آخر 10 مشاركات
عاطفة من ذهب (123) للكاتبة: Helen Bianchin (الجزء الأول من سلسلة عواطف متقلبة) كاملة (الكاتـب : salmanlina - )           »          على أوتار الماضي عُزف لحن شتاتي (الكاتـب : نبض اسوود - )           »          ياعصيّ القلب *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Nareman fawzy - )           »          بريّة أنتِ (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          في ظلال الشرق (20) -شرقية- للكاتبة الرائعة: Moor Atia [مميزة] *كاملة&روابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          بين نبضة قلب و أخرى *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )           »          ثارت على قوانينه (153) للكاتبة: Diana Palmer...كاملة+روابط (الكاتـب : silvertulip21 - )           »          نصال الهوى-ج4من سلسلة لعنات العشق-قلوب زائرة-للكاتبة:إسراء علي*كاملة+رابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عيون لا تعرف النوم (1) *مميزة & مكتمله * .. سلسلة مغتربون في الحب (الكاتـب : bambolina - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

Like Tree77Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-06-15, 07:57 PM   #61

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عذراء سوداء القلب مشاهدة المشاركة
كتيييييير عجبني الفصل سلمت يداك برد المشاعر بس الرواية لي نذكر اسما هون موجودة فعلا؟؟؟؟
هلا وغلا عذراء سوداء القلب

اذاقصدك رواية خلف أسوار المدينه للكاتبه برد المشاعر هي رواية للكاتبة داخل رواية
أوجاع مابعد العاصفه غير مكتمله تكتمل بنهاية رواية أوجاع مابعدالعاصفه أحدى بطلات رواية أوجاع مابعدالعاصفه اللي هي سما تقرأ منها جزء في كل بارت من رواية أوجاع

فكرة إن للكاتبه روايه داخل روايتها فكره جديده تحسب للكاتبة

لكن للكاتبه روايات مكتملة

أشباه الظلال للكاتبة / برد المشاعر ( ليبية فصحى) ( مكتملة )

https://www.rewity.com/forum/t310131.html

ملامح تختبئ خلف الظلام للكاتبة / برد المشاعر (فصحى) ليبيه ( مكتملة )

https://www.rewity.com/forum/t310056.html

منـــــازل القمر /للكاتبة برد المشاعر ، ليبية فصحى (مكتملة )

https://www.rewity.com/forum/t315102.html


شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 01-07-15, 08:16 PM   #62

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل التاسع عشر

لم تستمع حتى لكلماتي بل هزتها مجددا وعيناها معلقتان

في وجهها المبتسم وقالت بهمس موجع " خالتي "

أنزلت رأسي للأرض وقلت بحزن " لا فائدة يا وسن "

عم الصمت في الغرفة فرفعت رأسي ونظرت لها فكانت تنظر

لي بضياع لتتدحرج دموعها قائلة بصدمة " ماتت !! "

ابتلعت غصة مع ريقي وهززت رأسي بنعم فقالت بصوت

ضعيف تائه بالكاد يخرج من حنجرتها

" لم تعد تسمعني !! لن أراها ولن أتحدث معها مجددا "

قبضت بقوة أكبر على يدها التي لازالت في يدي وقلت بحزن

" كوني قوية يا وسن من أجلها ومن أجل ما أوصتك "

هزت رأسها بلا وقالت بعبرة " لن ترحل هي أيضا "

ثم قبضت يدها لصدرها وقالت بحرقة

" لماذا رحلتم وتركتموني ؟ لماذا جميعكم تركتموني وحيدة "

ارتفع نحيبها وصوتها قائلة بألم " لما الموت يختار الجميع عداي

أنا , لما الرحيل يسافر بكم وأنا لا ؟ لما لم لا أمت لماذا "

قلت بضيق " وسن توقفي عن قول هذا "

أبعدت يدها من يدي بقوة وقالت بحدة

" لن أتوقف أعد لي خالتي يا نواس أعدها "

قلت بحزن " لو كان الأمر بيدي ما رحلت لأعيدها "

قالت بألم " لم تعد لي خالة , تصور هي معي هنا ولا تسمعني

لقد تركتني وحيدة تركتني مثلكم جميعا قالت لن أتركك يا وسن "

توقفي يا وسن وارحمي حالتي لما لا تريني أمامك وكأني

غير موجود لما تقتلينني فوق ما أنا ميت يكفيني حرقتي

على والدتي فأنا مثلك بعدها وحيد , نظرت لها بضياع وهي

تنظر لوالدتي باستجداء وكأنها تتمنى أن تكون الحقيقة غير

ذلك وقالت ببكاء " خالتي تكلمي أرجوك , ليثني مت أنا "

لم أشعر حينها بشيء سوى بيدي تمتد لها لأسحبها من أمامي

وأدسها في حضني وطوقتها بذراعاي بقوة وقلت بألم

" ارحميني يا وسن أرجوك ارحميني "

انطلقت حينها صرختها المكبوتة لأدسها بين ضلوعي

وأخفف من صداها في الغرفة , كان على هذه الصرخة

أن تخرج قبل أن تموت من الصدمة , كنت أشدها

لضلوعي ودموعي تتساقط فوق صرخاتها المتوجعة

ولا أعلم من فينا حاله أقسى من الآخر ومن منا ثلاثتنا

الميت ومن منا الاثنان يحضن أوجاع الآخر , وكل ما فعلته

أن حضنتها ... نعم فعلت ما منعت نفسي عنه لأيام لكني لم

أكن أشعر بها بل بأوجاعها الكثيرة تقطع جسدي وقلبي

حتى اختفى صوتها وارتخى جسدها بين ذراعاي

فأبعدتها عن حضني ومسحت على وجهها وقلت بصدمة

" وسن ما بك "

لم تجب ولم تتحرك فشعرت بأدق عرق في عروقي يتفتت

وكأن ثمة من ضربني بسلك كهربائي , لا تفعليها بي يا

وسن يكفي نصف قلبي الأول جثة بجانبي , لا تقتليني

بحسرتي عليكما , ضربت خدها مرارا أناديها وبلا فائدة

فوقفت وحملتها بين ذراعاي وغادرت بها من الغرفة لأترك

خلفي جثة وأسير وبين يداي أحمل شبه جثة ولست سوى

جثمان مثلهما ولكن لا يشعر بي أحد

" نواس نم قليلا على الأقل "

أخرجني من ذكرى ذاك اليوم الموجع صوت خاطر

فنظرت له وقلت " ليس وقت نوم "

تنهد وقال " أنت لا ترحم نفسك إما في المستشفى أو هنا

تستقبل المعزين , لن يحدث شيء إن نمت قليلا "

أبعدت نظري عنه وعدت للصمت , ها قد مر ثلاث أيام على

وفاة والدتي ووسن ملازمه المستشفى من حقنة مهدئ لحقنة

منوم لمسكن بعدما أصابها انهيار عصبي حاد ولا أحد هنا

يستقبل المعزيات سوا مي ووالدة فرح التي بقيت معها

اليوم , وقفت فقال معاذ " كنت في المستشفى الآن

هي نائمة ولم تستيقظ بعد فاجلس وأرحم ساقيك "

قلت مغادرا " عليا استقبال جواد وزوجته في

المطار سيصلان بعد ساعة "

لحق بي قائلا " انتظر سأذهب معك إذا "

خرجنا معا على دخول ملاك التي وقفت أمامي قائلة

" ذهبت للمستشفى ولم يتركوني أدخل لها كيف هي حالتها "

قلت بهدوء " أفضل بقليل وفي الغد ستكون أحسن هكذا قال الطبيب "

قالت بحزن " لا أعلم لما أساتذة الجامعات لا يصيبهم شيء

والطلبة بلى , الأسبوع الماضي ماتت زميلة لنا بحادث وقبله

واحدة تزوج عليها زوجها أخشى الأسبوع القادم أن أموت أنا "

لم استطع كتم ابتسامة حزينة شقت ملامحي العابسة ونظرت

لمعاد فكان رأسه للأسفل ويضحك بصمت فنظرت لها وقلت

" شكرا لك يا ملاك لن أنسى وقوفك معنا كله "

قالت متوجهة نحو الداخل " لا تشكرني على واجبي "

نظرت لمعاد فقال " وكأنها ليست داخلة لعزاء "

سرت قائلا وهوا يتبعني " هذه بكت مع وسن حتى جفت

دموعها , بعض البشر يحاول الترفيه عن نفسه وقت الحزن "

قال وهوا يفتح باب سيارته " بل يبدوا حاولت أن ترفه

عنك أنت , هل هذه هي صديقة ابنة خالتك "

فتحت باب سيارتي وقلت وأنا أركبها " نعم "

ثم انطلقنا كلن في سيارته لنصل المطار على الوقت فالطريق

يأخذ حوالي نصف الساعة رغم أننا في العاصمة

وصلنا ونزلنا هناك وجلسنا في صالة الانتظار رأسي للأرض

متكأ على ركبتاي بمرفقاي ولا شيء سوا الصمت رغم

الضجيج من حولنا حتى أعلنوا عن وصول الرحلة فوقفنا ننتظر

حتى دخل جموع المسافرين ورأيت جواد من بينهم وفرح تسير

بجانبه , هوا لم يخبرها حتى الآن كي تصل أولا لأنه يعرفها

جيدا يجن جنونها على شقيقتها إن علمت , توجه نحوي مسرعا

وسابقته الخطوات وتعانقنا عناقا مؤلما بكت له عينا جواد أما

أنا فقد شبعت عيناي وجفت على ما يبدوا , مسحت على

ظهره وقلت " اسأل الله أن يخلفنا فيها خيرا "

قالت فرح بصدمة " من مات !! "

نظرنا لها كلانا فقالت بحدة " تكلما من الذي مات ؟ "

قال جواد ونظره للأرض " والدتي "

شهقت بقوة ثم نظرت لي وقالت بصدمة " وسن "

قلت " بخير لا تقلقي من ..... "

قاطعتني مخاطبة لجواد

" لما أخفيت الأمر عني خذني لشقيقتي فورا "

قال بضيق " فرح علينا أن ننتهي من الإجراءات

أولا ثم آخذك حيث تريدين "

بدأت بالبكاء من فورها فقال بضيق أكبر

" فرح لا تنسي أنك حامل وتوقفي عن هذا "

قالت بحرقة " للجحيم أنا وابنك خذني لشقيقتي قلت لك "

تأفف وتوجه جهة موظفي الجوازات ليختم للدخول , فرح لم

تتغير بل يبدوا ازدادت تعلقا بشقيقتها حتى أنها لم تعزي أي

واحد منا , عاد جواد سريعا وغادرنا المطار وركبا معي

وفرح لم تسكت طوال الطريق وهي تبكي وتردد أن وسن بقت

وحيدة وجواد يحاول تهدئتها , لا استغرب منها أن تتجاهلني فهذه

عادتها لم تعد تطيقني منذ عام وكأني أنا الملام وليس شقيقتها

بعد وقت تذكرت أخيرا أن تعزينا ووصلنا حينها للمستشفى

أولا حسب أوامرها

*
*
جواد لن يتغير أبدا يهوى إخفاء الأمور المهمة عني

لاحظت طوال الفترة الماضية ضيقه وتوتره اللذان تحولا

لحزن هذه الأيام لكني لم أتخيل أن يكون كل هذا يجري

وأنا آخر من يعلم , وصلنا المستشفى ودخلت مسرعة حتى

وصلنا لغرفتها فقال جواد بصوت منخفض " إن كانت

مستيقظة فلا تقتربي منها , ستخرج في الغد أو بعده كحد

أقصى فلا نريد أن تزداد حالتها سوءا "

هززت رأسي بالموافقة وفتحت الباب ببطء ونظرت لها

فكانت مستيقظة وتنظر للسقف بشرود فأغلقته ببطء وبدأت

بالبكاء فقال جواد هامسا بضيق " فرح توقفي ويكفي

ها قد رأيتها بنفسك بخير ومستيقظة فيكفي جنون "

قلت بضيق " مما مخلوقين أنتم الرجال لا قلوب لكم

أتركني أبكي لأرتاح , الدموع تخرج مني أم منك "

ثم تركتهما وخرجت من المستشفى وهما يتبعاني , كان

عليا رؤيتها أولا لأنه سوف يجن جنوني إن لم أرها بعيني

غادرنا المستشفى ووصلنا لمنزل جواد سريعا , دخلت وأول

من وقعت عيني عليه كان والدتي فتوجهت نحوها من فوري

وحضنتها بقوة وبكاء ثم عزاني البقية الموجودين وجلست

معهم وكان كل حديثهم عن والدة جواد كيف ماتت ومتى

تقهقرت حالتها وثمة فتاة تلوذ بالصمت طوال الوقت ولم

أرها قبلا , كنت سأسأل والدتي عنها حين سمعت صوت

نواس من الخارج قائلا " مي "

فوقفت من فورها وذهبت له , هذه زوجته إذا ! لو علمت

بها ما سلمت عليها من أساسه , خرجت بعد قليل من جهة

المطبخ تحمل الشاي والقهوة لتعطيهم له وحمدت الله مئة

مرة أن وسن ليست هنا فقد رحمها الله بأن نامت في المستشفى

وصدق من قال ( قد يكون العذاب رحمة من عذاب أشد منه )

كنت لا إراديا أنظر لها نظرة كره وأتمنى أن تغادر فورا

نظرت لي فجأة وخفضت بصرها سريعا , ومر باقي اليوم

والذي يليه وأنا استقبل فيه زميلاتي الآتي درسن معي في

الجامعة هنا وبعض صديقات وسن الآتي لم يعلمن أنها لم

تخرج بعد من المستشفى وبعض نسوة من أصدقاء لنواس

" فرح أنتي لم تتناولي شيئا اليوم فقفي واطلبي من

فتحية أن تعد لك شيئا تأكليه "

قلت بهدوء " لا رغبة لي في الطعام يا أمي لكنت أكلت "

تنهدت بضيق ونطقت المدعوة مي ولأول مرة أمامي

وقالت " من غير الصحي للحامل أن لا تأكل "

قلت ببرود " أعلم بذلك "

فوقفت واستأذنت ودخلت المطبخ مع فتحية دون أن

تضيف حرفا آخر وقالت أمي بضيق " فرح ما الذي

فعلته لك الفتاة تصبين حزنك وغضبك بها "

قلت ببرود " أنا لم أقل لها شيئا "

قالت بضيق أكبر " يكفي نبرتك وطريقة كلامك ونظراتك

لها , الفتاة لم تشده من شعره ليتزوجها "

قلت بغيض " أمي ارحميني لا أعلم كيف تعاملينها بلطف

كيف نسيتي أنها أخذت مكان وسن وأحرقت قلبها معه "

قالت بحدة " مجنونة ولن تتغيري , الفتاة تعاملني معاملة ابنة

لوالدتها ووقفت هنا ورفعت العزاء واستقبلت الناس وحدها

كيف سأعاملها بقسوة , أنا لم افقد عقلي بعد "

تأففت ولذت بالصمت وعادت تلك للجلوس معنا في صمتها

المعتاد ودخلت امرأتان المنزل , اليوم هوا اليوم الخامس

للعزاء ولم يعد يأتي الكثير وكلهم ينتظرون خروج وسن

ليأتوا لتعزيتها , وقفنا وسلمنا عليهما وجلسنا قليلا ثم دخلت

وسن من الباب بملامح ما تزال متعبة بل يلفها الحزن أكثر

من التعب فوقفت من فوري وهي توجهت مسرعة نحوي

وحضنتني بقوة وبدأت بالبكاء وقالت بعبرة

" ماتت خالتي يا فرح تركتني مثلكم ورحلت "

قلت ببكاء " لا تقولي هذا يا وسن لن يتركك أحد "

قالت بنحيب اكبر " بل تركتموني جميعكم , من مات

مات ومن رحل رحل وبقيت وحدي "

كنا نبكي معا بحرقة , ابكي شقيقتي أكثر مما أبكي فقد خالتها

المرأة الطيبة التي لم أرى منها يوما شيئا سيئا ونمت في

حضنها منذ كنت طفلة , هي ماتت وارتاحت من المرض

والتعب لكن وسن بقيت لتموت مئة موته , توجهت والدتي

نحونا وأبعدتنا عن بعضنا قائلة " يكفي يا فرح هي خرجت

من المستشفى للتو هل تريدي أن تعيديها إليه "

ابتعدت عنها وسلمت عليها والدتي وعزتها ثم توجهت نحو

البقية عزوها وكان دور المدعوة مي , وقفت ومدت يدها

لها وقالت بحزن أو لا اعلم شفقة " أحسن الله عزائك يا وسن "

صافحتها وسن وهي تتجنب النظر لها وقالت بهمس

" شكرا لك "

ثم جلست مع والدتي بنفس الأريكة وغابت بنظرها

للأرض في شرود أو بالأحرى هروب من الواقع

واستقبلنا بعدها عددا لا بأس به من المعزيات من سمع

بوسن وجاء لأجلها حتى مر أغلب النهار ثم وقف نواس

عند الباب من الخارج وقال بصوته الثقيل " مي "

فوقفت تلك من فورها ونظرت أنا لوسن بسرعة , كانت

على هدوئها وشرودها لتتدلى دمعتها من بين رموشها

الطويلة وكأنها تخرج من عروق قلبها وسقطت من نهاية

رموشها لحجرها مباشرة , قطع الله لسانك يا نواس إن

كانت مناداته لفتحية سابقا مزقت لها أحشائها فكيف الآن

هل يتعمد فعل هذا أم ما قصده , بعدها دخلت تلك ونادت

على والدتي لتتبعها للمطبخ ويبدوا شيئا ما ورائها

عدت بنظري لوسن فكانت تمسك معدتها بقوة وكأنها تمزقها

مستندة بيدها الأخرى على الأريكة ورأسها للأسفل فهممت

بالوقوف لها فخرجت منها أنات مكتومة متوجعة , طبع وسن

كتم كل شيء حتى ألآمها وهذا يعني أنها تعاني الآن وبشدة

توجهت نحوها مسرعة وأمسكت يدها وقلت

" وسن أنتي متعبة قفي لأدخلك غرفتك بسرعة "

وقفت معي من فورها ولم تمانع فأخذتها لغرفة جواد سابقا

والتي تكون غرفتها الآن وهي تسير بصعوبة , وصلنا الغرفة

لأفاجأ ببابها مخلوع خلعا , ما فعلتم بشقيقتي يا وحوش ومن

كسر عليها الباب ولما ومؤكد ذاك المتوحش الجلمود المغرور

أخذتها للسرير فاضطجعت عليه وقالت بتعب

" العلاج بقي في سيارة نواس يا فرح أحضريه لي "

خرجت من فوري ووقفت عند باب الصالة وناديت على

جواد فخرج لي فورا من مجلس الرجال فقلت من فوري

" دواء وسن في سيارة شقيقك أحضره بسرعة يا جواد "

قال بقلق " ماذا هناك "

قلت بنفاذ صبر " بسرعة يا جواد وسن تتألم بشدة "

قال بصدمة " لما !! "

قلت بضيق " اسأل شقيقك عن السبب بل أخبره أن

لا يُسمعنا صوته مجددا "

ثم رفعت أصبعي له وقلت بجدية " أقسم يا جواد قسما

بمن خلقني وخلقه إن خسرت شقيقتي بسببه فلن

يريحني إلا دمه وعلى يدي أيضا "

تأفف في وجهي ثم التفت ونادى قائلا " نواس "

خارج ذاك من فوره ينظر لنا بقلق ثم قال

" ما بكم "

قال جواد " أحضر دواء وسن من سيارتك "

ثم نظر لي وقال " إن كانت حالتها سيئة فلا تستمعي

لرفضها ودعينا نعيدها للمستشفى "

أدار نواس جواد جهته وقال " ما بها "

دخلت حينها قائلة ببرود

" نادني أنا يا جواد لآخذ الدواء منك "

عدت جهة غرفة وسن فقابلتني والدتي قائلة

" نواس أرسل علاج وسن مع مي لكني لم أجدها في الغرفة

تبدوا في الحمام فأخبريها عنه ما أن تخرج فعليا العودة لـ... "

قاطعتها بصدمة " أرسله لها مع زوجته !! ما يعني بهذا "

قالت مغادرة " بل أخبرها أن تعطيه لك أو لي "

غادرت أتمتم بسخرية " يالا حنيته "

*
*
ما أن غادرت فرح حتى التفت لي جواد وقال

" نواس إن أردت شيئا من الداخل أخبرني لأخبر

فرح ولا تنادي أحد ولا تتصل بأحد "

نظرت له مطولا باستغراب أحاول ترجمة معنى ما يقول

وسببه وما أن فتحت فمي لأتحدث حتى شق صمتنا

صرخة فرح المدوية " جواااااااااد "

فلم أشعر بنفسي ولم اترك المجال لجواد ليتحرك ودخلت

الصالة ركضا وتوجهت من فوري لغرفة وسن لأني رأيت

والدة فرح تركض لها , فتحت باقي الباب بقوة ودون وقوف

لأرى ما يجري ثم توجهت نحو الملقاة أرضا أمام باب الحمام

مغمى عليها وحملتها بين ذراعاي وخرجت بها من الغرفة

أجتاز كل النسوة الآتي كن هنا ووقفن بالمقربة من الباب

منشغلات بسبب صرخة فرح , خرجت بها مسرعا للسيارة

وانطلقت من فوري وأنا أرى فرح تخرج مسرعة خلف جواد

ويبدوا ليلحقا بنا , ما كان علينا إخراجها من المستشفى قبل أن

تصح جيدا , كان رأي جواد خاطئ جدا وأنا أطعته فيه وها هي

النتيجة , كنت ألتفت لها للخلف كل حين وهي على حالها كالميتة

على الكرسي الخلفي ودمعتها ما تزال معلقة في رموشها , لما

يحدث معنا كل هذا يا وسن !! موت أمي كان فاجعة لنا جميعا

لما أنتي يقتلك أكثر ؟ هل تحبينها أكثر منا أم فقط لأنك ترينها

آخر أهلك أم لسبب آخر , منذ توفي والدي وحياتي تعاني التقلبات

الدائمة فأسوء سنين حياتي تلك التي عشتها خارج هذه البلاد أعمل

في البناء في رفع الحديد والإسمنت والطوب ولم أترك شيئا لم

أعمله حتى غسل الأطباق في المطاعم لأوفر لوالدتي وشقيقي

لقمة العيش ولا يحتاجا لأحد , إحدى عشر سنة قضيتها هناك

أحرث على جسدي وصحتي وأخرج المال من تحت الصخور

وبعدما عدت هنا ضننت أن الحياة ابتسمت لي , سأعيش مع

عائلتي في منزل كبير ومستقل عكس تلك الغرف المتهرئة التي

كنا نعيش فيها , وحضن دافئ عكس الغربة المريرة التي نخرت

قلبي بل ووجدت هدية أروع تنتظرني وهي الطفلة ابنة الأربع

سنوات أصبحت امرأة تضج أنوثة تنتظرني كهدية على سنين

غربتي وتعبي ونسيت في غمرة سعادتي بتلك العودة أن تقلبات

حياتي قد لا تتركني فوجدت نفسي فجأة من دون تلك

الحسناء ولا شقيقي ولا حتى والدتي التي رحلت رحيلا

أوجع من رحيلهما كليهما رحيلا أبديا مؤلما

نظرت للنافذة حيث سيارة جواد وهوا يؤشر لي على عداد

السرعة في سيارته ثم عاد للوراء فنظرت له فكان يؤشر

لتخطيا السرعة المسموح بها في الطرقات الداخلية فخففت

السرعة ووصلنا المستشفى بعد قليل , نزلت وأنزلتها وهما

يتبعانني وأعدناها للغرفة التي لم تغادرها إلا اليوم وبقينا

نحن في الخارج ووقفت مبتعدا عنهما تجنبا للاحتكاك بفرح

فلن أتحمل هذه الإنسانة أكثر وأخشى من أن تفقدني أعصابي

بعد قليل خرج الطبيب وتوجهت نحوه فقال دون أن نسأله

" سوء تغذية وفقر دم حاد وتبدوا تناولت الدواء على معدة

خاوية , المسكنات يلزم أخذها بعد الطعام "

قالت فرح " هل ستكون بخير "

قال " عند الصباح ستكون أفضل فاهتموا بطعامها وأكرر

وأقول الراحة النفسية أمر ضروري وحثوها على عدم

الانزواء على نفسها وكبت انفعالاتها "

أمسكت فرح فمها بيدها وبدأت بالبكاء وغادر الطبيب فقال

جواد بتذمر " فرح لا تنسي أني اشترطت عليك قبل مجيئنا

أن لا تبكي ولا تتكلمي لتأتي معي فوافقتِ "

لم تزدد إلا نحيبا فاحتضنها وقال بهدوء " يكفي حبيبتي

هي بخير وستخرج غدا فارحمي نفسك أنتي أيضا هل

تفكري بها فقط وتنسي صحتك "

قلت وأنا ابتعد عنهما قليلا

" اتركها تدخل لها يا جواد فسترتاح إن كانت بجانبها "

توجه بها جهة الغرفة فتحها ودخلا معا وبقيت وحدي مستندا

بالجدار ومتكأ برأسي عليه حتى وصلت رسالة لهاتفي فأخرجته

فكانت من مي فتحتها فكان فيها ( تعالى لإرجاعي للمزرعة الليلة )

اتصلت بها من فوري فأجابت بعد وقت فقلت

" من أزعجك يا مي ولما تريدين المغادرة "

قالت بصوت منخفض " لا أحد أقسم لك يا نواس

لكني أريد العودة للمنزل "

تنهدت وقلت " كما تريدين وما أن أتمكن من

المغادرة سأذهب لإيصالك "

قال بهمس " شكرا لك ..... وداعا "

أعدت الهاتف لجيبي لحظة خروج جواد من الغرفة

وقف بجانبي وقال ونظره على قدمه الممدودة أمامه

على الأرض " ما ستفعل الآن بشأن وسن "

قلت بهدوء ونظري على الممر في الجانب الآخر

" ستبقى معي طبعا "

نظر لي فعدت بنظري تحتي وقلت

" والدتي رحمها الله أخذت مني عهدا أن أتزوجها "

وقف مستوي على طوله ومقابلا لي وقال بصدمة

" متى !! "

نظرت له وقلت " قبل وفاتها ومرضها الأخير بمدة "

قال بعد صمت " وهل ستفعل ذلك "

عدت بنظري للأرض وقلت " نعم لكن ليس الآن "

قال " ولما !! "

تنهدت وقلت " لا أستطيع يا جواد لا أستطيع "

قال بجدية " زوجها بغيرك إذا "

هززت رأسي بلا فقال بضيق " لا اعلم أي دماغ هذا الذي

لديك أيعجبك حالكما هكذا ارحمها بإحداهما وأشفق على حالتها "

لذت بالصمت فقال ببرود " لما رفضت سليمان كان

حلا مناسبا لكل شيء وهي وافقت عليه "

ابتعدت من على الجدار وقلت " كلانا قطع عهده لوالدتي

وما قلته لك اتركه سرا بيننا يا جواد حتى يحين وقته "

نظر للممر الآخر وقال باستغراب

" ما سر كل هذا الانتشار الأمني في المستشفى "

نظرت حيث ينظر وقلت " منذ أيام وهم على هذا الحال

يبدوا ثمة حالة مهمة في هذا المستشفى "

نظر بتركيز لوقت ثم قال

" ذاك أليس شقيق معتصم رئيس الشرطة الجنائية "

نظرت حيث ينظر ثم قلت

" لا اعلم لم أره سابقا إلا في الصحف "

هز رأسه بنعم ثم قال ونظره لازال عليه

" وأنا لم أره سابقا سوى مرة واحدة لأن معتصم

كان يهرب بي من القصر قبل قدومه "

قلت بابتسامة صغيرة " معه حق يهابه يبدوا شخصية

مسيطرة وقيادية من هيئته وملامحه الحادة "

أومئ بنعم فقلت " خذ زوجتك للمنزل "

نظر لي وقال " وأنت "

قلت " سأذهب لأخذ مي للمزرعة وأعود هنا "

قال بهدوء " لا جدوى من البقاء معها خذ زوجتك ونم

الليلة وارتاح والصباح لكل حادث حديث "

أبعدت نظري عنه ولم أتحدث فقال " وما أخبارك وزوجتك "

هززت رأسي بدون كلام فقال " أتمنى ذلك "

ثم توجه للغرفة دخل وخرج بعد وقت وفرح تتبعه قائلة

" وما في الأمر إن بقيت معها "

قال وهما يبتعدان " فيه أنه عليك المغادرة وستخرج لك غدا "

تنفست بقوة ونظرت لباب غرفتها مطولا ثم غادرت

المستشفى ووصلت المنزل واتصلت بمي لتخرج لي

وما هي إلا لحظات وخرجت وركبت السيارة وانطلقنا

وقالت بعد قليل " كيف أصبحت الآن "

قلت ونظري على الطريق

" ستخرج غدا , مجرد فقر دم وسوء في التغذية "

نظرت ليديها في حجرها لوقت ثم قالت

" سأبقى في المزرعة فلم يعد لوجودي من داعي "

قلت بهدوء " مي ماذا حدث صارحيني "

نظرت لي وقالت " أقسم لم يحدث شيء "

قلت ونظري لم يغادر الطريق " ولا بينك وبين وسن "

قال من فورها " لم تتحدث معي مطلقا , فقط أنا أشعر أني

سبب مرضها وتعبها وكرهت وجودي كجدار بينكما "

قبضت على المقود بقوة وقلت " أنتي لست الجدار بيننا

يا مي فلا تُحملي نفسك إثم أمور ليس لك فيها أي يد "

عادت بنظرها ليديها وقالت " في وجهة نظرها هي على الأقل "

ثم تابعت بحزن " ليتك لم تتزوجني يا نواس أو لم تضع

ذاك الشرط لزواجك بي , لما قتلتها وقتلت نفسك "

قلت بهدوء " لننهي الكلام في الأمر "

لاذت بالصمت ولم تعلق وساد الصمت حتى وصلنا المزرعة

ونزلنا وتوجهت من فوري لغرفتي استحممت وغيرت ثيابي

وخرجت عائدا للمستشفى من جديد وتوجهت من فوري

لغرفتها فتحت الباب ودخلت ببطء وجلست بجوارها أراقب

ملامحها المتعبة النائمة وهي تغضن جبينها بين الحين

والآخر دليل التألم لتخرج منها أنة صغيرة لا تتعدى مجرى

حنجرتها , أدخلت يدي في جيبي وأخرجت الورقة منه

ودسستها لها بين أنامل يدها وأطبقتهم عليها بيداي وقربتها

لشفتاي ثم ما لبثت تلامس يدها الناعمة حتى أعدتها حيث

كانت وأشياء كثيرة منعتني عن فعل ذلك , ثم خرجت من

عندها واتصلت بجواد وأخبرته أن يأتي هوا غدا

لإخراجها وعدت أنا للمزرعة

*
*
مر قرابة الأسبوعان لم استمع فيهما لبرنامجي المفضل على

المذياع , عددت بأصابعي ثم تنهدت بضيق ... ست حلقات

مع اثني عشرة إعادة ضاعت في أيام مرض خالة وسن ووفاتها

وضعت السماعات في أذناي وكان البرنامج قد بدأ للتو , اليوم

سأستمع لجميع المداخلات باستمتاع عكس السابق وهذا من كثرة

ما اشتقت لهم وافتقدتهم , لم أصدق نفسي حين كانت المداخلة

لأحزان السنين فليس من عادته أن يكون من المتصلين في الجزء

الأول من الحلقة , قال بهدوء " مساء الخير صفوان وكل

متابعي برنامجك الرائع "

قال المذيع بصوت مبتسم " مساء الخير وحمدا لله على السلامة "

فتحت عيناي بدهشة , ما الذي حدث بعدي ولا اعلم عنه !!

