آخر 10 مشاركات
سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          همس المشاعر بين ضفاف صورة .. وحروف ماثورة... (الكاتـب : المســــافررر - )           »          القرار الصعب (ريما وعبد المحسن) / للكاتبة روح الشمالي ، مكتملة (الكاتـب : أمانى* - )           »          سَكَن رُوحِي * مكتملة **مميزة** (الكاتـب : سعاد (أمواج أرجوانية) - )           »          لهيب عاشق-قلوب أحلام زائرة- للكاتبة الرائعة::هبة خاطر *كاملة+روابط* (الكاتـب : noor1984 - )           »          إغواء البريئة (67) للكاتبة: جيني لوكاس .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          Wed for the Spaniard's Redemption by Chantelle Shaw (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          إلَى السماءِ تجلت نَظرَتِي وَرَنـت (الكاتـب : ميساء بيتي - )           »          خادمة القصر 2 (الكاتـب : اسماعيل موسى - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree9Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-06-16, 06:48 AM   #271

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي







الجحيـــم


(61)


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **









سيارتا أمن وقفتا بالقربِ من الأشلاء المتناثرة ، نظروا للحطام تلك النظرة المؤسفة التي تعني نقطةَ النهاية جثة متفحمة متقطعة
صارت رفاتًا انتشر فريقُ الأمن و هم يجمعون تلك الأشلاء لتكتمل أعضاء الجثة ، سيارة أكلتها النيران فلم يتبقى منها شيء ، أخذ فريقُ
الامن يُعاينُ المكان بينما الطبيب الشرعي في طريقهِ للوصول .


***


حاولتُ سابقًا أن أنهيهِ عن الوجود ، و اعتقدتُ أنه انتهى و صار نسيًا منسيًا ، لأفاجىء بهِ حيًا و بعد ما يُقارب الخمسة و العشرون عامًا
فمن المؤكد أني سأحاول أن أنهيه مجددًا و لكن هذهِ المرة بالاستعانة برجلٍ موثوقٍ شديد البأس كهزاع الضابط السعودي الخائن لبلده
حتى لو فقدَ الذاكرة سيبقى الداخلُ متسخًا كما كان لن يهتم لأرواحٍ تُقتل و لا لأعراضٍ تهتك و لا لدين يُدهس كل ما يهمهُ أن يكون في
الصدارة و هذا ما اتفقنا عليه مقابل انهاء أبو أصلان ، و ها هو انتهى ، و انتهت برحيلهِ جُل مخاوفي من تلكّ الليلة التي تغيرت
بها كُل أحلامهم الوردية بمنزلٍ آمن و أسرةٍ متحابة ، منذُ سنين طويلة و عبدالقوي المراهق الذي بعمر الخامسة عشر سنة ما هو
إلا مراهق لا فائدة منه لقد كان أبي رحمهُ الله يرىّ من أصل رجلاً كامل رغمّ أنه لازال مثلي بسنِ المراهقة يعتمدُ عليهِ بكلِ و أي شيء
و كأنه ابنه ! بل قد يظنُ البعض أنه بالفعل ابنه ! ، و حينما كبرنا أخذ كلٌ منا يجري وراء أحلامهِ صار رجل مباحث سر ، و ورثّ عن
أبيه مصنع و أخذ يعملُ بكلاهما بلا كللٍ أو ملل ، بينما أنا لم أكن أميل للأمن مما جعلني أنزل بعينيّ أبي للأسفل أكثر مما كنتُ عليه ،
كنتُ أحلمُ بالتجارة و لكني بقيتُ عاطلاً بلا عمل حتى جاءني أصل يُعرض عليّ العمل هوّ المدير و أنا النائب و الذراعُ الايمنُ لهُ بذاتِ الوقت
مصطلح ذراعٌ أيمن لا أدري من أينّ أتى ؟! مصطلحٌ يُشعرك أنكّ بالعلياء مادمتُ كالظلِ لسيدك و لكنك لست إلا خادم تفعلَ ما يشاءُ هوّ دون
أن تنبس ببنت شفة ، أصل شيخُ القبيلة و أنا أقفُ بدلاً عنهُ في غيابهِ أصل أصل أصل بكلِ حينٍ و كلِ لحظة كان هوّ الأهمُ و الأفضل ، لم أشعر
بذاتي و أنا أنشرُ الخزعبلات و الأكاذيب الواهية بينهم كان الطريق الوحيد لرؤيةِ أصل وحيدًا كنيتُه أبو أصلان لكنهُ لم يُرزق بأصلان
و هنا أنا كنتُ الأقوى نشرتُ الأفكار السوداء بين أفرادِ القبيلة محتجًا بحفظي للقرآن فكرة تلوها فكرة بدايةً من فقرهم حتى آمنوا
قومًا جُهلة إمعة لا يفقهون في دينهم شيئًا ، لكن أصل بقيّ صادمًا يُكفكفُ دموع أختي زبيدة و يقفُ أمام أفرادِ القبيلة معلنًا عن
تربيته للفتاة وعدم تخليهِ عنها و مع شدةِ غضبهم منهُ و انتقاصهم لهُ خضع قائلا بأن زوجتُه إن انجبت فتاة هذهِ المرة فهيّ ستدفنُ
لا محالة و لكني كنتُ أعلمُ بقرارةِ نفسي أنهُ لا ولن يفعلها فهوّ متيمٌ بحبِ أختي التي لن ترضى على فتاتها و ستموتُ ألمًا و غمًا و حتى
هُنا كان هوّ الأعلى مني منزلة فأختي كانت من جميلاتِ القبيلة ، كانت فاتنة باذخةَ الجمال فكيفّ لهُ ألا يُحبها ! ، أما أنا فتزوجتُ من
ساجدة التي تفتقر لكلِ مقوماتِ الجمال بل إن الجمال يهربُ منها بعيدًا ، أختي تهتم لفتياتها و للمنزل و ساجدة لم تقصر بهذا فكانت
خيرّ الأم و خيرّ الربة و لكنّ أختي تفوقت عنها فكانت تهتمُ لزوجها أشد الاهتمام حتى في أرديتها كانت أنيقة لا ترضى أن تلبس لهُ مما
يُباع بالقبيلة بل كانت تذهبُ للمدن و تنتقي منها كلّ جميل بينما ساجدة رغم قلةِ جمالها أيضًا لم تكن تهتم بذاتها أعودُ من عملي
متعبًا بحاجة لوجهٍ جميل يبعثُ الراحة بداخلي فلا أراها إلا " بدراعة " فضفاضة تغطي جسدها رداءٌ محتشم تنامُ بهِ و تستيقظُ بهِ ،
ألستُ زوجها ! ، كانت ذات شخصيةٍ ضعيفة لا تُثبت وجودها مطلقًا فكل ما أقولهُ صحيح حتى على حسابِ نفسها ، بينما أختي كانت حُلوة
الجلسة تُمازحُ زوجها تشاورهُ و تبوحُ لهُ عمّا أعجبها و عمّا أغضبها فإن رضي ضحكت لهُ و إن لم يرضى قالت سمعًا و طاعة فهوّ بالأولِ
و الآخر عليهِ القوامة ولكن هذا لا يعني محو المشورة ما بين الزوجين , تفاقم الكرهُ بداخلي كره الطفولة و المراهقة ثم النضج ،
و زاد عطشي للمال مللتُ من دورِ الأقل بنى لهُ بجدة منزلاً عظيمًا بضخامته و اتساعه بينما أنا منزلي بالقبيلة أقل من منزلهِ بذاتِ
القبيلة فكيف يكون منزلي بجوارِ منزلهِ الذي بجدة ؟! ، اشتاقت نفسي لتحقيق حُلمي التجارة ولكن بشرط أن أكون الآمر الناهي و ليس
المطيعُ المُلبي ، رسمتُ فكرة و حان معادُ تطبيقها و بينما أنا منشغلٌ بسيارةِ أبو أصلان ، انتفض جسدي من أعلاهِ لأسفلهِ خوفًا و هلعًا
على صوتٍ أعرفهُ جيدًا : شتسوي يا عبدالقوي !!
ابتلعتُ ريقي و لم أستطع الاجابة فقد قطعتُ السلك أمام عينيه .
ابتسم بسخرية و هو يُعطيني ظهره : هالكلام بيوصل لأصل اليوم .
لأُبادلهُ سخريتُه بكلِ ثقة : و يوصل له إن هزاع ضابط خاين لبلده صحيح الدليل غير ملموس لكن بتكون تحت ناظره بيشك فيه أنا ذراعه
الأيمن لا تنسى .
في بادىء الأمر استغربتُ دفاع هزاعٍ عن أصل فهوّ خائنٌ لبلده و أصل أول من يطمحُ للقبضِ على هذهِ العصابة و موت أصل على يدي مكسبٌ له
و لكن فيما بعد فهمتُ أنهُ فعل ما فعل لكي أعطيهِ من المال ما يُسكتُه حتى مماته فما كان مني إلا الهجوم بما أعرف و أخفيتُه فأنا ضد
أبو أصلان مهما كان الثمن حتى لو كان وطني بكلِ من فيه ! ، فكان لي ما أردت
صعد أبو أصلان لسيارته متجهًا للبحر الذي لا يبعدُ كثيرًا و طريقهُ للأمام دون أيّ منحنيات توجه للبحر للتوقيع على بعض الورق
و استيراد بعض الشحنات و لكن لم يكن كلّ شيءٍ كما أراد


حاول أن يُوقف السيارة و لكنها لم تتوقف حاول و حاول و حينما أيقن أنها لن تتوقف مطلقًا عَزِم على القفزِ منها و لكنهُ تفاجىء
بأنهُ تحت ماءِ البحر ، لينتشر خبر فقدِ أبو أصلان بالبحر و العُثور على السيارة دونه ، و حال فحصِ السيارة تبينّ أن هنالك تلاعبٌ
بها أدىّ لهذا الحادثِ الشنيع و بقيّ الملفُ مفتوحًا لأشهر و لكن دون جدوى ممّا أدى لإغلاقهِ ضد المجهول .



***




من مدرستها لحجرتها و من حجرتها لمدرستها صارت تمتنعُ عن الجلوس معنا حتى طعامها تتناوله في حجرتها أو الخارج ما أن ترى وجهي
حتى تخطو في الاتجاه المعاكس حتى علاقتها بأخواتي ليست كما كانت فقط تُلقي التحية عليهم حال ذهابها و عودتها أما أنا فحتى
التحية لا أستحقها ، لا ألومكِ صغيرتي " مي " فأنا أعلم عمقّ الجرح الذي تعانيه و لكني للأسف مهما كنتُ معكِ لا أستطيعُ الشعور بهِ
ليتني أُخففِ عنكِ مشقته بل أحملهُ كلهُ على عاتقي بدلاً منكِ يا صغيرة و لكنها أضغاثُ أحلام محالةَ التحقق ، رأيتُها تخرج من حجرتها
و بيدها حقيبة صغيرة للملابس ! ، وقفتُ أمام الدرج و ما أن وصلت للدرجة الأخيرة حتى قالت بعجلة و ضجر : وخري عاوزة امشي .
عقدتُ حاجبي بغرابة : فين هتروحي بالوئت ده و ليه شايله معاكي الملابس دي ؟
مدت يدها و دفعتني من أمامها بقوة و مرت ، إلا أني أمسكتها بسرعةٍ و قوة و بغضب : مش هتخرجي من هنا إلا لما تتكلمي كويس و تتأدبي .
وضعت يدها على خصرها و بسخرية جرحتني للأعماق : و اللهي و أنا إزاي هكون مؤدبة و محترمة إزا مامتي بتهز خصرها في الكباريه
و تعيش مع بابايا أحلى ليلة و بعدها بئى يصحو و زنبهم أنا ، روحي بعيد عني يا شكرآآن أصلي مش عااوزة أشوفك أبدًا إنتي وشك
بيحسسني إني عار ع المجتمع .
لم أشعر بيدي التي امتدت و استقرت على خدها بصفعةٍ قوية
حينها نظرت لي بحُرقةٍ و لوم و سحبت يدها مني و راحت تجري لخارج المنزل ، سامحيني صغيرتي لم أكن أقصد حديثكِ صحيح و لكنكِ
لا تعلمي عن مقدار الندم الذي بداخلي ، لم أشعر بذاتي و أنا أصفعك و ليس من حقي صفعك ، فكم من صفعةِ خذلان قد أعطيتك ،
كم من صفعةِ خذلان جعلتكِ تبكين ليل نهار ، اغفري لي خطيئتي يا صغيرة و اعلمي إنكِ أجمل ما أهداني القدر .


***

في منتصفِ الليل , و عادَ المنزلُ كما كان قبلَ سنينٍ طويلة ، منزلٌ لا صوتّ بهِ سوىّ صوتي الذي يترددُ صداهُ بالأرجاء صغيرتي و أجملُ ما في حياتي بعد
المرحومِ ماهر قد رحلت و جلال أو أبو أصلان كما كان يناديهِ ماهر غضبّ مني حينما نهرتُه عن مخاصمةِ أنهار و خرج من المنزل
و لا أدري أين هو من بقاعِ الأرض ، و لم يعد يُهمني ذلك فبعدَ وفاةِ صغيرتي أنهار و إغلاق الشركة لبناءِ السوبرات لم أعد بحاجةٍ لجلال
أو لأي رجل فقد صار العملُ سهلاً ، و لكن هذهِ الوحدة ستقتلني لا محالة تأتيني أحيانًا صديقةُ أنهار تبكي و أبكي معها على صغيرتي
نُواسي بعضنا البعض و ما أن يحلُ الليل حتى يُهجر المنزل فأكون إنسيةً بين الجان ، على الأقل لو أن جلال ها هنا كان سيُخفف من حزني
و وحدتي لكنه هجرني بعد أن وبختُه و أصابهُ الملل مني و من تحكمي بهِ كالدمية ، كان تحكمي و سيطرتي عليهِ في بادىء الأمر من بابِ
إثبات ذاتي أمامه و كنتُ سأتركهُ يعيشُ حُرًا فيما بعد و لكن اختلفت الامورُ تمامًا فبعد زواجي بهِ بما يقاربُ الأسبوع رأيتُ بحاجياتِ
ماهر صورةً له ! أثارت غرابتي هذا سائقُ القارب ما دخله بماهر و لكن ما كُتب بأسفلِ الصورة كان كفيلاً بتفسير الأُحجيات ، كُتب
" النجاح في القبض على الشحنة م ، أ - 1414 هـ " .
أفهمُ هذهِ الرموز جيدًا فماهر كان يُعلمني أدقّ أدقّ التفاصيل ، ميم هو ماهر و ألف هوّ صديقه المقرب أبو أصلان ، إذًا جلال هو ذاتُه
أبو أصلان و هذا مؤكد ففي عام 1416 هـ ، ظهر خبر بالجريدة عن فقدانِ أبو أصلان بالبحر و قد عثروا على السيارة فقط و استدلوا
برقم اللوحة أن مالكها هو أبو أصلان ، كان ماهر كالمجنون يرددُ دائمًا أنهُ لن يرتاح حتى يقبض على الفاعل و يجد أبو أصلان سالمًا
غانمًا ، ها أنا وجدتُه يا ماهر سالمًا و لكنهُ فاقد للذاكرة ، و بيدي كشفُ الاوراقِ أمامهُ و إعادة ذاكرتُه ولكني تزوجتُه صار لي ،
أخافُ بعد بوحي بالحقيقة يذهبُ لزوجتهِ و بناتهِ و ينساني أنا و صغيرتي و نحنُ وحيدات بهذهِ المدينة من لنا ليقفّ بجانبنا ، قُلت لذاتي
قد يعدلُ بيننا و لكن تخيلتُ لو أن ماهر قد تزوج بغيري لأني لم أنجب له فمن المؤكد سأكون كالشيطانِ بينهما لن أدعها تهنىءُ بهِ
فأنا الأولى و أنا الأحقُ بهِ و من المؤكد أن زوجة أبو أصلان هذا أول ما ستفعله ، يكفيني طيبًا و حسنُ نية فلا أحد يستحقُ ذلك
و استمررتُ بذاتِ ما بدأتُ بهِ التحكم بهِ بكلِ صغيرةٍ و كبيرة و اخفائه عن محيطِ العمل جيدًا و ما ساعدني بذلك أن شركتُه السابقة
فور اختفائهِ بالبحر و إغلاق الملف ضد المجهول ترأسها قريبهُ عبدالقوي و بعد وفاةِ ماهر بمدةٍ بسيطة جدًا تسمت الشركة باسم مؤسسة و شركة عبدالقوي و ابناؤه .
و حينما اصطحبتُ جلال لمنزلي و تزوجتُ بهِ لم يكن عليّ سوى اخفاءه و هذا ما قمتُ بهِ بجدارة , و لكن بعد موتِ فتاتي و إغلاقِ الشركة
لم أعد بحاجتهِ فليرحل حيثُ يشاء و إن جاء للمنزل قد أعترفُ لهُ بالحقائق .

***

الساعة العاشرة صباحًا ، وصلني اتصال فرددتُ بسرعة ليصلني صوته : أستاذ عبدالقوي ما تركنا مكان بجدة إلا و بحثنا فيه عن هزاع ما له أي أثر .
قمتُ من على الكرسي و بغضب و كأن الهاتف الذي بيدي سيُكسر : بتحصله يعني بتحصله بتدور بجدة و بخارجها بكل مدينة بالسعودية
و بتجيبه لي .
بطاعة : حاضر .
و قبل أن يُكمل أغلقتُ الهاتف بوجهه ، لم يكن هذا اتفاقي مع هزاع فقد اتفقنا أن يقتل هوّ أبو أصلان و من ثم لهُ ما يريدُ من المال
و وظيفة من أفضلِ ما يكون ، و كأنه اشتم رائحةالكذب في كلامي فأنا كنتُ سأقتلهُ بعد أن يقتل أبو أصلان و أرتاحُ من هذا الماضي بكلِ ما فيه ،
و لكن إن شكّ بي فلمّا لبى أمري و قتل أبو أصلان ؟! ، فأنا بعد مقتلهِ لأبو أصلان لم أرهُ مطلقًا ولم أسمع صوتُه إلا بتلكّ المحادثة
عن طريق الهاتف المحمول و التي أخبرني من خلالها أن المهمة قد تمت بنجاح و حينها لم أتحدث أنا حتى أقول بأن حديثي قد بثّ
الريب بداخلهِ ، إذًا لما الاختفاءُ المفاجىء ؟! ، بما تفكرُ يا هزاع ؟

***


الساعة الرابعة عصرًا ، مضيتُ حيثُ المركز العسكري للاطمئنان على حميدة ، انتظرتُ قليلاً حتى جاءت مُقيدة بالأغلال عن يمينها و شمالها سجانتان
جلست أمامي ابتسمتُ لها و سرني ردةُ فعلها فقد ردت ليّ الابتسامة بأفضلِ منها تحدثتُ براحة : كيف حالك يا حميدة ؟
لتُجيب بهدوء : الحمدلله بخير ، بتسأليني عن حالي بالسجن بتكون اجابتي أفضل ما يكون تأنيب الضمير كان مثل ظلي ما يتركني و لا
دقيقة مرتاحة لكن لما دخلت السجن حسيت إني أدفع ثمن غلطاتي و هالشي خفف من التأنيب يعني صحيح المكان زريبة و المعاملة سيئة
لكن الأهم من المظاهر الخارجية الراحة النفسية الداخلية .
ضحكتُ بخفة : والله و صرنا حكيمين يا حميدة ، أخاف بكرة تعلميني و أسمعك بدل ما تستمعي لي .
غمزت بعينيها و بثقة : لا تستبعديها يا أبلة عُطرة .
اتسعت ابتسامتي : ريحتني كثير يا حميدة خفت اجيك و ألاقيك محبطة و متراجعة عن قرارك في التجديد لكن الحمدلله رجعت و لقيتك
أقوى خليكِ على هالطريق و صدقيني عمرك ما بتندمي .
نشبت أصابعها ببعض و بتوتر و شيءٍ من التردد : ممكن طلب ؟
عقدتُ حاجبي و باهتمامٍ و إنصات : أكيد ممكن أساسًا ما بيننا ذي الرسميات يا حميدة .
ابتلعت ريقها و شتت عينيها و بحرج : ممكن يعني إذا جيتيني في المرات الجاية تطمنيني عن أغيد .
بتعجب : أغيد !!
و بإدراك أردفت : تحبيه يا حميدة عشان كذا مستحية ؟
قامت من على الكرسي منادية للسجانات و رحلت معهن ، و بقيتُ بمكاني و فكرة واحد تروادنُي نعم إنها تحبهُ بل متيمة بهِ
و لكن متى و كيف ؟! ، و هل أغيد مناسبٌ لها ؟، هوّ إنسانٌ خلوق منذُ مجيئه للمنزل لم يشتكي منهُ أحد و لكنهُ فاقدٌ لذراعه
غير متعلم و فقير , لا أقولُ كلامي هذا استنقاصًا لهُ و لكني على استغرابٍ من حميدة ، فحميدة فتاةٌ تبغضُ الرجال و عندما أحبت ،
أحبت رجل لازال بسنِ المراهقة بل يبدو أصغر منها عُمرًا يفتقرُ لأمورٍ عدة دائمًا ما ترسمها الفتاة لفارسِ احلامها المنتظر ،
قد يكون أغيد هو سبب هدايتكِ بعد الله فهو من غيرّ فكرتكِ السيئة عن أبناءَ آدم .



***



السابعة و النصف بعد صلاةِ المغرب ، عدتُ من عملي فليس هنالك ما أفعله ، وقفتُ بسيارتي تحت المظلات و ترجلتُ عنها و قبل أن أخطو
باتجاهِ المنزل وصلتني أصواتُ الأطفال من الحديقةِ الخلفية و صوتُها الذي جعلني أمشي إليهم مسيرًا لا مخيرًا ، كانت تجري و الاطفالُ
من خلفها يحملون مسدسات ماء و يرشون عليها و هي تضحك بسعادة ، توقفتُ بمكاني كالجماد و أنا أنظرُ لها بتمعن آية من البهاء
سبحان من صورها فأحسن صورها تقفزُ بمرح و تضحكُ بفرح ضحكاتٍ رنانة تُحفظُ بعقلي و تتزايدُ ضرباتُ قلبي على وقعِ خطواتها , صوتها
و هيّ تضحك عليهم بأنهم أقل سرعةٍ منها و لن يستطيعوا الامساك بها مهما فعلوا يجعلني انجذبُ إليها بشدة .



*


ابتللتُ بالماء فأغمضتُ عيناي و أنا أتراجعُ للوراء و لا أدري من يرشني بالماء ، فركتُ عيني و فتحتها فإذا بهِ ناجي يرشني بالماء
و على ثغرهِ ابتسامةً واسعة وقبل أن أتحدث رش بأنبوب الماء على وجهي ، تعالت أصواتُ الأطفالِ سعادةً بما يفعلُ بي فهُم منذُ مدة
يحاولون إمساكِ أما أنا فكنتُ أريدُ ايقافهَ عند حدهِ و لكني وجدتُ ذاتي أجري منه وهو ورائي و أضحكُ بسعادةِ طفلة !



ركضتُ وراءها بسعادة بعد سماعي لضحكاتها الرنانة التي تعني قبولها بي في اللعبة ، أمسكتُ بها من ذراعها و سحبتُها ناحيتي حتى صار
ظهرها ملاصقًا لصدري و أخذتُ أرشها بالماءِ من رأسها بينما هيّ تحاول التملص مني ، و لم أشعرُ بذاتي و أنا أضعُ أنفي برقبتها
و أشتّمُ رائحتها بشوقٍ لها و قطراتُ الماء تزيدُ من فتنةِ شعرها ! ، لم أستيقظ من سكرتي إلا حينما ابتعدت عني و الأنبوبُ صار بيدها
فتبدلت الأدوار و صارت هيّ من ترشني بالماء ، حركتُ رأسي باعتراض : لا يا معزوفة يا غشاشة سارقة الأنبوب مني .
وضعت يدها بخاصرتها : المهم صار بيدي تستاهل إنت الي بديت .
حركت اصبعي السبابة بالرفض : ما بتقدري تلحقيني .
جريتُ من أمامها بسرعة و أحيانًا أُقلل من سرعتي لأدعها تلتقطُ أنفاسها قليلاً بينما هيّ كانت تضحكُ بصخب ، دخلتُ بين الشجيرات و هيّ من
ورائي و فجأة سقط كل ثقلها عليّ فسقطتُ و سقطت هيّ من فوقي ، و ألتحمت أجسدنا أمسكتُ بالأنبوبِ أرش عليها و بيدي الأخرى أمسكُ
بذراعها لكيلا تتحرك فإذا بدموعها تنهمر تُخالطُ ماء الأنبوب رميتُ الأنبوب على العشب و وضعت يداي على وجنتيها و بهمس : قارورتي .
ضربتني على صدري و هيّ تبكي بهسترية : كسرتها يا ناجي كانت مشروخة و إنت كسرتها ، ما أقول إلا حسبي الله على قلبي الي حبك .
حاولت التملص و الابتعاد لكني لم أسمح لها بل و جعلتُ رأسها يتوسدُ صدري و بصوتٍ مبحوح : تحسبي على قلبي القاسي الي كسرك
و لا تدعي على القلب الحنون الي لم شتاتي ، ادعي علي و اصرخي و ابكي مني بصدري أنا الي كسرتك و أنا الي بجمع شظاياكِ و
أعيد تدويرك لقارورة جديدة ، قارورة لها حرية القرار تبقى معي أو تتركني لكن اسمحيلي أصنعك من أول و جديد ،
لا تخليني أموت من قهري و حسرتي عليكِ .
عانقت بيديها رقبتي دلالة لقُبولها دعوتي : تظن من السهل تجمع الشظايا و تعيدها قارورة و بشكل أفضل من الي كان عليه ،
دايمًا الهدم أسهل من البناء صعب تبني شظايا شرخها عظيم ، صعب تعيد ترميمها و كل شظية أصغر من الثانية صعب تجمعها و تنسيها
وجع سنين يا مّا و يا مّا مسكتها بيدك و رميتها لكنها بكل مرة كانت تنشرخ و تبقى صامدة ، تظن إنك بعد كل شروخها بتحييها ؟ !
غرستُ أصابعي بين خصلاتِ شعرها و بأمل : بحاول و إن ما نجحت بعد بحاول لما أنجح لكن مدري بعد نجاحي هل هالقارورة بترحب بواحد
عطشان يبي يروي ظمأه منها و لا بتكون غير قابلة للاستعمال ، مدري أي نوع بصنع بس الأهم إني أحييها .
حفرت رأسها بصدري و بعتب : بعد كل معاناة القارورة لا ترتجي منها الاستعمال لا ترتجي منها قطرة أمل عافتك و عافت ثغرك سقى منها
حد الشبع و بعدها كسرها رجع يصلحها و هي راضية تتصلح على يده لأنه الي كسرها هو الوحيد الي قادر على لّم شظاياها لكن مُحال ترجع
قابلة للاستخدام .
قبّلتُ رأسها و استنشقتُ رائحة شعرها المبتل : المهم ترجع قارورة مثل ما كانت عليه من كسرها ما يطمع في استعمالها كثر ما يبيها
تتصلح .



***


بتمامِ الساعة التاسعة و النصف ليلاً ، أجلسُ على السرير و أنظرُ للسقف بملل ، لقد بدأتُ الاعتياد على هذا المكان بل يبدو أني
اعتدتُ عليه حتى أن بعض السلبية التي كانت بداخلي بدأت بالزوال سلبيتي اتجاه الكاسر و أخواتي فبدأتُ أرى الامور من منظورٍ
منطقي الكاسر قام بما أوجبه القانون لم يكن بيدهِ خيارٌ آخر فقيدني بالأغلال أسيرة و من المؤكد أنه حاول اخراجي و لكن ما حصل لي
انطبق عليهِ فصار أسيرًا مثلي و كلانا لا ذنب لنا و لكن القانون الظالم لا يفقهُ ذلك ، و أخواتي بكل زيارة تأتي احداهن إلا
أن عُزوف بالفترةِ الأخيرة بدأت بالتقصير لكن عُطرة كانت تحضر جميع الزيارات و بكلِ زيارة تجلبُ لي احتياجاتٍ كثيرة اهتمامهن بي
بدأ بطردِ السلبية التي كانت تسكنني فعدتُ لقراءةِ كتاب الله و انشرح صدري و اطمأنت نفسي ، أما المسجوناتِ معي فلازلن يحاولن
اغاضتي حقدًا بالكاسر الذي زجّ بكثيرٍ منهن هنا ، و لكن أصبحت علاقتنا أفضلُ من السابق فأختي عُطرة تجلبُ ليّ الطعام و بكلِ ظهيرة
أطهو الطعام للجميع فيتجمهرن حولي أصبحنا نتشاركُ بعض الأحاديث أصبحتُ أعرفُ داخل كل فتاة منهن من دعتها الحاجة لارتكاب الحرام
و ندمت أشد الندم و منهن من كان الانتقامُ دافعها و لم تندم على انتقامها قط و لكنها إن خرجت لن تُعاود الفعلة ،
و منهن من قلبها قاسيٍ تجري وراء ملذاتِ الدنيا و لازالت حتى الآن بها من القسوة الشيء الكثير ، صحيحٌ أن المكان موحشٌ للغاية
و لكن نفسي ارتاحت بكتابهِ جلّ جلاله فصرتُ أُحلق بين السطور و أنسى بأي جحيمٍ أنا أعيشُ بجنةِ القرآن أجمل حياة .
فإذا بصوتِ السجانة : هوازن أصل .
قمتُ من على السرير و أنا أتوجه للباب الذي تقفُ هيّ من ورائه فتحتهُ فدخلتُ للداخل ، بسؤال و تعجب : زيارة ؟ بس ذا مو وقت زيارة ؟!
مدت لي هاتفًا المحمول و بخوف : في أحد بيكلمك و بعدين لا تعلمي احد بهالشي لأنه مخالف للقانون .
رفعتُ الهاتف لأذني بخوف , فوصلني أحبُ صوتٍ لقلبي : هوازني .
تعالت ضرباتُ قلبي و بهمس : الكاسر .
بصوتٍ حنون : عيوون الكاسر ، كيف حالك يا نظر عيني عساكِ بخير ؟
انهمرت دموعي رغمًا عني و بصوتٍ متهدج : بخير ، إنت يا الكاسر كيف حالك ؟
بصوتٍ مبتسم : زان حالي يوم سمعت هالصوت ، يلا أشوف امسحي جواهرك متصل عليكِ أفرحك ما هو لتنزيل جواهرك .
مسحتُ دموعي بطاعةٍ له ، و بشوق : خاطري أشوفك يا الكاسر ، ذبحني الشوق .
بصوتٍ مبحوح : إذا ذبحك مرة فأنا ذبحني ألف مرة ، هوازني أنا متصل حتى أقولك ذا الكلام ، قدرت اضبط الوضع و أخرجك من ورا ظهر
القانون و أسفرك للخارج ، لأنه للحين ما في أي تحرك في القضية و انتِ ما بتقدري تتحملي السجن سنتين .
بتساؤلٍ مشتاق : و إنت ؟
بهدوء : المهم إنتِ يا هوازن ، بتكوني هناك في حماية و كل احتياجاتك عندك و بكلم ناجي و ما بيقصر هو و مرته بيجوكِ كل فترة
و يجيبوا العيال معاهم ، هاه قولي تم
حركتُ رأسي بالرفض و كأنهُ يراني و انهمرت دموعي من جديد : لا ما تم ، ما أقدر ابعد و تكون بيننا حدود و دول أنا بكون وين ما
إنت تكون بتنفس الهوا الي تتنفسه و بتوجع الوجع الي تتوجعه ، صدقني بعدي عنك أكثر من كذا هو أكبر وجع لي .
بهدوءٍ و دفىء : هششش امسحي جواهرك و خذي نفس طويل و قولي الحمدلله على كل حال و فكري بهدوء و بتصل عليك بكرة أشوف ردك ،
أوعديني تفكري .
حركتُ رأسي بالموافقة و أنا أمسحُ دموعي و ألتقطُ أنفاسي : الحمدلله على كل حال ، وصدقني قراري ذا أحسن قرار ،
و احنا بنخرج إن شاء الله ، صح ؟
بصوتٍ بهِ شيءٌ من اليأس : إن شاء الله يا هوازني إن شاء الله يا قلبي .



سامحيني يا هوازن لقد خذلتكِ يا صغيرتي ، قيدتُكِ بالأغلال و ادخلتُكِ جحيم عملي و كان لديّ الامل بإخراجكِ إلى الجنة فتفآجأتُ بمرافقتي
لكِ في الجحيم و مع هذا ظل الأملُ بداخلي أملاً بقدرةِ الملازم أحمد و اللواء القائد بإثبات البراءة و لكن الأمل أخذ ينطفىءُ شيئًا
فشيئًا وُ حَلَّ محلهُ اليأس ، فما كان مني إلا أن أُخالف القانون لاطلاقِ سراحكِ فأنتِ صغيرة على تحملِ هذه المشاق أنتِ وردة لا تستطيعُ
العيشَ بجانبِ الأشواك أنتِ الماء و حولكِ النار أنتِ من الجنة و هؤلاءِ من الجحيم ، كنتُ أتمنى أن اتصل فأجدكِ كآخرِ مرة حانقة
و حاقدة كارهةً لي حتى تقبلي بعرضي و تعيشي بالجنة لكنكِ عودتِ لجوهركِ الأصيل فتاةً طيبةٌ حنونة لا ترضى أن تعيش بالجنة و زوجها
بالجحيم رغمّ أن زوجها هوّ من أدخلها للجحيمِ بكلتا يديه !



