آخر 10 مشاركات
أترقّب هديلك (1) *مميزة ومكتملة* .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          97 - اللمسات الحالمة - مارغريت روم - ع.ق (الكاتـب : angel08 - )           »          الحب هو العسل (46) للكاتبة: فيوليت وينسببر .. كاملة ( تنزيل رابط جديد) (الكاتـب : monaaa - )           »          515 - نهاية الشك - روزالي أش - قلوب عبير دار النحاس** (الكاتـب : Just Faith - )           »          [تحميل] المشاكسه والمستبد، بقلم / نورا نبيل"مصريه" ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          95 - عاد بلا قلب - ليليان بيك ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          رواية أحببت فارسة أكاريا (الكاتـب : الفارس الأحمر - )           »          رواية واجتاحت ثنايا القلب (1) .. سلسلة ما بين خفقة وإخفاقة (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          لن..أغفر لك! (48) للكاتبة heba45 ×كــــاملهـ× مميزة (الكاتـب : heba45 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-06-15, 02:17 PM   #271

سجن المؤمن

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية سجن المؤمن

? العضوٌ??? » 307215
?  التسِجيلٌ » Nov 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,523
? الًجنِس »
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » سجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


مقتطف :

هل عدم وفائي لأقرباء زوجي كان سبب ما حدث لهم .. هل حدث ما حدث لأني لم أدعو لهم و لم أكن وقتها لأتذكر أن تعرضهم للموت أو الإصابة مؤكد أكثر من تعرضه ..، كنت مهتمة فقط بأن لا يموت زوجي الذي أحبه .. و أب ابني الذي أقدره .. و ابن بلدي الذي أعاد لي اللهجة الفلسطينية الجميلة التي اشتقت لها أثناء عيشي في تونس .
لا أعرف حقيقة .. أريد فقط أن أنسى الأنانية التي تمكنتني في تلك اللحظات فرؤية الألم الشديد في مقلتا زوجي جرحني و معرفتي لطعم الفقد المر الذي يلوكه فمه جعلني أندم .. أندم على البخل الذي سيطر عليْ في ذاك الوقت العصيب و جعلني أشطب ماجد و عائلته من حساباتي.




سجن المؤمن غير متواجد حالياً  
التوقيع
قد كنتُ أرجو وَصْلَكُمْ فَبَقِيْتُ مُنْقَطِعَ الرجاءِ
أنتِ التي وَكَّلْتِ عينيَ بالسهادِ وبالبكاءِ
إنَّ الهوى لو كان يَنْفُذُ فيهِ حُكْمِيْ أو قضائِيْ
لَطَلَبْتُهُ وَجَمَعْتُهُ مِن كلِّ أرضٍ أو سماءِ
فَقَسَمْتُهُ بيني وبين حبيبِ نفسي بالسواءِ
فنعيش ما عشنا على مَحْضِ المودةِ والصفاءِ
حتى إذا مُتنا جميعاً والأمورُ إلى فَنَاءِ
ماتَ الهوى مِن بَعْدِنا أو عاشَ في أهلِ الوفاءِ

الشاعر عباس بن الأحنف
قديم 01-07-15, 12:51 PM   #272

bna

? العضوٌ??? » 336834
?  التسِجيلٌ » Feb 2015
? مشَارَ?اتْي » 220
?  نُقآطِيْ » bna is on a distinguished road
افتراضي

ملخص رائع
واحداث تخنق العبرات


bna غير متواجد حالياً  
قديم 01-07-15, 02:53 PM   #273

سجن المؤمن

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية سجن المؤمن

? العضوٌ??? » 307215
?  التسِجيلٌ » Nov 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,523
? الًجنِس »
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » سجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي رد

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bna مشاهدة المشاركة
ملخص رائع
واحداث تخنق العبرات
عطرت المكان بمرورك
شكرا لك على مشاركتك لي برأيك
أرجو أن تعجبك الفصول
بوركت


سجن المؤمن غير متواجد حالياً  
التوقيع
قد كنتُ أرجو وَصْلَكُمْ فَبَقِيْتُ مُنْقَطِعَ الرجاءِ
أنتِ التي وَكَّلْتِ عينيَ بالسهادِ وبالبكاءِ
إنَّ الهوى لو كان يَنْفُذُ فيهِ حُكْمِيْ أو قضائِيْ
لَطَلَبْتُهُ وَجَمَعْتُهُ مِن كلِّ أرضٍ أو سماءِ
فَقَسَمْتُهُ بيني وبين حبيبِ نفسي بالسواءِ
فنعيش ما عشنا على مَحْضِ المودةِ والصفاءِ
حتى إذا مُتنا جميعاً والأمورُ إلى فَنَاءِ
ماتَ الهوى مِن بَعْدِنا أو عاشَ في أهلِ الوفاءِ

الشاعر عباس بن الأحنف
قديم 07-07-15, 06:19 PM   #274

سجن المؤمن

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية سجن المؤمن

? العضوٌ??? » 307215
?  التسِجيلٌ » Nov 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,523
? الًجنِس »
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » سجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
سأعود مع الرواية غدا ..
إن شاء الله سأقدم فصلا طويل
انتظروني مع الساعة منتصف النهار بتوقيت مكة المكرمة


سجن المؤمن غير متواجد حالياً  
التوقيع
قد كنتُ أرجو وَصْلَكُمْ فَبَقِيْتُ مُنْقَطِعَ الرجاءِ
أنتِ التي وَكَّلْتِ عينيَ بالسهادِ وبالبكاءِ
إنَّ الهوى لو كان يَنْفُذُ فيهِ حُكْمِيْ أو قضائِيْ
لَطَلَبْتُهُ وَجَمَعْتُهُ مِن كلِّ أرضٍ أو سماءِ
فَقَسَمْتُهُ بيني وبين حبيبِ نفسي بالسواءِ
فنعيش ما عشنا على مَحْضِ المودةِ والصفاءِ
حتى إذا مُتنا جميعاً والأمورُ إلى فَنَاءِ
ماتَ الهوى مِن بَعْدِنا أو عاشَ في أهلِ الوفاءِ

الشاعر عباس بن الأحنف
قديم 08-07-15, 12:01 PM   #275

سجن المؤمن

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية سجن المؤمن

? العضوٌ??? » 307215
?  التسِجيلٌ » Nov 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,523
? الًجنِس »
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » سجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفصل قسمته لجزئان
سأنزل الجزء الاول ثم الثاني


سجن المؤمن غير متواجد حالياً  
التوقيع
قد كنتُ أرجو وَصْلَكُمْ فَبَقِيْتُ مُنْقَطِعَ الرجاءِ
أنتِ التي وَكَّلْتِ عينيَ بالسهادِ وبالبكاءِ
إنَّ الهوى لو كان يَنْفُذُ فيهِ حُكْمِيْ أو قضائِيْ
لَطَلَبْتُهُ وَجَمَعْتُهُ مِن كلِّ أرضٍ أو سماءِ
فَقَسَمْتُهُ بيني وبين حبيبِ نفسي بالسواءِ
فنعيش ما عشنا على مَحْضِ المودةِ والصفاءِ
حتى إذا مُتنا جميعاً والأمورُ إلى فَنَاءِ
ماتَ الهوى مِن بَعْدِنا أو عاشَ في أهلِ الوفاءِ

الشاعر عباس بن الأحنف
قديم 08-07-15, 12:28 PM   #276

سجن المؤمن

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية سجن المؤمن

? العضوٌ??? » 307215
?  التسِجيلٌ » Nov 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,523
? الًجنِس »
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » سجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الحادي عشر : الجزء الأول

خده أحسن أم ثغره بل كلا الحسنين فتان
كل جزء من بدائعه لفنون الحسن بستان
لي كؤوسٌ من مراشفه ومن الأطيار ندمان
كلما قبلت وجنته خلت أن الورد خجلان
ظمئ ترويه قبلته كيف ريى وهو ظمآن
رب طلٍّ بات يكلؤه فكأن الطل غيران
وكأن الورد إذ سطعت منه ريح الطيب نشوان
أنا أخشى أن أراعيه ما لهذا الورد جثمان
كيف لا تذوي غلالته وهي الأعين ميدان
إبراهيم عبد القادر المازني


