آخر 10 مشاركات
فجر يلوح بمشكاة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          311 - لن ينتهي الرحيل - الكسندرا سكوت (الكاتـب : سيرينا - )           »          غريب الروح * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Heba aly g - )           »          ودواهم العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : emy33 - )           »          423 - امرأة من دخان - سارة مورغن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          إمرأة الذئب (23) للكاتبة Karen Whiddon .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ضلع قاصر *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : أنشودة الندى - )           »          وحدها تراني (19) من سلسلة لا تعشقي أسمراً للكاتبة المبدعة: Hebat Allah (كاملة&مميزة) (الكاتـب : Hebat Allah - )           »          نقطة، و سطر قديم!! (1) *مميزه و مكتملة*.. سلسلة حكايات في سطور (الكاتـب : eman nassar - )           »          بين نبضة قلب و أخرى *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > قسم ارشيف الروايات المنقولة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-09-15, 08:59 PM   #11

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل التاسع




بعد ساعات من انقضاء الليل الموحش .. تعود شمس حكاتنا للشروق من خلف التلال والجبال الشاهقة التي تلامس سطوحها عنان السماء لترسل اشعتها الذهبية و التي تخترق كافة الطرقات .. الوديان ،، السهول .. والهضاب.. المحيطات والبحار.... معلنة عن قدوم نهار يوم جديد مليء بالحب والنشاط .. العمل والكد.. الألم والحزن.. الأمل والتفاؤل .. الجد والمثابرة ..

كان نهاراً مشرقاً جميلاً كالعادة في هذا الجو الربيعي الجميل.. تضج فيه اصوات المدينة الصاخبة بسياراتها وسكانها لتمتزج اصواتهم مع زقزقة العصافير و صوت الرياح الخفيفة التي تلفح اوراق الشجر الخضراء اليانعة ليصبح ذلك المزيج صوتاً موسيقياً رائعا... كمعزوفة البيانو التي تطرب لها الأنفس ويهدأ لها الوجدان..
كانت تسير بخطى واثقة مرتدية بنطالاً من الجينز الأزرق بحمالات مع قميص أحمر داكن اللون لترفع خصلات شعرها الذي يتطاير مع كل نسمة هواء محملة بالاتربة والغبار في هذا الحي القديم الذي يفتقر النظافة والحيوية.. وتطرق بأناملها المرتجفة باباً كبيراً في السن.. قد مر عليه زمن وهو على هذا الحال.. وكأنها للمرة الاولى التي تأتي بها الى هنا.. ولبضع ثوانٍ ظلت تنتظر الى ان فتح الباب ليطل من خلفه وجهه البشوش وترحيبه الحار بهاا..
"اهلا بريم .. واناا اقول لماذا اليوم مشرق.."
قالت بغرور مصطنع وهي تدلف "بالتأكيد لأن ريم أنارت هذا الحي.."
ابتسم لها وهو يحثها على المسير وقال بسخرية " تفضلي بالجلوس ياا شمعة تضيء بيتنا.. "
لوت شفتيها بضيق ثم قالت بحزن مصطنع "اذا كان هذا جزائي لأنني اشتقت اليك واتيت ..."
قاطعها وهو يقول " بعد ان اصبحتِ حبيبتي تتدلين علي.. "
تلون وجهها بلون الأزهار الحمراء من شدة الخجل وهي تراه يبتسم لها بحناان .. وشعرت بحرارة تسري في جسدها وكأن أحدهم اشعل مدفأة بقربها وارتباكها الذي لاحظه ليبتعد عنها .. فقالت هي لتذهب هذا الجو الشاعري وتخفف من ضربات قلبها التي تزيد بجانبه "ما أحوالكم.. وكيف هي والدتك؟!"
اجابها بابتسامة "بخير.. "
نظرت اليه لوهلة ثم تسائلت "وكيف يسير عملك ؟!"
"دعيني اقوم بواجب الضيافة اولاً ثم تستكملين عملك كمحققة" قالها وهو يغمز لها متوجها الى حيث المطبخ.. اما هي فأخذت عيونها تتفحص هذا المكان كان اشبه بسرداب صغير.. جدران متآكلة.. وارضية متشققة.. بيت قديم لا يوجد معنى للحياة به.. تملأه الرطوبة و بعضاً من الأتربة والغبار. اخذت نفساً عميقاً محملاً ببعض من ذرات الغبار الصغيرة وهي تفرق بين منزلها الذي يتكون من ثلاث أدوار.. تملأه الثريات والتماثيل والتحف بشتى الأحجام و الأشكال.. تحيط به من جوانبه الاربع حديقة كبيرة مليئة بالأشجار والازهار والأعشاب الخصراء وبين هذا المنزل الذي يتألف من حجرتين وصالة صغيرة لا يوجد بها الا هذه الاريكة القديمة البالية.. يحيط به اشباهه من المنازل وحجاراً صغيرة..
رسمت على وجهها ابتسامة عندما ظهر أمامها رائد يحمل كوبين من عصير البرتقال الطازج..
"تفضلي ياا أميرتي.."
أخذت الكوب من يده لترتشف رشفة صغيرة بارتباك..
"اذا تستطيعين الآن استكمال التحقيق ايتها الشرطية.."
قالت باستفهام "ألا تلاحظ أنك تسخر مني؟!"
قال بسخرية "ألا تلاحظين أنني اطلق عليكي الاقاباً تناسبك تماما.."
قالت وهي تفكر "لا أنكر ان لقب الكسولة مناسب.. ولكن ..(وهنا هزت رأسها نفيا) لقب الشرطية لا .."
امسك بأرنبة أنفها وقال مازحاً "ومن يحشر انفه بكل شاردة و واردة ؟!"
قالت ببراءة "ليس انا .."
قال بعد ان ارتشف من كوبه " لا تليق بك البراءة "
"ونعم الحبيب.. المفروض ان يبادلني بكلام جميل مثله ..ولكن .. لا يتنازل سيادته بأن يجاملني !!"
قال وهو يغمض عينا ويفتح الأخرى "هل تلمحين الى شيء ما يا جميلة؟!"
" ابداً.. أتحدث مع نفسي.. " ريم بابتسامة شفافة
قال بمزاح "هكذا تثبتين انكي فعلاً مجنونة.."
نظرت اليه بعيون غاضبة وقبل أن تنطق بأي حرف سمعا صوت رنين هاتف ريم... ولوت فمها بضيق وهي تنظر الى شاشته ولكنها اجابت "اهلا أمي.. صباح الخير.."
جاءها صوت والدتها غاضباً "أين أنتي منذ الصباح.. ألا تعلمين ان هناك موعداً مهماً مع عائلة أمل لتناول الفطور "
اجابتها بيأس " أعلم.. "
"اذن ستخرجين من منزل ذلك الصبي وتأتي بالحال.. هيا نحن بانتظارك.."
ريم بحزن "حسنا.."
تسائل بقلق عندما رأى لمعة الحزن التي تغلف عيونها "ماذا هناك ياا عزيزتي؟!"
"لا شيء.. سوى انهم ينتظروني للذهاب لتناول الفطور مع عائلة أمل.."
شعر بالضيق قليلاً ولكنه قال وهو يضع يديه على كتفيها بابتسامة " اذاً وما المحزن في ذهابك .. أليست أمل صديقتك؟!"
أومأت رأسها "أجل،، ولكن.."
"ولكن ماذا؟!"
قالت بنبرة حزن "أردت ان يمضي يومي معك خاصة أنك أخذت اجازة عمل.."
همس في اذنها بحب "أميرتي الصغيرة..."
رفعت رأسها إليه لتلتقي عيونهما العاشقة وتبدآن بحديث صامت ويتبادلاه بطريقة مختلفة تعبر عن مدى الحب والعشق الكبير الذي يحمله كل شخص للآخر..
"سوف نمضي يوماً اخر سوياً أعدك بذلك.. هيا اذهبي كي لا تغضب والدتك.."
هزت رأسها موافقة لتجتذب حقيبتها البنية من على الكنبة وتبتسم له "بلغ سلامي للخالة ميسون وقبلها بالنيابة عني.." واكملت مازحة "انتظرني في المرة القادمة بسيل من الأسئلة ايها المجرم.."
قال بحب "مجرم لأني اعشق فتاة حمقاء مثلك.."
ازدادت ضربات قلبها وبسرعة اقتربت منه وقبلته من خده الأيمن لتنسل بخفة خارج المنزل تاركة ذلك الفقير الذي يذوب بنار حبها و يتحسس خده بابتسامة تهلل وتزين وجهه الرجولي.. ولكن صوت غريب دخل على اذنها لينتشلها من ذلك النسج الخيالي الذي تهيأه عقلها ،، فلا بد من الهروب من هذا الواقع المؤلم الى رسم خيالات جميلة في عقلناا ... فيأتي صوت ذلك الذي تداخل الى خيالتها ساخراً كعادته " حقاً انتي حمقاء .. ان كنتي تريدين تخيل الحب لا داعي لأن تظهري احمرار وجنتيك.."
اشاحت وجهها بعيدا بغيظ و حزن " لا شأن لك .. اهتم بأمورك ولا تنشغل بأمور الأخرين.." وأخذت ذاكرتها تعود الى يوم الامس بعد ان خرجت للتسوق مع أمل،، وبعد ان بثت فيها سموما الخاصة بالاشارة الى حياة الفقر التي يعيشها رائد....
# عودة للوراء....
" ريم أين شردتي ؟!"
انتشلها ذلك السؤال من افكارها الحزينة لتهز رأسها نفياً ويقول صاحب ذلك الصوت " حسنا اذهبي وعدلي من مظهرك الحزين !!"
" حسنا.." ونهضت متوجهة نحو دورات المياه وفي نفس اللحظة انطلق صوت رنين هاتف ريم ،، لتنظر اليه أمل وتبتسم ..
" أهلا ريم ..."
لتجيل امل " لا بل انا أمل،، ما أخبارك يا خالة !!"
" اهلا عزيزتي،، بخير ،، ما الأخبار عندك !!" ابتسمت امل بمكر وهي تعدل خصلات شعرها " كل شيء على ما يرام ،، "
" هل حاولتي التحدث اليها !!"
" أجل بالطبع ،، " أمل بثقة ،، صمتت قليلا ثم اكملت " انها الان في دورة المياه.. وحاولت جاهدا ان اصرف نظرها عن ذلك المعتوه رائد.."
" حسنا فعلتي،، "
" اعلم ذلك،، تهمني مصلحتها اولاً ثم انني لم انجح مع رائد ،،" ضحكت بتهكم " يبدو انه كان يريد ان يصبح ثرياً.."
" لا اريد لابنتي ان تحزن في المستقبل ،، لذلك افعلي ما بوسعك.."
" اني افعل ما بوسعي يا خالة.. اظن انني استطعت اقناعها هذه المرة.."
وهنا وقفت ريم غير مصدقة بما سمعته هل يعقل ان رفيقة دربها تحاول جاهدة مع والدتها ابعادها عن من تحب !! كيف يستطيعان فعل ذلك بها،، بلعت غصتها وتذكرت كلمات صديقتها والتي توجهها لها بين الحين والاخر الى ان سئمت ريم منها حتى اصبحت تحاول تفادي الحديث معها " شاب فقير،، معدوم،، تهمني مصلحتك.. لا يتوقع منه ان يأوي عائلته.." وضعت يدها على رأسها وكأنها تمنعه من الانفجار وحينها التفتت امل الى الخلف لترى ريم فزادت ضربات قلبها وقالت بخوف على نفسها وليس على ريم "ريم (وهنا بدأت تتلعثم) هل..أن.. انتي بخير ؟!"
اجابتها ريم وهي تجتذب مشترياتها " اني اشعر ببعض من الدوار......"


