آخر 10 مشاركات
رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ..خطوات نحو العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : smile rania - )           »          بأمر الحب * مميزة & مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          المتمردة الصغيرة (25) للكاتبة: Violet Winspear *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          إغراء النسور - آن ميثر ** (الكاتـب : Just Faith - )           »          1121-زواج ألزامي- بيني جوردان -دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          Harlequin Presents - October 2013 (الكاتـب : silvertulip21 - )           »          Harlequin Presents April 2013 (الكاتـب : سما مصر - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree9Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-10-16, 10:22 PM   #291

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الجحيـــم


( 76 )


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **











أبعدتُ الهاتف عن أذني و أنا أنظرُ إليهِ بلا استيعاب لقد أغلقتُه في وجهي , عضضتُ شفتي بمتعة : بوريكِ يا شقية .
اتصلتُ لأُعطيها خبر أني سأغيبُ عن المنزل , لأنام مع والدي في المشفى لكن أبي
حذرني من أن أبوح لأي كائنٍ كان بأنه في المشفى فهوَّ لا يحبُ أن يظهر ضعيفًا
و كأنهُ ينكر ضعف و وهن بني آدم , هداك الله يا أبي و أنار بصيرتك
خرجتُ من الكافتيريا متوجهًا للحُجرة التي يمكثُ بها أبي فهوَّ نائم منذُ ساعة سأراه إن كان قد استيقظ
تحجرت أقدامي عن الحركة و اتسعت عيناي تسارعت ضرباتُ قلبي و توقف العالم من حولي
إلا حركة السرير الذي يخرج من الحجرة التي يمكثُ بها أبي
سرير عليهِ رجل مغطى بالشرشف الأبيض من رأسهِ لأخمصَ أقدامه
تصلبت أقدامي لم أستطع الحركة عيناي مثبتة على الجثة المغطاة
و رأسي يتحركُ بالرفض و لا فكرة تعصفُ في ذهني سواه ولا شيء تراه عيني سواكَّ يا أبي
دفعتُ أقدامي خطوةً للأمام و توقفتُ بدهشة حينما رأيتُ إمرأة كبيرة بالسن تبكي و تجري وراء السرير و شاب ينادي : يمه اهدي يمه .
قشعت الشرشف عن وجهِ الميت , فسرقتُ النظر و زفرتُ أنفاسي براحة
الحمدلله ليس بأبي الحمدلله , كانت روحي ستخرج لفرطِ خوفي و هلعي
يالله ما أصعبها لحظة الفراق هذا الفراق الذي لا عودةَ منهُ
عقدتُ حاجبي و ضيقتُ عيني و أنا أرفعُ رأسي و أنظرُ لرقمِ الحجرة فاتضح أنها الحُجرة المجاورة لحجرةِ أبي
و قد ظننتُها حجرةَ أبي , تقدمتُ بخطواتي باتجاهِ الحُجرة سميتُ بالله و كأني لم أخرج من الكابوس بعد
فتحتُ الباب و دخلت لأرى أبي نائمًا بهدوء
ابتسمتُ براحةٍ و سرور و دعوتُ الله أن يطيل في عمرهِ
و أن يمدَّ العائلة التي فقدت غاليهم بالصبر .


***

تم تأجيل الدعوة إلى حينٍ آخر و استغربتُ كثيرًا من تأجليها فتبيَّنَ لي أن أصل الحكمي قد طلبَ من القاضي تأجيل الدعوة حتى يأتي بأدِلتُه
لتخفيف العقوبة عني و قد استغربتُ كثيرًا طلبهُ فقدَ أرسل الضابط هاني مرشود إليَّ ليقولَ لي أن أصل يريدُ عينةً من شعري !
هل وجدَّ عائلتي و يريدُ التأكد من خلال تحليل الحمض النووي ؟
و كان لهُ ما أراد أعطيتُه عينة من شعري فقال لي الضابطُ هاني أنهُ سيوصلها مع رجلٍ ما للسعودية حيثُ سيكون أصل
هل حان اللقاء ؟ هل سأراهم ؟
هل كل ما تمنيت سيتحقق ؟
اليوم ربيع و جهاد حُكم عليهما بالإعدام و هذا الخبر منتشر داخل القضبان الحديدية
و عائلتي ستظهر قريبًا ؟
كم أريدُ رؤيتهم و معاتبتهم و مخاصمتهم و رميَّ اللومِ بهم
فلو أنهم احتضنوني إليهم لما كان هذا حالي
و اليوم أيضًا خرج ركاض براءة
آه يا ركاض لا أدري بما تفكر بي ؟
ماذا أصبحتُ بالنسبةِ لك ؟
خائنة , محتالة كاذبة
إلى أي حدٍ كرهتني يا ركاض ؟
ليتكَ تفهم , تعلم و تعرف
كيف خُدِعت , كيفَ أني مظلومة
أني ضحية من ضحياهم
أني لم أُرِد إلحاق الضرر بك فأنا أُحبُكَ فكيف أتمنى لك الشر ؟!
ركاض سامحني يا ركاض
و وليام نُقِلَ إلى كندا و لا أدري أيُ عقوبة قد تُطبق عليه و لكن المهم أن الإعدام ليسَ من بينهم
كم أحزنني حُزنك و خذلانك مني يا وليام , أنا أعلم أنكَّ بريءٌ مما يفعلون
و لكن ماذا يعلم القانون يا وليام
إنهُ فقط يدعي العدل ولا عدلَ بهِ
أرجوكَ سامحني يا وليام فأنتَ الوحيد الذي ساعدني بأيامِ محنتي .


***




الساعة الخامسة عصرًا أجلسُ على السرير و بيدي كتابُ الله أسترجع ما حفظت منذُ سنين حتى لا أنسى و بينما أنا في سكينة و طمأنينة و خشوع رغمَ غيابِ الحرية رغمَ كلِ و أي
شيء كتابُ الله ينبلجُ منهُ النور و الراحة جاءَ صوتُ السجانة : هوازن أصل إفراج .
أغلقتُ كتاب الله و وقفتُ بلا استيعاب كالجمادِ بلا حركة بينما أصوات السجينات تفاوتت بالتهاني و التبريك لم أستوعب بعد ما قالت هل أخطأت ؟ هل تعي ما تقول أم أنها جُنت لم أكمل سنة واحدة
حتى أخرج ، عادت تقول بصوتٍ جهوريٍ أقوى من ذي قبل : هوازن أصل إفراج .
لا إنها بالفعل تعي ما تقول لم تخطىء لم تخطىء سأصيرُ حرة لا ينسى اللهُ عبدهُ المظلوم الحمدلله الحمدلله على كلِ شيء الحمدلله كما ينبغي لجلالِ وجهك و عظيم سلطانك يا الله، تقدمت إحدى السجينات
مني و احتضنتني بشدة احتضنتُها أكثر هنأتني ببراءتي بكيتُ و بكت جميعُ السجينات لقد اعتدتُ عليهن و اعتادوا علي سبعةَ أشهر بكلِ ساعتها دقائقها و ثوانيها قضيتها معهم ، في بادىء الأمر
واجهتُ صعوبة كبيرة في التأقلمِ معهم و التكيف على المكان و اليوم أواجه ذاتَ الصعوبة في الابتعادِ عنهم ، احتضنتُهم واحدة تلو الأخرى و دعوتُ لهم بالحرية أخذتُ عباءتي وارتديتُها
و تركتُ بقيةَ أغراصي فلا شيء يهمني منها سوى عباءتي و خاتم أبي الذي في اصبعي و قلادةَ أمي التي تعانقُ رقبتي منذُ الطفولة تقدمتُ باتجاه السجانة نظرتُ للمكان و السجينات نظرةً أخيرة
و ودعتهم للقاءِ الحرية .


***


صديقي الوفي أحمد كان يُبلغني بكلِ ما يحدث خلفَ القضبان خطوةً بخطوة و كأني في الخارج و قد عرفتُ أنه تم القبضُ على المنظمة و تيقنتُ أن خالي أبو أصلان هوَّ من قبضَ عليها و قبل ساعات
أعطاني خبر بأن الإفراج عني و زوجتي و أخي ركاض قد يظهر بعد ساعات لم أقل لهوازن أريدها مفآجأةً لها ، و ها أنا أسجدُ للهِ سجودَ الشكر فالله مع عبدهِ المظلوم مجيبًا لدعائه ناصرًا له ، ما أن
رفعتُ من السجدة حتى جاء صوتُ السجان " الكاسر عبدالقوي إفراج "
وقفتُ من على الأرض و أخذتُ حقيبتي التي جهزتَها منذُ ساعات ، تراشق المساجين بالألفاظِ السيئة و الافتراءات الباطلة مهاتراتٍ و فسططات فكثيرٌ منهم أنا من رميتُ بهم في السجن كل
الشهور التي قضيتُها هنا كنتُ وحيدًا و خرجتُ وحيدًا و لكن روحي معلقة حيثُ هوازن تكون .


***


بالساعة الرابعة عصرًا في أرضِ ستة أكتوبر , بينما أجلسُ في الركن و أشرب الماء و العرق يملىءُ أرديتي دخلَ السجان ناطقًا بصوتٍ جهوري اسمي الذي لم ينطق إلا حينما زارني معن " ركاض عبدالقوي إفراج "
سقطَ كوبُ الماء من يدي و تجمدت عيناي بالجدارِ الذي أمامي ، ابتلعتُ ريقي و صلبتُ أقدامي رغمَ رجفتها و انتفاضها ، تقدمتُ بخطواتي إلى السجان مشيرًا إلى نفسي : أنا إفراج .
سألني بهدوء : إنتا ركاض .
أومأتُ برأسي سريعًا ، ليقول : ايوة انتا إفراج .
أغمضتُ عيني و حمدتُ الله على نصره لي رغمَ كلِ ذنوبي و أخطائي الماضية إنكَّ لعفوٌ الرحيم ، مشيتُ وراء السجان نحو الحرية ، و ما أن خرجتُ من المركز و لآمست أقدامي أرضَ الحرية
رفعتُ رأسي للسماء و تنفستُ الصعداء و ابتسامةُ سعادة ترتسم بشفتي ، يالله ما أجملهُ من شعور شعور المظلوم حينما تظهرُ براءتهُ شعورُ المسجون حينما يغادرُ من القضبان الحديدية حينما
يتنفسُ بأريحية يتحركُ حيثُ يشاء و أينما يريد الحمدلله حتى يبلغَ الحمدُ منتهاه .


***


مشيتُ وراءَ السجانة حتى توقفنا أمام الباب الذي يفصلني عن الحرية ، فُتِحَ الباب و دخل ضوءُ الشمس و قفت السجانة وراءَ الباب و بيدها المفاتيح تنتظرَ مني الخروج حتى تغلقهُ ، هذا الباب
الذي دخلتُه مسجونة و أُغلق من خلفي اليومَ سيلغق و أنا بالخارج ، ما أن صارت أقدامي بالخارج حتى دخل الخوفُ لقلبي و تشتت عيناي باحثة عن أي أحد ، لا أحدَ ها هنا هل يعقل
أن أخواتي ليس لديهن علمٌ بخروجي ؟! ، تقدمتُ بخطواتي خطوتين للأمام ، شعرتُ بيد تلمسُ كتفي من الخلف فصرختُ بفزع و لكن ذات الشخص وضع يدهُ على فمي و استقرت أنفاسهُ أعلى
رأسي هوَّ هوَّ كاسري هذهِ أنفاسهُ ، همسَ برقة : أحلى نهار بشوفتك .
أبعدَ يديهِ عني فالتفتُ لجهته و رميتُ نفسي بحضنهِ ، ضمني إليهِ بقوة و بكلِ لحظة يزدادُ قوة و كأنهُ يريدُ إدخالي بقفصهِ الصدري ، رائحتُه , ضرباتُ قلبهِ , حرارةَ أنفاسهِ , حنان صدرهِ و دفء جسده
يالله كيفَ استطعتُ أن أعيشَ بعيدًا عنكَ يا كاسري كيف ؟! سبحانكَ يالله كيف أعطيتني هذا الصبر ، أبعَدني عنهُ قليلاً و يديهِ تُمسك بخصري فرفعتُ رأسي و نظرتُ لعينيهِ من وراءِ خماري
مددتُ يدي نحو وجههِ أتلمسهُ تغيرَ كثيرًا يبدو الشقاءَ على وجههِ ، رفعني عن الأرضِ قليلاً فانتقلت يدي إلى ظهرهِ أدارني و هو ينظرُ للسماءِ و يضحك بينما قلتَ بخجل : الكاسر مو في الشارع .
أجاب : ما في أحد هنا .
و أكمل الضحك نظرتُ حيثُ ينظر إلى السماء التي تلبدت بالغيوم و تواري الشمس و وداعها للأفق ضحكتُ بسرور و هو يُديرُني و يدور ، ما أجمل الحرية .


***

أقفُ و بجوراي ابن أخي جهاد خلف القضبان الحديدية في انتظارِ المصير الذي لا رجعةَ منهُ
إما الموت أو الحياة خلف القضبان , يجلسً القاضي خلف طاولة خشبية طويلة و يوجدُ حاجز يفصل ما بين القاضي و الكراسي الطويلة التي يجلسُ عليها
أبناءً من الشعب تضرروا من المخدرات أو أهاليهم الذين فقدوا ابناءهم أو مازال أبناءهم يتعالجون
بدأ القاضي بصوتٍ جهوري : بسم الله الرحمن الرحيم , أرجو الهدوء من الجميع , أُكرر أرجو الهدوء من الجميع .
و من ثم صمت للحظات و هوَّ ينظرُ إلى الورق الموضوع على الطاولة و يقرأُ مناديًا : ربيع مصطفى العدل .
مدَّ القاضي الميكروفون من بينِ القضبان الحديدية فتناولتُه منه مجيبًا بصوتٍ هادىءٍ ثابت يخالفُ زوبعة الخوف الماكثة بداخلي : افندم .
و من ثم نادى : جهاد يوسف مصطفى العدل .
أعطيتُه الميكروفون فأخذهُ و ردَّ بصوتٍ متوترٍ مضطرب : موجود .
بدأَ القاضي بسرد مقدمة طويلة عن عناءِ أبناء الوطن منذُ سنين من هذهِ المخدرات
و من ثمَّ جاءت اللحظة المصيرية الحكم الأخير النهائي الذي لا تراجع من بعده
نطق القاضي بثبات : في الدعوة الجنائية تحكم المحكمة على كل من المتهمين
ربيع مصفطى العدل و المجني عليه أبناء الوطن و الجاني جهاد يوسف مصطفى العدل و المجني عليه أبناء الوطن
بالإعدام شنقًا و ذلك لما أُسند للمتهم الأول و الثاني بالاتهام في البند الرابع و الثلاثين , رُفعت الجلسة "
إعدام لقد قال إعدام إنها النهاية , النهاية و نحنُ لم نأخذ بالثأر
انتهينا بسببِ الزنديقُ الخبيث أصل , عادَ من الموت بعدّ تسعة عشرَ عامًا ليرمينا إلى الموتِ شنقًا
أمسكتُ بالقضبان الحديدية المتصدية بقوة و أنا أرصُ على أسناني منفعلاً غاضبًا مرتاع مشاعر كثيرة لا يمكن وصفها
أما جهاد فقد جثى على ركبتيه و أخذ يضربُ يديه بالأرض و يتكلم بصوتٍ يخالطهُ البكاء : هنموت .. هنـمـ....وت .
و كل من في المحكمة يتحدث و يقوم من مكانهِ
اقترب الضباط منا و قيودنا بالأغلال و هم يسحبونا إلى حيثُ السجن
سنقضي فيه أسبوع حتى تُطبق عقوبة الإعدام .


***



قمنا بزيارة لأقاربِ أمي و أقاربِ أبي تعرفتُ عليهم و تعرفوا علي منهم من أحبوني و منهم من تصنع المحبة
و مضت أيامي سعيدة سوىَّ من مضايقات من أخي الصغير ياسر و أختي المراهقة التي لم تحبني بتاتًا وكلما اقترب مني ياسر أبعدتُه عني
أمي و أبي يهتمون بي كثيرًا و يسعون لسعادتي يحاولون تعويضَ ما مضى من سنيني لعلي أنسى و لكن من الصعب جدًا النسيان
الآ الساعة الخامسة و النصفَ عصرًا , أبي يجلسُ بجواري مبتسمًا ويبدو أنهُ يُخبىء خبرًا سارًا لي : أغيد
أجبتُ بمحبة : سم يبه .
ردَّ لي ابتسامتي بابتسامةٍ واسعة ٍمشرقة : سم الله عدوك , شوف يا أغيد أنا سجلتك بمدرسة للكبار المدرسة ليلية و وقت تبدأ الدارسة بتدوام فيها إن شاء الله .
تلاشت ابتسامتي شيئًا فشيئًا : يا أبوي أنا قلت من قبل ما أبي أقدم على خطوة و هزيم بعده ما حصل أهله أنا كل هالسنين بلا تعليم جات على فترة انتظر فيها هزيم !
صمتَّ لفترة و من ثم تنهد و هو يُمسكُ بيدي و يشدُ عليها : أغيد أنا فاهمك لكن ما يصير توقف حياتك كفاية إلي ضاع و صاحبك أكيد بيفرح لك يعني يدك و أجلنا علاجها عشان صاحبك
و تفهمناك و إنت كنت عايش كل هالفترة بدونها و متعود فقلنا ما بيضر الانتظار لكن تعليمك لا , تدري إنك المفروض الحين طالع أول ثانوي يعني راحت عليك تسعة سنين دراسة
يا أغيد صدقني يا ولدي أنا متفهمك و صدقني صاحبك بيفرح لك لا تضيع سنين زيادة كفاية إلي ضاع .
مسحتُ على وجهي و أنا أتذكر الأسى الذي يقطنُ في ملامح هزيم فهوَّ الوحيد الذي تبقى دون عائلة , و لكن ألن يسعدَ هزيم لسعادتي ؟
فكرتُ قليلاً ومن ثمَّ أردفت : إلي تشوفه يبه .
ربت على فخذي برفق : الله يوفقك و ينور دربك و يسهلها على صاحبك يا رب .
رددتُ عليهِ مبتسمًا : آميـــــن .


***


نزلتُ إلى السعودية بعدما تمَّ القبضَ على أفراد المنظمة و انتهى عملي بكندا
و لهزاع كل الشكر بصدور هويتي الحقيقة التي تحملُ اسمي " أصل الحكمي " بدلاً من " جلال الفاني "
و توجهتُ إلى العنوان المطلوب ضغطتُ على الجرس و انتظرتُ قليلاً حتى فُتِحَ الباب


***

رُنَّ الجرس و قد كنتُ أقف بجوار الباب أحملُ بيدي غانم الباكي و أدورُ بهِ كي يهدأ و حينما تقدمت الخادمة لفتح الباب
أشرتُ لها بأن تعود إلى عملها و فتحتُ الباب
اتسعت عيناي لما رأيت
بعد طولِ غياب إنهُ اللقاء


***

إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
الجحيم الجاي يوم الأربعاء .


الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 10-10-16, 10:22 PM   #292

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الجحيـــم


( 77 )


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **















نزلتُ إلى السعودية بعدما تمَّ القبضَ على أفراد المنظمة و انتهى عملي بكندا
و لهزاع كل الشكر بصدور هويتي الحقيقة التي تحملُ اسمي " أصل الحكمي " بدلاً من " جلال الفاني "
و توجهتُ إلى العنوان المطلوب ضغطتُ على الجرس و انتظرتُ قليلاً حتى فُتِحَ الباب
فتحتُه الخادمة , فبادرتُ بالسؤال : غزال موجودة ؟
أجابت برسمية : يـــــــــس
ليجيء صوتُها الذي يقتربُ شيئًا فشيئًا : ادخــــل .. ادخل يا جلال
ابتعدت الخادمة عن الباب فدخلتُ و وجدتُ غزال الذي تمشي مقتربة مني
بعد القبض على العصابة أول ما فعلتُه هوَّ الاتصال بغزال و التحدث مع الضابط هاني
اتفقتُ مع الضابط هاني أن يأخذ عينة من شعر مي و يرسلها مع رجل إليَّ في جدة لآخذها و أجري عليها تحليل الأبوة
ولكن ريثما ينزلُ الرجل لجدة , نزلتُ من كندا إلى الإحساء بعد مكالمة هاتفية مع غزال كانت مكالمة رسمية سألتُها هل لازالت بالمنزل و أنا سآتي إليها و أجابت أنها في منزل خالتها
و قد قمتُ عدة مرات بإيصال غزال إلى منزلِ خالتها
أشارت إلى الصالة و هيَّ تقول : اتفضل يا جلال , خالتي فوق و زوجها في الشغل ما يرجع إلا آخر الليل و الحين تونا دخلنا المغرب بدري .
ضضمتُ كفاي إلى صدري و رفعتُ حاجبي و أنا أنظرُ إليها نظرةً ثاقبة : تقصدين أصل , أصــــــــل الحــــــكمي .
اتسعت عيناها و تجمدت عن الحركة , قطعتُ المسافة المتبقية بيننا حتى صرتُ أمامها تمامًا حتى أن صوت ابتلاعها لريقها وصلني
بهمس : ايه أصل الحكمي يا غزال , لأي درجة كنتِ أنانية ؟ عالعموم كبرنا على العتاب و الخصام جايك عشان كم سؤال و نرتب أمورنا .
مشيتُ من أمامها و جلستُ حيثُ أشارت لي بينما هيَّ لازالت تقفُ حيثُ كانت بذاتِ السكون و بعدها بفترة أدركت أنني أناديها فتحركت متوجهة إلي
جلست على كنبة تُقابلني و عينيها موضع يديها
بهدوء : شوفي يا غزال أنا وإنتِ حياتنا من البداية كانت مبنية على المصلحة إنتِ تبين أحد يهتم لفلوسك و بنتك و أنا أبغى الهوية و الشغل إلي فيه فلوس , حياة رسمية خالية من الحب و المودة
و أنا الحمدلله رجعت لي ذاكرتي و إنتِ كنتِ تعرفي حقيقتي و سكتِ عشان المصلحة هذا الشي بحاول أتنساه لأنك لازلتِ زوجتي و بحكم إنه مالك إلا خالتك و مو حلوة تسكني معها في بيت زوجها
فأنا جاي أخيرك تبقي معاي أو تكملي حياتك مع خالتك , أنا ما بطلقك بدون سبب قوي لكن إذا إنتِ كارهة عشرتي و تبي الطلاق لك ما تبين , لكن ابي أنبهك بشغلة أنا نفسي أجهلها
أنا قبلك كنت متزوج و لي بنات برجع لهم و لا أدري زوجتي و بناتي كلهم بقيد الحياة ولا فقدت منهم يعني بكون فاتح بيتين , الليل عندك لأنه ما يصير تبقي بالبيت وحدك في الليل و النهار عند بناتي و زوجتي الأولى
لك حرية القبول أو الرفض لكن فكري زين , الطلاق له أحكامه أنا و إنتِ كنا بعاد عن بعض كل البعد أقرب للنشوز و بهاذي الحالة ما فيها شي لو تطلقنا الطلاق يكون مكروه في حالة عدم الحاجة له
لكن بنفس الوقت ما حبيت أطلقك و إنتِ وحيدة تبين تكملي حياتك معاي و نبدأها من جديد بكوني أصل الحكمي مو جلال الفاني بنبدأ بإذن الله و بنحاول يكون بيننا مودة و رحمة , إذا تحسي إنك كارهتني و كارهة عشرتي
فكل واحد يشوف طريقه , قدامك شهر فكري فيه و ردي لي خبر و قت تقرري .
بقيت صامتة دون حركة عيناها متشبثة بيدها بعناقٍ طويل ما انسل عنها إلا بتغيري لمجرى النقاش بتساؤلي : إلا وين أنهار ؟
رفعت عينيها إليَّ أخيرًا , و ترقرقت بالدمع : توفت .
اتسعت عيني بدهشة و سرعان ما نطقت : الله يرحمها و يغفرلها و يصبرك , عشان كذا سكنتِ ببيت خالتك ؟
أومأت بالموافقة , و التزمنا بالصمت أبحرتُ بأفكاري و أبحرت بحزنها
أنهار الفتاة التي كنتُ أشعرُ اتجاهها بالحبِ و شيءٍ من الشهوة لكني أيقنتُ أنها الشهوة لا محالة
الخطأ العظيم الذي ارتكبتُه غزال أن جعلت أنهار ترتدي ما يظهرُ من جسدها أكثر مما يخفي و تحضنني بل و تناوم بعض الليالي معي بذاتِ السرير
و بينما علاقتي مع غزال رسمية جدًا , ما اقتربتُ منها طيلة تسعة عشرَ عامًا إلا مراتٍ قليلة جدًا
هيَّ لم تكن ترغبُ بي و كنتُ أشعرُ بهذا و بادلتُها ذات الشعور ما كانت أمامي إلا أنهار وفقط
هذا الخطأ الذي يُرتكبُ بأغلبِ المنازل الأخت تجلسُ بجوارِ أخاها و أباها بما يبرزُ مفاتنها
و تنسى أن عورتها أمام محارمها لها حدود , و إبراز المفاتن لا يكونُ إلا لزوجها
فإن كان هوَّ والدها و ذاك أخاها فهم في الآخر رجال يمتلكون غريزة و يفتتنون بالمرأة
هم أبناءُ آدم يستمعون لصوتِ الشيطانِ مناديًا هلموا للمعصية و صوتِ النفسِ الأمارة بالسوء
منهم من يخافُ الله و يكابدُ نفسه و منهم من لا يستطع فيقعُ بما لا يحمدُ عقباه مع محارمهِ
فتأتي الفتاة تبكي و تشكي و كانت هيَّ النار التي أشعلت رأس الفتيلة !
و انا كنتُ أظنُ أن أنهار ربيبتي كما أوهمتني غزال و هي ما كانت ربيبتي و يحرمُ عليها التقشعَ أمامي
لكن بما أن غزال أوهمتني بهذا كان عليها أن تستر الفتاة بما يغطي عورتها أمام محارمها و تُعطيني حقوقي ولا تكون ناشزًا
حدث ما حدث و قد توفت الفتاة رحمها الله , و قد يكون في موتها رحمة فماذا لو علمت قبل موتها أن غزال ليست أمها و أني لستُ بمحرمٍ لها
ما سيكون موقفها حينذاك ؟ أيُ وجعٍ قد يسكنها ؟ لربَّ ضارةٍ نافعة
نشبتُ أصابعي ببعض و وضعتها فوق قدماي و بتساؤل : غزال , أنا تذكرت شغلة إنه ماهر الله يرحمه و إنتِ ما كنتوا قادرين تجيبوا طفل فكيف جبتوا أنهار ؟
تلاشى الحزنُ عن عينيها و تنهدت تنهيدةً طويلة و كأنها ترى تلكَّ الأيام : من ملجأ أيتام أنهار ما هي بنتي .
إذا كانت أنهار من ملجأ , فمن هيَّ مي ؟ و لماذا سُجلت باسم ماهر ؟
اندفعتُ متسائلاً : فيه بنت غيرها كنتِ مسميتها أنهار ؟
ضيقت عينيها و ظهرت عُقدة بين حاجبيها سألت باستغراب : كيف عرفت ؟
كيف علمت ؟! هذا التساؤل يعني أنها حقيقة هيَّ لها ابنة غيرُ أنهار التي من الملجأ و هيَّ مي و لكن كيفَ لها أن تكون ابنتي كما قال جهاد ؟ و كيف وصلت لغزال ؟ و من غزال إلى العصابة ؟
كيف ؟!!
مسحتُ على وجهي : سالفة طويلة والله , جاوبيني على أسألتي بدون ما تسألي الله يرضى عليك .
أومأت رأسها بالموافقة و أجابت بثبات : قبل وفاة ماهر وصل صندوق مع الشحنة للمصنع حقه من مصنعك و هالصندوق في داخله بنت , بكيت عند ماهر و أصريت نربيها و هذا كان بعد وفاتك
أخذنا البنت و نسبها ماهر له , جاب لي مربية بما إني ما أعرف شي بخصوص الأطفال و بعدها بفترة توفى و كنت مرة تعبانة و طول الوقت أبكي فكانت المربية تهتم لأنهار
بعد ما خلصت العدة أصرت علي المربية إني أخرج و أغير جو وافقت على عرضها , تذكر اليوم إلي ركبت فيه في اليخت حقك و كنت أنتظر أحد ؟
أجبتُ و أنا أرى ذلكَّ اليوم و كأنهُ الأمس : ايه .
أكملت الحكايا المحيرة تفكُ ألغازها لغزًا لغزا : في ذاك اليوم المربية ركبتني لليخت و أخذت أنهار وشردت , تدهورت حالتي و عرضت علي الشغالة أكفل يتيمة فكرت بالموضوع كثير و بعدها رحت للملجأ
و أخذت بنت و سميتها أنهار و نسبتها لماهر يعني تبني مو كفالة و الله يسامحني على كل إلي سويته .
صناديق مصنع خشب ماهر , أنا , حمدااااااان
نطقتُ بصوتٍ خافت : حمدان ايه حمدان هو إلي يوصل الصناديق .
نظرت لي غزال متسائلة : وش قلت ؟
تجاهلتُها وأنا أقف و أتوجهُ للباب قائلاً : عندي أشغال مهمة على بال ما أنجزها فكري بالموضوع قدامك شهر .
و خرجتُ من المنزل , سأحجزُ مقعد للسفر إلى جدة بأسرعِ وقت .


***


رُنَّ الجرس و قد كنتُ أقف بجوار الباب أحملُ بيدي غانم الباكي و أدورُ بهِ كي يهدأ و حينما تقدمت الخادمة لفتح الباب
أشرتُ لها بأن تعود إلى عملها و فتحتُ الباب
اتسعت عيناي لما رأيت
بعد طولِ غياب إنهُ اللقاء , تشبثت عيناي بها بينما الكاسر أعطاني ظهرهُ غاضًا طرفهُ
ابتعدتُ عن الباب حتى تدخل و بخطواتٍ سريعة وضعتُ غانم على الكنبة و اقتربتُ منها و قد كانت في منتصف الصالة
سمعنا صوت كعب يضربُ على البلاط , و رأيتُ عطرة تقف خف هوازن التي تنظرُ لي و تعطيها ظهرها
اخترق صوتُ عطرة الصمت : هـــــــوازن !!
التفتت هوازن إليها و صارت تعطيني ظهرها اقتربت من عُطرة و كُسرت الخطوات ما بينهم احتضنوا بعضهم البعض
بكت هوازن بصدرِ عطرة التي كانت الأم قبل الأخت , و بكت عُطرة و هي تمسح على رأسِ هوازن
انهمرت دموعي الغزيرة تأثرًا بالموقف و أنا لازلتُ بذاتِ المكان دون حركة
بينما عُطرة أبعدت رأس هوازن عن صدرها و أخذت تمسحُ دموع هوازن و هيَّ وجهها محمر من كثرةِ الدموع , تكلمت بلا تصديق : هوازن صدق إنتِ قدامي , هوازن أنا أحلم يا أختي و لا إنتِ حقيقة ؟
مدت هوازن يدها إلى وجهِ عطرة و هيَّ ايضًا تمسحُ لها دموعها و تجيبُ عن تساؤلها : حقـ...يقة و الله .
عادت عطرة تحتضنُ هوازن إليها و كأنها ستدُسها في حجرها عن القانون و عن كلِ ظلمٍ و جور , و رددت عُطرة : محد بيآخذك مننا إنتِ هنا عندنا ما بخلي أحد يآخذك و ربك ما أخليهم .
قطعتُ المسافة ما بيننا و احتضنتُ ظهر هوازن و أنا أشاركهم البكاء : مستحيل أحد يآخذها مستحيل مستحيل
أرخت عطرة قبضتها عن هوازن التي سرعان ما التفتت إليَّ و احتضنتني و قالت مبتسمة بين دموعها : آخر العنقود الغالية وحشتيني
أبعدتني عنها و قرصت خدي و من ثمَّ مسحت دموعها بظهرِ كفها و هي تبستم بين احمرار عينيها و بشرتها السمراء : خلاص خليتوني أبكي و أنا فرحانة .
وضعت عُطرة ذراعها على رقبةِ هوازن و وقفت بجانبها , قبَّلتها في خدها و قالت بمرح : وحشتينا يالوسطانية شايفة غلاتك كيف
سمعنا صوت خطوات على الدرج , نظرنا فإذا بهم أطفالُ هوازن يتقافزون لحضنها و يضحكون


*

إلتفت للوراء بعد سماعي لأصواتِ الخطوات على الدرج فإذا بهم صغاري يركضون نحوي
تركتني عُطرة , فانخفضتُ بجسدي نحو الأرض
و فتحتُ ذراعي لهم و اتسعت لهم الخمسة بأكملهم ريناد فتاتي الكُبرى رائد و مؤيد و ريتاج ثم لجين الصغرى
أُقَبِلُهم بخدهم , أيديهم و رؤوسهم بكلِ حبٍ وشوق و بكيتُ لفرطِ شوقي لهم
يالله ما أقسى البعد عن الضنا , يالله لا تحرمني منهم
كم صاح الفؤادُ و بكا , وغص الحلق و شكا
مرارة الحناجرِ واختناقها , وجع الصدرِ و خيباتهِ
في كلِ يوم أقفزُ من فراشي أنظرُ يمني فشمالي أبحثُ عنكم لأجد أني لازلتُ بين القضبان
تلكَّ القضبان التي كم تمنيتُ لو أني أستيطعُ اذابتها كسرها التملص من بينها فقط لاحتضانهم و سأعودُ تحت وطأةِ القانون الظالم
لكنها كانت مجرد أمنيات لا محلَّ لها في الواقع
و لكن الله معي , الله ناصري
جعلني أرآهم أحتضنهم , أُقَبِلُهم , أشتمُ رائحتهم
الحمدلله أن الرحمن جلَّ جلاله مدَّ في عمري حتى أراكم
قال رائد الذي ابتعد عني : وين بابا ؟
وقفتُ من على الأرض و أنا أمسح دموعي قائلة : يالله نسيته برا
بينما تحركت عُطرة للأعلى و عُزوف أخذت الرضيع الذي لا ادري من أين قد جاء و صعدت بهِ للأعلى
فتحتُ الباب و أنا أنادي : الكاسر
التفت نحوي و رأى أبناءنا يقفون بجواري و منهم من يتقدمني
ركضوا باتجاههِ و تشبثوا بقدمه
بينما هوَّ مسح على شعورهم و هو يضحكُ بفرحٍ و سرور , وينخفضُ حتى يصير بطولهم
نظرتُ لمشاعر الأبوة و مشاعرهم اتجاههُ و ابتسمتُ بسعادة رفعتُ رأسي للسماء : يالله لـك الحمد و الشكر و كل الفضل .



***

بعدما خرجتُ من السجن أعطوني هاتفي المحمول و أول ما فعلتُه توجهتُ لمنزلي استححمت و حلقتُ شعر ذقني المبعثر ارتديتُ أفضلَ الأردية و من ثمَّ اتصلتُ على أخي معن فهوَّ الوحيد الذي زارني في السجن و هوَّ الوحيد الذي حضرَ بذاكرتي في هذا الوقت ، طالت الرنات حتى
أصابني اليأس لكنهُ في الآخر رد ، ابتسمتُ براحة و قبل أن أنطق ، انطلق صوتُه المتفاجىء : ركاض !! خرجت من السجن ؟ طلعت براءتك ؟ إنت ركاض ؟
اتسعت ابتسامتي و بسعادة : ايه أنا ركاض و ايه طلعت براءتي و خرجت ، بحجز مقعد و ببلغك بوقت نزولي أبيك تستقبلني بالمطار ما أبي أضيع لحظة بالسعودية و محد منكم قاعد جنبي .
قال باندفاع يظهرُ فيه السعادة و الابتهاج : الحمدلله الحمدلله يارب ، و هوازن و الكاسر نزلوا ؟
تلاشت الابتسامة عن وجهي : والله مدري لكن أعتقد ايه لأنه قضيتنا مرتبطة ببعض من فرحتي نسيت اتصل و أتأكد ، المهم لا تنسى أبيك تستقبلني و الحين بتصل على ناجي و أشوف إذا نزلوا
أو لا .
بنبرةٍ مضطربة متوترة : أنا ... أنا لسى ما نزلت للسعودية .
بتعجبٍ و تساؤل : وش تسوي في مصر للحين ؟! ، المهم عطني عنوانك و بجيك .
أعطاني العنوان فأخذتُ مفتاح سيارتي و توجهتُ مباشرةً نحو منزله .


