طعنة اب .. قصة باجزاء ..

[سجن المؤمن]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه الفكرة ظلت تراودني منذ شهر ..
أول قصة قصيرة لي سأنزل الجزء الأول
و بقية الأجزاء ستكون إن شاء الله يوميا
شاركوني بآرائكم .. و لا تبخلوا عليّ بتعليقاتكم ..

الجزء الأول :

إنها النهاية .. لو تصورت أسوء مشهد في حياتي لما تصورته بهاته القسوة و البشاعة .. فهو يبقى والدي رغم أنه قسا و جفا على وطني الحنون هذا الذي أعرفه أما تعذيبه و كرهه لأمي فهذا أمر قد عرفته لاحقا فهي توفيت و أنا عمري عامان.
كان أبي عميلا لصهاينة فقد خان فلسطين .. خان الثرى الطاهر .. خان القدس الشريف ..كان نديما لأعداء الإنسانية ..لأرباب القسوة و الفظاعة .هاهو والدي يقابلني بجانبه ذاك الضابط الصهيوني الحامل لمسدس موجه لي و لي إلياس.. هذا الضابط الذي سلمني أبي له عن طيب خاطر مدّع أنه زوجي و أن علي أن أنجب منه أطفالا يحملون مشعل إبادة الشعب الفلسطيني .. يحملون مشعل تقسيم المسجد الأقصى .
و كانت هناك يد تحيط خصري و تساندني ..كانت يد حبيب الروح و العمر ..يد قدوتي..و شريكي في المبادئ و في حلم تحرير أرض الأنبياء .. كان يشجعني و يطمئنني عن طريق عيناه السوداوان اللتان تلمعان ذكاءً و شجاعة و حزما ..عادت بي ذاكرتي للقاء الأول معه .
تقابلنا في جامعة القدس المفتوحة .. اصطدمت به فتعلق الصليب الذي يحيط رقبتي بزر قميصه ..ففك الأمر بسرعة و سهولة كأنه نفر من الاصطدام الذي كان بيننا استفزني الأمر كثيرا عرفت أنه مسلم كان لدي العديد من الأصدقاء المسلمين و لم يكن بيني و بينهم أي مشكلة في التعامل.
جذبني هو ببساطة فأردت أن أثيره فبادرته بلهجة تنم عن ازدراء و استغراب :
" لا تقل لي أنك تظن أني اصطدمت بك عن عمد .. " ثم أضفت ضاحكة باستهزاء :" كجميع المسلمين تحتقروننا نحن النساء و تدعون أن ما يشغلنا الإيقاع بكم فقط "
ظهرت على شفتيه ابتسامة خفيفة :" لو لم أكن أعرف أن لديكِ العديد من الأصدقاء المسلمين لظننتك عنصرية "
رفعت حاجبي في تعجب : " أتراقبني..؟! "
" لا إنما..أعرفك كما يعرفك جميع الطلاب فأنت شاعرة الجامعة فكم استمتعنا بقراءة قصائدك التي تُنشر في مجلة الجامعة، كما أن أختي من معارفك فهي معكِ في الدفعة "
أجابته بفضول : " ما اسمها .."
" أسيل النحاس "
" آه .. طبعا عرفتها فهي الأولى على الدفعة ..الفتاة المحجبة المبتسمة الطيبة العاقلة التي تساعد الجميع "
رد عليها و في صوته نبرة فخر :
" نعم تلك هي أختي الصغيرة "
حسدتها في قرارة نفسي على الحب الذي يكنه هذا الرجل إليها .. و قررت في قرارة نفسي أن أتقرب إليها أكثر فأنا في شوق لمعرفة هذا الشخص عن قرب.
حييته مودعة .. ثم توجهت لصالة محاضرتي القادمة .
.................................................. .........................
عدت من الجامعة و دخلت لمنزلي الفخم الذي أقطنه مع والدي .. أما عن أمي فهي متوفاة منذ ثمانية عشر سنة ..وجدت أبي جالسا على المقعد في غرفة الجلوس .. فغمرت وجهي في حضنه الدافئ كعادتي مقبلة إياه على جبينه فهو كان شيء بالنسبة لي . أجلسني على حجره و سألني:
" كيف كان الاختبار "
" كان سهلا .. لا تخف على ابنتك " ثم نزعت الصليب من رقبتي و قلت : " خذه يا أبي فأنا لا أحب أن يطوق رقبتي فأنا أحب دائما أن أتحرر من أي قيود دينية و لولا إصرارك على أن أرتديه عند أداء أي اختبار ما كنت ارتديته "
" يا ابنتي عليك أن تكوني معتزة بدينك.. فأنت على الحق ما دمت متبعة لليسوع "
" لا أحب التركيز في قضية الأديان فدائما الحمية الدينية هي من تسبب الحروب، أنا مؤمنة أن الأهمية الكبرى تكمن في الروح لا في الأشياء المادية كالصليب و الحجاب كما أن جميع الديانات موصلة لرب "
: " غير أن المسلمين يعتبرون أنفسهم هم الصواب و الجميع مخطئون "
" و لما أهتم بالأمر فليعتقدوا ما يشاءوا .. كما أؤمن أنا بما أشاء "
قرصني من خدي و قال :
" آه منك أيتها الشقية و هل أستطيع مجارتك "
توجهت لغرفتي مفكرة في أبناء جيراننا الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي لنضالهم ضد المحتل.
لقد تداول بين الجيران أنهم قد اقتحموا منزلهم و مزقوا أوراقا هامة تدين الصهاينة..و في جنازتهم كررت أمهم أن السبب في قتل أبناءها واش فهذا ما سمعته من الضابط الإسرائيلي لما قتل أبناءها فقد تشدق قائلا : " لنا جنود في كل مكان فلن تقضوا على دولة اسرائيل