***


أن يحين وقتُ الرحيل و لا أمنيةً تحققت في هذا الزمن الطويل ، أن أمشي وسطّ الزحامِ تائهًا و يترددُ صدى سنواتٍ عويل ،
أن تكون ذنوبي كالجبال تُلامس عنان السماء،و أن تكون عيناكِ و طني و مقبرتي سعادتي و شجني فتبعدني عن الوطنِ و السعادة
و تحتويني قبرًا و شجنًا , بعاتقي ذنبُ قذفي الذي عادّ إليّ ليطعنني , عيناكِ سحرٌ ابتلاني و اهلكني ، قد حان الرحيلُ بلا وداعٍ
و لا قُبلة تروي ظمأ أيامي و شهوري القادمة ، شهوري سأعيشها بعيدًا عن شعوذةِ عينيكِ الشعوذة التي تُهلكني فيزدادُ عشقي عشقًا ،
ها أنا ابتعدُ و انظرُ لسماءِ جدة من الأعلى أراكِ هنالكّ قابعة تحتضنين باجفانكِ منفى عينيكِ تحرميني رؤيةَ وطني و مقبرتي ،
تحرميني وداعًا يليقُ بعاشقٍ مجنونٍ كمثلي ، أنتِ الصورُ بعينيّ و لا صورةً سواكِ أنتِ الأفكارُ بذهني و لا فكرةً غيركِ ، تمنيتُ أن ترأفي بي
و تُريني عينيكِ تكفيني عينيكِ والله تكفيني لكنكِ شحيحة حتى بالنظرة ، لا حضنٍ لاقُبلة و لا وطنٌ يأويني قبل رحيلي
طرقتُ باب حجرتها مرة فمرتان طلبتُها : عُطرة افتحي الباب .
بتساؤل : إيش عندك .
بصوتٍ خافت : بروح لشهور و بريحك مني بس افتحي و خليني أودعك .
برفض تام : روح ربي ييسرلك دربك لكني ماني بحاجة لوداعتك كذا مرتاحة أكثر .
بشوقٍ عميقٍ صادق : لكني بحاجة لهالوداعة بحاجة لعيونك تأويني هي وطني صعب أسافر من غربة لغربة هالشي بيتعبني .
لترد ببرودٍ مزقني : و في تعبك راحتي .


***


بمنتصفِ الليل بمدينة أبها ، منذُ رؤيتي لهُ أيقنتُ الطريقَ الذي سأختارهُ فهو ما أرادَ بي خيرًا و لو بقيتُ معه لكنتُ الآن جسدٌ بلا روح ،
لذلكَ كان عليّ أن أكون عكس ما يريد ، كنتُ قبل فقد ذاكرتي بطريق ما جرني إلا للهلاك لذلك سأكونُ بالطريق المعاكس و أرى إلى أينَ
سيصطحبني هذا الطريق ، فقد كانت ذكرياتي السابقة مؤسفة لقد علمتُ جيدًا من يكونُ هزاع و لأي عالمٍ ينتمي ، هزاع ضابطٌ خائنٌ لبلدهِ
يُساعدُ تجار المخدرات ليلاً و يبتسمُ بوجوه الضباطِ صباحًا ، يحيي أبو أصلان و ماهر بحرارة و من ثمّ يطعنهم بخنجرٍ مسموم بكلِ مرة
يكونُ بينهم و بين الحقيقة شعرة أقومُ بتغيير مسارِ الطريق ليبقى لهم آلآف الخطوات ، حتى جاء ذلكّ اليوم الذي طمعتُ بهِ بمنزلة
أعلى في أعينِ تجارِ المخدرات اليوم الذي علمتُ بهِ أنه أجلُ أبو أصلان عندما رأيتُ عبدالقوي يقطعُ السلك و يكتبُ النهاية سرقتُ خاتم
أبو أصلان لأكذب عليهم بأن من في البحرِ هو أبو أصلان و أنا من قتلتُه فألقيتُه و الدليل الخاتم الذي انتزعته من اصبعه ،
ولكن كانوا هم قد كتبوا قدري قبل أن أخطهُ بقلمي ، فإذا بهم يسرقون قلمي الذهبي و يضعونهُ بالسفينة التي بها شحنة الخشب
الصادرة من شركةِ ماهر و التي ستذهبُ للخارج ، و يدسون بأحدِ الصناديق مخدرات ، و هذا كلهُ لم أعلم بهِ حينذاك ، حتى اكتشف ماهر
ذلك قبل انتقال الشحنة للخارج فأمسكَ بي و زجني في ملحقٍ بمنزله ، ريثما يُجري الفحص على الصندوق و التي انوجدت بها بصماتي ،
نعم لقد أمسكتُ بالصندوق بكلتا يدي لكني لم أضع المخدرات بهِ ، حلفتُ لهُ يمنيًا بأني لم أفعل و من حلف فصدقوه لكنه لم يصدقني
بتاتًا ، فقال لمساعديه أن يحاولون بي لقولِ الحقيقة و إن لم أفعل فسأفعلُ مكرهًا ، حرموني الطعام فيأسوا مني و عادوا ليعطوني
مخافةَ موتي ، حاولوا بالكلمات و كانت الاجابة لم أفعل لم أضع المخدرات ، فإذا بأحدهم يغضبُ حدَ الجنون و يُمسكُ بي ضربًا فقدتُ وعيي
و تغيرت مجريات الأحداث ، توفيّ ماهر رحمهُ الله ، فحكى العاملين لزوجتهِ غزال عن وجودي دون أن يحكوا لها من أكون و لمّا زجّ بي ماهر
في منزله, فما كان منها إلا أن تُزور هويتي و تجعلني سائقًا خاصًا ، قال لي أحد العاملين بعد إلحاحي عليهِ أن ماهر أتى بي من
البحر و هذا صحيح ماهر أمسك بي قُرب سفينته فظنّ بي السوء ، لكني لم أستفد شيئًا مما قاله العامل فأنا لم أتذكر و لكن حالما
رأيتُ مزنة أختي بدأت ذاكرتي بالعودة فما ينعشُ الذاكرة هُم الأحبة و ذكرياتهم الجميلة ، فكم من مرة رأيتُ عبدالقوي بالصحف
و لكني لم أتذكر شيء ، و كم من مرة رأيتُ أبو أصلان أمام عيني و لم أتذكر شيء و كم من مرة رأيتُ صورًا لماهر و لم أتذكر شيء
فكلهم كانوا أعدائي في الماضي العتيق و بعد رؤيتي لمزنة و عودة ذاكرتي بشكلٍ طفيف استطعتُ أن أنظر لعيني أبو أصلان و أتذكرهُ
و أن أنظر لعيني عبدالقوي و أتذكره و أن أتذكر صورة ماهر و أتذكره فاجتمعت الصورة و عرفتُ من أكون ، من يكونُ هزاع .


***

أصبح ظانع لا يغيبُ عن مرأى عينيّ مطلقًا فهنالكّ ما يخفيه ، منذُ أن دخلتُ للمنزل و أنا أظنُ بهِ سوءًا و لكني في كلِ مرة كنتُ أقول
لذاتي دعكّ من الفضول يا أغيد لقد أكرومك فلا تتعسهم دون أن تدري ، و لكن بعد مجيء الخالة مزنة لي ، و إلحاحها عليّ بمراقبةِ
ظانع و عبدالقوي الذي حتى الآن لم أرى منهُ سوءًا قائلة بأن هنالكّ أسرار لا بد من الكشفِ عنها و أن عبدالقوي ليس كما يظهر و ظانع
كالظلِ لعبدالقوي منذُ سنين طويلة فإن كنتّ أنتّ يا أغيد تشكُ بظانع فأنا بريبٍ من أمرِ عبدالقوي لذلك دعهم نصبّ عينيك و كُن سرًا
بسعادةِ هذه الاسرة التعيسة إن أردت ، فالأسرار تعني الدمار ، و انقشاعها يعني الأمان ، فكان هوّ كالظلِ لعبدالقوي و كنتُ أنا
كالظلِ لهُ حتى رأيتُه ذات يوم يُغير الروتين المعتاد من الشركة للمنزل و من المنزل للشركة فيذهبُ إلى مكانٍ بعيد و إلى حيٍ عتيق
فيفتحُ أحد الأبواب و يقتحمُ المنزل و بيدهِ حاجيات أرديةً و أدوية و مأكولات ، سرعآن ما خرج و يديهِ فارغتان يبدو أنهُ وضع الحاجيات
و خرج و لكن لمن تلكّ الحاجيات ؟! ، هل يمكن ان تكون زوجةً أخرى لهُ و لكن إن كانت زوجتُه فلما لا يقعدُ معها ! أسئلةً بلا جواب رحلّ
هوّ و بقيتُ أنا أمام المنزل ، أعودُ للمنزل للنوم و من ثم أعودُ للمراقبةِ هذا المنزل الذي لا أحد يخرجُ منهُ مطلقًا !
و لا أحد يطرقهُ بتاتًا ! ،طرقة بيدي اللامبتورة و طرقتان و من ثم اختبأتُ وراءَ أحدِ السيارات ، فإذا بالباب ِ يُفتح

***


إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $

الجحيم القادم يوم السبت .
أقدم اعتذاري عن التأخير
السبب إنه ما كنت حقيقة عارفة ايش اكتب عقلي مقفل
و فتح يوم الاثنين و كان يمديني أخلص و أراجع و بالفعل قطعت شوط كبير
بالكتابة فجأة جاني ألم شديد , و ما قدرت والله أركز
و جيت ثاني يوم أكمل و ختمت الجحيم قبل الساعة 12 بالليل
و لكن كان يحتاج لمراجعة و أخوي الصغير فراس الشقي ^_^
من يشوفني فاتحة شاشة اللاب على طول يقفله ما خلاني أراجع حرف
و حتى لو تلاحظوا من أول ما رجعت و أنا أنزل الجحيمات على وقت الفجر و بعده
فسامحوني يا قراء و اتذكروا ما بقي شي على الرواية فمحد يزعل مني .





الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 19-06-16, 08:23 AM   #272

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي









الجحيـــم


(62)


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **










أصبح ظانع لا يغيبُ عن مرأى عينيّ مطلقًا فهنالكّ ما يخفيه ، منذُ أن دخلتُ للمنزل و أنا أظنُ بهِ سوءًا و لكني في كلِ مرة كنتُ أقول لذاتي
دعكّ من الفضول يا أغيد لقد أكرومك فلا تتعسهم دون أن تدري ، و لكن بعد مجيء الخالة مزنة لي ، و إلحاحها عليّ بمراقبةِ ظانع
و عبدالقوي الذي حتى الآن لم أرى منهُ سوءًا قائلة بأن هنالكّ أسرار لا بد من الكشفِ عنها و أن عبدالقوي ليس كما يظهر و ظانع كالظلِ لعبدالقوي منذُ سنين طويلة فإن كنتّ أنتّ يا أغيد تشكُ بظانع فأنا بريبٍ من أمرِ عبدالقوي لذلك دعهم نصبّ عينيك و كُن سرًا بسعادةِ هذه الاسرة التعيسة إن أردت ، فالأسرار تعني الدمار ، و انقشاعها يعني الأمان ، فكان هوّ كالظلِ لعبدالقوي و كنتُ ءنا كالظلِ لهُ حتى رأيتُه ذات يوم يُغير الروتين المعتاد من الشركة للمنزل و من المنزل للشركة فيذهبُ إلى مكانٍ بعيد و إلى حيٍ عتيق فيفتحُ أحد الأبواب و يقتحمُ المنزل و بيدهِ حاجيات أرديةً و أدوية و مأكولات ، سرعآن ما خرج و يديهِ فارغتان يبدو أنهُ وضع الحاجيات و خرج و لكن لمن تلكّ الحاجيات ؟! ، هل يمكن ان تكون زوجةً أخرى لهُ و لكن إن كانت زوجتُه فلما لا يقعدُ معها ! أسئلةً بلا جواب رحلّ هوّ و بقيتُ أنا أمام المنزل ، أعودُ للمنزل للنوم و من ثم أعودُ لمراقبةِ هذا المنزل الذي لا أحد يخرجُ منهُ مطلقًا ! و لا أحد يطرقهُ بتاتًا ! ،
طرقة بيدي اللامبتورة و طرقتان و من ثم اختبأتُ وراءَ أحدِ السيارات ، فإذا بالباب ِ يُفتح و تظهر من خلفهِ إمرأة
و يبدو على ملامحها الخوف الذي سرعآن ما تحول إلى الغرابة حينما لم تجد الطارق ، لما الخوفُ يا ترى ؟! ، هل لأن طرق باب المنزل
أشبهُ بالمحال ! ، كمّا أنها تبدو فلبينية و قد خرجت برأسها دون حجاب يبدو أنها خادمة و لكن لمن ؟!



***



الساعة التاسعة صباحًا في مدينة السادس من أكتوبر بسجن الجيزة المركزي بمصر ، تمّ عرضي على النيابة التي قررت حبسي على ذمةِ
التحقيق، مرت أربعة أيام و تم تجديدها لخمسة عشر يومًا بعدها تم إحالتي إلى المحكمة الجنائية ، فنطق القاضي حكمت المحكمة
بالسجن للمدعو ركاض عبدالقوي حتى يتبين الأمر من المراكز العسكرية السعودية و المصرية ، رُفعت الجلسة ، و على هذا تم سجني
منذُ فترةٍ ليست بقصيرة و منذُ ذلكّ اليوم لم يأتي أيُ فردٍ من أسرتي و لم أتوقع منهم هذا ، و اليوم و بعد انقضاءِ تلكّ المدة نادى
السجان اسمي مشيرًا إلى أن هنالك زائرًا لي .

*


مكثتُ ليلة الأمس في مدينة ستة اكتوبر و التي يوجدُ بها سجن الجيزة المركزي ، ركبتُ سيارتي فجرًا فمصلحة السجون التابعة لوزارة
الداخلية لا تسمح إلا بزيارتين كل خمسة أسابيع بتمام الساعة التاسعة صباحًا عدا يوم الجمعة و السجن خارج نطاق الكُتلة السكنية
لذلك توجب عليّ الاستيقاظُ مبكرًا قبل انتهاء وقتِ الزيارة ، وصلتُ قبل الميعاد بنصف ساعة و انتظرتُ حتى سمحوا لي بالدخول عبر بوابةٍ
إلكترونية في الباب الرئيسي للكشف عمّا إذا كان معيّ أدوات حديدية أو معدنية ، و سجل أفراد الحرس اسمي " معن عبدالقوي "
و تمّ سحب بطاقتي الشخصية و الاحتفاظ بها حتى انتهاء الزيارة ، و أخيرًا وبعد عناءِ طويل ها أنا أنتظرُ قدوم أخي ركاض الذي
أشغلتنا مصائبنا عنه ، وقفتُ من على طولي و أنا أراه مُقيدًا بالأغلال عن يمنيه و شماله سجانان بملابس رثة و شعرُ ذقنهِ طال فصارت لهُ
لحيةً مبعثرة و شعرٍ أشعث و كأنهُ لم يستحم لمدة طويلة ، جلستُ و جلس أمامي
مددتُ يدي و أمسكتُ بيدهِ بقوة و بهلع : شفيك يا ركاض ما عهدتك بهالمظهر ؟! ، اذوك بشي ؟
ابتسم ابتسامة باهتة : في السجن كيف تبي شكلي يكون يا استاذ معن ! ، و الله مافي أي أذية حكموا علي بالسجن لمدة ما تقل و لا تزيد
عن ثلاث سنوات مع أشغال تقررها الحكومة .
عقدتُ حاجبي و باستنكار : لكن الي سمعته من الكاسر أفضل من كذا قالي إنهم بيخففوا عنك !
حرك رأسهُ ايجابًا : و هذا الي صار حكموا علي بالسجن بدل السجن المؤبد و المشدد و الاعدام ، و خلوها ثلاث سنين في حال ما تبينت
الحقيقة لانه الثلاث سنين هاذي أساسًا بند عسكري منصوص عليه إذا كانت العقوبة بالسجن و لكن لأني حالة خاصة في حال انحلت القضية
بيفرجوا عني بإذن الله .
تنهدتُ براحة و أنا أشدُ على يده : و بإذن الله بتخرج إنت و الكاسر و مرته .



***

الساعة الرابعة عصرًا ، دخلت السجانة منادية : هوازن أصل الحكمي .
وضعتُ يدي على قلبي و قد استنتجتُ أنه كاسري ، توجهتُ إليها ففتحت الباب الحديدي و دخلت مدّت إلي هاتفها قائلة : خُذي كلميه .
أومأتُ برأسي بالموافقة و تناولتُ الهاتف من يدها وضعتُه على أذني و إلتزمت بالصمت فبادر هوّ بالحديث : هوازني معاي ؟
بصوتٍ ظهر واهنًا : معاك وين ما تكون الكاسر وحشتني كثير أمس طول الليل ما قدرت أنام خاطري أشوفك والله لو انحبس معاك بنفس السجن
بحس إني بالجنة .
بهمس : اششششش لا تبكين بزعل منك إذا بكيتي ، اضحكي مايليق بثغرك غير الضحك اضحكي و قلبي بيضحك لك و لو بيننا مليون و مليون
حاجز ، " و بصوتٍ مرح " بعدين تعالي يا بنت أشوف المسافات خلتك تعبري عن مشاعرك أذكرك تستحين .
وضعتُ يدي بخدي بعد أن شعرتُ بالحرارة و بخجل : الكاااااسر
ضحك بصخب : يا قلبه إنتِ ، " و من ثم تنهد " هممم فكرتي بكلامي ؟
بلا اقتناع : طلبت مني المستحيل يالكاسر ، " و باصرار " : قلت لك اجابتي أمس و ماني مغيرتها ما أقدر أبعد عنك إنت دنيتي و كوني
و حياتي رجيتك يالكاسر بلاها هالفكرة و صدقني بديت أتأقلم و آخذ على الوضع لا تقلق علي " وبابتسامة " تراني ذيبة .
بغزل : تص تص حبيبتي عصفورة نعومة تربت قدام عيوني حبيبتي تستحق تعيش بأحلى جنة ، حبيبتي أرقى من هاذي الأماكن و أكيد إذا
اتحملت يوم أسبوع أو شهر مردها بتتعب و أنا أبي راحتها أنا الي أرجيك يا هوازني طاوعيني و ريحي قلب كاسرك .
باعتراض : سامحني هالمرة بالذات مستحيل أغير قراري بكون وين ما إنت تكون .
و لم أسمع إلا صوت اغلاق الهاتف ، مددتُ لها الهاتف و انهمرت دموعي بوهن ، سامحني أيها الكاسر فأنت تطلبُ المستحيل أنا و أنت بذات
المدينة و بكل ليلة أشتاقُ للنوم بصدرك و الاستماع لضربات قلبك أن تمسح على شعري و تُطربني بأعذبِ الكلمات لقد كُنتّ لي الأمُ و الأب
و الأخ ، نظراتُك حنانُك حُسن معاملتك رغمّ أنك لا تكبرني إلا بالقليل و بعدها أصبحت زوجي و ابن أطفالي و الأهمُ من هذا أنتّ عيني
التي أهتدي بها فكيف لي أن أهتدي و تفصلنا قاراتٌ و محيطات !!



ضربتُ الحائط بقوة و أنا أتمتم : رضيتي بالجحيم ياهوازن فضلتِ جحيمي على الجنة ، أنا الغبي الي انلعب علي وضيعتك أنا الأعمى
الي كنتِ قدام عيني و ما فهمت عجزت أفهمك بشغلي و أنا أفهم كل تفاصيلك !



***

دخلتُ للجناح و طرقتُ باب حجرةِ النوم ليصلني صوتها : اتفضل .
فتحتُ الباب و وجدتُها تجلسُ على الأريكة و تتابعُ التلفاز ، رفعت رأسها فرأتني و انطفأت السعادة التي تزهو بوجهها و كأنها لم
تتوقع أني الطارق ، ألقيتُ السلام فردتُه كاملاً بهمسٍ خافت
جلستُ بجانبها بينما هيّ حاولت تجاهلي و هي تنظرُ للتلفاز ، بإستفزازٍ لها قبلتُها بخدها بنعومة و بهمس : هاذي بوسة فقيرة لو تتكرم
علينا معزوفة و تخليني أعطيها بوسة من نوع ثاني .
نظرت لي نظرة تحدي و هي تشبك يديها أسفل صدرها : تحلم بهالبوسة و بعدين مو هذا كان الاتفاق .
مسحتُ على حاجبها المعقود لتنفرد العقدة : أدري لكن قارورتنا متغلية علينا فقلنا ننرفزها حتى تعطينا وجه .
و وضعتُ اصبعي على أرنبةِ أنفها و بابتسامة : و الحمدلله عطتنا وجه .
عادت لعقد حاجبيها ، و أمسكت بجهاز التحكم و أخذت ترفعُ الصوت ، و رفعت قدمًا فوق أخرى : اص قاعدة اتفرج .
ابتسمتُ ابتسامةً واسعة على تصرفاتها الطفولية ، و بعناد : حتى أنا ابي اتفرج لكن مو بذي القناة .
تجاهلتني و هي تتابعُ التلفاز ، فالتقفتُ جهاز التحكم من يدها و غيرتُ القناة لأخرى ، حركت يدها بالهواء و بضجر : نااااجي عن
الغباء تراني جد قاعدة اتفرج .
رفعتُ جهاز التحكم أمام عينيها و بتحدي : لو صار بيدك بتغيري القناة .
قامت من على الأريكة و ببرود : ما عاد أبي أتفرج بنام ، و لو سمحت قصر على الصوت .
أمسكتُ بذراعها أمنعها عن المشي : قارورتي صايرة حساسة كثير .
نظرت لي بحدة : طبيعي إيش تبيني أكون يعني ؟ ، بعد ما جرحتني و طعنتني بأكثر من سكين تبيني أوقف على رجولي ببساطة إنت لو تعرف
مقدار التعب الي بداخلي مقدار الوجع و الألم ، بأول زواجي كان لي طموح و هو الطب كملت الثانوية و قتلت طموحي صار كل طموحي ناجي
كيف ألفت نظر ناجي كيف أخلي ناجي يعترف فيني كزوجة مو كأخت بكل يوم و ليلة أبكي و أتوجع و لا اشتكيت لك منك قتلتني بكلامك
إنتِ أكبر مني أنتِ ما فيك شي يلفت أنتِ أقل من أي أنثى صدقيني لو طلقتك محد بيلتفت لك ربي ابتلاني فيك ، شككتني بنفسي و أحب شي
لقلبي و هو الاهتمام بنفسي صرت ما أحبه لأني أحس مهما سويت ما أملي عينك و مهما سويت أنا أقل من غيري .
خارت قواها و جلست على الأريكة و بيننا مسافة و بانهيار : بكيت و بكيت و محد مسح دموعي ما قدرت أفضض أخفف عن نفسي وش أقول
زوجي ما يشوفني انثى أنا ناقصة عن أي انثى ! ما كان قدامي إلا السكوت و البكا بدون صوت حتى الصوت كان حرام علي من تشوفني أبكي
تخرج و تترك المكان وقت البكا كان محدد من تخرج أبدا أبكي و لا عطيتك ظهري بالمخدة بكيت بصمت ، و يوم بانت الحقيقة سامحتك
و عذرتك قلت مو بيدك كنت طفل و عذرتك على كلامك و أنانيتك لأنك تحبني صدقتك وعطيتك قلبي و روحي و جسمي ، كنت بكل ليلة تنام
فيها معاي أبدأ أعد أيامي انتظر حملي أبي طفل أبي أكون أم كأي أم أحتاج أسمع كلمة ماما ، حملت مارسة و أنا اتحطمت كثير غصب
عني مو بيدي هي أجبرتني بكلامها إني أطالع فيها بنظرة حسد و بالويل لما أشفقت علي و وافقت على التلقيح و يوم تم الموضوع و طلع
الخطأ حطيت اللوم علي قلت عني متسرعة و كله بسببي كيف متسرعة و أنا الي انتظرتك أحد عشر سنة !!! ، تعلقت بطفلي و قلت لك
مالك فيه أنا بربيه بنفسي و لهاللحظة كنت أناني تبيني لك و تبيني اتخلى عن طفلي قتلت طفلي و جاي بكل برود تسأل ليش صايرة
حساسة ! ، مدت يدها و أخذت تضربني بصدري و كتفي بعشوائية فاضت عيناها بالدمع كالودق ، و انعقد لسانها عن الحديث بعدما كان
نارًا متفجرًا من فوهةِ بركان ، شاب وجهها الاحمرار ، حملتها بيدي فإذا بها تركلني و هي تتمتمُ بهذيان تارةً بشتيمة و تارةً تشتكي
من ظلمي و جوري ، استلقيتُ على السرير و هيّ فوقي حاولت التملص و الابتعاد لكني لم أسمح لها غرستُ رأسها رغمًا عنها بصدري و شيئًا
فشيئًا حتى خارت قواها و انخمدت بعد جأشها ، بصوتٍ مبحوح خافت لتوسدِ رأسها بصدري : اتعبتني ما عاد فيني لا حيل و لا قدرة خاطري
أموت و أرتاح الله يا
و قبل أن تُكمل رفعتُ رأسها و وضعتُ اصبعي بفمها ابترُ كلمتها إلا أنها نطقت بالرغم من اصبعي : الله ياخذني
وضعتُ يدي بوجنتيها و بهمس : ارتاحي مني ادعي علي و لا تدعي على نفسك اشتكي مني بصدري و ادعي علي دعوة المظلوم بين ضلوعي لكن
لا تدعي على نفسك دعائك على نفسك خنجر يطعني قبل يطعنك اطعنيني ولا تطعني روحك الحلوة .
ابتسمت بفتور : و أنا أبي هالخنجر يطعنك بقوة حتى لو كان ضريبة الطعنة موتي .
بتساؤل : و تعاقبي نفسك ! وش ذنبها نفسك ؟
بسخرية من ذاتها : ذنبها إنها حبتك و اخلصت لك .
ألصقتُ جبيني بجبينها و أنفاسها الدافئة تُداعبُني : إنتِ طُهر الحياة ، أنتِ السعادة أنتِ يومي الجديد إنتِ الشروق و ألوان المطر
إنتِ أجمل الصفات و أفضلها حاشاكِ يكون لك ذنب .
بقيت النظرة الساخرة بعينيها و بدى لي أنها لم تقتنع و أن اقتناعها سيكونُ صعبًا ، وضعت رأسها على صدري و ألتزمت بالصمت ،
حملتُها فإلتفت يداها حول عنقي أخذتُها لدورةِ المياه غسلتُ وجهها و هيّ لازالت صامتة دون صوتٍ أو حركة و عدتُ لأضعها على السرير
قبلتُها برأسها و بهدوء : مضطر ارجع للشغل إنتِ ارتاحي .
خرجتُ من الخُجرة و فتحتُ باب الجناح ...


***

و بعد يومين من فحص الجثة و مكان الحادث لم نحصل على أي دليل قد يقودنا إلى الجاني ، فالقمبلة المضغوطة أحرقت كل دليل قد يتركه
الجاني من خلفه و يكونُ خيطًا للوصولِ إليه كما أن الجثة صارت متفحمة بالكامل و اعضاؤها متناثرة و على هذا أوضح الطبيب الشرعي
أنهُ حاول بقصارى جهده أن يصل إلى خيطٍ ما إلا أن الجثة متهالكة و متفرقة الأجزاء و بذلكّ أنهى الطبيب الشرعي أن العلم عند الله عزوجل
و إن كان لأحدِ السكان مفقودٍ ما فليأتي لنقوم بتحليل الحمض النووي و التعرف على الهوية ، مع العلم أنه تم العثور على خاتم يحمل
المواصفات التالية ...


الخاتم ! الخاتم لقد ظهر أثناء المعاينة ، لقد ظننتُ أن هزاع لم يجد أي حوار مع أبو أصلان فقام بالتحدث عن الخاتم و لم أهتم
بالموضوعِ كثيرًا ، تبًا يا هزاع ماذا تقصد بفعلتكِ هذهِ و هروبك مني !! ، قمتُ من على الكرسي و دفعتُه بشدة على العشب و أخذتُ أتحرك
كالمجنون و يدي على جبيني .

*

الخاتم هذا الخاتم إنهُ خاتمُ والدي !! ، جريتُ باتجاه جناح عزوف و فتحتُ الباب دون استئذان فتنحنح زوجها ناجي بحرج و وقف وراء
الباب وضعت يدي على شعري بحياء يالله لم أستوعب شيء ، دخلتُ أحد الغرف حتى خرج هو من جناح عُزوف و ابتعد دخلتُ الجناح و رميتُ
الصحيفة على السرير أمام عُزوف و بتأتأة : عزوف شوفي الخاتم الي بالصورة خاتم أبوي !!
فتحت فاهها بدهشة و من ثم سحبت الصحيفة و أخذت تنظرُ للخاتم بلا استيعاب و تمررُ اصبعها عليه و بصوتٍ واهن : أبوي أبوي
وضعت يدها الأخرى على قلبها و هي تهزُ رأسها بالرفض و تُردد : أبوي والله خاتمه بس كيف ؟! كيف ؟!
جلستُ بجوراها على السرير و أنا أحتضنُ جانبها الأيمن : مدري وش أقولك أنا بكبري مو مصدقة مو مستوعبة و ماني قادرة أفهم يعني
بعد اثنين و عشرين سنة نكتشف إنه أبوي حي لكن بالوقت الي مات فيه ! ، بس لا ما بنيأس مثل المرة الأولى هالمرة بنروح و نقدم
إفادتنا و نسوي تحليل الـ dna حتى نقطع الشك باليقين .
رفعت رأسها و نظرت لي و الدموع بعينيها : تخيلي يطلع حي تخلي يا كبرها من سعادة .
مسحتُ دموعها و أنا أربتُ على كتفها : ما في شي بعيد عن ربي لكن لازم إيماننا يكون قوي فحتى لو طلع ميت فلعل لظهوره في هالوقت
خير يعوضنا عن حرمان سنين طويلة و صعبة .
ضحكت من بين دموعها : يالله يا عطرة لو إنه حي برد أحط راسي بحضنه و يمسح على شعري يدلعني يحميني و يقرأ علي .
سقطت دمعتي رغمًا عني و عادت ذاكرتي للوراء لأيامٍ جميلة رغمّ صعوبتها و قسوتها : آه يا عُزوف وميمتي تجلس بين النخيل تقهوي أبوي
و جدتي و كلامها السم على أمي و دفاع أبوي على أمي مع احترامه لجدتي لعبنا حولهم ، أبوي و أمي أحلى و أجمل نعمة افتقدنها
و افتقدنا طعم السعادة من بعدهم .
بابتسامة باهتة : هو بالأساس فيه طعم ! أي طعم الله وكيلك كل يوم مثل الي قبله حياة مالها معنى و إذا استجد شي فهي مصيبة .
مسحتُ على خدها بلطف و بصوتٍ حنون : قولي الحمدلله يا عُزوف غيرك يتمنى بيت يحميه و غيرك يتمنى لقمة تسد جوعه غيرك يتمنى دوا يشفيه
غيرك فقد حاسة من حواسه و تمنى لو إنه سليم غيرك مسجون تمنى الحرية غيرك و غيرك فقولي الحمدلله ، و يلا أشوف قومي على طولك
الحين بنروح نقدم إفادتنا .




***


الساعة الحادية عشر و النصف مساءً , جلس وليام بجانبي و هو يربتُ على كتفي بنعومة : جميلتي مي ما بكِ ؟ ألم تملي من هذا الحزن
فلتضحكي يا جميلة .
أبعدتُ يدهُ عن كتفي و بضجر : اتركني يا وليام .
حرك رأسهُ بيأسٍ من حالي وقام مبتعدًا للحجرةِ الأخرى
نزلتُ إلى الأرض و جلستُ القرفصاء مابين الطاولة و الكنبة أتقدم بجسدي للأمام و أعودُ للوراء
هذه الجلسة أجلسها بكلِ يوم و هذهِ الأفكار لا تغيبُ عن بالي أكادُ أجن
حبيسة بين جدرانِ المنزل فخروجي خطر فالمراكز العسكرية تبحثُ عني و جميعُ المطارات تنتظرُ اسمي للقبض علي
هويتي لا أعرفها , لا أهل لي
و من اعتبرتهم أهلي لم يكونوا سوى أعداءً لي
أنهار , سعودية , و على الأغلبِ مسلمة
مي , مصرية , مسيحية
أنهار , لها عائلة تخلت عنها
مي , لها عائلة ربتها فإذا بهم أعداء تخلوا عنها
وجه الشبه الوحدة
أنهارٌ أم مي يا أنا ؟
سعودية أم مصرية يا أنا ؟
إسلامٌ أم مسيحٌ يا أنا ؟
في كل الحالات هنالك عائلة سأنتقم منها
و أخرى سأجدها
و لكن عليً الهرب
و السؤال كيف ؟ّ! فلا مفر و لا مهرب .

***

أنظرُ للسقف فلا أرى سواها , أُحدق بالنافذة فأراها فكلِ و أي مكانِ أجدها
يا أيتُها النفس اللوامة كفاكِ ظلمًا و اجحافًا
فلم تنالي من جوركِ سوى الذُلة و المهانة
و عينيكِ ما مكثت بها إلا الندامة
اقدم يا معن على الخطوة و لا تتراجع
فقد ظلمتها وحان الوقت لاسعادها
رغمً ظلمي لها لا أستطيعُ النطق بالطلاق
أشعرُ أنها ملكًا لي
لا أستطيعُ التخلي عنها
أخذتُ الهاتف وقلّبتُه بين يدي
و من ثم اتصلت فلم ترد عاودتُ الاتصال تكرارًا و أبت أن ترد
حتى صوتكِ يا عُطرة ستحرميني إياه حسنًا الرقمُ غريب عليكِ هذا هو السبب لذلك لم تردي
حاولتُ اقناع ذاتي بهذهِ الفكرة
و اتصلتُ على الرقم الآخر لأحجز موعدًا في الغد
لأعلم لماذا فعل معن ما فعل ؟!
و لماذا يبغضُ النساءَ أشد البغض ؟!

***



مللتُ المكوث بجوارِ هذا المنزل فلا شيء يتجدد لا زائر و لا هم يخرجون ! ، فما كان مني ألا أن أعودّ لما تركته الشحذة
و يدي المبتورة موضع الرأفة و الشفقة اقتربتُ من المنزل طارقًا للباب حتى فُتح و خرجت ذات الخادمة من ورائه بادرتُ بالحديث
و أنا أحاولُ استراق النظر لما داخل المنزل : أسألكم بالله أنا انسان محتاج أعطوني من خيركم أكل يسد جوعي ولكم خير الدعاوي .
فظهرت من وراء الخادمة بمسافة ليست بقصيرةامرأةٌ عجوز حولها طيلسان يغطي شعرها فتحتُ فمي بذهول حالما اقتربت من الخادمة
وحدّثتها بلغةِ الاشارة !
فإذا بالخادمة تختفي بينما الامرأة العجوز ابتسمت لي بحنانٍ باذخ ، عادت الخادمة وبيدها كيسٌ كبير تناولتُ الكيس و أنا
أدعو لهن و أعطيتهن ظهري و غبت ، من تكون هذه البكماء ؟!