***


الساعة السادسة مساءً , أمسكنا بأيدي بعضنا البعض , مدَّ يدي ناحيةَ الباب و طرقه ليجيءَ صوتُ عمتي : ادخل
نظرلي فابتسمتُ لي , فتح الباب و تقدمنا بخطواتنا للداخل كانت عمتي تجلسُ على السرير و بيدها خرزات المسبحة تنظرُ للأرض
و قبل أن يتكلم الكاسر ليُنبهها بوجودنا رفعت رأسها وسقطت عينيها علينا وقفت من على السرير ناطقةً بلا تصديق : الكاســـــر وليدي ؟؟ هــــــوازن بنيتي ؟؟
قال مبتسمًا بمحبة : الكاسر وليدك و هوازن بنتيك قدامك يمه .
تقدم نحوها و مشيتُ بمحاذاته انخفض الكاسر لأقدامها يُقبلها بينما أنا قبلتُ رأسها
بكت بصوتٍ عالٍ و شهقاتٍ متتالية : يالله يمك وحشتني يالغالي و حشتيني يالغالية كل يوم أدعي إلكم يالله أحمدالله إنه وهبني شوفتكم قبل لا أموت .
رفع الكاسر رأسهُ عن أقدامها و مسح دموعها و هوَّ يمسك بيدها و يُجلسها على السرير و يجلسُ بجوارها و أنا بجانبها الآخر
يمسحُ على يدها برفق و هو يقولُ بصوتٍ ناعم : طول الله في عمرك يمه و تشوفين أحفادك كبار و تزوجيهم و تشوفي أحفاد أحفادك يارب .
أبتسمت لهُ و من ثمَّ نظرت إلي و احتضنت يدي بين دفِىء يديها عمتي ساجدة التي كانت لنا الأمُ الثلاثة بعد أمي و بعد أختي عُطرة
وضع الكاسر رأسهُ على كتفها بينما لسانها يلهجُ بالدعاء لنا و الشكرُ للهِ عزوجل
لئن شكرتم لأزيدنكم .



***


بما أن الأوضاع استقرت و الحمدلله بعد خروجِ أختي هوازن من السجن ، قررتُ زيارة حميدة فقد طال غيابي عنها كثيرًا ، و أخافُ أن تسوء حالتها فلا احدَ يهتمُ لشأنها سوى أخاها الأصغرُ منها
عمرًا فقد تشعرُ بالوحدة و تعودُ كما كانت عليهِ و أسوأ ، لكن قبلَ خروجي طرقتَ باب حجرةِ أغيد عدةَ مرات و ما من مجيبُ سألتُ أحدَ الحراس فأجاب أن أغيدَ وجدَ عائلتُه منذُ فترةٍ طويلة و لذلك
لم أستطع الإطمئنان عليهِ كما أرادت حميدة ، وصلتُ إلى السجن بتمامِ الساعة السابعة و النصف مساءً , و أنا الآن في انتظارها بترقب و ما أن ظهرت بشعرها الذي يصلُ لمنتصفِ ظهرها و ابتسامتها المشرقة حتى ابتسمتَ بارتياح
و وقفتُ من الكرسي
تقدمت باتجاهي و هي تصرخ بفرح : و اخييييرًا جيتي .
فتحتُ ذراعي لها و احتضنتُها : آسفة يا حميدة و الله مشاكلنا ما تخلص بالقوة قدرت أجيكِ .
جاء صوتُ السجانة التي اقتربت منا : ممنوع التلامس .
ابتعدنا عن بعضنا البعض جلست هيَّ على كرسي و جلستُ مقابلةً لها ، بادرتُ بالحديث : ما يحتاج أسأل كيفك باينة السعادة في وجهك و الحمدلله ، كنت خايفة السجن يغير نفسيتك للأسوأ لكنك
ريحتيني الحمدلله .
شبكت أصابعها ببعض : مو كل إلي بالسجن سيئين في الصالح و فيه الطالح ، الحمدلله ربي أعطاني صحبات في السجن فيهم الخير و سبحان الله لما كنت برا السجن كانوا كل صحباتي
سيئات ، فعلاً وعسى ان تكرهوا شيئًا و هو خير لكم ، نفسيتي أفكاري كل شي فيني تغير للأفضل صلاتي صرت محافظة عليها و لو إني بعض الأحيان أنسى و أأخرها لكن صحباتي يذكروني
و إن شاء الله مع الوقت أصير محافظة أكثر و أكثر كل شي فيني تغير للأفضل .
ابتسمتُ لها بمحبة : الحمدلله ما تدري وش كثر كلامك اسعدني ، فعلاً ما ندري وين الخير لنا ، الله يكملك بعقلك و ينور دربك يا رب ، بقولك شغلة كنت بتطمن على أغيد اليوم و أطمنك عليه لكني
تفآجأت بإن أغيد حصل عيلته إلي فاقدها من طفولته و ما هو موجود بالبيت .
ابتسمت بصفاء : الحمدلله ربي ريح قلبه ، خلال هالمدة إلي قضيتها في السجن صارت بيني و بين نفسي حوارات كثيرة ، اكتشفت من خلالها إن تعلقي في أغيد كان بسبب بغضي للرجال و لما
حصلت أغيد منافي لكل الأفكار و الطباع إلي أبغضها في الرجال تعلقت فيه بشدة وحسيت إني أحبه و مقدر أتخلى عنه ، و أنا فعلاً أحبه و أعزه و أتمنى له كل الخير لكن مو الحُب إلي كنت
متصورته أغيد فعلا باين عليه صغير بالعمر ممكن أنا أكبر منه بثلاث أو أربع سنين و غير كذا أغيد جاه في الوقت إلي كنت أحاول فيه أتغير فكان سبب في تغيري و امتناني له هيأ لعقلي إني
أحبه حُب المرأة للرجل لكن فعلاً الحين بديت أحس إن حبي له حُب أخت لأخوها يعني بالمختصر أغيد جاه في حياتي في الوقت الغلط و صار مجرد هوس ، بُعدي عنه كل هالمدة خلاني أراجع نفسي
و أكتشف من يكون أغيد في حياتي .


***

وصلتُ إلى عنوانِ منزله الساعة السادسة و النصف مساءً , قرعتُ الجرس و انتظرت بجوار الباب الذي سرعان ما فُتِح و كأن معن كان من ورائه ينتظرُ مجيئي
كنتُ سأجري و أرتمي في حجرهِ في حضن أخي الأكبر و لكن توقفتُ حينما رأيتُه
تلكَ البنية الضخمة نحيلة إلى حدٍ لا يلائمها بتاتًا , ازاداد اسمرارًا عن ذي قبل
شعرُ رأسهِ كثيف و كأنهُ في السجن و لحيتهِ غيرُ منتظمة
رائحتهِ رائحة السجائر الكريهة و العجيب الحروق التي تنتشرُ بوجههِ
و ندبةٌ في فمه من فوقِ شفتيهِ إلى نهايتها طوليًا
لم يبقى بهِ شيء قد ضاع معن بين هذه التهلكة التي تملأهُ لتحجبهُ عن الوجود
تالله أين أنتَّ ؟ ويحكَّ اختفيت ؟ اضمحلت ملامحك ؟
ما بقيت سوى اللمعة التي تلفظُ الشوق لي قبل أن تلفظها شفتيك المشوهة
أأنا الذي كنتُ في الزانزانة أم أنتَّ يا معن ؟
مَن تلقى فينا العذاب و الضيم ؟
مَن يا معن ؟
رغمَّ كل التساؤلات كان لساني ثقيلاً لا يستطيعُ الحراك و اشباعِ فضولهِ و إزالةَ الوجع عن صدري
بقيَّ كل تساؤل يستترُ في عيني
و كان معن هوَّ من بادر بالرتق اعتناقًا , يُقَبِلُ رأسي و يحمدُ الله
و مع مشاعرهِ الجياشة و شوقهِ الفاضح بادلتُه العناق و كلماتُ الشوق و اللهفة
و حمدتُ الله سرًا و علانية على خروجي من الزنزانة سالمًا غانمًا .



***

حسناء أول امرأة اهتزت نفسي لها منذُ النظرةِ الأولى و بالرغمِ من كلِ الوعود و الثقة بذاتي لم أستطع كبحَ جماح نفسي شهوتي و غريزتي اقتربتُ منها و أخذتُ ما أخذت هيأتُ لها منزل و وكلتُ خادمة
تجيدُ التعامل مع ذوي الاختياجات الخاصة و غبتُ عنها ثمانيةَ أشهر أهلكتني بالتفكيرِ بها دون غيرها بل حتى ساجدة كنتُ أضاجعها و أتخيلُ أني مع حسناء لم أقوَّ و لم أصبر ، ذهبتُ إليها بكلِ شوقٍ
و لهفة و حينما دخلتُ للمنزل تفآجأتُ بها نائمة ترتدي فستانًا أصفرًا فاتح و قد أمتلأ جسدها عن ذي قبل ليس امتلاءً فقط بل يبدو أنها تحملُ طفلاً ، هنا تصلبت عيناي على بطنها اقتربتُ منها
و هززتُها بكتفها حتى فتحت عيناها و نظرت لي بنظرةِ خوفٍ لن أنساها و هيَّ تضعُ يدها ببطنها و تنزوي في طرف الكنبة حينها تأكدتُ أنها حامل ناديتُ على الخادمة بصوتٍ عالٍ حتى جاءت
و توقفت و هي تضم كفيها إلى صدرها : حسنا حامل ؟
نظرت الخادمة إلى حسناء ثمَّ إليَّ وحركت رأسها بالموافقة ، اقتربتُ من حسناء و أمسكتُها من ذراعها أسفل الإبط و رفعتُها عن الكنبة بقوة حتى صارت تقفُ أمامي ، غرستُ أظافري بلحمِ
ذراعها و بغضبٍ جامح و صوتٍ عالٍ : كيف تجرأتي ؟ أنا يكون لي وليد منك ؟! من بكما ؟! من صما ؟! من ناقصة ؟!
و من ثمَّ نظرتُ للخادمة و بذات الصوتِ المرعب : وليد و لا بنية ؟
أجابت الخادمة و هيَّ تفركُ أصابعها و تنظرُ للأرض : بنت .
و كأن النار كانت بحاجةٍ للحطب دفعتُها حتى صارت على الكنبة أمسكتُ بفكها و هي كانت تنتفضُ من تحتي : البنية ذي من تولدي بتندفن و تندفني إنتِ من حياتي ظانع بيتكفل بتوصيل المصاريف
و الاحتياجات لك و الخادمة تساعدك بالبيت .
تركتها و خرجتُ من المنزل ضاربًا الأبواب من ورائي بقوةٍ و غضب .
لم أتقبل فكرة أني أنا يكون لي ابنة من بكماء و إن كانت حسناء فهيَّ في الأخيرِ بكماء و غير ذلك كنتُ أدفن بناتي من ساجدة و لكن حتى الولد من البكماء كنتُ سأدفنُه لا محالة هل يجيء لي
ابنٌ ناقص ؟! ، خرجتُ من المنزل و حاولتُ محيها من تفكيري مثلما محيتُها من حياتي لكني لم أستطع طالت الأشهر و السنين و حينها بدأتُ بنسيان ملامحها لكني لم أنسى أنها الأجمل و أنها
الوحيدة التي سلبت من عبدالقوي قوتُه حتى جاء اليوم الذي رأيتُ بها مارسة و عادت ملامحُ تلكَ لذاكرتي عادَ الحبُ الميت للحياة لم أجد بمارسة نقصًا و وجدتُ بها حُبي الوحيد و بشعورِ التملك
كانت مارسة لي ، لأجدَ أنها ابنتي ! ، خرجت مني آهة و أنا أمسكُ بكتفي ، و قف ناجي الذي كان يجلسُ على الكرسي المجاور و بيده صحيفة ، اقترب مني و هوَّ يقول : انشدت .
حاولتُ أن لا أظهر ضعفي لكن لا أعتقد أني نجحت فالألمُ فوقَ مقدرتي على التحمل ، أجبتُ و أنا أعضُ على شفتي السفلية و أكابدُ الألم : ايه .
مد يدهُ على كتفي يدلكهُ : الله يهداك يا أبوي لا تفكر بأشياء تكدرك و تغمك ارتاح الله يخليك لنا و يطول بعمرك يالغالي .
حركتُ رأسي بالموافقة و نظرتُ للجهةِ الأخرى بشرود حتى بدأتُ أسمعُ أذآن العشاء من المسجدِ المجاور و أُرددُ من خلفه .



***



الساعة العاشرة ليلاً , أستلقي على السريرِ براحة و كفي فوقَ جبيني أنظرُ للسقف حتى فُتِحَ الباب و خرجت هوازن ملتفة بالمنشفة و بمنشفة صغيرة تجففُ شعرها المبتل و هو تقول مبتسمة : يالله من زمان عن
هالترويش المريح للأعصاب طلع حتى الترويش نعمة .
كانت متوجهة نحو حجرةِ التبديل لكني ناديتُها : تعالي أبيكِ و بعدين ألبسي .
التفتت إلي و حركت رأسها بالقبول ، جلست أمامي على السرير و بيننا مسافة بسيطة اقتربتُ منها حتى التصقت ركبتي بركبتها و مددتُ يدي نحو خدها تسقطُ قطرات الماء من شعرها المبتل
و تشقُ طريقها في ظهرِ كفي ، بأسفٍ و صوتٍ رقيق : هوازني قلبي و الخفوق , أنا آسف والله ما كان بيدي ، ما كنتِ أبيكِ تعانين كل هالمعاناة إنتِ أرق و أطهر من هالأماكن القذرة سامحينـ
وضعت يدها على شفتاي و هيَّ تميلُ برأسها للجانب و ينسدلُ شعرها المبتل تبدو كالطفلة في براءتها : اششش لا تقول هالكلام ما زعلت عليك حتى أرضى بس صدقني بزعل لو بقيت تعاتب نفسك ،
نبي نحتوي عيالنا و ننسيهم الفقد و ننسي نفسنا ، خلينا نقفل هالصفحات للأبد .
ابتسمتُ لها بحبٍ و امتنان ، كم أشكر الله أنكِ من نصيبي أنكِ ملكي و قدري ، وضعتُ يدي خلف رأسها و سحبتُ رأسها برفق إلى صدري مسحتُ على شعرها المبتل ، والحياة تعودُ لجسدي على
حرارةِ أنفاسها التي تلفحُ صدري فتزيدُ من ضرباتِ قلبي ، سرعة النبضات ، تعالي الأنفاس , برودةَ أطرافي و حرارةَ جسدي كل هذهِ الطقوس تعني أن صغيرتي و طفلتي بالقربِ مني في حجري
تُمارس قوةَ حضورها على المتيمِ بها .


****



تمددتُ على السرير بابتسامةٍ واسعة الحمدلله قد حُلت مصائبنا خرجت هوازن و زوجها من الزنزانة , ضحكت أسنانُ أطفالهم بعد بكاءٍ مديد
و صدقت ألسنتنا بعد أكاذيب لا تنتهي " بكرة بيرجعوا " و أخيرًا ها هم عادوا و عادت البهجة للمنزل
عُزوف التي و أخيرًا ابتسمت باحتضانها لغانم و التكفل بتربيتهِ
أبي الذي أعطانا ضوءَ الأمل بأنه لازال على قيدِ الحياة
حميدة التي عادت لفطرتها السوية و عادت للمولى عبدةً خاضعة لهُ سبحانهُ و تعالى
و براءتي التي ظهرت بعد طولِ الاتنظار
ما تبقى سوى أبنائي الذين بكلِ يوم يسألون عن معن فأجيبهم بأنه آتي و ما هوَّ بآتي
لقد تذكرت هاتفي المحمول الذي أغلقتُه بالأمس , أخذتُ الهاتف من تحتِ وسادتي و فتحتهُ
و انتظرتُ قليلاً حتى وصلت الرسائل , فتحتُ " الواتس أب " سريعًا
و توجهتُ نحو اسمه فتحتهُ لتصطدم عيناي بصورةٍ لوجههِ مشوهًا بالحروق
و أخرى بجسدهِ النحيل شعرهُ الأشعث لحيتُه المبعثرة الإعياءُ و التعب بعينيهِ
كبرتُ حجم الصورة و مشيتُ بأصابعي على جروحهِ و كأني أمسحها عن وجهه , على عينيهِ أزيلُ الأرقَ عنها , و أخيرًا فوق ندبتهُ أُقَبِلُها ولا أدري ما الذي يجري بي
سوى أن ضربات قلبي لا تستكين , معن ماذا يحصلُ لك ؟
أين ساديتك ؟ أين سطوتك ؟ أين سلطتك ؟ أين حضورك ؟ نزاقتك ؟ أين أنتَّ بين هذهِ الملامح ؟
فلتجيبَ يا معن أين أنتَّ من بينها ؟ ما لي لا أراك ؟
فلتجيبَّ يا معن أينَّ السادية عنك ؟ كيف أضاعت طريقها ؟
لا يليقُ بك هذا الوهنُ و الضعف و إن كنتُ أبغضُ تزاقتك و وحشيتك
لا يليقُ بك دورَ المازوخية و إن كنتُ أبغضُ ساديتك
معن لا أستطيعُ الغفران و المسامحة و لكني لا أستطيعُ الوقوف مكتوفةَ الأيدي !
انتفض جسدي بهلع حينما اخترق رنينُ الهاتف جدران الحجرةِ البكماءُ , الصماء
تحملُ اسم ركــــــــاض !

***


إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
الجحيم الجاي يوم السبت .


الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 10-10-16, 10:23 PM   #293

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الجحيـــم


( 78 )


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **













تمددتُ على السرير بابتسامةٍ واسعة الحمدلله قد حُلت مصائبنا خرجت هوازن و زوجها من الزنزانة , ضحكت أسنانُ أطفالهم بعد بكاءٍ مديد
و صدقت ألسنتنا بعد أكاذيب لا تنتهي " بكرة بيرجعوا " و أخيرًا ها هم عادوا و عادت البهجة للمنزل
عُزوف التي و أخيرًا ابتسمت باحتضانها لغانم و التكفل بتربيتهِ
أبي الذي أعطانا ضوءَ الأمل بأنه لازال على قيدِ الحياة
حميدة التي عادت لفطرتها السوية و عادت للمولى عبدةً خاضعة لهُ سبحانهُ و تعالى
و براءتي التي ظهرت بعد طولِ الاتنظار
ما تبقى سوى أبنائي الذين بكلِ يوم يسألون عن معن فأجيبهم بأنه آتي و ما هوَّ بآتي
لقد تذكرت هاتفي المحمول الذي أغلقتُه بالأمس , أخذتُ الهاتف من تحتِ وسادتي و فتحتهُ
و انتظرتُ قليلاً حتى وصلت الرسائل , فتحتُ " الواتس أب " سريعًا
و توجهتُ نحو اسمه فتحتهُ لتصطدم عيناي بصورةٍ لوجههِ مشوهًا بالحروق
و أخرى بجسدهِ النحيل شعرهُ الأشعث لحيتُه المبعثرة الإعياءُ و التعب بعينيهِ
كبرتُ حجم الصورة و مشيتُ بأصابعي على جروحهِ و كأني أمسحها عن وجهه , على عينيهِ أزيلُ الأرقَ عنها , و أخيرًا فوق ندبتهُ أُقَبِلُها ولا أدري ما الذي يجري بي
سوى أن ضربات قلبي لا تستكين , معن ماذا يحصلُ لك ؟
أين ساديتك ؟ أين سطوتك ؟ أين سلطتك ؟ أين حضورك ؟ نزاقتك ؟ أين أنتَّ بين هذهِ الملامح ؟
فلتجيبَ يا معن أين أنتَّ من بينها ؟ ما لي لا أراك ؟
فلتجيبَّ يا معن أينَّ السادية عنك ؟ كيف أضاعت طريقها ؟
لا يليقُ بك هذا الوهنُ و الضعف و إن كنتُ أبغضُ تزاقتك و وحشيتك
لا يليقُ بك دورَ المازوخية و إن كنتُ أبغضُ ساديتك
معن لا أستطيعُ الغفران و المسامحة و لكني لا أستطيعُ الوقوف مكتوفةَ الأيدي !
انتفض جسدي بهلع حينما اخترق رنينُ الهاتف جدران الحجرةِ البكماءُ , الصماء
تحملُ اسم ركــــــــاض ! يبدو أنهُ خرجَ إفراجًا كهوازن و الكاسر
ركاض متى سُجِلَّ اسمه بهاتفي حينما لحقَّ الضرر أبناء هوازن بتلك الرسالة التي كانت تحمل بين ثناياها تهديدًا مباشرًا " اذهب إلى الجحيم "
منذُ ذلكَّ اليوم الكاسر طلب أن تكون أرقامنا لدى بعضنا البعض حتى ركاض الذي يمكثُ بمصر
و إلا فنحنُ نرفضُ هذهِ الفكرة إلا أن الحذر و الحيطة استدعتنا لتسجيل أرقامنا لدى بعضنا البعض
" الحمو الموت " و الحمو هم أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه , رقمٌ بالهاتف قد يجرُ إلى ما لا يحمدُ عقباه بوسواسٍ من الشيطان أو النفسِ الأمارةِ بالسوء
لذلك إغلاق جميع الأبواب أفضل من الباب الموروب الذي قد يُفتحُ ذات يوم بطريقةٍ خاطئة لا يرضاها اللهُ عزوجل
هززتُ رأسي و أنا أحاول التركيز برقمهِ و القرار إما بالردِ أو الرفض
سميتُ بالله و أجبتُ على المكالمة واضعةً الهاتف في مسمعي بانتظار مجيء صوتهِ
صوتُ أنفاسهِ عالية و هدوءٌ استمر طويلاً , حتى نطقت لإيقاظهُ مما هوَّ فيه : نعم ؟
خرج صوتُه مستاءً : زوجة أخوي , متصل عليك بكلمك بخصوص أخوي اليوم نزلت للسجن و روحت لعند أخوي هو في مصر , حقيقة أول مرة أشوفه بهالحال , ماني عارف وش فيه بالضبط
و هو ما يبي يتكلم و توه نام و هو نايم ما غير يردد اسمك و يصحى مفزوع يستعيذ بالله من الشيطان و يكمل نومته حاله ما يسر لا رفيق و لا عدو , إذا بينكم مشكلة ياليت تتناقشوا فيها
و تحاولوا توصلوا لحل مُرضي للطرفين لكن إنه يبقى على هالحال فما ينفع فقد صحته و ملامحه حتى شخصيته ما هي موجودة فيه , كأني أكلم روح ميتة حتى بقايا لمعن ما هي موجودة
كل شي اختلف , أنا مو قادر أشوف أخوي يموت قدام عيني , زوجة أخوي أنا صحيح من زمان سافرت للدراسة لكن ليومك هذا و أنا عارف و متيقن إنك إنتِ و هو ما تتفقوا أبد
بس على الأقل اتناقشوا الظاهر افترقتوا و ما بينكم كلمة و هو جالس يعذب في نفسه من تأنيب الضمير , و ما ابي أطول عليك بحفظ الرحمن .
انتهت المكالمة ها هنا و لكن لازالت يدي تُمسك بالهاتف في موضعِ أذني
أبعدتُه عن مسامعي و نظرتُ إليهِ بسكون , سحبتُ أنفاسي و زفرتها
أسمعتي ما قال ؟! قال أنه قد مات حتى البقايا لا وجودَ لها , بينما أنا كنتُ طيلةَ السنين بقايا عُطرة
أما هوَّ مات اختفت معالمه أختفى معن عن الوجود مع حضور هيكلهُ
غاب في الحضور , عن ماذا سنتحاور ؟ هل النقاش يُجدي في حالتنا هذهِ ؟
سنعود على ذاتِ النقاط ظلمتني لم تغفر لي عذبتني قذفتني جلدتني قللتَّ من شأني و شككت بي
و وعدتُكَّ أني لن أغفر فكيف لي أن أنكثَ العهد و أغفر !
سيقولُ أنهُ يتعذب بل أنهُ خلال مدةِ بسطيةٍ وجيزة تعذب أكثر من عذابي لـ اثنا عشر سنة
و سأعود لأقول لكني قد وعدتُ بأني لن أغفر و لن أخلف وعدي
لا شيء لنتناقشَ به لا شيء
لقد حذرتُكَ يا معن من هذا اليوم لكنكَّ ضحكت و سخرت مني
فلتتذوق نتاج ضحكاتك و سخريتك و استنقاصك مني .


***


ها قد انطوى يوم و حلَّ صباحٌ جديد , الناس يتفاءلون بإشراقةِ شمسِ الصباح بأن اليوم سيكون أفضلَ من الأمس
لكن أنا و ابن أخي جهاد يزدادُ خوفنا فها قد انطوى يوم وبقيَّ ستةُ أيامٍ على الإعدام
أنا قد رحلَّ من حياتي ما رحل فأنا دردبيس بانتظار الموت أما هوَّ لازال شابًا لذلكَّ يظهرُ عليهِ الخوفُ و الهلعُ أكثرَّ مني بل أنهُ يبكي دمًا لا دمعًا
فـ روحُ الإنسان أغلى ما يملك فكيف لهُ أن يتقبل فكرةَ رحيلها و هجرها لجسده !
كم طالت الحكاية سنين مديدة حتى ظننتُ أن لا نهايةَ لها فكلَ جيلٍ و نسل يحملُ ذات الحقدِ على العدو
و لكن حينما خططت " مي " و بدأت بالتنفيذ بإدخال كلاً من الكاسر و زوجتُه للسجن
و أعطت خطتها لإدخال ركاض أيضًا للسجن و نفذها جهاد ظننتُ أنها النهاية
لكن أن يعودَ من كان في الماضي و أعتقدنا أنهُ قد مات
ليُنهي الحكاية هوَّ ما لم يكن بالحسبان
بعد فاجعتنا في كندا باقتحامهم حصون المنزل , قررنا الهرب إلى مدينة فانكوفر ومنها إلا الولايات المتحدة عبرَّ ميناءِ المدينة
ولكن كان هوَّ خوفنا و عائقنا من النجاح و لذلكَّ ما كان منا إلا تشتيتهُ وذلك بإعطائه الملعومة التي قد تفتكُ به و هيَّ أن مي ابنتهُ
كيف وصلَّ إلينا من المؤكد أنه تعامل مع " مي " و لكن ماذا لو عرف أنها ابنته
لكنهُ لم يكن كالكاسر الذي كان ضعيفًا فكثيرًا من الأمور عملت على تشتيتهُ
بدايةً من الأدوات الرجالية التي وضعناها عن طريق الخادمة في حجرةِ نومه و الشقراء الجميلة التي اقتحمت حياته و لكنه كان واثقًا بزوجتهِ كثيرًا و لم يتشتت
بل بدأ تشتتهُ منذُ إدمان زوجتهِ على المخدرات و من ثمَّ وقوعهِ بالفخ بدخولهِ للسجن
بل أن أكثر ما يبعدهُ منا تفكيرهُ بالقبضِ على الشحنات التي تدخل للسعودية
أما أصل الحكمي فهو رجلٌ ذكي حتى بعدما صار شيخًا كبيرًا لم يُفكر بالشحنات و لم يكترث فيما ذكرناهُ لهُ بأن مي ابنته
بل عزمَ أمرهُ على القبضِ علينا و من ثم العودة لصغائر الأمور
التي هيَّ في حقيقتها كبيرة , فأصل الحكمي رجلٌ مسلم و ابنته مسيحية بل و أنها متمسكة بالمسيحية بشكلٍ لا يُوصف
الرجل المسلم يحرصُ على شرفِ فتياتهِ فكيف بابنتهِ مي التي ما تبقى رجلٌ في مصر إلا وضاجعته حتى أعتقدنا أن مطافاها سينتهي بمرض نقص المناعة المكتسبة " الإيدز "
بل و إنها ستعاقبُ قانونيًا لكن قد يكون عقابها أقلَ صرامةٍ منا وذلكَّ لمساعدتها للسلكِ العسكري أعتقدُ أن القانون سيعاقبها بالسجنِ المؤبد لا الإعدام
سيضيعُ شبابها بين القضبان الحديدية حتى في موتنا يا أصل ستعيشُ بحسرة أشبهُ بالميت
و سأموتُ وأنا مرتاح البال فإن لم أكن أخذتُ حياتك للقبر فأنا أخذتُها للموت !
مي فتاةٌ أُرسلت إلينا عن طريقِ الصدفة دخلت حياتنا لتُغَيِّر أحداثها
أخذناها من منزلِ الضابط المصري زوجَ أختِ جميلة بعد حرقنا للمنزل
كل ما فعلناه هو التأكد من أنها ابنتهُ أم لا , فلا يخفى علينا الضابطُ ماهر صديقُ أصل المقرب
و بكلِ بساطة تواصلنا مع خادمات المنزل لنستنتج أن أنهار ليست ابنةُ ماهر بل أنها جاءت عن طريقِ صندوق من مصنعِ رفيق ماهر إلى مصنعه
و من سيكون صديقَ ماهر غير أصل الحكمي ؟ , و على هذا ازداد الفضول لمعرفةِ الفتاة بل و بدأ شعورُ النصر يدخل لقلوبنا بما أنها جاءت من مصنع أصل فهناك احتمال أنها ابنته
أرسلنا أحد أتباعنا لمصنعِ أصل باعتبارهِ من اتباعِ ماهر ليتقابل مع ناقل الصناديق إلى مصنعِ ماهر و كأنهُ يشكرهُ على الفتاة
و يذكر لهُ أن السيدة غزال زوجةَ ماهر الذي توفى في ذلك الوقت ليس لها ابناء و قد سُعِدَت بالفتاةِ كثيرًا , و يعطيهِ مبلغًا ماليًا كعرفانٍ له
و لكن لم يكن كل شيء كما يظهر لناقل الصناديق فقد استفسرنا منهُ عن أسرة الفتاة و أجاب أنهُ لا يعلم و أن زوجتُه أحدِ الولادت التي ولدت إمرأة و المرأة هربت و تركت الفتاة و أعطنا تاريخ مولدِ أنهار
فما كان منا إلا دخول هذهِ القبيلة إلى حيثُ توجد " الولادت " أمسكنا بإحداهن و أعطيناها مبلغًا ماليًا لاستجوابها فرضخت لنا فالفقر يستدعي الرضوخ بسهولة
سألناها عن التاريخ الذي ولدت بهِ الفتاة و كم من فتاةٍ قد ولدت بهذا اليوم و لأي الأُسر تنتمي فكان أول ما نطقت بهِ اسمُ شيخَ قبيلتهم فهيَّ قد تنسى جميع أفرادِ القبيلة
لكن شيخُ القبيلة محالٌ أن يُنسى ذكرت اسمه " أصل الحكمي جاته بنية بهاليوم و اندفت بالتربة غير كذيا ما اذكر "
افترضنا أن الفتاة لم تدفن و أنها هيَّ التي بقيت مع الولادة
لم يكن بيدنا سوى العيش على هذا الأمل أن تكون أنهار ابنةُ أصل
و إن لم تكن ابنتهم فنحنُ أيضًا لم نخسر شيء بل إننا نربحُ كثيرًا
إن كانت ابنتهُ ستعملُ لنا ضدهم , و إن لم تكن أيضًا ستعمل لنا ضدهم
غير هذا ما جعلنا نضمُ الطفلة إلينا و نربيها هيَّ ديانا زوجةُ أخي التي توفت بموتِ الفجاءة
كانت تتمنى لو أن يكون لها فتاة لكن قُتل زوجها قبل أن تزرق بالفتاة غير أنها كانت تعيشُ ألم الفقد
لقد فقدت زوجها و ابنها الكبير في يومٍ واحد و لم يتبقى لها سوى جهاد
لذلك تشبثت بالطفلة و أسمتها كما تمنت منذُ سنين طويلة " مي " .




***

خرجنا من المشفى بتمام الساعة السابعة و النصف صباحًا , ترجلنا السيارة
سألني أبي : عندك سبحة ؟
فتحتُ الدرج الذي أمامه و أخرجت السبحة و أعطيتُه إياها
حركتُ السيارة بقصدِ التوجه للمنزل لكنهُ قال : ابي أروح للشركة .
نظرتُ لهُ باستنكارٍ لما يقول : يا أبوي إنت بحاجة للراحة .
قال و كأن ما قلتُه لم يعجبهُ بتاتًا فهوَّ لا يُحب أن يظهر ضعيفًا و يرحمهُ الغير : وش كنت أسوي بالمستشفى مرتاح , و ذا أخوك الثور كبير على الفاضي ما منه منفعة
بدل ما يلازم الشركة في مرضي مدري وينه كل ما اتصل تجاهل الإتصال و ما أقدر أترك الشركة بيد الموظفين ما أأمنهم .
تكلمتُ معترضًا و أنا أنظرُ للطريق من أمامي : يا أبوي حتى لو كنت مرتاح بالمستشفى ضغوطات الشغل ما هي بزينة لك , ارتاح على الأقل يومين و ارجع لشغلك .
بحزمٍ و إصرار : على الشركة يا ناجي .
حركتُ رأسي بالرفض دلالة على اليأس و توجهتُ حيثُ يريد
وصلنا للشركة بعد وقت , وجاء رجالُ أبي يفتحون لهُ الباب و يقفون بجانبهِ و هوَّ يخطو نحو الشركة
بقيتُ في ذات المكان لم أحرك السيارة , أخرجتُ هاتفي من جيبِ بنطالي و نظرتُ لهُ بتفكير
هل تكون مستيقظة بهذا الوقت المبكر لا أعتقد , ولكن يمكن ذلك إذا كان غانم مستيقظ و يبكي
يالله كم اشتقتُ إليها سأحادثها قبل أن أذهب للمشفى فأنا قد تغيبتُ يومًا كاملاً لابد من الذهاب الآن
اتصلتُ عليها و وضعتُ الهاتف في مسمعي بابتسامةٍ واسعة مشرقة و قليلاً من الوقت حتى جاء صوتُها مبحوحًا من النوم : همممممممم
اتسعت ابتسامتي حتى ظهرت جميعُ أسناني : فديت الهممم حقك يا النايمة
جاء صوتها المبحوح بنبرةِ دلع طبيعية تليقُ بها : نااااااجي اخلص والله غنومي ما نومني و الحين لما نام افتكرتني
زفرتُ أنفاسي بنشوة : طول الوقت في بالي ما يحتاج أفتكرك , يلا نامي يالكسولة نوم العوافي .
و بمجرد انتهائي أغلقت الهاتف دون وداع نظرتُ للهاتف و قهقهتُ ضاحكًا
هذهِ المرة الثانية التي تغلقي فيها الهاتف في وجهي يا معزوفتي الشقية .