[سجن المؤمن]

الجزء الثاني


بعد أسبوع :
عرفت أن اسمه إلياس لما سمعت أخته تتحدث عنه بحب فهو أخوها الوحيد .
كانت لدي اللّيلة أمسية شعرية سألقي فيها آخر قصيدة قد نظمتها , هناك التقيته ترافقه أخته أسيل حيتني بطريقتها اللطيفة التي تتميز بها فهي عكسي تماما فبينما هي رقيقة الطبع أنا غليظة بعض الشيء ..هي مجاملة و أنا صريحة ..هي هادئة و أنا صاخبة غير أن الأيام أثبتت أن الصداقات المتينة تتكون أيضا بين الأضداد .
صعدت على المنصة لإلقاء القصيدة التي كانت ساخرة مريرة فذاك هو التيار الذي اتخذته في شعري أما عن محتوها فكانت تنقد مجتمعنا , تفرفنا و تشتتنا , مساعينا الهزيلة في تحرير الوطن .
صفق لي الجميع و اعتبروها أحلى قصيدة لي غير أني كنت أصبو لإعجاب شخص واحد و انبهاره .. كنت شائقة لسماع ثنائه على قصيدتي فكم تخيلت و أنا ألقيها الجمل التي ستطرب لها أذني لأنها ستخرج من شفيته فمرة أتصور أنه سيقول لي : " أبدعت .. القصيدة رائعة و دقيقة .. لا عجب في ذلك فما هي إلا إنعكاس لجمال روح شاعرتها " و مرة أقول أنه على الأغلب سيكتفي بتلك الإبتسامة الجميلة التي تحمل نقاوة الطل و مكر الثعالب فالإبتسامة انعكاس لروح صاحبها غير أني كنت أمني نفسي أنه سيضيف على ذلك : " قصيدة بديعة .. لقد استمتعت " و لكن ردة فعلى كانت مغايرة قلقد قابلني بإنزواء في الحاجبان و غضب قرأته في المقلتان و مرارة استشعرتها في زمه لفمه .. و لم تكن هذه الأمور تجعلني أتراجع عن انجذابي و اعجابي له بل هي حفزتني على المواجهة فتسللت من الأشخاص الذين أحاطوني بإعجابهم و مدحهم متوجهة له بعد أن رأيته هو أخته في ركن قصيٍ يتحدثان فأقبلت عليهما و خاطبتهما في بشاشة :
" لماذا تنئيان بنفسيكما عن بقية الطلاب فنحن مجتمعون مع بعضنا نتناقش و نتحاور و نتشارك الآراء "
" أحرى بكِ أن تقولي أننا نتجامل .. "
" ماذا تقصد "
ردت أسيل : " لا يقصد شيئا " و أضافت بسرعة : " نسيت أن أخبركِ برأي حول قصيدتك .. لقد كانت من أروع ما سمعت "
" شكرا لكِ عزيزتي .. غير أنك للأسف لم تنسيني كلام أخيك المبطن لذلك فليوضح "
" تريدين الوضوح حسنا .. بالنسبة لي من أشاد بقصيدتك ماهو إلا مجامل لا أنكر أني أعجبت بقصائدك التي قرأتها غير أن انتقادك للمجتمع و تعديد الأخطاء في هذه القصيدة مفتعل و متصنع لم توصلي لنا حرارة مشاعرك .. فعلى الشاعرة أن تكون صوتا و انعكاسا لآمال و آلام و خيبات شعبها لا أن تنغمس في مثل هذه السخرية عليك أن تعبري عن الأمل في تحرير الأرض المباركة .. أن تُذكري بالشهداء الذين سقطوا في سبيل وطننا العزيز ..أحسست أنيالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أسمع قصيدة لصهيونية تسخر منا لا لفلسطينية تحلم باليوم الذي ترى فيه فلسطين حرة أبية ..أنت اتخذت تيار الثورة لأنه الدارج الآن فكأن شعرك لشهرة لا لنصرة وطنك عن طريق قلمك "
رسمت ملامح اللامبالاة على وجهي رغم أني أنزف ألما و حزنا و كمدا على هذا النقد الاذع لقصيدة أردت
بها توعية شعبي و إيقاضهم من غفوتهم :
" لن تكون أفقه قي الشعر من أساتذة اللغة العربية الذين أشادوا على قصيدتي , فمن المؤكد أنك كنت تريد أن تكون شاعرا غير أنك لم تفلح في نظم بيت واحد و ها أنت تريد احباط المبدعين من أمثالي ."