قال أحزان السنين " سلمك الله كان حادثا بسيطا جدا

فقط احتجت لوقت لأتعافى جيدا "

ضحك المذيع وقال " قلقنا عليك بعد اتصالك لتخبرنا

بالحادثة وصوتك كان متعب جدا "

أمسكت قلبي وتنفست بهدوء , حمدا لله أني تغيبت

هذه الفترة لكنت مت من الانشغال عليه

قال بصوت مبتسم " آسف حقا لكني لم أرد أن أتغيب لحلقتين

دون أن أقدم أعذاري لأنكم بتم عائلتي الثانية "

قال المذيع بعد ضحكة " نعم فيكفينا غياب

مرجان وملاك الطويل "

اضطربت دقات قلبي وأنا أنتظر تعليقه لترتفع

دقاته أكثر وهوا يقول " ملاك الليل غابت كثيرا

وشغلتنا عليها أتمنى أن تكون بخير "

قال المذيع " سنتمنى أن تتصل بنا الليلة فأميات

الليل كما يقولون تتحقق سريعا "

قال بضحكته الهادئة

" إذا لن أتمنى أميه في الصباح بعد اليوم "

ضحك المذيع كثيرا ثم قال

" إذا تمنى شيئا فهذا محور حلقتنا اليوم "

قال بصوت بتسم " سأتمنى مثلك أن تتصل ملاك الليلة

وتطمئنا عليها وطبعا أن لا تحزن إن سرق الحزن أياما

من سنينها , وعمتم مساءا "

من الفرحة حضنت الهاتف لوقت وعيناي مغمضتان

هل الحب جميل هكذا ؟ هذا وأنا لم أره بعد آه يا قلبي

استمعت لباقي المداخلات ولم أتصل حتى مقربة نهاية

الحلقة كي لا أظهر بمظهر من كانت تتعمد أن لا

تتصل , أدخلوا مكالمتي على الحلقة فقلت

" مساء الخير صفوان "

قال بصوت مبتسم " مسائنا جميل اليوم وتحققت

فيه أمنيتنا واتصلتِ لنعلم أنك بخير "

قلت بهدوء " آسفة حقا كان لدي ظرف عائلي وتوفيت قريبة

لي فلم أتمكن حتى من الاستماع لحلقات البرنامج "

قال " أحسن الله عزائكم في الفقيدة وجعل مثواها الجنة "

قالت بهمس " شكرا لك "

ثم تابعت بهدوء " أشكر كل من افتقدني وأشكر شكرا

خاصا أحزان السنين وحمدا لله على سلامته

لو أخبرنا بسم المستشفى لزرناه "

ضحك المذيع وقال " لن يتسع المستشفى لنا

فالجميع سيذهب لزيارته "

اكتفيت بضحكة دون تعليق ولو كان الأمر بيدي لقلت

سأقطع سيقان من ستذهب إليه غيري , قال بهدوء

" ماذا ستتمنى ملاك في هذا المساء "

قلت بحزن " يبدوا أن هذا المساء تتحقق فيه الأمنيات

لذلك سأتمنى لصديقتي المقربة لي أن تجمعها الحياة

بحبيبها مجددا لأنهما تعبا كثيرا وأنا منشغل بالي عليها "

قال بهدوء " نتمنى لك ولصديقتك السعادة الأبدية "

قلت مبتسمة " أنت تغش يا صفوان فانظر كم أمية

تمنيتها الليلة ونحن لنا واحدة فقط "

ضحك كثيرا ثم قال " هذا لأني أريد لجميع أمنياتكم أن تتحقق "

قلت " شكرا لرحابة صدرك وتصبحون على خير جميعا "

انتهى بعدها البرنامج وأنا أتمنى من قلبي أن تتحقق أمنيتي

بالفعل وترجع وسن لابن خالتها ويكونا معا حتى آخر العمر

*
*
جلست متكأ بمرفقاي على ركبتاي ونظري للأرض

وفرح ووالدتها يجلسان أمامي وقالت فرح

" لم تجبني يا جواد وسن ما مصيرها "

بقيت على صمتي فقالت والدتها " هل تحدثت ونواس في الأمر "

نظرت لهما وقلت " نعم واتفقنا "

قالت فرح " اتفقتما على ماذا "

تنهدت وقلت " على ما فيه مصلحة الجميع "

نظرتا لبعضهما باستغراب فقلت " طائرتنا بعد يومين يا فرح

ونواس سيتكفل بالأمر , لم أتمكن من تأجيل الرحلة أكثر "

وقفت وقالت " أنا لن أذهب معك "

نظرت لها بصدمة وقلت " ما تعني بذلك !! "

قالت بجدية " لن أذهب لأي مكان بدونها وسأبقى

هنا معها وفي شقتنا "

************************************************** **

انفتحت عيناي من الصدمة وقلت بدهشة

" ماذا تعني بهذا يا رهام "

قالت بضيق " أعني ما سمعته جيدا وما حدث أمام عيناي "

قبضت على الهاتف في يدي بقوة حتى كدت أحطمه بين

أصابعي وقلت بغيض " إذا صدقت توقعاتي وهوا لم ينكر "

قالت " ولم يؤكد ذلك أيضا لكن تلك الطفلة أجرأ وأقوى مما توقعنا "

وقفت وقلت " وداعا الآن يا رهام "

قالت بسرعة " ما الذي ستفعلينه "

قلت " سأتأكد من ذلك بنفسي "

قالت " أعلميني بكل جديد إذا "

قلت وأنا أخرج ملابسي وحجابي " حسنا ووداعا الآن "

غيرت ثيابي وخرجت من المنزل , لم أخدمه ووالدته كل

هذه السنين وانتظرت وضيعت عمري لتأتي هي أو غيرها

لتأخذه في غمضة عين , أنا الغبية من البداية لو كنت صارحته

منذ زمن في رغبتي أن أكون زوجة له وأن أبقى مع والدته

لكن البعثة ضاعت منه يا مغفلة , حسنا كنت أخبرته أني سأعتني

بوالدته وأكون زوجة له فما في الأمر إن قلتها له أفضل من

أن تركته ضاع مني لغيري , لا لم يضيع ولن يضيع أبدا

خرجت وركبت سيارتي قاصدة منزلهم

*
*
أبعدتْ يدي وقالت بتألم وهي تحاول سحب

يدها الأخرى من قبضتي " آآآآآي "

أمسكت يدها بقوة وقلت " تحملي قليلا يا سما "

قالت وهي تقبض عيناها بيدها الأخرى

" مؤلم ألا طريقة غير هذا .... آي بالرفق نزار أرجوك "

قالت والدتي ضاحكة " لم أعرفك مدللة هكذا من قبل "

قالت وهي تمسح دموعها " لم أستطع احتماله مؤلم كثيرا "

قالت بصوت مبتسم " معقم الجروح هكذا لا أحد يحبه

لكنه ضروري لقتل الجراثيم "

قالت وهي تهف على الجرح بيدها الأخرى

" كنت أرى شقيقي سامي كيف يبكي حين يعقمون له جرحه

عندما وقع من الدراجة لكني لم أتصور الألم فضيعا هكذا "

قلت وأنا ألفه بالشاش " لو لم يكن المستشفى خطرا عليك

هذه الفترة لأخذتك للطبيب ليعقمه ولن تتكلمي أمامه يا مدللة "

قالت بضيق " بل هوا لن يعقمه كثيرا مثلك فلم

يبقى سوا أن تسكب باقي القارورة عليه "

لم أستطع إمساك ضحكتي التي خرجت عالية فأبعدت يدها

وقالت بضيق أكبر " خالتي انظري لابنك ما يفعل "

قالت أمي ضاحكة " سيرى عقابه منا لا تقلقي "

وقفت لأن جرس الباب يُقرع وقلت مغادرا الغرفة

" متفقتان ضدي دائما ولا أحد لي وستريان أنتما أيضا "

فتحت الباب فكانت دعاء , لم استطع أن انظر لها نظرتي

المحترمة السابقة ولم استطع أن أنسى ما فعلته من أجلي

ووالدتي فقلت " مرحبا تفضلي بالدخول "

قالت مبتسمة وهي تدخل " لم أجد المفتاح صباحا فقررت

أن أزورها وقت وجودك لتفتح لي "

قلت وأنا أدخل أمامها " ما كان عليا أن أثق في الجميع

وأترك أحدهم يفتش غرفنا ويفسد طعامنا لذلك رفعت

المفتاح وغيرت القفل ولا أريد أن أتهم شخصا معينا "

سكتت لوقت ويبدوا ألجمتها الصدمة ثم قالت ونحن نقترب

من غرفة والدتي " ومن سيفعل ذلك ؟ قد تكون توهمت "

قلت وأنا ادخل " بلى متأكد من ذلك "

دخلت خلفي وسلمت على والدتي وسما وقالت

" سلامتك ما بها يدك "

لم تجب سما ونظرت لي من فورها وقالت والدتي

" جرحها السكين وخاطوه لها وجاءت سليمة "

نظرتْ لأدوات الصيدلية المنزلية على الطاولة وقالت

" ولما تعقمونه في المنزل أو كنتم اتصلتم بي وأنا سأتكفل بهذا "

قالت سما وهي تخبأ يدها خلف ظهرها " شكرا نزار يقوم بذلك "

نظرت لي وقالت مبتسمة " لكن نزار مهندس وأنا الممرضة "

خرجت حينها سما من الغرفة ونادتني من خارجها فخرجت

لها على نظرات دعاء المصدومة , وقفت أمامها فقالت بهمس

" لا أريدها أن تفعل ذلك فلا توافق كي لا أحرجك معها "

قلت بابتسامة " لا تقلقي لن أوافق رغم أنك تستحقين

كي لا تنتقديني مجددا "

صدمتني دموعها التي نزلت لتتركني راكضة جهة السلالم

ثم صعدت للأعلى فتنهدت وصعدت خلفها وصلت باب

غرفتها وطرقته قائلا " سما كنت أمزح فقط "

ولم تجب فتركتها ونزلت , أعرفها حساسة جدا لكنها بقلب

أبيض ستنسى سريعا ما حدث , فقط عليا تركها وحدها الآن

*
*
ما أن خرج نزار حتى نظرت لي دعاء وقالت

" هل أخطأت في شيء "

قلت " لا .... كيف حال والدتك وشقيقتاك "

جلست وقالت وهي تتعمد العودة لذات الموضوع

" تبدوا سما مدللة كثيرا أو أنكم تفرطون في

تدليلها وخصوصا نزار "

لم أستطع كتم ابتسامتي ثم قلت " سما ليست مدللة مطلقا

ولكنها حساسة بعض الشيء ونزار كما تعرفيه لم يتغير

بقلب حنون ولا يحب أن يجرح أحدا "

وقف حينها نزار عند الباب وقال

" سأخرج قليلا يا أمي ولا تتركي سما تعد الطعام "

قلت باستغراب " أليست في المطبخ الآن !! لما لم تكلمها "

قال مغادرا " بل غضبت مني وأغلقت على نفسها باب غرفتها "

وهنا تحول وجه دعاء لشيء لا يمكن وصفه وبعدما سمعنا

صوت إغلاقه للباب نظرت لي وقالت " نصحتها أن لا

تأتي وتكلمه وتنساه للأبد لكن رهام متهورة دائما وعلى

نزار أن يحذر منها بعدما حدث منه وسما أمامها "

نظرت لها بحيرة فيبدوا ثمة ما حدث كما توقعت وأنا

لا أعلم به , قلت " نزار يُعد رهام ماضي وانتهى "

قالت بابتسامة جانبية " هي لا تعده كذلك

وقد فاجأها ما عرفته بالأمس "

قلت " وما الذي تريده رهام منه الآن وهي

التي تركته وتخلت عنه "

قالت بابتسامة سخرية " كان بالنسبة لها فرصة وحين

وجدت أفضل منها تركتها وبعدما فقدت الآخر

عادت الآن تبحث عما أضاعته سابقا "

هززت رأسي بيأس وقلت " لا أعلم كيف تفكر هذه وهل

تضنه لعبة في يدها ترمها ثم ترجع لها متى تريد "

قالت بعد تردد " هل صحيح نزار سيتزوج من سما "

نظرت لها باستغراب فأبعدت نظرها وقالت

" أعني هل صحيح ما قصداه بما حدث أمامها

أم كانت تمثلية ليتخلص منها "

قلت بحيرة " وما الذي حدث أمامها "

نظرت لي بصدمة وقالت

" ألم يخبرك أحد !! ظننتك تعلمين بالأمر "

قلت " لا ... لا علم لي فأخبريني أنتي "

لاذت بالصمت مطولا ثم سردت ما قالت لها رهام أنه

حدث أمامها وأنا أستمع لها بصدمة ثم قلت بضيق

" وما علاقة سما لتريها تلك الصورة "

قالت بارتباك " قد تكون ظنت أنه ثمة شيء بينهما "

قلت مباشرة " ومن أخبرها عنها لتظن "

توترت كثيرا ثم قالت " صراحة عندما أزعجتني بكثرة

إلحاحها أن أتكلم معه وأسأله عن مشاعره نحوها أخبرتها

أن ثمة قريبة له تعيش معكم وقد يكون يحبها لتبتعد

عنه ولم أتخيل أن تفعل هذا "

قلت بضيق " ولكنك أخطأت بفعل ذلك يا

دعاء وتسببت بمشاكل للجميع "

قالت بارتياح " هل تعني أنه ما حدث أمامها كان

تمثيلية منهما فقط وليس حقيقة "

قلت ببرود " لا أعلم "

قالت بعد صمت ونظرها على يديها

" صراحة أناآآ ... أقصد .... أود أن "

قلت " ما بك يا دعاء لما التردد وما الذي تودين قوله "

قالت ونظرها لا يزال للأسفل " صراحة أريد معرفة إن

كان نزار يقبل الزواج بي وسأخدمكما وأساعده في توفير

المال ومصاريف المنزل والعلاج أيضا , أنا متأكدة من

أنك تعلمين بما أقول من قبل أن أقوله وأريد معرفة

رأيه دون أن يعلم أنني تحدثت معك "

تنهدت وقلت " لا أستطيع أن أعدك بالكثير لكنني سأحاول "

وقفت وقالت " عن إذنك الآن "

ثم خرجت من فورها هاربة من فضحها لمشاعرها

واتكأت أنا للخلف أنظر للباب بشرود وفي حيرة من

أمري فعليا أن أتأكد من بعض الأمور أولا قبل أن أسأله

ما أن غادرت دعاء حتى دخل نزار وكأنه كان يهرب

منها , وقف عند الباب وقال " لم تنزل سما بعد ؟ "

هززت رأسي بلا فغادر جهة المطبخ وبدأت أصوات

الأواني وكأنه في حرب وطار كل ذاك الهدوء حين كانت

سما تعد الطعام وكأنه لا يوجد أحد في المطبخ , بعد وقت

جاء يجر الطاولة للداخل فقلت مبتسمة " انتهيت من

إعداده سريعا يبدوا أن عشائنا الليلة بيض مسلوق "

ضحك وقال " بل أكلتك المفضلة في العشاء فقد كتبت

لي سما طريقتها بالأمس "

قلت بصدمة " وكيف أعددتها سريعا هكذا "

قال " هي سهلة فقط سما تعقدها بكثرة طهوها "

قلت بابتسامة " الحكم على الطعم كما كنت تقول لها "

ضحك وقال مغادرا " سأناديها كي لا يفوتها طبق اليوم "

عاد بعد قليل وهي تتبعه وكأنها لم تغضب منه منذ قليل

دخلت وهوا غادر جهة المطبخ فقلت مبتسمة " هذه فرصتك

لتنتقمي منه , هيا اجلسي فقد نبات الليلة بلا عشاء "

جلست وقالت بابتسامة " لن ننتقده قبل أن

نشبع كي لا نخسر كل شيء "

ضحكت وقلت " معك حق "

دخل حينها بالصينية تخرج منها الأبخرة ثم وضعها على

الطاولة وقال مبتسما " ما رأيكم في الشكل قبل الطعم "

نظرتُ لسما فكانت تنظر للصينية بصدمة ثم

نظرت لي فقلت " لا حكم إلا على الطعم "

جلس وقال " لن ترفعا الملاعق إلا وهوا فارغ

أنا متأكد أنكما لن تقاوما طعمه "

نظرنا لبعض نكتم ضحكتنا وهوا يسكب لنا في الأطباق

وضع أحدهما أمامي والآخر أمام سما فنظرت لما فيه

بصدمة ثم لسما التي كانت تنظر لطبقها بصدمة لا تقل

عن صدمتي وقال نزار بثقة " هيا أعطياني رأيكما في طعمه "

رفعت الملعقة وتذوقت منه قليلا فلم أستطع مضغه فحاولت

بلعه مباشرة فغصت اللقمة وبدأت بالسعال فوقفت سما

بسرعة وناولتني كوب ماء فأخذته منها وقلت بهمس

" لا تخاطري بحياتك "

قال نزار " فيما تتهامسان "

قلت من فوري " لا شيء شكرتها فقط "

نظر لي بتشكك وقال " إذا أعطني رأيك "

قلت بابتسامة صفراء " لقد شرقت ولم أتذوقه

جيدا وحلقي أصبح يؤلمني "

نظر جهة سما التي لست مكانها وقال " تذوقي

وأعطني أنتي رأيك إذا "

هزت رأسها بلا دون كلام فقال " هكذا إذا ستأكلانه كله

أو لا طعام بعد اليوم إلا البطاطا المقلية "

نظرنا لبعضنا بصدمة ثم قالت سما " تأكل خالتي معي أو لن آكل "

أمسكت رقبتي وقلت " حلقي لا يمكنني ذلك "

وضع نزار يديه وسط جسده وقال بضيق

" ما المعنى مما تفعلان , هل هذا جزائي على تعبي "

قالت سما وهي تحرك الطعام بالملعقة " البصل لم ينضج

بعد واللحم محترق من الخارج ونيئ من الداخل , الأرز

نصف نضج والباذنجان سميك جدا و.... "

قاطعها قائلا " ليست أول مرة أطهوا فيها , هي نفس

مقاديرك فقط الطريقة مختلفة "

نظرت سما لي فهززت لها رأسي بمعنى نأكل وأمرنا لله

وبدأنا نجبر أنفسنا على الأكل وكل واحدة منا تمضغ اللقمة

مرتين فقط ثم تتبعها بالعصير لتبلعها حتى كدنا ننهي الإبريق

كله وهوا ينظر لنا حتى قالت سما " لما لا تأكل أنت "

مد يده وسحب صحن البطاطا وقال

" أنا لم أتذمر من البطاطا المقلية وهي تعجبني "

وبدأ يأكلها ونحن أكلنا طبخته السيئة تلك حتى امتلأت بطوننا

ثم وقف وجمع الأطباق في صمت وأخذهم للمطبخ ثم عاد

سريعا وقال " لا يزال هناك القليل كلاه بدلا من أن نرميه "

قالت سما مغادرة بسرعة لخارج الغرفة

" عليا أن أدرس وأجهز أغراضي "

وعدلت أنا جلستي على السرير وقلت

" تناوله أنت لأنك لن تشبع من البطاطا فقط "

غادر للمطبخ وبعد وقت صعد لغرفته من توقف ضجيجه

في المطبخ وبعد حوالي الساعتين دخلت سما وقالت بصوتها

الهادئ " خالتي معدتي تؤلمني "

وكانت تمسكها فضحكت وقلت " لست بأفضل حالا منك

هذا لأننا لم نمضغه جيدا فتعسر على معدتينا هضمه "

أمسكت فمها وركضت جهة الحمام ويبدوا أنها ستتقيأ

ثم خرجت بعد وقت تمسح فمها بمنديل ورقي وقالت

" حمدا لله الآن فقط أشعر بالارتياح "

قلت مبتسمة " في المرات القادمة قفي على رأسه

حتى ينهيه على طريقتك "

ثم ضحكنا كلينا وقالت " أذا لن نقرأ روايتنا الليلة لأنك متعبة "

قلت مبتسمة " لا عليك بنيتي لا تؤلمني كثيرا "

جلست وقالت " إذا نقرأ "

مددت لها الرواية وقلت

" أجل فقد تشعرني بالغثيان وافرغ معدتي مثلك "

قالت بهدوء " ألا حل غيره "

قلت مبتسمة " ثمة حل غيره فهل ستساعدينني فيه "

قالت من فورها " بالتأكيد "

مددت يدي لها وقلت " إذا ساعديني على الوصول

للحمام لأفرغ ما في معدتي "

أوصلتني للحمام وأفرغت كل ذاك الشبيه بالأكل ثم

خرجنا وأنا أقول " آسفة صغيرتي لما رأيته للتو "

وضعتني على السرير وقالت وهي تغطي لي ساقاي

" لا عليك خالتي رأيت قبله شيئا مشابها له "

ضحكنا كلينا ثم قلت " لم يُهضم أبدا لازال كما هوا "

وعدنا مجددا للضحك ثم جلست وأمسكت الرواية , فتحت

حيث توقفنا آخر مرة وبدأت بالقراءة (( نظرت للخلف بريبة

مخافة أن يكون فراس فكان وائل أمامي ولأول مرة لا يسمعني

صاحب المسبة , توجه نحو الطاولة أخذ مفاتيحه من عليها

وقال ونظره علي " لازال فراس في الخارج "

نظرت له بصدمة , هذا تهديد واضح وصريح

نظر لي بسخرية فقلت بابتسامة " وإن يكن "

أمسك بخصلة من شعري وقال بمكر وهوا يلعب

بها بين أصابعه " سأخبره يا زوجة والدي العزيزة "

قلت برجاء " وائل هل يرضيك أن يؤذيني , أنت

تراه كيف يفقد أعصابه بسهولة وأنا ضعيفة ومسكينة "

غادر ووقف عند الباب وقال موليا ظهره لي

" إذا أسكت عنك ولكن بشرط "

قلت بتذمر " ما بكم أنتم مع الشروط وكأنكم

تنتظرون قدومي لحل مشاكلكم "

التفت لي وقال " ومن هذا الذي حللت له مشكلة "

قلت مغيرة مجرى الحديث " هيا قل ما هوا شرطك لننتهي

من هذه المسالة وينقطع لساني إن تفوهت بعد اليوم بشيء

لأنكم على ما يبدوا تترصدون لي عند الأبواب "

ضحك وقال " أولا تُعدّين لي الفطور كاليوم كل صباح "

قلت بصدمة " ماذا كل صباح !! "

قال بابتسامة جانبية " هذا أولا فقط "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق " لا يا عم هوا

طلب واحد فقط ثم أنت قلت أنه سيء ولن أصنعه لك مجددا "

قال مغادرا " إذا سأخبره "

تبعته راكضة وقلت " انتظر لنتفاهم أولا "

قال مغادرا " ورائي محاضرات ولا وقت لدي لك "

ثم خرج من باب المنزل فصعدت لغرفتي راكضة كي لا

يعود لي فراس بعد أن يخبره , صعدت مسرعة ودخلت

غرفتي وقفت عند النافذة أراقب حتى خرجت سيارة وائل

لكن سيارة فراس لم تخرج , يبدوا أنه خرج قبله وذاك

المحتال كان يكذب علي , طرق أحدهم باب غرفتي ففتحت

فكان عمي رياض الذي قال مبتسما " ما بها رُدين تركض هاربة "

قلت بابتسامة " صباح الخير عمي "

قال بحنان " صباح النور هيا انزلي لتشربي معي شاي الصباح "

لم أستطع قول أني فطرت أو أن أرفض طلبه فنزلنا معا وكان

يتحدث معي وأنا أضحك وتوجه هوا لغرفة الجلوس ودخلنا

أنا للمطبخ لأُحْضر له الشاي فشهقت بصدمة وأنا أرى فراس

يجلس على الطاولة حيث تركت طعامي ويتناوله فنظر لي

ثم عاد بنظره للطعام وقال " ما بك شهقتي وكأنك رأيت

ملك الموت وأنتي للتو كان ضحكك سيوقع الجدران "

تجاهلته وتوجهت حيث أبريق الشاي ودخلت عمتي

سعاد قائلة " صباح الخير ما هذا النشاط اليوم "

قال فراس بابتسامة جانبية " أنا ووالدي وأنتي هذا

وقتنا منذ سنوات فمن تعني بالنشيط اليوم "

توجهت نحوه وأخذت كأس الشاي من أمامه وقلت

" هذا أعدّته الكسولة ولن يعجبك فانتظر

خادمتكم النشيطة حتى ترضى عنك "

ثم سكبت ما كان فيه في المغسلة وغسلته وأعدته

للخزانة وسكبت آخر لعمي رياض وأخذت معي أبريق

الشاي أيضا وخرجت من الطبخ قائلة " عمتي إن كنتِ

تريدين شرب الشاي معنا فأحضري كأسا لك "

وخرجت من المطبخ مبتهجة , يبدوا أن وائل لم يخبره

جيد يبدوا يملك بعض المميزات لولا الغرور الزائد عنده

لكن عليا معرفة خباياه أولا فقد يكون كأشرف , دخلت الغرفة

ووضعت صحن التقديم على الطاولة وسكبت الشاي وقدمته

لعمي رياض ودخلت عمتي سعاد تحمل كأسا في يدها وقال

هوا ضاحكا " ما بكم وكأنكم تهربون بالشاي من أحدهم "

ضحكت وقالت وهي تجلس بجانبه " هذه رُدين حرمت فراس

من شرب الشاي الذي أعدته "

أخذت كأسها وسكبت لها الشاي قائلة " لأنه لا يستحقه

أنا يقول عني كسولة وأنا التي لا أنام بعد الفجر "

قال ضاحكا " يبدوا لن تختاري أحد أبنائي أبدا "

جلست وقلت " لازال الوقت مبكرا لأحكم "

