آخر 10 مشاركات
فجر يلوح بمشكاة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          371 - رمال الحب المتحركة - ديانا هاملتون (الكاتـب : عنووود - )           »          زوج لا ينسى (45) للكاتبة: ميشيل ريد .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          [تحميل]غار الغرام ،"الرواية الثالثة" للكاتبة / نبض أفكاري "مميزة" ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          مذكرات مغتربات "متميزة ومكتملة " (الكاتـب : maroska - )           »          داويني ببلسم روحك (1) .. سلسلة بيت الحكايا *متميزه و مكتملة* (الكاتـب : shymaa abou bakr - )           »          نيران الجوى (2) .. * متميزه ومكتملة * سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          تسألينني عن المذاق ! (4) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          متاهات بين أروقة العشق(1) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

Like Tree25Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-03-15, 12:13 PM   #41

سيدرا الياس

? العضوٌ??? » 336222
?  التسِجيلٌ » Feb 2015
? مشَارَ?اتْي » 53
?  نُقآطِيْ » سيدرا الياس has a reputation beyond reputeسيدرا الياس has a reputation beyond reputeسيدرا الياس has a reputation beyond reputeسيدرا الياس has a reputation beyond reputeسيدرا الياس has a reputation beyond reputeسيدرا الياس has a reputation beyond reputeسيدرا الياس has a reputation beyond reputeسيدرا الياس has a reputation beyond reputeسيدرا الياس has a reputation beyond reputeسيدرا الياس has a reputation beyond reputeسيدرا الياس has a reputation beyond repute
افتراضي


اسجل جزيل شكري للكاتبة وقلمها واتمنى لها دوام التوفيق والابداع

سيدرا الياس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-03-15, 09:57 AM   #42

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



يسعد صباحكم جميعا بكل حب قراء ومتابعي روايتي المتواضعة منازل القمر

هناك أمرين أحببت أن أنوه عنهما قبل الفصل الجديد

الأول : خلال الفصل ستقرؤون نص كلماته من كتابة حبيبتي الغالية على

قلبي ( طعون ) فأنا اخترت أن تشاركني بشيء من كتاباتها المميزة وسأُعلم

لكم عليه باللون الأزرق كلون مخالف لنص الفصل الأسود لتعرفوه

ثانيا : القصيدة في الفصل مهداة لحبيبتي التي أشتاق لها عدد النجوم

( حكاية أمل ) وأسأل الله أن تكون بخير وأن يجمعني بها من جديد

وأترككم الآن مع الفصل وقراءة ممتعة أتمناها لكم جميعا


الفصل الخامس والعشرون






ضممت ساقاي لحضني أكثر وأنا أجلس على هذا السرير البارد رغم

التدفئة المركزية في هذه الغرفة الخالية سوى من أنفاسي الهادئة , دسست

رأسي بينهم واستسلمت لدموعي , لا أذكر شيئاً مما حدث بعد ذاك اليوم

سوى استيقاظي على صوت طنين الأجهزة فنظرت بعينان نصف مفتوحتان

للواقفين حولي أتنقل بينهم بنظري وأحداً وأحداً , طبيبي الألماني ... عمتي

ودموعها الغالية تتساقط في كفيها و ..... رجل غريب في ملامحه شيء ما

...... نعم أنا أعرفه ولكن لا أذكره , أشار بأصبع يده السبابة أمام وجهه

بشكل قلب مبتسماً فتذكرت ما تعني هذه الإشارة , نعم تذكرتها تعني المفقود

من حياتي , تعني يا قمر أن أحد نصفاك الضائعان قد عاد , تقطعت أنفاسي

في جهاز التنفس الموضوع على أنفي وفمي وعيناي اغرورقوا بالدموع

ومددت يدي له ببطء رغم المغذي المحقون بها وجهاز قياس النبض والتعب

والمرض إلا أنني رفعتها بسهولة نحوه فأمسكها وقبلها قبلات لا يمكنني

معرفة عددها من كثرتها , كان يضمها لصدره ويتحدث ولا اسمع سوى

كلمة ( ابنتي ) فنزلت دموعي تتساقط بعدد يفوق عدد قبلاته بعشرات المرات

لتتجمع كل سنين البؤس والحرمان وتندفع من كل خلايا جسمي التي عاشت

فيها وتخرج في صوت هامس مخنوق " أبي "

لينطلق ذاك الجهاز بطنينه المرتفع فأبعده الطبيب عني يود إخراجهم من الغرفة

ونظري يتبعه ونظره للخلف عندي فعجز لساني عن نطق الحروف رغم كل

محاولاتي , أردت أن أترجاهم أن يتركوه معي ولو للحظة أخرى بعد

أتركوني أنعم به لا تأخذوه مني مجدداً , ارتفعتْ شهقاتي الراجية علهم يرأفوا

بحالي فحقنوني بتلك الحقنة الكريهة التي تأخذني للظلام الدامس الخالي حتى

من الكوابيس المرعبة ولم استفق من حقناتهم المتتالية تلك إلا بعد وقت طويل

لأجد نفسي في مكان آخر بل مستشفى آخر , أخبرني الطبيب هنا انه ولحسن

حظي كان الطقم الألماًني في المستشفى بعد نصف يوم من سقوطي لأنهم كانوا

في زيارتهم السنوية لتعاقد البلدين صحيا فما كانوا سيجدون وقتا لنقلي لهم في

بلادهم وكان الموت سيكون أسرع منهم فأجروا لي جراحة كانت نسبة الفشل

فيها ثلاث أضعاف نسبة النجاح وكنت ميتة بين أيديهم وميتة بعد العملية لأشهر

لولا أن أمر الله لم يقضي بعد بموتي لكان الموت أقرب لي من الحياة وما كنت

لأسعد بهذه النجاة لأني لم أخترها أبداً وفضلت الموت عليها لولا أن هذه الفرصة

جلبت لي شخصاً يستحق العيش مجدداً من أجله , هوا فرصتي الجديدة في الحياة

بل هوا الحياة , والد لقمر ... نعم لها والد , صدقوا أنه لها سند وحامي وأنها ليست

وحيدة , رغم أنه لم يزرني بعد تلك المرة حتى خيل لي أنني كنت أتخيل ذلك لولا

زيارة عمتي الوحيدة لي هنا لتؤكد لي ما رأيته , لو كنت مت ما كنت سأحضا بهذه

الهدية ( والدي ) ضننت أنه لم يعد لي ما أعيش لأجله لكنني أخطأت




رفعت رأسي وسندته على ظهر السرير وعيناي تعلقتا بالسقف الأبيض

كنت أسمع دائما عن المستشفيات العسكرية لكني لم أتخيلها هكذا , كانت

في مخيلتي تشبه زنزانات السجون مقرفة و بها أسره متهرئة ولم أتوقعها

هكذا وكأني في مستشفى من مستشفيات الخارج , جلت بنظري حتى وقع

على الورقة المعلقة على الحائط ثم للنافذة الزجاجية الواسعة في الجانب

الآخر بستائرها البيضاء المفتوحة , يبدوا أننا في منتصف الخريف أذكر

أني كنت في نهايته حينها فيستحيل أن يعود بي الزمن للوراء إذا هي عشرة

شهور مرت منذ ذاك اليوم , كيف مر كل هذا وهل قضيته بين هنا وهناك

أم هنا فقط ؟؟ لا أذكر ويبدوا أنني ارتكبت جريمة ما ولا أعلم بها وهم يسجنوني

في هذا المكان , انفتح الباب ببطء بعد طرقات خفيفة , كم أتمنى أن لا يكون أحد

الأطباء أو الممرضين , لقد كرهت رؤيتهم من كثرة ما زاروني لرؤية الفتاة

الوحيدة التي تدخل هذا الصرح العسكري فوحدهم من يجتازون الحرس في

الخارج , اتسع انفتاح الباب ليدخل من كان خلفه صاحب الجسد الضخم المتناسق

أزال نظاراته الشمسية السوداء الكبيرة وابعد الشال الخريفي عن فمه وذقنه لتظهر

لي تلك العينان السوداء الغائرة والابتسامة التي تشق تلك الملامح القاسية لتزيدها

جمالا في حدة , مددت له كلتا يداي بابتسامة مشبعة بالدموع فأغلق الباب واقترب

مني لأتعلق في عنقه باكية وهوا يضمني لصدره بقوة ويقول

" قمر يكفيك بكاء يا ابنتي من هذا الذي يبكيك لأذبحه حيًّا وأرمي لحمه للكلاب "

تعلقت بعنقه أكثر وقلت ببكاء " أين أنت يا أبي لما تركتني كل هذه السنين

ولما أنا هنا ؟؟ لما أنا وحدي وأين أنتم ؟ "

جلس على السرير بجواي ممسكا يدي وقال ونظره عليها " ظروفي كانت أقوى

مني يا قمر وأنتي هنا لأنك ما تزالين متعبة حبيبتي "

نظرت لوجهه وقلت بهدوء " لما هنا تحديداً عمتي لم تجبني عن

أي سؤال حين زارتني "

نظر لي وقال ماسحاً على وجهي بيده " لنحميك منهم بنيتي "

قلت باستغراب " من هم !! "

تنهد وشتت نظره أرضاً وقال بملامح حادة

" من قتلوا والدتك وكانوا يريدون قتلك بعدها دون رحمة "

قلت بعد صمت أجمع فيه أفكاري " إذا ثمة من قتلها ذاك اليوم الذي سمعت

فيه صرختها الوحيدة والأخيرة لتختفيا كليكما بعدها "

قال ونظره لازال أرضاً " نعم قتلوها وأبعدتهم قبل أن يقتلوك أنتي أيضاً ولم

أكن أعلم أنني سلمتك لمن هم أقسى منهم , من قتلوك ببطء لسنوات طوال "

مددت يدي ورفعت وجهه إليا من ذقنه وقلت ونظري في عينيه

" لما تخفي وجهك عني في هذا الموضوع , أبي ما الذي حدث في الماضي "

أمسك يدي قبلها ودسها في حضنه وقال " لقد قتلت ثلاثة منهم لأنهم قتلوها

وكانوا ينون قتلك يومها لذلك حاكموني عسكريا وسجنت لسنوات ثم خرجت

لأكتشف أنك كنتي في سجن أسوأ من سجني فانتقمت لك ممن عذبوك تلك

السنين ... خالك وزوجته , ليذوقوا البرد والجوع والحزن كما فعلوا بك

كنت أنوي فقط أن أضعهما تحت خط الفقر ليقاسيا ما قاسيته ولكنهما تهورا

ووصلا لما هما فيه الآن "

ثم دس يدي في حضنه أكثر وقال " لا أريد أن تكرهيني يا قمر وتريني مجرماً

أنتي عيناي التي أرى بهما أنتي سنين سجني أنتي الحياة المتبقية لي في هذا الكون "

حضنته وقلت ببكاء " بل سأقطع لسان من يقول عنك أنك مجرم فكم انتظرتك

ووالدتي لسنين طويلة حتى وأنا في منزل عمتي وما كنت لأصدق أن تموتا معاً

بتلك الطريقة , كم ناديتكم وكم ترجيتكم أن تنقدوني من البرد والضرب ومنهما "

مسح على ظهري بحنان وقال " ها قد عانوا كما عانيتِ وأكثر وانتقم الله لك

منهم معي وأقسم أن أدمر كل من يتسبب في سكب دمعة من عينيك الغاليتين

كما قتلت لأجلك سأقتل واسجن حتى ينتهي عمري "

ابتعدت عنه ونظرت لعينيه وقلت بعينان تمتلئ بالدموع مجدداً " قتلتهم كلهم !! "

مسح الدموع العالقة في رموشي بطرف أصابعه الكبيرة وقال بابتسامة حزينة

" لا تخافي حبيبتي لم أقتله "

شهقت شهقة صغيرة فحضنني وقال " ما كنت سأتوانى عن فعلها لحظة لولا

خفت أن تحزني على ذاك المجرم , أقسم لو أنك فقدتِ حياتك يومها لقتلته دون

تراجع وما من شيء ينقده مني حتى هذه اللحظة إلا خوفي من غضبك بنيتي

فأعطني الإشارة فقط وسأجعله يزحف على الأرض لا يستطيع المشي لا على

قدميه ولا يديه "

ابتعدت عنه وهززت رأسي بلا فابتسم وقال " إذا أعفوا عنه لأجلك فقط "

هززت رأسي بنعم ودموعي تنزل من عيناي ثم قلت بعبرة

" هوا وحده المعنى الجميل لتلك الطفولة البائسة وثمة حساب كان بيننا وصفاه

مني وانتهى الأمر , لن يكون جزئاً من حياتي ولكن لا تؤذيه "

مسح بكفه على خدي وقال

" حسناً فقط أوقفي هذه الدموع لن أؤديه ولكن حسابه عليه دفعه "

ثم أخرج لي جريدة من داخل معطفه الخريفي وقال بابتسامة

" هذه ممنوعة هنا ولست من محبي قراءة الصحف ولكني أردت أن تريها "

فتحها على صفحة محددة ومدها لي فكانت مقالة بعنوان ( مذكرات زوجة كاتب )

قرأت أول سطورها ثم نظرت له بصدمة وقلت " مذكراتي !! "

قال " نعم تنزل للقراء تباعاً مرتين شهرياً ومنذ تسع أشهر وسنكشف عن

اسمه قريباً وسينال عقاباً بسيطاً يستحقه "

أمسكت يده وقلت " لا يا أبي لا تفعلها "

تنهد بضيق وقال " قمر حتى متى ستحبين ذاك النكرة ؟ أقسم لولا حبك له ما

زوجتك به منذ البداية ليس لشيء في خلقه ولكن لأنه من شهد مأساتك ولم يخرجك

منها ولم أكن أعرف أنه سيفعل بك كل هذا لكان طال النجوم قبل أن يطالك "

قالت برجاء " أخبرتك أن ثمة حساب كان بيننا وتصافينا فيه وكما عاقبت

من آذوني في طفولتي فابتعد عنه لأنه وحده من لم يؤذني فيها فمِن يديه كنت

آكل الحلوى وقت افتقدتها لسنوات ولم يعطيها لي أحد ومنه تعلمت الكتابة

والقراءة حين حرموني من المدرسة , وحده كان يستمع لي دون أن يشتمني

ووحده من كان لا يضربني ذاك الوقت , رائد انتهى من حياتي يا أبي فمهما

عانيت وطال بي الوقت لنسيانه فسأهجر حبه لكن لا تؤذيه من أجلي أرجوك "

جمع شعري خلف ظهري وهوا يقول

" كما تريدين يا قمر سأبتعد عنه فقط من أجلك "

ثم غير جلسته حتى أصبح ورائي وجمع شعري بين يديه وقال وهوا يضفره

" حينما كنتي طفلة كنتي تقولين لوالدتك رحمها الله وهي تسرح لك شعرك

: أريد حين أكبر أن يصبح ضفيرة طويلة , فقالت : وأنا سأضفرها لك

فقلتي معترضة : بل والدي يفعل ذلك , فقالت بتحدي : بل أنا فأنا والدتك

فتراهنا ذاك اليوم كل واحد منا يتحدى الآخر أنه من سيفعلها أولاً , كم كنتي

تحبين الشعر الطويل المضفر حتى أنك تقفزين كلما رأيت واحدة في التلفاز

بشعر ضفيرته طويلة "

أنهى ضفره ودموعي تنسكب بغزارة , ما أجملها من هدية هذه التي قدمت

إلي .... والد فكم حلمت بواحد منهما , من يراه وهيئته ككبار ضباط الجيش لا

يصدق أنه من يضفر لي شعري الآن بحب ورفق وحنان , مسحت دموعي

والتفتت إليه وقلت بابتسامة " وها أنت كسبت ذاك الرهان "

تم أمسكت يده وقبلتها ووقفت على ركبتاي وقبلت جبينه ثم نمت في حضنه كطفلة

تبحث عن حنان الأبوين مجتمعا فيه , كليلة صيفية هجرتها النجوم لتجد في قلب

سماءها ضوء القمر , من قال أن الأماني المستحيلة لا تتحقق , من قال أن ما ضاع

منك لا يمكن أن يعود , وبقينا على ذاك الحال لوقت أنام في حضنه الدافئ ويده

تمسح على شعري برفق ثم أبعدني ووقف لبس نظارته وقال وهوا يعدل شاله على

وجهه " عليا المغادرة الآن بنيتي وسأعود في وقت آخر "

رفعت رأسي ونظرت إليه وقلت بحزن " وبعد كم من الشهور ستعود ؟؟ "

وضع يده على رأسي ولعب بغرتي بين أصابعه وقال

" عليا حمايتك منا يا قمر حتى نجد لهذا حلا "

قلت وعيناي معلقتان به " وحتى متى سأبقى هنا أنا خائفة من هذا المكان الممرضون

والأطباء والحرس كلهم رجال كيف تؤمن عليا معهم "

قال بحزم " هل ضايقك أحد ؟ "

قلت وقد سافرت بنظري أرضاً " وهل سننتظر حتى ذاك الوقت في النهاية هم

رجال وأنا امرأة وحدي ووحيدة هنا "

قال وهوا يمسك كتفي بيده " سنجتمع وعمتك وزوجها ونناقش الأمر فكما ترين

يا قمر أنا الآن أشكل خطراً كبيراً عليك حتى أني أزورك متنكراً حتى عن الجهاز

الأمني لأني لا أتق في أحد ولا حتى هم , حتى تقع الخلية الجاسوسية في الشرك "

نظرت له وقلت " وحتى متى ؟؟ "

قال " لا اعلم ولا يمكنني تحديد ذلك سنتناقش في الأمر حبيبتي لا تقلقي

وسأخرجك من هنا مادمت لا تريدين البقاء فمعك حق كيف أؤمن رجال

على قمر مثلك مهما كانوا مهددين لأهمية المكان عسكريا "

تم أخد الجريدة من على السرير وهم بالخروج فقلت " أبي "

التفت إليا فقلت برجاء " لا تتأخر عني كثيراً سأشتاق إليك "

هز رأسه بنعم فقلت " وأترك لي الجريدة أتسلى بها فلا توجد حتى

هواتف كل شيء ممنوع هنا "

اقترب ووضعها في حجري وقال " خبئيها جيداً حسناً "

هززت رأسي بنعم مبتسمة له فمسح على شعري ووجهي بحنان وغادر

فناديته مجدداً فالتفت لي من فوره فرسمت له قلباً أمام وجهي مبتسمة فأزال

الشال عن فمه وأرسل لي قبلة من شفتيه كما كنا نفعل في صغري وابتسم

وغادر , كم احتجت إليه في حياتي وكم أنا سعيدة بعودته لي فكم قاسى هوا

أيضاً وعانا وقد ضاعت سنين عمره مثلي في الهم والحرمان فقد فرقتنا هموم

الدنيا ومواجعها وهي من جمعتنا أيضاً ولا اعلم متى ستتركنا لنجتمع للأبد

تنهدت بضيق ثم فتحت الجريدة أقلبها لا شيء جديد في هذه البلاد لم تتحرك

من مكانها , وصلت حيث العمود المخصص لمذكراتي , يبدوا شارفت للنهاية

قرأت اسطر منها أسترجع تلك الذكرى المريرة (( كان من الممكن أن أتجاوز

ألم الماضي لو لم تكن مؤنسي.. و مدرستي ... كما لو لم أرى فيك منقذي من

تعاستي.. ومخلفات الذكريات ... كنت أستطيع أن أتجاوز وجعي ورعبي ولكن

رأيتك حاضري.. تشبثت بكل ما يجيش في صدري نحوك وكنت أعلم أنه من

المستحيل رؤية بعضنا ولو بالصدف... ولكن ها نحن معًا ... لم أصحو بعد

من سكرة حُلمي ... ويبدو أنني لن أفيق حتى أهوي على رأسي من شدة وجع

الواقع..فأنت لم تتوانى عن صفع قلبي بكل الطرق ... وها قد تاهت بي معالم

حكايتي معه حتى شارف قلبي على التوقف وعمري عن المضي وxxxxب

حياتي عن الدوران , قريباً أموت يا رائد وأنت تبتعد عني أكثر وترميني

للمجهول للبعد عنك لحرماني حتى من قسوتك لأموت وحيدة وبعيدة , لما

حرمتني من أن تكون آخر من يشيع جثماني مثلما كنت أول من كتب خطوط

نهايتي وأول من مزق سنيني وعبث بتاريخ عمري وأول من رقص على

نهاية نبضاتي , كم قسوت على نفسي حين بحثت عنك فيك وعني لديك عن

الفرح في بلاد التعاسة وعن الحياة في حضن الموت وعن الرحمة في قلب

لم يعرف غير القسوة والظلم , كم كنت غبية وكم كنت حالمة وموهومة

واكتشفت أني كمن يبحث عن الدفء في حضن الجليد لتنتهي حكايتي معك

يا رائد كما خططت لها أنت تعيسة ومريرة وحزينة كما تريد أنت وليس

كما تمنيت أنا )

أبعدت نظري عنها وهززت رأسي لأبعد عنه كل تلك الذكريات , مؤكد أن

رائد الآن يرى أنه أخذ بحقه مني وأني أستحق ما أصابني , كان يعلم أني

ضوء القمر ويخفيه عني وأنا من تنتظر أن يتذكرني وهوا لم ينسني وكل تلك

المعاملة السيئة كانت بسبب ما فعلته في الماضي وأنا من غبائي أفكر كيف

سأشرح له الأمر ليفهمني ويعفوا عني , نزلت من عيني دمعة مسحتها وقلت

بحزن " عليك نسيانه يا قمر فهذه المرة الثانية التي يضرب فيها قلبك زلزال بسببه "

ثم تنهدت بأسى وشغلت نفسي بتقليب باقي أوراق الجريدة حتى وصلت

عند مقال تحت عنوان ( إحدى متاهات المنذر الجديدة ) نزلتُ بعدها للمقال

أقرأه فكان يتحدث عن رائد المنذر لتحوله من المقال الأدبي والنقدي للشعر

بعد انقطاع غريب وفهمت منه أنه لم يكتب لأشهر ومختفي تماماً عن الجميع

ليخرج بقصيدة احتلت مواقع محبيه وهزت بعض الصحف للتغيير المفاجئ

رغم ميوله الدائم للمجال الأدبي إلا أنه لم يكتب قصائد شعرية قبلا ولم يتحدث

عن حبه للشعر أو كتابته له فأعده الجميع تغيرا لميوله الأدبي , بالفعل معهم حق

هذا تغير عجيب رغم معرفتي أنه كان يكتب الشعر فاجأني أن يضع قصيدة

في الجريدة لابد وأنها جارحة كتلك التي رماني بها يوم الرحلة للبحر , وصلت

لآخر المقال فكانوا يعرضونها وما أن وصلت لها بنظري حتى سمعت حينها

طرقات خفيفة على الباب وفتح قليلاً وتحمحم من خلفه خبأت الجريدة وبقي

من ورائه في الخرج ولم يدخل مؤكد الطبيب هذه عادتهم , لبست حجابي

وقلت " تفضل "

دخل مبتسماً وقال " صباح الخير أراك أفضل اليوم "

قلت بابتسامة " نعم جاءتني زيارة ما أروعها "

اقترب مني وأخرج شيئاً من جيبه فقلت بتذمر " حرارتي ليست مرتفعه

أبعده ولا تقل أنك ستقيس ضغطي ونبضي أيضاً لقد سئمت منكم "

ضحك وقال " في وجهي تقولينها ! هيا علينا تدوين كل الملاحظات

يومياً هذا ضروري "

أخذته منه وقلت بضيق " أعطني إياها وسأسجلها لك دون عناء , لقد

بث أحفظها من كثرة ما قرأتها ذات النتيجة يوميا "

وضعته تحت لساني وضحك وقال وهوا ينظر لجهاز قياس الضغط أمامه

" هل تكرهيننا لهذا الحد "

قلت مستاءة " نعم وإن أحضرتم الطبيب النفسي كما تريدون فسأهرب من هنا "

قال مبتسماً وعينيه على المقياس " لقد أنقده الله منك إذا "

أخرجت المقياس من فمي وأخذت منه الدفتر دونت الدرجة بنفسي ورميته له

وقلت بضيق " أين أنا من هذه البلاد ولما كل شيء ممنوع .... أريحوني "

قال وهوا يزيل الجهاز عن ذراعي " أنتي في الجناح السري من المستشفى

العسكري يا قمر وحتى نحن الأطباء والحرس في الخارج لا نعلم سوى اسمك

الأول فلن يفيدك أي منا بجواب "

تأففت وقلت " إن كانت لك ابنة هل كنت ترضى لها هكذا تنقطع عن كل شيء "

ضحك وقال " محاولة جيدة , بلى لدي ابنتان ولمصلحتهما أفعل أي شيء "

نظرت له بنصف عين وقلت " أقسم انك طبيب نفسي وأنك تعرف عني الكثير "

اكتفى بالابتسام في صمت فقلت " هل لي بطلب واحد فقط وبسيط جداً "

نظر لي باهتمام وقال " طلب مني أنا ! لكن القوانين صارمة لا تطلبي

شيئاً أعاقب عليه حسناً "

قلت وأنا أهز رأسي بلا " لن أطلب شيئاً مؤدياً هوا ممنوع لكن أريده

هاتف فقط لأتحدث مع عمتي قليلاً .... أقسم لك "

تنهد وعدل من وقوفه حاملاً أجهزته وقال " صحيح أني درست علم النفس

لكني لست متخصصا فيه بل أنا حقا طبيب عضوي وأنا بالفعل لا أعرف عنك

غير اسمك وأنك هنا لحمايتك وأن والدك ذو مركز كبير في هذا المكان لكن

من يكون لا أعلم , وأن أحضر لك شيئاً ممنوعاً ستكون مغامرة قد أفقد

فيها النطق والمشي وليس وضيفتي فقط "

قلت بتذمر " يا لكم من متحجرين كيف تكونون أطباء "

لم يعلق على كلامي سوى بالابتسام كعادته ثم هم بالخروج فوقف بجانب

الباب ونزع ورق التقويم اليومي وقال " هذا اليوم مضى لما لا تزيلينهم ؟ "

قلت بضيق " أتركهم حتى يصبحوا عشرة وأزيلهم معا كي أشعر

أني تقدمت للأمام كثيراً "

قال بابتسامة " فكرة جيدة للعيش في الماضي وليس للذهاب للمستقبل "

ثم خرج وتركني وحدي لوحدتي , هكذا انتم أطباء النفس ليس لديكم سوى التحليلات

السخيفة , أخرجت الجريدة وفتحتها على المقال المدرج فيه القصيدة من أجل أن

يقدموها للقارئ بعد موشح تحليلها طبعاً وكانت

....

خذيني إليك

خذيني بحزني لفرحتي مني خذيني إليك

لا ترحلي مثل الرحيل

مثل الأماني عانقت عطري النحيل

وتناثر في مقلتي ثم اختفت في مقلتيك


* * *


مني إليك

تحتار أشيائي لكي مني تسابقني إليك

حتى ملامح غرفتي

كتبي وعطر حقيبتي

قداحتي صندوق أقلامي وعلبة ساعتي

حتى مفاتيحي رثت كفيك


* * *


ويزيد شوقي إليك

ويزيد كم شوقي يزيد إليك

كنسائم الليل الحزين

كالهمس في نبرات نجوى العاشقين

كقصائدي ودفاتري

تحتار كيف تموت بين يديك


* * *


ومني إليك

كل المشاعر تشتكي مني لقلبي إليك

حتى نسائم شرفتي

تركتني ألعن وحدتي

بل ضحكتي رحلت وأخذت بسمتي

هل تسمعي

أحبيبتي ومليكتي

ضمي تفاصيلي خذيني إليك........ (من أجلك قمري )




بقيت أنظر لها مطولاً وأنفاسي تتغير ودقات قلبي تضطرب , ترى ما

يعني بكل ما كتبه ؟ يبدوا لا يعلم أنني هنا ولكن كيف سيعلم وهذا المكان

سري, ترى ما حدث بعد أن فقدت وعيي يومها ! هوا موقن أنني من

خدعته فلما يكتب هذا أم انه من أجل أخرى ! ولكن من تكون وهذا اسمي

في الإهداء , هذه الجريدة مر على صدورها أسبوعين ولا اعلم كم مضى

على نشرها في جريدتها الأساسية ؟ أنا حقا لا أفهم شيئاً




وبقيت على ذات الحال والروتين أسبوعاً آخرا حتى طرق أحدهم الباب

في غير وقتهم المعتاد فعلمت أنها وأخيراً زيارة لي فبقيت أنظر بلهفة حتى

انفتح ببطء ودخلت عمتي التي اتجهت فوراً مسرعة اتجاهي واحتضنتني

بحب ثم يليها زوجها ووالدي , كنت أحتضنهم وأبكي شوقاً وفقداً ومللاً من

هذه الوحدة وهم يحاولون تهدئتي حتى قال والدي " قمر لما البكاء هكذا

سنخرجك من هنا كما طلبتي "

قلت بابتسامة حزينة " حقا ... وأخيراً سأغادر السجن "

ضحك وقال " لو سمعوك المساجين لبكوا على حالهم "

قلت بسرور " هل سأخرج معكم ؟ هيا لا أريد البقاء لحظة بعد "

نظروا لبعضهم في صمت فقلت بقلق " ماذا هناك ألن أخرج !! "

قال والدي ونظره على أصابعه المشتبكة ببعضها وهما يجلسان أمامي وعمتي

بجانبي " قمر لا يمكنني أخدك معي لا أنا ولا حتى عمتك فقد أصبحت خطرا كذلك "

نظرت لهم وأحداً وأحداً وقلت باستغراب " لم أفهم كيف لا تستطيعون أخذي ! "

نظر لي وقال " حياتي عرضة للخطر حتى نمسكهم وإن علموا بك ستفقدين

حياتك في أقرب فرصة ولن أخاطر بك ماداموا لم يعلموا بوجودك فبعد أن قتلت

أولائك الثلاثة الذين كانوا المشتبه بهم الوحيدين وهم من الجهاز الأمني في البلاد

سلمت نفسي بمحض إرادتي حيث أنه وبحكم مركزي حينها كان يمكنني قتلهم

دون أن يحاسبني أحد لكني سلمتهم نفسي والأدلة على قتلهم لوالدتك ومحاولة

قتلي وحتى قتلك فحكموا عليا بالسجن عسكريا لأني في نظر القانون أمثل جزء

من القانون في البلاد وأنهم الدليل الوحيد لدينا حينها لفك تلك الخلية فأخذوا بعين

الاعتبار مركزي وأسبابي وتسليمي لنفسي لكني لم أنجو من السجن وحدها

وضيفتي ورتبتي اللذان لم أخسرهم في المحاكمة العسكرية التي خضعت لها

لأخذهم تلك الأسباب بعين الاعتبار وبعد خروجي من السجن العسكري بقيت

أراقبك من بعيد ولم يعلم أحد بخروجي سوى زوج عمتك ورغم حماية الجهاز

الأمني لي إلا أنني لازلت على خطر وقد حاولوا قتلي مراراً لعلمهم ما أصبوا

إليه وما فعلته ببعض أعضائهم سابقاً وضنهم أني على علم بمن يكونون

وعندما قررت تسليم نفسي تحدثت مع خالك ليأخذك عنده حتى أخرج

من السجن لأن عمتك كانت في الخارج ولا صلة لي بها ووحدهم أقاربك

ولم أعلم أني بذلك سلمتك للشيطان وزوجته ولكن قضاء الله خير دائماً فهم

سجنوك وحجبوك عن العالم كله فحموك منهم دون علمهم , لذلك لا يمكنني

أخذك معي حالياً وحتى الله أعلم متى , هذا إن نجوت منهم , وعمتك بعد

استقبالها لي أصبحت خطراً عليك كما عليها السفر قريباً وأنتي لا يمكن

إخراجك من البلاد في الوقت الحالي وعلى عمتك الابتعاد في كل الحالات

تحسباً لأي مشكلة قد تودي بحياتها وعائلتها "

هززت رأسي بعدم استيعاب وقلت ودموعي تملا عيناي

" ما معنى هذا ؟ هل أصبحت بدون أهل وليس لي مكان أخرج لأذهب إليه "

مد يده لوجهي ماسحاً على خدي وقال بهدوء " من أجلك قمر , لا أريد أن

أخسرك أنتي أيضاً ولا يمكنني وضعك في منزل لوحدك حتى بالحراسة لا

أؤمن عليك ولا من الحرس وأنتي امرأة ووحيدة "

أمسكت يده وقلت ببكاء " من بقي لي أذهب إليه ؟ لماذا يحدث معي هذا

وهل سأبقى هنا كل عمري "

تنهد بضيق وقال " بقي زوجك ولكني لا أريد أن أرجعك إليه وعلينا البحث عن

خيار غيره خصوصاً أنه بدأ يبحث عنك في كل مكان وسيكشف أمرك بسبب تهوره

أرسلت له تهديدا ليتوقف عن التهور لكنه لم يكترث لي فوجهت له خطاباً خطياً

أننا سنسجنه ليتوقف عن ذلك وجنونه لم ينتهي لذلك اتصلت به بنفسي لأخبره أنه

يعرض حياتك للخطر بما يصنع وأني إن أرسلت أمراً بالقبض عليه فسيرى عذاباً

لن يتحمله , ليقتنع بما نأمره به فكان كلامه كله إصرار على مقابلتك ومعرفة مكانك

ولم يتراجع إلا حين أخبرته أنه بهذا سيحرم نفسه أيضاً منك وسيصبح مصدر خطر

عليك كما نحن الآن عندها فقط لانت كلماته قليلاً , ولكني أخبرته بالحرف الواحد

أنك لم تسألي عنه ولم يعد يعنيك ولم تطلبي أن يزورك وأن عليه نسيانك لأنه لم

يستحقك أبداً فانا لم أنفد ما هددته به فقط من أجل وعدي لك أن ابتعد عنه لكن أن

يهدد حياتك بالخطر لن أرضا بها أبداً "

قلت بعينان دامعتان " لا أريد العودة إليه لا أريد "

قال مطمئننا " لن تعودي إليه حبيبتي ولن يقترب منك لا تحزني ولا تخافي "

مسحت عيناي وقلت " والحل الآن أنا لا أريد البقاء هنا أبداً ولا يوماً آخر "

حك جفنه تحت عينه وقال " زوج عمتك اقترح أن يقطع دراسته ويبقي ومؤمن

هنا لتبقي معهم لكن يبقي الوضع غير آمن , فكرت لو لدينا من نتق في حمايته

لك من البعض فقط لأن الباقي ستتكفل به المراقبة المكثفة حولك "

قلت مقاطعة له " كيف من البعض لم أفهم ؟ "

تنهد وقال " زوجك مثلا أو أي رجل من طرفه قد يكون خطراً عليك , لدي

أصدقاء موثوق بهم لكنهم يتبعون للجيش والأجهزة الأمنية فلن يجدي الأمر

عمتك تقترح صديقة لها ابنها ضابط في الشرطة , الفكرة جيدة لكن المشكلة

أن تبقي وإياه في منزلهم , هم غرب عنك ووالدته تعمل لساعات طويلة خارج

المنزل وقد يعلم زوجك ويسبب لنا فضيحة "