***

بصباحِ يومٍ جديد ، ذهبتُ أنا و عُزوف لمعرفةِ نتيجة تحليل الحمض النووي و الذي تظهرُ نتيجتُه سريعًا إن كانت القضية جنائية ،
بالأمس ذهبنا و قُمنا بالتحليل و قالوا أن النتيجة ستظهر اليوم بتمام الساعة الحادية عشر ظهرًا ، لا أدري ما أقول أو بما أُعبر
فلا أدري كيف للخاتم أن يظهر بعد هذه السنين و كيف للصندوقِ أن يُفتح قبل بضعِ أيام و كأن الماضي يعودُ ليملأ حاضرنا الحالك
و كيف لأبي الذي فُقِد بالبحر أن يعود جثةً متفحمة بعد اثنين و عشرين عامًا ! ، و إن لم يكن أبي فكيف للخاتم أن يكون بيدٍ غير
يدِ أبي ! ، يالله كم أتمنى أن لا يكون أبي ، استلمتُ الظرف و فتحتُه و بجوراي عُزوف متشبثة بيدي مرت عيناي على السطور و استقرت
بعيني عُزوف الدامعة .


***



إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
الجحيم القادم يوم الأربعاء أو الخميس .





الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 25-06-16, 08:18 AM   #273

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الجحيـــم


(63)


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **













الساعة الثانية عشر و النصف مساءً ، فتحتُ باب مكتبهِ على مصراعيه رفع رأسهُ واتسعت عيناهُ بهلع من صوتِ ارتطامِ الباب الخشبي
بالجدار ، انتصب واقفًا من على الكرسي وتحجرت عيناهُ بعينيّ الراسخة ، تقدمتُ إليهِ بخطواتٍ سريعةٍ هوجاء و ضربتُ بيدي طاولةَ مكتبهِ
و بنظرةٍ ثاقبة و صوتٍ ثابتٍ حاد : شوف يا عبدالقوي إن طلع لك يد بضياع أبوي والله ثم والله ما تلوم إلا لنفسك لا تظن إننا بنيات ضعيفات
حيلة لا والي خلقني مادام ربي مع الحق بيجيك يوم و راسك ينزل بالأرض بطالعك وقتها باستصغار و أقولك هاه يا خالي شفت بنات زبيدة
وش سووا فيك .
ابتلع ريقه و بمحاولة لترتيبِ أفكاره و تجميع صوته : الله يهداك يا بنيتي عُطرة ليه هالكره أنا خالك يا بنت بو أصلان ، و أصلان غالي
على قليبي كيف لي أضره ، و حن
و قبل أن يُكمل ضربتُ بيدي على مكتبهِ بقوة و رميتُ بأوراقهِ أرضًا و بغضب و صوتٍ مرتفع : كذاااب كذاااب إنت عمرك ما حبيت أبوي
لا تمثل لأن دور الطيب الحنون مستحيل أقتنع فيه لا تلبس لبس غير لبسك .
اقترب مني و ربت على كتفي : اهدي يا بنيتي وش ذكرك بفقدان الغالي هالحين .
أمسكتُ بيدهِ التي على كتفي و انتزعتها و أنا أتراجع خطوةً للوراءِ مبتعدةً عنه : ابعد عني لا تقرب ابعد ، و لا تسوي نفسك مب فاهم
إنت فاهم عدل عن وش أتكلم مافي جريدة ما تمر بيد عبدالقوي و لا فاتك خبر الي انفجر بداخل سيارته و بيده خاتم ينتمي لنا .
ابتلع ريقه بجزع و هو يمسحُ عرقه : أدري بالخبر يا بنيتي لكن ما ركزت بالخاتم لأني ما أتوقعت إنه بيكون لنا فقيد و انتن
و أولادي قدام عيوني .
حركتُ يدي بالهواء بانفعال : طبعًا ما بتهتم لأنه الضايع بو أصلان الي عمره ما همك ، أبشرك صرت بالجحيم يا عبدالقوي أبشرك جنازتك
بحياة أبوي ، أبوي على قيد الحياة .
فغر فاهه و توقفت الحروف عن الخروج قعد على الكرسي الذي خلفه و هو يفتحُ أزارير ثوبه ، أردفتُ بسخرية : هاه خفت ، لا تخاف بخلي
أبوي يغطيك عدل بالثرى و يهتم لك كيف و إنت عبدالقوي الي يعتبرنا بناته ، و عشان أريحك يا خال عن الكلام أدري ما أنت قادر
ترتل حروفك و تعبر عن سعادتك ترى سويت تحليل الـ dna و الحمدلله النتيجة سلبية ما اتطابقت الي بالسيارة ما هو بأبوي عاد الله أعلم
كيف الخاتم صار بيدينه لكن بهاليوم تأكدت بأن أبوي مازال بقيد الحياة و بيجيك و بيعاقبك على كل ظلم ظلمتنا ياه على مال
اليتيم الي اكلته بالحرام على إجبارك لنا بالزواج بأولادك على ظلمك و جورك يا ما قلتها يا خال حياتي أنا و معن مستحيل تستمر
و أرغمتنا نعيش مع بعض و الله أعلم عن حياة خواتي الله ينتقم منك يالظالم ، اتجهز لجنازتك .
خرجتُ من الحُجرة و ضربتُ الباب من ورائي.


*



رميتُ بالشماغ أرضًا و فتحتُ بقيةَ الأزارير حاولتُ أنا أجمع أكبر قدرٍ من الهواءِ لصدري أشعرُ بالاختناق لا أستطيعُ التنفس أمسكتُ بقنينة
الماء و فتحتها سكبتُ الماء على يدي و مسحتُ على وجهي علّه يطفىء من حرارتي المرتفعة ، كيف ؟! لقد رأيتُه بعيناي كان بالسيارة
مالذي فعلتُه يا هزاع الخائن ماذا تظنُ نفسكَ فاعلاً ، و أنت يا أصل ذا سبعةِ أرواح هذهِ المحاولة الثانية و قد نجوتَ منها ! ،
أخرجتُ الهاتف من جيبِ ثوبي و اتصلتُ على رجالي و بصوتٍ آمرٍ غاضب : اسمع إنت وياه لكم مهلة يومين تحصلون فيها هزاع و بو أصلان
و تجرونهم مثل الكلاب لعندي و إلا و الله تحلموا بحياتكم .
أغلقتُ الهاتف دون أن أسمع ردهُ و رميتهُ حتى أرتطم بالجدار و صار اشلاءً .


***

أبي قد كنتُ بالعاشرة من عُمري حينما أخذتك أمواج البحرِ الثائرة ولم تعدك تسميتُ حينها باليتيمة انتظرتُك كثيرًا لتعود شهرًا , سنةً
فسنوات و من ثمّ كنتُ عاقةً لك بتقديم التعازي إليكّ و أنت بقيدِ الحياة قد يئستُ يا أبي و زملتُك بالرمالِ حيًا ، أعتذرُ منكَ عقوقي
دعوتُ الله أن يرحمك و يسكنك فسيح جناته و أن يجعل قبرك واسعًا أدخلتُك بعدادِ الموتى ، تخيلتُ كثيرًا كيف كانت موتتك فكنتُ أبكي بشدة
و أنتفض ، سقط بالبحر فحاولت التقاط أنفاسك فما استطعت و رحلت روحك لباريها بينما بقي جسدك فريسةً للقرش عضك فقضمك و قطعك ثم
تركك لغيره حتى هُلكَ جسدك الطاهر ، و كم تمنيتُ يا ورد أحلامي أن يُقدر البحر رجلاً أفنى حياتهُ لسعادةِ فتايتهِ و أن يجعلهن يحظين
بحنانه تارةً أخرى أن يُنتزع مسمى يتيمةً عني بعد أن يجرفكَ البحر ليُرمى جسدك الظاهر على البر فيساعدك أحدهم أو أن يراك قبطانٌ ما
يقودُ قاربه فينعشكَ بالهواء , و عندما طال الانتظار أقنعتُ ذاتي أنها أضغاثُ أحلام فكنتُ عاقةً بدفني لك حيًا سامحني يا من خرجتُ من
صُلبك و كرمتني بتقدمِ اسمي على اسمك
، خرجتُ و توقفتُ أمام الشرفة اتوكأُ بيدي على أسوراهِ و أنظر للسماء و ابتسامتي تتسع شيئًا فشيئًا و شعري يتطايرُ مع الهواء
أرى أبي بتلك السماء يبتسمُ لي و يحتضننُي لصدرهِ فأتطايرُ فرحًا أنتَ أمنيتي يا أبتي ، كم يتمنى الانسان لو يمتلك جناحانِ كالطائر
ليُحلق بالسماء و أنت أمنيتي القابعة بالسماء فيكفيني أن تكون حيًا لأُحلق ، ابنتك عزوف بانتظارك .


***


الساعة الرابعة عصرًا بمدينة أبها ، يلتمعُ الخاتم بإصبعه الذي يمسحُ بهِ على حاجبهِ الكثيفُ ذا الشعر الأبيض
قاطعتُ أفكاره : وين رحت يا بو أصلان .
فرك جبينه : أحاول أتذكر ، تمر بذاكرتي صور مشوشة و أصوات كثيرة لكن ماني قادر أتذكر موقف بالكامل أو شخص بصوته و كل ما
حاولت أكثر أحس بالصداع .
ربتُ على كتفه و بهدوء : شي طبيعي و بالعكس شي يفرح لي يومين أحاول فيك و أحكيك بكل ذكرياتي لكنك عجزت تتذكر اليوم أحرزت تقدم ،
حاول و حاول و بتذكر إن شاء الله قدامك مهلة أسبوع و بعدها لازم نقوم لحياتنا الجديدة ، لا تضغط على نفسك كثير و ترهقها
لنفسك عليك حق ، كل ما حسيت بتعب استرخي شوي و بعدها أرجع حاول ، " و بابتسامة " عندي لك خبرية اليوم نزلت صورة المرحوم
بالجرايد و بناتك طلعوا و سووا التحليل و اتأكدوا إنك مب أبوهم و أكيد وصل الخبر لعبدالقوي تلاقيه انجن خليه يذوق شر أعماله ،
الله يجزاه خير راعي السوبر بقي يراقب بناتك و عرف التفاصيل من أصواتهم و هما خارجين من التحليل كانوا يتكلموا عن التحليل ،
خفت عبدالقوي يكتشف من قبلهم إن المرحوم ما هو بإنت و يقوم يغير التحليل و يظلل بناتك لكن الحمدلله أكل المقلب .
ابتسم ببهوت : الظاهر إني غالي على قلب بناتي لدرجة على طول سووا التحليل الله يقدرني و أسترد ذاكرتي ، حاول تذكرني يا هزاع ،
اتعبتك معي يا رجال لكن أي موقف ممكن يفيدني حاول .
بابتسامة أمل : بتتذكر بإذن الله و أنا معك للآخر .


***


الساعة السادسة إلا ربع مساءً بمدينةِ السادس من اكتوبر ، دخلتُ إلى المشفى بعد أخذِ موعد ، لا أدري ما أفعلهُ صحيحٌ أم لا ،
لكن حتى محاولتي بالتوبة قد باءت بالفشل و رددتُ بيني و بين ذاتي لو أن أنهار خلوقة لما أقدمت على الزنا معي ، و أعودُ لأنفض
رأسي رافضًا لأفكاري مقنعًا ذاتي بأني أنا من عبثتُ بأفكارها و دمرتُ براءتها ، و كلمةُ عُطرة ترددت بذهني فكم من مرة صرخت بوجهي
و نعتتني " بالمريض " ، فلنرى يا عُطرة هل أنا بالفعل مريض أم لا ، و ها أنا أجلسُ أمام الطبيب و قد دخل الندمُ لقلبي ليتني لم
آتي و لم آبه بكلماتِ عُطرة فهيّ بقصدِ التجريح ليس إلا ، أنا لستُ مريض أنا عاقلٌ غير مجنون ، قاطع الطبيبُ أفكاري بصوتهِ الذي جعلني
أنظرُ لهُ بدهشة ضحك بصخب و هو يتراجعُ بظهره لخلفيةِ الكرسي : هههههه ايوا عليك نور أنا سعودي ، مع كل ضيف لازم من دي المقدمة شوف
يا " أخفض عينهُ للورقة التي بيده ليقرأ اسمي " معن أنا واحد سعودي و ماما مصرية و بابا مات و ماما تحوب بلدها و أهلها
علشان كدا قعدت معاها في مصر و كونت نفسي هنا ، و إزا يجيني ضيف خليجي أتكلم سعودي و إزا جاني ضيوف مصريين اتكلم مصري و إزا
جنسية تانية أعمل مكس .
يا لك من سخرية ، أهذا طبيب ؟ ، إنهُ شخصيةً هزلية خفيفة و ضعيفة ، تأففتُ بضجر و بتجاهلِ له : أنا يا دكتور فيني كره للحريم
لدرجة لو بيدي مسكت كل وحدة وشنقتها .
ابتسم لي : الظاهر ليآ كدا إنو مريضنا تقيل و ما يحوب المزح و الصُحبة و طوالي يدخل في اللب .
قمتُ من على الكرسي متجهًا للباب : و شكل دكتورنا سامج و الشهادة الي بيده أكبر من حجمه .
قام من على الكرسي سريعًا و اقترب مني ساحبًا يدي من على الباب : تعال يا رجال اشبك على طول قمت ، لا تطالع عليا بدي النظرة
كأنك حتندر عيني من محلها .
ما هذا الطبيب ! إنه كالمجنون استغفرتُ الله و عدتُ للجلوس على الكرسي : إذا هاذي استراتيجية تستخدمها مع مرضاك فأنا إنسان جدي ما
أقدر اتأقلم معاها ، المهم تظن مشكلتي بكره الحريم يرجع لشي نفسي ؟
ابتسم و بهدوء : لكل مشكلة حل ، و لكل مشكلة سبب ، و كل مشكلة لها وقت بداية و نهاية لازم تفتح قلبك ليا و تتأكد إنو الكلام
الي بيننا حيبقى بيننا و مُستحيل يطلع برا أنا حديك الحل و النهاية و إنتا حتديني السبب و البداية لازم نتعاون سوآ علشان
نقدر نتجاوز المشكلة بسرعة أكتر .
بلا ارتياح : مب كل سبب ينحكى في أسباب حساسة المفترض تبقى بين الشخص و ربه أسبابي بيني و بين زوجتي و الي يفشي عن الفراش
انحط بالحرام .
اتسعت ابتسامته : أنا دحين أتأكدت إنك مستحيل تحط نفسك في الغلط إزا ما كان في سبب خلاك تكرهم و ممكن خلاك تظلمهم بتصرفاتك
و لما تجي تراجع نفسك و تحاول تتغير تلاقي شي جواتك يأيدك على التتغير و شي تاني يقولك الي عملتو صح و مو لازم تتغير ، شوف يا
معن أنا ما أقولك احكيلي تفاصيل المشكلة أنا بس أباك تديني السبب يعني تقدر تختصروا بكلمتين و خير الكلام ما قل و دل .
تنهدتُ بضيق فأنا لا أحبُ الحديث مع الغرباء و لا أحبُ الحديث عن ذاتي و أسراري و لكن لأجلك يا عُطرة و قبل ذلك لأجلِ الله عزوجل فأنا لن
أستطيع التوبة مادمتُ بداخلي أرفضُ فكرةَ أنني على خطأ و أن النساء كالرجال بهن من الصالحاتِ و الطالحات فلا بدُ من تغيير هذهِ
الفكرة حتى أستطيعُ العزم على عدم العودة فقولي لن أعود على أساسٍ ضعيفٍ واهن سيجعلني أعود : كل الي بالموضوع إني في أول ليلة
لي مع زوجتي اكتشفت إنها مب عذراء و احنا زوجنا كان عن حب فأخذتها للدكتورة و أثبتت لنا إن زوجتي فعلاً مب عذراء و في أحد قرب
منها قبلي ، جن جنوني و جلدتها و ضربتها كنت أحس بإنها طعنتني و خانتني لأنها لو صدق تحبني ما كان رضيت تستغفلني بهالشكل
و فكرة في أحد قبلي قرب منها بالحرام ما تغيب عن بالي فكل ما قربت منها تذكرت هالشي و اتقرفت .
بتجاوب : مو أول واحد يُمر بدي الحاجة لكن إنتا أول واحد متفهم وديت زوجتك للدكتورة علشان تتأكد و بعدينا ثُرت عليها
صحيح عزبتها بجلدك و ضربك و ما رحمتها مع إنو الله عزوجل بيسامح و يغفر فمن هما البشر علشان يرفضوا يغفروا لبعض زلاتهم ،
بس برضو كنت حكيم في تصرفك ، طيب إنتا ليه قعدت معاها ليه ما طلقتها و كل واحد عاش حياتو الخاصة فيلو ؟
بفتور : زوجتي قريبتي و يتيمة و أبوي مجبرني عليها ما كنت أقدر أطلقها حتى لا يزعل أبوي .
ابتسم ابتسامةً واسعة و هو يُقلب القلم بين يديه : طيب ايش رايك أقولك إنتا تحب جوزتك و ما طلقتها لأنك و بالرغم من الي هيا
عملتو صبرت عليها و كُنت تعزب ضميرك و تحمل نفسك فوق طاقتها ، نفسك تسيبها بس مجرد إنك تتخيل إنها تصير من نصيب غيرك تتجن
و تصر تخليها في عصمتك و تعتبرها مُلك من املاكك .
و كيف لي أن لا أُحبها ؟! هيّ من تربعت على عرشِ قلبي و بنت لها قصورًا من حجارةٍ لا تهدم هيّ التي كُلما نظرتُ لعينيها شعرتُ بأنها
بريئة لكن الواقع يرفض فكنتُ أضعفُ أمام براءتها و تشمئزُ نفسي بعدما ينتهي بنا المطافُ في الفراش كأي رجلٍ شرقي لا يرضى بالحرام
و لا يتخيل أن يكون أول من اقترب منها ليس هوّ فكيف برجلٍ عاشقٍ متيمٍ كمثلي ؟!
غمز لي و بابتسامة لعوبة : هاه اتعرف لامست الوتر الحساس فيك ، " ثم عاد يحركُ رأسهُ بالرفض و يفردَ أكتافهُ " نسيت إنت تحووب الجدية .
ابتسمتُ بسخرية و أنا أحركُ رأسي بيأسٍ منه : الي تشوفه .
فرقع إصبعيه ببعضهما : يعني تعترف ، و ترى في الآخر حتعترف إني استحق الشهادة .
ابتسمتُ رغمًا عني على ساذجتهِ : ياليل الثقة .
نشب أصابعهُ ببعض : الي يأكد لي إنك تحبها إنك حتى ما فكرت تتجوز غيرها .
رفعتُ حاجبي و بحسرة : للأسف ما تستحق شهادتك لأن أبوي مارضي أتزوج بغيرها رضاه أو زواجي .
بتفهم و اعتراض بذاتِ الوقت : طيب حقولك حاجة , فكرة الجوزة التانية بس علشان تقهرها و تحسسها بالجرح الي هيا سببتو ليك
و ما تدري يمكن لو ما أرضيت أبوك و اتجوزت وحدة تانية ماراح تُعدل بينهم فما حتديها إلا الاحترام لأنو
قلبك للأولى علشان كدا بالعكس جلوسك مع دي كان أحسن من ظلم غيرها ، لكن دا الشي ممكن يخليك تظلم نفسك من غير ما تحس يعني
تقعد تحرق في نفسك و في الآخر ممكن تتجوز مسيار بس عشان تقهرها و تخبي عن أبوك موضوع الجوازة في زات الوقت , و تهين نفسك عند
وحدة بس اتجوزتك علشان كم ريال و هيا عارفة إنو آخرتكم الطلاق .
تنهدتُ بضيق : ياليتني تزوجت مسيار كان وضعي بالحلال أنا خنت زوجتي بالحرام جرحتها و اكتشفت إنه الي صارلها زمان شي بالاكراه
و هي ما تتذكر و ما قدرت تدافع عن نفسها إلا بالحلف بالله بدون دليل و الأهم من هذا إني أبي أتوب لربي توبة نصوحة لكن للأسف للآن
و أنا أحس بتناقض في داخلي ساعة ألوم نفسي و ساعة ألوم الحريم !



***


الساعة السابعة إلا ربع مساءً , بكلِ يوم أنامُ حتى الساعة الثانية عشر ظهرًا ، أجلسُ على سجادتي ما يُقاربُ الساعة أقوم منها لأجلس بالصالة أتابعُ التلفاز بملل
و تارة أقرأ الصحيفة بمللٍ أكبر و أخرى أتابعُ بالانترنت أي شيء سواء كان يهمني أو لا و إذا اشّتد بيّ الملل ناديتُ إحدى الخادمات
و تبادلتُ أطراف الحديثِ معها ، روتينٌ متكرر لا جديد إطلاقًا منزلٌ واسع ليس بهِ إلا أنا ، و من الغرابة أن هنا و على نفسِ الأرض أسرة
أفرادها تزيدُ عن العشرة يعيشون بمنزلٍ ذا حجرتين ، أفتقدُ نعمة الأسرة و هم يفتقدون نعمة السكن ، كنتُ أنانية كثيرًا حينما جعلتُ
من جلال خادمًا لي حرمتُه من معرفةِ أسرتهِ خوفًا من أن أعيش وحيدة ، حرمتُ أبناؤه و جعلتُهم يلبسون لباس اليُتم و ما هم بيتامى ،
فقط لأحصل على نعمةِ الأسرة التي افتقدتُها بموتِ ماهر و فقدي لفتاتي الرضيعة أنهار التي أخذتها جميلة ، المضحك أن الأنسان دائمًا
أنانيٌ يحبُ ذاتهِ يُكرر نفسي نفسي , فجميلة افتقدت زوجها و ابنها الرضيع بحريقِ شقتهم ، أحبت فتاتي أنهار و سرقتها و هيّ تعلمُ
بضُعفي آنذاك لفقدي لماهر بالرغمِ من هذا لم تكترث فقط لأنها أرادت الخير لذاتها و عدتُ أنا و سرقتُ حياة جلالٍ منهُ لأني أردتُ الخير
لذاتي ، و لكني عُوقبتُ بما كنتُ أخشاه فعاد المنزل مُوحشٌ خالي لا أحدَ بهِ سواي لا أسرة لي لا ابنٌ و لا ابنة و لا زوج ، عاد كل شيء كما
كان بموتِ ماهر و اختفاء الرضيعة أنهار و اختفى جلالٌ عن أنظاري كما اختفى سابقًا عن أنظار أسرتِه و قد يكونُ عاد لهم .



***



اليوم قد كان الفرج لبعضهم ، و الأملُ لبعضهم الآخر أما الباقي منهم دعوا الله أن يمنحهم بصيص أمل ، هذا اليوم بتاريخهِ لن ينسوهُ
مطلقًا فهاهيّ السعادة قد أقبلت ، عاشوا بلا هوية التي هيّ أقلُ ما يملكهُ الإنسان اسمهُ و نسبه فلا اسم و لا نسب فكان الاسم و النسبُ
نعمة ، دائمًا ما يراودهم شعور هل نحنُ أبناءَ حلالٍ أم حرام هل أُختطفنا أم لُقطنا ، هل بحثت أسرتي عني ؟ كم استغرق بحثهم ؟
هل نسوني فينخفضُ رأسهم أرضًا و تسقطُ دموعهم نعم قد نسوني فقد مضت سنين طويلة و حتى الآن لم يجدوني ، بُترت أيديهم فكانوا شفقةً
في أعينِ المارة ، عاشوا بين أربعةِ جدرانٍ متهالكة في اليوم وجبة واحدة لا تسمنُ و لا تغني من جوع لأعدادهم الهائلة ، يتامى
لا أبٌ و لا أم تألموا كثيرًا لكنهم دعوا الله أكثر كلما سقطوا أرضًا و قفوا و قالوا الله معنا كلما انهمرت دموعهم ابتسموا و قالوا
تفاؤلوا بالخير تجدوه شكروا الله على النعمة الوحيدة التي يمتلكونها نعمة الإسلام ، و ها هم بعضهم يحتفلوا بانتمائهم لأُسرهم ،
و بعضهم الآخر في انتظار نتيجة التحليل و الآخر لا أحد سأل عنهم ، وقف أحدُ مبتوروا الأيدي كالصنمِ الجامد أمام الباب فجآءت
امرأة باتجاهه و قبل أن يُبدي أي ردةَ فعلٍ كان في أحضناها بكت وهي تمسح على شعره و تشدهُ لحجرها بكت و أبت الحروف أن تخرج
لم يشعرُ بذاتهِ و هو يطوقُ يدهُ اللامبتورة خلف ظهرها و يدسُ رأسهُ في صدرها يُدرك و لأولِ مرة معنى الحنان ابتعدت عنهُ قليلاً تحسست
وجهه و كأنها تتأكد من أنهُ حقيقة ها هوّ ابنها الذي غاب عنها اثنا عشر سنة ، أخذت يدهُ اللامبتورة و قبلّتها بعمق قبلت رأسهُ
و جبينه و هو كالتائه لا يدري ما يجبُ عليهِ فعله فقط كان يجري خلف ما يُمليه عليهِ قلبهُ و تسطرهُ مشاعره فعاد و توسد أحضانها ،
وضع الآخر يدهُ على كتفها لترفع رأس ابنها الذي صار مراهقًا بعدما كان طفلاً بالثالثة من عمره و تبتسمُ لهُ و تبتعدُ خطوة للوراء ،
خاف كثيرًا وظنّ أنها ستبتعد فلم يشعر إلا برجلٍ يحتضنهُ بشدة و يحمدُ الله : الحمدلله على رجوعك يا ولدي الحمدلله يارب .
نسي ذاتهُ و هو في أحضانِ أسرته لم يدرك أن أعين أصدقائه تراقبهُ و أنهُ المراهق و هم المراهقين الأكثر خشونة في التعامل فقد
كانت حياتهم قاسية للغاية لم يشعر بذاته فقلبهُ دليلهُ الآن ، وعينٌ على الطرفِ الآخر سقطت منها دمعة ليربت أحدهم على كتفه و يضحكُ
بمرح : لا والله ما هقيتها منك يا هزيم تبكي .
رفع يده تلقائيًا إلى وجههِ و مسح دمعتهُ و هو يبتسم و يُنكر : غبار دخل لعيني .
ابتسم و هو الذي لم يصدقه لكنه يعلم أن هزيم لا يحبُ الدموع اطلاقًا و لا يعبرُ عن مشاعرهِ إلا نادرًا : إن شاء الله بيجي يوم و تلاقي
أهلك لا يدخلك اليأس يا هزيم و أنا إذا تطابق التحليل بيكون لي أهل بكرة بإذن الله .
أومأ برأسهِ موافقًا على ما قالهُ صديقه .


***

الساعة التاسعة و النصف بعد صلاةِ العشاء في مدينةِ أبها ,أتذكرُ أحداث ذلك ليوم
سمعتُ صوت " عبدالقوي " تذكرتُ من يكون ، و أدعيتُ أني فاقدٌ لذاكرتي و لا أعرفه وافقتُ
على ما أمرني بهِ فإن لم أُوافق سيقتُلني مباشرة فإذا سلمني للضبط العسكري و تم فتح الملف قد انتقمُ منهُ و أشتكي عليهِ أو أنشرُ ما
فعله بالماضي في أبو أصلان فتشوه سمعتُه كتاجر ، و قد يتركني حرًا طليقًا فأبلغُ عنه فأفضل طريقة هيّ قتل الماضي بما فيه ، لكن إن
وافقتُ على ما يقول سيخرجني لأنفذ المخطط على أبو أصلان و من ثمّ يقتلني ، بكلِ الحالات سيغدرُ بي و لكن خروجي من هنا لتنفيذِ المخطط
قد يُغير المجريات و يحدثُ ما لا يريد و لا يتمنى ، و هذا ما حدث بالفعل أبلغتُ أبو أصلان بأن ذاكرتي قد عادت و أننا نعرفُ بعض و أن
التاجر عبدالقوي و هو قريبٌ له ينوي قتله أعطيتُه موجزًا بسيط للماضي فخاف كثيرًا حينما علم أن عبدالقوي حاول سابقًا قتلهُ و لكنهُ
عاش مفقودٌ لذاكرتهِ ، كنتُ آنذاك تحت رقابةِ عبدالقوي فكان هنالك من رجالهِ من يُراقبني و لكنه بالتأكيد لا يسمعُ الحوار بيننا
أوهمتُ عبدالقوي أني سأتحدثُ مع أبو أصلان و أتفقُ معه أن نخرج غدًا مع بعضنا و من ثم تنفجرُ القنبلة فيموت فوافق على ما قلت ،
قابلتُ أبو أصلان و حكيتُ لهُ سريعًا من يكون هوّ و من يكونُ عبدالقوي و أعلمتُه بنوايا عبدالقوي في قتلهِ و قتلي بعد مقتله
فقال لي دع الأمر لي ، ابتعدتُ عنه و مضى اليوم ليتصل باليوم التالي عليّ فرردتُ بسرعة : هلا بأبو أصلان .
بعجلة : يا هلا فيك ، فكرت بالموضوع كثير لازم يكون في جثة محلي بالسيارة و أنا ما أقدر أقتل روح ، و كلت رجالي يشوفوا في
المستشفيات حالات مستعصية و اليوم و الحمدلله طلع في مريض عنده موت دماغي يعني لا يتحرك و لا يفهم و عايش على الأجهزة بالمستشفى
مجرد يفكوا عنه الجهاز يعطوه كم ساعة و يتوفى ، أهله مقدرتهم المالية متوسطة و لهم شهور بدفعوا تكاليف المستشفى و ما في أمل
يرجع دماغه للحياة أبدًا فقالوا لا يُكلف الله نفسًا إلا وسعها و قرروا بعد تفكير فصل الأجهزة عنه حتى يموت موتة قلبية و التبرع بالأعضاء
بدل ما هو حي حياة الأموات و يتعذب ،
خبرتهم عني و إني معرض للخطر قالوا بلغ الشرطة قلت لهم إن صاحبي و الي هو إنت متورط بأمور سواها بشبابه و الحين فاقد
لذاكرته و متغير عن أول يمكن لو بلغتهم يمسكوه و قدمت لهم مقابل مالي ضخم يعوضهم و يزيد عن الفلوس الي دفعوها حتى يبقى
مريضهم في المستشفى لكنهم ناس أصيلة رفضوا الفلوس و قالوا نعطيك ياه لوجه الله بلغتهم الجثة بتنحرق قالوا و لو بقيت هنا بتنقطع
لأشلاء عشان التبرع و كذا كذا إنت بتستفيد و إذا انقطع غيره بيستفيد و الاجر عند الله إن شاء الله ، قلت لهم الخبر بيتنشر بالجرايد
قالوا ما بنشتكي ، أتمم الموضوع ؟
حينها لم أرتاح ، فقد وافق الأهلُ بلا مقابل رغم أن الجثة ستحرق و تشوه ! استغربتُ كثيرًا من تفكيرهم و لكن لا خيار آخر فلا بد أن
تتم المهمة اليوم : تمم الموضوع .
و بالفعل هذا ما حدث ، صورتُ لعبدالقوي حواري مع أبو أصلان في السيارة و أعطائي الخاتم له خرجتُ من السيارة و بعدها بعشرة ِ
دقائق أرسلتُ له صورة الانفجار ، هو أحمق فلما أُعطي أبو أصلان الخاتم قبل موته هذا أولاً ، ثانيًا عشرة دقائق بأكملها يمكنني أن
أفعل بها الكثير خرج أبو أصلان من السيارة و أدخلنا الجثة التي ما زالت تتنفس و لكن على وشكِ الموت القلبي فبالكاد تلتقطُ
أنفاسها وضعنا نسخة الخاتم بأصبعه و بقيّ الخاتم الأصلي مع أبو أصلان ، تبقت اثنا عشر ثانية على الانفجار ابتعدنا ، و انفجرت
السيارة و ألتقطتُ الصورة .



***


كيف حالها الآن ؟ و لما لم تأتي منذُ مدة ؟ أتمنى أن تكون بخير ، ابتسمتُ و أنا أنظرُ للسقف و أتذكرها حينما أهديتُها الخمار
لقد تغيرت كثيرًا عن السابق آمل أن تكون إلتزمت بالخمار و أحبته و أتمنى لها حياةً سعيدةً هانئة ، و أدعو الله أن يكونوا رفاقي
قد وجدوا أسرهم حتى لو بعضهم أسأل الله السعادة لك يا هزيم ، سمعتُ طرقًا على الباب فقمتُ من على السرير : طيب طيب جااي .
فتحتُ الباب ليظهر من خلفه الملازم أحمد الذي ألقى التحية فرددتُها كاملة و من ثم قال : يلا يا أغيد تعالي معاي بنسوي لك تحليل
الـ dna في أسرة مشكوك إنك من أفرادها .







***



إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
الجحيم القادم يوم الأثنين .


الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 30-06-16, 07:29 AM   #274

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي






الجحيـــم


(64)


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **









لطالما شعر أنهُ المسؤول عنهم و عليهم قد يكون السبب أن ملامحه توحي بأنهُ الأكبرُ عمرًا بينهم ، رسم مخططًا و كان له ما أراد بعد
تنفيذِ المخطط خرج أغيد و صار حرًا لتحريرهم ، حينما علمت العصابة بغيابِ أغيد نقلوا المبتورين لمقرٍ آخر خوفًا من أن يقبض عليهم
الضبط العسكري ، و لكن حتى هذه النقطة لم تفته فهوّ يضع الخطة و يضع خطة بديلة إن لم تنجح الأولى كانت الثانية موجودة و هذا
ما حدث ، فبعدما ابتعدوا عن المنزل الذي بلغ عنهُ أغيد ترك هزيم من خلفهِ دليلاً يقودُ أغيد إليهم و ذلك بعد سماعهِ لسمحي الذي قال
أنه سيأخذهم لمنزلهِ بقبيلةٍ ما ريثما يجدوا منزلاً يمكثوا بهِ و من ثمّ سمع مروجي المخدرات يتحدثون عن هذهِ القبيلة بأنها قديمًا
تطمر البنات في التربة و هنَّ على قيدِ الحياة ، فكتب بخطٍ متعرج غير واضح قبيلة و من ثم رسم فتاة مقصوصة الرأس دليلٌ على موتها ،
و انتظر و طال الانتظار حتى أيقن أن خطته البديلة باءت بالفشلِ الذريع و محت كل الآمال و الأمنيات بقلوبِ أصدقائه بل إخوانهِ مبتورو
و الأيدي ، لكنه لم ييأس بتاتًا بل تضاعفت عزيمته أضعاف ما كانت عليه ، و ذات يوم دخلت عليهم شقراءُ الشعر وضعت الطعام على الأرض
و حينما أرادت الوقوف سمعت رنين هاتفها أخرجت هاتفها المحمول من جيبِ بنطالها " الجنز " و أخذت بكلِ غباء تصفُ موقع المنزل الذي
يمكثون بهِ الآن ، لم يكن أحمقًا لتضيع منه فرصةً جوهرية كهذهِ حفظ العنوان بقلبهِ قبل عقله ، و بعدها فكر بكيفية الطريقة التي
سيبلغُ بها الضبط العسكري عن العنوان و لم يطل تفكيرهُ كثيرًا ، نظر لمبتورو الأيدي و بهدوء : طالبكم بطلب .
ليبتسم أحدهم قائلاً : إن كان مقدور عليه يا هزيم فهو جاك .
ربت على كتفِ مبتور اليد و بابتسامة أوسع : مقدور عليه إن شاء الله ، الي ابيه منكم يوم تدخل هالشقرا بالأكل أبيكم تكلموها
و تشغلوها كلموها عن أي شي .
تساءل أحدهم : ليش ؟
برفضٍ للتساؤل : من غير ليش .
و هذا ما حدث دخلت في اليوم التالي و معها الطعام وضعتُه أرضًا و وقفت كان هزيم يجلسُ من ورائها و بقية المبتورين أمامها
قال أحدُ المبتورين يستوقفها عن الخروج : ممكن تزودي الأكل ما عاد يكفينا .
نظرت لهُ بحنان : حسنًا أعدك بهزا ، هل تريدُ شيئًا آخر ؟
وبينما هيَّ تتحدث إلتقط هزيم الهاتف من جيبِ بنطالها الخلفي .
تجاوب معها مبتور اليد : و الله ما نبي إلا الحرية .
بأسف : ليس بيدي ، سامحني .
أومأ مبتور اليدِ برأسهِ لها بعدما غمزَ لهُ هزيم كإشارة عن انتهاء ما يريد .
تناول معهم الطعام و من ثم دخل إلى دورةِ المياه و تعب كثيرًا حتى استطاع معرفة الطريقة التي يُستخدم بها الهاتف قدم بلاغ إلى
المركز العسكري باسم فاعل خير و من ثم كسر الشريحة فهو يعتقد أن المركز العسكري قد يجدونه عن طريقِ الشريحة رمى بالشريحة
في البالوعة و خبأ الهاتف وراء المغسلة ، حتى لا يُكشف أمرهم فتأخذهم العصابة بعيدًا عن هذا المكان و تفشل خطتُه كالسابق ،
من المؤكد أن الشقراء ستشكُ أنها أسقطت الهاتف هاهنا و حينما لا تجده ستبحث و تبحث بأمكان أخرى و من ثم تقول لأولئك المروجين
و أول ما سيخطر في بالهم أننا سرقناه منها و سيبحثون عن الهاتفِ هنا و هذا ما حدث بالفعل و لكن لم يجدوه و الحمدلله ،
أما كسرهُ للشريحة فقد كان لا يريدُ أن يعلم مبتورو الأيدي أنهُ هو منقذهم فهو يشعرُ أن هذا من التباهي و إظهار الذات و إن لم يكن
كذلك فهذا هو مبدأه ، و حينما آن موعدُ الفرج أخذ الهاتف من خلفِ المغسلة و رماهُ بالشارع بعيدًا عن أنظارِ الصبط العسكري
و أستطاع بيده المبتورة المشاركة بحمايةِ أبناءِ وطنهِ و إن كانوا مختلفين في الجنسيةِ و الوطن فالوطن هو الصحبة التي عاش بينها .


***



بإشراقةِ الشمس , الثيبُ بالثيب جلدُ مائة و الرجمُ حتى الموت ، اعترفتُ بشناعةِ ما فعلت و ها أنا أقف بمنتصف الحرة الأرض الواسعة ذات الحجارة
السوداء و هم من حولي رفع أحدهم الحجارة الصغيرة بحجمِ الحصى فضرب بهِ جسدي فبقيتُ صامدًا و صورةُ عطرة لا تغيبَ عن بالي هيّ
و أبنائي و طمري لأنهار بالتربة , فضربني ثانيهم بالحجارة و بقيتُ بذات الجمود فلم تكن إلا لسعة ازداد الحجر فانتفض جسدي جزعتُ
فتحركتُ من مكاني الذي أرجمُ بهِ و لكني لم أرحم ازداد الرمي حجرةً برأسي و أخرى بظهري و ثالثة ببطني و رابعة بصدري وخزٌ من جميعِ
الجهات احمّرت عيناي و ذرفتَ دمعي دون أن أشعر تهالك جسدي و نزف دمي رددتُ شهادتي و أنا أرى ضريحي بزوجِ عيناي ، سامحيني يا عُطرة
على خيانتي ظلمي و جوري و قذفي لكِ ها أنا ألاقي حتفي ، قد قلتِ أنكِ لن تغفري لي لكني أعلم أن رحيلي هذا سيؤلمكِ و ستغفري و تدعي
ليَّ بالخير ، اهتمي بأبنائي و احفظيهم بعينيكِ ، لا إلـ.....ـه إلا الله محمـ... ـدًا رسـ...ول الله ، وسقط جسدي أرضًا مودعًا الحياة .


***


الساعة الخامسة و النصف عصرًا دخلت السجانة منادية : هوازن أصل الحكمي .
اقتربتُ منها و خرجتُ عن طريق الباب الحديدي قيدتني بالأغلال قائلة : زيارة .
أومأتُ برأسي موافقة و قد خمنتُ أنها عُطرة و لم تكن هيّ بل كانت عزوف ابتسمتُ لها و جلستُ أمامها سلمت عليّ و أطمأنت
و من ثم أردفت بابتسامةٍ واسعة : عندي لك مفآجأة من الكاسر .
بفضول و قد عقدتُ حاجبي : وش هي ؟
اتسعت ابتسامتها قائلة : تراه وصى إني اتبع التعليمات بحذافيرها و تعليماته تقول غمضي عينك .
أغمضتُ عيناي بانتظار المفآجأة فإذا بي أشعرَ بقبلةٍ في يدي و أخرى في وجنتي اليمنى و ثالثة باليسرى فتحتُ عيناي و قد عرفتَ هذهِ
الرائحة ابتسمتُ بحب و احتضنتهم لصدري واحدًا تلو الآخر أبنائي سعادتي و كل ما أملكُ بالحياة مؤيد رائد لجين ريتاج ريناد
نزلتُ بالأرض وجلستُ معهم جلست ابنتي الصغرى لجين على فخذي و هي تُقبلني بينما بادرت ابنتي الكبرى ريناد بالحديث : ماما وحشتينا
كثير انتِ و بابا .
وضع رائد خده على ذراعي و بصوتٍ مبحوح و لكنه يُحاول الثبات أمام إخوتهِ حتى لا يضحكوا عليه : البيت بدونكم مو حلو ، عمو ناجي
قال إنو بابا بيرجع من السفر قريب إن شاء بس إنتِ يا ماما طول شغلك هنا .
عقدتُ حاجبي بغرابة و رفعتُ رأسي لعزوف التي أومأت برأسها بالموافقة فعلمتُ أنهم كذبوا على الأطفال و قالوا لهم أنني أعملُ هاهنا
و لكن إلى متى ستستمر الكذبة ، لن تطول و لن تصمد لسنتين .
فتحتُ ذراعي على وسعها و ناديتُهم جميعًا أقبلهم أحتضنهم أداعبهم و أضحكُ معهم ، أقصى أحلامي كاسري و أنتم فكونوا بخير حفظكم الله
أخافُ عليكم و أخاف أن يأخذني الموت قبل حريتي فأٌحرم منكم و تلوموني طيلة حياتكم على غيابي عنكم في أيامي الأخيرة
أخاف أن تغمض عيني بالموتةِ الكبرى قبل أن تراكم و ترى الصلب الذي خرجتم منه و أعودُ لأنفض رأسي و أستيعذُ باللهِ من الشيطان الرجيم
و أذكرُ ذاتي بأن الله مجيبُ الداعي إذا دعاه و أن الله مع المظلوم يجيبُ دعوته , و فرجهُ سبحانه و تعالى بإذنِ الله قريب .


***


ترجلتُ السيارة ومشيتُ بها حيثُ المكان المقصود و هو البحر لإرسال شحنة من خلالهِ في بادىء الأمر كان كل شيء كما المعتاد و لكن
حينما أردتُ إيقاف السيارة قبل الدخولِ للرمال لم تتوقف ابتلعتُ ريقي و سميتُ بالله و حاولتُ للمرة الثانية و الثالثة و باءت محاولاتي
بالفشل حينها علمتُ أنهُ لا جدوى من المحاولة و أن الأجل قريب فعزمتُ أمري و رفعتُ عيني لزجاج السيارة فرأيتُ أنه لم يتبقى سوى
خطوة و أكونُ بعمقِ البحر ، فتحتُ باب السيارة لأقفز لكني وجدتُ ذاتي بعمقِ البحر فقدتُ الوعي و مع فقداني للوعي فقدتُ ذاكرتي
و جدني أحدُ القبطان فأخبرتُه أني لا أتذكرُ أي شيء فعرضَ عليَّ العمل معهُ في القوراب و قبلتُ بعرضهِ لكسبِ لقمةِ عيش ، قال لي هزاع أن
الإنسان دائمًا ما يتذكرُ الذكريات و الأشخاص الأحبُ لقلبهِ و ذلك حتى يرغب بالماضي الذي كان عليهِ و لكني على عكسِ ذلك أنا لم أتذكر
زوجتي التي يبدو أني متيمًا بها من خاتمي و تعلقي بالخاتم و لم أتذكر بناتي كل ما تذكرتُه هيَّ تلك الليلة و سبب ما حدث ، لربما
لأن تلك الليلة هيَّ نقطةُ التحول التي غيّرت حياتي جذريًا ، لكلِ إنسان صفاتٌ و تصرفاتٌ و أحلامٌ خاصة بهِ تربينا منذُ الصغر مع بعضنا
البعض رُزق والدُ عبدالقوي بعبدالقوي و زوجتي زبيدة ، فكان والدهُ يحلمُ بأن يكون
ابنهُ الوحيد أحد أعضاءِ الطاقمِ العسكري و دائمًا ما يسعى لتعليم عبدالقوي هذهِ الأمور إلا أنَّ عبدالقوي لم يكن شغوفًا بينما أنا كنتُ أتخيلُ
ذاتي أحد أعضاءِ العدالة و منقذًا للبشرية فكنتُ منذُ طفولتي شغوفًا لهذا المجال أُرقابُ والد عبدالقوي و أقلّدهُ دائمًا فصَّار والدهُ
رحمهُ الله يقللُ من شأنِ عبدالقوي و يُقارننُي بهِ بمقارناتٍ تثبطُ عزيمتُه و حلمهُ بالتاجرة فتغير عبدالقوي صديق الطفولة و صار طفلاً مشاكسًا
يحاولُ دائمًا أن يظهر اللامبالاة و لكن الحقيقة كانت عكس ذلك كبرنا ودخلنا بمرحلةِ الشباب دخلتُ السلكَ العسكري بينما هوَّ بقيَّ عاطلاً
عن العمل فهو يحتاجُ لواسطةٍ ما حتى يدخل ما يحبُ فنحنُ أصبحنا بزمنِ الواسطة لا الجدِ و لا الإجتهاد بقيت شهادتُه مُعلقة على الحائط
و بقيَّ و الدهُ يلومهُ و يقللُ من شأنهِ توفيَّ و الدي و ورثتُ عنهُ مصنع خشبٍ صغيرٍ عتيق و بحكمِ أني الأخُ الأكبر عملتُ بهِ و عرضتُ على
عبدالقوي العمل جعلتُه نائبًا لي و ذراعي الأيمن و كنتُ أنوي فتحَ مشروعٍ آخر مستقل و أن أهديهِ المصنع
فرسولُ الله صلَّ الله عليهِ وسلم قال : تهادوا تحابوا " لنزع الحسدِ و الحقدِ من قلوبِ البشر ، و لكن ما حدث و ما فعلهُ بتلكَ الليلة
غيَّر مجرياتِ الأحداث ، الحقدُ و الغلُ الشديد و كراهيةِ الخير للآخرين و تمني زوال النعمة منهم لهُ عدة أسباب و أحد الأسباب التفرقة
بين الأبناءِ في التربية و قد أخطأ والدهُ حينما سَخِر منهُ و أجرى المقارناتِ بينهُ و بيني كان يريدُ من ابنهِ
أن يصبح مثلي و لكنهُ أخطأ التصرف غير ذلك لكلِ إنسانٍ حلمهُ و تكريس حياتُه لتحقيق حلمهُ هو الذي سيجعلهُ يصلُ إلى ذروةِ النجاح
فمن الخطأ أن يرغم الآباءُ أبناءهم على ما لا يريدوا و لا يطمحوا .


***




الساعة الحادية عشر إلا ربع ليلاً ، دخلتُ للجناح و إلى حجرةِ النوم فوصلني صوت خريرِ الماء من دورةِ المياه جلستُ على السرير
و سحبتُ الوسادة مرغتُ رأسي بوسادتها العنابية اللون أشتمُ رائحتها المحببةُ لقلبي ليتني أستطيعُ تمريغ رأسي بصدركِ بدلاً من
الوسادة التي لا تكتنزُ سوى برائحتكِ تفتقرُ لضرباتِ قلبكِ و لهيبَ أنفاسك و انتفاضة جسدك و إحمرار وجنتيكِ و الحياةَ بعينيكِ السوداء ،
مجردُ تخيلات و لكن الواقع ليس سهلاً كالخيال لذلكَّ الكثيرُ منا يهربُ من واقعهِ المؤسف الذي ليس بيدهِ تغييرهُ كما يريدُ إلى عالمِ
الخيالِ و الأحلام حيثُ ما يريدُ مجاب و حينما تهجريني و تبتعدي أسلكُ سبيلي في كوكبةِ الخيال حيثُ أنتِ يا قارورتي تهبيني الماء لأرتوي
فتكوني ملاذي و أقصى طموحاتي و أحلامي ، فتحت باب دورةِ المياه فرفعتُ رأسي ونظرتُ لها بتمعن من شعرها المُبتل بالماء الذي يصلُ
لمنتصفِ ظهرها و فوطة تلتفُ حول جسدها لترسم تفاصيل خصرها تتوقفُ أعلى ركبتها و تبقى ساقيها عارية ببيضهما ابتلعتُ ريقي و تعالت أنفاسي ،
فإذا بها تشهق و تُسمي بالله حتى استقرت عيناها على ثقلي بسريرها الحريري رمت بالفوطة الصغيرة التي كانت بيدها علي و بغيظ : وجع فجعتني ما تعرف أدآب الاستئذان.
أمسكتُ بالفوطة و استنشقتُ رائحة شعرها و باستمتاع : همم سواء دقيته أو لا إنتِ بالحمام و فاتحة الموية يعني ماراح تسمعي شي .
اقتربت مني بخطواتها و وضعت يدها على خصرها و بعناد : إلا بسمع .




*
*


كان ينظرُ لشيءٍ ما بجسدي ، فأخفضتُ بصري لأجدهُ ينظرُ لفخذي الذي انقشع بعدما وقفتُ هذهِ الوقفة ، شهقتُ بقوة و تقدمتُ ناحية السرير
دفعتُه للوراء حتى سقط على السرير مستلقيًا بعد جلوسهِ أخذتُ الوسادة ودفنتُها بقوة و عدتُ لرفعها و من ثم تغريق و جههِ بها و بحنق
و خجل بذاتِ الوقت : قليل أدب ، قليل أدب .
أخذ يضحكُ بصخب و هو يحاولُ إبعاد الوسادة عن وجههِ : بتنفس يالبزر بعدي ، ترى بموت مختنق على يدك .
عدتُ بالضغطِ على وجهه بقوة أكبر : أحسن موت موت قليلن الحيا لازم يموتوا .
أبعدتُ الوسادة عنه فقال وعيناهُ ثُبِتت بمكانٍ آخر بجسدي : همم لو مت من يتغزل في الحلوين الي طلعوا .
غطيتُ صدري و قمتُ من على السرير و أنا اتجهُ لحجرةِ التبديل و اتحلطمُ بخجل .
ليصلني صوتُه ضاحكًا : فديت الي يستحون ، والله أعشق ترابهم .
تصاعدت الحرارة بجسدي و استقرت في وجهي وضعتُ يدي على وجنتي و ابتسمتُ على استحياء .

*
*


كم أهوى طفلتي ، صغيرتي و زوجتي متكاملةَ الأنوثة حياءها خجلها طفولتها تزيدها فتنة فوق فتنتها ، تُرهقُ روحي و تزهقها بالكادِ
ألتقطُ أنفاسي بحضورها الباذخ ، معزوفتي و قارورتي كوني دائمًا بخير .

***

بطبيعتي لا أهتمُ للوقت بتاتًا إلا خلال السنة الدراسية و لكن منذُ أن عاد الخاتمُ من الماضي أصبحتُ مهووسةً بالوقت أعدُ الأيام
و الساعات عدًا ، يا تُرى ما الساعة التي ستتوجُ اللقاء بعد اثنان و عشرين عامًا سأحفظها بدقائقها و ثوانيها و سأحكي لها كم مقتُ
تأخرها و سأشكرها أنها دكت حياتنا قبل الفناء ، أتخيلُ يا أبتي إن عُدت لديارك كيف لي أن أستقبلك بأي الحروف أُعبر ، أتوقُ
و أتشوقُ لرؤيتك من المؤكد أنك كبرت و كبرت ملامحك هل صَار شعرك أبيض اللون و نحنُ بعيداتٌ عنك لم نخدمك و نقوم بعجزك و نخطُ
الوقار بشيخوختك أم أنكَ لازلت شابًا قوي الضلع ، ولكن بعض التجاعيد أصرت أن تظهر بملامحك الحنونة سأتحسسُ تجاعيدك بيدي سأزرعُ
نفسي بحجرك و لن أقوم و سأفني حياتي لخدمتك و طاعتك فلا أدري أي حياةٍ قد قاسيتها و كابدتها و لكن من بعد الضنك الذي مررت بهِ
سأجعلُ بقية حياتك راحةً أبدية حتى يأخذني الموتُ منكَ بغتة ، ابنتك عُطرة بانتظارك .

***


أنزلت نظارتها الطبية و وضعتها فوق كومةِ الأوراق و بهدوء : انتي دلوئتي بالشهر السادس و فاضلك أسبوع و تُدخلي السابع و بتحسي
بنغزات تعوركي و عندك نقص دم وزنك نازل و أكلك مش كويس و ده كلو يخليني أشك إنك هتولدي في السابع و دي حاقة مش كويسة خالص
انتي لازم تعدلي أكلك و ترفعي و زنك و غير كده ازا كونتي متوترة من حاقة حاولي تنسي التوتر ده .
نظرت لعبدالقوي : و انتا يا باباها هتسحب ودان جوزها و هتخليه يندم كتير علشان ميزعلهاش تاني .
حككتُ رقبتي و بحرج و أنا أشيرُ لهُ و يبدو أنهُ غضب منها : هذا ما هو بأبوي هذا زوجي .
نظرت له و من ثم لي و عادت لموضوعها السابق : و هئولك أعراض ممكن تلازمك إزا ما أخدتيش بالك من ارشادتي ، وئت ما تحسي بانقباضات
مستمرة و ألم في ظهرك و تحسي منطقة الحوض تئيلة أوي و آلآم في المنطئة العلوية من سائك و زيادة بالافرزات المهبلية و تبطلي
تحسي بحركة البيبي ساعتها تجيني بسرعة علشان اديكي شوية نصايح و نستعد مع بعض لولادة مبكرة و أنا أتمنى إنك تنتبهي لنفسك
علشان ما نتورطش ، ربنا يسهلهالك يا حبيبتشي .

***

ظهر يومٍ جديد بتمامِ الساعة الواحدة و النصف ، يجلسُ رجل يبدو أنهُ في الخامسة و الاربعين من عمره و بجانبهِ إمرأة محجبة بالكامل
يُحرك خرزات مسبحتهِ بأصابع يدهِ اليمنى و بيدهِ اليسرى يمسحُ على يدِ المرأة التي بجانبهِ ، هيَّ تشهقُ بين الفنيةِ و الأخرى و هوَّ يقتربُ
منها و يهمسُ قريبًا من أذنها و يزيدُ من الضغطِ على يدها يمدها بالقوة و يبثُ الاطمئنان لصدرها ، بينما أنا أجهلُ شعوري كجهلي
لهويتي أتخيلُ لو أنهم عائلتي و أتخيلُ لو أنهم لم يكونوا عائلتي ، ترك الرجلُ يدها و صلب طوله ، وضع الملازم أحمد يدهُ على كتفي
فقمتُ من على الكرسي أمشي وراء الرجل احترامًا لهُ سواء كان أبي أو لم يكن ، أخذ الورقة و أشار إليّ بيده
و بصوتٍ ثابتٍ هادىء : تعال يا أغيد هنا .
و قفتُ بجانبهِ فتح الورقة و هو يقرأها فهو يعلم أني لا أجيدُ القراءة بشكلٍ جيد
إلتفت يده حول كتفي و قَبَّل رأسي : النتيجة ايجابية إنت ولدي يا أغيد .

***



إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $

أكثر من مرة أحدد لكم يوم و ما ينزل الجحيم بالموعد المحدد
لذلك ما بحدد الموعد الجاي لكنه قبل دخول العيد بإذن الله تعالى .


و صح قبل لا أنسى
قبل ما أكتب هالجحيم فتحت مفكرة و قعدت أرتب فيها الأفكار
بحسب الترتيب باقي عشر جحيمات بالضبط و تنتهي الرواية
أي بتنتهي عند الجحيم 74 و إن زادت بتزيد بواحد وتصير 75
و إن قلت بتقل بثالثة و تصير 71 و هالشي لأني بدمج ثلاث جحيمات بواحد
أي بتكون بنفس طول الثلاث جحيمات و بدون تسريع لكن كل الأحداث الي بالثلاث
جحيمات بنفس الجحيم الأخير و أنا مش مع الفكرة هاذي لأنكم بتتعبوا بالقراءة الكمية
بتكون كبيرة جدًا و الأحداث كثيرة مرة عشان كذا خلينا على 10 أو 11 جحيم
عاد إذا زادت لحد يضربني


الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 30-06-16, 08:02 AM   #275

nsr7531

? العضوٌ??? » 372331
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 172
?  نُقآطِيْ » nsr7531 has a reputation beyond reputensr7531 has a reputation beyond reputensr7531 has a reputation beyond reputensr7531 has a reputation beyond reputensr7531 has a reputation beyond reputensr7531 has a reputation beyond reputensr7531 has a reputation beyond reputensr7531 has a reputation beyond reputensr7531 has a reputation beyond reputensr7531 has a reputation beyond reputensr7531 has a reputation beyond repute
افتراضي

جزاك الله عنا كل خير وتقبل الله منا ومنك صالح الاعمال وبانتظار البقية لك مني اجمل تحية .

nsr7531 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-07-16, 05:50 AM   #276

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




الجحيـــم


(65)


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **














ظهر يومٍ جديد بتمامِ الساعة الواحدة و النصف ، يجلسُ رجل يبدو أنهُ في الخامسة و الاربعين من عمره و بجانبهِ إمرأة محجبة بالكامل
يُحرك خرزات مسبحتهِ بأصابع يدهِ اليمنى و بيدهِ اليسرى يمسحُ على يدِ المرأة التي بجانبهِ ، هيَّ تشهقُ بين الفنيةِ و الأخرى و هوَّ يقتربُ
منها و يهمسُ قريبًا من أذنها و يزيدُ من الضغطِ على يدها يمدها بالقوة و يبثُ الاطمئنان لصدرها ، بينما أنا أجهلُ شعوري كجهلي
لهويتي أتخيلُ لو أنهم عائلتي و أتخيلُ لو أنهم لم يكونوا عائلتي ، ترك الرجلُ يدها و صلب طوله ، وضع الملازم أحمد يدهُ على كتفي
فقمتُ من على الكرسي أمشي وراء الرجل احترامًا لهُ سواء كان أبي أو لم يكن ، أخذ الورقة و أشار إليّ بيده و بصوتٍ ثابتٍ هادىء : تعال يا أغيد هنا .
و قفتُ بجانبهِ فتح الورقة و هو يقرأها فهو يعلم أني لا أجيدُ القراءة بشكلٍ جيد إلتفت يده حول كتفي و قَبَّل رأسي : النتيجة ايجابية
إنت ولدي يا أغيد .
نظرتُ لهُ ببهوت لم أستوعب بعد هل هذا هوَّ أبي ؟ هل شقاء سنين اضمحل وانجلت الحقيقة؟ أسئلة كثيرة بحاجة لتفسيرٍ لها ، لكنهُ لم يدعني أُفكر
احتضنني لهُ و هو يُتمتم : الحمدلله يارب .
ابتعد قليلاً و قبَّل جبيني بعمق : رجعت يا يزن بعد سنين رجعت و بيرجع البيت ينور بوجودك يا ولدي ، تعال نفرح أمك بهالخبر ماتت
من البكا من يوم ما شافتك و هي تحلف إنك ولدها .
سحبني من يدي اللامبتورة بسرعة رغم كبر سنهِ ، كانت تلكَّ المرأة تمشي جيئةً و ذهابًا بتوترٍ ملحوظ ، اقترب منها هامسًا بإبتسامة
واسعة مشرقة : ولدنا يا نجد .
زفرت براحة و ارتمت بحضني تمسحُ على شعري و بصوتٍ باكي حنون : يا روح أمك يا يزن يا قلب أمك الحمدلله على رجوعك الحمدلله يارب
و الله من يوم شفتك و أنا أقول هذا ولدي مستحيل ما يكون هو والحمدلله ربي كان معاي و ردك لي بعد كل هالسنين لو تدري يا ولدي عن
الألم الي عشته بغيابك عن اللوم الي كنت احطه بنفسي سامحني يا ولدي ضعت و ما قدرت أحفظك ما قدرت لكن صدقني ما تركنا أرض
ما دورناك فيها يا نور عيني إنت .
رفعت رأسها عن كتفي و هي تمسك بوجنتي بين يديها و تنظرُ لعيني و من ثم أخفضت رأسها ليدي المبتورة
و بحرقة و حسرة : الله لا يسامحه الي ما يخاف ربه خطفك و بترك الله لا يحله و لا يبيحه
أمالت رأسها للجنب وأردفت بتساؤلٍ و اهتمام : توجعك يا يزن ؟
و نطقتُ بعد صمتٍ طويل : اسمي أغيد .
ارتخت يدها التي تمسكُ بذراعي و لكن سرعان ما شدت عليها و بعطف : الي تحبه بناديك أغيد زيما تحب .
جاء الرجل الذي هوَّ أبي وقف ما بيننا و احتضننا لهُ و بابتسامة : نعبر عن مشاعرنا في البيت .


*


لا أدري لما لا أشعرُ بالانتماءِ إليهم و كأني كنتُ لا أريدُ رؤيتهم رغم أن حُلمي و طموحي كان رؤيتهم و الاتنماءِ لهم و إليهم ! ، أشعرُ
بضياعٍ يفوقُ ضياع سنيني السابقة كالتائه لا أدري أيُ سبيلٍ أسلك أبتعدُ عنهم أم أقترب إليهم !


***



الساعة الثانية عشر و النصف مساءً بأرضِ السادس من أكتوبر ، خلعتُ أرديتي و دخلتُ تحت الماء علَّ الماء يغسلني و يُبعدُ نزاقةَ ما فعلت
أفركُ جسدي بشدة و أُعاودُ فركه مرارًا و تكرارًا حتى احمَّر
و كأني باغتسالي سأمحي آثار اليومِ المقيت سأمحي أنهار عن جسدي لتُكمل حياتها و لا تموت ، سأمحي معرفة عُطرة بما فعلت على أملِ أن
تغفر لي ذنبي الوحيد و هو قذفها سأغسلُ نزاقة ذلك اليوم لأُقابل ربي بذنوبٍ بسيطة لا بأحدِ الموبقاتِ السبع ، كابوسُ الأمس موجع
الحجارة التي تضربُ جسدي فيتهاوى أرضًا و آخرُ ما نطقتُ شهادتي ، لا أدري ما بي ، لا أدري لما فعلتُ ما فعلت ، ما جنيتُ من فعلتي
إلا كبيرةً من كبائر الذنوب و ضياع حياةِ أنهار بنية التوبة النصوحة دون العملِ بها ، زيادة الجروح و الآلآم بيني و بين عُطرة ،
كبرت الفجوة بيننا حتى صرتُ أؤمنُ أنها لن تغفر لي ذنبي ، اليمين الذي رددتُه بلسانها أكثر من مرة لازال يترددُ بمسامعي و يجعلني
أتيقنُ بعدمِ مغفرتها ، كابوسي اليوم جعلني أهلعُ و أتأكدُ أن ما فعلتُه لا يُغتفرُ في قلوب ِالبشر فلم يوضع حدٌ بهذهِ القسوة إلا لأن
الفعلة شنعاءُ للغاية ، و بني البشر لا يرضون فكيف بكبيرة من كبائر الذنوب هل سيغفرون ؟! كيف بعُطرة التي تجرعت من الوجع
و الضيم الكثير لكنها بقيت شامخة تُذكرني أن الله معها و أن براءتها ستظهرُ يوم لا ينفعُ ندمي ، ظهرت البراءة فهل سينفعُ ندمي ؟!



***




كانت هيَّ تحتضنُ ذراعي اللامبتورة بيدها و هو يتقدمنا بخطواتهِ فاتحًا باب المنزل الذي يُفترض أنني ترعرعتُ به ِ ،
سميتُ بالله و دخلتُ للمنزلِ بقدمي اليُمنى و ما أن دخلت حتى تطاير رذاذٌ أبيض و أوراقٌ ملونة و ثلاثُ فتياتٍ متفاوتاتٍ بالعُمر
إحداهن طفلة و أخرى بعمر الزهور و ثالثة تبدو أكبر مني عُمرًا و فتى يبدو أنه بالعاشرة من عمره يقفون أمام البابِ مبتسمين ،
فتحت المرأة التي تمسكُ بيدي خمارها مبتسمةً لي محتضنةً ليدي و هي تقول : تعالوا سلموا على أخوكم .
حينما نطقت بما نطقت نظرتُ إليهم بتمعن هؤلاءِ إخوتي الذين اشتقتُ إليهم سنين حياتي تخيلتُ أن لي أُختًا صغرى تحتضن دميتها
و ها هي أصغرهن تحتضنُ دمية ، هل تحققت الأمنيات ولكن لما أشعرُ بالبرود ! ، بالضياع ! ، هذا ما انتظرتُه طيلة السنين
و حينما صار الانتظارُ واقعًا لم يهتز ما بداخلي قدر أنملة حتى حينما أحادثُ ذاتي عنهم أقول هيَّ و ها هو ما أستطعتُ أن أنطق أمي
و أبي حتى بين نفسي ! ، تقدمت أصغرهن عمرًا محتضنة ساقي و بيدها الأخرى تُمسك دميتها بينما أكبرهن عُمرًا قَبَّلتني برأسي
و هي تهمس : جيت يا نصي الثاني بعد كل هالسنين الحمدلله يارب .
بينما أنا كنتُ مطأطأً رأسي للأرض بخجلٍ منها ، رفعتُ رأسي على صوتِ الفتاة ِ بعمر الورد : يا ماما لا تأشريلي كذا ما أقدر أسلم عليه
شوفي يده تفجع بسم الله .
فنطق الذي بالعاشرة من عمرهِ ساخرًا بغيرة : و بابا يقول بينور البيت رجال البيت مافي رجال بعد بابا إلا أنا و بس .
نطق هوَّ مغيرًا لمجرى الحديث : تعال يا أغيد أوريك غرفتك و تبدل ملابسك و تغسل وجهك و تجي تآكل معانا في كلام كثير نبغى نقوله لك .
أومأت هيَّ برأسها و بحماس : أختك ميساء رتبت غرفتك و أنا اشتريت لك ملابس بعد ماوراني أبوك الصورة كنت متأكدة إنك ولدي
و الحمدلله يارب طلعت ولدي و نور عيني .
سحبت يدي اللامبتورة و أخذتني للحجرة التي يُفترضُ أن تكون حجرتي كانت حجرة متوسطة المساحة يغشى عليها اللون السكري و التركواز ،
سحبت يدي حيثُ الخزانة و فتحتها : هاذي ملابسك يا ماما و أي شي تحتاجه تعال قولي ، الباب الي جنب الغرفة على طول هوا الحمام
و لا أقولك أنا بقعد أستناك برا الغرفة لمن تخلص لبس و بعدين بدلك على كل شي و بنلف البيت مع بعض .
ابتسم هوَّ و هو ينقل نظراتُه ما بيننا على التوالي : على هونك الولد مو قادر يستوعب يلا يا بطل بدل ملابسك و تعال .
أومأتُ برأسي بالموافقة و ما أن خرجوا من الحجرة حتى زفرتُ براحة ، جلستُ على السرير بوهن و شددتُ شعري و أنا أتمتم : مو هذا الي
تبيه يا أغيد أم أب أخ أخت بيت غرفة احترام حب حنان عطف كلها جاتك لمن عندك ليش ما تعيشها و تبتسم ليش حاسس بالغربة ليش !!



***


بدأت المرافعة بمحكمة الاستئناف في حي المروة شارع حراء ، المرافعة التي جعلتها تعيشُ بخوفٍ و شعورٍ بالعار طيلة حياتها ، المرافعة
التي كانت كظلها ها هيَّ تقفُ بالمحكمة كشاهدة و هو هنالك مقيدٌ بالأغلال تغير كثيرًا عن السابق شعر رأسهُ الأشعث و ذقنه المبعثر ،
جسدهُ النحيل هذا الرجل الذي كذب على أمها و سرقها ثم قتلها ، ها هي حميدة إبنتك ستكونُ شاهدة على ذلك اليوم ، تحدث القاضي
و كان يُلقي الأمر على الموجودين بالتحدث حتى وصل الترتيبُ إليها ، فنطق القاضي : حميدة الراشدي .
أجابت بثبات فهذهِ السطور قد حفظتها و استعدت لها سنينًا طوال لكنها لم تمتلك القوة حينها : نعم ، بدأت أحداث القصة بأنه جابر
كان موظف ببنك استدرج أمي و اعطاها رقمه صارت بينهم علاقة و توجت بالزواج بعدها صار يسحب من أمي فلوس حتى بقينا على الحديدة
و صار يجبر امي تجيب له فلوس و لما ما جابت له ضربها براسها بإبريق شاي عدة ضربات و اتوفت بسببها .
و من ثم انتقل للشاهدين الآخرين أخاها و ابنة الجيران و كانت اجابتهم مطابقة لما قالتُهُ حميدة
للمتهم الجاني جابر الذي يبدو أنهُ استسلم فلا مفر للهرب : أعترف باللي قاتله حميدة بحق المجني عليها عاشة.
نظر بعدها إلى المحامي الذي قال بثبات و استقامة ظهر : موكلي جابر العاطي استخدم ابريق شاي ضربها براسها ما قصد موتها و لكن
قدر الله و انتقلت لرحمته ، فإذا كان غير قاصد و استخدم آلة ما تقتل زي الابريق فهذا يعني إن هذا قتل شبه عمد بحسب الحدود الشرعية و كفى ٍ.
فنظر ليَّ القاضي و بهدوء : حميدة الراشدي عندك إضافة ؟
نظرتُ لهُ فرأيتُ أمي المقتولة وحياتي التي أسودت طفولتي التي ماتت يتمي و ألمي و بكلِ حقد و قهر : لا .
فختم القاضي المرافعة : حكمت المحكمة الجزائية على الجاني جابر العاطي باقامة الحد الشرعي و هوَّ الدية المغلظة و سيتم
تسليمها كأقصى حد ممكن بيوم الاثنين المقبل ، رُفعت الجلسة .