قال مبتسما " رُدين كما أخبرتك سابقا وسأعيدها مرارا

أنتي لست ملزمة أن تختاري أحدهم , صحيح أني لا أريد

أن تخرجي من تحت رعايتي حتى يأخذني الموت لكن لا أريد

إلا أن تكوني راضية وستتزوجين من تختارينه كان من يكون "

قلت مبتسمة " لا تقلق يا عمي "

قالت عمتي بضحكة صغيرة " يبدوا انه لا نصيب لأولادك

فيها فلست تعلم كم أعجبوا بها النسوة في حفل الزواج "

وضع كأس الشاي بعدما أنهى شربه ووقف قائلا

" أعلم أنهم حمقى ولا يجيدون اختيار ما هوا

مناسب , هل توصون شيئا قبل أن أغادر "

قالت عمتي " سلامتك فقط "

وضع يده على رأسي وقال بابتسامة " خذي حذرك من

فراس يا رُدين فهوا أذكى مما تتصوري وحاول مرارا

محاصرتي بأسئلته وأجزم أنه لم يقتنع بعد "

لويت شفتاي وأنا أنظر له في الأعلى فلعب بيده في

شعري وقال ضاحكا " إن كان ثمة من سيستحقك وسيحافظ

عليك فسيكون هوا ويبقى الاختيار لك وحدك "

وفقت وقلت " أخشى أن يكون اكتشف كل شيء "

قال مغادرا " لا أن يكتشف صعب , يشك ممكن "

غادر وخرجت بعده , لا أعتقد أن ما يضنه صحيح فكيف

لفراس ذاك أن يكون من سيستحقني ويحافظ علي , سنرى ما

يمكن جمعه فيه من مميزات , أنا لم أؤمن يوما بالحب ما قبل

الزواج ولن أحب غير زوجي وأنا محتارة حقا في أمر نفسي

واختياراتي , نظرت ليدي وعددت بأصابعي وأنا أتوجه لغرفتي

فراس عصبي ومخيف ونكدي وبارد جدا لا يعرف حتى

كيف يمزح , وائل مغرور ولم أكتشف الباقي بعد , أشرف

مستهتر وزير نساء , اصطدمت بأحدهم فجأة فقلت بتألم

وأنا أمسك جبهتي " ما بكم لا أحد هنا يرى أمامه "

شدتني يد من يدي وسحبتني معها لإحدى الغرف وأغلقت

الباب فنظرت لصاحبها ثم انفجرت ضاحكة فقال بضيق

" ما المضحك بي يا عقربه "

لم استطع التكلم من كثرة الضحك فقال بغيض

" تكلمي أو قتلتك "

أشرت بإصبعي لشعره الواقف للأعلى وقلت بضحك

" شعرك أنظر كيف هههههه "

شدني من يدي وسحبني بقوة حتى أجلسني على السرير

وقال بضيق " شخص مستيقظ من النوم كيف سيكون شكله "

قلت مبتسمة " وما أيقضك باكرا على غير عادتك يا كسول "

رمى لي بهاتفه وقال " تتصلي بهذا الرقم فورا "

رميت بالهاتف جانبا وقلت " لن اتصل بجوجو مجددا تفهم "

غرس أصابعه في شعره محاولا ترتيبه فلم يزدد إلا سوءا

فعدت للضحك فقال بحدة " توقفي أو كسرت لك أسنانك "

أغلقت فمي بيدي فقال بغضب " هي ليست جوجو وستكلمينها "

قلت ويدي لازالت على فمي " من إذا "

جلس وقال " لا دخل لك المهم تخبريها أن والدي

يرفض زواجنا وأننا نحاول إقناعه "

أزلت يدي وقلت بجدية " لا تحلم بذلك ثم أنت قلت جوجو فقط من

تخدعها بالزواج بها والأخريات ما أن تذكر الزواج تتركها فورا "

وضع ساق على الأخرى وقال " لا شيء دون مقابل "

قلت بضيق " لو كنت شقيقتك هل كنت ترضى أن

يفعل أحدهم معي مثلك "

قال بغيض " لا تعلميني حدودي ثم أنا أرحم من غيري وكنت

أستطيع أن أضيع شرف كل واحدة منهن لكنه ليس مبدئي وشقيقتي

إن كانت مثلهن مستهترة وتبيع نفسها بالمال فتستحق ما سيأتيها "

قلت بضيق أكبر " ليست حجة يا أشرف ثم أنا لو كان

لي شقيق ما كنت لأتمنى أن يكون مثلك "

قال راميا بيده في الهواء " اتركينا من المثاليات الزائدة

وبسرعة ننهي الأمر لأني أريد أن أنام "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " نم إذا من يمنعك وأنا لن

أتحدث مع واحدة أخرى مهما حدث ثم فراس يبدوا كان

يعلم بجوجو خاصتك وتلك الغبية حيتني وأنا في سيارته

ورآها وسألني إن كانت تعرفني "

قال بعد ضحكة " بالتأكيد تعرفه ويعرفها فأنا عرفتها من خلاله "

فتحت فمي من الصدمة غير مصدقة ))

نظرت لي وابتسمت ابتسامة خبيثة فقلت

" انتهى وكما اتفقنا ننتهي عند نهاية الصفحة "

أغلقتها وقالت " ترى من ستختار !! أنا أراها أصبحت تقتنع بوائل كثيرا "

قلت مبتسمة " لا تحكمي الآن فمازال أمامك الكثير "

قالت بحيرة " ترى هل فراس كأشرف يعرف جوجو وغيرها "

قلت بمكر " المرة القادمة سنعلم "

تنهدت وقالت بقلة حيلة " أمري لله سأنتظر "

قلت ونظري على ملامحها

" سما هل تعلمي عما تحدثت معي دعاء اليوم "

نظرت لي باستغراب بادئ الأمر ثم هزت رأسها

وقالت " لا بالتأكيد "

قلت " إن أخبرتك هل تعدينني أن يبقى سرا بيننا "

قالت بحيرة " ولما تخبرينني عنه "

قلت " أريد أن أتحدث مع احدهم فقط فعديني "

قالت من فورها " أعدك لن يعلم به أحد "

قلت " جاءت تخبرني أن أفهم من نزار إن كان يوافق

أن يتزوجها وتخدمني وتشاركه ادخار أموالها معه "

تغير لون وجهها وتوقف تنفسها من الصدمة فقلت

لأتأكد أكثر " وأنا فكرت أن أقنعه بالأمر "

امتلأت عيناها بالدموع ثم وقفت لتغادر , كما توقعت

إذا هي تحبه وهوا كالصخرة يتمسك بشعاراته التافهة

قلت بسرعة " اجلسي يا سما لم ينتهي الحديث بعد "

جلست تحاول أن تخفي وجهها فقلت " لكني لا أراها مناسبة له "

نظرت لي من فورها وقالت " ألن تقنعيه بها "

هززت رأسي بلا وقلت " سأعرض عليه الأمر فقط

كما طلبت مني ولن أقنعه بها "

بقيت تنظر للأرض بشرود فقلت " هذا الموضوع كان

يشغل بالي ولم أرتح إلا حين تحدث عنه الآن , سما لما

لا تفتحي قلبك لي ولو قليلا فأنا أراك شاردة الذهن أغلب

الوقت وحزينة أحيانا وأسئلتك تكثر عن فهم

مشاعرك , تكلمي وسترتاحين بالتأكيد "

قالت بحزن " هل تكتمي سري ولا تسأليني عن شيء "

قلت بجدية " بالتأكيد فأخبريني فقط عما تريدين قوله لي "

*
*


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 01-07-15, 08:32 PM   #63

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



نزلت قاصدا المطبخ فلفت انتباهي غرفة أمي ضوئها لم

يطفأ بعد , مؤكد سما معها ولابد وأنهما أعدا شيئا ليأكلانه من

ورائي وأنا جائع ولم تشبعني البطاطا أبدا , نزلت بخطوات

بطيئة لأمسكهم بالجرم المشهود فاستوقفني صوت أمي قائلة

" وكيف تحبين شخصا ولا تعرفي إن كنتي حقا

تحبينه وإن كان يحبك "

قالت سما بحيرة " لا اعلم خالتي كل الأمور التي

قلتِها لي تنطبق عليه وأشعر بها فما يعني هذا "

قالت أمي بعد ضحكة " يعني وقعتي في الحب بنيتي

ولا تخافي منه فهذا شعور جميل فطر الله عليه

البشر فقط البعض شوهه "

تنهدت وقالت " لما يحدث معي هذا "

قالت أمي " ألن تخبريني من يكون "

ساد الصمت طويلا وأنا أنتظر أن أعرف من يكون ثم

قالت أمي " كما تريدين بنيتي فلن أضغط عليك وأي

وقت تريدي إخباري تعالي وقولي لي لنجهز عليه معا "

سمعت حينها أصوات الأجراس في حداء سما وخطواتها

تقترب قائلة " إذا تصبحين على خير الآن "

عدت أدراجي مسرعا ودخلت غرفتي وأطفأت النور وجلست

على السرير بذهن شارد , ترى من هذا الذي تحبه سما , هل

هوا حسام أم أحد مدرسيها وقد يكون حتى من حراسها , آه نزار

يا مغفل كيف تحبهم وهي لا تراهم إلا للحظات , قد يكون قريب

لإحدى زميلاتها تعرفت عليه , حسنا وما علاقتي أنا بالأمر هل

سأحاصرها في هذه أيضا بحجة أن لا يفسدها أحد فالحب

شيء لا يمكن لأحد التحكم به , اضطجعت على السرير

محاولا النوم لكن السؤال الذي لم يتركني أنام ولا اعرف لما

هوا من هذا الذي تحبه سما ولا تريد قول اسمه حتى لوالدتي

رغم أنها حدثتها عن كل شيء يخص مشاعرها نحوه على ما

يبدوا , نمت بعد وقت وعند الصباح وقفت في الأسفل أنتظرها

أن تنزل لأوصلها فنزلت ودخلت غرفة والدتي وأنا اتبعها

فساعدتها لتلبس حجابها ككل يوم منذ جرحت يدها وودعتها

وخرجت تتبعني , كنت اليوم وكأني لأول مرة أراها وكله

بسبب الفضول ووجدت نفسي لا شعوريا أركز على ملامحها

وطريقة كلامها وابتسامتها لأراها بعين الشخص الذي تتحدث

عنه ثم خرجنا من المنزل وأوصلتها للمدرسة وكنت طوال

الطريق أراقبها إن كانت تنظر لسيارة حرسها خلفنا أم لا

فكانت لا تنظر لهم أبدا ونزلت للمدرسة ولم تلتفت ناحيتهم

ولم تتركها عيناي حتى دخلت المدرسة , عدت بعدها

للمنزل لأن والدتي طلبت مني أن أمر عليها قبل حصصي

فما يكون هذا الأمر الذي لا يمكن تأجيله حتى أرجع

هل تريد أن لا تسمعه سما ولا بالمصادفة لذلك اختارت

وقت تغيبها عن المنزل أم هوا بخصوص الشخص الذي

تحدثت سما عنه معها !! ولكن ما علاقتي لتخبرني عنه

قد تكون والدتي تعرف من يكون من حديث سما الدائم

عنه وستفتح معي الموضوع ذاته عن زواجها وتزويجها

وتقول ختام الأمر ها قد أضعتها من يديك , نفضت كل

تلك الأفكار التي سيطرت على عقلي اليوم ودخلت المنزل

وتوجهت من فري لغرفة والدتي

******************************

نظرت لها بصدمة وقلت " هل أنتي متأكدة يا سيلا "

هزت رأسها بنعم وقالت بهمس " متأكدة سيدتي ورأيتها

بعيني فكما تعلمي من كثرة ما أكلت من الكعك تلك الليلة

معدتي كادت تقتلني وعندما كنت متوجهة للأسفل لأشرب

عصير الليمون عله يخفف ألمها رأيتها تحاول الدخول

لجناحك والسيد وحين رأتني ادعت أنها تحمل الغسيل من

الأرض وتنهي طريقها وأنا تعاملت مع الأمر بشكل طبيعي "

هززت رأسي بيأس وقلت " هي خادمتها المقربة ورفيقتها

الدائمة ومؤكد فعلت ذلك بأوامر منها "

قالت " وما ستفعلين الآن هل ستخبرين السيد "

تنهدت وقلت " مؤكد سيعلم لكن عليا استغلال هذا الأمر

لتلقين تلك العجوز درسا فسأبحث ذلك أولا "

قالت بتوتر " قد تطردني السيدة إن علمت فلا تخبريه

فقط أغلقي جناحكما بالمفتاح "

هززت رأسي بلا وقلت " مستحيل لن أترك هذه الفرصة

تفوتني ولا تخافي لن تتمكن من طردك وهي تعلم ذلك

جيدا لأنها موقنة من أن جابر يثق بك ويعتمد عليك في

كل شيء ومنذ سنوات "

هكذا إذا تتجسس على ما نقوله ليلا لتعلم ما يجري من ورائها

عائلة تسكنك الرعب من أفكارها وتصرفاتها فيكفي ابنها الذي

كاد البارحة يوقف لي نبض قلبي حين سأل عن حملي ولو لم

يرن هاتفه الخاص بالعائلة وجعله ينتفض واقفا لتأخر الوقت

لكنت في خبر كان فأنا أعرف مدى ذكائه فهوا يقرأ حتى

الملامح وردود الأفعال حين أجيب على سؤاله

" سيدة أرجوان أنا أحببتك ولا أريد أن يخسرك السيد

بسببها كما فعلت مع حسناء "

قلت باستغراب " وما دخلها فيما حدث مع حسناء "

فركت يديها بتوتر ثم قالت

" لا شيء فقط خمنت أن تكون هي السبب "

غريب فما أعلمه أنها كانت من اختيارها هي وهذا ما

فهمته من كلام جابر معها بخصوص زهور فلما ستتخلص

منها وسيلا لو كانت تعلم شيئا فلن تقول عنه لأنها في النهاية

خادمة ولن تتق في أحد ولا حتى أنا وقد تكون خمنت ذلك

فقط أو ترى أنها بسبب ما تفعله والدته هربت حسناء

نظرت لها وقلت " هل كانت السيدة الكبيرة تكيد كثيرا لحسناء "

قالت بعد صمت " لا أعلم سيدتي "

تنهدت بضيق تبدوا وفيه أكثر مما ينبغي أو خائفة فوق اللزوم

قلت " حسننا علاقة السيد بحسناء كيف كانت "

قالت " كما أخبرتك كانا يتشاجران دائما "

قلت بفضول " عن ماذا تحديدا ألا تعلمي "

قالت بعد تفكير " لم تكن تتحدث كثيرا كانت تبكي لوقت

طويل وفي مرة قالت أمامي أنها لم تعتد تحتمله

ووالدته وأنه يطيعها حد العبودية "

قلت بهمس " أستغفر الله فلا عبودية لغير الله "

إذا هوا كان يراها تتشكى وتنتقده وهي تراه تابع لوالدته

لمْ يبدوا لي كذلك أبدا أراه يحترمها كثيرا فقط ويعاملني حتى

الآن بالحسنى , صحيح أنه جاف ومتحجر وغير موجود ولا

مبالي لكنه ليس سيء لسان أو طباع حتى أنه يتقبل مزاحي

أي ليس باردا كما كنت أراه , آه منك يا جابر أدفع عمري

ثمنا لفهمك أو لترويضك وإن فعلتها سأكون أستحق وساما

ذهبيا من رئيس البلاد ولن يكون ذلك إلا حين ينطق بأم

لسانه أني مهمة في قلبه وليس حياته وانه لا يمكنه العيش

بدوني وأنه يحبني , تنهدت وقلت بحسرة

" آه ياله من حلم بعيد المنال يا أرجوان "

قالت سيلا بحيرة " ما هوا ذاك "

وقفت وقلت " لا شيء لا تشغلي بالك وابقي

بالقرب من الأولاد حتى أعود حسنا "

هزت رأسها بحسنا مبتسمة ونظرت أنا لهم وهم

منشغلين بالقلعة وقلت " لا تتعبوا سيلا حسنا "

لم يجب أحد فابتسمت على أشكالهم وهم منسجمين في

اللعب حد أنهم لا يعون لما حولهم وترف الأنانية تلك

تجمع الدمى في ثيابها حتى امتلأت , خرجت من عندهم

وأنا مطمئنة مادامت سيلا معهم ونزلت للأسفل , دخلت

المطبخ ووقفت وقلت للخادمات " الطابق الثالث لا يصعده

أحد غير سيلا إلا بأوامر مني مفهوم "

نظروا لبعضهم فقلت " لم أسمع ردا "

قالوا معا " مفهوم "

قلت مغادرة المطبخ " وأبلغوا الغائب بذلك "

ثم عدت للأعلى بعدما نفذت الجزء الأول من مخططي

مؤكد ستكسر تلك العجوز كلمتي وأنا من ستجعل جابر

يقولها لهم بنفسه وسأكسب جولة ثانية لإيهامها بأني من

لا يعصي لها أمرا , عدت للغرفة ووقفت عند الباب وقلت

" سيلا تعالي قليلا "

خرجت تتبعني وقلت بصوت منخفض

" أين خادمة عمتي تلك الآن "

قالت بهمس " مؤكد تنظف جناح السيدة الكبيرة أو

معها فيه لأنهما لم يخرجا اليوم "

قلت وأنا اسبقها " اتبعيني إذا لننهي المخطط "

نزلنا للطابق الثاني ووقفنا مبتعدتين عن جناحها نراقبه

وانتظرنا قليلا حتى خرجت الخادمة فأشرت لها برأسي أن

نعود للسلالم ثم نزلنا قبلها وكأننا لا نعلم أنها خلفنا وقلت

محدثة سيلا " كما اتفقنا يا سيلا أريد الليلة في غرفتي مميزة

وسأطلب من جابر العودة مبكرا فلا تنسي جلب كل ما أوصيتك "

قالت من فورها " بالتأكيد سيدتي لن أنسى شيئا "

قلت ونحن ننزل آخر العتبات " وكما قلت لهن جميعا لا

أريد غيرك في الطابق الثالث بأكمله اتفقنا "

ثم ابتعدنا عن مكان وجهتها وهي المطبخ وتركناها حتى

دخلت وعدنا للأعلى لتعود سيلا حيث الأولاد وتوجهت أنا

لجناحي استحممت وخرجت بمنشفة الحمام ملفوفة حول جسدي

وشعري الرطب يغطي ظهري وأكتافي وأخذت طلاء الأظافر

وجلست فوق السرير , هوا يأتي الآن أغلب الأوقات وسألعب

لعبته حين يغريني بمنشفة الحمام يستعرض عضلاته وهوا

يعلم أن ذلك أكثر ما يرهق النساء ويلفت انتباههن

مضى وقت حتى شعرت بالضجر وبدأ شعري ينشف فدخلت

الحمام مجددا بللته هوا وجسدي وخرجت , أسوء ما في هذا

الرجل أنه من سابع المستحيلات أن أحدد وقت عودته

ما أن خرجت من الحمام حتى سمعت باب الجناح يغلق

فقفزت على السرير من فوري وعدت لطلاء أظافري وأنا

اغني أغنية للعندليب عبد الحليم لأني بصراحة لا أحفظ غيرها

كانت لي زميلة في الثانوية من كثرة ما كانت ترددها حتى

حفظتها عن ظهر قلب لأني لم أكن أسمع الأغاني كثيرا

انفتح الباب وأنا عيناي على قدماي مدعية أني لم أشعر

به فوصلني صوته قائلا " من هذا الذي تهوينه "

نظرت له نظرة سريعة وعدت بنظري حيث

كان وقلت " أخبرتك سابقا شخص لا تعرفه "

دخل وأغلق الباب خلفه قائلا

" هل تعلمي ما عقوبة الخيانة يا سيدة أرجوان "

أدخلت خاتما في أصبع قدمي ومددتها له وقلت " ما رأيك

سمعت عن هذا وسخرت منه لكن يبدوا ليس سيئا "

خلع سترته ورماها علي كعادته وقال

" البسي ملابسك قبل الخواتم "

أبعدت سترته عني وقلت بلامبالاة ونظري على

الخاتم رافعة قدمي قليلا " جناحي وغرفتي وزوجي

أرتدي ملابسي أبقى من دونها شيء يحق لي دائما "

خلع قميصه واقترب مني وجلس بجواري وأمسك

بالمنشفة وقال بمكر " وانزعيها إذا "

أمسكتها بقوة وقلت بضيق " جابر ماذا تفعل "

ضحك وقال " جناحي وزوجتي وأفعل ما يحلوا لي

ثم لا شيء خفي عني تستحي منه "

ضربت يده وقلت " وقح كان ذاك كله في شبه الظلام أم تظنني

مثلك تستعرض عضلاتك بمنشفتك كل ليلة "

شدني من خصري وقال " إذا تستعرضين أنتي أيضا الآن "

ابتعدت عنه بصعوبة وقلت " بسرعة سيد مشغول عليك أن

تدرك قضاياك ماذا تفعل هنا للحمام فورا "

وقف ورفعني من على السرير ودخل بي الحمام فقلت صارخة

وأنا أتمسك بعنقه " ماذا تفعل أخرجني الآن "

فتح على الحوض بقدمه لتدفق المياه له من كل جانب وقال

بسخرية " ما رأيك في أن تعيدي حمامك مجددا سيدة مشاغبة "

تمسكت به بقوة أكبر وقلت برجاء " أرجوك جابر لا "

قال " إذا "

قالت " إذا ماذا "

قال بمكر " تعلمين ماذا "

قلت وأنا متمسكة به ووجهي في عنقه " آسفة ولن أقولها مجددا "

قال " لم افهمها "

أبعدت وجهي وقبلت خده وقلت " فهمتها الآن بالتأكيد "

قال بصوت مبتسم " ليس بعد "

قبلته أخرى وثانية وثالثة حتى ضحك وقال " غيري المكان "

شهقت بصدمة فقال " زوجك وحمامك وفي جناحك فنفذي بسرعة "

أخفيت وجهي في عنقه مجددا وقلت " مستحيل "

قال " إذا للحوض ومن هذا العلو فلن أنزلك برفق "

تمسكت به وقلت بخوف " لا لا انتظر "

نظر لي وقال بابتسامة جانبية " أنتظر ماذا "

قلت " أنزلني أولا "

أرخى ذراعيه من تحتي فقلت بذعر " لا جابر لا "

قال بهمس " يداي تعبتا وستقعين مني "

قلت برجاء " جابر أنزلني ثم نتفاهم "

رفع رأسه للأعلى وقال " واحد , اثنان ..... "

أبعدت وجهي عن عنقه وقلت " توقف "

نظر لي بصمت فعضضت شفتي ثم قلت بهمس

" أغمض عينيك أولا "

هز رأسه بلا وشبه ابتسامة ترتسم على شفتيه فقلت

" إن غرقت ستأخذ ذنبي "

زادت ابتسامته ولم يعلق فقلت

" وأخبر الأولاد أنك السبب يا رجل العدالة "

أمال رأسه وهمس في أذني قائلا " لا شيء ورائي غيرك "

قلت بسخرية " سنرى إن لم يرن هاتفك بعد قليل

وترميني للخلف وتركض له "

ضحك بلا شعور منه ثم قال

" حسنا ننتظر ونرى لكن إن تعبت فلا تلومي إلا نفسك "

خبأت وجهي في عنقه وقلت " أغمض عينيك جابر "

قال ببرود " قلت لا ثم من يسمعك لا يصدق أنك زوجتي من مدة "

هذه نتائج مشاغبتك ومخططاتك يا أرجوان انقلبت عليك

يا إلهي مما مخلوق هذا الرجل كيف يريد مني أن أفعلها

فأنا لم أفكر فيها سابقا , ابتعد عن عنقه مسلمة أمري لله

تجنبت النظر لعينيه لأني حينها سأفضل حوض الاستحمام

على فعلها , قربت وجهي ببطء وأغمضت أنا عيناي بدلا

عنه ولا أعلم أي مشاعر انتابتني حين تلامست شفتينا

وكأنه لم يقبلني قبلا فلم أعتقد أنه حين ستكون مني سيكون

الأمر مختلفا , لم أزد على ما فعلت شيئا فأرخى يديه وكأنه

سيوقعني فتمسكت به بقوة لتتحول شبه القبلة تلك لقبلة حقيقية

ولا أعلم أي جنون أصبح يقودني حينها لفعل ذلك بحرفية

وأي مشاعر اجتاحتني وأنا من يقدم على ذلك ويقوده وفي

غمرة ما كنا فيه جفلت وابتعدت عنه حين استفقت لنفسي

ولم أعرف أين أختبئ منه فقلت هامسة ببحة وعيناي

ما تزالا مغمضتان " أنزلني "

وصلني صوته هامسا " أين بالتحديد "

قلت " للأرض طبعا "

ضحك ضحكة صغيرة وقال " أعلم للأرض فأي أرض منها "

قلت بضيق " جابر أنزلني "

قال بمكر " افتحي عيناك لتفهمي "

فتحت عيناي ببطء ثم صرخت من الصدمة وغطيت

جسدي بالمنشفة جيدا فضحك وخرج بي من الحمام

ورماني على سرير الغرفة وقال وهوا يتوجه للخزانة

" لا ينقدك مني في كل مرة سوى تعمدك لهذه الأوقات "

أخرج منشفة من هناك وعاد جهة الحمام فخرجت من

السرير وقلت وأنا أعدل منشفتي " جابر انتظر "

وقف مقابلا لي ودفعني بإصبعه من جبيني حتى أوقعني

جالسة على السرير وقال " أرجوان ابتعدي عني فلا وقت لدي "

ثم دخل الحمام وأغلقه خلفه فتأففت وتوجهت لغرفة الملابس

ارتديت فستانا قطنيا عند الركبتين وخرجت , سرحت شعري

وتركته مفتوحا ثم نظرت لقدمي ومددت يدي لها ثم غيرت

رأيي وتركت الخاتم فيها , وضعت كحلا وأحمر شفاه

وسمعت باب الحمام يفتح فرميته بسرعة في الدرج

وأغلقته فخرج حينها بالمنشفة فلم أستطع إمساك ضحكتي

فقال مبتسما وهوا يتوجه نحو الخزانة " أرجوان يكفي يا طفلة "

توجهت نحو بذلة عمله وشغلت نفسي بنزعها من علاقتها

ثم التفتت له ومددت له بالبنطلون فأخذه ولبسه وأعطيته

القميص بعدها فمد يده وقال " ألبسيه لي ما تغير اليوم "

رميته عليه وقلت " اليوم لا "

مد خطوته وأمسك ذراعي وقربني له وقال

" تعالي ... تعالي , ما تعني باليوم لا "

قلت ونظري على صدره بالقميص الأبيض الداخلي

مشدودا عليه " لم أعني شيئا "

فلم أشعر سوى بقبلته المجنونة التي أشعر أنها اليوم غير

عن كل مرة ولا أعلم صدرت منه مختلفة أم أنا بث أشعر بها

مختلفة عن قبل , وبعدما ابعد شفتيه وقد أتملني اتكأت على

صدره وقلت وبدون حتى أن أرتب كلماتي ككل مرة

" جابر كن بخير من أجلي "

وما أن أنهيت كلماتي حتى رن هاتفه فأحطت جسده بذراعاي

بقوة وقلت بصوت ضعيف " اعتني بنفسك جابر من أجلي أرجوك "

طوقني بذراعيه وقال بصوت مبتسم " وأين الأولاد هذه المرة "

ابتعدت عنه دون كلام ورفعت القميص من الأرض وألبسته

له ثم ربطة العنق في صمت من كلينا وقلت وأنا

أربطها ونظري عليها " متى سترجع الليلة "

وصلني صوته قائلا " ولما تسألي على غير العادة "

توجهت للسترة وأمسكتها قائلة " هل ستتأخر كثيرا "

ألبستها له ولم يجب فلكمت صدره بقبضتي بخفة وقلت

" جابر تكلم "

قال وهوا يغلق أزرارها الفضية " يحق لي الصمت متى أريد مثلك "

توجهت نحو هاتفه الذي لا يتوقف عن الرنين ورميته له بقوة

فالتقطه وقال " هل تنوين تحطيمه يا أرجوان "

قلت بضيق وأن أجمع ثيابه " لو بيدي لفعلتها "

قال بتحذير " أرجواااان "

ضحكت ضحكة صغيرة ثم توجهت نحوه وقبلت خده

فقال ويديه وسط جسده " لم تعد تفي بالغرض "

رفعت له هاتفه لأذنه وقلت وعيناي في عينيه

" ستكون أنت الخاسر فقد تحدث أمام والدتك أو أبنائك "

أجاب على الهاتف مبتسما وقال " نعم "

سكت لوقت ثم قال " نعم لدي سأجلبه معي وداعا "

أنهى بعدها المكالمة وجلس على السرير يلبس حدائه

وقال وهوا يربطه ونظره عليه " هل هناك ما يستحق "

