ووالدتها
وقالت ام علي
: اكيد يحبها ماهي اخته !
قالت رتيل
: حسستيني زوجها مو اخوها
ضحكت هديل وهي تملأ صحنًا وتقترب من ملاك لتطعمها
: ما علينا , يلا هم
قالت ملاك
: ما ابي والله
: كلي شوي يمكن تطولون لا تغمين من الجوع
قالت ام علي
: رتيل تعالي كلي يمّه
جلست رتيل لتأكل
قالت ام وليد
: ارتاحي رتيل انا اروح معاها
: عادي خالتي انا بروح
اقترب وليد من الغرفة وحمحم
جلست رتيل ليقابل ظهرها الباب , وتتابع طعامها
دخل وهو يصدّ عن رتيل
جلس أمامها وقال بهدوء
: وش فيك ؟
دمعت عينيها وظلّت صامتة
اطعمتها هديل وهي تقول بطريقةٍ مضحكة
: وييه يا حبّة عيني تعيبانة ووجعانة , كلي كلي يا بنت خالتي جعل من ينكد عليك للطيحة قدام الله وخلقه في دوامه
ضحكت رتيل بهمس
ابتسمت ام علي
: هديل لا يكثر
سحب الصحن والملعقة من يد هديل , ورفع الملعقة الى فمها
نزلت دمعتان من عينها , وصدّت عنه
قرّب الملعقة من شفتيها
: يلا بسم الله
ابتسم بحسرة , وتابع
: جات الطيّارة جات , ياكلها وليد ولا لوكا !
ضحكت من بين ادمعها لتقول بعبرة
: لوكا تاكل
فتحت فمها لتأكلها
ملأ الملعقة مجددًا ورفعها
: جات الطيّارة جات , تاكلها لوكا ولا وليد !
بكت وهي تقول بنحيب
: اديد ياكل !
انزل الصحن وسحبها اليه ليعانقها وهو يزفر
تأثرت هديل ومسحت دمعتيها لتلتفت الى خالتها المنهارة بالبكاء
ووالدتها التي دسّت وجهها خلف حجابها العريض , ورتيل التي تمسح ادمعها , وشفتيها متقوستان بتأثر
قالت هديل ساخرة
: كان لازم تمرض يعني عشان تجي تكلمها !
ابعدها عنه قليلًا ومسح دمعها
قبّل جبينها
: يلا بابا كملي صحنك عشان نروح للمستشفى
نهض ليخرج من الغرفة
لتقول هديل بغيض
: لله يا محسنين , يقولون في اخت طايحة لك , ما تبي تشوفها تطالع في وجهها !
قال ببرود
: اذا احترمت نفسها وقصرت لسانها
صرخت بغيض
: روح ماني رادّتها عنّك جعلك تطيح قدّام الأوادم بكشختك ورزّتك وارامكو كلّها عن بكرةِ ابيها تضحك عليك
ضحك رغمًا عنه وهو يلتفت اليها
: اعوذ بالله من دعائك اذا عصبتي , وحدة بوحدة
تهلل وجهها وهي تقفز لتعانقه بشدّة
: يا روححي انا , جعلني فدوا لذي الضحكة
ابتسم وطبطب على ظهرها
: خلاص ردّي دعوتك عنّي
ابتعدت ورفعت كفّيها لتقول
: يارب ما يتفشل وليد ولا يطيح
ابتسم , ثم قال
: يمه تروحين معانا ؟
نهضت وهي تمسح أدمعها , وتقول ببحة
: ايه , بطلع البس عبايتي
قال بهدوء
: اجل خلِك انتي رتيل
: بروح معاها , اريح لي كذا
: طيّب على راحتك , اذا خلصتوا انا منتظركم في المجلس – أكّد على ملاك – خلصي الصحن كلّه زين
هزّت رأسها ايجابًا بصمت
قالت هديل وهي تجلسُ براحة
: ليتك مرضتي من زمان يا شيخة
نهرتها ام علي
: الملافض سعد يا بنت !
ضحكت
: اقصد ربّ ضارةٍ نافعة
,
,



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 15-02-15, 10:58 AM   #63

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,433
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


المملكة العربية السعودية – الرياض
الثالثة مساءً
طرق الباب طرقاتٍ خفيفة
فتحت زوجته الباب وابتسمت
قبّل رأسها ودخل
حمحم لتقول والدة زوجته
: حيّاك بو راجح يا هلا
ابتسم من اصرارها الّا تغيّر اسمه
: شلونكم يا عمّة عساكم بخير ؟
: الحمد لله عايشين
: طيّب انا جاي اقول لكم تتجهزون , اجّرت شقّة مفروشة باخذكم لها , وابو منال بعد نص ساعة او اكثر بيطلع ويلحقكم هناك
شهقت منال وهي تقفز
: صج ابوي بيطلع !
: ايه ان شالله
قالت مها بخوف
: وابوي ويدّي وراشد ؟
قال بهدوء
: مو الحين , ادخلي اجهزي
ازدردت ريقها وهي تحبس ادمعها
: بنروح معاهم لنفس الشقة ؟
: لا , هم بيوديهم السوّاق لشقتهم , وانا وانتي بنروح شقتنا , انا بنزل للرسبشن لين تخلصون
هزّت رأسها بصمتٍ وتركته
لينزل هول الى بهوْ الفندق
المحكمةُ غدًا قُبيل المغرب
قلبه يرتجف من الآن
رُغمَ يقينه انّه صاحبُ الحق
لكنّه خائف !
يخجل من ان يعترف بها بينه وبين قلبه
يخشى ان يسمع همسها احد
يودّ الذهاب ليعانق رتيل طويلًا
ليستمدّ منها هدوءً لا يُخزيه كطفل !
يشتهي نغم صوتها ليطرب روحه
يشتهي ضحكتها الخافتة , وعينيها الشقيّة
لن تسمح له ابدًا !
لن تفتح له بابًا قد اوصدته حين عادَ وخلف كتفه مها
زفر بشدّةٍ وهو يدعو الله ان تتمّ جلسة المحكمة على خير
ليرتاح أخيرًا !
ان انتهت سيستطيع جمع شتاته
سيستطيع المُضيّ في حياته دون خوف
سيستردّ رتيله
ويفرُغ نفسه لعبد الله , ليحطّم رأسه !
ثم يعانقه بقوّةٍ تعبّر عن اشتياقه العظيم
ليسترضي والديه , لينظر في امر شقيقته وزواجها
سيعيش كما يجب وكما يستحق !
ليس كما اوجب عليه راشد !
عقد حاجبيه لذكر راشد
ان طلب من الله طلبًا , سيطلبه أن يفنى راشد !
ان تكون نهايته جحيمًا يُسعّر !
لا يذكر انّه كرِه احدًا كما كرهه
الأحمق المتصابي
المتطفل !
قطع افكاره هاتفه
رفعه وردّ بخمول
: هلا
جاءه صوتٌ غاضب
: يعني سوّيت اللي في راسك وطلّعت ابو منال !
تأفف ثم قال
: وش تبي انت ! بالله عليك مانت متأكد مليون بالميّة ان الرجال ما له شغل !
: ما يلزمني له شغل او لا , طلعت حريمهم وسكّت , بس تجي الحين تطلع ذا ! وش رايك نطلع راشد بعد ؟
ضحك ببرود , ثم قال
: انت مزاجك صاير هواش ومنافخ ! يبي لك تتزوج وتركد
زفر ثم قال
: اسكت يا شيخ لا تذكّرني , امّي تقول روح قدّم على جمعية للتزويج ولا كلّم خطّابة عطها مواصفاتك !
انفجر صقر ضاحكًا
: افاا ! ليه كذا , ما ودّها تزوجك يعني !
: تقول من ترضى فيك على عصبيتك ! بالله انا عصبي الحين ؟؟
ضحك صقر بشدّة ثم قال ساخرًا
: ما معاها حق ظلمتك
ضحك ذياب ثم قال
: وتقول شايب وانا ما اعرف لك حرمة كبيرة تناسبك , استغفر الله بس انا وانت من نفس العمر وانت متزوّج اثنين وانا ولا ظل حرمة
ضحك صقر بمرارة
: انت اكبر منّي يا الشايب , وبعدين الله اكبر يا الاثنين ! خلنا ساكتين بس
قال ذياب فجأة
: صقر ما لك نيّة تطلق بنت ابو عقاب ؟
صمت لثوانٍ طويلة , ثم قال
: لا , ليش اطلقها !
: يعني ما تبي بنت عمّك !
اغمض عينيه بتعب , وقال بنبرةٍ مُثقلةٍ بالهم
: ابيها
قال ذياب بسخرية
: ما راح اقول لك انها ما بترجع لك دام بنت ابو عقاب على ذمّتك , انت تدري ما يحتاج اقول
ابتسم بهدوء
: الله كريم , قلت لي تبي خطّابة ها
ابتسم ذياب من تغييره للموضوع , وقال بهدوء
: ايه
ضحك صقر فجأة , وقال
: والله في موّال في راسي , بس اقضي المحكمة بنفذَه ان شالله
: علمني
: انسى
تأفف ذياب
: طيب , وينك الحين ؟
: في الفندق انتظرهم , اجرت شقة لأم منال وام عقاب والبنات بيودّيهم السوّاق , وباخذ زوجتي لشقتي
: متى اجّرت شقق ! ولا جبت لي سيرة قبل
: من فترة كلّمت مكتب xxxx وعطيته مواصفات , ونسيت الموضوع , فاجأني امس المغرب قال لقيت لك اللي تبي , عاد اريح من الفندق وقروشته
: زين سوّيت
لم يطيلا الحديث وتوادعا
وضع هاتفه جانبًا
وضحك وهو يتخيّل ما سيحدث ان نفّذ ما يفكّر فيه !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الخامسة مساءً
فرقع أصابعه بغضبٍ يكتمه
ظلّ يجوب الغرفة دون توقّف
التفت اليه وهمّ بالحديث
لكنّه صمت
ركل الحائط وجلس
ثم نهض وظلّ يجوبُ الغرفة بتفكير
ثم قال أخيرًا
: ما راح اطمنك واقول لك معصبة وتقول أي كلام , كلّنا عارفين جدّتي ما تقول مثل هالكلام ولا تطريه حتى لو عصّبت
قال بخفوت
: يعني ؟
جلس أمامه وقال بجديّة
: حاولت تكلمها ؟
: ما رضت تسمعني
: عندك استعداد تنام الليلة وهي غضبانة عليك ؟
قال بتعب وهو يوشكُ ان ينهار
: مالك روح لها , خذ عمامي معاك , اقنعوها , مو عدل انها تساومني على رضاها !
قبل ان يجيبه مالك , فاجأه رقمٌ غريب
ردّ بهدوء
: هلا !
عقد حاجبيه وهو ينهض
قال
: لحظة لحظة هدّي , من انتي ؟
صمتَ لثوانٍ , ثم قال
: ايه عندي , وش صاير !
صمتَ لثوانٍ اخرى ثم شهق بفزع
: وينكم ! , طيّب احنا جايين
اغلق الهاتف وقال بعجلة
: ذي اروى تقول حرقت جوالك اتصالات وانت قافله , وجدّتي طايحة عليهم بعد طلعتك بشوي ومودينها المستشفى
لم تحمله قدماه لينهض
ظلّ في مكانه , وعينيه متسعتين بصدمة
صرخ به مالك
: سلطان قوم !
سحبه معه
ليجرّ قدميه عنوة
وجسده يرتجف برعب
ارجوكِ لا تفعلي يا جدّتي !
ارجوكِ لا تؤذيني فيكِ
سأفعل كل ما تريدينه , لكن توقفّي عن ما تفعليه بي
شهق بحدّة وخوف من ان يفقدها
لن يحتمل ان فعلت
يقسم انّ لا حياةَ له بعدها !
لن يعيش اذا اصابها مكروه
رفرف قلبه بخوفٍ عليها
ظلّ لسانه يلهج الّا يُصيبها مكروه
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الخامسة والنصف مساءً
قال باصرار
: متأكّد ما فيها شي يا دكتور ؟
زفر الطبيب بصبر , ثم قال
: قلت لك الموضوع بسيط تلبك معوي وغالبًا سببه نفسي , ترتاح وتتغذى وكتبت لها دوا بيريحها
التفت اليها وهو ينظرُ الى المحلول الموصّلِ بوريدها الضعيف
قالت رتيل بهدوء
: طيب تقول حاسّة باحتباس في جسمها ودايخة بسببه
قال مؤكدًا
: عادي , انا قدّامك سويت لها تحليل دم , بعلمك شغلك يا نيرس ! شفتي النتيجة بنفسك
قالت باستسلام
: اوكي , الحرارة والدوخة بتخف من المغذي ؟
هزّ رأسه ايجابًا
: ان شالله
قالت ام وليد اخيرًا بعد صمتٍ طويل
: طيب ما تجلس هنا احسن , تحت عينكم يعني
ضحك وهو يرص على أسنانه بغيض
ثم قال
: ما يحتاج والله
اولته رتيل ظهرها لتضحك بخفوت
ابتسم من ضحكتها , ثم قال
: طيب يا نيرس تفضّلي معاي اعطيك وصفة الدوا وأعلمك عليها , وانتي يا ملاك استرخي لين يخلّص المغذي وما عليك شر ان شالله
خرجت رتيل خلفه الى عيادته
جلس خلف مكتبه وضحك
: اختك ؟
قالت بهدوء
: بنت خالتي
: شكلهم حيل مدلعينها ويخافون عليها
: نوعًا ما
كتب اسم الدواء ومدّ بالوصفة الى رتيل وهو يشرح لها استخدامه
قبل ان تخرج قال
: رتيل
التفتت بصمت , ليقول باستدراك
: نيرس رتيل
: هلا ؟
ابتسم وهو يرفع نظارته عن عينه
: انا فخور فيك , كتشخيص مبدأي حتّى انا ظنّيته قولون , بالتوفيق
اومأت بخفّة
: شكرًا لك
خرجت مسرعة , وقلبها يكاد يمزق صدرها من شدّة الضرب
ليست المرّة الأولى , ولا العاشرة !
التي ترى فيها نظرةً مُريبة من عينيه
ازدردت ريقها بقلقٍ منه
سيقتله صقر ان صدق ظنّها !
اعتدت بنفسها وهي تقنع عقلها , ان صقر لا يهمها !
فركت جبينها بتوتر , وهي تعودُ الى خوفها من الطبيب
بعيدًا عن كونه طبيبًا في مشفى تدرس فيها
هو مدرسها ايضًا !
زفرت لتشتت التفكير عن عقلها , ودخلت الى الغرفة
اقتربت من ملاك , ونظرت الى المحلول
: خلاص بفكّه
قال وليد بحذر
: تعرفين ؟
التفتت اليه وصمتت لثوانٍ , ثم قالت بغيض
: الثلاث سنين تمريض اللي درستهم مو مالين عينك !
ضحك بعمق وهو يصدُّ عنها
: معليش ناسي , يلا انا بنتظركم برى
خرج من الغرفة
اقتربت رتيل من كفّ ملاك , لتهتف خالتها بقلق
: بسم الله , يمه رتيل نادي الطبيب يشيله
قالت معترضة
: خاالتي !
ضحكت ملاك بارهاق
: يمه وش فيكم عليها ! البنت ممرضة ذا شغلها
صمتت رتيل
واقتربت ام وليد بغير تصديق
: وش قلتي !
ازدردت ريقها وهي تقول بتردد
: قلت ذا شغلها
ابتسمت ام وليد من بين دمعتين قفزتا الى مقلتيها
واشاحت ببصرها عنها
نزعت رتيل الابرة عن وريد ملاك ووضعت لاصق الجروح
: يلا قومي
نهضت ملاك وساعدتها رتيل لترتب حجابها
وخرجن من الغرفة
اسند وليد ملاك وقرّب رأسه اليها
: خفّيتي
ابتسمت وهي تعانق ذراعه
: أي
قبّل رأسها وصمت
قالت ام وليد بعبرة
: شوفي وش زينهم
ابتسمت رتيل
: الله يديم عليهم , ويهديهم لك , هذا شكلهم الطبيعي من يوم عرفتهم , شي شاذ ومو طبيعي ان يصير بينهم مشكلة او خلاف
زفرت ام وليد بصمت
ركبوا السيّارة ليرنّ هاتف وليد
ردّ وهو يحرك السيارة
تحدّث قليلًا , وأغلق الهاتف بزفرة
قالت والدته بقلق
: مين ذا ؟
: خالد , تعبان شوي
: بتروح له ؟
: أي ان شالله بعد المغرب
: تودّينا معاك انا وخالتك ؟ نشوف امّه ونتحمد لها بسلامته
قال باستحسان
: ما في مشكلة , حتّى البنات خذوهم , يعرفون اخته , كانت مسافرة ورجعت
قالت ملاك باستغراب
: رجعت ؟ سمعنا انها استقرّت برى
قال وليد بهدوء
: لا رجعت الحمد لله
قالت والدته
: خلاص اجل نروح معك , بس كلمه قول له
هزّ رأسه ايجابًا
: ان شالله
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
السادسة مساءً
سأل بخوفٍ عنها
ليسرع وهو يسحب ابن عمّه العاجز عن السير معه
التفت اليه بحدّة
: امش وش فيك !
توقّف عن السير وهو يلتقط أنفاسه
: خايف اروح لها , خايف يكون صار فيها شي !
عقد حاجبيه
هذا الضخم القاسي
الذي ترك شقيقته طفلةً وهاجر
الذي تجاهل عجز والده , ورحل !
من اين له هذا القلب الرقيق جدًا !
لم يعلم انّ لسلطان حسًّا مُرهفًا
او قلبًا ضعيفًا أمام جدّته , جدّته فقط !
حدّته وعنفوانه وشراسته
جميعها تتلاشى , وتذروها الريح
أمام جدّته
يصبح وديعًا , مبتسمًا , ساكنًا
وقلقًا عليها دومًا !
شدّ على كتفه
: ان شالله ما فيها شي , بس تعال نشوفها ونسأل الطبيب عنها
قال بنبرةٍ متعبة
: ادخل قبلي
زفر مالك وتركه ليدخل
اقترب منها بلهفة
: بسم الله عليك يمّه
أغمضت عينيها وفتحتها وهي تنظر اليه
لم تجبه بسبب جهاز التنفس المثبت على انفها وفمها
نظر الى عمّه الأصغر
: عساها بخير ؟
زفر وهو يجلس ويمسك بيدها
: الحمد لله , ضغطها هبط فجأة والحمد لله ما صار فيها شي
قالت اروى ببحة
: وين سلطان ؟
نظرت اليه جدّته بلهفة
ليبتسم بحنو
: برّى الحين اناديه
خرج وهو مبتسم
نهض سلطان بحذر
قال مالك بهدوء
: تعال سلّم على امّك
دخل مسرعًا
قال ببحّة
: يمّه
مدّت يدها لترفع الجهاز , لكنّ كفّيه منعتها
قال وهو يقبّل جبينها
: اسف يمّه حقّك على راسي , الله لا يخليني ان كان اعودها , حاضر بتوظّف وبتزوّج بس قومي لنا بالسلامة
شهقت اروى
: سلطان !
بكت جدّته رغمًا عنها وهي تشدّ على كفّه
لم يعلم انّها كانت ستقول افعل ما بدى لك
لكن لا ترحل !
لم يعلم انها تراجعت عن حلمها , مقابل ان لا يتركها !
قبّلها مجددَا بصمت
وربّما لم يكن واعيًا لما قاله !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
السادسة مساءً
طُرِق البابُ بخفّة
أغلقت الهاتف وقالت ببحّة
: مين ؟
دخلت والدتها وابتسمت
: صاحية ؟
ابتسمت
: حيّاك يمّه , ما نمت ظلّيت اقرأ
قالت والدتها
: طيّب تعالي ساعديني , بيجون اهل خوي خالد يسلمون علينا
: اهل وليد ؟!
: أي اكيد تذكرينهم , ام علي وبناتها واخت وليد
هزّت رأسها ايجابًا
: أي اذكرهم
نهضت مع والدتها التي قالت
: المجالس نضيفة بس بخريها , وتعاليلي المطبخ
: ان شالله
بخّرت المجالس وذهبت الى المطبخ لتساعد والدتها
انتهيتا سريعًا , ثم استبدلتا ثيابهما
قاربت الساعة الى السابعة وعشرون دقيقة
ليرنّ جرسُ الباب
فتحه بندر , وأشار اليهنّ ليدخلن
دخلت ام علي اولًا , وبجانبها ام وليد
كانت لين مبتسمة
كشفت ام وليد عن وجهها ورفعت رأسها مبتسمةً بهدوء
اختفت ابتسامتيهما
صُعقت لين , ذبلت قدميها وكادت تقع
وصُدمت امّ وليد , وعينيها تكادان تقفزان من محاجرهما !
,
,
الى الملتقى
,
*وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة
عذبة الماء , وأنها قيعان
وان غراسها " سبحان الله , والحمد لله , ولا اله الا الله والله اكبر " *
,



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 17-02-15, 02:06 AM   #64

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,433
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
البارت الثاني والأربعون

