آخر 10 مشاركات
دموع تبتسم (38) للكاتبة: شارلوت ... كاملة ... (الكاتـب : najima - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          فرصة أخيرة -ج 2حكايا القلوب-بقلم:سُلافه الشرقاوي[زائرة]كاملة &الروابط* (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          عودة من الجحيم - ج2 ندبات الشيطان - قلوب زائرة - للكاتبة::سارة عاصم *كاملة & الرابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          سر حياتي ...*متميزة & مكتملة* (الكاتـب : سحابه نقيه 1 - )           »          نساء من هذا الزمان / للكاتبة سهر الليالي 84 ، مكتمله (الكاتـب : أناناسة - )           »          كُنّ ملاذي...! (92) للكاتبة: ميشيل ريد *كــــاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          304 - عندما يخطيء القلب - ريبيكا ونترز (الكاتـب : عنووود - )           »          شيءٌ من الرحيل و بعضٌ من الحنين (الكاتـب : ظِل السحاب - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-10-14, 01:24 PM   #11

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


جاءت المقاطعة الثانية بعد ربع ساعة، عندما دخلت كيري إلى الغرفة حيث وقفت تراقبها عدة لحظات قبل أن تشعر بيني أنها هناك.. فأطفات المسجلة مرة أخرى، والتفتت تواجه المرأة العجوز..
قالت بأدب:" أترغبين في محادثتي؟".
هزت كيري رأسها: ليس الواقع..كنت أتساءل فقط عما إن كنت راغبة في بعض القهوة. تركت المائدة قبل أن نتناولها..أستطيع إحضار فنجان لك.
ـ أرجوك، لا تزعجي نفسك.
ـ أتعلمين، لم أر يوماً من يطبع بمثل سرعتك.. وهذا ما يجعلني أدرك كم.. كم هي محاولات شينا مثيرة للإشفاق.. أتمنى لو أنها تتمرن لتتمكن من مساعدة تشارلز.
ابتسمت بيني: هذا كلام أم!
ـ أجل، أعتقد أنني متعلقة به.. لكن يجب أن تفهمي أنه كل ما أملك.. ألديك أخوة أو أخوات؟
ـ لا..أنا في الواقع يتيمة. و أخبرتها قليلاً عن خالتيها ، ثم وجدت نفسها تسرد لها قصة أمها و فرارها و زواجها، ثم وفاتهما و أخيراً أنهت سردها: كانت مزرعتهما في مكان ما في "كارترتون".؟
قالت كيري: لا تبعد كارترتون كثيراً عن هنا.. أعتقد أنك شاهدت أين كانا يعيشان؟
هزت بيني رأسها: لم تتح لي الفرصة قط للتفتيش عنه..فلم أشتر سيارة إلامنذ سنة فقط. لم تضيف أن الخالة جيلين حرمتها بشدة من التفتيش عن " هياكل عظيمة".
فكرت كيري قليلاً" كريستمان.. كريستمان.. لدي إحساس غامض بأنني سمعت الاسم.. أكانا يعيشان قرب الجبال؟
ـ لاأعرف.. إلا أن هناك تلالاً.. على أي حال كان ذلك قبل عشرين سنة. كانت كيري تفكر عميقاً.
ـ أسرة كوردا هم أصدقاء لم أرهم منذ زمن بعيد..كان لهم جيران ماتوا في حادثة سيارة.. وقد حدث ذلك منذ سنوات عديدة و أذكر أنهم اشتروا الأملاك لابنهم.. سنقوم ببعض التحريات إن وافقت على البقاء لمساعدة تشارلز.
إنها رشوة فهزت رأسها: أشك في أن يكون المكان نفسه.
أصرت كيري:" إن لم يكن، فأنا واثقة أن بالإمكان إيجاده، لاشك أن هناك من يذكرهما".
ردت بيني بصوت مصمم هادئ: سأقوم بالتحريات في وقت آخر.
أقسمت لنفسها أن تقوم بهذه المهمة بنفسها. تساءلت: لماذا لم تفعل هذا من قبل؟ ثم أدركت أنها منذ اقتنت سيارتها سيطرت خالتاها على العطل الأسبوعية ..ولكن، بدا لها فجأة أن هذا اختفى مع الماضي.. وللمرة الأولى في حياتها، ولو بمساعدة تشارلز تايمر، تحدت بالفعل خالتها جيلين..
كانت كيري تراقبها بفضول..وقالت: أنت تبتسمين لشيء ما.. ألايمكن أن تشاركيني به؟
بدا على بيني نظرة اعتذار: القصة طويلة.. وبدلاً من الانشغال بها، يجب أن أكمل هذا العمل.. أرجو أن تتفهمي أنه من أجل تشارلز.
فهمت كيري التلميح و غادرت الغرفة. بعد رحيلها، ركزت كل تفكيرها على الكلمات المتدفقة من التسجيل.. وما إن تحركت أصابعها بخفة على مفاتيح الآلة حتى فتنتها القصص التي كان يرويها أصحاب الكلاب عن حيواناتهم.. وجعلتها بعض الحوادث تضحك، وجعلتها أخرى تبكي.
فيما كانت تمسح دموعها في إحدى المرات. قال تشارلز من ورائها يسأل بهدوء:" هل بدأت تؤثر فيك القصص؟".
التفتت إليه، دامعة العينين: منذ متى تجلس في هذا المقعد؟
ـ منذ وقت استطعت فيه الإعجاب ببراعتك و سرعتك.
تجاهلت الإطراء وسألت: أين شينا؟
ـ عادت إلى منزلها.. ولا أظنها مسرورة مني.
ـ ستشعر بأنها أفضل حالاً غداً عندما تعرف أنني رحلت.
ـ وهل تنوين حقاً الرحيل؟ فكرت أن من الممتع الذهاب إلى أوتاكي برفقته،ولكنها قالت: " إنهأفضل حل من أجل شؤونك العائلية".
رد بلهجة قاطعة:" هكذا إذن، حسناً".
انتظرت أن يضيف المزيد أو أن يحاول مجادلتها ليقنعها بالبقاء، أو حتى ليذكرها بوعدها لمساعدته في إنهاء الكتاب. ولكن، لم تبدر منه كلمة.. أحست أن من الإذلال أن تتنازل، ولكن المزعج أن عنادها على وشك أن يرميها مرة أخرى في أحضان خالتيها جيلين.
قاطعت تشارلز أفكارها، ليقول لها فجأة: أنت متعبة، لذا لاتقوين على تفكير السوي.
أجفلتها ملاحظته:" وكيف تعرف في ما أفكر ؟"
ـ وجهك مضطرب.. وهذا يدل على أن أفكارك مشوشة.. ولا يدهشني ذلك فقد كان يومك قاسياً..ففيه وصلنا إلى منزلك، وفيه تم ذاك الجدال مع خالتيك، وهناك القرار الذي اتخذته، وقيادة السيارة إلى هنا، ومواجهة هجوم شينا..أجل.. كان يومك شاقاً.
ـ هذا ما أعتقده.
ترك المقعد.
ـ اتركي عملك فوراً، وتعالي إلى الخارج نتمشى.. إنها أمسية جميلة.
فتح لها الباب، ثم أمسك ذراعها يجرها إلى الخارج.. ولم يتركها وهما يقطعان المرج نحو مساكب الورود.
كانت النجوم مضاءة في السماء. و القمر مرتفع لينير قليلاً الظلال التي تغلف الحديقة في هالة غامضة..نظرت بيني حولها و قالت معترفة: كنت سأشعر بالتوتر لولا وجودك معي، أشعر بالخوف من الأشجارليلاً.
التفت ذراعه اليسرى حولها، تجذبها إلى جانبه.
ـ لاتخافي يافتاتي الصغيرة. لاوجود للغيلان في هذه الحديقة، فرائحة الورود تبعدهم.
عندما شعرت بلمسته، سحبت عدة أنفاس عميقة.
ـ إنها..فعلاً..رائعة.. تبعث النشوة تقريباً..
صحبها إلى ظلال قنطرة مغطاء بورود حمراء قوية الرائحة ثم تمتم: تكاد تبلغ رأسك!
أحست أن كلتا يديه تضمانها.. فالجبيرة لم تعق العناق.. في تلك اللحظة لاحظت أنه تخلص من رباط التعليق في عنقه الذي كان يبقي يده مرتفعة. جهدت أن تبدو غير متأثرة لقربها منه ثم سألت: هل يدك أفضل حالاً؟
ـ ليست سيئة جداً.
ألصقها به.. فتسارعت أنفاسها، وجرى الدم سريعاً في عروقها فوثبت خفقات قلبها بين جنبيها.. هذا أمر سخيف! يجب أن أدفعه عني! كان صوت ما يدعوها بغموض إلى هذا، ولكنها بطريقة ما افتقدت القوة لإبعاده عنها.
وجدت أنها تستند إليه، وترفع ذراعيها إلى عنقه.. تنهد يقول بصوت خفيض:" التاريخ يعيد نفسه".
ولكنها فشلت في فهم مقصده.
أضاف:" في آخر مرة تعانقنا فيها كنا نقول وداعاً.. أحدث ذلك ليلة أمس فقط؟ يبدو أنه حدث منذ عمر".
انتظرت.. فهي ماتزال تأمل أن تسمع الكلمات التي قد تثنيها عن الرحيل.. ولكنها لم تتلق شيئاً. الواضح أن كبرياءه تمنعه من التوسل إليها.
أخيراً تمتم: أمازلت عازمة على الرحيل؟
سرعان ماأدركت أن هذا العناق هو وسيلته لإقناعها بالبقاء.. ولكنها وسيلة لم تكن تعني شيئاً. كان لهذه المعرفة
تأثير الدوش البارد عليها.. هزت رأسها تقول هامسة: أجل..ربما من الأفضل أن أرحل بعد الفطور مباشرة.
رد بلهجة حادة، وهو يتركها فجأة: حسناً.. في هذه الحالة، أعتقد أنك تفضلين العودة إلى الداخل. كانت خائبة الأمل
لأن ظنها في محله. عادت بيني أدراجها إلى المنزل..فلاحظت أنه يحاول اللحاق بها.. ذهبت إلى غرفتها فوراً،
بعدما اعتذرت،وفي ذلك الوقت أدركت أن هناك سبباً آخر لرحيلها. إنها تعجب بهذا الرجل أكثر مما يجب.
عرفت أنه متسلط، متعجرف، مع ذلك كان فيه مايثير اهتمامها.. ما يجعلها..مستيقظة. ولم تحتج إلى ذكاء فائق لتفهم
مشاعرها، لذا من الحكمة الفرار، مادام لديها القوة لاستخدام ساقيها.
في الصباح التالي، نهضت من الفراش، استحمت بسرعة. وأعادت ملابسها و أغراضها إلى الحقيبة، ثم حملتها إلى
الطابق السفلي.عندما تركتها في الردهة، سمعت أصواتاً من غرفة الطعام، ولم تدهشها رؤية شينا جالسة مع تشارلز
و أمه.
قال تشارلز ممازحاً، بقصد الإزعاج: شينا هنا لتتأكد من رحيلك.
تورد وجه السوداء الشعر، التي أنكرت بحرارة: هذا غير صحيح..خرجت لامتطاء الخيل قبل أن تشتد حرارة
الشمس.
نظرت إليها كيري بمحبة: هذا أفضل وقت لامتطاء الخيل.. يجب أن أعترف أنك تبدين جذابة بثياب الفروسية.
ابتسمت شينا، و كأنها تشير إلى هذا ما تعرفه. استمر الحديث على المائدة خفيف الوطأة لم يتخلله اقتراح من
تشارلز ليثنيها عن رأيها. راقبته سراً و كانت تجد صعوبة في إبعاد عينيها عن وجهه الوسيم.. جعلتها بذلته الأنيقة
الخفيفة تدرك أنه حتى في صباح يوم الأحد، يتقن ارتداء ملابسه..وعندما حمل حقيبتها إلى الكاراج، كانت تحس
بالكآبة.
كانت الهوندا السيفيك متوقفة قرب الرينو الرمادية. ودعت كيري و شينا بأدب ثم استوت إلى المقود.. اندفعت
الدموع إلى عينيها عندما كانت تدير المفتاح، و لكن الدموع اختفت حينما لم تلق تجاوباً من المحرك.. حاولت مرة
أخرى، ثم أخرى، ولكن لا أثر للتجاوب.
قال تشارلز:" أعتقد أن بطاريتك فارغة، أو ربما هناك ماهو أكثر خطورة".
رفع غطاء المحرك، ونظر إليه، ثم أقفله مجدداً.
شحب وجه شينا، وتوسلته بيأس: حاول أن تديرها أنت تشارلز..لاشك أن بيني فعلت شيئاً غبياً..
هز رأسه: كما تريدين..أنا مجرد ميكانيكي ذو يد واحدة.. وأخشى أن ما تطلبينه خارج عن قدرتي.
التفتت إلى بيني: بما أنك عازمة النية على ترك هذا المكان، فسأقلك بالرينو. قد أصلح لك سيارتك في غضون
الأسبوع.
قالت محتجة: لكنك لا تستطيع القيادة..ربما يجب أن أنتظر..
أصمتها بمقاطعتها ببرود: الرينو أوتوماتيكية لذا لن تكون قيادتها صعبة. خنق أي جدال آخر في المهد، خاصة بعد
ما رأته يخرج حقيبتها من الهوندا و يضعها في مقعد الرينو الخلفي..ثم التفتت إلى الباب الأمامي يفتحه منتظراً أن
تدخله..
قالت شينا بلهفة: أنا قادمة معك. سأكون رفيقتك في طريق العودة.
ـ ليس اليوم شينا.
جاءت كلماته حادة ووقحة. جلس وراء المقود، ورغم إصابة يده، تمكن من القيادة بشكل جيد مدهش. جلست بيني
بصمت يائس وهما متجهان نحو الطريق الرئيسية.. بدا لها أن كل شيء مفاجئ.. تركها تجشمه المتاعب ليتخلص
منها، تحس بالصدمة.. وما إن خرجت السيارة من " كارترتون" حتى أصبحت بيني في حالة صراع مع الانهيار و
البكاء.
كان عليها أن تعترف ببراعته في القيادة بيده اليسرى في منعطفات على إلهاء تفكيرها.. وما إن وصلا إلى طريق"
ويسترن هات" المسطحة، حتى استسلمت لواقع أن معرفتها القصيرة بتشارلز تايمر، على وشك الانتهاء. وغداً
ستبدو لها حلماً.
غلفها البؤس مجدداً، لذا لم تلاحظ أنه غير خط سيره و اتخذ الطريق إلى اليمين. ولكن عندما خفف سرعته ليسلك
طريقاً آخر جلست مستوية وصاحت: لقد تركت طريق "هات رود". هذا ليس الاتجاه نحو ويلنغتون.
ابتسم لها، قائلاً بلهجة ساخرة: صحيح لأننا لن نذهب إلى ويلنغتون بل إلى أوتاكي.. هل نسيت؟
صمتت عاجزة عن الكلام .. انفغر فاها قليلاً و بدأت معنوياتها بالارتفاع، وتلاشى توترها. أخيراً وجدت الكلمات:
أنت خبيث ماكر مرواغ! لقد خططت لهذا منذ البداية!
ـ تحتاج المواقف اليائسة، إلى وسائل يائسة.. اضطررت إلى خطوات حاسمة، للحفاظ على خدماتك..والآن، اعترفي
أنك مسرورة برفقتي.
ـ أجل..أنا مسرورة.
ولكنها لم ترغب في إظهار شدة توقها. تعرف أن عليها إبقاء قدميها ثابتتين، لأنه لايريد سوى خدماتها.
نظر إليها جانبياً:" إذن، لماذا كل هذا التصميم لترك الوظيفة؟".
ـ أحست أن عليّ أن أبتعد.. وكان ذلك لأنني كنت فعلاً منزعجة من الاتهامات التي أطلقتها شينا بشأن تعمدي
صدمك.. والتي صدقتها أنت.. كان اتهامك مجحفاً، و أردت العودة إلى بيتي.
ضحك بعذوبة:" أيتها الأوزة السخيفة..كيف لي أن أصدق مثل هذا الهراء؟ هل نسيت أننا تصادمنا عند زواية من
الدرج؟ لا يمكنك فعلاً رؤية من كان قادماً".
ـ أظنني كنت غاضبة فلم أفكر بوضوح..لماذا لم تشر هذا لشينا؟
ـ لأن الجدال كان كله عقيماً و سخيفاً.. أتشعرين الآن بالسعادة؟
ـ أجل.. بسعادة كبرى.
أضاءت بسمة أساريرها ثم سحبت نفساً عميقاً، و استرخت في المقعد الأمامي المريح..فجأة بدت المناظر المحيطة أكثر إشراقا حتى صدمتها فكرة تثير الاضطراب.
ـ ليس معك حقائب .. وماذا عن الآلة الكاتبة؟
ابتسم:" كلها في صندوق السيارة".
ـ وسيارتي..؟
ـ ستكون على مايرام حالما أعيد غطاء المزع الكهربائي الذي أزلته في الصباح الباكر.
ـ أيها الشيطان الماكر.
انسابت السيارة بين أراضٍ زراعية خضراء متماوجة. وأخيراً وصلت إلى طريق رئيسية على ساحل" نورث لاند"
الغربي السفلي. ثم انعطفت شمالاً، لتمر بين عدد من المستوطنات الصغيرة، ومن هناك ولجت إلى بلدة " أوتاكي"..