قلت باستغراب " في ماذا !! "

وقف وقال مغادرا الغرفة " إنسي الأمر "

تبعته أجاري خطواته قائلة " جابر لا تسرع "

خفف من خطواته دون أن ينظر للخلف حتى أدركته وصرت أسير

بجانبه وقلت ونحن ننزل السلالم " هل أخرج بالأبناء ... مرة فقط "

قال وهوا يعدل سلاحه " لا يا أرجوان وسبق وتحدثنا في هذا الأمر

ولا أريد أن نقول لاحقا ليت ما كان لم يحدث "

قلت بهدوء " وهاهم يخرجون للمدرسة "

قال وهو يتوجه جهة مكتبه في الأسفل " أفكر جديا في تدريسهم

في المنزل وحتى الامتحانات سيقدّمون عليها هنا "

فتح باب المكتب ودخل فتبعته قائلة " متى قررت ذلك "

وقف وقابلني وقال ببرود " أرجوان ما الذي تريدين الوصول إليه "

نظرت للجدار خلفه وقلت بتنهيدة " ما عساي أقول غير أمري لله "

توجه نحو الخزانة فتبعته وقلت " وحتى متى ذلك "

نزل مستندا بساقيه أمام المكتبة وقال وهوا يفتح الرف

السفلي فيها " حتى تنتهي سلسلة الجرائم هذه "

ملت عليه وحضنته من الخلف مطوقة لعنقه بذراعاي

وقلت بهمس " لم تخبرني متى ستعود الليلة "

أخرج شيئا من الخزانة ووقف وقابلني فقلت مبتسمة

" أعني هل ستعود مبكرا "

قال " ولما "

نظرت جانبا وقلت بتذمر " جاااابر "

قبل شفتاي سريعا وقال مغادرا " سأحاول "

راقبته حتى خرج من المكتب ثم مررت أصابعي على شفتاي

مبتسمة وخرجت , جيد فها قد علّمت الحجر كيف يقبلني من

حين لآخر وهذه خطوة كبيرة لم أتخيل أن أنجزها بسهولة

غادرت المكتب وعدت للأعلى بسرعة لأني تركت الأولاد

كثيرا وما أن وصلت للطابق حتى لاحظت حركة الخادمات

ازدادت فيه وكأن المطبخ أصبح هناك , جيد تريد أن تريني أن

كلمتها النافذة ورأيي في الأرض سنرى يا عمتي العزيزة

*
*
نظرت بحيرة لما في يديها وقلت " ما هذا !! "

رفعت كتفيها وقالت " سيد رضا طلب مني أخذه لك "

ما أن سمعت اسمه حتى شعرت بالألم وبقلبي يغلي من

الغيظ , من أخبره أن ذكره يؤرقني ويكدر صفوي وهوا أحب

أن يزعجني هكذا , أخذت الحقيبة الورقية منها وأخرجت ما فيها

فكان نموذجا مصورا لمحل مشهور من الماركة الموجودة عليه

فتحته وورقت بعض أوراقه فكانت صور لفساتين خطوبة

وإكسسوارات وعطور وماكياج , ورقت باقي أوراقه

بسرعة ثم رميته على الأريكة وقلت بضيق

" لا تأتيني بشيء منه ثانيتا "

نظرت لي باستغراب فتنفست بقوة مهدئة نفسي ثم قلت

" حين يعود أعطيه له وقولي زهور قالت الأمر لا يحتاج "

هزت رأسها بحسنا دون كلام ثم قالت بهدوء حزين

" ستتزوجين وترحلي سيدتي لقد اعتدت عليك لسنوات كثيرة "

قلت بشرود وابتسامة حزينة " لا تخافي سأعود لك بسرعة "

قال بصدمة " ولما "

نظرت لها وقلت " اتركيني وحدي "

خرجت من فورها وتركتني وحدي فهذا حالي منذ أربع

سنوات إما معها أو وحدي ولو كان الأمر بيدي لبقيت من دونها

نظرت للخطوط في كف يدي لتعود لي الذكريات التي لا تتركني

(( " رضا ما تعني هذه الخطوط "

أمسك بكفي وقال وهوا يتبعها بسبابته " هذا طريق

منزلكم وهذا طريق المدرسة وهذا طريق الشارع الذي

أهربك له لتلعبي فيه "

قلت بابتسامة " وهذا "

نظر لوجهي وقال بابتسامة " هذا طريق قلبي "

ثم نظر لكفي وقال وهوا يتابعه بسبابته

" ويصل إلى منزلكم هنا "

ضحكت على الكلمات التي لم أفهمها حينها فرفع كفي

وقبله قبلة طويلة ثم غطى فعلته بمشاغبته الدائمة بأن

بدأ يعضه بأسنانه وأنا أضحك ))

ضممت كفي لحضني وسافرت بي الذكرى مجددا لبعد ذاك

اليوم بسنوات حين أمسكه مجددا وقال ونظره عليه

" زهور هل تذكري حين قرأت لك كفك في طفولتك "

سحبته منه وقلت بخجل الأنثى

" لم تكن قراءة بل قل شرطي مرور "

ضحك بقوة ثم نظر لوجهي بتركيز وقال

" ليثه كان بإمكاني قراءته لأعلم عن مستقبلنا حبيبتي "

غادرت من أمامه مسرعة وأنا أقول " والدتي ستفتقدني

وقد تخبرها إحدى الخادمات عن مكاني وداعا "

وركضت عائدة للقصر ولا أعلم خروجي للحديقة في

ذاك الوقت من أجل الزهور أم لأراه وهل يأتي هوا من أجل

الزهور كما يقول أم ليراني , أبعدت كفي عن حضني ووقفت

وتوجهت من فوري لمرآة الخزانة ونظرت لظهري فيها

وأنزلت حمالة الفستان لتكشف عن تلك الآثار بل عن

ذكرى ذاك الضرب الوحشي كي لا أنسى ما سببه لي

المدعو رضا وكي لا تتغلب الذكريات الجميلة على التعيسة

فلا أسوء من تلقي ذاك الضرب من ذاك الزوج سوى أني

لازلت عروسا والأسوأ من كل ذلك أني لا أفهم حتى السبب

قبضت على حمالة الفستان بقوة ونظرت للأرض لتتساقط

دموعي عليها ولا أعلم أبكي الماضي أم الحاضر أم ما بينهما

أعدت حمالة الفستان ثم مسحت دموعي وابتعدت عن المرآة

وعن كل أفكاري تلك , ستنتقمين لنفسك يا زهور نعم ستأخذين

بحقك منه وتجرعيه ما جرعك منه ومن نفس الكأس

خرجت لردهة الجناح وتوجهت لحوض الأسماك وأنزلت

لهم الطعام من العلبة المخصصة له لينساب وسط الماء

ويبدؤون التسابق له وأنا أشاهدهم بتركيز وأتابع حركتهم

بحدقتي عيناي ليبعدها عنهم طرقات متقطعة وخفيفة على

الباب وكأنها من أكثر من شخص ومن أيدي صغيرة

ومنخفضة الطول , نظرت للباب مطولا بتركيز ثم قلت

" تفضل "

انفتح الباب لتظهر من خلفه فتاة قصيرة تقف على

أطراف أصابعها لتفتح مقبضه بجديلتين لشعر بني شديد

النعومة وملامح جميلة وابتسامة قالت خلالها

" عمتي زهور هل ندخل "

هذه ترف ابنة جابر إذا , بقيت أنظر لها بصمت حتى اندفعت

للأمام بقوة ليظهر من كان خلفها وقال الفتى ملتفتا للخلف

" بيسان لا تدفعيني "

ألتفتت لهم ترف بعدما استوت في وقفتها وقالت بضيق

" انظرا كيف أدخلتماني قبل أن تأذن لنا سأخبر ماما عنكما "

أشارت لها بيسان بيدها أن ترجع للخلف فركضت باتجاههم

ووقفت معهم عند الباب ونظرت لي وقالت بابتسامة

" لم ادخل عمتي أنتي هيئ لك فقط "

لم استطع إمساك ابتسامتي لتتحول لضحكة صغيرة

ثم قلت " ادخلي يا ترف "

دخلت وقالت وهي تتوجه نحوي ونظرها عندهم ملوحة

بيدها لهم " لم تقل أنتما قالت ترف "

فوضعت بيسان يديها وسطها ومدت شفتيها مستاءة ووصلت

ترف عندي وحضنت ساقاي قائلة " كم أنتي جميلة عمتي أجمل

من بيسان وفستانك أجمل من فساتينها "

حملتها عن الأرض وقلت " أدخلا بيسان أمجد "

دخلا وأغلق أمجد الباب وأجلست ترف على الأريكة وجلسا بجانبها

وجلست وقلت وأنا أتلمس جديلتها الحريرية التي تصل لعنقها

" كانت فكرة من فيكم لتأتوا إلي "

قالت ترف من فورها مشيرة لهم بيدا " أصمتا أنا أجيب وحدي "

ثم نظرت لي وقالت وهي تمسك خيطا من خيوط فستاني

المتدلية من كتفه " ماما قالت لنا وأذنت لنا أن نزورك

قليلا , أنتي جميلة عمتي "

أمسكت وجهها الصغير بيداي وقلت " وأنتي كذلك "

قالت بسرور " أجمل من أمجد ؟ "

لم استطع إمساك ضحكتي فقفزت من على الأريكة وقد

انتبهت للتو لحوض الأسماك فألصقت وجهها به وبخار

تنفسها شكل دائرة عليه وقالت بدهشة " سمك حي "

نظر لي أمجد وقال " هل نقترب منه عمتي "

هززت رأسي بحسنا فتوجه له هوا وبيسان أيضا وقالت

بيسان بصوت منخفض " ستري من ماما يا ترف ألم تقل لا

نتحرك ولا نلمس شيئا إلا إن أذنت لنا عمتي زهور "

لم تهتم لها طبعا لأنها كانت تتابع حركة إحدى الأسماك

بإصبعها ونظرها عليها ولا تزال ملتصقة بالزجاج

ثم نظرت لي وقالت " ونحن لدينا قلعة فيها جنود كثيييير

وأناس في الداخل لا يخرجون أبدا هل تأتي معنا لتريها "

قلت بابتسامة " في وقت آخر "

عادت بيسان وجلست معي على الأريكة وقالت

" ماما قالت لنا قليلا ونخرج "

قلت وأنا العب بغرتها الشقراء " لما قالت لكم أن تأتوا إلي "

رفعت كتفيها وقالت " هي قالت أنك تحبيننا وعلينا أن

نزورك لكن قليلا ومتى ما هي سمحت لنا "

قلت " ما أسم والدتك "

قالت من فورها " أسمها أرجوان هي كانت شقيقتنا نناديها ماما

ثم ظهر أنها ليست شقيقتنا ووالدنا حي ثم أصبحت معنا هنا

وترف تقول أن بابا اكتشف أنها ابنته أيضا "

توجهت ترف نحوي وقالت بحيرة " نعم ولكن ماما تنام معه

ونحن لا وهي ابنته مثلنا هل يحبها أكثر منا "

ضحكت هذه المرة ضحكة شعرت بها خرجت من عمق

قلبي فقالت بتفكير وأصبعها على فمها الصغير

" لكن ماما قالت أنهما متزوجان "

أمسك أمجد بيدها وقال وهوا يسحبها معه

" هيا لنخرج هيا بيسان "

قلت " لما تريدون الخروج "

قال وهم يتوجهون نحو الباب " ماما ستغضب منا إن تأخرنا "

حيتني ترف عند الباب قائلة " سنأتيك ثانيتا "

ابتسمت لها وبادلتها التحية ثم ركضت بيسان عائدة

ناحيتي وقبلت خدي وقالت " وداعا عمتي "

ثم خرجت خلفهم وأغلقت الباب , وأنا انظر لهم بذهول

لما والدتي ترى أن طريقتها فقط صحيحة في التربية

ها هوا أكبر دليل أمامها

*
*
" هل يمكنك التحدث سيدة عفراء "

قالت بصوت ضعيف متعب " قليلا "

قلت بهدوء " سأسألك وأجيبي بنعم أولا فقط , لن أتعبك هذه المرة "

هزت رأسها بحسنا ثم قالت بتعب " هل ستسجنني "

قلت بابتسامة " لا أبدا "

نظرت لي باستغراب فقلت " سما تعرفينها مؤكد "

انفتحت عيناها من الصدمة وقالت وتنفسها اطرب كثيرا

" سما مااااا بها أااااين هي "

أمسكت يدها وقلت " اهدئي هي بخير وهي من أثبتت لنا

أنك بريئة من كل جرائم زوجك "

نزلت منها دمعة في طرف عينها وقالت بهمس ضعيف

" مسكينة تلك الفتاة "

قلت بجدية " عليك أن تساعديها وتساعدينا "

هزت رأسها بلا وقالت " لا شيء لدي مفيد "

قلت " قد يكون غير مفيد بالنسبة لك لكنه مهم بالنسبة لنا "

هزت رأسها بحسننا فأريتها مجموعة صور لأشخاص إن

كانت رأتهم ولم تتعرف إلا لشخص واحد ثم أشارت لي بورقة

وقلم فقلت بأمر لمن خلفي " ورقة وقلم بسرعة "

مدهم لي وناولتهم لها فكتبت بيد مرتجفة ( خالد الصقار )

ثم سقطت يدها وغابت عن الوعي فتقدم نحوها الأطباء وخرجنا

جميعنا ونظري على الورقة , لم تخبرنا على الأقل ما علاقتها

به وعلاقته بهم ومن صاحب الصورة , سلمتهم الورقة وقلت

" أريد كل من يحمل مثل هذا الاسم عندي في أقرب وقت "

ثم تابعت سيري قائلا " اتصلوا بأسعد وعمموا الاسم على جميع

المراكز ولا أريد أن يخرج من البلاد كل من يحمل ذات الاسم "

خرجت من المستشفى وركبت السيارة متوجها للوزارة هذه المرة
*
*
قالت بهمس " جد حلا لابنتك هل يعجبك حالها "

نظرت لها وهي تغير ثياب عدي وقلت " أمازلت على صمتها "

تنهدت وقالت " وكأنها بكماء لا كلام ولا مدرسة حتى

الطعام تأكله بالحيلة "

تأففت في صمت فقالت " هل تحدثت مع معتصم "

قلت بذات الهمس " قال اتركوها قليلا وسيتصرف في الأمر "

وقفت بتول حاملة عدي بين يديها وصعدت به فقلت بأسى

" لم أتخيل أن تكون النتيجة هكذا وصمتها أكبر دليل على

إصرارها على الطلاق منه "

قالت ببرود " لم أوافقك منذ البداية فجد حلا لأفكارك "

وقفت وقلت " مادام رضا لم يؤثر فيها ويخرجها من صمتها سيبقى

جابر فقط فلن تصمد أمامه وسيجعلها تتحدث وإن مجبرة "

نظرت لي للأعلى وقالت " قد تكون لا تريد الحديث إلا معه ألم

تقل سأطلب من جابر أن يجبره على ذلك "

تنهدت بقلة حيلة وأخرجت هاتفي واتصلت به كثيرا ولا

يجيب لتصلني بعدها رسالة منه وفيها ( أعذرني يا عمي سأتصل

بك فيما بعد إن كان ثمة شيء ضروري أرسله لي في رسالة )

أعدت هاتفي لجيبي وخرجت أتنفس النسائم الليلية ووقفت أميرة

بجانبي قائلة " ما رأيك في الشاي في الحديقة لم نفعلها منذ وقت "

ابتسمت وقلت " فكرة جيدة مادامت بتول تمسك عدي عنك "

ضحكت ضحكة صغيرة وقالت

" لا اعلم كيف سأتصرف إذا ما ذهبت مع زوجها "

ضحكت كثيرا ثم قلت " ظننتها مدللة ولا تصلح لشيء "

سحبتني نحو الطاولة قائلة " لا توجد أم لا تتذمر من ابنتها

لكنها يدي اليمنى وصغيرة ويعز عليا فراقها "

دخلت بعدها وأحضرت الشاي وقضينا وقتا كليالينا السابقة

*
*
دخلت القصر وأنا أنظر لساعتي , لقد تجاوز الوقت منتصف

الليل بقليل وفقدنا المدعو خالد على ما يبدوا لكن مخططي نجح

وعلمت أن ذراعا قوية وراء كل ذلك وأنا لست سوى غطاء

لأعمالهم , ينقصني فقط أن أعرف من يكون أو يكونون هؤلاء

دخلت الجناح ولا شيء سوى الصمت , أعادتني مبكرا لأجل

لا شيء وويلها إن كانت نائمة , فتحت الغرفة وكانت خالية

اقتربت من السرير وكان عليه وردة بيضاء وبطاقة رفعتها

وقرأت ما فيها وكان مكتوب ( مطعم النرجسة البيضاء يدعوكم

للعشاء على شرف حرمكم اتصل بنا قبل أن تأتي ) ثم رقم

هاتف أرجوان وبعدها مكتوب ( الدخول بمنشفة الحمام ممنوع )

ضحكت ووضعت الورقة في جيبي , أين ستكون تلك

المحتالة وما سر العشاء ولما ليس هنا !!

غادرت الغرفة والجناح بل والطابق كله ونزلت للطابق الثاني

وبما أني عدت مبكرا بعض الشيء فهي فرصتي للحديث معها

طرقت باب الجناح عدة مرات حتى جاء ردها قائلة

" أدخل يا جابر "

دخلت ووجدتها تهم بالجلوس فوصلت عندها وهي

قد استوت على الأريكة فقبلت يدها وجلست بجوارها

فقالت من فورها " عدت مبكرا الليلة "

قلت باختصار " نعم "

ثم تابعت " رضا يصر على عقد القران سريعا فانظري

وزهور ما ترتيباتكم للأمر "

قال من فورها وببرود " زهور مطلقة وتعلم بنفسيتها فلن

توافق على حفل ولا شيء من ذلك "

نظرت للأرض وقلت " لكن رضا لم يسبق له الزواج ومن

حقه أن نفعل ما يريد "

قالت بذات برودها " وما الذي يريده "

قلت " حفلا ولو عائليا جدا "

نظرت للبعيد وقالت " أقنعها هي بهذا وليس أنا رغم

أني غير مقتنعة بكل هذه المهزلة ثم منذ متى كان رضا

رجلا للزواج وليس لديه سوى الورق والكتب وسبق

ورفضنا من يساوونه بعشر أمثاله "

قلت ببرود " اختيار زهور ولن نناقشها فيه "

قالت بضيق " ويوم ترجع مطلقة للمرة الثانية ؟ "

قلت بجدية " سأقف معها وتتزوج متى تريد ومن تريد "

وقفت وقالت بضيق " جابر لاحظ أنه لم يعد لي عندك رأي "

وقفت وقلت " وشيء آخر خلافاتك وأرجوان شيء

مثلما لا يظهر لي لا يظهر للناس "

نظرت لي نظرة ثاقبة وقالت " ما تعني بهذا "

قلت " أعني لا داعي أن يعلم الخلق أنكما لستما على وفاق

تاريخها وماضيها وسبب زواجي بها أشياء لا داعي أن تذكر لهم "

قالت بسخرية " وهذا كلامك أم كلامها وأنت لا تحظر تجمع النساء "

نظرت لها وقلت " تعترفين إذا أن ما قلته حدث بالفعل "

أشاحت بنظرها عني ولم تتحدث فقلت " أنا لم أتراجع عن كلامي

وما بينكما لا دخل لي به إلا ما رأيته خطأ فسأغيره رغم أنف

الجميع وكلامك عنها أمام الناس شيء لم أحبه ولو فعلتها

هي لكان حسابي معها شديدا "

اكتفت بابتسامة سخرية دون تعليق وكأنها تقول لي كلام بدون

أفعال فقلت " إذا لا داعي لأن تجتمعا أمام الناس "

قالت بضيق " وما سأقول لهم وأسئلتهم لا تتوقف عنها "

قلت ببرود مغادرا " تتوقفين عن الكلام عنها أو لن تنزل لأحد "

خرجت من جناحها وأغلقت الباب ثم اتصلت بأرجوان

نصف مزاجي تعكر بقي الآخر ستكون جنت على نفسها

إن عبثت به , أجابت بعد وقت قائلة " مرحبا سيدي بما نخدمك "

وقفت في نصف الطريق وقلت " أرجوان لست بمزاج لك "

قال بذات هدوئها " عفوا سيدي الأكلة التي طلبتها غير موجودة "

قلت بشبه ابتسامة " لديكم واحدة بهذا الاسم تخرج

أو حسابها معي عسيرا "

قالت بتذمر " جابر ما بك بارد هكذا "

قلت بسخرية " وكيف عرفت اسمي يا آنسة "

ضحكت وقالت " أنا لست آنسة "

قلت بنفاذ صبر " لدينا حجز على طاولة عندكم للعشاء "

قالت " تحت اسم من "

قلت وأنا أتابع سيري وأفتح كل باب أصله " لا أعلم "

ضحكت وقالت " كيف لا تعلم "

قلت " تحت اسم جابر حلمي "

قالت بعد قليل " هذا الاسم لم يحجز لدينا "

قلت وأنا أنزل للطابق الأول

" إن وصلت لك أريتك نتائج أعمالك هذه "

قالت ببرود " إن كان لك طلب سيدي ورائي عمل كثير "

قلت وأنا أتوجه جهة غرفة الطعام

" ابحثي عن اسم أرجوان فارس "

قالت " نعم موجود "

فتحت الغرفة فلم يكن هناك أحد فقلت

" أين مطعمكم هذا إذا فزوجتي تنتظرني هناك "

قالت " نعم المسكينة كلما انتهت شمعة طلبت غيرها حتى

أكملت علينا الشموع في مطعمنا "

قلت بابتسامة وأنا أتوجه جهة المطبخ الداخلي

" أطردوها إذا وارتاحوا منها "

قالت " أين أنت الآن لندلك على المكان "

قلت " في الطابق الأول يا متعبة وعند المطبخ "

ضحكت فقلت بضيق " نعم اضحكي سترين حسابك مني "

قالت ببرود " عذرا وما ذنبي أنا وأنا مجرد عبد مأمور في

قسم الاستقبال والحجوزات "

صعدت من الطابق لأنه من ضحكتها ليست فيه بأكمله وقلت

وأنا اصعد الدرجات " أنا الآن في الطابق الثاني ولست

فيه طبعا لأني فتشته "

قالت " اصعد بعد سيدي "

صعدت للثالث وقلت " والآن "

قالت " بعد "

قلت " أين فلم يتبقى سوا الجدران هل أتسلقها "

ضحكت ضحكة طويلة ثم قالت " كم هي محظوظة زوجتك

بك ومعها حق تنتظرك وتبدل الشموع منذ وقت "

قلت بمكر " هل تتغزلين في زبائنكم يا وقحة "

قالت بضيق " أنا لست وقحة ولعلمك زوجي له مركزه

وسينهيك من على وجه الأرض "

استندت بيدي على الجدار وقلت " حقا ... لقد أخفتني وما

تصنعين أنتي في مطعم وزوجك بمركز مرموق "

قالت ببرود " خصوصية لا أحد يتدخل بها "

ضحكت وقلت " ولعلمك أنا أيضا لي زوجة إن سمعتك

ستقطع لسانك لأنها تغار كثيرا "

سكتت حتى ظننتها اختفت فقلت " هيه أين ذهبتِ "

قالت " أصعد قليلا لتجد زوجتك وأرحني منك "

قلت بسخرية " لم أراك علقت على جملتي الأخيرة "

قالت " بسرعة زوجتك الغيورة أهلكها البرد "

قلت بصدمة " أرجوان يا غبية ما تفعلين هناك "


نهاية الفصل

التنزيل إن شاء الله بيكون أحد وأربعاء لوقت غير معلوم وبعطيكم

خبر لو تغير ودمتم بكل خير أحبتي



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 01-07-15, 08:34 PM   #64

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 21 ( الأعضاء 5 والزوار 16)
‏فيتامين سي, ‏purejasmine, ‏hidaya 2, ‏sloomi, ‏عروب 55


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 05-07-15, 03:46 PM   #65

دلع الماسه

? العضوٌ??? » 4982
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 997
?  نُقآطِيْ » دلع الماسه is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور
نحن بالانتظار عزيزتي


دلع الماسه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-15, 08:23 PM   #66

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دلع الماسه مشاهدة المشاركة
تسجيل حضور
نحن بالانتظار عزيزتي
هلا وغلا دلوعه دقائق وأنزل البارت العشرين وآسفه على التأخير
والله ماهو بيدي غصب عني أواجه صعوبه في الدخول للمنتدى
والنقل منه هالأيام ما أعرف وين المشكله لو تعرفون قد أيه تعبت
في نسخ البارت ونقله لكم والله فوق الساعه وأنا أحاول أنسخ البارت
حتى أنقله لكم والحمد لله أخيرا أنتهيت
ما أطول عليكم أتركم مع البارت العشرين قراءه ممتعه لكم ولا تنسوني من دعاكم
في هالأيام الفضيله


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 05-07-15, 08:27 PM   #67

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل العشرون

قلت بصدمة " فرح ما معنى ما تتفوهين به "

أشاحت بنظرها عني وقالت ببرود

" أعني لن أترك شقيقتي , إما أن تكون معي أو أكون معها "

وقفت وقلت " هل جننتي كيف تبقين هنا معها ثم في كل

الأحوال لن يسمح أحد ببقائكما وحدكما "

خرجت دون أن تضيف أي كلمة فنظرت لوالدتها وقلت

" يعجبك كلام ابنتك ؟ "

تنهدت وقالت " أنت تعرف مدى تعلق فرح بوسن ولن

ترضى أن تبقى مع نواس وهي بهذه الحالة "

قلت بضيق " نواس ليس طفلا وقال أنه سيتدبر الأمر وعلينا

أن نتق به وأخبريها أن لا تذكر هذا أمامه لأنني حينها سأزيح

تساهلي وتغاضيا عنها وسترى وجها آخر لي "

ثم غادرت من عندها أيضا لأن غضبي وصل حده

ولا أريد أن أفرغه في أي منهما
*
*
مد لي يده وقال " وسن تعالي "

نظرت للوحل تحتي ثم ليده ثم ليده الأخرى وهي تمسكها

بقوة وكأنه لا يريد تركها ولا التخلي عنها , عدت بنظري

له فقال بإصرار أكبر " وسن مدي يدك وتعالي "

عدت بنظري ليديهما الممسكتان ببعض وبدأت دموعي

بالنزول ثم فتحت عيناي فجأة لأجد أمامي سقف أبيض

نظرت من حولي فكانت الغرفة التي خرجت منها

متى عدت ولما !! شعرت بحرقة في حلقي وكأني كنت

أكتم بكائي ثم سرعان ما نزلت دمعتي حين تذكرت ذاك

الحلم بل الكابوس , ضغطت قبضتي بقوة فشعرت بشيء

فيها فرفعتها لوجهي ونظرت لها فكان فيها ورقة مجعدة

رفعت يدي الأخرى لأفتحها وحركتها ببطء لأن المغذي

محقون في ظهر كفها , فتحتها ونظرت للأسطر المكتوبة

( وسن قولي فقط أنك تريدين الزواج برغبتك أنتي

وسأزوجك بسليمان وفي أقرب وقت ..... نواس )

قبضت عليها بقوة لترسل عيناي جيوش دموعها , ما معنى

ما تفعله يا نواس هل تريد فعلا التخلص مني , ليثني لم أقطع

ذاك الوعد لخالتي فكيف أنقضه وهوا آخر ما أوصتني به

انقلبت على جانبي الأيمن وأخفيت وجهي في ذراعي وازددت

بكاء على بكائي , تبا لك يا وسن ولقلبك أقسم لولا عهدي

لخالتي لما تزوجت أبدا , سمعت طرقات على الباب ثم

دخل أحدهم واقتربت خطواته ويد مسحت على شعري

فأبعدت ذراعي ونظرت لها فكانت والدة فرح فجلست

بصعوبة وساعدتني هي على الجلوس قائلة

" كيف أنتي اليوم بنيتي "

قلت ببحة وأنا أجمع شعري بيد واحدة

" بخير ألبسيني حجابي "

وقفت من فورها وألبسته لي قائلة

" جواد في الخارج سآذن له بالدخول "

فتحت الباب وقالت كلمات لأحدهم بصوت منخفض ودخلت

ولحق بها جواد بعد قليل ووقف عند بداية السرير وقال

" كيف حالك الآن يا وسن "

قلت ونظري للأرض " الحمد لله "

قال بهدوء " عليك أن لا تهملي صحتك وطعامك ليقاوم

جسدك ويعيش فهوا أيضا له عليك حق "

قلت بابتسامة حزينة " الموت حين يأتي يقتل حتى المتخم بالأكل "

قال بصوت مبتسم " وإن يكن , يموت شبعانا على الأقل "