***

الساعة الثانية عشر مساءً تمَّ استدعائي في الضبط العسكري لاتخاذ القرار بشأني , فأنا قد سُجنت ولكن مظلومًا
و اليوم عليهم القرار إما بفصلي من العمل ولا أعتقدُ أن هذا سيحدثُ مطلقًا لأني مظلوم
أو بإنقاص رتبتي العسكرية و قد يحدثُ هذا لأني قد خُدعتُ ببساطة من منظمة المخدرات
أو بإبقائي كما أنا و قد يحدثُ هذا لأني مظلوم
أقفُ أمام المركز و أمامي صديقي الضابطُ أحمد يُسلمُ عليَّ بحرارة و السعادة تبزغُ في ملامحه
انصرف الضابط أحمد لمنادتهِ من أحدِ الضباط بينما أنا رفعتُ رأسي أنظرُ للوحةِ المركز و أدعو الله في سري أن يتيسر أمري
جاء صوتُ رجل من خلفي يُلقي التحية : السلام عليكم و الرحمة
التفتُ إليهِ و أنا أرد : و عليك السلام و الرحمـ
توقفت الحروف عن الخروج بعدما وقعت عيناي عليه هذا الرجل العجوز بلحيتهِ البيضاء
هو ذاتهُ ذلك الشاب الذي كان لهُ ثلاثُ فتيات إحداهن حبيبتي و زوجتي
نطقتُ بضياع : خالي بو أصلان ؟!
ابتسم بمودة : ايه , أجل إنت الكاسر ؟ أنا جاي خصوصي أسأل عنك و أسألك كم سؤال .
اقتربتُ منه و احتضنتُه بشدة و أنا أردد : خالـي بو أصلان , الحمدلله يارب الحمدلله إنك بخير , يالله لو تشوفك هوازن يالله كيف بتكون فرحتها .
كنتُ أحتضنهُ بحرارة و حُب و أثرثرُ له و أدعو الله بآنٍ واحد بينما هوَّ كان صامتًا بل حتى لم يضع يدهُ خلف ظهري ليضمني إليه كنتُ أنا فقط من يضمه


*

توجهتُ إلى مدينةِ جدة للقاءِ ناقل الصناديق " حمدان " و لكن ذاكرتي لم تسعفني لمكانِ القبيلة و هزاع بين أيدي الضبط العسكري لا يُمكنني سؤاله فما كان مني إلا التوجه للمركزِ العسكري لرؤيةِ
الكاسر الذي خرج بالأمسِ من الزنزانة سأسأل الكاسر عن حمدان إن كان يعرفه و إن لم يعرفه سأسأله عن عنوانِ القبيلة و أبحثُ بها عن حمدان إن كان لا يزالُ يقطن بين أزقتها ، و حينما وصلت
وجدتُ رجلاً يقفُ أمام المركز و ينظرُ للوحة عزمتُ أمري على سؤالهِ عن مكان الكاسر لأجدَ أنهُ الكاسر الذي فرح كثيرًا برؤيتي و عبَّر عن مشاعرهُ بالاحتضان و الكلمات و الدعوات و الشكرُ لله
إلا أني لم أستطع مبادلتُه فأنا لا أتذكرهُ و لا أتذكرُ شيء مطلقًا كنتُ ساكنًا جامدًا بلا أي تعبير بينما هوَّ ابتعد قليلاً يُقَبِلُ رأسي و يدي باحترام و لازالت الابتسامة على شفتيه
بادرتُ أخيرًا بالحديث : أنا ابي واحد اسمه حمدان و لأني فاقد لذاكرتي ما أذكر مكانه ابيه بأقرب وقت إذا تعرف وين ساكن ياليت تعطيني عنوانه .
عقدَ حاجبيه و سأل بجدية : حمدان إلي بقبيلتنا .
أومأتُ بالموافقة ، فانفرجت شفتيه و ظهرت أسنانهُ ببتسامة صافية : حمدان بالسجن تقدر تزوره .
ابستمتُ ابتسامة بسيطة : بزوره إن شاء الله , و ابي منك رقمك .
نقلَ إليَّ رقم هاتفهِ , و حينما أعطيتُهُ ظهري لأرحل تساءل : خالي بناتك ؟
التفتُ إليهِ مبتسمًا : برجع لهم عندي كم شغلة بقضيها وبرجع بإذن الله , لكن لا تخبريهم إنك شفتني أبيها مفآجأة .
ابتسم ليَّ بسعادةٍ و سرور , بينما أنا أعطيتهُ ظهري و مضيتُ حيثُ حمدان يكون .

***


الساعة الحادية عشر مساءًا , خرجتُ من الحجرة التي نمتُ بها طارقًا باب حجرةِ معن الذي جاءني صوتُه بعد مدة : أدخل .
فتحتُ الباب و توقفتُ عنده و سقطت عيناي على الجسد المستلقي في منتصفِ السرير عرضيًا يجرحُ وجهه بأظفاره ، تنهدتُ بضيق و اقتربتُ منه أناديه : معن .
نظر ليَّ ولم ينبس ببنت شفة ، فبادرتُ بالحديث : أمس حجزت لنا مقعدين يعني بنرجع مع بعض للسعودية إن شاء الله .
جلس بسرعة لم يستوعبها عقلي ، نظر ليَّ بحدةٍ و غضب : قلت لك ماني بنازل معك للسعودية ما تفهم إنت .
لا بد من نزولهِ للسعودية بقاؤه هنا وحده مضرة له حيثُ لا ينشغلُ إلا بذاته لكن عندما يكون حولهُ أقاربهُ سينسى نفسهُ قليلاً : بننزل للسعودية بنروح لبيتي هناك و نادي فيه زوجتك و حلوا
مشاكلكم و أنا باخذ لي فندق أو شقة مفروشة .
نظرَ ليَّ بنظرةٍ ساخرة شعرتُ أنهُ يسخرُ من ذاتهِ قبل سخريتهِ مني و بقنوطٍ و يأس : كأنه زوجتي تنتظرني ، هي ما تبيني و لا تبي تشوفني .
جلستُ على طرفِ السرير و أنا أنظرُ له ، و بمحاولة لبثِ الأملِ بداخله : بإذن الله بتجي و بتتفاهموا ، جرب ما بتخسر شي إذا خاب الأمل و ما جات تكون حاولت عشان لا تتحسر بعدين و تقول
يا ليتني حاولت و تقدر ساعتها ببساطة ترجع لمصر .
قال و شبحُ ابتسامة بين شفتيه سرعان ما اضمحلت : نجرب و أمرنا لله .


***


الساعة الثانية عشر و النصف ظهرًا , دخل السجان مناديًا : حمدان زيارة .
قمتُ من على الأرض مستندًا على يدي اللامبتورة ، من قد يكون فليس ليَّ إلا زوجتي عُشبة و من الخطر أن تأتي لزيارتي ، لم أهتم ومشيتُ بجوارِ السجان حتى وجدتُ رجلاً ذا شعرٍ أبيض اللون يجلسُ على
الكرسي و يَعطيني ظهره ، تركني السجان و هوَّ يقفُ بجوارِ الباب أما أنا ألقيتُ التحية فالتفت الرجلُ برأسهِ إلي و ذراعهُ في أعلى الكرسي عقدتُ حاجبي و سرعان ما اتسعت عيناي بدهشةٍ
و رهبة : الشيخ بو أصلان !!
أومأ برأسهِ ايجابًا ، فتحجرت أقدامي بالأرض ، يالله قد عاد بعد ما يُقارب العشرون عامًا عاد من البحر و قد كبر أبناؤه و صار لهُ أحفاد ، سبحان الله ما أغرب الدنيا حينما يموتُ الأمل يعودُ
ليحيا ، وقف من على الكرسي بذاتِ الاحترام و ذات الشخصية القيادية لكن الآن بوقار الشيب أيضًا , سلمتُ عليه و تحمدتُ لهُ بالسلامة ، جلستُ على الكرسي المقابل له
فبدأَ هوَّ بالسؤال : بسألك بخصوص شي ، إنت من سنين كنت تنقل شحنات من مصنعي لمصنع ماهر فيه مرة بالشحنة كان فيه صندوق في داخله بنت و إنت نقلتها لمصنع ماهر ، إذا تقدر تفيدني بنت مين تكون أو تاريخ
ولادتها أو أي معلومة حتى لو كانت بنظرك مو مهمة .
ضيقتُ عيناي باستغراب فيما قد يهمهُ أمر الصندوق بعد هذهِ السنين ! ، و لكني أجبتُ بمصداقية بكلِ ما أعرفه : مرتي كانت ولادتن بالقبيلة و إحدى الولادت ولدت مره و هالمره هربت و تركت
توم بنية و وليد و مرتي خذتها لدارنا ، و من فقرنا ما كنت أبيهم و بعد تفكير قلت أرسل البنية بصندوق لمصنع ماهر و ماهر رجالٍ غني و بيفرح إبها و يربيها ، و الوليد كبرته حتى صار في عمر
الخمس سنين و بترت واحد من يدينه و لهالسبب أنا مسجون آخذ الأولاد و ابتر و احد من يدينهم و يشتغلوا بالشحذة في الشوارع ، تاريخ الولادة 4 / 6 / 1416 هجري ، هذا كل ما عندي .
استند بيديه على الطاولة الفاصلة ما بيننا : طيب وينه في الولد ؟
بابتسامة : والله ذي المعلومة تلقاها عند الكاسر السلك العسكري ماخذين هزيم عندهم لما يحصلوا له أهله .
وقف من على الكرسي و شكرني برسمية و من ثمَّ ذهب ، بينما بقيتُ في مكاني أنظرُ للكرسي و أردد " سبحان الله " حتى ايقظني صوتُ السجان و قمت معه للزنزانة .



***


اتصلَّ عليَّ الكاسر للاطمئنان و السؤال و التهنئة لخروجي براءة و قد أبلغتهُ أني غدًا سأنزلُ لجدة بإذنه تعالى لكني لم أبلغهُ بشأنِ معن
لأن حالةُ معن ليست مستقرة فهوَّ سيمكثُ في منزلي و إن قررت عُطرة زيارته و تحسن سينتقلُ لمنزل العائلة
و إن لم تأتي سيعودُ إلى مصر يبدو أنهُ لا يريدُ أن يراهُ أحد بهذا المظهر و معهُ حق لأنه قد تغير عن السابق كثيرًا
أمسكتُ بهاتفي بحزم و أرسلتُ لعُطرة رسالةً رسمية عبرَّ تطبيقِ " الواتس أب "


*


بينما كنتُ أتصفحُ بهاتفي بتمامِ الساعة الواحدة و النصف ظهرًا , فإذا برسالة تصلني في " الواتس أب " كانت من ركاض
من المؤكد أنها تخصُ معن فتحتها مباشرة لأقرأ هذهِ الكلمات " بكرة أنا ومعن بننزل لجدة أنا برجع للبيت لكن معن بيسكن في بيتي
أتمنى منك تروحي لبيتي بعد صلاة العشاء بيكون زوجك هناك إن شاء الله , تتحاوروا و تحاولوا توصلوا لحل منطقي يرضي الطرفين
أختي حالة معن صعبة و إنتِ أصيلة يا بنت الخال أكيد ما بتتركيه بهالحال إذا ما كان لك فلعيالك و من باب الرحمة , عنوان البيت بيوصلك بعد ثواني "
ماذا تظنُ أنكَّ فاعل يا ركاض
هل تحاولُ استغلال عاطفة المرأة التي تسكنُ في روحي فطريًا
لن آتي و لن آتي ولا داعي للمحاولة .



***

ذهبتُ إلى حيثُ يضعون الشاب المسمى " هزيم " , و دخلتُ مع أحدِ الضباط لأجدَ الفتى يقعدُ على الأرض و بيدهِ كتاب الرحمن
ينظرُ إلينا بعد سماعهِ لصوتِ الباب الحديدي هذه النظرة هذه الملامح هيَّ ذاتها الموجودة في " مي "
إنه النسخة المطابقة منها لا بدُ أنه توأمها و بما أن العصابة ذكرت لي أن مي ابنتي فهوَّ أيضًا ابني
كان ينظرُ لي بكبرياء و حضورٍ قوي لكني أعرفُ جيدًا ما تحملهُ هذهِ النظرة إنه متأمل
إنه يتمنى لو أني من أهلهِ و جئتُ لتحليلِ الأبوة و أنا قد جئتُ لذاتِ السبب
و كما دخلتُ بلا صوت خرجتُ بلا صوت
و طلبتُ من الضباط إجراء تحليل الأبوة لأنه من المحتمل أن يكون ابني
و اليوم سيصل الرجل الذي بعثه الضابط هاني و معهُ عينة من شعرِ " مي "
حينها سأتصلُ على الكاسر ليطلب ظهور نتيجةَ التحليل سريعًا
فحينما يكون التحليل لشأنٍ عسكري تظهر النتيجة خلال أسبوع أما حينما يكون لشأنٍ غير عسكري تظهر بعد خمسةَ عشر يومًا
و لا وقت للانتظار , و غدًا ستكونُ نهايتك يا عبدالقوي و عودتي للمنزلِ الذي أنتمي إليه .


***


بعدما انتهيتُ من عملي في المشفى بتمامِ الساعة الثامنة ليلاً , توجهتُ للشركة و انتظرتُ أبي خارج مكتبهِ حتى انتهى
و ما أن رآني حتى تأفف و أظهرَ التضجر و الملل من اهتمامي و حرصي الشديدُ عليه فهذهِ أول مرة آتي إليه لآخذهُ إلى المنزلِ بنفسي و لكني لم أهتم لتضجره
وصلنا للمنزل و دخلنا سمعتُ صوت ضحكة أعرفُ صاحبتها فهيَّ أولُ إمرأة أحبها قلبي " أمي ساجدة " ابتسمتُ و أنا اسحبُ المفتاح من على الباب قائلاً : ست الحبايب تضحك ربي يديم ضحكتها .
و حينما كنتُ أغلق الباب سقطت عيناي على أبي الذي يقفُ خلفي و ينظرُ لنقطةٍ محددة , نظرتُ إلى ما ينظر إليه بفضولٍ و غرابة
سرعان ما تحولا لابتسامة و صرخة ِفرح : الكـــــــــــــــــــاسر
قفز الكاسر من على الكنبة مبتسمًا يتقدمُ لي و تقدمتُ لهُ احتضنتهُ بقوة : الكاسر ما بغيت يا رجال و أخيرًا ظهرت براءتك الحمدلله و أخيرًا عيالك بيضحكوا .
أبعدتُهُ قليلاً و أنا متمسك بكتفه و بتوجس : و زوجتك و ركاض ؟
ابتسم لي بسعادة : كلهم إفراج , ركاض بينور جدة بكرة .
عدتُ لاحتضانه و أنا أقول : لك وحشة يا خي .
دفعني عن حضنهِ بقوة و هو ينظرُ إلى أبي : وخر خلني أسلم على أبوي إلي يشوف فرحتك يقول ما هو بكل يومين تزوني بالسجن و تشوفني .
توجه إلى أبي يُقَبِلُ رأسهُ و يديه باحترام و من ثمَّ يحتضنه بشدة
بينما أبي يقول بعطف : الحمدلله على رجوعك سالم ياوليدي , قرت عينك بشوفة عيالك و زوجتك .
عاد ليُقَبِل رأس أبي : قرت بشوفتك يا الغالي .
جاءت الخادمة و هيَّ تقول : dinner is ready
فصرختُ بصوتٍ عالٍ : خلاص يبه و الكاسر بتطفشوا من بعض بعد كم يوم يلا العشا جاهز خلونا نتعشى مع بعض .
قُمنا متوجهين لحجرةِ الطعام أبي و أمي أنا و الكاسر لم يتبقى سوى معن الذي لا يردُ علينا مطلقًا .


***

انتفضَ جسدي على صوتِ بكاء أخذتُ أنظرُ يمنة فيسرة دون أن أستوعب و استيقظ ناجي و هو يتأفف و أضاء نورَ الأبجورة التي بجوراه بينما عادَ كل شيء لذاكرتي قمتُ من على السرير
و وقفتُ أمام سريرِ الطفل مددتُ يدي و حملتُه و باليد ِ الاخرى تناولتُ ثلاجةَ الماء و سكبتُ المقدار المطلوب بداخلِ الرضاعة و وضعتُ ملاعق الحليب عليه بينما يدي الاخرى تهزُ الطفل الذي لازال يبكي ، رججتُ الرضاعة
حتى تجانس الحليبُ و الماء و وضعتَه في فم الطفل ، التفتُ إلى ناجي الذي ما زال يتأفف أخذَ و سادتُه و قام من على السرير متوجهًا للخارج و هوَّ يقولُ بضجر : الواحد ما ينام مع هالصوت .
ابتسمتُ بسعادة و أنا أنظرُ للطفل ثمَّ إلى ناجي الذي استوقفتُه بدلال : ناجي بتسيبني وحدي ؟ بتوحشني ؟
التفت إليَّ و استند بظهرهِ إلى الباب كتف ذراعيهِ ببعض ، رافعًا حاجبه : الحين بوحشك يا متوحشة هاه ، والله محد يشبع منك بس مع ذا ما بقدر أنام و وراي دوام ، ايش رايك أنا و إنتِ نخرج
و نسيبه بالغرفة .
رفعتُ حاجبي و بصوتٍ مستنكر : لا والله ! حلوة ذي ، أسيبك إنت و لا أسيب غنومي .
ابتسمَ بمودة : هالولد بيسرقك مني و أنا لسى ما شبعت ، هيا والله لأنكد عليه و أنا معك لما وقت الدوام .
ضحكتُ بصخب بينما هوَّ اقترب من السرير و استلقى قائلاً : تضحكي هاه ، ترى زعلت .
ابتسمتُ و أنا أنظرُ للطفل و ناجي مستلقي خلفي لا يرى إلا ظهري : ازعل .
اختفى صوتُه فجأة هل انزعجَ بالفعل ؟! ، انتظرتُ غانم حتى نام و وضعتُه في سريره ، نظرتُ إلى ناجي الذي يغمضُ عينيهِ و يتضح أنهُ لازال مستيقظ ، استلقيتُ على السرير و ألصقتُ صدري
بظهره ، و بهمس : يا زعول ، تغار من غانم !
ردَّ بخبث : و الله برضى لو سقيتي عطشي .
حركتُ رأسي بالرفض و كأنهُ يرآني : حتى و إنت زعلان قليل أدب .
وضع يدهُ على يدي الموضوعة على كتفهِ و أبعدها برفق و هو يلتفُ إليَّ بجسده و عينيهِ بعيني على نفسِ الوسادة : والله أنا أعشق قلة الأدب بس زوجتي بخيلة .
ابتسمتُ بعنادٍ لهُ : و بظل بخيلة .
أعطيتُه ظهري و أنا أقولُ بحزم : يلا طفي نور الابجورة و خلينا ننام وراك دوام .
أغلق الضوء و هوَّ يتمتم : اففف .. بتعيش و تموت بخيلة .
ابتسمتُ بحب و أنا أحتضنُ الوسادة ، كل ما تمنيت تحقق هذا الطفل أمامي أنظرُ إليه و ناجي الذي أهواهُ ينامُ خلفي الحمدلله يالله .


***

استيقظتُ من النوم مفزوعة خائفة مذعورة هذهِ الكوابيس التي لآزمتني منذُ اللية التي علمتُ بها أن زوجي هوَّ أبي و حبيبي أخي !
أزداد هلعي من اليد التي تمسحُ على شعري


***


إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
الجحيم الجاي يوم الأربعاء .


الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 10-10-16, 10:24 PM   #294

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي










الجحيـــم


(79)


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **














استيقظتُ من النوم مفزوعة خائفة مذعورة هذهِ الكوابيس التي لآزمتني منذُ اللية التي علمتُ بها أن زوجي هوَّ أبي و حبيبي أخي !
ازداد هلعي من اليد التي تمسحُ على شعري و ما أن فُتحت عيناي بأكملها و أستوعبتُ من أرى حتى انتزعتُ يدها بقوة ناظرةً لها بشزر
و بصوتٍ غاضب و كأنها تسمعُ ما أقول : كيف تجرأتي بأي حق تلمسيني ؟!
نزلتُ من فوق السرير و تراجعتُ أدراجي للوراء و عيناي مثبتة على عينيها المندهشة و الحزينة الحائرة المترجية , عينيها التي تحملُ كثيرًا من الكلمات و الجمل
لم تستطع أن تنطق بها , رفعتُ سبابتي للأعلى مهددةً لها : والله إن شفتك مرة ثانية ما يحصلك طيب لا تتعدي حدودك و لا تظني إن خروجي منك يعني إنك أمي
لا أمي الوحيدة صايمة إلي ربتني , لا تتأملي في يوم أجيكِ و ارتمي بحضنك إنتِ و عبدالقوي غلطوا أكبر غلط في حقي لا تنتظروا مني أغفر و أسامح و أقبل بوضعي
شوفي آخرة أفعالكم متزوجة من أبوي و جايبة ولد زنا و حرام .
وضعتُ يدي على قلبي و مع انفعالِ الغضب انهمرت دموعي و اختل صوتي مضطربًا : محـ...د يقدر يستوعب كمية الوجع إلي تسكني , محد يقدر يستوعب كمية الدموع إلي أذرفها بالثانية الوحدة
محد يقدر يستوعبني و لا أحد بيقدر .
وقفت من على السرير و تحركت عدة خطوات و بعينيها الدمع و وجها طغت عليهِ الحُمرة
استوقفتُها بيدي عن الحركة : وقفي ويلك تقربي وقفي .
توقفت عن الحركة بعدما فهمت إشارة يدي
بينما أنا قطعتُ الخطوات و كسرتها حتى صرتُ أمامها
انفرج فاهها بشبحِ ابتسامة سرعان ما غابت و هجرت شفتيها حينما قبضت يدي على يدها بقسوة , أظافري تنغرسُ بقوة لتطبع أثارها على يدها البيضاء
أجرها نحو الباب فتمشي مسيرة و قد ازداد دمعها مع أناتٍ لا تجيدُ سواها
غابت ملامحها في بحرِ الدموع و الوجع ما وصلنا إلى الباب حتى دفعتها فسقطت تستندُ على الأرض بيديها و عظام الركبة ينسدلُ شعرها و تزدادُ آهاتها تعطيني ظهرها فلا أرى وجع ملامحها
أوصدتُ الباب بقوة و استندتُ عليهِ بظهري , و شيئًا فشيئًا حتى خارت أقدامي فجلستُ على الأرضِ كالقرفصاءِ أبكي و يصلني صوتُ بكاءها
لا تطلبي مني شيئًا فأنا لن أعطي أي شيء
أنا لستُ لأحد بل أنا لذاتي
أصبحتُ صحراءً قاحلةً خاوية لا حياةَ بها فما تريدون مني ؟!
اتركوني و شأني فليسَّ لي حولٌ ولا قوة .



***



تمَّ إرسال بلاغ من الجهات الأمنية السعودية بالقبضِ عليَّ في كندا و بعدما تمَّ تقييدي بالأغلال نُقلتُ أمنيًا إلى جدة و ها أنا ذا في حجرةِ التحقيق في صباحِ اليومِ الجديد
أجلسُ على الكرسي و أمامي الضابط بعدما كنتُ قبل
تسعةَ عشرَ عامًا أقعدُ كضابط رغمَّ أني جاسوسٌ مجرم ، صرتُ أجلسُ كجاجوسٍ مجرم مع أني ساعدتهم في إيجادِ المجرمين ! هل كلما وثقتُ بأحدهم أخطأتُ العنوان فلا يكون محلَ الثقة ، وثقتُ
بالمنظمة و عملتُ معهم ضدَّ الجهاتِ الأمنية في مرحلةِ الشباب و حينما نكثوا العهد الذي بيننا فقدتُ ذاكرتي و عادت إليَّ في سنِ العجز لأقفَ ضدهم مع من وقفتُ ضدهُ في شبابي مع الجهات
الأمنية و أصل الحكمي و لكن ها هم يقيدوني بالأغلال و يحاسبوني على ما تغير بتقدمِ الزمان
و أصل الحكمي لم أرهُ بعدَ آخرِ لقاءٍ في كندا هل انطويتُ من حياتهِ كما تنطوي الأوراق و تُلقى في سلةِ المهملات لم أطلب منهُ مساعدتي و لكن أطلبُ منهَ مساندتي و شدَّ إزري إعطائي جرعاتٍ
من أمل و كؤوسٍ من التفاؤل و لكني لم أجد سوى الخذلان كما اعتدتُ من الصغر ، فتيقنتُ اليوم أن لا أحدَ يستحقُ الثقة و الخير ، خيرُ الإنسان لنفسهِ و كفى
ركزتُ سمعي مع الضابط الذي بدأَ بالحديث : هزاع جاسوس لمصلحة المنظمة إلي نبحث عنها من عام ألف و تسعمية و تسع و ثمانين كان بيتم اتخاذ عقوبة قاسية عليك لكن بحسب معلومات
وصلتنا بتنخفض عقوبتك بشكل كبير جدًا ، لكن بالأول لازم نحقق معاك و تكون صادق أي كذبة بتكون ضدك ما هي معاك لأنه كل حرف بتنطقه نحنا بنطابقه بالمعلومات إلي وصلتنا إن كان التطابق
ناجح بتنخفض العقوبة إن ما تطابقت المعلومات بتكون عقوبتك قاسية ، ما بسألك بس بقولك ابدأ سرد حكايتك من البداية و أدق تفصيلة تراها مهمة .
بدأتُ سردَ حكايتي من دخولي للمنظمة باليوم الذي لاحظتُ بهِ أحد السجانين يتعامل بخفاء مع أحدِ أفرادِ العصابة الذي ألقينا عليه القبض و حينما رأيتُه توعدتُ لهَ شرًا و أني
سأبلغُ عليهِ لا محالة ، حينها مدَّ إلي بالهاتف و عينيهِ مليئتين بالخوف تناولتُ الهاتف من يده فجاءني صوتُ رجلٍ مصري أجهلهُ و لكني فيما بعد عرفتُ أنهُ الأخُ الأكبر لربيع الذي عرضَ عليَّ
مبلغًا ماليًا كبيرًا في مقابل أن لا أفشي سرهم و لكن طال صمتي حتى أني أغلقتُ الهاتف دون أن أعطيهم ردًا يريحهم ، المبلغ الذي عرضه عليَّ كبيرٌ للغاية سيجعلني غنيًا و لكن كان بداخلي شتاتٌ
لا ينتهي ما بين القبولِ و الرفض مابين حُب المال و حُب الوطن ما بين الأنانية و الضمير أصواتٌ أرهقتني حتى أنتهى عملي بذلكَ اليوم و ترجلتُ سيارتي متجهًا من جدة إلى القبيلة و بينما أمشي
بسيارتي وجدتُ رجلاً عاجز في الطريق يقفُ أمام سيارته التي يبدو أنها قد تعطلت ، أوقفتُ سيارتي خلفَ سيارته و توجهتُ إليه لأرى ما به و بينما أتكلمُ معه شعرتُ بمسدس يوضع خلف رأسي
فتصلبت أقدامي و تعرقَ جبيني و قد أدركتُ أنهُ فخٌ من المنظمة ، قاموا بتهديدي إما أن أُغلق ملفَ الشحنة ضدَ المجهول أو يقتلوني مما اضطرني للموافقة مُقابل حياتي و باليوم الثاني توجهتُ للمركز
و قدمتُ ملفًا يُثبت أن من في السجن لا يملك أي معلومة و أُغلق الملف ضدَ المجهول ، حينها ظننتُ أنها النهاية و أني بعد الآن سأعملُ كضابط و ليس لي أيُ علاقة بهم ، ليتمَ تهديدي بالملف
المجهول حيثُ اتضح لي أن هذهِ الشحنة لا تعنيهم و أن الملف حتى لو لم يُغلق ضد المجهول لم نكن نستطيع القبضَ عليهم فكان تهديدهم إما أن يقدموا بلاغًا بأني جاسوس ضدَ الجهات الأمنية
السعودية و يتم معاقبتي قانونيًا ، أو أن أقف معهم في المرةِ القادمة وقفتُ معهم من باب الخوفِ على ذاتي و حينما أغلقتَ الملف أيضًا ضدَّ المجهول تم إرسال مبلغَ مالي كبير إلي ، فدنف قلبي
من فتنةِ المال و صرتُ منهم كلما أوشكَ أصل و سهيل للوصول للنهاية أغلقتُ الملف ضدَ المجهول و تابعتُ حكايتي إلى فقداني لذاكرتي و عودتها و مساعدتي لأصل في استعادة جزء من ذاكرتهِ
و إيجاد العصابة و أني قد ندمتُ على ما فات و أنتهى التحقيق و بقيَّ القرار ، لكن مما جاءت المعلومات هل يعقل أنها من أصل ؟ و ممن ستكونُ يا هزاع من المؤكد أنها من أصل فمن سواهُ
قد يساعدني ، لقد ظلمتُكَ للمرةِ الثانية يا أصل ، أحمدُ الله أن وهبني صديقًا مثلك في أوآخرِ عمري .




***



كلَ شيءٍ بدأ بذلكَ اليوم الذي كان بهِ صديقُ عمري يلفظُ أنفاسهُ الأخيرة : خيتي حسنا يا عبدالقوي ما لها حد من بعدي ، بموت مرتاح بزيجتك إبها ، ما لها حس ما بتتعبك إن شاء الله .
أمسكتُ بيدهِ بقوة لأبثَ لهُ ذات القوة : لا تذكر الموت بتعيش إن شاء الله و ترعاها بنفسك .
و لكن قدرَ الله و توفى و آخر ما لفظ بهِ الشهادة يتبعها باسم اختهِ : حسنـ
لكنه قبل إكماله رحلت روحهُ لباريها
و بعد إكمال أيام الحداد الثلاثة تزوجتُ بها تطبيقًا لوصيته و كنتُ أردد أنها بكماءُ لا تتكلم صماءُ لا تسمع سآتي بمن تهتمُ بها و أوفرُ حاجتها و كأنها ليست في حياتي لكنها دخلت حياتي عنوة فهيَّ
صماءُ بكماء لكنها حسناء ، هيَّ ناقصةَ الحواس لكنها كاملة الجمال ، منذُ الوهلةِ الأولى بعثرت ضربات قلبي و منذُ القُبلةِ الأولى عشقتُها أحببتُها تعلقتُ بها حاولتُ إنكار الحقيقة بيني و بينَ ذاتي
لكني لم أستطع اعترفتُ لنفسي أني أُحِبها و متيمٌ بها ، خرجتُ من زوبعةِ أفكاري حينما وصلتني أصواتٌ متفاوتة من الخارج ، عقدتُ حاجبي و رفعتُ السماعة مناديًا السكرتير
الذي سرعان ما دخل قائلاً : الشرطة يا أستاذ عبدالقوي .
تعالت ضرباتُ قلبي و انشدت ذراعي وضعتُ يدي اليمنى موضع الألم بذراعي اليسرى ، هل فعلها هل فعلتها يا أصل هل فعلتها ، و قبل أن أستوعبَ ما يحدث اقتحم الضُباطُ مكتبي كانوا ثلاثة ضباط
تحدث أحدهم بصوتٍ جهوريٍ ثابت : شخص قدم عليك بلاغ ، بتجي معانا .
هوَّ نعم هوَّ من عادَ بعد تسعةَ عشر عامًا ليزُجَّ بي في السجن و يُعاقبني على ما اقترفت يداي ، و قفتُ من على الكرسي و تقدمَ ضابطين باتجاهي قيدوني بالأغلال و وقف كلٌ منهما على جانبٍ مني
أحدهم في شمالي و الآخر عن يمني و الثالثُ يمشي من وراءنا , السكرتير يحدقُ بنا في دهشة و خرجنا من المكتب ليتجمهر الموظفين أمشي في المنتصف و عن يمني و شمالي من ينظرُ لي أحدهم
بدهشة و آخرٌ بسخرية و ثالثٌ بشفقة و أكثرَ ما تبغضُ نفسي الشفقة تفاقم الألمُ بذراعي و لكني حاولتُ الثباتَ و الصمود تجاهلتُ النظرَ إليهم و بقيتُ مرفوعَ الرأس أنظرُ للأمام و أحاول تجاهل
الأصوات و المضي قدمًا للأمام .


*



في سيارتي أنظرُ إليه و هوَّ يمشي بثبات و بجانبيه الضُباط لكني أعلمُ جيدًا ما وراء الثبات أعلمُ أنهُ قناع سينقشعُ لتنجلي ملامحُ الوهن و موظفي الشركة و الحراس ينظرون لهُ و منهم من يرفعُ
هاتفهُ و يصور حتى دخل لسيارةِ الشرطة التي تعالت صوتُ دورياتها ومضت حيثُ المركز ، لقد بَلغتُ عليه في محاولتهِ لقتلي قبل سنين و محاولتهِ لقتلي في هذهِ السنة ، فلن أصمت و لن
أغفر و لن أقول هوَّ من عائلتي و سأستر عليه , فما فعلهُ بي في محاولتهِ لقتلي و جعلَ فتياتي يتيمات بلا سند و إن كان " هزيم " ابني و مي ابنتي فهوَّ السببُ الأول و الأساسي لشتاتهم و ضياعهم فلو أني لم
أسقط في البحر و أفقدُ ذاكرتي لعشتُ لأكونَ سندًا لفتياتي لتكون " مي " مسلمة شريفة و طاهرة ليكون " هزيم " متعلمًا غير فاقدٍ ليده هو كان بدايةَ الحطام ، أنتَ من قتلَ الصيف ليحيا الخريف المميتُ
للشجر لتعصف رياحه فتحمل الأوراق الذهبية و تشتتها بعيدًا عن موطنها ، أنتَ الذي الذي أوهمتني أنكَ لن تخونَ عهد الصداقة و مواثيقها فخنتني و نكثت بها ، فمن أنا غيرُ إنسي إن نُكت
السواد في قلبهِ تشعبت لتملأهُ سودًا هذا أنا قلبي قد صار أسودًا و أقسمَ ثغري أنهُ لن يغفر ، فلا تنتظر مني غفرانًا سيطولُ انتظارك و لن ينتهي إلا بانتهاءِ عقوبتك ، سأبدأ من جديد منذُ ذلكَ اليوم
الذي مات فيهِ أصل الحكمي و وُلِدَ بهِ جلالُ الفاني ها قد فنى جلال و عاد أصلُ للحياة ليمحي أثآر جلال و ينقشُ أثآر أصل .