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-14, 01:27 PM   #12

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

رأت نزلاً، ملأ مظهره نفس بيني ارتباكاً و توترا، لم يخفا حتى بعدما لحقت بتشارلز إلى مكتب صغير. ووقفت
مرتبكة وهو يتحدث إلى الفتاة في مكتب الاستعلامات.
ـ أريد جناحاً فيه غرفتا نوم. رجاءً
ـ بكل تأكيد سيدي.
نظرت إليه الفتاة باهتمام، ثم نظرت بسرعة إلى يد بيني اليسرى. بعد ذلك دفعت دفتر التسجيل نحو تشارلز، فوقعه،
ثم أعطى القلم لبيني.. بطريقة عفوية.
انتفضت لأنها لم تكن تتوقع أن توقع باسمها. ومارأت ضرورة لهذا. لاشك أن هذا مزاح شيطاني من جهته على أي
حال، أخذت القلم، فيما كانت تكتب اسمها، غمرها إحساس بالذنب وليد تربيتها المتزمنة.. فهاهي، على وشك الإقامة
في نزل مع رجل التقته في اليوم السابق.
كان في الجناح عدا غرفتي النوم غرفة جلوس فيها تلفزيزن و مطبخ صغير. أوقف تشارلز السيارة في مكان مظلل
خارج بابهما..بعد ذلك حملت حقائبها إلى الداخل.. عندئذ أعلن عن استعداده لتناول الغداء فكان أن أقفلا الجناح و
توجها إلى غرفة الطعام.
اقتيدا إلى مائدة مخصصة لشخصين، عندما جلسا قال لها: ينتظرنا السيد و السيدة ماكروي، في الثانية و النصف.
ـ حقاً؟
ـ اتصلت بهما صباحاً.. إنه مزراع متقاعد، مربي للأغنام، من" ساوث ايلندا" ولقد تأكد لي أن عنده عدد هائل من
قصص الكلاب. و أوريد التحقق من بضعة نقاط حول متى وصل أول كلب رعاة.
ابتسمت:" تبدو مستعداً".
ـ بالتأكيد أنا مستعد. اسمعي فيما أتحدث إليه أريد منك مراقبة المسجلة لتقلبي الشريط في الوقت المحدد لئلا يضيع
علينا شيء من حديثه.
هزت رأسها:" حسناً، سأفعل".
ـ كوني حازمة..قاطعي الحديث إن كان ذلك ضرورياً عندما تقلبين الشريط وإن كانت زوجته في الغرفة لا تتركيها
تثرثر، فصوتها سيتسجل، وقد يطغي على ما يقوله..
صمت عندما جاءت ساقيه تضع أمامهما السلطة و اللحم وما رأته بحاجة إلى تقطيع، راقبها بصمت.
ـ شكراً لك.. عرفت دائماً، أنك عاجلاً أم آجلاً، ستقطعين لي اللحم.
تجاهلت سخريته، ثم غيرت دفة الموضوع بطرح سؤال كان يقلقها: لماذا جعلتيني أوقع باسمي في مكتب التسجيل؟
نظر إليها متسائلاً: أكنت تفضلين أن تظن الفتاة أننا زوجان؟
تورد وجهها:" لا.. بالتأكيد لا.. لكن..هل توقع شينا دائماً باسمها؟".
ـ لا أدري.. لأنني لم أقم يوماً في نزل معها. لم أصحبها معي في مثل هذه الرحلة.
أسعدتها هذه المعلومة، مع أنها لم تجرؤ على النظر إليه لئلا ينكشف هذا الواقع في عينيها..كانت الخالة دايان معتادة
على القول:" على المرء أن ينظر إلى عيني بيني، ليعرف أنها تقول الحقيقة أو ليعرف إن كانت سعيدة أو تعسة".
فيما بعد، وجدا طريقهما إلى منزل بنجامين ماكروي و زوجته الصغير. كان رجلاً طاعناً في السن يدل مظهره على
أنه أمضى حياته في الهواء الطلق.. سارت مقابلة البحث بشكل مدهش. كان بنجامين ماكروي قد وضع قائمة بكل
قصص الكلاب التي يرغب في سردها..وعندما كانت زوجته تجرؤ على فتح فمها، كان يصمتها بعبوس اسكتلندي.
استمرت المقابلة حتى الساعة الخامسة، نهض العجوز معلناً فراغ جعبته من معلومات أخرى.
عندما كانت بيني و تشارلز يغادران المنزل، تقدمت المرأة لتهمس في أذن بيني بلهجتها الاسكتلندية التي تقطع
الكلمات قطعاً: إنه شاب وسيم، رجلك هذا. أود لو أراه في التنورة الاسكتلندية..
ترددت بيني.. وشعرت بأن عليها أن تشرح لها أن تشارلز ليس رجلها.. لكن غريزتها حذرتها أن السيدة ماكروى
تنتمي إلى جيل لن يوافق أبداً على التصاقها برجل هو لفتاة أخرى.
انطلقا مبتعدين عن منزل أسرة ماكروى.. وفي الوقت نفسه كانت فكرة إقامتها معه ترسل موجات من التوقعات،
تتراكض على ظهرها.
قال:" هل أنت مستعدة للتنزه على الشاطئ؟".
تنفست هواء البحر:" بل أكثر من مستعدة".
انطلقت بهما السيارة على الطريق المحاذي لشاطئ البر ثم أوقفها قرب ثغرة تفضي إلى البحر .. بعد دقائق كانا
حافيين يسيران بين أشجار صغيرة و عشب ساحلي مرتفع.
علق تشارلز وهي تثب على الرمل: تبدين فتاة صغيرة.
قالت بمر: هذا ما أشعر به، لأنني لم أفعل ذلك منذ سنوات بعيدة.
ـ أين، ومتى، كانت آخر مرة؟
ـ منذ مدة لا أستطيع تحديدها . لكن لو أغمضت عيناي لرأيت الخالتين جالستين على بساط و بين أيديهما أشغالهما
اليدوية و" تيرموس" شاي في سلة الطعام الصغيرة.
ـ وقبعات كبيرة؟ أراهن أنهما كانتا تعتمرانها.
ـ طبعاً..قبعات ضخمة لحماية بشرتهما.
سارا على رمال الشاطئ الندية يثرثران بسلام. وفيما كانت بيني تتنشق المزيد من هواء البر اللاذع، أحست أن
همومها قد تلاشت.
كانت تشعر أيضاً بسعادة شديدة تصاعدت لتكون إثارة حادة تكاد تدفعها إلى الصراخ عالياً و الرقص على الرمل..
علمت أن سبب هذه الرغبة هو وجودها مع تشارلز.. ولكنها في الوقت نفسه كانت تدرك أنها سخافة عليها ضبطها..
لأنها عندما نظرت إليه، كادت ترى صورة وجه شينا وراء كتفه.
وصلا إلى مكان، كان بعيداً عن المنازل القريبة من البحر، عندما لمحت بيني دخاناً وراء مكان مرتفع من الشاطئ.
توقفت.
ـ هناك من أشعل ناراً.
عبس:" يجب أن نلقي نظرة عليها لنتأكد أنها خامدة فقد تنقل الريح الشرارت إلى العشب الجاف".
سارا نحو الفسحة المسودة، حيث كانت الأخشاب المندفعة من البحر تحترق.. وما إن تقدمها حتى قال تشارلز: أظن
أن أودلاً كانوا هنا..لاشك أنهم شوو البطاطا فوق الجمر.
نظرت إلى النار:" وكيف عرفت؟"
ـ لأنهم تركوا بعضاً منها.. أترين هذه الكتل الصغيرة السوادء بين الرماد؟.. و الأسوأ أنهم ينوون العودة.
ـ وكيف تتأكد من عوتهما يا" شرلوك هولمز".
ـ كومة الأخشاب التي قذفها البحر قرب ذلك الجذع القديم، تجعلني أتساءل عما إذا كانت قد وضعت هناك لإشعال
النار مجدداً.
سألت وهي تضحك على تحليله:" و الجذع القيم " شرلوك"؟.
عاين جذع الشجرالقديم بدقة: إنه جذع شجرة صفصاف قديم، كانت ذات يوم قرب ضفة نهر، تميل بسعادة فوق
الماء، حتى اقتلعهما الطوفان من جذورها، وجرفها النهر إلى البحر..حيث طافت فوق مياهه على طول الساحل حتى
رماها إلى هذا الشاطئ، لتوفر مقعداً للناس الذين يشعلون النار.
حرك الرماد بقطعة خشب .. وجلسا على جذع الشجرة يراقبان توهج الجمر بهدوء وسط الصمت المحدق بهما،
الصمت الذي يقطعه غير تلاطم الموج على الشاطئ.
قال أخيراً: ثمة شواطئ على الساحل وراء ماسترتون. سآخذك إليها يوماً.
ردت بمكر:" هذا إن بقيت معك".
ـ أتقولين إنك مازلت عازمة النية على الرحيل قبل إنهاء العمل.
لم تستطع أن تواجه عينيه، ولكنها قررت أن تكون صادقة: هذا في الواقع وقف على شينا..فأن أصرت على
إزعاجي..عدت قطعاً إلى موطني.
ـ أيعني هذا إنك لن تواجهيها؟
هزت كتفيها: ولماذا أتحمل هذا النوع من الشجار؟
ـ حسناً..هذا يفسر شيئاً..أنت لم تظهري دليلاً على الوقوف في وجه خالتيك.
ـ كيف تقول هذا؟ لقد تحديتهما يوم الجمعة عندما قررت مرافقتك.
جعلت السخرية صوته مريراً: لاشك أن ذلك كان جهداً جباراً، لذا أتصور أن الوقوف في وجه شينا ليس شيئاً مقارنة
مع تلك المواجهة.
ردت و غضبها يتصاعد:" لا تنسى أن شينا ليست بمفردها، فهناك أمك كذلك. تذكر أنني سمعت منها ما جعلني
أعرف أن إقامتي في " بليارز" غير مرحب بها.. لماذا لا تقدم على خطوبة شينا و تريحهما معاً".
ـ لأنني لا أنوي أن أخطبها..بل لا أنوي أن أخطب أي فتاة غيرها أيضاً.. هل هذا مفهوم؟
كان صوته حاداً بالغضب.. راعها تركيزه على سؤاله الأخير فصاحت به: حقاً! وهل تتصورني أتوقع منك أن
تخطبني؟
فجأة شاهدت عنكبوتاً يزحف على جبيرة يده المصابة. كان بحجم حبة الفول، له رأس صغير، وخط أحمر على طول
ظهره الأسود المخملي،.. اتسعت عيناها، وشهقت خوفاً، ولكنها أخذت بلا تردد قطعة خشب و ضربته ضربة قوية
قتلته.
وثب تشارلز يصرخ ألماً: لماذا فعلت هذا بحق الله! إن كنت تقصدين بذلك إيلامي فقد نجحت..
ـ هذا شيء لا يقارن بالألم الذي كنت ستناله من العنكبوت..إنه من النوع السام. كان يزحف على جبيرتك.
نظر برهبة إلى بقايا العنكبوت على الجبيرة وهبت بيني على قدميها شاحبة الوجه: أظنك تعرف معلومات عن
العناكب السامة؟ و تعرف أن لسعتها تسبب ألماً فورياً قد يكون مهلكاً؟
ـ أعرف بالتأكيد . من البلاهة الجلوس على هذه الجذع القديم لأنها تعشش عادة تجت جذوع كهذه.
عندما تحركا راحت تنفض ثيابها بذعر: أرجو ألا يكون أحدها قد تعلق بي..
ـ من الأفضل أن نتأكد.. اخلعي السترة فوراً.
أسرعت تنزع السترة التي تناولها يفحصها، ثم أعادها إليها:
أظنها آمنة، بإمكانك ارتاؤها مجدداً.
قالت متوترة: قد يكون عليك عنكبوت آخر.
ـ أشك في هذا.
مع ذلك، أصرت على فحص ثيابه، وعندما كانت تفحصه لا حظت أنه لم يزعج نفسه بالنظر إليها.. إنه ببساطة غير
مهتم بها كامرأة..انطلقا أخيراً، وكان حديثه كله عن العناكب السامة.
وجدت بيني صعوبة في اللحاق بخطواته الواسعة. وقال يعطيها المعلومات:" الكابيتو" هو العنكبوت السام الوحيد
في " نيوزيلند".
ـ أجل..أعرف..
ـ إنه نوع مرتبط بالأحمر الظهر الأسترالي و" بالأرملة السوداء" الأميركي.
ارتجفت:"أيجب أن نتحدث عنها؟"
ـ قيل لي إن لسعته تؤدي إلى عرق غزير و إلى صعوبة في التنفس، و غثيان و تشنج..


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 10-10-14, 01:29 PM   #13

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

صاحت به:" هلا صمت! ستجعلني أحلم بهذه الأشياء الشريرة".
تراجعت فجأة:" أنا آسفة..لقد نسيت أنك مصدوم بسبب اقتراب أحد هذه المخلوقات الرهيبة المرعبة منك".
ـ أنقذني تصرفك السريع من لسعته.. شكراً لك بيني..أنا شاكر لك.
أحست بتوهج رضى بالنفس لآزمها حتى عادا إلى النزل. لكنه توهج كان قصير العمر.. فعندما كانت تستحم و ترتدي فستاناً لونه بلون الفوشيا الناعمة، وجدت نفسها تعود إلى الكآبة.
ازدادت كآبتها بعد العشاء عندما يراقبان التلفاز الذي لم تكن تهتم به كثيراً.. وازداد سوءاً حينما بدأت أفكارها تتركز على سؤال ما كان يدور في رأسها.. ماذا عليها أن تفعل عندما يعود إلى " بليارز"؟ أيجب أن تعود إلى منزلها، أم تبقى لتنهي طباعة المخطوطة؟
ما كانت تتوق إلى فعله، كان أمراً واضحاً في رأسها .. فهي الآن بدأت تعرفه جيداً لذا بدأت تسبب لها فكرة تركه ألماً في أعمق أعماقها.
التفتت التفاتة خفيفة لتراقبه فوجدته مستريحاً في مقعد مريح.. وكان جانب وجهه الوسيم ضبابياً تحت نور المصباح الضيئل الذي يلقي أشعته على طيات الستائر المسدلة. بدت جاذبيته و كأنها تمتد لتغلفها في شباك شرك خفي.
التفتت ينظر إليها..ثم قال فجأة: أنت لا تنظرين إلى الفيلم.. أيضجرك؟
ـ إنه عنيف، و أنا أكره العنف. أبداً عادة بالتفكير في أشياء أخرى.
ارتفع حاجبه الأسود:" كالتخطيط للفرار إلى ويلغتون حال عودتنا؟"
كان على مقربة شديدة من الحقيقة، اضطرت إلى الاعتراف:أجل..كنت أفكر في هذا.
ـ إذن..فلننس الأمر.
في صوته رنة نهائية..فتسرعت تقول: ثم، هناك أمر آخر..
وصمتت نادمة لأنها تكلمت.
ـ تابعي..أمر آخر..مثل ماذا؟
ترددت، ثم قالت:" لا أستطيع إلاالشعور بأنني نحس على بعض الناس".
ضحك من أعمق أعماقه: أنت؟ نحس؟ هذا مضحك كيف؟ هل لي أن أسأل؟
ـ ألا ترى ماحدث لك عندما التقينا على الدرج؟
ـ إنه سوء حظ، زادته عاصفة بحرية.
هزت رأسها: انظر إلى يدك..ثم ما كنت لتتمشى على الشاطئ لولا وجودي معك.
ـ مخطئة..فأنا أسير دوماً على الشاطئ عندما أكون قرب شاطئ ما.. أحب السير على الرمل و أحب تنشق هواء البحر العليل. ثم، بإمكامك النظر إلى الأمر هكذا. لولا الجبيرة التي تحيط يدي للسعني العنكبوت السام فوراً .. أو ولولا قتلك إياه، لقتلني هو بعد لحظات.
ـ أحمد الله..لأنني رأيته في الوقت المناسب.
ـ هذا صحيح، لذلك توقفي عن الهراء. أنت لست نحساً على أي شخص كان.
وقف يطفئ التلفزيون، ثم عاد ليجلس إلى جانبها على الأريكة.. استراحت ذراعه اليسرى على الوسائد خلف ظهرها و شعرت بقربه منها ولكنها لم تظهر هذا عندما قالت: عندما أصبت بمرض السعال الديكي، جلبت أكثر من النحس على والديّ..
قاطعها بنفاد صبر:" يالهذا الوهم! الواضح أن والدك قاد بسرعة جنونية، على المرء أن يحترم قوانين السير. كيف وقع الحادث؟".
ـ لا أعرف إلا أنه وقع في مكان جبلي قرب" كارترتون".. تتساءل أمك عن مكان اشتراه لابنهم أناس تعرفهم. تقول إنها ستسأل.. أظنها قالت إن الإسم هو" كوردا".
نظر إليها بسرعة: "مزرعة جورج كوردا؟ هذا ممكن. كنت و جورج في المدرسة. لقد أدار والده المزرعة حتى أصبح قادراً على إدارتها.. وجورج هو أكثر العزاب شهرة.. أتحبين الالتقاءبه؟"
ـ أنا غيرمهتمة أبداً بالسيد كوردا..لكنني أعترف أنني أود رؤية المنزل..هذا إن كان هو المكان نفسه.
ـ سنعرف في وقت قريب..سأقوم بترتيبات زيارته في نهاية الأسبوع المقبل.. هذا إن لم تسرعي بالسفر إلى ويلنغتون.
جاء دورها لتضحك: وفي الوقت نفسه، أتابع طباعتي..أنت ماكر جداً تشارلز تايمر.. فأنت تمد لي جزرة تظن أنني لن أستطيع مقاومتها.
ـ في الواقع، أفكر فيك، وفي كوردا..سيكون الأمر غريباً..بيني كوردا.. ياللرنة الجميلة!
ـ من يتفوه الآن بالهراء؟ فلم ألتق الرجل بعد، ولا أعرف إن كان ذاك منزلي القديم.
ـ ولكن إن كان منزلك، فهذا نصف الطريق للواقع في سحر جورج المهلك.
كان يتحدث بهدوء و خفة، ولكن وجهه كان جاداً، فثار سخطها: لم أسمع قط بمثل هذه السخافات.. لايمكنني أن أقع في حب رجل هكذا.
ـ تحدث أمور أغرب من هذا.. ألم تسمعي بالحب من النظرة الأولى.
ـ سمعت به و لكنني غير واثقة بأنني مؤمنة به.
ـ قيل لي إن بعض الناس يعتقدونه الحب الوحيد. وقيل لي أيضاً إنه يضرب الإنسان كرصاصة من حيث لا يدري.
ابتسمت:" سوف أتلقى أية رصاصة أراها قادمة.. على أي حال، أنت تنسى دور جورج في المسألة"
التفت ينظر إليها بوقار:" انظري إليه فقط بهاتين العينين الزرقاوين، و سيشدك إلى ذراعيه..قد أكون غبياً في اقتراحي أن أقربك من ذلك المكان".
نظرت إليه بذهول:" آه!ولماذا؟".
ـ لأنني أرغب في الاحتفاظ بك لنفسي لفترة قصيرة.
حاولت تجاهل اعترافه بأنه يميل إليها.. فسألت بخفة: فترة قصيرة فقط؟ هكذا إذن .. هذا حتى تنهي كتابك.
ـ لاتكوني واثقة من هذا كثيراً..فعقلي قادر على الذهاب إلى ماوراء الطباعة..
كان صوته الرنان خفيضاً فاستطاعت الإحساس بأنفاسه على وجنتها.. جاهدت للبقاء هادئة، و تمكنت من القول: في الواقع لا أعرف.. لقد بدأت أتساءل عن هذا الواقع.. جئت تطرق بابنا عندما عرفت أنني أستطيع أن أطبع.. وأثبت أنك ستذهب إلى مدى ممكن لإقناعي.
نظر إليها بصمت عدة ثوان قبل أن يرفع يده إلى ذقنها و يديرها وجهها إليه.
ـ ألاتظنين أن في الأمر أكثر من هذا؟
جعلها السؤال تنظر إليه بتساؤل، هزت رأسها مبتسمة ابتسامة عدم تصديق.
ـ أشك في هذا.
ـ في هذه الحالة.. يجب أن أقنعك.
تابعت الابتسام:" حقاً؟
وكيف تقترح أن تفعل هذا؟"
حولت حركة مفاجئة الوسائد من خلف ظهرها إلى طرف الأريكة، وقبل أن تعرف ما ينويه، وجدت نفسها مستلقية على طول الأريكة، و رأسها على الوسائد.
قال لها بهدؤء:" استرخي فقط".
في اللحظة التالية وجدته قربها. تسللت ذراعه اليمنى المصابة إلى جسدها تأسرها إليه.
كان عناقه في البدء ناعماً مغوياً.. ثم ما لبث أن أصبح عميقاً يطالب بالتجاوب.. وجدت نفسها غير قادرة على مجادلة دعوته الملحة.. وبدأت تدريجياً ذراعاها تتسللان إلى عنقه و استسلمت لإحاسيسها.
ولكنها رغم عناقه الآسر الذي أصبح متوحشاً تقريباً ورغم الشوق المتذبذب بينهما، شعرت بالقلق الذي ازداد إلحاحاً، قالت لنفسها إنها حمقاء..فهي لا شيء بالنسبة له.. إنها ترضي فقط حاجته الجسدية..لو كان يحبك لا ختلف الأمر، لكن على الرغم من هذا الوضع الحميم، وهذا العناق الحارق، لم تبدر عنه كلمة حب واحدة. جعلتها هذه المعرفة تجذب نفسها بعيداً عنه، تقاوم لتحرر من بين ذراعيه. جلست تشهق.
ـ تشارلز.. علينا أن نتوقف..نحن..ننسى شينا.
ظل مستلقياً بلاحراك، ثم راح بصوت خفيض، وقال: أنت محظوظة لأن إحدى يدي لا تساعداني.. ولولا ذلك لدفعتك على ركبتي و لصفعتك على قفاك بسبب هذه الملاحظة. كيف لي أن أنسى شينا؟
تنهدت:" أنت على حق..كيف لأي منا أن ينسى شينا؟ إنها جميلة مفعمة بالنشاط.."
قال بصوت مدممدم:" لم يكن هذا ما عنيته بالضبط".
ـ عندما تكون مخطوبة لك تقريباً لايحق لك العبث معي هكذا.
ـ لماذا لا نتباحث هذا الأمر عندما تشاهدين خاتمي في أصبعها؟.. إنه غير موجود الآن، أتراها طريقتك لتعبري فيها عن كرهك لمعانقة رجل؟ كوني صادقة.
ترددت قبل أن تعترف:" تحتاج كل امرأة إلى أن تعرف أنها مرغوبة".
ضحك:" لا حاجة بك للقلق بهذا الخصوص".
شدتها ذراعه مجدداً، فوجدت نفسها تستجيب بحماسة لم تستطع كبحها..راح قلبها يخفق. لكنها فجأة خافت من مشاعرها التي بدأت تحملها إلى مرتفعات قد تختفي فيها كل مقاومتها.. عرفت أن عليها أن تمسك زمام نفسها.. فقالت بصوت خفيض: شينا تراقبك في الظلام.
توقف، ولكن ذراعيه ظلتا حتى قال: آه! وأمي واقفة قربها أيضاً.. ضحكت بيني:" أجل..أعتقد هذا"
ـ لاشك أنهما تتناقشان في" الدوطة" و المهر.. النصف الآخر من الأملاك.
ـ هذا صحيح.. ألا تحب أن يكون العقد ثلاثياً؟
انفجر بوحشية:" اللعنة! أنت بكل تأكيد تعرفين كيف ترمين جردل الماء البارد. لاشك أنه من تعليم الخالة جيلين؟".


