آخر 10 مشاركات
لقاء الخريف / الكاتبة : طرماء و ثرثارة ، كاملة (الكاتـب : taman - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          ضلع قاصر *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : أنشودة الندى - )           »          الدخيلة ... "مميزة & مكتملة" (الكاتـب : lossil - )           »          309 - نهر الذكريات - مارى ويبرلى - روايات احلامى (الكاتـب : samahss - )           »          دموع بلا خطايا (91) للكاتبة: لين جراهام ....كاملة.. (الكاتـب : *ايمي* - )           »          أنتَ جحيمي (82) للكاتبة المُبدعة: Just Faith *مميزة & مكتملة رابط معدل* (الكاتـب : Andalus - )           »          ✨الصالون الأدبي لرمضان 2024 ✨ (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          كتاب رحلة الساق المعلقة من رأس العش إلى رأس الكوبرى (الكاتـب : ahmad2006771 - )           »          214 - العسل المر - لي ويلكنسون -حصـــــــــــرياً (الكاتـب : عنووود - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-02-16, 07:43 PM   #71

اميرة محمود

? العضوٌ??? » 363933
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2
?  نُقآطِيْ » اميرة محمود is on a distinguished road
افتراضي


نهاية غامضة نوعا ما اظن ان هناك الكثير يكشفه لنا الفصل القادم
كتابة مميزة و حروف منظمة فشكرا لابداعك الجميل
و اتمنى ان تكشف لنا باي كلية التحق كاتبنا المبدع
و انتظر الفصل القادم منك بفارغ الصبر


اميرة محمود غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-02-16, 11:59 PM   #72

mnsmas
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية mnsmas

? العضوٌ??? » 334157
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 30
?  نُقآطِيْ » mnsmas is on a distinguished road
افتراضي

أشكركم جزيل الشكر على دعمكم لي و على ردودكم المشجعة و تمنيكم التوفيق لي في الصف الثانوي..
الحمدالله قد وفقني الله عز و جل فحصلت على مجموع 99.3 % و التحقت بكلية الهندسة
اما بالنسبة للرواية .. فمازال بالطبع عقل لويس (او حسين ) يحتفظ بما سجله من ذكريات .. فمن منا يملك محو ذكرياته بملك ارادته !! .. ربما طغت الأسئلة مجهولة الأجوبة على عقله .. و ربما أيضا تتضح له تلك الأجوبة في الفصول القادمة بإذن الله .. بإذن الله الفصل القادم سيكون هنا في موعده يوم الأحد بإذن الله أتمنى ان ينال إعجابكم ..
شكرا مرة أخرى على متابعتكم المشجعة .. تحياتي


mnsmas غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 12-02-16, 05:07 AM   #73

مها ع

نجم روايتي ومحررة بالجريدة الأدبية

alkap ~
 
الصورة الرمزية مها ع

? العضوٌ??? » 353525
?  التسِجيلٌ » Sep 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,502
?  مُ?إني » yemen
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Yemen
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » مها ع has a reputation beyond reputeمها ع has a reputation beyond reputeمها ع has a reputation beyond reputeمها ع has a reputation beyond reputeمها ع has a reputation beyond reputeمها ع has a reputation beyond reputeمها ع has a reputation beyond reputeمها ع has a reputation beyond reputeمها ع has a reputation beyond reputeمها ع has a reputation beyond reputeمها ع has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك action
¬» اشجع hilal
?? ??? ~
يا رقيقة القدمين يا امي ، اود لو كنت الارض التي تمشن عليها .....
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


شكرا على الدعوة اخي وسأتابع الرواية بالتأكيد لكن عندما انهي امتحانات نصف الترم ...
بالتوفيق لكـ ....


جووري# ~


مها ع غير متواجد حالياً  
التوقيع











[/COLOR][/SIZE]
رد مع اقتباس
قديم 14-02-16, 02:52 PM   #74

mnsmas
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية mnsmas

? العضوٌ??? » 334157
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 30
?  نُقآطِيْ » mnsmas is on a distinguished road
افتراضي الفصل الحادي عشر

غموض قاتل




لم يكن ذلك الصوت صوتًا مألوفًا بالنسبة لي .. لم يكن صوت ايلين الرقيق بأي حال من الأحوال فقد كان صوتًا غليظًا بعض الشئ و لكن يتخلله شئٌ من الإنكسار لا أدري له معنىً .. انه صوت رجالي يشعر المرء فيه بتلك النبرة الغريبة .. نبرة الحزن و الآلم ..
بصوت متقطع و قلب مضطرب أجبته - " نــ عــ م "
-" يؤسفني أن أخبرك أن الحاج علي الدرمصرانجي فـــ .. في حالة حرجة جدًا .. لقد تعرض لحادثة خطيرة و ..."
بالطبع لم أنتظره ليكمل جملته تلك ..كنت في فزعٍ شديد .. إرتعش جسدي لسماع جملته .. قاطعته فورًا بصوتٍ مضطرب -" ماذا .. ماذا حدث ؟! هل هو بخير ؟! .. أخبرني مكانه الأن !! "
-"إنه في مستشفى بلباستر العامة .. الدور الثالث الجناح السابع الغرفة الاولى في قسم العناية المركزة "
تناولت أحد الأقلام من جيب البذلة التي لا تزال تغمرني .. دونت العنوان بسرعة على كف يدي .. لم يكن هناك وقتٌ للرسميات التافهة .. أو البروتوكالات الساذجة مثل قول كلمة - سلام أو باي - قبل إغلاق الهاتف في نهاية المحادثة و بعض الجمل الساذجة التي تسبقها..

انه الصراع الأكبر .. صراع النوم الجسدي مع الرهبة العقلية .. تريد النوم و لكن لا تستطيع .. تشعر بالخوف الشديد .. تشعر بفراق قريب ..
كانت البذلة لا تزال على جسدي .. لم أنتظر لأمشط شعري أو اغسل وجهي من آثار النوم .. فقط ربطت الحذاء و انطلقت نحو بهو الإستقبال .. فور نزولي سألت عن السائق حتى يأخذني الى المشفى ..لكن لسوء الحظ كان قد رحل و معه تلك السيارة الثمينة ليودعها في الجراج .. بل و الأسوأ أنه وحده من يمتلك مفاتيح تلك السيارة بإعتباره السائق الرسمي الحيد و المخلص للمدير العام ..

لم أدري ما علي فعله آنذاك .. ربما كان حلي الوحيد هو إستخدام المواصلات الفقيرة .. او كما يسميها البعض المواصلات العامة .. التي تظهر صباحًا و تختفي ليلًا إلا من القليل .. فاذا اردت الذهاب الى مكان ما ليلًا فانتظر ذلك القليل حتى يصلك و يُقِلك الى مرادك ..
إنتظرت طويلا و قلبي يلهث و عقلي يكاد ينفجر .. إنتظرت مرور اي مواصلة من تلك المواصلات الكئيبة .. و لكن لم يحدث ذلك في تلك الليلة .. هل من المعقول ذلك ؟!! .. خلو البلدة كلها من تلك الآلات الغريبة التي تنقلك حيث تشاء !! ..
ربما طرقت عقلي آنذاك أشباحٌ لأفكارٍ أخرى مختلفة عن سابقتها .. ربما فكرت كثيرًا في رأي ذلك الصبي الذي يمكث هناك في ذلك الركن من الطريق حينما يرى رجلا ببذلة يهرول في الطرقات العامة ! .. نعم فقد قرر عقلي و على الجسد الخضوع والتنفيذ .. فلا حل أمامي غير الإعتماد على قدماي و لياقتي .. فربما هما الحل الوحيد و الأخير .. استعدت قدماي للهرولة .. و كأنني سأخوض ماراثون .. و لكني سأخوضه وحدي بدون منافسين .. ربما الوقت هو الشئ الوحيد الذي بوسعه منافستي الأن .. قررت أن لا أنظر لأعين الناس في الطريق .. دائما نظرات الناس هي التي توقف الطامحين .. حتى في حياتنا .. نظرات الحاقدين تدمر الطامحين الناجحين .. فكم من مشروع قمت بإلغاءه فقط حينما فكرت في الطريقة التي سينظر الناس بها له .. لحسن حظي في تلك الفترة كان الوقت متأخرًا و لا يوجد العديد من الناس عادة في مثل هذا الوقت من اليوم ..
المشكلة الوحيدة الأن هي أن المشفى يبعد ساعة و نصف مشيًا على الأقدام .. أتمنى أن يبعد أقل من ذلك هرولةً على الأقدام .. فلا أعلم الى متى سيقاوم جسد الحاج علي الصدمات .. كنت أستحث قدماي على الهرولة في الطريق محاولًافي ذات الوقت الحفاظ على بعض الأنفاس حتى لا تنقطع و يموت اثنان بدلا من واحد .. و ان كنت أتمنى أن يحيى الجميع .. و لكنها عقيدة الحياة ..
كان لزامًا علَّي أن اشغل عقلي بشئ ما حتى لا أشعر ببعد المسافة .. فدائمًا ما يلهيك فكرك عن متاعب الطريق و ربما أيضا عن نظرات الاستغراب حولك ..
كنت دائم التفكير في ما يمكن أن يحدث للحاج علي .. أو ربما لأسراره و خفايا عقله .. ربما إنتابتني الرهبة وطغت علًّي مشاعر الخوف حين فكرت في هذه الحقيقة القريبة .. حقيقة موت الحاج علي .. للأسف ليس الحاج علي وحده من سيموت اذًا .. بل ايضا كتب من الأسرار و الألغاز .. الالغاز التي يتعلق بعضها بحياتي .. الأسرار التي طالما حيرتني .. الغموض الذي كان يقتلني .. الإجابات التي احتمت مني خلف غموض الحاج علي .. هل يمكن أن يموت كل هذا معه؟!! .. الحاج علي ! .. لا يمكن أن اخبركم أنه رجل طيب أم خبيث .. أقابله كل يوم و احاول تبين ذلك و لا أستطيع .. كل ما استطيع وصفه به هو الغموض .. الغموض الشديد لا غير .. حتى في علاقته مع السيد مارك .. والدي الحالي !! .. علاقته الرسمية أنه مساعده .. مساعده الأول و يده اليمنى و اليسرى .. و لكن لا أعلم لماذا كان السيد مارك يمشي أغلب الوقت بدون ذراعيه .. أين كان يختفي الحاج علي في أغلب الوقت ؟!! ..
بالطبع من الصعب على عقل يتخلله الشعور بالنعاس ان يستمر بقيادة أمران معًا .. الإستمرار بالتفكير و إعطاء الأوامر للجسد ليحثه على الهرولة .. يمكنه أن يركز في أمر واحد فقط .. و قد قررت أن تكون الأولوية للجسد ..
توقفت لألتقط أنفاسي .. بقي القليل فقط .. هاهو المشفى على مرمى البصر .. و ربما توقفت أيضًا لأرسل ضحكة سريعة .. الأمر فعلًا يستحق تلك الضحكة.. فمرور إحدى عربات المواصلات أمامي آنذاك جعلني أتوقف .. إنها من نوع السيارات العجيبة التي تأتي حينما لا تريدها .. أوتجعلك تجري الكيلومترات و توصلك هي على مسافة مترات .. لكني هذه المرة قررت أن أترك لقدماي إكمال مهمة التوصيل ..
بضع هرولات أخرى لأجد نفسي أمام المشفى .. أتمنى أن لا يوقفني آمن المشفى بتهمة التصبب عرقًا أو الرائحة المقذذة .. مررت الى الداخل بنجاح .. رفعت كفي الذي كتبت عليه العنوان لأستبين الطريق .. تتبعت الطريق الذي وصفه لي الرجل على الهاتف .. نعم هذا هو قسم الطوارئ ..
لا أحد في الممر كله إلا شخصٌ واحد .. ربما هو من قام بالإتصال بي.. ملامحه لا تدل على أنه من سكان بلباستر .. تقدمت نحوه في حذر .. جهزت نفسي لألقي السلام عليه و أفهم منه ما حدث .. لكني لم استطع فعل ذلك ..
من يستطيع أن يتحدث مع شخص تنهمر الدموع من مقلتيه بهذا الشكل .. هل ما أخشاه قد حدث بالفعل !! .. هل ماتت كل هذه الأسرار !! .. تقدمت في هدوء و ذعر متناقضين ..دموعي بدأت تفر من عيني دون قدرتي على التحكم بها أو منعها .. القلب يدق دقات الفزع المرعبة ..عيناي تلحظ تقدم الرجل نحوي .. و بصوت جذع يخبرني " لقد مات الحاج علي يا حسين .. مات الحاج علي "