وفي هذه الاثناء ومع بداية ريم في مشوار ذكرياتها الاليمة ابتسم رامي بسخرية على ريم ثم قال وهو يوجه انظاره نحو جدته التي تحتسي كوباً من الشاي الأخضر الساخن " جدتي الجميلة هل انتي ما زلت على رأيك ؟!"
أجابته وهي تلتقط كتاباً صغيراً وتضع نظارات الرؤية الخاصة بها " اجل يا رامي ،، سأنتظر مجد الى ان يعود .. ثم انهم سيذهبون الى مركز التجميل وانا.."
وأكمل رامي بابتسامة " وانتي جميلة بما يكفي "
ابتسمت الجدة ثم اشارت اليه بعيونها ان يخرج بعد ان رأت ملامح الضيق والحزن على ملامح ريم .. فنزعت نظارتها و وضعت الكتاب جانباً " ريم عزيزتي هل هناك امر يزعجك ؟!"
بلعت ريم غصتها لترسم ابتسامة على وجهها " لا يا جدتي فهذا حفيدك مزعج جداً "
"ام ان الأمر يتعلق بذلك الشاب ؟!" الجدة بشك
قالت بارتباك " من تقصدين ؟!"
قالت الجدة وهي تحاول التذكر " اظن ان اسمه رائد.. "
تقوس فم ريم لا ارادياً وانحدرت دمعة على وجهها فهي لا تستطيع ان تكبت مشاعرها اكثر تريد ان تخرجها لاحد تثق به ،، فبما ان والدتها لا تهتم بامور المنزل،، وان قمر اصبحت تعتزل عن الاخرين وتكرس وقتها بالقراءة او الرسم ،، فلن يبقى احد غير جدتها فلا مانع ان اخرجت ما بداخلها من اعباء الى جدتها لعلها تساندها في محنتها
لتقول الجدة وهي تنهض وتجلس جانبها " ما الأمر ؟! هل الحب من يجعل جميلتي تبكي ؟!"
اومأت رأسها ايجاباً .. فتسائلت الجدة " وماذا يوجد ؟! "
قالت بألم " لم ألتقي به لعدة أياام.. ثم ليس من عادته ان لا يتصل "
قالت بنبرتها الحانية " حسنا لا بأس فكما قال ليلة الحفل انه يعمل .. مؤكد انه ينشغل "
أومأت ريم رأسها وهي تمسح دموعها و ربتت جدتها على يدها ثم قالت " كل الامور ستتيسر بينكما .. ثقي بي "
هزت رأسها نفياً ثم قالت بفقدان أمل " أبدا يا جدتي .. ( وعادت الدموع للتجمع في عيونها ) انه حتى لم يصارحني بحبه ولكنن.. لكنني اشعر انه يحبني من نظراته واهتمامه بي ،، ولكن لا يستطيع البوح بسبب فقره " واجهشت بالبكاء وهي ترمي بنفسها الى صدر جدتها " الجميع ضد هذا الحب امي و صديقتي امل ،، انهما يفعلان ما بوسعهما لابعادي عنه ، لقد سمعت والدتي تتحدث اليها البارحة،، ( وهنا زاد بكاءها )لقد قالت لها افعلي ما بوسعك لاقناعها بالتخلي عن هذا الحب ،، ولكنهم لا يعلمون انني تعلقت به ولا استطيع التخلي عنه ،، لا يريدونه لانه فقير.. ما ذنبه يا جدتي.. أخبريني "
" ليس ذنبه شيء .. هيا امسحي دموعك سأحل الأمر .. "
وابعدتها عن صدرها وأخذت تكفكف دمعها بأناملها الحنونة وقالت بابتسامة حانية " هيا امسحي دموعك لا اريد ان ارى دموعك تلك .. "
" حسنا.." ريم بصوت مرتجف ..
" انت اذهبي وروحي عن نفسك قليلاً.. وانا سأحل امرك لا تقلقي.."
اومأت ريم برأسها ثم ابتسمت وقبلت جبين جدتها بامتنان بعد أن ظهرت والدتها وخرجت معها مكرهة من المنزل برفقة رامي الى مركز التجميل... وهنا تأكدت الجدة بأن خطة سرية تجري مجراها بين أمل ووالدة ريم سبيلهم هو التفريق بين شخصين لم يستمتعا بلحظات الحب حتى الآن ... فهل هي تستطيع ايجاد حلا مناسبا لرائد وريم لتجمعهما سوياً؟!