نظرت له وقلت " أين فرح لم تأتي , هل هي متعبة "

نظرا لبعضهما ثم قال جواد " سأنتظركما في الخارج يا خالة "

ثم غادر الغرفة من فوره ونظرت لها وقلت " ما بهما "

تنهدت وقالت وهي تجمع أدويتي " تشاجرا البارحة مرتين

وضننت أنه لن تطلع عليهما شمس الصباح وهما زوجان "

قلت بصدمة " لما ما الذي حدث !! "

مدت لي عباءتي وقالت " فرح تريد أن تبقى معك لتعيشا في

شقتكم وجواد رفض وهي تصر على ذلك وقالت له بصريح

العبارة طلقني إن كنت لا تريد أن تتركني برضاك "

قلت بضيق " هل جنت فرح أم ماذا "

اكتفت بالتنهد دون كلام فأوقفت المغذي بالبكرة وسحبته

من الإبرة وتركتها هي ثم لبست عباءتي بمساعدتها وغادرت

السرير وخرجنا ثلاثتنا من المستشفى ولا شيء سوا الصمت

طوال الطريق حتى رن هاتف جواد وأجاب عليه قائلا

" نعم يا نواس "

سكت لوقت ثم قال " أجل أخرجتها ولم يزد الطبيب شيئا

على ما أوصانا به بالأمس "

سكت طويلا ثم قال " سأرى وداعا الآن "

اتكأت على الزجاج أشاهد الطريق , لا أريد أن ابكي أكثر

وعلى هذه الدموع أن تنشف والضعف أن ينتهي فلم أكن

هكذا يوما ضعيفة أمام عواطفي , نزلت مني دمعة فمسحتها

سريعا من وجهي لكنها بقت تحرق قلبي بجريانها عليه بدلا

عن خداي , أقسم أني أتوق له بجنون ولهفة ارحمني يا رب

عندما وصلنا المنزل نزلت خالتي وبقيت في السيارة

وقلت لجواد " أخبر نواس يأتي وأنت معه "

ثم نزلت من فوري دون أن أسمع جوابه ولا تعليقه

ودخلت المنزل وتوجهت من فوري لغرفة خالتي فوجدت

والدة فرح عند الباب وقالت بهمس " نائمة "

هززت رأسي وقلت بذات الهمس " أفضل حتى يصلا أولا "

ثم غادرت جهة غرفتي واضطجعت على السرير بعباءتي

وحجابي فوقفت خالتي عند الباب وقالت " سأعد لك شيئا تأكلينه "

قلت بهدوء " لا رغبة لي في الطعام سأستحم فقط "

قالت بإصرار " بل ستأكلين وإن مكرهة فنواس صب

جام غضبه بنا ليلة البارحة وحملنا المسئولية "

ثم غادرت من فورها ولا تعلم ما تركت بي , أرحموني

أرجوكم .... أرحموني ولو من ذكر اسمه

وقفت وتوجهت للحمام رميت العباءة والحجاب عند

الباب ودخلت استحممت وخرجت ولبست تنوره طويلة

وقميص وجلست أجفف شعري بيد واحدة فدخلت فرح ثم

حضنتني من ظهري قائلة " وسن كيف حالك الآن حبيبتي "

قلت بعتب " لو كنتِ تحبينني ما أغضبت زوجك بسببي "

أخذت مني مجفف الشعر وبدأت تجفف شعري قائلة

" ليس وحده يحب شقيقه وتهمه كلمته وشخصيته "

قلت بهدوء " لنا حديث فيما بعد "

*
*
" آنسة ملاك انتظري قليلا "

التفت للصوت ونظرت لصاحبه بصدمة لأنه كان

الشاب الذي كان ذاك اليوم يجلس بعيدا وينظر لنا

قلت بحيرة " عذرا هل تعرفني "

قال مبتسما " نعم "

قلت " لكني لا أعرفك وأنت لست من هنا أليس كذلك "

هز رأسه بنعم فنظرت خلفه لدكتور المادة المقترب منا

وقلت باستعجال " اعذرني عليا المغادرة "

قال وهوا يلحق بي " انتظري قليلا فقط "

قلت وأنا أسير مسرعة " بعد المحاضرة أعذرني "

دخلت قبل الدكتور بأعجوبة وجلست ألهت فدخل قائلا

" أتمنى مرة أن أدخل ولا أجدك تركضين أمامي "

قلت بصوت منخفض " وأن لا تنتقدني "

ضحك من سمعني بأصوات منخفضة فالتفت لنا

وسكت الجميع ثم قالت إسراء هامسة

" ما بهم جميع دكاترة المواد عليك يا ملاك "

قلت ببرود " يغارون مني "

وأمضيت المحاضرة لا أعلم مما يقول شيئا وبالي مع

وسن من جهة لأنها لم تجب طوال ليلة أمس على هاتفها

ولا حتى فرح ومن جهة أخرى مع ذاك الشاب الغريب الذي

تركته خلفي , وما أن انتهت المحاضرة حتى خرجت من

فوري وسمعت صوتا خلفي مناديا " ملاك "

التفت له فكان طلال وقف أمامي وقال

" ماذا بشأن عملنا على رسالتنا لقد توقفنا كثيرا "

قلت بقلة حيلة " أنا آسفة حقا لكنك تعلم بظروف

وسن وما مرت به ولا أريد أن تشعر أننا استغنينا عنها "

قال " دعونا نؤجلها للعام القادم ونتفرغ للمواد فقط هذا العام "

قلت بصدمة " ولكن طلال أنت .... "

قاطعني قائلا " نعم أحتاج أن أتخرج هذا العام لكن

عليا تقدير ظروفكم "

قلت بحيرة " سأرى ظروفي أيضا إن ساعدت أن

أمدد دراستي حتى العام المقبل "

قال " حسنا انظري ما يحدث معك أولا ثم نقرر "

هززت رأسي بحسناً فقال " الشاب الذي كان

يتكلم معك قبل المحاضرة هل تعرفينه "

هززت رأسي بلا دون كلام فقال " كوني حذرة من الغرباء

يا ملاك فأنا أراه يراقبك منذ أيام ومن بعيد "

قلت بصدمة " ولكن لماذا !! "

قال مغادرا " لا أعلم فقط كوني حذرة منه وإن

احتجت شيئا لا تترددي "

بقيت أنظر له بصدمة وهوا مغادر , لا أعلم من فيكما

يراقبني فكيف علمت أنت عنه !! خرجت بحثا عنه ولم

أجده وكأنه تبخر واختفى , نظرت لساعتي ثم أخرجت

هاتفي واتصلت بوسن فأجابت فقلت بسرور

" وسن شغلتني عليك كنت سأذهب لك حالا إن لم تجيبي "

قالت بهدوء " أنا بخير وسأداوم خلال أيام لا تقلقي "

قلت بارتياح " هذا خبر جيد وسأساعدك فيما فهمته وانتبهت

له وستستعينين بطلال كثيرا لأني أجلس وبالي معك "

قالت بذات هدوئها " لا بأس وشكرا لك يا ملاك "
قلت بحيرة " وسن مابك هل حدث معك شيء "

قالت بحزن " لا شيء مهم , سنتحدث لاحقا وداعا "

نظرت للهاتف بحيرة ثم دسسته في حقيبتي وغادرت

الجامعة عائدة للمنزل , وصلت وفتحت الباب ودخلت لأقف

مكاني من الصدمة وأنا أرى الجالس هنا في وسط المنزل

بكل جبروته وسلطته المعتادة فقلت بارتباك " أأبـ ـ ـي "

قال بجدية " جيد لم تتأخري "

أغلقت الباب بعدما استفقت من صدمتي واقتربت منه

قبلت يده وقلت بخوف " كيف حالك "

قال " بخير أجلسي "

جلست وحمدت الله في قلبي مئة مرة أني لم اذهب لزيارة

وسن في منزلها لكنت تأخرت وقطع لي رأسي اليوم أو

أعادني معه لمنزلنا وزوجته , طال الصمت فقلت

" كيف هم إخوتي "

قال باختصار " بخير وما هي أمور دراستك "

بلعت ريقي لأكتشف جفاف حلقي تماما ولم أجد ما

أبلعه ثم قلت ونظري لم أرفعه فيه أبدا

" جيدة فقط رسالة التخرج تأخرنا فيها قليلا "

قال بجديته ذاتها " ولما "

شعرت بمشاعر لا أعرف بما أصفها قد تكون كالرغبة

في البكاء كالأطفال فلم يزرني والدي هنا سابقا وكان يتصل

بخالي كثيرا فقط فزيارته لن تكون لأمر طبيعي وكثرة

أسئلته أيضا , قال بحزم " لما تأخرتم "

قلت بتلعثم " لأن لـ ــ ـأن زميلتي لديها ظروف منعتها

مـ ـن المداومة هذه الفتـ ـ ـرة "

لم أسمع سوى حركة مفاتيحه فدسست رأسي بين ذراعاي

لأن ذكرى ضربه الدائم لي بهم لم تغب عن بالي , كنت

أغمض عيناي بشدة مختبئة عنه حين وصلني صوته

قائلا " هل تحدثت والدتك معك "

رفعت رأسي من ذراعاي حين لم تصطدم مفاتيحه بي

ونظرت له لأول مرة من دخولي فقال " تكلمي "

قلت بصوت ضعيف " لا "

نظر لي نظرة حادة وقال بحزم " لا تكذبي عليا يا ملاك "

قلت من فوري " أقسم لم يحدث , فمنذ اتصالي في العيد

حين سمحت لي بأن أكلمها لم أتحدث معها أقسم لك "

وقف حينها قائلا " متى ستنتهي دراستك "

وقفت كالملسوعة , سيأخذني من هنا بالتأكيد لا يا رب ستكون

نهايتي , أمسكت يده وقبلتها وقلت برجاء " أبي أتركني هنا أرجوك "

جمد مكانه ولم يبدي أي ردة فعل ثم استل يده مني ووضعها على

رأسي وقال بجدية " انهي دراستك ثم لكل حادث حديث "

ثم قال مغادرا جهة الباب " اتصلي بوالدتك "

وفتح الباب وغادر وأغلقه خلفه على نظراتي المصدومة
*
*
دخلت ونظرت يمينا ويسارا وقلت " ألم يرجع نواس بعد "

قال وليد " لا ... هل من خطب "

تنهدت بضيق وقلت " أين يختفي ولا يجيب على هاتفه "

رفع كتفيه وقال " عادته هل سيشتريها "

ثم نظر جهتي وقال " سأغادر ومعاذ للمخازن هل ترافقنا "

قلت مختصرا " لا "

ثم تركته وتوجهت جهة منزل المزرعة دخلت وطلبت من

راضية أن تنادي لي مي وما هي إلا لحظات ونزلت من السلالم

ووصلت عندي وقالت " مرحبا جواد كيف حالك والجميع "

قلت بهدوء " بخير جميعنا هل كلمك نواس أو تحدثت معه "

قالت " لا .... هل هناك خطب ما "

قلت " جربي الاتصال به فهوا لا يجيب "

توجهت للأعلى مجددا ثم نزلت بعد وقت وقالت

" لم يجب أيضا لكنه أرسل لي أنه قادم بعد قليل "

هززت رأسي بحسننا وقلت " سأجلس انتظره إن لم يزعجك ذلك "

قالت من فورها " أبدا المنزل منزلك قبلي , هل أجلب لك شيئا تشربه "

قلت بامتنان " لا وشكرا لك يا مي "

ثم غادرت هي وجلست ورأسي للأرض بشرود أحاول أن

أجد حلا ولو واحدا لمشاكلنا وبالي مع رسالته

( أخرج وسن من المستشفى واسألها ما قررت )

لكني لم أسالها حتى أفهم منه وزاد الأمر غموضا طلبها

أن نأتي معا , بعد قليل دخل نواس من الباب فوقفت

وقلت " اشرح لي حركات الصبيان هذه "

توجه نحوي وقال ببرود " جواد احترمني "

قلت بضيق " لما لا تجيب على هاتفك "

جلس وقال " ها قد جئت بنفسي , ماذا حدث معك "

جلست وقلت " في ماذا "

قال ونظره بعيد عني " فيما طلبت منك "

قلت " لا شيء "

نظر لي بجمود فقلت " وسن تطلب رؤيتنا معا "

نظر لي مطولا بحيرة ثم قال " هل سأتلها وتحدثت معها "

قلت باختصار " لا "

قال " ولما "

أبعدت نظري عنه وقلت " لا أعلم "

قال بضيق " ما يعني لا تعلم "

نظرت له وقلت بجدية " نواس ما الذي حدث بينكما "

نظر للأرض وقال " خيرتها في وعدي لوالدتي "

قلت " كيف !! لم أفهم ! "

رفع رأسه وتنهد وقال " وعدتها أن أتزوجها أو

أزوجها سليمان تحديدا "

قلت بعدما استوعبت الأمر " وأنت الآن وضعت

الأمر في اختيارها "

لاذ بالصمت ولم يتكلم فقلت " وهل تعلم هي انك الخيار الثاني "

هز رأسه بلا فقلت " وهل ستزوجه بها فعلا "

تنفس بقوة ثم قال " بل أنت من سيزوجها "

قلت بصدمة " ماذا !! "

قال ببرود " سأوكلك لذلك قبل سفرك "

قلت بضيق " هل جننت يا نواس , مادمت مجنونا بها

هكذا زوجها لنفسك وأرحم قلبك "

نظر لي وقال بغضب " احترت معكم إن رفضت تزويجها

طلبتم مني أن أرحمها وأتركها وإن وافقت زواجها طلبت

مني أن لا أفعل وفي النهاية أنا الظالم المتجبر المتغطرس

الذي يمسكها لينتقم منها , ها أنا سأخلصها مني إن كنت

سأكبر في أعينكم "

وقفت وقلت " زوجها أنت له إذا "

نظر للجانب الآخر وقال " مستحيل "

ضغطت قبضة يداي وقلت بحرقة " نواس لا تقتل نفسك بها "

وقف وقال " سأخرج للإسطبلات هل ترافقني "

قلت " بل نعود للعاصمة المشاكل كلها معلقة هناك

ويبدوا وسن تريد حلها "

نظر لي باستغراب فقلت " تشاجرت وفرح البارحة

لأنها تريد البقاء مع شقيقتها "

هز رأسه بيأس ثم قال مغادر " أنتظرك في السيارة فلنرى

إن كان الحل في زواجها من سليمان ذاك "

تبعته بقلة حيلة , أقسم أنهما يقتلان أنفسهما قبل بعض

ركبت سيارتي وغادرنا للعاصمة وصلنا ونزل هوا قبلي

وانتظرني حتى نزلت واقترب مني وقال

" ما ستختاره هي سننفذه "

هززت رأسي بيأس وقلت " تحمل النتائج إذا وأنا لن أتدخل "

دخلت قبله وهوا يتبعني وفتحت الباب ودخلنا للداخل

فقابلتنا والدة فرح قائلة " إنهما في غرفة وسن "

ثم توجهت هناك ونحن نتبعها ودخلنا فكانتا هناك , كانت

وسن تجلس على السرير وفرح تقف عند النافذة المغلقة

مولية ظهرها للجميع , جلس نواس ووالدة فرح على

الكرسيين هنا وبقيت أنا واقفا فقالت وسن

" فرح تعالي "
اقتربت منا تتجنب النظر لي وتابعت وسن

" تسافرين مع زوجك يا فرح "

نظرت لها تود التحدث فقالت بجدية " قلت تسافرين

معه فبقائك من اجلي أنا لا أوافق عليه "

نظرت للجانب الآخر وقالت وسن

" وتعتذري منه الآن لأنك المخطئة في حقه "

لم تتحرك من مكانها فقالت وسن بحزم " فرح إن كنت

شقيقتك وتحترمينني تعتذرين من زوجك الآن "

قالت ببرود " أنا لم أخطأ "

فتحت وسن فمها لتتحدث فأسكتها بيدي وأشرت لها أن تترك

الأمر لي وقالت فرح " لن أسافر وأتركك يا وسن إلا ميتة

يخرجونني جثة من هنا "

تنفست بقوة وقالت " أتركوني ونواس وحدنا "

نظرنا لبعضنا باستغراب ثم خرجنا الواحد يتبعه الآخر

وأغلقت الباب خلفنا وتوجهت حيث فرح في غرفة الجلوس

وقفت عند الباب وقلت " هل نستطيع التحدث بعقل الآن "

قالت بضيق " نعم فأنت تراني مجنونة "

تأففت وقلت محاولا تهدئة نفسي " فرح لا أحد ينكر عليك

أن تحبي شقيقتك لكن هل من العقل بقائك معها وبقائكما وحدكما "

كتفت يديها لصدرها وقالت ببرود مشيحة بنظرها عني

" نبقى ووالدتي كالسابق "

قلت بضيق " في السابق كنت أنا معكما أغلب الوقت

الآن تغير كل ذلك "

سمعنا حينها ضربة قوية لباب المنزل وقالت فرح

بسخرية " اذهب وانظر لنتائج ما خلفه بعده مؤكد أهانها

قبل أن يغادر ويكفي الباب المخلوع عليها , لا اعلم

أي قلوب هذه التي لديكم وأنتم أبناء خالتها "

تنهدت وقلت " نواس سيزوجها وعليك أن تسافري

معي وانتهى يا فرح مفهوم "

نظرت لي بصدمة ثم قالت " يزوجها بمن !! "

قلت ببرود " ولما ستهتمين أليس المهم عندك أن تتزوج "

وقفت وقالت " وذاك يوم السعد فسليمان ينتظر "

هززت رأسي وقلت بأسى " لا اعلم لما لا تفكرين

في مشاعر شقيقتك ومصلحتها "

قالت مغادرة من أمامي " مصلحتها في أن تبتعد عن شقيقك "

أمسكتها من ذراعها وقلت " لم ينتهي حديثنا بعد "

قالت مبتهجة " انتهى الأمر مادام سيخلصها منه "

ثم غادرت وتركتني فدخلت وجلست على الأريكة وأشعر

أنني أنا المهموم أكثر منهما , والدتي رحمها الله ما اختارت

أن يتزوجا إلا لأنها تعرف أنه لا حل غيره , ليثها لم تربط

سليمان مع وعده لها لأني أعرف نواس حينها سيلتزم به

مهما كان ضد رغبته , أمسكت رأسي بيداي جالسا مكاني

لوقت حتى دخلت فرح مجددا وقالت بقلق

" حالها لا يعجبني ولا تريد أن تقول غير أنها قالت له .... "

قاطعها صوت رنين هاتفي فكانت مي فأجبت عليها

وقالت من فورها صارخة ببكاء " جواد الحق شقيقك بسرعة "

******
دخلت غرفتها ألقيت التحية وجلست أمامها وقلت

" نعم يا أمي ما هوا هذا الأمر الذي لا يحتمل

التأجيل حتى أعود من المدرسة "

قالت بهدوء " بخصوص دعاء "

نظرت لها باستغراب فتابعت " لمّحت لي شيئا عن قبولها

الزواج بك ومساعدتك في ادخار المال وعلاجي "

بقيت لوقت أنظر لها محاولا ترجمة كلماتها ثم قلت

" كيف لمحت !! لم أفهم "

قالت بتذمر " لمحت وانتهى ليس هذا موضوعنا "

قلت بضيق " وما هوا موضوعنا إذا "

قالت ببرود " موافق أو لا "

قلت بسخرية " أمي بالله عليك هل أنا فتاة

يطلبونها للزواج ويأخذون رأيها توافق أو لا "

قالت بابتسامة " لو كنت فتاة كنت زوجتك منذ زمن

فتبدوا ممن خلقهم الله يعشقهم البشر "

قلت بتذمر " أمي هذا ليس وقته "

قالت " الفتاة شبه عرضت نفسها عليك فما رأيك وانتهى "

وقفت وقلت " مهزلة لم أتصور أنك بعقلك الكبير تقولينها لي "

قالت بجدية " أجلس كلامنا لم ينتهي بعد "

نعم لم ينتهي بعد فالمفيد لم أصل إليه , جلست وقلت

" أعلم ما ستقولين فتاة محترمة وجيدة وستساعدني من

جميع النواحي وجوابي انسي الأمر يا أمي "

قالت مبتسمة " ومن قال أني كنت سأقول ذلك "

قلت باستغراب " هذا كان رأيك بها سابقا "

حركت كتفها وقالت " نعم وأنت رفضت "

قلت " أنتي تعلمي أنها من فتش الغرف وخرب الطعام يومها "

نظرت لي بجمود فتابعت " وتحدثت مع سما واستفردت

بها هنا تهددها أن لا تحاول استمالتي وأن لي

خطيبة أحبها وسأعود إليها "

رمشت قليلا بصدمة ثم قالت " دعاء فعلت كل هذا !! "

قلت ببرود " نعم إلا إن كنا سنكذب سما "

قالت بحيرة " سما لا تكذب أبدا لكن لما تفعل

دعاء ذلك فليست تلك أطباعها "

قلت بسخرية " هذا درس لنا كي لا نتق في أحد خصوصا النساء "

قالت ببرود " خطأ ... لا تحكم على البشر من نفس المنظور "

قلت بضيق " بلى كلهن يكذبن ويتلون لأجل تحقيق

مآربهن فلم أرى غير هذه النماذج "

تنهدت وقالت " ألهذا السبب ترفضها ؟؟ "

قلت ببرود " لا طبعا فالفكرة ملغية عندي من أساسها "

قالت بضيق " نزار فارق جنونك هذا , فأن ترفض دعاء شيء

يخصك لكن أن ترفض فكرة الزواج شيء لن أقبله تفهم "

نظرت للجانب الآخر وقلت

" مؤقتا على الأقل وارحميني يا أمي رجاء "

تأففت في صمت فنظرت لها وقلت " أعلم ما ستقولين

أضعتها وتضيعها حتى تصير لغيرك "

قالت بصدمة " من !! دعاء "

ضحكت كثيرا , أمي أنا أسبح في وادي وأنتي في وادي

آخر , قلت بعدما انتهى ضحكي " سما طبعا "

تجاهلتني هذه المرة ولم تتكلم , غريب ليس طبعها وأنا من

ضننت أنها ستلمح لهذا الأمر ! هل تكون تجهل الشخص

الذي حدثتها عنه سما أم تتعمد عدم الكلام , وقفت وقلت

" لن أمد يدي لغيري مجددا ... وامرأة خصوصا "

قالت بجدية " فقط "

قلت باستغراب " ما تعني بفقط "

قالت ببرود " أعني هل هذا هوا السبب فقط "

قلت مغادرا " نعم ولا أريد نسخة جديدة عن رهام

فأفهميها الأمر كما يحلو لك "

وغادرت المنزل متوجها للمدرسة , قال أتزوجها قال هل

جننت لأعاود نفس الخطأ فحتى إن فرضنا وتزوجت فلن

تكون إلا واحدة معدومة لا تملك ولا حتى وضيفة كي

لا تتبجح عليا بتصدقها علينا بمالها فيما بعد

لكن الغريب أن والدتي لم تفتح موضوع زواجي بسما على

غير العادة ويبدوا اقتنعت أنها تحب شخصا ولن تكون لي في

كل الأحوال حتى أنها لم تتكلم عن موضوع تزويجها بأحد

أمي لا تسكت دون سبب أعرفها جيدا ومؤكد تدبر لأمر ما
*
*
نظرت لها فوقي وقلت " ترى ما سر بتول تغيبت كثيرا

عن المدرسة ولا تجيب على هاتفها "

جلست بجانبي وقالت بحيرة " نعم غريب أمرها كنت أود

زيارتها في منزلهم لكن والدي منعني "

فتحت حقيبتي وقلت " نزار يعرف أبناء عمها سأطلب

منه أن يسألهم عنها "

نظرت جهتي وقالت بابتسامة

" ما حدود علاقتك بالنزار الوسيم ذاك "

نظرت لها باستغراب فضحكت وقالت

" أعني قريب فقط صديق أم حبيب أو خطيب "

وقفت وقلت " ريحان ما هذا الجنون الذي تقولينه "

وقفت وقالت " سألت فقط ثم أنا وضعت جميع الاحتمالات "

وضعت الحقيبة على كتفي وقلت " لا شيء من كل ذلك "

قالت بصدمة " كيف أليس قريبك !! "

توجهت نحو البوابة قائلة " لا أريد التحدث في كل هذا "

خرجت وكانت سيارة نزار تنتظرني فتوجهت نحوها

وركبت ملقية التحية فأجاب وانطلقنا في صمت حتى قال

" سيارة الحرس ليست خلفنا هل لاحظت ذلك "

نظرت في المرآة وقلت " صحيح لم ألحظ "

ضحك وقال " ألم تنتبهي أنها غير موجودة حين

خرجت من المدرسة "

نظرت له وقلت " لا لم أنتبه ولكن لما "

قال ونظره على الطريق " جابر يبدوا اكتشف أن اللعبة

أكبر مما نتصور جميعنا وبات يخاف عليك حتى من رجاله "

قلت بحيرة " لم أفهم !! "

قال " ما فهمته أن ثمة جواسيس ينقلون جميع تحركاته ويبدوا

أنهم من الشرطة لأنه لو كانوا من رجال التحقيق لعرفوا بمكانك "

بقيت انظر له بحيرة فنظر لي للمحة ثم عاد بنظره للطريق

وقال " لقد قتلوا زوج عفراء وهي في المستشفى الآن

ويحاولون قتلها بأي طريقة "

شهقت بصدمة وقلت " الخالة عفراء وجدوها "

هز رأسه بنعم دون كلام ثم قال " وأي دليل يحصلون عليه

يقتلونه فورا أو يخرجوه من البلاد لذلك قام جابر بإبعاد الحرس

عنك تحسبا لأي طارئ ماداموا لم يعلموا بمكانك حتى الآن "

نظرت لحقيبتي في حجري وقلت بحزن

" أخاف أن يؤذوك أنت وخالتي أيضا بسببي "

لاذ بالصمت مطولا ثم قال " ما تعني بهذا يا سما !! "

قلت بحزن " أعدني للقبو فإن أمسكوني أموت وحدي "

أوقف السيارة فجأة حتى كدت أصطدم بمقدمتها ثم نظر

لي وقال بضيق " سما لا أسمع منك هذا الكلام مجددا مفهوم "

قلت بصوت ضعيف " ولكن .... "

قاطعني بحدة " سما لا تكرريه أمامي ولا تفكري

فيه وتنفذيه تفهمي "

نزلت دموعي دون شعور مني وبدأت أمسحها فقال

بهدوء " آسف لم أقصد الصراخ بك "

هززت رأسي بلا وقلت " لست غاضبة منك لكني

حقا لا أريد أن تتأذوا بسببي "

انطلق مجددا وقال " لن يتأذى أحد لا تخافي فوالدك

حصنكم جيدا قبل موته "

نظرت له وقلت " وماذا عن دعاء ومعرفتها بتلك الأمور "

قال ونظره على الطريق " تحدثت معه في الأمر وتحرى

عنها وعلم أن شقيقتها من والدتها إحدى طالباتي ودرست معك "

قلت بصدمة " وكيف لم تعلم بها "

نظر لي ثم عاد بنظره أماما وقال " لا تحملان نفس

الاسم لأن والدهم ليس والدها وهوا طلق والدتها

منذ سنوات ولم أكن اعلم عن اسمه "

قلت بعد تردد " منذ كم من السنوات تعرفونها "

قال بعد صمت " كانت صديقة مقربة لرهام

وعرفناها من خلالها "

قلت بهدوء " وكيف تتقون بها وهي صديقتها "

وقف حينها أمام المنزل وقال بضحكة وهوا ينزل

" معك حق ما كان علينا أن نتق بمن يصادق أمثالها "

بقيت أتابعه بنظري وهوا يتوجه لباب المنزل ليفتحه , ترى

هل فعلا لم يعد نزار يحبها ؟ ولكن تلك الصورة تبين غير ذلك

فهل الحب أمر ينسى بسهولة ويتوقف متى نريد , نظر لي

وأشار أن أنزل فنزلت بسرعة ودخلت خلفه وأغلقت الباب

وتوجهت من فوري لغرفة خالتي قبل حتى أن أصعد لغرفتي

دخلت وقبلت رأسها وجلست بجوارها فقالت مبتسمة

" كيف كان يومك "

قلت مبتسمة " جيد وأنتي "

ضحكت وقالت " أنا لا ينفع معي هذا السؤال فأيامي كلها متشابهة "

نظرت ليداي وقلت بتردد " أعني ما قال لك نزار بشأن دعاء "

مسحت بيدها على خدي وقالت " قال أن لا افتح موضوعها مجددا "

نظرت لها وقلت " رفض طلبها "

هزت رأسها بنعم مبتسمة فقلت باندفاع " ذلك أفضل "

قالت بابتسامة جانبية " أفضل في ماذا "