لقد كانت الصدمة شديدة الوقع علَّي .. كنت أعلم أن هذا الأمر حتمي على كل إنسان .. لكنه مات حتى دون أن يكشف لي بعض الأسرار التي لطالما بحثت لها عن إجابات .. عجز لساني حينها عن الحديث .. و تحدثت دموعي عوضًا عنه ..
صوت الرجل المضطرب يتردد على مسامعي مرة اخرى -" ســ سأنزل الى الإستقبال .. لـــ لأجعلهم يتصلون بالسيد مارك ليعلموه بالأمر .. لقد ترك لك .. لقد ترك لك الحاج علي هذه الورقة كوصية منه لك "..
كنت في عجز شديد لا أستطيع الرد أو التحكم في نفسي .. أخذت الورقة و وضعتها جانبا و إرتميت على كرسي من كراسي المشفى .. انها رهبة الموت .. موت من تحبهم .. و خصوصًا ان كنت معهم في المشفى في هذه اللحظات العصيبة ... او كنت ترى الطبيب و تمريضه يسرعون في إخراجه من المشفى ليتوارى في تابوته الأبدي ..إن هذه اللحظات تفتك بالانسان ..تفتك بقلبه .. تجعله في حيرة من امره .. في رهبة من ربه .. في اشفاق على روحه .. و حزن على الحبيب ..
إنتظرت عودة الرجل مرة أخرى لأسأله عن لحظات الحاج علي الأخيرة .. لكنه هو الأخر لم يعد .. حينها فقط لاحظت الأمر ..
تذكرت الحديث الذي دار بيني و بين ذلك الرجل .. إن حديثه لي كان بالعربية الفصحى !! .. هل يعقل .. هل يعقل أن يكون قريب الحاج علي ؟!! .. كيف وهو أخبرنا أنه لا يملك قريب في هذه البلاد أو في غيرها .. توفى والداه .. و هو غير متزوج ؟!!! .. مَن هذا الرجل اذًا ؟!! ..
استمر عقلي في طرح مزيد من الأسئلة العجيبة التي يعجز هو نفسه عن إيجاد إجابة منطقية لها ..
استمر الحال لبضع لحظات .. الى ان قطع ذلك السكون صوت العقل المفكر الخبيث ..الذي يعرض عليك الغازًا لا إجابة لها و يتركك في حيرة من أمرك .. و قد تمكن عقلي هذه المرة من ذلك الأمر .. لقد عرض علَّي لغزٌ آخر محير يصعب حله.. عرض علي مضمون الحديث بيني و بين ذلك الرجل .. هل فعلا ناداني ذلك الرجل باسمي القديم ؟!! هل سَمِعَت أذناي لفظ حسين يُقال؟!! .. اللفظ الذي ربما نسيته انا شخصيا او تناسيته ؟!! .. من أين له أن يعرفه ؟! .. من هذا الرجل فعلا ؟ّ!! ..
عقلي يكاد يتدمر وشرايين الدم بداخله تغلي .. البحث عن الإجابات المناسبة قد أرهقه .. قلبي تملؤه المشاعر المتناقضة .. مشاعر النوم ممزوجة بمشاعر الرهبة و الخوف .. الخوف من المستقبل المظلم .. الأفكار المخيفة .. مشاعر الحزن و الآسى ..
السيد مارك قد يأتي في أي لحظة هنا لإستلام جثة الحاج علي .. الذي لم يتبقى من ريحه شئ الا هذه الجثة الهامدة .. و هذه الورقة بجانبي !! .. هذه الورقة الذي ناولها لي ذلك الرجل العجيب قبل ان يختفي عن الأنظار .. ما عساها تكون هذه الورقة ؟!! .. ما عساها تكون وصية الحاج علي لي ؟!
.




التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 19-02-16 الساعة 02:14 AM
mnsmas غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 14-02-16, 05:31 PM   #75

jasme

? العضوٌ??? » 336685
?  التسِجيلٌ » Feb 2015
? مشَارَ?اتْي » 549
?  نُقآطِيْ » jasme is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

jasme غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-02-16, 08:58 PM   #76

نسيم الغروب

نجم روايتي وقاصة وعضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الأعضاء وعضو متألق ونشيط بالقسم الأدبي

 
الصورة الرمزية نسيم الغروب

? العضوٌ??? » 102266
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 6,407
?  نُقآطِيْ » نسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الخير
عودة حميدة والف مبروك على كلية الهندسة .. هههه استعد لتتسابق مع الزمن والمعادلات
يبدو ان حسين كبر في غفلة منا وطوال فترة الغياب ليصبح لويس الثري بعد ان كان الموت اقرب اليه من انفاسه قبل ان يتم اختياره
من الذي يعرفه من الماضي ويكلمه بلغته وكذلك يعرف اسمه
الوصية التي تركها الحاج علي ما محتواها فدائما الوصايا تترك متلقيها في حالة انتظار مرعب ربما تفجر اسرار او حمل حزنا واحيانا تنشر الفرح

شكرا على الدعوة
بالتوفيق


نسيم الغروب غير متواجد حالياً  
التوقيع



رد مع اقتباس
قديم 18-02-16, 09:36 PM   #77

mnsmas
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية mnsmas

? العضوٌ??? » 334157
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 30
?  نُقآطِيْ » mnsmas is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نسيم الغروب مشاهدة المشاركة
مساء الخير
عودة حميدة والف مبروك على كلية الهندسة .. هههه استعد لتتسابق مع الزمن والمعادلات
يبدو ان حسين كبر في غفلة منا وطوال فترة الغياب ليصبح لويس الثري بعد ان كان الموت اقرب اليه من انفاسه قبل ان يتم اختياره
من الذي يعرفه من الماضي ويكلمه بلغته وكذلك يعرف اسمه
الوصية التي تركها الحاج علي ما محتواها فدائما الوصايا تترك متلقيها في حالة انتظار مرعب ربما تفجر اسرار او حمل حزنا واحيانا تنشر الفرح

شكرا على الدعوة
بالتوفيق
جم الشكر لكي أختي على تواجدك و ردك الذي أسعدني كثيرًا
و أشكرك على ملاحظاتك في الرواية .. أظن أن لغة الأرقام و المعادلات أصبح لها تأثيرها الخاص على اللغة :d لكن سأحاول تفادي مثل ذلك في القادم من الرواية باذن الله


mnsmas غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-02-16, 03:35 PM   #78

mnsmas
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية mnsmas

? العضوٌ??? » 334157
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 30
?  نُقآطِيْ » mnsmas is on a distinguished road
افتراضي الفصل الثاني عشر