,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
السابعة وعشرون دقيقة مساءً
رفعت ام وليد رأسها مبتسمة
سقطت عينيها على الشابّة اليافعة
التي اختفت ابتسامتها تدريجيًّا
لتسحق ابتسامة ام وليد دونَ وعيٍ منها
اتسعت حدقتيهما بفجيعة
كتمت لين شهقةً عميقة
تحركت قدمها نصف خطوَة الى الخلف برعب
كادت تهدم الحائط لتهرب منه
هزّت رأسها برفض
فتحت ام وليد فمها وكأنّها ستصرخ
شعرت بالدوارِ من رؤيتها
شعرت انّ صيبًا من خرفٍ اصاب عقلها
هي ! ام شبيهتها ؟
ويلٌ لشبيهتك
الهذا الحدّ تعكسك !
هل لها ذات الشفتين المرتجفتين !
هل لها ذات العينين اللامعتين ؟
هل لها ذات الجسد الضئيل , الخائف !
يا ابنة الغربة اهذه انتي !
ردّي يا لين
اجيبي عينيّ اللتان قد تحرجاني , ان لم تكوني انتي !
هزّت لين رأسها برفض , وعينيها تدمعان برجاء
عضّت شفتيها بتوسل
ارجوكِ يا امّي الروحية
ارجوكِ لا تتكلمي
ارجوكِ دعيها تمرّ بسلام
استجابت ام وليد لرجائها الصامت جدًّا
ارخت كتفيها بتعبٍ جم
واشاحت ببصرها عنها
سلّمت على ام خالد بشرود
قالت ام خالد وهي تشير الى ابنتها
: هذه بنتي لين
رفعت رأسها بصدمةٍ وكأنّها لم تصدّق انّها هي !
مدّت بكفها اليها وهي تقول بوعيدٍ شديد
: يا هلا
صافحتها لين بارتجاف
قالت ببحةٍ مرتبكة
: حيّاك الله
من بعدِ ام وليد صافحت لين الفتيات
ليدخلن الى مجلسِ الضيوف جميعًا
جلسن لنصفِ ساعة
كانت ام وليد شاردةً عنهن
لم ترتح دقيقةً في جلوسها
حتّى قالت وقد طفح الكيل
: الحمام وين يا ام خالد الله لا يهينك
قالت ام خالد
: قومي لين ودّيها
سقط قلب لين في بطنها من الرعب
ودّت ان تتوسل الى والدتها ان تنهض هي
نهضت بعد ان ازدردت ريقها
قالت بخفوت
: تفضلي يا خاله
نهضت دون ان تنظر اليها
سارتا في ممرٍّ وانحرفتا يمينًا في نهايته
ابتعدتا تمامًا عن المجلس
التفتت ام وليد بحدّةٍ الى لين , لتمسك بذراعها بقسوة
همست بحدّة , وهي لا تعلم بمَ تتكلّم !
: كذا يا لين ! كذا ؟ انتي ما تخافين من الله !
همست برجاءٍ باكٍ
: خالتي...
قاطعتها بقسوة
: لا تقولين خالتي
بكت لين ورمت بجسدها على صدرِ ام وليد الرحب
لا تعلم ام وليد ايّ قسوةٍ باغتتها لتدفعها عنها
: ابعدي عنّي
ولا تعلم لين أي اصرارٍ تملكها , وهي تتشبث بها وتنتحب بهمس
زفرت ام وليد وصمتت
مرّت ثوانٍ , لتبتعد لين وتمسح ادمعها
قالت بصدق
: والله غصب عنّي , والله ما قدرت اسوي غير كذا
قالت ام وليد بحرقة
: يا وجع قلبي عليك يا ولدي , حالته حالة من ذاك اليوم الاغبر , والله لو درى انّك مرتاحة ولا سائلة فيه...
قاطعتها لين برجاء
: لا والله يا خالتي , حشا يا خالتي حشا , انا ارتاح وسعود تعبان ؟! انا يهدا لي بال وسعود بعيد عني ! لا بالله يا خالتي ما حصل
قالت ام وليد وهي تكاد تمزق ثيابها قهرًا
: ليش سويتي فيه كذا ؟
همّت لين بالحديث , لتسمع نداء والدتها
قالت ام وليد
: كلميني الليلة , بعرف العلم كلّه , واحسبي حسابك انا بس ارجع بكلّم سعود
شهقت لين بجنون
: لا خالتي , تكفين طلبتك لا , سألتك بالله لا
عقدت ام وليد حاجبيها
: ان شالله تبيني اعمي عيني واجعل نفسي مو دارية عن شي ؟!
هزّت لين رأسها
: انتي بس اسمعيني , بس لا تكلمينه تكفين
زفرت ام وليد بشدّة , ثم قالت بتهديد
: انا بسمعك اوّل , لكن ان ما اقنعتيني بتصل عليه واخلّيه من بكرة يسحبك مع شعرك
مسحت ادمعها بصمتٍ تام
لا يحق لها الاعتراض ابدًا
الخطأ يعرّيها تمامًا
غسلت ام وليد يديها بالماء البارد ومسحت بهما على وجهها المحترق من غضبها
تجاهلت لين وعادت الى المجلس
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
التاسعة مساءً
نهض من مكانه ومدّدَ أطرافه مرهقًا
قالت والدته
: بتمشي ؟
هزّ رأسه بصمت
قالت بضيقٍ تخفيه
: ودّي تبات الليلة , ما شبعت منك
قبّل رأسها
: والله ودّي , بس اليوم نقلنا من الفندق للشقة , ما اقدر اخلّي مها تبات بروحها , وبعدين انا الباقي من عمري كلّه لك , متى ما بغيتيني جيتك
قالت بهدوء
: الله يرضى عليك
شعر انّ قلبه يرفرف بسعادةٍ من دعوتها القصيرة
اعذبُ كلمةٍ سمعها مذ وعَى على صوتِ الحياة
لها انسيابٌ دافئ , يخجل كلّ الكلمات
لها نغمٌ , يطرب روحه
قبّل رأسها مجددًا , وودّعها
ظل يجوب شوارع الرياض بسيارة اخذها من ذياب لحينِ يشتري واحدة
لولا دعوةُ والدته لاستسلم للضياعِ الذي ما زال يراود نفسه عن نفسها !
لاستسلم للانهزام الذي يبتسم بخبثٍ مقيت
زفر وهو يهمس بالاستعاذة
اوقف السيّارة في ساحةٍ خاوية
لا ينيرها الّا ضوءٌ ضئيلٌ من البدر
نزل وسار ببطئ
تلفت حوله , ثم أخرج هاتفه ليحدد اتجاه القبلة
اتجه ناحيتها وكبّر
صلّى ركعتين , وسلّم
ثم كبّر مجددًا
تلى فاتحة الكتاب , وأتبعها بسوةِ الاخلاص
ركع , ورفع
مدّ كفّيه الى السماء
يستمدّ من الله صبرًا وقوّة
يطلب الله راحةً وسكينة
حمد الله وأثنى عليه
ثم صمتَ لثوانٍ طويلة
قبل ان يهمس بخضوع
" لا اله الّا انت صاحبُ الملك , لا اله غيرك ندعوه فيستجيب لنا , لا معبود سواك ينزلُ الى سمائنا وينادي مطالبنا
انّي اسألك بعزتك , وملكك وجبروتك
طمئن قلبي يا عزيز
اجبرني يا جبّار
خذ بيدي , وأعد لي حقّي
-صمت لثوانٍ , قبل ترتخي يديه قليلًا وينحني رأسه ليقول باختناق –
ردّ لي زوجتي ردًّا جميلًا
ردّ لي رتيل
اللهم انّك رزقتني حبّها , فلا تجعل ابتلائي فيه
اللهم ان كان صدّها بذنبٍ اذنبته , فانّي استغفرك منه
وان كان ابتلاءً منك , فاني وعزّتك صابر
حتّى تقضي في امري
-تنهد وهو يقول بصدق –
لا تفجعني في شقيقي يا رب
لا تجعل للشيطان عليّ مدخلًا , ليوسوس لي في اخي
اللهم انّي اعوذ بك من شرّ عبد الله
واسألك خيره
اللهم ان كان في قلبه مثقالًا لزوجتي
فاقبضني اليك
لا تكتب لي من بعد وقفتي هذه حياةً
اللهم احفظ عبد الله وداليا "
ظلّ يدعو لدقائق طويلة
حتّى آلمته قدميه
ليسجد على الأرض العارية
مرّغ جبينه على التراب والحصى الناعم بتذلّل
همس برجاء
: اللهم اتمّ جلسة الغد بما يرضيك ثم يرضيني , اللهم انّك تعلم ما في نفسي , وتعلم الظلم الذي وقع علي , وانت العدلُ الحقُّ لا ترضى بالظلم , انصفني وأعد حقّي الذي سُلبته يا الله
انتهى من صلاته وشعرَ براحة
شعر بانشراحٍ في قلبه
أدرك انّ الله سيرضيه
لن يردّ رجاءه ونداءه
ركب سيّارته واتجّه الى منزله
فتح الباب ونادى بخفوت
: مها
اطلّت من غرفتها وابتسمت
اقترب ليقبّل رأسها
دخل الى الغرفة وناداها , لتجلس أمامه
قال بهدوء
: بكرة عندي جلسة محكمة
عقدت حاجبيها باستغراب
قلّب عينيه في الغرفة بتفكير
ثم قال وهو يمسك بيدها
: انا رافع الدعوى , على ابوك وراشد وجدّك
اتسعت حدقتيها بصدمة
شهقت بحدّة وهي تقف
قالت بارتجاف
: رافع دعوى على هلي ! ابوي ويدّي وولد عمي ! شلون هياك قلبك ! انا شنو مكانتي وكرامتي عندِك عشان تقاضي اهلي بالمحاكم ؟ شلون تسوي فيني جذي مسفر شلوون ! عندك معاهم مشكلة انتوا اهل , قعدوا وتفاهموا ولك طيبة الخاطر
نهض واقترب منها
لتصرخ وتبتعد
بكت وجسدها يتشنّج من شدّة الغضب
اقترب ليحتضنها رغمًا عنها
رفع صوته
: تعوذي من الشيطان , بسم الله عليك مها هدّي , هدّي يا عيني بسم الله عليك
حاولت التملص منه برفض
وهي تصرخ فيه بضعف
ضمّها اليه وأراح فكّه الى رأسها ليتلو بشجن
: } هُو الَّذي أَنْزَل السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الّمُؤمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إيْمَانًا مَعْ إيْمَانِهِم وَلِله جُنُودُ السّمَاوَاتِ والّأرْضِ وَكَانَ الله عَلِيمًا حَكِيمًا.....{
سكنت , وظلّت شهقاتها المتباعدة تثقل أنفاسها
قبّل رأسها قبلة طويلة
سحبها الى السرير لتستلقي
استلقى بجانبها واراح رأسها الى صدره
داعب شعرها وهمس
: مها
همهمت باختناق
رفع رأسها لتنظر اليه
قال بتأنيبٍ حانٍ
: وش ذا الانفعال ! عمري ما شفتك كذا
قالت ببكاء
: تعبتني يا مسفر , جم شهر انا تحت الضغط , ما تعوّدت على هالوضع , وتختمها لي بخبر يهزني كلّي
ابتسم بمرح
: من قال ختمتها ؟ هو انتي شفتي حاقة !
ضحكت من بين ادمعها بيأس
ضحكةً موجوعة
ثم قالت بنبرة جعلت صقر يعقد حاجبيه
: قهرتني يا مسفر
: مها , بس يا روحي , انا مستحيل يجي يوم واقهرك , انتي زوجتي وحبيبتي وعشرة عمري , وشريكتي في غربتي , ولا تفكرين ولا يجي في بالك في يوم ان صقر يكسرك او يقهرك , امسحي دموعك ما كان ولا عاش اللي ينزلها
قالت برجاء
: ليش المحكمة
زفر ثم قال بهدوء
: مشكلة اكبر منّي ومنّك , ما تنحل في جلسة وتفاهم , لو علي ما وصلتها لذي المواصيل , بس هي صارت كذا
أغمضت عينيها وضغطت على جبينها بصمت
بصمتٍ من شفتيها , لكنّ تعابيرها فضحت ما في نفسها
فضحت الاعتراض
الارهاق منه !
قبّل جبينها وهمس
: انا آسف
خبأت وجهها في صدره
بعيدًا عن عيناه
لتفرغ بكاءها دون تطفّلِ نظره !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
التاسعة صباحًا
ضغط على ساقه بخفّة
ليصرخ وهو يحاول الهرب من يديه
قال بألم
: تعوّرني والله لا تلمس
نظرَ اليه بصمت , وعاد ببصره الى ساقه يعاينها
شدّ والده على كتفه
: تحمّل شوي
عقد حاجبيه وتعرج جبينه من شدّة الوجع
: ما اتحمّل المها يذبح
ابتعد الطبيب بعد ثوانٍ
خلع القفازين عن يديه , ورفع الكمّامة عن أنفه
قال ابو بندر بتردد
: بشّر يا دكتور
نظر الى عبد العزيز , وقال
: يحتاج تدخّل جراحي وتنظيف للأنسجة , وتركيب شرائح في ساقه
قال ابو بندر
: عملية يعني ؟
هزّ رأسه ايجابًا
قال ابو بندر بقلق
: طيّب ناجحة ان شالله ؟
قال بواقعية
: يا ابو عبد العزيز ما اقدر اضمن لك شي , لكن العملية بسيطة ان شالله ونسوّيها في اليوم اكثر من مرّة
قال عبد العزيز
: والجبيرة كم تطول ؟
: من ست أشهر الى سنة مع العلاج الطبيعي وحسب استجابتك
زفر وهو يرتاح في جلسته
ثم قال
: طيب متى تسوون العملية ؟
: لازم نستعجل فيها لأنّي خايف من الأغشية والأنسجة الميتة ممكن تحمل جراثيم وتسبب لك مضاعفات , اليوم الساعة خمس العصر بإذن الله العملية , وما راح تحس بشي بعدها بساعات بنعطيك مخدّر قوي تفاديًا لشدّة الألم
التفت الى والده بنظرةٍ مبهمة
فهم والده مغزاها
يحمّلهم ذنب ما حدث له
شدّ والده على قبضته واشاح ببصره عنه
لو علمت ما تركتك تخرج ! يا قطعةً من فؤادي
استعاذ من الشيطان , ومن لو التي تفتح له بابًا
ثم قال
: انا بكلم امّك واعلمها عن العملية , شوي وراجع
وخرج دون ان يضيف شيئًا , او يسمع شيئًا
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
العاشرة والنصف صباحًا
هزّها برفق , لتفتح عينيها بكسل
ابتسم بتوتّر
: صباح الخير
قالت وهي تعتدل في جلستها
:صباح النور , شكلك ما نمت
زفر بارتباكٍ واضح
: لا ما جاني النوم
اقتربت منه
: حبيبي فيك شي ؟
مسح على شعره وهو ينظرُ الى عينيها بصمت
لامسّ كفها خدّه برفق , لتقول بحنو
: مسفر !
قبّل باطن كفّها
: متوتر من المحكمة شوي
تجمّدت نظرتها , ثم أشاحت ببصرها عنه
حمحمت وابتعدت لتعدّل السرير وترفع الملابس عن الأرض
قالت بنبرةٍ مهتزّة
: الله يوفقك
عانقها من الخلف وقبّل كتفها
: سامحيني يا مها
التفتت اليه وهي تبتسم من بين دمعتين تبلورتا في مقلتيها
: ان شالله خير , تعال اريقك
: ما اشتهي , انتي البسي بودّيك عند امّك , يمكن اتأخر وبقلق عليك اذا بروحك
مدّت ذراعيها الى كتفيه , وقالت بأمل
: تقلق علي يا مسفر ؟
امسك بيديها بقوّة , وقال ببطئ
: صقر يقلق على زوجته وحبيبته , ولا ماهو رجّال
ابتسمت وصمتت
وابتعد هو لينتظرها في غرفة الجلوس
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانية وعشرون دقيقة مساءً
تأفف وهو يتّصِلُ بابنِ عمّه , الذي أجابه فورًا
: هلا علي
: هلا عبد الله , انت اخذت رتيل من المستشفى ؟
: لا ! وش صاير ؟
رَكِبَ علي السيّارة وقال بعصبيّةٍ يكبتها
: جيتها لي ثلث ساعة اتّصِل وجوالها مقفّل , يمكن تركي اخذها بس ما يرد علي وعندي دوام لازم ارجع
: طيّب اتصل على عمّتي اسألها
: خلاص راجع البيت , مشكور عبد الله
ودّعه وأغلق الهاتف
,
أغلق عبد الله الهاتف وهمّ بادخاله الى جيبه بتفكير
ليرنّ مجددًا
ردّ بابتسامة
: هلا والله
جاءه الصوت محييًا
: هلا فيك , شلونك ؟
: الحمد لله بخير , بشرني عنّك وعن سعد ؟
: ما علينا خلاف , انا اليوم عازمك
ضحك عبد الله
: على وين ان شالله ؟
: لا تسأل الحين , بس ان شالله على العصر او بعدها على طول بجيك خلّك جاهز , وكلّم علي وتركي وولد خالتهم بعد
رفع عبد الله حاجبيه
: وش هالكرم الحاتمي !
ضحك ذياب وودّعه
,
دخل الى المنزل ونادى
: يمه ؟
خرجت من المطبخ , نظرت اليه ثمّ الى الدرج
: رتيل طلعت فوق ؟
عقد حاجبيه
: ما جابها تركي !
ازدردت ريقها
: تركي راح يجيب هديل !
دخل تركي حينها ومعه هديل
قالا علي ووالدته في ذات اللحظة
: وين رتيل ؟
قال تركي
: وش درّاني مو انت اللي تجيبها ؟!
قال علي
: رحت انتظرتها عند المستشفى ثلث ساعة جوّالها مقفّل ولا طلعت قلت يمكن اخذتها انت
قالت ام علي بخوف
: روحوا انت ويّاه واحد للكلية وواحد للمستشفى دوروها
خرجا فورًا
ودخلت ام علي الى غرفة الجلوس
قالت بقلق وهي تجلس
: يارب سترك
التفتت اليها شقيقتها الشاردة
: وش فيك ؟
: رتيل مدري وينها
لم تُجبها ام وليد
او لم تركّز في ما قالته
كان بالها مشغولًا في مكالمة لين البارحة
" قالت بحدّةٍ هامسة
: اقنعيني شلون غصب عنّك ؟
قالت بزفرة
: جاني اتّصال غريب وحدة تقول لي امّك بتموت الحقيها , ما فكّرت الّا بامّي...
قاطعتها
: ليش ما قلتي له ؟ كان بيرفض مثلًا !
قالت لين ببكاء
: ما كان بيرفض , بس خفت عليه يا خالتي , خفت عليه من عمامي لا يذبحونه , انا شاردة منهم وخالعة ولدهم لو رجعت مع زوجي وش ممكن يسوون فيه ! انا فدوتن له اروح تحت رجليهم بس سعود ما يجيه شي , اموت لو انضر بشي , هذول وحوش ما يرحمون , ابوي راح بجلطة بسبّتهم , انا شردتني امي بسبّتهم اخُوي ضربوه بطلقة , تبيني اقدّم لهم سعود بسهولة !
كانت ام وليد تبكي معها
وكأنّ الزمن يُعيدُ نفسه
وكأنّها تحكي قصّتها
أغمضت عينيها بوجعٍ طويل
لا زال ينخر قلبها وروحها
حمحمت , ثم قالت ببحةٍ مرهقة
: ولو , ما كان لازم تتركينه وتمشين , على الاقل تحطّين عنده خبر !
بكت بانهيار
: ما قدرت ولا فكّرت , تكفين يا خالتي لا تقولين له شي , طلبتك يا خالتي خلّيها مثل ما هي "
ظلّت ترجوها بشدّة
حتّى وافقت بتردد
ولا يزال ترددها يدهس ضميرها ويسحقه الفًا
كيف سمحت لنفسها ان تطيع لين !
هل لأنّها تشبهها ؟
هل قلبُ الأمّ الذي تحمله للين , أصمتها !
زفرت وهي تفركُ عينيها
,
,
المملكة المتحدة – تشيلسي
العاشرة صباحًا
مدّت بكوبِ الحليب للصغيرة
أخذته لترتشف منه
قالت وللتو قد انتبهت الى الصورةِ المعلّقة على الحائط
: خالتي
: ماذا ؟
: من في هذه الصورة ؟!
التفتت اليها وابتسمت
: انّها جدّتك جوليا وجدّك المتوفّى , وانا ووالدتك كنّا صغيرتان
اقتربت الصغيرة من الصورة , ثم قالت بابتسامة
: استطيع تمييز امّي
: حقًا !
أشارت الى احدى الفتاتين , ثم قالت
: عندما انظرُ الى المرآة اشعرُ انّي اراها , لكنني لا اشبهها !
مسحت رونا على شعرها
: لكما ذاتُ النظرةِ المشرقة , ذاتُ الضحكة الجميلة , انتي منها وهي منكِ لا تنسلخان عن بعضكما
جلست فكتوريا على الكرسي وقالت
: اتمنى لو لم ترحل
زمّت رونا شفتيها لتمنع نفسها من البكاء
ماذا اقولُ انا اذًا يا صغيرتي !
لم تعرفيها في حياتك , وتفتقدينها
كيف بي , والعمر الماضي كلّه كان معها
شقيقتي الوحيدة , التي كانت تشتكي لي من الدبوسِ اذا جرح اصبعها
وكنت أخبرها عن الذبابةِ اذا ضايقتني بمرورها من أمامي !
كم افتقدها
افتقد أحاديثها , ضحكها الماجن الذي وبخّتها عليه دومًا
افتقد جموحها الذي جرفها عمرًا , وأبعدها عنّي
اريدها بشدّة
اتمنى لو تعود , لأخبئها خلف أجفاني
لأمنعها ان تحرمني نفسها
عادت بذاكرتها الى الخلف
الى أعوامٍ ولّت وانقضت
تذكّرت دخولَ رنا في ذلك اليوم
كانت مرهقة , ومتعبة
قالت وفيها من التعب والغضبِ ما ينسفُ بيتًا
": سأسافر مع صديقاتي في دورةٍ الى ليفربول
قالت والدتها باستغراب
: دورةُ ماذا ! كيف تتوقفين عن حضور دروسكِ في الجامعة لتذهبي في دورة ؟
قالت بانفعال
: وماذا في ذلك ! في الأصل الدورة من الجامعة ومُنحت للمميزين
جلست والدتها بجانبها , وقالت بحنو
: حبيبتي هل انتي متعبة ؟
قالت بارتباك
: لا , مرهقةٌ فقط من الجامعة
امسكت بيدها وقالت مبتسمة
: جاء هاني وتحدّث الى محمد زوج اختك
سحبت يدها ونهضت بعصبيّة
: الا يفهم هذا الرجل !
دخلت رونا الى الغرفة وقالت بهدوء
: احنا وش قلنا على ذا اللبس ؟
تأففت
: تكفين عاد مو وقتك , وش سالفة هاني ؟
جلست لتقول
: عادي يحاول يخطبك من جديد , مو فاهمة سبب رفضك ! هاني ما فيه شي ينرد !
صرخت
: مو غصب ! الزواج مو غصصصب ما ابي هاني انسسسوا الموضوع
قالت رونا باستغراب
: طيب وش فيك معصبة ! الأمر راجع لك في النهاية وانتي حرّة
جلست وكفّيها يرتجفان من انفعالها
قالت والدتها
: حبيبتي لستِ بخير
قالت بانزعاج
: اخبرتك انّي مرهقة – نهضت وقالت وهي تغادر الغرفة – غدًا سأسافر
قالت رونا باستغراب
: الى اين ستسافر ؟
قالت والدتها بزفرة
: الجامعة سترسلها في دورة الى لفربول
صمتت رونا مستغربة
اصابتها الريبة , لكنّها تجاهلت الأمر
لم يعلموا انّها حامل في ذلك الوقت !
انفعالها وغضبها , بسببِ حملها !
سافرت وقضت تسعةَ أشهرٍ وعادت
دخلت بشكلٍ ليس شكلها المعتاد
دخلت بوجهٍ لا يشبهها
عينيها غائرتان من التعب , وجنتيها نحيلتان
شعرها مجعدٌ ويديها جافّتان
فُجعت والدتها برؤيتها
عانقتها وهتفت
: بنيتي ما بكِ !
جلست ارضًا وقالت
: اريد اخباركِ أمرًا
نادت جوليا بخوف
: رونا , رونـا
جاءت رونا مسرعة , وشهقت حين رأتها
اقتربت وأمسكت بوجهها
: وش فيك ؟
تمسكت رنا بها وقالت
: بقول لكم شي
صمتت لثوانٍ ثم قالت
: قبل عامٍ وشهر تزوجت من روبرت سرًا , وحملت منه وسافرت لأتمّ حملي وولادتي , وقد وضعت طفلتي قبل اسبوعان , لكنّه لم يعترف بي او بها ومزّق الورقة وهرب
سقطت جوليا ارضًا , وعينيها متجمّدتان على ابنتها
صغيرتها المدللة !
شعرت ان الدم قد تجمّد فيها
وانّ قلبها توقّف عن النبض
ظلّت تنظرُ اليها بلا تصديق
هل تصدق وتقلتني ؟
ام تكذب وتعيد روحي التي هربت من جسدي !
صُعقت رونا , وصمتت لدقيقة لتستوعب
ثمّ رفعت يدها وصفعتها بقسوة
صرخت بها
: حملتي بالحرام ؟ زنيتي !
بكت بانهيارٍ وكأن الصفعة ايقظتها من سباتٍ عميق
بكت وهي تتمسك بشقيقتها
: تزوجني !
صفعتها مجددًا وصاحت بها
: كافر ما يجوز لك تتزوجينه , كتب ورقة بخط ايده بدون شهود وبدون عقد وصيغة تزويج صحيحة , زنيتي يا بنت امّي وابوي , حملتي وخلفتي سفاح
شهقت وهي تعيدُ ذات الكلمة
: والله تزوجني
صفعتها وهي تبكي معها
: ليش سويتي بنفسك كذا ليشش , ليش سويتي فينا كذا
تشبثت رنا بشقيقتها لتبكي بحدّة
لترثي نفسها
ظلّت تبكي وتشهق
ورونا تعانقها وتبكي معها
دخلَ محمّد زوجُ رنا غاضبًا
وحين رآهنّ صمت
قالت رونا بارتباك
: توها راجعة , مشتاقين لها
قال بغضب
: لمّا طوّلت غيبتها دوّر وراها هاني وعرف كل شي , وجا بلغني
أغمضت رونا عينيها بحسرةٍ , ونكّست رأسها
اقترب محمد وقال بقهرٍ عميق
: ليش يا رنا ؟ وش ينقصك وأرخصتي نفسك بهالشكل
تأوّهت بشدّة , دون ان تجيب
نهضت جوليا وقالت بهدوء
: اين الطفلة ؟
لم تُجبها
لتكرّرَ بحدّة
: اين ابنتكِ ؟
رفعت كتفيها بضعف
: تركتها في دورِ الرعاية
: احضريها
هزّت رأسها نفيًا
حاولت النهوض لتعانق والدتها
لكنّها زجرتها
: ابقي مكانك , من هذه اللحظة لستِ ابنتي ولا اعترفُ بك , اخرجي من منزلي حالًا
قالت رونا برجاء
: امّي ارجوكِ...
قاطعتها
: اصمتي رونا , ليسَ لي ابنةٌ غيرك , ولا عائلةً سواكِ وزوجكِ وابنك
صدّت عنهن
: لا اريدُ رؤيتها هنا ابدًا
وخرجت من الغرفة
لم ينتهِ اليوم , الّا وقد خطبها هاني مجددًا
رغمَ علمه بكلّ شيء
تزوجها وأبعدها عنهم
ليحبّها بطريقته البائسة
ليفرغ قهره من صدّها , بقسوته
ليبطش بها
رغمَ عشقه لها !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانية واربعون دقيقة مساءً
مدّت بالملعقة اليها
: يلا يمّه بسم الله
أكلت ثم ابتعدت وهي تعقد حاجبيها
قالت بعصبيّةٍ خفيفة
: وش ذا الله يكرم النعمة
ضحكت وهي تقول
: انتي تعبانة يمّه اكلِك خاص
هزّت رأسها برفض
: ماني ماكلته ذا
دخل سلطان واقترب ليقبّل رأسها
جلس قريبًا منها وقال
: تغدّيتي ؟
قالت اروى
: ما تبيه مو عاجبها
اقترب وسحب الصحن من اروى
: بتاكل ان شالله عشان تطلع سالمة
قالت اروى وهي تميل شفتيها جانبًا
: للأمانة حاولت اذوقه بس يحوّم الكبد
رفع حاجبه
: قومي لا احومك بكبرك هنا الحين
ضحكت وابتعدت
مدّ الملعقة الى جدّته
: يلا يا بعد هلي
أكلت بصمت
ظلّ يطعمها حتّى انهت طعامها
قالت اروى بغيض
: اشوف طعمه تغيّر من يد دلوعك
قال سلطان بغرور
: مقامات يا بيئة
دخلت الممرضة لتقيس الضغط
سألها سلطان
: كيف ؟
: الحمد لله انضبط تقريبًا , يبيلها معاينة كل شوي وضبط المحلول عشان يرجع طبيعي ان شالله
: متى نقدر نطلعها ؟
: اسأل الطبيب اذا جا يشوفها
خرجت ليجلس سلطان بجانبها
قالت بعد قليل
: على وعدك يا ولد مساعد ؟
نظر اليها والتردد والرفض جليّان في نظرته
لكنّه ابتسم وهو ينحني ليقبّل يديها
: على وعدي يا عمري , اليوم رحت لعمّي وكلمته عن الوظيفة قال لي من بكرة تستلمها
وصمت
قالت وهي تنظر اليه من طرفِ عينيها
: ايه ؟
ازدرد ريقه , وشدّ على قبضته
: والباقي ان طلعتي بالسلامة ان شالله
هزّت رأسها بصمت
ضغطت اروى على اسنانها برفضٍ قاطع
ظلّت تنظر اليه بلومٍ شديد
ليهرب بنظره عنها
لن تفهمي ابدًا
لن تدركي احتياجي اليها
هذه السيّدةُ التي تربّي قلبي , التي تروّض غضبي
هذه الأمّ التي لا استطيع العيش ان هي تكدّرت
سأرمي بنفسي في غياهبَ لا منتهية
سأصارعُ ذاتي
لترضى
لتبتسم
لتهدأ نفسها , ليرتوي فضولها في رؤيتي بجانبِ فتاةٍ تختارها لي
سأقتل نفسي , لتعيش هي يا اروى !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانية وثلاثٌ وخمسين دقيقة
دخل علي لتنهض ام علي بلهفة
: وينها ؟
قال في ذات اللحظة
: رجعت ؟
قالت وهي ستسقط ارضًا
: ما رجعت
فرك جبينه
: ماهي في المستشفى
بعد دقائق دخل تركي ليسأل
: رجعت ؟
جلست ام علي ارضًا
: يمّه بنتي
قالت هديل وهي تحاول الاتّصال بها
: ياربييي للحين مقفّل – صمتت لثوانٍ , ثم صرخت باستدراك – كلموا صقر يمكن عنده !
شهق الثلاثة بانتباه , ليخرج علي هاتفه فورًا ويتّصل
بعد اتّصالين أجابه بانشغال
: هلا علي
قال علي وهو يتحرّك بتوتر
: انت وين صقر ؟
قال باستغراب
: ليش ؟
قال علي وقد فقد اعصابه
: رتيل عندك ؟!
نهض صقر من مكانه وقال ببطئ
: وش صاير
ازدرد علي ريقه
: تكفى قول انّها عندك
خرج صقر باستعجال من مكتبِ ابي بدر
ناداه ابو بدر
: صقر وين رايح ؟ ما نروح سوى للمحكمة ؟
التفت اليه صقر
: ان شالله مو مطوّل , القاكم هناك
أغلق هاتفه ونزل مسرعًا ليركب سيّارته ويتّجه الى بيتِ عمّه
أخرج هاتفه واتّصل بأخيه
الذي ردّ بعد ثوانٍ
: نعم ؟
صرخ به
: وين رتيل ؟
صمتَ عبد الله لثوانٍ , ثم قال
: وينها !
قال صقر بغضبٍ هادر
: والله اذبحك يا عبد الله ان طلعت معاك
نهض عبد الله من طاولة الطعام وخرج من المنزل
: والله ما ادري عنها !
أغلق صقر الهاتف ورماه جانبًا بجنون
وصلَ الى منزلِ عمّه ونزلَ ليطرق الباب بشدّة
فتحه علي بلهفة
وتخاذل حين رأى صقر
صرخ به
: ضيعتوها ؟
قال تركي بغضب
: احترم نفسك وش اللي ضيعتوها ؟!
رفس الحائط بقوّة
: قبل عشر سنين ضيعتوها , والحين تضيعونها
وصلَ عبد الله ودخل الى المنزل الذي كان مفتوحًا
قال بتوتر
: لقيتوها ؟
قال علي وهو يكادُ يُجَن
: وين راحت ! والله ما سوّتها ولا مرّة , لو فرضًا كان عندها مشروع بتقول لنا قبل اكيد
صرخت بهم ام علي
: انقلعوا دوروها , واقفين لي زي الحريم تصارخون هنا !
روحوا دوروا بنتي
خرج الأربعة معًا وركبَ كلٌّ سيّارته
اقتربت ام وليد من شقيقتها
: تعوّذي من الشيطان ان شالله ما فيها الّا العافية
قالت برجاء
: يارب ردّها سالمة ولا تفجعني فيها , ياربي هذه بنتي ولا لي غناةٍ عنها , ياربي هذه امانة ايمان وعادل ولا لي وجه اقابلهم وانا مضيّعتها
نهرتها ام وليد
: وش ذا الفال ! تلاقين صار معاها ظرف ولا شي
,
,
المملكة المتحدة – لندن
الواحدة مساءً
فرك جبينه بقلق وهو يقول
: وعساها بخير الحين ؟
أجابه الآخر
: الحمد لله أخف لا تقلق
: يستدعي اجي ؟
: لا يا سعود قلت لك بخير الحمد لله , اروى مهتمّة فيها لين تطلع بالسلامة
زفر وهو يجلس
: الحمد لله , سليطين ذا متى يتوب من هباله , بيجنن جدّتي من عناده
قال مالك بزفرة
: لا عقل وجاها وحب على راسها وقال لها لك اللي تبينه
: الله يصلحه
لم يطيلا الحديث , وتوادعا
بحث سعود عن رقم عبد العزيز في هاتفه , واتّصل
مرّت ثوانٍ ليجيبه بِبَحّة
: يا هلا
ابتسم سعود ونهض حين سمع صوته
: شلونك يا خايس
قال عبد العزيز مبتسمًا بهدوء
: زين اتّصلت الحين
صمت سعود لثوانٍ , ثم قال
: وش فيك عزيز ؟ صوتك ماهو عاجبني
ضحك عبد العزيز رغمًا عنه
: ما فيني شي
هتف سعود
: كذاب , والله كذّاب
قال عبد العزيز
: انا بخير
ضغط سعود على اسنانه
: تأكّد لي بكل كلمة انّك كذاب وان فيك شي , وش صاير معاك يا اخوي ؟
قال عبد العزيز برجاء
: سعود اعفيني
ظلّ سعود صامتًا
ليتأفف عبد العزيز
: طيّب , صار لي حادث بسيط , وعندي عملية بعد ساعتين تقريبًا
كرّر سعود باستهزاء
: حادث بسيط ؟
غضب عبد العزيز
: سألتك بالله ما تجي , يا خبل الموضوع ماهو مستاهل
قال سعود يجاريه
: ايه زين
قال عبد العزيز بعقلانية
: وش بتسوي لي ان جيت ؟ ما بتعطيني من عافيتك ولا بتسهر على صحّتي ورعايتي , خلّك كلها ثلاث اسابيع يا سعود خلّص على خير وتعال ماني طاير
رفس سعود السرير بغيض وغضب
: تبيني اجلس هنا وانت عندك عملية بعد كم ساعة ؟
: قلت لك بسيطة وانا بخير , بالله عليك لا تجي , ما لها داعي جيّتك
جلس سعود على السرير وصمت لدقيقة , ثم قال بحنو
: وين اصابتك ؟
: ساقي , كسور مضاعفة
أغمض سعود عينيه وعضّ على شفته العليا
: تعورك ؟
قال عبد العزيز باستعطاف
: ايه حيل , بموت من الألم
ضحك سعود رغمًا عنه
: تستاهل
ابتسم عبد العزيز , وبعد ثوانٍ سأله
: خالتي سارة شلونها ؟
: والله كلمتها قبل كم يوم , صوتها ما كان عاجبني ذكّرتني باتصل اتطمن عليها
قال عبد العزيز مغتاضًا
: والله على ولدها ذاك معاها حق تتضايق وتتنكّد
: شفيه ولدها ؟
: مدري ياخي مطيور وعصبي وبغى يضربها وقتها على باله نكذب عليه
: اوف ! يعني حسّيته ماهو مضبوط ؟
: مو كذا , مدري كيف بس شخصيته ترفع الضغط
ضحك سعود
: تلاقيك حاقد عليه عشان هاوشك , ان شالله فيه خير لأمّه عاد
: اللهم آمين – تحدّث الى أحدٍ بجانبه , ثم قال – طيّب سعود انا بقفل بيسوون لي تحاليل أخيرة عشان يخدّروني ويدّخلوني غرفة العمليات
نهض سعود بقلق
: تقوم بالسلامة , الله يبشرني بسلامتك , ارسل لي رقم ابوك عشان اتواصل معاه واتطمن عليك
توادعا , وأغلق سعود الهاتف
قال بصدق
: يارب تقومه بالسلامة
شرد ذهنه لدقائق
حتّى تذكّر الخالة سارة
اتصل بها , لتجيبه بحذر
: سعود ؟
ابتسم بهدوء
: شلونك يا بعدي ؟
ازدردت ريقها , وقالت بخفوت
: الحمد لله
قال بتساؤل
: خالتي فيك شي ؟
قالت بارتباكٍ ملحوظ
: لا وش فيني يعني !
لم يصدّقها
لكنّه ظنّ انّه ضيقٌ بسببِ ابنها !
لم يُطِل حديثه معها , وودّعها
زفر وهو يخرج من الغرفة الى الباحة
جدّته متعبة
وعبد العزيز مُصاب
وخالته سارة غريبة الأطوار
أشعل سيجارةً ودخّنها بشرود
سمع صرخة قريبة
: شو عم تساوي !
التفت اليه بانتباه
: هلا ؟
اقترب بصدمة
: عم تدخن ؟!!
نظر اليها بصمت , ثم رماها أرضًا ودهسها
همّ بالعودة الى الغرفة ليمسك به شادي بقوّة , ويقول بحدّة
: عم احكي معك , من ايمتى تشرب هاد السم ؟
قال بملل
: ماني رايق لك
: ولك الله لا يوفئك على هالعملة , لك في حدا بيرمي حالو هيك رمية ؟ شو اجدب انتَ ولا عم تجدبا ! ما كنت تنتقد ياللي بيدخنوا ويشربوا , ليش صرت متلون ؟
زفر , ثم ابتسم
: ان شالله اتركها
تركه وعاد الى الغرفة
حرقةُ فؤادي لن يحاربها الّا حريقٌ يشبهها
أحارب قلبي المشتعل , بدخانٍ اسودَ يخنقه
ليتوقف عن التفكير
ليتوقف عن بثِّ الوجعِ القاتم لي
انا يا شادي لم اؤيد التدخين يومًا
لكنّه اصبح صديقي الآن
اصبح مرافقي الأوّل
ادخّن لتواسيني سيجارة
ادخّن , لأتخيّل لين تحترق مع التبغ !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الرابعة وخمسون دقيقة مساءً
عاد أخويّ رتيل , وصقر الى منزلِ امّ علي
قال تركي وهو يكاد يمزّقُ ثيابه
: وين تكون يعني !
قالت ام علي بانهيار
: ابي بنتي , جيبوا بنتي
كان صقر صامتًا وهو يحترق من داخله
اينَ ذهبتي يا رتيل
اين اختفيتي !
ان كنتي تعاقبيني فقد فعلتي والله
وكأنّ قلبي يتدحرج على خناجرَ حادّة
وكأنّ روحي تتلوى من مرضٍ خبيثٍ يضيّق خناقها
فلتعودي وسأخنقكِ بيدي , وادفنك بداخلي
لأنتهي من المٍ طويلٍ يبدأ بكِ
ويمرّ بكلِ ما في الحياة , لينتهي بكِ
قال علي
: انا ببلغ
قبل ان ينطق صقر فُتِحَ الباب لتدخل
شهقت والدتها وأسرعت لتعانقها وهي تهتف
: رتييييل , يممه بنتييي , وين كنتي يمممه وين رحتي , وقفّتي قلبي عليك يا روحي
قالت بندم وأسف , ولم تنتبه لصقر بعد !
: يا عمري يمه سامحيني , كنت....
قاطعها بصرخةٍ هادرة
: وين كنتي ؟
رفعت رأسها برعبٍ اليه
اقترب منها بجنون وهو يحطّم الأحرف الخارجة من بين شفتيه
: بتمشين معاي غصب عنّك...
قاطعه علي وهو يمسك بيده
: صقر , ما له لزوم ذا الكلام
قال وهو لا يرى ما امامه
: الحين تمشي معاي باللي عليها
قال تركي بغضبٍ هو الآخر
: هي وكالة من غير بوّاب ؟ ولا من زود الحقارة قمت تستغل المواقف لصالحك ؟!
خبأتها امّها خلفها وقالت
: خلاص صقر مشكور , البنت ورجعت روح شوف شغلك
صرخ بلا وعي
: وين كنتي ؟
قوّةٌ استمدّتها من ظهر امّها الذي يحميها
صرخت به بانفعال
: وانت وش دخلك ؟ ما لك كلمة علي اطلللع من حياااتي اكفيني شرك , طلقني ما تفهم انت !
وكأنّها رمت قشّةً قصمت ظهره
دخل عبد الله حينَ رأى الباب مفتوحًا
ليسمع صوت صقر المخيف من حدّته , المختفي من بحّته
: انـتـي طــالــق
,
,
الى الملتقى
,
*كان إمام السنّة أحمد بن حنبل – رحمه الله – يقول :
كل من ذكرني بسوءٍ فهو في ( حلٍّ منّي ) , ثم يقول :
ما ينفعك أن يعذّب أخاك المسلمُ بسببك ! *
,