#############

كان الماء في البحر أزرق صافيا يماثل زرقة السماء التي انعكست على مياهه البلورية وكان بعض النّاس قد استلقوا على الرمال الذهبية اللّامعة معرضين بشرتهم إلى أشعة الشمس الحارقة والبعض الآخر فضل الجلوس في ظل الشّمسيات بينما أخذت مجموعة من الشبان يلعبون بالكرة يقفزون وعلى سطح الماء زوارق صغيرة ناشرة أشرعتها كأنها حمائم بيضاء تسافر في السماء الزرقاء وكانت أمواج البحر تتلألأ تحت أشعة الشمس الحارقة .. اما هو يقف بعيداً عن كل ذلك و الحزن منثورا عليه، بل كان مغطّى به كرمال الشاطئ التي تغطي ضفاف البحر.. يقف بقامته الممشوقة وعينان رماديتين باهتتين تنظران الى ذلك البحر بفكر مشتت وعقل تائه.. يحاول الوصول الى مخرج آمن من تلك الأفكار المزدحة والتي ادخلته في دوامة كبيرة لا مخرج منها .. وذلك الالم الذي وصل الى قلبه ،، جثى على ركبتيه متهالكاً منهاراً ينظر الى باطن يديه بعيون حزينة وقلب مكسور حزين .. يداه القويتان التي اشتعلت غضباً وقوة ليلة امس لتسيطر على يد اخرى ناعمة هشة.. وأخذ الدمع يسيل من مقلتيه ندماً وأسفاً...


وفي مكان آخر .. في المنطقة الجنوبية من المدينة.. حيث الهواء العليل الذي يداعب اغصان الأشجار و الطبيعة الخلابة التي تمتد على مساحة كبيرة.. مكان يضم ودياناً ومرتفعات جبلية و سهولاً خضراء واسعة.. وامام منزل خشبي ابيض اللون تقف تلك السيارة السوداء الفارهة لتترجل منها فتاة شقراء، ممشوقة القامة، ناصعة البياض رقيقة القدّ.. وسيمة الوجه، في حوالي الواحد والعشرين من عمرها.. ترتدي ملابس رسمية تنظر بعيونها الزرقاء الداكنة بابتسامة مرحة..
وفي الفناء الخلفي يجلس ذلك الرجل ببدلته الرسمية يعبث بحاسبه المحمول يرتشف كوباً من القهوة و بجانبه طفلته الصغيرة (ملاك) تتناول طعام الأفطار...
"اذا ابي ايضا هنا ستعمل" تسائلت ببراءة
اجابها بابتسامة حانية "اجل.. فالعمل صعب ويجب على والدك ان يراقب عمله من بعيد"
ثم أكمل بحب " سوف آخذ ملاكي في نزهة ولكن عندما ..."
وقاطعه صوت الخادمة " سيد ماجد لقد وصلت الأنسة سوزان.."
التفت ليرى فتاة بعمر الزهور تقابله بابتسامة مرحة وتمد يدها لمصافحته "مرحبا انا سوزان.."
اجابها باقتضاب "اهلاً.. تفضلي بالجلوس.."
تسائلت الخادمة "هل تودين شرب شيء ما؟"
هزت رأسها نفيا وقالت بلطف "شكرا لك.."
"اذا يا انسة سوزان .. يبدو انك متحمسة للعمل؟!"
اجابته بصدق "اجل فانا منذ مدة ابحث عن عمل "
"لقد قال لي مساعدي انك كنتي تعملين في مأوى للأيتام "
اومأت رأسها فاكمل " و بالتأكيد لن يكون عملك صعباً مع ملاك.."
"اجل.." قالت ذلك وهي تنظر الى ملاك التي ذهبن تلهو وتلعب في الحديقة
"لا شروط لدي للعمل.. ولكن سيكون عملك هنا مؤقتا.."
اومأت رأسها بتفهم " أعلم ذلك.. اخبرني السيد مازن "
"حسنا.. يمكنك القول انك حصلت على عمل جيد .. وبراتب ممتاز برغم المدة القصيرة"
قالت بامتنان "انا سعيدة لذلك.."

وفي نفس المكان و مع دقات الساعة الثانية عشر ظهراً لتعلن عن موعد الغداء يجلس على مكتبه الخشبي وبيده اوراق وملفات عدة.. مسح جبينه من حبات العرق بمنديل أبيض وتنهد بتعب وهو يضع الاوراق جانباً...
"سيد ماجد.. لقد حان موعد الغداء "
"حسنا.. سأجري اتصالاً هاتفياً.. اهتمي بملاك ريثما انتهي "
اومأت الخادمة برأسها لتغادر الغرفة.. فيلتقط هو هاتفه المحمول ويبدأ بالضغط على أزراره ليأتيه رنين متواصل وبعد ذلك صوت انثوي طاغي جذاب برغم التعب الواضح به " اهلا ماجد"
"أهلا كاريس. كيف انتي؟!"
اجابته بملل "بخير،، ماذا هناك ؟!"
تمالك اعصابه وقال وهو يشد على اسنانه " الا يجب على ام مثلك ان تطمأن على ابنتها"
"وابنتي تكون مع والدها.. لماذا اخشى عليها من شيء وهي في ظل حمايته"
"هكذا اذاً.."
ثم اعقبت بقولها " لا اظن انك ستفعل ذات الأمر مع ابنتي انتقاماً.."
اعتلاه غضب شديد، وصرخ بشيء من التّحدّي "كاريس.. لا تدعيني اخرج كل غضبي عليك.."
قالت بلا مبالاة " وماذا ستفعل ايامي معدودة.. انتبه على ابنتي.."
قال بحيرة وعدم تصديق " لا ادري اي نوع من الامهات أنتي.."
جائه صوتها حزيناً " ام ستأخذ جزائها بعد مضي هذه السنين.." أخذت نفساً عميقاً وأكملت " لن اقول لك الا ان تنتبه على ابنتي .. وحاول جاهداً ان تعوض لها الحرمان الذي فقدته مني.."
قال بسخرية مريرة " اطمأني سأخلد ذكراك الجميلة ولن أتزوج من بعدك "
قالت بأسف ممزوج بندم وتأنيب ضمير " انا حقاً متأسفة لما فعلته.. ارجوك سامحني.. وان صادفتها اعتذر منها بالنيابة عني.. سأغلق الأن سيبدأ علاجي.. اهتم بابنتنا كثيراً و قبلهاً "
زفر بحرارة وهو يضع هاتفه جانباً ليتجه بعدها لتناول الطعام.. بعد ان رسم ابتسامة على وجهه من اجل صغيرته..
من كاريس ومن ماجد !! وما هو الامر الذي يجعلها تأخذ جزاتها هكذا؟؟! وهل هذه الفتاة التي تدعى سوزان لهاا علاقة مع قمر ،، بما انها كانت تعمل في مأوى ؟!