عودة الثعلب

فتحت الورقة ببطئ شديد .. لم تكن الرؤية واضحة لعيناي .. ربما كانت مشاعر الخوف تشع من يدي ضوءًا يستحيل الرؤية من خلاله .. أم أن كثرة البكاء قد أقام جدارًا مائيًا حاجزًا استحال ظهور الورقة من خلاله بشكل واضح .. لذلك جعلت ما تبقى من قوتي تحت إمرة حاسة النظر .. ربما فقط آنذاك بدأت في قراءة الورقة ببطئ و بصعوبة بالغة..
- " سيد لويس .. او ابني حسين .. ربما أردت أن أخبرك ما منعته عنك كثيرًا .. و لكن كان الوقت و الخوف يمنعاني كلما اقتربت لك به .. ربما قررت ان تكون هذه هي اللحظة التي يتحتم عليك معرفة كل شئ فيها .. ربما يجب أن تكون لحظة نهايتي هي البداية الجديدة لك .. بداية إستكمال مشواري الذي بدأته سابقًا ..بالتأكيد تريد أن تكتشف تفسيرًا لبعض الغموض الذي ساد حياتك منذ قدمت الينا .. نظراتك و افعالك كانت تدل على ذلك .. و ربما حان وقت كشف شئ من ذلك الغموض .. قصتك بدأت حينما طلب مني السيد مارك أن أجد له طفلًا ذكيًا ليكون له إبنًا و يرث ملكه العظيم .. السيد مارك كان يثق بي كثيرًا .. لذا أخبرني بسره الأكبر و خوفه الأعظم .. و ها انا أثق بك بني و سأخبرك بما أعلم .. السيد مارك و لحسن الحظ كان عقيم جنسيًا .. كل هذه الأموال و الأملاك ستذهب هباءًا بعد موته .. لا سندٌ ولا وريث يحمل الإسم بعد الممات .. ربما فكر كثيرًا في الأمر قبل أن يبوح به لي .. كانت الكلمات تسارع لتصل الى مسامعي آنذاك حين أخبرني أنه يريد أن يكون له ولد يرثه .. و أن جسده لا يعينه على ذلك .. عادت آنذاك لي ذكريات الطفولة في وطني .. درمصرنجا .. نعم وطني الذي احتله الدنجيون .. الذي دنسه قدومهم و دنسته أقدامهم .. السيد مارك يملك إرثًا عظيمًا كما تعلم .. ماذا اذا وقعت هذه الثروة في يد أحد أبناء وطني .. هل تتذكر وطنك يا حسين ؟ .. كيف سيؤثر هذا على العدو .. إن المال هو القوة التي يحتل بها العدو المكانة العظمى .. المال أولًا .. فماذا اذا امتلك وطننا مثل هذا المال ..
بعد طلب السيد مارك أن أجد له طفلًا مهما كلف الأمر و من أي مكان كان ..أقنعته أنه لا مفر الا من ديار العبيد حتى لا يتم كشف أمره من مغرضي -خبائث الإعلام- .. قمت بالبحث في كل ديار العبيد في البلدة .. علي ان أجد طفلًا ذكيًا دون الخمسة عشر عامًا من أبناء وطني .. عله يساعد وطنه اذا اتيحت له الفرصة و ذكَّرَه به رجل يموت .. كنت انت يا حسين ذلك الطفل .. لم أجد حينها طفلًا من ابناء وطني غيرك في تلك الديار فربما لم يمتلك القدرة على الهروب من أبناء وطنك الصغار الا انت .. كان لزامًا علي أن القي ذلك السؤال الذي سمعته هناك و لكن النتيجة واحدة .. كنت انت من سيتم اختيارك حتى لو كانت اجابتك خاطئة .. و لكن باجابتك الصحيحة كنت أنت ذلك الأمل .. أمل الوطن في التحرر .. أمل النجاة .. دوري في الحياة قد إنتهى بتحريرك و منحك النفوذ .. إنه دورك الأن .. ربما تجد من يساعدك هنا .. "
ملامح الدهشة احتلت وجهي و انا أقرأ هذه الورقة المليئة بما كنت أطمح اليه من إجابات و أسرار .. يكون الإنسان في حاجة الى الإجابات و حين تتجلى له يفضل لو أنه لم يعرفها .. هل كانت هذه حقيقة الحاج علي ؟!! .. هل كان يعمل كل تلك الفترة لصالح وطنه ؟! .. هل ينتظر مني أن أحرر وطنًا كاملًا بالمال فقط ! ..
كنت على وشك مغادرة المشفى في حيرة من الأمر و في غير تصديقٍ من الواقع .. حينها فقط لمحت ظهر تلك الورقة و مدون عليها عنوان ما .. ما يكون يا تراه ذلك العنوان ؟!! .. دفنت الورقة في جيوبي و انا أرى السيد مارك حزين الوجه على مرمى البصر .. هكذا انتهى ذلك اليوم الحزين .. بعد ان وارى الحاج علي التراب ..

في اليوم التالي استيقظت متأخرًا .. لحسن الحظ كان السائق في انتظاري في البهو .. بعد نصف ساعة كنت جاهزًا لأخبره بأن ينطلق .. كالعادة رفع السائق مكابح الأمان و تنهد تنهيدة سريعة قبل أن تنطلق السيارة في طريقها المعهود ..
الطريق .. كل انسان له طريقه المحدد .. يمشي في طريقه الى النهاية .. يواجه عوائق طريقه .. قد تتقاطع الطرق لتقابل بعضها بعضًا .. و لكنها حتمًا تتقاطع في نقطة و تنفصل مرة أخرى .. هكذا كانت حياة الحاج علي ..
بذكر الحاج علي تذكرت العنوان الذي اعطته لي كلماته في تلك الورقة .. لدي رغبة ملحة لأعرف الموجود بذلك العنوان .. اغتنمت الفرصة .. أخبرت السائق بأن يعدل مساره و يغير اتجاه عجلاته .. بالطبع لم أخبره بالعنوان .. بل أخبرته بأن يذهب الى سوق قريب من العنوان المدون في ظهر الورقة ..
في غضون دقائق وصلت السيارة للمكان المراد .. إنه حي من الأحياء الفقيرة في العاصمة .. حتى انني اظن اني رأيت ملامح السائق تحتلها الدهشة و الاستغراب .. ربما لم يعهد بي ولوج هذه الأماكن .. و لكني آمرته بانتظاري برهة من الوقت .. دخلت الى السوق .. حتى لا أثير الشكوك .. ثم خرجت من بابه الخلفي .. كل العيون تحدق بي .. ربما ظن اهالي القرية انه اخيرًا آتاهم أحد المسؤولين ليتفقد أحوال القرية الفقيرة و يصلح لهم أمورها .. فهم لم يعهدوا مرور رجل ذو بذلة أنيقة و مظهر أنيق عليهم .. لم أبالي بكل ذلك بل أخرجت الورقة لأتفقد العنوان مرة أخرى ..
إنه منزل صغير في ناصية الشارع .. ربما هو ليس شارع بالمعنى الحرفي له الا اذا اعتبرنا ان الشارع هو كل خط يصل بين نقطتين .. و لكن يمكن ان نسميه خط من الوحل الذي يحول البذل السوداء الى بنية اللون ..
اقتربت من المنزل .. يداي تتجه نحو دق الباب .. بعد ان فشلت عيناي في ايجاد جرس للمنزل .. قلبي يخفق بشدة .. ترى ماذا كان يخبئ عني الحاج علي طيلة هذا الوقت ..
شعرت بأحد ما يقترب من الباب .. خطوات تقترب و تعلوا صوتها و يد تقترب من فتح الباب .. الباب يفتح بصريره غير المعهود على مسامعي .. ربما كل شئ في هذا الحي أصبح غير معهود على أصحاب الأموال ..
انه نفس ذات الرجل في المشفى الذي فتح الباب لي .. اخرج رأسه في حذر ليرى ان كان هناك أحد يتبعني .. عندما تأكد أني وحدي أومأ لي بالدخول .. دخلت في هدوء .. لدي إثارة فعلًا لأعرف ماذا يحدث .. ما هذا المكان .. و خصوصا سر هذا الرجل ..
-" تفضل بالجلوس يا حسين .. انتظرناك طوال عشر سنوات و ها انت اخيرًا هنا " قالها الرجل بلغة عربية فصحى
نظرت سريعا الى محتويات المنزل .. ربما لا توجد محتويات غير بضعة كراسي من الخشب الخشن وضعت بجانب بعضها البعض .. جلست على احداها و انا اوجه نظري نحو الرجل بدون حديث .. ربما تداخلت الأسئلة داخل عقلي فعجز اللسان على إخراجها .. قبل ان تستقبل اذني حديثه لي
- "ربما تود أن تعرف من الأمر شيئًا .. انا معتز .. من درمصرنجا اذا كنت ما زلت تذكرها .. أتيت انا و صديقي الحاج علي الى بلباستر من سنين بعيدة جدًا .. أتينا باحثين عن عمل كحال الكثيرين "
بدا على وجهه التأثر قبل أن يستطرد - " لقد كان الحاج علي خير صديق لي .. و لكن ظروف العمل فرقتنا .. فهو وجد ضالته عند السيد مارك .. و لكني لم آبه بمثل هذه الأعمال .. كنت احب التجارة المربحة .. فعملت بها .. و ما اربحها من تجارة .. لقد عملت في تجارة السلاح .. او كما يسميها البعض تجارة الهلاك .. ربما هي ليست هلاك للشاري بقدرها هلاك للتاجر "
هنا كان لابد أن أقاطعه حال تذكري السائق المنتظر امام السوق فلا وقت للتفاهات الفلسفية
- " و ما علاقة هذا بالموضوع ؟!"
رد معتز بابتسامة خفيفة - " ربما انت الآن لويس الذي لا يتحمل الجلوس على مثل هذا الكرسي الخشن و يود الفرار "
حال سماعي لهذه الجملة جعلت ظهري يتمدد باستقامته على ظهر الكرسي الخشبي .. فانا حسين و سأظل حسين الدرمصرانجي حتى و ان قضيت فترة من عمري مجبرًا لويس المرفه .. كنت أود ان ابوح بغضب بكل ذلك في وجه معتز حتى يعلم اني مازلت حسينًا لا لويسًا و لكنه لم ينتظر انطلاق لساني فاستطرد
-" لم نلتقي انا و الحاج علي الى ان حدثت الكارثة .. الى ان أخذ الغزاة ما ليس لهم .. بحث عني الحاج علي يومها .. كان عنيدًا .. لم يهدأ الى أن وجدني .. فوجئت به .. حننت لذكريات الماضي معه .. و لكنه كان يحن لشئ اخر .. شئ اكثر قيمة .. كان حنينه موجه لوطنه المسلوب .. لم ننم يومها ونحن نتابع الأخبار و قد امتلئت قلوبنا بنار الحرقة و لهيب الحزن .. قررنا يومها اننا سندفع الغالي و النفيث في سبيل استعادة وطننا الحبيب .. وضعنا من الخطط الكثير .. كان دوري ان اكفر عن ذنوبي بتجنيد ابناء وطننا المقاومين بذلك السلاح المتين .. و كان دور الحاج علي رحمه الله .. هو انت يا حسين .. كان دوره ان يسيطر على رأس مال ينتفع به وطننا الحبيب .. "
اضطرب فكري وجاشت خواطري آنذاك .. اكان كل ذلك يُخَطَط و انا الهو بالمال كالصغار .. هل مازال ابناء الوطن المخلصين يساعدونه للنهوض من كل صوب و في كل حين .. الحزن على وفاة الحاج علي يزداد كلما عرفت مخبأ أسراره .. لم أدري ما علي قوله في تلك اللحظة .. ربما لم يستطع عقلي تحمل كشف المزيد من الأسرار ربما كل ما استطاع فعله هو ارسال الأوامر لجسدي يحثه فيها ان يرتفع من على الكرسي الخشبي غير المريح و يتحرك نحو الباب تاركًا المنزل البالي القديم .. و لكن أظن أن عقلي مازال لديه سؤال اخير لهذا الرجل الجالس هناك على الكرسي الخشبي ..
و قام لساني بالتنفيذ - " و لماذا لم يخبرني الحاج علي بكل ذلك ؟! "
ظهرت الابتسامة على وجه معتز قبل ان يرد -" أيستطيع الطفل الصغير حفظ أسرار الكبار ؟! .. الحاج علي انتقل الى رحمة الله .. و كان لزاما ان تعلم ان هناك خطط تدبر و مكايد تنظم و انت من يفترض ان يديرها"
لم ادري ما يتوجب عليه فعله آنذاك و لكنى اعلم ان السائق بالتأكيد قد ملل من انتظاره .. كل ما فعلته اني توجهت ناحية الباب و كان اخر ما سمعته قبل الخروج .. صوت معتز يقول -"أنتظر عودتك في القريب العاجل .. فقد اعددت لك مكانًا هنا" .. صرير الباب غير المعهود على مسامعي .. ثم صوت الباب يُغلَق بفعل يدي .. لأعود مرة أخرى للطريق الطيني الطويل الى السوق ثم لتلك السيارة النفيثة التي وقف الكبار قبل الصغار في ذلك الحي الفقير يرمقونها بنظرات الحقد المديد ..ركبت السيارة سريعًا ثم قلت للسائق بدون النظراليه
- " انطلق بنا الى المكتب الهندسي "
و لكن السائق لم يتحرك بل نظر الي نظرة استغراب
ربما سبب هذه النظرة هو ذلك الطين على بذلتي .. و لكن مع ذلك هناك سبب أكبر يجعله ينظر الي هذه النظرة .. كيف لم أنتبه لهذا الأمر .. لقد كنت أتحدث بالداخل مع معتز باللغة العربية .. و ربما حين خرجت كنت قد اعتدت الحديث بالعربية .. أو ربما حننت لها .. لا أعرف ماذا دهاني لأتحدث مع السائق بالعربية .. ربما ظن اني اتمتم بتعاويذ سحرية مثلا او ما شابه ..
كل ما فعلته آنذاك اني قلت له -"اتجه ناحية المكتب الهندسي "
و لكن هذه المرة بالطبع بالانجليزية