قلت باستغراب " وما دخل رائد في كل هذه الأمور ! لما يبحث عني ولما

سيلحقني ويتسبب لي بالمشكلات !! "

قال بضيق " يبدوا كبرتِ في قلبه فجأة وبعد أن شيع جثمانك تذكر أنك شيء يؤول

إليه , أقسم لولا طلبك مني تركه لعرفت كيف أجعله يبتعد عن طريقك وبالقوة "

قلت بتشتت " أشعر أنني في شيء لا أفهم منه شيئا "

قالت عمتي ممسكة لكتفي " قمر حبيبتي علينا أن نتفق علي مكان يكون آمن لك

لا يمد لنا بصلة ويمكن لصاحبه حمايتك حتى من زوجك فنحن لا نعلم ما ينوي

عليه ولما يبحث عنك ويصر عليك هكذا , المشكلة لا أصدقاء مقربين لك "

ثم وضعت يدها علي حقيبتها وقالت " آه كدت أنسي "

ثم قالت وهي تخرج ورقة منها

" هذه أرسلتها لك نوران وقالت أنه عليك قراءتها سريعا "

أخذتها منها في حيرة من أمر إرسالها لي فتحتها فكان فيها (( قمر شقيقتي الحبيبة

التي لم تلدها لي والدتي , لا أعرف من أين ابتدئ ولا كيف أشرح لك موقفي ولا

كيف أصوغ الكلمات بحيث أستشعر غفرانك لي , قمر أنا من أخذت أجزاء منازل

القمر كما تعلمي ولكن مالا تعلميه أني أخذتهم لرائد حينها وعلي دفعات لأكفر عن

خطأ قديم في حقك وهوا أني أنا من دللت شقيقته عليك ودون قصد مني أو علم

بمن تكون وما تنوي ولكنك فاجأتني يوم اكتشفتِ أن المذكرة بدأت تختفي

أوراقها وخبأتِ الباقي عني وما لم تكوني تعلميه أن باقي أوراقها لدي رائد

لذلك اعترضت علي موافقتك الزواج منه لكي لا ينتقم منك عن ذاك الماضي

ويوم أخبرتني أنه علم منك عن كل شيء وتصافيتما صدقت ذلك وسعدت أني

تخلصت من عقدة الذنب أخيراً , ولم أكن أعلم أني سلمتك للموت بيدي

قمر سامحيني أقسم لم يكن قصدي أذيتك وكنت أود أن آتي لك بنفسي واشرح

أسبابي واعتذر ولكنهم منعوني من الذهاب معهم لأن والدتي ذهبت معهم

مكرهين فذهابي سيكون مستحيلا , قمر سامحيني أرجوك , أحبك.... نوران )
‏‎
‎قبضت على الورقة في يدي بقوة ودخلت في نوبة بكاء مريرة وعمتي

تحتضنني ووالدي وزوجها يحاولان فهم شيء مما يجري فأخذ والدي الورقة

مني وقرأها ثم قال بغيض ومن بين أسنانه " سحقاً له كان ينتقم منك إذاً "

ابتعدت عن حضن عمتي وقلت وأنا امسح دموعي

" كما أخبرتك أبي حساب قديم وتصافينا فيه ولم يعد له شيء عندي "

قال بغضب " بعد ماذا ؟ بعد أن أخسرك صحتك للأبد ذاك المغفل

لو فقط تتركيني أصفي منه حسابي يا قمر "

قلت بهدوء ونظري للأرض " ماضي وانتهى ولا يجدي الكلام عنه الآن "

ثم نظرت له وقلت بجدية " لدي من سأبقى معه حتى تنتهي هذه الأزمة ووحده

من سأكون لديه بخير ومن سيمنع حتى رائد عني "

قال والدي بهدوء " قمر تعرضك للضغوط النفسية مجدداً سيكون خطرا كبيراً لن

تنجي منه هذه المرة بنيتي , وأنتي أدرى بحالتك الصحية الآن فلا نريد المجازفة "

قلت بابتسامة حزينة " لا تقلق يا أبي ما كان كان وانتهى ولن أرى أسوء منه

سأخرج عن سلطته ولن يفعل شيئاً تأكد "

تنهد وقال " لولا خوفي عليك لرفعت قضية طلاق وزوجتك بغيره ليحميك

ولكن القضية ستكشف اسمك كاملاً وإجباره على ذلك بالقوة أمر لن توافقيني

على فعله لفصلت جلده عن عظمه حتى يطلقك "

قلت وأصابعي تعبث بطرف اللحاف

" فلنخرج من هذه المشكلة أولاً وتعود إلي ثم لكل حادث حديث "

ثم نظرت له بعينان دامعتان وقلت وأنا أمد يداي له

" والدي لا تمت كن بخير لأجلي أرجوك "

عانقني وقال مطبطبا على ظهري " لا تقلقي حبيبتي مسألة وقت , أنتي أخبريني

فقط عن المكان الذي تودين الذهاب إليه لنجري جميع الاحتياطات الأمنية فحتى

من سيحمونك هناك لن يعلموا من تكونين "




وهنا كانت نهاية فصلنا الجديد


أين ستكون قمر في محمى حتى عن رائد وما سيكون المكان الذي اختارته

كيف سيصل لها رائد وكيف سيعلم بمكانها بل كيف سيعيدها لحضنه مجددا

وهل سيجد الغفران عند قمر ووالدها وما الخيارات التي ستكون أمامه

الفصل القادم سيجيب عن كل هذا وسيحمل لكم في طياته الكثير


فصلنا القادم لرائد والنقلة الجديدة في القصة ستبدأ من عنده


دمتم في حفظ الله أحبائي ...... أختكم المحبة لكم ( برد المشاعر )




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 02-04-15, 10:56 PM   #43

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل السادس والعشرون


خمس شهور مرت أبحث عنها كالتائه وكمن يبحث عن قشة في كومة ثبن وبل

أكوام , كل هذا وهي هنا في هذه البلاد فماذا لو كانت خارجها !! لكنهم يخفونها

بشكل غريب فلو كانت في دهليز تحت الأرض لوجدتها حتى أني وصلت لمرحلة

شككت أن معلومات حيدر غير موثوق بها , حتى وصلني تهديد بإيقاف البحث

عنها لأتأكد أنها بالفعل موجودة وأن من يخفيها يبدوا والدها وكما قال حيدر هوا

يواجه خطراً ويخاف أن تطالها الأيدي , لكن لما سأصبح أنا أيضاً أشكل خطراً

عليها ؟ هل يعني سيعرفون بوجودها من خلالي أم سيعرفون أن لي صلة بها

فبذلك لن استطيع استردادها , يبدوا أنه يخدعني فهل سيرضى بأن ترجع إلي

وهوا يطلب مني تطليقها بدون استخدام العنف , هذا الرجل يهدي بالتأكيد فلن

أطلقها ولو مت تحت التعذيب , لو أني فقط أصل إليها وأين تكون فلا صبر

لدي على بعدها فعشرة أشهر مرت حتى الآن وكأنها عشر دهور لجأت حتى

لكتابة قصيدة لها لعلها تقرأها وتفهم ما في قلبي اتجاهها وأنه عكس ما تعتقد

ولا أعلم حتى إن وصلت إليها أم لا ولا أعتقد أن والدها سيسمح بذلك

تنهدت بضيق وتأففت مطولاً لتعود لي نوبة السعال الكريهة مجدداً ثم وقفت

لأعد شيئاً آكله فسمعت طرقا على الباب فخرجت له وفتحت فكان أسعد غمز

لي بعينه وابتسم قائلا " أمازلت على قيد الحياة ؟ "

قلت بابتسامة داخلاً قبله " وهل تنتظر موتي أم ماذا "

قال وهوا يغلق الباب ويتبعني

" بل أنتظر قراراتك الجديدة , أخبرني كيف أنت ؟ "

قلت متوجها للمطبخ " كما تعرفني لا جديد "

قال وهوا يشغل التلفاز " ألا جديد بعد ؟؟ "

خرجت بأكواب الشاي وضعتها على الطاولة وقلت " لو كان ثمة جديد لوجدته "

قال ضاحكاً " نعم ولكني أعني شيء غير ملموس , مثلا معلومات أو أخبار "

جلست وقلت " لا شيء من كل هذا ولكن لن تختفي كل العمر لابد وأن

تظهر , وهي زوجتي في كل الأحوال "

قال بهدوء " أستغرب هذا ! كيف اختفت منك فجئه ولا تعلم !! "

اتكأت على مسند الأريكة وقلت وأنا أقلب المحطات " قصة طويلة وشخصية "

نظر من حوله وقال بتساؤل " لما تجمع الأثاث هل ستغادر ؟؟ "

قلت ببرود " نعم سأعيش في العاصمة , سأبيع منزلي وحصتي من

منزل والدي وأشتري منزلا هناك "

نظر لي مطولاً بصمت ثم قال " غريب هذا القرار لما تريد الانتقال "

قلت وأنا أرشف الشاي " لأغير من مظهر حياتي القديم , كل شيء يمد

لذاك الزمن بصلة عليه أن يتغير قبل أن أجد قمر "

ضحك وقال " تجهز لها عالماً جديداً يالا التغير الغير معهود في شخصيتك "

قلت بابتسامة جانبية " وأغير الجديد أيضاً إن أحبت هي ذلك "

عاد للضحك مجدداً وقال " جدها أولاً ثم غير المنازل "

نظرت له بضيق وقلت " يبدوا أنك تشعر بالملل أو تشاجرت

وزوجتك وجئت لترفه عن نفسك عندي "

أخد الوسادة رماني بها وقال وهوا يقف " متى ستنشر كتابك "

نظرت للكوب في يدي وقلت " لا أعلم ... قد يكون قريباً "

ثم قلت وأنا أخرج سيجارة وأضعها في فمي وأشعلها

" لما وقفت ؟ هل ستغادر سريعاً هكذا "

تنهد وقال " رائد هذا السم يقتلك أكثر , أنت تعلم أن حالتك

الصحية لا تستحمل كثرة التدخين "

رشفت وأخرجت الدخان من فمي ثم سعلت قليل وقلت

" ذهبت للطبيب ولم أجني نتيجة فارحموني من هذه المقولة "

قال بضيق " وما الفائدة إن لم تلتزم بالعلاج وتوقف هذا السم

رائد كيف تغير المنزل وتنسى نفسك "

أطفأتها في المطفئة وقلت " ها قد تخلصت منها وانتهى الأمر "

قال مغادراً " تخلص من العلبة كلها بل وأخرجها من

حياتك أولاً ثم قل تخلصت منها "

مررت أصابعي في شعري أرفعه للخلف ثم غادرت المنزل وزرت المكتبة

ثم السوق وعدت سريعاً لأغرق في كتبي فلا شيء غيرها يسليني بعدما أوقفت

مهمة البحث التي كانت تأخذ كل وقتي ويبدوا عليا العودة لذلك مجدداً لأن هذا

الحال لا يعجبني ولن أرجعها لو بقيت جالساً مكاني هكذا , عند المساء وردني

اتصال من حيدر فأجبت في الفور قائلا " هل وجدت شيئاً ؟؟ "

ضحك وقال " ألا أتصل لغير هذا ! أنا شقيقك ولست جهة حكومية لا أتصل إلا لغرض "

قلت بتذمر " حيدر قل ما لديك وكف عن السخرية "

قال ضاحكاً " لدي شيء ولكن لنتقابل أولاً لا ينفع ذلك في الهاتف "

قلت " حسناً أنتظرك , أمازلت هنا ؟ "

قال " لا عدت للعاصمة نتقابل عند جدتي لأني ذاهب إليها "

قلت ببرود " ولما تبعد الطريق عني هكذا ثم أنت تعرفها لا تطيقني

في الأرض خصوصاً بعد حكاية قمر , لا أعلم كيف تحبها أكثر منا

وهي لم تعرفها سوى لأيام معدودة لا تُذكر "

ضحك وقال " أنت تعرف طبع جدتي هي هكذا مع الجميع وحتى مدللها

مروان , فقط قمر كانت حالة شاذة عن الجميع ومن الذي يعرفها ولا

يحبها هي تفرض نفسها على القلوب "

قلت بضيق " حيدر التزم الصمت خيراً لك يبدوا لي تريد

مشكلة معي ومع زوجتك "

قال ببرود " لن تتغير أبداً وأخبرتك مراراً هذا ما سيدمر

حياتك معها , انتظرك هناك حسناً "

قلت متجاهلا كلامه " حسناً فأنا كنت سأزور زوجة والدي على أية حال

ولنرى إن كان ما لديك يستحق كل هذا المشوار الطويل "

قال ضاحكاً " تعال واحكم بنفسك هيا وداعاً "

أنهيت الاتصال ورميت بالهاتف بعيداً عني واتكأت على الأريكة أنظر لصورة

قمر التي رسمتها أنوار تتوسط الجدار في الصالة , أين أنتي يا قمر اخرجي

وارحميني من عذابي , في صباح اليوم التالي خرجت مبكراً من المنزل لأصل

المزرعة قبل حلول الظلام , توجهت لمدينة والدي وزرت زوجته لنتفاهم في

أمر المنزل ثم غادرت المدينة للمزرعة ووصلت هناك بعد العصر , دخلت

المنزل ووجدت خالي مروان متكأ على الأريكة ومغمضا عينيه , اقتربت منه

وصرخت في أذنه " مرواااااان "

فقفز واقفا ثم دفعني وقال بضيق " أولاً خالي مروان وثانيا متى ستتوقف

عن سخافاتك ثالثا من أين أتتك هذه ألحنية تزورنا فجأة "

جلست وقلت " أولاً لن أقول خالي مادمت أعزب ثانيا لم آتي لأجلك "

قال بابتسامة جانبية " من أجل من إذا ؟؟ "

قلت بضيق " وليس سوزان , لا أريد لمشاكل الماضي معك أن تتكرر فهمت "

ضحك وقال وهوا يجلس" أعان الله زوجتك المفقودة على عصبيتك "

تأففت ونظرت للجانب الآخر وقلت " أين حيدر ؟ "

قال باستغراب " من حيدر !! "

قلت بضيق " ابن الحصان , حيدر شقيقي طبعاً "

رفع كتفيه وقال " ليس هنا ولم يقل أنه قادم "

قلت بصدمة " ماذا !! هوا أخبرني أنه هنا وأننا سنلتقي في المزرعة "

قال بلا مبالاة " اتصل بي منذ قليل ولم يقل شيئاً من هذا "

كيف .. ؟ هل ضحك علي ولكن لما وما مصلحته , نظرت له بتشكك وقلت

" لا يكون مقلباً من مقالبك فلن أفوته لك "

قال ببرود " ليس مقلب ومن يفعل مقلباً لواحد مثلك

فلست مستغنياً عن حياتي "

قلت بحدة " مروان كف عن قول السخافات رجاءً "

عاد للاتكاء على الأريكة وقال واضعاً ساق على الأخرى

" أخفض صوتك فجدتك لديها ضيفة في الأعلى "

قلت ببرود " لا تقل أن خالتك أو ابنتها هنا "

ضحك وقال " لا لا تخف هذه شيء مختلف جداً "

قلت باستغراب " ما تعني بمختلف !! "

صفر تصفيره طويلة ثم قال " لو رأيتها لجننت لا توازيها

سوى زوجتك المفقودة , قمر يا رائد قمر "

وقفت على طولي أنظر له بصدمة فابتسم ابتسامة جانبية وغمز لي بعينه فركضت

جهة السلالم ووقفت على الأريكة المقابلة لي وقفزت من فوقها دون أن ألجأ للدوران

حول المجلس للصعود وصعدت السلالم في قفزات حتى كنت في الأعلى فوجدت

جدتي تقف في الصالة العلوية وخلفها ..... قمر , هي بشحمها ولحمها كما عرفتها

دوماً , هي قمر عادت للحياة من جديد بل أعادت الحياة لي مجدداً , لم أتخيل يوماً

شعور من مات وعاد للحياة من جديد لكني عشته الآن وشعرت به , كنت أنظر لها

بشوق بحب بلهفة بشغف , كانت ترتدي بنطلون من الجينز الأزرق وكنزه شتوية

حمراء تصل لنصف الفخذ وشعرها الحريري ضفيرة للأمام , نظرتْ لي مطولاً

بصدمة لا تقل عن صدمتي بادئ الأمر ثم أشاحت بوجهها عني فمددت يدي ببطء

وقلت بهدوء " قمر تعالي "

قالت جدتي ملوحة بعكازها " ما الذي جاء بك أنت ولما صعدت هنا "

قلت ونظري على قمر ويدي تمتد لها أكثر وهي عادت تنظر لي

" قمر تعالي دعيني أحضنك أتحسس وجودك وأني أراك حقاً

ولست أحلم .... هيا قمر أرجوك "

لم تجب وقد عادت بنظرها للجانب الآخر فقلت برجاء مكسور

" قمر أرجوك لا تصبحي مثلي بلا قلب لا تتحولي لقاسية وشبيهة لي "

لمحت دمعة تتسلل من رموشها المنسدلة للأسفل فقلت برجاء أكبر ويدي

لا تزال ممدودة ناحيتها " قمر تعالي لحظني أرجوك "

ضربت جدتي بعكازها على الأرض وقالت " رائد لن أسمح لك بإيذائها

مجدداً ابتعد عنها فيكفيها ما خسرته بسببك , هي الآن أمانة والدها لدي

ولن تقربها بسوء مادمت حية "

تجاهلتها مجدداً فلست أرى الآن في العالم سواها أمامي , توجهت نحوهما بخطوتين

واسعتين ومددت يدي لأختطفها من خلفها اختطافاً ودسستها في حضني أشدها إليه

بقوة وقد انطلقت عبراتها ودموعها وبكائها المرير لتنسكب معها دموعي بغزارة وأنا

أحتضنها بقوة وأقبل رأسها ودموعي تنزل على شعرها تسقيه ماءً يخرج من جوفي

وعبرة تفتت أضلعي ونحيباً مريراً قاتلاً يخرج من صدري وأنا أقول بهمس مخنوق

" حبيبتي ... قمري وعذاب الليالي الطويلة بل عيناي وروحي والشوق الذي دمرني "

دسستها في حضني أكثر وكأني أتحسس وجودها في الحياة من جديد وأنا أقول بعبرة

تخنقني " قمر حبيبتي لا اصدق "

ابتعدت عن حضني ببطء وهي في صمتها ذاته ثم غادرت راكضة ودخلت الغرفة

وأغلقتها خلفها لتستل روحي وتأخذها معها , تحركت لأتوجه ناحيتها فأوقفني عكاز

جدتي الذي وضعته أمام صدري قائلة " توقف ... لقد سمحت لك أن تسلم عليها

لأني رأفت لحالك وكلماتك فعند هنا وكفى , يكفيها ما أصابها منك يا رائد , يكفي

أنك أخسرتها صحتها للأبد وكسرت قلبها فلن أخون ثقتها ووالدها في حمايتي لها

من أي شيء يضرها حتى أنت حفيدي "

ضربت على صدري وقلت بحسرة " هي زوجتي لي أنا كيف تمنعوني عنها , جدتي

ارحميني أنا أيضاً وكوني عادلة فأنتي لا تعلمي ما أكبته الآن في داخلي ويحرقني حرقاً "

قالت بغضب " رائد قلت تنزل الآن يعني تنزل أو أخرجتك من كل المزرعة , لابد

وأنك لاحظت حركة رجال مدنيين كثر حول المزرعة وداخلها , اتصال واحد وتكون

خارج المدينة بأكملها , قلت يكفي ما أصابها منك لن نخسرها للأبد بسببك ثم الفتاة لم

تعد تريدك افهمها قبل أن تسمعها منها بنفسها "

دفعت عكازها عني وقلت بحدة

" جدتي أنتي أم جدتها ؟ اشعري بي كما تشعرين بها "

قالت بغضب " لا ترفع صوتك في وجهي واحترمني "

قلت برجاء " جدتي أرجوك لا تكوني قاسية دعيني أتحدث معها فقط "

أعادت عكازها لصدري وقالت ببرود

" لن أسمح لك بتكرار ما فعلته يكفي دموعها التي بكتها الآن "

هززت رأسي بقوة وقلت " لن تمنعيني عنها لا تحلمي بذلك "

قالت بصراخ غاضب " أخبرتك أنها فقدت صحتها وإن تكرر ما حدث

سابقاً فستموت من فورها ولا مجال لعمليات أخرى تفهم "

توجهت جهة السلالم قائلا بضيق وأنا أنزل

" لن تحرموني منها , الموت أهون عليا من ذلك "

وصلت للأسفل وكان مروان واقفاً , نظر لي وقال " ما كل هذا الصراخ ؟؟ "

نظرت له بضيق فضحك وقال " وقعت في قبضة من لا يرحم "

قلت بحدة " هذا ليس من شأنك ثم كيف تتجرأ على قول ما قلته عنها قبل أن أصعد "

قال مغادراً جهة الخارج " فرسي بحاجة للتنظيف من أجل السباق لأذهب

لها خير لي من مقابلة المتفجرات "

تم تابع وهوا يبتعد " أغضبوه من في الأعلى فنزل ليسكب غضبه بي

لم يقدر عليها جاء يستعرض .... "

وبقي على ثرثرته حتى اختفت كلماته معه , خرجت جهة ساحة الخيل واتصلت

بحيدر فأجاب من فوره قائلا " ما رأيك بالمفاجأة "

قلت " لم أحضا بمثيلة لها لكن جدتك أفسدت الأمر كعادتها "

ضحك وقال " هي تحت حمايتها فحربك لن تكون سهلة "

قلت " ما قصة قدومها إلى هنا "

قال " قصة طويلة مفادها أنه لم يعد والدها ولا حتى عمتها في مأمن وبقائها معهم

فيه خطر عليها وأنت تعلم لا أحد لها غيرهما وكان عليها البقاء مع من لا صلة له

بهما فاختارت هي جدتي وقد زارها والدها بنفسه وليتك كنت معنا ذاك اليوم وكأن

رئيس البلاد جاء لزيارتنا هههههه كان كالاحتفالات الرئاسية وقد عاهدته جدتي

على حمايتها منك قبل أي شيء آخر "

قلت بضيق " ولما مني هل سآكلها , أقسم أن أؤدي نفسي ولا

أفكر في أن أؤديها بشيء "

قال ضحكا " فأتتك الفرصة من سيقتنع بكلامك الآن "

قلت بغيض " سحقاً جدتي أسوء من لجأت إليه "

قال بهدوء " رائد قمر لم تعد كالسابق فارحمها يا شقيقي "

قلت باستغراب " ما تعني بذلك !! "

قال بحزن " لم تعد هناك عملية تعيدها كما كانت مثل السابق فتلك العملية التي كانت

بعد عام ضاعت فرصتها منها بسبب سقوطها ذاك وهي الآن عرضة للموت إن

مارست الرياضة وإن قامت بأي مجهود كبير ولو رفع شيء تقيل الوزن وكما

الضغوط النفسية كذلك والصدمات والأخبار السيئة وهذا ملازم لها لباقي عمرها

وحتى الإنجاب الطبيعي ممنوع عنها , أي أنها فقدت صحتها نهائيا "

مررت يدي في شعري بضيق ونظري للأرض متكأ بيدي الأخرى على السياج

واشعر بضلوع صدري ستتكسر ... سحقاً لي لقد دمرتها حقا , وصلني صوت

حيدر قائلا " رائد أين أنت ؟؟ "

تنفست بقوة ثم قلت " نعم معك يا حيدر "

قال " سنكون عندكم خلال يومين مريم وأنوار ما أن سمعتا بوجودها هناك حتى

أكلا رأسي وأيوب , لذلك سنزورها ليريانها "

قلت بضيق " وهل ينقصها حصار لتأتي مريم وتساعد جدتي "

قال ضاحكاً " مهلك يا رجل فالأيام أمامك طويلة "

قلت بحزن " أقسم أنه لا صبر لدي ولا لساعة أخرى "

قال بهدوء " المهمة لن تكون سهلة يا رائد عليك كسب ثقتها بك من جديد "

تم ضحك وقال " وكسب رضا جدتي عنك أولاً بالطبع ولا تنسى والدها "

قلت ببرود " إن كسبت رضاها عني ضربت الجميع عرض

الحائط وسيستسلمون لقرارها "

قال " أتمنى ذلك "

قلت " منذ متى وهي هنا ؟؟ "

قال " منذ أسبوعين تقريباً "

قلت بضيق " أسبوعين والآن تخبرني "

قال بضيق " وهل كنت تريد المجيء لها من فور وصولها , لقد خرجت من

المستشفى للتو لو فعلتها ذاك الوقت لتبرت مني جدتي أنا أيضاً "

تنهدت وقلت " حسناً شكراً لك يا حيدر ووداعاً "

قال من فوره " هيه انتظر ليس بسهولة هكذا فلولاي ما كنت ستعلم

لأنهم لم ينووا إخبارك "

قلت بهدوء " حسناً لك ما تريد وداعاً الآن "

أنهيت المكالمة ونظرت جهة شرفة غرفتها , قمر حبيبتي سأحارب لأجلك حتى

الموت ومتأكد أن حبك لي ليس بالسهولة التي يموت بها في أشهر فقط , حب

شهدت عليه براءة الطفولة وقلب نقي طاهر لا يعرف غير أن يحب بقوة

أجل كنت أحمق ولا أستحقه اعترف بذلك ولكنه سيعود لي مهما طال الزمن

وسأعوضك عن كل ما فقدته بسببي وحتى إن منعوا عنك الإنجاب نهائياً فلا

أريد أبناء , ضغطت على صدري بيدي بقوة ... ستعود تلك النوبة مجدداً

ضغطت أكثر ولم ينجح الأمر فبدأت بالسعال القوي التفتت جهة السياج واتكأت

عليه ولم يغادرني ذاك السعال إلا بعد وقت لأستطيع الوقوف على طولي

التفتت للخلف فكان باب شرفة غرفة قمر مفتوحاً قليلاً , نظرت للأعلى فأغلقته

واختفى طيفها عني , وضعت يدي على جيبي لأخرج هاتفي واتصل بها ثم غيرت

رأيي ستكون فكرة فاشلة وليس وقتها الآن , توجهت جهة الإسطبلات وكلما مشيت

قليلاً صادفني رجل أو اثنان , الحراسة عليها مشددة ترى هل الخطر كبير عليها

هكذا أم هوا هوس والدها بها , جيد أنه لا أوامر لهم لمنعي من الدخول ولابد خوفاً

من الشوشرة التي سأحدثها لهم إن منعوني فلا خوف لديه إلا من أن يفتضح أمر

ابنته أما أن يفعلها رأفة بي فيستحيل ذلك ... جيد رب ضارة نافعة

دخلت الإسطبل فكان كما توقعت ينظف مكانها بنفسه فرسه المدللة لا ويغني لها

أيضاً , اتكأت بمرفقي على باب إسطبلها وقلت " لكل عاشق حكاية "

وقف ونظر لي وقال بضيق " وكلٌ يبكي على ليلاه وعلى الأقل ليلاي تحبني "

ضحكت وقلت " وعلى الأقل ليلاي ليست فرساً "

قال وقد عاد للتنظيف " أقسم أنك لا تستحق ظفر الفرس الأصيلة التي لديك "

ثم عاد يغني أغنية عن القمر فقلت بغيض

" كم مرة حذرتك من التغزل في زوجتي ... لا وتغني لها أيضاً "

تابع الغناء بصوت أعلى وابتسامة واسعة وهوا يكرر صارخاً ويده تلعب في

الهواء " قمري قمري حبيبتي قمريييييي "

ضربت له فرسه بقوة لتصهل وتهيج وتفسد القش الذي جمعه وخرجت وتركته

يصرخ غاضباً , لن يقلع عن عاداته السيئة زير النساء ذاك , عدت للداخل

وتوجهت للأعلى مباشرة وخرجت للمجلس الخارجي فوجدت جدتي وحدها

هناك ألقيت التحية وجلست ولم تجب عليا طبعاً فقلت

" الجو أصبح يبرد وجلوسك هنا سيمرضك "

لم تجب أيضاً فقلت " أين هي قمر؟ "

قالت ببرود " رائد اترك الفتاة وشأنها ولا تسود وجهي أمام والدها "

قلت بهدوء حزين " جدتي ارحمي حالي أقسم أنني أتعذب من

دونها لما لا يفهمني أحد "

قالت بذات برودها " ليس لي تقول هذا الكلام "

قلت بضيق " اتركيني أقوله لها إذا "

نظرت للصوف الذي تبرمه بين يديها وقالت بلامبالاة " خسرتها وانتهى الأمر

وجد لك حلاً مع والدها أيضاً فقد أقسم أمامي أن من يمنعه عنك قمر ووعده لها

أن لا يؤذيك لما فعلته لأجلها في طفولتها "

ثم نظرت لي وقالت بضيق " لو كنت مكانها لتركته ينشرك بالمنشار على ما

أصابها بسببك , لا وجاءت تسألني لما كنت تسعل بقوة , أنت لا أعلم من أين

لك هذا الحظ المستقيم "

بقيت أنظر لها بصمت فقالت مشيحة بوجهها عني " وقالت بالحرف الواحد ما

بيني وبين رائد تصفية حساب وانتهت وانتهى من حياتي وما أن تنتهي ظروف

والدها لن تجد فرصة لتراها حتى الرؤيا "

قلت ونظري للأرض " هل حقا سألتك لما كنت أسعل "

تجنبت الإجابة فنظرت لها وقلت بهدوء " جدتي دعيني أتكلم معها أرجوك "

قالت ببرود " لا ولا تحاول أبداً ولن أفارقها لحظة ولا أنصحك

بمحاولة كسر كلمتي تفهم "

تركتها ودخلت متوجها نحو غرفتها طرقت الباب وقلت بهدوء

" قمر دعيني أتحدث معك .... قمر أرجوك "

سمعت حينها صوت جدتي من خلفي تقول

" رائد انزل بإرادتك خيراً من أن ننزلك بالقوة ... تحرك "

طرقت الباب مجدداً وقلت

" قمر استمعي إلي فقط ولا تتكلمي أرجوك افتحي الباب حبيبتي "

سمعت حينها باب الحمام الموجود في الغرفة يغلق فابتعدت ونزلت للأسفل

جلست في الصالة السفلية أضرب بقدمي على الأرض بتوتر , كيف سأصلح

الأمر تبدوا ليست مهمة سهلة وكيف أريد منها أن تغفر لي بسهولة بعد كل تلك

الذكريات القاسية عني في دماغها , لو فقط تعطني مجالاً لأشرح لها سبب كل

ذلك , توجهت لغرفتي بالأسفل ونمت فوراً من شدة تعبي بسبب الطريق وعند

الصباح جلست في الصالة أشرب الشاي فوقف حينها مروان عند الباب الخارجي

نظر لي ببرود وقال " أخرج معي لنشرف على حرث الحقل "

قلت ببرود " وما شأني بحقولكم "

قال بضيق " يا سلام إقامة بالمجان لا تحلم بها لن أقوم

بخدمتك , عليك أن تعمل لتأكل "

قلت بابتسامة جانبية " إذا قمر عليها أن تشرف معي هل ستأكل بالمجان "

قال بمكر " موافق وعلى الفور "

نظرت له بحقد فقال ضاحكاً " أقسم لو كان لدي واحدة مثلها لخبأتها حتى

عن الشمس والقمر ... يا قمر يا قمر "

وقفت راكضاً خلفه وهوا يركض أمامي ضاحكاً حتى وصل بي للمحراث ووقف

أمامه وقال وهوا يلهث " جيد وصلنا "

خنقته وقلت بغل " توقف عن التغزل بزوجتي يا مروان خيرٌ لك ... تفهم "

أخرج لسانه ثم قال بصوت مخنوق " حراس تعالوا سيقتلني "

قلت ضاحكاً " ليسوا هنا لحمايتك فلا تتعب نفسك "

أبعد يداي عنه وقال " هيا بسرعة لننجز العمل سريعاً "

ثم ركب الجرار وقال

" سأحرث أنا وتنثر أنت الحبوب بعدي وغدا نقلب بهم الأرض "

قلت ببرود " لا تحاول معي ثم أين عمالكم أليسوا من يساعدونك دائماً "

قال بصراخ بسبب صوت الجرار الذي شغله للتو " أنت تعلم نحن موسم

الحرث وجميعهم في حقل الشعير , هيا بسرعة عليا الذهاب لهم سريعاً "

قلت صارخاً فيه ليسمعني " قلت سنشرف وليس سنعمل يا مخادع "

قال ضاحكاً وهوا يتحرك به

" وأنت لم تأتي بملأ إرادتك بل لخنقي , هيا بسرعة ولا توزع البذور بعشوائية "

أخذت كيس البذور بغيض وتبعته , المحراث المخصص هنا صغير ويحرث

ثلاث مسارات فقط وعليا نثر الحبوب في الوسط كي لا تخرج الحبوب عن

المسارات الثلاث , كنت في الماضي أساعد جدي وهوا من علمني فعل هذا

انهينا العمل بعد وقت ثم نزل من المحراث وقال

" جيد بقي الجزء الآخر غدا والتقليب أيضاً هيا لنذهب للعمال "

قلت بضيق واضعا يداي وسط جسدي

" لا تحلم بهذا لقد كسرت لي ظهري وقدماي ستنشلان لست مثلك معتاد على هذا "

قال ببرود " غادر إذاً من يجبرك على البقاء "

قلت من بين أسناني " وهذا ما تتمناه أنت , لن أترك مكان فيه

زوجتي حتى أغادر بها "

قال بابتسامة " لم تعد تريدك يا رجل افهمها "

ثم غمز بعينه وقال " ما رأيك لو....... "

توجهت نحوه أمسكته من قميصه وقلت بغيض " لا تقلها أو حطمت رأسك أعرف

ما تنوي قوله وابتعد عن طريق زوجتي فهي ليست لك ولا لغيرك تفهم "

أبعد يداي وغادر ضاحكاً وقال لرجلين من الحراس مرا بجواره

" لما لا تخرجوه من هنا وتريحونا منه "

عدت للمنزل استحممت وغيرت ثيابي صليت الظهر وخرجت , وجدت الخادمة

تضع الغداء فنظرت من حولي وقلت " أين البقية ؟؟ "

قلت وهي ترتب الأطباق " السيدة الكبيرة لن تأكل إلا بعد ساعة من تناول

الدواء والسيدة قمر لم تفتح الغرفة وقالت لا تريد والسيد مروان في الحقل

الكبير ولن يعود قبل المغيب "

قلت وأنا أجلس " حسناً ولا تقولي السيدة قمر قولي زوجتك وأمام الرجال

خصوصاً قولي زوجة رائد وليس قمر وخذي لها الطعام لغرفتها "

قالت ببرود وهي تغادر " حاضر "