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 15-03-15, 06:12 PM   #65

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,433
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله
مساكم الله بالخير يا جميلات
يارب كلكم بخير وعافية
,
لازم اعترف انّي اشتقت لكم كثير
واشتقت لجوْ الرواية والردود والتوقّعات
واشتقت اكتب
وضروري اعتذر لكم عن التأخير اللي حاصل
والظروف اللي خارج سيطرتي
والاحباط اللي أصابني من ضياع البارت الدسم والغني جدًّا
لكن الحمد لله على كل حال
,
اليوم تحاملت على نفسي رغم مرضي , وفتحت اللاب
عشان ابلغكم بكلامي هذا
واؤكد لكم , انّي باذن الله ما راح اخذلكم واوقّف
وفي اقرب فرصة لي
اليوم او بكرة ان شالله
برد على ردودكم كلها
وبدخل الآسك واجاوبكم ان شالله
وعلى طول ببدأ بكتابة البارت
ساعدوني على نفسي
بالذات صديقات قلبي اللي يتواصلون معاي مباشرة
سلطوهم علي :p
لهم تأثير عجيب علي ")
,
اتمنى تسامحوني على التأخير
وزي ما وعدت , اليوم او بكرة انتهي من الردود والآسك
وابدأ في البارت
ودّي.



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 17-03-15, 01:26 AM   #66

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,433
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
البارت الثالث والأربعون