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-14, 01:30 PM   #14

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

نظرت إليه تقول بصراحة:" حسن جداً..لقد أشارت إلى أن من غير الحكمة أن تسمح الفتاة لرجل بأن يستغلها".
برد صوته وهو يبتعد عنها: يستغلها؟ أهذا ما تعتقدينه؟
تحولت عيناها إلى التوسل:" تشارلز..تعرف جيداً أننا على شفير الهاوية لذا على أحد منا أن يتراجع.. وإلا.."
صمتت، غير قادرة على الاستمرار، فأضاف بصوت قاسً: و إلا جررتك إلى غرفة النوم لأعتدي عليك كما تخشى خالتاك.. ولكن الأمر لن يكون اعتداء لأنك ستكونين شريكاً راغباً فأنت تريدينني بمقدار ما أريدك. كوني صادقة، و اعترفي بهذا. نظرت إليه بدون أن تتفوه.
رد عليها تحديقها بتجهم. انتظر عدة لحظات رداً لم يأت. قال أخيراً: " أظننا بحاجة إلى فنجان، سأحضره، فيما تجلسين هنا لتتغلبي على صدمة اقتراب رجل منك".
لسعتها كلماته التي تدل أنه يعتبرها مغفلة حمقاء صغيرة.. فوقفت متوترة مع اندفاع ساخط: سأعد أنا القهوة.. ستواجهة المتاعب في فتح العلب.
ـ أنت على حق.. عندما نعود سأرى الطبيب لأتخلص من الجبيرة. أنا واثق أنها غير ضرورية، ولقد سئمت منها..أريد نزعها.
ـ لاتكن عجولاً.
توجهت إلى المطبخ لتعد القهوة وفيما كانت مشغولة بإعدادها عرفت أنه يجوب الغرفة نافد الصبر. وما إن وضعت القهوة الساخنة على طاولة صغيرة حتى حذرتها أساريره من أنه ما زال منزعجاً منها، ولم يتأخر في إثارة السبب..
قال بلهجة حادة كالسكين: أريد تفسيراً عن ملاحظتك السابقة.
أجفلها هجومه، وضاعت مؤقتاً، ولكنها سألت أية ملاحظة تعني؟
ـ إشارتك إلى أنني أنوي" استغلالك" لغاياتي.
لم تستطع النظر إليه: حسناً..ألم تكن تنوي؟
صاح بحدة:" أوضحي قولك".
ـ ولماذا تريد الكلام عن هذا؟
ـ لأن الملاحظة وترت أعصابي، وأريد معرفة ما تقصدين بها بالضبط.
ـ بكل تأكيد إنها أكثر من واضحة؟ كنت ..كنت، لطيفاً معي، إنما من أجل مصلحتك فقط..
ترددت، غير قادرة على أن تكمل، فتحول وجهه إلى قناع بارد: تابعي.
ـ تشارلز.. ألاتفهم مشاعري في هذا الموقف.. أم تراها لا تهمك أبداً؟..لا.. لاأظنها تهمك.
ـ مازالت أنتظر توضيح مشاعرك.
ارتشفت قهوتها ليتسنى لها الوقت للبحث عن الكلمات. عندما وضعت الكوب من يدها قالت: لقد أشرت إلى أنك تعتقدني حمقاء.. ولكنني لست غبية فلا أفهم أن مشاعرك نحوي لا تحمل أي عمق.. مع ذلك مستعداً لتمثيل رواية الحب، من أجل سبب واحد.
ـ وماهو ذلك السبب؟
صاحت بقسوة: لتنهي طباعة كتابك.
سحبت نفساً عميقاً، وشدت مكابح سيطرتها على نفسها، وتابعت تشرح له: باختصار.. كنت مستعداً لتمثيل الحب المزيف أمامي في" بليارز" بدل الإسراع في العودة إلى" ويلنغتون" اعترف بأنها الحقيقة.
ـ لن أعترف! على أي حال، يجب أن أعرف ما تنوين فعله.. إن كنت عازمة على الرحيل، فعلي أن أرتب الأمور مع طابع عمومي.
خرجت الكلمات منها بشكل لاإرادي:" أو مع شينا".
وضع كوبه من يده بحذر، ثم ارتد ينظر إليها: أتشعرين بالغيرة من شينا؟
حدقت إليه بعينين متسعتين من الدهشة و بوجه أحمر من الغضب.
ـ أنا؟ أغار من شينا؟ إنه أسخف قول أسمعه، ولماذا أغار منها؟
ـ حقاً..لماذا؟ ولكن المرء لا يستطيع أن يتوقف عن إبداء الغرابة بالنسبة لطريقة عمل عقل المرأة.
تمتمت هامسة و كأنما لنفسها:" أغار من شينا"!
ولكنه تجاهل همسها إذ قال: لم تجيبي عن سؤالي بالنسبة لنواياك.. هل أبحث عن طابع أو طابعة عمومية؟ أم أرتب أموري مع شينا.. كما اقترحت؟ أم أستطيع الاعتماد عليك لإكمال العمل؟ ربما أنت بحاجة للذهاب إلى النوم و التفكير ملياً في الأمر.
هزت رأسها:" لا، لقد اتخذت قراري. سأبقى".
ـ هذه هي فتاتي الطيبة. خشيت أن يكون حكمي عليك بعيداً عن الواقع.
ـ ماذا تعني؟
ـ كنت واثقاً أنني قادر على الاعتماد عليك.
تنهدت:" أعتقد أن بإمكانك الاعتماد عليّ..لكن خالتي ظنتا أيضاً أنهما قادرتان على الاعتماد عليّ".
ـ آه.. صحيح . ولكن في حالتهما، برز من الغيب شيء ليقلب الأمور..ألم تدركي أنه سيأتي يوم ينقلب فيه مسار حياتك؟
هزت رأسها:" أعرف ماتعني..تتغير أحياناً حياتك كلها ولكن ذلك لا يكون واضحاً أهو إلى الأسوأ أم الأحسن.
ـ يطلق بعضهم على ذلك اسم القدر يافتاتي الصغيرة.. كان يومك مرهقاً وقد حان موعد نومك.. عانقيني ثم تمني لي ليلة سعيدة، لتثبتي أنك نزلت من عليائك.
كانت لهجته أمراً. ولكن، بسبب توقها إلى عناقه افتقدت قوة الإرادة على الرفض. فكان أن وجدت نفسها ترفع ذراعيها نحوه.
شدتها ذراعه اليسرى إليه قليلاً، ثم أبعدها عنه وقال بحدة: اذهبي إلى الفراش. ولا تخافي، لاحاجة بك إلى إقفال بابك. فعندما أرغب في مغازلة امرأة أحب أن يكون ذلك عندما تكون يداي طليقتان.
حدقت إليه صامتة، ثم دخلت إلى غرفتها و آخر كلماته ترن في أذنيها..
" عندما أرغب في مغازلة.." هل يغازل شينا؟ سببت الفكرة لها ألماً غريباً.. فجأة جعلتها صورة المرأة الجميلة وهي مستلقية بين ذراعيه، وترغب في الصراخ.
لم يتلاشى هذا الإحباط وهي مستلقية في السرير. هل تشعر بالغيرة من شينا؟ لقد تجرأ وسأل: هل تغار؟ تقوقعت على نفسها تحت الأغطية فقد عرف أنها تغار..هاهو..تشارلز تايمر، رجل ذو أملاك، يريد أبناء له. وهاهي شينا، مستعدة و راغبة لإعطائه كل مايريد.
إذن لماذا لم يتزوجها منذ زمن بعيد؟ جاء الرد واضحاً: كان مشغولاً جداً،غارقاً في كتاباته..لقد أخذت الكتب وقته و أفكاره..ثم..شينا موجودة متى أصبح مستعداً لها.ولكن، يبدو أن هناك ثغرة ما في هذا التحليل.. فلو أراد حقاً الزواج بها لما وقف شيء في طريقه.. ولكانا زوجاً و زوجة..
ثم أخذت تطرح أسئلة على نفسها: لماذا تشعر بالغيرة منها؟ ولماذا صورة شينا بين ذراعي تشارلز تصدمها إلى هذا الحد؟
لا، بالتأكيد لم تقع في حبه؟ فهي لم تعرفه إلا منذ يومين.. ترى هل أصابها الحب من حيث لا تدري؟ لا.. السؤال كله سخيف.. ومشكلتها أن تفكيرها يطير إلى حيث يأخذه تعبها الزائد.. وكما قال، كان يومها شاقاً.
كما أنها مرهقة من الضغط العاطفي.. هناك كل هذا الضجيج بشأن سيارتها هذا الصباح، والبؤس الذي شعرت به لأنها عائدة إلى ويلنغتون، ثم صدمة مجيئها إلى أوتاكي.
تسللت ذكرى العنكبوت السام" الكايتو" إلى رأسها، فارتجفت. الحمد لله لأنها رأته في الوقت المناسب، ثم لامست بسمة شفتيها المكتنزتين وهي تذكر اهتمامه بها في أثناء فترة العشاء، حيث لم تترك عيناه وجهها.. قال لها يطريها: " أعتقد أنك تعرفين بأنك ملفتة للنظر بيني"..فيما بعد جاءت البهجة.. أجل، يجب أن تعترف بالبهجة عندما شعرت بذراعيه حولها..حتى ولو أن العناق كان بذراع واحدة.. لقد جعلها العناق في حالة شوق دفع أنفاسها إلى التسارع و كيانها إلى الثوره
--------------------------------------------------------------------------------
أهذا هو ماحدث لأمها؟ كانت الخالة دايان من سربت لها معلومات مفادها أن" ذلك الفتى" برز من الغيب، و أطاح بالمسكينة السخيفة مارلين عن قدميها في طرف يومين. عبست بيني و حدقت في الظلمة: يومين؟ هل يعيد التاريخ نفسه؟.. ظلت الأفكار تدور في رأسها وتدور حتى حرمتها من نعمة النوم.
في اليوم التالي، كانت رحلة العودة سريعة، ولكنهما توقفا للغداء في مقهى صغير قدم لهما السلطة . جلسا إلى المائدة و تشارلز ينظر إليها بانتقاد قائلاً ببرود: لديك ظلال تحت عينيك.
ـ أتقول لي بلطف إنني منتفخة العينين؟
ـ ليس بالضبط، ولكنك تبدين متعبة..ألم تنامي جيداً؟
ـ نمت في النهاية..ولكنني بقيت مستيقظة وقتاً طويلاً.
ـ لماذا؟ أندمت على القرار الذي اتخذته؟ أي البقاء؟
ـ لا..لم يكن الأمر هكذا..
وتلاشى صوتها.. فبان الإصرار في لهجته:" ما الأمر إذن؟"
صعب عليها أن تلتقي عيناها بعينيه..ولم تستطع غير النظر إلى الطعام في طبقها، وراحت تفتش عن رد.. أخيراً قالت: لن تكون أمك مسرورة أبداً عندما تراني عائدة معك.. أما شينا..
ـ التفكير فيهما هو ما يوترك؟
هزت رأسها بصمت، وحمدت الله لأنه وجد سبباً لما أرقها.
ـ لماذا لاتتركينهما لي..اجلسي إلى آلتك وانسي أمرهما.
حركت يدها كمن يدير مفتاح تحويل خيالي، وقالت ضاحكة: ويب..ويب..أنت فعلاً مستعبد.
قال متجهماً:" يقلقني ذلك الموعد النهائي البغيض..أفضل الكتابة براحتي لا التفكير في سيف مسلط على رأسي بسبب تأخري في التأليف".
جعلتها لهجته، والنظرة في عينيه تشعرها بالرضى.. وما إن تابع المسير حتى شعرت براحة كبرى. كانت ابتسامة صغيرة تتلاعب على شفتيها وهي تصغي إلى الموسيقى المتناهية من الراديو. بدا لها للحظات كل شيء مشرقاً في عالمها.
لم يخفف من وطأة العودة إلى " بليارز" رؤية كيري وشينا جالستين في كرسيين من الخيرزان، في قسم مظلل من الشرفة الأمامية..ما إن أوقف تشارلز الرينو قرب العتبات العريضة، حتى وقفت المرأتان على أقدامهما لتحدقا بصمت إلى بيني.
كانت كيري أول من تكلم:" لقد عدت؟"
رد تشارلز عنها:" نظرك ثاقب يا أمي".
قالت شينا بلهجة متحجرة تدل على أنها تبذل جهداً للسيطرة على غضبها: أتقصد أنك أخذتها إلى ويلنغتون، ثم عدت بها؟
قال بلطف:" بل أقنعتها بالعودة وهو الأصوب قولاً..لقد قررت أنني لن أتمكن من إنهاء كتابي في الوقت المحدد بدون مساعدتها".
ترجلت بيني من السيارة، ووقفت تنظر إلى المرأتين الواقفتين في أعلى الدرج. لم تشأ أن تعتقد المرأتان أنهما ذهبا إلى ويلنغتون ثم عادا، فقررت أن تكون صادقة: لقد ذهبنا إلى"أوتاكي".
همست كيري بصوت ضعيف:"أوتاكي؟".
ضحك تشارلز:" هذا صحيح..أظنني قلت لك إنني أفكر في زيارتها.. لقد تقاعد ماكروي العجوز و زوجته و انتقلا إلى منطقة دافئة بدل من الريف الجنوبي البارد. كان لقصصه عن كلاب الرعاة قيمة عظيمة بالفعل.
اغتنمت بيني الفرصة لتتهرب، مستغلة قوله حجة: أريد البدء بهذه التسجيلات، ما دامت تلك اللهجة الاسكتلندية عالقة في ذهني.
قال يوافقها الرأي :فكرة عظيمة . سأرافقك لأصغي إليها فيما تبدئين بالطباعة، ربما نتمكن معاً من تفسير ماهو صعب.
صمت قليلاً، ثم مرت عيناه فوقها بقلق طفيف: أواثقة أنك غير متعبة؟
وصل توتر شينا إلى حد الانفجار.. فتعالى صوتها بغضب وهي تحدث تشارلز: شخصياً.. أعتبر أن الوقت قد حان لنتخلى عن هذا التأليف الغبي، و لتستقر حتى تدير أملاكك، يجب ألا تترك كل شيء لموظفيك.
ظل هادئاً وهو يقول: أهذه حقيقة، شينا، يا صديقتي القديمة؟ حسناً. وأنا أعتبر أن الوقت قد آن لعدم التدخل في شؤوني الخاصة.
كانت سريعة في فهم غلطتها، والاعتذار: أنت على حق تشارلز.. طبعاً أنت على حق..هذا ليس شأناً من شؤوني و أنا آسفة..أعرف أن من تأليف الكتب مهم لك..أعرف أنها جرثومة أصابتك و نحن فخورون بما أنجزت.
تقبل غصن الزيتون الذي رفعته و قال بجفاء: شكراً لك على الكلمات اللطيفة شينا.. و بمناسبة الكلام عن الجراثيم..
و أخبرهما بحديث العنكبوت السام ثم أضاف: " لولا بيني لقتلني".
ما إن ران الصمت حتى حمل آلة التسجيل و اتجه إلى المكتب، تلحق به بيني كالطفل المطيع. كانت مدركة أن كيري تايمر، عابسة من القلق وأن شينا ترسل إليها سهام محرقة من عينيها الملتهبتين. ولكن تصرفهما أمر متوقع. وكان عليها أن تتعلم كيف تتجاوب مع هذا التصرف.. ولعل أسهل طريقة لتجاهله هو رسم ابتسامة على وجهها لحجب قلقها، وهذا ما فعلته عندما كان تشارلز يضع المسجلة قرب الآلة الكاتبة.
ما إن استقرت للمباشرة بالعمل حتى وجدت أن كلام ماكروي البطيء المتشدق، قد سهل عليها متابعة كلماته.. وفيما تطايرت أصابعها فوق المفاتيح أحست بالامتنان لأنها رغم تعليم الآخرين حافظت على مهارتها في الطباعة.
كانت تعلم أن تشارلز يراقبها وهو يصغي من مقعده..خلال فترة استراحة قصيرة التفتت إليه فوجدت عينيه مستقرتين عليها. كان في أعماقهما تعبير لايمكن تفسيره، ولم يكن سببه سراً لها.
قال:" أرى أنك فتاة ذات مستقبل باهر في حقل مهنتك.. ولا أظن الحياة في الريف تناسبك أبداً. الواقع أنني أعيد النظر في فكرة مرافقتك لتقابلي جورج كوردا".
ـ آه! لماذا؟
ـ سيكون من المؤسف أن يتورط المسكين عاطفياً بالفعل، ثم يراك تعودين إلى المدينة.
قالت تؤكد له:" لن يتورط أحد منا عاطفياً".
أضافت في نفسها: على الأقل أنا.. ثم شغلت آلة التسجيل فتناهى إليها صوته فوق صوت المسجلة: هل أنت منزعجة؟
أوقفت المسجلة مجدداً:" بالتأكيد لا، ولماذا أنزعج؟"
ـ أراك تضربين المفاتيح ضرباً..
يالله! هل هي شفافة إلى هذا الحد؟ فكرت بسرعة لتقول: ربما أنا محبطة قليلاً..كنت أتطلع شوقاً لمقابلة المالك الحالي لمنزل والدي.على ؟أي حال، إن كنت تفضل ألا تصحبني أذهب بمفردي.
وكان ملء لهجتها التحدي. نظر إليها بصمت مطولاً..ثم قال: لدي فكرة.. بإمكان أمي إعداد حفلة ما قبل الميلاد تدعو فيها آل كوردا.. أتدركين أن الميلاد بعد أربعة أسابيع؟
ـ وسيكون الميلاد الأول الذي أقضيه بعيداًعن خالتي.. كان عادة يمر هادئاً في مكان ما كنا نقضي فيه العطلة.
ـ في هذا العام ستختبرين ميلاداً عائلياً يتم في البيت. تحب أمي أن تستخدم كل الزينة، وتحب طهو ديك حبشي وحلوى الميلاد. أما شينا فتساعدها في تزيين شجرة الميلاد.. إنها تقاليد سنوية.
وهي تقاليد شينا أن تمررها ؟إلى أولادك. وقالت بصوت مرتفع: يبدو أن شينا تمضي أوقاتاً كثيرة هنا.. أتراني أتخيل هذا؟
ـ لا.. فعلاقة أمي و شينا وطيدة.
ـ ربما هذا غير مستغرب. إنهما متشابهتان في المنظر، فكلتاهما طويلةـ نحيلة، وسوداء الشعر..كأنهما أم وابنتها..أفهم آمال أمك..
قاطعها بلهجة متزمتة: فلنتابع العمل".
طرح اقتراح حفلة مسبقة للميلاد تلك الليلة وقت العشاء.. إذا قال تشارلز لأمه: ألا تظنين أن الوقت حان لندعو أسرة كوردا إلى فنجان شاي في منزلنا؟ أريد أن تلتقي بيني بجورج.
صاحت شينا، الحاضرة الذهن دائماً مستحسنة: فكرة رائعة.
التفتت إلى بيني ووجها مشرق بالحماس: سيعجبك جورج..إنه شخص رائع.. وسيم وغير متزوج..وماذا تطلب أية فتاة غير هذا؟ وضحكت بجذل.
عرفت بيني بالضبط ما قد تطلب أكثر من هذا.. لم تكن متحمسة جداً للقاء جورج كوردا، حتى ولو كان مالك منزل أبويها الحالي..فهذا يعني أن تشارلز لا يفكر فيها أبداً. وإلا لما تحمس لجمعهما..أليس كذلك؟
إنها حمقاء لأنها سمحت لمشاعرها و أفكارها في الجريان نحو تشارلز.. فكيف توقعت منه أن ينظر إليها ولديه شينا؟ لو قارنت نفسها بالجميلة السوداء الشعر لأحست بالشحوب و التفاهة. و كأنها حرير أبيض شاحب أمام حرير خمري ملتهب.
جلست تلك الأمسية تصغي للمناقشة الدائرة عما سيقدم في الحفلة وعن أسماء الضيوف الذين اقترحت شينا لائحة بهم ..ستكون بيني غريبة في غرفة مكتظة بالناس.. فهي لا تعرف إلا تشارلز وأمه، وشينا. ولكنها انتفضت عندما سمعت اسماً مألوفاً لها.. إذ قال تشارلز: من الأفضل دعوة كيرك دينغول العجوز.
وافقت كيري:" أجل.. بالتأكيد. إنه رجل عزيز يعتمد عليه".
ترددت بيني قليلاً ثم سألت:" أتقصدان السيد دينغول المحامي؟"
أظهرت شينا الاستغراب: أتحاولين التلميح إلى أنك تعرفينه؟
ترددت مرة أخرى:" لا أعرفه خير معرفة، لأنني التقيته مرة واحدة فقط، إنه محامي أبي إنه من اهتم بأملاك أهلي".
تسللت نظرة اضطراب إلى عينيها: يجب أن أعترف أنني أشعر بعقدة الذنب نحوه
..كان عليّ مقابلته منذ زمن بعيد..على الأقل لأشكره على.. على الاهتمام بشؤوني.
جلجلت ضحكة شينا بوضوح: حقاً؟ شؤونك؟ كم يبدو هذا مهماً.
سارعت بيني تؤكد لها: آه، ليست شؤوناً كبيرة.
قال تشارلز: لكنها بالتأكيد أفضل من لا شيء..
رفع حاجبه لها: كان كيرك العجوز في السنوات الماضية يستثمر لها ثمن الأملاك..هل أنا على حق؟
هزت رأسها:" أجل، ساعدني كثيراً".
اتسعت عينا شينا وهي تستوي في جلستها و تنظر إلى بيني، باحترام جديد.
ـ آه! فهمت..
كانت كمن تقول إنها عكس ما تصورت فليست بيني مفلسة مغامرة، هدفها الوحيد اصطياد تشارلز تايمر. أحست بيني بالتغيير..فارتفعت معنوياتها، وأصبحت فجأة تنتظر بفارغ صبر وقت الحفلة التي ستقابل فيها أسرة كوردا و السيد دينغويل أيضاً..
قطع صوت شينا عليها أفكارها: لم أر جورج منذ زمن و الواقع أني أتوق إلى رؤيته.. لقد رقصنا معاً كثيراً في آخر حفلة راقصة..إنه راقص" فالس".. رائع..
إنها تحاول دفع تشارلز إلى الغيرة.. أضافت: هل سنرقص في الحفلة؟ على الشرفة؟ أحب أن أرقص مجدداً مع جورج.
نظرت إلى تشارلز فقال لها: سنرقص إن لم يكن الطقس حاراً جداً .
ثم التفت إلى بيني ليسألها:" أتحبين الرقص؟"
ـ أجل..أجل.. أحبه كثيراً.
تساءلت هل سيراقصها؟ أم سيكون مشغولاً بضيوفه؟ عندما كانت تنظر إليه أشرقت عيناها اللتان كادتا تكشفان
عن أفكارها.تبودلت نظرة سريعة بين شينا و كيري، وكان أن قالت الأخيرة بلهجة رضى: واثقة أن جورج سيلازمك طوال الوقت، فهو راقص ماهر.
أضاف تشارلز: أجل..أخشى أن تكون هذه هي المسألة..أتوقع من جورج أن يطيح بك عن قدميك.
نظرت بيني إلى المائدة، مفكرة ببؤس: وأنت لن تهتم أبداً للأمر.