عند ذهابي في ذلك اليوم الى مكتبي استلقيت على الكرسي الجلدي المريح .. لا اعلم اي الهموم هي الاثقل على قلبي .. هموم النفس البشرية .. ام هموم العمل المتأخر .. بالطبع منظر الأوراق المتناثرة فوق المكتب يعطيني شعور بعدم الارتياح .. انها الاعمال التي تحتاج وقتك و مجهودك و ايمانك بانك تستطيع انجازها .. مثلها تماما مثل هزيمة دولة كاملة تنفيذًا لوصية رجل قد قضى نخبه .. فهي تحتاج وقتك و مجهودك و ايمانك باستطاعتك هزيمتهم بالاضافة الى التضحية بحياتك .. و في النهاية ربما لا يقف الحظ في صفك و تضحي بكل شئ دون فائدة ..

جلست على مكتبي تملأ رأسي الأفكار .. ربما تذكرت والدتي بعد كل هذا العمر .. كيف ستكون .. هل مازالت حية ترزق .. ام انقضى أجلها كحال الحاج علي و مِن قبله الرجل العجوز و والدي العزيز .. و ما بال أخي هناك .. هل انضم لأهالي المقاومة أم هرب كالجبناء .. ربما حان الوقت الأن لأقرر من سأكون .. او لأقرر باسم من سأكمل حياتي .. حسين أم لويس .. كل ما أملكه الأن من بطاقة هوية و رخصة قيادة و البطاقات البنكية باسم لويس مارك .. أظن انه لا شئ يثبت اني حسين غير عقلي و ذكرياتي .. التى أخشى من أنها بدأت فعلًا بالتلاشي بعض الشئ..
كان علي الاختيار مرة اخرى .. لكن هذه المرة ليس بعقل طفل صغير .. يسهل محو أخطائه .. انما بعقل شاب بالغ .. و بتخطيط حكيم .. و لكن يظل الاختيار ليس بالسهل .. هل وطن ضائع و ذكريات حقيقية .. ام موطن و رخاء خيالي ..
ربما فعلًا حان الوقت .. حان وقت الانتقام .. الانتقام الذي عاهدت نفسي عليه منذ مقتل العجوز .. لا أظن اني نسيته طيلة الفترة الماضية .. ربما حاول عقلي تناسيه .. لكن ها هو الأن يعرض المشهد الأليم بذكرياته المروعة كأنه بث مباشر بتصوير جهنمي .. ربما حان الوقت لتحديد موعد العودة .. عودة روح حسين لتحتل هذا الجسد مرة اخرى .. ربما هذا الموعد اقرب مما تتصورون .. فقط يحتاج بعض الخطوات المنظمة ..

في اليوم التالي وصلت رسالة الى السيد مارك على بريده الالكتروني من ايميل لويس مارك
- " مرحبا أبي
لقد خرجت في مهمة عمل .. لمعاينة الأرض المناسبة لبناء الفندق الجديد الذي كنا قد تحدثنا عنه سابقًا .. ربما يستغرق الأمر اسبوعًا .. و في الأغلب لن يكون رقم هاتفي متاح للإتصال .. لكن لا تقلق علي .. سأكون بخير .. سأحاول جاهدًا إيجاد وسيلة اتصال مناسبة لأتواصل معك .. سأشتاق اليك كثيرًا يا ابي .. لا تخف سأجعلك فخورًا بي حين عودتي
احبك يا أبي "
بالطبع كما لاحظتم كيف كانت حياة لويس مليئة بالمشاعر ناحية والده ... المشاعر المصطنعة البغيضة .. .. ربما كانت هناك في حياة لويس مشاعر اخرى أيضًا .. لكن هذه المرة المشاعر تنتمي الى الفئة الصادقة .. و هذا ما جعله لا يكتفي برسالة واحدة فقط .. بل كانت هناك رسالة أخرى .. أكثر حرارة من سابقتها
بالطبع استيقظت ايلين في الصباح .. كالعادة تجد فطورها قد تم تجهيزه و فرشه .. لا ينتظر الا إطلالتها المبهرة عليه .. كعادتها ايضا تتفقد بريدها الالكتروني كل صباح .. ربما تجد بعض الاعلانات الغريبة الكاذبة .. ربما تجد بعض رسائل النصب المحكمة فتحذفها .. و لكن هذا الصباح كانت هناك رسالة أخرى .. رسالة أهم من كل ذلك .. رسالة أكثر صدقًا من باقي الرسائل .. انها رسالة بعنوان - أحبك - مرسلة من لويس مارك .. كان نصها كالتالي
-" عزيزتي ايلين .. أحبك كثيرا
سألتيني من قبل هل أحببتك ؟!
ربما جوابي لن يكون جليًا الأن .. لكن هل يستطيع العاقل ان يكره الشمس التي انارت حياته .. او المصباح الذي انس وحدته .. حبيبتي ايلين .. حبي لك كان و سيظل صادقًا .. لأني احب شخصك .. نعم احبك انت يا ايلين .. ربما أتمنى الأن ان تكوني تبادليني نفس المشاعر .. ربما أتمنى أن تحبيني لشخصي لا لأني لويس صاحب الأموال و رجل الأعمال حتى لو تغير اسمي و تغيرت حالتي .. أتمنى أن يظل حبك لي صامدًا..
ربما سألتيني لماذا تأخرت خطوبتنا ؟!
انني أتعذب يومًا بعد يوم .. حرارة الشوق تحرقني .. يزداد لهيب الشوق كل يوم .. كل دقيقة تمر على شوقي كأنها حطب يساعده على الإشتعال .. بل و يمنحه من اللهيب ما كفاه .. ربما الأمر ليس بارادتي .. لكن أعدك سأمتلك ارادتي من جديد قريبًا جدًا .. عندها سأطلب منك الزواج .. أتمنى أن توافقي حينها .. ربما سيأتي ذلك اليوم الذي يجمعني بك .. حينها ستكونين أجمل عروس بفستانك الأبيض .. أو ربما هو حلم بداخلي و لن يتحقق برفضك لي .. لكن ما أعرفه هوانني أحببتك .. و قلبي سينبض بحبك الى لحظة سكونه ..
أود ان اخبرك اني سأغادر هذا الصباح في مهمة عمل ربما تستغرق اسبوعًا من الوقت .. و في الأغلب لن يكون رقم هاتفي متاح للإتصال .. لكن لا تقلقي علي .. سأكون بخير .. سأحاول جاهدًا ايجاد وسيلة اتصال مناسبة لأتواصل معك .. سأشتاق اليك كثيرا يا ايلين
تقبلي حرارة شوقي .. حبيبك .. "