***



الساعة الثانية ظهرًا , اجتمعنا أنا و أخواتي في أحدِ المجالس , فقد طال الغياب و اشتقنا للجلوسِ سوية
بالرغمِ من أننا حينما كنا أمام بعضنا البعض كنا نقعدُ سوية و الأفكارُ بعيدة عن مكانِ جلوسنا
لكن الغياب أعطانا درسًا عنوانه " التكاتف "
ضَحكاتنا و مزاحنا , الضَحكات التي شقت طريقها بشفاهنا بعد الشهور المضنية
توقفت ضَحكاتنا حينما وصلنا صوتُ غانم قمتُ من على الكنبة متجهة نحو الباب لأرى خالتي عُشبة تحملُ غانم بين يديها
أخذتُهُ منها مبتسمة و هيَّ ابتسمت لي في المقابل , أعطتني ظهرها تعودُ من حيثُ أتت إلا أني استوقفتُها : تعالي يا خالة و اقعدي معانا .
أدارت ظهرها و نظرت لي مبتسمة : بقعد مع ساجدة و إن كانها تبي تنزل ننزل مع بعض .
أومأتُ برأسي و دخلتُ للحجرة , جلستُ حيثُ كنت بجوارِ هوازن و هززتُ الطفل الباكي في يدي
فمدت هوازن يدها إليَّ تطلبُ الطفل : عطيني ياه
مددتُهُ إليها فأخذت تحركهُ في يدها بهدوء حتى بدأ صوتُه بالانخفاض و راح في سباتٍ عميق
نظرت لي و هي تعقدُ حاجبيها متسائلة : ولد مين ؟
نظرتُ لها ثم نظرتُ لعُطرة بحيرة فأومأت برأسها تُشجعني
تلعثم لساني و صار ثقيلاً بالكادِ خرجت الحروف : غانم ولـ...د خالي عبدالقوي و يعني ..
ابتسمت هوازن بسعادة و هي تنظرُ إليه : ما شاء الله , الله يحفظه بعينه .
نظرتُ لعُطرة استجديها , فقالت عُطرة بثبات و قوة و كأنها تتحدثُ عن أمرٍ هينٍ بسيط : و مارسة بنت خالي عبدالقوي .
رفعت هوازن عينيها عن غانم إلى عُطرة و من ثمَّ إلي و مني إلى غانم حتى استقرت على عُطرة و هي تسأل : ايــــــش ؟
عادت عُطرة تقول بحروفٍ وسيعةٍ ممدودةٍ ثقيلة تؤكد لهوازن الحقيقة التي لا يستوعبها العقل : مارســــــة بنــــــــت خالي عبــــــــــدالقوي يعني غانــم ولد حــــــرام .
نظرتُ لعُطرة بعتاب و قد نسيتُ هوازن و لم يتبقى بتفكيري سوىَّ اللفظة التي رمت بها غانم الطفل الصغير الذي لا ذنبَ لهُ
بينما عُطرة أبعدت عينيها عني و نظرت لهوازن فنظرتُ أنا أيضًا إلى هوازن التي اكفهر وجهها و شفتيها تلحنُ همهمة لا تنتمي لأي لغة
و من ثمَّ أخذت تستغفر الله و أردفت بعد مدة : و كيف صار هالشي ؟ و و ينها مارسة ؟
رفعتُ كتفي : مدري لنا كم يوم مو شايفينها , و كيف صار حكاية طويلة
استقرت عينيها على غانم متسائلة : و غانم ؟
كنتُ سأجيب لكن عُطرة أجابت نيابةً عني : بتربيه عُزوف و بيتسمى مثل الأيتام المكفولين .
ما أن ختمت عُطرة جملتها حتى تساءلت هوازن تساؤلاً مستنكرًا لا يحتاجُ لجواب : ايـــــــــــش ؟! ما يصير هالكلام من قالكم تسوون كذا ؟
أجبتُ مستنكرة استنكارها لفعلتنا : وش تبينا نسميه غانم عبدالقوي و لا كبر و عرف إنه ولد حرام وش بيكون موقفه وقتها !
نظرت هوازن إلى عُطرة بعتاب بحكمِ أنها الأخت الكُبرى فدائمًا ما تكون أخطاءنا على عاتقها , بينما عُطرة أجابت بثبات غير مبالية بنظرةِ العتابِ واللوم : عشان عُزوف , عُزوف تبي غانم
إلي أساسًا للحين محد استوعب وضعه ما في إلا عُزوف إلي رحبت فيه كان هذا أفضل حل منصف لعزوف إلي بتكرس حياتها له و منصف له هو حتى لا يتحمل ذنب غيره نظرة المجتمع ما بترحمه .
عادت هوازن تستغفرُ الله ثم أدرفت بهدوء : هذا نكاح شبهة , نكاح الشبهة هوَّ الزواج الفاسد إلي يعقتد الزوجين إنه حلال و يتضح إنه حرام في هالحال ينتسب الولد لأبوه .
استشاط صدري بالغضب حينما شعرتُ أن غانم لن يكون لي : ايــــه و وقت يكبر و يسأل و ينها أمي نقوله أمك مارسة أختك !! إنتِ بس تتكلمي من الناحية الشرعية و مانتِ حاسة بكبر الموضوع
مانتِ حاسة فيه و لا بتعرفي كيف بتكون معانآته .
أجابت هوازن بصوتٍ مرتفع على غير عادتها : لا إنتِ إلي عارفة يا عُزوف عايشة معآناته ما شاء الله عليك
ثم استغفرت و أردفت بصوتٍ تحاولُ أن تجعلهُ في ميدان الهدوء بعيدًا عن براثن الغضب : يا عُزوف افهمي علي , الأحكام الدينية ما انوضعت إلا لأنها خير سبيل , صدقيني لو بتمشي على حكم
عقلك و قناعتك بيجي يوم و تندمي ندم شديد و تقولي ليتني و ليتني , غانم يتسمى على خالي عبدالقوي
و هذا ما يمنع إنك إنتِ إلي تربيه لمن وقت بلوغه يعني تقريبًا من دخوله للصف المتوسط وقتها أساسًا إنتِ ما تحلين له بتقولي وش هالكلام يا هوازن أنا أكبر منه بثلاثين سنة بقولك ايه نعم
لكن وقتها بيصير عمرك خمس و أربعين
أو ست و أربعين و إنتِ بنت عز الحمدلله و ربي منعم عليك و مهتمة بنفسك و أنيقة يعني مانتِ عجوز ما تفتن لا إنتِ تفتني حتى لو ما كان عقلك مستوعب , إلي بيصير إنه ناجي بيحس بالغيرة مهما كان هو عارف
إن غانم بالأساس أخوه و بيبعدك عن غانم غصبًا عنك وقتها جد وش إلي بتقوليه لغانم كيف بتفسرون له ؟! هو صحيح بيكون منسوب لاسم عام و عارف إنه مو ولدكم لكنه بيتعلق فيك كثير و يعتبرك أمه
و لو ربي رزقك إنت و ناجي بطفل بيكون نصيب غانم من الحنان و الدلال أقل من طفلكم خصوصًا إنكم متشوقين للطفل من سنين فبيكون كل اهتمامكم منصب عليه و غانم وقتها بيتحسس كثير
و يعيش شعور اليتيم وهو في بيت أبوه عبدالقوي ! , ليش تحرموه من نسبه و أصله ! حتى ما يعرف إنه ولد حرام !! , ترى حتى الأيتام المكفولين حتى و إن كانوا عايشين حياة سعيدة
مع كافلينهم دايمًا العبارة إلي تتردد حولهم " مكفول أكيد أهله تركوه لأنه ولد حرام "
و هالمكفول اليتيم دايمًا بيحس إنه ولد حرام مع إنه ممكن أهله تركوه لسبب ثاني بعيد عن هالمنطق , يعني حلك ما هو حل و لا ينتمي للحلول لكـ
قاطعتُها بعد أن استفزتني : لا الكلام إلي حضرتك تقوليه كله منطق أجل ينتسب لأبوه و يعرف إن أمه هي أخته , أي منطق هذا !
قالت عُطرة متدخلة بما زاد من غضبي : حقيقة يا عُزوف كلام هوازن سليم , إنتِ بهالوقت تشوفي الموضوع من منظور إنه ربي ما رزقك بطفل وقلبك تعلق في غانم .
تصاعدت الحُمرة في وجهي وشعرتُ بالحرارة كلهيبٍ يُحرقني وقفتُ من على الكنبة و حركتُ يدي في الهواء بانفعالٍ و غضبٍ جامح : تعايروني عشان ربي ما رزقني بأطفال , عشانكم ما عشتوا
وجعي و ألمي تعايروني تظنون إنه في احد بيهتم لغانم أكثر مني ما في أحد بيهتم له و يحبه كثري , و نصايحكم خلوها لكم آخرتكم تضحكوا علي زيكم زي مجتمعكم عقيم الأفكار .
أخذتُ غانم من على الكنبة دون النظرِ لهن و خرجتُ من الحُجرة مهرولة و الدموعُ تشقُ طريقها بوجنتي تحفرُ وجع اثناعشر سنة الذي ظننتُ أنه اضمحل بوجود غانم
لكن هوازن نفخت في وجعي ليعودَ حيًا بعد موتهِ عدةَ أيامٍ فقط , أيامٍ مقابل سنين
يالله لِمِّ كُتِبَّ ليَّ النصب و الوصب , الشقاءُ و العناء
يالله كلما أصبر و أرددُ الحمدلله
تقول لي نفسي لِمَّ أنتِ من بين البشر ؟
ليس بيدي يالله شيءٌ ما بداخلي يسخط و آخر يزجرهُ على سخطه و يعودُ لكَّ مستغفرًا حامدًا
موقنًا أن في صبرهِ الفرج , موقنًا أن هنالك من يعآني أكثرُ منه .




*

وقفتُ من على الكنبة متوجهة سريعًا نحوَّ الباب لألحق بها , فأنا لم أقصد ازعاجها بتاتًا و سأُوضحُ لها ما أرادت عُطرة قوله لكنها لم تجيد التعبير عنه
لكن عُطرة نادتني مستوقفةً لي : هوازن اقعدي , الحين هي محتاجة تقعد بينها وبين نفسها و ترتب أفكارها بعد ساعة أطلعي لها و فهميها بطريقتك
الظاهر إنه ما عندي أسلوب مناسب و هي متحسسة من سالفة العيال كثير و أقل كلمة بتضايقها , ففهميها بأسلوب لطيف و هي إن شاء الله بتدرك معنى كلامنا .
نظرتُ حيث رحلت عُزوف بخيبةِ أمل فلم يكن هذا مقصودي , لا أحبُ أن أكون سببًا في ضيقِ الغير
جلستُ بجانبِ عُطرة واضعةً رأسي بكتفها , مدت ذراعها خلف رقبتي و ضمتني لجانبها و هي تهمسُ بحنان : لا تخافي بترضى إن شاء الله , مسألة وقت بس .





***






ركنتُ السيارة في المواقف و أخذتُ العينات من المقعدِ المجاور نزلتُ من السيارة و من أول درجة لاحظتُ الكاسر الذي يقفُ بالأعلى بجوارِ الباب و ينظرُ إلى أقدامهِ بسرحان ، تقدمتُ نحوهُ حتى
صرتُ أمامه و حينما رأى حذائي رفع عينيهِ فرآني و تبسم بحبٍ و مودة يُقَبِلُ رأسي و يدي باحترام : كيفك يا خال ؟
أومأتُ برأسي بلطف : الحمدلله و إنت يا ولدي عساك طيب ؟
هزَّ رأسهُ بالموافقة : الحمدلله بخير يا خال ، ندخل ؟
أجبتَ و أنا أنظرُ للعينتين التي بيدي : ندخل .
دخلنا للداخل و توجهنا حيثُ نريد ، بدأتُ بالحديث مُلقيًا تحيةَ الإسلام : السلام عليكم و رحمةُ اللهِ و بركاته .
فردَّ التحية كاملة و أردف : بايش أخدمك يا عم ؟
وضعتُ العينات على الطاولة أمامه و شرحتُ له : ابي تحليل الأبوة لهالعينتين ، الـ a لي و الـ m لبنيتي .
فقال بدبلوماسية : تستلم النتيجة بعد أسبوعين .
نظرتُ إلى الكاسر الذي أخرجَ بطاقتُه العسكرية و مدها و هوَّ يقول : نحتاج النتيجة خلال أيام .
أجاب بتفهم : إن شاء الله بكرة تطلع النتيجة .
ومضينا للخارج الكاسر يحكي لي عن ابنتي و اشتياقها لي بينما أنا أغيبُ بتفكيري إلى " مي " جاء الرجل المصري الذي بعثه هاني إليَّ ليُعطيني عينة من شعر " مي " اتفقتُ مع الكاسر عبرَّ
الهاتف أن يُسدي إليُّ هذا المعروف بتقديم موعدِ النتيجة و قد وافق الحمدلله ، اليوم ستظهر نتيجة هزيم إن كان هوَّ ابني فمن المؤكد أن مي ابنتي لشدة التشابه ما بينهما و بالرغم من هذا أنا
أحتاج ورقةَ التحليل لأنها ستكونُ عنصرًا مهمًا يومَ الدعوة الجنائية
نظرتُ للكاسر الذي سألني : يا خال ما خلصت أشغالك بناتك بحاجتك .
نظرتُ لهُ بجدية : شوف يالكاسر إلي إنت ما تعرفه سبب هالتحليل , آخر جنين لي من مرتي زبيدة احتمال تكون هي البنت إلي اليوم سويت التحليل حتى أتأكد إن كانت هي أو لا ، و احتمال مبتور
اليد هزيم إذا كنت تعرفه يكون ولدي يعني زبيدة كانت حامل بتوأم .
اتسعت عيناهُ بدهشة ثمَّ سرعان ما تحولتا للحيرة و التيه : لكن عمتي كانت حامل ببنت واندفنت .
بتوجس : هي قالت إنها حامل ببنت بس ؟
قال نافيًا و قد كساهُ الحزن : لا ، هي الله يرحمها توفت يوم ولادتها ، لكن أبوي وقتها قال إنها ولدت ببنت و إنت قبل فقدانك كنت معطي عهد لو عمتي ولدت ببنت بتدفن البنت و هذا إلي صار أبوي
دفنها بدون حتى ما نشوفها بنفس اليوم عرفنا عن فقدانك و توفت خالتي و اندفنت البنت كان يوم قاسي على بناتك يا خالي .
لقد رحلت ، رحلت زبيدة من هيَّ زبيدة التي نستها ذاكرتي لكن اليوم عادت بأكملها زُبيدة المرأة التي لم أعشق سواها زُبيدة التي كلما رأتها عيني لفظَ ثغري ازدواجيات الشعر و لفظت ملامحي
أهازيجَ الفرح ، زُبيدة هيَّ المرأة التي أحبها قلبي فنسجَ منها رموزًا لم يفهمها أحدٌ سواها نُقشت على خاتمٍ باصبعي و قلادةٍ في عنقها الأبيض بين نهديها النافرين بعلياء و كلا القلادة و الخاتم
مفاتيح لصندوقِ حُبِنا و أسرارنا أحلامنا و حتى أطفالنا ، رحلت زبيدة و ما هيَّ الحياةُ برحيلها ؟ لا معنى لها لا مذاقٌ و لا لون .

و دعني الكاسر و غابَ حيثُ سيارتهِ متجهًا نحو عملهِ , بينما عُدتُ أنا للداخل متوجهًا لكراسي الانتظار كالميتِ بلا حياة
وجدتُ هزيم يجلسُ و بجوارهِ أحدُ الضباط , ينظرُ للأرض بشرود
توجهتُ إليهما و ألقيتُ التحية ردَّ الضابطُ التحية بينما عينا هزيم تشبثت بعينيَّ في عناقٍ طويل
عناقٍ اهتزَ لهُ قلبي و لحن لهُ لساني لحنَ الغموض
لحنًا متناقضًا ما بين اللذةِ و الوجع , كأني أشتاقُ إليهِ و أجهلُ من يكون
ورقة ستقررُ من تكون أنتَّ يا هزيم في حياةِ أصل
هممتُ بالسير و حجراتِ قلبي تغمغمُ بكلِ مبهمٍ لا يستوعبهُ إنسٌ و لا جان
و على الرغم من الخطواتِ القليلة التي تفصلني عن مكانِ استلامِ النتيجة إلا أني شعرتُ أني أسافرُ للبعيد أعانقُ السماء و أتركُ أرضًا جمعتني به
و حينما التقطت طبلةُ أذني ضربَ الخطواتِ على البلاط و كأن الروح عادت لأرضها
تابعتُ مسيري دون النظرِ لهُ فلا أريدُ إحراجهُ
و وصلنا أخيرًا , ألقيتُ التحية
فردها للنصفِ و سأل : بإيش أخدمك ؟
حينها استرقت عيناي النظر إلى من يقفُ بجواري بشموخ يحاولُ دسِّ وهنهِ بهذا الحضور الطاغي : اليوم على أساس نستلم تحليل الحمض النووي أصل الحكمي و هزيم .
سأل برسمية : قرار من السلك العسكري ؟
أومأتُ برأسي , فأردف : دقايق .
و كأن الدقيقة التي غابها دهرًا بأكملهِ في الانتظار
مدَّ إليَّ بالظرف فتناولتُه منه و فتحتهُ لتظهر الورقة التي بداخله قرأتها بعيني
و من ثمَّ نظرتُ إلى هزيم مبتسمًا فقطع هزيم الخطوتين التي بيننا و ارتمى بصدري و هو يقولُ بفرحٍ جياش : كنت حاس
شعورٌ لا تكفي الحروف لوصفه و كأني كنتُ أعيشُ طيلةَ الوقت بلا روح
و الروحُ اليومَ قد عادت إلي لنصفها , فنصفها راحَ يصاحبُ زبيدة بالضريح
و كأن أصل الحكمي يُولدُ من جديد , يولدُ بمولدِ هزيمٍ في حياته



*


حنانٌ أمآن دفءٌ راحة و سند , يشدني إليهِ بكلِ قوة يُسمعني ضربات قلبهِ وحكايةَ مولدي بعدَ حياتي أعوامًا طويلة
يلحنُ لي لحنَ اللهفة و الشوق اللوعة و التوقِ إليَّ كما أتوقُ إليهِ و أنا بين ذراعيه
يحكي لي أنهُ أبي بكل نبضة , تؤذنُ أوتار قلبهِ أذآنًا لم يؤذن بهِ يوم مولدي و موتي قبل أعوام
تنقلُ حجراتِ قلبي رسائل الطروبِ و التقطيب ! رسائل الحنينِ و الإجتواء ! فتستقبلها حجراتِ قلبهِ من كلِ ناحية و درب
و تنقلها مع دمهِ ليزداد جسدهُ دفئًا و يرسلُ لي إعتذرًا عمَّا مضى
و كلما اشتدت يداهُ حولي , غمرتُ رأسي في صدرهِ أكثر , في غزيرِ حنانهِ و فيضانِ عطفه
استنشقُ رائحتهُ لتسكنَ أنفي قبل أرديتي
لتقطن دهرًا و تقهرَ عقودًا مضت .



***



الساعة الثالثة مساءً , كلما خطوتُ خطوة سمعتُ الهمزات و اللمزات التمتماتُ و الهمسات الهمهماتُ و الضَحكات في بادىء الأمر اعتقدتُ أنهم يسخرون مني لزجي بالسجن ثم عودتي لمزاولةِ العمل بعدما أتى القرار
بعودتي لعملي بذاتِ الرتبة التي كنتُ عليها " النقيب " فرحتُ كثيرًا و شعرتُ أن الحياةَ عادت لمجاريها هوازن عادت لي و عدتُ لأسرتي و عملي و لكني من سخريتهم و استهزائهم أدركتُ أني
سأعآني و أتعبُ كثيرًا حتى تعودَ هيبتي و مكانتي بينهم ، حاولتُ التماسك و التجاهل لكني لم أستطع فكلما مرت الساعات ازدادت تصرفاتهم سوءًا مسكتُ بأحدِ الضباط و رفعتهُ عن الكرسي مطبقًا
بيدي على عنقه ، و بغضب تحت نظراتِ الجميع : تضحك على ايش ؟!
جاءَ صديقي أحمد يسحبني بعيدًا عنه و ذلكَ يُعدلُ ياقةَ قميصهِ العسكري وينظرُ لي بشزر ، امتعضتُ و ازداد غضبي أضعافَ ما كان عليه فدفعتُ أحمد متوجهًا نحو الضابط الجبان الذي تراجع خطوةً للوراء
بينما أمسك أحمد بيدي و هوَّ يسحبني للخارج لكني صلبتُ أقدامي حتى صارت جزءًا من الأرضِ لا ينفكُ عنها
نظرَ ليَّ أحمد برجاء : الكاسر الله يرضى عليك خلينا نخرج في أشياء ما تعرفها , في الوقت إلي خرجت فيه تنتظر خالك عشان التحليل , صار شي يخص عيلتكم .
تراخت أقدامي و ارتفعت عن الأرض و عادت لتنخفض تخطو خطواتها للخارج خلف أحمد و وجهي بلا تفسير كعقلي الذي تحجرَ عن التفكير قال عائلتي هنالك أمرٌ سيء حدثَ لهم
ارتعدت فرائصي عندَ هذهِ الفكرة المريعة
دخل إلى مكتبي فدخلتُ خلفهُ و أغلقتُ الباب جلستُ على الكرسي المقابل له متسائلاً بتوجسٍ مملوءٍ بمعاني الخوف : وش صار ؟ وش فيهم عيلتي ؟
أجابَ بهدوء يُعاكسُ ضراوةَ ما يقول : فيه بلاغ اتقدم ضد أبوك .
و نقيضَ ما كُنتَ عليهِ من غيابِ التخمين و التفكير استوعبتَ سريعًا لأُصلبَ طولي و أقومُ واقفًا متجهًا نحو الباب ، و لكني التفتُ إليهِ متسائلاً : بخصوص ايش الشكوى ؟ و مين المشتكي ؟
صمتَ للوهلةِ الأولى و هوَّ ينظرُ لي بحيرةٍ و تردد و كأنهُ خائفٌ عليَّ مما سينطق : بخصوص محاولته لقتل شخص و هالشخـ
قهقهتُ ضاحكًا غيرُ مصدق : أبوي يقتل ! و ليه يقتل ! أكيد في غلطة في الموضوع .
قال بأسف و هوَّ ينظرُ للأرض : ما أعتقد فيه خطأ لأن المشتكي خالك بو أصلان .
لم أستوعب و لم أصدق فقدتُ الإدراك و الإيمان بما أسمع ، استندتُ بيدي على إطار الباب محاولاً تثبيت أقدامي عن الانهيارِ أرضًا ، نعم لقد كان يقول أن هنالك من يحاولُ إلحاقَ الضررِ به و أن
لديهِ أعمال عليهِ إنجازها ، هل أبي من حاول قتل خالي ؟! لكن لِمَّ ؟! من المؤكد أن هنالك من يحاولُ الإقاع بين خالي و أبي ، لا بدَ من حلِ هذه المعضلة قبل أن تكون سببًا في شتاتنا .



***



يجلسُ بجواري في السيارة أستنشقُ ذاتَ الهواء الذي يستنشقهُ ابني الوحيد الذي من المفترض أن يكون اسمه أصلان ولكن تجري الرياحُ بما لا تشتهي السفن
و لكني أحمدُ الله أنهُ عادَ إليَّ بعد كلِ هذهِ السنين , أخذتُه لأفضل محلاتِ الأردية و اشتريتُ له الكثير و قد كان خجولاً كثير الرفض و أنا كثيرُ الإلحاحِ و الإصرار
أخذتُ لهُ ساعة ليضعها بيدهِ الغير مفقودة و عطرًا و عودة , و من ثمَّ توجهتُ بهِ للشقة التي أقطنُ بها
وضعتُ الأكياس التي بيدي في داخلِ حجرةِ نومي و وجهتُ حديثي إليه : ملابسك في الغرفة , و الباب إلي جنب الغرفة الحمام اتروش و بدل ملابسك و بنروح مع بعض لعند خواتك .
اقترب مني حتى صار أمامي و قبلني في رأسي باحترام و طأطأ رأسهُ أرضًا : مشكور يبـ .. يبه
ابتسمتُ لهُ و قبلتُ جبينهُ بحنان و بامتنانٍ صادق : أنا إلي أشكرك على وجودك في حياتي يا عين أبوك .
نظرَ لي طويلاً و كأنهُ يحفظني كما أحفظهُ , ينسخُ مني صورة بكلِ جزءٍ من دماغه كما أنسخُ لهُ الصور
ابتسم لي ابتسامةً واسعة مشرقة ظهرت فيها جميعُ أسنانه و حكت عن السعادة التي يشعرُ بها و كأنهُ يحكي لي عن سعادتي بهِ
أعطاني ظهره و توجه ناحيةَ الحجرة بينما بقيت عيناي حيثُ راح
و دعا لساني لهُ بكلِ محبة .


*


الساعة الرابعة و النصف عصرًا , أجلسُ في الصالة مع هوازن نتبادلُ أطراف الحديث حتى وقفت هوازن و هيَّ تقول : بروح لعزوف الحين و بكلمها .
أومأتُ برأسي بالموافقة و القبول
قُرع الجرس فتوجهت إحدى الخادمات نحو الباب و توقفت هوازن في مكانها دون حراك بفضولٍ و تساؤل من الطارق
طال وقوفُ الخادمة عند الباب و من ثمَّ توجهت إلينا و هيَّ تقول : ما يعرف مين , رجال عجوز
نظرتُ إلى هوازن أُبادلها الحيرة قمتُ من على الكنبة متوجهة نحوَ الباب أرفعُ الطيلسان و أغطي بهِ , و أغطي وجهي بالخمار
فنحنُ في الدور السفلي نضطر للجلوسِ بحجابنا خوفًا من دخول من لا يحلون لنا من أبناءِ خالنا عبدالقوي
مشيتُ نحو الباب و هوازن من خلفي وقفتُ أمام الباب و استقرت عيناي على الرجلِ العجوز و نطقت شفتاي بلا إدراك : يبـــــــــــــــــــــــ ـــــه
لكنهُ لم يكن صوتي فقط بل كان صوتُ هوازن يتجانسُ مع صوتي بذاتِ الكلمة التي ماتت منذُ سنين ...


***



إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
الجحيم القادم قبل العيد بإذن الله تعالى
و ع فكرة للأسف واضح إن الدراسة بتبدأ و الرواية ما اكتملت
لسى محتاجة وقت أطول في سرد مشاعر الأبطال مع الأحداث و التقلبات الجديدة
غير الأحداث إلي باقي ما ظهرت ^_^ .


الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 10-10-16, 10:25 PM   #295

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




الجحيـــم


(80)


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **













الساعة الرابعة و النصف عصرًا , أجلسُ في الصالة مع هوازن نتبادلُ أطراف الحديث حتى وقفت هوازن و هيَّ تقول : بروح لعزوف الحين و بكلمها .
أومأتُ برأسي بالموافقة و القبول
قُرع الجرس فتوجهت إحدى الخادمات نحو الباب و توقفت هوازن في مكانها دون حراك بفضولٍ و تساؤل من الطارق
طال وقوفُ الخادمة عند الباب و من ثمَّ توجهت إلينا و هيَّ تقول : ما يعرف مين , رجال عجوز
نظرتُ إلى هوازن أُبادلها الحيرة قمتُ من على الكنبة متوجهة نحوَ الباب أرفعُ الطيلسان و أغطي بهِ , و أغطي وجهي بالخمار
فنحنُ في الدور السفلي نضطر للجلوسِ بحجابنا خوفًا من دخول من لا يحلون لنا من أبناءِ خالنا عبدالقوي
مشيتُ نحو الباب و هوازن من خلفي وقفتُ أمام الباب و استقرت عيناي على الرجلِ العجوز و نطقت شفتاي بلا إدراك : يبـــــــــــــــــــــــ ـــــه
لكنهُ لم يكن صوتي فقط بل كان صوتُ هوازن يتجانسُ مع صوتي بذاتِ الكلمة التي ماتت منذُ سنين
الكلمة التي دُفنت في الضريح و صارت نسيًا منسيًا , الكلمة التي ثقُلَ نطقها على اللسان رغمَّ اللوعةِ و الشوقِ لها
الكلمة التي خرجت من اللسان خفيفة حينما ترجمت المقلتين وجودهُ بعد تسعةَ عشر عامًا قاربت العشرين
هذه الكلمة التي انتهت و سكن الصمتُ المكان , ماتت كل اللغاتِ و الأحرف ما تبقى سوىَّ لغةِ العين
التي تلفظُ سنين اليُتم و الحرمان الشجن ِو الشجى
في ليلة اندكت فيها الافراح و تهمشت صارت الدنيا ظلامًا دجيًا , عتمة حالكة ليل نهار
حتى الشمسُ في حضورها كسوفٌ دونكَ يا ضوءَ الحياة , بريقُ النجمِ باهتًا يخجلُ الإنعكاس ليهب القمر نورًا في غيابِ شمسِ الحياة
ليلة أخذتك كحلمٍ طال إنتظاره , أمنية نتوقُ لها لكنها صعبةُ المنال , سرقتكَ من حياتنا عنوة لتكون معجزة لا حلَ لها سوى الدعاء
ليلة حملت أمي في التابوتِ نحو الضريح فكانت جسدًا غادرتهُ الروح
ليلة نثرت التربة على وجهِ أختي الطهور فكانت طيرًا في الجنة
أي ليلة هذهِ التي غيرت حياتنا من جذورها
من أطفالٍ في رغدِ العيش و نعيمهِ إلى يتمياتٍ في شظف العيش و تقشفه
أبتي يا معجزةً تحققت غِبُّ العطبِ في سنينٍ عجاف
لا تفصلنا سوىَّ خطوة إن خطوناها شُيدَّ بناءُ اللقاء
لكن ما بالها الأقدام تهدجت كهدجِ الظليمِ و المسنِ عن الحركة
و العينين تعانقت عناقَ الأسيرِ للحرية
أي قوة قد تدفعُ الأقدام خطوة للأمام و تُجبرُ العين على الإلتحام الجبينُ بالجبين
و العقلُ لقلبهِ و القلبُ لصدرهِ فالحياةُ ما كانت حياةً كما تظهر للعيان
قد كانت موتًا في الحياة , أنتَّ نبيذُ الحلال الذي مهما سقت أفواهنا منهُ ما بلغت البطون
باتت القلوب أعوامًا على الطوى , بعدما اُنتُزع قلبك من صدرونا فوقعنا في عرضِ الحتوف على نصلِ الفيصل ِ
اسقنا يا أبتي كأسًا من بئرِ المنهلِ , فلقد تلوثت أفواهنا من نقيعِ الحنظلِ
داوي جراحًا لم يداويها الدواء ولا نباتُ الحرملِ


*


طال حديثُ العين عن الكلمة التي دُفنت لتعودَ للحياة
عن اللية البائسة التي سرقت الجميل و وهبت كل قبيح
عن القدم التي تصلبت و ارتعدت منتفضة كمريضٍ عاجز
عن الموتِ في الحياة عن العلقم و الزقوم
و عن خطوة تفصلنا عن الأمآن و الظمأ و الإمتلاء
من سيخطوها يا ابنتي لم أعتقد أنها صعبة لهذا الحد
أنها أصعبُ من كلِ المصائب التي واجهتني
خطوة تخاف أن تكون في بلدِ السراب تخافُ أن تكون اختلاق الأسير حكاية الحرية , توهم الظمآن للماء
لكني و بالرغمِ من خوفي رفعت أقدامي للأعلى لتهبطَ أرضًا و تقطعَ عَقدين قاربا على الإنتهاء
مددتُ يدي لأتلمسها أستشعرُ حياةَ النفسِ الموؤودة التي توأدتها البحار في ريعانِ الشباب
ولكن قبل أن تلامسَ يدي الحياة سكنت الحياةُ حجري تحتضني إليها
حاوطتها بقبضتي و أحتضنتُها لي بقوة بشوقٍ بدفء و دفأها هذا حكى لي أنها من احتضنتُها في مهدها أنها البِكْرُ بين بناتي
أنها الكُبرى و صغيرتي " عُطرة " و لشدةِ احتضاني لها تراخى خمارها و انسدل طيلسانها و تناثر شعرها برائحتهِ التي سكنت رئتي بانتشاء
مرغتُ رأسي بين خصلاتِ شعرها أُقَبلُ رأسها , أمسكُ بعظام الخصر و أبعدها عني قدر أُنملة أمسحُ دموعها أُقبِلُ جبينها
أحفظُ تفاصيلها التي تغيرت كثيرًا عما سبق لكنها لازالت شبيهةُ زبيدة و النسخة المطابقة لها في الجمالِ و البهاء
أضمُ نسخًا منها بجانبِ النسخ الكثيرة التي التقطتُها لأخيها هزيم
عادت تغمرُ رأسها بصدري و تملأهُ بالذكرياتِ قبل دموعِ الملحِ الأجاج
عادت لتحيي ماضي دُفن منذُ زمنٍ بعيد
لم أكن لأبتعد لولا اليد التي طوقت ذراعي بشدة و أنغرزت أظافرُ يدها في جسدي اللكيك اخترقت دمائي قبل العضلات
كانت الحياةً الأخرى في عودةِ الحياة بحضورِ هزيم , سقطَ خمارها كاشفًا عن اسمرار بشرتها
سمارها بلونِ الصحراءِ القاحلة يحكي لي عن اسم ابنتي الوسطى " هوازن " هيَّ الوحيدة السمراء بين أخواتها
لازالت كما هيَّ سمراء البشرة , صغيرةَ الملامح و جعداء الشعر
و لطيفة الحضور تتعلقُ كالطفلة بذارعي لا تريدُ سوى الاقتراب عكسَ عُطرة التي تريدُ الامتلاء و مهما ملأتها تطلبُ المزيد
عُطرة بحضورها الباذخ و هوازن بحضورها اللطيف , سحبتها برفق و اتسع صدري لكليهما إحداهما بجانبي الأيمن و الأخرى بجانبي الأيسر يجهشن بالبكاء
و صوت عويلهن و انتحابهن يتعالى و ينخفض و ينكتم بين عضلاتِ صدري
ابتعدت هوازن عني قليلاً و مدت يدها تلتمسُ شعيرات ذقني الأبيض و تسأل بما تخافهُ و لم تستوعب حضورهُ بعد, رغمَّ أنها تمكثُ في قلبه : يبــــــــ....ـه
طبعتُ قُبلةً في رأسها و همستُ بحنو : هوازن أبوك .
وضعت يدها على صدري و أسندت رأسها إليه و هي تهتفُ بسعادة : يبه
مسحتُ على شعرها و عيناي تنظرُ لمن تضع رأسها بالجانبِ الآخر و تبتسمُ بسعادة و تارة تغرقُ رأسها في صدري و تستنشقُ رائحتي لتدس الكثير منها في أنفها
و تعطيهُ لصدرها وقت الشوق و اللهفة لكنكِ لن تشتاقي يا عُطرة سأكون بالجوارِ دائمًا و أبدًا
عقدتُ حاجبي و نطقتُ بما حضرَ في ذهني : لي بنت ثالثة , وينها ؟
رفعت هوازن رأسها و نظرت لي مبتسمة بسعادة و إشراق : بناديها الحين
قبلت جبيني و رأسي و كلتا يداي و من ثم عادت بالاستناد على صدري و بعدها ابتعدت عني و هي تجري نحو المصعد تسبق الزمن تخافُ أن يسبقها فيأخذني للبعيد
و لكني لن أبتعد مهما حدث أنا هنا بينكن صغيراتي فكيف لي أن أبتعد و أتركُ من ورائي جناتِ النعيم
نظرتُ لعُطرة التي تتشبثُ بثوبي بكلِ قوة و تقولُ و رأسها غارقٌ في صدري : يبه وحشتني وحشتني كثير يبه .
مسحتُ على شعرها بحنان و صوتٌ خرج من داوخلي و أعماقِ أعماقي صوتًا هامسًا لكنهُ يخترقُ حصون الروح قبل جدران الجسد : حياتي دونكم يا بنيتي ما هي بحياة , لا تظنيني ابتعدت راضي
عوائق و حواجز كثير ابعدتني أميال و خذت مني ما خذت ما كنت راضي و لو كان بيدي كنت عندكم من سنين .
رفعت يدي نحو ثغرها و قبلتني قُبلة طويلة عميقة يسيلُ مخاطها و تنهمرُ دموعها بين شعيرات يدي : يكفي إنك هنـــــــــــا و بتكون هنـــــــا الدهـــــــــر كله
مدت " هُنا " و " الدهر " لتتسع لها الحياةُ بأكملها كأنها تزيدُ العمر عمرًا تخاف أن ما مضى أقل ما هوَ آت
لن يكون كذلك صغيرتي فإن كان أقلُ عددًا سيكونُ أكثرُ قربًا مما مضى
سأعيشُ معكن طفولتكن , المراهقة و النضج سنعيشها كاملةً حتى و إن كانت في ظرفِ يوم
نحنُ من سنمدُ العمر عمرًا مليءٌ بالدفء
سنعطيهِ درسًا أن الفراق ما هوَ إلا لقاء , و أن السنين مهما طالت لن تغير ما في النفوس
كان العُمر شحيحًا قاسيًا أعطانا تباريح الوصب و لكن سنرضى بالقدر خيرهِ و شره و نعطيهِ عروش الأملِ و التفاؤل .