*

نظرت له بحقد ، كل الانتظار و كل السنين راحت هباءً منثورًا فبعدما أعطوها الأمل بأن قتله عمدا فتخير ما بين قصاص و دية و عفو صار
قتل شبه عمد و تم الحكم عليه بالدية المغلظة ، و هيَّ انتظارها ؟! يُتمها ألمها !


*


من عدل الله سبحانه و تعالى دقة الحدود الشرعية ، كان خائفا أن يعتبروا ما فعل قتل عمد و هو يعلم بحقد حميدة التي ستطلب القصاص
و حينها سيقتص و هو لم يقصد قتلها ، فالله سبحانه و تعالى له حكمة بهذه الدقة في الحدود فبني البشر لا يرحموا بعضهم و لا يغفروا
الزلات الانسان يكبُر و يتغير يعقل و يتأدب و لكنهم لا يحفظوا إلا الصورة البشعة ، و من الغرابة أن الرحمن يفتح أبواب التوبة
لعباده و عباده لا يغفرون لبعضهم البعض !



***



أقفُ خارج الحجرة المغلقة أستمعُ لصرخاتها المدوية التي تدخلُ لأعماقِ قلبي فينتفضُ جسدي خوفًا عليها و ترتفعُ يدي داعيًا لها بالسلامة
و من ثم يهدأ صوتها فتشهق و تعودُ صرخاتها ، حتى ظهر ذلك الصوت الذي أسمعهُ لاول مرة توجني كأب صوتُ بكاء طفل و صوتُ الولادة
و هي تحمدُ الله و من ثم خروجها بخمارها : الحمدلله مرتك بخير و لدت بنية كما القمر ما شاء الله .
ابتسمتُ بسعادة و مددتُ يدي بالمال فأخذتُه ، دخلتُ الحجرة فوجدتها ممدة على الفراش بجانبها جسدٌ صغير جلستُ بالجانب الآخر
و مسحتُ على شعرها و وجهها المتعرق و بحنان : ليت هالوجع فيني يا زبيدة .
ابتسمت بتعب ، رفعتُ شعرها للأعلى و أنزعُ شماغي عن رأسي لأمسح العرق بوجهها و رقبتها
قبلتُ جبينها بعمق و أمسكتُ يدها قبلتُها في باطنها قُبلة طويلةً عميقة و بهمس : الحمدلله على سلامتك يالغالية .
لكنها لم تكن واعية تمامًا لترد فالتعبُ أنهك جسدها ، تحركتُ للجانب الآخر و أمسكتُ بالطفلة مؤذنًا لها بأذنها ، هامسًا لها : و بنسميك يالقمر عطرة اتفقنا أنا وميمتك على هالاسم ،
تدرين يالقمر سبحان من صورك نسخة من وميمتك ، وميمتك ما كانت تبيك شبيهتها تخاف توخذيني منها مادرت إني غارق إبها أبيك بارة
بوميمتك أبيك تسعديها ما تدري يا عطرة شكثر وميمتك تعبت حتى جابتك يالله على وجع الأم وجع عظيم ، بس هاه أبي وميمتك تغار علي
منك يازين غيرتها الغالية .


*


الساعة الرابعة و الربع عصرًا في مدينةِ أبها ، دخلتُ للحُجرة التي يجلسُ بها أبو أصلان و يُتابع الأخبار ألقيتُ السلام و ردهُ كاملاً ،
رميتُ ثقل جسدي على الكنبة التي يجلسُ عليها و بابتسامة واسعة : جاتك البشارة يا أصل .
نظر لي عاقدًا حاجبيهِ بغرابة : أي بشارة ؟
فتحتُ الكبك و وضعتُه فوق الطاولة و من ثم أرحتُ يدي على أعلى الكنبة و بذات الابتسامة : صاحب السوبر مو قُلنا له يتابع أخبار
بيت عبدالقوي ، و جاب لك أخبار هاذي البشارة لكن المشكلة إن الأخبار شينة .
باهتمام : وش عرف ؟
أجبت و أنا أحكُ ذقني : لك ثلاث بنات متزوجين من أولاد عبدالقوي وحدة منهم و هي الوسطانية مسجونة هي و زوجها و هذا زوجها ضابط
و فيه واحد من أولاد عبدالقوي أعزب و مسجون في مصر .
ابنتي الكُبرى عطرة و لكن من الصغرى و الوسطى ؟ و لما سُجنت صغيرتي ؟
اتخذتُ قراري و بهدوء : بنتي إذا كانت مظلومة بخرجها من السجن بعتبر نفسي ما فقدت الذاكرة و إني للحين من المباحث بنتي بتخرج
بتخرج إن كانت مظلومة ، لازم أوصل لزوجها و أسأله أو حتى شخص قريب من زوجها ، صعب أسأل بنتي أخاف تتمسك فيني و يشوفني عبدالقوي
و ينهيني قبل ما يتعاقب .
بتفكير : الأكيد الي من بين أولاد عبدالقوي دخل السلك العسكري هو الكاسر لأنه كان شغوف لهالمجال ، لكن كيف بنوصله و هو مسجون
تبي تزوه بالسجن ؟!
رفعتُ حاجبي : وفيه غير هالحل ؟ لازم أزوره و أسأله أو أوصل لأحد قريب منه أنا بحل كل مشاكل بناتي و بمسك بالتاجر الكندي بعدها
حساب عبدالقوي بيكون عسير .
باستنكار : الوضع يخوف يا أصل ، ممكن يكون فيه أحد يعرفك و يكشف هويتك المزورة و تروح في داهية و يوصل الخبر لعبدالقوي
و في الوقت الي تكون فيه مسجون هو يدبرلك مكيدة و يقتلك و إنت بالسجن لا تستبعد منه شي الحين هو تاجر كبير و الفضل لله ثم أملاكك
لو رجعت يعني كل الأملاك بتكون حلم لعبدالقوي فهو بيسعى لموتك وين ما تكون ويمكن مجرد ما نوصل لجدة ننمسك من رجال عبدالقوي .
مررتُ أصابعي بين خصلات شعري و بتنهيدة طويلة : ما في إلا حل واحد ، خلي صاحب السوبر الله يجزاه خير يكمل جميله بنعطيه صورة لي
و خاتمي و يروح للكاسر و يخليه يشوفها و يقوله إني حي ما مت و إني فاقد للذاكرة و توها بدت ترجع لي و إنه في ناس تحاول
تقتلني و أنا متخبي منهم فياخذ منه حقيقة سجن بنتي الوسطانية و يعطينا كم معلومة عن العصابة و بعدها أبدأ التنفيذ .
باعجاب : تم ، و إن شاء الله الأمور طيبة .


***

مي و اختفاءها ، منذُ أن كتبتُ لها رسالتي و ختمتها باسمي " ربيع " و تركتُ لها أوراقًا ثبوتية تدلُ على أنها ابنة ماهر اختفت عن مرأى المراكز العسكرية
المصرية التي تبحثُ عنها في كلِ بقعة و حتى نحن لم نسمع عنها شيء ، أجادت اخفاء ذاتها بمهارة ،
انتقلت إلينا رضيعة بهوية تحملُ اسم أنهار ماهر و ما هيَّ بأنهار ، بدأتُ أحداث القصة حينما أُصيبت شقيقة جميلة بسرطان الدم
و قد كانت جميلة حينذاك تعملُ خادمة في مدينةِ جدة وصلها خبر مرض أختها فأخذت معها الطفلة أنهار و سافرت بها إلى مصر للاطمئنان
على أختها و قد كانت أختها زوجة لضابطٍ مصري يكونُ شقيق الضابط المصري زوج جميلة ، كنا نريدُ قتل هذا الضابط فتعاملنا مع الخادمة
التي تعملُ بمنزله أخبرتنا الخادمة أن الأمور تغيرت فهنالك فردين اضافيين جميلة و طفلةٌ رضيعة فهل تحرقهم ؟ ، حينها استغربنا
من أين لها بالطفلة و هيَّ لم تتزوج بعد زوجها فأجابتنا الخادمة بأن هنالك اوراق ثبوتية تنسبُ الفتاة لماهر سعودي الجنسية ،
ماهر الذي أخفى هزاع و توفى ، ماهر الذي أحبط كثيرًا من أعمالنا مع أبو أصلان و لكن ليس هذا المهم ، ماهر حاول لسنين أن يكون
له طفل فما كان فكيف للطفلة أن تظهر فجأة ! ، على هذا السؤال أمسكنا بالذراع الأيمن لماهر و هو لؤي الذي كان بالأصل سارقًا يتلاعبُ
بالحسابات و يسرقُ ماهر ، فكان من السهل أن نرشيه فيرضخ لنا مؤكدًا أن الفتاة ليست بابنة ماهر و أن ماهر قد وكَلهُ باصدار هويةٍ
مزيفةٍ لها و نسبها باسمه قائلاً بأن الفتاة جاءت إليهم عن طريقِ صندوق من مصنع أبو أصلان لم يكن لدينا وقتٌ كافي للتفكير لذلك
قررنا أن نأخذ الفتاة و نحرق جميلة و الضابط زوج شقيقتها أما شقيقتها فهي بين الحياةِ و الموت بالمشفى و ستتوفى عما قريب
و هذا ما حدث أخذت الخادمة الطفلة لخارج المنزل مع أوراقها الثبوتية و قامت بحرقِ المنزل و هم نيامًا فماتوا اختناقًا و حرقًا
و أصدرنا هوية جديدة للطفلة تُنسب بها إلى زوج خادمتنا حتى تتمكن من السفر بها فقد يُمسك المطار بها بحكمُ أن الفتاة ليست لها
و أين أهلها عنها أما جميلة فقد سافرت بالطفلة عن طريقِ البر لذلك لم يكشف أمرها أيُ شخص ، سافرت الخادمة بالطفلة إلينا بكندا ،
أصدرنا هويةً أخرى أسميناها مي كما طلبت ديانا آنذاك فقد كانت تحبُ هذا الاسم كثيرًا و لم تُرزق بفتاة ، بحثنا عن الحقيقة
و علمنا ابنة من تكون ، جعلناها أدآةً لنا جاسوسةً لأعدائنا .



***





بحنان : يلا قمري افتحي فمك .
فتحتُ فمي و تناولتُ اللقمةَ من يده
فإذا بهِ يعبىء يده بلقمةٍ أخرى ، بهمس : خلاص الحمدلله شعبت .
ظهرت علاماتُ اللارضى على تفاصيلِ وجهه : ليش يالمارسة ؟ لازم تاكلي ما سمعتي الدكتورة وش قالت ؟! ، و بعدين بسألك يالغلا مين
مزعلك ؟ و الله الي يزعلك ويله مني إنتِ بس قولي مين و ابشري باللي يسرك .
بدلال و دلع اقتربتُ منهُ و قرصتُ أنفه : همم و إذا قلت إن عبوودي الي مزعلني كيف بتعاقبه ؟
ابتسم لي مميلاً رأسهُ للجانب و بتجاوب : أفاا ، أنا الي مزعل الغلا هي تحدد العقوبة و أنا أنفذها على نفسي .
و ضعتُ الصينية الموضوعة على قدمي بجانبي على السرير و تقدمتُ باتجاهه معانقة بيدي رقبته و بهمس : ما يهون على قلبي أعاقب
عبوودي ، بس أبيه يريح نفسه من الشغل يتفرغ لي أبي أحسه حولي أبي يوم أصحى الصبح أحصل راسي بصدره ما هو على المخدة
أنام ليلي على صدره و أصحى بنهاري على مخدة .
طبع قُبلاتُه على ذراعي الملتفة حول رقبته حتى وصل إلى كتفي و استقر رأسهُ بكتفي و بهمس : طلبك صعب يالغلا لكن وعد مني ليلك
و نهارك راسك متوسد صدري و يدي تمسح على شعرك، لكن لا تحرمينا من غانم أبي أم غانم تخرج سالمة هي و غانم .

*


أشعرُ بالضيق بالاختناق أمي صائمة مع أنها سامحتني لا أشعرُ أن معاملتها لي كالسابق حتى أنها حينما تراني أنا و ساجدة بذاتِ
المكان تنسحبُ سريعًا أشعرُ أن زواجي من عبدالقوي جعلها تشعرُ بالحرج من ساجدة رفيقتها و الأقربُ لها ، و أبي ظانع قد باعني
و لم يريد مني إلا المال و أنا أتبرأُ منهُ قبل أن يتبرأ مني ، التي قد تحنُ و تنسى و هيَّ هوازن حبيسةُ القضبان الحديدية ،
الأختان عطرة و عُزوف ، عطرة حقودةً لا تغفر و عُزوف قد بنيتُ بيننا موقف بعدما استنقصتها ناعتةً لها بالعقيم ، ما فعلتُه بها
و ما أفعله بذاتي من تبرجٍ بالحجاب و ادعاء حبِ المال و اللهو و اللعب كلها أمور اعتقدتُ أني لو أمتلكتها لغيرتُ مارسة
و جعلتها أقوى ففي الماضي ما كانت مارسة إلا حذاءً لركاض يطأُ بها الأرض و حينما امتلكت المال و امتلكت الحرية فلم تعد تحت
أوامر أمها و أبوها صارت نسخةً طبق الأصل من ركاض الذي تظنُ أنها عاقبتُه أشد عقاب
حينما تزوجت بأبيه ، كانت تخافُ الله و لا تكترثُ بالمال أما الآن فصارت تفعلُ ما تفعل من معاصي بجمودِ قلب و تهوى المال أو تدعي ذلك
و هو نقيضُ ذلك كانت هدايتُه على يديها خسرت كثيرًا و صارت تُمثل أمامهم أنها فائزة و هيَّ تعلمُ بقرارةِ نفسها أن لا خاسر سواها
لقد خسرتُ بالشطرنج يا ركاض أشد خسارة فهنيئًا لك .


***





الساعة الخامسة إلا ربع عصرًا , دخل السجان مناديًا : الكاسر عبدالقوي زيارة .
انتصبتُ واقفًا و مشيتُ وراء السجان عقدتُ حاجبي بغرابة و أنا أرى رجلاً لا أعرفهُ يقعدُ على الكرسي
ألقيتُ التحية و سحبت الكرسي و جلست
فبادر هوِّ بالحديث بلكنتهِ اليمنية : حيابك الكاسر , عشان أصل ماشي كماه ما أسخاش أغثه , أصل يشتي أقولك إنه حي .
توكأتُ بيدي على الطاولة و باستنكار : وش ؟؟
أخرج خاتمًا و صورتان صغيرتان من جيبه و أول ما وقعت عيني على الخاتم عرفتُ أنهُ ملكٌ لخالي أبو أصلان , و باهتمامٍ و ريب و تساؤل
في آنٍ واحد : من وين لك بالخاتم .
مد لي بالصورة قائلاً : بيقع الصور دليل لك .
أخذتُ الصورتين من يده و تحجرت عيناي بالصورة نعم هوَّ خالي بلحمهِ و دمه لم يتغير منهُ شيء
سوى التجاعيد و الشيب , ولكن قد يكون هذا جاسوسًا للعدو و خالي أبو أصلان مرهونٌ عندهم
بتساؤل : وليش ما جاه هو بدالك ؟
بثباتٍ و هدوء و الصدق يظهر من تصرفاتهِ و طريقة جلوسه و حركة عينيه بين الفنيةِ و الأخرى : جبت لي الغرام بالأسئلة , هويته مزورة
هوا فاقد الذاكرة , و ناس تخبخب وراه و ما حوله أحد و أنا قوزبت قدامك مرسول .
باستجواب : وين ساكن ؟
استراح بظهره على الكرسي : في أبها .
رفعتُ حاجبي : و المطلوب مني ؟
توكأ بمرفقيه على الطاولة مسندًا رأسه على ظهرِ كفيه : يشتي يخارج بنته من السجن , هي مظلومة و يقدر يخارجها و لا مذنبة ؟
بتجاوب و قد شدِّ اهتمامي بعدما كنتٌ على ريبٍ من أمره : مظلومة .
بابتسامة : بتقع سهالة إن شاء الله أشتي منك معلومات .
بقهر : ثلاث أسماء مي جهاد و ربيع ممكن يكونوا بمصر و ممكن خارجها إذا مسك فيهم أو بواحد منهم بيخرج بنته و يخرجني و يخرج أخوي .



*


هذا هو خالي أبو أصلان , إن كان الرجل الذي أمامي صادق
و خالي فاقدٌ لذاكرتهِ و حولهُ من يريدُ إلحاق الضرر بهِ
صغيرتي هوازن عاشت يتيمة منذُ أن كانت بالثانية عشر من عمرها
و والدها لازال بقيدِ الحياة و حينما ظهر الأمل بعد سنينٍ طوال
خالطهُ الهلع و الخوف قد يكيدُ بهِ من يلحقه و ينتهي مطافهُ بالحياة
قبل اجتماعهِ بصغيراته , أرجو الله أن يجتمعن بهِ و يجتمعُ بهن .


***

الساعة الخامسة عصرًا , دخلتُ للجناح فوجدتُها تجلسُ على الاريكة في الصالة بفستانٍ مشجر بألوانٍ زاهية يصل إلى تحت ركبتها ،
تشربُ عصير برتقال و تكتبُ شيئًا ما بالهاتف ، ألقيتُ السلام كاملاً فردتُه بمثلهِ و عيناها لازالت على شاشةِ الهاتف قعدتُ بجوارها
و بتساؤل : الحلو وش يكتب ؟
نظرت لي و أمالت فمها للجانب : أعتقد سمحت لك تدواي جروحي الي إنت مسببها لكني ما سمحت لك تدخل لجناحي بكل وقت و لا سمحت لك
تتدخل فيني خليك في حالك يا ناجي و خليني في حالي .
بتجاهلٍ لما قالت قرأتُ سطور الورقة التي بيدي بصوتٍ جهوريٍ ثابت : تم قبول الطالبة عُزوف أصل الحكمي بقسمِ الطب البشري في كلية
و قبل أن أكمل قاطعتني ساحبة الورقة من يدي : وش ؟
مرت بعينيها على سطور الورقة ترقرقت عيناها بالدمع و ابتسمت برقة بين دموعِ الفرح متمتمة : الحمدلله حتى ترضى ، الحمدلله حتى يبلغ الحمدُ منتهاه يالله ،
مو مصدقة انقبلت انقبلت الحمدلله ياربي حلمي بيتحقق بعد كل هالسنين الحمدلله يالله .
ابتسمتُ لسعادتها و أنا أراها تحتضنُ الورقة لصدرها في حقيقةِ الأمر كان من الصعب جدًا قبولها فالطالب يُقبل شرط أنه تخرج من
الثانوية كحدٍ أقصى منذُ ثلاثِ سنوات أما هيَّ فقد تخرجت منذُ ثلاثة عشر سنة ، دفعتُ الكثير من المال و بحكم أني طبيب و أملكُ واسطة
من جهاتٍ عليا وافقوا على قبولها و هذا شيءٌ لا يحدث فهيَّ في سنٍ كبير ستتخرج بعمر الثامنة و الثلاثين و الطالب يتخرج بعمر الخامسة و العشرين ،
سأحققُ جميعَ أحلامكِ سأسعى لسعادتكِ يا معزوفتي حتى تنتهي بيَّ الحياةُ قبرًا سأحاولُ بما استطعت أن أُعطيك القليل مما أعطيتيني من
الصبر و الانتظار , رغمَّ أني حتى القليل قد لا أستطيعُ اعطائك إياه فقد صبرتي صبرًا يعجزُ العقل عن استيعابه .





***



في المركز العسكري قسم مكافحةِ المخدرات بمدينةِ جدة ، بعد أدائي لصلاةِ المغرب جاء السجان مناديًا : حمداان ، تحقيق .
مشيتُ بجانبهِ يُمسك بيدي اللامبتورة ، دخلتُ إلى حجرةِ التحقيق جلستُ على الكرسي ، تحدث الملازم أحمد : كيف حالك حمدان .
أومأتُ برأسي : الحمدلله على كل حال .
بتساؤل و هو يستريحُ بظهرهِ على الكرسي : طبعًا إنت عارف إني بسألك بخصوص المبتورين مثل العادة ، المبتورين الي كانوا تحت رقابة
سمحي حصلوا أهاليهم الحمدلله ما بقي إلا أكبرهم عمر هزيم ، أما المبتورين الي عند راجي بقي منهم أربعة واحد أكبر من هزيم و طلع تحليله غير
متطابق لكن فيه ناس اليوم قالوا يبغون يسوون التحليل و ممكن يكونوا أهله و واحد منهم اليوم سوا التحليل و ينتظر النتيجة
و اثنين توهم رايحين للمركز يستلموا النتيجة ، هزيم هو الوحيد الي ما له أحد سأل أو استفسر عنه الولد يكابر كثير لكن بديت
أحس بضعفه دايمًا دمعته بطرف رمشه يمحيها على طول لازم تتذكر عنه أي شي نبي نعرف أهله على قيد الحياة و لا ميتين و لا خارج البلاد ،
ما نبي عمره يضيع كثر ما ضاع .
ابتسمتُ بحزن و أنا أتذكر هزيم الذي ترعرع بمنزلي حتى الخامسة من عمره




***





إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
الجحيم يوم الأحد القادم .
و كل عام و إنتم بألف ألف خير .




الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 12-07-16, 04:45 AM   #277

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي









الجحيـــم


(66)


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **











في المركز العسكري قسم مكافحةِ المخدرات بمدينةِ جدة ، بعد أدائي لصلاةِ المغرب جاء السجان مناديًا : حمداان ، تحقيق .
مشيتُ بجانبهِ يُمسك بيدي اللامبتورة ، دخلتُ إلى حجرةِ التحقيق جلستُ على الكرسي ، تحدث الملازم أحمد : كيف حالك حمدان .
أومأتُ برأسي : الحمدلله على كل حال .
بتساؤل و هو يستريحُ بظهرهِ على الكرسي : طبعًا إنت عارف إني بسألك بخصوص المبتورين مثل العادة ، المبتورين الي كانوا تحت رقابة
سمحي حصلوا أهاليهم الحمدلله ما بقي إلا أكبرهم عمر هزيم ، أما المبتورين الي عند راجي بقي منهم أربعة واحد أكبر من هزيم و طلع تحليله غير
متطابق لكن فيه ناس اليوم قالوا يبغون يسوون التحليل و ممكن يكونوا أهله و واحد منهم اليوم سوا التحليل و ينتظر النتيجة
و اثنين توهم رايحين للمركز يستلموا النتيجة ، هزيم هو الوحيد الي ما له أحد سأل أو استفسر عنه الولد يكابر كثير لكن بديت
أحس بضعفه دايمًا دمعته بطرف رمشه يمحيها على طول لازم تتذكر عنه أي شي نبي نعرف أهله على قيد الحياة و لا ميتين و لا خارج البلاد ،
ما نبي عمره يضيع كثر ما ضاع .
ابتسمتُ بحزن و أنا أتذكر هزيم الذي ترعرع بمنزلي حتى الخامسة من عمره ، لو أنه رآني حتمًا سيعرفني هو فقط يسمع حمدان و لا يدري أنه
بيومٍ ما كان يُناديني بـ " يبه " و ينادي عُشبة بـ " يمه " ، بندمٍ و حيرة على ما فعلتهُ بهِ : مرتي عُشبة كانت ولادتن بالقبيلة ،
واحدتن من الولادت ولَدَت مره و هالمره هربت و تركت من وراها وليد و بنية توم الوليد خذيناه ربيناه لمن وصل
للخمس سنين بترناه و تركناه مع بقية المبتورين ، " التقطتُ أنفاسي و أنا أتذكرُ تلك الرضيعة التي تعلق قلبي بها و لكني كابرتُ
و رميتُها للمجهول " البنية خذيتها بصندوق من شركة بو أصلان والي تسمت ذلحين شركة و مؤسسة عبدالقوي و ابناؤه و وصلتها لشركة
ماهر الي ذلحين مالها وجود ، ذا كل الي أعرفه أما إني أعرف لأي عيلة هو يكون فوالله ما دريت .

*

بعد انتهاء الملازم أحمد من استجواب حمدان شكر الضابط الذي كان من المفترض أن يحقق مع حمدان
لأن الملازم أحمد لا دخل له بمبتوري اليد فهو من قسم مكافحة المخدرات
و لكن الكاسر استأذن أحمد بالقيام بهذا الاستجواب
و قد وافق أحمد على ذلك و هذا مخالف للقانون
لأن القرار لم يصدر من المدعي العام .



***




ظهيرةَ يومٍ جديد , بندمٍ و حسرة : لما جاني هالكابوس صار يراودني هالشعور بقوة ، شعور تسليم نفسي تكفير لذنبي .
اتسعت عيناه و هو يهزُ رأسهُ أفقيًا رافضًا لما أقول : لا لا من قال كدا يا معن ، دا الكلام ما هو منطقي أبدًا أبدًا إزا كان تكفير
الزنب بدي الطريقة فليش ربي فتح أبواب التوبة لعبادو ؟ ليش ربي يغفر لعبادو ؟
بأسى و صوتٍ مبحوح : ذنب عن ذنب تفرق أنا ذنبي كبير من الموبقات السبع .
رصَّ على أسنانهُ بغضبٍ مني و يأسٍ من حالي فكم حاول اقناعي عن التزحزح عن هذه الفكرة ، التي يرآها غاية في الجنون : لا يا معن إنتا
مجنون رسمي ، الله سبحانه و تعالى فاتح باب التوبة لكل الزنوب شرط إنو يتوب العبد قبل موتو و مو هوا يحتضر يتوب زيما عمل فرعون
و شرط إنو يتوب قبل ما تشرق الشمس من مغربها لكن ماهية الزنب الي عملتو مو مهمة الأهم إنك ما ترجع لها تاني ، شوف يا معن كتير
بنسمع عن قصة الغامدية الي راحت للرسول تطلبو يطهرها ايش قالها الرسول ويحك ارجعي استغفري الله وتوبي إليه فكان كول مرة الرسول صلى الله عليها و سلم يرجعها و يرجعها
لما وضعت حملها و كمان رجعها لما تفطمو للرسول حكمة في اللي عملو لانو هيا كان ممكن تتوب لربنا توبة نصوحة ، لو كان ما قدامك
إلا أقامة الحد على نفسك كان من باب أولى الرسول صلى الله عليه وسلم خاف إنو الغامدية تخاف و تشرد و ما عاد تسلم نفسها للحد ،
الحد هادا يا معن علشان الناس تخاف و تعرف إنو دا الشي كبير و ربنا لما حط دي العقوبة حطاها لأنو دا الشي فعلا كبير ، و الحد
كمان كبير و في نفس الوقت شروطو صعبة يستلزم أربعة شهود و كمان رجاال أحرار و عدول و مسلمين ، فتجي إنتا بدل ما تستر نفسك
تروح تكشف نفسك و تقدم نفسك لا يا معن غلطان عمرو ديننا ما كان بهادا التشدد ديننا دين يُسر و رحمة و مادامها أول مرة لك
و ما قد سويتها مع بنت تانية هادا الشي بشارة خير في إنك بإزن الله ما حترجع لدا الشي تاني .
أغمضتُ عيني و سحبتُ نفسًا طويلاً عميقًا أحاول بهِ إخراج القدر الهائل من الشحنات السلبية التي تتشعبُ في قلبي و تمزقني : و البنت
الي ماتت و مالها ذنب بشي زوجتي الي يا ما قذفتها و شككت بنسب عيالي كل ذنوبي تبقى بلا عقاب !
ابتسم و بهدوء : البنت يا معن هيا الي رضيت على نفسها إنتا حتقول هيا ما كانت كدا و أنا لما قربت منها كانت بكر و أنا الي
جريت وراها لما أقنعتها بالحرام صح ؟ طيب أنا حجاوبك البنت ميتة و ما يصير نتكلم عليها بسوء لكن مضطر أحطلك النقاط على الحروف
علشان مخك الخرابة يتصلح ، البنت دي صدقني يا معن لو كانت بتخاف ربها ما عملت إلي عملتو لأنو الزنا حاجة كبيرة مرا و خصوصا على
البنت هيا ما فكرت بربها بهداك الوقت يمكن أكتر حاجة فكرت فيها أبوهاأو أمها و كيف راح تقابلهم إزا استمرت علاقتكم و مع هادا
طنشت تأنيب الضمير الي كان يجيها و طلعت معاك متصاحبة مع نفسها الأمارة بالسوء و لما اختليتوا في مكان واحد بدأ شغل الشيطان
ثالثكم و صار ما لا يحمد عقباه ساعتها أكيد البنت عرفت إنو كل الي صار بسبب خوفها من البشر لو كانت خافت من الي خلقها ما كانت
دخلت في دا الطريق أبدًا ، إنتا غلطان أكتر منها خصوصًا إنك الكبير لكن ما نقدر نقول إنها هيا الصح لا هيا كمان غلطانة و الي
يسبت كلامي إنو لما هيا ما رضيت تجيك في المرة الي بعدها إنتا أجبرتها بالصور الفاضحة إلي معاك وهيا للمرة التانية خافت من
البشر ، أقدر أقولك موقفها من الصور فعلاً كان صعب ممكن حتى الي إيمانها أقوى من دي البنت تعمل نفس عملتها لكن في المرة الأولى
كان بيدها تخبر أهلها عنك لكنها فضلت الاستمرار في العلاقة ، و مادامك شوفت الندم في عيونها فبإزن الله ربي حيغفر لها زنبها هيا
ندمت قبل ما تعرف إنها حتموت قبل ما يصير الاجهاض و يمكن قبل دي المدة بكتير ، و الحين دورك إنتا تندم و تتوب و تشيل فكرة
الحد من دماغك الخربان دا ، إنتا يا معن عندك زوجة لازم ترضيها و عندك عيال لازم تهتم لهم في ناس بحاجتك حتتركهم و تموت و طيب
زوجتك تصير أرملة و عيالك بتامى ليش ؟! ، إيش زنبهم ؟
ابتسمتُ ببهوت : زوجتي يوم الهنا عندها اليوم الي أطلقها فيه ، عيالي الأيام الي كنت فيها قريب منهم تنعد على أصابع اليد
ما بتفرق معاهم إذا غبت عن حياتهم أو انوجدت .
برفضٍ تام : غلطان يمكن إنتا صح مقصر في حق بزورتك بس هادا مو يعني إنو غيابك ما حيفرق عندهم بالعكس لما تغيب حيصير مكانك فاضي
حتى لو إنك كنت تجلس في المكان بدون ما تعمل شي يكفي إنو دا المكان فيه روح حية ، بنتك لما تنطق اسمها الثنائي ما بتنطقوا
زي كول مررة حيكون صعب عليها حتقول وينو بابا معن و ينو ليش أنا مو زي باقي البنات عندي بابا ، و ولدك لما يكبر ما حتكون
حولو إلا أمو , مامتو حتديه كول الي حتقدر عليه مع كدا حيكون محتاج لرجال قدوة و دا الرجال هوا إنتا ، جوزتك إزا إنتا ما كنت
لها بقية الأيام الجاية حتكون هيا لغيرك تعتقد إنها حتهتم للبزورة و لجوزها الجديد و بزورتها الجدد خصوصًا البنت تربيتها مش كويسة
تحت يد زوج الأم الأب غير يا معن لا تحرمهم منك توب لربي ، احتوي عيالك ، راضي جوزتك يوم يومين شهر شهرين سنة سنتين لما ترضى
زكرها إنو أبغض الحلال عند ربي الطلاق و إنك اتغيرت عن زمان و إنك ندمان لا تخلي الكبرياء حاجز بينكم دا الكبرياء يا ما و يا ما
هدم بيوت ، كون لها الزوج و الأب و الأم و الأخت زكرها بالبزورة و قولها حيتعبوا و يتشتتوا واحنا بعيدين عن بعض اصبر عليها
كتير لانها مجروحة منك كتير ، و إزا ما رضيت لا تعاند يمكن الفراق خير لكم طلقها طلقة أولى و لا تحرمها من بزورتها البزورة
حيكونوا وسط بينكم يمكن هما يرجعوا يلموا شملكم لما يشوفوا بينكم مسافة ، إزا رضيت رجعها في أيام عدتها ما رضيت طلقها
الطلقة التانية و كل واحد يشوف حياتو لكن لا تظلموا البزورة في دي الحياة .



***


حينما أخذتُ الهاتف منها لم أكن أعرفَ كيفيةَ الإرسال و بينما أنا أحاول دخلتُ لصندوق الوارد وجدتُ اسمًا تحجرت عيناي عليه اسمًا
حفظتُه جيدًا رغمَّ أني لا أجيدُ القراءة بشكلٍ جيد إلا أني أعرفُ هجاء هذا الاسم و كتابتهِ بخطٍ حسن " حمدان " هذا اسمُ والدي نعم اسمهُ
حمدان كنتُ طفلاً بالخامسة من عمري حينما وجدتُ ذاتي مبتور اليد و بمنزل سمحي غاب عطفُ أبي حمدان و حنانُ الاسم الذي يرافقه حنانُ
أمي عُشبة ، فتحتُ تلك الرسالة بأصابع مرتجفة و حاولتُ قراءة سطورها حتى نجحتُ بتهجي كل الأحرف علمتُ من هذه السطور أن الرسالة
جاءت إلى الشقراء من أحدِ مروجي المخدرات يخبرها بعنوانِ حمدان باتر أيدينا ، نسختُ الرسالة كما هيَّ و أضفت أن حمدان يعرف مكان
تجارِ المخدرات و ختمتُها بكلمةِ فاعلِ خير ، أخذتُ الهاتف لكي أكتب عنوان المنزل الذي نُحبسُ و نسجنُ فيه لأجدني أكتبُ مكان باترِ
أيدينا ، و من سطور الرسالة علم السلك العسكري أنهم لو أمسكوا بحمدان حتمًا سيمسكون بمروجي المخدرات ، أكثر ما أحزنني أن
حمدان باتر يدي قاتلُ أحلامي يحملُ ذات اسم والدي حمدان ، أين أنتَ يا والدي حمدان ، أين أنتِ يا والدتي عُشبة ، لم يتبقى منا إلا
القليل الجميعُ سعداء بأهاليهم إلا أنا وحيدٌ حتى الآن .