نظرت للأكل أمامي وشعرت بعدم الرغبة فيه رغم أني كنت أموت جوعاً فوقفت

وعدت لغرفتي ثم خرجت وصعدت للأعلى ثم نزلت وقضيت باقي النهار بين

الأرض والسماء تارة في الطابق العلوي وتارة في الأسفل وتارة أخرى أحوم حول

شرفة غرفتها كمن ضاع منه شيء لا يعرف أين يجده ولا أجد في كل مرة سوى

جدتي تغزل الصوف وتنظر لي ببرود

بعد المغيب انتقلت للحقل وأنهيت الحرث لأشغل بالي عنها بما أن مروان اليوم

سيتأخر هناك ولكي يرحمني في الغد , بعد أن أنهيت العمل ونزلت من المحراث

رأيت سيارته تتجه نحوي نزل منها وقال بابتسامة " من أين أتاك كل هذا النشاط "

قلت ببرود " أنت من سينثر البذور غدا ومن يقلب الأرض أيضاً فعملي انتهى "

وغادرت عائداً للمنزل استحممت وصليت العشاء ثم صعدت للأعلى ووجدت جدتي

تجلس في الصالة الداخلية وقمر معها تتكئ على طرف الأريكة مضجعة فوقها

ترتدي بيجامة قطنية زهرية اللون ببنطلون قصير عند الركبة وأكمام قصيرة تضع

ساق على الأخرى وهي فوق الأريكة وتمسك هاتفها في يدها وعيناها عليه وشعرها

مرمي خلف رأسها نازلا على الأرض , اقتربت منهما وجلست في الأريكة المقابلة

وعيناي لا تغادران جسدها وملامحها وعيناها لا تغادرن الهاتف في يدها

هذا ما كان ينقصني أنا أن ترتدي هكذا ملابس وتجلس هكذا جلوس فوق الأريكة

قلت بعد صمت " قمر هذه الملابس خفيفة لا تناسب الجو هنا فالبرد

يأتي قبل وقته وستمرضين "

لم تجب طبعاً وهذا المتوقع منها وجاء الجواب من النائب قائلة

" لا دخل لك بها وبثيابها متى ستقتنع أنها لم تعد شيء مملوك لك تتحكم به كما تريد "

قلت بضيق " جدتي الكلام لها وليس لك وأنا لا أتحكم بها أنا أخاف على صحتها "

قالت ببرود " وخاف على صحتك أنت تخرج وشعرك مبللا

لتنسف السم الذي بدأ يقتل رئتيك "

تنهدت بضيق ونظرت للجانب الآخر ثم أخرجت هاتفي وكتبت لها رسالة

فيها ( تعلمت منك الحب النقي فلا تتعلمي مني القسوة والبرود فلا يليق

بأنثى مثلك إلا الرقة والعذوبة )

وأرسلتها لها ليرن هاتفها معلناً وصولها ولم يأتي منها الرد طبعاً فأرسلت

( قمر دعينا نتحدث قليلاً أرجوك )

جلستْ ما أن قرأتها ورمت بالهاتف على الأريكة وغادرت لغرفتها بل لسجنها من

جديد ... نعم خدي بحقك مني يا قمر , علمت الآن بما كنتي تشعرين حين كنت أتركك

وحدك وأسجن نفسي في مكتبي , نظرتْ لي جدتي وقالت بضيق " هل ارتحت الآن

لقد تعبت لإقناعها بالخروج وجئت أنت لتفسد الأمر , لما لا ترحمها منك "

قلت ببرود " وما فعلته أنا "

قالت بضيق أكبر " لا تعتقد أنني جاهلة لهذه الدرجة , انزل هيا فمهمتك انتهت

وها قد أعدتها لسجن نفسها "

قلت باستياء " لما لا تعطيني فرصة ولو واحدة لأشرح لها موقفي هل

بضنك أنا مرتاح وسعيد "

قالت بحزم " رائد ارحمها منك كم مرة سأقولها فالبارحة جاءتني لتنام معي كانت

في حالة سيئة وتتحدث عن الكوابيس "

قلت بحرقة " وارحموها أنتم فالكوابيس لن تتركها إلا إن نمت معها افهموها

وساعدوني لإرجاعها لي بدلاً من وقوفكم ضدي "

قالت ببرود " لن أمنعك إن كانت هي تريد وقد طلبت مني بنفسها أن لا أدعها

وحدها معك وقالت لا تريد التحدث معك في شيء وشيء آخر غدا ستكون أنوار

هنا فأعطي قدميك قسطا من الراحة ولا تصعد "

وقفت مستاء ونزلت للأسفل توجهت لغرفتي وأرسلت لها ( أحبك قمر ) ورميت

الهاتف وخرجت بحثا عن الخادمة حتى وجدتها فقلت لها

" انتظري أريد سؤالك عن بعض الأمور "

نظرت لي باستغراب فقلت

" هل يتناولون الطعام في الأسفل عادتاً ؟ أعني بعد قدوم قمر "

قالت " لا ... السيدة الكبيرة والسيد مروان في الأسفل والسيـ ... أعني زوجتك

في الأعلى وأحيانا كثيرة السيدة الكبيرة تأكل معها وأغلب الوقت ترفض الطعام "

قلت " حسناً ومروان هل ينام في الأسفل "

قالت " نعم لا يصعد للأعلى أبداً "

تركتها وخرجت للخارج توجهت لا شعورياً حيث شرفة غرفتها وأخذت مجموعة

حصى صغيرة وبدأت أرميها بها واحدة واثنتان وعشرة ولم تفتحها فصفرت بصوت

عالي لمرات عديدة وبلا فائدة , جمعت بعض الأزهار ورميتها لتسقط في الشرفة

ووقفت مستندا بالجدار أنظر للباب الموصد الذي كنت موقناً أنها لن تفتحه

بعد وقت فتحت الباب .... قد تكون ضنت أني غادرت , كانت ترتدي فستاناً قطنياً

قصيراً وشعرها مفتوح تتلاعب به النسائم الخريفية الرطبة , نظرتْ بادئ الأمر

لحيت الأزهار على أرضية الشرفة ثم نظرتْ نحوي بصمت وجمود

كان القمر مكتملا ولا يصعب عليا رؤية الدموع تلمع في عينيها الواسعتين يعكسها

سميها وشبيهها الوحيد القمر , صرخت ونظري عليها

" قمر أحبك بجنون ووحدك في قلبي أقسم لك "

ثم بدأت أغني لها نشيد النحلة كان الأمر جنونياً ولكني لم أكترث لشيء ولا

لأحد , بدأتْ تمسح الدموع التي غلبتها ودخلت من جديد وأوصدت الباب دون

أن ترحمني ولا بكلمة ولا بأن تأخذ زهرة مما رميت لها , تنهدت ونظرت جانباً

فوجدت بعض الحراس قد اجتمعوا يستمعون لجنوني طبعاً فصرخت بضيق

" إلى ما تنظرون ولا يقترب أحد من هذا المكان حيث هذه الشرفة مفهوم "

توزعوا مبتعدين في صمت أعلم أنهم سيضربون كلامي عرض الحائط فهم هنا

لحمايتها ولن استطيع أمرها بتجنبهم لأني لن أزيد الأمور إلا سوءً فسأحترق في

داخلي وأشتعل وأكتمه هذا فقط ما في يدي الآن

عدت لغرفتي تقلبت كثيراً ولم أنم إلا بعد وقت وصراع مع نفسي كي لا أتصل بها

لأني أعلم أنها لن تجيب فاكتفيت بأن أرسلت لها ( تصبحين على خير حبيبتي )

عند الصباح الباكر كانوا ضيوف الغفلة هنا لا أعلم لما كل هذا النشاط وما أن رأتني

مريم حتى ركضت نحوي واحتضنتني ودموعها لا تتوقف وهي تقبلني وكأني أنا

كنت مفقودا وليس قمر وما أن دخلنا حتى صعدتا للأعلى من فورهما وبقينا نحن

في الأسفل , كان صوت ضحكاتهم ولعب الأطفال يصل للأسفل وكنت أنا أقف عند

أول السلالم وأضرب بقدمي على أولى عتباته بضيق وحيدر ومروان وأيوب يجلسون

بعيداً يتبادلون الأحاديث والضحكات حتى وصلني صوت حيدر منادياً

" هيه أنت ستكسر العتبة تعال واجلس معنا "

توجهت نحوهم ووضعت يداي وسط جسدي وقلت

" الم تجدوا أفضل من هذا الوقت لزيارة جدتكم "

قال حيدر مبتسماً " الزيارة ليست لجدتي كما تعلم "

تأففت في صمت فضحك مروان وقال

" أحدهم كان يغني بالأمس في الخارج ولم أستطع النوم بسببه "

ضحكا كلاهما حتى تعبا من كثرة الضحك فنظرت له بضيق وقلت

" هذا صدى صوتك يتكرر في أذنك من كثرة ما كنت تغني لفرسك "

عادا للضحك مجدداً ونظر هوا لي بضيق فقال أيوب

" تبدوا أمورك وقمر معقدة "

تنهدت وهززت رأسي وقلت " جداً وأنتم زدتم الأمر سوءً فستجد

جدتي لها حلفاء ومساعدين وأولهم مريم "

قال حيدر بتحدي " إذا علينا بهم إما نحن وإما هم "

قلت بضيق " لا تفسدوا الأمور أكثر بتحديكم لهم "

قال مادا قبضة يده لي " بل سننجح وننتصر عليهم ونعيدها لك "

ضربت قبضتي بقبضته وقلت " إذا تحالفنا عليهم "

قال ضاحكاً " هيا أترك العتبة الآن واجلس معنا "

أخرج حينها حيدر هاتفه واتصل بزوجته واخبرها مختصرا

لا تنزعي حجابك أبداً ثم نظر لي وقال " أزلنا أول عقبة "

قلت مبتسماً " جدتك وحدها العقبة هنا "

ضحك مروان قائلا " لما لا تتحجب زوجتك أيضاً من حقي

أن أنام في غرفتي دائماً "

نظرت له بضيق وما أن فتحت فمي لأتحدث حتى سمعت صوتاً صارخاً

من الأعلى ينادي باسمي فتركتهم وركضت جهة السلالم كالمجنون


مخرج الفصل للكاتبة حبيبتنا ( كيد )


من قمر لرائد


حين شكيت حالي لأوراقي تبعثرت واكتظ دماؤك بين أسطرها

حين انزلق فكري إليك تكسّر بمجاديف قسوتك

غاب العليل فوق سَمومِ أنفاسك

غاب الربيع عند محطة شتائك

هاهو شتاءٌ آخر يطوي برودته فوق جبيني وكل الفصول انطوت في بُعدك

تكوّرت قبضة المناخِ حين غادَرت تضاريسي - أنت - مني وعني*

كيف كان سهلًا عليك أن تقضمني بين شفتيك دون أن تبتلعني وكأنني

مرارةٌ قذفْتها بعد أن استشعرت طعمها ؟*

كيف انحدر بنا القدر نحو هذا الفراق الذي لن أتمنى من بعدِه اقتراب؟

لن أقول أنني قد عفتك ، لكنّ قلبي قد امتلأ بجراحك التي آلمت حبي لك.*

لذا فلنبقى مُفترقيْن، حتى ينبض قلبي بك ولا يتوقف.‏


من رائد لقمر*


على أمل أنّ الليالي الباردات قد يزورها الدفء يومًا ما

على أمل أنّ السكون الذي أحياه سيُملأ بأنفاسك من جديد

على أمل عودتك يخط الحرف نفسه فوق قلبي لينفذ بين أحرف حبي لك

الآن أدركت معنى الفراغ ونغمة عطركِ تغادر أنفي إلا من - دمية -*

الآن أدركت معنى الانتهاء وصوتكِ انتهى عن دغدغةِ أذناي*

رسمنا القدر حبيبين لا فراق بينهما لذا الانتظار يسكنني ويتجذر في داخلي

كنا معًا وسنعود معًا، كنا واحدًا وسنبقى واحدًا ما دامت أحرف اسمكِ

لا تزال تُنقش على صدري.


مشكورة حبيبتي كيد على كلماتك الرائعة لتكون ضمن فصول روايتي


الفصل القادم لقمر فكونوا بانتظارها ودمتم في رعاية الله وتوفيقه




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 09-04-15, 08:42 AM   #44

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل السابع والعشرون

بعد ذاك اليوم الذي سقطت فيه بين يدي رائد لم أفقد صحتي فقط بل

وكسر شيء في قلبي لا أعلم إن كان للزمن قدرة على إرجاعه كما

كان فقد اكتشفت الآن أن كل ما مررت به معه منذ تزوجنا كان

يحدث شقاً صغيراً ليتحول مع الوقت لصدع لينكسر في النهاية

ولو لم تكن جدته خياري الوحيد لما لجأت لها وأنا موقنة من أنه

سيأتي إن علم بمكاني ليستفسر عن باقي الحقيقة أو لينهي انتقامه

أو لتستمر مسيرة شفقته علي , فما أن تنتهي مهمة والدي سأرحل

معه للأبد لأعيش بقلب مكسور ومريض ولكن حر وطليق

أخبرتني الجدة اليوم أن مريم وأنوار قادمتان , كم كان خبراً مفرحاً

وكم أشتاق لهما وخصوصاً مريم فكم أحببتها وكم واست حزني ووحدتي

حين تخلى عني وتركني لديها كاليتيمة التي لا أهل ولا مأوى لها

حينما سمعت صوت أبناءها في الخارج ركضت لنافدة المطبخ ورأيتها

تحضن رائد وتقبله وتبكي وكأنها تهنئه بعودتي , مريم كم أنتي طيبة

حقاً رغم كل ما حدث لا تزال تضن أنه يحبني , أستغرب تصرفاته هنا

لكن يصعب على قلبي تصديقه

ما أن دخلوا وسمعت صوت صراخ أبنائها وهم يصعدون السلالم

خرجت من فوري وما أن وقع نظري عليها حتى ركضت باتجاهها

واحتضنا بعضنا حضاً لا أقوى منه إلا حزني ولا أحزن منه إلا شوقي

لها , بكينا طويلاً وكل واحدة منا تتمسك بالأخرى بقوة وكأنها ستدخلها

في جوفها تشق ضلوعها وتدخل ولا شيء سوى البكاء والعبرات

أحضنها بقوة وكأنها هي من ماتت وليس أنا , قلت ببكاء وأنا أزيد من

احتضاني لها " مريم كم اشتقت لك , سامحيني إن أخطأت يوماً في حقك "

قالت من بين عبراتها " بل أنا من تطلب منك السماح , أقسم أني كنت

أتعذب كل يوم قبل أن اعرف أنك على قيد الحياة "

أمسكت أنوار بكتفي وقالت " قمر دعيني أسلم عليك وكونا عادلتين "

ابتعدت عن مريم واحتضنت أنوار التي كانت تمسك طفلة بين يديها وما

أن احتضنتها حتى بدأت بالبكاء هي الأخرى بل لتستمر مسيرة بكاءها

التي بدأت منذ احتضنت مريم ثم ابتعدت عنها وقلت وأنا آخذ الطفلة منها

" هل هذه ابنتك كم هي جميلة "

قالت بابتسامة " نعم أنجبتها منذ ثلاث أشهر وعلمت أنها فتاة قبل أن نعلم

أنك على قيد الحياة فسميتها منذ ذاك الحين قمر كاسمك رغم أنها لا تشبهك أبداً "

قبلتها وقلت " بل أراها أجمل مني , كم هي رائعة "

قالت بابتسامة " هذا لأنها سميتك فقط "

ضحكنا ثلاثتنا فقالت مريم " ومن أين ستكون مثلك ووالدها حيدر "

قالت أنوار بضيق " وما في حيدر لا يعجبك ثم ها أنتي أيضاً سلب

رائد كل وسامة والده وبقيتي بلا جمال "

قالت مريم بنصف عين " لست كحيدر ووالده طبعاً "

أخذت أنوار ابنتها مني وقالت " ابنتي جميلة ووالدها كذلك يالكم من سيئين "

قلت بابتسامة " حسناً وما ذنبي أنا "

قالت ضاحكة " ذنبك أن زوجك غير راض حتى الآن أن تأخذ

اسمك , لا أعلم حتى متى سيحتكر كل شيء فيك "

قلت مغيرة مجرى الحديث " هيا تعالوا لحيت الجدة أم لن تسلموا عليها "

خرجنا لها عند المجلس وجلسنا نتبادل الأحاديث حتى غادرت الجدة

من أجل تناول الدواء لأنه يسبب لها النوم لساعتين على الأقل وبقينا

ثلاثتنا لا شيء سوى الضحك والاستمتاع , بعد قليل ورد اتصال لأنوار

فأجابت وقالت من فورها بتذمر " ولما فلا أحد هنا "

تم تأففت وأنهت الاتصال سريعاً وغطت شعرها فقالت مريم بحيرة

" ما بك فلا رجال هنا !! "

قالت بابتسامة جافة " أوامر شقيقك فيبدوا يخاف أن يقفز أحد

حراس قمر من الخارج إلى هنا "

ضحكت مريم وقالت " إذا تحول المرض من رائد لحيدر "

ضحكتا كليهما ولم استطع الضحك معهما لأن تلك الذكريات

قفزت أمامي جميعها , قالت بعدها أنوار " قمر هل هم لحمايتك من كل شيء ؟ "

قلت مبتسمة " يبدوا كذلك فلم أختبرهم حتى الآن "

قالت بخبث " لما لا نجرب "

قلت بتوجس " ما تعني بذلك !! "

وقفت وتوجهت نحوي وقالت " مريم تعالي ساعديني "

نظرت لها بصدمة فأمسكت يدي وسحبتني منها وقالت " مريم هيا "

اقتربت بي عند السياج وبدأ برفعي لإسقاطي منه وأنا أصرخ بهما

وهما والأطفال يضحكون علي , لم يكن أحد في الأسفل استنجد به

ولا من الحراس لأنهم لا يترددون كثيراً على هذه الجهة لجلوسنا

الدائم فيها , كنت أترجاهما أن تتركاني ودون فائدة حتى صرخت

بكل صوتي ومن شدة ذعري " رااائد "

ناديته عدة مرات على أمل أن تخافا من قدومه ولكن ما هي

إلا لحظات وقالت صبا صارخة " خالي رائد تعال "

كنا في الناحية الأخرى البعيدة عن الباب فما أن سمعاها حتى تركتاني

وعادتا للجلوس وكأن شيء لم يكن , دخل حينها علينا المجلس ونظر لي

بخوف وحيرة ونفسه يلهث من الركض ثم نظر لهما وقال " ما بكم ؟؟ "

قالت مريم بهدوء " ما بنا !! لا شيء طبعا , ما بك أنت "

نظر لي وأنا واقفة بمقربة السياج ويدي على صدري وقال

" هل كنتي تنادينني ؟؟ "

هززت رأسي بلا دون كلام فقال " سمعت صوتك ... قمر تكلمي ما بك "

نظرت للأسفل وعضضت شفتي السفلى بارتباك وأنا ابعد طرف شعري

عن وجهي فقال بجدية " مريم تكلمي "

قالت ضاحكة " قلنا لا شيء رائد ما بك ؟ "

أشار لي بإصبعه ونظره عليهما وقال بحدة

" سمعتها تستنجد بي كان صوتها فإن أخطأته أذناي لن يخطئه قلبي "

رمت مريم بيدها وقالت بلامبالاة " يبدوا قلبك قد هيئ له ذلك "

نظر جهة صبا التي تهددها مريم بيدها فقالت ضاحكة وهي تشير

بيدها للسياج " كانوا سيوقعونها من هناك "

نظر لهما بحدة وقال موجهاً كلامه لمريم

" لديك فريق أبناء وزوج وخال أيضاً وحتى جدة لتوقعيهم

ألم تجدي غير زوجتي "

قالت مبتسمة " كنا نود اختبار حرسها الشخصي "

قال بغضب " هل جننتي ألا تعلمين بحالة قلبها "

دخلت حينها الجدة التي يبدوا أنها لم تتناول الدواء بعد وقالت

" ما بك تصرخ وما الذي جاء بك هنا ألا تعلم أنه ثمة امرأة

غريبة عنك قد تكون بلا حجاب "

قال ببرود " أنوار متحجبة ها هي أمامك "

نظرت لنا وقالت " اتصل مروان يقول أن الحرس مجتمعين عند الباب ومنعهم

بأعجوبة من الصعود ويقولون أن قمر تصرخ في الأعلى هل هذا صحيح "

قالت مريم " آسفون كنا نتسلى فقط "

قال رائد بضيق " لا تتسلي بزوجتي ثانيتا "

ثم توجه نحوي فأنزلت رأسي أرضاً فوقف أمامي مباشرة ومرر

أصابعه على خدي وأحنى رأسه لي ليصبح وجهه عند وجهي وقال

بهدوء قلق " قمر هل تشعرين بشيء ؟ "

قلت بهمس " لا "

أبعد شعري خلف أذني وقبل خدي وغادر من فوره ليتركني كورقة من

أوراق هذا الخريف تسقط جافة على تلك التربة الباردة لا تعلم ما معنى

وجودها في هذه الحياة , قالت حينها الجدة بغضب

" وهل أنتم أطفالاً كل واحدة منكما بأبنائها وتفعلون هذا الجنون , ماذا لو

مرض قلبها من الخوف ألا تعلمون أن قلبها ضعيف , كم مرة سنضيعها

منا , كم مرة سنكون السبب في هلاكها "

تم دخلت تردد بضيق " ما أنا موقنة منه أنكم ستسودون وجهي أمام

والدها وتقتلونني بسبب تأنيب الضمير "

وما أن اختفت حتى قالت مريم بضيق ناظرة جهة أنوار

" أكلنا كل أنواع التوبيخ بسببك أنوار هانم "

ضحكت أنوار وقالت " وما كان يدريني أنها ستستنجد به وأنه

سيلتقط ذبذبات صوتها المنخفضة "

ثم نظرت باتجاهي وقالت " آسفة يا قمر نسيت أمر قلبك , لم أكن أقصد "
رن حينها هاتفي فكان المتصل والدي , فاجأني الأمر لأنه قال لن يتصل إلا

للضرورة القصوى , أجبت فقال قلقا " قمر هل أنتي بخير ! لما كنتي تصرخين ؟ "

قلت " أنا بخير أبي اطمئن كنت وأقارب للجدة نتسلى , فقط هذا ما في الأمر "

قال من فوره " حسناً ولكن الحراس سمعوا صراخك , هم هناك لحمايتك

بنيتي كما تعلمي لقد أعطيتهم أوامر منذ البداية أن لا يتعرضوا لسكان المنزل

ولا أقاربهم وزوارهم المعتادين من أجل التكتم لذلك امتثلوا لإيقاف ابن العجوز

لهم لقد تحدث معه بنفسي , قمر اعتني بصحتك جيداً صغيرتي "

قلت بهدوء " حسناً أنا آسفة "

قال بصوت مبتسم " لا بأس بلغي الجدة سلامي وداعاً الآن "

قلت بهدوء هامس " وداعاً واعتني بنفسك "

أغلقت الهاتف فقالت مريم " يبدوا تسببنا بمشكلة كبيرة "

جلست وقلت " الحراس اتصلوا بوالدي حين منعهم خالك من الصعود "

قالت أنوار " آسفة حقا يالي من غبية "

قلت بابتسامة " لا عليك تسليتما قليلاً بي واختبرنا سمع الحراس "

ضحكت مريم وقالت " بل اختبرنا أذنا رائد "

قلت بخجل " أردت إخافتكما فقط بمناداتي له ولم أتصور أن يسمعني "

قالت أنوار بخبث " لما لا نختبر سمع أيوب أيضاً "

ضحكت مريم وقالت " أشك أن يتحرك من مكانه وسيقول في

نفسه لعلها تموت وأتزوج بأخرى "

ضحكنا جميعاً فقالت أنوار " حتى إن سمعك أحدهم سيقول له أنت

تتوهم فقط أجلس ولا تتعب نفسك "

وأمضينا الوقت على هذا الحال حتى المساء ونحن والجدة في ضحك

مستمر , كم أسعدني وجودهما وأشعرني أني لست وحيدة ولا أحد

يهتم بي , يبدوا أني خرجت من الماضي بأشياء جيدة كما السيئة


كنت أجلس وحدي في المجلس مقتربة من السياج ومتكئه عليه فأنوار

الجو بارد على ابنتها ليلا وعليها أن تنومها ومريم في الأسفل منذ ساعات

مع الرجال فهي الوحيدة التي يمكنها التجول في الأسفل براحه , كم هي

محظوظة ... زوجها وشقيقاها وخالها لما أنا وحيدة وحتى والدي ظهر

ليختفي من جديد ولا أقارب لي سوى خالي وزوجته لا بارك الله في قرابة

كهذه وعمتي التي تسافر أكثر مما تقيم هنا , سمعت خطوات تقترب مني

تم صوت رائد يقول " قمر الجو بارد هنا حبيبتي لما تحبين هذا "

غمرت وجهي في ذراعي متكئة عليها ولم أتكلم فجاء صوت مريم قائلة

" زوجك هذا لم يدعنا نجلس في الأسفل براحتنا فادخلي ليرتاح "

قلت بهدوء " لا أريد الجدران لقد سئمت منها "

قالت مريم " هيا إذا انزلي معنا فأنوار في الأسفل أيضاً والجو في

الخارج رائع مع هذه النسمات الباردة "

قلت بعد صمت " لا رغبة لي ... شكراً "

قالت بتذمر " قمر جدتي لم ترضى أن تبقي وحيدة ولا أن يبقى رائد

معك , نريد أن نكون مجتمعين وأنتي أولنا "

رفعت رأسي ببطء وقلت مولية ظهري لهما " آسفة أعلم أني مصدر إزعاج "

قال رائد " قمر لما تقولين هذا , إن كان لأجلي لا تريدين النزول

أدخل أنا ولكن لا تبقي هنا وحيدة "

وقفت ورأسي للأسفل وقلت وأنا أمر بجوارهما " سألحق بكما بعد قليل "

تم توجهت من فوري لغرفتي لأن الدموع غلبتني ولا أعلم لما تريد الخروج

كلما اقترب مني وسمعت صوته لما الآن فقط صرت حبيبته وفي الماضي

احتجتها أكثر وبخل بها علي , لما الآن فقط يهتم بي وحين كنت بلا سند

غيره كان هوا سبب تعاستي وكنت آخر ما يهمه

بكيت كثيراً بمرارة كعادتي التي لم يغيرها حتى موتي وعودتي للحياة

ثم ارتديت فستاناً طويلاً وحجاباً ونزلت للأسفل ثم خرجت للخارج

كانوا يجلسون على بساط على الأرض فاقتربت منهم ألقيت التحية

بهدوء وجلست بجانب الجدة وما أن وقعت عيناي على رائد الذي

كان ينظر لي حتى رأيت في عينيه نظرة حزن واستفهام , مؤكد لاحظ

على عيناي أني كنت أبكي فأبعدت نظري عنه ومضى الوقت يتبادلون

الأحاديث وأنا في صمت يشاركني رائد فيه , نظر أيوب للخلف وقال

" حركة الحراس انتقلت هنا على ما يبدوا لقد كثر عددهم "

قال حيدر بضيق " ألا يرون أن النساء مجتمعات هنا عليهم احترام المكان "

نظرت للأسفل بحزن وقال رائد " هم مكلفون بمهمة وأنت

أكثر من يعلم عن الأوامر في الجيش "

قلت بهدوء وعيناي على يداي في حجري " أخبرتكم أني لا أريد مضايقة أحد "

قال حيدر " أنا آسف يا قمر لم يكن قصدي ذلك ولكن حتى

أنتي مؤكد لا تحبين خنقهم لك "

رفعت هاتفي وأجريت اتصالا فأجاب صاحبه من فوره فقلت

" مرحباً سيد نزار أعذرني هلا طلبت من رجالك الابتعاد عن

مكان جلسونا , لا تخافوا سأكون بخير "

قال " حسناً سيبتعدون عن أنظاركم ولكن لن تبتعدي عن

نظرهم , اعذريني الأوامر هكذا "

قلت باختصار " حسناً شكراً لك "

وأغلقت الهاتفي وما هي إلا لحظات وابتعدوا جميعهم وقالت مريم

ضاحكة " كم أنتي محضوضة يا قمر وكأنك في فيلم بوليسي "

قلت بابتسامة حزينة " محضوضة بماذا ؟ بأن حياتي عرضة للخطر أم

بأن والدي الذي وجدته بعد سنين حياته في خطر كبير وقد يأتيني خبره

في أي لحظة وقد بات وباء لا يمكنه الاقتراب مني وأنا أحوج الناس

إليه , أم بأنه لا يمكنني حتى الركض للهرب من أي خطر يواجهني "

سكت الجميع وكأن كلماتي سببت لهم خرسا فنزلت مني دمعتان مسحتهما

وقلت بعبرة " أم محضوضة بأن كل من يدخل حياتي لا يزيدها إلا حزناً

ولم ألقى في حياتي إلا الذل والطرد والتهميش "

وقف حينها رائد وابتعد عنا حتى وصل عند الشجر ووقف هناك مستنداً

على إحداها بيد و يدخن سيجارة بالأخرى ويسعل بين كل رشفة والتالية

فقال حيدر بضيق " لا أعلم متى سيترك هذا الداء القاتل ويأخذ العلاج

سوف يقضي على نفسه بإرادته , لا أفهم كيف يفكر "

قالت مريم ونظرها علي " يبدوا لم يعد يريد الحياة لذلك لا يتمسك بها "

عدت لصمتي وعادوا للتحدث عن مروان وعن تغيبه الآن وعن سهرته

وأصدقائه ليلة كل جمعة ورائد مكانه وعلى حاله , بعد وقت وقفت مريم

وتوجهت نحوه , كانوا بعيدين ولكنه من الواضح لمن يراهما أن يرى أنها

تتحدث معه بحدة وهوا يتجاهلها ثم عادت ناحيتنا وجلست وقالت بضيق

" أعقاب السجائر تحته في كل مكان وهوا يعاند ويقول أنه مرتاح هكذا "

قال أيوب " معتادين التدخين هكذا دائماً إن تضايقوا يدخنون بشراهة "

قال حيدر " منذ شهور وهوا على حاله هذه حتى تضررت رئته

وإن استمر هكذا فسيموت "

شعرت حينها بقلبي يتمزق , قمر يا بلهاء يكفيك حتى هنا يكفي

تثاءبت أنوار فقال حيدر بضيق " ما بك لقد أشعرتني بالنوم "

قالت بضيق أكبر " أخبرتك أني أريد النوم لكنك أصررت على نزولي معكم "

وقفت ووقف هوا بعدها تبعها وتوجها للداخل ووقفت الجدة بعد قليل

واعتذرت لتخلد للنوم وقالت " قمر هل ستصعدين الآن "

قالت مريم من فورها " لا سنتسامر قليلاً "

قالت مغادرة " إذا اصعدا معاً "

ابتعدت عنا فنظرت مريم جهة أيوب وقالت " تبدوا عيناك حمراوان وستنام "

ضحك وغادر في صمت وبقيت أنا وهي وحدنا , كانت تتحدث في أمور شتى

عن المزرعة والخريف والربيع فيها وأنا أشاركها بعض الأحيان لأني وحدي

معها ثم نظرت جهة رائد وقلت " وحتى متى سيبقى هناك وهكذا ؟ "

قالت رافعة كتفيها " لا أعلم ؟ قد يبقى حتى يسقط ميتاً مكانه "

تم تنهدت بعدها وقالت بحزن " أنتي لا تعلمي ما مر به وقت ضننا

أنك ميتة , كنا نشك أننا سنفقده أيضاً "

قلت بعد صمت " أنا لا أفهم شقيقك يا مريم ! ما يريده مني الآن بعد أن

كان يرمي بي عليك ليتخلص من مسئوليتي ووجودي معه , بعدما كان

يحرقني لأذوب كالشمعة لتضيء له , بعدما كان ينتقم مني على الماضي

و...... "

قاطعتني قائلة " أنظري إليه يا قمر "

بقيت أنظر لها بصدمة فقالت بجدية " أنظري باتجاهه هل هذا حال يسر أحد "

نظرت له فكان يسعل بقوة والسيجارة في يده فوصلني صوتها قائلة

" لا أطلب منك مسامحته يا قمر فأنتي محقة في غضبك منه لكن ارحميه

الآن وأنتي تعلمي أنه وحدك من يمكنها جعله يتوقف عن التدخين والسعال

المتواصلين تحت تلك الشجرة فلا تكوني وهي سواء ولا ترتكبي خطأه في

حقك سابقاً فهوا كان بالفعل يخاف عليك حين كنتي تمرضي ولم يكن يعلم

بأنك تموتين أما الآن فأنتي على علم بحاله "

أنزلت رأسي أرضاً ودموعي تتساقط على يداي وقلت بعبرة

" لما أنا من تلقي باللوم عليها وأنتي أكثر من علم بحالي حينها يا مريم "

قالت بهدوء " أقسم أن قلبك لا يطاوعك تتركيه هكذا , هيا يا قمر اذهبي إليه "

بقيت في جلوسي وصمتي للحظات ثم مسحت دموعي وتوجهت نحوه

كان يسعل بشدة والسيجارة في يده يمسك بها عنقه من الخلف واليد الأخرى

على صدره , رفعت يدي وأخذتها من أصابعه ورميتها أرضاً وحينها التفت إلي

نظر لي مطولاً ثم مد أصابعه ومسح بها على رموشي وقال " لا تبكي يا قمر "

أنزلت رأسي للأسفل وقلت بهدوء " توقف عن التدخين وعد هناك "

أمسك ذقني بأصابعه ورفع وجهي إليه وقبل شفتاي قبلة صغيرة لتعود لي كل

ذكرى قبلات شفتيه فسافرت بنظري للأرض فقال " هكذا يمكنني التوقف "

تم غادر أمامي عائداً حيث كنا نجلس , وصل عند مريم همس لها شيئاً

في أذنها فابتسمت وقالت له شيئاً بهمس ثم غادر هوا للداخل , وصلت

عندها وقلت " فيما كنتما تتهامسان "

ضحكت وقالت " يبدوا لي ورّثَك رائد عاداته السيئة "

نظرت لها بضيق وقلت " مريم لا أريد أن أضن بك ضنا سيئاً فأخبريني ما قاله لك "

قالت بابتسامة " قال لي اعتني بها جيداً فقط "

نظرت لها بتشكك فضحكت وقالت

" أقسم أنه قال ذلك وقال أيضاً شكراً لك يا مريم ولا أعلم لما "

قلت بضيق " ألستما متفقان على ما حدث "

هزت رأسها بلا وقالت مصدومة " لم يحدث ولم يخطر في بالي ذلك "

بقيت أنظر لها ببرود فقالت بضحكة " هناك جملة كنت أقولها له في الماضي حين

يستجوبني مثلك الآن وأخشى أن أقولها عنك وتغضبي مني وتستدعي لي حراسك "

قلت باستغراب " لم أفهم !! "

وقفت وقالت " أقسم أنك لازلت متيمة به "