[um soso]

صباح الخيرات
عزيزتي عدلت لك المشاركتين
بدلت الجزء الاول ووضعت مكانه الجزء المنقح
وجعلت الجزء الثاني لوحده
حتى لايكون هناك تكرار بالاجزاء

[سجن المؤمن]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso

صباح الخيرات
عزيزتي عدلت لك المشاركتين
بدلت الجزء الاول ووضعت مكانه الجزء المنقح
وجعلت الجزء الثاني لوحده
حتى لايكون هناك تكرار بالاجزاء

بوركت ..
إذا أمكن تغيبر العنوان
فبصبح : طعنة أب

[سجن المؤمن]

الجزء الثالث :

ما إن أنهيت ردي حتى أقبل عليّ أستاذي الأثير رغم أن كثيرا من الطلاب يبغضونه لصراحته الفجة و عدم مجاملته.
تكلم قائلا :
" ما شاء الله التقيت بإلياس ،لا شك انكم وجدتم العديد من النقاط المشتركة "
نظرت إليه باستغراب: " لا تقولي لي أنك لم تقل لها أنكما تتشاركان الموهبة نفسها .. كان عليّ أن أعرف أنك للآن لست واثق بجودة شعرك لي تتحدث عنه " ثم وجه كلامه لي و تكلم بصراحته المعتادة: " إن إلياس صاحب موهبة فذة في الشعر و إذا نشره فأنا متأكد أنه سيتفوق عليك "
كلام الأستاذ هادي خيب أملي و فاجئني فهو شاعر أيضا غير أنه حفز فيّ روح التحدي لذلك قلت له : " لما لا نقدم لك بعد أسبوع قصيدة لك و أنت تحكم بيننا ، إلا إن كان إلياس خائفا من مواجهة شاعرة الجامعة "
" وافق يا إلياس أنت تعرفني أهوى التحديات بين الطلبة ، تعيدني لأيام الشباب "
رد إلياس بثقة : "موافق أستاذي .. وسنرى من يفوز. "
طوال الأسبوع كانت تشغلني القصيدة و أردت أن أبرز فيها أسلوبي النقدي الساخر .. فأنا أريد أن أضرب عصفورين بحجر واحد فبالإضافة للفوز أردت أن أبين تميز أسلوبي و أنه الأصلح لإصلاح أنفسنا و في الأخير نجحت في نظم قصيدة رأيتها بديعة تسخر من ضعفنا و شتاتنا و تفرقنا و تبين أن مقومات النصر و التحرر لا نمتلكها و تماديت في السخرية بأن قلت أننا لن نمتلكها " .
توطدت علاقتي مع أسيل خلال هذه الأيام السبع فصحيح أن طباعنا مختلفة و لكننا نتشابه في العديد من النقاط ، فانا كثيرا ما بحثت عن صديقة مقربة لا تهتم بتافهات الماكياج و الموضة ، كما أنها كانت متفتحة على النقاش.. تقبل الرأي الآخر مادام خال من الشتم و السب و هي أيضا لا تسعى لفرض دينها عليّ و ما كانت تسمعني تلك الجمل التي تغضبني :" مسكينة .. لو كنت مسلمة لكان أفضل" "نحن على حق و أنت على باطل "
كان اليوم موعد اجتماعنا مع الأستاذ هادي الذي سيخبرنا بالقصيدة الفائزة فقد أرسلت البارحة ما نظمته حسب طلبه و اليوم موعد إعلان الفائز .
لما دخلت مكتب الأستاذ وجدته هناك فقلت لهما :
" هل تأخرت "