*



كنتُ أسابق الدقائق و الثواني و أجزاء الثانية الواحدة أخافُ أن يسبقني الزمن فيسرقهُ مني
فقد سرقَ الكثير و الكثير طمعًا و لن نسمح لهُ بما هوَ أكثر
سأكون بجوارهِ ليلَ نهار , سأنام في صدرهِ و أستيقظُ صباحي على صوتهِ الحنون
سأحكي له كم كانت الحياة دونهُ قاسية و سأطلبُ منهُ أن يمحي من ذاكرتي ما عشتهُ من يُتمٍ و حرمان
سأقولُ لهُ كم دعوتُ الله أن يعودَ إلينا و أحكي لهُ مقدار سعادتي باستجابةِ الدعاء
فما أجمل أن يناجي العبدُ ربهُ و يتضرعُ إليهِ راجيًا داعيًا فيتحققُ ما دعاه
ما أجملَ رؤيةَ دعاءك حقيقةً ملموسة تراها و تستشعرها
اقتحمتُ الحجرة متناسية أدآب الإستئذان و كأن هوازن تخرجُ طفلة تحتاجُ للتعليمِ من جديد
و بصوتٍ عالي ناديتُها : عـــــــــــــــزوف وينك ؟ وينك ؟
توجهتُ مباشرة اتجاه حجرةِ نومها ولا زلتُ أناديها بذاتِ الصوتِ المرتفع لتخرجَ هي من الحجرة قبل أن أدخلها و تُشيرُ إلى فمها : اشششششششش غانم نايم
مددتُ يدي نحو يدها و التقفتُ أسحبها ورائي بعجلة : تعالي بسرعة
سحبت يدها من بين يدي بقوة و احتضنتها لصدرها بعدما شبكت أصابع يديها ببعض
تذكرتُ أنها منزعجة مني و كنتُ أنوي الاعتذار و التوضيح
وقفتُ خلفها و حاولتُ دفعها للأمام : مو وقت الزعل الحين في شي مهم لازم تشوفيه
استدارت نحو متسائلة بتوجسٍ و ذعر : وش فيه ؟
ابتسمتُ لها بفرحٍ و سرور : خير خير لا تخافي , بس وقفي كلام و امشي .
جذبتُ يديها أجرها بسرعة نحو الباب بخطواتٍ سريعةٍ هوجاء و هي تهتف : هوازن بشوية اشبك بسم الله
لم أبالي بما تقول وسحبتها نحو المصعد حتى دخلنا و أغلقَ بابه ليُفتحَ و تطيحُ عيني على أبي يقفُ بذاتِ المكان و عُطرة بصدره
و يبدو أن عزوف لم ترى ما رأيت فعادت لتسأل : ليش ما خذتني لهنا وش فيه ؟
أمسكتُ برأسها و أدرتُه حتى صار للأمام و رفعتُه للأعلى قليلاً و توقفَ رأسها عن الحركة , وتصلد جسدها كالحجارةِ الصلبة
نطقت بصوتٍ تائهٍ ضائعٍ بلا هدى و لا ملجأ , صوتٍ لا أدري إن كان مستفسرًا أم غير مستوعب : أبـــــــــــوي ؟!
فقد كانت بالعاشرة من عمرها عندما غاب أبي و مضى ما يُقارب العشرين عامًا أي عقدين إلا أشهر معدودة
قد تكون نسيت أبي فنحنُ لا نملك له حتى صورةٍ واحدة
نظرت لي بتيهٍ وضياع , فأومأتُ برأسي
لتخرج منها شهقة اخترقت الجدران الصماء قبل المسامع
فوقعت كل الانظارِ عليها
ابتسم أبي بمحبة و تقدم نحونا و عُطرة لازالت بحجرهِ تجرُ أقدامها جرًا حيثُ يمشي
قطعتُ الخطوات المتبقية و تشبثتُ بذراعهِ كالطفلة
أما عُزوف فتراخت أقدامها و التصقت ركبتها بالأرض و نصفها العلوي قائم و رأسها مرتفعٌ للأعلى تنظرُ إلينا
سرعان ما احتقن وجهها بالحُمرة و بكت بكاءً أمات الجماداتِ الميتة فكيف بالحي ؟!
بكاءً اهتزت له النوافذ و انتفضت لهُ الأبواب و تصدعت لهُ الجدران
بكاءً يحملُ سنين الوجع و ينثرها بالجمادات يُخرجُ كل ما هوَ سلبي يعيشُ بداخلها لتعودَ طفلةً بلا شقاءٍ لأحضانهِ
تراخت أيدينا من حولِ أبي الذي سحب نفسهُ من بيننا وجلسَ أرضًا مقابلاً لها و سحبها لصدرهِ يحتضنها بشدة لتبكي بين أضلاعهِ تشكيهِ طفولتها مراهقتها و نضجها
تشكيهِ حاجتها للحنان تشكيه الليلة الكئيبة التي غيرت من حياتنا تُذيب قفصهُ الصدري لتنضم روحًا ثالثة إليه
أهدانا روحه فتقسمناهُ بيننا و أهديناهُ ثلاثًا روح عطرة فأنا و من ثمَّ عزوف


*


بكيتُ بشدة مودعةً كل المآسي فها هوَ أبي سندي و قوتي يقفُ أمامي , بضعُ خطوات و نتصلُ بالعناق
بكيتُ لأخرجَ فارغة كيومِ ولدتني أمي , و لم أجد إلا يدًا دافئة تمسحُ على شعري بحنان و تضمني لفؤادٍ انتصل من صدري قسرًا و إكراهًا
حرارةُ أنفاسي انتحابي و استعباري كانت كفيلة بصهرِ عظام قفصهُ الصدري و احتضاني روحًا تنضمُ لأخواتها في صدرٍ يتسعُ لنا جميعنا كـ اتساع الأرضِ بمشارقها و مغاربها
لتُغلق عظامهِ من بعدنا و تكظم علينا دهرًا بأكمله و ما أحن زنزانةَ صدره , ما أعطف ضربات قلبه
في زانزانته حرية أبدية و زوالٌ سرمديٌ للشقاء و مسغبةِ الحنان و الأناة
حوطتُ بيدي خصره وغبتُ في صدرهِ غيابًا في الوجود بعدما كنتُ الوجود في الغياب
هوازن تشبثت بذراعهِ , و عُطرة وضعت رأسها على فخذه الممتدة
إحدى يديه تمسحُ على ظهري و الأخرى على شعر عُطرة و عينيهِ تنتقلُ بيننا الثلاثة بينما نحنُ الثلاثة لا نرى في الوجودِ سواه
فهوَّ الوجود و الوجودُ بحضورهِ غياب .


*



شقَ صوتُ بكاءِ عُزوف نواحي المنزل تُفرغُ ندبها و أنينها الموجع و ترثي ما لا أعرف
نظرتُ إلى عُشبة التي وقفت مذعورة : يالله سترك شفيها البنية
هرولتُ ناحيةَ المصعد رغمَّ عجزي و و هن جسدي و نزلتُ للأسفل و انقفعت أقدامي و تيبست حينما رأيتُ ذلك الذي راح دون الوادع الذي غطتهُ أمواج البحرِ
راح و دعونا الله أن يعود و حينما طالت السنين و لم يعد , تلاشى الأمل و عجَّ اليأس و البؤس أرواحنا و أهلكها
فدعونا الله لهُ بالرحمة و الوقايةَ من عذابِ و فتنةِ قبر و السكن في فسيحِ جناته
فهل للميتِ أن يحيا ؟ و هل لشهادةِ الموت أن تولد ؟
كم أسأنا الظنَ بك يا أيها البحر استمعنا لأقوالهم " البحر غدار" يأخذُ ولا يعطي
لكنهُ كان المأوى و النوى طيلة السنين
هفت أقدامي وخرَّ وجهي على برودةِ الأرضية كبرتُ الله خفضًا و سجد قلبي للخالق شكرًا و حمدًا
" سبحان ربي الأعلى , سبحان ربي الأعلى , سبحان ربي الأعلى
اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه، وصوره، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين "
و أكملتُ دعائي شاكرةً الرحمن خاضعةً لهُ سبحانهُ وتعالى و كبرتُ الله رفعًا دونَ حجابٍ و طهارة فهو خضوعُ لا صلاة
و في رفعي من السجود طوقت عينيَّ حقيقتك لا طيفك , طيفك الذي كنتُ أعانقهُ فيضمحلُ راحلاً للغياب
إنك حقيقة حتى لو لم أتلمسك فطيفكُ كان شابًا كما أخذهُ البحر و خيالي كان يحاولُ رسمك كبيرًا في العمر لكنهُ ما أجادَ الرسم يا أخي
قد أجاد نقشك في ريعِ الشباب و حفظك في الفؤاد لكنه أخفق في رسمك فبكى خوفًا من أن ينسى المحفوظ مع تقدمِ العمر
كم أحمدلله أنكَ عُدت للفؤادِ قبل التلاشي كم أشكر الله أنكَ حقيقةً ملموسةً أمامي يا أخي
أخي يا جزءًا مني بكل أجزائي كُن دائمًا بالقربِ و لا تبتعد
تقدمتُ إليه خطوةً فخطوة رويدًا رويدًا ببطءٍ و تمهل أحفظهُ من كلِ الزوايا و الجوانب
و أحمدُ الله بالثانية مئات المرات أني أرآه قبل الممات
حتى توقفتُ أمام قدمهِ الممتدة بالأرض , كانت عينيه على عُطرة المستلقية على فخذه يخلخلُ أصابعهُ بين خصلاتِ شعرها
و يبدو أنهُ رأى حذائي فرفع عينيهِ حتى صارت بعيني , طال الصمتُ كثيرًا فدكَّ الهلعُ ربوع قلبي و دُقت نواقيسُ التهلكة
هل نسيتني يا أخي ؟ , هل صرتُ من صفحاتِ الماضي المطوية ؟
يشقُ عليَّ فهم لغةِ العين في موقفٍ كهذا في الوضعِ الذي أنا فيه
خرج صوتي واهنًا ضعيفًا مبحوحًا مترجيًا : أخـ...وي
و على صوتي انزاحت الفتيات عن أبيهن قليلاً , فابتسم ابتسامةً حتى عقلي توقف عن ترجمتها وفهمها
وقف من على الأرض فصار أمامي واضعًا راحتيه على عظامِ كتفي هامسًا بحنو : ساجدة يا حياةَ أخوك .
ابتسمتُ و بكيتُ بذاتِ الوقت فأخذ يمسحُ دموعي بيديه : هالدموع غالية يا ساجدة , بلاه البكا هذاني قدامك يالغالية .
تناولتُ يده التي تمسحُ دموعي و طبعتُ في باطنها قُبلةً شوق و في ظاهرها قُبلةَ احترام




*


مسحتُ دموعي التي سقطت تأثرًا بالموقف
من يصدق أن شيخَ القبيلة أصل الحكمي يعودُ بعد سنين طويلة
يعودُ ليُعوضَ فتياتهُ سنين اليتم
و يعوض أختهُ جورَ عبدالقوي و سطوته
ما بقيَّ إلا أنتِ يا عُشبة بلا سندٍ و لا ولد
عدتُ أدراجي للأعلى و لكن حيثُ جناح عُزوف و الطفلُ الرضيعُ غانم الذي بقيَّ وحيدًا في الأعلى .




***



الساعة الخامسة عصرًا , في حجرةِ التحقيق
الحجرة التي كنتُ أخافُ الجلوس فيها في بداياتِ فعلتي الشنيعة بأصل و لكن بعدما طالت السنين قُتل جُل الذعر
لم أعتقد ولا لوهةٍ واحدة أن يكون الغائب تسعة عشرَ عامًا بقيدِ الحياةِ دون ذاكرته
أن يعودَ لأكون أنا بهذهِ الحُجرة و هوَ حرٌ طليقٌ بالخارج
بعدما أصبح اسمي منتشرٌ في كلِ الشركات و أقطابِ المملكة
سيكون هذا الخبر القشة التي قصمت ظهر البعير
القشة التي أهملتها ونسيتها وطويتها مع السنين و كأنها لم تكن
بدأتُ بحادثٍ يسير لم يستغرق سوى دقائقٍ في إعداده
لكنهُ تركَ أثرًا كبيرًا فاشتهرتُ و امتلكتُ أكبر الشركات و قصرًا ذا مساحةٍ شاسعة
عبدالقوي الاسم الذي يتردد على ألسنةِ التجار
سيكونُ ذلك الحادث البسيط سببًا في وصمِ سمعتي و دهسها
سيكونُ عبدالقوي الذي ما كان يعني للمجتمعِ شيئًا و صار جزءًا لا يتجزأ من المجتمع مجرمًا في الزنزانة
و حينما يخرجُ من الزنزانة سيثلبهُ ويعيبهُ من هم أقلُ منهُ بخريجَ السجون
عند هذهِ الفكرة بدأ الوجع يغزو ذراعي الأيسر , مسدتُ ذراعي بكفِ يدي الأخرى
أُكابر الألم و أنظرُ للضابط بثباتٍ يُعارض عليل يدي
بدأ حديثه برسمية قائلاً : في شكوى مقدمة ضدك من أصل الحكمي بمحاولتك لقتله قبل سنين و هذا بتعطيلك لسيارته و غرق سيارته بالبحر و هالشي سبب فقدانه لذاكرته بسنين
و هو كان ممكن يسامحك بس محاولتك الثانية لقتله بعد معرفتك بحياته خلته يتخذ موقف عدواني منك و يبلغ عليك , المحاولة الثانية و إلي كانت بإرسال هزاع لاتمام عملية قتل أصل
و إلي فشلت فشل ذريع بخذلان و خيانة هزاع لك و انفجار القنبلة بواحد غير أصل و هالخبر انتشر بالجرايد و أكيد تعرفه .
تمسكتُ بوضع الهجوم و الثوران , فهذا الوضع الذي يلتجىءُ إليه المرء حينما يوضعُ موضع الضعيف : وشفت السيارة كان فيها جثة غير أصل يعني هما كان لهم يد في قتل الجثة إلي بالداخل , لومه قبل تلومني
بالآخر و مهما سويت أصل مازال حي يرزق أما ذيك الجثة تعذبت وبعدها ماتت و ما لها أي ذنب في إلي بيننا , يعني تحاسبون إلي ما قتل و تخرجون القاتل يسرح يمرح في الشوارع .
مدَّ يده على الطاولة و تراجع بظهره مستندًا على الكرسي و بابتسامةٍ فيها شيء من السخرية : كل المعلومات عندنا وحسابنا معاه غير عن حسابك , المهم الحين هو إنت مب هو , سؤالي لك
تعترف إنك حاولت قتله مرتين و تخفف عقوبتك أو ما تعترف و نعرف احنا بنفسنا مع العلم إن مع أصل أدلة قوية وعدم اعترافك بينرفع عليه دعوة و بتتقدم أدلة أصل للقاضي
وقتها بيكون حسابك عسير .
و بالرغمِ من أني أدرك و أتذكر رؤية هزاع لي حينما عطلتُ سيارة أصل و هذا الدليلُ الأولُ ضدي
و الثاني كان بإرسالي لهزاع لمحاولة قتل أصل المحاولة التي فشلت بخيانةِ هزاع لي
لكن في كلا المرتين هزاع هوَ دليلُ أصل الوحيد و هذا قد لا يفهمهُ القاضي
إضافة لما فعله أصل بالجثة التي في السيارة و التي انفجرت فيها القنبلة بدلاً من انفجارها بأصل
هذا سيكون ضدهُ و الشاهد الوحيد هزاع أيضًا سيظنُ بهِ القاضي ظن سوء
و هنا ستكون حريتي و يكونُ أسرهُ و عقابه , بثقةٍ و ثبات و صوتٍ جهوري : ما حاولت قتل أصل , و أصل يكون أبو بنات أختي فكيف أقتله و أمنعهم من أبوهم و أخليهم يتيمات
كل هالكلام افتراء علي , هزاع و أصل يفترون علي و متفقين مع بعضهم ضدي .
قال وهوَ يكتفُ يديه ناحيةَ صدره و يمددُ أقدامه بطولها أرضًا : الحين كفتك صارت ضعيفة بالبداية قلت بأسلوب هجومي إنه مهما كان إلي بينك و بين أصل فالآخر إنت ما وصلت لشناعة فعلته
و الحين تنفي إنك سويت فعلة شنيعة بأصل لكنها فشلت في المحاولتين .
ازدردتُ ماءَ فمي , تنفستُ الصعداء لسماعِ ما أزعجني و أتعبني و من ثمَ قلتُ مبررًا : أنا بس أقول لو فعلاً كان بيني و بين أصل شي فأصل بالأول و الآخر بيكون غلطان أكثر مني , و إذا مضطرين
ترفعوا دعوة ارفعوها أنا جاهز و بطلب لي محامي .
زفرَ أنفاسهُ و أخذ ملفهُ الأسود من فوقِ الطاولة , مُصلبًا طوله متجهًا للخارج و دخل ضابطين اثنين , قيدوني بالأغلال و أخذوني للخارج حيثُ السجان الذي توجه بي
نحو القضبانِ الحديدية و الحجرة الصغيرة التي بها ثلاثُ جدارنٍ فارغة لا أحدَ بها سواي
حبس انفرادي ماذا يقصد هذا المحقق ؟ هل يعتقد أني سأذهب إلى المحكمة لتصديقِ أقواله و أكون في داخلِ القضبان و أصلٌ في الخارج
قطعًا لا , بل أنا من سأكون بالخارج و هوَ داخلها .




***




و بينما نحن نجلسُ على الكنب عُطرة تضع رأسها على كتفي و هوازن على الآخر و عُزوف تجلسُ على الأرض و رأسها على قدمي و ساجدة تجلسُ مقابلةً لي مبتسمة بسعادة
و بالرغم من أننا نجلس إلا أننا لم نتكلم بكلمة واحدة , فالعينُ لازالت تحفظ , و اللسان من هيبةَ الموقف يتلعثمُ و لا يجيدُ الحوار
و مع أن الصمت سيد الموقف إلا أن السعادة تترأسُ المجلس و بشكلِ مفاجىء تذكرتُ هزيم الذي تركتهُ بالخارج
يالله منذُ نصف ساعة و هو عندَ الباب , نظرتُ إلى فتياتي بداية من عطرة فهوازن ثمَ إلى عزوف و كسرتُ الصمت بابتسامة و كلماتٍ لينة : ممكن حبيباتي بناتي يبعدوا شوي و يخلوا أبوهم يقوم
يسوي شغلة .
زوجَ الأعين الأربعة تعلقت بعيني بنظرةٍ مذعورة و نطقت عُطرة أقواهن بأسًا : يبه وش الشغل إلي يبعدك عنا !
مسحتُ على شعرها برفق و بصوتٍ رخيم : يا حبايب أبوكم , فيه شخص عند الباب نسيته و أنا معكم بدخله وبس .
ابتسمن ابتساماتٍ شديدة الاتساع و ابتعدن عني مسافةً بسيطة فوقفتُ على الأرض و قدمي تنملت من كثرةِ الجلوس
رفعتها و من ثم ضغطتها على الأرض يغيبَ التنميل عنها , سارعت هوازن بالسؤال : يا أبوي رجلك منملة ؟
نظرتُ لها مبتسمًا : ايه لكن بتخف .
قالت عُزوف باهتمام : بروح أجيب زيت الورد و أدلكلك فيها تخلي التنميل يروح بسرعة .
أمسكتُ بيدها أسحبها إليَّ و أُقبلُ جبينها : ما يحتاج و تراها خفت خلاص .
مشيتُ و مشين من ورائي فالتفتُ إليهن : اجلسوا و أنا بجيكم الحين .
قالت عُطرة و هي تتقدم و تقف بجواري و تعانقُ كفي بكفها : بنجي معاك .
فتقدمت هوازن و وقفت بجانبي الآخر أما عُزوف و التي كانت خلفنا ضربت قدمها بالأرضِ فأصدرَ صوتًا و قالت مستاءة : ما جبت حجابي .
التفتُ إليها فلمحتُ ساجدة تبتسمُ بمودة و تجلس على ذاتِ الكنبة التي كنتُ أجلسُ عليها : الرجال من محارمك , تعالي
قالت بتعجب : محارمي مين ؟! , ما في إلا خالي عبدالقوي
ابتسمتُ لها بمحبة : تعالي و تعرفي
تقدمت بخطواتها و صارت بجوار هوازن مشينا سوية حيثُ الباب
فتحتُ الباب و وجدتُ هزيم يجلسُ القرفصاء و يُعطيني ظهره ناديتهُ بحنان : هزيم



*


دخل و لم يعد حتى الشمس خفَ ضوءها و هوَ غائبٌ في الداخل لقد نساني حينما رأى أخواتي
ألا يراهنَ دائمًا ينساني أنا من عشتُ طيلة حياتي بعيدًا عنه و يقعدُ معهن و هوَ يراهن دائمًا !
يالهن من مدللات هل كل هذا الوقت و هو يقنعهن بي , أيشعرون أني مصيبة و حللتُ على رؤوسهن
لا , لا , لا ألومهن فمن يعيشُ في قصرٍ كهذا يستحيل أن يتحمل أوهن المصائب بل أنهُ يرى من أقلِ الأفراحِ أتراحًا
ماذا لو عايشن ما عشت من فقرٍ و ذل و تسول و فقدٍ لليد
ماذا لو عايشن الجهل في عصر العلم , ماذا لو ارتَدين أسوأ الألبسة بل و جلسن برداءٍ واحد سنوات يستيقظن عليهِ و يغفون به
ماذا لو غُسل الرداء ألآف المرات , ماذا لو ناموا الليل بلا عشاء
بل و ماذا لو كانت وجبتهم واحدة طول اليوم , رغيفُ خبز يتقاسمهُ ثلاثة
و النومُ على الأرضِ اليابسة و شمسٌ الظهيرة تُرسل أشعتها عبرَ النوافذ المهيضة و لا تكييف بالمكان
و عندما تتعرق و كأنك دخلت بأرديتك في الماء , قد تجدُ ماءً تروي بها جزءًا من ظمئك و قد لا تجد
لم يعشن شيئًا من الحياة و من شقاءِ الدنيا و متعابها
ما رؤوا ما رأت عيني و ما ذاقوا مُرَ ما تجرعت
يأكلون من نعيم الدنيا و لا أأكل من الدنيا سوى جحيمها
يتقلبون على السرر و تحت رؤوسهن وسادات وأنامُ على الإسفلت و تحت رأسي صخرة يغطيها قميصي المهترىء
غربية هذه الدنيا فيها من يعيشُ في داخل حجرة فارغة أو في الشوارع بداخل الكراتين
و يأكلون كالقطط من سلاتِ المهملات متناسين أنهم بشر يمتلكون مشاعر و عقل يتعقل ما يأكل
بل و منهم من يتبعُ دبيب النمل ليأكل ما تأكل و آخرون في القصور على عروشٍ يتنعمون تمتمدُ المائدة أمامهم و يتخيرون
و حينما يشبعون يُلقون بباقي الطعام في المهملاتِ تبذيرًا
يالله ما أغرب الدنيا و ما أبشع البشر
شقَ صوتُ أبي أصوات الطبيعة و حينما سمعتُ صوته نسيتُ من فوري كل اللوم و القهر
و وقفتُ من على الأرض مبتسمًا متقدمًا نحوهُ مقبلاً رأسهُ و يديه
أحتضنهُ لي فأنا لم أمتلىء منهُ بعد ولن أمتلىء فما مضى لم يكن بالقليل حتى يزول في بضعةِ أيام
ما مضى سنين طويلة و عُمرٌ جلفٌ قاسٍ و غليظ



*


حينما رأيتُ رجلاً غريبًا عريضُ المنكبين فارعُ الطول نحيلُ الجسد و ضخم البنية يقفُ أمام أبي ويحتضنه
تراجعتُ بخطواتي للوراء و وقفتُ خلف الباب مباشرة بينما عُطرة و هوازن اللاتي يرتدين الحجاب وقفن بجانبه بثبات
من هذا وكيف لأبي أن يقول أنه من محارمنا !!
هل يريدُ أبي منا أن نتكشف على رجالٍ أغراب !
ألصقتُ أذني بالباب حينما سمعتُ عُطرة تقولُ بقوة و صوتٍ ثخين يناقضُ أنوثة المرأة : مين هذا ؟! تزوجت يا أبوي و هذا ولدك من زوجتك الثانية ؟!
حينما انتهت صارت كل الأعين مصوبة اتجاهها عيني و هوازن ترتجي أن يكون الواقع غير ما نطقت بهِ عُطرة
أن يكون أبي تزوج وبنى أسرةٍ أخرى و أعطى حنانهُ لأبناءَ آخرين و نحنُ تسعة عشر عامًا يتميات أمرٌ لا تتحملهُ قلوبنا و لا تقاسيهِ عقولنا
أما عينا عُطرة فكانت جامدة و عينا أبي متعجبة
بينما ذلك الرجل كان ضائع و كأنه لا يفهمُ ما نقول !
لم يجيبَ أبي فكان الصمتُ عنوان المكان فأردفت عُطرة : ممكن ليش لا هالولد شكله في نهاية مراهقته يعني الوقت إلي احنا فيه نعيش حياةِ اليتم إنت تزوجت
و أسست بيت و هذا أخونا من الزوجة الثانية عشان كذا هو من محارمنا ,
و تابعت بصوتٍ مقهور : صح ؟
قهقه أبي ضاحكًا حتى فاضت عيناه دمعًا فمسحها بظاهرِ كفه : ما شاء الله عليك يا عُطرة ألفتِ سيناريو كامل في دقايق .
و اقترب منها حتى صار أمامها واضعًا يده على كتفها , متابعًا بجدية : ما تزوجت و هذا أخوك من أمك .
هنا لا أدري كيف فتحتُ الباب على وسعه و نسيتُ أني دون حجاب و خرجتُ و انضممتُ لأخواتي و الجميعُ ينظرُ لأبي بتساؤلٍ و تعجبٍ مما يقول
من أمي ؟! ماذا يعني هذا ؟! , أمي قد توفت في اليوم الذي علمنا بهِ عن غياب أبي في لُجِ البحر
فكيف لها أن تلد بطفل ؟!!
و طُبعت علامةُ الاستفهام بملامحنا نحنُ الثلاثة
فقال أبي بهدوء : ندخل و أفهمكم كل شي .
تقدمتنا أختي عُطرة و نحن وراءها لكنها توقفت فتوقنا و استدارت نحونا مشيرة إلى ذلك الرجل : و هذا بيدخل معانا ؟
فتقدم أبي ناحية الرجل و ضمهُ من الجانب , و بدفاع : هذا أخوك
فمشت عُطرة للداخل و مشينا من خلفها و أغلق أبي الباب
جلسنا نحن الثلاثة بجوارِ بعضنا البعض و أبي على الكنبة المقابلة و بجانبهِ الرجل الذي يكون أخي ! و أيضًا من أمي !
بهدوء : هزيم عمره تسعطشر سنة و قريب بيصير عشرين , التعطشر سنة إلي انتوا عشتوها بدوني حتى هزيم أخوكم عاشها بدوني , آخر طفل لزبيدة قبل وفاتها كان توأم و لد و بنت
و هذا أخوكم على قيدِ الحياة أما أختكم مو متأكد هي أو لا بكرة أستلم نتيجة التحليل و يتضح كل شي .
علامةُ الاستفهام تحولت لعلاماتِ تعجب ليس بنا نحنُ الثلاثة بل و حتى بالرجل الذي يكونُ أخي
فقالت عُطرة تكسرُ الصمت : أمي ولدت ببنت و اندفنت , كيف يطلعوا توأم و بعد على قيد الحياة و ليش عاشوا بدونك و وين كانوا عايشين ؟
تنهدَ أبي تنهيدةً طويلة وحكى لنا قصةً أشبهُ بالخيال
صندوقٌ بهِ أختنا , و يدٌ مبتورة لأخي و حياةً ليست بحياة
فقدهِ لذاكرته و نجاته من البحر منذُ تسعة عشر عامًا و استعادتهِ لذاكرتهِ بهذا العام
لم نكن نحنُ فقط من تعجبنا حتى أخي كان يُشاركنا الطقوس يبدو أن أبي لم يشرح له شيئًا بعد
و مع أن ما يقولهُ صعبٌ على القلبِ و العقل
إلا أن هزيم و كأنه لم يسمع من السردِ شيئًا سوى شيءٍ واحد هوَ ما جعلهُ يتعجب ليتبدل التعجب لشيءٍ من الغضبِ و الاكفهرار
كان يقبضُ على يدهِ الغير مفقودة بقوةٍ و قسوة و أسنانه تصطفقُ ببعضها البعض
و نطق بصوتٍ غائرٍ بمعاني الإضطهاد و الإجحاف , صوتٍ غائرٍ بمعاني الحقدِ و البغض , صوتٌ يحملُ سواد الدنيا و يُلقي بكل الخيرِ و البياض للغياب
انتاصت معاني الإنسانية من عينيه , و وقب الظلام وجهه و طمسه , ليسأل بما يجولُ و يصول بذهنه : يعني إلي بتر يدي هو الي رباني لسن الخمسة , هو حمدان , و عشبة إلي اعتبرتها أمي سكتت
ما حمتني منه و لا دافعت عني , يعني اشتياقي لعشبة و حلمي فيها بكل ليلة كان كذبة ! عمرها ما كانت أمي مثل ما كانت عيني تصورها حنونة و تخاف علي , حمدان لازم أشوفه و حتى عشبة
لازم يعرفون إن الله حق و ينصر المظلوم حمدان بالسجن يلاقي عقوبته و عُشبة بتلحقه ما برحم إلي عمره ما رحمني و جرني للجحيم .
و ما قالهُ هزيم كانت الكلمات التي فتكت رؤوسنا هل من بتر يده هوَ حمدان و عُشبة تندسُ بمنزلنا , بينما هزيم يعيشُ حياةَ الضنك !
شدَ أبي على يدِ هزيم و أحتضنهُ من جانبهِ بقوة
و قالت عُطرة بذاتِ حقدِ هزيم : كل من أذآنا بيلاقي جزاته كل من دخلنا الجحيم بيذوق حرارتها ما بنسامح أحد , و إلي رماك بالبحر يا أبوي بس لو أشوفه , هذا هو السبب في تغيير حياتنا
هاذي الليلة إلي قلبت الموازين هذا أكثر إنسان في الوجود قلبي حاقد عليه .
و كأن هزيم النسخة المصغرة من عُطرة في التصرفات و الإنفعالات
بقيَّ كلٌ منا في صمت و في رحلةِ تفكيرٍ لا تنتهي
ما كان وقتًا لاحتضانِ أخي و الفرحَ بوجوده فما سمعنا صم أذاننا عن كلماتِ الشوق
ما سمعناه لم يكن بالشيء السهل حتى نقوم و نتبسم و نحتضنُ بعضنا
نحتاجُ وقتًا للاستيعاب .



***


كنتُ أنتظرُ أبي منذُ الساعة الخامسة عصرًا إلا أنهُ كان بحجرةِ التحقيق , و الآن بتمامِ الساعة الخامسة و النصف تمَ نقله للحبسِ الإنفرادي
طلبتُ زيارتهُ و سمحوا لي , الحمدلله أنهم لم يمنعوا الزيارة عنه فدخوله للحبسِ الانفرادي لا يريُحني فالحبس الانفرادي يكون لأمرين إما أن يكون الجاني ارتكب أمرًا مخالفًا للقوانين
و هو في يدِ القانون , أو أنه يكذب فيكون الحبس الإنفرادي ضغطًا عليه للتصديق بأقوالِ المحقق أمام المحكمة و مدةُ الحبس لا تزيدُ عن خمسةَ عشر يومًا
وإن لم يجدي الحبس معهُ نفعًا يمنعُ من الزيارة و إن زاد يتم جلده بما لا يزيدُ عن عشر جلدات و من حق مدير السجن الأمر بتكبيل المسجون بالأغلال إذا وقع منهُ هياجٌ و ثوران
و يُقيد بما لا يزيدُ عن ثلاثةِ أيام , و أرجو أن لا يصل الأمر إلى هذا الحد فهنالك سوءُ تفاهم و يجبُ بيانه
و لكن المعضلة أني لا أستطيعُ أن أكون محقق القضية وذلك لأنه في قسمٍ غير قسمي فأنا في مكافحةِ المخدراتِ فقط و غير هذا إن كنتُ من ذاتِ القسم فأيضًا لا أستطيع فإن كان السجين من أقاربِ الضابط
لا يُسمح للضابط بتولي القضية و لكني ساجلبُ أفضل محامي و حينما تنتهي الزيارة سأتصلُ على خالي أصل و أقابله و أفهمُ منه و إن كان هنالك شيئًا خاطىء فعلهُ أبي فسأطلب من خالي السماح و العفو
و بهذا تُغلق القضية على خير و من المؤكد أن خالي لن يرفض طلبي و سيعفو ويغفر يبدو أنه قدم البلاغ بلحظةِ غضب و ستنتهي حتمًا و نعودُ كما كنا في زمانٍ ماضي أسرةً متحابة لا ينقصنا سوى عمتي زبيدة
رحمها الله , تعلقت عيناي بيدِ أبي المقيدة بالأغلالِ الحديدية و رفعتها حتى طاحت على عينيه الحادة الثابتة و كأن شيئًا لم يقع !
فتح السجان القيود عن أبي , فجلس أبي على الكرسي
لو أن اللمس ليس بممنوع لقبلتُه برأسهِ و يديه و احتضنتهُ لي بشدة مطمئنًا لهُ أنه سيكون بخير بإذنه تعالى و لن يطول ما هوَ عليه و لكن تجري الرياحُ بما لا تشتهي السفن
ابتسمتُ لأبي أحاول بثَ الأمآن إليه و أنا من أحتاجُ لهذا الشعور : بإذن الله بتخرج يا أبوي و يكون كل شي بخير لا تقلق .
أستند بظهره على الكرسي و أجاب مبتسمًا : أبوك قوي و بيخرج إنت إلي لا تقتلق عليه .
ازدادت ابتسامتي راحةً لكونه لم يضعف لما حلَ بهِ : بإذن الله , لكن أبيك تعلمني بالتفاصيل يا أبوي حتى أساعدك و أعطي المعلومات للمحامي .
قال أبي بأمر : أبيك تكلم ذراعي الأيمن ماجد و هو إلي يجيب لي محامي مناسب , و المحامي بيكون عنده المعلومات من ماجد و لا تحاول يالكاسر تعرف شي تراني بزعل عليك , ما أبيك يا وليدي
تدخل بهالقضية و القانون ما يرضى بهالشي إنت قسمك مكافحة مخدرات و كذا بتخالف القانون بدخولك و ممكن هالشي يكون نقص لرتبتك أو سحب لوظيفتك و إنت وظيفتك غالية عليك
المحامي إلي بيوكله ماجد هو بيقوم بكل شي و لا تقلق أبوك براءة بإذن الله .
باعتراض : لا يا أبـ
قاطعني بحدةٍ و حزم : لا تخالف شوري يالكاسر , لا قلت شي اسمع الكلام و إنت ساكت قضيتي بيني و بين المحامي و إنت خليك في شغلك
و بلغ ماجد يوكل لي محامي اليوم .
تنهدتُ بضيق : حاضر يا أبوي إلي تبيه بيصير .
قام أبي من على الكرسي و اقترب السجان يقيدهُ بالأغلال و جاء سجانٌ آخر يقفُ بالجانب الأيسر و الثاني بالأيمن و أبي في المنتصف بينهما
لن أتدخل يا أبي لكني سأعرف سبب البلاغ من خالي أصل و أطلبُ منهُ العفو و السماح حتى ينتهي الأمر على خير .


*


من المحال أن أدع الكاسر يتدخل بمجريات القضية فإن علم عن أفعالي الشنيعة ما سيكون موقفي أمامه و أمام ناجي و معن
بل أيضًا أخافُ منهُ فهوَ من قيدَ زوجتُه بالأغلال و جرها للسجن مع أنها أغلى عليهِ من روحه
قام بتلبية نداء القانون على حسابِ دموع زوجتهُ و أسرها
و كما فعل بزوجتهِ سيفعلُ بي سيجرني للسجن لأكون أسيرًا
و هذا لن يحدث فالمحامي الذي سيوكلهُ ذراعي الأيمن ماجد سيكون من أصحابِ النفوس الضعيفة , عبدًا للمال ما أن يراه حتى يتلاعب في القضية كيفَ يشاء
و إن استطاع الوصول إلى المدعي العام و إلغاء رفع الدعوة للقاضي
و حلَ القضية بالتلاعب في حجرةِ التحقيق سيكون حينها كل شيء على مايرام .