في نفس اللحظة التي تم ارسال الرسائل فيها كنت قد أعطيت السائق اجازة اجبارية لمدة اسبوع و بدون خصم من راتبه - ما أسعده بهذا الخبر - و بالطبع لم انسى الحصول على مفاتيح السيارة .. بعد عشر دقائق كانت السيارة النفيثة تقف في الطريق الطيني .. امام المنزل المتواضع .. بداخلها ذلك الشاب العشريني الذي لم ينسى أن يحضر معه بعض حقائب السفر و اللوحات الهندسية .. للمرة الثانية في حياتي وقفت امام هذا الباب الهش .. برفق طرقت عليه .. حتى سمعت صوت الخطوات تقترب لتفتح الباب ..
وجه معتز المبتسم يدعوني للدخول .. هذه المرة لم يتأكد اذا كان هناك أحد يتبعني ام لا .. ربما بدأ يثق بي .. عشنا لحظات من الصمت قبل أن أقطعها بصوت مضطرب
-" من أين نبدأ الأن ؟! "
لم تتغير ابتسامته و هو يقول - " من الأسفل " و هو يشير باصبعه الى الأسفل
لم أفهم مقصده .. أومأت له بعدم الفهم .. و قبل أن يتحرك لساني وجدته يتحرك ناحية احد غرف المنزل .. بالطبع لم أنتظر حتى يخبرني بأن أتبعه .. كنت خلفه تماما .. أتمنى أن يكون عالمًا بما يفعل ..
توقف فجأة امام احد الصناديق .. اظن انه صندوق أسلحة من مظهره .. فهو صندوق من الخشب المتين محكم الغلق بقفل حديدي ..
وضع معتز يده في جيبه لفترة قبل ان يستخرج مفتاح صغير .. ثم ينهال به على القفل الحديدي ليفتحه ..
وقفت في دهشة شديدة لا أدري ماذا سيفعل هذا الرجل بنا .. و بغير تحكم في نفسي و بسخرية قلت له
-" ماذا تفعل .. أتظن اننا سنأخذ من هذا الصندوق ما نريد من السلاح ثم نتوجه ناحية الدنجيون و نهزم جيشًا بأكمله !! "
لم اسمع آنذاك ردًا منه و لكنه كان منهمك في فتح القفل .. و ربما اصدرضحكة خفيفة مكتومة ..
أخيرا تم فتح الصندوق .. تقدمت نحوه في بطئ .. انه ليس صندوق اسلحة في بيت تاجر سلاح كما توقعت .. انه مدخل لسرداب تحت الأرض .. او كما يلقبونه في افلام الرعب بالقبو و لكنه يختلف هنا .. انه ليس مرعبًا بل مضيئًا و منظمًا .. ربما تحت المنزل هو مكان أفضل من المنزل نفسه .. نزلت السلالم في دهشة و انا اتفقد المكان حتى اني نسيت وجود معتز معي الى ان سمعت صوته و هو يقول بصوت ساخر
-"ها ما رأيك في صندوق الأسلحة هذا ؟! .. انت الأن في مركز قيادة المقاومة في درمصرنجا "
نظرت حولي في دهشة تامة .. المكان عبار عن قسمين .. قسم به بعض الخرائط و اللوحات العسكرية و بعض الأسلحة .. و القسم الأخر فيه بعض الأجهزة الحديثة التي لم ارها من قبل .. بالطبع اخذت وقتا ارمق هذه الأجهزة الغريبة قبل ان يقاطعني صوت معتز
-" هذه الأجهزة هي أجهزة الجيش الدرمصرانجي .. كانت لتكون من نصيب العدو لولا اننا استطعنا انقاذها من منوال يده .. و جلبناها الى هنا .. هذه فائدة ان تكون مهرب و تاجر سلاح .. ان تمتلك القدرة على نقل ما تريد عبر الحدود دون ان يتم كشف الأمر .. مثلا هذا الجهاز هناك .. انها اداة اتصال سرية مشفرة .. تستطيع ان توصلنا بكل افراد المقاومة في درمصرنجا دون ان يكشفنا الأعداء"
شعرت ببعض السعادة و انا اسمع ذلك .. فمازالت هناك مقاومة و الأدهى من ذلك هناك مركز لقيادتها بعيدا عن منوال العدو
و ببعض السعادة سألته
-" و كم عدد افراد المقاومة تقريبا هناك ؟ "
-" سبعون او ثمانون تقريبا "
-" ماذا ؟!! .. سبعون او ثمانون ؟! .. كيف يستطيعون هزيمة جيش بتسليح عالى مكون من اكثر من خمسة الاف جندي ؟! "
-" على الأقل لسنا اثنان فقط "
كان عدد الافراد صادمًا بالنسبة لي .. ربما توقعت رقمًا أكبر .. فكيف لنا ان نهزمهم و عندهم التفوق في كل شئ .. عدديًا و معنويًا و سلاحيًا ..
طالت فترة الصمت .. بالطبع قضيتها في تفقد المكان و آلاته .. و قضاها معتز في متابعتي .. و اخيرًا قررت ان اقطع حبل الصمت بسؤال ينتظر عقلي له جوابًا ..
- " الأن نعلم وجود مقر للمقاومة تحت منزلك و انه يوجد سبعون فردًا مازالوا يقاومون الاحتلال في درمصرنجا .. اذا ما هي الخطوة التالية .. هل سنظل نتابع الوضع من هنا كالصحفيين ؟!! "
لم أكن أنظر آنذاك لمعتز .. و لكني لم اسمع جوابًا لبرهة من الوقت .. قبل ان استدير لأتأكد من وجوده .. داعب صوته أذناي بصوت منخفض ..
-" ربما علينا وضع الخطة .. صراحة لا أعلم .. لم اصل لهذه الخطوة في التخطيط مع الحاج علي .. ربما ما يدفعني للإكمال في ذلك الطريق فقط هو حبي لوطني و ايماني بإمكانية تحقيق النصر و العدل بعد كل تلك المعاناة .."
لم أكمل حينها استدارتي لأرى وجهه .. فضلت سكون الجسد لأمنح عقلي مزيدا من الطاقة للتفكير .. كان بوسعي أيضًا ان أسمع خطوات معتز تبتعد عني .. ربما أحس ببعض الضعف .. ربما قرر مغادرة القبو .. ربما قرر ايضا أن يستسلم و يتراجع عن مراده .. لا أعلم حقيقةً .. و لكن كل ما أعلمه انه أيقظ في مواطن الذكريات ..أشعل حرارة الوطن .. الهمني الحماس .. حماس حسين الصغير .. الحماس الذي طالما افتقده لويس .. ربما فعلًا نستطيع الانتصار .. لكننا بالطبع نحتاج الى التخطيط السليم و التنفيذ المتقن .. نحتاج لقوة الجسد وعبقرية العقل معا ..
تذكرت في تلك اللحظة مقولة العجوز الراحل .. "يموت العدل في عالم الظلام .. تعيش الثعالب و تموت الأغنام" .. بالفعل نحن الأن بحاجة لعقل ثعلب ماكر .. ثعلب قد حدد غنيمته و ينتظر تحديد طريقة الإنقضاض..
قضيت هذا اليوم تحت الأرض .. في هذا القبو .. ربما هو مركز نجاة مستقبلي لدولة بحالها ..ربما لا يجب على الانسان ان يحكم على الشئ من مظهره الاول .. مرت الساعات و انا مستغرق في التفكير .. تلجني الأفكار تارة و تغادر عقلي تارة أخرى .. الى أن خطرت ببالي هذه الفكرة .. بل هذه الخطة الجهنمية .. التي ربما تكون بداية النصر و نهاية المعاناة ..

إنها ليلة باردة .. حتى في قبو ذلك المنزل .. الاوراق متناثرة أمامي .. الأفكار تدور في رأسي .. معتز يدخل بين الحين و الأخر ليطمئن علي .. أظن اني رأيت الإبتسامة السعيدة على وجهه عندما شعر بعقلي يدور لإيجاد خطة ناجحة .. ربما عندها فقط وجدته يدخل علي بكل ما لذ و طاب من خيرات الطعام التي لم أظن وجودها في ذلك المنزل البالي في الحي الفقير .. في بعض الأحيان كانت تدق الأسئلة ابواب عقلي .. ربما انتظرت كثيرا ظهور معتز لذلك السبب .. فربما فقط هو من يمتلك القدرة على ايجاد اجابات لتلك الأسئلة..أذكر أيضًا دخول معتز علي متوتر العقل مرتعش الجسد .. بدت الكلمات تقاوم لتخرج .. ربما هناك شئ هام اراد ان يخبرني به .. طريقته في النظر الي .. ترقبه لما افعل كل ذلك كان دليلًا على وجود الكلمات الحبيسة .. ربما انتظرت سماع صوته .. ربما كان لديه بعض الأخبار المفيدة .. لكن الأمر لم يكن كذلك .. صوته الشاحب اخيرًا التقطته اذناي..
"أود أن اخبرك شيئًا ما يا حسين ..بل أنه يتحتم علي مصارحتك بذلك .. أتمنى أن لا يؤثرهذا فيك .."
حولت نظري ليقع عليه لأتفقده .. سكت هو برهة من الوقت سادت جسده فيها رعشة قبل ان يستطرد
"لقد بحث الحاج علي رحمه الله كثيرا لمعرفة احوال عائلتك في درمصرنجا ..كان يريد جلبهم الى بلباستر ليكونوا بجوارك .. ليذكروك بوطنك و يشعلوا فيك روح الفداء الوطني .. أظنه توصل لشئ .. ربما كانت الشهادة نصيبًا لعنائهم .. ربما هي أفضل بكثير من عذاب الدنيا في خيام اللاجئين .. "
بدأت افهم مقصده .. بدأت عيني تدمع لا اراديًا .. كنت اعلم التالي .. كنت فقط اود معرفة ماذا حدث و من فيهم الشهيد فقاطعته محاولًا اخفاء الضعف في نبرة صوتي
- " مـــن هـــ .. هل امي أم أخي ؟"
جاء الرد سريعا .. كان صادمًا الى حد كبير أيضًا
-" الأثنين .. لقد نالوا الشهادة .. هذا أقصى ...."
قاطعته سريعًا .. بالفعل كنت نجحت في استئصال نبرة الحزن والأسى من صوتي .. أومأت له بالسكوت و ربما الخروج .. انا لم أجلس و أبكي كما يتوقع هو .. عاهدت نفسي من قبل على الإنتقام .. على أن أجعل كل لحظة في حياتي .. جحيمًا لأعدائي .. شرعت أكمل تخطيطي و أنظم أفكاري .. هذا جم ما أتذكره في تلك الليلة ..


mnsmas غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 24-02-16, 02:50 PM   #79

rasha shourub

? العضوٌ??? » 267348
?  التسِجيلٌ » Oct 2012
? مشَارَ?اتْي » 1,872
?  نُقآطِيْ » rasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond repute
افتراضي

ما شاء الله عليك يعني حياة حسين كانت مخططة ن قب الحاج علي لانقاذ دولتهم وتحريرها الاحداث مشوقة والاسلوب رائع موفق دائما باذن الله ومتابعاك كل احد باذن الله تعالى واسفة على التاخير في الرد والمتابعة وشكرا على دعوتي للمتابعة

rasha shourub غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-03-16, 11:59 PM   #80

mnsmas
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية mnsmas

? العضوٌ??? » 334157
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 30
?  نُقآطِيْ » mnsmas is on a distinguished road
افتراضي الفصل الثالث عشر .. قبل الأخير

تخطيط و تصميم

في صباح اليوم التالي تفاجأ معتز فور استيقاظه بشاب أنيق المظهر .. ببذلته و رابطة عنقه.. حاملًا بعض حقائب السفر .. ملقيًا عليه التحية و السلام في نفس الوقت .. ربما القى هذا الشاب على مسامعه بعض الجمل السريعة قبل الولوج الى باب المنزل
-" لقد حجزت أمس عبر الانترنت تذكرة سفر الى درمصرنجا .. لدي بعض المهام لأقوم بها هناك .. لحسن حظي الرئيس الدنجي ومعه بعض وزرائه مالزالوا هناك .. يحاولون بسط سيطرتهم و نفوذهم بكل الطرق الممكنة .. لا تقلق ايضًا فقد تواصلت مع المقاومة .. أظنهم الأن على علم بقرب وصولي "
أظن ان معتز في بادئ الأمر تخيل انه يمر بمزحة شاب مراهق محترف في امر لا يحتمل التفاهات .. لكني أظن أن الدهشة تمالكته عندما تأكد من حقيقة الأمر .. فصوت السيارة الراحلة عن الحي القديم أكد كل شئ .. وربما تركته وحيدا آنذاك لا يؤنسه الا دهشته و استغرابه ..
كنت على موعد مع طائرة كبار رجال الأعمال المتجهة الى العاصمة الدرمصرانجية .. ربما يعرفني عمال ذلك المطار جيدا فلدي تاريخ طويل من السفريات لتأدية الأعمال المهمة و ان كنت لم أتجاوز الثلاثين من عمري .. على العموم انه السيد لويس رجل الأعمال و ابن صاحب اكبر شركة هندسية على الإطلاق في العالم يغادر البلدة فلابد على كل عامل اكرامه و تسهيل اموره .. انه نفوذ المال .. او طمع العمال ..
ربما وجدت على التلفاز الخاص بالمطار اثناء انتظاري للطائرة بعض نشرات الأخبار .. أظنني رأيت خبر عن تحديد موعد عقد اولى جلسات الاجتماعات المفتوحة لدول اللغة الواحدة .. و التي يسميها البعض الدول العربية .. التي من المفترض ان يشارك فيها مبعوث رسمي من درمصرنجا باعتبارها دولة عربية .. تبسمت بسمة خفيفة بالطبع و انا اشاهد هذا الخبر .. انها هي هذه الدول التي تقوم بعمل اجتماعات و تشكيل لجان و لا تحل المشاكل و لو بعد آن ..