❤❤❤❤❤❤

و مع حلول المغيب ومع انعكاس لون الشفق المتوهج على هذه المدينة الصاخبة متسعة الأرجاء مترامية الأطراف زُرعت على جانبي طرقاتها أشجار الورد والفل.. مدينة تمتلأ شوارعها الواسعة بالسيارات والشاحنات الصغيرة منها والكبيرة.. ومراكز التسوق الضخمة وفنادق فخمة .. و حدائق عموميّة زيّنتها أشجار عالية خضراء احتضنت الخلائق من النّاس، هؤلاء النّاس الّذين احتشدوا في كلّ الأمكنة يترقّبون الحافلات، أو يجتازون الشّوارع بحذر متّبعين الممرّات أو يسيرون بتأنّ عند ملتقى الطّرق حيث رجال الشّرطة، اللذين ينظّمون حركة السّير ... لينتهي بنا المطاف الى حيث منزل فخم يحتضن بين جدرانه امرأتان جلستا لتناول الطعام..
لتتسائل احداهما بقلق .. امرأة كبيرة في السن تدل تعابير وجهها على الطّيبة، والبساطة " عزيزتي لما يبدو وجهك شاحباً هكذا؟!"
لتجيب فتاة شابة شاحبة الوجه بصوت يملأه التعب والارهاق وهي تعبث بمحتويات طبقها بشرود " لقد امضيت الليلة الماضية في الرسم لأجل ذلك.."
قالت بنبرة حنونة " عزيزتي قمر لا تتعبي نفسك.. انظري الى حالك .."
قمر بابتسامة شاحبة لتذهب قلق جدتها " لا تقلقي يا جدتي.. فلم يجد النوم طريقه الي البارحة .."
ابتسمت الجدة وبرزت تجعيدات وجهها التي رسمت بخطوط بنية وكأن فناناً عالمياً رسمها بأقلامه وفرشاته لتظهر لوحة جميلة تعبر عن الطبية والعطف والنقاء في زمن كثر فيه الخبثاء والأعداء.. ولكن سرعان ما قطبت جبينها بضيق وهي تتذكر تلك المحادثة الصغيرة..
( " لقد حضرا الى المدينة "
شهقت بقوة وبدأت دموعها تتجمع في مقلتيها البنيتين " ماذا؟! من أخبرك؟!"
"السيد معاذ.. عندما كان يتفقد المنزل "
هزت رأسها نفياً "لا يعقل.. كيف بعد كل هذه السنين.."
" لقد وصفهم بالعائلة..."
قالت بعدم تصديق "لا يعقل أن .." )
وهنا قاطعتها قمر بخوف "جدتي ما بالك حزينة هكذا؟!"
قالت وهي تهز رأسها " لا شيء.. انا قلقة على مجد.."
ارتعدت اوصالها عند ذكر اسمه وبدأ قلبها يدق بعنف وارتجفت اناملها وهي تقطع بسكينها تلك السمكة .. كيف تسمحين لقلبكك يا قمر ان يرتجف حال سماع اسمه.. أليس هو من يعذبك بسمومه وكلامه الجارح بل وبدأ بشن حرب العنف تلك، قالت ذلك في نفسها وهي تشعر بألم ينغز في قلبها .. ثم قالت بلا مبالاة كي لا تجتذب انتباه جدتها " وما به؟!"
اجابت الجدة بحيرة " لا اعلم.. حاله لا يعجبني.. ها هو لا يزال خارج البيت حتى الآن.. لا اعلم اين يمضي لياليه.."
قالت بغيظ " انه في عامه السابع والعشرين لا بد انه عند صديق له.. لا تقلقي سيعود ان طال الوقت او قصر.."
أخذت الجدة نفساً عميقاً لعلها تهدأ ذلك الاعصار الذي في داخلها واخذت تسترق نظرات جانبية على قمر وهي تراها شاردة الذهن و بريق الحزن في عيونها العسلية تفكر في ذلك الرجل الحديدي.. الذي أحدث دماراً شاملاً في قلبها عندما انقض عليها كأسد غاضب يريد التهام عشاءه او كعدو شرير يريد ان يغزو ضحاياه بقنابل و اسلحة تفتح جراحاً حادة لن يغلقها الزمن.. ولكن اين سيكون الى الآن؟! وماذا يفعل؟! يا الهي يمكن ان حصل له مكروه ما ؟! او حلت به مصيبة؟! او حادث ؟! تسائلت في نفسها بقلق وهي تفتع عيونها على وسعهما ثم أخذت تطرد تلك الافكار من رأسها وهي تحدث نفسها وتعبث بطعامها امام انظار جدتها ' يحدث له ما يحدث .. ليذهب الى الجحيم ويبتعد عني بل واتمنى ان يكون في طريق مهجور يلتف حوله الضباع والكلاب والحيوانات المفترسة لتلتهمه وتجعل من لحمه طعاماً لها ولاولادها.. '
ثم اكملت في سرها وكأنها شعرت بضخامة الذي تفكر به ' الا يبدو انك بالغتي يا قمر' وهزت كتفيها بلا اهتمام..