***


الساعة التاسعة و النصف ليلاً , توجهتُ لشركةِ أبي لاصطحابه للمنزل ستصبحُ هذهِ عادة و إن لم يرضَ , سأحاول قد المستطاع أن أكون بالجوار
فإن اصابهُ مكروهٌ ما سأساعده و لن أدعهُ يعودُ للمستشفى ذات الرائحة الكئيبة التي تعني المرض وفقدَ جزءٍ من الصحة
اتصلتُ على أبي مراتٍ و مرات لكنَ هاتفهُ مغلق , قد يكون لديهِ اجتماع ولكن في هذا الوقت !
ترجلتُ عن السيارة و توجهتُ نحو الشركة و تفآجأتُ من الضجة و الجلبة العارمة بداخلها و كأنه ليس مكان عمل
لم أبالي و مشيتُ مباشرةً لمكتبِ أبي و قد كان السكرتير يجلسُ على مكتبه و وقف حينما رآني , سألتهُ مستفسرًا : أبوي جواله مقفل عنده اجتماع ؟
سكت لوقتٍ ليس بقصير و من ثم نطقَ بتعلثمٍ و توتر : أستاذ عبدالقوي .. قبضوا عليه الشرطة
طبيعةَ الإنسان حينما يسمعُ مصيبةً ما , يحتاجُ وقتًا للاستيعاب لكني استوعبتُ سريعًا ما يعني
فهذه الأغلالُ اللعينة صفدت أخي ركاض و الكاسر و زوجته
ركضتُ سريعًا لخارجِ الشركة حيثُ سيارتي , أبي لا يتحملُ هذا الوضع
فهوَ في حالةٍ سيئة و يحتاجُ للراحة و إلا سيتفاقمُ الألم و يدخل بنوبةِ قلبيةٍ ثانية و لن أسمح بهذا
العصابة و تمَ القبضُ عليها و أُفرِجَ عن ركاض و الكاسر و زوجته
ماذا بعد من يريدُ الشر لنا , أما يكفيهم كل ما جرى ؟!


***


دقت xxxxب الساعة العاشرة تمامًا و بدأت ضرباتُ قلبي بالتصاعد أنظر لذاتي في المرآة
لقد حاولتُ محوَ الألم عن ملامحي و ارتديتُ أبهى ما أملك و حتى شعرَ ذقني قمتُ بحلاقتهِ لكي لا تنفر مني خوفًا من مظهري المزري
و لكن إن أرادت هيِ أن تراني بمظهري المزري فسأعود لتعذيب ذاتي كما أرادت سأكون كما تريد يكفي أن تغفر لي خطيئتي
فمن شروط التوبة استحلال صاحب الحقِ حقه بالاعتذار و من شروطِ الحب المغفرة و العفو حتى يكتمل بدر الحب
سأعتذر لها تائبًا و أطلبُ الغفرانَ عاشقًا
و من شدةِ اشتياقي لها عيني لا ترى سوى xxxxب الساعة و تعدُ دقائقها عدًا و أذني لا تلتقطُ سوى صوتَ تكتكتها
ومضت نصفُ ساعةٍ أخرى و لازلتُ أوآسي ذاتي متماسكًا ثابتًا
ستأتي ستأتي هيَ امرأةً جموح لكنها حكيمةً أصلية
و عشرُ دقائق أخرى انضمت للنصف فمشيتُ أمام الباب جيئةً و ذهابًا بتوترٍ و اضطراب
أفركُ يداي ببعضهما البعض و أعض شفتي و ظهري ما أن يغيبُ عن الساعة ذهابًا حتى تسقطَ عيني عليها جيئة
صارت الساعة العاشرة و الخمسون دقيقة فجنَ جنوني و لم أتمالك نفسي
مزقتُ قميصي و بعثرتُ شعر رأسي أشدهُ بقوة محاولاً انتزاعهُ من جذوره
لن تأتي لقد مضت الساعة ما تبقى سوى خمسُ دقائق لن تأتي
ضربتُ رأسي بالجدار بقوة و عدتُ لرفعهِ ثمَ ضربهِ بالتوالي و بشكلٍ متكرر
صداعٌ شديد و دوار و غشاوة تغطي عيني و لازلتُ أضربُ رأسي بكلِ قسوة
حتى شعرتُ بشيءٍ غريب مددتُ يدي أعلى رأسي و من ثم وضعتها أمام عيني لأرى الدم يسيلُ منها
و هنا رنَ الجرس فانتفض جسدي و تسارعت أقدامي نحو الباب
فتحتُه على وسعه ...


***





إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $




الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 10-10-16, 10:30 PM   #296

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




الجحيـــم


(81)


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **
















دقت xxxxب الساعة العاشرة تمامًا و بدأت ضرباتُ قلبي بالتصاعد أنظر لذاتي في المرآة
لقد حاولتُ محوَ الألم عن ملامحي و ارتديتُ أبهى ما أملك و حتى شعرَ ذقني قمتُ بحلاقتهِ لكي لا تنفر مني خوفًا من مظهري المزري
و لكن إن أرادت هيِ أن تراني بمظهري المزري فسأعود لتعذيب ذاتي كما أرادت سأكون كما تريد يكفي أن تغفر لي خطيئتي
فمن شروط التوبة استحلال صاحب الحقِ حقه بالاعتذار و من شروطِ الحب المغفرة و العفو حتى يكتمل بدر الحب
سأعتذر لها تائبًا و أطلبُ الغفرانَ عاشقًا
و من شدةِ اشتياقي لها عيني لا ترى سوى xxxxب الساعة و تعدُ دقائقها عدًا و أذني لا تلتقطُ سوى صوتَ تكتكتها
ومضت نصفُ ساعةٍ أخرى و لازلتُ أوآسي ذاتي متماسكًا ثابتًا
ستأتي ستأتي هيَ امرأةً جموح لكنها حكيمةً أصلية
و عشرُ دقائق أخرى انضمت للنصف فمشيتُ أمام الباب جيئةً و ذهابًا بتوترٍ و اضطراب
أفركُ يداي ببعضهما البعض و أعض شفتي و ظهري ما أن يغيبُ عن الساعة ذهابًا حتى تسقطَ عيني عليها جيئة
صارت الساعة العاشرة و الخمسون دقيقة فجنَ جنوني و لم أتمالك نفسي
مزقتُ قميصي و بعثرتُ شعر رأسي أشدهُ بقوة محاولاً انتزاعهُ من جذوره
لن تأتي لقد مضت الساعة ما تبقى سوى خمسُ دقائق لن تأتي
ضربتُ رأسي بالجدار بقوة و عدتُ لرفعهِ ثمَ ضربهِ بالتوالي و بشكلٍ متكرر
صداعٌ شديد و دوار و غشاوة تغطي عيني و لازلتُ أضربُ رأسي بكلِ قسوة
حتى شعرتُ بشيءٍ غريب مددتُ يدي أعلى رأسي و من ثم وضعتها أمام عيني لأرى الدم يسيلُ منها
و هنا رنَ الجرس فانتفض جسدي و تسارعت أقدامي نحو الباب
فتحتُه على وسعه و الابتسامة مرسومة على وجهي , لقد جاءت لم تخذلني هيَّ أصلية قلبها طاهر مهما قست
لكن تلاشت الابتسامة , احتضرت السعادة حين مولدها لم يكتمل بدر الحُب
لم تندمل جراحي , توعك ألمي و انفجر دمًا و نارًا تحرق النفس دون رحمة
لقد خذلتني أشدَ الخذلان و إني والله لأستحق ما فعلتُه به و مهما فعلت ما بغلت ضنين رحمتي اثنا عشر سنة
إن كان هنالك بالفعل ما يُسمى الرحمة طيلةَ تلك السنوات
كابدت الألم و قاسته و لم تضمحل نظرة اليوم الموعود عن عينيها كانت على ثقة بمجيء هذا اليوم و كم هددتني و حذرتني
من مهدِ زواجنا للحدِ علاقتنا , و جاء اليومُ الموعود لأصير مازوخيًا و هي ساديتي
كنتُ السادي لكنها لم تكن يومًا مازوخية لأنها كانت على حق و على يقينٍ بأن الله نصيرها
أما أنا فصرتُ مازوخيًا لأني لم أكن لوهلةٍ واحدة على حق
في مخاضِ يومٍ كئيب قذفتُها بهتانًا , و في لؤمِ الطبِ جلدتها عنفًا
و في روايةِ الاثنا عشر عامًا زففتُها أتراحًا
زيجةٌ بالقسر , أبناءٌ بأبوين يتامى !
و ضحية و قعت على يديَّ زنًا فقبرًا
و النهاية مازوخي يعيشُ الوحدة في جودِ جهامتهِ الماضية
و عنجهيةُ طرفين انتهت بانهزامي موصوم الجبين
كُتب عليه " زانٍ قاذف "
ما كان إلا ركاض يقف أمام الباب و عينيه على جبيني موضع الدماء
دماء ساحةِ انهزامي في نهايةِ روايةِ الاثنا عشرَ عامًا
ابتعدتُ عن الباب فدخلَ هوَ و أغلق الباب من خلفه
ناداني لكني لم أستجب و تابعتً مسيري حيثُ الحجرة التي سأنامُ بها
دخلتُها و تركتُ الباب مفتوحًا فأنا أعلمُ أنهُ سيدخلُ لا محالة , و هذا ما حدث بالفعل دخل و وقف بجواري بينما أنا كنتُ أبعثُ بحقيبةِ السفر
أبحثُ عن رداءٍ لي فاليوم قد عدنا من مصر ولم أرتب أرديتي و الحمدلله أني لم أقم بذلك سأعود لمصر حيثُ كنت و أموتُ معزولاً دون جليس
قبض على يدي في الوقت الذي قبضتُ بهِ على أرديتي , لم أنظر إليه و لم أعرف ما توحي إليهِ ملامحه لكن صوتهُ كان كافيًا بسردِ االتفاصيل التي تتشعبُ في وجههِ
مابين الذعرِ و الأسف : معن لا تسوي بنفسك كذا إلي يبعيك بيعه .
هه , من المضحك أن البشر كثيري التحدث عن الكرامة و الكبرياء و أول حروفهم في غياهبِ الهجر
مادام أنهُ لم يهتم لي فلن أهتم , يكتبون عنها و يصفونها بتفاصيلها و لكنها كذبةُ تضاهي جُل كذباتِ ابريل
هم يعلمون بقرارةِ أنفسهم أن ما بُنيَّ أعوام مُحالٌ أن يهدم في سويعات إلا إن كانوا لم يعيشوا الحُب حقًا و إنما كان مجردُ إعجاب
أنا عاشقٌ متيمٌ بهواكِ يا عُطرة فهلِ لي أن أعقف السنين و إن كانت عجافًا
هل لي أن انتزعك من فؤادي قسرًا و عنوة , هل لكِ أن تكوني في حياتي ككل امرأة ؟!





*




كنتُ في الفندق الذي مكثتُ بهِ لأن زوجةَ أخي ستكون في منزلي معه , ولكن الهلع سكن دواخلي , خفتُ أن لا تأتيهِ فيضرَ نفسه
لم أستطع النوم بعد عناءِ السفرِ و مشقته , فكل تفكيري منصبٌ على أخي و حاله
أبعدتُ اللحافَ عني و وقفتُ قائمًا , أرتديتُ ملابسي و أخذتُ مفاتيحَ سيارتي و توجهتُ حيثُ يكون
لا أدري بأي عذرٍ أرن الجرس لا سيما إن كانت عنده , فموقفي سيكون محرجًا
و لكني اندفعتُ بلا عذر ليُفتح الباب و أرى معن بدمائهِ و بؤسَ ملامحهِ و شحوبَ وجهه
لم يكن هنالك مجالٌ للسؤال فحالهُ إجابةٌ عن كلِ سؤال , لم أعتقد لوهلةٍ واحدة أنها لن تجيء
أي قسوة تقطنُ في قلبكِ يا ابنةَ العم ! , ما الذي ستخسرينه إن ساعدتيهِ بتجاوزِ ما هوَ عليهِ من الوهنِ و الإنفلال
لم يكن ما عشتهِ يا ابنةَ العم مع أخي هنيهةً من الدهر بل كان برهةً منه
فكيف لكِ أن تقسي رغمَ العِشرة و المنادمة ِ الطويلة ؟!



***



الساعة الحادية عشرَ و النصف ليلاً , نجلسُ على مائدةِ الطعام سويةً كعائلة متكاملة لا ينقصها سوى والدتنا رحمها الله ، أبي على الكرسي الأساسي و ليس بجوارهِ أحد و على جانبيهِ الأيمن
و الأيسر نتوزع أجلسُ و بجواري عُزوف
و في الجهةِ المقابلة هوازن و هزيم و من ثمَ خالتي ساجدة ، أبي كان مهتمًا بنا و كأننا أطفال يقدمُ البيضَ لهوازن ، و يُعطي الخبزَ لعُزوف ، يسكبُ العصيرَ لي ، يقدمُ الأطباق لهزيم ، يبتسمُ
لعمتي ساجدة ، حتى أنهُ لم يأكل شيئًا منذُ جلوسه ، مددتُ كفي حتى لآمستُ يده فوضعَ يدهُ الأخرى فوق كفي فصار كفي بين يديه الدافئتين ابتسمتُ لهُ بمودة : يبه ما أكلت شي من أول ما جلست .
فقالت عُزوف توافقُ كلامي : صح يبه ما أكلت لقمة وحدة .
كنا جميعًا ننظر لهُ ، زهزق في ضحكته : لا تطالعوني و بآكل .
أبعدنا أنظارنا عنه و لكننا جميعًا كنا نسترقُ النظر إليه خلسة إلى الآن نشعرُ بأننا في أجمل حلم لم نستوعب بعد أنهُ أمامنا و كلما استوعبنا داهمنا القلق مخافةَ غيابهِ عنا ، نريدُ النظر إليه
و مهما نظرنا إليهِ لا نمتلىء , فالعينُ ما أن تغيبُ عنهُ حتى تتوقُ للتعلقِ بهِ .



*


منذُ مدة و أنا قابعٌ في سيارتي , أشعرُ بالاختناق و لا أستطيعُ التنفسَ براحة , هل أدخلُ للمنزل و أنامُ ليلي مرتاحَ البال و أبي أسيرٌ بين القضبانِ الحديدية
كيف لي أن أهنأ و أبي في تعاسةٍ و شقاء , لو أنهم يخرجونه و يضعوني بين القضبانِ بدلاً عنه
أبي و إن كنتُ عرفتُ مؤخرًا من يكون أبي بصفاتهِ السيئة فهوَ أبي مهما فعل و لا أستطيعُ أن أرآهُ ضعيفًا و أكثر ما يبغضُ في حياتهِ الوهن
لكنهُ واهنًا إجبارًا و إكراهًا رغمًا عنه يجبرهُ واقعه المأساوي أن يكون كذلك وأنا لا أسطتيع رؤيتهُ بما يمقتُ من ضعف
لا أستطيع رؤيتهُ كذلك و بذاتِ الوقت أريدُ رؤيتهُ للاطمئنانِ عنه و لكني لم أستطع زيارته فقد تبين أن وقت الزيارة قد انتهى



*


حينما انتهت زيارتي لأبي خرجتُ من المركز لمقابلةِ الذراع الأيمن لأبي " ماجد " و قد خمنتُ أنهُ في الشركة لكني تفآجأتُ بهِ واقفًا أمام المركز بانتظارِ أوامرَ أبي لهُ ، بلغتُه برغبةِ أبي في أن يوكل
محامي من اختياره هو ، فانصاعَ للأمرِ من فوره ، و من ثمَ اتصلتُ على خالي أصل سأحاولُ أن أغلقَ القضية فيما بيننا دون اللجوء للمحاكم ، و قد باءت كل محاولتي بالفشل لم يردَ على أي اتصال ،
كيف سأصل لهُ ؟ لابد أن يجيبَ على الهاتف بأسرعِ وقت فكلما طالت المدة تعقدت الأمور و ساءت أكثر مما هيَّ عليه ، وصلتُ للمنزل و لأولِ مرة أشعرُ بصعوبةِ الدخولِ إليهِ و النومِ به ، لأولِ مرة
أفكر في تصرفاتي قبل الدخول إليه ، فدخول المنزل عادة لا تحتاجُ منا للتفكير إنما هيَ تحتَ إطار اللاوعي و اللامهارة و لكني أفكر و كأني لأولِ مرة أقودُ سيارتي لأولِ مرة أدخلُ للمنزل ، كأني أولدُ
طفلاً باحتياجِ أبي و لا أتخيلُ حياتي من دونه ، نعم أنا لا أتخيلُ هذا المنزل دونه ، هذا المنزل الذي تربيتَ و ترعرعت بهِ في أيامِ مراهقتي ليومي هذا ، كيفَ لهُ أن يكون دون أبي كئيبٌ موحشٌ مظلم
خالٍ من معاني الحياة و مقوماتها ، تنهدتُ بضيق و فتحتُ باب السيارة و غادرتُها توقفت أقدامي عن الحركة حينما رأيتُ ناجي يقعدُ بسيارتهِ و لا ينزلُ منها ، تقدمتُ نحوه و فتحتُ باب سيارتهِ
فانتفض مستيقظًا من دوامةِ أفكاره ، سألتُه باهتمام : شفيك ما نزلت ؟
نظر لي باستياء و من ثم نظر للأمام و يدهُ تضربُ على " الدركسون " و نطقَ بما يزهقُ روحه : فيني الوجع إلي فيك يالكاسر .
نظرتُ إلى السماء الداكنة و يدي مستندة على الباب حبستُ أنفاسي و أطلقتُها زفيرًا وريفًا كوارفِ ضائقتي يُلامسُ عنان السماء فينعكس و ابلاً من نار في صدري لأنتكصَ للزمنِ القديم طفلاً
لا يعرفُ من أمرهِ شيء ، تراجعتُ خطوةً للوراء بخروجِ ناجي من السيارة و دونَ صوت توجهنا لداخلِ المنزل .


*





قام أبي من المائدة يحمدُ الله على مارزقنا فقمنا أنا و أخواتي من ورائه بينما بقيَّ هزيم يتناول الطعام بنهمٍ و شراهة مفرطة
ما حجم المعانآة التي عانيتها يا هزيم , نحنُ حُرمنا من أبينا في سنِ الطفولة و بعضنا في المراهقة و أنتَ لم تنعم بوالديك طيلة حياتك
ها أنتَ ترى أبي بعد تسعة عشر عامًا من مولدك و لكن لم ترى أمي
أنا فتاةُ العاشرة كنتُ دائمًا ما أبكي أريدُ أمي
لذلك أنا الأكثرُ دلالاً بين أخواتي , فأختي عُطرة أغدقتني بالدلع كلما طلبتُ شيئًا كان أمامي
كانت تحاول وبشتى الطرق تعويض طفولتي حتى عمتي ساجدة عاملتني بحنان يفوقُ بقيةَ أخواتي
أنتَ الذي ولدتُ ولا أحدَ حولك لا أحدَ لكَ في الحياة
كيف أكملت حياتك حتى وصلت لهذا اليوم
أي صبرٍ ذا الذي تتحلى بهِ , أي صلابةٍ يمتلكها قلبك
من أنتَ يا هزيم ؟ كم أريدُ التعرف عليك , كم أريدُ أن أشاطرك في صبرك و أحمدُ الله على كلِ حال
بينما أنا أبكي طفلاً طيلة اثنا عشر عامًا , أنتَ تبكي طفولة و مراهقة لم تزوالها كأي أحد
بينما أنا أسخطُ لقدري في الدنيا , أنتَ ترفع يديكَ و تدعو الله
حتى تحقق ما تريد و إن كانت المدة طويلة
لكن الإبلال و الإبتهاج انجلى و اضمحل البلاء و بلاءُ الله لعبدهِ ما هوَ إلا اختبار
سكبتُ الصابون السائل على يدِ أبي و هوازن تُمسك بالمناديل الورقية تنتظرُ انتهاءهُ من غسيلِ يده
أما عُطرة فتقفُ ملتصقةً به , أصبحنا كالظلِ لأبي نلاحقهُ أينما كان
الوحيد الذي لا يظهر مشاعره كثيرًا هوَ هزيم رغمَ أنهُ الوحيدُ بيننا الذي لم يرى أبي سوى اليوم !
تبزغُ السعادة بوجهه و الشوقُ لأبي لكنهُ و بالرغمٍ من هذا يعطي لأبي مجالاً للتنفس والجلوسَ وحيدًا
بينما نحن لا نبتعدُ عنهُ خطوةً واحدة
جفف أبي يديهِ بالمناديل الورقية و تناولتها عُطرة من يديهِ سريعًا و ألقتها في سلةِ المهملات المجاورة للمغسلة
دخلنا لأحدِ المجالس و قليلاً من الوقت حتى انضم هزيمٌ لنا
و قبل أن نتكلم بأي حرف رنَ هاتفي الجوال يتبعهُ هاتفُ هوازن
كانت المكالمة الواردة من ناجي و يبدو أن مكالمةَ هوازن من زوجها الكاسر
و الذي أكدَ ذلك أن هوازن قالت بصوتٍ جهوري : يبه زوجي جاه أخليه يدخل يسلم عليك ؟
أجاب أبي مبتسمًا : حياه الله الكاسر
فشاركتُ هوازن الاقتراح : حتى ناجي جاه بخليه يدخل .
عقدَ أبي حاجبه متسائلاً : ولد مين ناجي ؟
فقالت عُطرة بصوتٍ ساخر : ولد مين بيكون ولد خالي عبدالقوي هو نحنا يجوز لنا نتزوج غير أولاد خالي .
طغى الصمتُ على المكان , عُطرة هداها الله دائمًا ما تندفعُ بالكلام
فأبي متعب بعد الجهد الكبير الذي بذله و السنين الطويلة التي عاشها مفقود الذاكرة و بدل أن تراعي ذلك
جاءت لتسخر وتسخط مما كان من نصيبنا
شحبَ وجهَ أبي كثيرًا و ما كان ينظر إلا لعُطرة , ينظرُ إليها بعمق و كأنه بهذه اللحظة أدرك و تذكر شيئًا عنها كان طيَّ النسيان
بينما عُطرة أشاحت عينيها عن أبي لأولِ مرة منذُ مجيئه و قامت من على الكنبة و هيَ تقول : يلا يلا أولاد الخال بيدخلوا .
غادرنا الحجرة و تبقى داخلها هزيم و أبي و عمتي ساجدة
اتصلت هوازن على الكاسر و أذنت لهُ بدخول المجلس بينما نحنُ قبعنا بأحدِ المجالسِ الأخرى .



*



حينما رنت هواتف أخواتي بمكالماتٍ من أزواجهم , تذكرتُ معن و الساعة العاشرة
الساعة العاشرة التي انتهت منذُ ساعات , الساعة الموعودة التي امتعنتُ عنها سهوًا
فمجيءُ أبي أنساني حتى نفسي , كنتُ سأفي بالموعد و لن أنكث به
فأنا أريدُ لكَ السلامة من كل داء
لأنك جلدتني فداويتني , قذفتني فمسحت دمعي
ضربتني فاحتضنتي , ظلمتني فمرضت و احتجتني
سأكون الدواء يا معن كما كنتَ دوائي
سأمحو الجروح عن جسدك كما محيت دموعي
سأحتضنك تخفيفًا عنك و لأنكَ ظلمتني لن أسامحك
لا زلتُ أُحبك نعم أحبك يا سفاحي و قاتلي المتغطرس
تُعذبني فأحبك , و أعذبك هجرًا فيزيدُ حُبكَ لي !
أي حبٍ ذا الذي نعيشه ؟!
لا يتضاءل بالعذاب بل و يتضاعف
لا ينضب بالهجر بل ينمو
كلما دقت الساعة سقى الشوقُ قلوبنا عشقًا
هذا ما كان يدورُ بذهني حتى عدتُ بذاكرتي إلى حيثُ أكون
فرأيتُ أبي الذي ينظرُ لي بنظرة لم أجد لها تفسير عميقة كعمقِ اثنا عشر عامًا
و كأنه في حديثِ الزيجة تذكر ما كانت عليه الطفلة عطرة و ما عاشتهُ مع معن
أشحتُ عيني عنهُ بشيءٍ من الخجلِ و الحرج
فما حدث لي من الصعب أن أفاتح أبي به , هنا تكمن حاجتنا للأم
المرأة التي لا نخجلُ منها و نحكي لها فتسمعنا و تنصحنا بما هوَ خير
رحمكِ اللهً يا أمي .



*



تفآجأتُ من هوازن حينما قالت لي أن خالي أصل في الداخل ، فقد قال لي أن لديه عمل و لن يعود لبناتهِ حتى انتهائه من أعماله و لم أعتقد لوهلة أنه في المنزل و أنا الذي اتصل عليهِ منذُ ساعات
على الأرجح أنهُ انشغل عن هاتفهِ مع فتياته ، دخلتُ للمجلس و ناجي ورائي بخطواتٍ معدودة ، خالي يجلس في قلبِ المجلس على كنبةٍ مزدوجة و على مسافةٍ منهُ أمي و على كنبةٍ منفردة ابن
خالي هزيم ، عقدتُ حاجبي باستغراب و نظرتُ لناجي الذي يردد اسم الله بشكلٍ يوحي أنهُ مذعور أو أنهُ يرى جانًا في حضور الإنس
عيناهُ متحجرة على خالي أصل دون حراك ، وضعتُ يدي على كتفه و قد أدركتُ أن لا علمَ لديهِ بحياةِ خالي و هوَ يظنُ أنه يتخيل ما ليس موجود و يُسمي الله في أمل تلاشي ما يرى من خيالٍ لاوجودَ
لهُ أو جانٍ لا يراهُ أحدٌ سواه
حينما وضعتُ يدي عليه تأتأ بالحروف و كأنهُ يريدُ جوابًا عما تراهُ عيناه فأومأتُ برأسي كإجابة عن حيرته ، عاد بعينيهِ إلى خالي و تقدم بخطواتهِ نحوه مُقبلاً رأسهُ و يديهِ باحترام جالسًا بجواره
واضعًا يدهُ فوق يدِ خالي المستقرة على فخذه ، تقدمتُ بخطواتي سلمتُ على خالي و من ثمَ جثوت لأقدامِ أمي أُقبلها و أخيرًا توجهتُ لهزيم و سلمتَ عليه و سألته : كيفك يا بطل ؟
ابتسم لي و أجاب بصوتٍ جهوريٍ قوي : الحمدلله عايش بفضل الله .
جلستُ على الكنبة المجاورة له ، أنظرَ لناجي الذي يتحدثُ مع خالي و يسألهُ عن التفاصيل و أمي التي تنظرُ لخالي بسعادة و تبتسم و هزيم الذي يمسكُ بسبحة بين يديه و يسبحُ الله بصوتٍ خافتٍ
منخفض و من ثمَ عدتُ ببصري إلى خالي و قد أخذتني الأفكارُ إلى أبي و ما أريدُ مناقشتهُ مع خالي للصلح و إغلاق القضية قبل بلوغها الحد الذي لا ينبغي أن تبلغه .



*



حينما دخلتُ للجناحِ لم أجد معزوفتي و لا غانم فاتصلتُ عليها أطلبُ منها القدوم فقالت لي أن في مجلسِ التلفاز مفاجأةً لي و أنها هيَ ليست بداخله ، مما زادني استغرابًا سارعتُ لسؤالها لكنها
سارعت باغلاق الهاتف على وجهي لثالثِ مرة ، ابتسمتُ بانتشاء و أنا أهزُ رأسي ذات اليمينِ و ذات الشمال ، و نزلتَ الدرج متوجهًا للمجلسِ المقصود ، و زادت غرابتي أضعافًا مضاعفة حينما رأيتَ
الكاسرالذي يسبقني بخطواتهِ للمجلس و لو أنها ما ذكرت أن لا وجود لها في الداخل لاستوقفتُ الكاسر عن الدخول ، و بعد عاصفةِ الغرابة التي فتكت برأسي جاءت الفاجعة التي شطرتني لأنصاف
رؤيتي لمن ظنناهُ ميتًا رؤيتي للغائب تسع عشرة سنة َ رؤيتي للغيابِ في الحضور يتوسطُ المجلس بهيبة لا تليقُ إلا بهِ رغمَ شيب الوقار لازال كما هوَ ، تمتمتُ بكلماتٍ لا أدري ما هيَ خرجت من
شفتاي إثر فجيعتي سميتُ بالله معتقدًا أن ما أراه خيالاً لا وجودَ له فحتى الكاسر لا يظهرُ عليهِ التفاجؤ بوجودِ خالي ، و لكن نظرةً من الكاسر و ايماءةُ رأس جعلت من الخيال يقينًا و من اللاجودِ
حضورًا ، انزاح بجسدهِ عن الباب سامحًا لي بالتقدم فتقدمتُ إلى خالي مبتسمًا بسعادة أُقبلُ رأسهُ و يديه أقعدُ بمحاذاتهِ محتضنًا يدهُ ناظرًا لهُ وحده عمن سواه أحادثهُ عن الماضي عن قدومهِ
و أسبابِ الغياب أحكي لهُ عن اشتياقِ معزوفتي له و يبدو أنهُ ارتاح لي فقبضَ على يدي التي تحتضنُ يدهُ و شدها و الراحة تكسو ملامحهَ ، كان في استقبالهِ لي باردًا حيثُ أني كنتُ سأحتضنهُ
و لكنهُ بقيَّ جالسًا و حينما جئتُ بجواره أنا من تشبثَ بيديه و حتى هذهِ اللحظة هوَ كان مرخيَ اليد بين يدي و لكن بعد سؤالي عنهُ و عن تفاصيلهِ طيلةَ السنين و حكايتي عن بهجةَ روحي
ومهجتها شدَّ على يدي بسكينةٍ و ارتياح ، يبدو أنهُ كان وجلاً خائفًا على فتياتهِ منا و لكن بعد هذه الجلسة هدأَ و اطمأن و من حقهِ الخوف لا ألومهُ بذلك فهذه تسعة عشرة عامًا لا يومٌ و لا يومين
اثنا عشر عامًا منها عاشتها معي بتفاصيلها المؤلمة و سبعةَ أعوام عاشتها كطفلة و مراهقة مدللة يحبها الجميع دونًا عني فلم أكن أستصيغُ مزاحها و لا أضحك بما تقول و أراها فتاةً متعجرفة
متغطرفة ترى أن لا أحدَ مثلها و من أولِ يومٍ رأيتها بهِ دون حجاب أحببتُ روحَ التحدي وقد كنتُ مراهقًا أصغرها بعامين و من روحِ التحدي إلى إعجابٍ بها فحبٍ لا ينضا ، ما أبهى فتاتك يا خالي
و ما أكرمَ نصيبي بها أحمدُ الله أنها ملكًا لي وحدي .




*



بعد أن صمتوا و قبل أن يدخلوا بحوارٍ آخر , طلبتُ خالي بصوتٍ خافت : خالي لو سمحت أبيك بكلمة رآس .
فأومأ خالي برأسهِ بالموافقة و وقف ناجي مُقبلاً خالي بيديهِ و رأسهِ باحترام خرج و من ورائهِ هزيم و والدتي التي أغلقت الباب خلفها
عدتُ بعينيَّ لخالي أصل الذي كان ينظرُ لي نظرةً لا أستشفُ منها أيُ شيء
تقدمتُ بجسدي نحو الأمام و باحترام : خالي بكلمك بخصوص البلاغ إلي قدمته ضد أبوي .
فأشار بيدهِ نحوي و بصوتٍ هادىء : تفضل أسمعك
جذبتُ هواءً لرئتي و أخرجتُه زفيرًا و بصوتٍ جهير : يا خالي بحكم إني أشتغل بقسم غير القسم إلي انمسك فيه أبوي و بحكم إن المسجون هو أبوي يعني قريبي
ما قدرت حقيقة أعرف التفاصيل كل إلي أعرفه إنك مقدم بلاغ ضد أبوي , زرت أبوي بالسجن طلبت منه إيضاح لكنه ما عطاني شي ولا طلعت معه بشي
و أنا جايك يا خال أفهم التفاصيل و أطلب منك السموحة و حل القضية فيما بيننا بعيد عن المحاكم بحكم إننا أسرة .
استراح بظهرهِ على الكنبة و حرك خرزات السبحة و عينيهِ لا تنظرُ لي بل تنظرُ للأمام بنظرةٍ راسخة , ليُجيب بصوتٍ رخيم : فاهم موقفك يالكاسر هذا أبوك , لكن لا تطلب مني السموحة
إلي سواه أبوك ما ينغفر , و لا تطلب مني أشرح لك التفاصيل , أبوك ما بغاك تعرف أنا بحترم موقفه و ما بشرح لك شي , و إن كان أبوك ما يبي يعترف و بيوصل الموضوع للمحاكم فأنا مستعد للوقوف
قدام القاضي , اعذرني طلبك صعب و مرفوض , والله يوفقك يا ولدي .
قلتُ معترضًا : لكن يا خال لازم أعرف .
فانتصب واقفًا , باسطًا أصابع يده اليمنى باتجاهي دلالة على أمرهِ لي بالصمت
و مضى نحو الخارج دون صوت !
و ماذا عن أبي ؟! لم أفهم شيء و لم أعرف تفاصيل القضية
مسحتُ وجهي بكفي , ماذا عليَّ أن أفعل لا أبي يريدُ التحدث و لا خالي
و لكن لا بد من إيجادِ حلٍ ما , لن أدع الأصفاد تُكبلُ أبي و القضبان تأسرهُ عن الحرية .