الليلة دافئة و القمر يؤنس العاشقين .. ، النجوم تحتفل بإكتمالهم .. و ذوبانهم .
" اللهم إني أسألك من خيرها ومن خير ما جبلت عليه وأعوذ بك من شرها ومن شر ما جبلت عليه "
قلت هذا الدعاء و أنا في أوج سعادتي .. . غير أن الناصية التي وضعت عليها كفي كانت مجفلة ..و كان العرق يتصبب منها.. جلست بجانبها كاتما ضحكتي جراء وجهها المصفر فزعا .. بيد أني أشفقت عليها لما رأيتها تحاول أن تضع بيننا أطول مسافة فاصلة.. أمسكت بيدها و مسدتها لعلها تهدأ ثم قلت في نفسي فلتختبر يا عمر يا قدرتك على تسكين زوجتك تكلمت ..:
احم .. احم .. أعرفك بنفسي أنا عمر التايب .. زوجك الذي ستقضين معه بقية أطوار حياتك..
مرحبا بك في شقتك الزوجية التي ستسجنين فيها "
رفعت نظرها لي و في عينيها لهب: " كرر ما قلته... هل تزوجتني لتسجنني ... آه .. هل أصبحت كأولئك الرجال الذين يحبون استعباد نسائهم و سجنهم .. "
كانت ستواصل كلامها و إذ بها تلاحظ نظرة التسلية في مقلتيْ .. فصمتت مغتاظة فهي عرفت أني كنت أتسلى على حسابها.. فهذه عادتي منذ أن كنا أطفالا..
" لا تغضبي ... فهذه كانت الطريقة الوحيدة لإخراجك من حالة التوتر التي كنت تعيشينها .... و الآن يا حبيبتي دعينا من هذا .. و قولي لي أميرتي هل أخبرتك ببالغ بهجتي و أن حلاوة هذه الليلة في فمي تفوق حلاوة التين و العسل .. و أن في إلمتاع عيناك الليلة وضاءة تنير دروبي ..و إني أخبرك أن هذه المسافة التي افتعلتها بيننا يلتاع لها قلبي.. فأنا مشتاق و بي لهفة قطعت المسافة التي بيننا ..و هفوت لتقبيل تلكما الوجنتين فما ظهر فيهما من ورود كان كافيا لإضرام نيراني .. و قد نفذ صبري الذي عولت عليه سنتان .. فلثمتهما بحرارة و أخذت أقبل كل انش في وجهها بهذه الطريقة .



فزعت في باديء الأمر لما وضع عمر يده على ناصيتي غير أن مغازلته لي ..شفافيته في التعبير.. في الإحساس بي .. هدأت من روحي ..ثم استجبت بصورة طبيعية لقبلاته الرقيقة التي غمرتني بحبه الكبير فاستسلمت له .

***********
قصدت المطعم المتفق عليه ..كان موقعه استراتيجيا فهو يطل على البحر لذلك كان قبلة لسياح و لسادة المجتمع ...فعبق البحر الذي يمتزج بملوحة أمواجه و رائحة رمله الذي عشقته الشمس فأعطته من دفئها و وهجها لذلك كان مادة ساحرة تهفو بشرتنا لملمسها .
رأيت السيد مراد جالسا في المكان الذي اجتمع به معنا سابقا ، صافحته فرحب بي قائلا :
-" أهلا بك سيد أحمد .. أرجو ألا أكون قد أفسدت بعض مخططاتك... "
ابتسامة ارتسمت على شفتي أي مخطط .. أظنه مخطط تذكر ألامي و أحزاني و فقداني لامرأتي...حتى من سناء تجاهلتني و انشغلت بعملها و في حضورها أصبحت ترمقني بنظرات كلها شك و خيبة .. أجبته :
"لا .. لم يكن عندي شيء هذه الليلة.. حقيقة إن الفضول يقتلني لمعرفة سبب هذا اللقاء.. خاصة و قد رفضت أن يكون في مكتبي "
ضحك مقهقها : يا لصراحتك ..لنطلب العشاء أولا .. ثم نتناقش في الأمر "
تناولنا العشاء .. كان لذيذا .. كعادة طعام هذا المطعم .. و بالطبع يعود تمتعي لذوق الممتاز الذي يتمتع به السيد مراد ... و بينما أشغل بالي بهذه الأفكار إذ تكلم:
" طبعا أنت تتساءل عن سبب طلبي للقائك... حقيقة قد تستغرب ما سأعرضه عليك.. أنا ببساطة أعرض عليك عملا.. أنت تعلم طبعا بالإضافة لسلسلة الفنادق التي نملكها .. فإننا أصحاب بنوك.. و قد عرفت أن اختصاصك الأصلي متعلق بالمحاسبة لذلك أنا أقدم لك فرصة للعمل في مجالك "
"ما الذي يجعلك تقدم لي هذه الفرصة.. و هل تظن أني سأترك العمل مع العائلة.. حتى لو كنت أعمل معهم في غير تخصصي "
" على رجل الأعمال دائما أن يقرأ ما تحت السطور و أن يمتلك فراسة .. و فراستي تقول أنك غير مرتاح في عملك مع زوج أختك .. و العمل السياحي يثقلك .. "
أجبته هازئا : "و هل مما يتمتع به رجل الأعمال الناجح صفة الحنان " احتد صوتي : " ما فائدتك من عرض هذا العمل عليّ .. ماذا ستجني ..؟ ! "
رد عليّ بكل هدوء : " لا ليس حنانا .. بل ضرب عصفورين بحجر واحد.. بيني و بين علي العقبي حسابات قديمة .. و لست بمن أصفيها بأعمال خارج القانون.. لكن في عملك بشركتنا ضربة لكبريائه.. و ما قلت كلامي هذا إلا لمعرفتي بفقدانك للمودة في علاقتك معه "
تأملت كلامه و قلت أنه وجب علي موازنة الأمور فأنا أحلم منذ فترة بالخروج من عباءة علي العقبي فقلت : إذا كان العرض صالح لمدة أسبوع .. فسأعطيك إجابتي يعد سبعة أيام "
" نعم سيد أحمد ... وازن أمورك جيدا ... و أنصحك أن لا تهتم إلا بمصلحتك "
ابتسمت له ابتسامة لبقة : " أسعدني تناول العشاء معك .. حتى اللقاء القادم .. "
" نعم .. إن شاء الله .."

********

اليوم يوم إجازة من العمل لذلك نهضت متأخرا وجدت زوجتي في غرفة الجلوس ، ناشرة أوراقها من المؤكد أنها تعمل على إعداد برنامجها الجديد .. حاجباها معقودان مما يدل على تفكيرها العميق و مقلتيها مفتوحتان على الآخر ، كأنهما مسافرتان في رحلة خارج زمننا ..و تطرق على أوراقها بواسطة القلم الأزرق ..استفزتني جلستها و هذا الاهتمام التام بعملها فعوض أن تقضي يوم إجازتها مع ابنتها ها أنا أراها مشغولة بهذا البرنامج الجديد ، أنا الرجل و لا أعمل أي شيء في الإجازة و أستغل قضاء وقتي مع صغيرتي ..ألا ترى أن ابنتها متعلقة بي أكثر منها ..و أنه يجب عليها أن تمتّن علاقتها معها ..، أنا أقدّر أنها امرأة عاملة لكن أظن أنه حان الوقت لتخفض من ساعات دوامها..، ففاطمة في حاجة إليها هي تقول أنها قدمت كثيرا من التضحيات إلا أني لم أحبها ..؟ فلتتساءل لماذا ؟ لأني أرى زملاء عملي أكثر مما أراها فلا يكفي علاقة جسدية جيدة كي أحيها ..، إن كان هناك شيء سيجعلها الأولى في قلبي فهو أن تتنازل قليلا و تهتم بي و بإبنتها أكثر .. أعرف أنها تحبنا و لكن لا يكفي القول ففي الكثير من الأحيان تكون الأفعال أنجع .
رفعت نظرها إلي قائلة :
" صباح الخير ..ها قد نهضت .. كنت الآن آتية لأوقظك "
" و لما ستقظيني ..؟ آه عرفت تريدين مني أن أهتم بفاطمة بما أن وقت استيقاظها قد حان .. و بما أنك مشغولة بعملك فحتى في وقت اجازتك لا تتفرغين لإبنتك ... لقد مللت منك .."
" ما شاء الله لغة جديدة .. الآن أصبحت أنا مملة .. طبعا سأكون كذلك خاصة بعد خروج ...
" لقد أصبح خروجها حجتك ... ابحثي عن اتهامات أخرى تقذفينني بها فلقد مللت من شريطك المشروخ "
" ليس شريطا مشروخا إنما هذه هي الحقيقة التي لا تريد سماعها مني فتضطهدني و تحرمني من التعبير عن رأي ...لا تقاطع كلامي فأنا لا أريد التشاجر معك ..أردت أن أقظك لأن أختك اتصلت و قالت أنها ستأتي هي و أخي لتناول الغداء معنا ، و الآن أستأذنك لأني سأصعد لإيقاظ فاطمة .."
ما إن اختفت من أمامي حتى عدت أفكر في عرض السيد مراد الحجي الذي مر عليه خمسة أيام ، لقد كان المنطق يدعوني للقبول إلا أن هناك حجرة في قلبي غير مرتاحة إلا أنني قررت الخضوع لعقلي خاصة و أنا أريد أن أقلص العلاقة بيني و بين زوج أختي فأنا لن أنسى الرزء الذي تسبب لي به و الذي لم يكن سيحصل لولا خطته الأنانية التي استغل فيها مركزه و الظرف الذي كانت خطيبتي تمر بها .
كنت قد عزمت أن أقدم له غدا استقالتي ، إلا أني أعلم جيد أن الحرب ستشن عليّ لأني سأقبل بعرض السيد مراد لذلك سأخبرهم اليوم عن قراري .