في نفس اللحظة التي جلست فيها على كرسي الطائرة المريح المخصص لرجال الأعمال الكبار أمثالي .. كان مكتب الرئاسة الدنجية يحول الرسالة الهامة التي وصلت الى القصر الرئاسي الدنجي في المساء الى رئيسهم المتواجد بالعاصمة الدرمصرانجية .. كيف لا و هي رسالة مبعوثة من أكبر كيان هندسي في العالم ..
كنت على علم تام بأن الرئيس الدنجي سيستقبلني كزائر هام له و ضيف مكرم عنده .. حتى و ان كان ذلك الإستقبال في اراضي ليست من حقه .. و لكنه في النهاية رئيس دولة .. يود أن يخلد اسمه في تاريخها لا في تاريخ غيرها .. و ما أسعده اذا وصلته رسالة تساعده على ذلك .. بل و تمهد له الطريق من أجل فرض النفوذ التام بل و الأبدي على درمصرنجا .. كيف له أن يرفض عرض من أكبر الشركات الهندسية العالمية التي ستساعده على بناء تحفة هندسية تعزز نفوذه في درمصرنجا .. بل و ربما تثبت حقهم في امتلاك تلك الأرض .. انه الأن يسعى للإحتال الحضاري و الثقافي أكثر من اهتمامه بالإحتلال العسكري.. فقط تحتاج الشركة الى ارسال مبعوث ليلتقي بالرئيس و الوزراء الدنجيون في درمصرنجا .. و بالطبع لا يوجد مبعوث أفضل من ابن المالك الأكبر للشركة .. و رئيس مجلس ادارتها .. السيد لويس مارك .. بالطبع ستكون مقابلة مجزية .. و ستحتاج الى حفلة رئاسية لمقابلة السيد لويس .. ربما يجب على الرئيس و الوزراء ان يكونوا في استقباله .. بالتأكيد سيتم عرض بعض اللوح للمشروع المقترح .. ربما سيكون أطول برج في العالم .. او أهرام ثلاثة أفضل من سابقتها .. او حتى حدائق معلقة جديدة مبهرة .. ربما لم يكن هذا فقط ما يشغل بال الرئيس .. بل بالتأكيد أكثر ما كان يشغل عقله هو ما سيقوله في الخطاب عقب توقيع العقد مع الشركة .. ما هي أفضل الجمل التي يستطيع استخدامها لتلميع أعماله و للتفاخر بافعاله .. .. سأتركه يفكر و يفكر .. الى أن يُقضى أمره ..
ربما كانت أكبر غلطات السيد مارك أنه اعطاني ثقته كاملة .. كالتحدث مثلا باسم شركاته..
المال قد يعجز احيانًا .. دائمًا ما يكون بديله الوحيد هو السلاح .. لقد علمت من خلال بعض المعومات التي حصلت عليها اثناء تفكيري في خطة مناسبة انه في اي مكان يذهب اليه الرئيس الدنجي يصحبه طباخه الرسمي .. يكون هذا الطباخ هو الطاهي لكل الطعام الرسمي في الولائم المقامة و الحفلات المُعدة التي يشارك فيها الرئيس .. بالتأكيد لا يمكن أن يكون هذا الطباخ من ذو المرتبات الدنيئة .. انه مسؤول تغذية لأكبر رأس في دنجا .. ربما هو لا يشتهي المال كما يشتهيه غيره .. لكنه بالتأكيد يخشى على أحبائه من السلاح ..
كما توقعت تمامًا .. حتى و ان كنت طباخ للرئيس و حتى ان زاد مرتبك الى الأضعاف .. فأنت مازلت عبدًا خادمًا مطيعًا لأفراد الدائرة الأولى .. الدائرة الأولى المكونة من الرؤساء و الوزراء و كبار رجال الدولة .. دائما ما تُوَفَر لعائلاتهم أقصى الحماية الممكنة و أفراد من الحراسة الخاصة التي لا حصر لها.. لكن هل يمتلك من هم عبيد لهم هذه الميزة ! .. بالطبع لا .. فهم من الواجب عليهم حماية انفسهم بانفسهم .. انهم مازالوا الخدم المطيع و ان زادت رواتبهم .. انهم حتى هذه اللحظة ضمن الشعب المكبوت ..

العصابات .. انها أكبر كارثة بشرية على الاطلاق .. انها تجسيد للشر القاتل في صورة اشخاص ذو نفسيات مريضة .. انها الطريق لتدمير اي دولة متقدمة .. كل ذلك من أجل تلك المصالح و ذلك المال .. ربما يمكننا صياغة مفهوم العصابة بشكل مختلف الأن .. انها طريقة تذليل السلاح لسطوة المال .. و كان يجب علي استغلالها .. ليس انا بالتحديد .. بل صديقي معتز ..
نعم معتز الذي تفاجأ من رحيلي بتلك الطريقة الغريبة .. ربما ظل يبحث طويلًا عن تفسير لذلك .. ربما ورقة صغيرة على سطح المنضدة بداخل ذلك القبو هي فقط من استطاعت ان تنهي هذه الدهشة التي شاعت على وجهه منذ رحيلي .. انها ورقة مهام .. ربما تضع بعض الامهات مثل هذا الورق للأطفال لتحثهم على فعل عمل من أعمال المنزل الشاقة .. و ربما أيضا يستخدمها مهندس مجتهد ليعطي مهامًا محددة لكل عماله .. لكن استعمالها هنا كان مختلفًا تمامًا .. او ربما غرضها .. انها ورقة صغيرة .. غرضها اكبر من ان يتخيلها عقل .. بل و ربما حتى تأثيرها على الخارطة العالمية في المدى البعيد .. ربما يجب ان يكتب عن هذه الورقة في صحف التاريخ .. تحت عنوان الورقة التي حررت دولة ..
لم تحتوي تلك الورقة على الخطة كاملة .. بل احتوت على بعض المهام التي يتوجب على معتز انجازها بطريقة او بأخرى ثم كتب في اخر الورقة .. "اذا كنت تثق بي فقم بذلك .. من أجل وطنك الضائع " ..
بالطبع أظنه بدأ ينظر في المهام واحدة تلو الأخرى .. كانت مهمته الأولى تحتوي على أسماء محددة و عنوان لها و ربما أيضا كلمات مثل "عصابات و اختطاف" و تلتها بعض الأرقام التي تمثل حساب بنكي .. حساب ممتلئ بتلك الأموالو الخيرات ..
بطبيعة عمل معتز السابق كتاجر سلاح و مهرب للبضائع فانه بالتأكيد التقى بالكثير من مديري العصابات في شتى بقاع الأرض .. بالتأكيد يستطيع في غضون ساعات التوصل لاحدى العصابات في دنجا .. لم تكن هناك صعوبة في خطف عائلة تسكن في احد الأحياء المتوسطة .. عائلة طاهي شهير .. و طباخ مسكين .. و خادم مطيع للدائرة الأولى .. و ببضع ملايين سيكون العمل جادًا و يتم تنفيذه بأسرع ما يمكن ..
من هنا يبدأ دوري انا .. مراقبة هذا الشيف المسكين و أفعاله .. ربما لا يمكن لأحد ان يشك في أمري .. فلدي الصلاحيات الكاملة للتجول في اي مكان شئت .. اليس انا السيد لويس رجل الأعمال و صاحب الأموال ..
كان ذلك المسكين يمكث بالقرب من ناظري طيلة الوقت .. ربما أحسست ببعض الراحة عندما وجدت ملامح وجهه تتغير من تلك الإبتسامة الى ذلك البؤس الشديد وفي يده تلك الرسالة و ذلك الكيس .. الذي اعلم تماما محتوياتهم ومن قام بارسالهم ..
انها رسالة لهذا الطاهي بذاته .. و من غيره سيهتم بخطف ولديه و زوجته .. هل كان يفكر في أن يخبر الرئيس بذلك الأمر ؟!! هل كان ينتظر منه أن يحرك جيشه بالكامل لمهاجمة تلك العصابة ؟!! .. ربما قد عرف ذلك المسكين حقيقة الأمر .. او فهمها من تلك الورقة المليئة بالحروف .. حروف كتبت لتشكل جملًا من فنون الكتابة .. ربما هي مقنعة و مؤثرة الى حد كبير .. ربما هي فقط تظهر حقيقة الأمر لهذا المسكين .. فلا معين في تلك الحال الحزين .. حتى مجرد محاولة عدم تنفيذ أوامر الورقة هي هلاك لأحبائه و تدمير .. كان يعلم انه لا مفر من التنفيذ .. فقط لأنقاذ من يحب و من يريد .. ربما بدأت يده ترتجف و هو يحاول ان يخفي هذا الكيس .. الكيس الذي وضع فيه هذا السم الصيني القاتل .. كانت اوامر تلك الورقة واضحة .. فقد تحدد موعد الحفلة الكبرى بعد ثلاثة ايام .. حفلة ستجمع الجميع .. حفلة لأفراد الدائرة الاولى و معهم لويس .. و كان المراد قتله من هذه الرسالة هو ذلك اللويس ..و ما على ذلك الطاهي الا التنفيذ ..
الأوامر للطاهي لم تكن صعبة فهو لن يكون القاتل الرسمي بل سيكون هو الوسيط .. مجرد ان يسلم هذا السم الى مساعده ذو الراتب الضئيل .. و يترك الأمر خفية ليتم تنفيذه بيد مساعده و نائبه الوحيد .. هذا المساعد الذي طالما انتشى بشهوة المال .. عشقه يكمن في الجيوب الممتلئة و المكسب السهل الجميل .. ربما لا يوجد ما هو أسهل من وضع السم في شراب حفل الرئاسة .. ربما بعدها بساعات سيتحول ذلك المساعد الى مليونير .. ربما سيمتلئ حسابه البنكي لأول مرة في حياته .. و غالبا سيبدأ بالتفكير بطريقة الأثرياء .. سيكون له ما اراد اذا نفذ ما نريد .. فقط عليه وضع السم في ذلك الشراب و قتل ذلك اللويس و اذا اتبع الخطة فسيكون لا ضرر ولا ضرار على أحد غير لويس..
حب المال منع عقله من التفكير و أعطى جسده أوامر التنفيذ .. فربما عليه تنفيذ ما يقوله المدير حتى يكون له الكثير .. مثل الشركات الخاصة تماما .. لا تسأل عن ما نريد تنل من المال ما تريد .. فقط نفذ الأوامر بشكل دقيق .. و أوامره كانت واضحة .. يقوم بوضع السم خفية في الشراب .. بالتأكيد لم يمنعه مديره الطاهي المسكين فله أحباء مخطوفون ينتظرونه بفارغ الصبر في مكان بعيد .. ثم يقوم المساعد بصب الشراب في الأكواب النفيثة المخصصة لأصحاب الدائرة الأولى في الدولة .. ثم يقوم هو بنفسه بتقديم هذا الشراب على الصواني الذهبية للحاضرين .. بالطبع سيكون أولهم لصاحب الأموال السيد لويس .. ربما سيتوجب عليه بعد مناولة الشراب لذلك اللويس ان تنقلب منه الصواني عمدًا فالمراد قتله هو السيد لويس .. لا يمكن ان يحدث خطأ و يموت غيره في ذلك الحين .. ربما سيتعرض الى خصم في راتبه كبير جراء ذلك الخطأ الثقيل .. فكيف تقع منه اكواب شراب سادته النفيثة .. ربما هو لا يأبه .. ايأبه من سيصبح بعد ايام مليونير بخصم في راتبه او فصل من عمله !!