رد عليّ الأستاذ هادي :
" لم تتأخري " ثم أضاف : " سأدخل مباشرة في التحدث عن ما بعثتما لي : القصيدتان كانتا متميزتان و كانتا متقربتان جدا إلا أن أحدكما تفوق على الأخر في عمق المعنى و في الشاعرية و ما أنتجه اخترق قلبي ، أما عن القصيدة الأخرى فرغم جودتها إلا أن فيها شيئا من التكلف و لم توصل لي إحساس الشاعر و ثورته و فقدانه لأمله "
استشعرت في نقده للقصيدة الخاسرة أنها قصيدتي لكني منيت نفسي أن تكون قصيدته فأنا لا أعلم ما موضوعها لكن لا كل ما يتمناه المرء يدركه فالكلمات التي نطقها السيد هادي أشعلت خيبتي و جعلتني أتذوق مرارة الفشل :
" القصيدة الفائزة هي قصيدة إلياس كانت جميلة لقد أوصلت لي حزن الشاعر على زوجته التي ماتت جراء الرصاص الصهيوني كما أحسست أن موتها جعله يزهد في الدنيا و ما فيها و يجعل عمره في سبيل تحرير فلسطين و الثأر لأميرته الشهيدة و رفقائها من الشهداء "
ما إن سمعت كلامه حتى نظرت إلبهما نظرة عدم تصديق فلقد كنت أرى أن قصيدتي رائعة حتى و لو لم اقرأ ما نظمه هو ، لذلك لم أكن أريد البقاء أكثر للاستماع لخطبة المدح التي تُلقى هنا فغادرت ساخطة.
ما إن عدت لبيتي و ركنت لغرفتي حتى دخلت في نوبة بكاء ، استغربت من نفسي فأنا ما كنت حساسة صحيح اني أحب الفوز و لكن الخسارة أيضا لا تجلب هذا الكم من الأسى ، في داخلي كنت أعرف السبب فما أردت ان أخسر أمامه هو ، كنت خائفة أن يعتبرني فتاة فاشلة لا تستحق انتباهه خاصة و قد تعاملت مع الأمر بطفولة فأنا لم أهنئه على فوزه ، أردت أن أطلب النصيحة من أبي لكني لا أستطيع لأنه ببساطة لا يعرف أن ابنته تكتب الشعر و تنقد الأوضاع فدائما ما أوصاني بأن لا ادخل في مثل هذه النشاطات الطلابية فهو دائما ما كرر أني ابنته الوحيدة و هو يخاف عليّ و كان يردد: " دعي لخلق للخالق " .
بعد عطلة نهاية الأسبوع :
كنت أنا و أسيل نتناول الطعام في الكافتريا و إذ به يقترب لم ألم ألحظه في الأول لكن ما إن رأيته حتى أردت الإختفاء إلا أنه تقدم مني قائلا :
" لماذا غضبت من فوزي .. هذه الصفة ليست جيدة عليك أن تتحلي ببعض الروح الرياضية كما أنه مازالت هناك مسابقة كبيرة سيشرف عليها الأستاذ هادي تجمع الشعراء الشبان الفلسطينيين و سأكون من المشاركين لذلك يمكنك هزيمتي هناك .."
خجلت من نفسي لذلك قلت ل بصوت خفيض نوعا ما : "مبارك عليك فوز قصيدتك "
فابتسم ابتسامة متواضعة و قال : "أنصحك بالإطلاع على القرآن و قراءته فهو سيثري لغتك ، أقترح هذا لأني أحسست أن معجمك مكرر في أغلب قصائدك "
قال هذه الجملة و استئذن مني .