,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الرابعة وخمسون دقيقة مساءً
رآها , ليشعر بالسماء تفتح له أبوابها
ليشعر بأبواب الجنّة الثمانية تُشَرّع له
قلبه المتوتر , زفر براحةٍ وهدأ
عيناه المترقبة
ابتسمت بحنانٍ ناعمِ الحِس
سمِع اعتذارها لوالدتها
وثار مجددًا
ساعاتُ غيابك الماضية
التي اشعلتي بها قلبي الثملَ بكِ
التي أوقدتي خلالها خوفي عليكِ
التي أحرقتني بها ألفًا , قلقًا عليكِ
اين قضيتها
من احتجتِ فيها , وأعانك
ايّ زوجٍ من الأعين اللعينة التهمك
دون رجلٍ الى جانبكِ يعمي الناظرَ اليكِ
صرخ بها دون ان يفكّر
: وين كنتي ؟!
حينَها انتبهت لوجوده
لتطعنه , بأنّها لم تره مذ دخلت
رغم انّها كانت لا ترى سواه في حضوره !
نظرتها المرعوبة
قتلت قلبه الهائمَ بها
حينَ رأته شعرت بزلزلة الأرضِ من تحتها
شعرت بصوته يخترقها , ليشتت أشلاءها
قفزت روحها رغبةً في عناقه
للتو ادركت انّها لم تعانقه بعد !
لم تعانقه منذ تسعِ أعوامٍ وعدّة أشهر !
للتو لاحظت , انّها رأته عدّة مرّاتٍ مذ عاد
لكنّها لم تعانقه أبدًا
فكّرت في ثانية
هل تعانقه الآن !
هل تعانقه وتطيل في عناقه
ثم تبتعد بهدوءٍ كما اقتربت
وتصعد الى الأعلى كأنّ شيئًا لم يكُن
لم يمهلها لتقترب
ليصرخ بها مجددًا
حينَ تذكّر اختفاءها قبلَ عشرة أعوامٍ
ومن خشيته على نفسه , من ان تضيع ثالثةً فلا يجدها !
اقترب منها وهو يدكّ الأرض , ويحطم الأحرف
ويزمجر
: بتمشين معاي غصب عنّك...
قاطعه علي وهو يمسك بيده
: صقر , ما له لزوم ذا الكلام
قال وهو لا يرى ما امامه
: الحين تمشي معاي باللي عليها
قال تركي بغضبٍ هو الآخر
: هي وكالة من غير بوّاب ؟ ولا من زود الحقارة قمت تستغل المواقف لصالحك ؟!
خبأتها امّها خلفها وقالت
: خلاص صقر مشكور , البنت ورجعت روح شوف شغلك
صرخ مجددًا
: وين كنتي ؟
قوّةٌ استمدّتها من ظهر امّها الذي يحميها
قوّةٌ استمدّتها من سلبيةِ صقر التي بثّها اليها
سلبيةٌ استوحتها من ندمها على تفكيرها !
صرخت به بانفعال
: وانت وش دخلك ؟ ما لك كلمة علي اطلللع من حياااتي اكفيني شرك , طلقني ما تفهم انت !
وكأنّها رمت قشّةً قصمت ظهره
وكأنّها أشعلت الفتيل الذي يتكوّم على قلبه
لتفجره في ثانيةٍ واحدة
دخل عبد الله حينَ رأى الباب مفتوحًا
ليسمع صوت صقر المخيف من حدّته , المختفي من بحّته
: انـتـي طــالــق
اتّجه ناحيةَ الباب
دفع شقيقه بكلّ قوّته جانبًا
وخرج
التفت عبد الله الى رتيل بصدمة
جلست أرضًا , حينَ خانتها قدميها ولم تصمد
حينَ عجز قلبها عن التحمّل
وكأنّه يتبرأ من أفعالها
او يعاقبها عليها
فضحها ضعفها
فضحتها ركبتيها , حين أوقعتها
في أكثرِ لحظَةٍ احتاجت الوقوف فيها !
جمعت كفّيها الى قلبها
تريدُ حماية نفسها
نكّست رأسها حتّى كادت تُخلَع رقبتها
ظلّت لثوانٍ على وضعها
الأصواتُ من حولها ولا تميزها
شهقة خالتها ام وليد
وصوتُ امّها المكسور
: لا حول ولا قوّة الا بالله
هتافُ هديل الغاضب
: حسسسبيي الله عليييه علّه ما يربح , الله لا يردّه
صراخ تركي الغاضب وهو يكاد يتبعه
: الجبان
امسك به علي وهو يوبّخه بحدّة
: وقّف مكانك , ما كن اختك اللي حدّته
شعرت بلمسةِ ملاك الحانية
: رتيل
فزّت من لمستها
نظرت اليهم جميعًا دون أي تعبيرٍ واضح على ملامحها
رفعت رأسا الى الأعلى
هتف قلبها بأنين
" طلقني يا يمّه "
أنين قلبها المُوجع
أوجعها على حالها
لِتُصدرَ آهةً عميقة
ويهزلَ جسدها
انسابت أدمعها بحرارة
انّت بوجعٍ لا منتهٍ
نادت بحاجةٍ ماسّة
: يمممه , يممممه خذيني عندك تكفييين , آآه يمممه
عانقتها خالتها وهي ترجوها ببكاء
: لا اله الّا الله , رتيل يمه بسم الله عليك
صدّ علي ولم يتحمل منظرها
ولا صوتها
ولا بكائها
تراجع عبد الله بهدوء , وخرج من المنزل
اقترب تركي بغضب
: لا تبكين , وعزّة الله يرجع لك يزحف
زادَ نحيبها , ليزدرد ريقه ويركع على ركبتيه
ناداها برجاء
: رتـيـل
بكت هديل وهي تهتف بغضب
: الله لا يوفقك يا صقر عساك تلقاها في وجهك
سحبتها امّها اليها
عانقتها بقوّة
وكأنّها تخبرها بعناقها , انّها هنا
كأنّها تطلب منها ان ترمي بوجعها عليها
ان تطمئن , لأنّها لن تتخلّى عنها
همست في اذنها
: لا يشوفونك اخوانك تبكين , ابكي هنا على قلبي , اتركي دموعك وهمّك , لا تبعدين عنّي وفي داخلك منهم شي , اتركيهم عندي
تشبّثت بها وهي تناديها بنحيب
ازدردت ام علي ريقها , ودمعت عينيها
تلت بحشرجة
: } الله نُورُ السَّمَواتِ والْأَرْضِ مَثَلُ نُوْرِهِ كَمِشْكَوةٍ فِيْهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِيْ زُجَاجَةٍ الْزُّجَاجَةُ كَأْنَّهَا كَوْكّبٌ دُرِّيٌّ يَوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيّتُوْنَةٍ لَّا شَرْقِّيّةٍ وَلَا غَرْبيّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِئُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُوْرٍ يَهْدِي الله لِنُوْرِهِ مَنْ يَشَاءْ وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلْنَاسِ واللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيْمْ }
حمحمت ثم التفتت الى الجميع وقالت بحدّة
: نعم ؟ فُرجة قدامكم ! كل واحد يشوف شغله
لم يجيبوا , ولم يتحرّكوا
لتصرخ بعصبيّة
: وش قلت انا !
دون ان ينبسوا ببنت شفة
ذهبَ كلٌّ الى مكان
هزّتها برفق
: قومي ماما , قومي حبيبتي بدّلي ثيابك وننزل نتغدّى
قالت بأنين
: طلقني يمّه , يعني بح صقر !
هزّتها بتوبيخ
: من قال يا خبلة ! هذه طلقة وحدة وان كان شاريك يردّك عقبها , وش فيك انهرتي كذا , ليش فيه ثلاث طلقات اجل ؟ ماهو عشان اللي مثله يعصّب ولا يفكّر , عشان يصير عنده وقت يفكّر ويتراجع , قومي يا امّي بسم الله عليك
لم تُجبها
لتساعدها على النهوض , وتصعد معها الى غُرفتها
دونَ ان تتوقف عن التسمية عليها !
وقلبها متآكلٌ على حالها
للتوْ خرجت من عُزلتها
مرعوبةٌ من ان يعيدها اليها طلاقُ صقر !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الخامسة مساءً
خرج الى ساحَة المستشفى ليُطلق قدميه
فتح هاتفه لتهلّ الرسائلُ والمكالمات
اتّصلَ بمالِك اولًا
الذي أجابه بعجلة
: انت وينك ياخي
: هلا مالك , عسى ما شر ست مكالمات !
: ايه ذياب عازمنا ولَزّم علي أكلمك
: والله ما اقدر , انا في المستشفى ما ابى اخلّي جدّتي , حتّى مقفّل جوّالي صدفة فتحته الحين
: والله قال لي حتّى لو اعتذر اجبره
: وش عنده ؟
: مدري عنّه
: المهم قلت لك , ما راح اطلع من المستشفى , رح انت واعتذر عنّي
: طيّب براحتك , انا ان قضيت منهم على بدري بمرّكم
: حيّاك الله
أغلق الهاتف , وجلس على احدى المقاعد المنتشرة
زفرَ وهو يفكّر في أمرِ الزواج
كيفَ يتزوّج !
ولا زالَ لم يبرَأ من علّةٍ قديمة
كأنّه يراها في الأمس
الماضي المتوغّل فيه
يأبى ان يفارقه
يأبى ان يُطلق سراحه
في كل يومٍ يأوّله بفكرة مختلفةٍ عن سابقتها
تآكل عقله من كثرة التفكير
لن يعيش سعيدًا
ولن يُسعد تلك التي تريدها جدّته له
ربّما تكون سيئةً جدًّا
وربّما تكون بريئةً جدًّا
في كلتا الحالتين , سيكون سلطان اكبرَ من تحمّلها
سيعاقبها على ذنبٍ تجهله
سيكونُ امّا ابتلاءها في الحياة
او عقابها على ذنبٍ قد سلف !
زفرَ بحدّةٍ وهو يستغفر
لن يُنجيه من محنته سوى الله
الله وحده !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الخامسة وخمسةَ دقائق
رفعَ هاتفه ليتّصل
اقترب أحدهم
: يلا ابو بدر
أشار اليه ليصبر
: بكلّم ذياب
تركه وابتعد
بعدَ ثوانٍ ردّ ذياب
: هلا
قال بهمسٍ حاد
: وينكم انتوا ؟
قال ذياب بزفرة
: شوي وجايين
: ذياب نمزح احنا !
: والله مو بيدي , ابي اجيب عبد الله معاي الغبي مدري وينه , صقر ما جا ؟!
: لا , تركني في المكتب طلع مستعجل , اتّصلت عليه الف مرّة ما يرد
: الحين اكلمه , سعد وصلْ طيّب ؟
: لا – قال باستدراك – هذا هو وصل , لا تبطون المحكمة ما تلعب , ان تأخرتوا يلغون الجلسة ويعطونكم موعد ثاني شوف بعد كم
: لا ان شالله على الوقت احنا عندكم
ودّعه وأغلق الهاتف
دخل الى القاعة ليقول المدّعي العام منزعجًا
: وينهم ؟
قال ابو بدر بمحاولةٍ ليمتصّ غضبه
: ماسكتهم زحمة , على وصول ان شالله
زفر وابتعد عنه
التفت ابي بدر الى سعد بعصبيّة
: اتّصل على صقير مدري وين اختفى
أشار سعد الى عينيه وابتسم
ابتسم ابو بدر رغمًا عنه
: جاي غلط بينهم انت
ضحك ونهض ليتّصل بصقر
وجلس ابو بدر بجانبِ وزيرِ الأمن ونخبَةٍ من كبار الضبّاط
,
اتّصل على عبد الله عدّة مرّات ليجيبه أخيرًا
: هلا ذياب
صرخ به
: وينك ؟
قال بهدوء
: اعذرني ما اقدر اجيك اليوم , انا الحين واصل البيت
نظر ذياب عبر مرآة السيّارة
ليرى عبد الله يترجّل من سيّارته وهاتفه على اذنه
نزل من السيّارة واقترب منه
نظر اليه عبد الله بدهشة
سحبه ذياب رغمًا عنه
: امش
: ذياب والله..
قاطعه
: ولا كلمة , مشوار ضروري والله , وين عيال عمّك ؟
: ذياب...
قاطعه مجددًا
: خلاص ما له داعي اهم شي انت
ركِب معه عبد الله رغمًا عنه
ظلّ ذياب يتّصل بصقر
حتّى أجابه بغضب
: ووجع
قال ذياب مغتاضًا
: يوجعك , وينك انت ؟
صرخ به صقر وهو يغلق الباب بقوّة
: وصلت خلاص الحين بدخل
دخل ذياب بسيّارته عبر البوابة الكبيرة
: خلّك مكانك – استقطع كلامه وتذكّر انّ عبد الله معه , ليقول باستدراك – خلاص ادخل انا شوي واوصل
تأفف صقر وأغلق الهاتف دون رد
وضع ذياب هاتفه في جيبه وأوقف السيّارة
قال عبد الله بهدوء
: وش نسوي جايين للمحكمة !
: اذا دخلنا تعرف
صمتَ عبد الله , مستغربًا
او غيرَ مبالٍ , لانشغاله بأمرٍ آخر !
,
دخل صقر الى القاعةِ بهدوء
التفت ابو بدر , وزفر براحةٍ حينَ رآه
أشار اليه ليقترب
اقترب وصافحه
أشار ابو بدر الى الوزير
: طال عمرك هذا صقر
ابتسم الوزير ونهض ليحييه
ابتسم صقر ابتسامةً صفراء
همسَ ابو بدر
: انت بخير ؟
ازدرد ريقه
: ايه
شدّ على كتفه
: شد حيلك وتوكّل على الله , الله يفرح قلبك يا صقر
جلس دون تعليق
بعد دقائق أدخلوا المتّهمين الثلاثة لم يلتفت اليهم صقر
شعر بأحدهم يجلسُ بجانبه
نظر اليه بصمت
ابتسم بتشجيع , ثم قال ساخرًا وهو يرمقهم بنصف نظرة
: وجيه غبرا
لم يعلق صقر ولم تتغير تعابيره
قال ذياب بجديّة
: ماني سائلك عن شي ابي الجلسة تتم بخير , بس ما ابيك تشتت انتباهك في شي ثاني
لم يُجبه أيضًا
التفت ذياب الى جهةٍ بعيدة لينظر الى عبد الله المستغرب
ابتسم وأشار له بابهامه
كان قد أوصى سعد ليجلس بجانبه
التفت مرةً أخرى الى الأمام , وهو يزفر بهدوء
بهدوءٍ لا يعكسُ داخله المرتجف , جدًّا !
بهدوءٍ ينافيه تمامًا
فوضى المشاعر القلقة تعبث بداخله
تجعل قلبه يتعرّى للاحباط
ما زال يصرّ على أسنانه , ويشدّ قبضته
وهو يكرّر بعناد
انّهم سينجحون
وانّ نهاية معاناتهم قد وُقِّعت
دخل القاضي
لينهضوا جميعًا
حيّاهم , وردّوا
حينَ جلس , جلسوا جميعًا
بهيبةٍ لحضوره
بأملٍ ان ينصفهم , من نزاهةِ مهنته
التي وفقّه الله ليصلَ اليها
التي اكتسب شرفها
وعاش من أجله
مضت دقائقٌ تتلوها دقائق
أقسموا على قولِ الحقّ جميعًا
وتقدّم محامِ عائلة راشد بأقواله
ونهض ابو بدرٍ وأدلى بشهادته
ثمّ تقدّم المدّعي العام
ليقول
: طيّب نبدأ القصّة من أولها...
تغافلهم صقر , ليهرب بفكره عنهم
ليعود الى ذلك اليوم
الى ذاك الصباح
الذي ابتدأ مشرقًا
وانتهى بظلامٍ حالك
لم ينقشع الى اليوم !
" المملكة العربية السعودية – الرياض
الثامنة صباحًا
قالت وهي تُخرج بدلته العسكرية
: طيّب متى ترجع
ارتشف من كوب الشاي , ووضعه ليقول
: بالضبط بالضبط احسبيلي اربعة وعشرين ساعة , على ثمانية بكرة انا عندك , ونفطر سوى
: وعد ؟
ابتسم وقال
: وعد يا شيهانة صقر
رفعت أحد حاجبيها
: حتّى غزلك حيواني
قال ببطئ
: وش قلتي
انفجرت ضاحكة وقالت
: يا لبى الشيهانات كل ابوهن
ضحك باستخفاف , ثم قال
: بس ماني ناسيلك حيواني ذي
اقتربت لتقبّل خدّه بقوّة
ثم قالت بدلال
: نسيتها الحين
التفت اليها وظلّ صامتًا
ابتعدت عنه وهي تضحك بشدّة
هزّ رأسه نفيًا
: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم , رتيل والله لازم اروح يا قلبي
كانت جميعُ محاولاتها في ثنيه عن الذهابِ فاشلة
جلست على الأريكةِ متأففة
اقترب وجلس أمامها ارضًا
امسك بكلتا كفّيها وقال بحنوْ
: احنا اتفقنا ان أي شي نتضايق منّه بخصوص شغلي , نقول فدوة للوطن , من كنتي صغيرة , هذا شغلي يا رتيل انا مجبور اسافر بين فترة وفترة , وماني مطوّل كلّه يوم واحد , رجال أعمال وبطارى عندهم مؤتمر قالوا تعال يا صقر احمينا ونظم امن المكان , وش نسوي فيهم فلوس الدنيا على قلوبهم ولا يعرفون يحمون انفسهم
ضحكت رغمًا عنها
ابتسم وهو يتأمّلها
احمرّت وجنتيها ودفعته بخفّة
: يلا بتتأخر
نهض وباغتها حين حملها
خبّأت وجهها في كتفه وقالت محرجة
: صقققر
قال برجاء
: متى تكبرين عاد
ضحكت وهي تعانقه
ليقول بابتسامة
: المضحك في الموضوع انّك من يوم انولدتي وانا اشيلك , لدرجة احيانًا اقول رتيل تربّت وكبرت في حضني , وتوّك يوم ملّكت عليك صرتي تستحين حضرتك
ضربت كتفه بخفّة
: نزلني
أنزلها وأبعدها عنه
قال بجديّة
: ضروري تطولين شوي
دفعته بغيض وهي تهتف
: عدال يا الطويل
ابتعد عنها ضاحكًا
أخذت الطعام لتنزله
وتركته ليستبدل ثيابه
بعد قليلٍ دخل الى المطبخ , وهي تنظف الأطباق
اقترب منها
: رتيل
التفتت اليه وابتسمت من مظهره
: تؤمن بالله !
ابتسم , لجملتها اليومية !
قال بمحبة
: لا اله الا الله
قالت بطريقتها الطفولية ذاتها , التي لم تتغيّر يومًا
: انت اجمل رجل يلبس البدلة العسكرية في العالم
انحنى وقبّل جبينها
وسار ليخرج من المنزل , وهي خلفه
قالت بجانبِ الباب
: استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه , استودعك الله دينك وأمانتك وخواتيم اعمالك , كلمنا طمّنا عليك طيب
قال بملل
: والله محسستني مهاجر , كلّها الشرقيّة يا بنت الحلال
صرخت به مغتاضة
: احترم قلقي واحساسي , انا قايلة لك ماني مرتاحة لذي السفرة من اوّل
اقترب منها وقال بحدّة
: صوتك يا رتيل لا اكسر فمّك واعوقك , وبعدين وش حركات الزوجات اللي طالعتلي فيها ذي ! اصحي لنفسك يا بنت , ماهو صقر تتأمّر عليه حرمة وتفرض عليه احساسها
نظرت اليه بصمت
لينهرها
: اكسري عينك
تركته وصعدت الى الأعلى
قال بغضب
: والتراب
ركِب سيّارته وسار الى نهاية الشارع
تأفف وضرب الطارة , وعاد الى المنزل !
صعد الى غرفته غاضبًا
فتح الباب ليجدها ضامّةً ركبتيها الى صدرها , وداسّة وجهها بينهما
رفعت رأسها , ليرى عينيها محمّرتين , وعرقٌ أخضر برز في منتصفِ جبينها
وجميعُ ملامحها مشدودة
ولم تبكي !
قال بعصبيّة
: نعنبا هالوجه , وش قواة العين ذي , ما تبكين أبد ؟
لم تجبه
اقترب بخطواتٍ عريضة
ليقف أمامها لا يفصل بينهما الّا مقدارَ شعرة
لم يكسر أيٌّ منهما عينه لثوانٍ طويلة
قفزت لتعانقه وتبكي , في ذاتِ اللحظة التي ابتسمَ فيها وهمّ بمدّ ذراعيه اليها
ضحك رغمًا عنه وهو يعانقها
: خلاص حقّك علينا
حينها ودّعها , وذهبَ مُطْمئنًّا..."
,
,
المملكة المتحدة – تشيلسي
السابعة مساءً
دخل الى المنزل بهدوء
واقترب بخفّة من غرفة الجلوس
اختلس النظر , ليراها تجلس أرضًا وسط مجموعةِ كتب رسمٍ وتلوين
اعتلت شفتيه ابتسامةٌ حانية
دخل بخفّةٍ , ثم قال بمرح
: مفاجأة !
رفعت رأسها وقفزت بسعادة حين رأته
: سـآآود
اسرعت لتعانقه
حملها وقبّل وجنتيها القطنيّتين
قالت تعاتبه
: لقد تأخّرت
قوّس شفتيه بطفولية
: حقًّا ! انا آسف كان لديّ عملٌ كثير
ابتسم ونظرت الى الأكياس الملونة التي انزلها ارضًا
: اهذه لي ؟
انزلها وضحك
: نعم , سأسلّم على امّي ونانا واريكِ ما أحضرت
اقترب من والدته وقبّل رأسها
قبّلته وقالت
: هلا حبيبي , شلونك يمّه
: الحمد لله
التفت الى جدّته وقبّل رأسها ثم جلس وأشار الى فكتوريا
: هاتِ الأكياس واقتربي
أحضرتها وجلست بجانبه
أخرج اولًا علبةً كبيرة
: هذه لِتنظّمي وقتكِ فيها , يوجد بداخلها ايقوناتٌ تدلُّ على المدرسة والطعام واللعب والدراسة وما الى ذلك , ولوحةٌ لترتبي عليها وقتكِ , ستحبّينها
وضعها جانبًا , وأخرج علبةً أخرى
: وهذه قطع حلوى بالفانيلا والشوكولا
وضعها جانبًا
وأخيرًا أخرج ظرفًا وابتسم
: وهذا , قبولكِ في مدرسة تشيلسي النموذجية
شهقتا والدته وجدّته بسعادة
صمتت فكتوريا ولم تعلق
وضعه داخل الكيس , وأنزل الكيس ارضًا
والتفت اليها بكاملِ جسده
: الم تسعدكِ ؟
قالت بتردد , وطيفٌ حزين سرق البهجةَ من عينيها
: لقد وعدتني ان لا تحرمني من رفيقاتي ومعلماتي !
: ومن قال سأحرمك ؟
: ستدخلني مدرسةً اخرى , وستبعدني عن حياتي تِلك
أخرج الظرف ومدّه اليها
: ان اردتي مزّقيه , وان شئتي سأشرحُ لكِ الأسبابَ اوّلًا ثم تختارين ما يُرِيحُكِ
احنت رأسها وقالت بخفوت
: اخبرني ما عندك
رفعَ رأسها , وقال بنبرةٍ غريبة
: اولًا ستعديني بشيء
: ماذا ؟
: لن تحني رأسكِ ابدًا , وان احتجتي لأيّ شيء , ايّ شيء فيكي , فقط تعالي وأخبريني , ولا تخشي احدًا , سأحميكِ من الجميع , انتي ابنةُ حبيبتي , لم استطع تقديم كلّ ما بوسعي لوالدتك , لكنّي سأعطيكِ كلّ ما اقدرُ عليه , وان لم اقدر على شيء , سأسعى اليه حتى أناله , فهمتني فيكي ؟
ابتسمت بصمت
وهربت جدّته بنظرها عنه , وعن الطفلة
وقد فهمت مغزى كلامه !
تابع حديثه
: حسنًا , مدرسةُ تشيلسي النموذجية هي من افضلِ المدارس في المملكة المتحدَة أجمع , وهي اقربُ مدرسةٍ الى منزلنا , مدرستكِ في الدار مدرسة عاديّة لا يميزها شيء , سوى حبّكِ لها ووجود صديقاتكِ فيها , ان اردتِ نتخلّى عن مدرسة تشيلسي , وتعودين الى مدرستك , لكن ضعي في حساباتك انّك ستستيقظين قبل جميعِ الأطفال كلّ يوم لتتجهزي , ثم تسيرين قرابة الساعة والنصف اضافةً الى ازدحامِ لندن ما يعني ساعتين او اكثر , ومثلها في العودة , وان اردتِ نستمر في مدرسة تشيلسي , ويكون يومُ عطلة نهاية الاسبوع هناك في الدار , من الصباح وحتّى الثالثة مساءً في الشتاء , وفي الصيفِ الى الثامنة مساءً , ما رأيك ؟
صمتت لثوانٍ
ثم قالت
: هل تعدني ان اقضي عُطلة نهاية الاسبوع في الدار ؟
رفع كفّه الأيمن الى جانب وجهه , وقال بجديّةٍ أضحكتها
: اقسمُ على ذلك
: حسنًا اذًا
ابتسم وفتح لها ذراعيه
اقتربت لتعانقه
عانقها وأغمض عينيه
ليهمس قلبه
" بنتك في عيني يا عيني , نامي بأمان وراحة "
ابعدها وعبث بشعرها بابتسامةٍ هادئة
قالت رونا بمحبّة
: ماذا ستقولين لساود حبيبتي ؟
ابتسمت وهي تبعد شعرها عن وجهها
: شكرًا لك
قال بخفوتٍ صادق
: لا شكرَ على واجبٍ حلوتي
بعد صمتٍ قصير
التفت الى والدته وجدّته
: اصيب عبد العزيز بحادث
شهقتا بخفّة
لتقول السيدة جوليا
: يا بنيّ المسكين , هل هو بخيرٍ الآن ؟
رفعَ كتفيه بقلةِ حيلة
: لا أعلم , لقد دخل الى غرفةِ العمليات قبل قليل , سأتّصلُ بوالده بعد قليل لأطمئنّ عليه
مسحت والدته على كتفه بمواساة
: ما عليه شرّ ان شالله
زفر وفركَ جبينه
: الله يسمع منّك
قالت فكتوريا
: ساود هل ستساعدني في لعبةِ تنظيم الوقت
ابتسم
: بالطبع , سأصعد لآخذ حمّامًا سريعًا واستبدلَ ثيابي , ونتناولَ الطعامَ سويًّا ثم نفتحها
قالت رونا
: اعتذر منكما , ستتناولان الطعام وتنامان , وتتركانها للغد
قال سعود بطريقةٍ مضحكة
: تكفين بسهر شوي
ضحكت وهي ترفع حاجبيها برفض
ضحك وهو ينهض من مكانه
: ام شريرة
صعد الدرج ولا زالَ تفكيره منصبًّا على عبد العزيز
ونسي كلّ ما هو سواه !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الخامسة ونصف مساءً
دخلت الى الغرفة , وعقدت حاجبيها
اقتربت وسألتها بنبرةٍ حانية
: وش فيك يمه ليه تبكين ؟
رفعت رأسها اليها
صمتت لثوانٍ , ثم قالت بوجع
: ابكي على رتيل , ما عندها حظ في الدنيا !
ابتسمت وجلست بجانبها
جعلت بينهما مسافةً حتّى لا تُنفّرها
: اوّل شي كلمة ما عندها حظ ذي حرام , كل ما يصيبنا قدر , ومن اركان الايمان اننا مؤمن بالقدر خيره وشرّه , وفي حديث للنبي صلى الله عليه وسلم , يقول عجبًا لأمرِ المؤمن انّ أمره كلّه خير ان اصابته ضرّاء صبر , وان أصابته سرّاء شكر , ولا ينبغي ذلك الّا للمؤمن , وان ما كنّا بالصفة هذه ضروري نراجع أنفسنا , أغلبنا ما فيه قوّة الايمان والتعلق بالله اللي تهوّن المصيبة عليه , عشان كذا نحزن ونهوّل امور لو صبرنا عليها او قارنّاها بمصايب غيرنا تهون علينا
مسحت دمعاتها , وقالت بحزن
: بس البنت ذي توجع القلب , لا من يُتمها ولا من زوجها , حياتها مؤلمة
: نِعمة الوالدين يا ملاك قليل من يتفكّر فيها ويشكر الله عليها , شوفيها رغم انّ خالتك شايلتها في عينها , وهي فعلًا امّها بالرضاعة , وما عرفت رتيل ام غيرها , لكن ان صارت لها مصيبة اوّل من تنادي يمه , تنادي امها المتوفية , اللي ما تعرف لها لا شكل ولا صوت ولا ريحة , ان قلتي رتيل يتيمة الله لا يسامحنا ان حسسناها بيتمها , انا لها ام وام صقر لها ام وام علي لها دنيا , وان جينا لزوجها , انا قلبي حاس انّه مر بالشديد القوي , وزين انّه للحين صابر , وصدقيني يا ملاك يعشقها ويموت فيها وواضح عليه , وبيرجع لها وقولي امّي قالت
ازدردت ريقها وتجاهلت حديثها عن الأم , لتقول
: ليش طلقها ؟
: زاد عليه الضغط
صمتت لثوانٍ
ثم قالت بشرود
: لا تاخذين فكرة عن الانفصال انّها سودا وغلط دايم , ياما الانفصال كان خير – وبحسرةٍ شديدة أردفت – وياما كان الصح لكنّه ما يجني الّا وجع وهم
ظلّت ملاك صامتة , تفكّر بطريقةٍ تستدرجها بها
لتتحدّث !
ولم تتعب , حتّى قالت والدتها بألم
: تزوجت ابوك وما بيني وبينه الّا اشهر , ولد عمّي , فاشل في دراسته وفي حياته , داشر وما في اكثر من سفراته وخرابيطه , قالوا زوجوه يعقل , وجيت في وجه المدفع , جاء عمّي وترجّى ابوي وقال له ابد بنتك في رقبتي ولا بيضرها بشي بس زوجها له , ما رضى ابوي ولا اقتنع , بس استسلم في النهاية بعد شهور من ترجّي عمّي له , وتزوجته وفي حملي بوليد خانّي ! جاني شارب وسكران وقال لي وين كان ووش سوّى , وريحته ومنظره تشهد بكلامه , وطنشت وكتمتها فيني , صار عمر وليد سنتين وتزوّج علي , وقلت ما عليه , حملت فيك ورجع خانّي وخان ام فهد , هنا ما تحمّلت , لأنّها كانت مهينة , جابها لبيتي واستغفلني واحتقرني , قلت ابد ما لي قعدة عنده , تكلّمت مع ابوي قال ابشري , رفعت دعوى الخلع بشهري الأخير , انفضح بين الناس , بنت عمّه خلعته بعد ما شافت عليه بلاوي , اخُوه كان في منصب حسّاس وان وصلت السوالف لمنصبه يشيلونه , ما في الّا يتخلّصون من السبب , انا وابوي , ابوي انطرد من شغله وطلعت عليه سمعة واشاعات في عرضه وامانته , وانا سمموني بأكلي , ودخلت للمستشفى يومين غيبوبة وبغيتي تروحين منّي , والحمد لله طلعت منها سالمة , تسبّبُوا لي بحادث سيّارة وربّي ما أراد انّي اطلع في ذاك اليوم , ومات السايق راحت السيّارة رماد , الثالثة قالوا ثابتة , حرقوا البيت اللي كنت فيه , وبعد ما كنت موجودة مدري شلون ما انتبهوا لعدم وجودي , في النهاية ابوي قال بنتي بتروح منّي انا وش يقعدني في الديرة , آخذها واشرد فيها , حسّوا علينا وبسبب واسطاتهم ووصولهم فوق , على طُول طلّعوا من المحكمة حضانة العيال لأنّي اعذبهم واسيء معاملتهم , واني خاطفتهم من ابوهم , سحبوك من حضني غصب , وانا اترجّى وليد ينتبه عليك ويحطّك في عينه , كان وليد يبكي وهي يبوس رجول ابوه يقول له خلني معاها , ولا رد عليه , اخذني ابوي لبريطانيا بدون علم أحد , حلف لي انّه بيتصرّف وبيرجع لي عيالي , كان يتركني كل فترة ويجي للسعودية ويسعى في الموضوع , لين توفّى الله يرحمه واختفى ولا عاد جات أخباره , سنيين تروح وتجي وانا اقول بيرجع ابوي , ولا رجع , اثنين وعشرين سنة كنت اطلع من الصبح لين المغرب اشتغل في المطاعم او ابيع جرايد او ابيع ورد او انظّف حدايق او اقص تذاكر الباصات , اثنين وعشرين سنة كنت اتمنى الموت في كل يوم وكل لحظة , الغربة قاسية , وباردة وموحشة , الغربة واحساس انّ اهلي نسوني ولا احد يفكّر انّي ممكن ارجع يقتل , كنت اتردد تسعطعش سنة على السفارة واطلب منهم يرجعوني , وكل مرّة عذر وكل مرّة رفض , كنت ابكي كل يوم وانا اتخيّلكم , كنت اوصل للانتحار واتراجع خايفة من الله , وخايفة اروح جهنم , واصير محرومة منكم دنيا وآخرة , انتظرتكم اثنين وعشرين سنة , كل يوم اصحى الصبح يائسة لكنّي اصبر نفسي ان كل هالمعاناة بتنتهي لمّا اموت , كنت اصبّر نفسي انّي عجوز كبيرة والقهر اكل قلبي , وما بقى لي شي , وانّ موتي واصل خلاص , اثنين وعشرين سنة وانا خايفة تكونين متّي لما تركتك , محد يراعيك ولا احد يوكلك ولا ينتبه لك , اثنين وعشرين سنة وانا اموت الف مرّة اذا فكّرت ان محد سكّت وليد وهو يبكيني , انّه نام باكي وجايع وخايف , راح عمري خوف وانتظار , انتهيت من ساعة انسحبتوا من حظني , نفوني من بلدي ومن عيالي ومن اهلي , وعاشوا على موتي
التفتت الى ابنتها الشاهقة
التي كانت تصمت شفتيها بكفّها
وعينيها محمّرتان من شدّة البكاء
يا سيدة الغياب , يا انثى الوجعِ يا امّي
يا لحنَ المأساةِ الشجِي
هل كُنت اضحك يومًا وانتي تبكين ؟
هل كنت نائمةً يومًا , وانتي بخوفٍ تتلفتين ؟
هل كنت أاكل يومًا , وانتي جائعةٌ وعلى قدميك واقفة , حتّى للمالِ تجنين ؟
هل مرّ الشتاء يا امّي , ودثّرني وليد بشالِ الصوف , وانت من البردِ تتلوين !
هل مرّ العيدُ يا امّي , وابتسمت وصفّقت وغنّيت
وانت من الوحدةِ تعانين !
أجيبيني يا امّي , اسقي قلبي روح الألم , التي عليها
اثنانِ وعشرون عامًا , كنتي تتغذين !
انتشلي الراحةَ التي ادخرتها بداخلي
خذيها , توسديها
علّكِ ترتاحين
علّكِ عن معاناتكِ تنسلخين
علّ جفنيكِ الباكيان , يغفوانِ بسكينة
علّك لمرّة واحدة , دونَ كوابيسَ تنامين
آهٍ يا امّي , من آهٍ سرّبها قلبكِ أخيرًا
لتتسلل الى قلبي , الذي باتَ من سقمكِ حزين
قالت ام وليد بصوتٍ تهدّج
: رجعت ولا لقيت اللي كنت احلم فيه , احب خلق الله لي ما تبيني ولا تتقبلني , وولدي من رجعت تعبان ونفسيته زفت , افكّر احيانًا اهج , يمكن ترتاحون مثل ما كنتوا قبل , يمكن يمر يومين وتنسون , يمكن تحسبوني مجرد حلم مر وانتهى , وترجع صورة امكم اللي حبّيتوها...
قاطعتها ملاك وهي تعانقها وتنتحب
: يمممه
أجهشت ام وليد بالبكاء وهي تعانق ملاك
تشدّها اليها , علّها تنجح في ادخالها الى قلبها !
كأنّها للتوِّ وجدتها
بكت وهي تردد بأنين
: يا روح امّك انتي , يا قلبها , يا عيونها اللي انعمت وهي تبكيك , يا قلب امّك يا ملاك , يا وجعها وغربتها
وكأنّ أغلال الغربةِ المقيتة
قد فكّت عنها أخيرًا
قيود الغربة المتينة
حررت قلبها المعتوه
وكأنّ الراحة مالت من منتصفها الى قلبها
لتداعبه بخفّة
لتوقظه من سباتِ الوجعِ الطويل
وتسحبه اليها
,
,