بعد طعام الغداء
كانت صغيرتي فاطمة تجلس في حجر أختي و قد جلبت لها حقيبة مملوءة بالألعاب .كنا نجتمع على حب فاطمة فهي بطهارتها و برائتها بهجة لمهجنا ، كما أنها بأفعالها التلقائية و لثغتها المحببة تجعل من أي شخص يعشقها ..حتى من زوج أختي المغرور القاسي فهو يحبها فقد كانت بالنسبة إليه وريثته الحبيبة و ابنة أخته التي رباها بيديه و التي يعتبرها في مثابة ابنته التي لم ينجبها ...و بينما كنت أتجول بين الوجوه أقرأ الملامح محاولا فهم مقدار استعدادهم لسماع الخبر الذي سأنقله لهم إذ بي أسمع أختي تسأل سناء باستفزاز :
" لما استبدلوك بتلك المقدمة الجميلة و لم تعودي تقدمين برنامج ساعة ثقافية ، أنا لم أشاهدها فكما تعلمين وقتي مزدحم بالأنشطة العديدة التي أقوم بها إلا أن صديقاتي قلن لي أنها تفوقت عليك بعربيتها الفصيحة التي لا تشوبها لهجة أو لكنة فهل صحيح أنهم أعطوها برنامجك لأنها أكثر منك احترافا"
" لا تقلقي عليّ يا زوجة أخي ..فأنا من تنازلت عن برنامج ساعة ثقافية لأنه بالنسبة لي مجرد فتات فأنا الآن أعمل على إعداد برنامج ضخم سيهز الإعلام التونسي و الساحة الثقافية "
ردت عليها راسمة ابتسامة مصطنعة على شفتيها :
" أنتظر ابهارك لنا يا عزيزتي "
تكلمت قاطعا لأي مهاترات نسائية أخرى :
" أريد أن أخبركم بأمر هام ..يهمني و أظنه يهمكم "
نظر لي الجميع بجدية و أرخو آذانهم لكي يسمعوا ما سأقول.
" متأكد أنكم ستغضبون مني إلا أن معرفتكم بالأمر لابد منه ، لقد عرض عليّ مراد الحجي عملا في شركته و أنا قد قبلت "
ظهرت ملامح الغضب على وجهيْ زوجتي و أختي أما عن زوج أختي فقد اشتعلت عيناه بدماء الغيظ إلا أنه رسم اللامبالاة على تقاسيمه ، و كانت أختي صفية أول من بادرت في التعبير فقد صرخت بي بإستنكار :
" كيف تتجرأ على قبول عرضه فعلا إنك ناكر للمعروف ..أنا لا أعرف ماذا ستنجي بإنتقالك للعمل عندهم ..و ماذا تطلب أكثر لقد قدم لك علي منصبا كبير فأنت أحد مساعديه الشخصيين كما أجزل لك العطاء فقدم لك شقة فاخرة بحلم بها أي شاب و سيارة آخر طراز لا يركبها إلا أعالي الناس فهل هذا الذي ستعمل عنده سيقدم لك أكثر ...؟ لا أظن هذا .. أنا لا أعرف لما الجحود تلبّسك "
رأيت سناء تفتح شفتيها لمهاجمتي لذلك قطعت عليها الكلام و قلت :
" سناء خذي فاطمة لغرفتها ، لا أريدها أن تسمع أكثر مشاجرتي مع أختي "
ترددت في الطاعة إلا أنها خضعت للمنطق الذي يدعوها لإبعاد ابنتها عن هذا الجو المشحون ، أما أنا فرددت على أختي محاولا كتم حنقي:
-" تذكري أنني أدفع إيجار الشقة ..أما عن المنصب فلا تنسي أني قبلته نتيجة إصرارك و لست أتقاضى الراتب بلا عمل و زوجك يعرف مدى جديتي في شغلي أما عن السيارة فسأسلمها لعلي غدا مع ورقة استقالتي "
" آه .. لقد قررت التمرد عليّ و على نصائحي ..و ها أنت تغير دورك من الأخ الصغير التابع لي لرجل متشبث بآرائه و لا يتنازل عن قراراته "
تكورت قبضة يدي و أنا أقاوم رغبتي بالتقدم لها و صفعها فهذه المرأة كلما كبرت أكثر كلما ازدادت وقاحتها غير أني أجبتها متشبثا بأقصى درجات الحلم المتبقية فيّ:
" صفية وازني كلامك قبل أن تنطقي به حتى لا تفقدي احترامك .. و ما كنت خاضعا لنصائحك كما سميتها إلا أسباب تعرفينها جيدا .. لا تجعليني أظن أنك فقدت ذاكرتك فأنا متأكد أنك مازلت محتفظة بنشوة انتصارك "
وقفت لتتقدم مني إلا أن علي أمسكها من يدها قائلا :
" لا تضغطي على نفسكِ من أجله فأنا متأكد بأنه سيخسر بإنتقاله للعمل عند مراد " نظر لي نظرة قرأت فيها لوهلة شيئا من الندم أنها تحولت لإعتزاز بالنفس و لامبالاة بقراري . ثم أضاف :
-" هيا يا صفية فلنغادر من هنا "
استغربت من ردة فعل زوج أختي فلقد انتظرت منه أكثر فأنا أعلم مدى اعتداده بنفسه و رفضه لأي هزيمة ، لعل رده سيكون بالأفعال .
رأيت سناء تتوجه لي و تقول مهاجمة إيايّ :
" سعيد جدا أليس كذلك ..بعد أن غادر أخي غاضبا "
" أخاك و أختي لم أكن أريد غضبهما لكن عليهما أن يحترما قراراتي "
" إنها ليست قرارات منفصلة و محايدة بل هي من صميم خطتك لنفي من عالمك و للإنفصال عن عائلتي
فأنت تستقيل من شركة أخي لتذهب للعمل عند أعدائنا آل الحجي "
"تناقضك لم أرى له مثيل فعلي نفسه يتعامل معهم و دائما ما قال : " وجب الفصل بين العمل و العلاقات الشخصية " فهذا هو كلامه فلما تجرمين عليْ قبول عرض السيد مراد "
" هذا الكلام لا ينفع معي .. اسمعني يا أحمد إني أحذرك تراجع عن قرارك هذا ..أتحسب أن بصياغتك لهذه الحجج ستقنعني ..؟ ! لا أبدا فأنا أعلم ما تصبو إليه فهذه الخطوة الأولى لتخلص مني لكن اعلم أن هذا بعيد عن منالك ..لست أنا من يتم استبدالها لذلك لا تحلم بالطلاق مني "
انتفضت غضيا و هجمت عليها كأسد هصور ممسكا إياها من زندها .. صارخا عليها:
" لقد تجاوزت عن طول لسانك كثيرا و عن إهانتك لي ...إني أحذرك اتقي شر الحليم إذا غضب فإن تجاوزت عن أخطائك المتكررة فهذا ليس تهاونا مني بل مرعاة لك و عليك أن تعلمي أن تهديداتك لا تحرك فيّ ساكنا و فاطمة وحدها من تمنعني من تطليقك فهي ضياء عيني و لن أرضى لها بالتشتت " صمت للحظة ثم صحت قائلا فيها :
" هل فهمتِ "



ارتعشت أهدابي و اضطربت دقات قلبي فلقد كنت أعرف دائما أن الواجهة الهادئة التي لزمها منذ حملي بفاطمة تخفي ثورة مازلت مضطرمة في داخله جراء المؤامرة التي حدثت له و ما خضوعه هاتان السنتان إلا خوفا على خطيبته السابقة أما الآن فقد تحرر من هواجسه .