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-14, 01:36 PM   #15

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

5ـ يجب ألاتبكي
بعد ساعة من هذا وفيما هي مستلقية في الفراش غزا تفكيرها موضوع الحفلة، فاختلطت معها ذكرى يوم لقائها بالسيد دينغويل.. كانت في أواخر مراهقتها و كانت ترتعد خوفاً من خالتيها. لقد زارهن فجأة في منزلهن في" كاروري" و السبب هو التأكد بنفسه من إنها تحيا حياة سعيدة، والسبب الآخر بحث الأمور المالية، إنما هذا ما لم تفهمه إلا فيما بعد.
ولكنها لم تشاهد المحامي مدة طويلة في ذلك اليوم بالذات لأن خالتها جيلين طردتها من الغرفة معلنة أن لدى السيد دينغويل عمل يناقشه "معها"، وأن مناقشتهما شؤون بيني ، خارج الموضوع .. ولكنها مازالت تذكر غضب الخالة جيلين المزبد عندما رحل وعلى وجهه نظرة متجهمة.
تجرأت بيني فيما بعد على طرح سؤال ملؤه الوجل.
ـ هل انزعج السيد دينغويل من شيء ما؟
تجاهلت جيلين السؤال" لا.. كنا نناقش نفقات إقامتك عندما.. يبدو أن الرجال لا يعرفون الكثير عن كلفة إدارة منزل".
سألت بيني بدهشة:" نفقات إقامتي؟"
كانت المرة الأولى التي تعرف أنه تواجه مثل هذا العائق.. أخبرتها الخالة جيلين بنفاذ صبر: نعم نفقات يا طفلة.. لا يملك أحد سقفاً فوق رأسه بلا نفقات.. يجب تسديد الضرائب للمجلس البلدي، وتسديد فاتورة الكهرباء و فاتورة دراستك وحساب الهاتف الكهرباء و فاتورة دراستك و حساب الهاتف ورخصة التلفزيون، وكل ذلك الطعام الذي تحتاجه الفتاة لتنمو.. أنا أهتم بهذه الأمور كلها من الشيك الذي يرسله السيد دينغويل.
سألت الخالة دايان بقلق:" ماذا قال عن توفير الحليب للفتاة؟"
صاحت جيلين:" اصمتي دايان. الرجل غبي..بل هو كان متهوراً عندما أشار أن علينا المشاركة بالنفقات. قلت له إنه يحق لنا لما فعلناه من أجل بيني أن نستفيد مادياً..أليس هذا صحيحاً عزيزتي؟"
كان كل ما استطاعت فعله هو أن تهز رأسها وتقول:" أجل خالتي جيلين".
لكن زيارة السيد دينغويل غيرت أموراً كثيراً فعندما وصل الشيك التالي اكتشفتا أن قيمته تقل عن قيمة الشيك العادي بمقدار النصف أما النصف الآخر فأودعه في حساب بيني الخاص، شرحت الرسالة المرفقة أن ما فعله بناء وصية أبيها. فقد بلغت بيني السن الذي يمكنها على الأقل من امتلاك بعض المال الخاص بها.
تذكرت بيني كذلك شحوب وجه الخالة جيلين، تغلبت على غضبها و سارت الحياة على رتابتها ولكن بيني أصبحت منذ ذاك الحين قادرة على شراء ما تريد بدون الحاجة إلى طلب المال من الخالة جيلين.
في ذاك الحين تبدلت مشاعرها فقد أدركت أن وضعها المالي تسبب بالكثير من التغيير الحاد في نفسها..إنها ليست طفلة مشردة محرومة تعتمد على إحسان الخالة جيلين..وجدت تدريجياً الشجاعة لفرض شخصيتها وكان التحدي الأعظم يوم مجئ تشارلز.
في الصباح التالي قصدت المكتب للبدء بالعمل ولم يقاطعها أحد إلا سامنثا التي سألتها إن كانت بحاجة إلى شيء. هزت بيني رأسها نفياً، مع أنها كانت تستطيع القول لها: أجل هناك ما أحتاجه..إنه رؤية تشارلز الذي يتجنب المكتب.
لم تره في ذلك الأسبوع إلا فترات قصيرة وذلك في أثناء وجبات الطعام، أو بعيداً مع شينا التي اعتادت على التعلق بذراعه..وهذا ما جعلها تشعر بالإحباط، وحرك فيها شوقاً إلى أن تقضي معه بضع لحظات حميمة.
عندما حل يوم الجمعة، كانت قد أفرغت جميع الشرائط المسجلة ودخلت عليها سامنثا تحمل الشاي.
قالت لها بيني:" كيف تشعرين وأنت في هذا المنزل؟"
ـ أشعر بالأمان هنا فالسيد لطيف دوماً معي.. إنه يقدم لي دوماً هدية ميلاد جميلة.
انتفضت بيني .. هدايا الميلاد.. لم تفكر فيها قط..ولكنها تعرف الآن أن عليها إيجاد الهدايا لساكني هذا المنزل، ولشينا. ولكن ماذا قد تهدي تشارلز؟
قالت سامنثا: توضع الهدايا حول الشجرة الكبيرة في الأسفل.
أرسلت نظرة سريعة نحو الباب ثم أخفضت صوتها: ذهب تشارلز وشينا إلى" ماسترتون"..تقول أمي إنهما يتسوقان من أجل الميلاد، وتقول إن السيدة تايمر منفعلة من شدة الفرح. هوت معنويات بيني إلى الحضيض.
ـ آه! ولماذا الانفال بسبب تبضع بعض الأغراض للميلاد؟
ـ لأنها تأمل أن يشتري لشينا خاتم خطوبة..تقول أمي إنهما سيختارانه معاً.
غاص قلب بيني إلى الحضيض فراحت تخفي خيبتها بالعمل على ترتيب الأوراق. عندما عاد تشارلز من المدينة، كان بمفرده. لذا، لم يكن من الممكن رؤية الإثارة أو انعدامها في عيني شينا.
قالت له:" لقد أنهيت الشرائط".
أخذت تبحث في وجهه عن دليل ينبئ عن خطوبته، ولكنها لم تر إلا نظرة رضى ألقاها عليها عندما رأى الأوراق المطبوعة.
ـ فتاة طيبة، سأبدأ بتحريرها هذا المساء.
ارتد ثم انتزعها عن غير توقع عن كرسيها ليلصقها به. عانقها ثم تركها، وخرج من الغرفة. وقفت بلا حراك، تشعر بعناقه القصير. ماهذا بتصرف رجل خطب لتوه امرأة. فجأة شعرت بأنها أكثر سعادة.
فيما بعد، لاحظت بيني أن تشارلز لم ينضم إليهما لاحتساء الشاي.. تقدمت إلى العربة الصغيرة لتصب فنجانين أحدهما إلى كيري التي قالت: إن تشارلز في المكتب يراجع العمل الذي قمت به. أنا دهشة لأن شينا لم ترافقه إلى المنزل.. كانا يتسوقان اليوم..
أظهرت بيني الاهتمام المهذب.
ـ التسوق من أجل الميلاد على ما أعتقد؟
ـ أجل.. وكنت أتوقع..
وصمتت.
سألت بيني بلهجة حذرة:" توقعت..؟"
سألت كيري:" ترى أتشاجرا فجأة؟ كنت مع تشارلز في المكتب..كيف بدا لك؟"
تذكرت عناقه، فأطرقت تنظر إلى فنجانها بحذرة: أعرفه منذ مدة قصيرة لا تخولني فهم مزاجه. لا تنسي أنني لم أقابله إلا منذ أسبوع".
ردت كيري وهي تنظر إلى بيني بشيء من الريبة.
ـ إنه وقت كاف ليصبح بعض الناس مقربين جداً.
أجبرت بيني نفسها على الابتسام: أؤكد لك أنني و تشارلز لم نتقارب كثيراً في هذا الأسبوع.. فلم أكد أراه منذ عودتنا من " أوتاكي" و بإمكاني الافتراض أنه كان يقضي أوقاته مع شينا.
ردت كيري:" لا، لم يحدث شيء من هذا.. كان دائماً في المزرعة..إنه يقضي وقتاً محدداً هناك. ألا تعرفين ذلك؟"
ـ لا..لا أعرف سيدة تايمر..
اتخذ صوت كيري نبرة كئيبة: مسكينة شينا. لقد أمضت الساعات بانتظاره، لأنها تحب أن تراه كل يوم. آه!أرجو ألا يكونا قد تشاجرا.
عبست وهي تنظر إلى بيني التي سألت بحذر: وعلام يتشاجران؟ ثم ندمت على السؤال إذ أعلنت كيري وفي صوتها الاتهام: قد يتشاجران بسببك طبعاً..على أي حال، قال إنه سيعيدك إلى ويلنغتون.. لكن هل فعل هذا؟ لا.. بل صحبك إلى نزل في " أوتاكي".. ألا يكفي هذا التصرف لإغضاب فتاة تتوقع من ذاك الرجل أن يتزوجها؟
تنهدت بيني؟، ثم قررت التحدث بصراحة.
ـ سيدة تايمر..أنت تعرفين كونك والدة تشارلز أنه سيفعل بالضبط ما يرغب فيه هو. إنه رجل قوي الشكيمة، ذكي. لن أنسى أبداً كيف وصل إلى منزلنا وكيف طالبني بمرافته إلى" بليارز" لمساعدته..ولم يكن ذلك طلباً.. بل أمراً.
اعترفت الأم بمحبة:" طالما كان عنيداً في صغره..كان يصر حتى يحصل على ما يريد.. ولم تغيره السنين".
ابتسمت بيني:" ألا يوحي لك هذا بشيء؟"
نظرت إليها بحدة:" ماذا تحاولين قوله".
ـ حسناً، لو أراد أن تكون شينا زوجته، أو لو كان يحبها حقاً، لتزوجها منذ زمن طويل.
نظرت إليها كيري ببرود:"أتشيرين إلى أنني كنت أعيش في عالم من الخيال الأحمق؟"
لم تفارق الابتسامة وجه بيني وإن كانت تفرضها على نفسها فرضاً، فلم يكن لديها النية في مجادلة كيري تايمر..
قالت بهدؤء: " إنها كلماتك سيدة تايمر، لا كلماتي.. على أي حال من الممكن.."
قاطعتها المرأة ببرود:" ألديك المزيد من التعليقات بشأن خصوصيات هذا المنزل؟"
ارتشفت بيني قهوتها، ثم قالت: لا..وضعي لا يسمح لي بهذا.
أرادت أن تقول لها إن تشارلز لو تزوج شينا لما بقيت كيري هنا بل لانتقلت إلى ماسترتون، فالفتاة تطمع أن تكون هي وحدها سيدة بليازر. لذا لن توافق على أن تحل في المرتبة الثانية. ولكن السيدة تايمر لا تدرك ذلك حتى الآن. نظرت إليها كيري عن كثب، تسأل: ماذا يدور في رأسك هذا؟ أرجوا أن تفهمي أنني لست مغلقة التفكير بحيث لا أقبل الاستماع إلى آراء الآخرين.
هزت بيني رأسها وهي تشعر بأن من الحكمة أن تغير دفة الموضوع: هل أصب لك فنجاناً آخر؟
بعدما ملأت الفنجان قدمته لها ثم قالت: مازالت القهوة ساخنة..أتظنين أنه يجب أن أحمل القهوة لتشارلز؟ تنهدت كيري:" أجل.. لاشك أنه غارق بعمل بحيث نسي أمر القهوة..أتمنى لو أعرف لماذا لم ترافقه شينا هذا المساء".
حملت بيني القهوة و سارت ببطء تجنباً لانسكابها على الصحن. لم تصدر قدماها وقعاً فوق السجادة السميكة.. وما إن اقتربت من باب المكتب حتى وقفت جامدة وراعها ما نراه..كان تشارلز جالساً على المنضدة يكتب بسرعة..في تلك اللحظة أدركت أنه" أيسر".
دخلت إلى الغرفة ووضعت القهوة قربه: أرى أنك قادر على الكتابة..لم أكن أعرف أنك أيسر".
وقف يواجهها:" حسناً! لم نأت على ذكر هذا الموضوع..صحيح؟"
فضحت نبرة صوتها شعورها بالظلم: لماذا لم تخبرني؟
ـ بل لماذا أخبرك؟ و ما الفرق إن كنت أيسر أم أيمن؟
ـ الفرق أنني أحس بأنني مخدوعة.
ـ أترين أنني أخفيت شيئاً عنك؟ أرجو أن تتذكري أنني وإن استطعت الكتابة لن أستطيع الطباعة.. وهذا هو العمل الأساسي الذي يجب أن يتم.. على أي حال من الجيد أن يكون للمرء ذراع يسرى قوية.
امتدت ذراعه اليسرى لتحيط بخصرها، ولتجذبها إليه، معانقاً عناقاً شديداً أرسل الدم حاراً في عروقها. تاقت للبقاء مستندة إليه، و للشعور بضغط ذراعه حولها.. ولكن لأي هدف؟ إنها مجرد مداعبات اصطناعية ستحطم قلبها إن أخذتها على محمل الجد..
ثم تصاعدت صورة كيري تايمر أمامها فأرعبتها: تشارلز..قد ترانا أمك.
قال بلا مبالاة:" وإن يكن؟"
ـ تعرف ما قد نواجه إن رأتنا. هي محبطة بمافيه الكفاية اليوم، فإن رأتني معك في عناق لوجدت العذر المناسب لرميي من منزلها.
ضحك أتقولين إنها سترمي " سكرتيرتي" من " منزلي"؟ لاشك أنك تمزحين.
ـ أنا واثقة أنها ستحاول جاهدة. تشارلز، أنا جادة. إنها تظن.. حسناً..لا أستطيع إخبارك بما تظن.
وصمتت إحراجاً.. فقال ساخراً: أترينني أبله كبيراً..أعرف ما تظنه..ولكن ماذا عن إحباطها؟
ارتدت عنه مبتعدة حتى وقفت أمام النافذة.
قال:" هيا.. إن كنت تعرفين أنها محبطة، فلاشك تعرفين سببه؟"
عرفت أنه يتوقع رداً من نوعاً ما، فقالت مترددة: أظنها توقعت منك ومن شينا قيامكما بزيارة محل الجواهري اليوم. التقى حاجباه: صحيح؟ حسناً..زرت اليوم أهم جواهري في ماسترتون.
جاء الاعتراف تقريباً، على مضض. التفتت تواجهه و عيناها مغشيتان بألم مفاجئ: أفعلت؟ وعدت إلى البيت بعدما عقدت الخطوبة على شينا؟
هز رأسه:" بالتأكيد لا.. أهذا ما توقعته أمي؟"
ـ أجل..ولأن شينا لم ترافقك تشعر هي الآن بالخوف من أن تكونا على خصام.
ضحك:" أعترف أن شينا غير راضية عني الآن".
نظرت إليه مترقبة:" آه؟ لماذا؟ هل تشاجرتما؟"
لكنه لم يجب، بل استدار إلى الأوراق المطبوعة.
ـ لقد بدأت بتنظيم هذه الأوراق وجمعها في أقسام.. من الجيد أن يكون للمرء هذا الكم من النوادر الموثوق بها عن كلاب مساعدة العميان..
أدركت بيني أنه يتعمد الابتعاد عن موضوع شينا، لذلك أذعنت قائلة: لقد أحببت قصة الكلب لاكي، وقصة الكلب الإسبانيولي الصغير المهووس بالسرقة، الذي كان يسرق كل ما يستطيع حمله إلى و جاره.
تباحثا بعد ذلك طريقة العمل في الأسبوع المقبل، ثم نسيا موضوع شينا..
مضت الأيام التالية بشكل رتيب هادئ كانا فيها يعملان جنباً إلى جنب في المكتب .. سألته مرة: لاأستطيع إلا التساؤل لماذا طبعت الفصول قبل جمع كل المواد.
ـ لأننا لا نعرف متى تكون المواد الثمينة مجموعة، ولا نستطيع الانتظار إلى الأبد، لذلك نباشر العمل بما لدينا.
فكرت في المواد التي استخرجتها مؤخراً من التسجيلات..لكن لم يكن لما لم تفهمه علاقة بالكتب بل بشينا التي أصبحت بارزة في غيابها..ولما مرت عدة أيام ولا دليل على وجودها، أصبحت بيني أكثر حيرة.
صباح الجمعة، لم تعد قادرة على مقاومة التعليق بشأن هذا الواقع أمام تشارلز: أتلاحظ أن شينا لم تحضر إلى هنا من منذ أيام؟
هز كتفيه" ألم تأت؟ لم ألحظ هذا. ستأتي..فهي تفعل ذلك دوماً".
أقفل الموضوع بمتابعة الكتاب بسرعة..فقالت بيني متوترة عوضاً عن شينا: أنت متأكد منها بكل تأكيد.
تجاهل ملاحظتها.
بعد وقت قصير، وصلت قهوة الصباح التي تجلبها سامنثا عادة، ولكن كيري هي من جلبتها هذه المرة. كانت ترتدي بذلة حريرية أنيقة.
قالت:" أنا ذاهبة اليوم إلى ماسترتون لأتسوق من أجل الميلاد. سألتقي شينا للغداء.. فربما تشرح لي سبب ابتعادها عنا جميعاً هذا الأسبوع".
رد بلا اكتراث :" ربما".
أرسلت عينا كيري نظرة اتهام إلى بيني، ثم استقرتا على تشارلز: أخبرني تشارلز..هل تشاجرت مع شينا؟
ضحك:" بعض الناس قد يسمون هذا مشاحنة أحبة أمي ، وقد يقول آخرون إنه صدام إرادات".
نظرت إليه للحظات عديدة بصمت، ممزقة بين الانحياز إلى ابنها الوحيد وبين الإشفاق على شينا.
ـ فهمت .. يالفتاة المسكينة..لاشك أنها متكدرة.. أود لو أعرف السبب.
ـ ليس عليك إلا استخراج السبب منها.. ولن يكون ذلك صعباً.
لكنها أصرت :" لا أذكر أنها ابتعدت مثل هذه المدة".
ـ يا إلهي أمي.. الواقع أنها تعيش هنا.
حاولت بيني التدخل بكلمة مرحة: واثقة أنها عائدة قريباً سيدة تايمر، خاصة وأنت ستتناولين الغداء معها..على أي حال لم تغب غير خمسة أيام.
حدقت كيري إليها: خمسة أيام؟ كان على تشارلز و شينا أن يتزوجا منذ خمس سنوات.
تنهد تشارلز تنهيدة عميقة دليلاً على نفاد صبره ثم نهض ليمسك بذراع أمه و يقودها إلى الخارج: أرجوك اهدئي أمي..عزيزتي. ستتعبين نفسك فبل أن تخرجي. تعرفين أن أمامك يوماً شاقاً تتسوقين فيه..و الآن، هل تحملين دفتر الشيكات وكل بطاقات الاعتماد؟
ـ أرجوك.. لا تعاملني و كأنني امرأة خرقاء.
وخرجت من الغرفة. بعد لحظات، سمعا التويوتا الحمراء تهدر وهي تمر بباب الشرفة. انتظرت بيني أن يقول تشارلز شيئاً عن سبب توتر أمه، ولكنه لم يعلق.. كان تطاير قلمه على الورق دليلاً على أنه ينوي إغراق نفسه بالعمل بنشاط متطرف. تذكرت بيني بحزن أن الأيام الماضية لم تحمل علاقة حميمة بينهما كذلك.. فهل لهذا علاقة بشينا؟ أيشعر بالأسى بصمت عليها، ولذلك.. يغرق نفسه بالعمل.
مر اليوم بسرعة تخلله غداء وفيما كانا متوجهين لاحتساء القهوة توقف لينظر إليها: أجزم أنك ترينني مستبداً.
ردت عليه نظرته بثبات: ظننت أن أهم هدف لديك هو إنهاء العمل.
رفع لها ذقنها لينظر إلى وجهها.. تصورت في لحظة هذيان أنه يوشك أن يعانقها مجدداً. لكنه لم يفعل، بل قال:
عندما يحين الوقت ستسرعين إلى سيارتك و تسابقين الريح لتقفلي راجعة إلى ويلنغتون ولاشك أنك ستطلقين الزمور ابتهاجاً، طوال الطريق..
ردت بدون أن تعي الاكتئاب في صوتها: هذا ما تظنه..
كيف أن تقول له إنها تكره مجرد التفكير في الرحيل عن بليارز.. وإنها تتحمل عداء أمه من أجل البقاء قربه؟ كان الوقت متأخراً بعد الظهر، عندما مرت التويوتا الحمراء، تتبعها مباشرة سيارة شينا الميني الصفراء.. وفيما كانت السيارتان تتجهان إلى فناء المنزل ضحك تشارلز، لكنه لم يقل شيئاً. رنت إليه بطرف عينيها فعرفت أنه يقول في سره: هذا ما أظننته!
دخلت كيري بعد دقائق و مزاجها أكثر إشراقاً مماكان قبل مغادرة المنزل.
قالت بمرح:" احزر من هنا؟"
رد بلهجة ساخرة:" يستحيل علي أن أحزر".
ـ أقنعت شينا بأن تأتي معي للعشاء.. وهذا ليس كل شيء.. لقد قررنا ترتيبات للغد.
نظر إلى أمه بحدة: وهل فعلتما؟ هل لي أن أسأل أي نوع من الترتيبات؟
ردت أمه، وكأنها عازمة على إبقاء الشك في نفسه: سنناقش هذا بعدما تصب لنا الشاي.
ابتسمت لبيني بإشراق، ثم إلى تشارلز، و غادرت الغرفة. امتلأت نفس بيني بالفضول و أنبأها حدسها بأن لمزاج كيري تايمر المرح، علاقة بها..عندما راقبت تشارلز وهو يتابع الكتابة أدركت أنه غير مستعجل لترك المكتب.. وغير ملهوف لمعرفة طبيعة الترتيبات التي ذكرتها أمه.. على أي حال، جاء الوقت الذي رمى فيه قلمه، ووقف ليتمطى قبل أن يتوجه بكسل نحو غرفة الجلوس.