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 17-03-15, 01:28 AM   #67

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,433
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الخامسة وخمسٌ وخمسون دقيقة مساءً
كلُّ كلمةٍ كانت تعيده الى ذلك اليوم
كأنّه يعيشه بتفاصيله من جديد
كان ينقصُ قصّة المدعِّي العام الألم الذي فيه
كان ينقصها الاحساس الذي عاشه في كلّ كلمة
كان ينقصها القهر , والغبنُ والانكسار
" المملكة العربية السعودية – الشرقيّة
السابعة مساءً
كان صارمًا , وفارضًا لوجوده
يلفتُ انتباه كلّ محنّكٍ يبحثُ عن رجلٍ ينوبُ عنه في عمله
أشار لاثنان من رجال الأمن
: أمّنوا لي البوابة الغربية
تحركا بطاعة
وجلسَ هو على الكرسي بتعب
رفعَ رأسه بانتباهٍ حينَ رأى أحدهم يتحرّك قريبًا منه
كان قد انتبه الى نظراتِ الرجلِ المريبة منذُ ساعات
نهض من مكانه واقترب منه
سأله
: يا الشيخ تبي شي ؟ شايفك من اوّل هنا
ابتسم
: لا ما ابي شي
رفعَ أحد حاجبيه
ثم قال
: طيب الله يطولّي عمرك ادخل للقاعة , أأمن لك
سأله فجأة
: انت ما لك شغلة غير الأمن ؟
أجابه باختصار
: لا
: انزين ما تفكّر تدخل في التجارة والأعمال الحرّة ؟
قال بانزعاج
: لا
: ولا تفكّر تسافر تشوف مستقبلك ؟ انا حقيقةً اعجبت بشخصيتك وحضورك , اشوفك تظلم نفسك بوظيفتك هذه
قال بفضاضة
: قلت لك لا , ماني محتاج اغيّر في حياتي شي , انا متزوّج ومستقر , واحب شغلي , وتفضّل لو سمحت خلني اشوف شغلي
قال ابي عقاب بوضوح
: خذها من قاصرها , انا رجل أعمال ولي سلسلة شركات بزنس عائلي , وانشدّيت لشخصيتك وايد واعرض عليك تشتغل معاي
اشار صقر الى الداخل
: تفضّل الله يجزاك خير , خلنا نشوف اكل عيشنا
اولاه ظهره وهو يميل شفتيه بانزعاج
,
اقترب راشد من عمّه
: وينك عمّي ؟
نظرَ باتجاه صقر وقال بأمل
: هذا اللي قلت لك عنّه
نظرَ اليه راشد بتقييم
ثم قال
: شنو زوده ؟!
: له حضور يا راشد , نادرًا اشوف ريّال نفسه , حضور وكلمة صارمة , واشوف فيه ذكاء وحكمة
: انزين ؟
قال باحباط
: عرضت عليه يشتغل معاي , ما رد علي كلّش
: تبيه ؟
: اتمنى
: خلاص ما لك الّا طيبة الخاطر
: شبتسوي ؟
: خلها علي , دش داخل بس نكمل شغلنا اللي يايين عشانه , وخلّه علي
قال عمّه بتهديد
: رويشد !
ضحكَ وقال
: ما عليك
التفت اليهما وهو يتحدّث بهاتفه , ليعقد حاجبيه ويتمتم , ويصدّ عنهما
,
ابتعد عن ابي عقاب وهو يحمدُ الله على العقل !
بعد ثوانٍ هزّ هاتفه في جيبه
ابتسم وهو يجيب , دون ان يتحدّث
جاءه صوتها , بكسلٍ وملل
: خايفة انام بروحي
قال ساخرًا
: ايه صدّقت , انتي لو تنامين مع عفريت بيقرأ الأذكار ويتحصّن ويقفّي وينام
قال باعتراض
: صــقــر
ضحك وقال بنعومة
: يا عيونه
قالت بشك
: من معي ؟
: شايفة انّك مو كفو
تأففت , ثم قالت
: طيب اشتقت لك
زفر بحدّة
لتضحك دون رد
التفت ليجد شابًّا بجانب ابي عقاب , ادرك فيما بعد انّه ادنأُ خلقِ الله !
عقد حاجبيه وتمتم
: استغفر الله بس
قالت مستغربة
: وش فيك ؟!
: ابد بس واحد غثني هنا
: وش حادّك , اسحب على امّهم وارجع
قال بمجاراة
: طيّب , بس تكفين ابي منصب عالي في شركتك اللي تنتظرني
قالت بغيضٍ تكتمه
: هاهاها مررا تضححك دمّك خفيييف
انفجر ضاحكًا , ثم قال
: يلا ضفّي وجهك عندي شغل
ازدردت ريقها
ثم قالت
: صقر
استحوذت على قلبه نبرتها المريبة
قال بحنو
: وش فيك يا ابوي ؟
دمعت عينيها , لتقول بخفوت
: لا تبطي علي , الله لا يفجعني فيك
صمتَ لثوانٍ
ثم ناداها بنبرةٍ تخصّها
: رتيلي
همهمت , ليعلم انّها تبكي
قال بضيق
: ضيقتي خلقي والله , وش فيك يا اهلي كلهم انتي , ليش متكدّرة ؟
حمحمت وتظاهرت بالمرح , حتّى لا تضايقه !
: دلع بنات ما عليك منّي , يلا انا بنام عشان اصحى بدري واقضي آخر يوم اجازة كلّه معاك , ولا بتقول لي نعسان ومواصل بنستانس ترا
صمتَ طويلًا , ثم قال بهدوء
: طيّب , يلا بابا قولي الاذكار ونامي
قالت بخفوت
: ان شالله , الله يحفظك
ودّعها وأعاد الهاتف الى جيبه
ما زال يتساءل , كيف شعرت به !
كيف تنبأت بالسوء قبل ان يحدث !
لو كانت الأماني والحسرات تغيّر القدر
لكان اوّل من تغيّر قدره !
لعاد الى ذلك اليوم , ولم يذهب الى الشرقية..."
,
,
المملكة العربة السعودية – الرياض
حين كان يتذكّر
كانت تتذكّر ايضًا
لكنّ ذكراها كانت بعيدةً عن ذكراه
تذكّرت يوم أخبرت امّها بخوفٍ انّها كبرت
كانت تعلم معنى ان تكبر , لكنّها خافت
خافت كأيّ فتاةٍ في عمرها
عدّةُ مخاوفَ جالت في نفسها
جلّها , انّهم سيبعدونها عن صقر !
طمأنتها امّها وهدّأت روعها
ولم تسمح لها بالذهابِ الى المدرسة
بعد الظهيرة جاء صقر وطرق الباب مرارًا
ليفتحه علي ويرحب به
قال بعد التحيّة
: وين رتيل اجل ؟
كانَ علي مُحرجًا
قال بهدوء
: ما تقدر تشوفها معليش
صمت لثوانٍ ليستوعب
ثمّ قال ببلاهة
: ايش ؟!
كرّر علي ذات الجملة
ليغضب صقر
: ليش ان شالله !
احمّر وجه علي
: ما ينفع يا صقر البنت كبرت خلاص
: كبرت على اللي في الشارع واقطع رقبتها ان شافها احد , بس ما تكبر علي !
ضاع الكلام من علي , صمتَ لثوانٍ , ثم قالَ بغباء
: يعني هي اوّل متوسط و...
دفعه صقر وقال
: ولد وش شارب انت ؟! وش رايك تقول لي سيرتها الذاتية بعد ! اقول طلّع البنت بس
غضب علي من شدّة الاحراج
: انقلع من وجهي , رح اسأل امّك
وأغلق الباب دونه
ليظلّ محملقًا فيه ببلاهة
ركب سيّارته وعاد الى المنزل
كان غاضبًا جدًّا
دخل الى المنزل واتّجه الى غرفة الجلوس وهو ينادي
: يممممااااا
جاءت مسرعةً بخوف
: بسم الله وش صاير
كان يتحدّث بانفعالٍ وهو يشيرُ الى جميع النواحي
: هالكلب علي عيّا يطلع لي رتيل ويقول لي كبرت وما يصير تشوفها ويقول اسأل امّك
صدّا والده وعبد الله وهما يكتمان ضحكهما
شهقت والدته وسحبته معها
اجلسته على مقعدٍ في المطبخ وهي توبّخه
: فضيحة انت !
قضم التفاحة مغتاضًا
: فهميني وش السالفة
قالت بغيض
: يا ربي يا صقر ما أغباك , كل ذا وما فهمت !
صرخ وهو يرمي العلبة المعدنية بغضب
: وش افهم !
جاء صوتُ والده موبخًا
: صوتك يا الثور
تأفف وقال
: عجبك الحين ؟ ما بقى احد ما اهانّي اليوم
ضحكت رغمًا عنها وجلست أمامه , لتشرح له
بعد دقائق قال ببلاهة
: اهههاااا
نهضت وهي تقول بسخرية
: الحمد لله على السلامة
صمتَ لدقائقَ طوية , وهو يفكّر
حتّى قال أخيرًا
: يمه
همهمت وهي منشغلة
: يلا نروح نخطبها
ضحكت رغمًا عنها
: صقر قوم عنّي خلني اشتغل
: والله جد
رفعت رأسها اليه
: واعي وش تقول انت ؟ البنت توها ما كملت ثلثطعش سنة
: طيّب انا ما قلت ادخل عليها الحين , اخطبها واملك عليها ثم اذا كبرت نسوّي العرس
: قوم قوم رح عند ابوك , الظاهر انّك جايع ولا نعسان
: يمه صدق والله , انا ما اقدر اعيش يوم بدون لا اشوفها ! تبوني انحرم منها كم سنة بعد ؟ مير ينتهي حبها من قلبي واعرس على غيرها
قالت ساخرة
: فندق ما شالله
نهض وقال بتأكيد
: خلّك جاهزة اليوم بنروح
هزّت رأسها بدهشة
: مانت صاحي والله
تركها وذهب الى والده
بشتّى الطرق حاول اقناعه
وغلبه أخيرًا !
عقِبَ صلاةِ العصر ذهب ابي صقر وزوجته , وعبد الله وداليا الى منزلِ امِّ علي
قالت ام صقر محرجة
: مدري وش اقول لك والله
ضحك ابو صقر وقال ببساطة
: ما بيننا كلافة انا اللي بعلمها , الولد يقول ما يصبر عنها ويبي يملك عليها , واذا كبرت ان شالله سوّى لها العرس
فوجئت امّ علي , تلعثمت ثم قالت
: والله فاجأتوني !
قال ابو صقر
: لا مفاجأة ولا شي , هي من انولدت الله يحفظها خطبها
قال علي
: وينه هو ؟
قال عبد الله ضاحكًا
: راح يجيب مملك !
قال تركي وقد اخذته الحميّة
: ما شالله ضامن بنعطيه ؟ حركة ما لها داعي
قالت والدته بهدوء
: احنا اخبر الناس في ولد عمّك يا تركي , واكيد يضمن اننا ما نردّه , بس في الوقت الحالي رتيل صغيرة حيل !
حينها طُرِق الباب
فتحه علي , نظرَ الى صقر بصمت , ثم ضحك رغمًا عنه
هزّ رأسه وهو لا يعلم ما يقول
قال صقر بترقب
: المملك وذياب بالسيّارة
ضحك علي اكثر
: ذياب وش له جاي بعد ؟
: شاهد
: ومن شاهدك الثاني ؟!
: عبد الله اخوي
: وما شالله ضامن اننا موافقين ؟
: علي الموافقة في جيبي من ثلثطعش سنة , وهذاني اليوم ماني على بعضي لأنّي ما شفتها
قال علي بتفهّم
: يا صقر فاهمك بس...
قاطعه صقر وهو يمسك بلحية علي الصغيرة جدًّا
: عشان خاطر هالشعيرات اللي توهن طلعن
انفجر علي ضاحكًا , ثم قال باستسلام
: طيّب , بس امّي...
قاطعه صقر وهو يدخل رأسه الى البيت ويهتف
: يا حريم اطلعن من مجلس الرجال المملك بيدخل
نهضت ام علي واطلّت على صقر
قالت بتأنيب
: استعجلت الله يهديك
ضحك وقال
: متشوّق تصيرين عمّتي
هزّت رأسها مبتسمة
: الله يصلحك
وفي وقتٍ سريع
أصبحت زوجته !
ظلّ ينظرُ في ورقةِ العقد , ثم قال لوالده
: يبه , وش مكتوب فيها ؟
قال والده باستخفاف
: الحمد لله والشكر
التفت الى ذياب وقال
: بالله ذياب اقرأ
أخذها ذياب وابتسم بخبث
قرأ مقدّمتها
حتّى وصل الى
: اسم الزوجة – ضغط على الأحرفِ باستفزاز – رتتيييل
انتبه صقر ونهض بسرعة ليأخذها منه
تراجع ذياب الى الخلف وهو ينطق بسرعة
: اسم الزوج ذياب...
قاطعته وسادةٌ ثقيلة أصابت وجهه
التفتت الى عبد الله بصدمة
: ليه يا كلب
قال عبد الله وقد رفع احد حاجبيه
: الّا زوجة اخوي يا ورع
باغته صقر بلكمة على جانبِ فمه
نظرَ اليه بصدمة
لينفجروا ضحكًا
جلس ذياب بجانبِ ابي صقر
قال بغبن
: يرضيك يا عمّي !
ابتسم ابو صقر
: تعال اراضيك
اقترب ببلاهة
ليصفع رأسه ويقول
: لا عاد تمزح ذا المزح
سقط عبد الله وعلي وتركي ارضًا من شدّة الضحك
وقال صقر بتشفٍّ
: احسسسن
نهض ذياب وهو يهزّ رأسه استياءً
: ما هقيت علاقتي فيكم بتنتهي كذا
تمسّك به تركي وهو لم يتوقّف عن الضحك
: تعال
ابعده وهو يقول
: كلّكم كلاب...
قاطعه ابو صقر بضحكة
: الله يكرم اصلك
: لا تسوي قافطني , توّني بقول حشا عمّي سالم
اقترب صقر منه وقبّل انفه
ثم قال
: لا تعودها
,
لم يمضِ اسبوعان
حتّى اختفت ذاتَ نهار
أخفوا عنه الخبر
ليفاجأه اتّصالٌ في ذلك المساء
: رتيل عادل اصيبت بحادث وهي طالعة من المدرسة ونقلها مجهول الى المستشفى
جُنّ جنونه
تركَ عمله واتّجه الى المشفى
دخل الى الغرفة وهتف
: رتيل !
رفعت رأسها اليها
وبكت حين رأته
شدّ على قبضته بغضب
يكادُ يقسمُ انّها لم تبكِ مذ اصيبت
انتظرته لتبكي !
لديها مشكلةٌ في اظهارِ مشاعرها , الّا أمامه !
عانقها وطمأنها
سألها عن التفاصيل
رفعت كتفيها
: تأخّرتوا علي , طلعت بشوف , وشفت نفس سيّارة علي بالجهة الثانية وعبرت وما انتبهت للسيّارة اللي جايّتني
قبّل جبينها
: الدكتور يقول رضّة خفيفة بس من الخوف غميتي
قالت بألم
: ابي ماما
قال بوعيد
: أي هين
رفعت رأسها اليه وصمتت
أخذها الى منزله , واتّصل بعلي
قال وهو يكظمُ غيظه
: وين رتيل ؟
قال علي بهدوءٍ كاذب
: موجودة
: انا عند الباب خل تطلع لي
: نايمة
صرخ به
: اختك ما تدري عنها ؟
قال علي بضيق
: ماني رايق لك صقر
: اكيد منت رايق لي , لا تتعب نفسك رتيل عندي
صمت لثوانٍ , ثم قال ببطئ
: من متى ؟
: من شوي كلموني المستشفى , البنت من الظهر عندهم صار عليها حادث
قال علي بخوف
: فيها شي ؟
: ما فيها شي , بس خذ العلم يا علي , رتيل عندي وماهي طالعة من بيتي
صرخ به علي
: على كيف اهلك انت ؟!
صرخ صقر بحدّة
: جاك العلم
أغلق الهاتف ورماه جانبًا
خلال نصف ساعة حضَرَ علي ووالدته
نهض صقر ليخرج من الغرفة
تمسكت به رتيل وهي توشكُ على البكاء
: صقر تكفى بروح
أبعدها برفق
: ماني مطوّل عليك
قالت باعتراض وقد بكت
: صقققر !
تجاهلها وأقفل الباب من الخارج
ونزل ليلاقيه علي في نهاية الدرج
قالت ام علي بحدّة
: جيب البنت يا صقر
قال بحزم
: على عيني وراسي يا عمّة , بس زوجتي ما لها طلعة من بيتي
قال علي بانفعال
: ماهو اتّفاقنا
قال بحدّة
: اتّفاقنا على ماهو عليه , ماني داخل على طفلة , ان صارت في عمر مناسب بسوي لها اكبر عرس في الرياض , بس ما لها طلعة من بيتي
قالت ام علي
: تبي الناس تاكل وجيهنا !
قال وهو يكادُ يقتل علي
: والناس ما بتاكل وجيهكم وانتوا مضيعينها من الظهر ؟! ما صارت انشغلت يوم ووصيت علي الف مرّة يرجعها , تركها وجاها حادث , لو صار فيها شي ! انا وين اروح ؟ وش اسوي في نفسي ! وتطمّني محد بياكل وجيهكم بنت يتيمة وعايشة في بيت عمها , حتى ملكتي عليها ما اشهرناها
قال ابو صقر
: حيّاك يا ام علي ما ينفع الكلام على الابواب
قالت وهي تكتم غضبها
: لم ولدك يا ابو صقر , اعطوني بنتي بمشي
قال صقر وهو يتكئ الى حافةِ الدرج
: بنت ايمان قصدك
ردعه والده بغضب
: ولـد
قالت بجمود
: كثر خيركم , يلا علي
تمسكت بها ام صقر
: افا عليك بس , تسمعين من صقر ! خبل ذا ما يثمّن كلامه يهاوش نفسه في المرايا
اقترب وقبّل رأسها
: حقّك علي يا عمّة , لكن رتيل هذا مكانها ولا لها طلعة منّه
طالَ الحديث , وكثُرَ الجدال
ولم يغيّر صقر رأيه ابدًا
لتخرج ام علي أخيرًا دون ابنتها
ومن شدّة ضيقها لم تطلب رؤيتها حتّى !
,
عاد الى الغرفة وفتح الباب
كانت تنظر الى أخيها وامّها من الشبّاك
التفتت اليه وقالت بحزن
: ماما طلعت زعلانة ؟
ابتسم يطمئنها
: لا اتّفقنا خلاص
ازدردت ريقها وهي تحبس عبرتها
قالت بحشرجة
: ما بتخليني اشوفهم مرّة ثانية ؟
اقترب منها لتتراجع
قال بنبرةٍ غريبة
: تتخيلين انّي احرمك من اهلك ؟!
صمتت
غضب لكنّه ابتعد حتّى لا يُخيفها
جلس على الأريكةِ وقال
: مستحيل امنعك عن اهلك يا رتيل , لو انهم مو اهلي ولو انهم اعدائي ولو اني ما احبك , مستحيل احرم زوجتي من اهلها , او حتّى أعاديهم , اكرام لها , وان حصل بيني وبينهم الشديد القوي واضطريت , بعوضها بكل خير , عشان لا تنتقص نفسها , وهذا الشي مستحيل لأن اخوانك اخواني وامّك عمتي وعلى عيني وراسي , وعمّك ابوي وولد عمّك شقيقي , فهمتي !
: ليش ما خلّيتني انزل طيّب ؟
: امّك زعلانة شوي , بس لا تخافين بكرة ان شالله تجيك او تروحين لها وتراضينها , وهي تدري ماهو بكيفك , الحين يلا نامي انتي تعبتي اليوم
قالت بخوف
: بنام عند داليا
رفعَ حاجببه مغتاضًا
: ليش ان شالله ؟ طول عمرك تنامين عندي وش تغيّر
قالت بحدّة
: يا انا يا انت في الغرفة
قال بعناد
: احنا الاثنين بنّام في الغرفة
نهض وسحب الأريكة من الأسفل لتصبحَ سريرًا واستلقى عليها
: طلعي لي لحاف من الدولاب , ونامي على السرير
قالت باعتراض
: صقر !
تأفف وأولاها ظهره
لترضخَ رُغمًا عنها !.."
,
,
*مقتطف
" اهتّزت الأرض من تحته حينَ رأى زوج الأعين اللامع من خلف غطاء الوجه
التفت بتكذيبٍ لاذنيه
حينَ سمع تلك النبرة
حين تناغم سمعه للراء المدللة
للدال ذاتِ الرنّة التي تخُصّها !.."
,
الى الملتقى



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 22-03-15, 12:51 AM   #68

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,433
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