(مرحباا.. يا جدتي الجميلة..)
رفعت رأسها بحدة لتلتقي نظراتها الحزينة مع عيون ذلك الصوت البارد .. وتنفست الصعداء بينها وبين نفسها لانه عاد الى المنزل ولم يحدث له اي مكروه.. أما كانت هي نفسها قبل قليل تتمنى ان يذهب بلا عودة؟! لكن لا يهم.. الذي يهم هو انه يقف هنا ولم يصبه شيء....
سألته الجدة بخوف وقلق " اين كنت ؟! كيف تخرج في منتصف الليل من دون ان ..."
وقاطع سؤالها متهرباً وهو يوجه سؤاله القاسي الى قمر " كيف انتي يا قمر هذا اليوم ؟!"
هزت الجدة كتفيها بقلة حيلة ثم اجابت قمر بعد ان تمثلت بالقوة والثقة " بخير.. طالما انني وسط اشخاص يحبونني.." ولمع في عيونها مزيج من نظرة عتاب وحزن ونظرة الم وانكسار اما هو فقد هرب من عيونها المتألمة بسؤال الى جدته " أين الجميع؟!"
قالت الجدة بسخرية " لا اعهدك طيب القلب هكذا وتهتم بالاخرين (قالت هذا وكأنها تشير الى شيء ما) ولكن سأج..."
ولكن قاطعها صوت الخادمة يخبرها بورود اتصال هام من احد اصدقاء العائلة لتخرج من الغرفة تاركة ذلك الحديدي ينظر الى ضحيته التي ارتبكت وأحست بشعور غريب فكان من الافضل لها "عن اذنك.. صحة وعافية " نطقتها قمر وهي تنهض مبتعدة عن تلك العيون الرمادية التي لاحقتها بكل خوف وشوق.. و لتسير قدما تلك العيون خلفها ... وهي تصعد عتبات السلم بخطى متثاقلة وتفكير مشتت وعقل تائه.. ينتابها صمت عميق وشرود وذهول غريبين .. سرعان ما اغرورقت عيناها بالدموع وهي تطأطأ رأسها للأسفل لتجعل رؤيتها غير واضحة ..
وأخذت تترنح في مشيتها قليلاً وكادت أن تسقط لولا تلك اليد القوية التي اسندتها وعيون رمادية خائفة التقت بعيونها العسلية والتي اخذت تبعث سحرها الخاص و تجعل جبالاً ضخمة من الكبرياء والعناد تجهز نفسها للرحيل من ذلك الجسد الضخم وقد شعرت بالضعف والهوان امام دموعها الحارقة التي كانت تأخذ سيرها على وجنتيها،، وما لبثت ان ابتعدت عنه وهي تشعر بسيل من الكهرباء تسري في جسدها وهي تقول بحدة " ماذا تريد الان.. هل تريد اكمال ما فعلته؟!.."
شعر بغصة كبيرة تملأ حلقه وآثر الصمت ولكنها اكملت " لقد اكتفيت منك.. واكتفيت من تجريحاتك وكلامك الحاد.. "
قاطعها بصوت مرتجف " قمر انا.."
قالت بصوت خافت " ان كنت تراني صامتة لا اتجاوب معك .. فهذا لأنني تربيت جيداً.."
نظر اليها بحدة وقال وهو بكور قبضته " ماذا تقصدين بذلك..؟!"
هزت كتفيها وقالت وهي تتجه حيث غرفتها " لا داعي للتفسير.."
قال بغيظ " ان كنتي تقصدين عن اخلاقي فلمعلوماتك جدتي رعتني منذ الصغر لذلك اخلاقي جيدة..."
وتوقفت عن المسير عندما شعرت بخطاه خلفها وصوته الهامس وكلمات تقطر احتقاراً كبيراً " أما أنتي فلا نعلم ابداً أي اخلاق قد زرعها فيكي المأوى.."
قال ذلك ثم صعد الى غرفته متجهم الوجه بارد قاسي الملامح.. ومع كل خطوة يخطوها وهو يصعد الى غرفته كان ألماً شديداً يزداد في قلب قمر لتتوقف هكذا بجمود وهي تشعر بآلام حادة في جسدها وحزن عميق أخذ يغلف جسدها.. وأمسكت بمقبض الباب لتفتحه بهدوء شديظ ثم لتدلف الى الداخل بهدوء ساكن وتوجهت حيث سريرها لتجلس عليه بعيونها الذابلة التي تعيد تكرار الموقف لتشعر بسكاكين حادة تمزقها اشلاء وتجعل منها أجزاء مترامية ... وبعد صمت طويل استلقت على فراشها في شيء من الفتور والتعب وشعرت بآلام خفيفة في عظام جسدها النحيل... و كان تنفسها قصيراً.. أما عيناها فكانتا تعبتان مرهقتان.. ، كأنها في حالة من الحمى، وكان وجهها شاحبا أصفر اللون... وبدأت عيناها العسليتان تدمعان.. و اغلقت عيناها بألم وهي تشعر بألم حاد في قلبها لتشد بقبضتيها على فراشها الى أن غطت في سبات عميق...



يتبع....




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-09-15, 11:01 PM   #12

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



السلام عليكم
كيفكم متابعين روايتي يلي عددهم قليل!!
كنت وعدتكم تكملة البارت قبل واسفة على التأخر
اعذروني عشان ضغط الدراسة وهيكاا
المهم هاي تكملة البارت
قراءة ممتعة



كان الصمت يلف بها من كل جانب.. وهي تسير في طريق مظلم مليء بأغصان الشجر الملقية على ارض قاحلة تتعثر بها وتقع ارضاً لتصاب برضوض وجروح مختلفة بعضها ينزف خضاباً أحمر وأخر اصبح لون جلدها أزرق بسبب وقوعها المستمر.. تسير
وعيونها التائهة متوجهة حيث مصدر الضوء ذاك الذي يأتيها من البعيد البعيد.. و كانت قدماها ترتجف من الخوف وشدة البرد القارص في آن واحد وكانت تعض على شفتيها التوتية المتشققة بألم واضح يجعل الدم يتدفق منها...
ثم تلبدت السماء السوداء المظلمة بالغيوم ذات اللون الرمادي سرعان ما هطلت الأمطار.. فاخذت تهرول في مشيتها بارتجافة جسدها النحيل من برد هذه العاصفة... ولم تزدد الأمطار إلا شدة ولم يزدد الرعد الا صارخا بغضب مرات متتالية بعد مرور الوقت وثار جنون العاصفة مولولة ثائرة غاضبة و الأشجار تهتز اهتزازا عنيفا حيث الأمطار تصنع بركاً متماوجة فانقبضت على نفسها وتراجعت إلى الوراء وهي تسير باطراف كادت ان تتجمد من هذا البرد القارص.. كانت تركض بخوف وذعر شديد الى ان وصلت الى مكان مسدود مليء بالحشرات والافاعي السامة فأغلقت عيناها بخوف وتراجعت للوراء واخذت تلتلفت ذات اليمين وذات الشمال لعلها تجد مخرجا من هذا المكان المخيف وتدور حول نفسها بخوف وجزع مرات عدة الى ان شهقت بقوة وهي تراه يقف بعيدا عنها على منحدر كبير... يبدو الضعف والحزن يبلله كما تبلله مياه السماء التي سقطت عليه لتجعل ملابسه تلتصق بجسده فيصبح تماما كتمثال يقف في احدى الزوايا فصرخت بأعلى صوتها وهي تتقدم نحوه " مجد..."
التفت اليها بنظرات ملؤها الندم ،، الحزن ،، الاسف .. جميعها اجتمعت لتجعل بريق عيونه تخترق جسدها النحيل وبصوت واهن يكاد لا يسمع من شدة العاصفة " سامحيني.."
امسكت يديه بقوة وقالت برجاء " ارجوك أعدني الى المنزل انا خائفة.."
قال وهو ينظر الى اسفل المنحدر " لا استطيع،، فأنا سأغادر الآن"
وجهت نظرها الى ما ينظر وشهقت بقوة و انحدرت دموعها لتمتزج بقطرات المطر الغزيرة وقالت بانفعال وهي تهز رأسها " لا.. لا .. مجد ارجوك..لا لا تفعل لا تتركني وحيدة ارجووك .. "
"لا استطيع،، (صمت قليلا ثم قال) فقط سامحيني"
واعقب قوله افلات يدها بقوة و شهقاتها التي تصاحب صوت الرعد تزداد والقى بنفسه بكل حرية من اعلى المنحدر امام عيونها الحمراء المتورمة لتجثو على ركبتيها بكل ألم وتمد يدها للفراغ وتصرخ " مجد لماذا تركتني؟!"...