[سجن المؤمن]

الجزء الثالث منقح
+ الجزء الرابع



الجزء الثالث :
ما إن أنهيت ردي عليه حتى أقبل عليّ أستاذي الأثير رغم أن كثيرا من الطلاب يبغضونه لصراحته الفجة و عدم مجاملته.
تكلم قائلا :
" ما شاء الله التقيت بإلياس ،لا شك أنكما وجدتما العديد من النقاط المشتركة "
نظرت إليه باستغراب فأضاف موجها الخطاب له :
: " لا تقول لي أنك لم تقل لها أنكما تتشاركان الموهبة نفسها .. كان عليّ أن أعرف أنك للآن لست واثقا من جودة شعرك لتّحدث عنه " ثم وجه كلامه لي و تكلم بصراحته المعتادة: " إن إلياس صاحب موهبة فذة في الشعر و إذا نشره قد يتفوق عليكِ "
كلام الأستاذ هادي خيب أملي و فاجئني فقد تبين أن إلياس شاعر أيضا ، غير أنه كذلك حفز فيّ روح التحدي لذلك قلت له : " لما لا نعقد مسابقة نرى فيها من الأفضل ، خلال هذا الأسبوع ينظم كل واحد منا قصيدة و نقدمها لك فتحكم بيننا إلا إذ كان إلياس خائفا من مواجهة شاعرة الجامعة "
" وافق يا إلياس أنت تعرفني أهوى التحديات بين الطلبة ، تعيدني لأيام الشباب "
رد إلياس بثقة : "موافق أستاذي .. وسنرى من يفوز. "
طوال الأسبوع كانت تشغلني القصيدة و أردت أن أبرز فيها أسلوبي النقدي الساخر .. فأنا أريد أن أضرب عصفورين بحجر واحد فبالإضافة للفوز أردت أن أبين تميز أسلوبي و أنه الأصلح لإصلاح أنفسنا و في الأخير نجحت في نظم قصيدة رأيتها بديعة تسخر من ضعفنا و شتاتنا و تفرقنا و تبين أن مقومات النصر و التحرر لا نمتلكها و تماديت في السخرية بأن قلت أننا لن نمتلكها أبدا . "
توطدت علاقتي مع أسيل خلال هذه الأيام السبع فصحيح أن طباعنا مختلفة و لكننا نتشابه في العديد من النقاط ، فانا كثيرا ما بحثت عن صديقة مقربة لا تهتم بتافهات الماكياج و الموضة ، كما أنها كانت متفتحة على النقاش.. تقبل الرأي الآخر مادام خال من الشتم و السب و هي أيضا لا تسعى لفرض دينها عليّ و ما كانت تسمعني تلك الجمل التي تغضبني :" مسكينة .. لو كنت مسلمة لكان أفضل" ، "نحن على حق و أنت على باطل "
كان اليوم موعد اجتماعنا مع الأستاذ هادي الذي سيخبرنا بالقصيدة الفائزة فقد أرسلنا له البارحة ما نظمنا على بريده الإلكتروني و اليوم موعد إعلان الفائز لما دخلت مكتبه وجدت إلياس هناك فقلت لهما :
" هل تأخرت "
رد عليّ الأستاذ هادي :