***


الساعة الرابعة و الثلث عصرًا , نادتني للجلوسِ بجوارها بابتسامةٍ واسعة و روحٍ مرحبة : تعال يزوني .
في بادىء الأمر ابتسمتُ لابتسامتها و لكن حينما نادتني بـ " يزن " اكفهرت أساريري رغمًا عني ، جلستُ بجوارها و بهدوء : اسمي أغيد .
ضحكت و بود : اتشرفنا و أنا ميساء أختك الي أكبر منك بثلاثة سنوات إنت عمرك خمسطعش و أنا عمري ثمنطعش .
فتحت الألبوم الذي بيدها و أشارت لطفلٍ و طفلة تقرصُ خده و هو منزعجٌ منها : ذي أنا من يومي أحب أسحب خدودك و أزعجك بكل شي كنت
أغار منك لأني كنت أهم شي عند بابا و ماما لما إنت جيت اتقسم الحنان بيننا و الحين أعوذ بالله بيننا الخمسة كلنا يعني انزبلت على
الآخر خصوصًا إني الكبيرة يا ميساء لا تحطي عقلك في عقلهم ، ميساء تكبر و عقلها يصغر شوف الحين أوريك .
نادت الفتاة الصغرى التي تلعبُ بسلسالٍ بيدها : ديما ليش تاخذي سلسالي بضربك ، قامت تجري وراء ديما دون أن تضربها فصاحت ديما كذبًا : يا ماما ميساء الكلبة تضربني .
ليجيء صوت أمي من المطبخ : يا ميساء اكبري و لا تحطي عقلك بعقلهم .
نظرت ميساء إليَّ و جلست بجوراي مبتسمة : شفت دايمًا كذا .
ضحكتُ بصخب عل تعابير وجهها فكانت تنظرُ لي بغرابة من ضحكي المجنون ولكن سرعان ما ضحكت معي .
جاءت أمي من المطبخ مسرعة متلهفة مبتسمة : أغيد حبيبي يضحك جعل سعادتك دوم يا ولدي الله يخليك لنا و لا يحرمنا منك يالغالي .
حركت ميساء سبابتها بالرفض : ما نبغى دموع يا ماما .
فتحت على صورةٍ ما ، كانت بالصورة امرأة بجانبها رجل و أنا أجلسُ بقدم المرأة و التي يبدو أنها أمي و الفتاة التي هيَّ ميساء تجلسُ على قدم الرجل و الذي يبدو أبي ،
جلست أمي بجورانا و أخذت تتحدث عن تلك الأيام بشوقٍ و حب و تشاركها ميساء بما تتذكره أما أنا كنتُ بعمر السنتين و بعض الصور بالثلاث لذلك
لا أتذكرُ شيئًا مما يقولون لكني كنتُ أبتسم حينما أرى اللمعة بأعينهم ، و نطقتُ بعدَ صمتٍ طويل : أمي ما شاء الله ما تغيرتِ كثير عن زمان .
اختفت الابتسامة عن وجهها حتى ظننتُ أني نطقتُ بمحظورٍ ما و لكن سرعان ما رسمت الابتسامة نفسها و بشكلٍ أجمل من ذي قبل ، جلست مقابلي
بعدما كانت تجلسُ بجواري و على الجانبِ الآخر ميساء ، وضعت يدها وراء رأسي و بحب : قلت لي أمي ؟
هل بالفعل أنا قلتُ أمي ؟ ، نعم لقد قلتُها و قلتُها بين ذاتي أيضًا ، ابتسمت بود : ايه يا أمي .
سحبت رأسي برفق و وضعتُه بصدرها و هذهِ المرة غمرتُ رأسي بصدرها أنتحبُ و أبكي باشتياقٍ لها ، هذا ما كنتُ أبحثُ عنه هذا الحنان
هذا الصدر هذا الحضن ، حضن أمي و حنانها الغزير .



***

الساعة السادسة و النصف مساءً , نادتني السجانة : هوازن أصل .
مشيتُ وراءها حتى وقفنا خلف الباب مدت إليَّ بالهاتف فعرفتُ أنه الكاسر ، جاءني صوتُه : السلام عليكم و الرحمة .
رددتُ السلام كاملاً و أردفتُ سريعًا : كيف حالك ؟
رد بهمس : إذا إنتِ بخير أنا بكون بخير ، و أردف بهمسٍ أرق : وحشتيني يا خافقي .
تعالت ضرباتُ قلبي بعد سماعي لصوتهِ الهامس و بخجل : و إنت أكثر والله .
جاءني صوتُه مبتسمًا : فديت الي يستحون و يصرفونها بإنت بس مقبولة منك يا قمرهم كلهم ، همم عندي لك بشارة .
قبضتُ على الهاتف بشدة و بشوق : قول والله من زمان عن الأخبار الحلوة .
بصوتٍ ناعم : شايفة السجانة افتحي يدك و قوليلها عطيني و بتعطيك البشارة.
رفعتُ رأسي إلى السجانة و من ثم أخفضتُ عيني للأرض و بتساؤل : بشارة ملموسة !
أجاب باختصار : ايه .
عقدتُ حاجبي بغرابة و اقتربتُ منها بيد أمسكُ الهاتف و يدي الأخرى مددتُها و أنا أرددُ ما لقنني إياه : عطيني البشارة .
لتضع هيَّ يدها فوق يدي و لكنها كانت تحجبُ البشارة بيدها و قد أحسستُ أنهُ شيءٌ حلقي يبدو أنه خاتم ! سحبت يدها فنظرتُ لما بيدي
اتسعت عيناي و انتفضت يدي سقط الخاتمُ أرضًا فنزلتُ للأرض بسرعة ألتقطهُ و أقلَّبهُ بين يدي و بتأتأة : هذا... خاتم... خاتم أبـ...وي .


*

ابتسمتُ بسعادة : ايه خاتم أبوكِ ، أردفتُ بهمس : أبوكِ حي ، بو أصلان حي .
عادت تُتأتىء : والله خـ...اتـ...مه و الله .
فعدتُ أردد مؤكدًا لها : أبوكِ حي .
يبدو أنها استوعبت فبكت بكاء الملتاعِ من الشوق بكت بكاءً مريرًا و هي ترددُ " أبـ...وي أبـ...وي والله هـ...و هو خاتـ...مه "
بهمس : اششششششش اهدي يا قلبي أبوكِ عايش ليه البكا ؟
قالت بصوتٍ باكِ خالطه الضحك : والله من الفرحة .
ابتسمتُ بحب : يلا عشاني امسحي دموعك و خذي نفس طويل .


*

طبقتُ ما قاله بالحرفِ الواحد و بعدما أخذتُ نفسًا عميقًا همستُ بعشقٍ له : شكرًا الكاسر شكرًا على كل كل شي و الله أحبك حب حروفي تعجز عن وصفه ...



***



الساعة الخامسة و النصف عصرًا , قبل نزولي إلى مدينةِ السادس من أكتوبر أرشدَ الكاسر صاحب " السوبر ماركت " إلى ملازمٍ اسمه أحمد أخذ من الملازم صورةً لمي و جهاد و أخبرنا
أن الأخ الآخر للكاسر اسمه ركاض و أن هنالك رجلاً أجنبي كانت تعرفه مي ، أخذتُ أُمعن النظر بالصورتين الفتاة لا تشبه أخاها إطلاقًا
هيَّ تبدو بدوية حادة الملامح بينما هوَ عكسها تمامًا ، كانت مي تقفُ أمام لوحة كُتب بأعلاها جامعة ستة أكتوبر ، و من هنا عرفتُ الطريق
الذي سأخطيه ذهبتُ إلى الجامعة و أول ما مددتُ الصورة لأولِ شابٍ قابلني عرفَ مي قائلاً بسخرية : هوا حتى الكبار عاوزين ليلة معاها
دي ما سابتش حد خالص .
مال فمي بإشمئزازٍ منها و من حالها لذلك منذُ سؤالي لأولِ طالب عرف من تكون مي ، سألتُه عن عنوان مسكنها و مسكن ركاض و عن رجل
أجنبي يُصادقُ مي فوجدتُ كل الاجابات ، ذهبتُ إلى منزلِ ركاض و الذي كان شقةً في عمارةٍ فاخرة ، لم أترك عذرًا إلا و اختلقتُه حتى أدخل
لكن هيهات رفضوا كل الأعذار و ذهبتُ لمنزلِ " مي " وقد كان فلة متوسطة الحجم المعضلة أن رجال الأمن المصري ينتشرون حول المنزل
تراجعتُ بخطواتي للوراء ، كل الأبواب مغلقة فما فكرتُ بهِ في بادىء الأمر أني سأنزلُ إلى مصر و أتجهُ إلى سجنِ الجيزة العسكري لمقابلةِ
ركاض و وضع النقاطِ على الحروف و لكني تفآجأتُ حينما قالوا أن أحد أشقاءِ ركاض قام بزيارتهِ قبل أسبوع و ثلاثةِ أيام و أن موعد
الزيارة القادم لن يكون إلا بعد ثلاثة أسابيع و أربعةُ أيام فالزيارة تكون كل خمسةِ أسابيع ، حاولتُ معهم و ذكرتُ لهم أن الزيارة
في غايةِ الأهمية فقالوا لن يسمحوا بالزيارة إلا بحضورِ المدعي العام و أحد الضباط القائمين بالتحقيق في هذهِ القضية ، اتصلتُ على
هزاع الذي لا يزالُ في مدينةِ أبها و أخبرتُه فقال لي : لا يا بو أصلان لا تقبل بالزيارة إنت في الماضي كنت تتعامل مع السلك العسكري
المصري فيمكن أحد يعرفك و يحتجزوك عشان هويتك المزورة و بياخذوا وقت عشان يصدروا هويتك الحقيقة هذا الوقت بيكون ورقة ربح
عبدالقوي ، استنى عليِّ لمن المغرب و بحاول أوصل لأي معلومة عن طريق السوشال ميديا .
حينها ضحكتُ بسخرية : تستهبل بتحصل معلومات عن عصابة بمواقع التواصل الاجتماعي !
قال مؤكدًا بثقة : بتشوف .
وفعلاً كان صادقًا بثقتهِ فهاهي صورة لأشقر الشعر تصلني في الواتس عن طريقِ هزاع الذي كتب أسفل الصورة : لا تستخف بقدراتي مرة ثانية
تراني داهية ، الناس صايرة مجنونة على هالمواقع و تستخدمها بشكل مفرط حتى إنه الغريب يعرفهم أكثر من القريب ، هذا الأشقر مسمي
نفسه اسم ماله دخل بأوين ناتان و هاذي نقطة ذكاء منه لكن الغباء إنه كاتب بصفحته في التويتر كلمات غزل عن مي ، و مادامه يحبها
لدرجة صارت نقطة ضعفه و ورقة ربح لنا أجل هي الحين بحمايته هو ، يعني بالعربي هو ضد أبوه و معاها ، فاللي عليك تسويه تدور على
هالأشقر و على المكان الي مخبي فيه مي .
عقدتُ حاجبي و كتبتُ متسائلاً : طيب و إنت كيف من بين كل الناس الي بتويتر طلعت ذا الأشقر و يمكن يتكلم عن مي غير عن مي الي نبيها .
وضع وجهًا غاضبًا و أردف : يا كثر أسئلتك مي لها حساب باسمها و اسم عيلتها و ذا الاجنبي من متابعينها ، مي ما اهتمت لأنه هويتها
مزورة و هي تدرس بذي الهوية و عندها اصدقاء و نزلت الحساب باسمها لكن ولد أوين مسجل اسمه غير لأنه الظاهر إنه ينزل لمصر باسم
غير اسمه و أصحاب مي الي بيشوفوه يتابعها بيستغربوا إنه محطي اسم ماكس شارل مع إنه اسمه غير عشان كذا حط ذا الاسم وممكن تدور
عليه بذا الاسم " ماكس شارل " .
و غير كذا استخدامه لاسم ماكس شارل يغطي عليه في كونه يحب مي و مي إنت قلت لي إنه الطالب المصري الي سألته وضحلك إنها ما تركت
أحد ما جامعته فلما أبوه يشوف ماكس يتابع مي بيحسبه أي شخص و ما بيظن إنه ولده مادام مي مضيعة نفسها ، فهمت الحين ؟
و يلا قدامي سوي شغلك و لا تنسى تبلغني بالمستجدات أول بأول .

***



الساعة السابعة و الثلث في المغرب , طلبتُ من والدتي هاتفها المحمول فهنالك أمانة عليَّ تسلميها اتصلتُ على الرقم الذي أحفظهُ جيدًا ، وصلني صوتُ أنفاسها بعد مدة
ابتسمتُ بمودة : السلام عليكم ، كيف حالك يا خالة مزنة أنا أغيد .
جاءني صوتها مرحبًا بي : و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ، والله إني بخير يا وليدي ، إنت شخبارك عساك طيب ؟
أجبتُ بذات الابتسامة و كأنها تراني : الحمدلله بأحسن حال حصلت عيلتي و قلت لازم أعطيك الأمانة و إنتِ تكمليها أنا محتاج أرتاح بين
أهلي وناسي .
قالت بسعادة : الحمدلله ياوليدي إلي فرحك بشوفتهم إيه يا وليدي لا تضيع دقيقتن واحدة بعيدٍ عنهم خلك معهم و انسى ذي السالفة .
قمتُ من على السرير و جلستُ على الأريكة : لا يا خالتي أنا أتممت نص الأمانة و إنتِ يا خالة عليك الباقي ، دقيت الباب يا خالة
وطلعت لي مره بكما و معها خدامة و هالبيت محد يدق بابه و كأنه ظانع مخبيهم عن العالم .
صمتت لمدةٍ طويلة حتى أني أبعدتُ الهاتف عن أذني و عدتُ لأضعهُ مناديًا : خالتي مزنة .
أما هيَّ فقالت بصدمة : معقولة معقولة !! الله ينتقم منك يا عبدالقوي كانك تسوي هالسوات ، وليدي أنا أحس بتعب أستأذنك بحفظ الرحمن .
أغلقت الهاتف ، بينما أنا بقيتُ أضعهَ على أذني ناطقًا بغرابة : معقولة تعرفها !


***


بمنتصفِ الليل , طرقتُ الباب فوصلني صوتها : اتفضل .
فتحتُه و ألقيتُ السلام و أنا أنظرُ لأناقتها التي تأسرني ردت السلام و تجاهلتني و هي تعودُ بعينيها للكاتبِ القابع بين يديها ،
اقتربتُ منها على مضض و جلستُ على مسافةٍ منها في السرير و بجدية : عُزوف اتركي الكتاب شوي أبيك بموضوع .
رفعت عيناها عن الكتاب و بتوجس : أخواتي فيهم شي ؟
حركتُ راسي نافيًا ، فزفرت براحة و عادت بعينيها للكتاب ، زفرتُ مثلها أحاول بزفيري طرد غضبي ، وضعتُ يدي على كتابها
و سحبتُه من بين يديها برفق
و بهدوء : عُزوف ما بآخذ وقت .
أخذت تنظرُ إلى أظافيرها المقلمة و الملونة باللون البنفسجي الفاتح : قدامك خمس دقايق لا أكثر .
توكأتُ بيدي على السرير و تقدم جسدي إليها قليلا و نطقتُ مبتسمًا : يعني لأننا صرنا طلاب طب نتكبر !
قالت ببرود : لا ، أنا لسى ماوصلت للتكبر و إن شاء ما أوصل له لكن في ناس واجب عليها ترد حقوقي المسلوبة و ردت لي حق الدراسة
و كل ما ردت لي حق أنا بعاملها بشكل أسوأ من قبل لما قلبي يتبرى منهم و أرجع عُزوف القديمة الي كانت عايشة براحة بعيد عن ضيم
و عذاب الحُب .
مسحتُ بيدي على مفرش السرير و بوهنٍ و ضعف : حقك يا معزوفة أي ردة فعل منك معك فيها كل الحق .
رفعت حاجبها و أعادت غرتها للوراء : أكيد معاي الحق ، المهم وش جايبك ؟
بهدوء : الي جايبني أمي لاحظت إن كل واحد فينا بغرفة و قالت ليش يا ولدي و صالحها و من هالكلام أنا أقول لو نرجع بنفس الجناح
على الأقل و إنتِ نامي بغرفة النوم و أنا بالصالة أو أي غرفة .
تنهدت بضيق : ايه حتى أنا كلمتني ، بتدخل جناحي و تنام بواحد من الغرف و مالك دخل فيني .
أومأتُ برأسي وقمتُ من على السرير ، وصلني صوتها بعد أن أعطيتُها ظهري متوجهًا للخارج : صرت تعرف أدآب الاستئذان أخيرًا .
عرفتُ أنها تتحدث عن طرقي للباب هذا الأدب الذي لطالما حاولت تعليمي إياه وكنتُ أعاندها لكني الآن سأفعلُ كل ما تريد تكفيرًا لخطايا
اقترفتُها بحقها تجاهلتُ ما قالت و أنا أخرج من الحجرة أشعرُ بضيقٍ لا يمكنني وصفه لم أعتقد أنها ستقابلني بهذا الشكل ، فبعدما
كنتُ أنا أستنقصُ أنوثتها هاهيَّ اليوم تستنقصني .



***



صباحِ يومٍ جديد ، توجهتُ إلى المنزل الذي يوجدُ بهِ البكماء للتأكد من هويتها هيَّ أم لا ، و كم أتمنى أن تكون امرأةً غيرها فقيرةً
يهتمون بها ، طرقتُ الباب عدة طرقات حتى فتحتُه خادمة فرفعتُ لساني لأنطق لكن عيناي سقطت عليها و هي تحركُ رأسها بالرفض و تبكي بوهن اكفهرت
ملامحُ الخادمة و غشا عينيها الخوف على البكماء فأوصدت الباب عدتُ لطرقهِ
و برجاء : افتحي باخذ لك حقك من عبدالقوي افتحي لا تضعفي افتحي يا ...


***



إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
الجحيم يوم الخميس القادم .




الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 26-07-16, 01:26 AM   #278

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي









الجحيـــم


(67)


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **







صباحِ يومٍ جديد ، توجهتُ إلى المنزل الذي يوجدُ بهِ البكماء للتأكد من هويتها هيَّ أم لا ، و كم أتمنى أن تكون امرأةً غيرها فقيرةً
يكفلونها ، طرقتُ الباب عدة طرقات حتى فتحتُه خادمة فحركتُ لساني لأنطق لكن عيناي سقطت عليها و هي تحركُ رأسها بالرفض اكفهرت ملامحُ
الخادمة و غشا عينيها الخوف على البكماء فأوصدت الباب عدتُ لطرقهِ و برجاء : افتحي باخذ لك حقك من عبدالقوي افتحي لا تضعفي
افتحي يا حسناء .
زادت طرقاتي على الباب بلا كللٍ أو ملل ناديتُها مترجية فأنا أعلمُ أنها خائفة و مذعورة من الظالم الذي لا يرحم ، جلستُ أمام البابِ
بتعب و أصبحتُ محط نظرٍ للمارة ، حتى فتحت هيَّ الباب بعد مدة , تنظرُ بالأرجاء تظُنُنِي رحلت , سقطت عيناها عليَّ فشهقت
بينما أنا وقفتُ بسرعة و أمسكتُ بالباب قبل أن تغلقهُ : يا حسناء الله يهداك لمتى بتظلين على هالحال ارحمي نفسك وحقك بناخذه من
عبدالقوي بإذن الله ، الله مع المظلوم ينصره يا حسناء .
غطت عينيها بيديها و بكت بوهن و خطواتها تتراجعُ للوراءِ لداخل المنزل ، بينما أنا تقدمتُ بخطواتي حتى دخلتُ البيت و أغلقتُ
الباب من ورائي مستندة عليه ، فإذا بي أرى الخادمة ممسكة بالهاتف ، اتجهتُ إليها سريعًا و برجاء : لا لا تتصلي عليه ، ما كفاك ما
سويتوه بهالمسيكينة خليها تاخذ حقها لو مرة و إنتِ ما عليك أنا بأبعدك عن عبدالقوي بس خلي هالمسيكينة تشوف حياتها .
لكنها عادت بأنظارها للهاتف تارةً أخرى انتزعتُ الهاتف من بين يديها ، فقالت بعينين خائفة : ماما خلي أنا يسوي شغل كويس ، بابا
عبدالقوي يعصب .
أدخلتُ هاتفها بحقيبتي و طمأنتُها : والله ثم والله إنك بتكوني بحمايتي و لا بيدري بك ، إنتِ عاجبك حالها كذيا محبوسة بين هالجدران ؟
حركت رأسها بالرفض فابتسمتُ لها : و وعدٍ علي أكلك و مشربك و مصروفك أنا بحاول أوفرها لك لا يمتلي قلبك هم ارتاحي و ريحي
هالمسيكينة معك .




***




بتمامِ الساعة الثامنة صباحًا ذهبتُ إلى جامعةِ ستة أكتوبر و أنتظرتُ بالخارج أنظرُ للبابِ بتمعن أنتظرُ ذات الطال الذي دلني على منزلِ مي
و ركاض , لكني لم أراه طال الانتظار حتى مضت ساعةًكاملة و صارت الساعة التاسعة صباحًا فرأيتُه يدخل إلى الجامعة
خرجتُ من السيارة و توجهتُ إليهِ بخطواتٍ سريعة مناديًا لهُ : لو سمحت .
إلتفت للوراءِ حى رآءني , وقفتُ أمامه و أنا بالكادِ أستجمعُ أنفاسي , سألتُه عن الأماكن التي تُحِبُها مي
فأعطاني أسماء كباريهات و عنوان كنسية هيَّ الراهبة بها من الغباء أن تذهب مي إلى ذات الأماكن التي كانت تحبها
فالضبطُ العسكري يبحثُ عنها بكلِ بقعةٍ من بقاعِ الأرض ، و لكن قد أجدُ دليلاً ما في هذه الأماكن يكونُ جسر الوصلِ إليها ، و فضلتُ
البدأ بالكنيسة .


***


الساعة الواحدة ظهرًا , أسندتُ ظهري على الكرسي و بهدوء : طول الليل و أنا أحاول أقنع نفسي بسؤالك حتى شفت نفسي دخلت لسؤال ثاني ، الله سبحانه و تعالى
يقول " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون "
، و أنا رميت وقذفت زوجتي بدون دليل و لا شواهد و بدون ما أساسًا أشوف منها شي و الموضوع كبير لو ما كان كبير ما كان شرط وجود
أربعة شهود.
وضع نظارتهُ الطبية على عينيه : طيب تقدر تديني تكملة الآية .
تنهدتُ بضيق و قد علمتُ مبتغاه فأكملتُ الآية " إلا الذين تابوا من بعد ذلك و أصلحوا فإن الله غفور رحيم " أنا عارف بتقولي ربك غفور
رحيم و توب له و روح اعترف لزوجتك إنك غلطان طيب أنا فعلاً أقدر أقوم بكل هذا لكني فعلاً أحس بتأنيب ضمير قاتل ، أتخيل كذبي على
أنهار و الزنا معها و حرقي لها بالسيجارة في جسمها و آخر شي رميي لها بالصحراء و تركها وحدها ،و إذا نفضت راسي جاتني زوجتي
و اتذكرت قذفي لها و ظلمي لها اثناعشر سنة
" ابتسمتَ ببهوت " اليوم اتممنا اثنا عشر سنة و زوجتي جمعت في قلبها كثير صعب ترضى ببساطة و الأصعب إني أتوب و أفكاري كلها سلبية و كلها تحثني إني أسلم نفسي و أرتاح من هالعذاب و الله الموت أرحم من هذا الشعور
لا نفضت راسي بالمرة الثانية قلت لنفسي ما تستحي تسجد لربك في الصلاة و إنت زاني و قاذف ظالم .
ابتسم و بثبات : طيب هادا كلو يعني إنك مو راضي على كل الي علمتوا و هادا الندم هوا الندم على ما فات و العزم على عدم العودة
إليه إنتا يا معن بتطبق شروط التوبة و هادا شي ايجابي المفروض إنك تفرح مو تنزعج كدا ، حتقولي أنا ظلمت كتير في حياتي بس
يا معن دي صفحة و انطوت حتقدر ترجع الماضي و تصلحو طبعًا لا ، علشان كدا يا إما تكون إنسان ايجابي و متسامح مع نفسك و تطرد
كل السلبيات و تحطها بملف الماضي لكن تحاول تصلح هادا الملف علشان يخدمك و ينفعك بالحاضر أو تكمل سلبية و تسلم نفسك و تاخد
جزاتك بس تسيب عيالك يتامى و جوزتك مجروحة زيما هيا دحين حقدها حيزول و حتدعيلك لكنها حتفضل تقول كان في طريقة أحسن من كدا
يا معن ليه ما عملتها ليه اخترت هادا الطريق ليه ؟؟ ليه ؟؟ ، صدقني جوزتك مهما أظهرت القوة ربي حط في قلب كل واحد منا
الخير فيها صفة الرحمة لكنها تحتاج لدافع علشان تطلع دي الصفة و إنتا لازم تسعى تسبت لها إنك ندمان و تشتريها بكل كنوز الدنيا
، " فتح قنينة ماء و ارتشف منها ما يساعده على متابعةِ الحديث فقد جف ريقه ، أردف " لما نزلت الآية الي إنتا زكرتها قال
سادة الانصار سعد بن عبادة أهكذا أُنزلت يا رسول الله ؟ رد الرسول صلى الله عليه وسلم: يا معشر الأنصار! أما تسمعون ما يقول سيدكم؟
جاوبوا الأنصار: لا تلمه -يا رسول الله- فإنه رجل غيور، والله! ما تزوج امرأة قط إلا بكراً، وما طلق امرأة قط فاجترأ أحد منا على أن
يتزوجها من شدة غيرته، فلا تلمه يا رسول الله! اتكلم سعد بن عبادة : بأبي أنت وأمي يا رسول الله! والله! إني لأعلم أنها لحق، وأنها من
عند الله تعالى، لكني تعجبت! فإذا رأيت لكاعاً " يعني جوزتو اتفخذها رجال " لم يكن لي أن أهيجه، ولا أحركه حتى أنطلق لآتي بأربعة
شهداء! والله! ما آتي بهم إلا وقد قضى حاجته يا رسول الله! ) وقتها قال الحبيب : أتعجبون من غيرة سعد ؟! والله! لأنا أغير من سعد ، والله أغير
مني، ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن )
الغيرة صفة أوجدها الله في عبادو و بزات الوقت الله كمان حط لعبادو شروط و أحكام و الله سبحانو و تعالى إزا حط فيك الغيرة و أعطاك حكم قوي
و عقاب أقوى هادا يعني إنو الانسان يقدر يتحكم بهادي الغيرة الي فيه ، إنتا اتجوزت و إنتا مفكر جوزتك بكر لكنك انصدمت و خصوصًا
إنها بنت عمك و تحوبها قبل الجواز فكان تصرفها هادا سيف دخل لقلبك و جرحك كتير مع هادا كنت رجال واعي و سحبتها لعند الدكتورة
إلي ما لحقت تديكم كامل المعلومات لأنك و للأسف استعجلتها و عصبت عليها بمجرد إنك فهمت مغزى الكلام و ما استنيتها تكمل كلامها و بعد
كلام الدكتورة رميتها بعبارات مو كويسة و استمرت حياتكم كدا اطنعشر سنة فأنا ما حكزب عليك إنتا كنت حكيم لما أخدتها للدكتورة
لكنك استعجلت كتير و بقيت ترميها مع إنك من ليلة ما اتجوزتها ما شوفت منها حاجة مو كويسة ، فإنتا غلطان بحقها أكيد و مع كدا
ربي زكر التوبة و الصلح لغفران الزنب ، كول الي راح راح ما حترجع حاجة و لا حتصلح الماضي حتبقى زكريات سيئة لكن لو صلحت
و بنيت الحاضر فالحاضر هادا هوا الي حيمسح الماضي من زاكرتكم و حتعيشوا حياة طيبة كويسة بإزن الله تعالى .


***



حينما كنتُ ادرسُ بمعهد اللغة الانجليزية دخلتُ لاختباري القدرات و التحصيلي لأنه في أيامي دراستي لم يكن هذا النظام موجود ، و ذهبتُ
إلى الكليةِ الطبية لاجراء فحوص ما قبل القبول و ناجي هوَّ من قام بتسجيلي و جاء بورقةِ القبول ، بالرغم من أن أحد أحلامي قد بزغ
نورهُ قليلاً بعدما كان معتمًا إلا أني أشعرُ بالضيق و الكدر فقد كان الطب من أحلام الطفولة و المراهقة لكن حلم النضج طفل ، و ليسَ
أيُ طفل بل طفلٌ منهُ هوَّ ، و لكنهُ شحيحٌ ضنين أمام جودي و عطائي الباذخ أعطيتُه سنيني و ما أعطاني شيئًا يغفرُ لهُ خطيئته ، شخصٌ
ما طرق الباب و لكني عرفتُ لم تكون هذهِ الطرقات إلا لهُ هو ناجي الذي لم ينجي وهن قلبي و شقاؤه و لا ليومٍ واحد ، جمعتُ الهواء لصدري
و بصوتٍ حاولتُ قدر المستطاعِ أن يكون ثابتًا : انتظر .
قمتُ من على البلاط البارد متجهةٌ لدورةِ المياه غسلتُ وجهي أمحي أثآر البكاء و جففتُه بالمنشفةِ الصغيرة بنفسجية اللون ، خرجتُ من
دورةِ المياه متجهةً الباب فتحتُه و مشيتُ دون أن أنظر له ، جلستُ أمام التسريحة و بصوتٍ هادىء يُعاكس الانفعال الذي كنتُ أعيشهُ قبل
دخوله : ليش جاي مو يعني صرت بداخل الجناح تقوم كمان تدق باب غرفتي و تدخلها .
تجاهل ما أقول قائلاً بصوتٍ مبحوح : تذكري هاليوم ؟


*

انتظرتُ اجابتها فأجابت بعد مدة و لازالت تجلسُ أمام التسريحة و تعطيني ظهرها بصوتٍ مضطرب : يوم اتكرر 12 مرة و بكل مرة
بجرح جديد أكره هاليوم سلب عُزوف ، كسر قارورة قتل أحلام و بنى أحلام لكن ما حققها .
اقتربتُ منها وقفتُ خلفها تمامًا أبعدتُ شعرها المنسدل على ظهرها إلى كتفها الأيمن ، فتحتُ الطوق الذي بيدي حتى عانق رقبتها
الشامخة قبلتُها بكتفها الأيسر بعمق أمسكتُ بشعرها و عدتُ لوضعهِ على ظهرها العاري فستانٌ أسود على بياضِ بشرتها و نعومتها تزيدُ
الفستان بهاءً ، ما أن اعتدلتُ واقفًا بعدما انخفضتُ بجسدي حتى أُثبت الطوق و ألثمُها حتى تنسفت براحة هل قُربي يصيبكُ بكلِ هذهِ
الطقوس إذا كان كذلك فلما الهجر و القحط ! ، قاطع صوتُها أفكاري : 12 سنة أجمل أيام حياتي !
هه تكذب على مين يا ناجي ! يعني إذا كتبت كلمتين مكذوبة على السلسة ما في شي بيتغير ، المفروض تكتب 12 سنة أسوأ أيام حياتي .
لم أكن أسمعُ ما تقول فقط تصلبت عيناي على يدها التي تلامسُ القلادة ، ثنيتُ أحد ركبي و التقفتُ يدها الممسكة بالقلادة قلبتُها بين
يدي و بهمس : ليش يا معزوفة ؟ !
بزغت نبرةُ البكاء بصوتها و حاولت سحبَّ يدها من بين يدي : لي .. لي ..لي مو لك .
ابتسمتُ و قربتُ يدها من ثغري و بذاتِ الهمس : لك بس ليش بهاليوم ؟!
تصاعدت شهقاتها و بوهن : اتركني ناجي لا تجرح فوق الجروح اتركني ما لي رغبة فيك اتركني ناجي اتركني الله يخليك .
أبعدتُ أصابعي عن يدها اصبعًا اصبعًا و عيناي متشبثة بنقوشِ الحناء التي يهواها قلبي على يديها هيَّ دون النساء ، ماذا تقصدين
يا معزوفة هل تريدين تعذيبي باللون الأسود الذي أقسمتُ أنكِ تزيدين اللون فاخمةً و فتنة حينما يلتفُ حولكِ و ترسمي النقوش
على نعومةِ يديكِ في يومٍ جمع بيننا ، هل أقسمتِ على عذابي و عذاب قلبي ! ، ابتعدتُ عنها و أنفاسي مضطربة روحي متلاشية و كل
أفكاري و تخيالاتي مشتاقةً لها .