وهربت مسرعة جهة المنزل , هذه المحتالة طويلة اللسان صرخت بها

" لن أدخل وستري حسابك مع جدتك ألم توصك "

وقفت والتفتت ناحيتي وقالت وهي عند الباب " سأرسل رائد ليبقى معك "

وما أن التفتت لتدخل حتى قلت وأنا أتوجه نحوها مسرعة " مريم انتظري "

لحقت بها وصعدت للأعلى توجهت لغرفتي وما أن وضعت يدي على

مقبض الباب حتى سمعت صوت يناديني التفتت وابتسمت لصاحب

الصوت وقلت " ألم تنامي بعد جدتي "

اقتربت وقالت " لن أنام قبل أن اطمئن أنك في غرفتك , قمر يا ابنتي

إن كنتي تريدين النوم معي لا تخجلي أعلم أنك لا ترتاحين في نومك "

قلت بابتسامة " شكراً لك يا جدتي لن يتغير الأمر في غرفتك أم غرفتي "

قالت بهدوء " هل صحيح أنك لا ترين الكوابيس ورائد ينام معك "

نظرت للأرض وقلت بحزن " نعم "

تنهدت وقالت مغادرة " سامح الله الكوابيس ورائد أيضاً لا أعلم كيف

تكون الرحمة من العذاب بعذاب آخر "

ابتسمت بحزن لكلماتها ودخلت غرفتي وما أن وصلت سريري حتى رن

هاتفي بنغمة رسالة , أعلم أنها منه فلا والدي ولا عمتي وابنتها يستطيعون

الاتصال بي ومؤكد تصبحين على خير لأنها أصبحت شيئاً ضرورياً , لم

يتذكرني سابقاً برسالة ... لا وكان لا يحب سماع صوتي في الهاتف

هل كان يلزم أن أموت ليشعر بي , دخلت السرير وغطيت كامل جسدي

باللحاف كعادتي , لا أعلم لما معه فقط استغني عن كل هذه الأمور التي

لا أنام إلا بها ولا أستيقظ إلا عن طريقها وكأن عللي النفسية القديمة

تتحكم بكل شيء يخص نومي وهوا يتحكم بتلك الأمور , كان حلمي

دائماً بخالي وزوجته والهوة التي أقع فيها وركضها خلفي بوجه بشع

لتزداد الآن بوالدي يموت وأنا أركض له وهي تمسكني كي لا أذهب

إليه وانقده , تنهدت بضيق ثم قرأت أذكار النوم كثيراً حتى سافرت

في نومي , مر بعدها ثلاث أيام لا أحد غيرنا نحن النساء في المنزل

فمروان أخذ الرجال معه لحقول الشعير وسيعودون نهاية الأسبوع

وهوا سيبقى هناك , كانت مريم وأنوار في ساحة الخيول وأنوار

تحاول مسابقة مريم بالخيل وأنا وأطفال مريم نشاهدهما عند السياج

لم أتخيل أن مريم ماهرة هكذا في ركوب الخيل , أبناء مريم كانوا

يشجعونها وأنا أضحك على صراخهم حتى شعرت بيد تلتف حول

خصري فشهقت مذعورة وقلبي كاد يتوقف من الخوف لكني علمت

فوراً من يكون صاحبها من الشفاه التي قبلت خدي والكلمات التي

همست في أذني قائلة " اشتقت إليك قمري "

كنت أتنفس بقوة من تأثير الخوف فابتعد عني قليلاً ووقف

بجانبي وقال " آسف هل أفزعتك "

لذت بالصمت فنظر جهتهما وقال واضعاً يديه على السياج

" آسف يا قمر وحدي السبب في حرمانك من كل هذا , ليت

بإمكاني إرجاع الزمن للوراء "

قلت ونظري للبعيد حيث غروب الشمس

" لا يهم فكل هذا أصبح عندي لا يساوي شيئاً "

نظر لوجهي مطولاً ثم نظر حيث أنظر وقال

" لماذا أردتِ الموت على يدي يا قمر لماذا ؟؟ "

قلت بابتسامة حزينة " لسبب لن تفهمه يا رائد "

نظر للأرض تحته وقال بحزن " بلى أفهمه وأعيشه أيضاً "

نظرت له باستغراب فنظر لي وقال بابتسامة " أحبك يا قمر "

تم نظر للسماء وقال " أحبها يا رب لما هي لا تصدق ذلك "

وليته ظهري لأغادر فلم أشعر سوى بيده تسحبني نحوه وأوقفني أمامه

عند السياج ووضع يديه عليه ممسكاً أولى خشاباته وأنا بينهما ثم انحنى

حتى وضع ذقنه على كتفي وقال هامساً " لما لا نركبه سوياً ونسير به ببطء "

لذت بالصمت لأن الكلمات عبتاً سأحاول أن أخرجها في تلك الحالة

لا أعلم لما يفعل هذا ولما لا يفهم رفضي له ويبتعد , يبدوا أني لو فعلت

سابقاً مثل ما يفعل الآن لكسبت قلبه بدلاً من التشاجر معه على الدوام

لقد أهنته البارحة أمامهم جميعاً ولم يتكلم , كنت أنا في الماضي أبرد

على قلبي برد اهانته ولا أجني شيئاً ولكن هل كان سيجدي هذا معه ؟

لا أعتقد , بعدما طال صمتي عدل وقفته مستقيماً وأبعد يديه عن

السياج وطوق بهما خصري بقوة فأغمضت عيناي بشدة محاولة

منع دموعي من النزول ثم قلت " رائد نحن في الخارج إن نسيت "

قبل رأسي وقال " لم أنسى "

قلت " هلا شرحت لي كل هذا "

قبل رأسي مجدداً وقال " ماذا بالتحديد "

قلت " كل تصرفاتك "

قبل رأسي أيضاً وقال " لما لم تخبريني عن غيداء وما قالته لك "

قلت بابتسامة سخرية " وهل كنت ستصدقني , كنت ستعاملني

أسوء من تلك المعاملة السيئة "

قال بعد صمت طويل " قمر سامحيني "

أمسكت ذراعيه المطوقة لخصري بقوة وقلت بحزن " كيف ؟؟ "

قرب شفتيه من خدي وقال بهمس " ألا أمل أبداً "

ضحكت ضحكة حزينة وقلت " مؤكد تذكر ما أجبتني حين سألتك

سؤال مشابه لهذا في رحلة البحر "

لعب بأنفه على خدي ثم قبل كتفي وقال بهدوء " لا أذكر أنني أجبتك عنه "

قلت بحزن " صمتك وحده كان يكفي "

ثم أبعدت ذراعيه عني وقلت مغادرة

" ما أن يرجع والدي سأغادر معه ... وللأبد "

عدت للمنزل ودخلت وأنا أمسح الدموع التي لا تتوقف ووجدت الجدة

تجلس هناك فتوجهت نحوها من فوري وجلست بجوارها ورأسي في

حضنها أبكي بمرارة وهي تمسح على وجهي وتقول

" قمر ما بك يا ابنتي من أزعجك ؟ "

كنت أبكي وأشهق بعبرات دون كلام وهي تحاول تهدئتي , بعد وقت دخلت

مريم وأنوار والأطفال راكضين فقالت الجدة " ما بكم من يركض خلفكم ! "

قالت مريم " المطر ينزل في الخارج بغزارة لقد تبللنا "

ثم نظرت لأبنائها وقالت " هيا بسرعة لنغير ثيابكم قبل أن تمرضوا "

ثم صعدوا جميعهم للأعلى ودخل حينها رائد ولكنه لم يكن مبتلاً

هل كان هنا عند الباب أم ماذا !! توجه ناحيتنا وجلس وقال ونظره

للأرض " قمر هلا تابعنا حديثنا الآن "

أشحت بنظري عنه وقلت " لقد انتهى "

نظر لي وقال " أنتي زوجتي يا قمر وأنا لن أطلقك "

قالت جدته بضيق " متى أتيت أنت وكم مرة نبهتك عن الاستفراد بها هلـ ..... "

بترت كلماتها حين أمسكت قلبي وانحنيت للأسفل بسبب الألم فيه

فأمسكتني وشعرت بيد رائد تنزع حجابي تم رفع وجهي له وقال

" قمر هل أنتي بخير ؟ "

عدت بوجهي للأسفل وقلت بصوت مخنوق " هذا طبيعي "

قال بحدة " هذا كان كلامك في السابق ولم تكن حقيقة "

قلت بتألم " لم تعد صحتي كما كانت وهذه النوبات ستلازمني "

شعرت حينها بيديه تسحباني نحوه وتضمانني في حضنه بقوة ونقاش

بينه والجدة عن نقلي للمستشفى ولم أكن أفهم منه إلا القليل , كنت أحاول

كتم آهاتي حتى هدأ الألم قليلاً ليتحول لبكاء , كان يشدني لحضنه بقوة

محاولاً تهدئتي وهوا لا يعلم أنه بهذا يبكيني أكثر حتى قلت بصوت

مبحوح " لقد تعبت ... لما لم أمت لما "

ارتخت حينها يداه عني ووقف وخرج للخارج وأغلق الباب , بقيت

أبكي لوقت حتى هدأت ونزلت حينها مريم وقالت " هل رائد في الخارج "

قالت جدتها " يبدوا غادر منذ وقت "

قالت " لا سمعت سعاله الآن وأنا أساعد الخادمة في

إدخال ملابس الأطفال من الشرفة "

قالت الجدة ببرود " إذا هوا يمزق رئتيه تحت مضلة الباب "

خرجت له ثم عادت وقالت وهي تتجه للأعلى

" سيموت ويرتاح وعله يرتاح بموته "

وقفت حينها الجدة وصعدت للأعلى وتركتني فتنفست بقوة ثم خرجت

له , كان يدخن ويسعل كما في تلك المرة فاقتربت منه وأخذت السيجارة

من أصابعه ورميتها تحت المطر نظر لي ثم لها على لأرض وقال

" لما أطفأتها "

نظرت له وقلت بحدة " لأنك مجنون وتريد أن تخسر حياتك "

رفع نظره للبعيد وقال بحزن " ولما سأعيش , أنتي تعلمي معنى

هذا لأنك سبق وعيشتي نفسك فيه فلما تلومينني "

قلت بحدة " أنا فعلت ذلك لأني آمنت أنه لا حياة لي معك ولا حتى

بدونك , أنت تفعل هذا الآن لتشعرني بالذنب أليس كذلك "

اكتفى بالصمت وأخرج واحدة أخرى فأخذتها منه بقوة كسرتها

ورميتها تحت المطر أيضاً فأخرج العلبة مجدداً فأخذتها منه

ورميتها وقلت بغضب " رائد توقف قلت توقف "

قال ونظره عليهم تحت المطر

" لا يمكنني العيش دون إحداكما .... افهميها يا قمر "

أمسكت قميصه جهة ذراعه ولففته نحوي وقلت بضيق

" هي تقتلك يا رائد "

قال وعينيه في عيناي " وأنتي كذلك "

هززت رأسي بلا دون كلام وعيناي تمتلئ بالدموع فمسح على

وجهي بيده وقال بابتسامة حزينة " بلى تفعلينها أكثر منها "

قلت ودموعي بدأت بالنزول " أنت السبب يا رائد , أنت من كسر لي قلبي وللأبد "

مسح دموعي بأطراف أصابعه وقال " لا تبكي يا حبيبة رائد كم مرة سأقولها "

تم عاد بنظره للبعيد وادخل يده في جيبه وأخرج سيجارة فأخذتها منه ورميتها

أرضاً ودست عليها بقوة وأنا أقول بصراخ غاضب " يكفي يكفي قلت يكفي "

كنت أكرر ذات الكلمة ببكاء وغضب حتى تحولت لقطع تحت حدائي

ثم نظرت له وأمسكته من ياقة قميصه وسحبته نحوي وقربت وجهي

لوجهه ببطء ثم قبلته على شفتيه بهدوء وقلت

" هذه جعلتك تتوقف تلك المرة فهل ستفعلها الآن "

هز رأسه بنعم ثم نزل تحت المطر وغادر حتى اختفى عن نظري في الظلام

عدت للداخل وجلست أبكي لوحدي حتى نزلت مريم واقتربت مني وقالت

" قمر لما تجلسين هنا وأين رائد "

قلت ونظر للأرض " لا أعلم , غادر تحت المطر منذ ساعتين "

شهقت بقوة وما أن فتحت فمها لتتحدث حتى سمعنا صوت سعاله

يقترب ثم انفتح الباب ودخل منه مبللاً من شعره لقدميه , اقترب منا

بضع خطوات ورأسه للأسفل ثم سقط أرضاً

وعند هنا انتهى الفصل أتمنى يكون نال إعجابكم




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 13-04-15, 09:15 AM   #45

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الثامن والعشرون

كنت أسمع عن اليأس الذي يجعل صاحبه يكره الحياة ولم أعرفه وأجربه

إلا حين ضننت أن قمر ميتة , وكنت أسمع عن تحكم أحدهم في مزاجك

حد أن يوصلك للثمالة بقبلة صغيرة ولم أعرف ذلك أيضاً إلا اليوم لتجعلني

قبلتها الأولى لي منذ تزوجتها أفقد نصف حواسي وأنزل تحت المطر وكأني

لا أراه موجوداً ولا أشعر به , لم أجرب الخمر يوماً ولكن إن كان كهذا فقد

علمت الآن لما هوا محرم , وصلت عند أشجار اللوز وازدادت نوبة السعال

عندي حتى ضننت قلبي سيتوقف ورئتي ستخرج من فمي فجلست تحتها

بعدما فقدت أغلب الهواء في رئتاي من كثرة ما سعلت , كنت أجلس على

الأرض المليئة بأوراق الأشجار الصفراء الممتلئة بالمياه وحبات المطر تنزل

على رأسي وأكتافي ورئتاي تتقطع وجسدي بين الماء والماء , بعد وقت

طويل هدأ المطر قليلاً فوقفت بصعوبة وسرت مستنداً بكل ما مررت به

حتى وصلت المنزل ودخلت لا أرى سوى الأرض تحتي وما أن خطوت

بضع خطوات حتى خارت باقي قواي ولم أشعر سوى بالأرض تناديني

لحضنها ولم أسمع سوى صوت قمر تصرخ باسمي ولا أعلم إن كانت

وحدها هنا أم معها أحد ولم تلتقط أذني غير صوتها أو أنه هيئ لي كل

ذلك , بعد وقت فتحت عيناي ببطء ووجدت نفسي على سرير غرفتي

وأول من وقع عليه بصري كانت مريم تجلس بجواري وقمر تقف عند

الباب وما أن نظرت لها حتى فتحته وخرجت وأغلقته خلفها بهدوء

قالت مريم وهي تضع يدها على جبيني

" رائد هل أنت بخير , حمداً لله حرارتك بدأت تنخفض "

قلت بصوت متعب " بخير ... قمر ما بها "

نظرت خلفها ثم لي وقالت " ترفض قول غير أنها بخير لكن

وجهها لا يقول ذلك وتبدوا تصارع الألم "

قلت " لما لم تأخذوها للمستشفى "

تنهدت وقالت " مع من وأنت طريح الفراش والبقية في الحقول , لقد

فزعتْ لرؤيتك تسقط , إن كنت أنا التي قلبي سليم لازال يرتجف

حتى الآن فكيف بها هي "

سعلت قليلاً ثم قلت " ورجال والدها ما نفعهم هنا , كنتم طلبتم منهم أخذها "

قالت " فكرت في ذلك لكني خفت أن تغضب "

أمسكت اللحاف عن جسدي ثم نظرت لها وقلت

" من غير لي ثيابي "

قالت وهي تعيده على صدري " قمر طبعاً فوحدها يمكنها

فعل ذلك فهي زوجتك والرجال لا أحد منهم هنا "

تنهدت واكتفيت بالصمت فقالت بلوم

" رائد ما هذا الجنون كيف تخرج هكذا في جو كهذا !

ماذا لو لم تصل للمنزل "

نظرت للسقف وقلت بحزن " قالت ستتركني للأبد يا

مريم , سترحل مع والدها وتتركني "

أمسكت يدي وقالت " وهل ترى خروجك في هذا الوقت

هو الحل ! هل تهرب من الواقع بقتل نفسك "

سعلت مجدداً ولذت بالصمت فتنهدت وقالت " قمر تعبت بسببك كثيراً

أنت شقيقي وأحبك لكن الحقيقة كذلك فأنا من عشت معها شهرين

متواصلين ورأيت ما تعاني من مشاعرها اتجاهك من شوقها وحبها

وخذلانك لها وتركها , كانت تموت شيئاً فشيئاً وأنت لا تعلم

كانت ترى عذاب تركك لها أسوء من عذابها معك وأنت تضن

أن بعدها سيكون أفضل "

تساندت بمرفقي وجلست فأمسكت كتفي وقالت

" رائد أنت متعب فلا تتحرك "

قلت وأنا أنزل قدمي من السرير " سأطمأن عليها بنفسي "

قالت وهي تمسكني بقوة " لن يزيد هذا الأمور إلا سوءً , رائد

أرجوك الضغوط النفسية سيئة لها فيكفيها اليوم "

ارتميت على السرير من جديد وقلت

" اذهبي لها إذاَ ولا تتركيها وتعالي لطمأنتي "

تنهدت بقلة حيلة وغادرت وطال غيابها فغادرت السرير رغم تعبي

وصعدت السلالم حتى وصلت غرفتها , طرقت الباب بخفة ففتحت لي

مريم ونظرت لي بصدمة وقالت

" رائد ما جاء بك هنا وأنت متعب يالك من عنيد "

قلت مستنداً بيدي على الجدار " أنا بخير كيف هي الآن "

هزت رأسها بيأس وقالت " كلما غفت قليلاً استفاقت مفزوعة , تبكي

تارة وتنادي في منامها والدها و أنت وشيء في التنين لا أفهمه "

أبعدت يدها وأنا أقول " سأدخل لها "

أمسكتني وقالت " رائد لن ترضى قمر وجدتي ستغضب إن

علمت , هي نائمة الآن فاتركها أرجوك "

أبعدتها عن طريقي متجاهلاً كل كلامها ودخلت , كانت نائمة تحتضن

الوسادة بقوة وتخفي وجهها فيها فجلست بجوارها على السرير أمسح

على شعرها بحنان فأبعدت وجهها عن الوسادة وفتحت عيناها ونظرت

لي فمسحت الدموع من عينيها وقلت بابتسامة وأنا أمسح على وجهها

" نامي يا قمر أنا ومريم هنا ولا شيء آخر حبيبتي ... نامي الآن "

أغمضت عيناها ببطء دون كلام وعادت للنوم , بعد قليل ارتخت يداها

عن الوسادة فنزعتها منها وغطيتها جيداً وقبلت جبينها وجلست بجوارها

وغادرت مريم لأبنائها وبقيت وحدي معها أمسح على وجهها وأقبل

خدها كل حين وكأنها إكسير الحياة الذي سوف يبقيني صامداً بجوارها

وابتسمت لملامحها بحب حين تذكرت كلماتها التي قرأتها في كتابها إكسير

الحياة فرددتها بهمس ( لا تعشقوا الوجوه فهي لن تعشقكم أبدا بل وحدها

القلوب مراسيل البشر إليكم وجسركم الوحيد للوصول فهي من تستحق

العشق وأنتم من تستحقون من تعشقه فلا تجعلوا ملامح البشر جسركم

الوحيد للتواصل معهم )

بعد وقت قالت بهمس وعيناها مغمضتان " رائد لا تذهب "

مسحت غرتها للأعلى وقبلت جبينها وقلت

" لن أذهب حبيبتي نامي الآن "

فعادت للنوم من جديد وتبدوا لي في غير وعيها أو الخوف من الكوابيس

سيطر عليها وإلا ما كانت طلبت مني كهذا الطلب , كنت بحاجة للنوم أكثر

من أي يوم لكني ما كنت سأرد طلبها مهما كان مستحيلا , بقيت بجوارها

لساعات حتى سمعت أذان الفجر عندها قبلت جبينها وخدها وقلت هامساً

في أذنها " قمر استيقظي إنه وقت الصلاة "

وغادرت الغرفة ونزلت لغرفتي صليت الفجر ونمت لساعات طويلة

واستيقظت عند الظهيرة , استحممت وغيرت ثيابي صليت الظهر

وخرجت فسمعت صوتاً لنقاش حاد فخرجت ابحث عنهم فكانت جدتي

ومريم تتناقشان بعصبية وجدتي تقول

" لن أطرد ضيوف يأتون لبيتي وقمر لم يعد يعنيها أمره "

قالت مريم بضيق " بلي سترين بعينك ما ستكون نتائج ذلك

ولا تنسي أنني حذرتك مسبقاً " ‏

قالت ببرود " لن أفعلها أبداً وأطرد شقيقتي وابنتها من أجل ترهات

إن كان يريدها ما تزوج بغيرها وهي تعلم ذلك جيداً " ‏

قالت مريم بحدة " لن تأتي إلا لأجله أو لأجل إغاظة قمر

فجنبينا المشاكل يا جدتي " ‏

صرخت بها " احترميني أنا لست أكبر أبنائك‎ ‎‏"

تأففت مريم وخرجت فاصطدمت بي وقالت مصدومة

" منذ متى أنت هنا !! "

قلت " منذ قليل .... ما بكما ؟ "

قالت مغادرة " الآنسة سوزان اشتاقت لخالتها , أقسم إن

ضايقت قمر طردتها بنفسي "

لحقت بها أمسكت ذراعها وقلت " ولما تضايقها إن كانت ستأتي

لساعات قليلة وتذهب ! ماذا هناك يا مريم ؟ "

قالت بغضب " سيدة الدلال تريد البقاء ليومين هذا إن لم يكن أكثر "

قلت بهدوء " سأخرج أنا إذاً "

هزت رأسها وقالت " لن يتغير شيء ولن تسلم منها أعرفها جيدا "

قلت " متى ستأتي "

قالت مغادرة " نهاية الأسبوع فكم أخشى من نتائج قدومها "

ابتعدتْ قليلاً فاستوقفها صوتي منادياً " مريم "

التفتت إلي فقلت " كيف هي الآن "

قالت بهدوء " أفضل ... تبدوا لي نامت جيداً البارحة "

هززت رأسي بنعم ثم قلت " أريد التحدث معها "

قالت بضيق " رائد لا نريد أن نخسرها يكفي يوم الأمس السيئ "

قلت بتذمر " لما كنتي تساعدينها في الماضي وأنا الآن

لا , مريم لا تكوني ظالمة "

قالت بضيق أكبر " مهما أحببتها فلن أحبها كشقيقي , رائد أنا

أخاف عليها يكفيها ما لقيت حتى الآن "

قلت بهدوء " وإن قلت لك أرجوك هذه المرة وافعليها من أجلي "

قالت باستسلام " أنا حقاً أريد المساعدة , لكن رائد أرجوك لا تقسوا

عليها بكلماتك مهما قالت "

قلت بابتسامة حزينة " وبأي قلب سأفعلها "

قالت " حسناً والمطلوب مني الآن "

قلت " تخرجيها وحدها للمجلس الخارجي وتلهي جدتي عنا "

قالت وهي تصعد السلالم " أمري لله خدمات دون مقابل "

استوقفتها مجدداً وهي في آخر الدرجات وقلت " هل سألت عني اليوم "

نظرت لي بصمت مطولاً فقلت بتذمر " مريم بالله عليك تجيبي "

قالت ببرود " لا أستطيع "

قلت " ولما "

قالت " إن سألتْ عنك فلا يمكنني قول ذلك لك فهذا لن يعجبها

وإن لم تسأل عنك لا أستطيع قول ذلك لك كي لا أجرحك "

قلت بإصرار " لن يجرحني ذلك فقولي "

قالت وهي تصعد " يالك من محتال يا رائد وورطتني , إن قلت لن

أجيب فستعلم الجواب ... ذكائك يكفي لتفهم "

ابتسمت لها وهي تصعد ... سألت عني إذا , راقبتها حتى اختفت وغابت لوقت ثم

نزلت ومرت بجواري وقالت " تمت المهمة وسأذهب لجدتي , لا تتأخر كثيراً مفهوم "

ابتسمت لها وصعدت من فوري أقفز الدرجات قفزاً ودخلت المجلس فكانت

تقف تشاهد المزرعة ترتدي بنطلون قصير من الجينز الأبيض يصل طوله

لنصف الساق وكنزه شتوية بيضاء طويلة مفتوحة ومغزولة بثقوب واسعة

يظهر من تحتها القميص الأحمر الضيق , ترتدي حداء أحمر وتربط شعرها

للخلف بشريطه حمراء وتقف مكتفة يديها , اقتربت منها ببطء حتى صرت

خلفها وهمست لها " هذا أنا حبيبتي لا تفزعي "

طوقت خصرها برفق وقبلت عنقها ونظرت لما تنظر إليه بصمت

بعد قليل قبلت خدها وقلت " هل يمكننا التحدث الآن عن كلامك بالأمس "

قالت بهمس " لا "

قلت وشفتاي على عنقها " ولما لا دعينا نصل لنتيجة ترضي كلينا "

قالت بهدوء " رائد لا أريد جرحك بكلماتي لنصبح اليوم في

محرقة جديدة من سجائرك "

قلت وأنا أستنشق خدها وشعرها " تخافين على صحتي إذا "

كنت أشعر بارتجاف جسدها بين ذراعاي مما أفعل فزدت من شدي لها

أكثر وقلت وأنا أقبل عنقها عدة قبلات " لما الصمت حبيبتي "

خرجت منها أنة صغيرة وقالت " رائد اتركني أنت تؤلمني "

قلت هامس في أذنها " ليس قبل أن تجيبي "

قالت بحزن " لأنك كنت تخاف على صحتي في الماضي أو .... تشفق علي "

أرخيت من قبضة ذراعاي وقلت بهدوء

" إذا تشفقين علي أم لا تريدي أن تحملي لي جميلاً "

أكتفت بالصمت , علمت الآن كم كان قاسيا على قلبها كوني أشفق عليها

نعم كم ذلك قاسي وعلمت لما كانت تقول أنها لا تريد شفقة مني , هيا خذي

بحقك مني يا قمر خذي , همست في أذنها " ليست الشفقة أريد "

لاذت بالصمت فقلت بهدوء

" قولي ما كنت أقول لك قوليها يا قمر هي من حقك الآن "

طأطأت برأسها حتى شعرت بدمعتها تسقط على يدي الملتفة حول خصرها

وقالت بحزن " لا أريد أن أكون بقسوتك لأنك لن تشعر بما كنت أشعر أبداً

لقد مات الورد يا رائد وانكسر ذاك الشيء للأبد "

ابتسمت بحزن .... لا تكذبي على قلبك يا قمر فارتجافك بين ذراعاي أكبر

دليل فقط جرحك مني كبير وعميق , قلت بعد صمت

" لو كنتي مكاني ما كنتي ستفعلين صارحيني "

قالت بسخرية وقد عادت بنظرها للبعيد " كنت سأحبك فهذا فقط ما أتقنه "

رفعت ذراعاي عند كتفيها وصدرها ضممتها لي بحنان وقلت

" ها قد اعترفتِ أنك لا تتقنين سوى الحب فما تغير الآن "

شهقت بعبرة ثم قالت بنفس متقطع من البكاء " مذكرتي كانت لديك وكنت تعلم ما

أشعر اتجاهك ومنذ طفولتي وكان كل ما في قلبي يظهر أمامك جليا في كل نفس

أتنفسه لكن القسوة حجبتك عن رؤية ذلك "

تم أمسكت بيديها ذراعاي المطوقتان لكتفيها ودست وجهها بينهما وقالت ببكاء

" كنت أحبك بجنون ولكنك لا تعرف الحب , أعشقك في كل نفس أتنفسه وأنت

تكرهني حد جرحي باستمرار , أخاف عليك من الهواء البارد ليلا وأنت تنتقم

مني وتقتلني , لم أكن عادلة مع نفسي كنت أستنزف كل مشاعري وأهبها لك

وكنت أنت بلا مشاعر تقتل ذاك الحب النقي "

دسست وجهي في شعرها وقلت بحزن " بل كنت أحبك رغماً عن أنفي وعن

قلبي وانتقامي كنت أحبك وأضحك من مريم كلما قالتها لي ليس لأنها ليست

حقيقة بل لأني أهرب من الاعتراف بها , كانت أمامي قمر الطفلة البريئة
وقمر الزوجة الجميلة مقابل ضوء القمر الخائنة اثنين مقابل واحدة فانتصرتا

في النهاية عليها ويوم عدنا من المزرعة كنت قد قررت التحدث معك في

الأمر لكنك سجنتِ نفسك فاحترمت عزلتك وانتظرتك لتخرجي ولم أتخيل أن

تخرجي جثة هامدة من حضني للمستشفى للمجهول , فلك أن تتخيلي إن كانتا

اثنتين انتصرتا على الحقد في قلبي فكيف بكم الثلاث مجتمعات بعدما علمت

الحقيقة , أقسم لك يا قمر أن قلبي يكاد يتفجر حبا لك ولو كانت خلايا الجسد

تتحدث لقالتها لك كل واحدة منها على حدا , عامليني بقسوة خذي بحقك مني

اكرهيني حتى ولن تكوني إلا حبيبتي "

أبعدت يديها ووجهها عن ذراعاي وقالت

" أنت لا تغفر لأحد دون سبب فأعطني شيئاً أغفر لك به "

أبعدت يداي عنها ولففتها جهتي وقلت وعيناي في عيناها الدامعتان

" حددي وأنفذ "

نظرت للأسفل و قالت بحزن " أريد أن أنسى كل ما حدث ويُمسح

من عقلي نهائيا فهل تستطيع ؟ "
أمسكت وجهها بيداي ورفعته إلي وقبلته في كل مكان فيه ثم وضعت

أنفي على أنفها وقلت " الحسنات يذهبن السيئات يا قمر أليس كذلك "

قالت والدموع تتدحرج من عينيها " لم أستطع فانسني يا رائد أنا لم أعد لك "

تم قالت وهي تمسك يداي وتبعدهما عنها " يكفي حتى هنا لا أريد جرحك

بأبعادي لك عني لترجع لحرق رئتيك مجدداً بسببي , رائد أرجوك يكفي وغادر "

ابتسمت لها وقبلت جبينها وقلت مغادراً " كما تريدين حبيبتي "

نزلت للأسفل ووجدت حيدر وأيوب فنظرت لهما وقلت

" ما جاء بكما قبل الموعد !! "

ضحك أيوب وقال " هربنا مثلك , ها ما الأخبار "

قلت مغادراً جهة غرفتي " كما هي عليه "

قال أيوب وهوا يتبعني " وما تفعل كل هذا الوقت ؟ "

جلست على السرير وقلت " أي وقت وأنا وصلت بالأمس ولحقتم

بي اليوم , يالا خططكم الفاشلة "

قال واضعاً يديه وسط جسده " دبرنا بينكم كم لقاء , أنزل حيدر زوجته مرغمة

ذاك المساء لتبقى قمر وحدها في الأعلى وتنزل هي أيضاً وأجبرها على التحجب

لتأخذ أنت راحتك واتفقت ومريم على قدومك بالأمس , كل هذا ولم نساعد "

تنهدت بضيق وقلت " إن عاد والدها فسأخسرها للأبد وسيطلقها مني بكل

سهولة وأنا لم أتقدم ولا خطوة حتى الآن "

جلس معي على السرير وقال " عاملها بالوجه الآخر إذا بما أنه لم ينفع هذا الوجه "

قلت ببرود " لقد أقسمت على نفسي حين شككنا في حقيقة موتها أني لو

وجدتها حية فلن أقسوا عليها ما حييت "

ضحك وقال " لقد ورطت نفسك كيف ستعيش معها كل العمر

دون أن تقسوا عليها أحياناً "

تنهدت وقلت وأنا أهز رأسي " أقسم لن افعلها فلتعش معي

أولاً فقد بث أرى ذلك بعيداً جداً "

قال بحيرة " والحل إذا !! "

قلت " لا حلول على ما يبدوا "

وقف من فوره وفتح باب الغرفة وأخرج رأسه وهوا ينادي حيدر بصوت

مرتفع وما كذب الآخر الخبر وكان في لحظات لدينا , دخل وأغلق الباب

وقال " ماذا هناك "

ضحكت فقال بتذمر " ما المضحك أنت "

قال أيوب " دعانا منكما الآن ونريد مخططا جديداً "

قال حيدر " إن كان اليوم لا بأس غدا صباحاً سأغادر وزوجتي , لن

أستطيع التغيب أكثر من هذا "

قلت " أخرجاني من دماغيكما لم أعد أريد خططاً , خذ زوجتك يكفي "

أمسكني من يدي وقال وهوا يسحبني معه " أتركنا من هذا الآن وتعال معي فأنت

من يمكنه الصعود للأعلى , أريد معرفة سبب كل هذا الضحك الذي يصل للأسفل "

قلت وأنا اتبعه مجبراً " ولما لم تتصل بزوجتك وتعلم منها "

قال " لم تخبرني لأنها تعرف أنه لا يمكنني الصعود إليهم وزوجتك

هنا , بسرعة باغتهم حدسي يقول ثمة شيء يخفينه "

دب الفضول في جسدي وصعدت بخطوات خفيفة , كان بالفعل ضحكهم

غير طبيعي , وصلت للأعلى فكان الصوت يخرج من جهة طاولة الطعام

غريب ليس هذا وقت الغداء فما يفعلونه هناك !! نظرت لهم من خلف الباب

بحيث لا يرونني فكن جالسات على الطاولة وكل واحده منهن بيدها قلم

وورقة يكتبن أو يرسمن شيئاً ويضحكن على أوراق بعض وحتى صبا

مثلهم , دخلت ببطء فرأتني قمر المقابلة لي وفتحت فمها وعيناها من

الصدمة فأشرت لها بأصبعي أن تسكت , وصلت عند مريم التي

تعطيني ظهرها وأنوار كانت مشغولة مع ورقتها وكانت مريم تقول

ضاحكة " قمر لقد أبدعتي في رسمه لو رآها لقتلك "

استللت الورقة منها بخفة وسرعة فشهقت هي ورفعت أنوار رأسها

مصدومة ووقفت قمر وركضت مغادرة فأمسكتها من ذراعها وأعدتها

نحوي , نظرت للورقة فكانت رسمه لي والسيجارة في فمي والدخان

يخرج من أنفي وحاجباي معقودان خط واحد دليل الغضب , نظرت

لها فأخفت وجهها في يديها فانتقلت جهة أنوار وقمر ذراعها في يدي

أسحبها معي وأخذت الورقة من أمامها فكانت رسمه لحيدر ورأسه

مفتوح وتخرج منه الكتب والمعلومات وعيناه عينا أحمق , أنوار طبعاً

رسامه والورقة فيها ملامحه بحرفية , ضحكت كثيراً وأنا أنظر لها ثم

انتقلت لرأس الطاولة حيث كانت تجلس قمر وأخذت ورقة مريم من

هناك وكانت رسمه لأيوب يركب محراث ويضع رداء سوبر مان جسده

كبير والمحراث تحته وكأنه دراجة أطفال فلم أستطع إمساك نفسي فعدت

للضحك مجدداً بهستيرية فقفزت صبا وقالت " وأنا رسمت خالي مروان "