شهقت بقوة وهي تفتح عيونها و حبات العرق التي تغزو جبينها ووجهها الملائكي.. لتغمض عيونها الحزينة المذعورة من اشعة الشمس التي تمردت ككل صباح في التسلل الى الغرفة لتعتدل في جلستها وترتب خصلات شعرها المتناثرة.. ثم القت بنظرها الى الساعة التي كانت تشير الى العاشرة والنصف صباحاً.. نهضت من فراشها متوجهة نحو دورة المياه لتخرج منها بعد دقائق ثم لتلتقط يداها عن المنضدة الخشبية تلك السلسلة الذهبية التي تحمل في وسطها حرف ^r^ .. وضمتها الى صدرها بقوة لتسيل بعدها دموعاً من مقلتيها كقطرات المطر التي تهطل في ليلة شتائية في اشد فصول سنة برودة .. وأخذت تقول من وسط اوجاعها " ااخ يا امي.. لقد مر وقت طويل لم يأتي طيفك لزيارتي لقد اشتقت لكِ.. اشتقت لهمساتك ونصائحك.. وحتى الى توبيخاتك.. يا ليت الزمان يعود ويقف الى قبل موتك .. ارجوكي عودي او دعيني اذهب اليكِ.. المكان موحش من دونك.. لسنين طويلة وانا أتحدث الى طيفك و لا تزال صورتك الاخيرة عندما ودعتك على باب منزلنا في ذهني لا تغيب.. كنت صغيرة حينها لا ادرك معنى نظراتك تلك كنتِ وكأنك تشعرين بان موعدك حان لتصبحين جثة هامدة تنامين تحت التراب.. (وهنا اعتلت شهقتها واكملت بغصة وهي تمسح دموعها التي تمتنع عن مفارقتها حيث ابت ان تبقى حبيسة داخلها وما زالت تستمر في النزول) لكنني سأكون قوية ولن اضعف امام ما يواجهني سيبقى الأمل مزروعاً في داخلي.. اني أؤمن بوجود ايام جميلة ستأتي..."
مسحت دموعها بظاهر يدها و وضعت السلسلة جانبا بعد ان سمعت طرقاً خفيفاً على الباب ووجه ريم يطل منه بابتسامتها المرحة " صباح الخير ياا قمراً يزين بيتها "
بادلتها قمر قمر بابتسامة شاحبة " صباح الورد "
جلست ريم على سريرها ونظرت مطولاً الى قمر " ماذا هناك؟! تبدين حزينة!!"
هزت رأسها نفياً.. فتسائلت ريم باستفهام "هل عاد ذلك الحلم السيء.. الذي يخص والدتك..؟!"
"لا ابداً.. (ورسمت ابتسامة باهتة على وججها الشاحب) اذاً ماذا هناك وما سر السعادة هذه !!"
"السر هو اننا سنذهب الى رحلة!! "

( وما الحجة التي خرجتي بها لتقنعي جدي..)
التفتت ريم حيث مصدر الصوت وقالت " وهل كنت تسترق السمع؟! "
وجه انظاره الى قمر والتي كانت تجلس تنظر اليه بضيق سرعان ما اشاحت وجهها بضيق اكبر ..كانت اشبه بفتاة صغيرة بملابس النوم تلك ذات اللون الأزرق الداكن طُبعت على الطبقة العلوية منها رسمة فتاة صغيرة ممسكة بدمية بنية وأما بنطالها فقد كان عريضاً بنقشة الكاروهات بألوان تناسب اللون الأزرق ثم قال وهو يجلس على أريكة بيضاء اللون " لم لا .. كنت اتجول فسمعت هذا من دون قصد "
لوت ريم شفتيها بسخرية " وانا سأصدق ذلك.."
"وما سر السعادة هذه .. لا اكاد اصدق ريم سعيدة من اجل قضاء يومين في المنطقة الجنوبية.."
اجابت مقلدة نبرته " ولم لا وسيكون هناك شيء مختف في الرحلة ( وهنا اشارت حيث قمر بيديها ) وهو قمر "
ابتسم ابتسامة خاطفة ثم أخذ يجول بنظره ارجاء الغرفة امام نظرات ريم المستفهمة و قمر الخاطفة المرتبكة لتسأله ريم بحيرة " لماذا تنظر الى الغرفة هكذا ؟! "
اجابها وهو يضع كفه اسفل ذقنه.. بوضعية تدل على التفكير " افكر وأتسائل لماذا تسجن قمر نفسها بهذه الغرفة لعدة ساعات كل يوم ؟!"
هذا يعني انه يعر امر اختفائها اهتماماً.. او انه يفقدها !! وبرغم شعورها بالسعادة تجيبه قمر في سرها " كي لا أقع فريسة لك.. "
لينما تسائلت ريم باستخفاف " والى اين وصلت يا سيد مفكر ؟! "
وبرغم نبرة السخرية من فم ريم الا انه لم يعرها اهتماما بل أخذ ينظر حيث ملاكه.. لترفع قمر وجهها بعد ان شعرت بنظارته المسلطة نحوها ليفاجئها بتلك الابتسامة التي تشق طريقها الى وجهه الحديدي وزادتها الدهشة أكثر عندما قال وهو موجه نظره نحوها " لأنها جميلة.."
وما ان خرجت تلك الكلمات من فمه والتي جعلت قلب قمر ينتفض.. واحمرت وجنتيها بحمرة خفيفة فهل يقصدها هي ام الغرفة!! وشعرت بحرارة تسير في جسدها امام نظراته تلك التي كانت تبعث اليها شعوراً بالراحة.. ولكن نظراته كانت مختلفة وكأنها نظرات مودعة نادمة آسفة جعلتها تتذكر ذلك الحلم السيء فنظرت اليه في شيء من الخزن وقبل ان يفسر سبب بريق الحزن في عيونها لفت انتباهه تلك السلسلة الذهبية فأخذ نفساً عميقاً ليتمالك أعصابه ولكن لم يستطع ذلك عندما انطلق صوتاً من الخارج ينادي ريم فخرجت على عجلة من امرها تاركة ذلك الزوج المشحون ليبدأ صراعه منذ ان نطق بكلماته الحادة باحتقار وسخرية " سلسلة جميلة.. يا تراه من يكون ذلك الشخص الذي يهديكي سلسلة كهذه " نطقت قمر كلماتها بحدة وضيق " أليس من المنطق ان تخرج من غرفتي وأن لا تتدخل فيما لا يعنيك !!"
فمن الآن وصاعداً لن تسمح له ان يهينها بأي شيء.. ويمس كرامتها بسوء... يكفي ما نالت منه حين صمتها.. ولن تسمح له ان يتحدث عن والدتها بشيء كهذا الإحتقار الذي يقطر من كلماته...
تسائل بسخرية " غرفتك!!" واكمل وهو يتجه حيث الشرفة "ام انك نسيتي انك في بيت جدك .."

والتفت ناحيتها بعد ان طال صمتها ليراها ممسكة بتلك السلسلة الذهبية وكأنها تبعث فيها بعضاً من القوة الثبات.. فهل عادت الى الصمت من جديد؟! ،، ليشعر بحرارة تسري في جسده فأخذ يسير باقدامه نحوها ثم يسحب منها السلسلة بحدة وليرميها جانباً امام عيونها التي توجهت اليه بحدة وعدم تصديق وصرخ بصوته الغاضب " أتعجبك كثيراً.. هل لديها مكانة خاصة في قلبك لتجعلك تمسكين بها هكذا؟! ام لأنها هدية من حبيب القلب!! .."
وامام عيونها التي تنهمر منها الدموع والتي تتبعت السلسلة منذ ان أخذها الى ان هوت ارضاً ..انطلقت شهقة عالية من حيث الباب وصوتها الخائف المرتجف وهي تركض حيث قمر " قمر.. قمر هل انتي بخير؟!"
ثم التفتت الى مجد بعيون غاضبة " اخرج حالاً.."
نظر اليها بعيون ملتهبة حارقة وهي تذرف دموعاً على تلك السلسلة اللعينة التي اشعلت الغيرة في قلبه .. فصرخت ريم في حدة أكثر " اخرج .. " ليمضي في طريقه خارجاً من الغرفة كأمواج البحر الهائجة او كألسنة النيران الغاضبة ليخرج بعدها من المنزل بأكمله..
وأعتلى نحيب قمر وهي تقول " لقد اخذها على حين غرة.. ورماها ارضاً.." ثم اتجهت حيث السلسلة الملقاة على الارض لتتفحص تلك الحجارة التي تكسرت والتي كانت تزين ذلك الحرف بشكل جميل.. لتتناثر حجارتها الصغيرة الى اجزاء صغيرة تكاد تماثل الذرة في حجمها وهي ملقية امامها على الارضية فقالت وهي تصرخ باكية وتضرب الارض بكلتا يداها وريم تحاول تهدأتها ولكن من دون جدوى" لن اسامحه ،، لن اسامحه.. لقد كانت أخر شيء بقي لي من امي.. لن اساامحه.."
############