*


حينما أراد الكاسر الانفرادَ مع أبي مشيتُ مع عمتي ساجدة نحو المجلس الذي تتواجد بهِ أخواتي
جلستُ على كنبة مزدوجة لا يجلسُ بها أحد و التزمتُ الصمت مسبحًا الله في سري
و بينما أنا كذلك جاءت أختي الكبرى عُطرة و قعدت جواري , مبتسمةً لي : نبغى نتعرف على أخوانا نعرف عن حياته عن أدق تفاصيله و بنعرفك علينا .
فقامت أختي الصغرى و قعدت على الطاولة أمامي مشجعة بحماس : ايوا نبي نسمع و نسمعك ما ينفع نكون بعيدين عن بعض .
و وقفت أختي الوسطى هوازن و جلست على الكنبة المنفردة المجاورة للكنبة المزدوجة التي أجلسُ عليها , قائلة بتنهيدة طويلة : رااااح كثيــر من حياتنا و احنا بعيدين خلينا نعوضها الحين
و نعيشها بكل دقايقها .
حركتُ بؤبؤتا عيناي عليهن و احدة تلو الأخرى و من ثم إلى يدي التي أفركها ببعضها بكلِ توتر و شيءٍ من الحرج و آخر من الحسرة : ما في شي بحياتي ينحكى , حياتي ما هي في المقام
ولا فيها شي يستحق الحكي .
وضعت عُطرة يدها فوق يدي تشدُ عليها و حينما رفعتُ عيني رأيتُ ابتسامتها المشجعة و المتيقنة : لكن أكيد فيها أشياء تشرف , ما يهمنا يا هزيم بأي بيئة عشت يهمنا إنت كيف تعايشت مع هالبيئة
ما يهمنا يكون عندك شهادة أو ما عندك يهمنا إنت ايش تعلمت من بيئة قاسية , تعلمك هذا هو نجاحك , غيرك معاهم شهادات و شهادات لا قامت الصلاة ما صلوا و لا جووا قرؤوا آية بالقرآن غلطوا فيها
و إذا نجحوا بالقراءة كانوا جهلة يقرؤوا بدون فهم , غيرك درس و درس و لا جاه تكلم شككنا إنه طفل ما بعد دخل المدرسة و غيرك أفكاره ساذجة و مفاهيمه كلها غلط , و أنا و الحق ينقال و بدون مجاملة
من يوم جيت لهنا و أنا أشوف أبوي فيك أشوفه بأفكاره سلوكياته مبدأه حضوره ثقته كبرياءه , أبوي ايه نعم متعلم لكن صدقني مو التعليم إلي علم أبوي كيف يكون , الحياة إلي عاشها
هي إلي علمته كيف يكون هو إلي علمها إنه يقدر يكابدها ويكافحها و يمارسها بطريقة صحيحة مهما كانت صعبة و قاسية .
و احتضنت يدي بين يديها و بابتسامةٍ يانعة و وجهٍ بشٍ متهلهل , نقلتُ نظري لعزوفٍ التي تقعدُ أمامي فهوازن بجواري وكلاهن يبتسمن بتحبيبٍ و ترغيب
أُتخِمت نفسي بالجمامِ و السكينة و انفرجت شفتاي قليلاً تنبلجُ أسناني من بينهما متراصة بابتسامةٍ لاحت في قلبي قبل الشفتين ، حككتُ أذني حياءً من اطرائهن و تفكيرٍ بما سأسردُ لهن،
و بهدوء : و أنا في سن الخمسة كنت متربي عند الشخص إلي كان سبب في بتري اعتبرته أبوي و اعتبرت زوجته أمي بعدها انبترت يدي و انقلبت حياتي لجحيم طفل عمره خمس سنين متشرد
لابس ملابس مقطعة يده مبتورة يوقف بجنب الإشارة و يمد يده لكل سيارة تعدي ، يطالعون فيه الأطفال بتريقة و يطالعون فيه الكبار بشفقة ياخذ ريال وخمسة وعشرة ليته يشبع بطنه الجيعانة
لا للأسف يعطيها لسمحي المراقب حقنا ، يحدد لنا مبلغ معين يوميًا لازم نجمعه و إن ماوصله كامل ننضرب و نتعذب أشد العذاب نضطر نسلمه كل ريال بعرق جبيننا و إن كنا متسولين ففي الآخر
أطفال لا حول لهم و لاقوة ، كبرنا و فهمنا إن سلاح الانسان علمه عرفنا الدين من المساجد امتلكنا الدين و ما قدرنا نمتلك العلم ، كبرنا و حياتنا مثل ما هي إلا لمن جانا الفرج .
قالت عُزوف و هي تتقدم بجزئها العلوي نحو الأمام و يديها خلف ظهرها تستندُ على الكرسي : طيب مو إلي يراقبكم واحد ، لما كبرتوا كنتوا تقدروا مع بعض تواجهونه و تريحوا نفسكم تشتكوا
للشرطة كنتوا تقدروا تسووا أي شي و لا تبقوا محبوسين كل هالسنين .
أغمضتُ عيني و من ثم فتحتها متنهدًا بضيق : ليت الأمور كانت سهلة بهالشكل سمحي كانت عينه ما تبعد عنا أبد و لما كبرنا و قلنا بنجتمع و نضربه و نشرد للأسف أنا أكبر واحد و الباقين
لسى في بدايات المراهقة أجسامهم لسى صغيرة و أنا على طولي و عرضي ما أجي ربع بنية سمحي كم مرة اتهاوشت معاه واتضاربنا و كنت بالأخير طريح الأرض مجرح و الدم يصب من كل جهة
كم مرة حاولوا المبتورين يساعدوني و فشلنا اختيار حمدان لسمحي ما كان عبث و لو كانت بنيته عادية كان حط اثنين يراقبونا ، أما على سالفة الشرطة ففكرنا فيها كذا مرة المشكلة كثير مننا
مترددين لأننا ما نملك هوية و لا أي شي و أساسًا عين سمحي كانت علينا .
وضعت هوازن يدها على ذراعي ، و بتغييرٍ لمحور الموضوع و ابتسامة نقية : المهم إنك هنا بيننا ، إلي راح راح ما نقدر نرده لكن نرضى فيه و نقول إلي جاي أجمل بإذن الله ، و يلا دورنا
بنعرف عن نفسنا .
و بدأن بالتعريفِ عن أنفسهن ما بين الضحك و الشجن و ما بين الابتسامة و التعاسة كنتُ مصغيًا لهن بكلِ اهتمام و كم أحببتهن و حمدتُ الله أن لي أخوات في غايةِ الأخلاقِ و الرقي .



***



الساعة الواحدة صباحًا , كنتُ أقف بجوارِ حجرة نوم أبي و بيدي وسادتي أشعرُ بالحرجِ و التردد فشيئًا ما يدفعني لفتحه و آخر يخجلُ من فعلِ ذلك ، وضعتُ يدي فوق مقبضِ الباب و زممتُ فمي
و أخرجتُ أنفاسي و عيناي تتشتت بالأرجاء سميتُ بالله و قبل أن أفتح جاءني صوتُ عزوف من خلفي .


*


ذهبتُ إلى حجرةِ هوازن و قبل أن أفتح الباب هيَّ فتحتهُ من الجهة الأخرى ، اتسعت عينيها بشيءٍ من الخوف و سرعان ما تنفست براحة و هيَّ تضعُ يدها موضع قلبها
قائلة بابتسامة مضطربة : خوفتيني .
انخفضت عيني من ملامحها إلى الوسادة التي بيدها فسألتها و أنا أشيرُ إلى الوسادة : شايلتها لوين ؟
ابتسمت بخجل و الحمرة تتصاعد إلى وجهها : ابي أنام عند أبوي .
أخرجتُ يدي التي كنتُ أخبِئُها وراء ظهري و أحملُ الوسادة بها وضعتُها أمام عينها ، و بابتسامة واسعة : حتى أنا ابي أنام عنده وجيتك عشان تجي معاي مستحية أدخل كأني طفلة .
قالت هوازن بصوتٍ ثخين مضحك : أطفال في الثلاثين من عمرهم .
ضحكتُ بصخب و أنا أسحبُ يدها و أجري للطابقِ السفلي و هي تجري خلف و تضحكُ بسعادةٍ و مرح .


*


حينما نزلنا للأسفل وجدنا عُطرة تقفُ أمام الباب و تُمسكُ بمقبضهِ و بيدها الأخرى وسادة ، نظرنا أنا و هوازن لبعضنا البعض بابتسامة و من ثمَّ عدنا بالنظرِ إليها ، ناديتُها بصوتٍ ضاحك : عُطرة
وش تسوين بمخدتك .
نظرت إلينا و أشارت إلى وسادتنا : نفس إلي تبغون تسووه .
تقدمنا نحوها فقالت : الشُجاعه إلي تدق الباب و تفكه أخاف يكون نايم و نزعجه .
فقالت هوازن باندفاع : ما في أشجع منك .
و حركتُ رأسي تأييدًا لكلامها ، و أدرفت : دقي الباب بخفيف دقة ما تصحيه من نومته و بنفس الوقت إن كان صاحي يسمعها .
أمالت فمها للجانب بسخرية و هيَّ تحركُ يدها : يالله مدري وش هالدقة المثالية ، المهم اشش خلوني أشوف شغلي .
شبكتُ يدي بيد هوازن و نحنُ ننظر لعُطرة التي طرقت الباب طرقةً واحدة فجاء صوتُ أبي و كأنهُ ينتظرنا منذُ مدة : أدخلوا يا حبيبات أبوكم .
نظرنا إلى بعضنا البعض بفرحٍ و سرور و دخلنا نقفُ بجانب معًا على صفٍ مستوٍ واحد
و أزواج الأعين الثلاثة تنظرُ إلى أبي الذي يضعُ المصحف على الكمودينة و من ثم رفع رأسهُ إلينا
فسارعنا مندفعين بالكلمات بصوتٍ متفاوت يحملُ ذات الكلمات : يبه بنام عندك
انفرجت أساريرُ وجههِ و فتح ذراعيهِ على وسعيهما مرحبًا بنا
فهرولنا بخطواتٍ متبعثرة اتجاهه
عزوفٌ و عطرة في صدره و أنا متشبثة بذراعهِ
هذه الذراع التي حملتني في مهدي و رفعتني للأعلى في طفولتي لأضحكَ بسرور
هي ذاتها الذارع التي أشتقت لها مراهقة و ناضجة
هي ذاتها الذراع التي أتشبثُ بها و أحكي لها عن اشتياقي و لوعتي إليها
و هذهِ الذراع هي نفسها التي كانت تُفتحُ لنا أطفالاً لتضم عُطرة و عُزوف و تجعلني أتعلقُ بها ممتنة لها على كريمِ حنانها .


***




ظهرَ يومٍ جديد ، مضى يوم على مكوثي بين هذه القضبان الحديدية اللعينة ، مكانٌ ليس بهِ إلا أنا و الجدران الصماء أتحدثُ إلى نفسي الخرساء باحثًا عن نقطةِ النهاية و كلما بدأتُ بالتفكير و صلتُ
للبداية ! أجدُ الطريقَ مسدود و لا مفرَ للهرب فماذا سيقولُ المحامي و بما سيُدافعُ عني ! و لكن لوهلات يطمئنُ فؤادي و تُنارُ بصيرتي حينما أتذكر أن المحامي قد يصلُ إلى المدعي العام و تغلقَ
القضية دون الخوضِ بها أو أن أكون مظلومًا من أصل و أنا ظالمه !
أن أجدَ مفرًا و مهربًا في قضيةٍ ناموسها
واضح ، و على أفكاري هذهِ دخلَ السجان قائلاً : زيارة .
قمتُ واقفًا فقيدني بالأغلال و مشى بجواري حيثُ يكونُ الزائر ، فتحوا الأصفادَ عني فرفعتُ عيني عن يدي إلى الجالس على الكرسي اكفهرت تقاسيمُ وجهي و تقدمتُ بخطواتٍ سريعةٍ غاضبة حيثُ
يجلس و جلستُ أمامه و أول ما قعدت واجهتُه بغضب : توك تتذكر تجي وينك أمس ؟؟
نظرَ إلى يديه ولم يستطع رفع عينهُ إلي : أستاذ عبدالقوي أعتذر منك ، و أنا سويت إلي تبيه و كلمت محامي .
تقدمتُ بجسدي للأمام أتوكأُ على الطاولة بمرفقي : ايه و وش قال ؟
رفع عينهُ إلي : اغراه المبلغ المالي إلي عرضته عليه لكن بعد ما فصلت له الأحداث و مطلبنا بالخروج براءة بدأ يتردد و قال إن القضية ما لها مفر
و هو بيحاول يلفت نظر القاضي بكون دليل أصل بكل مرة هو هزاع لكن قال هالشي مو شرط يفيدنا و إنه للأسف ما بيده يسوي أكثر ، الظاهر إنه خايف يكلم المدعي العام و ما يقبل و ينفضح .
ضربتُ بيدي على الطاولة بقوة : زود المبلغ اقنعه زوده لما يقول بس و بيقتنع مافي أحد ما يحب الفلوس و كذاب إلي يقول غير كذا .
باضطراب و هوَّ يفركُ يديه في بعضهما البعض : والله حاولت زودت المبلغ كثير و قلت له حدد إلي تبيه بس قال مو بيده لكنه كمان كان متردد يمكن يرجع يتصل و يغير رأيه .
وقفتُ بقوة فتراجع الكرسي للوراء مصدرًا صوتَ ارتطامٍ بالأرض و دفعتُ الطاولة التي بيننا باتجاهه قائلاً بغضبٍ جامح : لا بارك الله فيك .
فجاء صوتُ السجان مزمجرًا : وش هالأصوات هدوء .
مشيتُ باتجاهه فكبلني بالأصفاد و جرني حيثُ الزنزانة أخذتُ أمشي جيئةً و ذهابًا و أضربُ الجدار بكلتا يداي صارخًا : الله ياخذك يا أصل الله ياخذك .



*



أنهيتُ متابعتهُ بابتسامةِ النصر
نعم يا عبدالقوي كنتُ متأكدًا من أنكَ ستناضل في غير حق , تدخلُ في معنى الرشوة لإحقاقِ باطل
و الراشي و المرتشي في النار و قد لعنهما رسول الله صلَّ الله عليهِ و سلم
تريدُ أن تخرج براءة و ما أنتَّ ببريء
جهازُ تنصت زُرع في مساعدهِ و ذراعهِ الأيمن ماجد
بذلك اليوم الذي أُلقيَّ بهِ القبض على عبدالقوي
ريثما أقفُ بسيارتي و أنظرُ لعبدالقوي و هو يخرجُ ذليلاً مُقيدًا بالأغلال يدعي القوة و هو عكس ذلك
اتفقتُ مع أحدِ الرجال أن يدخل للشركة في هذا الوقت حيثُ أن الفوضى ستكون عارمة و التلوث الضوضائي يملىءُ المكان
يدخل من باب الشركة بكلِ بساطة و يتجه إلى مكتبِ ماجد الذراع الأيمن لعبدالقوي و بالطبع أنا أعرفُ جيدًا أين يكونُ مكتبه
فقد دخلتُ سابقًا للشركة أهدد و ألومُ عبدالقوي على مافعلهُ ابنه معن بأنهار , صحيح معن , معن يكونُ ابن عبدالقوي الأكبر
و قد قالت عُطرة ساخرة " هو نحنا يجوز لنا نتزوج غير أولاد خالي "
فإن كانت هوازن زوجةُ الكاسر و عُزوف زوجةُ ناجي
تبقى معن الإبن الأكبر و تبقى الابنُ الأصغر الذي كان قبل غيابي طفلاً في الرابعة أو الخامسة من العمر و لا أتذكرُ اسمه ربما لو رأيتُه ستعودُ ذاكرتي
و لكن هذا يعني أن عُطرة زوجةُ معن , هذا يعني أن معن كان يخونُ ابنتي بأنهار التي اعتقدتُ فيما مضى أنها ربيبتي و اتضح أنها ابنةُ الميتم و لا يحلُ لي رؤيتها
لذلك كان صوتُكِ ساخرًا بائسًا من الحياة , إلهي يا صغيراتي ما حجم الوجع الذي تأقلمتم معه
صغيراتي قاسيتنَ كثيرًا و حال عودتي وجدتُ فتيات ذات أخلاقٍ عالية رغم أنه يبدو أن أحدًا اعتنى بكن جيدًا
آه صغيراتي ليس بيدي فعلُ شيء فيما مضى و لكن بيدي فعلُ أشياءٍ لما هوَ آت
سيعاقبُ عبدالقوي الخال السيء الذي ما كان إلا عدوًا نسيَ المحارم و الأرحام و كان عبدًا للمال
قريبًا جدًا سيُعاقبُ على ما اقترفت يداهُ من رذائل
فها هو الدليل بيدي بل إنه بيد القاضي أيضًا فقد أعطيته جهاز التتبع و من المؤكد أنه رأى ما رأت عيني
جهاز التنصت تم زراعته في الهاتف الجوال لماجد
ففي تلك الفوضى استطاع مساعدي أن يدخل للشركة من بابها الأمامي بكل ثقة و يتوجه لمكتب ماجد الذي ما كان فيهِ أحد
فالجميع في الخارج ينظرون لعبدالقوي كما أن ماجد ذراعه الأيمن أي لابد أن يكون بجوارِ عبدالقوي أينما كان
كل ما تجرعنهُ فتياتي من مرارة و علقم و زقوم ستتجرعه
كل الوباء الذي طغى على حياتهن سيطغى عليكَ لا على حياتك فقط .




***


رسالة وصلت لهاتفي المحمول و على صوتها استيقظتُ من نومي و أنا لا أرى جيدًا
ممدتُ يدي أسفل الوسادة و أخذتُ الهاتف , و جدتُ رسالة من ركاض
و بأصابع مرتعدة خوفًا على ما فعله معن بنفسه و شفقةً عليه , ترددًا مما تحمله السطور
كُتب في سطورها المتراصة تحت بعضها البعض
" السلام عليكم
زوجة أخوي , اعتقدت إنك بتكوني متواجدة و بتحلي الخلاف إلي بينك و بين معن أو على الأقل تساعديه
لكن للأسف خاب ظني , ما أدري وش نوع الخلاف إلي بينكم يمكن معك الحق و يمكن معه الحق
المهم لآخر مرة أطلب منك تساعدي أخوي ما أطلب منك السموحة و العذر فقط أطلب المساعدة
أخوي جالس يدور مقعد بأقرب طيارة أتمنى تلحقي قبل يسافر لمصر بدون رجعة "
دون عودة , ماذا تعني دون عودة ؟!
أن معن غائب عن حياتي حتى الممات ؟!
أن قاتلي مُعذبي جلادي و سفاحي لا وجودَ لهُ في الوجود
أن من أحببتهُ اثنا عشر سنة لن أراهُ بعد اليوم ؟!
شعرتُ بشيء يكتمُ على قلبي و يخنقُ صدري عن الهواء
ضيقٌ جثم على الجمادات التي حولي
كأن الغرفة ستضيق و تضيق حتى لا تتسع لي
لا أستطيع أن لا أراه
لا أتخيل أن يكون غائبًا عن حياتي حتى مماتي
لا أستطيع و لا أقوى .



***


و بتمام الساعة الواحدة ظهرًا , أقفُ بانتظار ورقة تحليل الأبوة
رغمَ أن حدسي يقول أن مي ابنتي مادام هزيم ابني
فالشبهُ بينهما عظيم و لكن لا بدَ من التيقن أولاً و ثانيًا أحتاج الورقة لتخفيف العقوبة عن مي
أخرجتُ هوازن و أدخلتُ مي ؟!
يالله يا صغيرتي ما أدراني أنكِ ابنتي ما أدراني يا مي
ما مقدار الوجع بداخلكِ يا صغيرة تربيتِ في منظمة شنيعة
عملتِ كجاسوسة و تاجرة في المخدرات , طبعتِ الصليب في جسدك ِ وشمًا
مسيحية أنتِ و عليكِ أن تدخلي في الاسلام
صغيرتي سأكون بالجوار دائمًا
لا تخافي يا صغيرة سأدافع عنكِ حتى آخرِ لحظة
وصلت الورقة أخيرًا فتناولتها من بين يديه و فتحتها لأرى اليقين
فكان اليقينُ سرابًا
النتيجة سلبية
مي ليست ابنتي !!


***


إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $


الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 10-10-16, 10:30 PM   #297

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الجحيـــم


(82)


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **














ها هوَ يرسمُ الخط الرابع على الجدار , بقيَّ ثلاثُ خطوط على يومِ الرحيلِ دون العودة
ثلاثُ خطوط ستأخذنا بحبلِ المشنقة نحوَ الضريح
هدأتهُ بصوتٍ رخيمٍ حنون : جهاد هوَ دلوقتي كمان حيران و تعبان أوي , احنا جوة و لا برا السجن , عايشين و لا ميتين في كل الحالات بهدلناه .
ضرب يدهُ على الجدار فوقَ الخطوط المستقيمة رسمًا المتعرجة في واقعٍ أعجفٍ متمردٍ على ما نريد
ألصقَ جبنيهُ على الجدار : في ايه فايزين في السجن ولا الموت , يا عمو بلاش الكلام ده , الموت بعد تلت أيام بس , و أنا ايه الي يهمني دلوقتي حياتي و لا تعب و حزن أصل
يروح في داهية ابن الكلب ما ليش فيه , المهم أنا .
قمتُ من على الأرض متوجهًا إليه ممسكًا بكتفه , أدرتُه باتجاهي و لازالت يداي تحيطُ كتفه : فيها يا جهاد فيها , دلوقتي هوا خسر الدعوة و مي هتتبهدل و تتعدب
و هوا هيتعب كتير لغاية ما يقنع القاضي إنو الدليل معاه و يطلب منو يأجل الدعوة و يمكن القاضي يوافق و يمكن ما يوافقش و كده كده احنا كسابنين
لو وافق هيعيد أصل التحليل و يتأكد من النتيجة و هيخفف العقوبة عن مي بس هيموت مليون مرة و هوا يشوفها في السجن و ما يئدرش يعمل حاجة و لو ما وافئش و طلعت النتيجة
هيتعب أصل و هوا يجري زي الكلب ورى القاضي لغاية ما يقتنع و هيتعب أكتر لأن بنتو حببتو هتبقى بالسجن في الوئت إلي هوا مش ئادر فيه يقنع القاضي
و احنا هنموت مرتاحين هنموت فايزين ليه تزعل .
هززتُ كتفه بشدة للأمام و الوراءِ على التوالي بينما هوَ بقي كالصنم الجامد بلا حركة : ليه زعلان ادحك ادحك و موت و انتا بتدحك , كل انسان في الآخر يموت و إنتا مت فايز ليه تزعل ؟!
بقيَّ ينظرُ للبعيد و بعينيه دمعة حائرة سرعان ما وجدت طريقها لتشق سبيلها في وجنتهِ , ضعيفٌ كضعفِ المرأة بل أشد
بائسٌ يآئس لا حياةَ فيه , و روحه مسلوبة القوة مضنيةً واهنة
مسحتُ وجهي متأففًا بضيقٍ من حاله
الموت هو الطريق الذي سيسلكهُ الجميعُ لا محالة فلما كل هذا البؤس
حتى أنه ما عاد يهتم بانتصارهِ على أصل بتعذيبهِ و دخولهِ للجحيم
ما صار يهتم إلا لما آلت إليهِ نفسه رغمَّ أنهُ سيموتُ مطمئن البال بعدما أخذ الثأر .



*



خطوطٌ بيضاء على جدارٍ خشن
رُسمت يومًا فيومين فثلاثة إلى الأربعة و تبقى الأقل ثلاثة تعني الحتف
تعني اللاوجود , تعني الغياب
تعني الشنق حيًا في ليلةٍ عاتية
انتفاضة تسري بالجسد من أعلاه لأسفله حينما نرى الضريح أمام العين يُلوحُ لنا هلموا إلي
حينما تناديك النهاية و أنتَ لازلت تريدُ البقاء
لم تستعد للرحيل لم تحمل أمتعتك بعد و لم تعش حتى العجز
أن يأتي الموت ليقول أنه حيٌ في كل الأزمان أنهُ قادمٌ لكلِ الأعمار
أنه لا يأبه بكونكِ صغيرًا أم كبيرًا كنت
فمتى ما أرادك ستكون له
و متى ما أراد الأعداءُ تعذبيك ستكون على منصةِ النهاية على حبلِ يُرفع لتطير أقدامك للأعلى
و تكون روحك وريفًا يُحاذي السحاب .






***




طلبتُ إعادة التحليل و انسحبتُ من المركز مترنح الخطوات إلى السيارة بطيء السير , حائر التفكير شارد الذهن
من المحال أن لا تكون ابنتي فهيَ نسخةٌ طبق الأصل من هزيم و من المحال أن يكون هنالك خطأ في نتيجة التحليل لأيٍ منهما
فالورقة تحمل الكثير من المعلومات كما أن تحليل الأبوة شديدُ الخصوصية و الاهتمام
هنالك حلقة مفقودة إذا افترضتُ مثلاً أن " مي " ابنةُ عبدالقوي فمن الصعب أن يكن الشبهُ بينها وبين هزيم إلى هذا الحد
فما يبعدُ هزيم عنها هوَ شعرها الطويل , و ما يبعدهُ عنها ذقنه الكث و كرادسيهِ الضخمة أما ما دون ذلك فلا اختلافَ فيه
هنالكَ شيءٌ لا أفهمهُ , ستبدأُ الدعوة صباحَ الغد و ستظهر النتيجة ظهرًا كما أني سأأخذُ وقتًا حتى أصلَ إلى مصر
عليَّ أن أتحدث إلى القاضي طالبًا منهُ تأجيل الدعوة إلى حينٍ آخر وكم أتمنى أن يقبلَ بهذا
فإن لم تؤجل الدعوة ستطبقُ العقوبة على " مي " سجنًا مؤبدًا بما أنها ساهمت في إيجاد المنظمة لا أعتقد أنها ستعاقب بالإعدام كربيع و جهاد
و لا أستطيع الدفاع عنها إلا بتحليل الأبوة الذي سيثبتُ أنها ليست من دمهم و ظفرهم بل كانت ضحيةَ تسعةَ عشرَ عامًا
دخلتُ من بوابةِ القصر بالسيارة و أوقفتُها تحت الظلال و بقيت يدي ممسكة " بالدركسون " و عيني تنظرُ للأمام و مئاتُ الأفكار تهوجُ و تعصِفُ فترهجنُي
انبلج ضوءُ النهار من البابِ فالتفتُ إليهِ لأرى وضح المُحيا يميلُ بجسدهِ إليَّ مبتسمًا
عانقتُ عينيهِ أقصُ لهُ حيرتي و أروي عليهِ لعجَ صدري
أناشدُه تفهمًا و إدراكُا دون نضرجةِ الكلمات , أترجاهُ موآساةً و مخرج من همٍ ٍو غمٍ مقيمِ ٍفي صدرٍي



*



وفي عينيهِ الدعجاءُ حكايات ما استطاعت قزحيتي استخلاصها
و في الحكاياتِ معاناة ما أستطاع الواقعُ إغفالها
و في الغفلةِ مكرٌ و احتيال ما استطاع العقل استيعابها
و في عدمِ الاستيعابِ خسارةٌ و انهزام
و في الهزيمة ضحيةً ظُلمت إجحافًا
جثوتُ على ركبتي أرضًا واضعًا يدي اللامبتورة على فخذهِ
مواسيًا لهُ أبثهُ بالأملِ والتفاؤل أحكي له أن الله معه و مادام الله معه فلا خوفَ و لا هم
ففي السراء شُكر و في الضراءِ صبر



*


ننظرُ من خلال النافذة المُطلة على الفناء إلى أخي الذي تقدمَ لسيارةَ أبي
و نتنفسُ بارتياح فقد أصابنا الذعر حينما استيقظنا صباحًا في حجرتهِ و لم نجد أبي
و بقينا نجولُ في الصالة دون جدوى لا يردُ على الهاتف ولا ندري أين ذهبَ من الصباحِ الباكر
خرجَ صوتُ عزوف يكسرُ صمت الأنفاسِ المرتاحة بما يغيرُ تردداتِها لاضطرابٍ نفسي : ليكون صاير لأبوي شي ليش هزيم جلس قدامه ؟!
و ما أن ختمت جملتها حتى ختمت عُطرة خطوات الصالة و صارت في الفِناء بحجابها الكامل تمشي إلى السيارة
التصقنا بزجاجِ النافذة ننظرُ لما وراءِ النافذة بترقبٍ و توجس
إلى أختي عُطرة التي مشت خطواتها باتجاه السيارة
و إلى أبي الذي خرج مبتسمًا تقفُ على جانبهِ الأيمن عُطرة و على الآخر هزيم
انجلت الراحة على أرواحنا قبل ملامحنا , اتجاهنا نحو الباب و فتحناه بانتظارِ قدومهم



*



حينما و صلتُ إليه كان يقعدُ في السيارة و هزيم جاثي على ركبته أمام الباب المفتوح
و كلاهما ملتزمٌ بالصمت و حينما وقعت عينا أبي على عيني أخرج قدمهُ من السيارة فانزاح هزيم بعيدًا عن الباب
و نزل أبي محتضنًا كلاً منا على أحد جانبيه
و قبل أن أسأل جاوبني مطمئِنًا لي : كان عندي شغلة خلصتها وجيت على طول
أومأتُ برأسي تفهمًا و سقطت عيناي على أخواتي اللاتي يقفن أمام الباب بانتظارنا
و ما أن وصلنا حتى كانت عُزوف في حجرهِ و هوازن متشبثة بذراعهِ و هزيم ينظرُ لنا مبتسمًا
و أبي يُضاحِكنا بسعادة .



***


الساعة الواحدة إلا ربع ظهرًا , و بعدَ اعترافي بالحقائقِ بأكملها و الإقرار بما فعلت
أمام كلٍ من المحقق و المحامي ثمَ أمام القاضي بوجودِ المحامي الذي أرسلهُ أصل إلي
و قد وفى أصل بوعدهِ و جلب لي محامٍ بارعٍ و ذكي , استطاع بخبرتهِ أن يستدرج القاضي لكلِ الحقائق
فنطق القاضي بحكمهِ أخيرًا , حرمانٌ من مزاولةِ العمل و البقاءُ في الزنزانة سنة إلا أربعةُ أشهر
و الحمدلله أن العقوبة أخفُ كثيرًا مما ظنت
طلبتُ من المحامي أن يُبلغ أصل برغبتي في لقاءِ أختي مزنة
فلن أنتظر انتهاء الثمانية أشهر سجنًا حتى أراها حُرًا فقد يتوفاني الله قبل بلوغي الحرية خارج القضبان الحديدية
قد ضاع من العمر الشيء الكثير و لن يضيع الأكثر
صحيحٌ أنها ستراني بعكسِ ما تتمنى و أتمنى , ستراني مجرمًا بين القضبان
و لكن ستراني حيًا لا ميتًا فالحمدلله الذي بلغني هذا اليوم
الحمدلله على كلِ شيء , فبعد الذي فعلتُه أعوامًا طويلة بأبناءِ وطني
لم يكن حتفي بقدرِ ما فعلت بل كان أقلَ كثيرًا مما اقترفت فالحمدلله على ذلك
و أحمدهُ بأني عدتُ إلى رُشدي و لم أُكمل حياتي في طريقِ الخطأ
ففقدي لذاكرتي و ضياعُ سنينٍ طوال مفقود الذاكرة أفضل من الخوض بما لا يُرضي الله عزوجل
فكلُ الخيرة فيما اختارهُ الله لنا .




***



الساعة الواحدة ظهرًا ، قمتُ بزيارةِ أبي في السجن و ها أنا ذا في انتظارِ قدومه ، و ما أن جاءَ مُقيدًا بالأغلال و بعينيهِ بؤسٌ و حزن حتى وقفتُ كالجماد انظرُ لهُ و هم يفتحون الأصفادَ عنه أترقبُ
خطواتهِ حتى جلسَ أمامي ، جلستُ فورَ أمرهِ لي : اقعد يا ناجي .
سألتهُ بخوفٍ عليه : كيف حالك يا أبوي تحس بشي .
أجابَ مبتسمًا يُخفي الكثير في خباءِ قلبه : مثل ما أنت شايفني ما فيني إلا الخير .
تنهدتُ بضيق فهذا هوَ أبي يُخفي الحقيقة ليظهرَ قويَ البأس بينما يموتُ كلَ ما فيه ، سألتُه بمحاولة لاستدراجه : يعني ما تحس بوجع .
بصوتٍ صارمٍ حاد و هو يطرقُ الطاولة بيده : ما فيني إلا العافية .
أغمضتُ عيني و فتحتها و بهدوء : وش سبب دخولك للسجن ؟
فنطقَ بما أدهشني : خالك
بتعجبٍ و استنكار : خالي أصل ؟!
حركَ رأسهُ بالموافقة تأكيدًا لما سمعت
قطبتُ حاجبي و بتساؤل : ليش ؟
وقفَ من على الكرسي مُنهيًا النقاش : اسأله .
فتقدمَ السجانُ نحوهُ مُكبلاً يديه و ابتعد عني و لم يبتعد ما قالهُ عني بتاتًا ، خالي و أبي ؟! ، ما السبب و لما ؟ و بعد كلِ هذهِ السنين !!

***


مضت الأيام و أنا بهذهِ الحجرة منذُ استيقاظي حتى نومي
طعامي أأكلهُ هُنا وحدي , أتحدثُ للجمادات فينعكسُ صوتي
ما يظطرني من الخروج من بين هذه الجدران الصماء الحاجة لقضاء حاجتي في دورةِ المياه
و لو كانت دورة المياه في الداخل لما ابتعدت عن هذهِ الجدارن لحظةً واحدة
قد شهد كل ركنٍ بهذهِ الحجرة الضيقة عن مقدارِ الوجع بداخلي
قد بكت الجدران الصماء حينما رأتني باكية
في كلِ يوم تدخلُ مزنة تعطيني الطعام و تطلبُ مني بطريقةٍ غير مباشرة أن أنضم لهن فأرفض
فكيف لي أن أجلس مع تلك البكماء التي هيَ أمي كيفَ ليَّ أن أغفر لها و لهُ ما فعلاهُ بي
ما ذنبي أنا حتى أعيش حياتي كلقيطة و ينتهي المطاف بمجامعةِ أبي على اللحاف
ما ذنبي في كلِ ما صار , و أيُ روحٍ قد تجعلني أنسى و أغفر
إنني أشمئزٌ من نفسي في كل يوم أستحم عشرات المرات و أفركُ جسدي بشدة حتى يصيرَ بلونٍ الدم
و كلما انهمر الماءُ فوقي انهمرت ذكرياتي مع أبي على الفراش
فيخرجُ كل ما في بطني على المغسلة و كلما غسلتُ قذراتي و رفعتُ عيني للمرآة رأيتُ تلك البكماء في ملامحي
فتسيلُ دموعي و تحرقُ خدي , و كلما اشتعلت وجنتي حرارة ارتفعت ضرباتُ قلبي و ضاق تنفسي
في كلِ يوم هذهِ هيَّ طقوسي لا جديدَ فيها
في كلِ حين أكرهُ حياتي أكثرَ فأكثر
و في كلِ وقت أتمنى الموت
و أرى في موتي الفرج من كلِ نائبةٍ و نازلة
فأينَ أنتَ يا ملكَ الموت عني
خُذني يا عزرائيل فإلى ربي الرُجعى
دثرَ جسدي أيها التراب و اجعلني في غياهِب القبرِ وحيدة
و اوحي ياضميرُ إليهم بالتأنيب اجعلهم يبكوني دمًا لا مجاج
اجعلهم يتجرعون و يلَ ما فعلوا بي حتى يجئيهم الموت
اجعل ما زرعوا زقومًا في بطونهم
و اجعل حصادهم أشواكًا في أجسادهم
اجعلني الذنب و أجعلهم الفاعلين !



***



الساعة الثانية و النصفَ ظهرًا ، أتناولُ طعامَ الغداء مع أخي و خالي في حجرةِ الطعام و بعدَ انتهائي حمدتُ اللهَ على ما رزقني و ابتعدتُ حيثُ المغاسل ، جففتُ يداي بعد الغسل و استأذنتُ
من خالي و أخي سأصعدُ للجناح و أحاولُ التفكيرَ في حلٍ لما حلَ في أبي و دخلتُ للجناح وصلتُ لحجرةِ النوم و قبلَ أن أفتحَ الباب سمعتُ صوتَ هوازن و إحدى بناتَ خالي و من المفترض أن
أبتعد عن الباب إلا أن أقدامي تصلبت و أذني ما عادت تسمعُ سوى صوتيهما
: يعني ايش يا هوازن ؟
: والله مدري ، لكن اليوم عرفت من الكاسر إن خالي عبدالقوي في السجن ، و خالي دخل في الوقت إلي ظهر في أبوي ، فما ادري بعد الكلام إلي حكاه لنا أبوي بديت أربط بين إلي يصير و استنتجت
إن خالي هوا إلي ضر أبوي و الحين يلاقي عقابه ، و خصوصًا إن أبوي ألح علي ما أعطي للكاسر كلمة من القصة إلي حكاها لنا .
هُنا طرقتُ الباب بقوة مناديًا : هوازن أبيك بالمجلس .
و بخطوات هوجاءَ سريعة كنتُ بداخلِ المجلس في انتظارها


*


حينما سمعتُ صوته اقشعر بدني بخوف و تشبثت عيني بعينِ عُزوف التي قالت بابتسامة : إن شاء الله ما سمع شي لا تخافي صوته عادي بس دقة الباب قوية يمكنه مستعجل .
ابتعلتُ ريقي و اومأتُ برأسي أُغادِرُ الحجرة إلى حيثُ يكون ، آملُ أنهُ لم يسمع حتى لا يغضبَ هوَ و لا يغضبَ أبي عليَ إن أفشيتُ لهُ السر ، خطوتُ للمجلس و قبل أن أدخل سحبَ يدي
و أغلق الباب فصار ظهري على الباب و صار هوَ أمامي تمامًا ، عينيهِ بنظرةٍ الثاقبة تخترقنُي لتتجمدَ أطرافي و يتنفضُ جسدي ، يديهِ تقبضُ على يدي و صوتهُ يخرجُ كنصلِ الحسامِ الصارم : وش
مسوي أبوي بأبوك ؟
توجعت يدي بين يديه فنطقتُ بصوتٍ متألم : يدي
ازدادت قبضتُ يدهِ على يدي فخرج أنيني و تفجرَ الدمعُ من عيني دون أن يسافر إلى خدي ، بيدهِ الأخرى رفع ذقني للأعلى و هوَ يمسكه و يعيدُ بصوتٍ لا مبالٍ بحالي : وش سوى أبوي بأبوك ؟
انهمرت دموعي و تحرك فكي باكيًا بين يده التي انزاحت و تراخت قبضتهُ عن يدي أبعدني عن الباب بجلافة و هوَ يردد : لا حول و لاقوة إلا بالله ، الصبر يالله .
مسحتُ دموعي و لآمستُ ذقني الذي يؤلمني و كأن أصابعهُ لازالت مغروسةً بهِ ، ثم نظرتُ إلى يداي المُحمرة و مسحتُ بعضهما في بعضٍ بلطافة و أنا أستجمعُ أنفاسي ، كنتُ ألقبك بكاسري رغمَ
انكَ لم تكسرني على الإطلاق و لكن كاسرُ العمل صار كاسري اليوم , لم أراكَ يومًا بهذهِ الوحشية و لم أتخيل أني سأراك بها لا تفعل هذا بي يا كاسري و لا تخلط معضلاتَ أبي و أبيكَ بنا ، لا تكسرني
فإني والله لا أقوى فكيفَ إن كان كاسري هوَ من كسرني !