وقفت وقلت " أعني أفضل أن لا يتزوجها هي فهي لا تستحقه "

قالت بلهجة لم أفهمها " من التي تستحقه إذا "

نظرت للأرض وقلت " لا أعلم المهم هي لا تستحقه "

لم تتكلم فرفعت رأسي ونظرت لها وقلت " هل ستخبرينها بذلك "

قالت مبتسمة " بالتأكيد "

قلت بعد تردد " بمن سيتزوج إذا أم سيبقى دون زواج "

رفعت كتفيها وقال بذات لهجتها الغريبة تلك

" مِن الذكية التي ستعرف كيف تجعله يتزوجها "

قلت باستغراب " ألم يخبرك شيئا "

هزت رأسها بلا ثم قالت " قال أن الموضوع مؤجل قليلا "

تنهدت وغادرت من أماها فوصلني صوتها قائلة

" يراك صغيرة على الزواج ويؤجل هوا الموضوع ذاته

أي قد افلح في إقناعه بك بعد وقت "

حضنت حقيبتي بقوة من كثرة خجلي وقلت وأنا مولية

ظهري لها " خالتي ما هذا الذي تقولينه "

ضحكت وقالت " نؤجل الأمر قليلا كما قال فأنتي لديك

شخص تحبينه ونزار ضاعت منه الفرصة "

خرجت من عندها وصعدت لغرفتي راكضة ودخلت

وأغلقتها خلفي ووقفت على الباب وقلت بهمس

" ماذا إن علمت أنه هوا المعني بما قلت "

آه بث أشعر أحيانا أني أريد الالتصاق بالجدار الفاصل

بين غرفتينا لأكون أقرب له , لا أعلم كيف يتحملون

من يحبون شخصا لا يرونه إلا نادرا

استحممت وغيرت ملابسي ثم نزلت وتوجهت للمطبخ

حيث نزار فقال ما أن دخلت " أعرف هذه الأكلة

جيدا فلا تقفي على رأسي "

استندت بكتفي على الباب وقلت بابتسامة

" إن كانت كتلك يومها فلن تأكلها إلا وحدك "

ضحك ولم يعلق فاقتربت من القدر أحركه بالملعقة
*
*
قالت وهي تحرك الزيت والبصل " لا تقل أن

صديقك سيوقف دراستي لأني لن أوافق "

نظرت لها باهتمام إذا ذاك الشخص في المدرسة , قلت

وأنا أقطع الطماطم ونظري على ملامحها لأدرس ردة

فعلها " لا أعلم قد يغير مدرستك أو يلغي دراستك "

رمت الملعقة في القدر وقالت واضعة يديها وسط جسدها

" لا لن أترك دراستي يا نزار , يغير مدرستي يفعل

ما يحلو له لكن لن أتركها "

جيد يبدوا ليس في المدرسة قالت بعدها بشرود وحزن

" وصديقتاي هناك اعتدت عليهما , لما أنا لا يبقى لي أحد "

ثم نظرت لي وقالت برجاء " أخبره أن لا

يخرجني من هناك أرجوك نزار "

يبدوا أنه أحد أقارب صديقتيها حسنا لنرى , قلت وأنا

أفك اللحم المتجمد " من هما صديقتاك "

أبعدت القدر عن النار وقالت وهي تتوجه للطماطم

الذي قطعته " بتول تعرفها جيدا وأخرى أسمها ريحان

هما صديقتان من قبل أن أدرس معهم "

أعدت القدر على النار بعدما برد قليلا وسكبت هي فيه

الطماطم وقلت وأنا أحركه " وما يميزهما على

البقية لتكونا صديقتاك تحديدا "

جلست على الكرسي وقالت " بتول تعرفت عليها بطلب

من جابر أم نسيت وأعجبتني مرافقتها كثيرا فهي فتاة

مرحة وبشوشة وأخلاقها تعجبني كثيرا "

نظرت لها وقلت باهتمام " والأخرى "

قالت وهي تحرك الأرز في الصحن أمامها " لا أشعر

أنها كبتول هي تحب إهدار المال في الأكل وتصادق ابن

جيرانهم وتشتري له هدية لكني لم ألحظ عليها شيئا سيئا

غيره هناك أبدا وأغلب الوقت ترافق قريبتها

هناك وأنا وبتول نكون معا "

سكبت اللحم وقلت " كيف تصادقه هل يزورها في المدرسة

هل سبق ورأيتِ أحدا يقرب لهما أو يخصهما "

هزت رأسها بلا وقالت " لم أره أبدا ولم أرى سوا ابن

عم بتول ذاك الذي جاء لإيصالها كم مرة "

ثم نظرت لي وقالت " آه نعم ومرتين زار المدرسة شقيق

ريحان من أجل أن يأخذ إذنا لها ويخرجها "

هناك اثنان في اللائحة إذا معتصم وشقيق تلك , غطيت

القدر وقلت " وهل تعلمي أن ابن عم بتول ذاك متزوج "

لا أعلم لما قلت لها ذاك تحديدا قد يكون لأحاصرها لكنها

قالت بلا مبالاة ونظرها على الأرز بين أصابعها

" لا اعلم ولم أهتم لسؤالها عنه "

معتصم مستبعد إذا من القائمة , جلست أمامها

وقلت " وشقيق ريحان هل هوا متزوج "

نظرت لي وضحكت فقلت بضيق " هل قلت شيئا يضحك "

قالت بضحكة " عمره خمسة عشرة سنة فقط وهوا أصغر منها بعام "

وقفت وعدت للقدر , كم أصبحت أبدوا سخيفا ما علاقتي بها

رفعت الغطاء وحركته مجددا فقالت " ستفسد شكل اللحم

ويتفتت من كثرة تحريكه "

أغلقت القدر وقلت بضيق " حاضر شيف سما "

وقفت وفتحت الصنبور على صحن الأرز وقالت

" بل مساعدة فقط "

سكبت الماء من الإبريق في القدر وقلت مبتسما

" بل أنا المساعد هنا فكل شيء تحت أوامرك "

اقتربت ووضعت صحن الأرز المغمور بالماء بالقرب من

القدر وقالت " لا تنسى أنك من طلب أن أعلمك طريقتي "

قلت مغادرا المطبخ وهي تتبعني " كان أسوء قرار قررته "

دخلت غرفة والدتي وهي تتبعني قائلة " خالتي انظري لابنك "

ضحكت أمي ولم تعلق والتفت أنا لها وقلت بضيق

" كم مرة تشتكيني لها , هل تريني طفلا أمامك "

جلست بجوار والدتي وقالت " لأنها وحدها تدافع عني "

جلست وقلت ببرود " نعم متفقتان علي يا كسولتان "

نظرت ليدها وقالت " متى سأنزع هذا الشاش لقد تعبت منه "

قلت " اليوم سنفتح الغرز لن يطول الأمر كثيرا "

قالت والدتي " حتى تشعرين أن الجرح بدأ يهرشك

حينها يكون بدأ يلتئم هكذا كنا نعرفه في الماضي "

قالت بعبوس " شعرت فيه بكل شيء إلا الهرش "

ثم ضحكت ووالدتي معها وعيناي متركزة على ملامحها

لأول مرة أنتبه أن لها غمازتين تظهران عندما تضحك بل

لأول مرة أنتبه لأسنانها الصغيرة المصطفة التي تميز

ابتسامتها وضحكتها هل كل هذا بسبب الفضول يا نزار

بقيت أراقب كل حركاتها وهي تتحدث مع والدتي منسجمتان

فيما تقولان وكأني أختبر قدراتي في إظهار الاختلافات في

شكلها سابقا والآن , عينان زرقاوان واسعتان تميزهما النظرة

الخجولة وحاجبان مستقيمان معقوفان للأسفل في نهايتهما

ومهذبان الشعر وكأنهما محددان من قبل خبير تجميل

ملامح يميزها الهدوء قبل الجمال وشعر حريري غير

مقصوص منه ولا حتى غرة تمسكه دائما للخلف و ....

يكفي حتى هنا يا نزار بقي أن تفتش جسدها أيضا

أخرجني من تأملي صوت والدتي قائلة " ما رأيك أنت يا نزار "

نظرت لها وقلت " ما رأيي في ماذا "

قالت بابتسامة جانبية " رأيك فيما كنت تسرح فيه طبعا "

وقفت وقلت بتذمر " خرب الأرز وأنا جالس أستمع

لحديثكما الغير مفيد "

ثم خرجت وتوجهت للمطبخ وسكبت الأرز وغطيت القدر

وأعددت السلطة وأخرجت صحن الكوسة المحشوة من الثلاجة

لأسخنه وأنهيت تحضير الغداء وأدخلت الطاولة وتناولناه معا

واكتشفت حينها أني بث أراقب والدتي أيضا في كل ما يقولانه

وتلمح له لأكتشف سرهما فمؤكد والدتي ستعرف من يكون فأنا

أعرفها جيدا , ما يحيرني لما أنا مهتم هكذا لأمره ! صحيح أني

لا أريد أن يتلاعب بها أحد ويستغلها ولا أن تصدم في حقيقة

من سترسم له نموذجا مثاليا وتكتشف غير ما اعتقدت لكن

ذلك يفترض أن لا يستدعي مني كل هذا الاهتمام

نظرت سما ناحيتي وقالت " نزار هل لي بطلب "

قلت " بالتأكيد "

قالت " بتول لم تحضر منذ أيام ولا تجيب على هاتفها

اسأل عنها ابن عمها "

هززت رأسي بحسنا دون كلام فقالت " وشيء آخر "

قلت " نعم "

قالت ونظرها على طبقها " أريد الخروج تعبت من البقاء في

المنزل ولو للحديقة أنا وخالتي التي باتت سجينة بسببي "

قلت بهدوء " لن نغامر يا سما "

نظرت لي وقالت بحزن " مرة فقط "

تنهدت وقلت " سأتحدث مع جابر في ذلك وأرى

أي مكان يمكننا الخروج له "

ابتسمت برضا وقالت " شكرا لك يا نزار كم أنت رائع "

نظرت لها باستغراب فضحكت والدتي وقالت

" يفترض بك الآن أن تسعى في ذلك بكل جهدك "

نظرت لها بضيق فعادت للضحك مجددا ووقفت سما

وغادرت قائلة " سأصعد لأرى دروسي "

خرجت ونظري يتبعها ثم نظرت لوالدتي وقلت

" لقد أحرجتها هي قالتها بعفوية "

عدلت من جلستها ورفعت ساقيها على السرير

وقالت ببرود " وأنا قلتها بعفوية "

قلت بضيق " أمي أعرفك عندما تتعمدين تعكير

الأجواء فقولي ما لديك "

اكتفت بالصمت فزادتني غيضا على غيضي فقلت بضيق

" أنتي المقربة الآن من سما وبيت أسرارها فكوني حريصة

عليها وحذريها مما قد يضرها لأنك ستكونين الملامة يا أمي "

أمسكت مسبحتها وقالت " وما مناسبة هذا الكلام "

وقفت وقلت وأنا اجمع الأطباق " لا مناسبة غير أني بث

أستغرب شرودها في شيء لا تريد الإفصاح عنه "

ولم تعلق طبعا وكأنها تتعمد ذلك فخرجت بالأطباق للمطبخ

ونظفت الطاولة وأعدتها مكانها وغسلت الأواني

وصعدت لغرفتي استحممت ونمت من فوري
*
*
وصلت منزلهم وطرقت الباب , يبدوا مظهري سخيفا

لكن عليا أن أعلم ما قال لها بسرعة , سيارته هنا فسيفتح

لي بالتأكيد أو ستفتح سما لأنها لن تجد عذرا لفتح الباب

وهوا موجود معهما , بعد وقت فتحت الباب وقالت وهي

تعطيني ظهرها مغادرة أمامي " خالتي مستيقظة "

ولم تلتفت لي ولم تتحدث معي ولا مجرد الحديث بغير

تلك الكلمات فأغلقت الباب ودخلت وهي توجهت ناحية

المطبخ , ما أن أصير زوجة لنزار سأريك فمؤكد لن

يرفض عرضا يساعده في عملية والدته , دخلت غرفتها

ملقية التحية فقالت بغير ابتسامتها المعتادة

" وعليك السلام تفضلي يا دعاء "

سلمت عليها مستغربة من تبدل حالها فهي كانت

تستقبلني بابتسامة دائما , جلست وقلت

" ما بك يا خالة تبدين مستاءة من أمر ما "

قالت بهدوء " لا شيء مهم كيف هم والدتك وشقيقتاك "

قلت بابتسامة صغيرة " بخير جميعهن كيف صحتك أنتي "

هزت رأسها دون كلام فقلت " يبدوا مزاجك سيئا هل

رفض نزار ما قلتِ له "

قالت " دعاء يا ابنتي سأكون ناكرة جميل إن نسيت كل

ما قدمته لنا لسنوات وسبق وتحدثت مع نزار منذ أكثر

من عام في أمر الزواج منك ورفضه كليا والآن أيضا

وقال ليس لعيب بك لكنه لا يفكر في الأمر بل وأجله

أيضا وهوا لا يريد أن تتكرر تجربته مع رهام "

قلت " لكني لست مثلها فهل سيرى الجميع متشابهين "

تنهدت بحزن واكتفت بالصمت فقلت

" ليس هذا ما غيّرك وحده هل من خطب يا خالة "

قالت بعد صمت " تعرفينني لا أحب اللف والدوران

وقلب الأمور فما أريد قوله لك ولتعلم رهام به أيضا

أنه إن كان نزار يريد الزواج بإحداكما فلن أمانع رغبته

ولن أعارضه أبدا , لكن سما أبعداها عن كل هذا الأمر

هي فتاة يتيمة مرت بظروف صعبة جدا وتحملت ما ليس

لأي امرأة طاقة لتحمله فكيف بمن في سنها , كما أنه لها

أهل والد ستعود إليهم إن عاجل أو آجل فلا تكدروها

بموضوع نزار وتوقفا عن تهديدها فليس بينهما شيء "

قلت بصدمة " ما تعني بهذا يا خالة "

قالت ببرود " أعني ما فهمته يا دعاء أنا أقدر مشاعرك

كأنثى قد يضايقها اقتراب سما من نزار لكنه حقا لا يرغب

بالزواج ولا حتى بها فأبعديها عن تفكيرك , أنتي كابنتي

وكما أخبرتك أقدر مشاعرك وما تكنينه لابني وما فعلته

من أجلنا لكن سما خط أحمر لا يتجاوزه أحد وها قد

أكدت لك أنه لا مشروع زواج بينهما "

بلعت ريقي ولم أعرف ما أقول , ترى هل حكت سما

لهم ما حدث بيننا , قلت بصوت منخفض

" أنا لم أهددها بل هي من اتهمتني بمحاولة استمالته "

نظرت لي بسرعة قائلة " هل نواجهها بما تقولين والآن "

لم أعرف ما أقول إن رفضت افتضح أمري وإن وافقت

ستنكر طبعا , سمعنا حينها خطوات نزار نازلا من

السلالم ونادى قبل وصوله قائلا " سما "

فجاء الرد منها بصوت بعيد ومنخفض رغم رفعها

لصوتها قائلة " هنا في المطبخ "

توجهت خطواته هناك ولم أفهم ما كانا يقولان ثم سمعت

ضحكته وخرج جهة باب المنزل فأنزلت رأسي للأرض

وقلت " لا داعي لذلك لا أريد مشاكل مع نزار ومعك "

ثم وقفت قائلة " أنا كما هي لم أتغير سواء قبِل بي كزوجة

أم لا فلا تترددي في طلب أي شيء "

قالت بهدوء " لا أريد غير أن ننتهي من هذه المشكلة

وأعلِمي رهام أيضا لتبتعد عن طريقها وتحاول وحدها

إعادة ما ضاع منها "

غادرت من عندها دون تعليق وتقابلت وسما خارجة

من المطبخ فوقفت وقلت لها بسخرية " لا تحاولي تأليبهم

علي فلم يصدقك أحد فهم يعرفونني قبلك "

ثم غادرت من هناك ومن المنزل برمته وكأنني أريد

إفراغ غضبي منه بها بأن أجرحها بكلماتي , المهم أنه

لن يتزوجها هي أيضا فلن تكسب شيئا مثلي , إلا إن كانت

والدته تكذب علي فما بينهما لا يبدوا شيئا عاديا أبدا فأين

تحفظه في تعامله معي فحتى ابتسامته لم تكن تظهر

إلا نادرا بل وعيناه لا يلتقيا بعيناي إلا للضرورة وأنا

أراه الآن يعاملها عكس كل ذلك
*
*
غادرت لجلب بعض الحاجيات التي أوصتني بها سما

للمنزل وحين عدت دخلت بها للمطبخ وضعتها هناك

وتوجهت جهة غرفة والدتي وقفت عند الباب وقلت

" أين سما "

قالت بهدوء " لم أرها منذ وقت "

استغربت الأمر هي عادتا في هذا الوقت تكون في

المطبخ من أجل مساعدتي في العشاء خصوصا أنها

درست بعد الظهر , تركتها وصعدت للأعلى وطرقت

باب غرفتها عدة مرات ففتحت لي ونظرها للأرض

تخفيه عني فقلت " سما ما بك ما يبكيك "

قالت ببحة " لا شيء "

تنهدت وقلت " لو تتخلصي من كلمة لا شيء هذه "

نزلت دموعها مجددا وأخفت عيناها تمسحهما بظهر كفها

وتحول الأمر لبكاء فقلت بهدوء " سما يكفي بكاء أنا آسف "

يا لي من غبي قد تكون تذكرت عائلتها , أبعدت يدها عن

وجهها وقلت " أخبريني الآن ما يبكيك ولن أنزل قبل أن أعلم "

شهقت شهقتين متتاليتين ولم تتكلم فسحبتها من يدها نازلا

بها حتى وصلنا غرفة والدتي ودخلت ويدها في يدي قائلا

" أمي من ضايقها هي لا تريد الكلام وانظري

لعيناها من كثرة ما بكت "

مدت والدتي يداها لها وقالت " تعالي بنيتي "

توجهت نحوها من فورها ونامت في حضنها تبكي

ووالدتي تمسح على شعرها قائلة

" ما بك يا سما كنتي بخير ما قلب حالك هكذا "

قالت سما من بين شهقاتها " أشعر بالضيق "

أشارت لي بيدها أن أخرج فوضعت يداي وسط جسدي

رافضا الأمر فنظرت لي نظرة تهديد وأعادت إشارتها

لأتركهما وحدهما فقلت ببرود مغادرا الغرفة

" سأتعشى مع عوني لا تنتظروني على العشاء "

وخرجت من المنزل , لما تريد والدتي أن تبعدني مؤكد

ذاك الشاب في القصة , هل تحدثه عبر الهاتف يا ترى !!

فهي كانت بخير عندما خرجت من المنزل للسوق

وصلت لمنزل جارنا عوني طرقت الباب ففتح لي

وقال مبتسما " جئت مبكرا , المغرب لم يقام بعد "

دخلت قائلا " من قال لك تدعوني على العشاء تحملني إذا "

أغلق الباب ودخل خلفي وقال ضاحكا " قلت لم أرك من

مدة لنتعشى معا ونتسامر فجيد لم أخبرك منذ الصباح

لكنت تناولت الغداء أيضا معي "

دخلت وجلسنا في المجلس نتحدث وأبنائه يتقافزون

حولنا وتناولنا العشاء ثم وقفت قائلا " شكرا لك وأعذر

قدومي مبكرا لكن والدتي طردتني ولم أجد غيرك "

ضحك كثيرا ثم قال " معقول والدتك تطردك وأنت مدللها "

رفعت كتفاي وقلت مبتسما

" باعتني بمدللتها الجديدة فما عساي أفعل "

أمسك كتفي وقال " زوجها لشقيقي حازم إذا فهوا لازال ينتظر "

قلت بضيق " سبق وقلتها أخبره أن ينسى الأمر , لقد جن

شقيقك ذاك هل سيتزوجها أم سيربيها "

قال مبتسما " وهل سألتها هي عن رأيها أم هوا رأيك وحدك "

قلت بصدمة " ومن أين لك بهذا الكلام هل تحدث معها "

قال رافعا كتفيه " لا أعلم "

قلت بضيق " عوني أخبر شقيقك يبتعد عن سما "

قال بعد ضحكة " حسنا حسنا أجلس فالوقت ما يزال مبكرا "

قلت مغادرا من أمامه " لدي تحضير لبعض الدروس

وعمل على الخرائط وداعا "

خرجت من عنده وصلت المنزل ودخلت وتوجهت من

فوري لغرفة والدتي فكانت وحدها هناك تستمع للمذياع

فما أن رأتني أوفقته فقلت " أين سما هل نامت من الآن "

قالت مبتسمة " ما بك اليوم أين سما أين سما "

نظرت لها ببرود فضحكت وقالت

" في غرفتها طبعا وتدرس حد قولها "

قلت " هل تعشيتما "

شغلت المذياع من جديد قائلة " نعم "

قلت " هل أخبرتك عمّا كان يبكيها "

هزت رأسها بلا دون كلام ففتحت فمي لأتحدث فقالت

ببرود وهي تبحث في موجات الراديو " ليس علينا التركيز

على كل تصرفاتها , نحن نخنقها ألا تلاحظ ذلك "

لم أعلق بشي وهممت بالمغادرة حين استوقفني صوتها

قائلة " اطرق عليها باب غرفتها وإن كانت مستيقظة

أخبرها أن برنامجها المفضل سيبدأ قريبا "

قلت بفضول " وما يكون برنامجها هذا "

نظرت لي نظرة ما يعنيك أنت تحشر أنفك فتركتها

وصعدت , معها حق وما يعنيني أنا يبدوا أنني

أشعر بالفراغ وأتسلى بمراقبتها
*
*

صعد نزار ونزلت سما بعد قليل ووقفت عند

الباب فقلت مبتسمة " يبدوا لا رواية اليوم "

دخلت وقالت " بل علينا التسلي بها قليلا "

قلت وأنا أراقبها تجلس أمامي " هل تحدث معك نزار الآن "

هزت رأسها بلا فقلت بضحكة " غريب رغم أنه

استجوبني قبل أن يصعد "

نظرت لي بحيرة فقلت مبتسمة " لا تفكري كثيرا في

هذا وأخبريني هل تحدثت معك دعاء اليوم , أريد

جوابا دون تهرب كالمرة السابقة "

نظرت للأسفل وقالت بحزن " لا أريد التحدث

في الأمر خالتي أرجوك "

تنهدت وقلت " حسنا كما تريدين , أنا نبهتها وأخبرتها أن

تنبه رهام كي يبعداك عن طريقهما لأنك لست سبب رفض

نزار لهما لكن يبدوا أنها ضربت كلامي عرض الحائط "

لم تعلق أيضا وكأنها تتعمد إنهاء الموضوع , غريب

أمرها اليوم وحال نزار أيضا هذه الأيام فلقد أصبح فضوليا

بشكل مزعج وعلى غير عادته , سما أعرف مياهها أين

تسكب لكن نزار لا أفهمه جيدا حتى الآن , فتحت سما

الرواية وقالت " هل نقرأ "

قلت مبتسمة " نعم "

قرأت (( نظرت له بصدمة مطولا ثم قلت

" فراس يعرف جوجو !! "

قال بابتسامة جانبية " نعم "

ابتسمت ابتسامة خبيثة أم ابتسامة نصر أو لا اعرف ما

تكون وقلت بفضول " كيف ولما ؟ وهل يعرف غيرها "

قال ببرود " لن أقول ولا علاقة لك "

قلت بإصرار بعد قفزة صغيرة على السرير حيث

أجلس " هيا أشرف أخبرني "

قال بمكر " ولما تريدين معرفة ذلك "

قلت مبتسمة " لامسك عليه زلة ولو صغيرة

وانتقم منه على ما يفعل لي "

وضع يديه وسط جسده وقال " وهل سيكون دوري بعده "

وقفت وقلت " لا طبعا فأنت حليفي "

قال ببرود مكتفا يديه لصدره " لا حلفاء للأفاعي "

لويت شفتاي مستاءة فقال بنصف عين " إلا إن ... "

قلت باستغراب " إلا إن ماذا !! "
أمسكني من ذراعاي وأجلسني على السرير وقال

" إن فعلت ما طلبت منك طبعا "

تأففت وقلت " اشرف أبعدني عن مغامراتك الهابطة "

قال مشيرا بإصبعه للباب " رافقتك السلامة إذا "

تنهدت بضيق وقلت " أمري لله هات هاتفك فعلى ما

يبدوا لن أتخلص من جوجو كل حياتي "

مده لي وقال " ليست جوحو هذه أسوم "

ضحكت وقلت " من أين تأتي لهم بهذه الأسماء "

رمى عليا بالهاتف وقال " بسرعة بلا كثرة كلام "

أخذته من حجري حيث رماه فقال " افتحي مكبر الصوت "

تأففت واتصلت بها لأنها مسجلة لديه بذات الاسم فأجابت

من فورها قائلة " مرحبا شروف حبيبي "

نظرت له وضحكت ضحكة صامتة فنظر لي بغل
فحمحمت وقلت " مرحبا أسوم "

قالت بعد ضحكة " مرحبا رُدين هذه أنتي "

نظرت له بغل وقلت بهمس من بين أسناني

" لا تخبر شلتك الفاسدة عن اسمي مجددا "

لوح بيده بلا مبالاة فقلت " نعم أسوم والدتي تناديني , أنا

وشروف نعمل جهدنا مع والدي ولا تقلقي "

قالت مبتهجة " حقا ظننته يكذب علي "

قلت وأنا انظر له بضيق

" أتمنى أن تمسكيه من عنقه وتتزوجيه "

استل الهاتف مني وأنهى المكالمة معها فقلت بضيق

" أشرف خاف الله في بنات الناس "

قال بلا مبالاة " أخرجي هيا وشكرا لك "

وقفت وقلت " هيه اتفاقنا لم ينتهي بعد "

قال وهوا يدخل سريره " أخبرتك أني عرفتها

من خلاله لكنه لا يعرفها كما تضنين "

نظرت له بحيرة فقال وعيناه مغمضتان

" أطفئي النور قبل خروجك "

قلت ويداي وسط جسدي " لم أفهم "

انقلب للجانب الآخر وقال " وجدت رقمها لديه وقال

أنها فتاة تزعجه ولم يعرف كيف يتخلص منها فقدمت

له أنا هذه الخدمة وظهر في النهاية أنها تعمل معه وتعرف

من يكون وأرادت الدخول له من هذا الجانب لكنها فشلت "

قلت بنصف عين " حقيقة هذه أم كذب "

غطى رأسه باللحاف وقال " لست مجبرا على التبرير لك

ولا يهم إن صدقتني أم لا , أخرجي هيا ولا تنسي النور "

خرجت وتركت الباب مفتوحا ولم أطفئ النور أيضا , إذا

جوجو تعمل مع فراس وحاولت أن تستدرجه بالهاتف

فهذا يعني أنها لم تجد طريقا له هناك فحاولت تعليقه بشباكها

دون أن يعرف من تكون , ضحكت حين فكرت أن أفعل كما

فعلت وأتلاعب به وأنتقم منه , سمعت صوت أشرف مناديا

لي بصوت عالي فعدت جهة غرفته وأطفأت النور وأغلقت

الباب بعدما قلت " نم وأنت كالعجائز المعاقين "
ثم عدت جهة غرفتي دخلت ووقفت في منتصفها واضعة

يدي وسط جسدي , عمي رياض يبدوا ورطني في أبنائه

رغم أنه لم يقيدني باختيار احدهم وترك الخيار لي حتى

إن اخترت غيرهم لكني لن استطيع فعل ذلك وهم ثلاثة

وليس واحدا أجد فيه عيب أتحجج به ثم هل سأقف أسرد

له عيوبهم هذا به وذاك فيه وفي النهاية لا بشر كاملا

وسأتزوج من رجل له عيوب ومميزات

المشكلة الأخرى لا أحد منهم يتقبلني ولا مجرد التقبل

سأستبعد أشرف رغم أنه أيسرهم معاملة إلا أنه يملك

واحد من أكبر العيوب إلا إن كنت سأستحمل طوال

حياتي جوجو ومرمر وأسوم وغيرهم الكثير وهذا أمر

لا تقبله أي امرأة , نأتي لفراس لا لا لا ذاك مستحيل

لا أتخيل أن أكون وهوا في كان واحد كيف بغرفة مغلقة

علينا ستكون النتيجة أحدنا ميت , بقي وائل يكرهني أكثر

من البقية بل ويشمئز من وجودي ولكن قد يكون خياري

الوحيد , توجهت للخزانة أخرجت ثيابي وغيرت ملابسي
ارتديت بنطلون من الجينز وقميص وغادرت غرفتي

أبحث عن عمتي سعاد حتى وجدتها تجلس في الحديقة

فتوجهت نحوها قبلت خدها وجلست بجوارها فقالت

ضاحكة " ما أسعدني بابنة لم أحضا بها من قبل "