أخذت منها الورقة فكانت ألرسمه الأشد رعباً ملامح لا تعرف من أين

جاءت بها وكان يركب حصانا هوا أقرب للحمير من الأحصنة , كنت

أضحك حتى كدت أفقد توازني واستندت بالطاولة فقالت مريم بضيق

" رسمت قمر الوحيدة التي لم تضحك عليها لما يا ترى ؟

هل لجمالها أم لأنها تخصك "

نظرت جهة قمر التي لازالت في قبضتي تنظر للأرض وتعظ شفتها

في خجل وارتباك فقربتها مني أكثر وقبلت خدها وقلت

" مقبولة من قلبي وحبيبة قلبي "

حمحمت مريم وقالت " يا عباد الله بيننا أشياء صغيرة هذا لا يجوز "

ثم وقفت ومرت بجواري ووقفت قائلة بهمس وغيض

" تعبت من كثرة أسئلة أطفالي الكثيرة عما تفعله أيها العاشق "

ضحكت وقلت " حسابك ليس لدي بل لدى صاحب الصورة "

شهقت بقوة فخرجت من فوري وهما تتبعاني وتتوعدانني إن أريتها لأزواجهم

ولكني لم أكترث , وصلت للأسفل فكانا حيدر وأيوب في انتظاري وزوجاتهما

طبعاً لم يستطيعا النزول خلفي , رفعت الأوراق أمامهم وقلت " جلبت لكم سبب

كل ذاك الضحك لقد كن يرسمننا كل واحدة ترسم زوجها والأخريات يضحكن "

أخذوا الأوراق من يدي وكل واحد على ملامحه الغضب فضحكت وقلت

" تبادلا الورقتين وسيتغير هذا المزاج "

وما أن تبادلاهما حتى بدأ بالضحك الشديد ثم أعطيتهم ورقة قمر وصبا فجلسا

على الأرض من كثرة الضحك وقال بعدها حيدر بضيق

" سأريها كيف ترسمني هكذا وما تعنيه بالغباء وتطاير المعلومات "

قال أيوب " والأخرى أيضاً سترى عقابها هل تسخر من حياتي وحرثي بالجرار "

قلت مغادراً جهة غرفتي " هذا إن وجدتماهما فلن تنزلا بعد الآن "

بعد أذان العصر وصلني اتصال من مريم فتحت الخط فلم تجب وكانت

أصوات كثيرة لديها وهي تقول " هذا ظلم ولو علم رائد لغضب منكما "

قفزت من السرير وخرجت مسرعاً فكان الصوت من الخارج فخرجت من

المنزل فكانت قمر ومريم وأنوار وحتى صبا يجلسن حول تسط كبير حديدي

مليء بالماء والصابون وكومة من الثياب بجانبهم يغسلونها بأيديهم وحيدر

وأيوب فوقهم , اقتربت منهم وأمسكت قمر من ذراعها وأوقفتها وقلت مغتاظاً

" هل جننتما من سمح لكم بجعلها تغسل معهم "

قال حيدر " العقوبة للجميع وهي لم تعترض فما جاء بك أنت "

قالت مريم بضيق " اتصلت بك لتنقدنا جميعاً وليس زوجتك فقط "

قال أيوب " ستغسلون ملابس العمال الخاصة بالحقل أيضاً ولن تقوموا من

هنا إلا بعد إنهائها ولو بقيتم للصباح "

صرخت به " ارأف لحال ابنتك , انظر ليديها الصغيرتان هي لم ترسمك أنت "

توجهت بقمر جهة صنبور المياه فتحته وغسلت لها يديها وهي في صمتها

ذاته فهي باتت تفضل الصمت عن أي شيء أفعله لتتجنب جرحي وهي لا

تعلم أن قرارها الانفصال عني وحده يكفي بذبحي دون رحمة , اتجهت بها

أسحبها من يدها جهة المنزل فأوقفني صوت حيدر قائلا

" هيه زوجتك رسمت معهم وضحكت علينا فأعدها إلى هنا "

عدت ناحيتهم ويدها لازالت في يدي وقلت " قلت لن تغسل شيئاً "

قال أيوب بتحدي " رغماً عنك "

صرخت منادياً " جدتي تعالي وانظري ما يفعلون لقمر "

نظرتْ من نافذة المطبخ السفلي وقالت بصراخ

" ماذا بكم ؟ من اقترب من قمر "

ضربت مريم الماء والصابون بيدها وقالت بغيض " سألبس باروكة لشعر

بني طويل وعدستان عسليتان وأجري عملية تجميل تغير ما يمكن تغييره

لكي أحضا بما تحضا به قمركم "

ضحكت وقلت " لن يتغير شيئاً "

قالت أنوار بضيق " لما زوجها يشعر بها وأنتم لا , ابنتي تبكي عليا الذهاب لها "

قال حيدر ببرود " ليس قبل أن تنهي عملك , سأريك ما يفعله

الغبي الذي يدعي الذكاء "

صبا الوحيدة التي كانت تعمل بنشاط وصمت ومرح أيضاً وقمر الوحيدة

التي كانت تضحك في المجموعة على ما يجري , كم كنت مجرماً حين

قتلت هذه الضحكة وكم رحمني الله حين أعادها إلي , قالت مريم بحدة

" تغسل قمر أو لن أغسل "

قالت أنوار " وأنا كذلك "

قلت ببرود " أنا من رسمتني وراضٍ عن رسمها لي ولن تغسل شيئاً "

سمعنا حينها صوت قادم من بعيد يقول " لمن هذه الضحكة الحريرية

ألمائية العذبة الشفافة , ليست لعائلتنا بالتأكيد "

دسست قمر خلف ظهري , ها قد جاء طويل اللسان

اقترب منا فقلت بضيق " ما جاء بك أنت "

ضحك وقال " أنظروا للعجب العجاب يريد طردي من منزلي "

ثم نظر لهم وقال " ما سر حملة النظافة هذه "

مد له حيدر بورقة قائلا " انظر ما يفعلون ولعلمك أنت من في هذه الصورة "

نظر لها وضحك حتى تعب وكان مروان الوحيد الذي ضحك على رسمته

ثم قال " من هذه الرائعة التي رسمتني لأعطيها جائزة "

قالت صبا بسرور رافعة يدها المليئة بالصابون " أنا .. أنا "

نظر لها وقال " وقحة وستغسلين ثيابي أيضاً "

خرجت حينها جدتي اقتربت منا وقالت " ما بها قمر ؟؟ "

نظرت لها وقلت " يجبرونها على غسل ثيابهم "

قالت بضيق " خسئتم مجرمين أبناء المجرمين "

تم سحبتها من يدها الأخرى قائلة " وأنت اترك يدها , تعالي معي يا قمر "

دخلت وهي تتبعها وقال مروان بصدمة

" مجرمين أبناء المجرمين تعني نحن وآباؤنا !!! "

قالت مريم بضيق " أخبرتكم أني سأغير شكلي "

قال مروان ضاحكاً " معها حق ومن يعرفها ولا.. "

قاطعته بلكمة صغيرة على أنفه فامسكه وقال بغيض

" هذا ما كان ينقص , أصغر أبناءك أنا تضربني "

قلت مغادراً " المرة القادمة سأكسره لك إن لم تكف عن مراهقتك "

دخلت وتوجهت جهة السلالم فأوقفني العكاز الكريه وصوت جدتي

قائلة " أين يا ابن المنذر "

تنهدت وأنا أنظر للأعلى وقلت " جدتي دعيني مرة أقترب منها "

قالت وهي تبعدني بعكازها " لا تظن أني مغفلة ونائمة ولا أعلم ما يجري

هنا , تكلمت معها بما فيه الكفاية وقالت لا تريدك افهمها "

رميت بعكازها بعيداً عني وقلت مبتعداً بغضب

" لا تقولي هذه الجملة ثانيتا لا تعيديها "

صعدت مرتين عند المساء ولم أجد أحداً وكانوا جميعهم في غرفة جدتي

ويغلقونها , يعاقبونني إذا بدلاً عنها , عند الصباح غادر حيدر وأنوار

وعاد مروان للحقول فصعدت للأعلى وجلست لهم هناك , مرت مريم

بجواري وقالت " حبيبة القلب في غرفتها ما يجلسك هنا "

قلت ببرود " هكذا دون سبب هل ستمانعين "

قالت مغادرة " افعل ما تريد ولكن لعلمك أنت بهذا تتسبب بسجنها لنفسها "

بعد وقت خرجت للمجلس الخارجي أدجن سيجارتي وبعد لحظات سمعت

صوتاً سقط في قلبي كقطعة النقود على الأرض الرخامية عذباً لا يمكن

وصفه وهوا يقول " رائد "

التفتت للخلف من فوري وكأني أخشى أن يكون هيئ لي فكانت قمر بالفعل

تقف عند الباب مستندة بالجدار ويداها خلفها ترتدي فستاناً قصيراً باللون

الأزرق بأكمام طويلة ورقبة مفتوحة وعقدة تتخللها بشريطه بيضاء

مددت يدي لها وقلت بهمس " تعالي "

هزت رأسها بلا دون كلام فقلت بهدوء " حسناً "

توجهت نحوها ووقفت أمامها وأمسكت وجهها وقلت " نعم يا قلب رائد "

قالت بنظرة حزينة معلقة في عيناي " تحبني ؟؟ "

قلت بابتسامة " الجواب لديك حبيبتي "
أغمضت عينيها ببطء وقالت " إذا اتركني فأنا لست لك "

تم فتحتهما ممتلئتان بالدموع وقالت

" لم أعد لك ولا لغيرك أنا انتهيت يا رائد افهمني أرجوك "

ضممتها لصدري وقلت " أنا من قتلك يا قمر , أنا سبب كل هذا وأشعر

بك وأفهمك ولكني بدونك أموت فافهميني أنتي أيضاً "

اكتفت بالبكاء في صمت وأنا أدسها في حضني أكثر وأحاول تهدئتها حتى

قالت بصوت مبحوح " أنا متعبة متعبة جداً "

قلت هامساً في أذنها " سامحيني يا قمر اغفري لي هذه المرة فقط "

ابتعدت عن حضني ودخلت مسرعة دون أن ترحمني وكأنها تريد

تعذيبي أكثر بما فعلت , مسكينة يا قمر تشعرين بالوحدة والضياع

وأن العالم يتخلى عنك وليس أمامك سوى حضن الرجل الذي خذلك

يوماً لتلجئي إليه وتبثي همومك عنده , رائد يا أحمق كنت تركتها

بتت كل همومها في حضنك لترتاح بدل الاستعجال في الحديث عن

ذنبك اتجاهها وطلب الغفران منها , تنهدت بحسرة ونزلت للأسفل

وعند نهاية المساء صعد أيوب للأعلى وجلست أنا على السرير

مظلماً الغرفة تائهاً وحائراً في أمري حتى سافر بي الليل الطويل

بعد وقت سمعت صوتاً عند الباب ففتحته ببطء فكانت قمر تجلس

عنده تحضن ساقيها وتدس وجهها بينهما فنزلت عندها وقلت هامساً

" قمر لما أنتي هنا !! "

فزِعتْ من صوتي وعادت للوراء قليلاً ثم قالت وهي تتنفس بصعوبة

" رائد "

قلت وأنا أمسح بيدي على وجهها " نعم رائد لا تخافي , ما بك يا قمر "

قالت بصوت متقطع من الخوف " الأعلى شخص ما هناك "

غطيت لها فخديها بفستانها القطني القصير الذي كانت ترتدي

كان قصيراً جداً وبحمالات رقيقة ثم حضنتها وقلت
" لا أحد هنا قمر أنتي تتوهمين ذلك بسبب الكوابيس "

هزت رأسها بلا وقالت وهي تدس وجهها في صدري

" حداء امرأة إنها امرأة تسير إنها هي رائد لقد جاءت "

حضنتها أكثر وقلت " لا يمكنها المجيء قمر لن تؤذيك أبداً "

غريب لما نزلت لي ! آه أيوب نائم مع مريم والأطفال عند جدتي

ولكن ما سر الحداء !! أوقفتها وقلت " تعالي سأصعد معك

حتى غرفتك , لا شيء هنا قمر "

تمسكت بي أكثر وقالت " لا لا أريد الصعود إنها في الأعلى لم

أستطع النوم حاولت ولم أستطع "

يبدوا حاولت أن تنام وهاجمتها الكوابيس إنها تفقدها سيطرتها على كل

حواسها وتنسى عدوها من صديقها , أدخلتها غرفتي تركتها على السرير

وصعدت للأعلى بسرعة أبحث في الممرات حتى فوجئت بصبا ترتدي

حداء والدتها وتسير به فقلت بصدمة " صبا ما تفعلين هنا في هذا الوقت !! "

قالت بطفولية وهي تدور حولي بحداء مريم العالي " لم أشعر بالنوم وجميعهم

ناموا , لا تخبر والدتي أني أخذت حدائها ستغضب مني "

أشرت بأصبعي للممر الذي يحوي الغرف وقلت آمرا لها

" عودي للغرفة حالاً ليس هذا وقت اللعب "

غادرت راكضة باتجاه الممر ونزلت أنا عائداً للغرفة , كانت قمر تحضن

الوسادة وتدس وجهها فيها , ترى ما أيقضها هذا الوقت لأنها ما كانت ستسمع

الصوت لو كانت نائمة لابد وأنها الكوابيس ويبدوا لي لا تنام أبداً , جلست

بجوارها على السرير أراقبها بصمت فكانت تهدي ويبدوا غفت , مسحت

على شعرها وقلت بهدوء " قمر استيقظي "

ابتعدت عن الوسادة ونظرت لي فقلت ماسحا على وجهها

" كانت صبا لا أحد في الأعلى "

ارتخت عضلات يديها فسحبت منها الوسادة وكانت عيناها معلقتان في

الفراغ فلازال الخوف مسيطراً عليها , قبلت جبينها وقلت

" قمر تسمعينني ؟؟ "

قالت بشرود " امممممم "

بقيت ألعب بغرتها في صمت وعيناها مفتوحتان حتى قالت بصوت

مبحوح " رائد لا تذهب "

ابتسمت وقلت " حاضر حبيبتي لن أذهب "

كيف سأذهب وهي في غرفتي ! ألهذا الحد هي خائفة , عدت لستر فخذيها

بالفستان الذي لا يستر شيئاً , كان اللحاف مكوما تحتها ولا يمكنني سحبه

لأغطيها به , كان منظراً يصعب أن أقاومه في وقت لا مجال فيه للقوة

اقتربت من أذنها وهمست " قمر "

قالت بذات شرودها " همممممم "

قبلت خدها وهمست " قمر اعذريني هذه الليلة , هل تمانعي !! "

لم تجب بشيء فقبلت عنقها ووجهها بشغف وكأني أبحث عن مكان لم

أقبله فيهما من قبل وهي على حالها لا تمنعني أبداً , أخرجت اللحاف

من تحتها غطيتها به ورفعت طرفه وتسللت تحته معها أشدها لحظني

برفق, كل ما أرادته هوا الأمان وأردت حقا طمأنتها من خوفها لكن ما

كنت أكبته لأيام وافتقده لشهور كان أقوى من كل شيء , استيقظت بعد

وقت لأجدها في حضني فدسستها فيه أكثر وعدت للنوم , بعد وقت طويل

شعرت بها تبتعد عني بقوة ففتحت عيناي ونظرت لها فكانت تنظر لي

بصدمة ثم نظرت لجسدها وشهقت فزعة ثم سحبت اللحاف وسترته به

قمت مستندا بمرفقي فقالت بنظرات مصدومة " ماذا فعلت ؟؟ "

قلت وأنا المس ذراعها العاري بطرف أصابعي " قمر اهدئي "

أبعدت يدي وقالت بحدة " ماذا فعلت ؟؟ "

قلت ونظري على عينيها " الذي يفعله الزوج مع زوجته وهي

بهذه الهيئة وفي حضنه "

توقعتها ستثور غضباً لكنها انخرطت في نوبة بكاء شديدة فجلست

واقتربت منها وأمسكتها وقلت " قمر توقفي عن البكاء "

أبعدت يداي بقوة وقالت " ابتعد عني ابتعد "

قلت بهدوء " قمر "

قالت صارخة " أصمت "

تم نظرت من حولها وأمسكت فستانها المرمي بجوارها ورمته مغتاظة

لأنها لن تستطيع الخروج به وعادت تبكي بشدة فخرجت من السرير

وأخرجت معطفي من الخزانة ووضعته على كتفيها فسترتْ به كل

جسدها وغادرت الغرفة راكضة , عدت للسرير وبقيت فيه لوقت

أتقلب وأرمي الوسائد وأتأفف كل حين حتى غلبني النوم , بعد وقت

استيقظت على أصوات في الخارج فخرجت مسرعاً فكانت جدتي

ورجال والد قمر يتحدثون بحدة فتوجهت نحوهم وقلت " ماذا هناك ؟؟ "

نظر أحدهم نحوي ورافع مسدسه في وجهي ..........


مخرج فصل اليوم للكاتبة سيمفونية الحنين


اسفل تلك الشجرة الراسخة يختبئان

واشد العتاب يتقاذفان

تشكوه جرح غائر خلفه الزمان ولم يدمله

ويتوسلها عودت تلك الحورية

وعيناه تلامسها وتعتذر بقبلات ندية

وعينيها تخفي نظرة خجولة كي لا تفصح عن استسلامها له

وأما المطر يشاركهما غسل تلك الذكريات الأليمة

والبدر يضيء عتمة المستقبل ويدعو لهما بأيام سعيدة


لقائي بكم في الفصل القادم ودمتم في رعاية الله وحفظه .... برد المشاعر




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 22-04-15, 10:00 AM   #46

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل التاسع والعشرون

كنت أشعر بالضياع سنين حياتي الماضية بلا والدين ولا طفولة

ولا شيء ولا حتى رائد أما الآن فأشعر أن حتى الآ شعور غاب

عني رغم أني صرت زوجة رائد ووجدت والدي إلا أن تلك الهوة

عادت تعيش في داخلي , عندما استيقظت صباح اليوم ووجدت نفسي

في حضنه مجردة من كل شيء حتى ثيابي عادت بي الذكرى لمعاملته

لي كجارية كشيء يطفئ شهوته فيه , استغل تلك اللحظة ليثبت لي أكثر

أني مجرد وسيلة لغاية ما , كنت أعي كل ما حدت بيننا لكن حواسي

ترفض الابتعاد , الخوف يسيطر عليها والضعف أيضاً ... نعم لا أنكر

أن لمساته لازالت تشعلني همسه قبلاته حضنه أشياء لازلت أحتاج لوقت

طويل كي أقاومها وأنساها فلحظة استيقاظي صباحاً رفض عقلي تصديق

الواقع الذي عاشه وكان يدركه فخرجت من عنده وصعدت لغرفتي جمعت

أغراضي وثيابي خرجت من الغرفة وسمعت صوت أحد رجال والدي

يهدد أحدهم بالقتل فركضت مسرعة جهة السلالم وقلت صارخة بأمر

" توقف "

نظر باتجاهي وقال " عذرا سيدتي الأوامر أن أزيل كل

من يعترض تنفيذ أي أمر "

توجه رائد جهة السلالم وقال بصراخ

" عليك قتلي أولاً قبل أخذها من هنا "

قلت بغضب " مجنون أنا من طلب هذا فابتعد عنهم يا رائد "

نظر لي وقال " أين ستذهبين ولا أحد لك غير هنا أين "

قلت بألم " للجحيم فيما سيعنيك "

شد قميصه عند صدره بقبضته وقال بألم " كم أتمنى مرة مرة واحدة

يا قمر لا تندمي على ذلك صباحاً , لما تعشقين جرحي بعنف "

قلت ببكاء " لست جارية تعاملني كذلك ... فهمت لما "

قال باستنكار " كيف سأشرح لك كيف , لم أرك يوماً جارية

أنتي من سمم عقل نفسك بهذه الأفكار "

اتكأت على جدار السلالم وقلت بهدوء حزين

" بل هي أفضل مني وها قد أخذت ما تريد "

تخطينا الحدود ونسينا الأذان الكثيرة التي تسمعنا , الجدة وثلاث

رجال من الحراس ومريم عند باب المطبخ وأيوب الذي لازال في

غرفتها بل وتخطينا حدودا وضعناها لأنفسنا

مسح وجهه بيده وكأنه يهدئ نفسه ثم نظر لي وقال بهدوء " سأخرج أنا

من هنا وابقي أنتي فسوف يجن جنوني إن أخذوك لمكان لا أعرفه "

لذت بصمت فقال " اعتبريه الطلب الأخير "

مسحت دمعة تسللت من عيني وقلت موجهة كلامي لهم " غادروا "

خرجوا في الفور وتوجه هوا لغرفته وعدت لغرفتي راكضة

أغلقت الباب خلفي وارتميت على السرير أبكي بمرارة , من لي

حتى عمتي لا يمكنني حتى الاتصال بها لا نوران ولا والدي ولا
أحد و حتى مريم باتت لا تفهمني وعاطفتها تجرها جهة شقيقها

وأصبحت في صفه , مع من سأتحدث وأبث همومي وما أشعر به

أنا حقا ضائعة أشعر بالألم هنا في قلبي يتجسد في حب اسمه رائد

وفي جرح اسمه رائد وفي حزن اسمه أنا فلم أعد سوى جثة لفتاة

ماتت منذ شهور وفقدت كل شيء كان في حياتها وحتى الحزن

بعد مسيرة طويلة من البكاء جلست وأخذت هاتفي واتصلت برئيسهم

وطلبت منه أن لا يخبر والدي عما حدث ووعدني بذلك

بعد يومين غادرت مريم أيضاً فأنا لم أرها بعد ذاك الصباح ولم

أرى أحداً وبث شبه مسجونة لا أرى أو أعلم شيئاً خارج حدود غرفتي

فهذه هي أنا لم أتغير ولا شيء لي سوى الوحدة والألم لا أحد لي سوى

الكوابيس والذكريات المؤلمة

ومر الآن أكثر من شهر على ذلك وجاء رائد إلى هنا مرة واحدة قبل

أسبوعين ولم يصعد لي أو يصر على رؤيتي واكتفى بالسؤال عني

وإيصال سلامه لي وغادر ولم أخرج أنا من غرفتي فترة وجوده هنا

كم عجيبة هي حياتنا وكم ضائعون نحن فيها لا فهمناها ولا أخذنا منها

ما نريد , مسحت دمعتي المتسللة ببطء في غطاء السرير وتنهدت بأسى

سمعت طرقات خفيفة على الباب فرفعت رأسي من تحت الوسادة ثم

جلست ومسحت بقايا دموعي وقلت " تفضل "

انفتح الباب ببطء ودخلت الجدة مبتسمة واقتربت وجلست بجواري , مسحت

على شعري وقالت بحنان " متى ستتوقفين عن البكاء وستجف هذه الدموع "

أمسكت طرف اللحاف ووضعته ويداي في حجري بقوة وقلت بحزن

" لست بخير جدتي أشعر أنني أختنق "

مسحت على وجهي وقالت بحنان " هل يؤلمك شيء قمر هل تشعرين بشيء

وجهك مصفر ومُتعب وجسمك في نحول مستمر "

قلت بشهقة باكية " قلبي يؤلمني إنه يتمزق لما لا أموت "

قالت بخوف " قمر لما هذا الكلام الآن هل تشعرين بشيء هل نأخذك للمستشفى "

هززت رأسي بلا ومسحت دموعي وقلت " لن يفعل لي الطبيب شيئاً "

تنهدت وقالت " رائد يتصل بي يومياً وأنا أخبره أنك تأكلين جيداً

وتخرجين من الغرفة وأن صحتك جيدة وكله غير صحيح , لن

أكذب عليه مجدداً يا قمر وسأقول الحقيقة "

اكتفيت بالصمت فمدت لي يدها تحمل شيئاً فنظرت له ثم نظرت

لها بحيرة وقلت " ما هذا !! "

قالت " أحضره رائد لأعطيه لك "

قلت بهمس " هل كان هنا "

هزت رأسها بنعم وخرجت بعدما وضعته على السرير فحملته

وأزلت الغلاف الورقي , كان كتاباً وغلافه صورتي التي رسمتها

لي أنوار في تلك اللوحة والعنوان ( اكتمال القمر ) وتحته

( كيف تفشل العلاقات العاطفية ) هذا كتابه العنوان ذاته لكن الكلام

تحته لم يكن هكذا بل كان ( كيف تنجح العلاقات العاطفية )

فتحت أولى فصوله ثم عدت لأوله فكانت صفحة الإهداء ومكتوب فيها

سطر واحد فقط ( أهدي هذا الكتاب لزوجتي الحبيبة قمر ) مسحت دمعة

تسللت من عيني وذهبت لآخره حيث الخاتمة وكانت كما كتبتها أنا وقد

ذكر أني من كتبها , انتقلت لنهايتها وكان مكتوب بخط مميز (لا تقتل

الورد يا من زرعت الورد في قلب طفولتي كم أخشى أن تقتل حبا في

قلب نبضاته تموت كل يوم فليمت الورد بدلاً عنه مئة مرة )

كانت مأخوذة من الكلمات التي كتبتها في طرف اللوحة مع تغيير

بسيط وكأنه يذكرني أن لا أفعل كما فعل هوا بي , أغلقت الكتاب

ولمحت بطاقة في حجري يبدوا سقطت منه فرفعتها فكانت دعوى

لحفل كتابه ويبدوا أنه لم ينشره بعد والحفل سيكون نهاية الأسبوع

قلبت البطاقة فكان مكتوبا خلفها ( لا تنسي موعدك مع طبيب القلب

يوم 9/2...... وسأتصل به بنفسي لأتأكد من ذهابك أو سوف آخذك

بنفسي مجبرة ) تنهدت ووضعت البطاقة في الكتاب

بعد أسبوع استيقظت مبكراً استحممت وارتديت بذله تليق بالمكان

ارتديت حجابي ومعطفاً شتويا ونظارة سوداء وخرجت , ودعت الجدة

وركبت السيارة السوداء المظلمة المتجهة بي فوراً للعاصمة تتبعها ثلاث

أخريات من نفس النوع واللون , وصلت للمكان المقصود

فتحت باب السيارة ونزلت ونظرت للقاعة من الخارج وتنهدت

يبدوا وجودي هنا غير مقنع ولكني اعلم جيدا ما سيتعرض له

رائد من إحراج في وسط الكُتاب والأدباء حيث الجميع يعرف

نورسين وأنها زوجته والكتاب مهدي لها فسيسأل الجميع عن

الزوجة الغائبة ففي الماضي لم يضعني رائد قط في موقف محرج

أمام عائلتي رغم ما كان بيننا وها هوا وقت رد الدين

دخلت بخطوات ثابتة ودخل خلفي الحراس وتوزعوا كي لا يشك

أحد في وجودهم من أجلي , نزعت نظارتي وتجولت بنظري في

المكان حتى وقع علي رائد يقف مع اثنين يتحدثان معه ولا يظهر

لي سوي جانب من وجهه , كان يرتدي معطفاً شتويا رصاصي غامق

يصل طوله عند ركبتيه وحداء من نفس اللون وبنطلون أسود ويضع

يديه في جيوبه ويتحدث بحرية مبتسماً فاقتربت ناحيتهم قليلا فالتفت

حينها رائد نحوي بسرعة ونظر لي بصمت نظرة بدون أي تعبير ثم

اقترب مني وقف بجانبي ووضع يده علي كتفي وسار بي لحيت تجمع

كبير ووقفنا بينهم وقال رائد " أقدم لكم زوجتي قمر صاحبة الإهداء

والخاتمة في الكتاب هل سترحمونني الآن "

نظروا لي وبدؤوا في مصافحتي مهنئين لي علي صدور كتابه

وبعضهم يبدي إعجابه بالخاتمة والبعض تحدث عن كتابي الوحيد

بعد وقت تفرق تجمعهم وبدأ عدد الحاضرين يقل , كنت أقف بجانبه

حين تحدث وعيناه على الباب بعيداً وقال بجدية " هل ستذهبين للطبيب "

نظرت للأرض وقلت بهدوء " الموعد بعد يومين تحدثت معه وسأزوره اليوم "

قال " يبدوا تفقدين وزنك بسرعة , جدتي قالت أنك تتناولين طعامك جيداً "

لذت بالصمت ولم اعلق فقال " قمر هل لي أن أعرف ما الخطأ

بي لتكرهي النوم معي هكذا "

نظرت له بصدمة وعيناه لازالت معلقتان جهة الباب ثم نظر لي وقال

ببرود " هل أفعل شيئاً لا أعي به ؟ هل بي ما ينفرك هل أنا

مقرف ومقزز ولا يمكنك استحمالي "

بقى نظري معلق بعينيه ثم ابتسمت ابتسامة حزينة وقلت

" تبقى لا تفهمني يا رائد مهما طال الزمن "

نظر لي باستغراب فنظرت للبعيد وقلت ببرود

" كنا في وضع لا يسمح بفعل ذلك أم نسيت "

قال " لما تهربي من جواب السؤال "

نظرت للأرض وقلت " أنا لم أهرب من الإجابة أنت ترى أني

لا أنفع سوى لتلك الأمور ولا تحتاجني إلا ذاك الوقت "

ثم نظرت له وابتسمت بسخرية وقلت " سبق وقلتها لي يا

رائد ليست الزوجة فتنة وجمال وجسد متناسق "

هز رأسه وقال " هكذا إذا لم تتخطي الماضي ولم تنسي كل ما قلته فيه "

نظرت حيث ينظر جهة الباب وقلت بحزن " ليثني أستطيع نسيانه "

وضع يده على كتفي وهمس في أذني " أقسم لو ذبحتني

ولو قطع والدك لحمي بيديه فلن أتوقف عن حبك "

ثم غادر بعيداً عني وعيناي تتبعانه وشعرت حينها بيد سحبتني للبعيد

نظرت لصاحبتها فكانت فتاة ترتدي نظارة سوداء كبيرة وتضع أحمر

شفاه غامق يكاد يكون باللون الأسود وملابس سوداء وكأنها خرجت

من فيلم خاص بالإيموا ولولا أنه لا وجود لهم في بلادنا لقلت أنها منهم

سمعت صوت سلاح يفتح خلفي فأزالت النظارة صارخة ورافعة يديها

" هيه لا تقتلوني "

نظرت لها بصدمة ثم قلت " نوران !! "

احتضنتني وقالت " قمر كم اشتقت لك "

احتضنتها أكثر وقلت " نوران لا أصدق أنك هنا "

ابتعدت عني وقالت " عدنا لأيام معدودة وسنغادر فهربت إلى هنا

دون علمهم , قمر هل أنتي غاضبة مني ؟ هل سامحتني ؟ "

احتضنتها مجدداً وقلت بحزن " لست غاضبة كان قصدك

إصلاح الأمور وهكذا شاءت أقدار الله "

تنهدت وقالت بحزن " ما كنت سأسامح نفسي لو فقدتِ

حياتك يومها أنا آسفة يا قمر "

ابتعدت عنها وقلت بابتسامة صغيرة " إنسي الأمر وأخبريني

عن أخباركم وكيف علمتِ أنني سأكون هنا "

ضحكت وقالت " مخابرات سرية , علمت بموعد حفل الكتاب

وخمنت أنك قد تكونين هنا رغم أني كنت أستبعد ذلك لكن حين

رأيت زوجك المصون يراقب الباب كل حين علمت أنك قد تأتي "

ضحكت وقلت " مخابرات وتحليلات ومراقبة ما كل هذه التطورات "

ضحكت وقالت " للضرورة أحكام "

قلت " كيف دخلتي دون دعوى "

رفعت كتفيها وقالت " لا أعلم لم يمنعني أحد تبدوا الدعوة عامة ولو

كانوا منعوني لدمرت لهم الدنيا حتى دخلت "

ضحكت وقلت " ابنة عمتي وأعرفك تفعلينها "

نظرت لشيء خلفي مستاءة فجاء صوت رائد قائلا من خلفي

" رُب صدفة "

لوت شفتيها وقالت بضيق

" ليس من أجلك ولا من أجل كتابك أتيت تفهم "

وقف بجانبي وضع يده على كتفي وقال ببرود

" وليس من أجلك أنا هنا "

لبست نظارتها وقالت مغادرة

" وداعاً يا قمر واعتني بنفسك كي لا تأكلك الذئاب "

كنت سأغادر خلفها فأمسك يدي وقال " علينا أن نتحدث "

نظرت لعينيه وقلت " رائد أرجوك لن نصل لحل فكم مرة

تحدثنا وانتهى الأمر أسوء مما بدأ "

ضغط على يدي بقوة حتى آلمتني ثم رفعها وأدخلها في معطفه

ووضعها على قلبه وعيناه في عيناي في صمت تام وبقينا على

هذا الحال لوقت ونبض قلبه يتسلل من يدي لكل جسدي حتى

بث أشعر بقلبه ينبض في قلبي ثم أخرجها قبل كفها بعمق وتركني

وابتعد فغادرت القاعة راكضة وركبت السيارة متجهة للمستشفى

كنت أفرك كف يدي محاولة إبعاد الشعور الذي سكنها ولازال فيها

حتى الآن وكأنها لازالت على قلبه , فركت وفركت وبلا فائدة

كنت أشعر بنبضه فيها ومكان شفتيه لازال عالقاً عليها وشعرت

بالعبرة تخنقني فوضعتها على قلبي وسافرت في بكاء طويل لم

ينتهي إلا حين وصلت للمستشفى ونزلت أسير ببطء ورأسي

للأرض وحزن كل العالم يعيش فيني , زرت الطبيب منصور

وحين خروجي مد لي بورقة وقال " عليك بالتغذية الجيدة وضعك

صعب وسيحتاج لمراقبة فنبضك ضعيف ونتائج التخطيط غير

مرضية لحد كبير "

أخذت منه الورقة واكتفيت بابتسامة وخرجت , قد أموت هذه

المرة موته أخيرة فحتى قلبي يبدوا مل من هذه اللعبة , غادرت

المستشفى للمزرعة فوراً وصلت وصعدت لغرفتي وأغلقتها خلفي

واتصلت بوالدي فأجاب من فوره وقال قلقا " قمر ما بك يا ابنتي "

قلت ببكاء " أبي أحتاج إليك متى ستعود "

قال بهدوء " لقد أفزعتني أخبرتك أن لا تتصلي إلا للضرورة "

قلت ببكاء أشد " لا أريد ولا يهم ما سيحدث لي , أبي أرجوك

تعال خذني معك أريد أن أكون معك "

قال " ما بك بنيتي هل ضايقك أحد ! هل زوجك قال لك شيئاً هناك ؟ "

قلت بعبرة " لا شيء لا أحد يضايقني "

قال " حسناً بنيتي كلها مدة قصيرة وتنتهي هذه الأزمة "