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-14, 01:41 PM   #16

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

كانت شينا هناك، أنيقة كالعادة، وكانت بيني أكثر من مستغربة عندما أظهرت لها تلك الفتاة الود. لاحظت كذلك أنها عاملت تشارلز ببرودة ولكنه تجاهلها وهو يقدم فناجين الشاي.
أخيراً قال: " حسناً يا أمي .. ما سبب هذا الانفعال الذي يكاد يثب وثباً منك؟"
مرت نظرة بين شينا و كيري، و قالت الأخيرة: سنصحب بيني في نزهة غداً.
ـ آه! وهل أنت واثقة أنها قد ترغب في مرافقتكما؟
كان صوته كحد السكين.
رن صوت شينا بالثقة بالنفس: ستأتي على أي حال.. سنصحبها لتشاهد منزل أبويها القديم.
انتفضت بيني، وجلست مستقيمة الظهر، عيناها الزوقاوان متستعان من فرط الدهشة ولكنها لا ترغب في زيارة منزلها القديم بصحبة هاتين المرأتين.. كانت تتوق الذهاب إلى هناك بمفردها لتستطيع السير في أرجاء المكان علها تتذكر.. لكن هذا على ما يبدو أمر صعب، لأن المالك الحالي هناك.
رن صوت شينا بالرضى و قالت لتشارلز: كان سهلاًإجراء الترتيبات.. وكأنما كل شيء كان مهيئاً.. كنا جالستين نتغدى عندما وصل جورج كوردا، فجالسنا. كنت قد نسيت مدى وسامته. لقد نضج و أصبح رجلاً، رجلاً بحيث يستطيع أن يجذب إليه أية فتاة أرادها.
نظرت بيني إلى شينا بصمت.. كان بإمكانها القول إن قلبها خفق و انتهى أمره، وإن كل الأشياء بالنسبة لها لن تعود إلى ما كانت عليه.
أضافت شينا وهي تصيح بقوة: لاأفهم لماذا لم يتزوج.. فأنا أجده فاتناً!
ابتسمت كيري و نظرت إلى بيني وهي تقول: ربما ينتظر الفتاة المناسبة.. سنذهب إلى هناك غداً بعد الغداء.
رد تشارلز ساخراً: هذا ما تظنينه أنت..لدي أنا و بيني عمل نقوم به و نحن غارقان فيه حتى آذاننا.
قالت أمه:" لكن الغد يوم سبت. لقد دفعتها إلى العمل طوال الأسبوع.. وهي بحاجة إلى الراحة".
تدخلت شينا:" أنا متشوقة لرؤية منزل جورج..سمعت أنه يهتم بالتحف الأثرية. أما جورج نفسه فأؤكد لك أنه أشبه بنجم سينمائي.. نظراً لوسامته الفائقة".
أرادت بيني أن تضحك..فهي ترى بوضوح ما ترمي شينا إليه. فكل هذا الكلام المعسول حول جورج كوردا يهدف إلى دفع تشارلز إلى الغيرة.. لكن هل تنجح ؟ أخبرتها نظرة سريعة نحو تشارلز أنه لا يشعر بالتسلية فقد انعقد حاجباه الأسودان في عبوس، و قست ملامحه.. أجل.. الواضح أن كلمات شينا بدأت تؤثر فيه. غاص قلب بيني فهي تشك أنه تأثر باهتمام شينا غير المتوقع بجورج.
أما هي نفسها فتجد صعوبة في التصديق بأنها سترى منزلها القديم غداً. عندما انتهى العشاء تسللت هاربة إلى الحديقة وراحت تسير على طول الممر ولكن رائحة الورود جذبتها نحو مقدمة المنزل.. ربما ذكرى عناق تشارلز لها تحت القنطرة المغطاة بالورد هي ما قادها في ذلك الاتجاه.. ولكن عندما سمعت فجأة أصواتاً تسمرت في مكانها.
سمعت ضحكة شينا تتبعها رنة صوت تشارلز. علمت أنهما في الحديقة قرب القنطرة. فهل يضمها إليه هناك؟ أحست بيني بأنها لن تتحمل رؤيتهما. لذا ارتدت على عقبيها لتسرع في العودة إلى المنزل.. الواضح أن خلافهما اختفى الآن .. وفيما كانت ترتقي الدرج شعرت بأن الغيرة تفترسها.