قلت مبتسمة وأنا أسكب القهوة لي " وما

أسعدني بوالدة بعدما كبرت "

ثم نظرت لها باهتمام وقلت

" ألم تنجبي بنات أبدا ما بك مع الشبان "

ضحكت وقالت " لم يكتب الله لنا بذلك لقد أنجبت فراس

في أول سنة تزوجت فيها عمك رياض وبعده بعامين رزقنا

بأشرف ثم لم يثبت لي حمل أبدا لخمس سنين حتى رُزقنا

بوائل ثم عادت وتكررت المأساة وماتت لي ابنة حديثة ولادة

وتأزمت كثيرا فقرر عمك رياض أن لا نحاول بعدها وأن

ما رزقنا الله بهم يكفي وزيادة وأن غيرنا لم يتحصل ولا

على واحد ويتمناه وإن كان لنا نصيب سيكون في

أحفادنا وبقيت هكذا أم لشبان فقط كما قلتي "

قلت بحيرة " إذا وائل أكبر مني بأربعة أعوام "

قالت مبتسمة " نعم وأشرف بتسع وفراس بإحدى عشر عاما "

قلت بعبوس " عجوز فراس هذا لما لم تزوجوه حتى الآن "

ضحكت كثيرا ثم قالت " عمره ثلاثون عاما فقط أنتي

حسبتها بالمقارنة بعمرك "
قلت " وإن يكن فالشاب من سن الخامسة والعشرون

يصبح مؤهلا للزواج "

ثم رشفت رشفة من القهوة وقلت بفضول " وائل عمره أربع

وعشرون كيف يدرس في الجامعة حتى الآن "

قالت مبتسمة " هوا يكمل لرسالة الماجستير , ألم تلحظي

أنه يدرس في غير وقت الجامعات لكنتِ أنتي

أيضا تدرسين الآن "

قلت " آه صحيح لم أنتبه "

وأمضينا وقتا طويلا من موضوع لآخر وأنا أقلد لها

من كن في الحفل وهي تضحك حتى سمعت صوتا

خلفي يقول " أمي كثرة الضحك تميت القلب "

نظرت له فكان وائل ينظر لها ثم تابع

" متى قال لك فراس عمي مصطفى قادم "

رفعت كتفيها وقالت " لا أعلم قال الأيام القادمة "

سحب قطعة بسكويت من الصحن وقال بعدما قضمها

" وكم سيبقى وأين سيقيم "
قالت مبتسمة " لم أتناقش معه في هذا لما تسأل أنت "

ضحكت أنا وقلت " قالوا أن الفضول يطيل في

العمر يبدوا لأجل ذلك "

شعرت بشيء صلب ضرب رأسي فأمسكته متألمة ونظرت

للخلف فكان مغادرا يلوح بمذكرته ويضحك فنظرت لها وقلت

بضيق " أنظري لأبنائك لم يتركوا شيئا لم يجربوه علي "

ضحكت وقالت " أخبرت عمك أن لا يتخذ هذه الطريقة

ويتركك تعيشين معنا على حقيقتك كابنة لصديقه وأنتي

تختاري منهم لكنه رفض "

قلت ببرود " معه حق فما كانوا سيُقربونني من عالمهم

الحقيقي حينها وها قد اكتشفت كم ربيتما وتعبتما "

ضحكت كثيرا ثم قالت " ما الذي علمته عنهم جعلك هكذا "

وضعت يدي على خدي وقلت بحزن " سوء المعاملة يكفي "

وضعت يدها على يدي الأخرى وقالت
" رُدين أبنائي لم يعتادوا الفتيات معهم هنا والطريقة التي

أدخلك بها والدهم علينا وتعلقهم الشديد بي منذ صغرهم

هوا ما جعلهم يتصرفون هكذا "

قلت بحزن " وأنا لاحظت فراس خصوصا رغم ما يفعله

بي يعامل حتى الخادمة بلطف ويتحدث معك بهدوء واحترام "

قالت مبتسمة " أشرف أكثر من يعرف كيف يتعامل مع النساء

حتى أن بنات خالته كن يتسابقن على التحدث معه حين يأتيننا

في الإجازة ومنذ صغره يحب اللعب مع الفتيات وائل شخص

نظامي جدا ومرتب ويكره الفوضى والأشخاص الغير مرتبين

فتجديه ينتقد الجميع حتى في كلامهم وتصرفاتهم لأنه يهتم

بالمظاهر أما فراس فمنذ كان طفلا تعود أن يهتم بأخويه

فبقي حتى كبر يدقق عليهما وينتقد أخطاءهم حتى والده حين

كان يسافر يعتمد عليه وحده في كل شيء فلاحظي عمهم

مصطفى تفاهم معه دون الجميع على وقت قدومه وخاله

وجده كذلك وكل هذه الصفات جعلت فيهم عيوبا ومميزات "

نعم معها حق فأشرف معرفته الجيدة بعالم النساء وفهمه

لهن جعلت منه رجلا يعرف كيف يعامل المرأة كميزة

وزير نساء كعيب ووائل لإنسان مرتب كميزة ومغرور

مترفع على غيره كعيب وفراس شخص يمكن الاعتماد

عليه كميزة وانتقادي صارم كعيب , أي يا رُدين أفهمي
أنه مثلما لأبنائها عيوب لهم مميزات وتوقفي عن انتقادهم

أمامها كل حين وكأنك تخبريهم أنهم يورطونك بهم وأنهم

لم يحسنوا التربية , قلت بهدوء " معك حق لكل بشر عيوب

ومميزات ولا إنسان يخلوا من العيوب خصوصا , وأنا أيضا

رباني عمي رياض لأكون قوية في مواجهة ظروفي

فصار طول لساني عيب بي "

ضحكت كثيرا ثم قالت " وصراحتك أجمل ما فيك

وطبعا بعد وجهك الجميل "

قلت بضحكة " هل تعلمي ما قال لي أشرف يوم أخذني للسوق "

قالت مبتسمة " ماذا قال "

ضحكت ثم قلت " قال من يراك صامتة يقول ما هذا الملاك

وحين تتحدثين يكره جمالك الزائف "
ثم بدأنا بالضحك وبعدها سكت وقلت بحزن " لكنه أهانني "

رأيت حينها يد تمتد للكرسي الآخر وسحبته وجلس صاحبها

نظرت له فكان فراس وفي يده صحن به لوز أخضر بقشوره

بقي يمسكه في يده ولم يضعه على الطاولة ووقفت حينها

عمتي سعاد وقالت " رُدين انتبهي لحوض النعناع أن يفيض

فيه الماء , عمك رياض دخل المنزل سأذهب له قليلا "

ثم غادرت من فورها بعدما ربطتني للجلوس مع هذا

المخلوق , نظرت له فمد لي بالصحن بمعنى هل ترغبين

فهززت رأسي بلا بملامح باردة فقال بابتسامة جانبية

" غريب رغم أنك تحبين اللوز الأخضر ... أليس كذلك "

حينها كادت تخرج عيناي من الصدمة بما قال ))

أغلقت الرواية وقالت " والآن كيف علم "

ضحكت وقلت " سنعرف فيما بعد "
نظرت للرواية في يديها لوقت ثم قالت ولم ترفع

نظرها عنها " خالتي هل أسألك سؤالا "

قلت مبتسمة " بالطبع صغيرتي "

قالت وحالها كما هوا عليه " هل من يحب ينسى بسهولة "

قلت " لا بنيتي أصعب شي يكون ممن تحبينه فجرحه

صعب وهجرانه صعب ونسيانه أيضا صعب "

نظرت لي حينها وقالت " وكيف نسي نزار رهام إذا "

قلت مبتسمة " لم يكن الأمر سهلا بادئ الأمر فقط الرجال لا

يعبرون بسهولة كالنساء لكن الجرح كفيل بفعل ذلك

فأصعب خذلان يكون ممن نحب "

قالت بحزن وعيناها تنظر في الفراغ

" لما الحب صعب ومتعب هكذا "

قلت بهدوء " لا يا سما هوا جميل أيضا حين يكون

من الطرفين ويكونان على وفاق "

نظرت لي وقالت باهتمام " وكيف نجعله من الطرفين "

قلت بعد ضحكة " أخبريني من يكون لأساعدك "

حضنت الرواية وقد احمر وجهها من الخجل

وقالت بهمس " لا استطيع "

قلت مبتسمة " إذا حين تستطيعين أخبريني اتفقنا "

هزت رأسها بحسنا ثم وقفت وأعطتني الرواية وقالت

" هل تريدين شيئا قبل أن أصعد "
قلت وأنا أجلس مبتعدة عن ظهر السرير

" ساعديني لأصل للحمام واملئي لي الماء في الإبريق فقط "
*
*
ساعدتها حتى دخلت الحمام وأوصلتها للسرير وملأت

لها إبريق الماء ثم أطفأت النور وخرجت من غرفتها

وصعدت الدرجات ببطء انظر لخطواتي عليهم بشرود

وأفكر إن كان نزار يحبني أم هوا من طرفي وحدي وكيف

سأعلم ! لن استطيع إخبار خالتي أنا أخجل منها حقا ولا أن

اخبره فأنا أخجل منه أكثر من والدته ولا أريد أن ألقى

مصير دعاء , وصلت أعلى السلالم وتابعت سيري

بشرود أعد بأصابعي كم جمعت من مصروفي حتى وقفت

لأفاجئ بنزار يقف مستندا بكتفه على الجدار الفاصل

بين غرفتينا


*********************


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 05-07-15, 08:29 PM   #68

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


قلت بصدمة " أرجوان يا غبية ماذا تفعلين هناك "

وكانت النتيجة طبعا أن أغلقت الهاتف في وجهي لأنها

باتت تعلم أنني ذللت المكان فعدت أدراجي ونزلت السلالم

وغادرت القصر ولففت ورائه وصعدت السُلم النحاسي

الملتف الذي يقود للسطح لمشروع والدي الذي لم يكمله

وكان مخططه أن يوصله بسلالم القصر الداخلي , وصلت

للأعلى وكان المكان مظلما سوى من إنارة عند طاولة

مصدرها الشموع الكثيرة حولها وفوقها وتلك المشاغبة

ليست هناك " بما نخدمك يا سيد "

نظرت جانبا فكانت هي ترتدي ملابس نادلات وتمسك

ورقة في يدها فنظرت لها ببرود دون كلام فقالت مبتسمة

" تفضل بما نخدمك "

أمسكت قبعتها من رأسها ورميتها بعيدا وقلت " أريد زوجتي "

وضعت يدها على رأسها وقالت بضيق " وما فعلته لك قبعتي "

أمسكتها من ذراعها وسحبتها لصدري وقلت بابتسامة جانبية

" وسيتبعها باقي ملابسك أيضا "

شهقت وقالت " هل تعلم ما عقوبة التحرش الجنسي "

قلت ونظري على شفتيها الممتلئة " ماذا "

لفت ذراعيها حول عنقي وقالت " إسقاطك من هنا للأرض "

مررت أصابعي في شعرها وقربت وجهها بغثة وقبلتها بقوة ثم

تركتها وقلت متوجها نحو الطاولة " أضيفي هذه لقائمة العقوبات "

لحقت بي حتى جلست وقالت " لا بأس معتادين على هذا من زبائننا "

ضحكت وقلت " أرجوان قسما برب هذه السماء إن فقدت

أعصابي سأفرغ فيك غضبي من كل شيء "

قالت متجاهلة ما قلت " ما طلباتك "

رميت الشمعة أمامي على الأرض وقلت

" زوجتي وبسرعة لو سمحتي "

قالت ببرود " أعانها الله عليك "

نظرت لها بضيق فهربت من أمامي ضاحكة وغابت لوقت

وأنا أراقب السطح حيث الأعمدة الحديدية التي تغطيه وكأنها

أقفاص أو قبب مساجد والأحواض النحاسية والفضية المنتشرة
في أرضيته , مشروع والدي الذي لم يكتب له الاكتمال لأنه مات

قبل أن ينهيه وحتى أوراق مخططته لازالت موجودة , يبدوا أني

أهملت حلمه الذي كنت قررت أن أحققه وغفلت عنه لسنوات

طوال من التأجيل حتى نسيته , بعد قليل أضاءت الأعمدة بأضواء

ملفوفة حولها لتتحول مع الظلام لمشهد رائع وتراءى لي طيفها

قادمة من خلف الظلام ويبدوا أنها ترتدي شيئا طويلا حتى

أرضية السطح , اقتربت وظهر فستانها الحريري الطويل

المفتوح من أعلى بدون أكمام وشعرها الحريري الطويل يغطي

ظهرها وأكتافها وماكياج ثقيل لا أعلم كيف وجدت الوقت

لتضعه وطقم زواجنا تلبسه للمرة الأولى أمامي , وصلت

عندي مبتسمة فقلت بابتسامة صغيرة

" لا تجلبيني لهذا المطعم ثانيتا حتى يغيروا طقم

عامليه وخصوصا تلك التي تجيب على الهواتف "

لوت شفتيها وقالت بضيق " جابر كان يفترض ببيسان

أن علمتك كيف يستقبلون الأميرات "

ضحكت ضحكة صغيرة ثم وقفت مغادرا الكرسي

ومددت يدي لها فوضعت يدها فيها فقبلتها وقلت

" هل أنتي راضية الآن يا أميرة أرجوان "

قالت بابتسامة " لا "

نظرت لها نظرة باردة فضحكت وقالت

" اسحب لي الكرسي أيضا "

سحبته لها وقلت " هل أنا المدعو هنا أم أنتي "

جلست وقالت " أنت طبعا "

جلست وأنا أقول " إذا الخدمات تكون لي وليس لك "

رفعت بعض الشموع من الأرضية تحتها ووضعتها

على الطاولة وقالت " يكفي لا كم أنتي جميلة ولا ما هذا

الحسن تحت ضوء القمر وتريد أن أخدمك أيضا "

كتفت يداي لصدري وقلت ببرود " نعم زيدي من طرح عيوبي "

رمت ما سقط من شعرها أماما للخلف وقالت

" ليست عيوب بك بل عيب بي أنا لم أتخلص منه "

قلت بجدية " وهوا "

نظرت لي وهي تتكئ بذقنها على يديها المسندة لهما

بمرفقيها على الطاولة وقالت بابتسامة

" هوا أني أتوقع أشياء يفترض أن لا أنتظرها "

نظرت لها بضيق فأبعدت ذقنها ونظرها عني

وقالت " أنا قلت عيب بي وليس بك فلا تنسى "

نزعت سترتي ورميتها على حافة الطاولة وقلت

ببرود " أرجوان لا تلعبي معي "

قالت بتذمر " كن رومانسيا مرة واحدة ما هذا لا تلعبي معي "

ابتسمت وقلت " ستتعبين معي إن تحولت لرومانسي "

لوحت بيدها أمام وجهها وقالت بابتسامة " دعني أجرب "

غادرت الكرسي وتوجهت نحوها وهي تنظر لي بحيرة

وترقب فرفعتها من عليه بين ذراعاي وتوجهت بها نحو

الحافة الأقرب للسطح فتمسكت بي قائلة

" لا لا أريد أي رومانسية منك ... لقد تبت "

ضحكت ثم أنزلتها وأوقفتها أمامي مولية طهرها لي

ثم أحطت خصرها بذراعاي نشاهد أنوار المدينة

وقلت بهمس " هل أخبرك سرا "

لاذت بالصمت ولم تتحدث وما أن فتحت فمي لأتكلم حتى رن

حينها هاتفي في جيب بنطالي فأخرجته بيد واحدة والأخرى

لا تزال تحضن خصرها وأجبت عليه قائلا " نعم يا خليل "

قال " خرج بسم مزور سيدي وأمسكوه حيث نزل في .... "

قبلت خدها وقلت بابتسامة انتصار " رائع سنطالب بتسليمه إذا "

ثم أنهيت منه الاتصال واتصلت بأسعد الذي أجاب من فوره

قائلا " سمعت بالأخبار بالتأكيد "

غمرت وجهي بيت شعرها وعنقها وقبلته فارتجفت

وكأني سأسقطها من هنا وليس أقبلها وقلت

" نعم سمعت ولن يهدأ لي بال قبل أن نجلبه من حيث وصل "

ثم ابتعدت عنها لمكان متطرف ومر بعض الوقت أتناقش معه

في أمره وكلما نظرت ناحيتها كانت على حالها تقف تشاهد

المدينة ولم تتحرك وما أن أنهيت الاتصال منه حتى رن مجددا

ففتحت الخط وانشغلت مع المتصل من وزارة الخارجية

ثم التفت لها فكانت غير موجودة فجلت بنظري في المكان

حتى رأيتها تنزل من السلالم فتوجهت نحوها حتى أمسكت

ذراعها وأعدتها معي قائلا " نتحدث لاحقا في الأمر وداعا "

وأنهيت المكالمة منه واتصل أسعد مجددا فأجبت وأنا أسير بها

نحو مقعد نحاسي متحرك كالأرجوحة وجلست وأجلستها

بجانبي قائلا " نعم يا اسعد "

قال من فوره " هل أنت متأكد من إرجاعه سالما "

أحطت كتفاها بذراعي وقلت " لا طبعا "

قال " إذا ما نفع ما سنفعل "

قلت وأنا أرى يدها التي أمسكت يدي " ستعلم لاحقا ما

نفع كل هذا وداعا الآن "

قال بعد ضحكة " نعم ضاعت تلك الأيام التي تخرج

فيها هذا الوقت من منزلك لأجل أقل من هذا الخبر "

قلت بعد ضحكة " أسكت يا وقح "

ثم ضحكت كثيرا حين قال " أتبث لي غير ذلك

وأخبرني أين أنت الآن وماذا تفعل "

أخذت أرجوان الهاتف مني وأنهت الاتصال وأغلقته

نهائيا ووضعته بجانبها فقلت وأنا انظر لملامحها بتركيز

" لماذا نزلتي سيدة أرجوان هل تتعبيني كل هذا التعب

لأجد مكانك هنا ثم تنزلي وتتركيني "

قبضت على يدي بقوة واتكأت برأسها على كتفي دون

كلام فشددتها لحظني بيد واحدة وقلت

" أرجوان كم مرة شرحت لك هذا الأمر "

لم تزدد إلا ضغطا على يدي وصمتا فقلت بهدوء

" أرجوان ماذا قلنا في آخر مرة "

رفعت ساقها وقالت " كعب الحداء انكسر ونزلت لأغيره "

ضحكت حينها وقلت " قولي هذا من البداية , لا

أعرف لما تخونين توقعاتي دائما "

قالت وهي تغمر وجهها في كتفي " بل أنت من يظلمني دائما "

رن حينها الهاتف الذي في جيب سترتي عند الطاولة

فأمسكت بخصري بقوة فأحطتها بذراعاي وقبلت رأسها

وقلت " لن أجيب عليه ولن أتحرك لكنه الهاتف

الخاص بالعائلة وليس عملي "

قالت وهي تشد خصري بقوة " لا علاقة لي "

قلت بضحكة " حسنا لن أجيب "

ثم قلت وأنا امسح على شعرها " هل فكرتِ يوما

أن تضعي نفسك مكان أي واحدة من أصحاب قضاياي

فما كنتِ لترضي أن أتقاعس في قضيتك "

ابتعدت عني ونظرت لعيناي بعينان بدأت تمتلئ بالدموع

ثم قالت " ولو كانت هي مكاني هل كانت ترضى أن أضع

زوجها في الخطر وأسرق ليله في المجهول ونهاره في

صراع الموت والأحياء بقلوب ميتة , أنا لا أفتقد وجودك

معنا أكثر من أني أخاف أن نخسرك يا جابر فأن

تبتعد نهايته ستعود لكن أن تموت فلن تعود أبدا "

أرجعتها لحظني وقبلت رأسها وقلت

" لا تخافي يا أرجوان سأكون بخير "

لا اعلم إن كانت هذه المرأة تختار ما تقول أم يخرج منها هكذا

عفويا فهي بذكاء لا أعرف من أين جاءت به لم تذكر في عبارتها

كلها ما أكره أن اسمعه منها وسيقلب أمسيتنا هذه لشجار محتم

رغم أنه الوقت المناسب لذكرها ذاك الأمر فمن أي نوع من

النساء أنتي يا أرجوان , اتكأت بظهري على ظهر الكرسي

وهي في حضني ليتحرك متأرجحا بنا مصدرا صريرا

واضحا وقلت " كيف تمكنتِ من تربية أبنائي وأنتي في

ذاك السن , بمن استعنتِ في ذلك "

وضعت كفها على صدري وقالت بهدوء " لم أتخيل حياتي

أن أكون في ذاك الموقف , ترف كانت لم تتجاوز الثلاث

أشهر بعد وحتى امجد كان عمره ثلاث أعوام أي أطفال

لم يزرع أحد بهم شيء وعقول بيضاء أنا من سيكتب فيها

كان ذلك أول ما فكرت فيه ... لا كيف سأربيهم ولا من أين

سأصرف عليهم , فقط فكرت على ماذا سأربهم ثلاثتهم فجلست

وسط المنزل وترف بين ذراعاي وبيسان تقف أمامي تبكي

وأمجد يحاول إسكاتها , لا تعلم كم أثر بي ذاك المشد وتعلمت

منه درسا لم أنسه يوما وهوا أنك مهما كنت ضعيفا ولا حيلة

لديك فحاول ولا تيأس كما كان أمجد وقتها , فتحدثت معه هوا

أولا قائلة ( هل نرعى شقيقتاك معا )

فهز رأسه بنعم لأبتسم وتدمع عيناي فهوا لم يقل لا أستطيع

أو لا املك المال وأنا طفل , تصور ما قال لي بعدها "

مسحت بإبهامي دمعة انسابت على خدها وقلت " ماذا قال "

ضحكتْ ضحكة صغيرة وقالت " قال لكننا لا نعرفك

ومنذ ذاك اليوم عاهدت نفسي أن أربيهم جيدا قبل أن أرعاهم

لم أنم بعدها لليالي من بكاء ترف وبيسان وعندما بدأت تنفذ

النقود لدي أدركت أني بحاجة لدخل لي ولكن كيف بشهادة

ثانوية عامة وحتى إن تحصلت على وضيفة فمن سيبقى

معهم وقت غيابي بل ووقت بحثي عنها لأني حتى

للسوق كنت آخذهم معي "

شدت بقبضتها على قميصي وقالت " وصلت لمرحلة أن

نمت بلا طعام لأيام لأوفر المال لأجلهم وقرأت كتب

تربية الأطفال كي لا أقصر في تربيتي لهم وأحاسب أمام

والدي يوم الحساب ولم أتصور أني سأحاسب أمامك

في الدنيا لأنك أنت والدهم وليس هوا "

قلت باستغراب " كيف تحاسبين أمامي أنا "

جلست وقالت " تذكر أول ما أخذتهم حاسبتني على

دخول بيسان للحمام "

لعبت بشعرها بين أصابعي وقلت ونظري عليه

" أنا لا أنتقد تربيتك لهم أبدا "

قالت بحزن " لكني بث أخجل من وجودي في حياتك وحياتهم "

أخرجت يدي من شعرها وقلت وأنا انظر لها بحيرة

" كيف تخجلي من وجودك في حياتنا "

أمسكت بيدي وضمتها لصدرها وقالت

" جابر أرجوك اشرح لي مكان والدي من كل ما حدث "

حضنت وجهها بيداي وقبلتها قبلة صغيرة ثم قلت

" لا تفكري في كل هذا يا أرجوان فوالدتهم حين خرجت

بهم من هنا كانت ترف في نهاية شهرها الثاني من ولادتها

لها ولم يكن بينها ووالدك ما في مخيلتك ولا يمكنني

قول أكثر من ذلك "

أمسكت يداي بيديها وقالت بدمعة نزلت من عينيها

" حمدا لله حمدا لله "

وقفت وأوقفتها قائلا " الجو يبرد أكثر ستمرضين

وأنتي هنا بهذا الفستان "

توجهت نحو الطاولة أخذت سترتي ووضعتها على كتفيها

وقالت وهي تتوجه جهة السلالم " شكرا على إطرائك

لفستاني وللأمسية الجميلة وعلى أنك ألبستني سترتك

لأن الجو بارد ولا تريد أن ننزل سريعا وعلى أنك

شكرتني على كل هذا "

ثم التفت لي وأنا واقف مكاني يداي وسط جسدي وقالت

" لكنها أجمل أمسية بالنسبة لي فشكرا لأنك عدت مبكرا

ولأنك لبيت الدعوة هنا لن أنسى هذه الليلة ما حييت "

ثم نزلت وتركتني ولا أعلم ما قصدها بهذا تنزل وحدها

وتقول ذلك لي من بعيد وتتركني هنا , بقيت قليلا مستندا

بقدمي على حافة أحد الأقواس من الأسفل وأجريت باقي

مكالماتي بهاتفي الذي بقي على الكرسي وفهمت الآن لما

تركتني وحدي ونزلت , وبعدما أنهيت جميع المكالمات

نزلت للأسفل ودخلت القصر ودخلت الجناح والغرفة

مباشرة فكانت هناك تجلس على السرير بقميص النوم

ونظرها على المبرد الذي تبرد به أضافرها وقد جهزت

لي المنشفة وثيابا فوضعت الهاتف على الطاولة وأخذت

المنشفة ودخلت الحمام استحممت وخرجت بالمنشفة طبعا

وتوجهت لجهتي من السرير واتكأت بمرفقي بجانبها وأخذت

المبرد من يدها ورميته بعيدا ثم شددتها لحظني فقالت

" شغل حاسوبك وجهاز المراقبة على ممر الجناح والردهة أولا "

نظرت لها باستغراب ثم قلت " ولما "

ابتعدت عني وقالت وهي تغادر السرير

" سأحضر لك الحاسوب من الردهة وستعلم بعد قليل "

أحضرته من هناك وأغلقت الباب ووضعته على السرير

فنظرت لها باستغراب فقالت قبل أن أتحدث

" ستفهم كل شيء فقط افعل الآن ما أقول لك "

وابتعدت عني وشغلت نفسها بأدراج طاولة التزيين وكأنها

تخبرني أن اطمئن أنها لن ترى كيفية تشغيل نظام المراقبة

فتحت الحاسوب وفعلت كما طلبت وانقسمت الشاشة على

صورتين واحدة لردهة الجناح والأخرى للممر وأبعدت

الحاسوب قليلا وقلت " تعالي انتهت المهمة سيدي "

توجهت نحوي ودخلت السرير ونظرت لشاشته ثم

نامت في حضني وقالت " لا يغيب نظرك كثيرا عنه "

ابتسمت وشددتها لحضني وبعد وقت ليس بقليل أيضا

قفزت مبتعدا عنها وأنا أرى الخادمة التي تتسلل لجناحنا

بعدما تركت سلة غسيل كبيرة أمام الباب وفتحته ودخلت

تمشي على رؤوس أصابعها حتى اقتربت من باب

غرفتنا وقربت أذنها من الباب تستمع لنا وأنا انظر لما

يجري أمامي بصدمة ثم أمسكت المنشفة من جانبي

بقوة ولففتها حول خصري أتنفس بقوة وغيض فأمسكت

أرجوان بيدي وقالت بهمس " جابر لا يأخذك الغضب

فتصرف بروية وحكمة كما أعرفك "

استللت يدي منها بقوة وقلت بغل من بين أسناني وأنا أهم

بمغادرة السرير" أقسم لن ينقذها مني إلا الموت "

أمسكت ذراعي بقوة وقالت برجاء " جابر تحلى بالحكمة

كما كنت دائما فما تنوي فعله الآن لن يعالج الأمر "

عدت جالسا على السرير وتحركت هي قائلة

بصوت مرتفع " لا تقلق أراهم في غرفهم وأعود "

خرجت حينها تلك الخادمة مسرعة من الجناح على نظري

فنظرت لها وقلت " لما لم تتركيني أمسكها متلبسة "

جلست وقالت " وما الفائدة إن لم تنهي المشكلة في حد ذاتها "

نظرت لها باستغراب ثم قلت " وكيف علمت أنتي بها "

ارتدت قميصها وربطت الحزام وقالت

" سيلا رأتها بالمصادفة في إحدى الليالي "

أبعدت بيدي الحاسوب وقلت بغل " الأمر يحدث هنا

منذ وقت وأنا نائم عنه لتكشفه لنا سيلا "

قالت بهدوء " لاحظ أنها خادمة والدتك "

نظرت لها مطولا بصدمة ثم قلت " ما قصدك يا أرجوان "

قالت " تفهم قصدي جيدا لن تكون جاسوسة من الخارج

تتجسس على أحاديثك وزوجتك ليلا وهي تعلم انك لن تخبرها

عن أمور عملك أبدا وخصوصا هذا الوقت ولا فضول خادمات

من دفعها لغرفة متزوجان لأنك رأيت بعينك هي قربت أذنها

وليس عينها من خرم الباب فلن تستفيد شيئا من إمساكك

بها لأن الفاعل سيكررها كان من يكون "