***


بتمام الساعةِ الرابعة عصرًا ذهبتُ إلى الكنسية لكني لم أدخل بقيتُ في الخارج كالصنمِ أنتظرُ أحدًا ما يخرج لأسألهُ
خرج رجل فسارعتُ بسؤاله : لو سمحت بسأل عن الراهبة مي .
رفع كتفه للأعلى : ما ليش إلا اسبوع في الكنسية دي .
أومأتُ برأسي بهدوء و ذهب هوَّ حيثُ يريد ، بقيتُ عند الباب حتى خرجت امرأة فسألتُها : لو سمحتِ بسأل عن الراهبة مي .
مال فمها جانبًا : يا باشا هوا إنتا عسكري ، البت دي نزلت صورها في الجرايد و الناس كولها بتئول عنها كلام ما يتألش المهم أنا
ما أعرفهاش كتير بس هناديلك ست هيا صحبتها بالكنيسة دي .
دخلت للكنيسة و عادت بعد مدة و هي تدفعُ فتاةً أمامها : يا مديحة ئولي للباشا أي حاقة تعرفيها عن مي دي مجرمة لازم تتسلم
للعادلة .
وقفت مديحة أمامي واضعة يدها بخصرها : و مين حضرتك ؟ و عاوز مي ليه ؟ ما يمكن تكون بتساعدها و نحنا نفكرك معانا ، أنا عاوزة
أفهم كل حاقة .
جمعتُ أنفاسي و بهدوء : القصة طويلة حيل خلاصتها إن مي مثل ما ضرت أولاد بلدكم بالمخدرات حتى احنا ضرت أولادنا بالسعودية و كانت
هي و الي معاها سبب في سجن بنتي و لو حصلتها و اعترفت باللي سوته لبنتي بنتي بتخرج من السجن .
قالت صديقةُ مديحة بتهكمٍ على مي : البت دي مافيهاش خير خالص .
لتنطق مديحة بهدوء يُعاكس انفجارها السابق : و أنا هساعدك في ايه ؟
ابتسمتُ بسعادة : بس أبي معلومات أي معلومة صغيرة ممكن توصلني لها أي شي حتى لو تشوفيه تافه .
اعتدلت بوقوفها و صارت تنظرُ للسماء تحاولُ التذكر لتُخرج من داخل حقيبتها فوطة سكرية اللون و تمُدها لي ، أخذتُها من يدها و سقطت
عيناي على اسم الفندق المنقوش بالخيوطِ الذهبية " كايرو بلازا جيست هاوس "
التمعت عيناي : شكرًا يا بنتي ، بمسك في مي و بيدي بداخلها للسجن أوعدك .
أومأت برأسها : الفندىء ده كنت فيه مع مي و الراجل الاقنبي كان ينام معها فيه بس ده الكلام ئبل سنة من دلوقتي .
بأمل : المهم طرف الخيط و هالطرف بيسحبه كامل لكن أحتاج الصبر .
ابتعدتُ عنها أخرجتُ هاتفي و اتصلتُ على هزاع : السلام عليكم هزاع ، أسمع يا رجال توي التقيت بوحدة من الكنسية و عطتني منشفة
منقوش عليها اسم فندق قبل سنة كانت مي و الاجنبي يروحون له ، أفكر أروح للفندق و أشوف أسماء الي نزلوا للفندق بهالسنة
و أتأكد إذا يعرفون عنه أي معلومة ممكن رقم جوال أو شي يفيدنا لكن المشكلة ما بيرضوا يفتحوا أشياء خصوصية بلا مبرر ، الحل
برأيك ؟
صمت للحظات ، فمسحتُ ذقني بتوتر أخاف أن لا يمتلك الحل ، فكرتُ كثيرًا بالأمر لن أستطيع الوصول للملف إن لم أكن من الطاقم العسكري .
تحدث بهدوءٍ و اتزان : أنا أعطيك عنوان لضابط كان يساعدك أيام زماان المشكلة إنه أكيد غير بيته ، بس ممكن تسأل و توصله برسل
لك العنوان و الأكيد حتى الشوارع تغيرت فبتتعب حتى توصل للبيت .
تنهدت : المهم تخرج بنتي .


***


بهذا اليوم أتممتُ أنا و كاسري اثنا عشر سنة ، و لكني لستُ ممن يتراقصون فرحًا بهذا اليوم فيخرجوا للأسواق لشراءِ الهدايا
و يحفظوا من كلماتِ الحب و الهيام الشيء الكثير ، السرير ينتثرُ عليهِ الورد و اللون الاحمر ينتشرُ في كل مكان الشموع تتوزع في
الأركان ، حتى لو كنتُ خارج هذهِ القضبان لن أفعل هذا ، فأنا و كاسري نؤمن بأن الحب في كل حين و كلمات العشق تُطرب ألسنتنا بكلِ
وقت و اللون الأحمر لون الدم الذي يتدفقُ بالحياة لا يعني أننا لو جعلناهُ بكل الزوايا سنغيرُ حياتنا للأفضل فهو يوم و يمضي
و الوردُ يذبل لكن الحُب يبقى و الهدايا تُوزع أكثر من مرة في السنة ليس فقط بيومٍ واحد فهذا بدعة ، فالفعل و التصرف محدد
الوقت أو المكان بدعة ، أُحِبُك كاسري بكل يوم و كلِ حين و بكل لحظة أزدادُ عشقًا لك أنتَ لست اللون الأحمر بل أنت لون الحياة
أنت لست وردةً تذبل بل أنتَ من تسقي حياتي وردًا أنتَ لست شمعةً تنطفىء بل أنتَ من تشعلُ شموع حياتي .




***




أرسل ليَّ العنوان فأعطيتُهُ لسائقِ الأجرةالذي كان يعرفُ طرقَ السادس من أكتوبر جيدًا ، و لكن لأن الشوارع تغيرت عن السابق فالعنوان لا يُماثل طرقاتُ اليوم
لكنهُ استطاع أن يوقفني بذاتِ الحارة ، خرجتُ من السيارة و مددتُ له بالجنيهات أخذتُ أعدُ البيوت حتى وصلتُ بالعدِ إلى البيتِ الرابع ،
تقدمتُ بإتجاه المنزل الذي يمثلُ عمارة و بها محلات ، قال ليَّ هزاع أن المنزل شعبيٌ عتيق ، و لكن ما أراه اليوم مخالف لذلك الزمان ، دخلتُ إلى
صالون الحلاقة ألقيتُ السلام فردهُ كاملاً بادرتُ باستفساري : بسألك عن مالك الأرض هاذي اسمه هاني مرشود ؟
أخذ ينظفُ الشعر من على الأرض و أجاب دون أن ينظر إليَّ : لا حضرتك غلطان .
فطلبتُ منه : تقدر تعطيني عنوان مالك الأرض .
وضع أدوات التنظيف جانبًا و وقف بإتزان إلتقف الهاتف من يدي و من ثمَّ مده إلي ، شكرتُه بلطف و غادرتُ المحل متجهًا إلى مالكِ الأرض .




****


الساعة السادسة مساءً , تأوهتُ بألم و استندتُ بيدي على كرسي التسريحة عضضتُ شفتي و وضعتُ أحد يداي خلف ظهري مشيتُ و أنا أشعرُ
أن جسدي ثقيل و بالكاد أتحرك ، توجهتُ إلى السرير و استلقيتُ عليه و أنا أنظرُ للسقف أصبحتُ بالآونة الأخيرة أرددُ الشهادة كثيرًا
فهذا الألمُ و الوجع فوق طاقتي و مقدرتي على التحمل و أخافُ أن يأخذني الموتُ بغتة ، بدأتُ أشعرُ بالأعراض التي ذكرتها الطبيبة
و لكن تبقى ثلاثةُ أيام حتى أُنهيَّ شهري السادس و أدخلُ للسابع ، الوقتُ مبكرًا كثيرًا على الولادة أخافُ أن يموت كلما راودتني هذهِ الفكرة
تصاعدت ضرباتُ قلبي لقد تعلقتُ بهِ يالله أحببتُه كثيرًا رغمَّ أنه يؤلمني , كل يوم يأكلُ ما أأكل و يشربُ ما أشرب يركلني ليُثبت أنه
موجود و لكن بهذا اليوم خفت ركلاتُه كثيرًا و هذا من ضمن الأعراض التي أهلعُ منها أدعو الله أن لا ألدَّ إلا بشهري التاسع مولودًا سليمًا
مُعافى يالله .





***



الساعة السابعة و الربع في المغرب , كانت حسناء تحكي معاناتها بعد وفاةِ أخيها بلغةِ الإشارة و الخادمة تحكي ليَّ ما تقولهُ حسناء
و بكلِ حركة من يديها و حرفٍ يخرجُ من ثغر الخادمة كنتُ أمعنُ النظر بها
حتى وصل بيَّ التفكير إلى ما يهلعُ لهُ القلب و يشيبُ لهُ الرأس
تمتمتُ و ملامحي تدلُ على الضياع : هي والله هي هي .




***

إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
فيه جحيم ثاني بينزل على الساعة سبعة الصبح
هو جاهز بس بضيف له كم موقف و أراجعه
و يمكن يمكن مو اكيد يكونوا جحيمين مو جحيم واحد .





الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 26-07-16, 02:28 AM   #279

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي





الجحيـــم


(68)


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **














ظهر يومٍ جديد ، أمسكتُ بالسيجارة و أطفيتُ نارها بيدي ، أشعلتُ سيجارةً أخرى و عدتُ لاطفاءها بيدي صارت البقع منتشرة بيدي كما كانت
بيدها قبل أن تموت لكن لماذا لا أبكي لما أتألم فقط دون البكاء لما ؟ أريدُ أن أبكي أن أعيش ما عاشت من ألم ، و عُطرة ضحيةَ جلدي
من سيجلدني يا عُطرة هل أعطيكِ حزامي لتجلديني ، علميني يا عُطرة كم كنتُ قاسيًا لا أرحم ، علميني أيُ سفاحٍ كُنت ، هذبي طاغية زنى
بحياتكِ و قتل بكارةَ أحلامك ، هل ستجلديني يا عُطرة ؟ ، المؤسفُ أن لا احدَ لكِ يأخذُ حق اثنا عشر سنةٍ مني لا أحد ، إما تأخذيهِ أنتِ
أو تبقي المظومة و أنا ظالمكِ و أنا لا أقوى فشعورُ الظالم قاسي حينما يندم يريدُ أن يرضى من حولهُ عليهِ حتى يرضى الله عنهُ و لكن
إن كان يعلم أن من حولهُ لا يغفرون و لا يرحمون يموتُ بحسرتهِ و ندمهِ ، يُعاقبُ ذاتهُ علَّ العقاب يكفرُ خطاياه ، يعاقبُ ذاتُه ليذوق شر
ما فعل بغيرهِ و كيفَّ إن كان من تأذى أغلى من يملك و لا يستطيعُ جلد ذاتُه و لا هنالكَ من يجلدهُ عنها ، كيف لهُ أن يُكفر ! ، كيفَ ليَّ
أن أكفر يا معصيتي و ذنبي العظيم .







***

بتمام الساعةِ الثانية ظهرًا , وصلتُ إلى منزلِ مالكِ الأرض و الذي كان بيتًا متواضع ، ضغطتُ على الجرس و انتظرتُ قليلاً حتى فُتِحَ الباب
و كان باستقبالي فتاةً مراهقة ،
قبل أن تتحدث بادرتُ بالحديث : هذا بيت مصطفى .
هزت رأسها بالايجاب و هي تنادي بصوتٍ عالٍ و قد كانت تُمسكُ الباب بيدها و تنظرُ لداخلِ المنزل : يا بابا في راجل عاوزك .
ابتعدت عن الباب بينما أنا بقيتُ ثابتًا بالخارج جاء الرجلُ و وقف أمام الباب عاقدًا لحاجبيه متسائلاً : مين حضرتك ؟
بهدوء : أنا واحد كنت أعرف صاحب الأرض الي إنت باني عليها عمارتك و أبغى لو تدلني على عنوانه لأننا انقطعنا عن بعض بسبب ظروف
صعبة و الحين أبي أقابله و ما لي بعد الله إلا إنت تساعدني .
حرك رأسهُ بتفهم و فتح ذراعهُ على وسعها مرحبًا : اتفضل بالأول
ابتسمتُ له : لا والله مستعجل ، أعطيني العنوان و أنا بروح له .
تناول الهاتف من يدي ما يقاربُ الدقيقتين و أعادهُ لي
ابتسمتُ له بامتنان : جزاك الله خير .



***



بقيَّ يومين و أدخلُ للشهرِ السابع ، و قد اكتملت كلُ الأعراض التي حذرتني منها الطبيبة سأذهبُ إليها في العصر لنأخذَ الحيطة و الحذر
، وضعتُ يدي على بطني و أنا أتذكرُ سخريتي من عُزوف هل يكونُ ما يحدثُ ليَّ الآن بحملي عقابًا ليَّ على استهزائي و استنقاصي لها ، يالله
أعني و احفظ ابني بعينيكَ التي لا تنام ، ضيقٌ يجثمُ بصدري كلما دخلتُ شهرًا جديدًا أو اقتربتُ من الدخول إليه رغمَّ أن الخير في
التقدمِ بالأشهر حتى الولادةِ بالشهر التاسع لكن ضيقي يتكاثفُ أكثر فأكثر يُطبقُ على صدري حتى أشعرُ أن هواءَ الأرضِ لا يكفيني رئتي تشتكي
قحطَ الهواء و عينيَّ تشتكي السهد ، لا أدري ما بي لا أدري لما هذا الوهن بعدما امتلكتُ ما كان يملكهُ ركاض بل أكثرَ مما يملك لا أدري
ما بي ، وحيدة واهنة باكية ذليلة خاضعة ، كورقةِ خريف تطيرُ و لا تستدلُ الأرض التي ستأويها ، كأرضٍ اشتاقت للمطر و حينما سقطَ
المطر كان عذابًا لا صيبًا نافعًا ، أنا الوهنُ و الضعفُ مهما أدعيت ، تعال إليَّ يا طفلي و أملأ حياتي دثر و حدتي كفكف دموعي أرسم
البسمة بمحياي كُن هوائي شهيقي و زفيري كُن قوتي و سندي تعال يا طفلي و لا تزيدني وهنًا على وهن .





***



بعد ساعة وصلتُ إلى العنوان المقصود فلة صغيرةَ الحجم ، ضغطتُ على الجرس و فُتح البابُ سريعًا و كانت من فتحتُه ترتدي رداءَ الخادمات
بادرت هيَّ بالحديث : عاوز مين ؟
أجبتُ بثبات : أبي الأستاذ هاني مرشود لو سمحتِ .
بتساؤل : ائولوا مين ؟
بهدوء : أصل الحكمي .
أومأت برأسها و قليلاً من الوقت حتى خرج من وراءِ الباب رجلٌ يُغطي البياضَ رأسهُ نظر إليَّ بتفحص و سرعان ما ابتسم : أهلاً بيك يا أصل
هوا انتا عايش أصلي والله مش مسدىء عينيا .
و اندفع باتجاهي يحتضنني , ابتسمتُ و اتسعت ابتسامتي رويدًا رويدًا : ايه عايش بس فاقد الذاكرة و عايش بهوية مزورة و حالتي حالة أبيك تساعدني بشي إذا ممكن
ابتسم ليَّ : آه طبعا ممكن ، بس الأول اتفضل علشان نتكلم و افهم ايه الي إنتا عاوزني أعملو ليك .
دخلتُ للمنزل و هو أغلق الباب من ورائي أشار لحجرةٍ ما فمشيتُ باتجاهها دخلتُ و دخل من خلفي ، جلستُ على أول كنبةٍ فردية قابلتني
و جلس هوَّ بالكنبةِ المجاورة ، نادى بصوتٍ عال : يا أسما عِندنا ضيف .
ليصل صوتها العالِ : حاضر يا سعادةِ الباشا .
تحدثتُ بثبات بعدما استقرت عيناهُ عليَّ : بذيك السنة الي انفقدت فيها في البحر حصلني صاحب قارب و كنت فاقد للذاكرة اشتغلت معاه
فترة لما جات حرمة غنية تعرض علي الزواج منها و لأني ما كنت أملك هوية و هي قالت لي بتسوي هوية مزورة وافقت وعشت معاها
سنين , صار شي و رجعت لي ذاكرتي لكن مو كل شي ، المهم فيه واحد يقربلي يسعى لقتلي و أنا اكتشفت إنه بنتي مسجونة
بالظلم في السعودية و لازم أمسك بأحد من أعضاء العصابة القديمة عشان أخرجها و بعدها بحل مشكلتي مع الي يسعى لقتلي و جايك
اليوم أبيك تساعدني بالبطاقة العسكرية في فندق أبيهم يفتحون لي كشف الأسماء و ما بيرضوا إلا لو كنت من جهة أمنية .
باهتمام : أنا أكيد هساعدك ، و العصابة دي أكيد هيا عصابة مي و ربيع و جهاد و أنا أكيد هكون معاك و هساعدك للآخر .





***



بعد صلاةِ العصر مباشرة و التي بالكاد صليتها جالسة ، ناديتُ الخادمة لمساعدتي ساعدتني بارتداءِ العباءة وضعتُ يدي على ظهري
و بيدي الأخرى مسحتُ على بطني تأوهتُ بألم : آآآه يا رب عونك آآ ساعدني .. و لدي .. أمي نادي أمي أبي أمي أبيها قوليلها بنتك
تموت قوليلها .
تراخت قواي و جلستُ على الأرض سمعتُ صوتَ أمي و أصواتًا كثيرة لا أدري ما يقولون فقد أنهك الألمُ جسدي و لم أعد أفهم مطلقًا شعرتُ
بأكثر من يد تحملني على الأرض و غبتُ عن الوعي .






***



قبل صلاةِ العصرِ بساعة , خرجنا من المنزل متجهين إلى فندق " كايرو بلازا جيست هاوس " ، دخلنا إلى الفندق أتقدمهُ و هوَّ من خلفي
وقفنا أمام الإستقبال رفع هوَّ بطاقتُه العسكرية بينما أنا بادرتُ بالحديث : احنا من السلك العسكري محتاجين نشوف أسماء زوار الفندق خلال السنة الي فاتت .
أومأ برأسهِ ايجابًا : حاضر سواني بس .
جاء بعد مدة و بيده ملف و بجانبهِ إمرأة ترتدي ذات الرداء الخاص بموظفي الفندق مدَّ إلينا بالكشف تناولهُ الضابطُ هاني و وقفتُ
أنا بجانبهِ أنظرُ للملف الممتلىء بالاسماء صفحة بصفحة سطرٍ بسطر حتى وصلنا للمراد " ماكس شارل " و لكن لم يكتب بجانب اسمه رقم
هاتفه أو أي خيط يدلنا إليه أغلق الملف بقوة و رماه ، بينما أنا اخذتُ الملف من الارض و شكرتُ موظفي الاستقبال
باستياء : دول لو نموت مش هنلائيهم .سنين و سنين و احنا ندور عليهم بس ما استفدناش حاقة الوئت و العمر بضيع و هما و لا عليهم .
اتسعت عيناي و باندفاع تحدثتُ إلى موظفة الاستقبال : وش أقرب مطعم لهنا يكون على الطراز الغربي .
نظرت الموظفة إلى الموظف الذي صمت قليلاً ثم قال : مطعم هاش كوفي كمباني .
نظرتُ لهاني متسائلاً : تعرف مكانه .
أومأ برأسه و بثغرهِ ابتسامة واسعة توجهنا للمطعم مباشرة .





***


قلتُ بغضبٍ من عبدالقوي و إقناعٍ لها : يا حسناء الله يهداك هذا حقك ولازم تخذينه
و البنية و الله قلبي مخوفني إن تكون إهيا يالله ما أكبرها من مصيبة يالله لازم نسرع الخطى إلهم و نبعدهم عن بعضهم .
نقلت الخادمة حديثي إلى حسناء و من ثم نقلت حديث حسناء إليَّ : هيا يخاف كتير .
وقفتُ من على الكنبة و بانفعال : و البنت يا حسناء بتكون ذنبك ليوم الدين .
بعد نقل الخادمة حديثي بكت حسناء بوهن و هي تغطي وجهها بيديها ، تنهدتُ بضيق اقتربتُ منها وقعدتَ بجوارها على الكنبة سحبتُ يديها
عن عينيها : يا حسناء لمتى بتظلي كذيا ضعيفة و مسيكينة العمر مرة و ما ينعاد و البنية والله إنها نسخةٍ منك كنت أقول يا مزنة
يخلق لله من الشبه أربعين لكن بعد الي عرفته لازم نوقف كل شي و بسرعة .
حكت الخادمة ما قلتُه لحسناء التي رضخت للأمرِ أخيرًا ، سنذهبُ إلى منزلِ عبدالقوي لكشفِ حقائقٍ يشيبُ لها الرأس .



***




دخلنا إلى المطعم ، تحدثت ُإلى أحدِ العمالة بعد إخراج هاني لبطاقتهِ العسكرية : احنا من السلك العسكري نبي نشوف إذا عندكم
عنوانين البيوت الي توصلون لها الأكل خلال هذا العام و العام الي فات ، أو حتى أشخاص مميزين يطلبون منكم بكثرة وصارت عنواينهم
عندكم .
نظر العمال لبعضهم لفترة حتى تحدث أحدهم : في كم اسم مميز عندنا و نعرف بيوتهم و نروحلها كتير أوي يمكن كول أسبوع مرتين تلاتة .
بينما جاء الآخر بورق و مده إلينا : هنا هتحصلوا العنواين الي عاوزينها .
أخذتُ الورقة من بين يديه و وجدتُ اسمه " ماكس شارل " و بجانبِ اسمهُ عنوانٍ ما ، مددتُ الورقة إلى هاني : شوف هذا العنوان تعرف تجيله .
نظر قليلاً إلى الورقة و نطق : آه ، بس العنوان مش واضح كتير يعني بحس إننا كدا هنوئف في نص الشارع ما فيش أي دلالة عن البيت
الي هوا ساكن بيه .
عدتُ لأنظر للعمالة و بتساؤل : ايش رقم البيت حق الأجنبي ماكس شارل .
ليجيبَ أحدهم : واللهي ما نعرفش أصلنا نوصل الطلب لنص الشارع و هوا يجي لينا و ياخدو .
صفق هاني يديه ببعض : واحد ندل أوي مستحيل يسيب خيط وراه .
مسحتُ على ذقني : كل خطة لازم يكون فيها ثغرة لازم .
جلستُ على أحدِ الكراسي و جلس هاني أمامي و بيننا طاولة تفصلنا ، و بتساؤل : بتفكر في ايه ؟
باصرار و اقتناع : لازم فيه ثغرة لازم فيه ثغرة يا هاني .
حرك رأسهُ برفض و بيأس : دول مستحيل يكون عندهم سغرة تعرف احنا من متى و نحنا بنعادي بعض من يوم أباءنا أباءنا كانوا بيدوروا
عليهم و دلوقتي احنا و احفدنا , لو كانوا يسيبوا وراهم سغرات كنا هنحصلهم من سنين .
برفض تام : هذا الأجنبي ماكس مبتدىء و مو منهم مهما حاول يلبس لبسهم لكن ما قدر , الدليل نازل لمصر يحمي مي و مصر مشبرة كل مكان تدور على
العصابة لو هو فعلاً منهم ما كان همه لا مي و لا بطيخ المهم نفسه وبس ، هذا ترك وراه ثغرة مهما حاول يخفي
توقفتُ عن الحديث و انتصبتُ واقفًا متجهًا للعمالة و بتساؤل : طيب لما كان يطلب الطلبية أكيد كان يتصل عليكم أكثر أرقام تتصل
عليكم ماهي مسجلة في التليفون أو الجوال للمطعم .
ناداني أحد العمالة : تعال هنا .
مشيتُ و دخلتُ من وراءِ الطاولة الرخامية التي يقفون عندها و وقفتُ أمام الهاتف اللاسيلكي ، ضغط العامل على زرٍ يُشيرُ للأعلى و آخر
للأسفل و كلما ضغط على زر ظهر رقم هاتفٍ ما ، قال مفسرًا : نحنا ما عندناش ارئام مسجلة بس التليفون دايمًا بيحط آخر أرئام اتصلت
علينا و ماكس أمس طلب عشا مننا فيمكن تلائوا الرئم بتاعو مسجل في التليفون ده .
بامتنان : شكرًا يعطيك العافية .
ناديتُ هاني : يا هاني تعال ادخل .
ليدخل من وراء الطاولة الرخامية و يقفُ بجواري بادرتُ بالحديث : هاذي آخر أرقام اتصلت على المطعم و ماكس طالب منهم أمس طلبية
عشا ، فأبغاك بطريقة سرية تكشف عن هالأرقام بما إنك من السلك العسكري و تطلع أسماء أصحاب الجولات أو التليفونات و عنواين
البيوت لأنه احتمال يكون مسجل الرقم باسم غير اسمه فالعنوان إلي يتطابق مع العنوان إلي مسجل هنا هو عنوان ماكس .




***


بعد صلاةِ المغرب ، في المشفى مستلقية على السرير و جسدي منهك أشعرُ بالألم بكلِ جزءٍ من جسدي فتحتُ عيني و الرؤية غير واضحة أمامي
تمتمتُ : غانم ... ولدي .. غانم
شعرتُ بيدٍ تقبضُ على يدي عرفتُ اليدَ قبل أن تتضح الرؤية و برجاء : عبدالقوي غـ
قاطعني مطمئنًا لي : بخير لكن بيبقى في الحضانة مدة لمن يكتمل نموه لأنك ولدتيه من بدري .
زفرتُ براحة : الحمدلله يارب ألف شكر و حمد
و بخوفٍ من الاجابة : وميمتي ما جات ؟
فنادى بصوتٍ عال : يا صايمة بنيتك صحت .
ابتسمتُ براحة استنشقتُ الهواء الذي تغطى برائحةِ العودة التي تسكنُ جسدها منذُ طفولتي ، اقتربت بخطواتٍ سريعة إليَّ قبلت رأسي
و هي تردد : يالله لك الحمدلله إنك حفظت بنيتي .
بكيتُ رغمًا عني لا أدري بكاءَ فرح ليومٍ فُرِجَت فيهِ كُربتي أو بكاءً بعد ضيق قتلني و جعلني مرحومةً تتنفس ! ، لكني بكيتُ و بكيت و هي
تمسح دمعي و زوجي عبدالقوي يُدللني بكلماتهِ .




***




بعد صلاةِ العشاء , أجلسُ على السرير نصف جلسة و بيدي كتابٌ أقرؤهُ حتى سمعتُ صوتَ صغيرتي بلقيس تبكي تركتُ الكتاب و قمتُ من على
السرير و بخطواتٍ هوجاء سريعة فتحتُ باب الحجرة لأجدها أمام البابِ تبكي و تمسحُ عينيها بيدها جلستُ على الأرض لأصل لمستوى طولها
و بتساؤل : وش فيك يا ماما ؟ ليش البكا ؟
رمت بجسدها في صدري شددتُها إليَّ ، و حملتها من على الأرض دخلتُ بها إلى الحجرة جلستُ على الأريكة و هيَّ مازالت فوقي و رأسها يغيبَ
في حجري مسحتُ على شعرها بلطف بينما هيَّ قالت بصوتٍ متقطع : ماما شوفي لجين و ريتاج يضحكون عليا أنا و وائل يقولون احنا أمنا
و أبونا مو موجودين و انتوا كمان أبوكم مو موجود و شوية و أمكم بتصير مو موجودة .
شددتُ عليها أكثر فأكثر و بتأثر : لا يا ماما بابا بيرجع إن شاء الله قريب و حتى هوازن و الكاسر بيرجعون و يرجع بيتنا زيما كان أول .
ابتعدت عن حضني : من جد ؟
أومأتُ برأسي و رسمتُ الابتسامة بثغري : أكيد .
غمرت رأسها بصدري بسعادة و بقيتُ أمسح على شعرها ، لقد كذبتُ عليكِ يا صغيرتي لن نعود كما كنا ، فأنا لا أريدُ أباكِ زوجًا لي .




***



في الليل بينما أحاولُ النوم فُتح باب حجرتي و سمعتُ صوتَ شهقةٍ عميقة مددتُ يدب إلى الأبجورة التي على الكمودينية بالجوار لأفتحها
سقطت عيناي على أمي التي تبكي بوهن و تقول بشكرٍ لله : الحمدلله ولدي هنا .
تقدمت الخطوات باتجاهي و أنا لا أستوعبُ شيئًا مما يحدث جلست على السرير و سحبتني لحضنها , احتضنتني بشدة و هي تبكي و تردد : كابوس
يا أغيد كابوس يا نور عيني إنت , وحسبته حقيقة ، حسبت إني بفتح باب الغرفة و ما أحصلك ، الحمدلله إنك بخير يالغالي الحمدلله .
تشبثتُ بها و غمرتُ رأسي بصدرها أستنشقُ عبيق رائحتها إذا كنتِ يا أمي تبكين خشيةَ فراقي فوالله أبكي بكلِ ليلة خشيةَ موتي قبل أن أشبعَ
من حنانك و أعيشَ تفاصيلك .



***


بعد انتهائه من عمله اتجه للشقة التي أخذ مفتاحها منه ، فتح الباب و دخل ليجد الشقة معتمة إلا من ضوءٍ طفيف يأتي من الصالة مشى
خطاهُ على هذا الضوء لتتسع عينيهِ دهشةً مما رأى و حينما استوعب ما رآه استغفر الله كثيرًا حتى بعد جلساتِ العلاج لازال هوَّ يعذبُ
ذاتُه بكاملِ إرادتهِ ، توجه إلى المطبخ فتح الإضاة تناول " جك " ملأ نصفهُ بالماء و ليسكبهُ فوق الجسد الذي يجلسُ نصف جلسة جزؤه
السفلي يَلامس الأرض و ظهره يلامسُ الكنبة تمتدُ ذراعيهِ على الكنبة و رأسهُ فوق ذراعهِ الأيمن ، تنتشرُ حوله السجائر و أكياسٍ للمطاعم
بل حتى أرديتُه متناثرة بالأرض ، يكتضُ المكان برائحة الدخان الكريهة النتنة ، تنهدَ بضيق و رفع " الجك للأعلى " لينسكب الماءُ على
رأسِ معن يوقظهُ مما هوَّ فيه ،انتفض جسدهُ بشدة فتح عينيه و سقطت على طبيبهِ حكَ جبينهُ و بعثر شعرهُ بعشوائية ، حاول الانتصاب واقفًا
لكنهُ لم يستطع خمولٌ بجسدهِ و دوارٌ برأسهِ ، و لا فكرة تعصفُ بذهنهِ سوى الفكرة التي نام عليها ، عُطرة و من سواها !



***



بمنتصفِ الليل عدتُ للمنزل و توجهتُ إلى الجناح و قبل دخولي لحجرتي سمعتُ صوتها البآكي بحجرتها , تنهدتُ بضيق
و دخلتُ لحجرتي محاولاً تجاهلها فلن أُحرجها بدخولي و هيَّ تبكي , أعلم أنها لا تريدني ان أرآها ضعيفةً واهنة لذلك سأحترمُ رغبتها
وقفتُ أمام الدولاب أخرجتُ بجامةً رماديةً لي , خلعتُ أرديتي و أرتديتُ بنطال البجامة رفعتُ الفانيلة للأعلى لارتدائها ولكن يداي بقيت
للأعلى حينما رأيتُها أمامي بقميصِ نومٍ أسود و شعرها ينتثر و يلتصقُ بعضه بوجهها الممتلىءُ بالدموع
اقتربت مني و جثت على ركبتيها أرضًا و بوهن : خذني جسد يا ناجي .. بموت من قهري بموت من حقدي لو ولد مارسة انحط بيدي أحلف
إني بقتله من حقدي خذني جسد و ارحمني .


***



إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
نزل قبل سبعة الصبح بكثير مدري كيف ^_^
احتمال مو أكيد احتمال و هو احتمال بسيط
إنه يكون في جحيم الساعة الحادية عشر صباحًا
مع العلم إني ما كتبت و لا حرف لكن فيني حماس له .




الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 29-07-16, 07:15 AM   #280

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي













الجحيـــم


(69)


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **
















بمنتصفِ الليل عدتُ للمنزل و توجهتُ إلى الجناح و قبل دخولي لحجرتي سمعتُ صوتها البآكي بحجرتها , تنهدتُ بضيق
و دخلتُ لحجرتي محاولاً تجاهلها فلن أُحرجها بدخولي و هيَّ تبكي , أعلم أنها لا تريدني ان أرآها ضعيفةً واهنة لذلك سأحترمُ رغبتها
وقفتُ أمام الدولاب أخرجتُ بجامةً رماديةً لي , خلعتُ أرديتي و أرتديتُ بنطال البجامة رفعتُ الفانيلة للأعلى لارتدائها ولكن يداي بقيت
للأعلى حينما رأيتُها أمامي بقميصِ نومٍ أسود و شعرها ينتثر و يلتصقُ بعضه بوجهها الممتلىءُ بالدموع
اقتربت مني و جثت على ركبتيها أرضًا و بوهن : خذني جسد يا ناجي .. بموت من قهري بموت من حقدي لو ولد مارسة انحط بيدي أحلف
إني بقتله من حقدي خذني جسد و ارحمني .
جلستُ على الأرض مقابلاً لها سحبتُها لصدري غمرت رأسها بصدري أكثر فأكثر و كأنها تريدُ أن تدخل لقلبي و هي بالفعل تتربع و تسكنُ في عرشِ قلبي
وحدها دون غيرها , مسحتُ على شعرها بلطف
حاولت التلمص فخففتُ من قبضتي نظرت لي بعينين ملؤها الرجاء : خذني جسد يا ناجي , أنا تعبانة خذني و ريح قلبي خلي حقدي يزول
ما أبي أعيش وعيني حارة على غيري ما أبي أتمنى الشر لغيري , والله مو بيدي أنا ....
بكت بشدة و غطت عينيها : والله أنـ....ا مو كـ...ذا
سحبتُ يديها عن عينيها و قبلتُ باطن يدها اليمنى المنقوشة بالحناءِ قُبلةً عميقة لحقتُها باليسرى
و بهمسٍ حنون : مو بهاذي الطريقة يا عُزوف , إنتِ تتكلمي كلام بلحظة ضعف إذا اليوم عطيتك الي تبيه بكرة بتلوميني و بزيد جروحك جروح .
أحكمت قبضتها على يدي الممُسكة بيدها و برجاء : ارحمني
وضعتُ يدي أسفل فخذها و انتصبتُ واقفًا أحملها و هيَّ تُطوقُ رقبتي بيديها همستُ لها : و لأني أبي أرحمك ما بنفذ طلبك .
دفنت وجهها برقبتي و شعرتُ بدموعها تبللني , بينما أنا جلستُ على السرير و لا زلتُ أحملها : نـ....اجـ...ي
وضعتها على السرير , و استلقيتُ فوقها محاصرًا لها بيدي المتشبثة باللحاف من كلا الجانبين قبلتُها بعمق أبترُ وهن كلماتها التي تزيدني
ندمًا و حسرة على ظلمي لها طلية السنين الماضية , أغمضت هيَّ عينيها و غابت عن الوعي
ابعدتُ جسدي عنها و جلستُ بجوراها أنظرُ لها بحسرة هل كانت تريدُ مني أن أقترب منها و هيَّ بهذا الانهيار و الضعف
أقتربُ منها و أأخذُ ما أأخذ و هي غائبة عن الوعي غير مدركة لما يحدث
و كأني حيوانٌ لا يشعر , لا أريدُ الجسد يا معزوفة أريدُ الروح
أريدُ رضاكِ عما أفعل لا غيابَ العقلِ عنكِ بلحظةِ ضعف .