قلت بتشكك " هل تكذب علي قل أنها حقيقة "

قال بصوت مبتسم " أقسم أنها الحقيقة فاعتني بنفسك وبصحتك

قمر الطبيب قال أنك تحتاجين لعناية أكبر "

قلت بهمس " هل تحدث إليك اليوم وأخبرك "

قال " نعم سنتحدث عن كل شيء لاحقاً حسناً "

قلت بهدوء " حسناً اعتني بنفسك أبي من أجلي أرجوك "

قال " وداعاً حبيبتي الجميلة وبلغي الجدة وابنها سلامي "

قلت بهمس " وداعاً "

أغلقت الهاتف ومسحت دموعي وأحسست أن جزئا من نفسي

التائهة عاد إلي بسماعي لصوته , في اليوم التالي اقترحت عليا

الجدة أن نزور مزرعة ابنة خالتها التي تكون شقيقتها من الرضاعة

وهي والدة أنوار فوافقت بعد إصرار منها وقضينا لديهم ثلاثة أيام

كانوا عائلة مرحة وطيبة وكم سررت بزيارتهم والتعرف عليهم

وبعد أسبوع طرقت عليا الجدة الباب فقلت بهدوء " تفضلي جدتي "

فتحت الباب مبتسمة وقالت " كيف تعرفين أنها أنا "

قلت بذات الابتسامة " من طرقتك للباب ... تفضلي "

اقتربت وقالت بشيء من التردد في ملامحها " قمر بنيتي لدي

ضيوف يريدون زيارتي إن اعترضتِ أنتي عنهم اعتذرت لهم "

قلت بحيرة " ولما سأعترض عنهم !! "

قالت " إنها شقيقتي وابنتها سوزان لقد سبق وقالت أنهما تودان زيارتي

واعتذرتا وقتها وقد حدثت مشادة بيني وبين مريم ترفض زيارتهم

وأنتي هنا , إن كنتي لا توافقي تصرفت في الأمر "

قلت " حسناً سأبقى في غرفتي حتى ذهابهم فما ألمانع "

قالت " سيبقيان لأيام "

قلت بعد صمت " ليأتوا أنا لن أمانع وجود ضيوفك في منزلك "

قالت " أخشى من سوزان , قمر هي أكبر منك لكن عقلها أصغر

من عقلك فهل ستستحملين أي كلمة طائشة , أنا لن أسمح أن تهينك

أبداً ولكن لا أريد قول شيء قبل أن يصدر عنها تصرف سيء "

قلت بابتسامة " لا تقلقي جدتي واستقبليهم متى أردتي وإن أرادت

شيئاً فلتأخذه من يمنعها وإن لم تحصل على شيء فليس ذنبنا "

ضحكت وقالت " صدقتي ولكن بعض البشر يلقون باللوم على

غيرهم ومادام رائد غير موجود فلا خوف "

قلت " ولما الخوف من وجوده !! "

تنهدت وقالت " لا مأمن من مكائد النساء ومن غضب الرجال

مريم ستكون هنا فما أن علمت حتى قالت أنها ستكون معنا "

ضحكت وقلت " ولما تريد الحضور هل تتوقع حرباً ستقوم بيننا "

قالت ضاحكة " بل أقسمتْ أن تطردها إن ضايقتك ويبدوا لن نواجه

مشكلة غيرتها منك بسبب رائد بل بسبب حبنا لك ودفاعنا عنك "

قلت بامتنان " شكراً لك جدتي أنتم فعلا نعم الأهل "

مسحت على شعري وقالت بحنان " كم أتمنى طرد هذا الحزن

عنك لقد أحبك قلبي من يوم رأتك عيني أول مرة وكأنك جزء مني

ولستِ زوجة حفيدي المستهتر المجنون ولكنه تعلم درساً جيداً وبات

يهدي باسمك في الليل "

ضحكت وقلت " ومتى نمتِ معه "

قالت مغادرة " هناك من سمعه "

بقيت أنظر لمكان خروجها بحيرة ثم تنهدت وغادرت السرير

عليا أن أكون أقوى منها ومن ضعفي فلم يعد لدي شيء أخسره

وقفت أمام المرآة ونظرت لنفسي نظرة شاملة , لقد عاد لون وجهي

لطبيعته خلال هذان الأسبوعان وحتى جسمي بات يمتلئ شيئاً فشيئاً

عند المساء اتصلت مريم تتذمر لأن أيوب لا يمكنه المجيء هههههه

تبدوا مستعجلة على لقائهم , كم اشتاق لها فأنا لم أرها منذ ذلك اليوم

ويعز على قلبي أن أفارقها والجدة وأنوار فقد كن عائلتي في غياب أهلي

لم أستطع النوم هذه الليلة وكل الأفكار تأخذني وتعيدني تحسبا للأيام

القادمة فلا أريد أن أحرج نفسي مع الجدة ولا أن أحرجها أمام أقاربها

وكم أخشى من تقلبات مزاجي الذي بات يسوء يوماً بعد يوم

عند الصباح الباكر سمعت طرقات متتالية على الباب فأخرجت رأسي

من تحت اللحاف وقلت بعينان مغمضتان " نعم تفضل "

دخلت الخادمة وقالت " صباح الخير سيدتي , السيدة الكبيرة تطلبك

في المجلس الداخلي "

نظرت لها بعين واحدة مفتوحة وقلت " من معها "

قالت " السيدة رجاء وابنتها "

تنهدت وقلت " حسناً أحضري لي كوب حليب وخبز محمص "

قالت مغادرة " في الحال "

دخلت الحمام أخذت حماما سريعاً وساخنا وخرجت , جففت

شعري وارتديت فستاناً شتويا قصيراً وأنيقا ووضعت كحلا

لعيناي وأحمر شفاه باللون الزهري ومشطت شعري وجمعته

كله للأمام عند كتفي الأيمن وارتديت بعض الإكسسوارات بلون

الفستان , تناولت الخبز والحليب حسب وصايا الطبيب أن لا يخلوا

إفطاري منهما فجعلتهما إفطاري الوحيد وخرجت بعدها من غرفتي

قاصدة مكان وجودهم , وقفت عند الباب وتنفست بقوة فلست بمزاج

مشاكل مع أحد فمنذ فترة أصبح مزاجي سيئاً ولا يتقبل حتى المزاح

دخلت ملقية التحية فكانت هناك سيدة كبيرة في السن شيئاً ما ببشرة

بيضاء وعينان زرقاء واسعة وملامح

عادية وتبدوا على وجهها البساطة والطيبة وفتاة تجلس بجوارها

قمحية البشرة وزرقاء العينان كعيني والدتها , تداخل غريب في

الألوان ولطالما هذا النوع من البشر أشعرني بالغرابة وكأني أمام

صنف هجين منهم , بشرة ليست بيضاء مع عينان زرقاء , صادفت

غيرها الكثير بهذه الصفة وتبدوا أخذت لون هذه البشرة من والدها

أو أن والدها له عينان كعيناها فقد لاحظت هذا اللون الأزرق في

بعض أفراد عائلتهم حتى من أهل أنوار وعينا رائد من قرب باللون

الأزرق الغامق ووالدته بعينان زرقاء فاتحة وابنة مريم الصغرى

كذلك , ما أن رأتاني حتى نظرت لي السيدة بابتسامة أما الفتاة بصدمة

أو دهشة أو لا أعلم ما يكون , كانت تحدق بي حتى جلست بجوار

الجدة التي مسحت على شعري وقالت " هذه قمر زوجة رائد "

قالت السيدة رجاء بابتسامة " اسم على مسمى تشرفنا بمعرفتك "

قلت بابتسامة مماثلة " وأنا كذلك شكراً لك يا خالة "

أما العينان الأخرى فلازالت تحدق بي دون أن ترمش , كان لها

شعرا أسوداً ناعماً قصيراً وترتدي بنطلون من الجينز وكنزه شتوية

سوداء تمضغ العلكة وتفرقعها كل حين , تطرقت الجدة والسيدة

رجاء لمواضيع شتى وكنت أشاركهم الرأي فيها ويبديان إعجابهما

بأفكاري وطريقة طرحي لرأيي , تبدوا هذه السيدة متعلمة ونالت

شهادة عالية فيستحيل أن تكون غير ذلك أما الحجر الصامت فقد

نطق أخيراً وقال " لا أرى رائد هنا سمعت أنه مقيم في العاصمة "

بدأت أولى جولاتها إذاً , قالت الجدة " نعم "

قالت بابتسامة جانبية " ولما يترك زوجته تارة عند شقيقته وتارة

عند جدته !! هل هما متشاجران "

قالت الجدة ببرود فهي تفهم مصابها " قمر تعب قلبها وهي هنا

للراحة الطبية ورائد منشغل مع كتابه , لو كانا متشاجران

لذهبت لأهلها وليس أهله "

قالت بنظرة ساخرة ولهجت الغير مصدق " آه فهمت "

اكتفيت بالصمت فهذا الأسلوب الاستفزازي لا ينجح معي فليس

هناك من تحملت مثلي في حياتها ولم تتكلم , قالت بعد وقت

" ألازال رائد يعشق غرفته السفلية ؟ غريب رغم أن زوجته

في الأعلى تحجباً عن مروان !! "

تأففت الجدة وقالت " سوزان تسكتين دهرا وتنطقين شيئاً لا

علاقة له بما نتحدث فيه , ما الذي تريدين الوصول إليه "

كانت جملتها تلك أقسى من السابقة ويبدوا تعلم الكثير عما يجري

هنا , وضعتْ ساق على الأخرى وقالت ببرود

" من هوا زوجها لم تتحدث فلما انزعجتِ يا خالتي "

تم قالت بابتسامة سخرية

" أم كما علمت لا تتحملين فيها شيئاً مدللتك الجديدة "

قالت الجدة ماسحة على شعري " بل مدللة العائلة كلها وأولهم رائد "

نظرت لي نظرة استهزاء وهمست شيئاً لم أفهمه ولم أهتم لفهمه

لتحمد الله أني التزم الصمت عنها فلو فارت الكلمات في عقلي

أعرف نفسي جيداً سأجرحها بعنف ولكن الجدة بردت على قلبي

في كل مرة فما حاجتي لإظهار نفسي بمظهر سيء مثلها , نطقت

والدتها أخيراً التي على ما يبدوا لا شخصية لها مع ابنتها المتغطرسة

وقالت " سوزان هناك مواضيع كثيرة غير رائد تتحدثين فيها "

رمت شعرها للخلف وقالت ببرود

" رائد صديق طفولتي وحديثي عنه شيء عادي جداً "

ضحكت الجدة وقالت " لا صديقة طفولة لرائد أكثر من قمر

ثم مروان صديق طفولتك أكثر منه لما نسيته من حديثك "

تغير وجهها دليل الضيق ثم قالت بانزعاج

" وما بكم أنتم هل الحقيقة تجرح لهذا الحد "

فاض بي منها وذقت ذرعا من تماديها كنت أود المغادرة , كيف

سأستحملها لأيام ما أن فتحت فمي لأتحدث حتى استوقفني من رأيته

ظهر فجأة أمام الباب يرتدي معطفه الأسود ويداه يدسهما في جيوبه

ألقى التحية واقترب مني دون أن يسلم على أي أحد منهم ودون أن

تتحجب تلك المتوحشة أو تهتم لوجود رجل غريب عنها

جلس بجواري ورفع ذراعه وضمني بها مطبقا بها على كتفاي

وصدري وقبل خدي وهمس لي " اشتقت إليك "

أنزلت رأسي للأسفل أبعد شعري خلف أذني وابتسمت ابتسامة

صغيرة من أجل تلك المغرورة , ابتعد عني ويده لازالت على

كتفي وقال بهدوء " كيف أنتما "

قالت والدتها مبتسمة " بخير كيف حالك أنت فلم نعد نراك "

أما ابنتها فكانت الدماء ستخرج من وجهها من كتمها غيظها

أمسك يدي ولعب بأصابعي قليلاً وقبل خاتم زواجنا ثم همس

لي " كيف كانت زيارة الطبيب "

ابتسمت ونظري للأرض ثم قلت بهمس " جيدة بعض الشيء "

قال بصوت منخفض " يعني النتائج غير مرضية "

اكتفيت بالصمت فقبل رأسي ووقف وسحبني معه لخارج المجلس

خرج بي للمجلس الخارجي وأوقفني مقابلة له فتحرك هواء بارد

فحضنت ذراعاي وارتجفت قليلاً فنزع معطفه ووضع على أكتافي

وقال " كيف جيدة بعض الشيء ما الذي قاله لك "

قلت بهدوء ونظري للأرض " قال أن النبض ضعيف وطلب

مني أن أحسن تغذيتي وغير لي العلاج "

قال بهدوء ممزوج ببعض الضيق " قمر لما لا تهتمين بصحتك "

نظرت لعينيه وقلت " ولما لا تفعل أنت ذلك لنفسك "

تنهد وقال " أنا شيء وأنتي شيء آخر "

تم ابتسم بحزن ونظر جانباً جهة المزرعة وقال " أنتي الآن لك

والدك الذي حُرم منك كل حياته وانتظرته كل عمرك وعليك

البقاء من أجله أما أنا فلا أحد لي "

نظر لعيناي فنزلت دموعي فشدني لحظنه وقال بحنان " عاقبني الله

يا قمر , بث أشعر بكل ما كنتي تشعرين به ... الوحدة الضياع إحساسك

أن لا أحد لك ولا أحد تتمسكين في الحياة لأجله , علمت الآن أي معاناة

كنتي تعيشينها معي في الماضي كما أني في الماضي شعرت بما تشعرين

به الآن أن ملاذك الوحيد أكثر شخص جرحك والحضن الذي تحتاج

لأمانه هوا آخر من تفكر في اللجوء إليه ودوائك هوا سبب جراحك

أنا أعذرك يا قمر وأعلم بما تشعرين الآن "

اكتفيت بالبكاء وأنا أمسك قميصه بقوة وأدفن وجهي فيه وهوا يشدني

لحظنه أكثر ولا شيء يشهد على مأساتنا سوى برد الشتاء ولا شيء

دافئ هنا إلا هذا الحضن الذي يحتويني فلا لجوء إلا إليه ولا ضياع إلا

فيه أبعدني عنه ومسح دموعي وعدل المعطف على جسدي ثم أمسك


وجهي وقال " قمر يوم تشعرين باحتياجك لي إن كنت ضمن الأحياء

فلا تترددي لحظة وإن كنت ميت فأكون قد يئست من انتظارك "

تم وضع يداه على كتفاي وقال ونظره للأرض مطأطأ برأسه للأسفل

" ليلة البارحة كانت آخر عمليات التمشيط العسكري لكافة الأجهزة الأمنية

في البلاد لقد بتروا بؤرة الشر وأصيب والدك في ذراعه لكنه بخير , الليلة

سيظهر ومجموعة من الضباط في القناة الأرضية "

نظر بعدها لعيناي وقبل شفتي وقال بحزن " اعتني بنفسك جيداً يا قمر "

وغادر بعدها على الفور وتركني واقفة مكاني لا شيء معي سوى

معطفه الذي تحركه الريح وأشده حول جسدي بقوة , دخلت راكضة

وتوجهت لغرفتي وأخذت هاتفي اتصلت بوالدي كثيراً ولم يجب ثم

وصلتني رسالة فتحتها فكانت منه وكان فيها ( قمر اعذريني أنا مشغول

الآن عند المساء سأتصل بك .... أحبك بنيتي )

مسحت دموعي وخرجت راكضة للمجلس الداخلي ونظرت بصدمة

وقلت " جدتي لما أنتي وحدك أين ضيفتاك !! "

ضحكت وقالت " غادرتا "

قلت بحيرة " ولما أليستا ستبقيان لأيام ! "

قالت رافعة كتفيها " هكذا حكمت سوزان وأخذت والدتها وغادرت "

قلت بصدمة " لماذا !! "

قالت ببرود " لحقت برائد وهوا يغادر , غابت لوقت ثم عادت غاضبة

وأمرت والدتها بالرحيل وقالت أنها لن تأتي هنا ثانيتاً لأنه أهانها "

قلت بحزن وعيناي للأرض " أنا آسفة يا جدتي كل هذا بسببي "

قالت بابتسامة " جنت على نفسها ما دخلك أنتي , ها أخبريني ما

الشيء الذي كنتي قادمة ركضاً لقوله "

قلت بابتسامة " والدي انتهت مهمته أخيراً وسيعود إلي "

وقفت وحضنتني مباركة لي وقالت " حمدا لله يا ابنتي "

وعند المساء كنت أمام التلفاز ولم أفارقه لحظة حتى عرضوا مجموعة

الضباط الذين قاموا بالعملية ووالدي كان يجلس معهم يده مربوطة لعنقه

تكلموا جميعهم حتى حان دوره وما أن بدأ بإلقاء تحية الإسلام حتى نزلت

دموعي من فورها ثم قال " كلنا فداء للوطن من أجله نحيا فهوا من أجلنا

كان فحتى إن بُترت يدي ما كنت لأتألم لفقدها في سبيله , لقد شهدت البلاد

الأيام الماضية عملية كبيرة لإنقاذها ممن يريدون الفتك بها فأشكر جميع

الضباط والعقداء وضباط الصف وكل من ساهم معنا من المخابرات للجهاز

الأمني الداخلي والخارجي لرئيس البلاد أولاً وأخيراً ولله قبل الجميع

وأعتذر من ابنتي الحبيبة قمر نور عيناي وحياتي المتبقية من خسرت والدتها

وطفولتها بسببهم , هي فخري وعزتي ومَن أنا مِن أجلها أعيش باقي أيامي

وأشكركم على إتاحة ... "

انخرطت في نوبة بكاء شديدة والجدة تهدئني , كانت المرة الثانية في حياتي

أبكي فيها من سعادتي والسبب نفسه عودة والدي لي , بعد قليل رن هاتفي

فكان والدي المتصل أجبت على الفور فقال بصوت مبتسم

" لما البكاء قمر لو فقط أعلم ما الشيء الذي لا يبكيك "

قلت بسعادة وأنا أمسح دموعي

" أبي هل أنت بخير حمداً لله الذي ردك لي سالماً "

قال " بخير بنيتي مجرد خدش بسيط طمئنيني عنك كيف صحتك "

قلت ببحة بسبب كثرة البكاء " بخير متى ستأتي لأخذي معك "

قال بعد ضحكة " لا يسمعك أحد هناك ويضن أنك

متضايقة من وجودك معهم "

قلت بابتسامة " لا أحد سوى الجدة وهي تعلم أني أحبها

وأريدك أن تأتي سريعاً "

قال " يومين فقط حبيبتي لأني مشغول وسآتي لأخذك معي

لمنزلنا ولن نفترق ثانيتا حتى الموت "

قلت بهدوء " لن أعطلك عنهم , اعتني بنفسك أبي وعد سريعاً "

قال بحنان " بالتأكيد بنيتي سأكون لديك ما أن ننتهي من باقي عملنا

وداعاً الآن ولا تنسي أن تبلغيهم سلامي "


بعد يومين قضيتهما في الانتظار ولم أنم فيهما لحظة ولم يكن رائد

موجوداً وغادر منذ كلامه معي في المجلس , جاء أخيراً الوقت الذي

سيأتي فيه والدي دون تخفي ولا تنكر ولا خوف ولا حراس

كنت أقف في الخارج رغم إصرار الجدة أن أدخل عن البرد لكن قلبي

لم يطاوعني ولو كان الأمر بيدي لخرجت للطريق لانتظره

دخلت سيارته بعد وقت فهم تركوا الباب مفتوحاً بطلب مني ليدخل

مباشرة , اقترب بسيارته ونزل منها فركضت نحوه وارتميت في حضنه

باكية وهوا يمسح على رأسي ويقول " اشتقت لك قمر كم اشتقت لك "

كنت أبكي فقط وأتمسك به بقوة وكأنه سيطير مني أو يختفي ثم قلت

بعبرة " أحتاجك والدي أقسم أنني أحتاجك "

أبعدني عن حضنه ومسح دموعي وقال " لن تبقي بلا سند بعد اليوم

لن تنهاني ولن يجرحك أحد ولا بكلمة وسأمسح الأرض بمن يضايقك

يا ابنتي الغالية "

نمت في حضنه بهدوء وقلت " حتى آخر العمر أبي لا تتركني أبداً "

قال بابتسامة " هيا دعيني أدخل وأسلم على الجدة

وابنها وأشكرهما لنغادر "

دخلنا وودعت الجدة بحرارة وكان وداعاً مؤلما فكم اعتدت عليها وكم

أحببتها لتعاملها معي , صافحها والدي وقال بجدية " شكراً لك لما فعلته

من أجل ابنتي فلن أنسى جميلك ما حييت وأي شيء تحتاجانه اتصلا بي

فقط رقم هاتفي مسجل لدى ابنك "

قالت بابتسامة " لا تشكرني على واجبي هي في مقام أحفادي

بل في قلبي أغلى من الجميع , نِعم ما أنجبت وربيت يحفظك الله

لها ويحفظها لك واعتنوا بصحتها جيداً فهي تهملها كثيراً "

قال مبتسماً " لا تخافي أنا لها بالمرصاد , شكراً لكما مجدداً

واعذرينا علينا المغادرة للوصول قبل المساء "

قالت " ألن تتناول العشاء معنا ؟! "

قال " في المرة القادمة سأزوركم وقمر ونتناول الغداء والعشاء "

قالت مبتسمة " مرحباً بكما في أي وقت واعتبرا المزرعة

بيتكما الثاني ولا تنسونا "

خرجنا مغادرين وركبت سيارة والدي للمرة الأولى ويدي في يده

طوال الطريق أنظر له غير مصدقة , أخذني لمكان غريب ومقطوع

وقال " هيا انزلي يا قمر "

قلت باستغراب " أين نحن !! "

قال مبتسماً " والدتك ألا تريدين زيارتها "

نزلت دموعي وقلت بحزن " قبرها هنا ! لما وحيد في مكان مقطوع "

قال بحزن " هكذا حكمت الظروف حينها هيا انزلي "

نزلت معه وكان الريح البارد يعصف بثيابنا بشدة , وصلنا لقبرها

المرتفع قليلاً عن الأرض فنزلت عنده وحضنت ترابه وبكيت بألم

وأنا أقول " أمي حبيبتي كم أشتاق لك لقد أخذ والدي بحقك وحقي

منهم جميعهم , أحبك أمي ونحتاج وجودك معنا "

أمسك كتفي وقال بهدوء " قمر توقفي فهذا لا ينفع في شيء

ادعي لها بالرحمة والمغفرة "

وقفت ومسحت دموعي ورفعت كفاي ودعوت لها كثيراً بكل ما

أعرفه من دعوات ثم نظرت لوالدي وقلت

" لما تبقى هنا وحدها لا تتركها هنا أرجوك أبي "

تنهد وقال " نبش القبور أمر لا يجوز حبيبتي ولا يرضاه الله سنبني

سورا حوله ونجعل المكان مقبرة يدفن فيها باقي أموات المسلمين

لقد اشتريت كل هذه المساحة وسنجعلها مقبرة ثوابها لوالدتك "

حضنته وقلت بحب " شكراً لك أبي رغم أن السور سيمنعني من

زيارتها لأني امرأة لكن سيسعدني أن لا تبقى وحيدة وأن لا يدنسوا

قبرها مع مرور الزمن "

حضنني وقبل رأسي ثم غادرنا المكان وتوجهنا لجسر المدينة

وأوقف السيارة وقال " هنا وعدتك قديماً بشيء وعليا الإيفاء به "

قلت باستغراب " وعدتني هنا !! "

قال مبتسماً " نعم هيا انزلي قد تتذكرينه "

نزلنا معاً وسار بي نحو رجل يبيع المثلجات , يبدوا الأمر جنونياً

ونحن في هذا الشتاء والبرد ولكن الناس تشتري منه دائماً وما أن

اقتربنا منه حتى قلت بدهشة " نعم تذكرت وعدتني أن نعود اليوم التالي

لتشتري لي لأن الجو حينها كان بارداً جداً فبكيت كثيراً في الطريق

ووالدتي تحاول إسكاتي ... نعم أذكره جيداً "

قال بابتسامة حزينة " نعم وفي اليوم التالي كانت والدتك ميتة وأنا في

السجن وأنتي في منزلنا وحيدة "

ابتسمت ومسحت عيناي كي لا أبكي , اشترى لي واحدة كبيرة أكلت منها

حتى شبعت وأنا أسعل من برودتها وهوا يضحك علي وأنا أضحك معه ثم

أخدها مني وقال " يكفي لا تنسي نفسك "

ضحكت وقلت " لا لم أنسى سأشرب شيئاً حاراً جداً لتتعادل الأمور "

ضحك وضمني بذراعه وسار بي على الجسر , كنت أتمسك بمعطفه

مثل عاشقان وليس ابنة ووالدها , نعم هذا ما كنت أحتاجه حنان والدي

ليملأ نصف الهوة في داخلي وقد أجد يوماً ما بعيداً جداً شخصاً مثله يملأ

الجزء الآخر منها , كنا نسير وهوا يحكي لي عن طفولتي ووالدتي وأنا

أضحك من تصرفاتي عندما كنت طفلة وأشعر أنني ملكت الدنيا بما فيها

حتى استوقفنا صوت رجولي مرتفع ينادي " قمر "

التفتنا كلينا لصاحب الصوت فكان ... حيدر

تنفس بقوة وكأنه كان يركض لمسافات كبيرة , نظر لي ثم لوالدي ثم لي

وقال بهدوء " قمر رائد في المستشفى "


وعند هنا كانت نهاية الفصل وأتمنى يكون نال ولو جزء من إعجابكم

وأعتذر على تأخري لظروف خارجة إرادتي لاني عن نفسي أكره توقف الروايات

الفصل القادم الأخير إن شاء الله طويل ويعجبكم وتقرأوا لين تشبعوا


أحبكم في الله وشكرا لسؤالكم عني




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 25-04-15, 07:10 AM   #47

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الثلاثون


تنفس بقوة وكأنه كان يركض لمسافات كبيرة نظر لي ثم

لوالدي ثم لي وقال بهدوء " قمر رائد في المستشفى "

بقيت أنظر له غير مستوعبة ما قال وكأن عقلي نبهني أن ثمة شيء

في حياتي ركنته جانبا , شيء عالق في عقلي الباطن واستيقظ من

جديد , كنت كصورة معلقة في الشارع ونظري عليه فتابع قائلا

بعدما طال صمتي " الشهرين الماضيين تدهورت صحته بسبب

إفراطه في التدخين وهوا على حاله يرفض العلاج وفي الثلاثة

أيام الماضية سجن نفسه في منزله حتى كسرنا عليه الباب ووجدناه

مرمي أرضاً وهوا الآن في المستشفى منذ ليلة البارحة "

تحركت عيناي من عليه ورفعت رأسي ونظرت لوالدي فابتسم

لي وقال " كما يريد قلبك يا قمر "

بقيت انظر له في صمت وعيناي تمتلئ بالدموع وكأنها تريد البوح

عما يعجز عنه لساني فضمني له وقبل رأسي ثم نظر لحيدر وقال

" في أي مستشفى هوا "

قال من فوره " هنا في مستشفى العاصمة "

عدنا للسيارة وانطلق من فوره متجها إلى هناك , كنت في صمت

الأموات كمن يحملونه للمجهول وهوا يعلمه ولا شيء يتحدث سوى

محرك السيارة , ووالدي لم يتكلم عن شيء ولا عن صمتي , وصلنا

بسرعة فنزلت راكضة دون شعور , دخلت وتوجهت من فوري جهة

السلالم , كان والدي يناديني لنسأل عن غرفته أولاً لكني صعدت من

فوري وكأن ثمة من يقودني حتى وصلت للغرفة التي أخذني إليها قلبي

قبل قدماي , كانت مفتوحة وقفت عند الباب وكان ثمة ممرضة أمام

السرير تخفيه عني ولا يظهر منه سوى ساقيه إحداهما على الأرض

والأخرى فوق السرير ويبدوا جالسا ومتكأ على ظهر السرير

كانت الممرضة تقول بضيق " يا سيد دعني أنجز عملي أرجوك

فعليا حقنك بالمغذي لنسكب فيه العلاج "

قال بصوت متقطع الأنفاس وكأنه كان يركض

" اتركيني أرحل قلت لك "

تأففت الممرضة بضيق فاستجمعت قواي المبعثرة على عتبات

أبواب المستشفى ململمة بقايا حواسي وقلت بصوت هادئ منادية

" رائد "

ابتعدت الممرضة تنظر لي وظهر هوا من خلفها , كان وجهه شاحباً

ولحيته بدأت بالظهور دون حلق , نظر لي مطولاً بعدم استيعاب لأشعر

أن أنفاسي تتقطع كأنفاسه وكأن ما به أصبح بي فابتسم ابتسامة صغيرة

وكأنه يجبر شفتيه المتعبتان عليها ثم مد يده اليمنى لي وقال بهمس خافت

بالكاد تتحرك معه شفتاه " تعالي "

هززت رأسي بلا وعيناي تكادان تدمعان فقال بهمس " لما حبيبتي "

قلت بحزن " ليس قبل أن تتركها تعطيك العلاج "

مد يده لها من فوره فغرست فيها المغذي بخفة وسرعة وبدأت بسكب

العلاج فيه ثم خرجت وفتح لي ذراعاه وقال بابتسامة " تعالي يا قمر "

ركضت جهته وارتميت في حضنه وكأني أنام فيه للمرة الأولى

بل كانت بالفعل أول مرة أرتمي في حضنه من تلقاء نفسي , لأول

مرة أشعر بمغناطيسية جسده بل لأول مرة يجذبني شيء غير الأرض

ضمني إليه بحنان وقال " وأخيراً طفلتي الحبيبة فتاة طفولتي وحب

شبابي وشريكة حياتي لقد تأخرتِ عني كثيراً "

كنت أدس وجهي في صدره ولا شيء سوى البكاء , أدفن وجهي حيث

الأضلع التي تتنفس بقوة وصعوبة ويخرج منها صوت كالصفير من تعب

رئتيه وصعوبة تنفسه , قبل رأسي وقال " يكفي بكاء يا عذاب رائد وقلبه يكفي "

كنت أتمسك به كورقة شجر تعصف بها الريح تتمسك بالغصن كي لا تفقده

وقلت بعبرات " لا تمت لا تفعل هذا "

مسح على ظهري وقال " ما كان للحياة معنى من دونك حبيبتي

لا يمكنني العيش معك لذلك لا يمكنني العيش بدونك "

ابتسمت من بين دموعي وقلت " ما أقساه من شعور لقد جربته "

ضمني له بقوة أكبر وقال " علمت الآن لما لم يستحمل قلبك كل ذلك

سحقاً للحب كم هوا مهلك ومضر "

جلست ومسحت دموعي انظر لملامحه المتعبة لوسامته التي بدأ

يشوبها المرض ثم مددت أصابعي ومسحت على وجنته المرهقة

وكأني أريد إزالة كل هذا عنها فشدني لصدره مجدداً اتكئ عليه

بهدوء وقال " لم يفهموا أن علاجي أنتي وهذا الصدر يحتاجك

ليعيش وهذه الرئتين تحتاج وجودك وقربك لتتنفس فما كان

سيجدي علاجهم دونك "

مسحت على صدره بيدي وقبلته لعلي أعطيه من صحتي الناقصة

لأزيل هذا عنه فغمر وجهي فيه بيده وقال ونظره للسقف

" أخبريهم يا وجه القمر ..... يا ضحكة سنين الطفولة يا مراجيح القدر

أخبريهم كيف يرجع بي العمر ..... وتختفي كل الرجولة عند عيناك

الخجولة وينصهر حتى الحجر ..... كيف يشتاق البشر علميهم كيف

يشتاق البشر ... حين تنعدم الكهولة والفحولة عند بابك كل لحظة

تنحسر ..... ذكريهم أنتي يا وجه القمر يا أحاديث الطفولة يا ملاذي

يا تعابير المعاني والصور .. أخبريهم يا حبيبتي يا قمر "

قبلت صدره مجدداً هذا الصدر الذي تخرج منه هذه الكلمات العذبة

ويئن بين كل كلمة وأخرى مصدراً صفيراً متألماً ثم نمت عليه وقلت

" رائعة يا رائد "

ثم رفعت وجهي له وقلت بابتسامة مائلة

" ماذا فعلت بأشعار الخيانة القديمة "

ضحك وشد أنفي بإصبعيه وقال " تخلصت منها منذ شهور "

جلست مبتعدة عنه فمسح بيده على وجهي مبتسماً ثم سعل كثيراً وقبض

بيده على قميصه بقوة عند صدره ثم بدأ بضربه بقبضته وهوا يسعل بشدة

فوقفت وأمسكت يده وقلت " رائد توقف عن ضربه أنت تؤذي نفسك بهذا "

اتكئ للخلف ونظر للأعلى وتنفس بقوة عدة مرات وقد توقف عن

السعال , نظرت للمغذي وقلت بضيق " لما هكذا يسكب بسرعة , تلك

المغفلة من أخبرها أنك تريد أن تموت وأنه لا أحد يحتاجك "

ابتسم ونظر لي وأنا أعدل سرعته وقال

" لا أحد غيرك قد يحتاجني ليشعر بي "

نظرت له وهززت رأسي بلا وقلت " ومن قال أنه لا أحد

غيري يحتاج وجودك في هذه الحياة "

عاد بنظره للأعلى وقال " الجميع يعيشون حياتهم لهم أزواجهم

وأبنائهم فإن لم تحتاجي أنتي لي فلن يحتاجني أحد يا قمر "

بقيت أنظر له باستغراب , ما الذي يجعله يفكر هكذا ! هوا الآن يمر

بكل المراحل التي مررت بها سابقاً , أمسكت يده ورفعتها نحوي قائلة

" بلى هناك من يحتاجك غيري بل وأكثر مني "

تم وضعت يده على أسفل بطني وابتسمت بعينان تمتلئ بالدموع وقلت

" هنا يوجد من يحتاجك "

نظر ليده بصدمة ثم لي وقال هامساً بابتسامة دهشة " ابني "

مسحت دمعتي وقلت بابتسامة " بل ابنيك "

فتح فمه مندهشاً ثم قال بصوت مصدوم " تؤم "

هززت رأسي بنعم مبتسمة له فحضنني عند خصري وغمر وجهه

فيه يقبله ويحضنه ويشده بقوة ويبكي دون كلام وأنا أمسح على رأسه

وأبكي وأدركت حينها أني نقطة التحول الفعلية في حياته وأني من ستوفر

له ما فقده سنين هجرانه لأهله , نعم كنت أنانية حين فكرت أني وجدت

والدي ولم أعد أحتاجه ونسيت أنه هوا من يحتاجني فلن تعود والدته للحياة

ولا والده الذي لا تؤثر عودته من عدمها فلن يجد الحنان والأمان عند أحد

إن لم يجده عندي , لعبت بشعره بين أصابعي وقلت بابتسامة حزينة

" رائد أنت تؤلمني ستخنقهما "