أغلقت الباب بهدوء و قالت بصوتها الناعس وآثار البكاء على وجهها " لن تكون هنالك حجة بعد ذلك.. لقد قالت لك تلك المرأة ما يتوجب عليك فعله "
أخذ يهز رأسه بقلة حيلة وعدم تصديق " لا استطيع.."
قالت وهي تحاول اقناعه " انظر الى هذا المكان جيداً.. أما آن الأوان لتخرج منه.. "
زفر بضيق فأكملت وهي تضع يدها على كتفه " انا أتفهمك جيداً.. انت منصعق لما حدث وأنا كذلك ولكن هذه معجزة لتخرج من هنا وتعالج أمك.. وتؤمن حياة جميلة لشقيقتك.. "
صمتت قليلاً ثم أردفت بحزن " ما زالت صغيرة لتعيش فقراً مريراً.. ويقع على كاهلها هماً من الأن .. من حقها هي ايضاً ان تتعلم في افضل المدارس.. وترتدي ملابس ثمينة وليس ملابس قديمة مشقوقة.. "
" اعلم.." وهو يدلك صدغيه
ابتسمت وازاحت خصلة من شعرها الأحمر عن عينها " وانت أيضاً.. حصلت هذه المعجزة كي تفعل ما تخشى منه.. اصبحت تستطيع ان.."
قاطعها قائلاً " ولكن ألا يكون هذا بنظر الأخرين كسرقة او احتيال .."
" انت حقاً مجنون يا رائد.. هل أخذت جزءاً من عقل ريم الصغير لتقول هكذا..."
اجابها بهيام " عندما تعشق احداً تصبح تردد مثل عباراته.. و ... "
قاطعته بسخرية " حسناً.. ايها العاشق المجنون لا تبدأ.. " ثم أكملت تتحدث بنبرة جادة " انظر انت تمتنع عن لقاءها كثيراً ولا تحاول جاهداً مصارحتها،، الا تدرك انها تحبك وتعشقك بجنون .. ماذا تكون برأيك تفعل الأن.. تكون التعاسة مرسومة على وجهها.. انت تحبها ومن اجل حبك افعل ذلك.. لا تجعلها تتعذب اكثر ( ثم أشارت الى قلبه) ولا تجعل هذا يتعذب "
نظر الى تلك الورقة البيضاء مطولاً بحيرة وقلق " لا أدري يا جيداء "
تنهدت بملل من محاولات اقناعه ثم قالت بإصرار " رائد هذه فرصة تأتي للشخص مرة واحدة على الأقل.. وانت ان قبلت ذلك ام لا فاصبحت تملك كل شيء.. ولن يكون هناك اي داعٍ للخوف من كل شيء .. اسمعني جيداً هذه الحياة التي تعيشها الآن سوف تذهب بها عرض الحائط وتقبل الفرصة التي أتتك على طبق من ذهب لتجعلك تنتقل الى ذلك العالم الآخر.. "
نظر اليها مطولاً وارتسمت السعادة على وجهها ولكن تبدلت تلك الملامح عندما قال " دعيني افكر.. "
قالت بضجر " حقاً انت شخص يصعب اقناعك.. لو أتتني هذه الفرصة بالتأكيد سأوافق.. "
اعتدل في جلسته وقال ببرود " هذه أنتي.. "
قالت بتردد " هل يمكنني ان أسألك سؤالاً."
"تفضلي.. "
" هل عندما يتم رفضك من قبل أهل ريم وتذهب هي الى رجل آخر .. ام عندما يصبح من المستحيل ان تتعالج أمك من مرضها وتصبح حالتها اسوأ من ذلك وتصبح شقيقتك خادمة تعمل ليلاً ونهاراً.. سيؤنبك ضميرك ويصبح الندم رفيقك.. ؟!"
شعر بالخوف من كل ذلك وقال بصوت مرتجف " لماذا تتحدثين هكذا.. لن يحدث اي شيء لأمي أو لشقيقتي وحتى ريم كيف سأعيش بدونها !!"
قالت بنبرة مقنعة بعض الشيء " اذاً تقبل ذلك الكرسي الذي ستجلس عليه .. وربما تتغير حياتك وتصبح ريم ملك لك ولن تستطيع حينها رفضك او الذهاب الى احد آخر .. وستحل جميع مشاكلك! ألن تفعل ذلك من أجل تلك المرأة العجوز ؟!"
شعر بالأفكار تتردد في أعماق رأسه وهرب الكلام من بين شفتيه كفأر على وشك الاصتياد .. وكلمات جيداء التي بدأت تسير في عقله و أخذ يخاطب نفسه في استغراب وحيرة، وقلق.. لكنه لم يعثر على شيء... فأيّ حلّ يختار، وأيّ عمل يقوم به؟
##############
ومع حلول المساء اجتمعت العائلة في الصالة بتبادلون اطراف الحديث حول أمور عديدة .. الى ان تسائلت الجدة بقلق عندما دلف مجد الى الصالة ويبدو عليه الإرهاق " أين كنت طيلة النهار يا مجد ؟!"
رمى بنفسه على الاريكة وقال بتعب " كنت على شاطئ البحر " وأغمض عيونه بألم وملامحه الحزينة التي بدت ظاهرة الى الجميع ..
" يبدو انك اصبحت تهمل كل شيء يا بني العزيز.. "
نظر الى والده بملل ثم قال " فرع الشركة الذي بباريس استلمه ماجد ابن عمي وانا اديره من هنا.. "
قاطعهم الجد " حسناً لا تبدأوا بحديث العمل.."
" أين والدتي؟؟" تسائل مجد
علق الجد معقباً " والدتك مكانها معلوم صالون التجميل او ليلة جميلة مع اصدقائها ولكن من الأفضل أن أسأل أنا أيضاً أين قمر لماذا لم تتناول الطعام معنا؟! "
وهنا استيقظت حواس ريم من شرودها لتنظر حيث مجد ثم تلتفت الى جدها وقبل أن تنطق أي حرف خرج صوت جدتها الذي يخبأه غضب كبير ونظرات غامضة ألقتها على مجد " انها متعبة قليلاً.." لتكمل ريم بارتباك " يبدو انها تقضي وقتها بالرسم لذلك هي متعبة.." ووجهت بصرها الى مجد الذي كان ينظر اليها بتهديد و وعيد لتشير هي بعيونها انها لم تخبر جدتها بشيء..
" اذا لا بد لها من هذه الرحلة .. لكي تروح عن نفسها قليلاً.. "
اومأت ريم رأسها مؤيدة .. بينما اكتفت الجدة بأن تلقي نظراتها الخاطفة على مجد " اذا يمكننا الإنطلاق غداً صباحاً.. "
اجاب الجد " لا .. من بعد العصر يكون أفضل .. " ثم وجه كلامه الى مجد الذي نهض من مكانه ومشى بعض خطوات " وانت يا مجد لأن والدك سيبقى هنا من أجل عمله سيكون من الأفضل لو رافقتنا لأ..."
قاطعه قائلاً وهو ينظر الى جدته " لا يا جدي سيكون من الأفضل بقائي هنا.. " وابتسم إبتسامة باهتة " تصبحون على خير.." ليتبعه والده بعد قليل ويتبقى في الصالة ريم ذات الوجه الحزين تعبث بخصلة شعرها ببرود وصمت عميق خلف جدران من الألم والحزن وجدتها التي تحتسي كوباً من الشاي و تسترق اليها النظر من حين الى آخر وعلى وجهها التاريخي ابتسامة غامضة وجدها الذي يقرأ كتاباً ما ليتوجه بحديثه نحو الجدة حتى يبدد الصمت الذي غلف المكان " اذاً أين كنتي طوال النهار.. "
أجابته الجدة بصوت هامس وهي تنظر الى ريم " كنت في مهمة عاطفية من أجل إنقاذ حفيدتك..."
ابتسم الجد ثم أردفت الجدة بقلق " ماذا حصل بشأن المأوى.."
وضع كتابه جانباً و قال مطمأناً " لقد حدثتني مديرته وأخبرتني بقدومه.. وكما أعلمتها ستقول ان كل فتاة تخرج من المأوى تهتم بشئونها الخاصة.."
صمتت الحدة للحظة ثم قالت بحزن " أليس هذا قاسياً على قلبه..؟؟"
" أليس ما فعله هو القاسي.. " ثم التفت موجها حديثه الى ريم " اذاً يا عزيزتي ريم " رفعت وجهها الى جدها فأكمل " لديك غداً يوم مليء وجدول مشحون يكون من الأفضل أن ترتاحي.. "
أومأت برأسها وتمنت لهما ليلة سعيدة لتخرج بعدها من الصالة ثم تتوجه الى غرفتها وترمي بنفسها على سريرها وتمسك بوسادتها لتضمها بكل قوة وألم ثم يبدأ موعدها مع الحزن وشلالات الدموع الى ما بعد منتصف الليل حيث ينتصف القمر في هذه السماء المظلمة محاطاً بأصدقائه النجوم ككل ليلة ليصدر اشعته الى العالم بأسره .. وهو يجلس في الحديقة الخلفية للمنزل ينظر الى القمر تارة ثم الى شرفتها تارة أخرى
" تحبني.. لا تحبني.. تحبني.." اخذ يردد تلك الكلمات وهو يقطع أوراق الزهرة الحمراء الواحدة تلو الأخرى واستمر في ذلك الى أن وصل لأخر ورقة " تحبني.." فأطلق تنهيدة طويلة و تساقطت دمعات لا تعد ولا تحصى وقال بنبرة كانت تكون أقرب الى البكاء وهو يوجه انظاره نحو شرفتها " اذاً لماذا لا أرى ذلك جلياً في وجهها القمري..."
$############