مساء الخير صديقات قلبي
البارتات بإذن الله يوم الأحد + الخميس
,
,

بسم الله الرحمن الرحيم
البارت الرابع والأربعون
,
,

المملكة المتحدة – مطار هيثرو
السادسة صباحًا
جلس على ركبةٍ أمامها وأحكم معطفها عليها
قال مبتسمًا
: لا اريد الذهاب وانتي حزينة
: وانا لا اريد ان تذهب
قالت والدته وهي تداعب شعرها
: الن نكفيكِ انا ونانا ؟!
: بلى , ولكنّي اريد ساود وعمّي محمد ايضًا
قال والد سعود
: انا سأعود بعد شهر , وسعود سينهي اعماله ويعود
: اقسمت على ان تبقى بجانبي وتحميني !
قال بصدق
: لا زلتُ على قسمي , حالَ ما احتجتني اتّصلي بي وسآتي فورًا , لكننّي مضطرٌ للسفر وسأخبركِ فيما بعد لماذا
اقتربت وعانقته طويلًا
ثم قالت
: احبك
قبّل جبينها
: وانا احبكِ صغيرتي
نهض من مكانه وعانق جدّته وقبّل كفّها
ثم عانق والدته طويلًا
همست باختناق
: استودعك الله دينك وامانتك وخواتيم اعمالك , انتبه لنفسك ماما وكلمني وطمّني عليك على طول , وسلّم على جدّتك كثير السلام
قبّل رأسها
: يبلغ يا روحي , بس لا تضايقين عمرك , انا بخير يمّه
حاوطت وجهه بكفّيها وقالت بحنو
: شايفة انّك بخير وعساه دايم يا حبيبي , تلاحظ انها اوّل مرة تزور بوب ولا تنتكس ؟
رمق فكتوريا بطرف عينه
وقال بنبرةٍ حانية
: احس لها دور كبير , رجّعت لي هدوئي وحلمي
: لا تبطي علي سعود
قبّلها مجددًّا
: ان شالله
أخيرًا سار مع والده
ليسافرانِ الى الرياض
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
العاشرة صباحًا
اقتربت بتملق
: شلونك سمر
ابتسمت سمر بطيبة
: الحمد لله
تحدّثت اليها قليلًا
قالت بعد قليل
: ما شالله رتيل صديقتك حليوة
ابتسمت بمحبّة
: عيونك الحلوة
قالت وقد وصلت الى مبتغاها
: غريبة ماهي مخطوبة !
زفرت سمر , وقالت بحسنِ نيّة
: كانت مملكة وطلّقها زوجها – ابتسمت – واخوي يبيها وميّت عليها ويبي يخطبها ذي اليومين
همهمت , وبعد قليلٍ نهضت مستأذنة
ذهبت الى عيادته وسألت الاستقبال
: دكتور مشعل عنده احد ؟
نظرت الى الجهاز , ثم قالت
: لا
شكرتها وطرقت الباب بخفّة
قال بكسل
: ادخل
دخلت واقتربت منه
: خالنا المصون
: خير
رفعت احد حاجبيها
: مو منّك من اللي جايب لك اخبار
: من يومك اخبارك زي وجهك
قالت بغيض
: الخبر يخص رتيل ولو تفحط ماني معلمتك
همّت بالخروج ليقول بحزم
: تعالي
التفتت اليه وقالت متأففة
: خير
ضحك رغمًا عنه , وأشار الى المقعد امامه
: اجلسي
جلست , ورفعت ساقها اليمنى لتريحها على اليسرى
: نعم
رفع نظّارته عن عينه واعتدل في جلوسه
: وش فيها رتيل
: عساس اخباري زي وجهي !
قال بملل
: اخلصي علي
: وش تعطيني ؟
قال ساخرًا
: مو كفاية شهادتك ما تدخلك بيطرية ومتوسط لك وموظّفك هنا
قالت مغتاضة
: انا شهادتي مختبرات وما لها دخل في البيطرة , ويكون في علمك مطلوبة جدًّا هاللي مو عاجبتك
قال بلا مبالاة وهو يحرّك قلمه امام ناظرها
: اخلصي وش عندك
عضّت شفتها بحنق , ثم قالت بخبث
: مملكة
رفع رأسه بسرعة
قالت ببرود
: وتطلقت
ارتخى كتفه , لتقول بشماتة
: واخو صديقتها يبي يخطبها هاليومين
تجمّدت نظرته عليها لثوانٍ , ثم اغمض عينيه وسحبَ نفسًا عميقًا
قال بهدوء
: اذا ما تبين اهلك يتكلّفون بعزاك الليلة قومي انقلعي من وجهي
انفجرت ضحكًا ونهضت لتقترب منه
قبّلت كتفه وقالت
: حقّك علينا
قال وقد استفزّته
: حيوانة
قالت وهي تداعب خدّيه
: وا دينه يا قلبوشي , ليت امّي نورة تشوفك وانت تقول حيوانة , والله ان ترجعك بطنها من الخقّة
التفت بغضبٍ ليضربها لكنّها هربت بعيدًا عنه وهي تضحك
اشارت بكفّيها
: خلاص خلاص , هدّ خالو ما تسوى عليك – فتحت الباب لتخرج , والتفتت اخيرًا – اذا مرة متخرفن الحق عليها قبل تطير
اغلقت الباب قبل ان تصيبها علبة المناديل
زفر وابتسم رغمًا عنه
,
دخلت مسؤولة الممرضات لتقول
: رتيل وحنين عندكم عملية مع دكتور مشعل
قالت رتيل باستغراب
: ما عندنا خبر من قبل !
قالت حنين وهي تضع هاتفها في جيبها
: آنا ادري عن العملية , بس ما قالوا رتيل معانا
قالت المسؤولة
: حصل تبديل , سعاد ما حضرت
نهضت رتيل وسارت مع حنين التي تعبث بهاتفها
قالت رتيل متأففة
: يا ذا الجوال اللي ما يطيح من يدّك
ضحكت وقالت
: اكلم بنات عمامي
ابتسمت رتيل
: ما ولدت زوجة اخوك ؟
قالت بحماس
: بعدها باقي لها اقل من شهر ان شالله ويوصل علوش
تمتمت رتيل
: الله يسهل لها
دخلتا الى غرفة التعقيم
ليواجهن الدكتور مشعل
الذي ابتسم وهو ينظرُ الى رتيل
حمحمت وابتعدت عن طريقه , ليقول
: صباح الخير نيرس رتيل
قالت بخفوت
: صباح النور
تجاوزته , وهي تستمع الى همس حنين
: قطيعة ما بويهه حيا
ازدردت ريقها وصمتت
همس قلبها
لو رآه صقر سيقطعه قطعًا صغيرة ويزكّي به الى كلاب الشوراع الضالّة
نفضت عقلها من صقر
ليس له عليها سلطان
ملأت رأتيها هواءً , ونفثته بحدّة
قالت حنين مستغربة
: شفيج ؟ لا يكون خايفة من العملية , ترى وايد بسيطة
هزّت رأسها نفيًا
: لا لا
ابتسمت حنين بتشجيع
اقتربتا من المغاسل للتعقيم
مدّت رتيل بكفّيها لتغسلهما
انغمست بأفكارٍ لا منتهية
تبدأ بصقر , وتنتهي به
لطالما كان سببًا لابتسامةً لا تغادرها
لطالما كان سببًا لتعقد حاجبيها , وتحبس دمعتيها
قد طالت السماء بحبّه الذي حملته في قلبها , ووضعته , وكبر واستحوذ عليها بأكملها
قد بات صقر سقمها
قد بات الذي لا يفهمها
اصبح سلطان روحها , متجردًا من حبٍّ كانت قد وهبته له
الى ايّ عالمٍ خُطفت منّي يا صقر
الى ايّ حياةٍ ذهبت وانغمست
اتراك نسيتني , ام انّك تناسيتني !
يا همسَ قلبي اللا منقطع
يا حبيب عيناي , التان لا ترفّان ان رأتاك
كيف رميتني بسهم كلمتك !
كيف ارقت دماء حبٍّ حملته في قلبي لك لأعوام
كيف تقتل قلبي بكلمةٍ لم تفكّر قطّ بعواقبها !
لم رميتني بداءٍ لم يخلق له دواء !
لم رميتَ بي الى قارعةِ اليأس , لمَ تقتلني يا صقر !
نبهتها حنين حينَ وضعت كفّها على كتفها وهمست
: رتول ؟
شهقت بخفّة والتفتت اليها
: هلا !
ابتسمت حنين بهدوء
: حبيبتي ندش ؟
هزّت رأسها ايجابًا
: ايه يلا
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الواحدة مساءً
تتبعتها عينيه بصمتٍ تام
كانت تنفض الوسائد بغضب
وترتب الغرفةَ بانفعال
زفر وهو يجيب هاتفه
: هلا عبد الله
نهض من مكانه وهو يسحب مفتاح السيّارة
: طيب جاي
اغلق الهاتف ونظر اليها
قالت وهو تكبت غضبها
: على وين ؟
قال بحُلُم
: طالع مع عبد الله
قالت باستهزاء
: عشتو , عقب تسع سنين لا اهل ولا فصل صاير كل يوم مع اهلك !
شدّ على فكّه وهو يحاول التحكّم بأعصابه
قال بحدّةٍ هامسة
: حاسبي كلامك معاي يا مها
صرخت به
: وانت ما حاسبت شي وطقّيت كل شي بالطوفة لما سجنت اهلي , عزّوك ورزّوك وطلعوك من السجن ولمّوك من الشوارع...
قاطعها بصفعةٍ قاسية
افقدتها احساسها بوجهها لثوانٍ
سحبها اليه بقوّة وزمجر
: من اللي لمني من الشارع ؟ انا كنت عايش ومرتاح وحياتي مثالية وهادية , دخل ابوك وراشد الشياطين وعفسوا حياتي وطلعوني من عايلتي واستقراري , وسجنوني ومرمطوني , وفوقها زوجوك لي...
قطع كلامه حين شهقت بحدّة وهي تغطي اذنيها
تركها وابتعد , وللتوْ تنبّه الى ما فعله
خرج مسرعًا
او ربّما هاربًا من شهقاتها ونظرتها !
نزل الدرج وترك المصعد
خرج من العمارة , وهو يتأفف بقوّة
وكأنه يحمل جبلًا ويجوب به الطرقات
عض شفتيه بقوّةٍ ندمًا على ضربها
ما كان يجب ان يفعلها
اخرج هاتفه واتّصل بشقيقه
الذي اجابه فورًا
: هلا صقر
قال بخفوت
: عبد الله تعال انت خذني ما لي خلق اسوق
نهض عبد الله من مكانه بقلق
: فيك شي ؟
: لا , انا جالس في المقهى اللي نهاية الشارع
اغلق الهاتف وجلس في المقهى
اراح رأسه الى كفّيه
استغفر بهمس
وهو يتذكّر كلماتها
ليتهم لم يرفعوا من شأني يا مها !
ليتني لم اعرف المال ولا النفوذ لا الثراء
ليتني بقيتُ كما كنت
لم اطلب مالًا ولا جاهًا
كان اقصى طموحي منزلٌ سيّدته رتيل
طفلةٌ لها عينيها وشفتيها
طفلٌ له قوّتها ونظرتها الحادّة
لم اسعى للمال
هو الذي سعى لي عنوة !
لم اتطلع الى العزّ والجبروت
هو الذي انحنى لي , ورفعني اليه !
ليتك تعين جُرم عائلتك قبل ان تتفوهين بحماقاتك
ليتني املكُ جرأةً تجعلني اخبركِ بدناءتهم
حتّى تكفّي عن نعيهم , والبكاءِ عليهم
شعر برائحة شقيقه تقترب منه
ابتسم بخفّة , وحينها لامست كفّ عبد الله كتفه
رفع رأسه وابسم بتعب
جلس عبد الله بجانبه
قال بجديّة
: وش فيك ؟
هزّ رأسه نفيًا بصمت , ولا زال مبتسمًا
قال عبد الله بغيض
: لا تحسسني انّي خطيبتك على ذا التبوسم
انفجر ضاحكًا
ابتسم عبد الله رغمًا عنه
ثم قال
: جد والله وش سالفتك , حتّى وجهك تعبان , خوفي السكر هبط
تأفف وقال
: لا تخليني اندم انّي علمتك عن السكر , والله لو تدري امّي ما يصير لك طيّب
قال عبد الله ببرود
: دَرَتْ
تبدّلت نظرته الحانية , الى صدمَة
صمت لثوانٍ ثم قال برفض
: كذّاب
زفر عبد الله
: ما علمتها باقي , بس ما يصير تخبّي عنها !
قال بغضب
: لمّا اجي اطلب استشارتك تكلّم
نهض خارجًا من المقهى ليتبعه عبد الله الغاضب
ركبا السيّارة بصمت
على شفا عبد الله سؤالٌ يخشى نفثه وتلويث جرح أخيه المفتوق
وصقر صامتٌ في وادٍ آخر
كلّ ما في الصمتِ يستدعيه
كلُّ ما في الانعزال يجذبه
عاش صامتًا لأعوامٍ طويلة
لم يعُد يفقه ماهيّة الكلام
عاش بلا مشاعر لأعوامٍ
فقد احساسه , اضاعه في عاميّ السجن ربّما
او على مكتبه , صديقه وشقيقه وتوأمُ روحِه !
او في غرفِ العلاج الطبيعي , خليلته في وحدته !
تنبّه الى عبد الله الذي ناداه بتردد
همهم بصمت
قال عبد الله بنبرةٍ لا تخفى حدّتها , رغم محاولته لاخفائها !
: زوجتك طيّبة ؟
قال بعد صمتٍ يسير
: طيّبة
قال عبد الله بحدّة
: درت عن حكم اهلها ؟
قال بهدوء
: درت
باغته عبد الله
: متى تطلقها ؟
التفت اليه وقال بهدوءٍ تام
: ماني مطلقها
صمت عبد الله بصدمة , ثم قال ببطء
: وش يعني ؟!
قال صقر ببساطة
: زوجتي وما سوّت ذنب ولا معصية عشان اطلقها !
ازدرد عبد الله ريقه
: وبنت عمّك ؟
بلع صقر سكّينًا , وزمجر بحدّة
: طلقتها
اوقف عبد الله سيّارته امام منزلهم والتفت الى صقر بغضب
: وعزّة الله يا صقر لو ما تعقل انّي اعرس على رتيل
نظرَ الى اخيه بصدمة
انزلقت الأحرف من حافّة شفتيه
لتتراكم في جوفه
لتكتم صوته
لتجرح نبرته
ارتفعت وتيرةُ غضبه
شدّ على قبضته وظلّ ينظرُ الى عبد الله دونَ ان ينبس ببنت شفة
اتتعمد قتلي يا شقيق قلبي !
لا زالت مشاعرك المبهمة تتكتل كصخرٍ يزنُ أطنانًا
لتثقل جوفي المتهالك
لتهوي على روحي المتعبة
رغم اطّلاعك على مأساةِ أخيك
لا زلت تعتصر قلبه الباكِ بين أصابعك
لا زلتَ لا ترحمني يا عبد الله !
اخيرًا شعرَ بابتسامةٍ كسيرة تعلُو شفتيه
مالَ رأسه جانبًا
وانخفض نظره الى مستوى قبضته المشدودة
بسطها وتأمّلها
كانت رتيل هنا دومًا يا شقيقي
رتيل التي تسعى اليها
نشأت على هذه التي جفّت وهَزُلت
تعبت يا أخي من محاولاتي لأخبركم عن مدَى وجعي
حاولت اخباركم مرارًا
لكنّكم تأبون ان تبصروه
لن احمّل نفسي عناءً أكبر , يا شقيقي الوحيد
فلتبقوا على جهلكم بي , ولتستمروا في كيلِ وجعًا أكبر لي
ولأبقى كما انا !
رفع رأسه وابتسم بلا مبالاة , وقال ببحّة
: اوّل من يبارك لك انا
نزلَ من السيّارة وسار ناحية المنزل
نزل عبد الله خلفه وصرخ بحدّة
: صـقـر !
دونَ ان يلتفت اليه , أشار بكفه باهمال
ودخل الى المنزل
رفس عبد الله السيّارة وهو يكاد يحطّمها غيضًا !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
مطار الملك خالد الدولي
الخامسة مساءً
اقترب من الحاجز ليطلّ على الواصلين
ولمحمها
اتّسعت ابتسامته
كأنّه يرا شقيقين
لا ابًا وابنه !
أشار اليهما , ليبتسمانِ ويقتربا منه
اقترب سعود متقدّمًا وقال
: يا لبيه يا ذا الوجه
ضحك مالك وهو يعانقه بشدّة
: حيّ ذا الزول , والله ان ترحبون
ابتعد سعود , ليقترب والده مبتسمًا
عانق مالك عمّه بشدّة وقال بزفرة
: يا بعد عيني يا عمّي
ابتسم عمّه بمحبّة
: جعل عينك سالمة
قبّل مالك جبينَ عمّه وكتفه وقال بصدق
: والله مو مصدق شفتك ! آخر مرّة شفتك كنت في الثانوي , زين ما توقّف قلب جدّتي وعمامي من شوفتك !
ضحك ابو سعود محرجًا
خرجوا من المطار , وساروا قرابة نصفِ ساعةٍ بالسيّارة
حتّى دخلوا الى الحيّ الذي فيه منزلهم
تأملّه ابو سعود مطوّلًا
حتى زفر , وكسرَ نظرته
التفت الى ابنه وابتسم , ابتسامةً كانت تحملُ حُزنًا
وتحملُ لهفة
دخلوا الى الشارع ليضحكوا من المفاجأة
أشقّاء والد سعود وابنائهم , وجيرانهم
يملَأون الشارع بهتافهم وغنائهم ورقصهم
حينَ رأوا السيّارة
رفعَ سلطان واحدُ أعمامه , واثنانِ من ابناء عمومته
بنادق الصيد الى السماء
ليطلقوا نيرانها بلا توقّف
انحنى شقيق ابو سعود الأكبر الى العجلِ السمين وذبحه
ليعلوا الهتاف
ضحك سعود ووالده , والدمع أرغم مقلتيهما وبلّلهما !
نظر ابو سعود الى المنزلِ باشتياقٍ كبير
يفتقد منزلَ صباه وطفولته
يفتقد جيرانه
يفتقد شمس العصرية , التي كانوا يجلسون تحتها مرغمين !
يفتقد الليالي ذات الريحِ الطيّبة , التي يقضونها على السطح
يفتقد والده !
مُذ توفي لم يحتمل القدوم
تباطء وقلّل حضوره
شدّ سعود على كتف والده وابتسم
ثم قال
: الله يعينك على مناحة جدّتي !
ضحك بخفّةٍ ونزل
سلّم وابنه على الجميع
ودخلا
ليصلهما هتاف النساءِ المبتهج
نادى سلطان من عندِ الباب
: بس عماتي وجدّتي يطلعون
قال مالك ساخرًا
: وش له ذا اللفّة , ارسل لأر... – بتر اسمها وقال – ارسل لأختك رسالة وخلها تطلع فوق
قال سلطان بجمود
: كل تبن
قال مالك دونَ تعبيرٍ واضح
: سم
انفجر سعود ضحكًا وهزّ رأسه من مالك
: لمتى يستبد عليك ذا ؟
قال مالك بزفرةٍ مضحكة
: حكم القوي عاد
دفع سلطان سعود
: ادخل سلّم على جدّتك بلا هذرة
ضحك سعود واقترب من والده , ليدخلا سويًّا
شهقت الجدّة ولم تحملها قدميها
جلست أرضًا تبكي وتهتف
: يا حي زول محمّد , يا الله انّك تحيي محمّد , يا جعله يسلم محمّد وراس محمّد , ويسلّم ربّي محمد
ضحك ببكاءٍ يداعب قلبه
انحنى اليهَا ليقبّل رأسها قبلةً طويلة
كانت تشهق بغيرِ تصديقٍ وهي تضمّه اليها
وتقول بضعفٍ واشتياق
: هو انت صدق يمّه ؟ حنّيت على امّك يا بعد امّك ! جيت يا يمّه ؟
رفع كفّيها وقبلها مرارًا بلهفة
ثم عانقها وقبّل رأسها مجددًّا
جميع الهواتف متّجهةٌ عليهما لتصوّرهما
التفت سعود الى مالك متأثرًا
مسحَ دمعةً تفلتت عليه
قال مالك بابتسامة
: يا رهيف
ضحك رغمًا عنه
مرّت دقائقُ طويلة حتّى ابتعد ابو سعود عن والدته
لتقول بتعب
: سعود
ابتسم
: يا لبّيه
انحنى اليها وعانقها
همست في اذنه
: يا جعل ربّي ينولك مرادك ويرزقك وامّك وابوك الفردوس بدون حساب ولا عقاب , الله يفتحها بوجهك يا سعود مثل ما جبتلي ابوك
أغمض عينيه , ليهمس بحرقة
: آمـيـن
نهض وتلفّت يبحث عن والده
قال سلطان ساخرًا وهو ينحني ليساعد جدّته
: لا تخاف البابا ما تركك , دخل يسلّم على البنات بس
قرصته جدّته قبل ان يجيبه سعود
تأوّه ثم قال
: ليه يممه
قالت ببرود
: اللي يكلّم سعود نص كلمة يجيه الرد منّي
قال حسن ضاحكًا
: اوفف , تقرّبت يا سعود
قالت الجدّة بمحبّة
: من يومه قريب جعلني فد...
قاطعوها جميعًا
: الله يحفظك , بسم الله عليك
تجمّعوا في غرفة الاستقبال الكبيرة
بانتظارِ ابو سعود
الذي تشبثن به بنات أشقائه وشقيقاته
قالت احداهن
: تكفى اقعد معنا
ضحك رغمًا عنه
: يا بنت الحلال قاعدلكم شهر ان شالله , بتشبعون منّي
قالت الأخرى
: وش دعوى عليك لاحق على اخوانك
قالت اخرى بضحكة
: خوفك لا يكون قلبه ملهوف على سعود لا يعضّه احد
ضحك وهزّ رأسه بقلّة حيلة
: الله يرضى عليكم توّني جاي , اولى الناس الحين امّي , اصبروا شوي
قالت اروى بابتسامة
: يا بنات خلّوا عمّي براحته , يجلس مع عمامي وعمّاتي , بكرة الضحى او الليلة نجلس معه
ابتسم وهو ينظرُ اليها
: يا جعلنا فدا لأروى وعقل اروى ورزانة أروى
صرخن معترضات
دخلت شقيقته الكبرى وقالت بحنو
: محمد حبيبي امّي تنشد عنّك
نهض من مكانه وقال
: جايها , جلسة البنات ما تنمل
قالت احداهن معترضة
: مبيّن عشان كذا بتتركنا على طول
قالت عمّتها معاتبة
: تبونه يقابلكم وهو يا دوب سلّم على امّي وجاكم على طول !
تأففت احداهن وابتعدت
وهي أكبرهن , وأكثرهن تعلقًا به
قبّل رأسها
: ان شالله الغدا معاكم
خرج من الغرفة , الى صالة الاستقبال
جلس بجانبِ والدته وقبّل رأسها
التفت لينظر الى الجميع
وابتسم حينَ رأى سعود
أشار اليه
: تعال جنبي
كانوا متوقعين لكلمته
وانفجروا ضاحكين
حكّ سعود رأسه محرجًا
وابتسم
قال سلطان بسخريةً لاذعة
: قوم يا بابا
قال حسن وهو يلعبُ بتعابير وجهه
: وا قلبوس انا , روح اقعد عند البابا
ابتسم والدُ سعود مستغربًا
: خير يا شباب ؟
قالت الجدّة بانتقاد
: ذا الغيرة وفعايلها , ليش انّه الوحيد والمدلل
ضرب سعود جبينه بخفّة وقال بابتسامةٍ مضحكة
: جات بتكحلها عمتها الجدّة
قال سلطان ببرود
: هذا انا وحيد , ومالك وحيد , وسالم وحيد , بس سعود دلعه ماصخ !
اعتدل والد سعود في جلسته , حمحم ثم تكلّم مبتسمًا
: اسمح لي يا ابو مساعد , بوضّح شغلتين , الدلع اللي ما له دخل في افساد التربيّة , او اللي ما يحدث خلل في ميول الرجّال ويخليه انثوي في تصرفاته , لا اشكال فيه وبالعكس حلو انّ الواحد يكرم ولده ويدلـله بالمعقول , الأمر الثاني , سعود ماهو مدّلع , سعود وحيد فعليًا يعني حتّى اخت ما عنده , وتربّى في بيئة تعشق الطفل وما رزقنا الّا بواحد والحمد لله , بالنسبة لي سعود مو بس ولدي , علاقتي فيه اخوّة وصداقة وتفاهم وثقة , ولأمّه كأنّه اخوها الكبير ! ولجدّته كأنّه ولدها او اخوها الأصغر , سعود تشكّل لنا بحاجتنا له , صار اخ وولد وصديق , وهذا الشي مريح لنا وله
قالت الجدّة بحسرة
: ليت كان لي نصيب فيه
قبّل ابو سعود كفّها بحنو
: افا عليك يمّه , هو ولدك , وبرّك اكثر من برّي فيك , ويوصلك اكثر منّي
هزّت رأسها بصمت
واللهِ انّ فراقكم داكن
تفرضون عليّ ان اشتاقكم !
أشلاء قلبي المتراميةُ في بقاعِ الأرض انتم
روحي المقسمةُ في البلدان
لا تدركون امومتي المبحوحة , امومتي الباكية
التي تنعاكم كلّ ليلة
تنادِي بأسمائكم جميعًا
أخشى ان انسى أحدكم وانا اكبر عامًا تلو عام
اناديكم واحصيكم كلّ ليلة
علّكم تجيبون
علّكم تردّون نداء قلبي الباكي
غيابكم يا ابنائي علقم
ما من وجعٍ في العالم , أشدَّ منه
همومكم التي تنأونَ بها عني في غربتكم
تصلُ اليّ وتمسُّ شغافَ قلبي
أشعر بالباكي منكم
اسمع همس الموجوع
وأنين الحزين
يعتصرُ قولوني الضعيف مرارةً من غضب أحدكم
او جوع جائعكم
او حاجة محتاجكم
تظنّون ابتعادكم يفصلكم عن قلبي
او يجرّدكم من احساسي بكم !
لا تنسلخون منّي , ما دامت دمائي في عروقكم !
,
,



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 22-03-15, 12:53 AM   #69

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,433
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