خفف من شده لي وقبل بطني مجدداً ثم نظر لعيناي وقال

" لا أصدق هل أنا في حلم ! هل كل هذا لي وحدي "

تحمحم حينها أحدهم في الخارج فابتعد عني ووقف والدي عند

الباب , نظر له رائد ثم لي ثم امسك يدي وقال بجدية ونظره

على والدي " لن تأخذها مني , لن تأخذها إلا على جثتي "

ابتسم والدي وقال " لن اجبرها على مالا تريد "

ثم اقترب منا وتابع قائلا " لقد حُرمت منها سنين حياتي وهي من

تبقى لي ولن أفعل شيئاً يحزنها أبداً ومهما كان ضد رغباتي "

ثم وضع يده على كتفي وقال " هيا يا ابنتي عليك أن ترتاحي

تعلمين وضعك جيداً واليوم كان شاقاً عليك "

تابع بعدها بابتسامة " ولا تنسي أنك تناولتِ علبة كبيرة من

المثلجات قد تسبب الحمى لحفيداي "

شهق رائد بصدمة وقال ناظراً لي " علبة مثلجات

في هذا الوقت وأنتي حامل !! "

قلت بضحكة " سأشرب قدراً كبيراً من الشاي الساخن

ليأخذا حماماً ساخنًا "

قال بضيق " قمر لو أعلم لما لا تهتمين بصحتك "

قال والدي بابتسامة " الشيء المثلج لا يضر في الشتاء ولو كنت

أعلم أنه سيضرها ما اشتريته لها بنفسي "

نظر لنا بعدم رضا ولا اقتناع فنظرت لوالدي وقلت " هيا لنغادر "

وقف وقال " أين تأخذها سأذهب معكما "

أمسكته من ذراعيه وأجلسته على السرير وقلت " لن تخرج من هنا قبل

أن تنهي فترة العلاج وستوقف التدخين فوراً مفهوم "

ابتسم واضطجع على السرير بتعب وقال

" أمري لله تعالي لزيارتي في الغد "

اكتفيت بالابتسام له دون رد وخرجت ووالدي أسير بجانبه مجتازين

ممرات الطابق الثالث من طوابق المستشفى وقال بعد صمتنا الطويل

" الطبيب قال أن رئته اليمنى متضررة كثيراً لكن مع العلاج والتغذية

الجيدة وإيقاف التدخين ولو بالتدريج سيصبح أفضل "

قلت ونظري أرضاً ونحن ننزل السلالم

" أبي هل ترضى برائد فقط من أجلي "

وضع يده على كتفي ونحن ننزل آخر عتبة وقال

" بل لأنه يحبك وأثبت ذلك لي دون علمه "

نظرت له باستغراب فقال مبتسماً " لا تسألي عن المزيد فلن أجيب "

اتكأت على كتفه العريض سائرين للسيارة وقلت بابتسامة

" أنتم هكذا الرجال تعشقون الغموض والإثارة "

قال ضاحكاً وهوا يفتح لي الباب

" الحياة علمتنا ذلك يا صغيرتي هيا اركبي بهدوء "

ضحكت وقلت وأنا أدخلها " أعانني الله عليكما

مؤكد ستصيبانني بالجنون "

عدل معطفي على جسدي وكأنني طفلة يركبها السيارة في البرد

بل يبدوا لي والدي يعيش الآن كل ما حرم منه منذ فقدني طفلة

أغلق زر المعطف وقال بابتسامة " لا تتركيه مفتوحاً ما نفعه حينها "

أمسكت يده وقبلتها وغمرت وجهي فيها أبكي سنين فقدي له وحرماني

منه فكم احتجت هذه اليد كل حياتي , كم احتجت ليد تمسح على رأسي

بحنان وتعتني بي , يد لم تعوضها حتى يد عمتي الحنونة , أمسك

وجهي ومسح دموعي وقال بابتسامة " سيمسكون بنا الأمن هنا ضنًا

منهم أننا عاشقان يستغلان سور المستشفى "

ضحكت وقلت " وكيف يمسكون من هوا في مركزك لقد رأيت

بعضهم يضربون لك التحية "

أغلق بابي ضاحكاً ثم ركب وقال " قد يكون بينهم من يكرهني "

خرجنا من المستشفى وسرنا بعض المسافة ثم نظرت له وقلت

" أين سنذهب ؟ "

قال ضاحكاً " للمنزل طبعاً ألم تتعبي من لف الشوارع والسير "

ضحكت وقلت " ليس ذلك أعني قصدت منزلنا قديماً أم منزل آخر "

نظر لي وقال بنبرة حزن " بل اشتريت غيره , كان

صعباً عليا العيش فيه أو بيعه "

حضنت ذراعه بحب , كم عانيت يا سبب وجودي في هذه الحياة

كيف ستعيش في منزل تلطخ بدماء زوجتك وفقدتها فيه وأخرجتها

منه جثة مطعونة في كل مكان , غمرت وجهي في ذراعه وقلت

بحب " لا يفعل الله لنا أمراً إلا لخير وحمداً لله أن جمعني بك ثانيتاً "

وصلنا لمنزل كبير بطابقين في أحد الأحياء الراقية وفتح بابه بجهاز

التحكم ودخلنا بالسيارة , كان في فناء المنزل حديقة جميلة ونافورة

ذكرني بمنزل عمتي , نزلنا من السيارة ودخلنا للداخل وما أن تخطينا

الباب بخطوات حتى نادى والدي بصوت مرتفع " سويتا "

لتخرج الخادمة مسرعة من أحد الأبواب , وقفت عندنا وقالت بعربية

مكسرة " نعم سيد "

قال والدي واضعاً يده على كتفي " هذه ابنتي قمر "

انفتحت عيناها ونظرت لي بسرور ضامه يديها لصدرها وقالت

" قمر جميل حمدا لله أنت رأيته "

قلت بابتسامة " تبدوان أصدقاء "

قال والدي " سويتا كانت تراني حزيناً وتسأل دائماً دون توقف فأخبرتها

أنه لي ابنة لا أستطيع الاقتراب منها ولا جلبها هنا , وحدها كانت تؤنس

وحدتي الثلاثة أعوامٍ الماضية "

نظرت لها وقلت بابتسامة " هل لديك أبناء "

هزت رأسها بلا ثم قالت بحزن " كنت مهاجر بدون شرعي أمسكوا بي

أنتم هنا كانوا سيضعونني أنا في السجن سيد بشير أحضرني "

ثم قالت بابتسامة " وأنت لديك أبناء "

قلت مشيرة لبطني " لدي هنا "

ثم أشرت لها بأصبعين وقلت " اثنان "

شهقت ثم قالت بسعادة " واحد أنت وواحد أنا "

ضحكنا عليها كلينا وقال والدي " خدي الحقيبة بسرعة وجهزي

لقمر الحمام إن وجدتي الثرثرة تنسي نفسك "

ضحكت وأخذت حقيبتي متوجهة بها للأعلى

نظر لي والدي وقال " تعالي معي هناك ما عليك رؤيته "

تبعته في صمت فدخل بي لغرفة لا يوجد بها أثاث كانت خالية

سوى من صندوقان كبيران , اقترب منهما ووضع وسائد أرضة

كبيرة أمامهم وقال " تعالي يا قمر "

توجهت نحوه وجلست على الوسادة ففتح الصندوق وبدأ يخرج ما

فيه ويقول " هذا قميص والدتك المفضل "

وضعه في حجري ثم أخرج آخر وقال " هذا ارتده في آخر عيد لها معنا "

وضعه في حجري أيضاً واستمر يخرج أغراضها " هذا عطرها

المفضل هذه ساعتها الذهبية هذا العقد أهديته لها يوم حملت بك هذه

الأساور كانت تلبسها دائماً هذا منديلها هذا خاتم زواجنا "

كان يخرج الأشياء ويضعها في حجري وكأنه يخرجها من قلبه بل

وكأنه يخرج ذكرياته من صندوق أمانيه , كانت دموعي تنزل من

عيناي تعبر خداي لتسقط على أغراضها المكومة في حجري أبكي

والدتي التي لم يتبقى منها سوى أغراضها وثيابها وأبكي أكثر والدي

الذي يعيش مع هذه الأشياء وحيداً محروماً حتى مني , فتح الصندوق

الآخر أخرج فستاناً صغيرا للغاية وقال " هذا أول فستان ألبسته لك

والدتك في أول مرة تخرجك من المنزل "

وبدأ يخرج محتوياته من فساتين للعب لدمى وحتى الرضاعة الخاصة

بي وجهاز قياس الحرارة كان يحتفظ به فيها , حضنت ثياب والدتي

أغمر وجهي فيهم استنشق عطرها وحنانها ثم جمعتهم وأعدتهم للصندوق

أثبت نفسي كي لا أعود للبكاء من أجل والدي قبل نفسي , رتبتهم بهدوء

وقلت " أبي هذه الأشياء لن تزيدك إلا حزناً وشوقاً

وفقداً عليك بدأ حياتك من جديد مع من تجبر كل كسور الماضي "

أعاد إخراجهم وقال بابتسامة " قمر يا ابنتي أنا أقوى من أن أعيش

سجين الماضي , هذه الأشياء من أجلك صغيرتي واحتراماً لذكرى

والدتك أن تكون لك من بعدها "

حضنت ذراعه بحب , كم أنت رجل رائع يا والدي وينذر وجودك

بين بني البشر , مسح على وجي وقال " ها قد عوضني الله بأن عدتي

لي سالمة وعدت لك حياً ولن يفرقني شيء عنك حبيبتي "

ابتعدت عنه ونظرت لأصابعي وقلت بهدوء " كنت أود تأجيل الحديث

في الأمر حتى الغد لكن مادمت تحدثت عنه ..... "

ساد الصمت طويلاً حتى قال " ما بك قمر تكلمي "

نظرت له وقلت " بشأن رائد قد لا يتقبل فكرة بقائنا معك , لا أود

تركك والدي ولا يوم ولا لحظة ولا حتى ثانية ولا أريد أن نفرض

عليه ذلك بالأوامر أي أعني ....... "

لعب بغرتي بأصابعه وقال بابتسامة " أفهمك لا تريدي أن تشعريه أننا نقتل

شخصيته ونفرض رأينا عليه , نعم هكذا أريدك ولن أغضب من كلامك "

قلت بابتسامة " لن أتركك وعليا إقناعه إما أن نعيش معك أو تعيش معنا "

ضحك وقال " أين ستستقبلون ضيوفي فأنتي لم تريهم "

قلت ضاحكة " إن اضطررنا نستعين بسطح المنزل "

قال وهوا يقف " سنجد حلاً للأمر لاحقاً وسنترك الحديث عنه حتى

يخرج من المستشفى , هيا عليك النوم الآن لا تُعلمي أحفادي السهر "

وقفت وقلت بابتسامة " حسناً ولكن عليا أخذ كل هذه معي لغرفتي "

قال وهوا يضم كتفي حاثاً إياي للسير معه " ستأتي سويتا لحملهم

ولكن ليس الليلة طبعاً فعليك أن تنامي الآن وفوراً "

صعد بي سلالم المنزل وأوصلني حيث غرفتي قبل جبيني وقال

" تصبحين على خير بنيتي إن احتجتِ شيئاً غرفتي المجاورة لغرفتك "

ابتسمت له بحب وأومأت برأسي موافقة فأمسك وجهي وقال

" الكوابيس أعني قمر "

ابتسمت ابتسامة صغيرة وقلت " لا عليك سننتهي من مشكلتها قريباً "

قال ضاحكاً " نعم فسيأتي طارد الكوابيس , ذاك المجرم ما يحز

في نفسي أنه لم ينل عقابه مني "

قلت بتذمر " أبيييي "

ضحك وقبل خدي وقال " لا تقلقي لن أضايقه ولا بكلمة ياله من

محضوض ذاك الرائد يفترض به أن يقبل قدما خالك وزوجته

على سجنهم لك في سطح ملاصق لمنزلهم "

ضحكنا كلينا ثم غادر ودخلت أنا الغرفة , كانت جميلة ومرتبة ستائرها

الأغطية المفارش فرش الأرض كلها باللون البنفسجي , أخذت حماماً

دافئاً وصليت العشاء المتأخر قبل أن يخرج وقته وقرأت في كتاب الله

كثيراً ودعوت لوالدتي وحمدته على كل ما أعطاني ونمت على سريري

الجديد في منزل والدي , أمور ضننت أنها لن تتحقق يوماً , كانت أحداث

اليوم أقوى من أن أرتب أفكاري لاستيعابها ... زيارة قبر والدتي ورائد

ومنزل والدي وأغراض والدتي , كان اليوم حافلاً بالأحداث الجديدة

الغريبة , مر الوقت وأنا على هذا الحال وقد فارق النوم عيني حتى
شعرت بالضجر فخرجت من سريري ومن الغرفة لباب غرفة والدي

وطرقت الباب طرقات خفيفة لأتأكد إن كان نائماً أم لا فجاءني صوته

مباشرة " ادخلي يا قمر "

فتحت الباب بهدوء فكان يجلس على السرير ممسكاً جهازه الحاسوب

ويرتدي النظارات الطبية , نظر لي بابتسامة ثم ربت بيده على السرير

بجانبه وقال " تعالي بنيتي أنا لم أنم بعد "

دخلت مبتسمة وأغلقت الباب خلفي وتوجهت لسريره وجلست بجانبه

فضمني له بذراعه وقال " هل نمتِ واستيقظتِ أم خفتي ولم تنامي "

قلت مبتسمة " وهل تراني طفلة سأخاف دون سبب لقد فارق النوم عيني

فجئت لأتأكد أنني لا أحلم وأنك حقيقة "

ضحك وقبل رأسي ثم قال " حسناً أنظري ما سأريك "

فتح ملفاً في حاسوبه كان مليئاً بالصور كلها لي في طفولتي وله ووالدتي

صور لحفلات ورحلات وزياراتنا للبحر وصوري وأنا مولودة وكل مراحل

عمري , كنا نضحك على صور كثيرة متجنبين كلينا الحديث عن ذكرى

والدتي وكل واحد منا يراعي مشاعر الآخر ولا يريد أن يحزنه

كانت بينهم صورة لي ووجهي مليء بالشيكولاته وذبابة تقف على

أنفي وأنا أكشر محاولة تحريك أنفي لتطير منه وكانت مضحكة للغاية

قلت بضيق " كيف تلتقطون لي كهذه الصورة "

قال ضاحكاً " هي الأجمل والمفضلة لدي وسأجعلها واجهة لحاسوبي "

قلت باعتراض " لا هي سيئة امسحها قبل أن يراها رائد وتضحكان عليها معاً "

قال ضاحكاً " هكذا إذاً لا تريدي أن يراها "

وجهت الحاسوب ناحيتي وقلبت في الصور حتى وصلت لصورة

لي أحضن دباً صغيراً متكئة برأسي عليه وأبتسم فقلت

" هذه الأجمل ضع هذه وتلك تخلص منها "

أغلق الملف ثم الحاسوب وقال " هيا للنوم يكفي سهر "

غادرت سريره وقلت " إن أريتها له غضبت منك "

قال ضاحكاً " أعدك أن لا يراها حسناً "

قبلت خده وقلت مبتسمة " أجل هكذا أفضل تصبح على خير "

قال بابتسامة " تصبحين على خير "

عند الصباح استيقظت مبكراً استحممت وغيرت ثيابي ونزلت للأسفل

ووجدت الخادمة تعد طاولة الإفطار فقلت " سويتا أين أبي "

قالت وهي منشغلة بالأطباق " أبي أبي من أبي "

قلت ضاحكة " السيد بشير أب لي أنا يعني أبي "

نظرت لي وقالت " آآآآآآآآآآآه سويتا فهم , هوا يذهب باكراً ويعود

في غداء ثم يذهب يعود في عشاء "

تم لوحت بيدها قائلة " شغل شغل وكثير يأتون هنا في مجلس

وهههههه أوووووه كثير ناس يرتدي مثل سيد بشير يأتي هنا "

ابتسمت وأنا ألف حجابي ثم ارتديت معطفي فقالت بتساؤل

" الفطور قمر جميل !! "

ضحكت وقلت " لا رغبة لي في الأكل سويتا جميل "

هزت رأسها بلا وقالت

" سيد يقول تتناول إفطار يعني تتناول هيا بسرعة "

دخلت معها في صراع طويل ولم تتركني حتى أكلت , كم هي عنيدة

لذلك اعتمد عليها والدي في إفطاري , خرجت بعدها من المنزل وركبت

سيارة والدي الخاصة به لأنه يستخدم السيارة الخاصة بعمله وقد ترك لي

هذه لأتنقل بها حيث أريد , خرجت من المنزل متوجهة من فوري

للمستشفى , وصلت هناك أصعد الدرجات وشيء يناديني ويشدني بقوة

دخلت غرفته فكانت فارغة وسريرها مرتب فأمسكت بطرف الباب وأنا

أنظر للسرير بصدمة , لقد شعرت الآن بشعور من يدخلون على مريضهم

ويجدون غرفته خالية ياله من شعور مؤلم بل مرعب يفتت كل خلايا

جسدك خرجت للممر أنظر في كل اتجاه وقد شُلت حواسي وفقد عقلي

الإجابة عن كلمة تعني كيف أتصرف , شعرت بكم هائل من المشاعر

تخرج من قلبي , يبدوا هوسي به لم يغادرني لحظة ويبدوا أن رائد باقٍ

في قلبي هوا ذاته رائد طفولتي , كنت كتائه يبحث عمن ينقده مما هوا

فيه حتى مر أحد الأطباء بجانبي فاستوقفته قائلة

" عذرا أيها الطبيب أين صاحب هذه الغرفة "

نظر لرقم الغرفة ثم لدفتر في يده وقال " غير مدون لدي في الكشوف

اليومية , لا أعلم فلم أناوب إلا الآن يمكنك السؤال عنه هناك لتعلمي

إن كان خرج أو مات "

ثم غادر بعدما صفع قلبي بآخر كلماته وبعدما شقني نصفين , ما أهون

هذه الكلمة لديكم معشر الأطباء ... مات هكذا بكل بساطة يقولها لي

ولا يعلم أنها تقتلني وتمزق أحشائي , استندت بيدي على الجدار لأني

بدأت أفقد توازني , خرجت حينها من آخر الممر تلك الممرضة التي

وجدتها بالأمس عنده , كانت في كل خطوة تقترب مني فيها تدوس بحدائها

على قلبي , كم تمنيت أن يصبح هذا الممر أطول بكثير كي لا تصل سريعاً

كنت أنظر لها كمن ينظر لملك الموت قادماً إليه , اقتربت أكثر فاستوقفتها

قائلة " أين رائد ؟؟ "

نظرت لي باستغراب وقالت " من رائد "

كم تهوون قتل البشر ! تنفست بقوة وقلت وأنا أشير على الغرفة

" المريض الذي كان هنا قابلتك عنده بالأمس "

قالت " آه نعم تذكرتك لقد خرج في الصباح الباكر أعتقد عند الفجر "

ثم غادرت وتركتني , كيف يخرج والطبيب قال لوالدي أنه يحتاج

لفترة علاج وقد طلب مني بنفسه أن أزوره اليوم ! غادرت المستشفى

في حيرة من أمري , اتصلت به ولا يجيب فاتصلت بمريم فأجابت من

فورها قائلة مرحباً قمر كنت أود التحدث معك لأبارك لك عودة

والدك ولكني خفت أن تكوني مشغولة "

قلت من فوري " مريم أين رائد هل هوا عندك "

قالت باستغراب " رائد !!! ولكن لما تبحثين عنه "

قلت بحيرة " ألا تعلمين أنه كان في المستشفى ! "

شهقت وقالت " في المستشفى متى ولما !! "

تنهدت وقلت " حسناً يا مريم سأتحدث معك لاحقاً وداعاً الآن "

أغلقت الخط واتصلت بأنوار فرقم حيدر ليس لدي , أجابت بعد

وقت فقلت من فوري " مرحباً أنوار هل حيدر بجانبك "

قالت بعد صمت " حيدر ولما ؟ "

قلت بنفاذ صبر " أجيبيني يا أنوار أين هوا "

قالت " ليس هنا هل أساعدك في شيء "

قلت " هلا اتصلتِ به وسألته عن مكان رائد "

قالت " حسناً في الحال ولكن ما الذي يجري "

قلت " أتصلي به واسأليه ثم نتحدث "

ركنت السيارة جانباً وبقيت أنتظر بملل , أين يختفي ولا أحد يعلم ولا

يجيب على هاتفه ؟ بعد قليل اتصلت أنوار فأجبت من فوري قائلة

" أين قال لك "

قالت بتوجس " لا يجيب على اتصالاتي , ماذا حدث

يا قمر هل تعلمين شيئاً ؟ "

قلت " لا لا أعلم شيئاً وداعاً الآن "

أنهيت الاتصال معها وشغّلت السيارة وتحركت , أين ذهب ومن

سيخبرني ؟ هل اتصل بوالدي يا ترى ولكن لا أريد شغله بأمر لا أعرف

مدى خطورته , آه نعم منزله هنا ولكن أين وكيف سأعرف عنوانه وحيدر

لا يجيب , اتصلت بأسعد فرقمه مدون لدي من أيام عملي لصالح صحيفتهم

فأجاب من فوره قائلا " نعم من معي "

قلت بهدوء " أنا قمر بشير ضننت رقمي مسجلا لديك "

قال " آه قمر زوجة رائد اعذريني لقد مسحت رقمك بأوامر

من زوجك الغيور بما أخدمك "

قلت بعد تردد " هل تعرف عنوان منزل رائد هنا "

قال " نعم هل تريدينه "

قلت " نعم لو سمحت "

أعطاني العنوان وتوجهت له من فوري وصلت المنزل ونزلت ووقفت

عند الباب بتردد ثم مددت يدي لأطرق عليه فانفتح ما أن لمسته يدي

فأمسكت قلبي من شدة خوفي ... يا إلهي ما حدث معه لما منزله مفتوح

أعرف رائد جيداً حريص ناحية هذه الأمور , لما يحدث معي هذا من

أخبرهم أنني أريد أن أفقد حياتي بفقدي له لما لم يرحمني منهم أحد

دفعت الباب ببطء ودخلت فكان المكان ساكنًا ولا أصوات تخرج منه

فتوجهت للصالة دفعت الباب ودخلت ففوجئت بالزينة والهدايا وبالجميع

هنا رائد ومريم وأبنائها الذين يغلقون لهم أفواههم ليسكتوا وأنوار وحيدر

نظرت لهم بصدمة ثم لرائد الذي فتح ذراعاه لي لأركض نحوه وأرتمي

في حضنه كمن عادت له الحياة مجدداً كمن وجد الماء بعدما فقد الأمل في

الحياة وسيموت عطشًا , كنت أتعلق بعنقه وأدفن وجهي فيه وهوا يشدني

لحظنه بقوة وكأن ثمة من سيسرقني منه , كنت أحتضنه وأبكي وقد عجز

لساني عن نطق الحروف فقال وهوا يشد على جسدي بذراعيه بقوة

" يكفي بكاء يا حبيبة رائد ويا قلب رائد يا ماضيه وحاضره وأمل مستقبله "

تمسكت به أكثر وقلت " لقد أخفتني عليك وكدت أموت "

مسح على ظهري وقال " آسف حبيبتي أردتها مفاجأة "

كنت أتعلق به أكثر وهوا يرفعني إليه ويحضنني بقوة وكأننا لوحدنا في

هذا المنزل بل وفي الكون بأسره وقد رفضت دموعي أن تتوقف ورفض

البكاء أن يفارقني وكيف لي أن لا ابكي وأنا أحضن الرجل الذي طالما

تمنيت أن أتملكه أن يحضنني بحب وأن يشعر بي وبمشاعري اتجاهه

أحضن الحلم الذي ضاع مني يوماً وضننت أنه لن يعود , كنت ألف

ذراعاي حول عنقه متعلقة به كتعلقي بالحياة لأجله كتعلق الطفل بوالدته

حتى وصلني صوت مريم قائلة " أريد أن أبارك لها أتركها لنا قليلاً "

أنزلني على الأرض فابتعدت عنه ومسحت دموعي فتوجهت

مريم نحوي قائلة بابتسامة وفاتحة ذراعيها لي

" هل جئت بنا هنا لنهنئها على حملها أم لنشاهدك تستقبلها "

حضنتني بحب وقالت " مبارك لكما يا قمر مبارك رجوعكما

سوياً والتوأمين لقد بت أحسدك "

ضحكت وقلت " لديك ثلاثة لما الحسد "

ابتعدت عني وقالت " أحسدك وانتهى لا تناقشي "

ضحكت بهدوء فاقتربت أنوار وحضنتني وباركت لي فنظرت لهم

وقلت " إذاً كان الأمر مدبر له وكدتم تفقدونني عقلي يا مجرمين "

ضحكوا جميعهم وقالت أنوار " كدت أكشف لك كل شيء

لأني خفت من نبرة صوتك "

وضعت يدي على قلبي وقلت " كاد قلبي يتوقف حين لم أجده في غرفته

ثم حين لم يجب على اتصالي وزدتم أنتم الأمر سوءً ولولا لطف الله

لوجدتموني ميتة عند عتبة باب المنزل من صدمتي حين وجدته مفتوحاً "

وقف بجانبي ولف يده حول خصري وقبل رأسي وقال

" أردنا أن نفاجئك وكدنا نقتلك لن نعيدها مجدداً "

نظرت له بابتسامة أردت بها قول ما تبعثرت حروفه عند شفتاي فابتسم

لي ووضع أنفه على أنفي وحركة ضاغطا عليه فضحكت ودفنت وجهي

في كتفه فقالت مريم " أحم أحم هناك مفاجأة أخرى "

نظرت لها بحيرة فقالت بصوت مرتفع " أخرجي يا مفاجئة "

انفتح باب أحدى الغرف وخرج منه والدي بلباس الجيش يضع القبعة

تحت ذراعه ويبتسم لي واقترب منا فمددت ذراعيا له فحضنني

بحب وتعلقت بعنقه قائلة " أنت أيضاً تعلم , جيد أني لم

أتصل بك لزدتم انشغالي أكثر "

مسح على ظهري وقال بحنان " ما كنت سأوافق على هذا

لو لم أشرح للطبيب وأذن لنا "

بقيت متعلقة به وهوا يحضنني حتى قالت مريم

" أخرجي يا المفاجئة الأخرى"

التفتت للخلف انظر باستغراب وانتظر ما يخبؤه أيضاً فسمعت باباً

يفتح من الجانب الآخر نظرت خلفي مباشرة فكانت عمتي وزوجها

ونوران ومؤمن يخرجون منها فشهقت باكية من فوري وركضت

جهتهم وارتميت في حضن عمتي أحضنها بقوة وأبكي بشدة وهي تبكي

أكثر مني , بقيت ممسكة لها لوقت حتى أبعدتني عنها نوران قائلة

" يكفيها إنه دوري "

حضنتها مطولاً ودموعنا مختلطة بضحكاتنا على تعليقاتها الهامسة

على استقبال رائد لي ثم سلمت على زوج عمتي ومؤمن وعدت أحضن

عمتي من جديد وكأني أعوض فقدي لها الأشهر الماضية , كم كانت

مفاجأتهم رائعة كل واحدة أجمل من الأخرى وهاهم عائلتي وأهلي

كما تمنيت وكما أردت دائماً لا أحد مكره على قبولي وتقبلي ولا أحد

يكرهني ويعاملني بقسوة لا ضرب لا شتم لا إهانات ولا تجريح

اقتربت منا نوران ووضعت رأسها بين رأسينا وقالت هامسة

" هيه يكفي أنتما أنظري لزوجك سيقفز عليكما بعد قليل ويستلك منها "

ضحكنا كلينا وابتعدت عنها ودعوت الجميع للجلوس فاستأذن حيدر

مغادراً وغادرت أنوار معه رافضة البقاء رغم إصرارنا وخرج زوج

عمتي أيضاً بسبب موعد له مع أحدهم أو أنه تحجج بذلك من أجل مريم

وسحبتني عمتي قائلة " تعالي واجلسي بجانبي "

توجه رائد نحوي أمسك ذراعي وأوقفني قائلاً

" عذراً منكم هذا الشيء يجلس بجانبي أنا "

سحبني للأريكة الأخرى بين ضحكات الجميع وأجلسني بجانبه فقالت عمتي

بضيق " أنا لم أرها منذ أشهر لما كل هذا الاحتكار ... أتركها لي قليلاً "

ضم كتفي بذراعه ودس وجهي في حضنه وقال

" لديك ما يكفيك وزيادة هذه لي وحدي "

استسلمت عمتي للأمر الواقع وانخرطوا في الأحاديث ... نوران تُعرف

عن نفسها لمريم وتتعرف على أبناءها وعمتي تتحدث مع والدي ورائد

وجهه عند وجهي يحدثني بهمس عن كل ما فعله في هذا المنزل وما

سيرتبه من أجل طفلينا ويشاورني على كل شيء وأنا أستمع له باهتمام

كيف سأطرح عليه موضوع عيشنا مع والدي وهوا متحمس كل هذا

الحماس لحياتنا هنا كيف سأقنعه دون أن أجرح مشاعره , استيقظت من

أفكاري على صوته يناديني فقلت بانتباه " هممم "

ابتسم وقال " أين كنتي وأنا أتحدث منذ وقت "

دسست وجهي في كتفه وقلت " في أمر يشغل بالي "

حضنني وقال " وما يشغل حبيبتي عني "

ابتعدت عنه وقلت " لا تهتم للأمر سنتحدث لاحقاً "

وضع يده تحت ذقني وفتح حجابي ونزعه ثم فتح أزرار معطفي ونزعه

أيضاً قائلا " الجو دافئ هنا حبيبتي لا داعي لهذا "

همست له " أنت ووالدي تشعرانني أني طفلة "

قال مبتسماً وهوا يعدل غرتي " لو كان لي طفلة ما

كانت بمكانتك في قلبي "

كنت أنظر له باهتمام وهوا يرتب لي شعري بعدما نزع حجابي , نعم

هذا هوا من يأخذ مكان الوالدان في غيابهما أجل هذا هوا رائد طفولتي

الذي انتظرته لأعوام , كان يعدل الغرة بأصابعه ثارة ويرفع شعري خلف

أذناي تارة أخرى وهوا منسجم في الحديث عن غرفة الطفلين ومهديهما

وكل شيء , أنهى ترتيب شعري ثم قبل أنفي ووضع عليه أنفه وقال مبتسماً

وعيناه في عيناي " كل سنين حياتي في كفة وهذا اليوم في كفة لوحده "

ابتسمت له وعيناي تمتلئ بالدموع ثم سرعان ما شهقت باكية ولم أشعر

سوى بيديه تطوقانني وشفتاه تهمس في أذني

" أششش يكفي حبيبتي لما البكاء "

لاحظت الجميع توقف عن الحديث فابتعدت عنه فكانوا جميعهم ينظرون لنا

اقترب مؤمن حاملاً شيئاً في يده وقال " هذه هديتي لك قمري لا أريد

وضعها مع الهدايا هناك "

أخذتها منه مبتسمة ثم نظرت لعينيه وقلت

" شكراً يا مؤمن لقد كبرت وأصبحت رجلا "

ابتسم ابتسامة واسعة وقال ناظرا جهة والدته " نعم لقد ازداد طولي

ألم أقل لكم وفي العام القادم سأصبح كرائد والذي بعده كخالي بشير "

ضحكنا عليه جميعنا فوكزت صبا مريم عدة مرات فضحكت وقالت

لها " اذهبي واحضريها وأريحيني "

توجهت للطاولة وأحضرت صندوقاً صغيراً وقدمته لي فقبلتها بحب وأخذته

منها وفتحته فكان فيه حداءان صغيران جميلان جداً ومتشابهان ذكراني بما

أحمل في أحشائي فأدمعت عيناي وعدت لاحتضانها مجدداً فاقترب وائل

يحمل ورقة مبرومة بعشوائية بشكل طولي وقال " هذه أجمل هديتي جميلة "

أخذتها منه وفتحت الورقة فكانت قلم رصاص ومستعمل أيضاً فضحك الجميع

وقالت مريم " لقد أحضره دون علمي ... وائل سترى "

وضع يديه وسط جسده وقال بضيق " اشتريتم لصبا هدية ولي لا "

حضنته وقلت بحب " شكراً لك يا وائل إنها رائعة وسأحتفظ به كل حياتي "

ابتسم بسعادة وقال " حقاً جميلة "

هززت رأسي بنعم فقبل خدي وغادر جهة والدته ووقف رائد ودخل المطبخ

فوقفت ونظرت لهم فكانوا ينظرون لي فنظرت للأرض وقلت

" معذرة منكم آسفة من حماقتي نسيت أن أضيفكم "

قالت نوران بابتسامة جانبية " نعم كثري الضيافة وأعديها على مهل "

عضضت شفتي مهددة لها وأشرت بنظري على والدي المنشغل بهاتفه

فغمزت لي مبتسمة ثم ضحكت فغادرت قبل أن تضعني في موقف أسوأ

منه , دخلت المطبخ فكان رائد منشغلا بوضع الكؤوس في صحن

التقديم ويعطيني ظهره فاقتربت منه وحضنته أشد بيداي على خصره

بقوة وأدفن وجهي بين كتفيه أشم عطره وأتحسس عضلات جسده التي

تتنفس رجولة أسبح في عالم يخصني وحدي وشيء يكون لي وحدي يحل

لي أنا وحدي أمسك يداي وأبعدهما عن بعضهما والتفت إلي ثم أمسك وجهي

وقبل جبيني ثم حضنني يشدني لصدره بقوة مستمعة لأزيز رئتيه المتعبتان

الصوت الذي يزيدني ألماً ثم قال مبتسماً " ستجعلينني أتهور وأسحبك للغرفة

ونترك ضيوفنا وحدهم "

غمرت وجهي في صدره أكثر وقلت " أحبك رائد "

شدني له بقوة وأصابعه تتخلل في شعري وقال بهدوء

" ما أسعدني بها من كلمة تخرج من أغلى شفتين على قلبي "

ابتعدت عنه ونظرت لعينيه وقلت " كم تمنيت كل عمري أن أقولها

لك وتشعر بصدقي وبمعناها وقيمتها لدي "

أمسك وجهي وقبل شفتي ثم خداي فعيناي ثم حضنني مجدداً وقال

" كم كنت غبياً ومتهوراً , سامحيني يا قمر على كل تلك القسوة "

قلت بهدوء " جميعنا نمر بظروف تجعل منا قساة حتى على من

نحب وأنت كنت في وضع لا تحسد عليه "

قال بهمس حنون " سأعوضك عن كل ما فات حبيبتي وأنسيك كل

ما سببته لك من ألم أقسم وربي يشهد على ذلك "

ابتعدت عنه وقلت بابتسامة " أصبح بقائنا هنا مشبوهاً هيا

بسرعة لنأخذ لهم الضيافة "

ضحك وقبل خدي وقال " أنا سأعد العصير ... الكعك هناك

حبيبتي والآخر في الثلاجة "