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-14, 01:42 PM   #17

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

في الصباح التالي، تابعت العمل في المكتب كالعادة مع أنها ما تزال في قبضة إثارة جعلت التواصل بينهما صعباً.. أخذت تسترق النظر إلى تشارلز، ولكنها لم تستطع أن تعرف من ملامحه إن كان قد توصل إلى تفاهم ما مع شينا ليلة أمس. كان غارقاً في كتابة المواد لتطبعها. سمعا سيارة شينا تمر بباب الشرفة ولكنه لم يرفع رأسه، وما أطلق تعليقاً..في تلك اللحظة تساءلت عما إذا كان منزعجاً من ذهابها اليوم و شينا.. هل يرى أنها تتخلى عن عملها؟
فيما كانت تراقبه سراً توسل إليه قلبها:" أرجوك تشارلز، لا تنزعج مني.." ثم، أضافت مدافعة عن نفسها" فلو انزعجت لشعرت بالأسف لأنني ذاهبة معهما في أية حال".
جعلتها الفكرة تترك المكتب و تركض بخفة إلى غرفتها لتستبدل الجينز و القميص بفستان مشمشي، و بسترة خفيفة مماثلة..ما إن عادت حتى نظر إليها بدون أن يتفوه بكلمة. لم تعرف بمخططاته إلا وهما على مائدة الغداء.
قال لأمه:" قررت مرافقتكن".
ابتسمت كيري:" سيكون هذا رائعاً عزيزي، أنا واثقة أن جورج سيسر برؤيتك إذ لم تره منذ سنوات".
نظرت إليه شينا مباشرة: لا حاجة بك للذهاب إن كنت تفضل البقاء مع كتابك المتعلق بالكلاب..أنا قادرة على اصطحاب كيري و بيني لزيارة جورج.
قال: سنذهب بالرينو..أنا واثق أن بيني لم تنسى أنني و عدتها باصطحابها لترى المكان.. و أظنني قلت إنني سأفعل هذا السبت.
نظرت إليه أمه مؤنبة:" إنها المرة الأولى التي أسمع هذا".
ـ لم يتح لي الوقت للاتصال بجورج.
أحست بيني بأن أن تظهر تفهمها لوضعه.
ـ كان عقلك غارقاً في التأليف.
نظرت إليها عيناه البنيتان بثبات:" لكنك تذكرين أنني وعدتك".
ـ طبعاً..وكنت أعرف أنك ستفي بوعدك عاجلاً ـأم آجلا.
كان ملء الابتسامة التي أرسلتها إليه الثقة به.. و كانت سعيدة بقراره هذا.. ارتفعت معنوياتها و شعرت و الهدوء فو مضت عيناها. تجاوزت الساعة الثانية عندما انطلقوا.. جلست كيري تايمر في المقعد الأمامي قرب تشارلز، و جلست شينا و بيني في المقعد الخلفي. كانت الطريق مستوية في الأميال الأولى التي تفضي إلى" كارترتون" لكن ما إن تركوا الطريق الرئيسية باتجاه الغرب حتى نسللت الطريق بين تلال منخفضة أخذت ترتفع وهم يقتربون من سفح الجبل.
شعرت بيني بأن ما تراه من جمال غير حقيقي..لكن لولا موت والديها. لكان هذا العالم هو موطنها الأصلي.. شعرت فجأة بأنها ليست المرة الأولى التي تمر فيها بهذه الطريق.
التقطت عينا تشارلز عينيها في المرآة الأمامية و كأنما قرأ أفكارها إذ قال بصوت ملؤه اللطف: أتساءل عما إن كنت تذكرين شيئاً؟
هزت رأسها: أشك في هذا مع أنني أتخيل أرجوحة تتدلى من غصن شجرة كبيرة قرب البوابة.
سألت شينا:" ألا تذكرين المنزل؟"
ـ لا، في أية حال، كنت في الثالثة من عمري.
قال تشارلز:" افتحي عينيك.. سترين المنزل بعد المنعطف القادم.. هناك إلى اليسار.."
مالت إلى الأمام، تبحث بين الأشجار على سفح التل البعيد، فلمحت بيتها القديم.استرعى انتباهها سقف أحمر و جذوع أشجار بيضاء..عندئذ عرفت أن عليها أن تمسك زمام مشاعرها.. يجب ألا تبدو حمقاء فتبكي. كان أول اختبار لسيطرة بيني على نفسها، أقرب مماتصورت.. ففي اللحظات التالية، أوقف تشارلز السيارة و أشار إلى أحد الأعمدة التي تحيط بالمدخل.
سألها:" أترين ما يسمون المكان؟"
نظرت بذهول إلى الأسم المحفور في الاسمنت..
قالت هامسة:" كريستمان؟ إنه.. نصب تذكاري تقريباً".
التفتت إليها كيري تنظر بلطف: كان والدا جورج صديقين لوالديك.. أتشعرين بأنك عدت إلى منزلك؟
هزت بيني رأسها و الفصة في حلقها تكاد تخنقها: لا.. ليس حقاً.
قالت شينا:" إن جورج رائع لأنه لم يمح الاسم.. كان بإمكانه تغييره و اختيار اسم آخر، إنه شخص مميز".
نظرت إليها بيني باستغراب. هل هذا جزء من حملتها لدفع تشارلز إلى الغيرة؟ ترى ألا تبالغ فيما تفعل قليلاً؟ نظرت إلى تشارلز لترى مدى تأثير كلام شينا فيه، لكنه لم يظهر دليلاً على أنه سمع شيئاً.
التفتت الطريق الداخلية صعوداً إلى تل قبل أن تفضي إلى المنزل.. ما إن اتضحت صورة المنزل حتى دهشت بيني بالمبنى و قالت معلقة، تبدي أولى انطباعاتها.
ـ فيه لمحة استقرار.. أحب هذه النوافذ الناتئة إلى الخارج.
ـ إنها نوافذ تقليدية للمنازل المبنية في الجزء الأول من هذا القرن..
صلحت شينا تقاطع تشارلز: كم أحببته! إنه نموذج لحقبة معينة!
في صوتها حماسة غير متوقعة.. فالتفتت كيري ترسل إليها نظرة استغراب، و قالت بحدة:" من يسمعك يظنك تفضيلنه على بليارز"
ارتفعت حمرة طفيفة إلى وجنتية شينا: آه، لا.. بالتأكيد لا أقصد لو كانت بيني محظوظة فعاشت فيه مرة أخرى لتوجب عليها ملء المكان بالأنتيكات.
سألها تشارلز:" ألم تقولي إن جورج مهتم بها؟".
ردت بحذر:" لقد سمعت هذا.. فأنا لاأعرفه جيداً"
قالت بيني بحرارة: وأنا لم ألتق به حتى الآن ..و لكنني أشعر بأنكما تحاولان تزويجي بهذا الرجل.. و جل ما أرجوه ألا تخطر بباله الفكرة نفسها.
توقفت السيارة أمام العتبات الأمامية العريضة حيث قام رجل طويل نحيف باستقبالهم، تتبعه امرأة متوسطة الطول في شعرها الذهبي خصلات رمادية. الواضح أنها والدة جورج.
صدقت شينا فجورج كوردا في غاية الوسامة فعلاً. له شعر أشقر بيضته الشمس، وعينان رماديتان باهتمام عندما نظر إلى بيني..لكن لطفه هو ما بدد الارتباك الذي يقع في اللقاءات الأولى عادة.
أخذ يدها و قال:" رائع.. إذن ، أنت الفتاة الصغيرة السمينة ذات الثلاث سنوات، كم كبرت".
سألت بصوت خجول:" هل كنا نعرف بعضناً؟".
ـ بالتأكيد، أنت لا تذكرين لأنك كنت في الثالثة أما أنا فكنت في العاشرة من عمري، ولم أكن وقتذاك أعرف عن النساء شيئاً، كان علي تجنبهن مهما كلف الأمر..حتى وإن كن صغيرات بريئات.
اهتمت لوسي كوردا كذلك بمظهر بيني.. ونظرت إليها فضولاً تبحث في وجهها حتى قالت: عزيزتي.. وكأن مارلين عادت إلى الحياة ولكن عينيك كعيني والدك وهما عينان لا يسهل نسيانهما نظراً لجمالهما.
ترقرت عيناها بالدمع فمسحتهما بيدها.
قال جورج بسرعة:" حالما عرفت أمي قادمة جاءت بلمح بصر".
قالت لوسي:" بالتأكيد، فأنا لم أر كيري منذ زمن طويل، وما التقيت شينا قبل اليوم. مع أنني سمعت جورج يتحدث عنها".
صحبتهم من الردهة إلى صالون كبير فيه مقاعد و آرائك يرجع طرازها إلى عهد قديم.. وقفت بيني حولها محاولة التذكر.. لكن ذاكرتها كانت مغلقة..ثم وعت أن الآخرين ينظرون إليها نظرات فضولية، فشعرت بأنها تبدو كفتاة حمقاء يجب ملاطفتها.
كان في صوت لوسي كوردا تفهماً عندما قالت: تتوقين إلى التجول في أرجاء المنزل.. رافقيني و سيكون لك ما تريدن، و أعتقد أن الجميع سيعذروني.
تأبطت ذراع بيني و بدأت تقودهاإلى الخارج.
قالت شينا بلهفة متوسلة:" هل لي بمرافقتكما؟".
نظرت لوسي إليها مفكرة:" إن رغبت".
خاب أمل بيني لأنها لم ترغب أن ترافقها شينا وهي تجول في منزلها القديم للمرة الأولى. الواقع أنها كانت تتوق إلى التجول في المنزل بمفردها. ألقت نظرة إلى الخلف فأدهشها أن ترى مدى اختلاف تعابير الوجوه في الغرفة.. كان جورج ينظر إليها بلطف و تعاطف و كانت كيري ترقب شينا و على وجهها عبوس خفيف.. أما تشارلز، فبانت السخرية في عينيه.. فشعرت بأنه يقول:" اصعدي إلى فوق و انظري إلى غرفة نومك العتيدة".
وكأنما كان يكره اهتمامها بهذا المنزل، فردت عليه نظرته بشيء من التحدي، و غادرت الغرفة. قلدتهما لوسي أولاً إلى المكتبة المكتظة بالكتب ثم رافقتهما إلى غرفة الطعام و إلى المطبخ.. في الطابق العلوي كان هناك خمس غرف نوم. وعندما وقفت على شرفة غرفة النوم الرئيسية، بدأت بيني تحس بذبذبات غامضة تنبئ بأنها عرفت المكان قبل الآن.
سألت مترددة:" هل كان هناك أرجوحة في مكان ما؟"
سألت لوسي بلهفة:" أتذكرينها؟ كانت متدلية من غصن شجرة مطاط أو سترالية ضخمة. ولكن الحبال اهترأت منذ زمن طويل.. سيريك جورج مكان الشجرة".
قالت شينا بأسى:" أحب هذا الأثاث".
نزلن إلى الطابق الأرضي مجدداً، وما إن دخلت إلى غرفة الاستقبال حتى وقف الرجلان. نظرت لوسي كوردا إلى ابنها:" أنا واثقة أن بيني راغبة إلقاء نظرة على الحديقة، و السقيفات التي هناك خاصة حيث كانت الأرجوحة.. اصطحبها إلى هناك فيما أتحدث إلى كيري".
وافق بكل سرور:" بكل تأكيد".
--------------------------------------------------------------------------------
عندما كان يقود بيني إلى الخارج، تبعتهما شينا حتى أوقفها صوت تشارلز الذي جعلها تلتفت إليه.
ـ لماذا لا تتركينهما و شأنهما؟
ردت بابتسامة فيها شيء من التحدي: لأنني أريد رؤية المكان أيضاً.
لم يصر تشارلز فعرفت بيني أن خطط شينا لإثارة غيرته، قد بدأت تنجح. قادهما جورج إلى ماوراء الفناء الخلفي.. و أشار إلى الاسطبلات القديمة الحمراء التي استخدمت لجياد المركبات. بعد ذلك أراهما غرفة عدة الجياد القديمة كذلك، و سقيفة التراكتور، و مخزن القش. كان هناك قطة مع أولادها، ووجار كلب تحت غطاء الأشجار.
شاهدت بيني هذا في دوار يشبه الحلم، فمخيلتها بحثت عن أبيها الذي عمل تحت هذه السقيفة و في هذه الحقول. كان هو أيضاً طويلاً و أشقر.. فهل كان يشبه جورج ولو قليلاً؟ جعلتها الفكرة تنجذب نحو مضيفها، إنما ليس بطريقة انجذابها إلى تشارلز.. فمنذ اللحظة الأولى حرك فيها تشارلز عوطفها.
قال جورج:" ذكرت أمي الأرجوحة..من هنا الطريق إليها".
اقتادهما بعيداً عن الفناء الخلفي حيث وجدوا شجرة مطاط قديمة تشمخ قرب البوابة التي تقود إلى الحفل. إنها شجرة ضخمة ترتفع كالطود فوقهم، جذورها المنزوعة اللحاء تتدلى و كأنها شريط حريري مجدول. كان جذعها في بعض الأماكن عارياً.
أشار جورج إلى الأعلى و قال: كانت الأرجوحة مدلاة من ذلك الغصن.. أتذكرينها؟
ـ أظن هذا..
لمست شينا ذراعه:" أظنها ترغب في الانفراد.. أرني حديقة الزهور".
لم تلاحظ بيني ابتعادهما.. كانت تنظر حولها سعيدة بوحدتها، ثم استندت إلى البوابة تحدق بدون أن ترى الجبال البعيدة. كيف كانت يمكن لحياتها أن تكون لو ظل والداها على قيد الحياة؟ هل كانت ستتورط عاطفياً مع جورج.. الجار القريب؟ إنها تشك في هذا! صحيح أنه لطيف، ولكنه لا يدفع نبضاتها إلى التسارع.
أكان من الممكن أن تلتقي بتشارلز؟ هذا أكثر من ممكن لأن والديها كانا صديقين لأسرة كوردا، وآل كوردا أصدقاء أسرة تايمر.. فهل مقدر عليها أن تعود إلى" وايرابا"؟ لقد قامت خالتاها بما في وسعهما لإبعادها عن هذه المنطقة، ولكن الصدفة دفعتها إلى مسقط رأسها عن غير توقع. قطع صوت تشارلز عليها أفكارها.. ولكنها لم تشعر به عندما جاء من ورائها.
قال لها بصوت ملؤه الدهشة:" تركاك بمفردك؟ أين هما؟"
ـ أظنهما يلقيان نظرة على حديقة الزهور.
استند إلى البوابة، فلامس ذراعها.. طرح صوته العميق سؤالاً بهدوء فيما عيناه نظرتا إلى الحقول: حسناً.. مارأيك بكل شيء؟
جعل قربه منها أنفاسها تتسارع: يصعب علي أن أصدق أنني عشت هنا يوماً.. ولكن المكان يشعرني بأنني كنت هنا مرة.
قال بجفاء: إلعبي أوراقك بشكل صحيح تعودي إلى هنا مجدداً.. فليس من الصعب قضاء بقية حياتك مع جورج.. إنه شاب رائع.
أحست بالغضب:" ولماذا أنت واثق بأن هذا ما أريده؟"
ـ أتقولين إنه لم يعجبك؟
ـ أبداً..أظنه ساحراً..لكنه لا يثيرني.
أضافت لنفسها بعمق: كشخص آخر أعرفه أنت تدهشينني.. وثقت أنكما ستنسجمان. ظننتك ستتعلقين به من النظرة الأولى.
ردت بحدة:" وكنت مخطئاً".
ـ حسناً.. لا تقولي إن الفرصة لم تعرض عليك.
بدأ التوتر يستحوذ عليها: تبدو و كـأنك عازم على التخاص مني.
ـ بكل تأكيد لا.. ولكنني أستعجل الأمور أو ربما أتوقع الكثير في وقت قليل.
ارتدت عنه لتنظر إلى حقل قريب، ثم قالت بلهجة مضطربة: أرجوك، لا تظنني غير ممتنة لك لأنك رفقتني إلى هنا.. فطالما تساءلت عن هذا المكان، و الآن بعدما رأيته استراح فضولي.
ـ لكن، ماذا عن توقك للعيش هنا مرة أخرى؟ ألم يكن هذا أمراً يزعجك؟
ارتدت إليه تواجهه، عيناها متسعتان استغراباً: ألا تفهم أن مافي نفسي من لهفة هي لأمي و أبي لا لمنزل قديم؟ لو تزوجت جورج.. لو عشت هنا.. لشعرت بوجودهما.. و لتصورت أن الأملاك ما تزال أملاكهما و لنسيت جورج.
صاح بها:" هذه سخافة كاملة.. لا أظنك كاملة.. لا أظنك ستسمحين لهذه التخيلات بالتحكم بك.. لقد كنت أصغر من أن تتذكريهما. أعتقد أن سبب ما تشعرين به الآن هو اضطرابك".
هذا صحيج، لذا لم تكن قادرة على إيجاد الكلمات المناسبة للإنكار.
أضاف بلا رحمة: ثم.. ما إن تشعري بطفل جورج بين أحشائك حتى يتلاشى الماضي.. و تنطلقين قدماً إلى حياة جديدة مع عائلتك.
بعثت كلماته اللون الأحمر القاني إلى وجنتيها.
ـ أتحرجك فكرة إنجاب الأولاد؟ أنت تعلمين أن جورج سيرغب في ابن يرثه.
استجمعت شتات نفسها، ثم ردت بحدة: أنت تتكلم و كأن الأمر واقع.. لكنك تنسى نقطة بارزة جداً..
سأل ببرود:" و ماهي؟"
ردت ببرود:" إن علي من قبيل حسن الأخلاق أن أنتظر حتى يطلب يدي".
ـ آه! هذا.. امهليه وقتاً إذ ستلتقين به مجدداً في الحفلة. اغتنمت أمي الفرصة لدعوته عندما كنت مع أمه في الطابق العلوي.
رفع حاجبه يسأل سؤالاً مزعجاً: أعتقد أن هناك سريراً مزدوجاً رائعاً في غرفة النوم الرئيسية؟
صاحت بشراسة:" اصمت".
ضحك مرة أخرى و أضاف: إنه متحمس بالتأكيد للمجئ.. ثم هناك أمر آخر .. لقد اعترف بأنه يعتبرك إحدى أجمل الفتيات اللواتي رآهن..إذن .. ها أنت!
قالت بصوت خفيض: وهل هذه حقيقية؟"
لم يسبب لها الإطراء السعادة..بل شعرت بالقنوط.. مامن رجل يحمل في قلبه ذرة حب لمرأة قد يدفع هذه المرأة نحو رجل آخر كما يفعل هو. بدا لها هذا برهاناَ أكيد على لا مشاعر لتشارلز نحوها.. لا شك أنه كان لطيفاً؟؟ و لكنها ليست بحاجة إلى لطفه، بل يريد حبه.
دفعتها الفكرة إلى اليأس فقالت: من أنت لتتحدث عن الأبناء؟ ماذا تفعل لتؤسس عائلة؟ أكاد أضحك عندما أراك قلقاً على جورج.. ماذا عنك.. هه؟ تعرف أنك بحاجة إلى أبناء يرثون أملاكك.
ضحك بسهولة:" لا تهتمي بأبنائي.. سيأتون في الوقت المحدد".
أصبحت لهجتها ساخرة: حقاً؟ كم من الوقت ستنتظرك شينا؟
ـ نحن نبتعد عن الموضوع.. أنت من تقلقيني الآن.. ألا تفهمين أنني أحب أن تحصلي على أفضل مافي الحياة؟
ـ ما ألطفك! و لماذا؟ هل لي أن أسأل؟
عبس مفكراً: لأنني .. حسناً..لأنني، أميل إليك..على ما أعتقد.
ـ تميل إلي؟ هه!
ـ جورج شاب ممتاز...
ارتدت إليه و عيناها الزرقاوان تومضان بالغضب: هلا توقفت عن دفعي نحو جورج.. أرجوك!
نظر إليها نظرة تفهم: بدأت تنزعجين.. الواضح أنك بحاجة إلى فنجان شاي.. في الواقع أرسلوني لأستدعيكم إلى احتساء الشاي في غرفة الاستقبال.
و نظر حوله.. و اغتنمت الفرصة لتمسح عينيها بسرعة.
ثم قالت:" قلت لك إنهما يلقيان نظرة على حديقة الزهور".
ـ إذن ، فلنبحث عنهما.
اقتادها إلى زواية المنزل، وفيما كانا يستديران، لمحا جورج و شينا في جهة الحديقة المقابلة. كانت ذراع جورج حول كتفيها، ورأسه قريب منها، ورأسها مرفوع إليه. دعا تصرفهما الحميم تشارلز إلى التسمر في أرضه.. عندما رفعت نظرها إلى وجهه لترى ردة فعله، تعالت نغمات طير يصدح في الهواء بسلسلة من النغمات الحلوة، بعد ذلك علت أصوات رفرفة جناح طير آخر، كان قد ترك الشجرة.
عندما التفتت شينا لتتابع طيرانه، نادت تشارلز: هل رأيته؟ إنه طير " كوكو". لم أكن قط قريبة من طير مثله. لونه ذهبي أخضر موشي بالنحاس.
وجه جورج كلامه إلى بيني: إنه طير جميل صغير، أعتقد أنه نادراً ما يرى في المدينة. يصعب التصديق أنها طيور تقضي الشتاء في جزر سليمان، على بعد ألفي ميل من هنا. ثم تعود إلى نيوزيلند في أشهر الصيف.
ضحك تشارلز: إنها تبيض بيوضها في عش " واربلر"
الرمادي.. يالها من وقحة!
أخذت شينا تهذر:" أخبرني جورج أنها ترمي ببعض " الواربلر" خارج العش ليستولي عليها" الكوكو".. أظن أن بعض الناس قد يمارسون مثل هذه القرصنة أيضاً. إنهم يدخلون إلى مكان ما ويستولون عليه".
انتفضت بيني بسبب الهجوم غير الخفي، وكم أحست بالراحة عندما قال لهم تشارلز إن الشاي جاهز في غرفة الاستقبال.. لم تدر لماذا لمحت رنة تسلية في صوته.. وتساءلت عما إذا كان يعني إبلاغ شينا أن تقربها الحميم من جورج لم يحرك فيه ساكناً. عادوا إلى غرفة الاستقبال، حيث و جدوا المرأتين تتحدثان.. نظرت إليها لوسي كوردا بلطف.
ـ يجب أن تزورينا مرة أخرى عزيزتي.. سيرافقك جورج لرؤية المزرعة.. أنا واثقة أنه سيكون سعيداً لهذا.
سارعت شينا تقدم عرضاً:" سأقلك بنفسي".
ارتفع حاجبا كيري نحو شينا: " هل نسيت أنها تملك سيارة بحيث تستطيع المجيء بمفردها؟".
قالت شينا وهي تلوي شفتيها قليلاً:" أخشى أن تضيع".
التوى فم تشارلز بسخرية أيضاً: هذا ما لن يحدث فليس لديها وقت في الشهر القادم.
قالت لوسي: آه!أجل.. أظنك بحاجة إلى مساعدتها.. يؤسفني ما أصاب يدك.. متى ستنزع الجبيرة.
تردد، ثم قال بعفوية:" آه.. هذا ممكن في أي يوم، لقد سئمت منها".
شهقت أمه: لاتكن أحمق تشارلز، يجب ألا تنزعها قبل الموعد المحدد.
ضحك مجدداً: أتدبر أمري في الوقت الراهن بيد واحدة أمي.. لكن ما إن أصبح بحاجة إلي يديّ الاثنتين حتى أسارع إلى نزعها فوراً.
عندما قال تلك الكلمات تذكرت بيني صورته وهما في النزل في " أوتاكي".. كان النور يشع من وراء رأسه، وكان وجهه مظلماً أما جسده فكان يشع رجولة.. قال لها يومذاك:" عندما أريد مغازلة امرأة أحتاج إلى كلتا يديّ".
لماذا تتذكر هذا الآن بحق الله؟ انجذبت عيناها بطريقة لا إرادية نحوه، وكأنما رأسها يستدير بفعل مغناطيس ضخم.. ولم يدهشها أن تراه مصوباً ناظريه إليها. عندما عاد للكلام كان صوته حازماً.
ـ حان وقت العودة إلى المنزل.
العودة إلى المنزل.. كان للكلمات رنين جميل.. ثم تذكرت أنها كلمات دارت في رأسها عندما صحبها في المرة الأولى إلى منزله..أحست يومذاك بأنها فعلاً عائدة إلى موطنها.. لكنها تعرف الآن أن العودة إلى بليارز تعني العودة إلى المنزل.
أمسكت لوسي ذراع بطريقة ودود: تعرفين أن هذا منزل جورج.. ولكنني و أباه نسكن في مكان قريب من هنا.. منزلنا هو في الدخل التالي إلى اليسار.. كان زوجي يحب الصور، فإن زرتنا أريناك بعض الصور التي قد يكون فيها أبواك.
برقت عينا بيني:" حقاً؟ ألديكم حقاً صوراً لأمي و أبي؟"
ـ يجب أن أفتش في الصناديق القديمة فقد مضى على تصويرها ما يزيد عن العشرين عاماً.
توقفت لوسي عن الكلام ثم أضافت تقول: سأتصل بك عندما أجد الصور.
ردت بيني شاكرة:" أنت في غاية اللطف".
ابتسمت لوسي ثم لثمت قبلة على خد بيني: وأنت فتاة حلوة.
في أثناء العودة، التفتت كيري من فوق كتفها اتقول لبيني برضى: حسناً عزيزتي.. لقد فتحت فتحاً جديداً، لقد أحبتك لوسي من النظرة الأولى، و أستطيع الجزم أنها ستقبل بك كنة بذراعين مفتوحتين.
أشعرتها الكلمات بالهستيريا..ولكنها ضبطت أعصابها و قالت: وأنا واثقة بأنها ستكون حماة متفهمة..ولكن هذا فقط إن وقع اختيار جورج عليّ. أتظنين هذا..شينا؟
بدا الغضب في عيني سوداء العينين و قالت بمشاكسة: لم تدعُني مع أنني ألمحت بصوت مرتفع إلى رغبتي في الصور.. ولكنها لم تطلب مني مرافقتك..لا.. لم تفعل..
ظلت تنظر إلى بيني بدون أن تحاول إخفاء خيبة أملها، قال تشارلز من فوق كتفه: لا أفهم لماذا تهتمين هكذا.
ـ أنت لاتعرف حقاً ما يثير اهتمامي.. وأنت إما تقفل الباب على نفسك في المكتب، و إما تسافر و إما تقضي نهارك في المزرعة حيث تلقي الأوامر على العمال.
قاطعتها كيري:" مهلك شينا..كان يومنا جميلاً، فلا تفسديه بتكدرك بسبب ماهو تافه".
ـ ليس شيئاً تافهاً!
ثم لاذت بصمت نكد، بعث التوتر.
أدهش تصرفها الغريب بيني، فلم تفهم لماذا ترى شينا أن من المهم رؤية الصور العائلية. و عرفت أن تشارلز راقب سوداء الشعر عبر المرآة ولكن، لم يبدُ، رغم التساؤل الذي في عينيه، قلقاً..لم تتكلم شينا مرة أخرى حتى وصلوا قرب نهاية المنطقة الريفية الجبلية، حين فاجأتهم بالميل إلى الأمام وربتت كتف تشارلز.
ـ هل لك أن توقف السيارة عند المعطف الحاد في القمة.. هناك سياج أبيض منخفض على حافة الطريق.
بدا العبوس على وجهه: أوقف السيارة؟ لماذا؟
ـ أريد التفرج على شيء.
ـ شيء..مثل ماذ؟
ـ أوقف السيارة في القمة!
بلغوا القمة التي أشارت إليها، حيث ينعطف الطريق حول منعطف مرتفع، قبل أن يبدأ بالتلوي نزولاً نحو السهل. أوقف تشارلز السيارة على حافة معشوشة قرب سياج أبيض. عندما شد المكابح اليدوية، مالت شينا من أمام بيني لتنظر إلى حافة ما إلى يسارهم.
كانت الحافة بداية منحدر حاد طويل، تقطعه الأخاديد و تكسوه طبقات صخرية بارزة من الحجر الكلسي.. إنه مكان يستحيل فيه إيقاف السيارة إن تدحرجت.. نظرت بيني إلى ما تنظر إليه شينا فارتاعت وسيطر عليها رعب بارد أرسل قشعريرة إلى ظهرها.. أحست بالدم يجف في وجهها، و التصقت بالمقعد، و صاحت صيحة الرعب...
سألت بصوت متحشرج: إنه هنا.. أليس كذلك؟ هنا وقعنا عن الحافة.. هنا قتل أبي و أمي.. أردت يا شينا أن أرى المكان..
وارتفع صوتها بالهسيريا و اهتزت بنوبة بكاء. التفتت كيري تواجه شينا، و نظرت إليها نظرة عدم تصديق: هل هذا صحيح؟ أهذا هو المكان؟
ـ أجل.. أخبرني جورج أنهما وقعا من حافة في أعلى القمة.. لقد وضع الحاجز هنا فيما بعد.
انفجر صوت تشارلز بغضب غير مكبوت: اللعنة يا شينا.. يا لفظاظتك.. أنت فتاة مدللة!
ـ لست مدللة.. إذ ستعرف عاجلاً أم آجلاً خاصة إن كانت ستمر في الطريق ذاته لزيارة أسرة كوردا.
في صوتها سخرية مريرة.. بدت كيري مصدومة.. وكأنها ترى شينا للمرة الأولى: أهذه محاولة تعمدتها لإزعاج بيني؟
قالت بيني:" نعم لأنها تكاد تجن غضباً مني.. إنها غاضبة لأن السيدة كوردا لم تدعها لرؤية الصور، لكنها على حق في القول بأنني سأعرف عاجلاً أم آجلاً".
ردت شينا بلهجة انتصار: على حق؟ بالتأكيد على حق، أعتقد أنني أسديتك خدمة.
شغل تشارلز المحرك، فبدأت السيارة تهبط القمة وسط صمت مطبق. ظلت بيني مقوقعة على نفسها في زواية المقعد مغمضة العينين.. ولكن بدل أن تبعد عنها زادت حدة المنظر حتى ارتعش جسمها كله ارتعاشة وصلت إلى أعمق أعماقها.
صاح بها تشارلز من فوق كتفه: أخرجي من هذا بيني.. أنت تتخبطين في الشفقة على النفس.
جلست مستوية تنظر إلى العينين البنيتين الناظرتين إليها عبر المرآة: لست غارقة في الرثاء على نفسي.. كيف تجرؤ..
ردت شينا الكيد إلى تشارلز بسبب ملاحظته السابقة لها: والآن من هو الفظ؟
استشاطت كيري سخطاً: أرجوكم.. جميعاً.. هلا تركنا هذه المسألة تمر؟
ثم و كأنها تدافع عن ابنها، التفتت تنظر إلى شينا، و على وجهها تعبير متألم.
ـ لقد أصاب تشارلز عندما قال إنك كنت فظة جداً.. ويجب أن أعترف أنني دهشة و محبطة سبب تعمدك إيلام بيني بهذه الطريقة.. لا أرى عذراً لما فعلت.
لم ترد شينا.. بل هزت كتفيها بلا مبالاة و كأنها بذلك تشير بوضوح إلى أنها لا تهتم أبداً برأي كيري بتصرفاتها. في أثناء رحلة العودة، أخذت تحدق من النافذة غاضبة بصمت أما بيني فكانت حائرة من تصرفها.
عندما و صلوا إلى المنزل كان يسيطر على بيني شعور بالكآبة لأنها السبب في هذا الصدع الذي جرى بينهما وعلى الرغم من أن كيري و تشارلز لم يعلقا على غياب شينا وقت العشاء، إلا أن الكرسي الفارغ لم يقلل من إحساسها بالذنب. لذا عندما انتهت وجبة العشاء شعرت بالراحة فتمتمت معتذرة و توجهت إلى الكتب حيث بدأت العمل على بعض الصفحات التي تركها لها تشارلز لتطبعها.. فالعمل هو كل ماتحتاجه.. إنه الطريقة الوحيدة التي تمسح فيها التفكير في تلك القمة.