سجن المؤمن غير متواجد حالياً  
التوقيع
قد كنتُ أرجو وَصْلَكُمْ فَبَقِيْتُ مُنْقَطِعَ الرجاءِ
أنتِ التي وَكَّلْتِ عينيَ بالسهادِ وبالبكاءِ
إنَّ الهوى لو كان يَنْفُذُ فيهِ حُكْمِيْ أو قضائِيْ
لَطَلَبْتُهُ وَجَمَعْتُهُ مِن كلِّ أرضٍ أو سماءِ
فَقَسَمْتُهُ بيني وبين حبيبِ نفسي بالسواءِ
فنعيش ما عشنا على مَحْضِ المودةِ والصفاءِ
حتى إذا مُتنا جميعاً والأمورُ إلى فَنَاءِ
ماتَ الهوى مِن بَعْدِنا أو عاشَ في أهلِ الوفاءِ

الشاعر عباس بن الأحنف
قديم 08-07-15, 01:13 PM   #277

سجن المؤمن

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية سجن المؤمن

? العضوٌ??? » 307215
?  التسِجيلٌ » Nov 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,523
? الًجنِس »
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » سجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الحادي عشر : الجزء الثاني

كنت أتجول مع عمر في هذه الحديقة التابعة للمنزل الذي ورثه من زوجة والده ..أشجار الزيتون الوارفة برائحتها الغنية التي تعيدنا للبداوة و الأصالة ، و نسائم الهواء الممزوجة بعبقها تداعب بشرتنا ، لم تقتصر هذه الحديقة الغناء على دوحات الزيتون بل كانت تشتمل أيضا على نبتة الجنوب التونسي و ملكة النباتات هنا في جزيرة الأحلام جربة ألا و هي النخلة الشامخة الفينانة فأين ما تلقي بصرك في ربوع هذه الجزيرة ترى النخيل حاضرا حضورا غير منظم إلا أنه يليق بهذا المكان الساحر و المميز .
كنت أعيش حلما جميلا فأنا مع زوجي أقضي معه أوقاتا رائعة في هذا المكان الهادئ الحالم كأننا على سطح القمر يحيط خصري بذراعه و أسمع منه أعذب الكلام .
" ما رأيكِ بهذا المكان ألم أوفق في جلبك إلى هنا ، انظري إن هذا البيت الصغير بحديقته الفيحاء إنه ملك لزوجك لذلك عليكِ أن تحمدي الله على زواجك مني فأنا هبة من الرحمان إليكِ.. ! "
" رحماك يا ربي .. إذ كان عليّ أن أحمد الله مرة على أنك زوجي فإن عليك أنت تحمد الله مئة مرة لأني زوجتك .. أنا أتساءل لماذا كتبت لك الخالة خديجة رحمها الله هذا المنزل لو أعطتها كهبة لإحدى الجمعيات الخيرية لكان الأمر أفضل ... "
رفع حاجبه الأيسر بطريقة هزلية :
" اممممم .. إذن فلنعد للعاصمة بكل غبارها و ضوضائها.. فأنا سأستمع لنصيحتك و سأقدم هذا المنزل للجمعيات الخيرية.. "
رمقته بنظرة استعطاف و زممت شفتاي قائلة :
" عمر هل صدقتني ، كنت أشاكسك فقط ..هل ستقدمه للجمعيات الخيرية عوض أن نقضي إجازاتنا فيه "
" حسنا اتفقنا "
أخذ يدي بين يديه ظننته يصافحني كدليل على اتفاقنا إلا أنه رفع يدي لفمه و عضها ...و بينما أنا أفكر في طريقة أرد بها فعلته إذ بطرقات خفيفة طرقت مسامعنا فتوجهت لباب و فتحته و وجدت الخالة بية بإبتسامتها البسيطة التي تنم عن روح في غاية الوداعة وملحفتها البيضاء التي تغطي كامل جسدها فلا يظهر إلا وجهها .
" خالتي بية ، مرحبا بك تفضلي "
" آمال بنيتي ، لم أتي لدخول فغدائي ينتظر من يعده إلا أني جئت أستدعيك و عمر لاحتفالات زواج ابنتي حبيبة فهي ستبدأ غدا "
"يسعدنا الحضور وحبيبة أختي فإن لم نشاركك فرحتك بإبنتك فماذا نفعل هنا "
" أبقاك الله وهنأك مع عريسك و رزقكما بالذرية الصالحة "
تمتمت عبارات التآمين في حياء
و ما إن أغلقت الباب حتى سمعت صوت عمر يقول لي :
" من كان على الباب "
تقدمت منه و قلت :
" إنها الخالة بية ، تستدعينا لحضور احتفالات زواج ابنتها "
" ما أجمل روح هذه المرأة و ما أجمل وفائها فرغم أنها قريبة بعيدة لأمي خديجة إلا أنها تسعى دائما لبر من لهم صلة بها "
امتعضت كعادتي من مدحه لأي أنثى و لو كانت امرأة في سن أمي و لساني كان يحتج فهو يريد إلقاء تعليق غير أني لجمته بصعوبة ، و بشفافيتي الشبيهة بذوب البلور أحس عمر بتوتري لذلك قال لي : "آمال أريد إخباركِ يأمر هام "
أنصت له بإنتباه و قد ظهرت الجدية على وجهي ، إلا أنه قال لي كاتما ضحكته :
"عصافير بطني تزقزق ، هيا فلنذهب للمطبخ و اعدي لي شيئا ألتهمه "
بهت من كلامه فأنا قد ظننت أنه سيخبرني بأمر هام لذلك لكمته على كتفه و قلت مدعية الغضب :
" بغيض " ثم توجهت للمطبخ .

******
لقد مرّ على تصدري للمحل أكثر من شهران و قد ذقت أشد أنواع السخرية و التهكم و النفي الممزوج بنظرات المحتقرة ، و لقد فترت عزيمتي فدائما في أول أي طريق نسلكه تكون عزيمتنا قوية غير أن الصعوبات التي نتعرض لها تؤدي لإستسلامنا لضعف غير أن بعضنا يعيد شحن طاقاته و يشعل فتيل إصراره و لا أعلم هل سأكون من الصنف الأول الذين يستسلمون لضعفهم أم من الصنف الثاني ذاك الصنف القوي الذين ينفضون عنهم الوهن و يواصلون طريقهم متسلحين بسلاح الشدة و الإقدام ، غير أن ما أعلمه أنني اليوم استسلمت فأنا سأخذ فترة إستراحة من الضغط الذي أعيش فيه ، و أحسن ما أروح به عن نفسي هو قراءة ديوان شعري .. فأنا مغرمة بالشعر القديم و الحديث فهو غذائي الروحي الذي يرحل بي لعوالم بعيدة جميلة عالم روعة الإحساس و جمال اللغة و بلاغة الكلمات ، كنت أقرأ أبياتا لأبي فراس الحمداني و هو في السجن بالقسطنطينية يستحث فيها ابن عمه على افتدائه :
نضوتُ على الأيامِ ثوبَ جلادتي ؛ ولكنني لمْ أنضُ ثوبَ التجلدِ
و ما أنا إلا بينَ أمرٍ، وضدهُ يجددُ لي ، في كلِّ يومٍ مجددِ
فمِنْ حُسنِ صَبرٍ بالسّلامَة ِ وَاعِدي، ومنْ ريبِ دهرٍ بالردى ، متوعدي
أقلبُ طرفي بينَ خلٍّ مكبلٍ وَبَينَ صَفِيٍّ بِالحَدِدِ مُصَفَّدِ
دَعَوْتُكَ، وَالأبْوَابُ تُرْتَجُ دونَنا، فكُنْ خَيرَ مَدْعُوٍّ وَأكرَمَ مُنجِدِ
فمثلكَ منْ يدعى لكلِّ عظيمة ٍ و مثليَ منْ يفدى بكلِّ مسودِ