قلت وأنا أتجه نحوها " هل أحضرت واحدة بالجبن "

قال معطياً ظهره لي " كعكة الجبن في الثلاجة من الأسفل "

فتحتها فكانت مليئة ومرتبة فكم تُصعب المهمة عليا يا رائد وأنا أراك

تجهز كل شيء هنا بسخاء من أجلي , وقع نظري على صحن مليء

بالجبن المملح فأمسكته يدي فوراً ولا شعورياً وأكلت منه قطعة ثم

زدت الثانية فالثالثة فمنذ شهر وجنوني أصبح في الجبن ويبدوا أنني


أتوحم عليه شعرت بيديه تتسللان لخصري ثم قبل كتفي وقال

" قلنا أخرجي الكعكة وليس كلي الجبن "

ضحكت وقلت " لا يمكنني مقاومته أبداً "

شدني إليه أكثر وقبّل خدي وقال " إذا سأشتريه لك بكل أنواعه "

أخرجت صحن الكعك قائلة " هيا ابتعد عني تأخرنا عن الضيوف "

ضحك ورفعني عن الأرض وأنا أصرخ بصوت مكتوم كي لا يسمعونه

قائلة " رائد ستوقع الصحن من يدي أنزلني "

أنزلني فرتبت الكعك في الأطباق وأنا أدفعه عني كل حين وهوا يحاول

مضايقتي , كان يأخذ الكريمة من الكعك بأصبعه ويضعها على أنفي وأنا

أضربه وأدفعه بعيداً وأمسحها وهوا يضحك على شكلي وتضايقي ثم يضعها

على خدي ويوزعها عليه بأصبعه بحركة عشوائية فضربت يده وأخذت

صحن التقديم وخرجت به مسرعة كي أهرب منه , ضيفناهم جميعهم وجلسنا

فقالت نوران " كنا نتناقش ومريم على رحلة في مطلع الربيع من أجلكما "

قال رائد من فوره " لا لن نخرج وقمر حامل "

قالت نوران بتذمر " خالي بشير أين لسانك أو سلاحك "

ابتسم رائد ابتسامة محاولاً بها إخفاء ضيقه الواضح لي فنظرت جهة والدي

فأومئ لي برأسه مبتسماً ثم قال " لا سلطة لي عليها الحكم لزوجها هوا من يقرر "

قال رائد بابتسامة رضا " وأنا قلت لن أخرج بها لأي مكان وهي حامل "

قالت بضيق " بعدها لن تخرج بها وهي نفساء ثم لن تخرج بها وأبنائكم

صغاراً وضاعت الفرصة فخالي بشير كان سيتكفل بالرحلة "

قال والدي " الرحلة محجوزة ومتى قررا ذلك هي على حسابي "

قفز مؤمن وقال بمرح " رائع سنذهب للبحر مجدداً وسنلعب اللعبة التي

كان يلعبها رائد لقمر بمنشفــــ .... "

وقف رائد وسحبه نحوه مبتعدا به قائلا " تعال سأخبرك أمراً "

ضحك الجميع وأخفيت وجهي عنهم في الأرض خجلا ووقف والدي وقال

" عليا المغادرة الآن لقد تأخرت عنهم كثيراً "

وقفت وقلت " ألن تبقى قليلاً بعد !! "

قال مبتسماً وهوا يرتدي قبعته " الأيام القادمة كثيرة بنيتي هناك جيشاً

كاملاً ينتظرني في المنزل وسويتا سوف يجن جنونها منهم "

ضحكت وقلت " لا تخف عليها لم أرى واحدة بعنادها "

ضحك واقترب رائد وقال " لما تغادر مبكراً ابق معنا "

وضع يده على كتفه وقال " في وقت آخر , ولن أوصيك على قمر يا

رائد لو لديك مكان أغلى من عينيك ضعها فيه "

شد على يده بقوة وقال " لا تخف عليها هي في قلبي قبل عيناي "

اقترب مؤمن من والدي يشد له قميص بذلته العسكرية فقرب أذنه منه

فهمس له شيئاً فابتسم والدي وقال " حسنا أحضرها "

غادر من فوره كالصاروخ وأحضر علبة مربعة الشكل وراقية مدها لوالدي

فنظر لي وقال مبتسماً " هذه هديتي يا قمر شيء أقل من مكانتك عندي بنيتي "

امتلأت عيناي بالدموع أخذتها منه وحضنته بحنان وبكاء فمسح على

ظهري وقال " حتى متى ستبقى دموعك على خداك أعانني الله على

حفيدان يبكيان طوال النهار "

ضحكنا جميعنا وابتعدت عنه مسحت دموعي وقلت

" شكراً لك يا أبي عودتك لي كانت أروع هدية "

اقتربت نوران مبتسمة وقالت " افتحيها هيا لنرى "

فتحتها فكان فيها طقما ذهبيا رائعا وراقيا نظرت له بانبهار وقلت" كم هوا

رائع أبي لقد كلفك الكثير كان يكفيني حلي والدتي الذي قدمته لي كله "

قال بابتسامة " ذاك من والدتك وهذا مني ويوم تقومين لنا

سالمة سأهديك أجمل من هذه "

حضنته بحنان وحب وغادر ووقفت بعده عمتي وقالت

" هيا بسرعة سنغادر نحن أيضاً "

قال مؤمن بتذمر " لا لن نغادر قبل صبا "

ضحكت نوران وقالت " هيا هيا قبل أن يطلب ابنك يدها للزواج "

ضحكنا جميعنا ونظر لها مؤمن بغيض وقال

" ستري إن لم أخبر والدي عن سيارته بالأمس "

سحبته معها وهي تقول مغادرة " تصبحون على خير

أمي بسرعة انتظرك في الخارج "

ضحكت عمتي وقالت " أعان الله من سيتزوجها عليها "

ودعتنا وغادرت هي أيضاً وجلسنا ومريم وأبنائها فنظرت لنا بابتسامة

وقالت " أعلم أن وجودي أصبح غير لائق لكن أيوب في الطريق "

ضحكت وقلت " مريم كيف تقولين هذا أقسم أني لا أشبع منك أبداً "

نظرت لرائد بنصف عين فضحك وحضن كتفي وقبل رأسي وقال

" تعودنا على وجودك في اللحظات الخاصة "

ضحكت كثيراً ثم قالت " الذنب كان ذنبكما وليس ذنبي , ثم أنت اليوم لم

تترك شيئاً في نفسك ولم تكترث لأحد "

قال بمكر " مريم لا تجعليني أقص لأبنائك تلك الحكاية حين ذهبت لمنزلك "

انفتحت عيناها من الصدمة وقالت بحدة " رائد تصمت أو ..... "

ضحك ووضع ساق على الأخرى وقال " أو ماذا "

قالت بنصف عين " ما هي اللعبة التي تحدث عنها مؤمن ها أخبرني "

ضحك وقال " سأخبرك ولما لا "

نظرت له بصدمة ووضعت يدي على فمه وقلت

" رائد أصمت حالاً "

ضحكت مريم وابنيها اللذان لا يفهمان من الأمر سوى أنه عليهما الضحك

مع والدتهما وأبعد رائد يدي عن فمه وقبل كفها عدة قبلات ثم همس في

أذني قائلا " ذاك اليوم وتلك المنشفة آخ منك كدتِ تقضين علي "

ضحكت ودفعته بعيداً عني فحمحمت مريم وقالت بضيق " أقسم إن

انحرف أحد أبنائي مستقبلا لتزوجونه من أحد أبنائكم لأنكم السبب "

ضحك رائد وقال " من أين سنجد لابنتيك وأحداً أكبر منهما "

قالت ببرود " لا بأس بالصغير للكبيرة لست أمانع "

ضحكنا كلينا ونظر لها وائل وقال بسرور

" هل سأتزوج ابنة خالي رائد "

انفجرنا ضاحكين وقالت مريم وهي تضربه على رأسه

" هذا ما كنت خائفة منه قد حدث , لم يدمرك سوى خالك هذا "

حك رأسه وقال بتألم " لما تضربيني لا

أريد ابنة خالي حيدر ليست جميلة "

نظرت له مريم بصدمة وقالت " من علمك هذا يا وقح "

وقف ووضع يديه وسط جسده وقال بغضب " أنتي قلتي لها

زوجونا ابنتكم , لا أريدها أريد ابنة خالتي قمر "

نظرت لنا بصدمة فضحكنا ورن هاتفها فوقفت وقالت

" هيا بسرعة للسيارة والدكم في الخارج لا بارك الله في هذا الجيل "

ثم نظرت لنا وقالت " لا تنجبا لنا فتاة رجاءً لا أتخيل كيف ستكون

ولسنا بمزاج لحرب بين ابني وابن عمتك "

ضحكت وقلت " قد تكونان ابنتين ولن نكون في مشكلة "

ضحكت وقالت " فآتتني هذه "

ثم ودعتنا وغادرت ورافقها رائد للباب فيبدوا سيتحدث مع أيوب

وانشغلت أنا في جمع الكؤوس والأطباق , بعد قليل سمعت الباب

يغلق ثم شعرت بيديه تتسللان من خلفي وأمسك يداي وأبعدهم قائلا

" لا تلمسي شيئاً ولا تنسي ما قال الطبيب الراحة فقط "

ضحكت وقلت " ومن أين علمت بما قال "

ضمني لصدره بقوة وقال " منذ البارحة زرته في قسمه

واطمأننت بنفسي وعلمت منه كل شيء "

أبعدت يديه والتفتت له وأمسكت وجهه وقلت

" رائد لما غادرت المستشفى ماذا بشأن العلاج "

أبعد يداي عن وجهه قبل كف كل واحدة منهما ودسهما في حضنه وقال

" سمح لي الطبيب بالمغادرة والاستمرار معه على العلاج وأعطاني

برنامجا لأوقف التدخين تدريجيا وانتهت المشكلة حبيبتي "

نمت على صدره وقلت بحزن " وهذا الصوت الذي يخرج منهما

يا قلب حبيبتك إنه يقلقني ويؤلمني حقاً "

شد يديه عليا وقبل رأسي وقال " سيزول مع العلاج قمر

لا تقلقي المهم هوا أنتي الآن "

ثم سحبني من يدي جهة الطاولة قائلا " تعالي لتري هديتي "

قلت بابتسامة " ما هذا اليوم المليء بالهدايا والمفاجأات "

مد لي بعلبة كبيرة بعض الشيء وقال " هيا افتحيها "

أخذتها منه ثم قبلت شفتيه واتكأت على كتفه وأنا أفتحها وما أن فتحتها

حتى شهقت من الصدمة وأخرجت ما كان فيها ورميت العلبة وحضنتها

بحب وأنا أقول " دميتي الحبيبة دمية والدتي ظننتها ضاعت ولن أجدها "

حضنني وقال بحزن " كانت معي طوال المدة الماضية وكادت تصيبني

بالجنون حين كنت أضن أنك ميتة حتى للحمام كنت أدخلها معي وأحدثها

كالمجانين وبعد أن وجدناك لم يطاوعني قلبي لإعادتها إليك فقد خفت أن

لا تعودي إلي ولا يبقى لي منك شيء أبداً "

قلت بسعادة " شكراً لك رائد هي أروع هدية وأغلى ما امتلكت في حياتي "

أبعدني عن حضنه وقال مبتسماً " لما رميتي العلبة يا

مجرمة فيها الهدية الخاصة بي "

نظرت له بصدمة ثم ضحكت وقلت " يالي من مجرمة حقا لم

أنتبه لشيء فما أن رأيت الدمية فقدت عقلي "

ضحك ورفعها عن الأرض وأخرج منها علبة قماشية صغيرة وفتحها

كان فيها خاتما ذهبيا جميلاً أخرجه منها وألبسني إياه قبل يدي وقال

ونظره للأسفل " ليست ذات قيمه حبيبتي لكن المنزل وتجديده وأثاثه

كلفني كل ما لدي حتى ثمن الكتاب الجديد "

رفعت وجهه بأصبعي وقالت

" رائد لما هذه النظرة المكسورة الحزينة "

حضنني وقال " كم أشعر بعجزي عن تعويضك عما فات وكم

أشعر بجرمي حيالك يا قمر "

شددت يداي عليه وقلت بحزن " لا تقل هذا يا رائد أقسم أني عشت

تأنيب الضمير لثلاث أعوام وأنا في الخارج بسبب خذلاني لك وكسر

قلبك حينها فلست اقل جرما منك فلننسى كل الماضي ونبدأ من جديد

أرجوك رائد "

أبعدني عن حضنه فمسحت على وجهه بيدي فأمسكها وقبلها وقال

" كيف تقولين مصيبة كهذه كيف ننسى الماضي وماذا عن طفولتنا "

ضحكت وقلت " يالها من جريمة حقاً "

ضحك وأخذ معطفي وحجابي من على الأريكة وقال وهوا يلبسهما

لي " هيا ورائنا مشوار مهم "

نظرت له باستغراب وهوا يعدل وشاحي على وجهي وقلت

" أين سنذهب !! "

قبل شفتاي وقال " مفاجئه جميلة كزوجتي الفاتنة الغالية على قلبي "

ثم سحبني من يدي قائلا " سنغادر الآن وكل هذه الفوضى لن

تلمسي منها شيئاً أنا من سينظفها "

خرج بي من المنزل أغلقه وركبنا سيارته وانطلق بها يتحدث معي

عن ذكرياته عن طفولته عن أيام دراسته وعن كل الأمور التي لم

يكن يتحدث معي فيها يوماً وانتهى ذاك الصمت القاتل الذي كان يغلف

رحلاتنا معا في السيارة في الماضي ومن اندماجي معه لم أشعر بالطريق

التي أخذت منا ساعة كاملة ووجدت نفسي فجأة أمام منزل خالي نظرت

له بصدمة ثم لرائد وأمسكت قلبي وقلت بخوف " لا رائد لما أتينا هنا "

أمسك وجهي وقال " لما الخوف حبيبتي أريد فقط أن أريك شيئاً وأخبرك بآخر "

هززت رأسي بلا وعيناي تمتلئ بالدموع فقبل شفتاي وقال بخيبة أمل

" حسناً حبيبتي لا تبكي كله إلا دموعك "

تنهدت بحيرة لقد كلف نفسه عناء إحضاري هنا ويخطط لشيء من

أجلي وأنا عدت لأنانيتي من جديد أمسكت يده من وجهي وقبلت

كفها وقلت " حسناً رائد سننزل "

شغل السيارة وقال " مستحيل لن تدخليه مادمتِ لا تريدين ذلك "

أمسكت ذراعه وقلت برجاء " غيرت رأيي فلننزل الآن أرجوك "

تنهد وأوقف السيارة ونزلنا دخلنا فناء المنزل وكان باب المنزل مفتوحا

فنظرت لوجهه بحيرة فوضع يده على كتفي وقال " لم يقم أحد

بإغلاقه منذ اليوم الذي أخرجتك منه للمستشفى "

تقدمنا بخطوات بطيئة دفع الباب ودخلنا وما أن وصلنا للصالة

حتى شهقت من الصدمة كان المنزل مدمراً وكأن إعصارا قد مر

عليه نظرت له فقال ونظره على حطام المنزل " لقد دمرته كله

وأحرقت ذاك المخزن من يأسي وحزني وقتها ولو كان بإمكاني

تدمير جدرانه حجراً حجراً لفعلت "

قلت بحيرة " وأين أصحابه كيف أبقوه هكذا "

تنهد تنهيدة طويلة ثم نظر باتجاهي أمسك وجهي بيديه وقال " خالك توفي

بسبب التليف الكبدي وزوجته في مستشفى الأمراض العقلية بسبب الحالة

النفسية التي تطورت معها وظهر من أوراق المنزل أنه كان ملكا لجدك أي

أنه ورث لوالدتك وخالك وهوا الآن ملك لك لأنك الوريثة الوحيدة لهما "

كنت أنظر لعينيه بصدمة وضياع وحيرة ثم قلت بهمس

" لا لا أريده... لا رائد "

حضنني وقال " أعلم حبيبتي وتحدثت ووالدك في الأمر وقال سيهدمه

ولن يبيعه لتأخذي حقه وسنبني مكانة ما تريديه أنتي "

قلت ببكاء " لا ليس لي هوا ليس لي "

حضنني بقوة أكبر وقال " قمر يكفي لا تبكي حبيبتي أخبرتك أننا سنهدمه "

ابتعدت عن حضنه ومسحت دموعي فحملني بين ذراعيه وقال ضاحكاً

" يبدوا لي وزنك أصبح يزداد "

غمرت وجهي في عنقه وأنا أتمسك به وقلت بابتسامة

" هذا بسبب ابنيك ولم ترى شيئاً بعد "

ضحك وسار بي في المنزل يضرب بقدمه قطع الأثاث المحطمة ليبعدها عن

طريقه أخذني حتى المطبخ ووقف وقال " قمر ارفعي وجهك وانظري حبيبتي "

نظرت للمخزن المحترق المسود ونزلت دموعي مباشرة حين وقعت عيناي

على المكان الذي كنت أنام فيه وغمرت وجهي في عنقه مجدداً أبكي بحرقة

فقال " قمر ارفعي وجهك وانظري لذاك المكان مجدداً هيا حبيبتي "

قلت بصوت مخنوق " لا أريد رائد أرجوك "

قال بجدية " هيا قمر تذكري كل الأشياء الجميلة التي حدث

معك اليوم وارفعي وجهك وانظري هناك "

تذكرت كل ما حدث معي منذ الصباح والدي رائد عائلتي وعائلته وهداياهم

وحبهم لي فشعرت بالسعادة تدب في قلبي ورفعت وجهي ببطء من عنقه

ونظر للمخزن فقال رائد بهمس " هيا قمر حدثيها إنها نائمة هناك أخبريها

عن كل ما ينتظرها من سعادة في المستقبل وكل ما ستجده اليوم "

نزلت دموعي وعجز لساني عن الحديث ثم أبعدت شفتاي ببطء

وقلت بهمس حزين مخنوق " قمر "

قبل خدي وقال حاثا إياي " نعم حبيبتي هيا تكلمي "

قلت " قمر انظري هذا رائد سيصبح زوجك وستحملين في أحشائك

تؤمين منه وسيشتري لك منزلا لك وحدك وستجدين والدك وسينتقم لك

منهما , قمر لا تبكي ولا تحزني والداك لم ينسيانك والله لم ينساك أبداً "

ثم شهقت وتابعت " رائد لن يضيع منك للأبد يا قمر سيعود إليك "

شعرت حينها بكم هائل من التعب يخرج من جوفي ومن قلبي وشعرت

بالماضي يخرج مع أنفاسي دسست وجهي في عنقه مجدداً وقبلته وقلت

" شكراً لك رائد شكراً "

لف مغادراً بي وقال بصوت مبتسم " هيا يا قمر أخرجي معنا لقد جئنا لإخراجك

ولن تعودي هنا أبداً تعالي معنا للمستقبل تعالي نعم قفي وتعالي أجل رائع "

ثم سار بي خارجا من المطبخ وأنا أشعر بالفعل أنها تخرج خلفنا , سار بي

مسافة وقال " قمر افتحي عينيك "

أبعدت وجهي ونظرت فكنا عند الباب السفلي للسطح نظرت له فابتسم

وقال " سنصعد حسناً "

هززت رأسي بحسنا فصعد بي الدرجات ببطء وقال هامسا في أذني

" إنها تتبعنا أليس كذلك "

أدمعت عيناي وقلت بهمس مخنوق " نعم "

قال مبتسماً " وماذا تفعل "

قلت بابتسامة حزينة " تقفز الدرجات وتغني نشيدنا "

قال " هي سعيدة بما أخبرتها به أليس كذلك "

هززت رأسي بنعم فابتسم أكثر وقال " ولم تعد في المخزن "

هززت رأسي وقلت " لا "

قبل خدي ودفع باب السطح بقدمه وخرجنا هناك وأنزلني نظرت لكل

مكان فيه وكل زاوية ثم نظرت له وقلت مبتسمة من بين دموعي

" إنها هنا "

مسح دموعي وقال " نعم حبيبتي وسنخرجها معنا كما وعدناها حسناً "

نمت على كتفه وقلت " ولما لا نتركها هنا هي تحب هذا المكان "

شدني بذراعيه وقال " كما تريدين حبيبتي تعالي وانظري "

أخذني حيث نهاية السطح الفاصل لمنزلهم نظرت له بصدمة وقلت

" ما هذا !! "

قال بابتسامة " ألسنا سنتركها هنا "

هززت رأسي بنعم فقال " لذلك فتحت لها هذه الفتحة على سقف رائد لتذهب

إليه في الليل سيحظر لها بطانية وطعاما ويجلس معها ويتحدثان ويضحكان "

هززت رأسي له بنعم مبتسمة فمسح على وجهي وقال

" هي سعيدة هكذا ولن تحزن أبداً حبيبتي أليس كذلك "

حضنته بحب وقلت " نعم سعيدة ولن تحزن "

حضنني بقوة وقال " لقد اشتريت منزل والدي بعدما دفعت لهم ثمن حصتهم

وأصبح لي لكننا الآن لن نهدم هذا المنزل لأن قمر ورائد يعيشان في السطح "

نظرت له وقلت بابتسامة " ستهرب قمر من تلك الفتحة

وتعيش معه قبل أن يسقط المنزل "

حضنني وقال بسعادة " إذا ستخرج قمر من هنا "

قلت " نعم لمنزل رائد "

أبعدني عن حضنه أمسك وجهي وقبله عدة قبل وقال

" تعالي هناك مفاجئة لك "

قلت بابتسامة " لا تقل أننا سنفسد على قمر ورائد لعبهما هناك "

ضحك كثيراً وقال " المحتالة سبقتنا للسطح الآخر إذاً "

ضحكت وقلت " كان يفترض بنا أن تحدثنا همسا كي لا تسمعنا "

سحبني من يدي ضاحكاً ومررنا من الفتحة الكبيرة في الجدار

المشترك وصلنا لصندوق خشبي نزل وجلس أمامه ومد يده لي

وقال " تعالي حبيبتي أجلسي لتري "

أمسكت يده وجلست على الأرض بجانبه فتح الصندوق فكان فيه قطع

منظاره القديم فنظر لي وضحكت ثم مد يده داخل الصندوق أكثر وأخرج

شيئاً ما أن رأيته حتى فتحت فمي من الصدمة وقلت " لا تقلها يا رائد لا "

حركها أمام وجهي وقال مبتسماً " بلى إحدى كراساتك خبأتها هنا منذ تلك

السنين لأنها الوحيدة التي وجدتها هناك لقد قفزت لسطحكم بعدما ناديتك

كثيراً ولم تجيبي وطالت بي الأيام أنتظرك فلم أجد من كراساتك غير

هذه تبدوا تلك الحقودة التي انتقم الله لقمر الطفلة منها أحرقت كل شيء "

أخذتها من يده غير مصدقة وفتحتها كانت هي بالفعل كراستي الأولى التي

كتبت فيها , أشرت بإصبعي للحرف وضحكت كثيراً ثم قلت

" هل هذا حرف ثاء أم سفينة "

ثم نظرت له وقلت " ما أبشعهم كيف تضع لي علامة كاملة

عليهم وقتها يالك من معلم فاشل "

ضمني لكتفه وقال ضاحكاً " كيف كان سيطاوعني قلبي أن

أكتب لك غير علامة كاملة "

حضنت الكراسة بقوة وقلت " ما أجملها من مفاجأة يا رائد ما أجملها "

قبل رأسي وقال " هيا سنغادر لقد أزعجنا حصتهم بما فيه

الكفاية وسنأخذ الكراسة معنا "

نظرت له وهززت رأسي بلا وقلت " سنتركها لها رائد كيف نأخذها منها "

ابتسم وشد أنفي بإصبعيه وقال " أوامرك مولاتي فقط لا تتركيني أنا هنا لها "

أحطت خصره بيداي واتكأت على كتفه وقلت

" لا أنت لا أعطيك لأحد , لديها واحد لها وستذهب وإياه للمستقبل "

ثم ابتعدت عنه ونظرت لعينيه وقلت

" رائد هناك أمر يشغل بالي كثيراً أود أن نتحدث فيه "

هز رأسه لي بنعم لأتحدث فمسحت على وجهه بيدي وقلت بهدوء

" والدي رائد لا أريد تركه بعدما وجدته هوا يحتاجني أكثر مما أنا

أحتاجه لقد حُرم مني كل سنين حياته و ..... "

ضمني لحضنه قبل أن أنهي كلامي وقال " أفهمك حبيبتي وسنتناقش معه

في الأمر ولن أحرمك منه أبداً ولن يأخذك مني سنزوجه ونتخلص منه

ليطردنا بنفسه من منزله "

ابتعدت عنه وقلت بسرور " حقا سنعيش معه لا تمانع رائد "

قال بهدوء " لا حبيبتي رغم أني أعددت المنزل لأجلك

واشتريته كبيراً من أجل أبنائنا "

نظرت له بحزن وحيرة فقبل شفتي وقال بابتسامة

" سنجد من يساعدنا على تربيتهم والدك وضيوفه وخادمته "

ضحكت وقلت " يالك من استغلالي "

ضحك ووقف ومد يده لي وقال " هيا حبيبتي سننزل من هنا "

أمسكت يده ووقفت وقلت " ماذا ستفعل بهذا المنزل "

وضع إصبعه على شفتيه وقال بهمس " أششش لا يسمعانك

ويقذفاننا من السطح للشارع مباشرة "

ضحكت وأغلقت فمي بيدي فوضع يده على كتفي وقال وهوا يتجه

بي لباب سطح منزلهم " سيبقى هذا المنزل لهما لا يأخذه منهما

أحد ولا يزعجهما أحد أبداً "

ونزلنا من هناك لباب المنزل الخارجي فوراً ومنه للخارج لحياتنا

الجديدة التي لا رائحة للماضي فيها بعدما حررني من قمر الطفلة

وحررها من سجنها ووضعها حيث كانت تريد فهكذا هي الحياة نحن

من نتحكم بها نسجن أنفسنا في ماضيها ونتوقف عند عتبات قهرنا فيها

لتقدم لنا اليد التي تخرجنا من هناك ونحن نقبلها أو نرفضها بملء إرادتنا

فلا شي اسمه تعاسة للأبد وحزن لا ينتهي وأيام كلها سوداء فلكل عذاب

نهاية ولكل ظالم يوم ينال فيه جزائه من رب عادل في الأرض وفي السماء

عادل في الدنيا قبل الآخرة لا يظلم ولا يحب الظلم

وها قد جاء اليوم أخيراً الذي تنتهي فيه قمر القديمة عند تلك العتبات لتولد الجديدة

وتمضي للمستقبل كزوجة وكأم وكعائلة أصبحت تتمسك في الحياة لأجلها



بعد إصرار كبير مني ورائد وافق أبي أن أبحث له عن عروس , كان كل

رفضه لأنه لا يريد أن يظلم معه امرأة بسبب طبيعة عمله ولكنه يستحق أن

يعيش ما فقده من عمره وأن يكون لي إخوة حُرمت منهم كل عمري

لا تتساءلوا عن الأعزبان لقد تزوجت نوران هههههه والعريس هوا مروان

أعانهما الله على بعض , لقد تعرف عليها في زيارة لهم للمزرعة بدعوة

من الجدة وسحرته بمصائبها تخيلوا أنها تركت باب إسطبل الخيول مفتوحا

في أول يوم لهم هناك وكادت تصيبه بالجنون يومها , لا وكانت تضحك

عليه أمامه وهوا غاضب



أفقت من سرحاني ونظرت بعيناي للأسفل فكان قد نام أخيراً هذا

المزعج المتعب , جلست وعدلت قميصي ونظرت للبعيد وقلت

" رائد لا تهزه هكذا لقد أسقطت أحشائه "

نظر باتجاهي وقال بتذمر " لما لا يسكت لقد أتعبني "

هززت رأسي بيأس وقلت مبتسمة " هات سأرضعه قد ينام كشقيقه

يا لها من مساعدة قدمتها لي "

اقترب وقال بضيق " الحق علي أردت أن ترتاحي من أحدهما "

مددت يداي له وقلت " شكراً على مدينة الملاهي التي أخذته لها الآن "

ضحك كثيراً وقال غامزا بعينه " ما رأيك بجولة معي فيها "

ضحكت وقلت " لا لست مستغنية عن قلبي يكفيك ابنك "

اقترب من الباب فتحه و نادى على والدي بصوت مرتفع وما هي إلا

لحظة وكان عنده فدخل رائد وهوا يتبعه قائلا " ما بكما !! "

أعطاه رائد بشير الصغير وقال " خد حفيدك مشتاق لك "

ثم توجه نحوي أمسك يدي وسحبني منها وقال موجهاً كلامه له

" ولن نوصيك اعتني بمنذر إن استيقظ بسبب صراخ أخيه "

ثم خرج بي يسحبني بيده من الغرفة مسرعا وأنا أركض خلفه قائلة

" رائد انتظر أين تأخذني أبي لا يعرف كيف يتصرف معهما "

وصلنا عند غرفتنا حملني بين ذراعيه وقال مبتسماً " اشتقت لك يا

قاسية لقد جنننني طفليك هادان , دعيهما له قليلاً واعدلي يا ظالمة "

ابتسمت وتمسكت بعنقه ودسست وجهي فيه فدخل بي الغرفة وضرب

بابها خلفه بقدمه ..............

النــــــهاية


وعند هنا كانت محطتي الأخيرة معكم قراء ومشجعي ومحبي روايتي

المتواضعة ..... ( منازل القمر )

طفلة كبرت بفضلكم وفي حضن حبكم الدافئ لتتحول لزهرة مكتملة

ولتصبح شيئا يعيش في الذاكرة فأتمنى أن يدوم في ذاكرتكم للأبد

شكرا لكل من شجعني وساندني ودعمني ولكل من قرأت عيناه ولو

سطر واحد من أسطرها وأعجبه وأتمنى أن تكونوا الحياة لروايتي

الجديدة كما كنتم لسابقاتها

( أوجـــــــــــاع ما بعد العــــــــاصفة )

ستكون إن شاء الله بين أيديكم في أول فصل من فصولها في مثل هذا

اليوم من الأسبوع القادم متمنية أن تحوز على رضاكم وإعجابكم وأن

يحضا أبطالها بحبكم كما وجد سابقيهم المكانة في قلوبكم


(( وسن .... وانكسار الحب وتراكمات ظروفها وانصياعها لواقع أدفعها الكثير

نواس .... وضياعه بين العشق بجنون والجرح والكبرياء ليُجبر أن يكون

جلادا بلا سوط


سما ..... والخوف من المجهول وسر كتمانه أخطر من البوح به

نزار ..... واجتياح قلب مراهقة لعالمه لتكتسح ماضيه وجرحه لتجعله

يعيش الصراع بينه وبين أفكاره ومعتقداته


أرجوان ..... الاستيقاظ من حلم لواقع لم يكن في الحسبان لتكتشف

أنها عاشت في كذبة لسنين تحولت لحقيقة موجعة

جابر .... ؟؟؟؟؟؟!!!!!!!

وغيرهم الكثير ستتعرفون عليهم فكونوا في انتظارهم ))



وختاما أحب شكر كل أخواتي الحبيبات من شجعوني وساندوني وكان

لي كل الشرف بمعرفتهم

حكاية أمل

بلومي

طعون

رسيل الأحزان

وفاء

حنان الرزقي

منى سعد

لولوه بنت عبد الله

الأميرة البيضاء

طالبة هندسة

ميلاد الكلمات

حنين الشرق

أم مروان

غدا يوم آخر

ليالي حالكة

كيد

أحتاج الأمان

أم ميدوو

كنينة

سو رومانس

سمفونية الحنين

ابداع انثى

ريم السعودية

جماآآن

سباهي
RiverRose

Tami.999
Zeze

‏أحلى عين

نزف جروحي

عشق القمر

جروحي تنزف أحزان

نور بلادي
negmet elamar

ودمتم في حفظ الرحمن ....... أحبكم في الله ( برد المشاعر )




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 26-04-15, 01:30 PM   #48

ألم الواقع الحزين

فراشة الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية ألم الواقع الحزين

? العضوٌ??? » 323824
?  التسِجيلٌ » Aug 2014
? مشَارَ?اتْي » 134
?  نُقآطِيْ » ألم الواقع الحزين has a reputation beyond reputeألم الواقع الحزين has a reputation beyond reputeألم الواقع الحزين has a reputation beyond reputeألم الواقع الحزين has a reputation beyond reputeألم الواقع الحزين has a reputation beyond reputeألم الواقع الحزين has a reputation beyond reputeألم الواقع الحزين has a reputation beyond reputeألم الواقع الحزين has a reputation beyond reputeألم الواقع الحزين has a reputation beyond reputeألم الواقع الحزين has a reputation beyond reputeألم الواقع الحزين has a reputation beyond repute
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
بسم الله الرحمن الرحيم


ألم الواقع الحزين غير متواجد حالياً  
التوقيع
اللهم اغفر وارحم امي وابي بواسع رحمتك واجمعني معهم بالجنة يا رب اشفي اخواني من كل داء ورجعهم لي سالمين واجمعني بهم علي الخير وفرح قلبي بامنياتي لهم .... وفرحني معهم يا رب
رد مع اقتباس
قديم 01-05-15, 12:06 AM   #49

hidaya 2

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية hidaya 2

? العضوٌ??? » 107776
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,552
?  نُقآطِيْ » hidaya 2 has a reputation beyond reputehidaya 2 has a reputation beyond reputehidaya 2 has a reputation beyond reputehidaya 2 has a reputation beyond reputehidaya 2 has a reputation beyond reputehidaya 2 has a reputation beyond reputehidaya 2 has a reputation beyond reputehidaya 2 has a reputation beyond reputehidaya 2 has a reputation beyond reputehidaya 2 has a reputation beyond reputehidaya 2 has a reputation beyond repute
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

hidaya 2 غير متواجد حالياً  
التوقيع

( مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )
رد مع اقتباس
قديم 01-05-15, 03:30 AM   #50

sweetmimi2

نجم روايتي وفراشة الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية sweetmimi2

? العضوٌ??? » 295380
?  التسِجيلٌ » Apr 2013
? مشَارَ?اتْي » 438
?  نُقآطِيْ » sweetmimi2 has a reputation beyond reputesweetmimi2 has a reputation beyond reputesweetmimi2 has a reputation beyond reputesweetmimi2 has a reputation beyond reputesweetmimi2 has a reputation beyond reputesweetmimi2 has a reputation beyond reputesweetmimi2 has a reputation beyond reputesweetmimi2 has a reputation beyond reputesweetmimi2 has a reputation beyond reputesweetmimi2 has a reputation beyond reputesweetmimi2 has a reputation beyond repute
افتراضي

من اجمل ما قرأت ،وذلك ليس بغريب على الكاتبة برد المشاعر

سلمت الأنامل وبوركت الجهود لكل من الكاتبة والنافلة

كل ودي


sweetmimi2 غير متواجد حالياً  
التوقيع
https://
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:45 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.