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-14, 01:49 PM   #18

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

6- أين يقودها القدر؟
لم تكن بيني مخطئة بشأن قيمة العمل، و التركيز عليه، إذ لم يطل حتى تلاشت ذكرى المنحدر من أفكارها وليس ذلك فحسب بل ارتفعت معنوياتها، و تسلل بعض المرح الذي تبعثه قصة كلب البودل الذي بذل جهده ليعلم مالكه أن الهاتف يرن.
لم تسمع تشارلز يدخل إلى الغرفة بسبب انغماسها بالعمل وما أحست بوجوده حتى جاء من ورائها حيث انحنى ولثم وجنتها بشفتيه. في الوقت نفسه تسللت يداه تضمانها إليه.. طغت صدمة تصرفه هذا على أية صدمة أخرى.
فشهقت وهي تقول:" لقد نزعت الجبيرة".
ـ أجل .. و تبدو أصابعي على ما يرام.
حرك أصابعه التي راح يمررها على بشرتها.. فضح تنفسها الحاد العميق تأثرها ولكنها حاولت إبعاد يديه عنها: تشارلز.. أرجوك..هل أنت واثق أن لا ضير في نزعها في هذا الوقت. تفحص يده ثم طوى أنامله أنملة أنملة
ـ لا أراها تضررت كثيراً..على الأقل ليس كما ظننا في البداية.
ـ لكن..لكن صورة الأشعة أظهرت الضرر؟
ـ لم أشاهدها، قيل لي إن الجبيرة ستساعد الأصابع للتغلب على الصدمة التي سببها هبوط وزن طن عليها.
تصاعدت ريبتها: أتعتقد أنك كنت بحاجة إليها فعلاً؟ ألم يكن ذلك مجرد خداع؟
ـ خداع؟ وما الهدف؟
بدا وميض مرح في عينيه وهو ينتظر الرد. ولكنها ندمت على ما قالت، ولم تتمكن من التفوه بسؤال كان يدور في رأسها.. فقام هو عنها بهذا.
ـ أتعتقدين أنني وضعت الجبيرة كخدعة لأحصل على مساعدتك؟
أحست بالندم:" الواقع أنني فكرت في هذا إنما للحظة فقط فقد تذكرت أنك في تلك المرحلة لم تكن تعرف أنني قادرة على مساعدتك..ثم، لا يمكن للمرء التأثير على من يديرون المستشفى. فما داموا ارتأوا وضع الجبيرة فهذا يعني أن الأمر ضروري حتماً".
ـ و الألم الذي عانيته يومذاك؟ أتعتقدين أنني تظاهرت بأنني أتألم.
راعها الاقتراح، خاصة وقد تذكرت وجهة الشاحب ألماً: لا..لا بالتأكيد لا. آسفة لأنني استخدمت صفة الخدعة.
ـ هل هذا اعتذار؟
نظرت إليه عاجزة: " وما عساي أقول غير هذا؟"
ـ سيرضيني شيء آخر كهذا مثلاً.
أمسكت يده اليسرى القوية ذراعها ليسحبها من مقعدها..ثم أدارها لتواجهه، وضمها بين ذراعيه. بعدما تحررت يده اليمنى من الجبيرة راحت تتلمس خصلات شعرها الأشقر وتلف الخصل في لفائف، أما اليد الأخرى فتسللت إلى خصرها، عندئذ أدركت كم كان عناقه محدداً في الماضي.
غمرها شذا رجولته، وتسلل إلى كل جزء من كيانها، وساقها إلى حالة ذهول، حتى فتحت عينيها أخيراً تنظر إليه..كان الوجه الذي يرد لها النظرة خالياً من أية تعابير، فشعرت بأنها هوت من أعالي الغيوم إلى الأرض بقوة مفاجئة. لقد رأته ينظر إليها ببرود، وبطريقة تأملية، فسألته: هل من خطب؟
ـ لا.. ولكنني لا أعرف ماذا سأفعل بك.
ـ ولماذا أنت مضطر لفعل أي شيء بي؟ لا أفهم..
ـ أعترف أن الأمور لم تحصل كما توقعت.
ـ وهل ظننت أنني سأقع في هوى جورج؟ أنا آسفة إن خيبت أملك.
راقبها بشدة:" ألا تعجبك فكرة العيش في منزلك القديم مجدداً؟"
نظرت إليه بعينين ملؤهما عدم التصديق: أو تظن أنني قد أتزوج جورج من أجل العيش في منزلي القديم؟
ـ نعم، لم لا؟
صاحت غاضبة:" أنت لا تعرفني أبداً، ولكنني أقدر لك تفكيرك في مصلحتي ، فيما أمك و شينا.."
وصمتت، سأل بحدة: نعم؟ ماذا عن أمي و شينا؟ أوضحي ما تقولين يا زرقاء العينين؟
ـ إنهما من دبرتا أمر اصطحابي لملاقاة جورج.. وليس على المرء أن يكون قارئ أفكار ليعرف السبب.
ـ ألم يكن السبب مساعدتك على مشاهدة منزلك القديم؟
ـ بل كان الأمر أكثر من هذا.. لذا، إن ظننتم أنني سأقع في غرام جورج، فستصابون بخيبة أمل كبيرة.
قال بعذوبة:" لم تكن شينا خائبة الأمل".
ـ ماذا تعني؟
ضحك:" يا صغيرتي..بدأت أتساءل عما إن كنت فعلاً ذكية كما ظننتك..ربما من الأفضل أن تقتربي مني لأشرح لك".
جذبها إليه مجدداً، ولكن، رغم شوقها للتعلق به ورغم توقها إلى الاستجابة له أصيبت برعب مفاجئ مرده خوفها من أن تدخل كيري تايمر إلى الغرفة، فتراهما بين ذراعي بعضهما بعضاً.كانت الفكرة كافية لإرسال رعشات انفعال راحت تتسابق في أعصابها..
ـ تشارلز.. توقف عن هذا.. قد تأتي أمك.
ـ وإن يكن؟
ـ أو تسأل و إن يكن؟ وأنت تعرف أن أمك تعتبرك ملكاً لشينا.
ـ أيقلقك هذا حقاً؟
ـ بالتأكيد يقلقني.. لا أستطيع التركيز.. وأرتكب أغلاطاً في الطباعة..لا أستطيع العمل و غضبها مسلط فوق رأسي..
وجدت القوة للمقاومة فتحررت من ذراعيه، و أسرعت تترك الغرفة ملتجئة إلى غرفتها في الطابق العلوي. بعد فترة قصيرة، كانت تجاهد قواها لتبعد تشارلز عن أفكارها.. و جلست في السرير تقرأ كتاباً من كتبه.. وعيناها تمران بالكلمات، أحست أن شخصية تتصاعد من الكتاب لتغمرها بنشوة من الشوق الشديد.
عادت إليها ذكرى ذراعيه عندما ضمتاها..ثم تناهت إليها بعض كلماته، كلمات حيرتها.. ماذا قصد عندما قال إنها ليست ذكية كما يظنها؟ كيف بدا له أنها غبية؟ وضعت الكتاب من يدها، ثم استلقت تفكر في الأمر.
هل السبب فشلها في إظهار أكثر من اهتمام عادي بمالك منزلها القديم؟ عليها أن تعترف أن لجورج ابتسامة جاهزة على وجهه، و شخصيته لطيفة، ولكنها لم تسمع الأجراس ترن حين تفكر فيه.
حل الصباح التالي بدفئه فنهضت من السرير مسرعة.. استحمت، ارتدت فستاناً صيفياً ليكي اللون لم يسبق أن ارتدته، ثم سرحت شعرها و نظرت من النافذة إلى حيث صف من أشجار الحور الطويلة المنتصبة أمام السماء الزرقاء..لكن الاضطراب كان يخالج أفكارها.
أدركت أن مبعثه تفكيرها في تشارلز.. والواقع أنها بدأت تدرك عمق تجاوبها معه و بسبب حبها له تخشى أن تفقد سيطرتها على نفسها. لقد عانقها في مناسبات عدة.. والسؤال الجارف الذي كان يقض مضجعها..لماذا؟ في البدء ظنت أنه نوع من التحايل لإقناعها بالبقاء وراء الآلة الكاتبة ولكن هذا العذر ما لبث أن زال بعدما وعدته بالبقاء.
لم تصدق أنه يحبها..فلو كان يحبها، للاحظت الدلائل..أليس كذلك؟ إذن، هذا يعني أنه لا يقوم بتلك المداعبات إلا إرضاء لغروره؟ لقد أزيلت الجبيرة عن يده الآن.. وهو كما قال يفضل أن تكون يداه حرتين عندما يغازل امرأة.. عندما قال لها هذا لم تفكر كثيرا في ما قاله.. أما الآن فتتساءل عما إذا كان عليها أن تعتبر قوله إنذار لها.
في الصباح دخلت إلى المكتب الذي تحول تدريجياً إلى ملاذ لراحة فكرها.. إنه الجنة، حيث الأفكار التعسة تتلاشى في العمل.كانت آخر فكرة طرأت على بالها أنها تعني شيئاً للرجل الذي تحبه.. جعلها التوتر تضرب بقوة على مفاتيح الآلة، لكن عندما تناهى إليها صوت تشارلز كان توترها قد تلاشى..دخل إلى الغرفة بخفة فلم تسمعه ووقف ينظر إليها وعلى وجهه نظرة تسلية.
ـ أمن الضروري أن تضربي هذه الآلة يوم الراحة؟
هزت كتفيها و قالت بغضب:" بالتأكيد ضروري".
ـ هكذا إذن.. أنت غاضبة هذا الصباح..أليس كذلك؟ حتى و نحن نبدو رائعين بفستاننا الليلكي.. أظننا متعبون من العمل المرهق لذا نزهة في الريف ضرورية لنا.
دهشت، و التفتت إليه:" نزهة في الريف؟".
ـ سأصحبك إلى محمية الطيور المحلية في جبل" مونت بروس".. على أن ننطلق بعد الغداء.
رفعت كلماته معنوياتها، فسلبتها القدرة على المقاومة: ستكون رحلة رائعة إذ لم أذهب إلى هناك قط.
شعرت في تلك الصبيحة بإثارة جياشة، سببها الترقب للخروج معه.
غادرا المنزل، بعد وجبة الغداء مباشرة، وفيما كانت الرينو تطوي الأميال الخمسة عشر، أخبرها قليلاً عن الهدف من إقامة المحمية: الهدف منها هو حماية النماذج النادرة للطيور المحلية.
أصغت إليه بسعادة وكانت مستمتعة برنة صوته العميق وهو يخبرها عن طير" اليبوكيكو" و " الكاكابو" و " الكيوي"، لكنها قلبياً كانت تعرف أنها لن تهتم أبداً حتى ولو كانت المحمية لتوليد الفئران بدل الطيور.. فتشارلز هو الذي يرافقها، وهي الآن مترعة الكأس.
ما إن وصلا إلى المنطقة الحرجية حتى قادها إلى قفص مميز وقال لها: هاهو طير" التاكاكي" الذي اعتقدوا أنه انقرض، حتى اكتشفت مستعمرة صغيرة له.
تأملت الطير الكبير، وقالت: لم يكن لدي فكرة عن جمال ألوانه.. الواقع أن كل شيء هنا جميل رائعة، وتلك البحيرة هادئة آمنة.
نظر إليها محدقاً: هل استمتعت حقاً بالمجيء إلى هنا؟
برقت عيناها وهي تنظر إليه:" أجل، لقد أحببت المكان، شكراً لك".
ازدادت رضى عندما شعرت بأصابعه تتشابك بأصابعها. اقتادها من قفص إلى آخر، حيث تأملا كل طير في مكانه. وعندما سارا في طريق معزول، تاقت إلى أن يضمها بين ذراعيه.. وأن يعانقها في هذا المكان لئلا تنساه أبداً.. ولو اعترف لها بحبه لملكت الدنيا كلها.
لكن، لم يحدث شيء من هذا القبيل وعوضاً عن ذلك نظر بسرعة إلى ساعته وقال: ياإلهي. تكاد تبلغ الساعة الثانية والنصف.. من الأفضل أن نعود. أخذ ذراعها، وهرع بها، راكضاً تقريباً، إلى السيارة.
دهشت بعجلته، ودهشت أكثر عندما أدار المحرك واتجه جنوباً بدل العودة إلى ماسترتون.
ـ إلى أين نحن ذاهبان؟
ابتسم:" نقابل رجلاً بخصوص كلب".
انخفض فكها قليلاً:" سنذهب لمقابلة شخص؟"
ـ أجل، المسجلة تحت بساط السيارة في الخلف.. لدى أحد الرجال كلب حراسة لابرادور ذهبي يقول إنه أذكى الكلاب في العالم.. ويريد مني أن أراه وهو يتصرف تصرفات تدل على ذكائه.
ـ إذن، كنت ستأخذني أصلاً إلى هناك؟
ـ أجل.. ولكن فكرت أن نزور المحمية في طريقنا.
نظرت أمامها مباشرة تحارب خيبة الأمل المريرة..ما أغباها عندما ظنت أنه ينوي أن ينزهها، و ماأحمقها لأنها تصورت ولو للحظة أنه يسعى لرفقتها.
سألها بهدوء:" هل خطب؟"
ـ لماذا تسأل هذا السؤال؟
ـ أحس بذلك..لقد صمت تماماً.. في الغاية كنت كشعاع شمس.. أما الآن فقد الضباب عليك.
هزت نفسها داخلياً، يا الله!أهي شفافة إلى هذا الحد؟ و لكنها رغم ذلك ظلت صامتة.
أصر:" مازلت أنتظر رداً.. ماالذي أزعجك؟ لا يعجبني من يتقلب بين الحرارة و البرودة لحظات".
ردت، وقد أخذت كبرياؤها بالتخلى عنها: وأنا لا أحب من يقول إنه يقول إنه سيصطحبني في نزهة، فيما الواقع عكس هذا.. إنه أمر يشعرني بإحباط رهيب.
ظلنت عيناه على الطريق أمامه: هكذا إذن.. حسناً. صديقيني إن قلت إنني أردت أن ترافقيني ولولا رغبتي تلك لجئت وحدي..
أدركت أن هذا صحيح.. فأبهجتها الفكرة وجعلتها تطرح أسئلة عن كلب اللابردور الذي يتوجهان لرؤيته. كان يشرح لها أموراً عن الكلب ولكن أفكارها كانت منصبة على قوله الذي قاله قبل قليل. " صدقيني إذ قلت إنني أردت منك أن ترافقيني".
جعلتها الكلمات تحس بالسعادة و لكنها الآن بدأت تأخذ زواية مختلفة..لقد أراد أن تكون برفقته لأنه بحاجة إليها لتحمل آلة التسجيل، خاصة إن المقابلة خارج المنزل..صحيح ان الجبيرة انتزعت، ولكنه قلما كان يستخدم يده..إذن، كان بحاجة مرة أخرى إلى مساعدتها لا إلى صحبتها..اللعنة على الرجل.. واللعنة على غبائها.
كان الوقت متأخراً بعد الظهر عندما عادا إلى المنزل ليشاهدا كيري مشغولة بكتابة بطاقات الدعوة لحفلة الميلاد المقبلة.. توقفت بيني رؤية شينا معها، لكن الفتاة لم تكن موجودة..وهذا ما لاحظه تشارلز، الذي نظر إلى كومة المغلفات وقال: أليس من المفترض بشينا أن تساعدك في كتابتها؟
لم تخف كيري توترها:" نعم صحيح لقد اتصلت بها لأخبرها بأنني بدأت بكتابتها، و لأدعوها إلى العشاء، ولكن عندما قلت لها إنك اصطحبت بيني في نزهة وجدت عذراً".
قال تشارلز بخفة:" لا يكدرنّك الأمر ياأمي، سيكون كل شيء على ما يرام".
صاحت بغضب:" ولكنه يكدرني فعلاً".
ثم أدارت نظرت مؤنبة إلى بيني، وكأنها تضيف: تلك السبب في غياب شينا. ثم سألت: هل استمتعت بنزهتك؟
ردت بيني بعذوبة:" أجل .. شكراً لك.. أحببت الطيور المحلية التي رأيتها وكان بلاك مذهلاً".
ـ بلاك؟
ـ أجل، كلب لايبرادور ذهبي.. فلم تكن النزهة إلا من أجل القيام بمقابلة أحد الأشخاص.
بدت الأم مذهولة:" لم أكن على علم بذلك".
قال تشارلز لأمه بنفاذ صبر: ألا ترين أن الوقت قد حان للتوقف عن التفجع بسبب غياب شينا؟ قلت لك إن كل شيء سيكون على ما يرام.
تحركت بيني بسرعة نحو المكتب، لأنها لا ترغب في سماع ما قد يجري من نقاش بين الأم و ابنها بشأن العلاقة مع شينا..لكن كلمات تشارلز أرسلت رجفة في أوصالها.. إن كلماته تعني بالتأكيد أن ما ترغب فيه يوشك أن يحدث.. وانه و شينا..


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-14, 01:51 PM   #19

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

دفعت عنها الفكرة، وصبت اهتمامها على الآلة الكاتبة. عندما كانت تمتد يدها إلى كومة أوراق جديدة، نظرت صدفة إلى التقويم المعلق على الجدار.. فراعها التاريخ و تذكرت أن عليها شراء هدايا للخالتين،ثم إرسالها بالبريد.
في الصباح التالي، ذكرت هذا أمام تشارلز وهم على مائدة الفطور، قالت معتذرة:" هذا يعني قضاء بضع ساعات في ماسترتون".
ـ لابأس، فليكن اليوم راحة لك وإن احتجت مالاً فاستخدمي المال المودع باسمك في مصرف نيوزيلند.
ضحكت:" تعني في ويلنغتون.. ليس عندي حساب في ماسترتون".
ـ أصبح لديك الآن.. فتحت لك حساباً في الأسبوع المنصرم..أتظنين أن كرامتي ستسمح لي بتركك تقومين بكل هذا العمل مقابل لا شيء؟
تورد وجهها: لكنني لا أتوقع مالاً على ماأقوم به بسرعة و سهولة..ثم هل نسيت أنني أنا من سبب لك الحادثة؟
ـ نسيت؟ وكيف أنسى؟ على أي حال.. كنت سأضطر لدفع أجرة لأحد للقيام بهذا العمل.. والحمد لله لأنه تم على يد شخص خبير.
صمت قليلاً ثم أضاف، لدي عمل أنهيه هناك بعد الظهر.
عندما كانت تتجول في منطقة السوق في ماسترتون، تجنبت المصرف إذ لم تكن فكرة إيداع المال باسمها مريحة لها فهي لا تحتاجه على أي حال، إذ لديها دفتر شيكاتها..لكن، قبل أن تشتري شيئاً قررت إلقاء نظرة على واجهات المحلات المصطفة على جانبي الشارع الرئيسي، الذي يمر بوسط البلدة.
لم تكن هدايا الخالتين مشكلة كبيرة..فهي تعلم أن الخالة جيلين تفضل ما هو عملي.. فيما تحب الخالة دايان المناديل الحريرية الصافية التي تربطها حول عنقها لإخفاء التجاعيد. استدعت هدية كيري منها تفكيراً كثيراً ولكنها أخيراً اشترت لها زجاجة عطرها المفضل" أوسكار دولاريتانا" و اشترت من المحل نفسه صابون حمام خاص من أجل شينا.. تعرف أن شينا لن تكون شاكرة لها على هذه الهدية ولكنها لن تسطيع إبعادها عن اللائحة.
بعد ذلك اشترت هدية لسامنثا و أمها المشكلة الكبرى التي ظلت تواجهها فهي هدية تشارلز، ماذا يمكن للمرء أن يشتري لمثل هذا الرجل الذي يملك كل ما يحتاج إليه؟ فكرت أن عليها شراء هدية مميزة تذكره بها فقط. نظرت إلى الساعة فوجدتها تتجاوز الواحدة، ففكرت بأن الغداء قد يساعدها على التفكير. وجدت طريقها إلى مطعم، موائده مستترة عن بعضها بعضاً بجدارن فاصلة تشكل مربعات صغيرة مفتوحة..كان المكان يعج بالناس.
اتخذت لنفسها مائدة في مكان مظلم و فيما كانت تحتسي الشاي وتراقب الناس وهم يدخلون و يخرجون عنت على بالها فكرة بالنسبة لهدية تشارلز. تساءلت بينها وبين نفسها لماذا لا تشتري له أزرار ذهبية على شكل رأس كلب على طرف و حرف اسمه على الطرف الآخر.. هل يذكره هذا بها.. ولو قليلاً؟
كانت مسرورة بفكرتها سروراً جعلها لا ترى الشخصين اللذين دخلا إلى التربعية الأخيرة المواجهة لها في آخر الممر.. ولكنها التفتت عندما سمعت رنين صوت الفتاة وهي تقول: حبيبي.. آسفة على تأخري.
كان الصوت مألوفاً بحيث جعل أفكار بيني تتجمد..ولكن ما إن نظرت إليها حتى دهشت لرؤية شينا و جورج كوردا جالسين على المائدة المقابلة. كانا مشغولين ببعضهما بعضاً. راقبته يميل إليها ليلثم وجنتها ثم ما لبث أن رفع يديها يلثم كل أنملة من أناملها. ومضت عينا شينا وهي تنظر إليه.. وكان المشهد يتحدث عن نفسه.
مرت عدة دقائق قبل أن ينتبها لوجود بيني.. ظهر هذا عندما التفت جورج لينظر عبر الممر. حالما تلاقت عيونهما، أصبح تصرفه مرحاً.
ـ مرحباً..أليس هذه بيني الصغيرة؟
لاحقت نظرات شينا نظراته. ففغر فاها قليلاً، وبدت بكماء خرساء من الصدمة. ثم تورد وجهها، وهذا مادفع بيني إلى الرغبة في الضحك.. إنها المرة الأولى التي تدفع شينا إلى موقف مربك!
كانت شينا سريعة في استعادة رباطة جأشها.. فنظرت إلى كومة المشتريات على طاولة بيني وقالت: هل أنت في المدينة للتبضع من أجل الميلاد؟ أليس تشارلز معك؟
ردت بيني بخفة:" لو كان معي فهذا يعني أنه خفي. على أي حال ، قال إنه سيكون هنا لقضاء بعض الأعمال".
ابتسمت شينا بعذوبة:" رجاء اذكريني عنده".
ردت بيني الابتسام:" سأفعل".
ثم صبت لنفسها كوب شاي آخر.. رنت إلى شينا بطرف عينها فرأتها تهز كتفيها بلا اكتراث قبل أن تولي اهتمامها كله إلى جورج. ما إن غادرت بيني المطعم حتى اتجهت إلى محل جواهري كبير لاحظت وجوده في البلدة.. كانت واجهاته تلمع بصفوف من الخواتم الألماسية التي لفتت نظرها و أسرته.
انسلت من بين شفتيها تنهيدة وهي تدخل إلى المحل. عندما شرحت ما تفكر فيه للبائع قادها إلى منضدة زجاجية مليئة بالأزرار من كل صنف ووصف..
قال:" لدينا هنا ماتريدين. أزرار لها رأس كلب" كولى" الراعي، أما الأحرف التي تريدين حفرها فيمكنني ذلك قبل الثالثة والنصف من بعد الظهر".
أحست بالراحة لأنها حلت مسألة هدية تشارلز فذهبت إللى مكتب البريد ومن هناك أرسلت هديتي خالتيها.. بعد ذلك ظلت تتسكع قليلاً وتشتري الطوابع.. فيما كانت تغادر المكتب، شاهدت تشارلز من بعيد. كان يسير بسرعة و العزم في كل خطوة من خطواته، أسرعت لتلحق به ولكنها شاهدته يدخل إلى محل الجواهري، فتوقفت مترددة، وقد هاجمتها ذكرى فظاظة شينا بعدما رفض أن يصطحبها إلى محل الجواهري حينما قضى يوماً معها في المدينة.
هل اعتقدت شينا أنه على وشك شراء خاتم خطوبة لها؟ لو كان الأمر كذلك، لتمت انتقاء عوضاً عن الاعتماد على اختيار تشارلز. ما إن وصلت بيني أمام باب المحل وقفت مترددة، فقد بدا تشارلز غارقاً في حديث عمل خاص. كان يقف وظهره إليها تقريباً، ينظر إلى علبة صغيرة يحملها البائع.. ومن فوق رأسيهما تدلى مصباح كهربائي أضغى وميضاً براقاً على العلبة. علمت أن في العلبة خاتماً ألماسياً.
إذن، إنها على حق.. إنه على حق..إنه يشتري خاتم خطوبة اختاره سابقاً..ثم تسارعت ذكرى كلماته إلى رأسها وهو يؤكد لها أن كل شيء سيكون على ما يرام! فهل هذا بالأمس فقط؟ اتجهت أفكارها في مابعد إلى شينا التي هي الآن مع جورج كوردا، ثم جعلها الموقف تشعر بالسقم.. فتحركت مبتعدة عن الباب قبل أن يراها تشارلز، وبدأت بالسير على غير هوادة من محل إلى محل، أخيراً، وجدت مقعداً جلست فيه تنتظر حتى يحين موعد استلام ازرار القميص.
راحت بيني تراجع الأحداث حدثاً فتذكرت أن شينا بنواياها نحو جورج كوردا، كانت تسعى إلى دفع تشارلز للغيرة.. والواضح أنها نجحت، لأن تشارلز قرر أخيراً أن يخطبها.
ولكن، في الوقت نفسه تطورت العلاقة بين جورج و شينا وتعدت الإعجاب، كان تصرفهما الحميم في المطعم الدليل على هذا الواقع. كرهت بيني أن تجرح كرامة تشارلز فقد جعلها تشفق عليه. نعم لقد انتظرته شينا طويلاً ولكن كان عليه أن يكون واثقاً من مشاعره نحوها.. وأخذت تختلق الأعذار له.
ثم تبادر إلى ذهنها سؤال آخر.. متى ينوي تقديم الخاتم لشينا؟ سيكون هذا في حفلة الميلاد.. لاشك أنه ينوي إعلان الخطوبة بوجود كل الأصدقاء.. تنهدت وخيبة أملها المريرة تغمرها. لكن، من يعلم ماقد يحدث؟ هل تحب شينا جورج حقاً؟ أم أن الأمر مجرد هوى عابر؟ هل استرعى منزله و تحفه الأثرية انتباهها؟ تركت بيني المقعد كئيبة و توجهت إلى محل الجواهري.. أخذت علبة الأزرار المدفوع ثمنها سابقاً، ثم عادت إلى سيارتها.. لتقفل راجعة إلى المنزل.
ما إن اقترب يوم الحفلة حتى لاحظت بيني أن مزاج كيري تايمر يزداد تجهماً، ولم يصعب عليها معرفة أن السبب هو استمرار غياب شينا.. وفي أحد الأيام دخلت كيري إلى المكتب.
قالت و كأنها تتوسل: عزيزتي.. أكره أن أزعجك و أنا أراك مشغولة.. ولكن هلا ساعدتني في تزيين شجرة الميلاد؟ سامنثا و أمها مشغولتان في المطبخ.. و.
وصمتت فأضافت بيني:" وشينا غير موجودة هنا".
ـ بالضبط.. يبدو أنها تتجنبنا.. و أود لو أعرف السبب.
ردت بيني بوقار بارد:" أعرف أنك تعتقدين أنني السبب".
تنهدت كيري تايمر:" لم أعد أعرف في ما أفكر..لقد زينت شينا شجرتنا سنوات عديدة..فلماذا تمتنع هذه السنة؟".
ترددت بيني ثم سألت:" ربما وجدت شخصاً آخر تهتم به".
برُد صوت كيري:" أتوحين أنها تنظر إلى رجل غير تشارلز؟ لاشك أنك تمزحين.. بالتأكيد!.. حسناً أتنوين مساعدتي أم لا؟"
ـ بالتأكيد.. فأنا أحب تزيين أشجار الميلاد.
تركت الآلة الكاتبة ولحقت بكيري إلى حيث شجرة الميلاد. في الساعة التالية استمتعت بيني بالتزيين فعلاً. مدت ذراعيها لتربط أسلاك الأضواء، بعد ذلك أضافت الأجراس الزجاجية الملونة و الكرات و تماثيل الغزلان و الحيوانات الأخرى البراقة.
ربطت كيري بضع كرات ملونة على الأغصان المنخفضة، لكنها أمضت معظم الوقت وهي تقف من بعيد لتراقب عمل بيني.. قالت و الامتعاض واضح في صوتها:" تقومين بكل شيء بكفاءة".
أنهت بيني تثبيت النجمة في أعلى الشجرة، ثم نزلت السلم. و سألت بلهفة:" أترينها مناسبة؟"
نظرت كيري إلى الشجرة بصمت، ثم اعترفت على مضض: أجل ..أنا واثقة أنها ستبدو.. جيدة ..إنما ليس بالقدر..
قاطعتها بيني:" لكن ليس بالقدر الذي يبلغ جهود شينا".
ـ حس يا عزيزتي.. شينا فنانة.
هبطت معنويات بيني.. لقد بذلت جهدها من أجل تزيين الشجرة بطريق مميزة، لكن يبدو أن كيري تايمر لم تتأثر بالنتيجة.. سألتها عابسة:" ألم تعجبك؟"
لكن، قبل أن ترد كيري، قال تشارلز من ورائهما، وهو ينظر إلى الشجرة: آه.. أرى الشجرة وقد تمت زينتها.
سألته أمه وهي تدعوه للانتقاد:" مارأيك بها؟"