" لم تتأخري " ثم أضاف : " سأدخل مباشرة في التحدث عن ما نظمتما : القصيدتان كانتا متميزتان و كانتا متقربتان في المستوى إلا أن واحدة تفوقت على الأخرى في عمق المعنى و في الشاعرية و قد اخترقت قلبي ، أما عن القصيدة الخاسرة فرغم جودتها إلا أن فيها شيئا من التكلف و لم توصل لي إحساس الشاعر و ثورته و فقدانه لأمله "
استشعرت في نقده للقصيدة الخاسرة أنها قصيدتي لكني منيت نفسي أن تكون قصيدته فأنا لا أعلم ما موضوعها لكن لا كل ما يتمناه المرء يدركه فالكلمات التي نطقها السيد هادي أشعلت خيبتي و جعلتني أتذوق مرارة الفشل :
" القصيدة الفائزة هي قصيدة إلياس كانت جميلة لقد أوصلت لي حزن الشاعر على زوجته التي ماتت جراء الرصاص الصهيوني كما أوصلت لي نقمته فقد جعله موتها يزهد في الدنيا و ما فيها و يجعل عمره في سبيل تحرير فلسطين و الثأر لأميرته الشهيدة و رفقائها من الشهداء "
ما إن سمعت كلامه حتى نظرت إليهما نظرة عدم تصديق فلقد كنت أرى أن قصيدتي رائعة حتى و لو لم اقرأ ما نظمه هو ، لذلك لم أكن أريد البقاء أكثر للإستماع لخطبة المدح التي تُلقى هنا فغادرت ساخطة.
ما إن عدت لبيتي و ركنت لغرفتي حتى دخلت في نوبة بكاء ، استغربت من نفسي فأنا ما كنت حساسة صحيح أني أحب الفوز و لكن الخسارة أيضا لا تجلب لي هذا الكم من الأسى ، في داخلي كنت أعرف السبب فأنا ما أردت أن أخسر أمامه ، كنت خائفة أن يعتبرني فتاة فاشلة لا تستحق انتباهه خاصة و قد تعاملت مع الأمر بطفولية فلم أهنئه على فوزه ، أردت أن أطلب النصيحة من أبي لكني لا أستطيع لأنه ببساطة لا يعرف أن ابنته تكتب الشعر و تنقد الأوضاع فدائما ما أوصاني بأن لا ادخل في مثل هذه النشاطات الطلابية فهو دائما ما يكرر أني ابنته الوحيدة و هو يخاف عليّ كما كان يردد: " دعي الخلق للخالق " .
بعد عطلة نهاية الأسبوع :
كنت أنا و أسيل نتناول الطعام في الكافتريا و إذ به يقترب لم ألحظه في الأول لكن ما إن رأيته حتى أردت الإختفاء إلا أنه تقدم مني قائلا :
" لماذا غضبت من فوزي .. هذه الصفة ليست جيدة عليك أن تتحلي ببعض الروح الرياضية كما أنه مازالت هناك مسابقة كبيرة سيشرف عليها الأستاذ هادي تجمع الشعراء الشباب و سأكون من المشاركين لذلك يمكنك هزيمتي هناك .."
خجلت من نفسي لذلك قلت له بصوت خفيض نوعا ما : "مبارك عليك الفوز "
فابتسم ابتسامة متواضعة و قال : "أنصحك بالإطلاع على القرآن و قراءته فهو سيثري لغتك ، أقترح هذا لأني أحسست أن معجمك مكرر في أغلب قصائدك "
قال هذه الجملة و استئذن مني لذهاب لقضاء أموره .