***



بعد صلاةِ العصر ، حاولتُ الاتصال على القاضي مرارًا و تكرارًا لأطلبَ منهُ تأجيل الدعوة إلى حينٍ آخر و قد باءت جُل محاولتي بالفشل و اضطررتُ إلى الاتصال على صديقي الضابط المصري هاني
مرشود لأطلبَ منه التحدثَ إلى القاضي حتى يؤجل الدعوة و قد وافق هاني رغمَ أن صوتهُ يخالطهُ اليأس و حتى أنا غيرُ مقتنع بقبولِ القاضي للتأجيل و لكن لا حلَ آخر ، و قبل أن أتركَ هاتفي رنَ
بمكالمة من المحامي الذي وكلتُه لهزاع ، هزاع لقد نسيتُ أمره ، رددتُ على الهاتف و أخذتُ التفاصيلَ من المحامي و الحمدلله كانت خيرًا ، أبلغني المحامي برغبةِ هزاع برؤية أختهِ التي تُدعى
مزنة ، و لكن في أي بقعةٍ من الأرض تمكثُ مزنة ؟
قد تكونُ أختي ساجدة على علمٍ بهذا ، ذهبتُ إلى حيثُ تجلس أختي بحجرتها طرقتُ الباب و دخلت بعد إذنها لي بالدخول ، تركت كتاب الله و سارعت بخطواتها نحوي بسطتُ يدي أُوقفها مبتسمًا لها
مُقَبِلاً رأسها قبل أن تُقبلني ، مشيتُ إلى الأريكة و جلستُ عليها و كانت تقفُ أمامي فمسحتُ بيدي على قماشِ الأريكة أحثها على الجلوس حتى جلست حيثُ أشرت و هيَ تنظرُ لي بترقب
بادرتُ بما يدورُ في ذهني : بسألك عن وحدة اسمها مزنة إذا تعرفي عنوانها .
عقدت حاجبها بغرابة و لكن سرعان ما أجابت : ايه أعرفها و أعرف عنوان بيتها .
بهدوء : أبي العنوان .
كان التساؤل بعينيها لكنها لم تسأل : حاضر .
أمسكتُ بيدها و أنا أنظرُ لعينيها المتسائلة : بتعرفي بعدين السبب .
أومأت برأسها و أعطتني عنوان المنزل .



****



معن يبحثُ عن مقعد بأقربِ طائرة و بعد محاولاتٍ كثيرة استجاب لنصيحتي بالانتظار فلربما هناك ما أشغلَ زوجتُهُ عنه و بعدَ اطمئناني عليه عرضتُ الذهاب إلى المنزل للقاءِ أبي و أخواني لكنهُ
رفضَ رفضًا قاطعًا مخافةَ أن يُزعجَ زوجتهُ بحضورهِ رغم أنهُ ما قال هذا و لكني متأكد بأن السبب هذا لا غيره ، و ها أنا ذا أدخلُ من بوابةِ المنزل ليسَ كالغريب كما المرةُ السابقة حينما لم يعرفني
حراس المنزل فعرضتُ عليهم هويتي و دخلت هذهِ المرة دخلتُ ساكنًا بالمنزل لا ضيف هذهِ المرة دخلتُ قريبًا لا غريب ، لقد تقصدتُ المجيء ليلاً ففي الغالب يعودُ كلاً من
ناجي و الكاسر و أبي من أعمالهم بهذا الوقت هذا ما لاحظتُه حينما جئتُ لزواج من أحببتها بأبي ، آملُ أن لا أراها اليوم ليس خوفًا من أن يعودَ حُبي
و شوقي لها فهي و منذُ زيجتها بأبي ماصارت تعني لي شيئًا و هذا ما يجبُ أن يحدث أما أن يبقى حُبي لها و هيَّ زوجةُ أبي لن تحلَ لي أبدًا فهذا في غايةِ الدمامة و الشناعة ، خيانةُ لأبي و خروجٌ
عن الدين ، لا أريدُ رؤيتها خوفًا عليها من الانجرافِ لما لا يرضاهُ الله فقد فعلتها سابقًا حينما مرضت و دخلت حُجرتي قد كان الشوقُ و الأسفُ بعينيها كان الحُبُ يمكثُ تفاصيلها بالرغمِ من زيجتها
بأبي و لا أريدُ منها الضياع و خيانةَ أبي بحبها لي و تذكرِ أيامنا الراحلة ، للهِ حكمة في كلِ شيء فحُبي لها انتهى بزواجها من أبي و أكدَ لي معدنها الرديءُ المزيف ، و الجرحُ الذي رسى
في صدري جعلني جرحًا بحاجة للعلاج الذي ما كان إلا على يدِ " مي " و العلاج الذي كان على يديها قربني منها أكثر لأعرفَ أنها دنيئة كانت تسعى لإلحاقِ الضررِ بي لكنَ حبها لي كان يجعلها
تتردُ كثيرًا و ها هيَ الحياة تُعطيني درسًا بأن لا حُب في غضبِ الله أن لا حُبَ و لا علاقة قبل الزواج و أن الرابط الحلال هوَ ما يقومُ حتى الممات ، و إن كان قلبي لازال يخفقُ في ذكرى مي فسيموتُ
يومًا كما مات من ذكرى مارسة ، و يُتوج بالحلال و بما يرضاهُ الله من امرأة صالحة و علاقة شرعية ، ترجلتُ عن السيارة و خطوتُ لبابِ المنزل أصعدُ الدرجات و أضغطُ الجرس بانتظارِ
مولدي الجديد .



***



سأرى معن الذي يعذبُ ذاتهُ أقسى العذاب من أقصاهُ لأقصاه ، سأراهُ أمامي بجروحهِ و ندوبهِ و أنفهِ المعقوف بشعرهِ الأشعث و جسدهِ النحيل ، سأداويهِ و أواسيهِ بي ، سأحكي لهُ أن عذابهِ لنفسه
لا يعودَ عليَّ بالفائدة ، سأراهُ بعدَ طولِ غياب و أروي عينيَ بهِ لكني لن أخنعَ و لن أعود لن أغفر و لن أسامح ، سأكونُ كما كان هوَ يُداويني يمسحُ دمعي يروي عينيهِ مني لكنهُ لا يغفرُ لي ما لم
أقترفه سأكونُ كما كنتَ يا معن و ستتحملُ ما كنت عليهِ سابقًا لتعلم مقدارَ صبري عليك ، لتعرف كم كنتَ جلمودًا قاسيًا لا ترحم ، فها أنا طالبتكُ المجيدة أنجحُ بما بغضتهُ فيك ، أتقمصُ معن و أنا عُطرة ،
ضغطتُ على الجرس و قليلاً من الوقت حتى فُتِحَ الباب و ارتفعت عيني من أقدامهِ العارية إلى ساقيهِ النحيلين الطويلين بالبنطال المجعد الرث إلى بطشِ يديه و دواءها لعظامِ صدرهِ مرفأُ دمعي إلى
رقبتهِ التي مرغتُ وجهي بها لذقنهِ المرتب عكسَ الصور ، الذقن الذي يحوي بين شعيراتهِ ما يهواهُ قلبي لثغرهِ ذا الندبة الثغر الذي قبلني تارةً بتعذيبٍ لي و أخرى بعشقٍ و حنان إلى أنفهِ المعقوف الذي اختلف
كثيرًا عن كبريائه بالوقوف فقد كُسر بالمنتصف كانكسارِه الآن إلى لغةِ عينيه إلى ما اشتاقت عيني إليه إلى ما يخفقُ قلبي له إلى ما جعل شفتاي تُفرج و الهواء يدخلُ من بينهما ، هذهِ العينين
بتناقضِ نظراتها و لغتها ، لغةَ عشق ، لغةَ حقد ، لغةَ غضب ، لغةَ حنان لكن الآن لا أرى سوى العشق و السعادة


*


فتحتُ الباب و قد ظننتُه ركاض لأتفاجَىء بها
لقد حضرت لقد أتت
من أحببتُها بكلِ ما فيني و بقدرِ ما أحببتها ظلمتها
بقدرِ ما كانت تسكنُ بداخلي عذبتها
بقدرِ ما كان قلبي ينبضُ لها صرختُ بها
و بقدرِ الوجع الذي مكثَ بداخلي حينما كذبَ الطبُ عليَ جلدتها
هي الحكاية التي لم تتوج بالنهاية
هيَ ذنبي البريء و أنا المذنبُ الماجن
هيَ حبيبتي زوجتي
أمُ أطفالي لكنها ما عادت ملكي
فقد صار لها حريةَ البقاء أو الرحيل
نطقتُ بصوتٍ آسفٍ حنون : ...


***



إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $


الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 10-10-16, 10:31 PM   #298

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الجحيـــم


(83)


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **
















فُتِحَ الباب لتضيءَ سماء الدنيا و ترنو الأرض من حولي
عرفتني الخادمة و انزاحت عن الباب فدخلتُ و سألتها و أنا أنظرُ بأرجاءِ الصالة الخالية : وينهم ؟
فأجابت و هي تضمُ يدها إلى بطنها : بابا ما في يجي , ماما في غرفة مع كاسر , ناجي في غرفة مع أزوف .
أومأتُ برأسي متوجهًا بخطواتي حيثُ تكونُ أمي و الكاسر , مبتسمًا بانتشاءٍ و حبور بكلِ خطوةٍ أخطوها
حتى صرتُ أمام الباب يدي اليُمنى فوقَ مقبضهِ و قلبي بجانبهِ الأيسر يخفقُ لفرطِ سعادته
و بضغطي على المقبض للأسفل كان يُضغط من الطرفِ الآخر فُتِحَ على مصراعيه
لأرى أخي الكاسر الذي كان يهمُ بالخروج من حجرةِ أمي
ابتسم الكاسر بسرور و قبل أن أبادر بأي ردةِ فعل نادى أمي منبهًا لها و هي تعطينا ظهرها و تخرجُ شيئًا ما من الكمودينة
التفت إليه و هي ترد : يا عيـ ... ركـــــــــــاض !!
جلست أمي على الأرض و هي تبكي تحمدُ الله تارة و تناديني إليها تارةً أخرى
قطعتُ الخطوات التي بيننا و كأنني أقطعُ ستَ سنوات من عمري عشتُها بعيدًا عنها في مجنٍ و سفور
ستُ سنواتٍ يُفترض أن تنتهي بشهادة خريج هندسة و انتهت بخريجِ سجون
ستُ سنواتٍ سلبت مني جزءًا من ركاض الذي كان فيَّ قبل السفر و أهدتني ركاض آخر
ركاض تائبٌ لربه , عائدٌ لأسرته , مقتنع بأن الحُب لا يكون إلا بعد الزواج بإطارِ الحلال
ركاض ركض بعيدًا عن شهواتهِ و نزواتهِ الدنيوية
ركاض ركضَ ليقطع السنين و يجثو حيثُ أقدام أمهِ جنتهِ في الدنيا
أُقبلُ رأسها و يديها أقدامها و هيَّ تُقبلني و تحتضني لصدرها الدافىء
هذا الحنان الذي يُغني عن كلِ حنان هذا الصدر الذي يحمل و يتجرع و لا يغلقُ أبوابه بتاتًا
تمسحُ على شعري و تشدني إليها أكثر فأكثر
سمعتُ صوتَ الباب الذي أغلق و أدركتُ أن الكاسر غادرَ الحُجرة ليتركنا براحة
فأمي أكثر من تحب في ابنائها أنا لأني الأصغر
و من المؤكد أني سأبيتُ بجوارها
و إذا لم أبيت في جنةِ الدنيا فأين لي أن أبيت ؟!







***


فتحتُ الباب و قد ظننتُه ركاض لأتفاجَىء بها
لقد حضرت لقد أتت
من أحببتُها بكلِ ما فيني و بقدرِ ما أحببتها ظلمتها
بقدرِ ما كانت تسكنُ بداخلي عذبتها
بقدرِ ما كان قلبي ينبضُ لها صرختُ بها
و بقدرِ الوجع الذي مكثَ بداخلي حينما كذبَ الطبُ عليَ جلدتها
هي الحكاية التي لم تتوج بالنهاية
هيَ ذنبي البريء و أنا المذنبُ الماجن
هيَ حبيبتي زوجتي
أمُ أطفالي لكنها ما عادت ملكي
فقد صار لها حريةَ البقاء أو الرحيل
نطقتُ بصوتٍ آسفٍ حنون : براءة دنيتي


*


قالها , قالها بعدَ انتهاءِ مُهلته , قالها بعد ظلمهِ لي سنينًا عجاف
قالها فاتحًا ذراعيهِ على وسعهما يُناديني لأحتل منزلي الذي يتربعُ صدره
حينما قلتُ لنفسي أني سأحتضنك كما احتضنتني لم أكن أقصد حضن العشق و المغفرة الذي تفتحهُ لي
ليس هذا يا معن , الحضن الذي سأحتله هوَ الحضن الواهن الذي يحتاجني
لأُساندك كما جرحتني فساندتني رغمَ أنكَ جرحي !
و أنا كذلك سأكونُ الجرح و الدواء في آنٍ واحد !
أغمضَ عينيهِ بتوتر بعدما رأى الجمودَ مني و حتى يديهِ تنتفضان انتفاضةً واضحةً للعيان
أخفضتُ بصري عنهُ إلى الأرض و مشيتُ بجانبه و دخلتُ لداخلِ المنزل
و تقدمتُ بخطواتي للأمام إلا أن عيني استرقت النظر إليه و هوَ يضمُ ذراعيهِ إلى صدره إلى حيثُ منزلي مهجورٌ يحتاجني
يستديرُ بكامل جسدهِ إليَّ في الوقت الذي أُبعدُ فيهِ عيني عنه
تقدم بخطواتهِ إليَّ و هوَ يبسطُ ذراعهُ للأمام و يُشيرُ إلى أحدِ الأبواب : حياكِ
دخلتُ إلى حيثُ يُشير و أخذتُ مقعدي المفرد
فجلسَ أمامي على الطاولة و بيننا مسافة بسطية يديهِ تستندُ على الطاولة تحاذي جانبيه
يديَ تخلعُ الخمار و عينيهِ تحفظ تفاصيلي تحكي كلَ معاني الشوقِ و الوله
أطرقتُ رأسي أرضًا حيثُ قدميه أمام أقدامي
أطرقتهُ بعدما اشتعل جسدي بالحرارة و لو أزاحَ شعري عن أذني لأدركَ خجلي منه
جاءني صوتهُ خافتًا : لازم نتكلم في وضعنا .
رفعتُ عيني إليه و بثباتٍ و صوتٍ واثق : وضعنا واضح .
لتبزغَ ابتسامةً بشفتيه تعاكسُ لمعةَ الحزنِ بعينيه ربما ابتسامةَ سخرية أو ابتسامةَ يأس ! : الفراق
حركتُ كلتا يدي : وش رايك إنت ؟
نظرَ بعينيهِ إلى سقف و تلك الابتسامة لازالت بشفتيه : معك حق , لكن القلب مو دايمًا مع الحق , القلب ما يقدر يتخلى عن سكانه .
تقدمتُ بجسدي للأمامِ قليلاً : يقدر كل بيت يسكنه ثاني , كل بيت و له بديل .
نظرَ إليَّ وقال بصوتٍ خرجَ من أعماقِ أعماقه و هو ينظرُ إلى عينيَ بتمعن : استعمرتيه , ما يقوى الهجر والله ما يقواه
رفع يدهُ إلى جانبهِ الأيسر : هنا لك مدينة لك وطن لك دنيا كاملة , هنا كل السكان أموات, هنا إنتِ و غيرك ما له و لا بيكون له وجود .
ابتسمتُ بسخرية عليه و أسى على حالي : وش فايدة المدينة و الوطن و الدنيا إن كان الجسد يرخصني بالحرام ! , وش فايدة المدينة و الوطن و الدنيا إن كانوا جحيم
وش فايدتهم يا معن ! من قوى الجراح يقوى الهجر يا معن .
تنهدَ تنهيدةً طويلة مهما بلغ طولها لن يبلغ نصف السنين الموجعة : هو كذا ما يعرف الحق أعمى يجرح و يقتل لكنه يحب بإخلاص عمره ما يستوعب أكثر من شخص
يرخص كل الجسد إلا هالعضو غالي و ما يكسنه إلا الغالي .
انتفض كامل جسدي عكس صوتي الواثق : ما أبي غلاه , جرحه قاسي ما يغفرله الإخلاص , عافيته و عافيت عيشته ياما حذرته و نصحته حاولت أبعده عن عماه لكنه عمره ما سمع لي مع إنه
يدَعي إني أسكنه لكن كنت ساكنته ميتة كلامي ما يهمه حلفاني يكسره نظرة عيني ما ترضيه , و كأنه عُطرة كانت حية و لكن حادثة وحدة موتتها ودفنتها في مدينتها .
قمتُ من على الكنبة و توجهتُ للخارج أغطي وجهي بخماري و أشعرُ بخطواته من ورائي لكني لم أنظر إليه
ترجلتُ السيارة في المقعد الخلفي و بجواري خادمتين فثالثهما الشيطان
و عينيهِ تلحقني حتى صرتُ سرابًا .



***



بدأت مراسيمُ الدعوة القضائية صباحًا و لم أرَ أصل أو أسمع عنهُ شيء ، مقيدة بالأغلال بداخلِ القضبان الحديدية بأرضِ المحكمة ، و بدأ القاضي بالتنظيم و التحدث بمقدماتٍ مملة لا تعني لي شيئًا بل حتى
هذهِ القضبان لا أهتمُ لها و لا أهتم بعقابهم أيًا كان و إن كان الموتُ شنقًا فلا شيء أعيشُ لهُ و لأجله ، فلماذا أعيش ؟! و لماذا أرغبُ بالحياة ؟! من في الدنيا يكونُ رفيقًا لي ؟! من سيهتم إن غبتُ
عن الوجود ؟! لا أحدَ يهتمُ لي و لا أنا أهتمُ لذاتي ، لكن أصل أينَ هوَ لا أريدُ دليلاً لنجاتي فأنا لم أقبل بعرضهِ هذا بل عرضتُ عليهِ أن يبحثَ عن عائلتي و لكنهُ حتى الآن لم يظهر ، هه كذب ككلِ من
كان في حياتي غدرَ كالجميع لا يختلفُ عنهم ، لا أدري لمَ وثقتُ بهِ و أعطيتهُ كل الحقائق عن العصابة على أملِ إيجاهِ لعائلتي ، عائلتي !! هل أقولُ عائلتي هل أتوجُهم
بياء الملكية ، هل أتوجُهم بها و هم من سلبوا أحقيتي بها مني ، جعلوني بلا ياءٍ و لا هوية ، جعلوا مني نكرة بين المعارف ، أقولُ تتويج و هم في الحقيقة يرونه تحقيرٌ لهم تدنيسٌ لحقهم ، يروا
مني قذارة و دناءة ، لقد أعطيتني درسًا يا أصل بكذبك و خذلانك لي ، درسًا عنوانه لا أحدَ في الحياة يُوثقُ بهِ إلا نفسكِ و فقط
و طلبَ القاضي الحديث من المحامي الذي وكلهُ أصلٌ لي ، و أخذَ القاضي سردَ تفاصيلَ قصتي موضحًا لهم أني تربيتُ في عائلة ليست بعائلتي
و أنهم هم من جعلوا مني تاجرة بالمخدرات هم من جعلوا مني جاسوسة و أن لا ذنبَ لي بما حدث فهم من زرعوا الحقدَ بداخلي لأخذِ الثأرِ المزعوم ، طالبًا منهم تخفيفَ عقوبتي مبررًا ما يقول
بمساعدتي لأصل لإيجادِ العصابة فورَ علمي بأني لا أنتمي لهم : فأطلبُ منكم تخفيف العقوبة عنها لمساعدتها في إيجاد المنظمة مع علمي أن الجنايات تم تنفيذها و هذا ما لا يتوافق مع المادة السبعة و السبعون بعد المائة
في الإعفاءِ عن العقوبة و لكن يتوافق مع المادة الثالثة و الثمانون بعد المائتين في تخفيفِ العقوبة عنها بما أن الذي يترتبُ على الجناية هو الإعدام أو السجن المؤبد فأرجو منكم القرار بالبحسِ من سنة إلى خمسِ سنين
كحدٍ أقصى و فقًا للمادة المنصوص عليها .
، و من ثمَ قال القاضي : الشاهد أصل الحكمي
فخرجَ الضابط الذي يقفُ بجانبِ الباب مناديًا بصوتٍ عال : أصل الحكمي ، أصل الحكمي ، أصل الحكمي
و كلما نادى تشبثتُ بالقضبان أكثر فأكثر و كأني سأخرجُ من بينها و الأملُ يتصاعدُ في داخلي هذا الأمل الذي أريدهُ أن يموت مادامه يتعلقُ بسراب يتعلقُ بمن لا يستحقُ الثقة ، قدومهُ يعني أنه وجدَ
عائلتي و عدم الوجود يعني أنهُ كاذب و كانت الحقيقة المره أنه كاذب لم يجيء و أُغلق الباب و أنهى القاضي حكمه " حكمت المحكمة الجنائية على الجانية مي و المجني عليه أبناء الوطنِ
و أبناء المملكة العربية السعودية بالحبس ثلاثُ سنوات وفقًا للمادة الثالثة و الثمانون بعد المائتين ، رُفِعَت الجلسة .
أسيرةَ القضبانِ الحديدية ثلاثةُ أعوام و لكن هذا لا يهم بل ما يهمني أصل الخائن الذي لم يفي بوعدهِ و يأتي بعائلةٍ تركتني للمجهول .



***


قبل أذانِ الظهر بفترة ، توضأتُ و أسبغتُ وضوئي و من ثمَ جلستُ مع فتياتي و ابني هزيم أخذَ يتوضأ حتى نذهب على أقدامنا بخطواتٍ متأنية حيثُ المسجد و نعتكفُ بهِ حتى وقتَ الصلاة ، وبينما
أتحدثُ مع فتياتي رنَ هاتفي المحمول فأخرجتُهُ من جيبِ ثوبي و فتياتي التزمن الصمت ريثما أتحدثُ مع من اتصل ، أجبتُ على المكالمة ليجئني الصوتُ من الطرفِ الآخر : السلام عليكم ، رقم
الأخ أصل الحكمي ؟
عقدتُ حاجبي و عيناي بالغرابة التي بها تمرُ على فتياتي التي تعلقت أعينهن بي بخوفٍ و ذعر ، ابتسمتُ لهن لأطمئنهن ، و من ثم ابتعدتُ ببصري عنهن : وعليك السلام و الرحمة ، ايه معك أصل .
ليُجيب برسمية بما زادَ من حيرتي أضعافَ ما كان : نتيجة تحليل الحمض النووي طلعت من فترة ، فتعال و خذها .
لقد استلمتُ النتيجة فعن أي نتيجةٍ يتحدث !! ، لكني أجبتُ بهدوء نقيضَ هبوبَ العواصفِ بداخلي : إن شاء الله بجي .
فقال بدبلوماسية : يلا في أمان الله .
أغلقتُ الهاتف و وضعتُه على الصامت و من ثمَ قمتُ من على الكنب مستأذنًا فتياتي مناديًا هزيم الذي جاءَ و هو يغطي يدهُ الغير مبتورة بالكُم الذي رفعهُ للوضوء و مشينا قاصدين المسجد و قد
وصلنا صوتُ الأذآن منه ومن مساجدَ بعيدةٍ متفرقة .


***


و اليوم صاروا خمسةَ خطوط ، أربعة بجاورِ بعض و الخامسة تغلقُ الحزمة بقيَّ يومينِ فقط ، يومين و نغادرُ الحياة
نرحلُ من الوجودِ إلى الغياب ، نصيرُ خبر كان ، لكن لا يهمني فالدعوة انتهت و الحكم نُفِذ
برشوةٍ مالية كان هاتف السجان بأيدينا و باتصالٍ واحد , صارت الورقة مزورة
خرج أحد الموظفين من حجرتِه و الذي كان يعملُ بسجلٍ ما
فدخل المرتشي فور غيابِ الموظف و خبأ الملف
أخذَ الموظف يبحثُ عن السجل و من ثم خرج مناديًا من يقفُ في الاستقبال لتسليمِ نتائجِ التحاليل يسألهُ عن السجل
فتحرك الموظف و هوَ يبحثُ مع الآخر عن الملف و انشغلا بالبحثِ عنه و قد كانت الساعة حينذاك شيرُ إلى الواحدة ظهرًا
كان يشعرُ بالارتباك و هوَ ينتظر مجيءَ أصل الذي رأى صورتهُ التي أرسلها ربيع إليه
يخافُ أن يأتي الموظف قبل مجيءَ أصل
يقفُ مكان وقوف الموظف و يرتدي رداءً كردائهِ و يغطي رأسه بقبعة و هو ينظرُ للأسفل خشيةَ أن يراهُ أحد الموظفين فيعرفُ أنهُ ليس منهم
بيده ورقة في مظهرها تُماثل الأصل ولكن في الحقيقة تحملُ معلوماتٍ خاطئة لا تتمُ للحقيقةِ بأيةِ صلة
وتواجد أصل قبل تواجدِ الموظف بدقائقَ معدودة يحمل ورقة يأس
و في الخفايا حقيقةَ أمل .



***


وصلتُ أخيرًا , و دخلتُ بخطواتٍ سريعةٍ عجولة للداخل
و ألقيتُ السلام بسرعةٍ أكبر و قبل أن أسمع رده على التحية أردفتُ قائلاً : أنا أصل الحكمي أبي نتيجة التحليل .
مادًا له هويتي ليتأكدَ من أني أنا
أخرج الورقة من احدِ الملفات ومدها لي
الورقة التي نطقت سطورها بأن مي ابنتي
صغيرتي طفلتي التي تعذبت كثيرًا
طفلتي التي لا ذنبَ لها و عُوقبت اليوم بالحبسِ ثلاثةَ أعوام
لا بدَ من الوصولِ إلى القاضي و تخفيف العقوبة إلى سنةِ واحدة وافقًا للمادة الثالثة و الثمانون بعد المائتين
و التي تنصُ على تخفيف العقوبة إن كانت إعدامًا و سجنًا مؤبدًا إلى الحبسِ من سنة إلى خمسِ سنوات
فأقلها سنة و ليس بيدي تخفيفها أكثر من ذلك يا صغيرتي
سامحيني يا طفلتي سامحيني صغيرتي
سأحجزُ أقربَ طائرةٍ لمصر و من ثمَ سأعودُ للتفكيرِ في هذهِ المكيدة ولكن لا وقتَ الآن .


***

بعد انتهائنا من الصلاة و ذهابَ أبي إلى حيثُ يريد , ترجلتُ أحدَ سياراتِ الأجرة و صرفتُ من المال الذي وفرهُ لي أبي متوجهًا إلى من هو في انتظاري بلا شك
وصلتُ إلى العنوان الذي طلبتهُ من الكاسر و ضغطتُ على الجرس فجائني صوتُ طفلٍ يسأل : ميــــــن ؟
بثباتٍ و أمرٍ لطيف : نادي أغيد
قال الطفل بصوتٍ عالٍ متضجر : أغيـــــــــــد مو في البيت
ليجيء صوتُ أغيد و هوَ يقول : ليش الكذب يلا بعد
فيجيء صوتُ الطفل : أنا رجال البيت أقول إلي أبغاه عادي أكذب
و يبدو أنه أبعدَ الطفل عن الباب لأنه أخذَ يبكي
في حين فتح أغيد الباب و هو يقول : مين يبغـ .... هزيـــــــــــــم
فتحتُ يدي اللامبتورة أناديهِ إليَّ فاحتضني احتضان الصديق الوفي و هو يحمدُ الله على إيجادي لعائلتي فإن لم أكن وجدتهم لما كنتُ هنا بل كنتُ أسيرَالأمنِ ريثما يجدوا عائلتي
ابتعدنا فأكرمني بدخول المنزل لكني فضلتُ البقاءَ في الخارج فغاب قليلاً و جاءَ بحذائه و كأننا لسنا أبناء الأمس ندهسُ و نرهسُ الأرض حُفاةً عُراة
نمشي بجوارِ بعض في كلِ الطرقات يسألني فكلما أجبت يتفاجأ أكثر
أولاً من أن الكاسر يكون ابن خالي و أني أنتمي لذلك المنزل الذي كان يمكثُ به سابقًا
يرددُ سبحان الله بين الفنيةِ و الأخرى
و يحمدُ الله تارةً أخرى على إيجادي لعائلتي
و أكملنا المسير و تابعنا الحديث
براحة و انتشاء لأولِ مرة منذُ أن عرفنا بعضنا .


***


تُمسكُ عباءتها بيدها التي ما أن تتحرك حتى تضربُ بناجرُ الذهب التي ترتديها ببعضها و تصدرُ صوتًا , عباءةً على الرأس تُغطيها من رأسها لأخمصِ أقدامها
سوى يدها التي تظهرُ مغطاةً بالذهب متقيدة بتلكَ الأيامِ الراحلة الأيام التي كنتُ أرى من سترها امرأةً عجوزٌ بشعة
نظرةَ الشزر التي كانت بعيني وقتذاك و التي استُبدِلت تمامًا بهذا اليوم
صارت شوقًا و لهفة صارت افتخارًا بها و باحتشامها و تقيدها بحاجبها مع تقدم الزمن الذي تغيرَ بهِ كل جميل
تغيرَ الناس و ألقوا باللومِو العتابِ عليكَ يا زمن ولكن لازالت أختي كما هيَ
أختي مزنة يا من تبقت لي من رائحةِ أمي و أبي
أختي مزنة يا من كانت لي أمًا في رحيلِ أمي
أختي مزنة هلمي إليَّ فإني إليكِ مشتاقُ


*


الشيبُ الذي زين وجهه , الحضور القوي , الابتسامة التي كانت في السابق سخرية ولكن في خفاياها حنان
اليومَ جليةً بالحنان و الشوق بعيدًا عن المعاني السيئة
يديهِ لحفتها التجاعيد فزادتها وقارًا تُبسط تناديني إليه
أخي هزاع يامن تبقى لي من رائحةِ أمي و أبي
أخي هزاع يا من كنتَ ابني في رحيلِ أمي
أخي هزاع سآتي إليكَ فإني إليكَ مشتاقة

...


***


حينما دخلتُ للمنزل فورَ دخولي وقعت عيناي على من تحملُ طفلاً بيديها مغطاةً بحجابها
العباءة التي كنتُ أمسكُ بأطرافِ كمها و أمشي بجوارها في حنايا القبيلة
عُشبة من كانت لي أُمًا أحببتها
ليُنتزعَ القناعُ عنها وتظهرُ بالسوء
تسلبُ مني يدي , طفولتي و أحلامي
عائلتي أبي و أخواتي
كانت تُعطيني ظهرها لم تنتبه لدخولي لأن الطفل الذي بيدها يبكي
كيف لها أن تدخلَ منزلاً أكون أنا فيه
كيفَ لها أن تختبِىء فيه و هيَ من سلبت أصلان مني و جعلت مني هزيمًا لا قوةَ له
كيف لها أن تكون على قيدِ الحياةِ حتى الآن
اقتربتُ منها بخطواتٍ سريعة و أنا لا أرى شيئًا سوى طفولتي المسلوبة
طفولتي الراحلة لاحقَ لكِ بالحياة
لا حقَ لكِ بالتنفس
سأسلبُ الحياةَ منكِ
سأكتمُ أنفاسكِ و أهديكِ للقبورِ ميْتة ...


***


إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $



الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 19-10-16, 06:17 PM   #299

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي





:new graaam (252): السلامُ عليكم و رحمةُ اللهِ و بركاته () .




أعتذر عن عدم نزول الجحيم في موعده
كان عندي كويزات و مو فاضية
المهم ما بطول عليكم كثير
الجحيم للحين ما كتبت فيه شي و لا بكتب حقيقة
لأن
بعد اثناعشر يوم اختباري البلوك
ثلاث مواد في يوم مع العملي :/
و بعدها بستة أيام اختباري الميد تيرم
و بيستمر أسبوع كامل ينتهي يوم 10 نوفمير

لذلك الجحيم القادم يوم السبت تاريخ 12 نوفمبر و بالهجري 12 صفر

من البداية قلت بدأت الدراسة و بيبدأ الخلل في المواعيد
فـ لحد يلومني
بيكون الأسبوع إلي بعد الميد إجازة خلال هالأسبوع
بحاول أعوض كل سبت راح و مانزلت فيه
يعني أربعة جحيمات مع الجحيم حق نفس الأسبوع
بيصيروا خمس جحيمات خلال الإجازة " الأسبوع "
و إذا قدرت ستة كان بها




طابت أيامكم بِذكر الله :graaam (276):





الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 29-10-16, 11:48 PM   #300

mona ak
عضو ذهبي
alkap ~
 
الصورة الرمزية mona ak

? العضوٌ??? » 166852
?  التسِجيلٌ » Mar 2011
? مشَارَ?اتْي » 541
?  مُ?إني » شعور الغربة يلازمني
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Lebanon
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » mona ak has a reputation beyond reputemona ak has a reputation beyond reputemona ak has a reputation beyond reputemona ak has a reputation beyond reputemona ak has a reputation beyond reputemona ak has a reputation beyond reputemona ak has a reputation beyond reputemona ak has a reputation beyond reputemona ak has a reputation beyond reputemona ak has a reputation beyond reputemona ak has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رائعه رائعه رائعه سلمت يداك حبيبتي شجيه قلم رائعه لكاتبه واعده في سماء الروايات الكمال لله حبيبتي ماشاء الله طالبه جامعيه مع كاتبه مع داعيه بتوضيحك وفتاويك مع ضغوطاتك تبارك الله بالجحيم مواقف بكيت ومواقف حبست الانفس لديك جرائه تبارك الله في مواقف تعتبر خطر احمر و لايستطيع الكل دخوله يعتبر تابو

لدي سؤال شرعي بالنسبه لابن عبد القوي ومارسه بما ان الزواج تم بينهما بشروط كامله مع جهل الطرفيين بالقرابه بينهما الطفل يكون حكمه لقيط او ينسب للاب فقط وام ثانيه لانني وصلت بالقرأه عندما طلبت عزوف تربيته على اساس انه من ميتم هل الحكم الشرعي للطفل حكم لقيط ارجو الافاده اتمنى لك التوفيق والنجاح بحياتك العلميه والخاصه تستاهل كل خير الله يسعدك بالدارين والله يستر على المسلمين والمسلمات ويحفطهم ويردهم الى الدين الصحيح والطريق القويم واللهم انصر المسلمين في كل مكان


mona ak غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:09 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.