نظرت لها مطولا ثم قلت " لن أتهم والدتي بذلك

في وجهها ولو كنت متأكدا "

مسحت على خدي بيدها وقالت بهدوء

" ولا أنا أشجع فعل ذلك "

بقيت أنظر لها بصمت وكأن عقلي يقول استمع لرأيها

هي فقالت " هذا الطابق لنا وللأولاد وزهور التي

ستتزوج قريبا ولمعتصم الذي يتغيب أكثر مما يبقى "

بقيت أستمع لها بانتباه فتابعت " سيلا وحدها تكفي للاهتمام

به وهي أتق بها أكثر من نفسي وأمر واحد منك

سيمنع البقية من الصعود لكل الطابق "

قلت بعد تفكير " العمل هنا سيتعبها وحدها "

حركت يدها على خدي وقالت

" سأساعدها المهم لا يكون غيرها هنا "

ابتعدت وقلت " لن أرتاح قبل أن اعلم منها من وراء ما تفعله "

قالت " وما الذي ستستفيد منه إن استجوبتها

سيعلم من وكلها بذلك وسيجد البديل "

عدلت وسادتي بغيض ونمت عليها موليا ظهري لها

وغطيت جسدي باللحاف بغل , أنا جابر تضحك مني

خادمة وتتجسس علي في وسط جناحي وأظهر بهذا المظهر

المنقص لي كرجل له حدوده هنا قبل مركزي وأجهزة

مراقبتي , إن كانت والدتي فهذا أكبر دليل أنها ما تزال

تراني طفلا وتعتقد أن أرجوان تؤثر بي وإن كان شخصا

من خارج القصر فقد أثبتت له أني أسد في الخارج وفأر

في الداخل يسهل على خادمة أن تتجسس عليا وفي

غرفتي , بقيت لوقت أزفر بغيض وأتأفف بقوة حتى

شعرت بيدها تمسح على ذراي العاري ثم قبلت كتفي

وحضنت خصري بذراعها ودست وجهها بين كتفاي

وقالت بهدوء أقرب للهمس " لو كنت اعلم أنها ستعكر

مزاجك لي هكذا لكنت أخبرتك في النهار وذهبت

بغضبك هذا هناك لعملك "

قلت بهدوء " أرجوان أنتي آخر من أريد أن

افرغ غضبي الآن فيه "

قبلتني بين كتفاي وقالت بهمس

" حسنا لن أتحدث تصبح على خير "
*
*
نام بعد وقت وأنا لم يغمض لي جفن كان يتنفس بقوة وغيض

حتى ظننته سينفجر , كم أعجز عن فهم هذا الرجل فحتى

غضبه من غيري أعجز عن إخماد نيرانه فكيف إن غضب

مني أنا , كنت أتمسك بخصره بقوة وكأنه سيطير أستمع

لتنفسه الهادئ المنتظم بعد كل ذاك الهيجان والإطراب فقط

لأن خادمة تتجسس عليه يعني ويلك يا أرجوان أن تخطئي

غمرت وجهي بين كتفيه أكثر ولا أعلم لما أصبحت في كل

يوم أتعلق به أكثر حتى نبرة الحزم في صوته باتت تشدني

له وحتى بروده وتحجره أصبح عندي أفضل من غيابه

لم أتصور يوما أن أصل لهذه المرحلة فكل ما كان في

مخيلتي أني سأكون مربية ومعلمة لأبنائه وحتى بعدما

اكتشفت الحدود التي رسمها لي في أول ليلة نام فيها معي

كزوجين فعلا تخيلت أن حدودي ستكون السرير فقط وسيبقى

شيئا جانبيا ووسيلة لأكون مع الأولاد ليس إلا , أخرجني من

تلك الأفكار صوته المشبع بالنوم قائلا " أرجوان لن أقع

من السرير ابتعدي عني لأنام قليلا ورائي ما لا

تتخيلي حجمه في الغد "

قلت بابتسامة " أخبرتك مرارا أن لا تمن عليا بما هوا ملكي "

التفت ناحيتي وشدني لحضنه وقال " عكرت مزاجي تلك

الحشرة نامي ولا تتحركي كثيرا كي لا أرميك خارج السرير "

نمت في حضنه ولم أعلق بشيء لأنه ليس وقت كلام

فكما قال ورائه نهار طويل ولا مكان لي فيه فعليا أن لا

افسد الوقت الذي لي

نمت ولم اشعر إلا بثقل يده تبتعد عني ففتحت عيناي

فكان مغادرا السرير ودخل الحمام , جلست ونظرت

للساعة فكان وقت صلاة الفجر قد اقترب فغادرت السرير

أيضا وتوجهت لحمام الجناح استحممت وخرجت بالمنشفة

لأني نسيت أخذ ثياب معي دخلت الغرفة فكان يرتدي

ملابسه فركضت مسرعة جهة غرفة الملابس كي لا

يسخر من منشفتي كما فعلت معه , ارتديت ملابسي

وخرجت على حركته الكثيرة في الغرفة فنظرت

باتجاهه وقلت " هل أضعت شيئا لأساعدك "

قال وهوا يفتح الخزانة " لا "

توجهت للسرير وقلت وأنا أرتبه

" سأعد لك شيئا تأكله لا تذهب دون إفطار "

توجه نحوي ومد لي ربطة العنق قائلا

" لا وقت لدي , بسرعة ألبسيها لي "

أخذتها منه وأدرتها حول عنقه وأنا أقف على رؤوس

أصابعي ثم ربطتها له وأغلقت له أزرار سترته وقلت

" استودعتك الله الذي لا تضيع ودائعه , جابر

دعنا نصب عينيك دائما "

قال وهوا يثبت سلاحه " حاضر يا أرجوان كم

مرة ستذكرينني بها "

قلت وأنا انظر لملامحه " كلما تخرج لهم لأني أعرفكم

ترمون بأنفسكم للخطر ولا تفكرون في أحد "

أمسك وجهي بيديه وقال " كنتي تعيشين وترعيهم من

دوني ولم تحتاجي لي يوما "

نمت في حضنه أخفي الدموع التي خانتني وقلت بهمس

" كان ولا يمكن أن يعود كما كان أفهمها يا جابر "

مسح على شعري وقال " لن يصعب عليا فهمها يا

أرجوان ولا تقلقي لا أحد يموت قبل أوانه "

ثم أبعدني عنه وقال وهوا يمسح دموعي

" قد لا أعود الليلة فلا تقلقي إن تأخرت "

ثم غادر جهة الباب فقلت " جابر "

التفت في صمت فقلت " أخبرني إن كنت

ستنام خارجا ولو برسالة "

هز رأسه بحسنا وغادر ككل يوم لا أسمع سوا خطواته

الثقيلة على أرضية الجناح , رفعت شعري خلف أذني

وأغمضت عيناي بشدة أسترجع كلماته حين قال

( لن يصعب عليا فهمها يا أرجوان )

هل أنا عارية المشاعر أمامه لهذه الدرجة أم هوا

من الذكاء أن يفهم خبايا قلبي مثل عقلي الذي يقلبه

بين يديه كالجريدة , جمعت ثيابه ووضعتها في سلة

الغسيل ثم غادرت لغرفة الفتاتين فوجدت ترف كعادتها

مستيقظة وتتحدث مع نفسها أو مع أشخاص مجهولين

لا افهم فقط ما أعرفه أنها مرحلة مرت بها بيسان أيضا

ودونا عن أمجد , ما أن رأتني حتى مدت يداها لي

فتوجهت نحوها وحملتها من السرير فقالت

" صباح الخير ماما "

قبلت خدها وقلت " صباح الخير يا حبيبة ماما

أنتي متى تستيقظين "

قالت مبتسمة " عندما يقول الله أكبر "

ابتسمت وأنزلتها للأرض ثم أيقظت بيسان ومسحت

لها وجهها بالماء لتركز معي وقلت " ادخلا وتوضئا

سأوقظ أمجد وآتي إليكما "

هزت رأسها بحسنا وترف ركضت قبلها للحمام طبعا

توجهت لغرفة امجد لأوقظه , عليه أن يأخذه معه للمسجد

أمجد ليس صغيرا أنا سأتكفل بإيقاظه ليكون جاهزا وقت

خروجه المشكلة انه اغلب الأحيان يخرج قبل الصلاة

بقليل يصلي ويغادر من هناك من فوره ولا رجال هنا

غيره سأتحدث مع معتصم حين يكون هنا يأخذه معه

أو حتى عمه منصور فمنزله ليس بعيد أبدا , كما أنه

عليا زيارتهم فكل مرة أأجل الأمر حتى أصبح مظهري

سخيفا جدا أمامهم , وصلت غرفته وأيقظته وبدا يومي

بروتينه المعتاد صلينا وتناولنا الإفطار وغيروا ملابسهم

ليذهبوا للمدرسة , سيفقدون حتى هذا المتنفس الوحيد

ولن يبقى لهم سوا أبناء عم جابر أطفال يلعبون معهم بل

أشكالا غريبة عمن يرون هنا , دخلت سيلا وقالت بابتسامة

عريضة " السيد جابر زارنا في المطبخ قبل أن يغادر "

نظرت لها بصدمة وقلت " وماذا حدث "
ضحكت وقالت " قال لا أحد يصعد للطابق هنا غيري

إلا من تطلبين منه أنتي الصعود أو هوا "

ثم قالت مبتسمة " وقال لا نهارا ولا أواخر الليل لأن

من سيخالفني سيموت على يدي , ولو رأيت وجه خادمة

السيدة الكبيرة كيف أصبح من الخوف "

ابتسمت ابتسامة انتصار لقد ربحت الجولة وستصاب

والدته اليوم بالحمى
*
*
" بتول تكلمي معي أنا ما ذنبي فيما حدث "

وقفت وغادرت السرير وتركتها , ذنبك طبعا انك

وافقت زوجك فيما فعل , لبست حجابي وعباءة فوق

فستاني القطني القصير وخرجت من الغرفة ومن

منزلنا لقصر عائلة عمي , جابر هذا لن أجد فرصة

لأراه أعان الله زوجته عليه لا أعرف كيف لم تترك

له أطفاله وتهرب , لذلك لا حل أمامي سواها لتتحدث

معه فمؤكد تراه ولو ليلا , دخلت القصر على دخول

سيارة معتصم بعدي , لا أعلم هذا المخلوق من يخبره

أني هنا , دخلت راكضة كي لا يدركني وصعدت من

فوري حتى وصلت غرف الأطفال ووجدت أرجوان

خارجة من أحدها فأمسكت يدها وقلت وأنا أسحبها معي

" بسرعة نذهب لجناحك لدي ما أود التحدث معك فيه "

كانت تركض معي غير مستوعبة ما يحدث حتى دخلنا

جناحها وأغلقته خلفنا بالمفتاح فقالت بحيرة ونفسها يلهث

" بتول قطعتي لي تنفسي من هذا الذي يركض خلفك "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " زوجك هذا

لا اعرف كيف تستحملينه متى ترينه بالله عليك "

نظرت لي بصدمة ثم ضحكت كثيرا وقالت " صدقي أني

لا أراه إلا ليلا ومرة بالمصادفة في منتصف النهار "

هززت رأسي وقلت " أهربي وأنفذي بجلدك ما

هذه الحياة التي تعيشينها "

قالت مبتسمة " هذا قدري ونصيبي ما سأفعل "

رميت يدي أمام وجهها وقلت ببرود

" في النهاية هوا أفضل من غيره "

قالت مبتسمة " هل ستخبرينني الآن ما جاء بك راكضة "

قلت " لدي كلام أود أن تنقليه لزوجك المختفي عن الأنظار "

قالت بعد ضحكة " حسنا لكن قد لا يأتي حتى الغد "

جلست على الأريكة وقلت بتذمر

" أرجوان بالله عليك تجدي حلا لحياتك هذه "

جلست مقابلة لي وقالت مبتسمة " أخبريني بما

تريدين إيصاله له وما أن يأتي سأخبره "

قلت باختصار " يطلقني منه "

نظرت لي بصدمة وقالت " هل أنتي زوجة جابر "

ضحكت وآخر ما كنت أفكر فيه الضحك وقلت

" لو كان زوجي ما تركته لك "

قالت بحيرة " يطلقك ممن وحد علمي

أنك غير متزوجة "

قلت بأسى " وأنا كنت أضن ذلك لكنهم غدروا بي

وزوجوني من غير علمي وعلى هذه المهزلة أن

تنتهي وأن يطلقني منه فورا فوحده يقدر على هذا "

بقيت تنظر لي بعدم فهم فقلت " قولي له فقط بتول قالت

لك كن عادلا وقف في صفي وطلقني منه لأني لا

أريده وهوا سيفهم ما أقول "

تنهدت وقالت " حسنا رغم أني لا أفهم شيئا ولكن

لا يحق لي السؤال عما لا يعنيني سأوصل

رسالتك له ما أن يأتي "

وقفت وقلت " وهذا ما أريده ولا تخبري أحد

غيره بما دار بيننا اتفقنا "

قالت " لا تخافي لن يعلم أحد لكن لما وقفتي أجلسي "

قلت مغادرة جهة الباب " عليا العودة للمنزل

أراك في وقت آخر "

فتحت الباب ورأيت معتصم يعبر الممر موليا ظهره لي

فعدت للداخل وأغلقت الباب ونظرت لها وقلت

" يبحث عني "

قالت باستغراب " من هذا الذي يبحث عنك "

قلت بهمس " معتصم "

بقيت تنظر لي مصدومة ثم وقفت وقالت وهي تتوجه

لغرفة في الجناح " لو افهم شيئا واحدا مما يجري معك "

خرجت من الغرفة ترتدي حجابا فقلت لها " أخرجي

وانظري أين هوا الآن ولا تخبريه أني في جناحك "

ضحكت وقالت " ماذا فعلت له تهربين منه هكذا "

قلت بضيق " قولي هوا ما فعل لي وليس أنا "

قالت باستغراب " غريب معتصم مهذب كثيرا وشاب

رائع لا أتخيل أنه يؤذي أحدا "

قلت باشمئزاز " هذا لأنك لا تعرفينه جيدا "

خرجت وعادت بعد وقت وقالت " لم أجده وسيارته

ليست في الأسفل يبدوا غادر "

فتحت الباب وقلت مغادرة " شكرا لك يا

أرجوان ولا تنسي ما أوصيتك به "

خرجت من عندها ونزلت وخرجت من القصر أسير

بسرعة حتى دخلت منزلنا وتنفست بارتياح , جيد يبدوا

كان مستعجلا وإلا ما تركني قبل أن يعكر مزاجي السيئ

صعدت لغرفتي ونزعت العباءة والحجاب في السلالم

ودخلت لها لأفاجأ به جالس على سريري مادا ساقيه

ويداه خلف رأسه ينتظرني هنا فاستدرت لأخرج وما أن

خطوت خطوتين حتى شعرت بيده تمسك ذراعي بقوة

وسحبني منها للداخل فلم أتحدث ولم أقاومه , أغلق الباب

الذي كسره سابقا وسار بي حتى الأريكة وأجلسني وجلس

بجانبي وقال بهدوء " أرى أن الوقت أصبح مناسبا لنتحدث "

لم أتكلم ولم انظر له فقال " بتول لا احد تجاهلك ولم يفكر

في مستقبلك أنا لم أكن أنوي إخبارك بالأمر حتى أكمل

دراستي وتكملين أنتي أيضا دراستك على الأقل تصلين

لمنتصف المرحلة الجامعية لكنك يومها أفقدتني

أعصابي وقلت ما قلت "

لم أتكلم وبقيت على صمتي وعلى حالي فأمسك

وجهي من ذقني وأداره ناحيته وقال " بتول تكلمي "

أبعدت وجهي عنه بقوة ولم أتحدث فوقف وتحرك حتى

أصبح أمامي ونزل مستندا بساقيه ليصبح مقابلا لي ثم

أمسك وجهي بكلتا يديه ورفعه له وقال

" دعينا نتفاهم على بعض الأمور يا بتول "

بقيت أنظر لعينيه بجمود مصرة على الصمت فتنهد

وقال " هل تصدقي لو أخبرتك أني اشتقت لصوتك "

لم أستطع منع دموعي من النزول لأن أول ما جاء

في بالي سخريته الدائمة من طريقة كلامي وصوتي

مسح لي دموعي وقال بهدوء " بتول لا تختبري

أهميتك عندي لأنك لم ولن تفهميها يوما "

بقيت أنظر لعينيه بحيرة فقبل شفتاي قبلة صغيرة

جعلتني ابتعد بشهقة مصدومة ووقف وتوجه نحو

الباب فتحه ووقف وقال " بما أنك علمتِ بأمر زواجنا

فلم يعد من داعي ليعيش كل واحد منا في مكان "

وغادر وتركني بتنفس قد توقف من الصدمة
*
*
نظرت ناحية صالون الضيوف بدهن شارد وأنا جالس

وسط المكان ثم انتقلت به لستائر الصالة فوضع

يده على كتفي وقال " أين وصلت بك الأفكار "

مررت أصابعي في شعري لتتساقط خصلاته تحتضن

جبيني وقلت " أفكر فيما سأجدده في الشقة "

ضحك وقال " يا عيني عرسان جدد وتجديد

وصديق مطرود للخارج ليس له إلا الشارع "

قلت بسخرية " قد أصبح مطرودا مثلك قريبا فلا

تنسني في مكان وخبز وماء "

جلس بجواري وقال بهدوء " رضا لا اعلم كيف تفكر

تكتب لها كل ما تملكه وأنت تعلم بنواياها "

اتكأت للخلف وقلت ونظري للسقف " لم اصدق يوما أن

تنزاح جميع العوائق وتصير لي وأكبرهم والدتها فلن

أدع الفرصة تفوتني , أنت لا تعلم معنى العشق يا فواز

لا تعلم معنى أن يحتل أحدهم قلبك ويسري في عروقك

لسنوات فكلمة أني أحبها لا تفي مشاعري حقها أبدا "

تنهد وقال " اللهم عافني من مرض العشق فأنت تعلم

بحالي ليس لدي لا شقة ولا سيارة جديدة وكتاب

ورصيد في المصرف لأقدمه لها "

ضحكت وقلت " بل الحب أجمل ما في الوجود

يا أحمق هوا شعور لا يقدره إلا العاشقون "

وقف وقال بضيق " نعم نعم ذكر نفسك يوم تزوجت

حبيبتك بغيرك وما حدث معك ولا تنسى كم قاسيت

بعدها وما سيأتيك منها ولا تنسى أنها امرأة مجروحة

والمرأة حين تُجرح تتحول للبوه بأنياب ومخالب لا

ترى سوا فريستها "

نظرت للأرض وقلت ببرود " إما أن تعود لي زهور

التي أعرفها أو تأخذ بحقها مني ونتصافى ويرتاح

ضميري وفي الحالتين أنا اعد نفسي الكاسب "

هز رأسه بيأس وقال " أتمنى الأولى لأن الثانية سترجعك

لحالتك تلك التي لم يخرجك منها سوا خبر طلاقها الذي

من حضنا السيئ وصلنا متأخرا جدا لأننا كنا خارج البلاد "

ثم قال متوجها جهة باب الشقة " الصالون

الجديد هدية مني لك "

وفتح الباب وخرج وأغلقه خلفه فأخرجت هاتفي من

جيبي واتصلت بجابر كثيرا وعلى حاله لا يجيب , لو

أمسكه بين يداي أكسر له رأسه , كتبت له رسالة فيها

( غدا سأكون عند عمك منصور وستزوجني بها

أو فعلت ما لا يعجبك ) وأرسلتها له
*
*
" ماما انظري لسيلا إنها تغش "

نظرت لها فابتسمت ابتسامة صفراء وهزت رأسها

بلا فقالت بيسان وهي تشير لها بإصبعها

" بلى تغشي رأيتك تنظرين لورقة أمجد "

نظر لها أمجد بصدمة وابتعد زاحفا بورقته فنظرت

لها وقلت ببرود " سيلا صفر "

تذمرت رافضة على ضحك بيسان وأمجد عليها

ثم وقفت وقالت " أذهب لأكمل أعمالي أفضل لي "

وتابعت وهي تخرج " ما يدريني أنا أين

ولد الرسول ومتى المهم أنه ولد "

ثم غادرت الغرفة ونظري يتبعها مبتسمة ثم نظرت

للتي تغني وتكتب في ورقتها منذ وقت ولا تعلم مما

يجري حولها شيئا وقلت " ترف أرني ماذا كتبتي "

خبئت الورقة خلف ظهرها وقالت " لا ماما لم أنتهي بعد "

ابتسمت وقلت " حسنا أكملي رغم أني متأكدة

من أنك ترسمين في الورقة "

رن حينها هاتفي نظرت للمتصل فكانت سوسن

فوقفت وقلت " سأذهب قليلا وأعود لكم ولا

أحد يغش كي لا يأخذ صفرا "

قالت ترف بمرح " أنا أنا أراقبهما "

قلت ضاحكة " نعم فأنتي لا تفلحين إلا في هذا "

خرجت من عندهم وتوجهت لجناحي دخلت غرفتي

وجلست على السرير واتصلت بها فأجابت قائلة

" إن لم أتذكرك أنا لا تذكرينني أبدا يا ناكرة العشرة "

اتكأت على إحدى الوسائد وضحكت وقلت

" كما تعلمين وقتي مفتوح لكن أنتي لا أعلم متى يكون

الوقت مناسبا لديك لأتحدث معك ولا تنسي أني في كل

مرة أقطع اتصالك وأتصل بك أنا "

قالت ببرود " أنتي زوجة اللواء وليس أنا وماله

مفتوح لك لا يحاسبك عليه أحد فمن يتصل بمن يا

بخيلة وتسكنين قصرا ويخدمك الخدم وزوجك طوال

اليوم يركض خلف الجرائم فمن لديه وقت أنا أم أنتي "

قلت ضاحكة وأنا ألعب بخصلات من شعري

" حسنا وأنا لم أعترض ما بك اليوم تفرغين غضبك بي "

ضحكت وقالت " أحسدك ليس إلا فمنذ رأيت زوجك

في أخبار البارحة وأنا أموت منك حسدا كلما

تخيلت أنه زوجك وتنامين في حضنه "

قلت بضيق " سوسن الله أكبر من عينك , إن

حدث له شيء اليوم لن ينقدك مني أحد "

قالت بدهشة " الله أكبر عليك أنتي منذ متى

كل هذا الخوف عليه "

تنهدت وقلت " مصير لا مفر لي منه "

ضحكت وقالت " نعم يا سيدة الحظ السعيد أحبيه

كما تشائين لأنه يستحق "

نظرت لصورته على الجدار وحضنت الوسادة تحتي

وقلت بحيرة " لا أعلم كيف أتصرف يا سوسن أنتي

تعلمين أن الحب ضعف والمتسلح به خاسر في النهاية "

قالت مباشرة " بالعكس هوا من يتمسك ويناضل للرمق

الأخير وهذا زوجك وأنتي لم تقترفي عيبا ولا حراما "

قلت بحزن " إن لم أجعله يبادلني ذات الشعور لن أكسب شيئا "

قالت من فورها " هذا شيء لا يمكن انتزاعه بالقوة انظري

لنفسك هل أجبرك هوا على ذلك "

قلت بضيق " هذا لأننا نحن النساء غبيات نذوب

من أشياء أقل حتى من الكلام "

ضحكت وقالت " تبدوا حالتك حرجة جدا فحاذري من

أن تكشفي له مشاعرك قبل أن تستحوذي عليه "

قلت بقلة حيلة " أنتي تهذين يا سوسن هوا يقلبني

كالكتاب أمامه فماذا سأخفي وما سأكشف "

قالت بضيق " بل أنتي السبب , ماذا سيكون مثلا

جني يعلم ما في نفسك "

قلت بضيق مماثل " نعم الكلام سهل لأن التطبيق لم

تجربيه , أنا لم أكشف له شيئا أنتي لا تعلمي الأسئلة

الملتوية التي يحاصرني بها فلم أجد سوا الصمت

مهربا وكل ظني كان أنه لا يقرأه وعندما لمّحت للأمر

فقط قال بكل صراحة أنه لم يعجز أبدا عن فهم دواخلي "

ضحكت كثيرا فقلت بضيق " نعم اضحكي هذا من كنتي

تقولين أنه رجل كباقي الرجال وأنه يمكنني ترويضه وسحبه

ناحيتي ووو وفي النهاية انقلب السحر على الساحر "

قالت بصوت مبتسم " وإن يكن علم هذا زوجك يا مغفلة

أنتي فقط ابقي على طريقتك ولا تفسدي الأمر بأن تضعفي

فقط لأنه يعلم ما في قلبك , استمدي القوة أمامه من هذه

النقطة وليس الضعف "
قلت ببرود " لا حل أمامي غير هذه الخرافات التي

قرأناها سابقا فإما أن تنجح أو تفسد كل شيء "

قالت بعد ضحكة " ماذا عن موضوع الحمل هل فتحه مجددا "

قلت بذعر " اسكتي كدت أموت يومها من الخوف

هذا الرجل أشك أنه يقرأ الأفكار بسهولة "

ضحكت وقالت " أخبرتك منذ البداية أن لا

تتلاعبي في هذا الأمر "

قلت ببرود " لن يكون هناك أطفال قبل أن

أعرف أين أنا هنا "

قالت بهدوء " لا تنسي أنه قد يأخذك لطبيبة

وستكتشف بسهولة أنك تأخذين موانع للحمل "

قلت بهمس " وقتها لكل حادث حديث وداعا الآن يا سوسن "

لأني سمعت باب الجناح انفتح دون أن يطرق عليه

أحد وقفزت خارج السرير بذعر حين انغلق بابه بقوة

صدعت الجدران , غريب ما سيأتي بجابر الآن !!

وما به غاضب هكذا , توجهت نحو باب الغرفة وفتحته

لأجد والدته في ردهة الجناح مكتفة يداها لصدرها

وتنظر لي بجمود

نهاية الفصل



Msamo likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 06-07-15, 01:19 AM   #69

dreamamira

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية dreamamira

? العضوٌ??? » 237046
?  التسِجيلٌ » Apr 2012
? مشَارَ?اتْي » 586
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » dreamamira has a reputation beyond reputedreamamira has a reputation beyond reputedreamamira has a reputation beyond reputedreamamira has a reputation beyond reputedreamamira has a reputation beyond reputedreamamira has a reputation beyond reputedreamamira has a reputation beyond reputedreamamira has a reputation beyond reputedreamamira has a reputation beyond reputedreamamira has a reputation beyond reputedreamamira has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

بصراحه روايه رائعه
اولا احب اشكر الكاتبه علي التزامها معانا في تنزيل البارتات ،،،،،فعلا من الحميل انك تقرا روايه رائعه والكاتبه تكون ملتزمه بمواعيد التجميل لكل بارت ،،،،دا بيعمل راحه في القرايه
ثانيا طبعا الشكر ليكي فيتامين مش بس علي النقل والالتزام في النقل لكل بارت ،،،لكن الشكر الاكبر علي اختيار روايه اقل مايقال عنها انها رووايه رائعه


ارجوان،،،،،استاذه علاقات زوجيه من الدرجه الاولي ،،،،،مشكله لما يعرف جابر عن جبوب منع الحمل ،،،،قلبي لن يتحمل ماسيفعله ببها
جابر،،،،،،،رجل اتحرم سنوات عمره كلها من الحب والحنان لتأتي ارجوان بجرعه حب وحنان وشقاوه وذكاء لتحيل الصحراء الحافه التي يعيش فيها الي حياه بكل معاني الكلمه
نواس وووسن ،،،،نكد النكد وحزن الحزن،،،،،لما تلاقي ناس بتجيب الهم وتشيله عشان هما نكد ،،،دول وسن ونواس
متخيله وسن بدل ارجوان في الحياه ،،،،دي كان زمنها موتتنا نكد وفي الاخر لا كانت هتحل حاجه ولا هتعرف تتصرف في حياتها ،،،،يعني ارجوان وموضوع واحد وهو حبوب منع الحمل وايدنا علي قلبنا من الخوف ،،،دي كانت وسن كرهتنا في الموضوع كله

مصعب ،،،،،قلبي عايز تعيش مع بتول بدل عرفت بموضوع الزواج ،،،،،دي بتول هتقلب الدنيا منتظرين البارت القادم

الروايه رائعه فعلا


dreamamira غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-07-15, 07:05 AM   #70

ام سلطام

? العضوٌ??? » 342240
?  التسِجيلٌ » Apr 2015
? مشَارَ?اتْي » 126
?  نُقآطِيْ » ام سلطام is on a distinguished road
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

ام سلطام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:07 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.