المملكة العربية السعودية – الرياض
السادسة مساءً
جلست بهدوء قريبةً من امّها
نظرَ اليها علي مطوّلًا
زفر والتفت الى والدته
رفعت كتفيها بقلّة حيلة
دخلت هديل وجلست بجانبِ علي
: علي
همهم دون رد
: متى تحدّد عرسك ؟
رفعت رأسها بسرعة
التفت اليها علي
ثم هرب بنظره عنها
قال بلعثمة
: الله كريم
قالت هديل باستغراب
: ترى مو باقي كثير على نهاية السنة ! وداليوه خبله لا تروح تقدّم على وظيفة ولا شي ثاني
ضحكت رتيل رغمًا عنها , ولتلطّف مزاج أخيها !
قالت بابتسامة
: تراها تطري ذا الطاري لها كم يوم , مستغلّة انّك ناسي العرس وبتحطك قدام الأمر الواقع
قال بانفعال
: عشان اكسر رقبتها
ضحكن منه , ثم قالت رتيل بمحبّة
: علي , سألتك بالله لا تأجل ولا تفكّر بشي غير تحديد عرسك , انا بخير يا اخوي
ظلّ صامتًا
قالت والدتها بهدوء
: صعبة يحدّد زواجه , واخوها له اسبوعين مطلقك !
التفتت الى والدتها بانفعال
: ان شالله بتخربون بيت علي عشاني ولّا عشان صقر !
قال علي
: ماهي سالفة خراب بيوت , بس الوضع صعب يا رتيل ! عشانك وعشاني
قالت بحدّة تكبتها
: والله ما اسامحك يا علي ولا احللك لو سويت شي مو زين يخص زواجك , عنبو بليسك لك اربع سنين مملك عالبنت ! وتبي تتركها عشاني ! حرام عليك والله
دخل تركي الذي سمع كلامها الأخير
: يا ساتر وش عندك تصارخين اليوم
التفتت اليه منفعلة
: امّك واخوك يبون يكنسلون زواج علي عشاني !
صمت تركي لثوانٍ
ثم قال بنبرةٍ غريبة
: ذا الصح , يحرقون قلبه في اخته
قالت هديل بغضب
: حدّك عاد ! ناسي من اخته انت ؟
تأففت ام علي , وقالت تقاطع الجميع
: بس انطموا انتي وياه , اللي يسمعكم الحين يقول طلقنا داليا وزوّجنا علي وعيّل بعد !
نهضت رتيل , وقالت قبل ان تخرج
: انت تموت على داليا وتنتظر اليوم اللي تتخرج فيه , لا تهدم حبّك عشان احد , ولا تكسر قلب بنت عمّي يا علي
همّت بالخروج من الغرفة ليرنّ هاتفها
أجابتها وخرجت
: هلا سمر
: هلا رتول شلونك
: الحمد لله , وانتي !
: طيّبة – صمتت لثوانٍ , ثم قالت بتردد – ودّنا نزوركم انا وامّي
قالت رتيل مستغربة
: تزورونا !
صمتت سمر
لتضحك رتيل منحرجة
: معليش والله , حيّاكم الله طبعًا , بس استغربت لأنّ عمرك ما سويتيها , حياكم بأي وقت
ابتسمت سمر بلهفة
: ان شالله يوم الخميس الجاي بعد المغرب نجيكم
ابتسمت رتيل
: حيّاكم
أغلقت الهاتف ونزلت الى امّها
: يمه
: هلا
: تخبرين سمر صديقتي ؟
: اللي طلعتي معها يوم ضعتي ؟!
ازدردت ريقها , وتذكرت ذلك اليوم
حينَ رجتها صديقتها ان تساعدها في اختيارِ فستان لمناسبة
وتوقّف هاتفها عن العمل
وفقدت والدة صديقتها وعيها , واضطروا لاسعافها
يومَ تأخرت كثيرًا
وتطلقت !
قالت ببحة
: لا , سمر اللي معاي من المتوسط
صمتت امّها لثوانٍ , ثم قالت باستدراك
: وش فيها
: يبون يزورونا هي وامها يوم الخميس
قالت هديل بتعجب
: شالطاري عليها ! لها عشر سنين تعرفك توها بتجيك !
رمقتها والدتها بانتقاد , ثم قالت
: حيّاهم الله
اومأت برضىً , وتركتهم لتصعد الى غرفتها
استلقت على ظهرها
لتحدّق في سقف غرفتها
وجدته جذّابًا , يستحق تأمّلًا طويلًا
بياضه الناصع
امتداده , علوّه
لا ميلان فيه ولا اعوجاج
أغمضت عينيها بخفّة
تمنت لو ترتقي روحها
لتتجاوز السقف
لتتسرب منه
تحلّق بعيدًا , تضيع في فضاءٍ لا يُذكر فيه صقر
صـقـر !
يكفي من الدنيا وجعًا , ان يُفصل اسمي عن اسمك !
يكفيني من الخيبة ان لا أُربط بك !
ما كمُّ المقدرةِ التي استحوذتك لتقوّيك على ذلك !
الم أكُن وعدًا قطعته على نفسِك ذاتَ يوم !
سحبت شهيقًا عميقًا
علّه يطردُ العلقم الذي يضاجع قلبها التَعِس
تقودني الى ندمٍ على كرامةٍ حفظتها
تجترني الى بكاءٍ يحرق مقلتيّ
أكره ان اشتاقك بعد كلّ الذي حصل !
اكره ان افتقد نطقك لاسمي
اكره احتياجي الى عناقك !
افتقد ابًا يربت على قلبي , الذي لم يعرف يومًا سواه !
اشتاق الى ليلةٍ أقضيها تحت لحافك
اشتاقُ الى صباحٍ يمتلئُ بك
انقضى عمرُ علاقتي بك
وانا لم اكتفِ منك !
لم تمهلني يا صقر , لم تمهلني لأُشبع رغبتي منك
لم تُعطني حقّي فيك !
هجرتني صغيرة , وتركتني كبيرة
ظلمتني يا صقر
ظلمت كمّ مشاعري التي لم تُخلق يومًا
الّا في قلبي , لك !
دومًا انت سيّد مشاعري وانفعالاتي
دومًا انت لحنُ السعادةِ في قلبي
ودومًا انت ما في الحزنِ من حُداء
انتَ بهجتي , وانت انطفاء الحياة في عيني !
زفرت همًا أثقلها
زفرت حيرةً تهشّم قلبها وعقلها
كيف ستكمل حياتها !
كيف وقد طلّقها !
كيف وقد تجرد اسمه من اسمها
وقلبه من قلبها !
تكوّمت على نفسها في وضعِ جنين
وأغمضت عينيها بسلام
تستهوي الموت , علّها تغريه بسكينتها !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
السابعة مساءً
طرقت الباب بخفّةٍ وأطلّت برأسها
نظر اليها بصمت
ثم أشاح ببصره عنها
اقتربت لتجلس أمامه
وضعت كفّها الحاني على جبيرته
قالت بحنو
: عزوز
اغتصب الأحرف ليقول بجمود
: نعم
ابتسمت وفي عينيها دمعٌ لم يجف
: حبيبي ما تغدّيت اليوم
قال ببحة
: مو مشتهي , اتركيني انام
تنهّدت بهدوء , ثم قالت
: ابوك يبيك
نظرَ الى قدمه , ثم اليها
ثم قال
: يبيني ؟
هزّت رأسها ايجابًا
: هو بيجيك
خرجت , لتمرّ ثوانٍ وتعود
بجانبها زوجها
وبجانب الباب شقيقاته الثلاث
جلس والده أمامه
: شلونك اليوم ؟
قال بخفوت , وقد رجف جسده بقلق
: الحمد لله
دون أيّ مقدمات , مدّ اليه والده بورقة
قال بهدوء
: لقتها غالية في غرفة بندر اللي في شقته , بعد اربع سنين من وفاته , أخفينا موضوعها عنّك لين تنهي بعثتك وترجع بالسلامة
امسك بها بكفّين مرتجفين
نهض والده وقال
: اقرأ , وافهم عدل , وخذ وقتك , وانا منتظرك في أي وقت تبي تجيني فيه
ازدرد ريقه ولم يتكلم
خرجوا جميعًا
قبل ان تخرج تهاني اقتربت منه وقالت بارتجاف
: عزوز , اذا ما تبي فجر لا تقرأ الورقة , جيبها اتلفها واريحك منها
رجَاها بعينيه ان تأخذها
لم يستطع نُطقها
ولم يستطع رفع كفّه ليمدّ اليها الورقة
بكت وهي تجلس على ركبتها أمامه
: عزوز تكفى , انت ما تقدر ولا تبي تتزوج فجر , واذا قريت بتجبر نفسك , عطني الورقة
اهتزّ جسده , وظلّ عاجِزًا
قبّلت كفّه وهي تبكي بأنين
مرّت اميرة لتجدَ باب الغرفة مفتوحًا
دخلت لتشهق
: تهاني وش فيك !
التفتت اليها وهي تبكي بانهيار
: خذيها منّه , لا تجبرونه حرام عليكم
اقتربت منها وهي تكبح غضبها
: قومي معاي
تمسكت بها
: تكفين , والله حرام !
ازدردت ريقها ورفعتها عن الأرض
قبّلت جبين شقيقها
قالت بخفوت
: ما راح نجبرك , اقرأ واختار
صرخت تهاني
: تلوون ذراعه , ما راح نجبرك بس انت بتجبر نفسك , بنخليك انت اللي تذبح نفسك مو احنا نذبحك
دفعتها اميرة لتخرج
وأغلقت الباب
نظر الى الباب المغلق
بصمتٍ استوحشه
رفع الورقة بضعفٍ وفتحها
قفزت دمعتانِ من عينيه
لم يكبحهما ولم يمنعهما
انبعثت رائحةُ شقيقه
في أعلى الصفحة , بين قوسين
كُتِب بمحبّةٍ شعرَ بها
( الى عبد العزيز , أخوي )
شدّ على الورقة برفق
وأرسل بصره ليلتهم أحرف شقيقه
-
بسم الله , والصلاة والسلام على رسول الله
السلام عليكم ورحمة الله
^ شرايك فيني وانا رسمي ؟ :p
,
حبيبي عزوز , غالبًا تكون حزين وانت تقرأ
ما راح تقدر تقرأ رسالتي الّا وانا ميّت
قبل لا تكمل , ابيك ترتاح في جلستك , وحاول تبتسم
- أغمض عبد العزيز عينيه بقوّة وهو يزفر بتعب , مرّت ثوانٍ ليشدّ على أسنانه وهو يجبر جسده على الاسترخاء , ويسلّط ابتسامةً تافهة لتغتصب شفتيه المتقوستان , ثم فتح عينيه –
برافو عليك !
ادري ان الابتسامة اللي بالغصب صعبة
وممكن تسوي لك تشنّج في فكك !
بس تقدر تجبر نفسك وتبتسم
ابيك مبتسم دايمًا , ابيك مرتاح دايمًا
عشان اخوك الوحيد
عشان تريحني في قبري
عشان تريحني في موتي
عزوز..
لي ايّام احس ان عداد عمري فضى
الأعمار بيدِ الله , ما نعرف متى الأجل
تجاهلت احساسي في البداية
بس حسّيت ضروري ابدأ اكتب
اوّل رسالة والأخيرة اللي اكتبها
لك
مو عارف اكتب
ما تعوّدت على ذي الطريقة
اتمنى ما تضطر تقرأ ذي الورقة
اتمنى ما اضطر احطّك في هالموقف
اللي اعرف اقوله لك , انّك اروع اخ
^ بالله حافظ على برستيج حزنك ولا تضحك , خل الرسالة تعدّي على خير , أي نسيت اقول , بالله كيف حركتي وانا معطّر الورقة ؟ حسيت انّي كاتب مرسول حب لفجر :P
المهم
بيجي يوم نرتاح
الموت راحة , من الكبد اللي انخلقنا فيه
انخلقنا في كبد , في سعي , في جري ورى الرزق والحياة
لا تحزن من الموت عزوز
لأنّه النهاية الوحيدة المناسبة
انا عشت احلى سنين , مع أجمل عائلة
ولقيت أروع زوجة
واشتغلت احسن شغل
ولكل شي نهاية
نهاية مكتوبة قبل لا نعيش البداية
لا تحزن , حاول حزنك يقتصر على الطبيعي
ابكيني بالمعقول
اللي تخدمني فيه دعاء قلبك المُحب
تخدمني بصدقتك عنّي
بعمرة او حج , تهديني ايّاهم
عيش براحة عشان اخوك
عشان امّك
عشان نفسك يا اخوي
تأكّد انّي احبك , احبك لدرجة بزعل كثير لو كنت انت حزين
ما اعرف انهي كلامي
بخلّي النهاية مثل نهايتي
اللي احس فيها , ولا اعرف طريقتها.
-
في طرف الصفحة كُتِب
( الوصية في الخلف )
قلب الصفحة وتابع
-
تعرف ان امنيتي
ان حفيد العائلة الأوّل اللي بيشيل اسم ابوي
يكون من فجر
يكون ولد فجر
لو عشت لين اتزوجها وخلفت منها , اعتبر الوصيّة ملغية
ولو متّ قبل لا يجيني منها طفل
مع كامل حقدي عليك
اقول لك تزوج فجر
حقق حلمي ,
بتكون فجر ام رائعة لحفيد عائلتنا
بتريّحك , وبتسعدك
اضغط على نفسك يا عزيز
واثق انّك ما بترد اخوك الوحيد , وهو في قبره
كامل حبّي لك.
-
ظلّ ينظرُ الى الورقة
تاه نظره في زواياها
يبحث عن المزيد من الأحرف
علّ بندر كتب شيئًا آخر
ايّ شيء !
لم يشبع من حديثه بعد
لم يكتفِ من قراءته
افلت الورقة
وأطلق آهةً عميقة
غطّى وجهه بكفّيه
أجهش بالبكاء
قد مرّت سبعةُ أعوامٍ على بكائه آخر مرّة
بكى بحرقةٍ وحسرة
قلبه من الحزنِ يذوب , يعجز ان يتوب !
يعجز عن توبةٍ من الوجعِ الراكد في قلبه
الوجع الذي بعثره بندر برسالته
رسالته المُثقلةِ بالبكاءِ المر
وكأن كلماته لمسةٌ تُهيج غدده الدمعية
يستشعر نبرة شقيقه من أحرفه المنقوشةِ باستعجالٍ على الورقة
الورقة الرقيقة , المطبّقةِ بعناية
رفع رأسه الى الأعلى وهو يهتف برجاء
: ليش ليشش
تحرّك بلا وعِي , ليسقط عن سريره ويصرخ بوجع
بوجعٍ انتزع قلبه
أشدّ من وجعِ ساقه المكسورة
ضم ذراعيه الى قلبه وهو يأنّ
يا أنين الغربةِ الحزينِ يا شقيقي
يا لحنًا باكيًا , في مُخيّماتِ المشرّدين
يا سُقمَ طفلةٍ لم تعش يومًا مبتهجًا
لم أخذك الموت وأخطأني
لم نسيني !
أطلق آهةً أخرى
لتدخل والدته بفزع
: يمّه حبيبي بسم الله عليك
نظرَ اليها بضياع
وقال ببحةٍ مكسورة
: ليش يمه
عانقته بقوّة
وهي تنعى فقيدها , وتبكي وحيدها الحزين !
قالت وهي تقبّله مرارًا , وتبلله بدمعها السخي
: بس يا روح امّك , بس حبيبي بسم الله عليك
دخل والده , ليجدَ الجبيرة غارقة بالدماء
شهق بصدمة
: وش صار لرجلك
نظر اليها وهو الذي لم يأبه للألم الذي يسرق الروحَ من شدّته
اتّصل والده بالاسعاف , لأنّه لن يستطيع تدبّر الأمر
وظلّ عبد العزيز , يرمي ببصره في أرجاء الغرفةِ دون هُدى !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانية مساءً
نزل من السيارة , وأعاد طرف غترته خلف ظهره , ورفع النظارة
اقترب منه ابنه , الذي كان يرتدي الثوب وحيدًا
قال مبتسمًا
: شكلك اشتقت للثوب والنسفة يبه
ابتسم وهو يضع النظارة في جيب الثوب الأمامي
: استغل فترة وجودي هنا
قال سعود بغمزة
: ليت امّي تشوفك كذا , شكلك احلى من البدل
ضحك ودخلا الى المنزل
دخل سعود الى غرفة جدّته
ووالده الى المطبخ
نظرت اليه أروى بصمتٍ لثوانٍ
ثم قالت بصدق
: عمي بسم الله عليك تجنن , كأنّك من عمر سعود مو ابوه
انفجر ضاحكًا وهو يجلس وسكب لنفسه ماءً
جلست أمامه
: والله جد
شرب ووضع الكأس
: ترى عمّك خجول , الحين احمّر من الحيا
ضحكت وهي تقدم له صحن الفاكهة
دخل سلطان الى المطبخ وابتسم
: حيّا الله ابو سعود
ابتسم
: هلا سلطان , تعال
جلس سلطان وهمّ بالحديث , ليقاطعه هاتفه
تأفف وأجاب
: هلا ذياب
قال ذياب وهو يحبسُ ضحكته
: شلونك ؟
زفر
: الحمد لله
قال ذياب
: عندكم شي بكرة ؟
: ليش !
: مسوين عشا انا وسعد , ولازم تتفضلون انت ومالك
: اعذرني والله , عمّي وولده جايين زيارة وودّنا نقضي الوقت معاهم
نظرَ اليه عمّه بتعجّب
قال ذياب
: اجل العزيمة لعمّك وولده وانتم حيّاكم معاهم
قال سلطان بضيق
: امس واصلين وما لهم خاطر طلعات
قال ذياب بذهول
: ياخي انت ترد عزيمتك براحتك , بس انا عزمت عمّك وولده !
قال سلطان
: هذا عمّي قدّامي بسأله , خويي عازمك يا عم تروح !
ابتسم ابو سعود باستفزاز
: لي الشرف البّي عزيمته
انفجر ذياب ضاحكًا , ثم قال
: برسل لك اللوكيشن حق الاستراحة , باي سلطونة
رمَى سلطان الهاتف بضيق
قال عمّه بهدوء
: ليش متضايق من الرجّال ؟
لم يُجبه
سأله
: ماهو زين يعني ؟ اخلاقه مو زينه ؟
قال بسرعة
: لا بالعكس , نشمي وكفو , بس سالفته طويلة – رمق أروى بنصف نظرة , ثم قال – بعدين اسولفها لك
هزّ رأسه متفهمًا
نهض سلطان
: انا بروح لجدّتي
نهض معه عمّه
: يلا انا معاك
خرجا الى غرفة الجدّة
ابتسمت مبتهجة حينَ رأت ابنها
قبّلا رأسها وجلسا بجانبها
كان سعود مستلقيًا , ورأسه في حجرها
قال والده
: وش فيك سعود ؟
كانت عينيه مغمضتين
: مصدّع شوي
عقد والده حاجبيه ومدّ كفّه الى جبينه
: حرارتك مرتفعة شوي
: لا بس من الجو
قال ابو سعود
: يمّه عنك حبوب راس
انفجر سلطان ضحكًا وهو يشيح بنظره عنهم
قال سعود مغتاضًا
: ضحكت من سرّك بلا
قال سلطان بضحكةٍ عميقة
: تؤ تؤ تؤ , زعلت حبيبي !
قال سعود بدلالٍ مضحك
: شوفه يا بابا
قال ابو سعود مبتسمًا
: ناد له نانا
انفجر سلطان ضحكًا حتّى سعل
التفتت اليه جدّته
: بسم الله عليك يمه , وش فيك حبيبي
قال سعود باستفزاز
: يوه يا حبيب الماما وش فيك
قال ابو سعود وهو يريح جسده الى متّكئه
: صدق والله انا راحت عن بالي ذي , سلطان دلوع جدّته ومستقعد لسعود
قال سلطان مقاطعًا لسعود
: خويي عازمك على عشا بكرة , ابوك بيجي تخاوينا ؟
: من خويّك ذا ؟
: ما تعرفه , عرفته باستراليا
قبل ان يجيبه سعود رنّ هاتفه
اعتدل في جلسته وأجابه
: وينك يا كلب امس اتّصلت عليك مليون مرّة
قال ببحة
: انا من امس في المستشفى معليش
نهض سعود بفزع
: وش فيك
زفر وقال
: انفتحت الخياطة
قال سعود
: وليش منومينك ؟
: خايفين من الجراثيم , مخليني عشان ما تتلوّث
نظرَ سعود الى معصمه
الساعة تشيرُ الى الثانية وعشرون دقيقة
: الحين جايّك
قال باستسلام
: تعال
أخبره عن اسم المشفى وأغلق الهاتف
سأله والده بقلق
: عزيز ؟
التفت الى والده
: انفتح الجرح ومنومينه في المستشفى
قالت جدّته بحزن
: يا وجه الله , الله يشافيه
نهض والده
: بجي معاك
قال سلطان
: اوصلكم ؟
قال ابو سعود
: اذا السواق موجود يودّينا
قالت الجدّة
: ايه اليوم فاضي عشان العطلة , كل يوم ذا الوقت يرجع البنيات
صعد سعود ليستبدل ثيابه , ونزل مسرعًا
اتّجها الى المشفى
وسألا عن غرفة عبد العزيز
دخلا , وكان مغمضًا عينيه
قال ابو سعود بحنوْ
: لا بأس طهور
فتح عينيه بسرعة
اعتدل في جلسته وابتسم ابتسامةً صفراء
قبّل ابو سعود جبينه
واقترب سعود ليعانقه
قال عبد العزيز بصدق
: والله مشتاق لك
قبّل سعود رأسه وجلس أمامه
: شلونك الحين ؟
قال بخفوت
: الحمد لله
تحدّث اليه والد سعود قليلًا ثم استأذن
: اجل انا برجع البيت , وبخلّي السواق يرجّع لك السيارة
خرج , ليقول سعود بجديّة
: وش فيك
زفر بقوّة
وقال بتعب
: بندر كاتبلي وصيّة
همهم سعود , ليتابع عبد العزيز وكأنّه يلفظ سكينًا من جوفه
: يبيني آخذ زوجته !
أشاح سعود ببصره عنه
صمتَ لثوانٍ , وهو يستمع الى عبد العزيز
: شلون آخذها ! حليلة اخوي يا سعود , يحبها والله , يموت فيها , ما تمنّى شي في حياته كثرها ! شلون آخذها شلون !
ازدرد سعود ريقه
ثم قال وهو لا يعلمُ ما يقول !
: دامها وصيته وطلبه , تقدر تسويها , يعني هو اللي قال لك خذها مو منعك عنها وحذرك وانت رحت لها !
صرخ به
: ما اقدر !
قال سعود
: طيّب لا تتزوجها اجل
قال عبد العزيز بوجع
: ووصيّة بندر !
صمت سعود
مرّت ساعةٌ صامتة بينهما
حتّى دخلت الممرضة وقالت
: بعطيك محلول وبتنام لأنّه قوي
حقنته به , ثم التفتت الى سعود
: اذا تحب تتركه وترجع له بعدين , مفعول المحلول بيروح بعد ثلاث ساعات
التفت اليه كأنّه يسأله
هزّ رأسه ايجابًا
: روح , حتّى لو ما ترجع عادي , تعال لي البيت لمّا اطلع
: بروح اتغدى وارجع لك بعد المغرب ان شالله
ودّعه وخرج
سارَ في ممرات المشفى بفكرٍ مشغولٍ برفيقه
زفر بتعبٍ من أجله
قريبًا منه سمع صوتًا
: بندر تعال من هنا
التفت بسرعة
اهتّزت الأرض من تحته حينَ رأى زوج الأعين اللامع من خلف غطاء الوجه
التفت بتكذيبٍ لاذنيه
حينَ سمع تلك النبرة
حين تناغم سمعه للراء المدللة
للدال ذاتِ الرنّة التي تخُصّها !
فتحَ فمه بمحاولةٍ لسحبِ الهواء
بمحاولةٍ للتنفس !
شعر وكأنّ سماءً تهاوت على قلبه
وغمامةً تُظلّلُ عيناه !
كأنّ الجمرةَ التي أوقدتها داخله
قد تأججت لتحرق جسده بأكمله !
,
,
الى الملتقى




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 23-03-15, 12:25 AM   #70

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,433
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
البارت الخامس والأربعون
,