و بينما أنا منغمسة في القراءة في هذه الحديقة العمومية المنعزلة إذ أحس بلمسة خفيفة لطيفة على كتفي و ما إن رفعت مقلتاي حتى رأيت ذاك الوجه السمح الحنون الذي يحمل بين تقاسيمه طيبة العالم أجمع و وفاء العالم أجمع ..كانت سمية صديقتي و بمثابة أختي الكبرى وجدتها كما هي لم تتغير .. لم تتبدل .. لم يؤثر فيها سجلي كسجينة ..لم تعتبرني عارا بل كانت تنظر إليّ كعادتها بنظرتها الرقيقة التي ما غادرت لحظيها ..كان لقاءا مشبعا بالإرتعاش و الدموع ..مشبعا بالشوق المكبوت لهاته الروح النقية التي عرفتها و ما نسيتها .. كان مشبعا بالألم كان عليّ أن لا أستغرب تفهمها ..؟ فلا أحد سيحس بمقدار الوجع الذي طبعت به ملامحي فعيناي ارتدتا ثوب الحداد الغير قابل لنزع صحيح أني ارتديته قبلا في وفاة والدي و عمي لكن كان هناك من استطاع دائما أن يعريني منه و أن يلبسني ثوبا ربيعيا مزدانا بالورود الحمراء و الأكاليل الخضراء الزكية .
صحيح أن عائلتي سقتني من ماء قربها الذي دوائي بعض الشيء من سقم البعاد الذي ذقته إلا أن حجرات القلب عديدة و لكل بعد أنينه و شجاه حسب مكانة الشخص و حسب احتلال روحه لدواخلي ، و رغم اختلاف مكانة سمية و أحمد في حياتي إلا إنهما يتشاركان القدرة على اختراقي و استشفاء الفرح أو الحزن ..السعادة أو الشقاء ..المعربدة بداخلي .
تصوروا امرأة مثلي ذاقت الحرمان العاطفي .. الحرمان من عائلتها المتماسكة التي تربت في أحضانها في ذاك البيت العامر بالحب و الرحمة .. الحرمان من الحبيب و الخطيب الذي رأت في أفق عينيه حاضرها و مستقبلها ..صباها و شبابها .. كهولتها و هرمها ..
و رغم أن قلبها متخم بحبه إلا أن شفتاها لم تنطق بأي كلمة حب ..لم تضحك له ضحكة مجلجلة .. لم ترمقه بأي نظرة دلال .. لم تتسرع بل انتظرت موعد زواجها إلا أنها خُذلت ..حُرمت من فرحتها .. اللون الأبيض الذي حلمت أن ترتديه تحول للون الرمادي فلقد تلونت بهذا اللون جراء الحيطان الرمادية التي حاصرتها هناك و رغم كثرة الاتهامات التي وُجهت إليها إلا أن ثقتها به لم تتزعزع كانت على يقين أن خارج هذه الأسوار هناك رجل لن يُغمض له جفن حتى يخرجها ...و حتى حرمانها من الزيارات لم يفقدها إيمانها به ...لم تكن خيالية كانت تعرف أن فترة سجنها قد تمتد لسنوات إلا أنها كانت حالمة فقط .. كانت تظن أنه سينتظرها و سيبعث لها الرسائل ... و انتظرت رسائله بلهفة .. إلا أن الرسالة التي وصلتها صدمتها .. بقسوة كلماتها فقد رأت فيها عيناه العسليتان تحتقرانها و هذا ما أدى لتجمد روحها .
كذلك الحرمان من رفيقة دربها و صديقتها القادرة على قراءتها بسهولة ..لقد جعلها السجن و جعلتها الخيبات تشك في صديقتها و في تقدريها ..و في أنها ستتفهم الغربة التي كانت موقنة أنها ستعيشها بمجرد خروجها من ذاك المكان..؟ و كيف تجرأت على الشك فوفاء التي تقابلها ليس له حدود .. كما أنها تعرف معنى الغربة فهي قد حُرمت من وطنها و هُجرت منه كما أنها تذوقت مرارة الغياب عنه لذلك هي تعرف المرارة التي استقرت في حنجرة المحرومة جراء غربتها عن وطنها و هي فيه .
لذلك كانت ردة الفعل الطبيعية لهذه المرأة هو أن ترمي نفسها في حضن صديقتها فلقد اشتاقت لها كثيرا .. اشتاقت لنصائحها السديدة و اشتاقت لإستشراتها الرشيدة .
ربتت على ظهري بكل حنو و قالت لي بمرحها المعتاد :
- " ما شاء الله .. ما هذا الترحيب الحافل خلت نفسي شخصية مرموقة .. "
قالت هذه الكلمات و مسكتني من يدي فتشبثت بيدها .. كنت في غيبوبة
مكتفية بالصمت و بتأمل وجهها لم أعرف حتى بما أرد عليها لذلك أخذتني لسيارتها البيضاء التي كانت متوقفة أمام بوابة الحديقة العمومية .
و كنت في أثناء ذلك أفكر فيها في سمية صديقتي الفلسطينية التي هُجرت من وطنها بعد حرب ألف و تسعمائة و سبعة و ستون* .. لجأت هي و والدها للأردن ... إلا أن الأحزان أحبتها و تربصت بها ..فلم يمر ثلاثة أشهر على على استقرارهما إلا و خطفه الموت .. لقد كان رجلا في الخمسين من عمره و قد مات حزنا على زوجته التي ماتت و هي تنجب ابنه الذي توفي جراء القصف الإسرائيلي .. إلا أنه لم يكن لينسى ابنته الصغيرة لذلك أوصى عليها صديقه عبد الله التونسي الذي كان يعمل في السفارة التونسية بالأردن و قد اعتبرها بمثابة ابنته فقد كانت زوجته عاقر و لم يمر ثلاث سنوات حتى عادوا إلى تونس .. ، تحصلت سمية على الجنسية التونسية و ما سهل ذلك هو معارف السيد عبد الله في السلك الدوبلوماسي ..
عرفتها في سنتي الأولى من التعليم الثانوي و كانت هي وقتها في السنة الأخيرة .. و رغم ذلك فإننا تصادقنا و ما متن علاقتنا معرفة والدي لسيد عبد الله فقد تشاركا في النضال ضد الإستعمار الفرنسي.
شوشت عليّ تفكيري بفتحها للباب الخلفي لسيارة و إدخالها لي كما نظرت إليَّ بتلك النظرة التي تكشفني و قالت لي بهدوء كلمات تقدم لي حضنا من أمان و اطمئنان :
" عائشة لماذا كل هذا الحزن الكئيب الذي رأيته في مقلتيك .. و ما هذا الضعف الذي انخفضت من أجله كتفيك .. أعرف قساوة ما مر بك و أن قلبك متصدع من الآلام و الجروح خاصة و المجتمع الشرقي لا يتسامح مع السجناء فما بالك بالسجينات .. لم أكن لألوم أنثى أخرى لو رأيت ضعفها لكني ألومك أنت ..فأنت لست بالعادية ألم تكوني دائما ثابتة على مبادئك .. تدافعين عنها بكل قوة و إباء .. أهذه عائشة المحاربة الذي اعتمد عليها والدها و فخر بها ..إني أرفض أن أراك تستسلمين استسلاما مقيتا تشوهين بها صورتك في عيناي ..و صورتك في عيون عائلتك فهذا الخنوع لا يليق بك إنما ما يليق بك هو عزم الشرفاء أوَ ليس المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف "
أجبتها بصوت متحشرج :
" إني أعرف هذا الكلام ، كلنا تشدقنا بقوتنا و ثباتنا على مبادئنا .. و سرمدية صمودنا غير أن القول أمر و الفعل أمر آخر خاصة بعد أن واجهت مدفع الحرمان ..أتعرفين سمية مشكلتي الكبيرة لم تكن مع السجن بل في الهوان هناك ..، في البعد الذي أهلكني و أظنك تعرفين أي بعد أهلكني.. ! في البرد الذي ارتجفت له عظامي و أحشائي .. و الأقسى من كل هذه الأشياء التي مررت بها هو الغربة عن وطنك و أنت فيه .. أن تحسي أنك لم تعودي قادرة على تشريفه .. أن تري أبناء وطنك يحتقرونك و يطلقون عليك رصاص الكلمات .. و يتمتمون بلعنات تصل لأذنيك .. كنت أظن أني سأكون أقوى لكني وجدت نفسي أضعف فأستسلم .. و أعيش في عالم ضبابي فلا أعرف إن كنت قادرة على التحدي و المواجهة من جديد "
" لعلّك لا تعرفين غير أني موقنة أن الشمس ستشرق في روحك من جديد و أنك ستنفضين عنك غبار الاستسلام و ستنظرين لبقية العيون قائلة أنا هنا "
ابتسمت ايتسامة غير واثقة و قلت لها :
" دعك من عائشة و أحزان عائشة و خيبات عائشة .. حدثيني عن أخباركِ لقد تركتك عروسا جديدة "
- " الحمد لله بخير .. أنجبت طفلا سميته إبراهيم يبلغ من العمر خمس سنوات .."
- " وجب ان أراه .. تعالي غدا لمنزلنا و اجلبيه معكِ "
- " لا أستطيع .. فأنا رأيتك و أنا مارة من هنا فهذا طريقي للمستشفى ..و كنت أعد نفسي أن أقتطع بعض من وقتي غدا لأزورك ..فطوال سنة و أكثر كنت ملازمة لمحمود فقد كان في غيبوبة و كان عليّ أن ألعب دور الأم و الأب لإبراهيم.. خاصة و أبوه غائب عنا "
- أجبتها متفاجئة :
- " ما به زوجك .. هل كان الامر خطيرا ..؟ هل تعرض لحادث "
- " لا لم يكن حادثا "
و أخذتني في رحلة مع ذكرياتها و هي تحدثني عن ما عاشته و عاشاه زوجها و كان قد وصلني أحاديث سطحية عن هذا الخبر و عن هذه المأساة الذي تكبدناها.. و الذي أدمت عيون و قلوب التونسيين و الفلسطينيين .. و التي سيسجلها التاريخ على هذا الكيان الخنزيري الخبيث ،دليلا على اعتادئه و على حقده المتأصل ..،
فلترحمنا الجهات العالمية من الخطابات السلمية التي تتشدق بها علينا و إدعائها بأنها تبغي تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط .. و لك الله أيها الشرق الأوسط المنكوب المحروم من أبسط حقوقه .. حق الأمن و الأمان .