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-14, 01:51 PM   #20

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تابع تأمله بصمت.. فتابعت أمه: تذكر أن شينا كانت تضع تماثيل بابا نويل البيضاء و الحمراء على الأغصان الخارجية فتبدو جميلة.
قال مفكراً:" لكن بيني جمعتها تحت النجمة.. هي تدرك بأن في الاتحاد قوة..بطريقة ما، هناك شيء مميز في إدارتها لوجوهها نحو النجمة.. وهذا تحسين بارز على ما أظن".
فغر فم كيري قليلاً:" آه، أرى ما تعني.."
أضاف:" كما تعجبني الطريقة التي وزعت فيعا الكرات الصغيرة و الأجراس. فالألوان متناسقة تبدأ بالأحمر ثم تتدرج نحو الأصفر فالقرمزي فالأزرق فالبرتقالي وهذا تغيير بارز يختلف كل الاختلاف عن البعثرة العشوائية..أجل، يجب تهنئة بيني على جهودها"
أحست بيني بتورد وجنتيها وجعلت كلماته قلبها يبتهج.. ولكن، في الوقت نفسه، لاحظت أن شفتي كيري رقتا و أصبحتا خطاً رفيعاً دليل عدم الموافقة. هكذا تراجعت بيني بسرعة و عادت إلى المكتب. ما إن حل يوم الحفلة، حتى وجدت بيني نفسها تواجه مشاعر مختلفة.. فمنذ الصباح الباكر سيطرت عليها الكآبة بشدة لأنها واثقة بأن المساء يحمل معه إعلان خطوبة تشارلز.
غسلت شعرها.. وعندما كانت تلفه على اللفائف.. عذبت نفسها بالتساؤل عما إذا كانت ستتمكن من المحافظة على وجه مشرق أمام الضيوف المتعددين.. عرفت أنها مضطرة لتقبيل بيني و شينا متمنية لهما السعادة، وأن عليها أن تبتسم، فيما قلبها باك.. ولو هربت إلى غرفتها للاحظ الضيوف غيبتها. ولارتفعت الحواجب و لطرحت الأسئلة.
في النهار لم تشاهد تشارلز بل لمحته أحياناً مع أمه عندما التقيا وهما يمران في الردهة، فاجأها بتوقفه ليقول: الليلة، يجب أن ترتدي الثوب الرقيق الليلكي الذي ارتديته عندما ذهبنا إلى المحمية.
نظرت إليه شاهقة: أتذكر ما كنت أرتديه؟
ـ بالتأكيد، ومن يستطيع أن ينساه؟
تصاعدت الثورة في داخلها:" أنت تضحك علي.. وتجرؤ على فرض ما أرتديه.. أنت.. على وشك.." وصمتت.
ضاقت عيناه سائلاً: أجل، وأنا على وشك ماذا؟
لكنها لم تتمكن من النظر إليه:" لاشيء".
ارتدت على عقبيها تهرع صاعدة الدرج وروحها مشبعة بالبؤس. ما أشذ ما أوشكت على فضح حماقتها!
تبعها صوته إلى أعلى الدرج: لولا شدة انشغالي لأجبرتك على الكلام.
كانت ساخطة وهي ترتدي الفستان ذي التنورة المكسرة كحد السكين.. ومع أنها كانت تقول لنفسها أنها لن تهتم كيف ستظهر ولكنها رغم ذلك وجدت أنها تضع المزيد من الماكياج بل أكثر من العادة وتهتم بشعرها.
عندما نزلت، رأت تشارلز واقفاً يستقبل زواره فكاد منظره يخطف أنفاسها.. بدا لها غاية الوسامة في بذلته السوداء الرائعة التفصيل، بل وجدت صعوبة في إشاحة بصرها عن منظره المثير.. ولكنها ما لبثت أن كبحت هذه الرغبة الجامحة و سيطرت عليها بتوجيه اهتمامها إلى كيري التي بدت أنيقة بهية في فستان ثمين أزرق قاتم.
دخلت إيلين ريد و سامنثا إلى المكان، مرتدتين أفضل ما عندهما. وما إن بدأ الضيوف بالتوافد حتى وجدت بيني نفسها تُقدم إلى مدير المزرعة، ثلاثة رعاة و زوجاتهم.. عندئذ أدركت أن تشارلز ينظر إلى عماله على أنهم أصدقاء.
--------------------------------------------------------------------------------
ـ أنت على حق. لقد كنت حمقاء.. إنما هناك أشياء أخرى، أشياء ذات أهمية كبرى.
حملت عيناه البنيتان السؤال:" مثل ماذا؟"
هزت رأسها، وظلت صامتة.. كيف تقول له إن الرجل الذي تحبه لا يضمها إليه كثيراً وهو يراقصها على أنغام فالس حالمة؟ ولا يضغط ذقنه على جبينها، ليمنحها تلك اللمسة الحميمة التي تتوق إليها؟ ولن يكون هناك في المستقبل المزيد من تلك العناقات غير المتوقعة. فعلى الرغم من عدم وجود الخاتم هناك شيء مابين هذا الرجل وبين شينا.. لكن ماهو؟
بذلت جهداً كبيراً لإخفاء فضولها ثم ابتسمت له و قالت: بدت شينا سعيدة عندما عادت بصحبتك.
ـ صحيح؟ لم ألاحظ.. أعتقد أنها سعيدة الآن.
نظرت إلى عينيه:" لابد أن هناك سبباً".
ضحك ضحكة عميقة: أجل.. هناك سبب. ستعرفين كل شيء ما إن يعلن عنه.
غاص قلبها إلى أسفل الدركات من جديد.
ـ إذن سيكون هناك إعلان الليلة؟ أعترف أنني تساءلت عنه كثيراً.
ـ لا..ليس الليلة، لأن شينا تعتبر الليلة غير مناسبة.. تفضل أن تعلن الخطوبة في حفلة في منزل ذويها.. سيعلن أهلها الخبر.. تفهمين هذا.
ـ أجل..أعتقد أنني أفهم.
جعلها الانقباض الذي شعرت به تفقد التركيز على النغم الموسيقي.. فتعثرت خطواتها..
وأضاف:" سيكون الإعلان على الأرجح في مطلع السنة الجديدة حيث سيكون نصف أهالي المنطقة مدعوون".
ـ ستكون حفلة الحفلات بلاشك.
صعب عليها إخفاء المرارة من صوتها.. إذن، هذا ماكان تشارلز و شينا يتباحثه في الحديقة تحت ظليلة الورود.. في نفس الوقت، قررت أنها، إذا دعيت، لن تحضر الحفلة. يجب أن تجد عذراً.. صداعاً أو..أو أي شيء.. ثم طغى عليها المنطق، وقررت أن تحل هذه المشكلة في وقتها.
ما إن انتهت الموسيقى حتى أدار تشارلز الشريط ليقول مبتسماً: لقد أهملت سائر الدعوين.. وحان وقت عودتي إليهم.
ـ بالتأكيد.
لحقت به إلى الداخل حيث الأصوات و الهمهمات المرتفعة. فيما كانت تجيل النظر في غرفة الاستقبال شاهدت كيرك دينغويل يراقبها عن كثب. تقدم منها ليجذبها إلى منطقة هادئة في غرفة الجلوس القريبة، حيث قال: شاهدتك ترقصين مع تشارلز.. وأتساءل عما إذا قال لك إن هناك إعلاناًما..
هزت رأسها :" لا..ليس الليلة.. ربما في حفلة رأس السنة".
ـ هاكذا إذن..
صمت ثم راحت تراقبها عيناه الزرقاوان بثبات: والآن.. هناك ماأريد أن تتذكريه.. عندما يحين يوم زفافك يجب أن تأتي لمقابلتي في المكتب.
ـ آه.. لماذا؟
ـ لأن الترتيبات المالية استتغير عندما تغادرين منزل خالتيك..
ـ أتعني..
ـ أعني أن لا داعي لتضعي على عاتقك حمل نفقات ذلك البيت.
ـ لكن..كيف ستتدبران أمرهما؟
ـ الأمر سهل.. إن ادعاء جيلين الفقر خدعة كبيرة.. ولقد انخدعت في البداية، لكنني لن أنخدع بعد الآن. فهما تملكان مالاً أكثر مما تتصورين. أعرف هذا لأنني جعلت شغلي الشاغل أن أصل إلى الحقيقة.. لكنهما تفضلان استخدام مالك بدل مالهما.
ابتسمت بيني:" على الأقل، يسعدني أن أعرف أنني دفعت ثمن تربيتي".
بإمكانك وضع دائرة حول كلامك هذا.. على أي حال، حالما تتزوجين سيصبح المال بين يديك تتصرفين به على هواك. أتفهمين هذا؟
ـ أجل.. شكراً لك سيد دينغويل و لكنني لن أتزوج قبل مدة طويلة.. هذا إذا تزوجت يوماً.
تنهدت وهي تشعر بالقلق فومضت عيناه: لا تكوني واثقة من هذا عزيزتي..إن حدثت المعجزة ووجدت السيد المناسب فسنستخدم المال الكافي للزفاف اللائق الذي أراده لك أبواك..
أطرقت رأسها غير قادرة على أكثر من التمتمة: شكراً لك سيد دينفويل. لقد كنت كثير اللطف معي، وأنا أقدر لك هذا.
ـ أحببت والديك عزيزتي.. كانا شابين فاتنين.
بعد ذلك تنحنح ثم ابتعد ليتحدث إلى أصدقاء آخرين. فكرت بيني بكلامه: الزفاف اللائق.. عرفت أن هذا يعني ثوب عرس أبيض ونقاب طويل، وباقة ورد من الزئبق، وكنيسة مزينة بالزهور.. وتشارلز أمام المذبح بانتظارها. لكن لن يكون المنتظر تشارلز، بل شخص آخر.
مرت الأمسية بشكل ضبابي، كانت خلالها تتحدث إلى الناس و تحارب اكتئاباً غامراً.. كانت لوسي كوردا هي التي ردت إليها البهجة.
لمست ذراع بيني وقالت:" أنا و دايفد مغادران الآن يا عزيزتي.. لقد كان يومه طويلاً وهو متعب.. كنت أتساءل عن الغد.. أترغبين في المجيء لرؤية الصور والفيلم؟"
نظرت بيني إليها شاكرة فقد جذبها الاقتراح بعيداً عن غمها. ومنحها ما تفكر فيه عدا تشارلز، وقالت: أجل.. أرجوك..سيكون هذا.. رائعاً بل في غاية الروعة.
نظرت إليها لوسي بتفهم عميق: سيكون اختياراً عاطفياً لك عزيزتي.. وأتساءل عما إن كنت تحبين أن ترافقك كيري.. أم تفضلين المجيء بمفردك.
ـ أفضل المجيء بمفردي.
ـ حسناً. أحفظت الطريق؟
ـ أظن هذا.. قلت إن منزلكما هو المنزل التالي إلى اليسار بعد مدخل منزل جورج.. سأجده.
ـ إذن ، سأتوقع وصولك في منتصف بعد الظهر. والآن يجب أن أجد دايفد لأودع كيري و تشارلز.. كانت حفلة رائعة.
تساءلت بيني وهي تراقب لوسي تسحب زوجها من بين مجموعة من الرجال: أكانت حقاً حفلة رائعة؟
كان رحيل أسرة كوردا الإشارة للآخرين بوجوب الرحيل. وعندما غادر آخر ضيف، ساعدت بيني ايلين و سامنثا في ترتيب الغرف.. وفي رد المقاعد إلى مواضعها وفي حمل الكؤؤس والفناجين إلى المطبخ، وعندما وضع آخر صحن في آلة جلي الصحون، فكرت لحطتئذ في الصعود إلى النوم.
كانت تقطع الردهة عندما التقت بتشارلز.. لم يظهر عليه التعب مع أن الوقت متأخر. أحست بوهن في ساقيها وهو يشدها إلى الشرفة.. خفق قلبها عندما أدارها إليه وعندما احتضنتها يداه ليلثم خدها بقبلة أخوية.
تمتم:" شكراً لك بيني".
ـ الشكر..لماذا؟
ـ للمساعدة على إنجاح الحفلة.. تنشغل أمي دائماً مع أترابها من العجائز.. لقد راقبتك وأنت تركزين اهتمامك على زوجات الرعاة الشبان، وقد جعلهن جهدك يحسسن بأنهن على رحب و السعة.
ـ بدون خجولات لأنهن دعين إلى حفلة في بيت المعلم، للمرة الأولى.
ـ وقد عملت أنت على بعث الراحة في قلوبهن، وأنا شاكر لك هذا. الغد لديك استراحة. ستنامين، ولن تقتربي من الكتب. هذا أمر سأتأكد بنفسي من أنك ستنفذينه.
ضحكت:" شكراً لك يا معلم.. ولكن لدي خطط للغد.أنوي القيام ببعض الطباعة في الصباح، على أزور أسرة كوردا بعد الظهر.. لأنني سأشاهد صوراً و فيلماً لوالدي.
ـ وهل أمي و شينا ذاهبتان معك؟
ـ لا.. بل أنا ذاهبة بمفردي.
ـ أتقولين إن لوسي لم تدعهما ؟ أذكر أن شينا أبدت رغبة في رؤية الصور و الفيلم.
ابتسمت بيني:" لوسي متفهمة جداً.. وتعرف أنني قد أبكي، و أنني قد لا أرغب في أن يشاهد أحد دموعي.. كما أنني لا أظن أن أمك و شينا مهتمتان ولو من بعيد بوالديّ".
ـ أيدهشك أن أقول إنني مهتم لرؤية والديك.
ـ سيدهشني فعلاً.. أفهم إن قلت إنك مهتم بوالدي شينا أما بوالدي فلا أفهم.
ـ مهما يكن الأمر .. أنوي مرافقتك.
واجهته بصراحة:" لماذا"؟.
ـ لأنني أريد التأكد من عودتك إلى المنزل سالمة.. ستمرين بتجربة مؤلمة، وقد يتشتت تفكيرك.
ـ أتشير إلى أن التاريخ قد يعيد نفسه؟ لا تقلق، لن تنتقلب بي السيارة.
صمتت، ثم أضافت بحزم:" شكراً لأنك قلق عليّ، ولكنني أفضل حقاَ الذهاب بمفردي".
ـ أواثقة من هذا؟
هزت رأسها:" كل الثقة".
ـ حسناً..أحترم رغباتك.. هل ستجدين الطريق؟
ـ أجل..لاتجاه" كارترتون" لوحة بارزة.
ـ إذن اذهبي إلى الفراش ونامي قليلاً.
رفعت رأسها إليه، تتوقع أن يعانقها ولكنه لم يتحرك، بل وقف و ذراعاه معقودتان على صدره، فيما العبوس ظاهر على وجهه وهو يتأمل الظلال في الحديقة. تركته يقف على الشرفة وعندما كانت تتسلق الدرج انسلت منها تنهيدة. فهي تعرف أنه يفكر في شينا.


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:33 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.