,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الرابعة وعشر دقائق
كأنّما دلوٌ مدّ الى بئرٍ خاوية
نُسِي فيها !
رمته ذات نهار
وأهملته
وبصوتها , أعادت اليه الحياة التي سرقتها في رحيلها
اعادت قلبه الذي انتزعته من صدره , وذهبت به
شعرَ بالدوار وهو ينظرُ الى عينيها , التان تصدّان عنه
لا زالت راؤها ودالها تتراقصان بخفّةٍ على أوتار سمعه
لا زال غنجها المُرتاح , يداعب قلبه
حبسَ الشهقة التي كانت على شفا انتزاع روحه منه
ارتخى كتفاه , وشدّت عروق قلبه حين ضحكت بخفوتٍ من كلماتِ شقيقها
يا ناعمةَ الوجنتين
يا لامعة الحدقتين
يا قلبًا عاشَ بين دفتي صدري
يا روحًا استودعتها روحي
يا حبًا تسرّب بي , وشلّني عن آخرِي
يا حبيبتي !
ايّ جنونٍ قادني اليكِ , وأخضعني الى حبّك الذي هربتي به
ايّ لحظةِ انسانيّةٍ خرقاء , اجترتني اليكِ عنوة
لأعطف عليكِ , لأساعدك
لأرتبط بكِ !
كيفَ لعينيكِ اللامعة ان تظلّ تسحرني
مذ رأيتها أوّل مرّةٍ في شقّتك
حينَ أضعت الدرب عن قدمي
وأسقطت الخشبَ المحترق عليكِ !
حين أحرقت ذراعك , بعد ان أحرقتي قلبي بنظرةٍ دامعةٍ منكِ
كيف لنبرتكِ ان تسكنني
وأظلّ تابعًا لها
مستسلمًا لها
أحببتك , لا سقى الله حبًّا اذلّني
ومن أقاصي الأرض اليكِ احضرني
يا خاطفةَ اتّزاني
تبعها بخطواتٍ ملهوفة
ودّ اقتطاع الخطوات بينهما
ليجتذبها اليه
ليدخلها الى قلبه , ويغلقه الى أبدِ الآبدين
خرجت من المشفى وهو خلفها يجتذب ذرّات الهواء ليظلّ على قيدِ حياته عنوة
فتح فمه وهو يتنفّس بصعوبة
اقترب من سيارة السائق وفتح الباب الأمامي
قال وهو يلهث
: انزل
قال السائق باستغراب
: ايش في !
قال بانفعال
: انزل خذ تاكسي للبيت , ابي السيّارة
وقبل ان يجادله , سحبه ورمى به خارج السيارة
ركبها وتبع سيّارتها
تمنّى ان تكون هي
وتمنّى ان لا تكون ! رأفةً بها !
رحمةً لها , مما ينتظرها !
لعن الطرقات , وزحمةَ السيّارات
لعن الانتظار الذي يحلّق حوله كضبابٍ أسود
توقّفت السيّارة أمام سوق , لينزل شقيقها
وتبقى هي
نظرَ اليها مطوّلًا
تأمّل حركتها , كفّيها الصغيرين وهما يعدّلان حجابها
عينيها التان تصدّ بهما عن شمس العصر
زفرَ بحدّة
وفكّر بجنونِ اللحظة
سيختطفها !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الخامسة مساءً
نظر الى ظهرها وزفر
لم تتحرك من مكانها منذ عاد في الأمس
أكان يجب ان تتفوهي بحماقاتك تلك !
أكان يجب ان تضعيني واياكِ في موقفٍ لا نطيقه !
اقترب منها وحمحم
قال بنبرةٍ ثقيلة
: مها
لم تجبه
تأفف , ثم قال
: قومي كلميني
لم تتحرك
انطلق الغضبُ القريب اليه , ليغيّر نبرته
: قاعد اكلمك ما تسمعين
قالت بنبرةٍ محمّلة بالبكاء
: نعم
: عنبو بليسك من امس تبكين ! ما تخافين تنعمي عيونك من ذا البكا ؟
لم تجبه
جلس خلفها , وانحنى اليها
: قومي
التفتت اليه
تأمّلته لثوانٍ
ثم غطّت عينيها لتبكي
قالت بشهقاتٍ متتالية
: انا اعيش في كابوس ! عمري ما تخيلت يصير معاي جذي
رمى ببصره الى الأعلى وزفر بملل
قال وهو يحافظ على هدوئه
: وش الكابوس ؟
رفعت كتفيها بجنون
: كلّ شي , اهلي اللي انسجنوا , انت وتغيّرك المفاجئ , حياتي اللي انقلبت
نهض وقال بجمود
: الدلع الزايد خلّاك تسمّين أي تغيّر في حياتك كابوس , اهلك مجرمين وراحوا بقريح , وانا ما تغيّرت , وعمري ما اتغيّر بدون سبب , ما في متربيّة وبنت اصل وفصل – شدّ على الكلمتين بقسوة – تقول لزوجها الكلام اللي قلتيه , الرزق على الله , والأمر كلّه بيد الله , ماهو اهلك اللي يلمون احد او يعزّونه
تركها وخرج من المنزل
حينَ شعر بالغضب يشعلُ أوردته من جديد
سارَ بسيارته في شوارع الرياض بغيرِ هدىً
حتّى ذهب الى منزلِ أهله
دخل ليسمع داليا تقول بخفوت
: والله انا سمع اذني البنات يقولون انها بتنخطب قريب , بس ما فهمت من هذرتهم شي
قال عبد الله بانفعال
: من ولد الكلب اللي يبيها
دخل صقر وقال بهدوء
: السلام عليكم
التفتوا بفزع , وردّوا بارتباك
جلس قريبًا من عبد الله
ليسألَ داليا
: وش صاير ؟
رفعت كتفها بابتسامةٍ متوتّرة
: ولا شي
هزّ رأسه بصمت
التفت الى التلفاز
مرّت دقائق حتّى ضحكت داليا بصخب
التفت اليها عبد الله منزعجًا
: وجع
سعلت ثم قالت
: معليش , ذي هديل الفاصلة
ابتسم عبد الله , ثم قال
: فاقدها والله
قالت داليا بحماس وهي ترمي هاتفها جانبًا
: وش رايك نخطبها لك
قال صقر ساخرًا
: وش عندها الخطّابة
ضحكت ثم قالت
: جد والله , يعني بنت عمّك ووش زينها وش حلاتها , ليش ما تاخذها
قال صقر بهدوءٍ مبطّنٍ بوجعٍ دامٍ
: عبد الله في باله وحده ثانية
شهقت داليا وقفزت
: من اللي ف بالك ولا تعلمني
ازدرد صقر ريقه وقال بابتسامةٍ جاهد لتظهر
: يبي رتيل بنت عمّه
قال عبد الله بغضب
: صقر !
شهقت داليا بفزع , ثم قالت بعصبيّة
: وش ذا الخرابيط
قال صقر باستغراب
: وش فيكم ! عادي بنت عمّه والنعم منها , وعبد الله ماهو قاصر عنها بشي , ان الله كتب ويسّر , كلنا ندعي لهم بالتوفيق
صاحت به
: العيشة برا أثرت على دماغك مرة !
قال بغضب
: لسانك يا بنت , هذه الحياة , ما بتوقف علي ولا على غيري , اللي طلقتها امس بيتزوجها أي احد بكرة , واذا عبد الله له خاطر فيها انا اللي اخطبها له , وانا صفتي مو بس زوج وان انتهى زواجي منها يعني ينتهي ما بيني وبينها , هذه انا اللي مربّيها اذا ناسين , وانا بمقام ابوها واخوها وحتّى امها , وزين انفتح الموضوع لأنّي كنت بتكلّم فيه من زمان , لازم تفهمون وتفهم رتيل ان علاقتي فيها ما تقتصر على زواج , الزواج بيد الله ينكتب وينتهي , اتّصلي لي على رتيل
قالت داليا بصدمة
: صقر شفيك !
نهض عبد الله وقال بسخريةٍ لاذعة
: ما فيه شي , قال لك وفهمك ان علاقته فيها ماهي مجرد زواج , اصلا زواجهم جا صدفة ! , اتّصلي له على بنته يا داليا
قبل ان يخرج من الغرفة
التفت الى شقيقه
قال بنبرةٍ مثقلةٍ بعتابٍ ووجع
: ما هقيت يجي يوم تصدّق شيطانك فيني , ما هقيتك في يوم بتصدّق ظنونك في اخوك الوحيد – ازدرد ريقه , ثم أشار اليه بسبابته بحدّة – ظلّك يخونك يا صقر واخوك ما يخونك , نفسي ما دنت على لقمة في يدّك , ولا على غرض في أدراجك , عمرها ما بتدنى لحلالك وملك يمينك , بنت عمّي واختي الصغيرة , اللي امنيتي انّك ترجع عشانها قبل لا تكون عشاني , ماهو عبد الله اللي تزيغ عينه لزوجة اخوه يا اخوي
خرج من الغرفة , ومن المنزل
نهض صقر وتبعه ليصرخ بعكس ما في قلبه
: ما عاد يهمني شي , انا طلقت رتيل يا غبي , حبها اذا تبي , تزوجها اذا تبي , انا ما لي فيها حاجة
صرخت به والدته
: طاح حظك يا صقر , طاح حظّك ليتني بركت عليك ولا صرت بهالطول وتتعازم مع اخوك على بنت عمّك اللي كانت زوجتك
صعدت الى غرفتها بغضبٍ جم
ليجلس على الأريكةِ مرهقًا
كان يجب ان يرتاح عقِب المحكمةِ والحكم
كان يجبُ ان ينقشع هذا الحزنُ عن قلبه
لا ان يزداد !
زفر بتعب
يبدو ان الحزن قد التصق به منذ ذلك اليوم
كأنّه أقسم على رفقته الى الأبد !
رفعَ رأسه ليرى داليا أمامه
تحملق فيه بقلق
قال ببحة , وباصرارٍ على الّا يغير ما قاله
: اتّصلي على رتيل
قبل ان تتفوّه بكلمة , قال بحدّة
: اتّصلي قلت
جلست أمامه واتّصلت
أجابتها رتيل بخمول
: خير
ابتسمت بارتباك
: شلونك
قال رتيل بتأفف
: امس انا معاك , وش تبين اخلصي
حركت شفتيها دون صوت , تخبر صقر انّ رتيل تسألها عمّا تريده
قال بهدوء
: قولي لها صقر يسأل عنّك
شهقت رتيل , التي كانت على وشكِ النوم
فزّت في مكانها , قالت بارتجاف
: داليا !
ازدردت داليا ريقها
وقالت
: هو قال اتّصلي
صمتت رتيل
ليقول صقر , بحنانٍ استشعرته من نبرته البعيدةِ جدًّا
: عساك بخير بابا , محتاجة شي تبين شي ؟
كتمت أنفاسها بكفّها بقوّة
وفي عينيها بحرٌ مالح
كانت داليا قد فتحت مكبّر الصوت
ناداها صقر بصوتٍ دافئ
: رتيل
لم تُجبه
زفر , ثم قال بحنوْ
: انتي بنتي في الأوّل والأخير , يمكن زواجنا كان غلط من الأساس , وانتهاءه خيرة لي ولك , انتي صغيرة وانا رجّال كبير , قدّامك العمر يا رتيل , وانا اللي بزوجك وبفرح لك
لم تعد تحتمل
أغلقت الهاتف
لتتركه يتحدّث الى نفسه
تابع بهذيان
: اظن اخذنا كفايتنا من المحاولات , احنا ما نتناسب زوجين , بتظلّين بنيتي والمدلـلة عندي...
قالت داليا وهي تبكي
: تراها سكّرت
نظرَ الى أدمُعِ داليا بابتسامة
ونهض من مكانه خارجًا من المنزل
سارَ بسيارته , حتى خرج من حدود المدينة
الى أرضٍ خاوية
نزلَ يتمشى على قدميه
وثقلُ العالم يكبّل قلبه
جلسه على ركبتيه
صمتَ لثوانٍ
ثم صرخ من أعماقِ قلبه
صرخ وهو يحاولُ التّنفس
صرخ وهو يستشعر الألم في جسده
وهو يتذكر ارتطام السيّارة به
الرابعةَ فجرًا , في خلّوْ الشارع بأكمله
حين عبوره الشارع الى سيّارته
انطلقت السيّارة باستقصادٍ له !
لتصدمه , وترديه صريعًا , مستلقيًا وسط بركةٍ من دماء
تلمّس جسده وهو يأنّ بألم
كأنّه يستيقظ للتوْ من غيبوبته
احتبست أدمعه وامتنعت عن الظهور
ليزداد وجعه
حين استيقظ متألّمًا
مصابًا
وحيدًا !
دخول راشد , نظرته التي جعلته يقشعر
نبرته الكريهة
" شوف ولد عمّي , انا ما بيني وبينك ثار , انا صح يبتك هني بطريقة قاسية شوي , بس كلّه لمصلحتك ومصلحتنا , اذا تبي تخلّي الطريج طويل وصعب , فانت بتصعبها على نفسك , انت الحين حتّى بدون هويّة , هويّتك اليديدة باسم مسفر ابراهيم الرائد , ما لك غيرنا , تقوم بالسلامة وتباشر شغلك معانا , غير جذي ماكو الّا الشقى والتعب لك "
أطلقَ آهةً مدبّبة الأطراف
ان احتبست في صدره ظلّت تمزقه
وان خرجت
قطعت أشلاء قلبه !
تذكّر صراخه الهزيل
اعتراضاته
حضور ذياب
عاميْ السجن
حضور سعد
مكوثه الطويلُ في المشفى
زواجه
مرضه !
رفع رأسه ليهتف برجاء
: يارب انتقملي من راشد
غطّى وجهه بكفّيه
وزفر بقوّة
استكان لثوانٍ , لتهدأ نفسه
ثم نهض بوجوم , وركب سيّارته
ليعود الى منزله !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
اقتربت كفّه من الباب بارتجاف
ثم كوّرها وأبعدها بزفرةٍ غاضبة
خرج الفتى من المحل
ليركب السيّارة ويتحرّك أخيرًا
سار خلفهما حتّى توقّفت السيارة أمام منزلٍ ونزلا سويًا
رغمًا عنه ابتسم باشتياقٍ يعتصر قلبه الملهوف
نظر الى المنزلِ جيّدًا
خائفًا من ان يختفي من أمامه !
مرّت ثوانٍ , ليقطع خلوته بنفسه هاتفه
ردّ بتعب
: الو
صمتَ الطرف الآخر ثوانٍ , ثم قال بقلق
: فيك شي ؟
زفرَ وهو يريحُ رأسه الى طارة القيادة
ناداه الآخر بتوتّر
: شفيك يا ولد
قال بنبرةٍ لا حياة فيها
: لقيتها
صمت لثوانٍ , ثم قال بحذر
: من هي ؟
ابتسم بانهزام
: اوّل ما جا في بالك
ازدرد ريقه , ثم قال
: وش صار ؟
: كنت طالع من المستشفى وشفتها , ما سوّيت شي ولا هي انتبهت لي , لحقتها , وواقف قدّام بيتها الحين – قال بضياع – وش اسوي يبه !
قال والده بحزم
: الحين تجي البيت
قال بضحكةٍ مجنونة
: انت بعقلك يبه !
لم يكن الوضع يسمح للضحك , لكنّ والده ضحك رغمًا عنه
ثم قال
: تعال نتفاهم ونعرف وش نسوي , ما راح تعرف تتصرف وانت بحالتك ذي , اعوذ بالله كأنّك شارب
قال سعود متلذذًا في سكرته
: شارب من هواها , شفت عيونها وثملت
انفجر والده ضحكًا , ثم قال
: بالله اكتب لي ذا الكلام برسله لأمّك
ابتسم سعود ولم يعلّق
كان والده يعلم انّه ليس في وعيه
ولو استعاده لقلب الرياض على رأسها الآن !
قال بحنوْ
: يلا يبه انا بنتظرك , لا تبطي علي , استودعك الله
أغلق الهاتف
ودّع المنزلَ بنظرةٍ أخيرة
واستدار عائدَا الى منزلِ جدّته
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
السادسة مساءً
تكوّمت على نفسها لتنهار بالبكاءِ المر
دخلت هديل مفزوعةً من البكاء
اقتربت بشهقة
: رتيل وش صاير لك
تأوّهت وهي تتلوّى من فرط الوجع
وجعٌ قد تراكم
حتّى شكّل ورمًا خبيثًا يجثم على روحها
عانقتها هديل وهي تهتف
: بسم الله عليك رتيل وش فيييه وقّفتي قلبي وش صار لك
تمسّكت بشقيقتها وهي تبكي بانهيار
صعدا تركي وعلي مفزوعين
اقتربا ليهزّها تركي بجنون
: وش صار لك يا بنت
أصبحت كريشةٍ تتطاير من نسماتٍ رقيقة !
امسك علي بكلتا يديها وناداها بحدّة
: رتــيــل
صرخت هديل فزعة
: مدري وش صار لها , باب غرفتي كان مفتوح وما كان في صوت فجأة صرخت
دخلت ام علي بخوف
: بسم الله عليكم...
قطعت كلماتها بشهقةٍ حينَ رأت حال رتيل
اقتربت لتهتف
: وش صاير ؟
قال تركي
: فجأة صرخت ماحنا فاهمين وش صار لها
ضمّها علي ورفعَ صوته يتلو عليها من كتاب الله
لم يحتمل تركي بكاءها
خرج من الغرفة وعادَ بعدَ ثوانٍ
سحبها من علي ودسّ في فمها حبّةً صغيرة , وأتبعها بالماء
بلعتها دون وعي
صرخت والدته
: وش عطيتها
صرخ به علي بغضب
: يا مجنون وش ذا
صرخ هو الآخر
: منوّم وش بعطيها يعني !
دفعه علي بجنون
: ومن قال لك عطها زفت
انفعل تركي
: عاجبتك حالتها ذي ! خلها تنام أريح لها
صرخت ام علي وتمسكت برتيل
: يمه بنتي وش صار لها
قال تركي يهدأ روع والدته
: ما فيها شي يمّه , الحبّة قويّة , نامت
التفتت اليه وهي تكادُ تقتله
: ليش تعطيها ليشش , ومن وين لك ذا المصيبة
تأفف ونهض
: مو مهم , المهم تشوفين بنتك وش صار لها
خرج من الغرفة
والتفتت ام علي الى ابنتها تمسح على شعرها ببكاء
: يا روح امّك وش صار فيك , حسبي الله على السبب باللي يصير لك
قالت هديل بحقد وهي تمسح أدمعها
: علّه ما يربح , جعل ربّي ما يكتب له لا خير ولا توفيق بحياته
استغفر علي ونهض خارجًا من الغرفة
لمحت هديل الهاتف المرمي بجانب رتيل
شهقت باستدراك
: يمه يمكن كلمت احد وصار فيها كذا !
التفتت اليها والدتها بانتباه
: افتحي جوالها
قالت هديل بحيرة
: ما اعرف الرمز
أمسكت به وكتبت اسم رتيل
ولم يفتح
قالت ام علي
: جربي اسماء تواريخ أي شي
بتردّدٍ شديد كتبت هديل
" صقر "
ولم يفتح
زفرت براحةٍ خفيفة
ولم تعلم انّ لكلمةِ " صقر " بقيّة
ليُفتح الهاتف !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
السادسة مساءً
ظلّ ينظرُ الى والده دون ان يتكلّم
تأفف والده , وقال بملل
: انت معي ؟
قال بهدوء
: لا
قال والده منزعجًا
: وش معه أجل
قال بهذيانٍ فعلي
: عيونها يبه
زفر والده بصبرٍ ثم قال
: يبه سعود , ركّز معي تكفى , لا تجنّني
لم يُجب
: حبيبي , الحرمة تركتك لها أشهر واحنا ما نعرف السبب , ولا ندري اذا اهلها يدرون او لا , اوّل شي بندخل عليهم بدون أي هجوم او اتّهام , لين نفهم الفكرة اللي عندهم , بعدها نتصرف باللي عندنا , فهمتني يبه ؟
لم يجبه
صرخ به والده
: سعود !
قال سعود بهدوء
: يبه ابي انام
نظر اليه والده بصمت
ليضحك ويتابع
: والله ما احس انّي بعقلي , حاولت افهم كلامك ومو قادر , بنام واذا صحيت نتكلّم
قبل ان يتكلّم والده , دخل سلطان
قال بجمود
: عمّي تقول لك جدّتي تخاوينا
قال باستفسار
: وين ؟
قال سلطان وهو يحترق
: تخطب للثور اللي قدّامك
شعر سعود انّه سيضحك , لكنّه قال باستدراك
: مغصوب ؟
قال سلطان بهدوء
: رجاءً سعود ما لي مزاج اتكلّم
قال والد سعود بجديّة
: اذا جابرتك علمني وانا اتصرف , الزواج ماهو بالغصيبة
قال وهو يكبت غضبه
: ماني مغصوب , تخاوينا ؟
قال عمّه بهدوء
: متى تروحون ؟
: الحين بنطلع
التفت لابنه
صمتَ لثوانٍ , ثم قال
: مو مشكلة , بس اغيّر ونطلع , قوم سعود
نهض سعود مع والده الى غرفتهما
استلقى على السرير وأغمض عينيه
استبدلَ والده ثيابه وانتهى
اقترب منه وقال بهمس
: سعود ؟
لم يجبه
زفر والده براحة
وخرج
وأقفل باب الغرفة وأخذ المفتاح !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
السادسة والنصف مساءً
دخلَ الى المنزلِ ورمى بجسده على الأريكة
أحاطَ رأسه بهم
اقتربت والدته بقلق
: وليد عسى ما شر يمّه
رفع رأسه اليها
زفر , ثم قال
: ابوي بيرفع عليّ دعوى اختطاف ملاك
قالت بصدمة
: اختطاف !
ضحك بغبنة
: درى انّك رجعتي وبدأ يتخيبث
ضحكت ملاك رغمًا عنها , ثم رفعت كتفيها ببساطة
: انا مو طفلة عشاني تخطفني ! ويقدرون يسألوني في المحكمة
هزّ رأسه ايجابًا
: هو رافعها وهو يدري انها خسرانة , بس مو هاين عليه نرتاح
جلست ام وليد أمام ابنها , قالت برجفة
: يا خوفي يعيدون الماضي
قال بغضب
: يخسي واحد منهم يقرب منّك او يضرّك بشي
بكت وهي تضم ابنتها اليها برعب
حاوطت ملاك وجه والدتها الباكي
قالت بحنوْ
: يمّه بسم الله عليك , ماهو صاير شي ولا احد يقدر يكلمك نص كلمة
ضحك وليد وهو ينحني أمامه ويقبّل كفّيها
: الحين عشتي لحالك ثلاثين سنة , وخايفة من شويّة حشرات ما تملك الّا الزن من بعيد لبعيد ! افا يا ام وليد هقيتك ذيبة
مسح أدمعها وقبّل ما بين عينيها
: لا تخافين يمّه , جعلهم كلّهم فداك
حاولت اجبار نفسها على الابتسام
لكنّها لم تستطع
قالت برجاء
: اللهم اكفنهم بما شئت وكيف شئت , حسبيّ الله ونعم الوكيل
قالت ملاك بعد ثوانٍ
: اشتقت لخالتي !
ابتسم وليد بمحبّة
: أي والله لي كم يوم مو شايفها , من طلاق رتيل انعفس حالهم وصارت نقلتنا من البيت , يبيلنا نزورها
قالت ملاك بزفرة
: يا بعد حالي يا رتيل , كاسرة خاطري !
قالت والدتها بثقة
: بيرجعها وقولي امّي قالت
قال وليد
: طلّقها يمّه ! حتّى لو يبيها لو يحب السما اخوانها ما ردّوها
هزّت رأسها تسايره
: زين
ضحك وقبل ان يتكلّم رنّ هاتفه
: هلا خالد
سرحت في اسمِ خالد
ازدر دت ريقها حين تذكّرت لين وسعود
شعرت بحرقةٍ في جوفها من اخفائها الأمر عنه
نهضت من مكانها مسرعةً الى غرفتها لتتّصل به
اتّصلت كثيرًا
وهاتفه مغلق !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
السابعة مساءً
نظرَ الى ساعته بتوتّر
نبّهه شقيقه
: محمد ؟
همهم بانتباه
قال شقيقه
: تنتظر شي ؟ اشوفك كل شوي تناظر الساعة
ابتسم بهدوء
: لا ما في شي
صمتَ لثوانٍ ثم قال
: انا احسب ذي جيّة تعارف !
قال شقيقه
: لا صار كلام الحريم والتعارف قبل اسبوع تقريبًا , وقالت امّي دامك جاي نخلّي الخطبة الرسمية بجيّتك
قال والد سعود
: اجل سلطان ما بيشوفها ؟
زفر شقيقه
: زين منّه انّه جا عاد !
قال أحدُ أعمامِ الفتاة
: يا ولدي يا سلطان من حقّك الشوفة
قال سلطان بوجوم
: ما لها لزوم الله يحفظك , انا شاري النسب
قال والدها بهدوء
: هذا حق لك ولها والنبي عليه الصلاة والسلام وصّى بالشوفة الشرعية
التفت سلطان الى عمومته مستنجدًا
لكنّهم لا يملكون حق الرفض !
,
ابتسمت الجدّة بحنان , وقالت
: شلونك حبيبتي عساك طيّبة ؟
ابتسمت بلطف
: الحمد لله
رمقتها أروى بمقت , وأشاحت ببصرها عنها
قرصتها جدّتها , ثم قالت
: هذه اروى حفيدتي , اخت سلطان
توردت وجنتيها , وقالت
: يا هلا
قالت عمّة سلطان بمحبّة
: وش درستي يا لمى ؟
: درست ادارة أعمال في جامعة اكسفورد
: ما شالله , ناوية تكملين دراسات عليا ولا تشتغلين ؟
ابتسمت
: خطّة الدراسات العليا موجودة , لكن حاليًا مأجلتها ابي اشتغل
قالت اروى ساخرة
: تشتغلين ؟
نظرت اليها بصمت
قرصتها جدّتها لتحبس آهتها
قالت الجدّة بابتسامة
: وراه ما تشتغل اجل !
قالت خالة لمى مبتسمة
: لمى حبيبتي شوفي المطبخ محتاجين شي
كتمت ضحكتها ونهضت لتصعد الى الأعلى
امسكت بهاتفها لتتّصل متحمّسة
مرّت ثوانٍ لتجيبها الأخرى بهدوء
: بشّري
قفزت بحماس
: لا يفوتك شكلي وانا مستحية ! ومسبلة عيوني واتبوسم
ضحكت الأخرى ثم سألتها
: شفتيهم زينين ؟
: أي جدّته وعمّته طيبين , بس اخته وع رافعة خشمها !
قالت تعاتبها
: استغفر الله على طول حكمتي عليها ! اصبري تعرفينها عدل !
تأففت , ثم قالت بحنين
: اشتقت لـِلمار
ازدردت ريقها وهي تستلقي على سريرها
قالت بصدق
: ما توقّعت بيجي يوم اشتاق لأي شي في بريطانيا – صمتت لثوانٍ , ثم همست – بس اشتقت !
قالت لمى بمواساة
: لين كل شي بيعدّي يا روحي , بس انتي اعطي نفسك فرصة واطلعي من الصومعة اللي بنيتيتها حول نفسك , عزلتينا وعزلتي زوجك عنّك !
حمحمت , ثم قالت ببحة
: لمى حبيبي انا بقفّل , اذا صار جديد بلغيني
قالت لمى بيأسٍ منها
: اوكي , باي
أغلقت الهاتف ورمته جانبًا
قفزت لتنظر من شبّاك غرفتها
لتراهم خارجين
كانت قد رأت صورةً لسلطان
نظرت الى وجوههم , ورأته
احمرّت خجلًا
وظلّت تنظر اليه
تأمّلت ادقّ تفاصيله
التفاتته , كتفيه العريضين
كفّيه التين تشدّان على جدّته
عقدة حاجبيه , وارتفاع أحدهما , وهبوط الآخر !
ابتسمت
ثم استدركت نفسها وابتعدت عن الشبّاك
: انهبلتي تخرفنتي على الرجال وهو ما بعد يتزوجك ! اثقلي اقول
رمت بجسدها على سريرها بزفرةِ صبر
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
السابعة وعشر دقائق مساءً
فتحَ عينيه ببطء
ظلّ ساكنًا لدقائق طويلة
حتّى شهق وفزّ من مكانه
أسرع الى الباب ليفتحه
ليجده مقفلًا
تلفّت يبحثُ عن المفتاح , فتحَ الأدراج بجنون
ودّ تحطيم الباب ليخرج !
سحب هاتفه ليتّصل بوالده مرتين
ردّ والده أخيرًا بهدوء
: صح النوم
قال وهو يشدّ على فكه حتّى لا يرفعَ صوته
: انت اللي قافل الباب ؟
: ايه
ضرب جبينه بغضب , ثم قال وهو يسيطر على نفسه قدر المستطاع
: ليش تقفله ؟ ابي اطلع !
قال والده بهدوء
: تعوّذ من ابليس , عشر دقايق وانا عندك
أغلق الهاتف
جلس أرضًا وصرخ بغضب
رمى بهاتفه بعيدًا
وهو يحترق غضبًا
سيقتلها !
سيحطّم رأسها
تحرّك في الغرفةِ بهيجان
انتبه لهاتفه الذي يرن
أجاب بسرعة
: هلا
: هلا سعود شلونك ؟
: الحمد لله , فيك شي انت ؟
قال باستغراب
: لا ما فيني شي , بس قلت بتجي ولا جيت فقلت بتأكّد تجي او لا
قال معتذرًا
: معليش عزوز صارلي ظرف بعدين اقول لك
: ماهي مشكلة , يلا اشوفك على خير
أغلق الهاتف , وفُتِح الباب
التفت بحدّة
وأسرع ليخرج
دخل والده وأغلق الباب
قال بجنون
: افتح الباب يبه
قال والده بحزم
: اجلس نتكلّم , ما بخلّيك تروح وانت هايج كذا
صرخ وهو يرفس الباب
: انا اعرف اتصرف , الموضوع يخصني لحالي
صرخ به والده
: لا ترفع صوتك لا اعوقك الحين , اجلس
صدّ عن والده وزفر بحدّة , مرّت ثوانٍ ليسيطر على نفسه
ثم التفت الى والده وقال بجديّة
: انا جاي عشان لين , ومحد بيتدخل بأي شي بيني وبين لين , الحين بتفتح هالباب اللعين واطلع وما تكلّمني
اتّكأ والده على الباب بصمت
استعاذ سعود من الشيطان بصوتٍ عالٍ
ثم قال ببحة من صراخه
: يبه اتركني في حالي لا تطلّع جنوني عليك
ضحك والده رغمًا عنه , ثم قال بتعجّب
: انت ما تنتبه لنفسك لمّا تتكلم ؟ عنبو ابليسك خويّك انا ! ابوك يا حمار ابووك , ما يجوز تتأفف وانا اكلمك !
اقترب من والده بغضب وقبّل رأسه , قال من بين أسنانه
: آسف يا ابوي , ممكن اطلع
امسك والده بكتفيه
قال بحنوْ
: يبه سعود , من عمر الدنيا ومن قبل لا تنخلق انا وامّك اكثر اثنين نبي مصلحتك , لا تتخيّل يجي يوم تنحط في موقف صعب ونتخلّى عنّك او نتركك تتصرف بلحظة غضب , تدري اننا معطينك حريتك ولك اختياراتك وما نتدخل , لكن تظل في مواقف استثنائية نحتاج نوعيك , قبل لا نقول لك يلا روح تصرّف , لو خلّيتك تطلع الحين ورحت وسوّيت أي تهوّر , امّك عمرها ما بتسامحني , وبتعتقد انّي مقصر , وانت نفسك بتحملني المسؤولية , مستحيل اتركك يا سعود , اجلس حبيبي نتكلّم ونتفاهم ونعرف وش نسوي
جلس أرضًا وقال برجاء
: اخاف تختفي مرّة ثانية , بلحق عليها
جلس والده أمامه بقلبٍ مقهورٍ على ابنه
: وين بتطير يعني ! هي حتّى ما تدري انّك شفتها
صمت
قال والده
: بنروح سوى , بندخل ونسلّم , وبنسألهم عن لين وعن اخبارها , يمكن ما يدرون ان ما عندك علم بسفرها , وان كانوا على علم وعاجبهم حالها ذيك الساعة يحق لنا نزعل ونعصب , ما تدخل بعصبيّة , وان اخذتها بالحسنى يا ابوك , افهم منها قبل لا تحاسبها
تحدّث اليه والده كثيرًا وهو صامت
ثم نهضا لينزلانِ الى الأسفل
قالت الجدّة
: على وين يمّه , ما تتعشون معانا ؟
قال ابو سعود بهدوء
: عندنا مشوار يمه , لا تنتظرونا بنتأخر يمكن
خرجا ليقود سعود السيّارة
قال والده بقلق
: اسوق عنّك ؟
هزّ رأسه نفيًا
ليت الوقت الذي يفصلني عنكِ يُختصر وينقضي ما بين رفّة طرفٍ وعودته
عمرُ الانتظارِ طويلٌ جدًّا
لا ينقضي يا لين أبدًا !
انقضت حياتي حتّى وجدتكِ
وستنقضي مرةً أخرى حتّى أصل اليكِ
الانتظارُ التعيس الذي يأبى ان يمر
كم سأحتاج حتّى اصل , حتّى تمتد كفّاي وتلمسانكِ
حتى تراكِ عيناي الكفيفتان من بعدك
حتى استنشق الحياة برؤيتك !
توقّف بالسيارة أمام المنزلِ بعد ربع ساعة
التفت الى والده , ثم الى المنزل
قال والده وهو يفتح الباب
: توكّل على الله
همس برجاء
: يارب
,
,
الى الملتقى



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
للكاتبة/, أحلامي, مقلتيك, jooda_

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:47 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.