1 أكتوبر 1985 ، مدينة حمام الشط
يوم خريفي جديد و جميل استقبلته مدينة حمام الشط بسرور فقد ناسب الطقس طبيعتها الخلابة من بحرها الأزرق الصافي الذي أبرزت الشمس تلألؤه و نقائه ..كذلك جبل بوقرنين * الذي يحيط بالمدينة فيبهج أنظار الزائرين بخضرته اليانعة و علوه الشامخ الذي كان بالنسبة لأطفال هذه المنطقة المرتع الأقرب للهو و المرح .. كما أنها تقع في قلب الضاحية الجنوبية لمدينة تونس .
و لقد جمعت نسائمها العليلة النقية نسائم الجبل و البحر فهي تشرح القلوب و تشفي ذوي الأسقام الصدرية ، و لكل هذه الأسباب كانت مدينة يطيب العيش فيها لذلك نزلها مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية بعد الحرب الذي دارت رحاها في لبنان سنة ألف و تسعمائة و اثنان و ثمانون* و قد كان أخ زوجي ماجد من هؤلاء المقاتلين ، و قد سعد محمود لانضمام ماجد لهم خاصة بعد مجيء أخاه الأوسط خالد لتونس لتدريس في الجامعة قبل سنة فهاهم قد اجتمعوا في بلد واحد يتشاركون نفس الهواء و يستطيعون أن يروا بعضهم باستمرار فلا يكتفون برسائل قليلة و مكالمات قصيرة خاصة بعد وفاة أخوهم الأكبر يحيي و أمهم .
في اليوم الذي حدثت فيه الكارثة ..، غادر زوجي المنزل باكرا رغم موعد عمله المتأخر إلا أنه كان سيذهب لزيارة أخيه ماجد خاصة و قد اشتاق له و لطفليه..، و بعد ساعة من مغادرته جاءتني مكالمة على الهاتف القار كانت مكالمة زلزلتني فقد كان موظف من المستشفى الذي نُقل إليه القتلى و الجرحى جراء عملية * من قبل ما يسمى بدولة إسرائيل كانت عبارة عن غارة جوية استهدفت منظمة التحرير .. أخبرني الموظف أن زوجي من ضمن الجرحى صرخت و بكيت و طلبت منه أن يخبرني بحالته ألا يكذب عليّ و يصارحني فليخبرني إن كان قد توفي إن كان الله قد اختاره للقائه .. لم يمر على زواجي سوى خمس سنوات فكيف بالله يغادر و يتركني .. كانت هذه كلمات تبعثرت من شفتاي المجروحتان جراء هذا الخبر الذي أصابني بالشلل التام إلا أن الصوت الذي على الهاتف حاول تهدئتي بقوله :
" يا سيدتي زوجك من الجرحى ليس من القتلى لذلك تماسكي و أرجو منك أن تأتي"
أغلقت الخط و ارتديت ملابسي على وجه السرعة حاملة معي ابني ..لكن قبل خروجي كلمت هاتف الجامعة و طلبت منهم أن يمرروا لي خالد الشراف لأمر طاريء .
- " ألو .. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .. "
- " و عليك السلام .. خالد .. خالد .." و انفجرت في بكاء جنائزي ..
- " ما الأمر .. هل حدث لمحمود أو إبراهيم أمر خطير "
- " محمود .. آه يا محمود ... ألم يصلك أي خبر.. حتى تونس لم تسلم منهم ..غارة جوية استهدفت منظمة التحرير في حمام الشط و محمود كان هناك و الموظف قال لي أنه من الجرحى لا من القتلى "
- " ماذا ..اهدئي ... اهدئي .. لكن أخي ماجد و غائلته ماذا حدث لهم "
- - " ماجد .. ماجد و زوجته و ولديه .. يا الله كيف نسيت .. "
و بكيت أكثر : " كيف نسيت يا رب .. لم يخطروا على بالي "
" كفى بكاء فالبكاء و النحيب لن يغير شيء .. و إننا كفلسطنيين متعودون عن المآسي .. متعودون على القتل و الدماء .. ليست أول مرة نمر بهذا لذلك لا تنهاري الآن اصبري و استعيني بالله .. أخبريني فقط أي مستشفى حتى نلتقي فيه "
" مستشفى ***** "
" حسنا نلتقي هناك ..لا تتهوري في القيادة زوجك يحتاجك ..."
التصقت شفتاي ببعضهما و لم أستطع إلا أن أنطق بكلمة " حاضر " نطقت بها ممزوجة بالألم الثكل الذي سيطر عليْ
حاولت تهدئة نفسي و التخفيض من ارتفاع نبضات قلبي و السيطرة على إرتعاشة أطرافي ففي هذه الحالة لن أستطع القيادة لذلك طفقت أردد كلمات تشجيعية أبث فيها الشجاعة لنفسي كنت :أقول الله لن يوجعني في زوجي هو أعلم بما تعرضت له في حياتي هُجرت من وطني و حُرمت من حنان أمي التي توفيت و هي تنجب من شاركني في أمومتها ثم قُتل فلم أستمتع بوجوده في حياتي و لم أستمتع برعايته فصورته مقتول مازالت تقبع في ركن من الذاكرة تهيج أشجاني فالرصاصة لم تكتفي بتزين جبهته بل هي أيضا اخترقتني و عرفتني معنى الفقد .. الفقد الذي أحس بطعمه الآن يعود لحنجرتي .. كنت أقول يا ربي أنت لن تحرمني منه كما حرمتني من أبي ... أبي الذي توفي و تركني يتيمة في الحادية عشر من عمري و قد يتمت مرة ثانية السنة الفارطة لمّا توفي أبواي اللذان قام بتربيتي فغير ممكن أن تجعله يرحل.
" يا ربي لا تحرمني منه .. يارب لا تحرمني " كنت أقول هذا الدعاء في أشد أنواع الإخلاص إخلاص لا يتمكننا إلا في المصائب فنلجأ للواحد الأحد .
كما كنت في حالة من الأنانية المحضة حيث لم أفكر لا بماجد و لا بزوجته و لا بولديه . هل عدم وفائي لأقرباء زوجي كان سبب ما حدث لهم .. هل حدث ما حدث لأني لم أدعو لهم و لم أكن وقتها لأتذكر أن تعرضهم للموت أو الإصابة مؤكد أكثر من تعرضه ..، كنت مهتمة فقط بأن لا يموت زوجي الذي أحبه .. و أب ابني الذي أقدره .. و ابن بلدي الذي أعاد لي اللهجة الفلسطينية الجميلة التي اشتقت لها أثناء عيشي في تونس .
لا أعرف حقيقة .. أريد فقط أن أنسى الأنانية التي تمكنتني في تلك اللحظات فرؤية الألم الشديد في مقلتا زوجي جرحني و معرفتي لطعم الفقد المر الذي يلوكه فمه جعلني أندم .. أندم على البخل الذي سيطر عليْ في ذاك الوقت العصيب و جعلني أشطب ماجد و عائلته من حساباتي.
ملامح وجهها المشدودة أنبأتني بقسوة الذكريات التي تسترجعها و بالصعوبة التي تواجهها في التحدث عن الحكاية عن هذه الحكاية التي عاصرتها أنا أعرف هذه الصعوبة صعب جدا أن يتحدث أحدنا عن ماض طري جديد متشبع بالألم و أنا أقدّر قوتها قوة سمية في الحديث فأنا مثلا لا أستطيع أن أحكي عن ذكرياتي في السجن عن تلك الذكريات التي مازالت تحاصرني و تطاردني في منامي لذلك أحببت أن أخفف آلامها فقلت لها :
- ما بالك تحدثيني عن حمام الشط و مميزاتها كمدينة كأني لا أعرفها و كأني لم أكن ممتازة في مادة الجغرافيا أنسيت أنني كنت أدبية التوجه عكسك أنت يا علمية التوجه
نظرت لي نظرة أعلمتني بسقم كلماتي
- دعيني أتحدث ... أريد أن أحكي .. !