كانت علاقتي مع الرئيس الدنجي و اعضاء الدائرة الأولى تتقدم يومًا بعد يوم .. بالطبع كان علي كمهندس ان اقوم بابتداع بعض المشاريع الهندسية الكبرى او الأفكار الوهمية التي من المفترض ان تنال إعجاب الرئيس .. ربما كان من المفترض علي أيضا كرجل أعمال املك اسمًا هامًا كلويس مارك ان تكون لدي بعض الصحبة من الحراس و العمال و الخدم و المهندسين .. فانا الأن أعد من الدائرة الأولى التي على الجميع خدمتها و رعايتها و حمايتها .. ربما أيضا قررت ان يكون مشروعي العملاق الوهمي له جانب حضاري لفرض السيطرة الحضارية على المنطقة و جانب عسكري لفرض قوة السلاح أيضا .. بالطبع ما أسعد رئيس دولة بسماع أكاذيب مثل تلك .. ربما في الحال استدعى وزير الحربية الدنجي وبعض الوزراء الأخرين ليحاوروني في مثل ذلك المشروع .. لم تكن لدي مشاكل اطلاقا في ذلك .. فلدي كل المعلومات عن ذلك المشروع الوهمي الذي صممته قبل الوصول ..
مر يومان من ثلاثة و تبقى يوم على الحفلة الكبرى يوم واحد فقط .. تبقى على تنفيذ الخطة الكبرى يوم واحد فقط .. خطة قتل السيد لويس مسموما .. بالطبع كان علي تحضير نفسي لذلك .. بل و تحضير اللوحات الهندسية و الأفكار المجزية لأنه سيكون علي عرضها أثناء الحفل على الرئيس و نائبه و بعض الوزراء الآخرين المعنيين بالمشروع و الذين كنت اصر على مشاركتهم في ذلك المشروع .. ربما هو ليس مشروع هندسي فقط .. ربما هو أيضا مشروع موت مسموم ..
في صباح اليوم التالي الساعة التاسعة صباحا كانت السيارة المرسيدس الرئاسية تقف امام مكان اقامتي لتنقلني مسافة مترات فقط .. المسافة التي تبعد بضع خطوات فقط من هنا .. و لكنها البروتكولات التي يجب اتباعها لدى عضاء الدائرة الأولى .. وصلت ذلك الحفل الهادئ على عادة الرؤساء .. الجميع يظهر بمظهر أنيق .. الجميع يتبعه حراس و مساعدين الى الداخل .. في الداخل كان الخدم في استقبال الزائرين .. وجدت من قابلتهم من الوزراء الذين طلبت حضورهم مع نائب الرئيس يقفون في لهو و سعادة ساخرين .. ربما كانوا يتحدثون عن اهالي درمصرنجا المجرمين .. الذين يحاربونهم بالطوب و الطين .. انهم فعلا مجرمين .. ربما اضطررت لأشاركهم ضحكاتهم مع المشاركين .. اليس موعدهم بقريب ..
كالعادة في مثل تلك الحفلات يكون وصول الرئيس هو الوصول الأخير .. يدخل فتبدأ الفرقة الموسيقية بعزف مقطوعة خاصة تنبأ بقدوم الرئيس .. يدخل فيحيي كل الحاضرين .. يلقي كلمته التي لا تخلوا من الحماسة و القوة ثم يتوجه بالشكر لكل المشاركين .. ثم يدخل بعدها في الحوارات التي اقيمت لها تلك الحفلة .. حوارات المصلحة العامة و الفكر الخبيث .. لم أكن انا الوحيد الذي يعرض عروضًا على الرئيس .. فقد وجدته يتحدث عن مشاريع اخرى صغيرة الحجم للتنمية و اثبات ملكية الأرض قبل ان يسمح لي انا بالحديث .. بالطبع مشروعي هو الأفضل .. و الشركة الهندسية التي ستنفذ هذا المشروع هي الأكبر .. و بالتأكيد السيد لويس رجل الأعمال هو الأهم بين كل عارضي المشاريع .. بالطبع من حقه ان يطلب ركن مخصص لمناقشة مشروعه .. ركن سري .. ركن مميت .. ركن يجتمع فيه من طلبهم فقط .. الرئيس و نائبه اولهم ومعهم من الوزراء من اردت لهم الحضور المرير..
تحدثت كثيرًا عن المشروع و اخذت من الوقت الكثير .. تعمدت الإطالة في الحديث .. و بالطبع المشروع عند الرئيس يستحق المزيد .. انتظرت كثيرًا حتى وصل من انتظرت اخيرًا .. وصل المأمور بقتلي .. بسلاحه الخفي .. يحمل صواني الذهب و كؤوس الشراب .. يحاول اخفاء ارتعاشة يده .. لا تتحرك عيناه من على تلك الأكواب و هذا السم .. ربما عقله مازال يفكر في المال .. ماذا سيفعل به بعد انتهاء مهمته في الحال .. تتقدم به قدمه نحوي و يستعد لمنحي هذا الكأس الممتلئ بالشراب .. و معه ذلك السم القاتل ..سم صيني المنشأ لا نجاة منه .. يمنح شاربه ساعتين فقط قبل ان يرسله الى الهلاك .. تبدأ معدته تدريجيا في الانفجار و تنتفخ عينه و تتقطع شرايينه في الحال .. انها ساعتين فقط و يُطلَب من عزرائيل سحب بعض الأرواح ..