الجزء الرابع :

استمرت صداقتي مع أسيل، بيد أنه لم يدر بيني و بينه حديث بعد ذاك اللقاء الذي نصحني فيه بقراءة القرآن ، كان في سنته الأخيرة و لم تكن أوقات محاضراتي تتناسب مع أوقاته لكنني كنت أستمع بتوق لحديث أخته عنه و عن أخباره.
أشعل فضولي لقراءة القرآن و لتعرف أكثر على الإسلام ، لا أٌقول أني لم أسمع آيات قرآنية في حياتي غير أنها كانت تمر عليّ مرور الكرام فكثيرا ما سمعتهم يقولون " إن الدين عند الله الإسلام " ، " لن ترضى عنك اليهود و لا النصارى حتى تتبع ملتهم " ، " لكم دينكم و لي دين " و آيات أخرى كنت أسمعهم يستشهدون بها .
تخمرت الفكرة في ذهني إلا أن لم أعد أستطيع منع فضولي من قراءته و تأمل آياته، لم يكن يخطر في بالي أن فصاحة كلماته و بديع أسلوبه سيبهرني، و سيذهلني، و سيضرم في داخلي ثورة على عقيدة دائما ما كانت تقنعني.
كان هناك مقطع قرآني قرأته و أثر بي ودمعت له عيني ، كنت أحس أن هذا الكلام ليس كلام بشر كما يدعي الكثير من القساوسة بل هو كلام الحق سبحانه : " و مَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى " و لا أنسى كذلك مقطع قرآني آخر في سورة الشعراء و هو الذي دعاني أكثر لتدبر آيات الفرقان :
" و إِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ بلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ وَ إِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ لَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الأَعْجَمِينَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ "
فكان أن تدبرت آيات القرآن و خاصة تلك الآيات التي تبين بطلان عقيدة المسحيين فلقد خضع عقلي للمنطق و قلبي الذي كان يحس أن الدين عند الله الإسلام كما استكانت جوارحي للأوامر و النواهي الربانية فكلما كنت أواصل القراءة كانت العقيدة التي تربيت عليها تتزلزل " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً " ومقطع آخر أيضا اخترقني بتسلسل أسلوبه و ترابط كلماته: " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ* لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ* أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ* مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ"
كانت هذه للآيات و غيرها قد أوصلتني لحالة يقين و لم يكن الأمر في ليلة و ضحاها خاصة مع عنادي ، فقد كنت خائفة أن يكون تأثري نتيجة مشاعري و عواطفي تجاه إلياس كنت أعرف أني أحبه حبا جارفا فقد جعلني لا أرى غيره رغم أني محاطة بكثير من الشباب الذين يحلمون بالإيقاع بشاعرة الجامعة لكن حبي له كان دائما ما يحول بيني و بينهم .
لذلك ما تسرعت في الدخول للإسلام بل كنت متأنية و خائفة من أبي فأنا أعرف كرهه للمسلمين و كثيرا ما سمعته يكرر : " لولا وطني لما بقيت مع هؤلاء الشرذمة النرجسيين " وما كان الشيطان ليتركني خاصة و أنا قد اقتربت من اعتناق الطريق الحق فقد أضناني بوساوسه فتارة يقول لي إذا أسلمت عليك لبس الحجاب و كيف تستحملين أمرا يقيّد حريتك ، و تارة أخرى يقول لي ألا ترين أن الإسلام هو المصدر للإرهاب ، أولئك المسلمون الذين يقتلون و يذبحون ، ثم أتذكر قول إحدى المسلمات : " تصرف المسلمين لا يمثل الإسلام بل الإسلام ممثل في كتاب الله و سنة نبيه " لكن يُوسوس لي ذاك اللعين مرة أخرى : " أوَ تستطيعين تحمل غضب والدك "
كنت قد وصلت لقرب أواخر العام الدراسي و أنا أعيش حربا ضروسا مع حيرتي و تشتت أفكاري لكن لإيماني بأهمية مواجهة نفسي و الفصل في قضية عقيدتي فأما أن أبقى على ديني الحالي و إما أن أتحول للإسلام لذلك توجهت لرب الكون بدعاء من قلب يرجو معرفة الحق فقلت : " اللهم اهديني للإسلام إن كان هو الدين الحق و باعد بيني و بينه إن كانت جميع الأديان موصلة إليك "
بعد أن أكملت دعائي فتحت جهازي و بينما أنا أتجول بين صفحات الفايسبوك إذ يعنوان شريط فيديو يجذبني " صوت كأنه آت من السماء فشغلته و وضعت السماعات في أذني و إذ بي أسمع سورة القمر رحت أتدبر الكلمات و الآيات ذات
القافية الموحدة.. يكيت لأنها كانت تحذيرا واضحا لي و أمرا ربانيا بإلإيمان و اعتناق الإسلام فكيف يزعم البعض أن هذا الكلام ليس بكلام العليم الخبير .. !

[Alaa_ahmad]

قصة رائعة
ننتظر التتمة

[سجن المؤمن]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة alaa_ahmad

قصة رائعة
ننتظر التتمة

إن شاء الله سأنزل غدا الجزء الجديد