وصلت للمستشفى .. نزلت من السيارة و كدت أن أترك ابني وحيدا في المقعد الذي يجاور مقعد السائق إلا أني انتبهت فحملته بطريقة عشوائية ..، لثواني معدودة تأملت بناية المستشفى التي أفزعتني للمرة الأولى ..أحسست أنه يقول لي أن ضخامة بنيانه من كثرة أعداد الموتى المنتشرين في أنحائه و غرفه .. أحسست برهبة الموقف الذي أواجهه .. و بقسوة الواقع الذي أعانية .. و تمنيت ... تمنيت أن يكون ما أعشيه كابوس إلا أن أرضية حديقة المستشفى التي تلامسها قدماي أنبأتني بواقعية ما أعيشه تمتمت باسم الله أسأله اللطف و توجهت مسرعة الخطى للباب الداخلي راعتني رائحة الخوف و الترقب و الأدوية و الحتف لكني واصلت طريقي قاصدة موظف الإستقبال الذي التقطته عيناي و هو يجيب عن أسئلة الداخلين .
- أنا زوجة محمود الشراف .. لقد أخبرتموني أنه ..
أجابني رامقا إياي بنظرة شفقة لامتقاع وجهي.. و الرعشة التي سكنت شفتاي :
- نعم سيدتي ..اصعدي لطابق الثالث في قسم العناية المركزة الغرفة رقم ثلاثة ... أحد أفراد الطاقم الطبي المشرفين على حالته سيشرح لك وضعه ..
- أتاني صوت من ورائي .. كان صوت خالد الذي لم أنتبه أنه انضم إليْ
- اذهبي سمية و أنا سأسأل عن أخي ماجد و عائلته
ابتلعت ريقها و واصلت روايتها للحكاية :
وصلت للغرفة الثلاثة .. كان شوقي لرؤية زوجي و حالته أكبر من أن أتذكر أنه عليّ أن أسأل أحد أفراد الطاقم الطبي الذين سيكونون قريبين من غرفته .. كنت أريد أن أنظر إليه لأعرف إن كان سيعيش أم لا ... فأكثر الكلمات منطقية لن تقنعني بإستمرارية حياته كما سيقنعني النظر إليه .. النظر لجسده و وجهه و عينيه .. إلا أن هناك ممرضة انتبهت إليْ فقالت لي : من أنت و لما تريدين الدخول ..
قلت لها بهسترية و قد أسْتنزفت جميع طاقاتي :
" أريد الدخول لزوجي .. ، لماذا تريدون منعي من رؤيته ..، هو مات و أنتم تكذبون عليْ
- اهدئي أرجوك ..
أخذت بيدي و أدخلتني لغرفة فارغة أجلستني على كرسي و قدمت لي سريعا كأسا من الماء .. لعله يهديء من حالتي و قالت لي :
- أنا الممرضة المشرفة على حالة زوجك ..، سأخبرك عن حالته بكل صراحة زوجك تعرض لنزيف داخلي جراء الشظية التي سببت له جرحا عميقا في رأسه تمكنا من إيقاف النزيف إلا أنه للأسف الشديد دخل في حالة غيبوبة
- غيبوبة ...و هل من المفترض أن أفرح .. لأنه لم يمت و لأني لن أسمع صوته و لن أرى عيناه مفتوحتان .. و هو لن يسمع كلامي و لن يستشعر خوفي عليه .. إلى متى سيظل في هذه الحالة من الموت النصفي ..؟؟
قلت ذلك و أنا في حالة صدمة غير أني سمعتها تردد جمل مواساة و تحثني على التسلح بالقوة و الصبر و كأني أملك تعاويذا تجعلني قوية و صبورة ..، لذلك تجاهلت كلامها و قلت لها :
- أريد أن أراه .. و أن أتحدث معه لعله يستجيب لصوتي و يعرف مدى حاجتي إليه فيستفيق
- عذرا سيدتي لكن الطبيب المشرف عن حالته منعها لحالته الطبية الحرجة
- أرجوك أنا احتاج لرؤيته لأصدق أنه حي ..
- لا أستطيع ، غير أنه يمكنك أن تنظري إليه من الشباك البلوري الخاص بغرفته ..
قالت اقتراحها و خرجت تاركة إياي أحاول تقبل ما حدث لمحمود... ، ما حدث له كان امتدادا لما حدث لأخي ..، كانت محاولة جديدة منهم لتخلص من أحبائي ..، فما دامت دمائي عربية فلسطينية فإن لهم الحق في إبادتي و إبادة أبناء وطني ... وطني المسروق الذي سُرق منا في لحظة غفلة منا ..، و في لحظة جهل منا للبرجوازية الحاكمة التي تحكم العالم و التي تسيغ لهم أن يسبوا منا أرضنا .. عروسنا الفاتنة .. و يحولوها لجارية يقدمونها لذوي رحمهم..فهم يتشاركون رحما واحدا .. رحما قذرا مشبع بالدماء..بدماء الأبرياء.. و بحكايات القتل و التهجير .و بحكاية وطننا المستباح .
صمتت و قالت لي : " أراه في عينيك ذاك السؤال .. ، طبعا أنت تسألين ماذا حدث لماجد و عائلته ..سأقول لك الإجابة سهلة جدا .. لكنها قاسية أيضا لحد الوجع هي تلك الحقيقة التي دائما نحب أن نتجاهلها ، كنت أقف أمام الشباك الخاص بغرفة زوجي أتأمله ..، أتأمل وجهه الأبيض الذي لم يكن فيه أي دماء و جروح .. كان جميلا و وسيما كعادته .. و بينما أنا في تلك الحالة من التأمل و إطلاق الأمنيات ..أمنية لم تتحقق ألا و هي أن لا تتأخر غيبوبته .. ، كنت أتمنى أن أرى رموشه ترف و تتحرك لأبصر حدقتيه البنيتين و إذ بي أسمع صوت خالد يقول لي بحنجرة تتعلق فيها الدموع يحاول هو السيطرة عليها .. ، ليكون الرجل القوي الذي لا يبكي حسب أساطيرنا العربية :
" ما حالة محمود ...؟ "
أجابته محاولة التشبث بالقوة ..
: نزيف داخلي تم السيطرة عليه إلا أنه دخل في غيبوبة
قال لي :
- عليك العودة إلى بيتك الوقوف هنا و تأمله لن يفيدك بشيء كما أن هناك جنازات علينا أن نحضر لها
- ماجد مات ..؟ !!
- ألم تسمعي كلامي قلت جنازات يعني جنازة ماجد بجثته المشوهة و بيده التي لم أجدها لما أردت أن أتلمسها و بعينه الخضراء التي طُمس بصرها و جمالها.. أما الجنازة الثانية فهي لأم خليل زوجة أخي التي لم أتعرف عليها فوجهها الجميل شوه بثقبان حلا مكان حبات المسك التي كانت تزين وجنتيها .. ، و شعرها الأسود الطويل الذي كثيرا ما تغزل به ماجد مُزق .. أما عن عصام الرضيع البريء لم يبقى من جسده الصغير إلا أشلاءً جُمعت في كيس سيعطونه لي لأواري عليه التراب ..و إن كنت تسألين عن خليل فلا أثر لجثته و من الراجح أنه كان في مدرسته أثناء الغارة لذلك سأذهب لسؤال عنه ، هذه هي فقط أحوال أخي ماجد و عائلته !! هذا فقط ما حدث لهم .. !!
- - لم أستطع أن أوقف كلامه ..، أن أوقف سيل الرصاصات التي أطلقها على قلبي و هو يحدثني عن ما جرى لأخ زوجي و عائلته ..، كان عليَّ أن أعرف هذه التفاصيل الصغيرة التي سأسردها لإبني عندما يكبر فإن كنت قصرت في الدعاء لهم فأنا لا أريد التقصير في تخليد حكايتهم و لو على المستوى العائلي .. فنحن معاشر العرب مصابون في ذاكراتنا ...ذاكرتنا المهترئة التي نخرها السوس و التي تجعلنا ننسى موتانا .. ننسى ما حدث و ما يحدث لنا .. !!!
=====================================
* حرب ألف و تسعمائة و ستة و سبعون :هي الحرب التي نشبت بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا والأردن بين 5 حزيران/يونيو 1967 والعاشر من الشهر نفسه، وأدت إلى احتلال إسرائيل لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان وتعتبر ثالث حرب ضمن الصراع العربي الإسرائيلي