انه يقترب مني في حذر شديد .. يقف قربي .. يستعد لمناولتي ذلك الكأس الأخير .. ليقوم بعدها باسقاط الأكواب المتبقية حتى يموت لويس و يعيش الرئيس .. فالمراد قتله واحد وغير مسموح بخطأ و لو صغير ..
ربما انتابته كل مشاعر الخوف و الذعر في تلك اللحظة .. بل و تمنى ان يتم دفنه في مكانه حتى لا تمر عليه اللحظات القادمة فقد سمع صوتي .. نعم كنت انا المتحدث هذه المرة .. لم امد يدي ابدا الى ذلك الكوب و انا اقول
-" ارجو ان تمنحوني شرف تقديم الشراب لكم بنفسي "
لقد وجد هذا النادل الذي لطالما احب المال يدا تتجه نحو الصواني الذهبية و تمسكها بقوة بدلًا من امساك كأس شراب .. كان في صدمة حقيقية مخيفة .. أعتقد ان جميع حواسه قد توقفت آنذاك .. أظن ان عقله كاد ان ينفجر .. ربما قد دخل في غيبوبة سريعة و انا اناول الرئيس و قرنائه الشراب الذي اعده الطاهي لي .. ربما سادت الضحكات و التحيات و الشكر اثناء التوزيع .. و ربما عاد له الوعي عندما ناولته الصواني مرة اخرى .. هل يخبر الجميع ان الشراب مسموم ؟! و يذهب هو الى الجحيم .. لم يكن امامه الكثير من الوقت .. امامه طريق طويل و الوقت يداهمه .. ربما اذا لم يستطع ان يخرج من نطاق الحفل سريعًا سينال العقاب الأليم .. و ربما ليس هو وحده الذي كان الوقت يداهمه فالساعة الأن تدق الواحدة ظهرًا و انا أرى الجميع يرفع شرابه ويهتف في صحة الرئيس .. حصلت انا ايضًا على شرابي و لكني تظاهرت بالشرب و هتفت مع الهاتفين .. ربما ليس امامي الكثير .. ساعتين للهروب و خمس ساعات للخبر الأكيد ..
ساعتان تكفيان لشخص مثلي ان يصير كالطفل المريض .. ان يعتذر عن اكمال حفل رئاسي صاخب فقد جائته نوبة المرض الشديد و على طاقم الاسعاف نقله الى المشفى القريب .. ربما سيتمكن من هناك من المغادرة الى حيث يريد ..
ربما تدق الساعة الثالثة و يحصل على الخبر السديد .. ربما احد الأشخاص كان له السبق في نشر خبرًا حقيقيًا عن مقتل رئيس دنجا و نائبه و بعض وزرائه و مساعديه مسمومين .. ربما هو شخص مجهول يراسل وكالات الاعلام من قبو منزل ما في أحد الاحياء الفقيرة .. شخص طفق ينفذ مهام دونت على قطعة من الورق .. كان الخبر قد انتشر في ارجاء العالم بحلول الثالثة و النصف .. و ربما ايضًا ارادت المخابرات الدنجية اعلام الرئيس قبل نقله للمشفى بوجود تطورات غريبة من بعض الدول و تحركات عسكرية غير مفهومة قرابة الحدود .. و لكن من ارادوا اعلامه بالأمر كان في موعد اخر اهم .. كان لقاءه مع ملك الموت عزرائيل ..
في الساعة الرابعة عصرًا كان افراد المقاومة في درمصرنجا يقومون بما عليهم من واجبات و تفجيرات .. ربما يحاولون ان يتبعوا التعليمات التي وصلتهم من مركز قيادتهم .. ذلك المركز الكامن في القبو ..ربما استطاعوا تشتيت انتباه العدو .. العدو الذي فقد كباره و قواده .. ربما كانت هذه هي اوامرهم فور خبر وفاة رئيس و نواب ..
بالطبع لا تستطيع المقاومة وحدها الإنتصار لكنها ستظل تقاوم الى نهاية المطاف ..
في الساعة الرابعة و النصف أتت بعض الأوامر الى الجنود الدنجية على حدود درمصرنجا بالتحرك للتصدي لأفراد المقاومة .. يجب ايقافهم عند حدهم و السيطرة على الموقف .. حتى و ان كانت هذه الأوامر تأتي من مصدر غريب و غير معتاد !! .. فالقائد الحقيقي بالسموم قد مات .. و القيادة و ارسال الأوامر أصبح في يد رجل و اداة .. يتحكمون في جيوش و يرسلون الأوامر من قبو خفي عن الأنظار .. حتى اذا انتهى هذا الرجل من تلك المهمة .. كان له موعد مع مهمة أكثر شراسة .. مهمة يؤديها مع بعض أصدقائه القدام ..
بعيدًا عن درمصرنجا و تحديدًا في بلباستر .. بجانب دار ربما سمعتم عنها في قصتي من قبل .. دار يسمى بـ "سيرفانتس هاوس" سمع المجاورون دوي اطلاق نيران كثيفة .. انها حرب عصابات .. عصابة غير مستعدة للقتال بزعامة السيد هانز اذا كنتم تذكرونه .. مالك دار العبيد صاحب عصابة الإتجار بحرية الاحرار .. عصابة تجار البشر التي كانت على موعد و لقاء مع عصابة اكثر شراسة و فتك .. عصابة قتل و قتال .. عصابة تجارة سلاح .. عصابة قديمة تعشق المال و في المقابل تطوع السلاح لخدمته .. كانت العصابة المسلحة تقف برشاشاتها و تخترق في سهولة و يسر اوقار السيد هانز .. و في الخلف يقف رجل ما ربما اعرف ملامحه بتلك البذلة .. ربما هو معتذ ينفذ المهمة الأخيرة في ورقة المهام .. تدمير الدار و تحرير قاطنيه و قتل كل جبار .. و في الاخير خطف السيد هانز فله موعد محدد قريبا في درمصرنجا دار الأحرار ..

ساعة اليد تدق الخامسة .. الشمس تبدأ في ارسال اول خيوطها البرتقالية المبهرة .. اقود سيارة خاصة استأجرتها فور خروجي من المشفى .. لقد تغير المكان كثيرا ... بيوت مدمرة شوارع ممهدة بالدماء .. انها قريتي .. مسقط رأسي .. و لكن ينقصها الجنس البشري و ترميم الأنقاض .. ها قد عدت اليك من جديد .. ربما بقائي فيك سيستمر فقط اذا تم تنفيذ الخطوة الأخيرة .. دائما ماتكون الخطوة الأخيرة هي الأهم .. بدونها لا يتم الإنجاز و لا يخلد في التاريخ .. في كرة القدم انت تعلم من احرز الهدف المهم وكيف احرزه و ربما عدد التمريرات التي سبقت احراز الهدف .. و لكنك لا تتذكر الهجمة المنظمة التي اهدرها الفريق في نفس المباراة .. لأنها افتقدت خطوتها الأخيرة و هي احراز الهدف ..
أتمنى ان تنجح الخطوة الأخيرة .. أتمنى ذلك فعلًا
أتذكر منذ اربعة ايام تقريبًا حينما كنت في المطار في بلباستر و شاهدت نشرة الأخبار التي تحدثت عن الإجتماع المقرر انعقاده للدول العربية ..
أظنهم جميعًا قد شعروا بخطر الدولة الدنجية التي تلتهمهم واحدة تلو الاخرى دون مقاومة تذكر .. الخوف يسيطر .. انهم يفكرون دائمًا كيف يفرون من العدو لا كيف يردعونه او حتى يصمدون امامه ! .. انهم يظنون ان الإجتماعات توفر حلولا لمشاكلهم .. ربما ذلك الامر صحيح .. فهي توفر حلولًا لكنها وهمية .. حلولًا لا تنفذ على أرض الواقع .. فربما صدر قرارالاتحاد بين هذه الدول عدة مرات .. و لكن المصدرين للقرار يعلمون يقينًا انه قرار وهمي فقط لتهدئة الرأي العام .. فالوهم هو اتخاذ قرارات دون تنفيذ .. و هذا هو الهدف من هذه الاجتماعات .. بيع الوهم..
او ربما هم فقط يحتاجون لبعض التشجيع .. يحتاجون لشخص منفذ على ارض الواقع .. شخص منهم و معهم في قاعات الاجتماعات .. ربما هو وزير الخارجية الدرمصرانجي ..
اتذكر يوم المبيت في القبو حين ارسلت بعض الرسائل الالكترونية .. لم انسى ارسال رسالة من بريدي الالكتروني المشفر الى الخارجية الدرمصرانجية .. ربما افضل شئ في وزارات الخارجية حول العالم أنهم ينبغي عليهم قراءة جميع الرسائل ثم فرزها و بالتالي عرض المهم منها فقط على الوزير ..
كان ضمن هذه الرسائل رسالة مشفرة من النوع السري الذي يحتاج جلب متخصص في البرمجة لفك شفرته .. كتب في اعلى الرسالة " لا يجب ان يقرأ هذه الرسالة الا السيد وزير الخارجية "
..
ربما شعر الوزير بانها قد تكون رسالة مهمة .. الجيد في الأمر انه كان يراقب الرسائل بنفسه .. لم يترك فرصة للجواسيس المجهولين بسرقة الرسالة .. و لم اترك انا فرصة لهم لقرائتها بذلك التشفير .. على الفور كانت الرسالة بملك الوزير الدرمصرانجي .. معه مِن المبرمجين من يثق بهم لفك تلك الشفرة الطويلة ..
كانت الرسالة تحتوي على كل تفاصيل الخطة و مقتضياتها .. خطة تحرير وطن .. كانت تحتوي على ما ينبغي قوله في الاجتماع .. اجتماع بيع الوهم الذي أتمنى ان لا يكون كذلك هذه المرة .. ربما يجب ان يخبرهم انها فرصتهم الأخيرة .. يجب ان يتم ذلك في غضون ثلاثة ايام .. تحضير و تجهيز للجيوش .. الأمر يستحق فعلًا لأنه ان لم يتم ردع العدو الأن فلن يتم ردعه ابدا .. يجب الاتفاق على موعد محدد للهجوم الموحد .. ربما الساعة الخامسة مناسبة تمامًا لذلك..
أظن انه كان يعلم ما يفعله آنذاك .. ربما سيطرت عليه الدهشة و عدم التصديق بعض الشئ .. لكنه سرعان ما تدارك الموقف حينما نظر في اسماء الشخصيات القادمة على متن طائرة رجال الأعمال في ذلك اليوم .. حال رؤيته لإسم السيد لويس مارك في قائمة اسماء الوافدين .. ربما تأكد حينها من صحة الرسالة .. و ربما بالخبرة الدبلوماسية امر بحذف الرسالة حتى لا تقع مثل هذه الخطة بين يدي الأعداء ..

الساعة الخامسة و النصف ..انا في الحي الذي كان يتواجد منزل طفولتي فيه .. ربما رجت أرجاء الدولة بعض الصواريخ و قنابل الطائرات .. ربما أخيرا أرى الخطوة الأخيرة تتنفذ على أرض الواقع.. ربما أخيرا هذا هو الإنتقام المنتظر .. لقد كان دخول الجيوش العربية سهلا يسيرا .. انهم يحاربون جيوش مشتتة بين القتال الداخلي مع المقاومة و قتال الجيوش على الحدود .. بين القنابل و الغارات الجوية .. بقلوب ضعيفة مرتعشة .. انهم يحاربون و قادتهم قد تم تدبير المكايد لهم .. يحاربون بدون رئيس واضح لدولتهم او لكيانهم القبيح .. انهم يهمون بالفرار .. فلا يجدون منفذًا .. انهم محاصرون .. مقتولوان او مأثورون .. ربما كان سيكون الأمر أصعب بعض الشئ بدون هذه العوامل ..لكن الأن فلا فرار من هذا الجيش الجامح المتحد تحت رايته الواحدة .. راية الإتحاد العربي المخيف لأعدائه .. ربما حان الوقت لتعود درمصرنجا على خريطة العالم من جديد .. او ربما لن يتم كتابة درمصرنجا .. من الممكن ان يكتب الدولة العربية المتحدة مثلا .. لا أعلم حقيقة ..
ما زلت أتفقد الوضع حولي .. التدمير و الخراب الذي لحق بالبلاد .. النجاسة التي حلت عليه يجب ان تطهر ثم يعاد بناء هذا الوطن من جديد بأيدي أبناءه المخلصين .. ها انا الأن في يدي ما دونته لكم .. ربما لا أستطيع أن أنشر ذلك الأن .. ربما سأنتظر .. سأنتظر الى أن تعلوا مكانة وطني مرة أخرى و يُعاد بنائه من جديد .. سأنتظر حتى أرى وطنًا قويًا شامخًا أفخر به و أعتز بنسبي له .. ربما لن يحدث ذلك الأن و لكني أثق انه سيحدث قريبا .. و قريبا جدًا .. سأترك هذه الصفحات ليكملها ابنائي و ليتموها .. ليحدثوكم عن ذلك الوطن المجيد و ليضعوا كلمة النهاية " تمت بحمدالله " بدلًا مني ..



mnsmas غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ثعلب درمصرنجا, رواية واقعية .

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:59 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.