***



فتحتُ عيني بعد سماعي لصوتِ الأذان القادم من أحدِ هواتفِ الجوال ، سقطت عيناي على لونِ الجدار ليست بحجرتي إنها حجرةُ ناجي عند هذهِ
الفكرة شهقتُ بقوة و عيناي تسقط إلى جسدي أبعدتُ اللحاف عني لأرى أنني لازلتُ بقميصي الأسود ، نظرتُ لجانبي فكان مكانهُ خاليًا ، ابتعدتُ
عن السرير و مشيتُ باتجاه المرآة و لكني سمعتُ صوت الماء في دورةِ المياه فأدركتُ أنهُ بالداخل يبدو أنهُ يستعدُ لصلاةِ الفجر
و صوتُ الأذان كان قادمًا من هاتفه ، بالرغم من معرفتي بتواجدهِ لكني ثبتُ أمام المرآة أتفحصُ رقبتي عنقي نزولاً إلى المفرقِ ما بين نهداي ،
لا شيء يدلُ على أنه اقترب مني ، لا أدري لما ابتسمت و أنا أستديرُ حول نفسي بسعادة أشعرُ و كأنهُ ردَ لي شيئًا من كرامتي المسلوبة
منذُ سنين كان يُجبرني بتعاملهِ السيء العيشَ معهُ قسرًا و ذلك بأستنقاصهِ لي ، الطفل الذي حملتُه هوَّ من أخرجهُ من أحشائي و قد كنتُ
مكرهة ، دائمًا ما كان يتصرفُ كما يريد دون أن يبالي بشأني بمشاعري و أحاسيسي و لكنهُ اليوم جعلَ مشاعري و كرامتي فوقَ اشتياقهِ
و شهواتهِ الغريزية ، أعلمُ بقرارةِ نفسي أن ما أفعلهُ خطأ و أنني زوجةٌ ناشز ملعونة فالزوج إن نادى زوجتهُ تأتيهِ و إن كانت تخبزُ
على التنور ، و الناشزُ مثلي لا نفقةً لها و لا سُكنى فقد ترفعت عن طاعةِ زوجها رغمَّ أن الحبيبُ المصطفى صلى اللهُ عليهِ و سلم قال : ولو
كنت آمر أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، هذا الدليل لا يدلُ على سجود المرأة لزوجها فلا سجود إلا للهِ وحده و لكنهُ
يدلُ على عظيمِ حقِ الزوج و أنا بأفعالي لا أقومُ بأي حق ، و أمتنعُ عن الفراش و السكنِ معهُ بذاتِ الحجرة ، و هو كزوج لهُ الحق أن يطلقَ
ناشزًا كمثلي أو يقومُ بنصحي و من ثم الامتناعُ عن مضاجعتي و إعطائي ظهره و من ثم ضربي ضربا غير مبرح ، لكن لا شيء قد ينفعُ معي
فالنصح و التقرب قام بها هوَّ بطرقٍ غير مباشرة و الامتناع أنا من أمتنعُ عنهُ لم يتبقى من الحلولِ سوى الضربِ الغير المبرحِ أو الطلاق ،
كثيرًا ما يؤنبُني ضميري و اليومَ زاد التأنيبُ عن ذي قبل فأيُ زوجٍ هذا تأتيهِ زوجتهُ الناشز على طبقٍ من ذهب و يتركها كابحًا شهوتُه
و حاجتُه إليها التي لهُ كامل الحقِ بأخذها ، تأكدتُ من أفكاري من فانيلة البجامة الرمادية الملقاة باهمالٍ في التسريحة مبللةً
بالعرق يبدو أنهَ مارس التمارين الرياضية حتى هُلِك لقد حرمتُه النوم بمظهري هذا ، لكني والله لا أستطيع أشعرُ أني مظلومة و عليهِ
أن يردَ كل سنيني المسلوبة فكيف أعطيهِ ذاتي ببساطة ، ألا يُعتبر هذا استسلامًا مني ، خنوعًا لهُ بعدَ ظلمي بعد الضنكِ و الضيم الذي
عشتهُ سنواتٍ دواليك ألا يُعتبرُ هذا انهزام المظلوم و ضعفٌ أمام الظالم ، أليسَ ليَّ الحقُ بمعاقبتهِ ، أليس عليهِ أن يُعطيني ما سلب مني
قبل أن أعطيهِ جسدي
تصلبت أفكاري و توقفتُ كالجمادِ أمام المرآة حينما فُتِحَ باب دورةِ المياه لم ألتفت اتجاههُ مطلقًا ، أشعرُ بالخجلِ من قميصي
و منه هوَّ الذي عانى طيلة الليل لنومي في فراشهِ و من ذاتي لاستيقاظي و عدم الخروج من حجرتهِ قبل خروجهِ من دورةِ المياه ، عضضتُ على
شفتي و فركتُ يدي و قد توقفتُ عن التفكير فلم أعد أعلم ما يجبُ عليَّ فعلهُ سمعتُ صوتَ بابِ الدولاب و لكن طغى صوتُ منبهِ الجوال على أي
صوتٍ آخر فجاءَ صوتُه المبحوح من ورائي حيثُ يقفُ عند الدولاب : معزوفة الله يرضى عليكِ وقفي المنبه .
رفعتُ عيني المصوبة على يدي التي أفركها إليهِ عبر المرآة لأراه يجففُ شعره و يضع أرديتهَ الداخلية و ثوبهُ على السرير ، تحركتُ إلى
الهاتفِ الموضوع فوق الكوميدينة و اضطررتُ من المرور بجانبهِ أغلقتُ المنبه و عدتُ أدراجي لحيثُ كنت لكن يدهُ عانقت يدي ليستدير
جسدي إليه كانت عيناي متحجرة بصدرهِ العاري المبللِ بالماء شعرتُ بيده أسفل ذقني رفع رأسي برفق و بصوتٍ حنون : فيك شي ؟
رفعتُ عيني أخيرًا لعينيهِ و رأيتُ بداخلمها جُلَ حنانِ الأرض و أنا التي عاشت يتيمةَ الأب و الأم منذُ العاشرة من عُمري ، حينما رآني
صامتة مسح على وجنتي بأحدِ أصابعهِ الممسكة بذقني و أردف بهمس : لا تضايقي نفسك ، اليوم مارسة بتكون هنا إذا وجودها يضايقك
بخرجك نسكن برا البيت ، حتى لو زعل أبوي يزعل و يعصب فترة و مصيره يرضى ما بحملك شي فوق طاقتك يا قارورة ، يلا روحي صلي
و ارتاحي و لا تفكري بأي شي .
ابتلعتُ ريقي أحاول لّمَّ زمامِ الأمور ، ابعد هوَّ يدهِ عن ذقني و أعطيتُه ظهري مبتعدةً عنهُ خارج حجرتهِ و أنا بحاجتهِ ، كنتُ بحاجةِ
رميَّ جسدي بصدرهِ أن يحتضنني و يُخففَ عني ، لقد تعبتُ من الشكوى لوسادتي و احتضناها لا حياةَ بها و لا حنان ، بطفولتي احتضنتُ دميتي
و بمراهقتي و نضجي أحتضنُ وسادة أحتاجهُ و لكن الكرامة تبقى عائقًا بيننا و إلى متى ؟!




***



فتحتُ عيني على صوتِ منبهٍ ما ليس منبهي إذًا لمن هوَّ , لم يطُل تفكيري كثيرًا فقد سقطت عيناي عليه و هو يصلبُ ظهره و يجلس بعد الاستلقاء
أغلق المنبه و رفع عيناهُ إليَّ : و أخيرًا يا معن صحصحت قوم باقي على أزان الفجر ساعة .
عقدتُ حاجبي و أنا أشعرُ بأن رأسي يؤلمني و أفكاري متشتتة أتذكرُ أنه أيقظني بالماء لكن لا أتذكرُ شيئًا آخر يبدو أنني عدتُ للنوم
أبعدتُ يدي عن رأسي و جلستُ على الكنبة من بعدِ استلقائي و بتساؤل : وش صار أمس ؟ و ليش إنت نايم هنا ؟
ابتسم بسخرية : و أنا أقدر أرجع لبيتي و إنتا بالحالة المزرية دي , ياخي أرحم نفسك من الدخان هادا , كنت زي الجسة من تعبك و بالقوة تتنفس
الدخان هوا الانتحار البطيء و إنتا جالس تنتحر من غير ما تحس بنفسك , بطل تدخين جدد أفكارك بأفكار إيجابية خلي عندك أمل حط بزورتك بعيونك
قدوتهم مدخن د
قاطعتُه مستهزئًا بنفسي : لا قدوتهم زاني قاذف .
هزَّ رأسهُ بيأس : والله إنتا الكلام معاك بدون فايدة الواحد كأنو يكلم الجدار ياخي اتقي ربك في إللي تعملو بنفسك شوف أياديك كيف متشوهة
من علامات السيجارة , تحسب إنو لو عزبت نفسك بدي الطريقة حتكفر عن زنبك بالعكس إنتا بتسوي حاجة ما يرضاها الله سبحانو و تعالى و لا تلقوا بأيديكم
إلى التهلكة و إنتا هلكت نفسك بكمية السجاير الي دخنتها و هلكت نفسك بحرق نفسك إنتا بتصرفاتك دي بدل ما تخرج من الغلط قاعد تدخل فيلو زيادة
أنهار الله يرحمها ربي مقدر ليها دي الموتة لو ايش ما تعمل ما حتقدر تعدل الي صار , بس إنتا لازم تقفل صندوق الماضي و تبدأ بحاضر جديد
حاضر يكون كل شي فيلو صح بصح , غير نفسك أرجع لجوزتك اعتزر ليها رد ليها كرامتها حسسها بمقدارها في قلبك اتقرب من بزورتك احتويهم
للأسف أباء اليوم معيشين بزورتهم في اليتم مع إنهم عايشين ! , الشغالة بتربيهم و تكبرهم و هما مو داريين عن بزورتهم تحسب بزورتك
كدا فرحانين بمجرد ما عندهم فلوس و وحدة تراعهم قد المعيشة الي بتاخدها لا طبعًا هما محتاجين ليك إنتا و مامتهم محتاجين للحنان
اتقرب من جوزتك و احتووا بزورتكم لين متى حتعيش في هادا الشتات ؟ , ايش الي استفدتوا لما حرقت نفسك و هلكت رئتك ؟ اتقدم شي ؟
لا طبعًا ما استفدت و لا حاجة و لا اتقدم شي , الحالة الي إنتا فيها اسمها المازوخية تعرف ايش معناها إنك تستمتع و تحس بالراحة لما تعزب نفسك و تهلكها
إنتا كنت قبل كدا سادي تحب تعزب الحريم لكره انزرع في قلبك بعد ما اتهيىء لزهنك إنو جوزتك خاينة ولأنك ما كنت تبغى تعزبها و تطلقها كنت تعزب
غيرها و تفرح لما تشوف بنت ضعيفة عشت دور المريض السادي الي يستمتع بعزاب غيرو و لما عرفت إنو جوزتك بريئة و ظلمتها على الفاضي
و عزبت أنهار بدون سبب اتحولت تصرفاتك للمازوخية و صرت تستمتع بتلقي العزاب سواء من نفسك أو من غيرك , اكيد إنك فكرت
من حيقدر يجلدك زيما جلدت جوزتك و إنتا دحين عندك كامل الاستعداد تتلقى الجلد من أي انسان ياخد حق جوزتك منك
بس تعرف إنو حالتك دحين أحسن من أول , إنتا أول كنت تفكر في الاعتراف و إنو ينطبق عليك الحكم الشرعي و تموت دا الشي يشبه تصرف الكفار
في إنهم في أعلى مراحل المازوخية ينتحرون و يموتوا لكن لأنك مسلم ما تبى تنتحر و تموت كافر فحبيت تعترف باللي عملتو , الحين طلعت
للمرحلة المتوسطة من المازوخية و صرت تكتفي بتعزيب نفسك بنفس الأشياء إلي كنت تعزب فيها غيرك لما كنت سادي , و أنا أتمنى كمان إنك
تتغير للأفضل و تطلع لأصغر مراحل المازوخية و هي الاكتئاب النفسي يعني تعيش نفسك في حزن و تسمع موسيقى حزينة و كدا و بعدها إن شاء الله
تتعافى كليًا , خلي في عقلك دايمًا ربك ثم جوزتك و بزورتك فكر فيهم كتير و إن شاء الله حتتعافى .



***


صباح يومٍ جديد الساعة الحادية عشر , استيقظتُ من نومي على صوتِ رنةِ الهاتف
مددتُ يدي إلى الكمودينية والرؤيا لم تتضح بعد , سحبتُ السهم باتجاهِ اللون الأخضر ليجيئني صوتُه : أنا بستنى عند الباب افتحلي .
قمتُ من على السرير بسرعة : طيب .
مشيتُ بإتجاهِ باب الشقة فتحتُه و أشرتُ لهُ بالداخل : أدخل و أنا بغسل وجهي و أجيك .
توجهتُ إلى دورةِ المياه غسلتُ وجهي و أخذتُ سواكي و توجهتُ إليهِ حيثُ الصالة
جلستُ مقابلهُ و بلهفة : بشر
ابتسم لي : و أنا فعلاً معايا أخبار حلوة , لئينا رئم ماكس بإسم راجل هندي لكن ئدرنا نتبع العنوان و العنوان هوا نفسو المسجل بالمطعم
يعني دلوئتي احنا رابحين و أنا كنت ائدر أروح وحدي بس ائولت ده مجهودك و إنت هتكملو للآخر .
تنهدتُ براحة و صارت روحي مفعمة بالحيوية ابتسمتُ بسرور و أنا أقوم من على الكنبة : ياخي الله يبشرك بجنته ببدل ملابسي و أجيك .



***



حينما وافقت حسناء على الذهابِ لمنزلِ عبدالقوي و الكشف عن الأسرار المخفية اتصلتُ على زوجي الذي تعذر عن المجي ء لأن لديهِ أعمالاً هامة
و وعدني منذُ الساعةِ الثامنة صباحًا سيكون أمام المنزل , و الطريقُ ما بين القبيلة التي تقطنُ بها حسناء و جدة تأخذُ أربعُ ساعات
و ها نحن وصلنا إلى منزلِ عبدالقوي بتمامِ الساعة الثانية عشر و النصف ظهرًا , زوجي يقفُ أمام الباب الكبير يطلبُ من الحراس
فتح الباب إلا أنهم رفضوا فهم ينتظرون الأمر من ساكني المنزل حتى يفتحوا الباب
اتصلتُ على عُزوف أكثر من مرة فلم ترد , و عدتُ للاتصالِ على عُطرة مكالمتين ولم ترد ولكنها ردت بالثالثة بصوتٍ مرحب : يا هلا والله بخالتي مزنة
لا أدري أبتسمُ لترحيبها و سعادتها بي أم أجعلُ جُل همي بالمصائبِ القادمة بعد وقتٍ قصير , رددتُ عليها : هلابك يا عطيرة , يابنيتي حنا عند الباب
و هالحراس ماهم براضيين يفتحوه .
بأسفٍ و اعتذار : حاضر يا خالتي و السموحة منك .
دقيقة و فٌتح الباب , عاد زوجي للسيارة و العرق بجبينه من حرِ الظهيرة
و نزلنا أنا وحسناء التي تقعدُ بالمقعدِ الخلفي متجهين لداخلِ القصر
استقبلتنا عُطرة التي سلمت عليَّ بمحبة و حبور , ومن ثم نظرت إلى حسناء وبوجهها علامات الاستفهام إلا أنها حيتها و سلمت عليها كما ينبغي
و بعد السلام , أشرتُ إلى حسناء : هاذي حسناء بكما أخوها المرحوم صديق زوجي " تابعتُ بحقدٍ و قهر " و صديق خويلك عبدالقوي .
أومأت برأسها بتفهم و اتسعت ابتسامتها : بنقعد نتكلم قدام الباب حياكم يا خالة .
تقدمنا بخطواتنا و جلسنا على كنبِ الصالة أنا و حسناء بجوار بعض على الكنبة المزدوجة و عُطرة مقابلةً لنا على كنبةٍ فردية
مدت عُطرة يدها إلى اللاسيلكي تتحدث مع إحدى الخادمات : جيبي عصير .
بهدوءٍ ما قبل العاصفة : ما نبي ضيافة يا عُطرة , حنا جايين نبي خويلك و صايمة و ظانع و مارسة بكلمة .
عقدت حاجبها و بتوجس : خير يا خالة .
نظرتُ لحسناء و عدتُ للنظرِ إلى عُطرة : بتعرفي كل شي , وينه خويلك ؟
أجابت : والله أمس جات لمارسة ولادة مبكرة و كلهم هالحين عندها بالمستشفى , بس أعتقد إنهم بيرجعوا في العصر .
ابتلعتُ ريقي و بتساؤل ملؤهُ الخوفُ و الهلع : وليدها بخير ؟
لتجيب و التساؤلُ بعينيها : ايه بخير .
شهقت حسناء بشدة نظرتُ لها فوجدتها تبكي و هي تضع يدها بصدرها و بالكادِ تلتقطُ أنفاسها
حاولتُ تهدئتها بينما عُطرة كانت تنظرُ لنا بغرابةٍ من حالنا .




***



الساعة الواحدة ظهرًا , أضعُ الحاسب المحمول المصغر على فخذي و أجلسُ بجوارِ الضابط هاني الذي يقودُ السيارة ، أنظرُ للنقطة التي تتحرك بالشاشة هذهِ
النقطة التي تشيرَ إلى موقعِ ماكس عن طريق رقم هاتفهِ المحمول و أخيرًا توقفت النقطة بمكانٍ ما ، وصفتُه لهاني الذي كان يسمعُ
لي حرفًا بحرف حتى توقفنا أخيرًا على بعدٍ بسيطٍ من النقطة أطفأ هاني السيارة و حمل مسدسهُ و حملتُ مسدسي ، خرجنا من السيارة
و اقتربنا من النقطة حتى أصبحنا أمامها مباشرة و ما كانت إلا سيارةُ أجرة نظرنا لما بداخل السيارة لم يكن بالداخل إلا السائق
الذي يبدو أنهُ لاحظ و قوفنا بجانبِ السيارة ففتح النافذة صارخًا : ايه يا عم عاوز ايه ؟؟
أخرج هاني بطاقتُه العسكرية قائلاً : عاوزين نفحص العربية .
أومأ برأسه و نزل من السيارة و بينما هاني يفحصها ، اقتربتُ من السائق : أعطيني جوالك .
مدَّ إلي بهاتفين أحدهما ذا طرازٍ قديم و الآخر ايفون بإصدارهِ الجديد ، قائلاً باندفاعٍ و خوف : و اللهي يا باشا أنا مليش دعوة
بالمشاكل خالص اليوم راجل أدهالي الموبايل ده و أنا ما اعرفهوش بس ئولت لنفسي حاجة بتجيك هدية خدها و اسكت يا عم .
توقف هاني عن البحث بعد سماعهِ لحديثنا ، و قال بقنوط : و اللهي مش هنحصلو احنا بندور ع ابرة في كومة ئش .
أخرجتُ محفظتي الجلد السوداء و أخرجتُ من داخلها صورةً مصغرة لماكس سائلاً السائق : هذا الرجال .
نظر للصورة بتركيز ليُجيب : اه بس شعرو كان اسود و عينو سودا كمان .
ليقول هاني بتفهم : متنكر كمان ، هوا ليه في اليوم ده , صار كريم و ادى السواىء موبايلو ؟
نظرتُ لهُ مجيبًا بثقة : إنت لما جبت خبير الكمبيوتر جبته للمركز العسكري و كنت تبحث عن المعلومات هناك في واحد في المركز عرف هالشي
و هو خاين لصالح ماكس قال لماكس و ماكس أعطى للسواق الجوال و السواق كان نقطة متحركة طول اليوم إلتهينا عن ماكس و هو رجع الحين للبيت
مرتاح البال ، احنا بناخذ هالجوال و نعطيه لخبير كمبيوتر غير الأول لأنه ممكن الأول يكون خاين و خصوصًا إنكم متعاملين معاه من سنين
و بنفتش الجوال في بيتي ما بيكون فيه إلا أنا و إنت و خبير الكمبيوتر .



***


الساعة الثانية و النصف ظهرًا , نجلسُ وراء القضبان تتبادلُ السجيناتُ صديقاتي الأحاديث عن الموضة و الأزياء المكياج و الأسواق و غيرها من أحاديث الفتيات
فكل واحدة تذكرُ الموضة قبل دخولها للسجن و يتساءلون ما هيَّ صيحةُ اليوم
كنتُ أنظرُ لهم و لا أفهمُ ما يقولون فأنا لا أعرف من المكياج سوى الكحل و أحمر الشفاه و الماسكرا و غير ذلك لا أعرف
أما الأردية فلم أكن أرتدي سوى القميص و التنورة دائمًا ما كانت أرديتي بهذا الروتين لا جديد بمظهري بتاتًا شعرتُ بشيءٍ من الخجل و النقص
فأنا دائمًا ما كنتُ أشاركهم الأحاديث حتى أن أخواتي دائمًا ما يقولوا عني أنني اجتماعية و أحبُ مجالسة الناس
و لكني اليوم لم أجد ما أتحدثُ عنه فالتزمتُ بالصمت و استمعتُ لهم دون فهم فكثيرٌ من المصطلحات لا أفهمُ معناها و لا أدري عما يتحدثون
أهذهِ الكلمة نوعٌ من أدوات الزينة أم اسم رداءٍ ما !!
حتى نظرت إليَّ إحداهن : غريبة هوازن ساكتة وين مسرحة يا بنت .
ابتسمتُ لها : لا والله معاكم بس ما أفهم بهالشغالات ففضلت السكوت .
عقدت حاجبها و باستغراب و استنكار بذاتِ الوقت : ما تفهمي بالميك أب و الملابس ؟!
فركتُ يدي و أجبتُ بخجل : ايه ما أفهم .
لتقول إحداهن : مو معقول , مو إنتِ متزوجة الكاسر الي زابلنا في السجن ؟
مسحتُ على رقبتي و أجبتُ بحرج : ايه بس يعني زوجي راضي فيني كذا و عمره ما حسسني بالنقص و أنا الصراحة أحس التفكير في المكياج و الملابس
شي غبي و كل حياتي كانت لعيالي و بيتي و ديني .
لترد إحداهن مستنكرة : بس حتى و لو زوجك أكيد يشتاق يشوفك بمظهر و لوك جديد بس يمكن هوا يحبك و ما بين لك هالشي عشان لا تزعلي و تتضايقي
ترى الرجال بعدين عينه تزيغ إذا حتقعدي بهادا الشكل كأنك طفلة ابرزي انوثتك غيري شكلك باللي يناسبك لا تقعدي طول عمرك على نفس الشكل
بعدين حبيبتي إنتِ دارسة دين و عارفة إنو على الزوج النفقة على زينةَ زوجتو يعني الزينة مذكورة في الدين , إن الله جميل يحب الجمال
ما قد صبغتِ شعرك ؟ ما سويتِ مكياج ؟
زاد خجلي حتى أني طأطأتُ رأسي : لا الصراحة شعري من يوم ما انولدت و هو أسود مثل ما هو , و إن سويت شي حنيته , و المكياج ما أعرف له
إلا إذا كان فيه مناسبة أختي الصغيرة تسويلي أو أروح لكوفيرا .
سألت إحداهن : و كيف تكون ردة فعل زوجك ؟
ابتسمتُ و أنا أتذكره : و لا شي يقعد يصلي على النبي و يًذكر الله و يحصني .
شهقت إحداهن : حرام عليكِ و تقولي و لا شي زوجك غارق فيكِ و إنتِ مو حاسة , هو يحتاج يشوفك بمظهر جديد لكنه يحبك و مو حاب يحرجك
ولو كان شكلك ما يهمه ما كان حصنك و اهتم فيك , هو يبغاكِ إنتِ تحسي بهالشي و تتغيري بنفسك , لا تحرميه يا هوازن ترى هاذي حقوقه
و مافي زوج ما يحب يشوف زوجته بمظهر حلو , كل زوج يحب يشوف زوجته ملكة ما في منها و إنتِ حسسيه بهالشي , إنتِ قد قلتِ لنا
إنك الأقل بالجمال بين أخواتك وإنه أختك الكبيرة مرة جميلة تبارك الرحمن أما الصغيرة عادية لكن أنيقة جدًا و دايمُا تطلع حلوة
و إنتِ لو اهتميتِ لنفسك ممكن تغلبي بأناقتك أختك الجميلة , يعني لا تقعدي تصوري في عقلك إنك مهما اهتميتي ما بتتغيري كثير
لا بالعكس أكيد حتحلوي و الحلى هذا حيرضي زوجك بدرجة كبيرة , عاد فكري بكلامي كثير مثل ما لعيالك و بيتك و دينك حق حتى لزوجك حق
زوجك حقوقه مو مقتصرة بس على الفراش و ترتيب ملابسه لا , حتى زينتك من حقوقه الزوج يرجع من شغله تعبان هلكان يبي يشوف شي يفتح نفسه
يمكن إنتِ تهتمي بريحة ملابسه بحمامه لكن إنتِ نفسك أغلى من هالمكان فكيف تهتمي بكل شي و تتركي أهم شي عند زوجك و الي هو إنتِ !!



***



الساعة الثالثة ما قبل العصر , أجلسُ بالصالة مع أختي الصغرى ديما و أخي الصغيرُ ياسر ينظرُ إلينا و لكنهُ لم ينضم لنا فهوَّ و أختي الوسطى يستنقصوني
رغمَّ أني حاولتُ التودد و التقرب إليهم لكنهم لا يتقبلوني بتاتًا و إن تقبلني ياسر بمقدارِ ذرة جاءت أختي الوسطى و همست بأذنهِ ليبتعدَ عني أميالاً طويلة
أختي الكبرى ميساء و أمي في المطبخ تغسلان صحون الغداء , و أبي اليوم لم يتناول الطعام معنا معتذرًا بأن لديهِ الكثيرُ من الأعمال
وصلنا صوتُ المفاتيحِ على الباب فقامت أختي ديما تقفز بسعادة حتى وصلت إلى الباب و هي تصرخ : بـــابـا جـا بــابــا جــا
فحتضنها أبي و حملها و دخل بها إلى الصالة ألقى السلام عليَّ و جلس بجوراي , خرجت أمي من المطبخ تسأله : أقرب لك الغدا ؟
ابتسم لها أبي : بعد شوي قربيه الحين عندي لكم خبرية حلوة بخصوص الغالي أغيد تعالي أجلسي
نظرتُ إلى أبي باهتمام , وبعينيِّ لهفةً و تساؤل عمَّا يُخبِىء
أخرج من جيبهِ بطاقةً و أوراق مدها إليَّ , أخذتُها من يدهِ و قد أدركتُ ما تكون
إنها هويتي كُتبت باسمي الأقربُ لي أغيد لا يزن
أمسكتُ بهالوية بشدة أتفحصها و أتأملها و كأنها كنزٌ لا مثيل لهُ
أخيرًا عرفتُ أسرتي و علمتُ أني سعودي الجنسية
علمتُ من أكون و لأي دمٍ و عرقٍ و نسبٍ و قبيلةٍ أنتمي
رفعتُ عيني لأرى أبي مبتسمًا و ميساءُ تباركُ لي و ديما تتراقصُ فرحًا رغمَّ أنها لا تفهم شيء و أمي مبتسمة و غارقة بدموعها بذاتِ الوقت
و تبدو دموع الفرح , و لكنها بحقيقةِ الأمر لم تكن دموع فرح لقد أخطأ أغيد التفسير هيَّ تبكي لأن تلكَّ الذكرى المقيتة راودتها
ذلك اليوم الذي اختفى بهِ أغيد و ما بقيت سوى هويتهُ أوراقٌ لا قيمةَ لها إن كان مالكها الحاضرُ غائبًا و كيف إن أُخِذَ منها بغفلة
دون درايةٍ منها , نجد اللحياني معلمةُ لغةٍ عربية بمدرسة التاسعة و الخمسون الثانوية بجدة
كانت بذلك اليوم الذي تغيرت بها كل حياتها تقفُ عندَ الباب فهيَّ اليوم عليها الوقوفُ عند الباب حتى تفرغ المدرسة من جميعِ الطالبات
كانت معها ابنتها ميساء و ابنها يزن , ميساء كانت تلعبُ مع بناتِ الثانوية أما يزن فكان يقفُ بجوراها وهيَّ تتحدثُ مع إحدى الطالبات
بشأنِ اختبارِ الغد , و دون أن تدري خرج الطفل يزن من المدرسة و مع ازدحام الطالباتِ بالخارج طالبة تدفعهُ يُمنى و أخرى تدفعهُ شمالاً
حتى وقف في الشارع ينظرُ إلى السياراتِ العابرة , بفضولِ طفل قطع الشارع كادت سيارة أن تصدمهُ خرج مالكُ السيارة و وقف أمامه
بادر الطفلُ يزن البريء بالحديث : إنتا سوادنا الزديد ؟
ابتسم بمكر و هو يحركُ رأسه : ايه أنا يا حبيبي سواقكم تعال اركب
قال الطفل و هو يُشير للمدرسة : و نستنى ماما نزد و ميسو في السيارة
أجاب بطفولة : ايه يا بطل .
صعد الطفل إلى السيارة و طار حمدان بالسيارة بعيدًا , ليُسمى يزن بأغيد و تٌبتر يدهُ
و يعيشُ اليتم و الذل و الهوان بلا هوية و لا علم و لا أيُ شيءٍ يُذكر
هيَّ بالداخل أدركت أن يزن ليس حولها و لكنها لم تعتقد أنهُ خرج للخارج بحثت بالمدرسة بكلِ الفصولِ و المكاتبِ و دوراتِ المياه
حينما يئست أخذت تبكي بوهن و الطالبات اللاتي لم يجيء أهلهن بعد أخذن يبحثن عن يزن معها
كانت ميساء أيضًا تبكي على أخيها الصغير فقد خافت حينما رأت أمها بهذه الحالة
المديرة و من تبقى من المعلمات يحاولن تهدئتها و سؤالها رويدًا رويدًا علَّهن يعرفن أين هوَّ الآن
حتى ألقت إحدى الطالبات قنبلة جعلت المعلمة نجد تبكي بكاءً مريرًا و تجري إلى الشارع دون عباءتها استوقفتها إحدى المعلمات و غطتها
بالعباءة بطريقةٍ عشوائية قنبلة كانت تقولُ أن يزن قد يكونُ خرج خارج المدرسة
بحثت بالشارعِ كالمجنونة , الرجالُ كانوا ينظرون لها بغرابة و لكن ضعفها هذا بثَّ الرحمة لقلوبهم
فصار الجميعُ يبحثُ عنهُ حتى قال أحدَ الآباء الذي ينتظر ابنتهُ عند الباب منذُ مدةٍ طويلة : شفت ولد لابس أخضر و عليه بطاقة ركب سيارة و راح مع صاحبها , هو لدك ؟
حينها انهارت و هي تُردد : ايوا ... هوا ولدي يـ....زن يزن انخطـ.....ف يـ.....زن .
اتصلت إحدى المعلمات من هاتفِ نجد إلى والدِ يزن الذي حضر سريعًا بحث عن ابنهِ و حاول تهدئة زوجتهِ نجد و طفلتهِ ميساء
منذُ ذلك اليوم وعدت ذاتها أن حياتها لن تكون إلا لأبنائها تركت وظيفتها وصارت ربةَ منزل
صار التعليمُ كالكابوسِ بالنسبةِ لها , حينما تبعثُ ابناءها للمدراس تجلسُ بالبيت تبكي بهسترية و ذلك اليوم يُعادُ بذاكرتها
بكلِ صباح تخافُ أن يغيب أحدهم عنها توالت السنين و يزن لا أثر لهُ كل الأثرِ بقلبها
لآمت كثيرًا ذاتها لو أنها و لو أنها
و لكن بما تنفعُ لو بعد فواتِ الأوآن ؟ّ!



***



بعد صلاةِ العصر , نجلسُ في الصالة بعباءتِنا بترقبٍ و توجس ما بين التوتر و القلق
حتى فُتح الباب و دخلت صائمة و من ورائها عبدالقوي تستندُ عليهِ مارسة
توقف عبدالقوي ناظرًا لي بإزدراء لطالما نظرَّ إليَّ بهذهِ النظرة
بينما بادرت صائمة بالترحيب : يا هلا و الله بمزنة نورتي جدة بوقتك , بنيتي والدة بغانم أمس .
ابتلعتُ ريقي بتوتر فلا أدري كيف لي أن أقول ما سأقول نظرتُ إلى حسناء التي تتغطى بحجابها الكامل و لكن يبدو التوتر
بحركةِ أقدامها و انتفاضِ يديها , تقدمت صائمة إلينا متسائلة : ومين هالمره ؟
رفعتُ عيني و التقت بعبدالقوي الذي كان ينظرُ للمرأة بتوجس , أجبتُ بثبات يخالفُ زوبعةَ الخوفِ بداخلي : حسناء
شهقت صائمة بصدمة : حسناء يا حيا الله حسناء و ينك يا مره و ينك محدن شافك من سنين
بقيت عيناي على عبدالقوي الذي كان يشدُ بقبضتهِ على مارسة و عيناهُ لا تكهنُ بالخير كان ينظرُ لحسناء و كأنهُ يجردُ العباءةَ عنها
تقدم عبدالقوي بخطواتهِ يجرُ مارسة التي بالكادِ تلحقُ خطواتهِ الواسعة السريعة
استوقفتُه : حسناء تبيك يا عبدالقوي و ين رايح عنها ما هي بمرتك
ليجيء صوتُهُ مكتضًا بالغضب : سكتي يا مزنة و ثمني حكيك و هالحسنا ما أدري عنها
و قفتُ من على الكنبة و وقفت حسناء التي تجلسُ بجوراي تُمسكُ بيدي بخوف
تكلمت مارسة باحتقار : عجوز مخرفة عبدالقوي ماله غيري أنا و ساجدة و يلا لمي نفسك و أخرجي أنا و عبودي تعبانين و نبي ننام
قال عبدالقوي مؤيدًا و عيناهُ لازالت مصوبة بحسناء الخائفةالمتشبثة بذراعِي : سامعين كلمة كنز البيت يلا البيت يتعذركم ذلفوا من مكان ما جيتوا
تقدمتُ بخطواتي خطوةً للأمام فصارت حسناء خلفي قليلاً ولكن عبدالقوي لازال ينظرُ إليها هل هوَّ على ريبٍ من كونها حسناء ؟!
بثباتٍ و قوة : تنكر إن لك بنية منها دفنتها بالتربة , و هالبنية تربت ببيتك و كبرت و إنت ما إنت داري إبها
مارسة بنيتك يا عبدالقوي
مارسة بنيتك يا عبدالقوي
مارسة بنيتك يا عبدالقوي .



***


إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
الجحيم القادم قبل دخول ذو القعدة بإذن الله .




الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:45 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.