* جبل بُوقَرْنِين هو جبل يقع في الشمال الشرقي التونسي قرب مدينة حمام الأنف. يبلغ ارتفاعه 576 م. يحتوي الجبل على محمية وطنية الحديقة الوطنية ببوقرنين

*حرب ألف و تسعمائة و اثنان و ثمانون : هي حرب عصفت بلبنان فتحولت أراضيه إلى ساحة قتال بين منظمة التحرير الفلسطينية وسوريا وإسرائيل.

*عملية الساق الخشبية (بالعبرية: מבצע רגל עץ) هو الاسم الحركي الذي اعطي للغارة الجوية لسلاح الجو الإسرائيلي الذي وقعت يوم 1 أكتوبر 1985 ضد مقر القيادة العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية (plo) في حمام الشط (تونس).

مصدر هذه التعريفات : و يكبيديا

ملحوظة : رمزت لإسم المستشفى بخمسة نجوم لأني لا أعلم حقيقة المستشفى الذي نقل إليه الجرحى و القتلى في هذه العملية .



سجن المؤمن غير متواجد حالياً  
التوقيع
قد كنتُ أرجو وَصْلَكُمْ فَبَقِيْتُ مُنْقَطِعَ الرجاءِ
أنتِ التي وَكَّلْتِ عينيَ بالسهادِ وبالبكاءِ
إنَّ الهوى لو كان يَنْفُذُ فيهِ حُكْمِيْ أو قضائِيْ
لَطَلَبْتُهُ وَجَمَعْتُهُ مِن كلِّ أرضٍ أو سماءِ
فَقَسَمْتُهُ بيني وبين حبيبِ نفسي بالسواءِ
فنعيش ما عشنا على مَحْضِ المودةِ والصفاءِ
حتى إذا مُتنا جميعاً والأمورُ إلى فَنَاءِ
ماتَ الهوى مِن بَعْدِنا أو عاشَ في أهلِ الوفاءِ

الشاعر عباس بن الأحنف
قديم 08-07-15, 08:04 PM   #278

نهاد على

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية نهاد على

? العضوٌ??? » 313669
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 2,655
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » نهاد على has a reputation beyond reputeنهاد على has a reputation beyond reputeنهاد على has a reputation beyond reputeنهاد على has a reputation beyond reputeنهاد على has a reputation beyond reputeنهاد على has a reputation beyond reputeنهاد على has a reputation beyond reputeنهاد على has a reputation beyond reputeنهاد على has a reputation beyond reputeنهاد على has a reputation beyond reputeنهاد على has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
افتقدت جداً اسلوبك الرائع و ثقافتك المميزة و كل عام و انت بخير و طبعاً سعيدة جداً بنزول الفصل الحادى عشر و فى الفصل احمد اعتقد انه استغل فرصة العرض اللى قدمه السيد مراد ليتحرر من على زوج اخته و مش عاوزة أقول انه ممكن عاوز يتحرر من سناء بس وجود طفلتهم فاطمة ممكن بيخليه يتردد.
عمر و معاكسته لامال لطيفة جداً و اتمنى لكل زوجين ان يبدؤا حياتهم بالمودة و التفاهم و الرحمة اللى موجود بين عمر وامال بس يخف شويه على امال هى لسه مش متعودة على هزاره .
وجعتى قلبى بقصة سمية و محمود ربنا يصبر زوجات شهداء امتنا العربية و يرحم شهداءنا .
تحياتى و كل عام و انتى بخير


نهاد على غير متواجد حالياً  
التوقيع
شكراً لأجمل روزا


قديم 08-07-15, 08:11 PM   #279

سجن المؤمن

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية سجن المؤمن

? العضوٌ??? » 307215
?  التسِجيلٌ » Nov 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,523
? الًجنِس »
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » سجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond reputeسجن المؤمن has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي رد

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهاد على مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
افتقدت جداً اسلوبك الرائع و ثقافتك المميزة و كل عام و انت بخير و طبعاً سعيدة جداً بنزول الفصل الحادى عشر و فى الفصل احمد اعتقد انه استغل فرصة العرض اللى قدمه السيد مراد ليتحرر من على زوج اخته و مش عاوزة أقول انه ممكن عاوز يتحرر من سناء بس وجود طفلتهم فاطمة ممكن بيخليه يتردد.
عمر و معاكسته لامال لطيفة جداً و اتمنى لكل زوجين ان يبدؤا حياتهم بالمودة و التفاهم و الرحمة اللى موجود بين عمر وامال بس يخف شويه على امال هى لسه مش متعودة على هزاره .
وجعتى قلبى بقصة سمية و محمود ربنا يصبر زوجات شهداء امتنا العربية و يرحم شهداءنا .
تحياتى و كل عام و انتى بخير

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
و انا كذلك اقتقدت ردودكم جميعا ..
فعىلاأحمد يريد أن يتحرر و ان يخرج من عباءة علي العقبي ..
الله يعين آمال
ما حدث لسمية جزء بسيط مما يحدث لنا و مشكلتنا معاشر العرب نسياننا لما حدث و ما يحدث لنا
ذاكرتنا المهترئة ..
أحببت أن انزل الفصل الذي يتعلق بحكاية سمية في العشر الأواخر لنتذكر ما يحدث لأمتنا من فلسطين للعراق لسوريا لليمن لليبيا .. و لكي لا ننساهم من دعائنا


سجن المؤمن غير متواجد حالياً  
التوقيع
قد كنتُ أرجو وَصْلَكُمْ فَبَقِيْتُ مُنْقَطِعَ الرجاءِ
أنتِ التي وَكَّلْتِ عينيَ بالسهادِ وبالبكاءِ
إنَّ الهوى لو كان يَنْفُذُ فيهِ حُكْمِيْ أو قضائِيْ
لَطَلَبْتُهُ وَجَمَعْتُهُ مِن كلِّ أرضٍ أو سماءِ
فَقَسَمْتُهُ بيني وبين حبيبِ نفسي بالسواءِ
فنعيش ما عشنا على مَحْضِ المودةِ والصفاءِ
حتى إذا مُتنا جميعاً والأمورُ إلى فَنَاءِ
ماتَ الهوى مِن بَعْدِنا أو عاشَ في أهلِ الوفاءِ

الشاعر عباس بن الأحنف
قديم 08-07-15, 09:13 PM   #280

rontii

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء ومحررة واعدة بعمود الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية rontii

? العضوٌ??? » 289729
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 20,876
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » rontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ﻻ إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
افتراضي

فصل رائع عائشة
اول مرة اعرف بضرب اسرائيل لتونس
للاسف حال العرب من سئ لاسوء اللهم الطف بينا و اعفو عنا و احمنا و ارحم اخوننا في سوريا و فلسطين و العراق و اليمن و ليبيا و كل الدول العربية
احمد اخد خطوة جريئة و مهمة ﻻزم يتخلص من قيودو مع اختو و جوزها و مراتو
عائشة و لقاءها مع سمية اعتقد هيديها دفعه للامام و يقوي عزيمتها
عمرو و مراتو زي العسل الاتنين
و اخيرا اللي حصل لماجد و مراتو و ابنو يوجع و لكنو متكررفي كل وقت و في كل بلد عربي يكفي انهم ماتو شهداء
اللهم احسن خاتمتنا يارب
فصل رائع وحشتينا و وحشنا نقشاتنا علي الاحداث


rontii غير متواجد حالياً  
التوقيع














موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:14 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.