وضعت يدها فوق عيونها لتحجب خيوط الشمس التي تسللت بخفة من خلف زجاج الشرفة لتجعلها تلك الخيوط الذهبية تصحو من عالم تلجأ اليه حين الحزن والألم يكون سريرها هو ملاذها الوحيد لها ولدموعها الثمينة تنهدت بألم وهي تعتدل في جلستها وأخذتها قدماها حيث الشرفة لتأخذ نفساً عميقاً لعلها تطرد تلك الأحلام والكوابيس المزعجة التي أخذت تجعل منها زهرة ذابلة لتغلق عيونها بألم وتسترجع بذكرياتها مواقف جمعتها مع ذلك الرجل الحديدي الذي يدمرها بشتى الوسائل والطرق الممكنة.. مطلقا سمومه القاتلة بدون شفقة أو رحمة بحالها.. حيث ما يفتأ وفي اول فرصة لانفرادهما الا ان يذكرها بمعاناة سنينها ويبدأ بسيل من الاتهامات والاهانات...
هزت رأسها بضيق وهي تفتح عيونها لتركز بانظارها على حنان ودفء هذا المكان الذي يبعث في النفس شعوراً بالراحة والسكينة .. وما لبثت أن فتحت عيونها على اتساعهما مندهشة بذلك الذي يستلقي بجسده الضخم على مقعد خشبي في الحديقة ضاماً نفسه بسبب نسمات الهواء الباردة التي كانت تلفحه.. وأخذت عيونها تنظر اليه ببريق اعجاب على مظهره الفاتن .. فمن ينظر اليه لا يصدق انه هو بذاته ذلك الرجل الحديدي العاصف ينام هكذا بهدوء كبحر سكنت أمواجه بعد يوم عاصف مليء بالأمواج العالية..
ضربت رأسها بخفة لكي تخرج من المشاعر الجميلة التي أخذت تسير الى قلبها وتتربع فيه صادة أبوابه اللعينة التي تحاول أخراجها
"كم أنتي حمقاء.. " قالت هذا وهي تسير مبتعدة عن سجانها الذي اسرها بفتنته .. وأخذت ملامح الضيق ترتسم على وجهها القمري وهي تنظر بعيون دامعة على تلك السلسلة الذهبية لتلتقطها " ااه يا امي.. كيف يمكنني ان اسامحه على فعلته هذه.. ( ثم احتضنتها بقوة وقطرات الدمع التي تسقط من مقلتيها ) لقد دمر أكثر شيء يمكنني التحدث معك عبره.. امي ارجو.."
وخرج صوت حنون دافئ جعل قلب قمر يقفز خوفاً و مرحاً لتقول بلهفة وهي تنظر نحو مصدر الصوت " امي.. واخيراً عدتي.."
" اشتقت اليك يا عزيزتي.."
مسحت دموعها ثم ابتسمت " وانا ايضاً.. "
تسائلت صورة والدتها بعتاب " أتبكين على هذه السلسلة القديمة !!"
اومأت قمر رأسها فاكملت خيال والدتها الحنون " لا داعي لذلك.. فأنا ما دمت في قلبك لن تحتاجي اليها.. انا هنا في كل مكان اشعر بكي.."
اجابتها بغصة " ولكن يا امي.."
" لا اعتراض .. ان كنتي تريدين بث همومك فقط تحدثي وانا سأسمعك.. هيا الى اللقاء الآن " واخذت تلوح بيدها مودعة ثم ابتسمت قائلة " كما قلت في السابق كوني قوية.. وابتسمي لتبتسم لك الحياة.."
وتلاشت صورتها امام نظرات قمر الحزينة....
###########

ومضى اليوم سريعاً اسرع مما كان متوقع وحان الوقت للخروج من هذا المنزل للذهاب في رحلة الى المنطقة الجنوبية .. تجهز الجميع ليستقل الجميع السيارة ويبدأ مشوارنا مع حكايات الأجداد القديمة والذي يقصها كلاً من الجد والجدة على مسامع ريم الشاردة بعض الشيء وقمر التي تستمع بكل حماس ولهفة وبهذه الحكايات تكون قد أبعدت همومها قليلاً.. وعم الصمت المكان بعد اعلان الجد عن بعد عدة أميال للوصول.. لتلتفت قمر الى ريم باستغراب على حالها الخزين هكذا " ريم. ماذا هناك.."
"لا شيء.." ريم وهي تتصنع الابتسامة
تسائلت قمر في حيرة وهي تنظر مباشرة الى عيونها " ألست سعيدة اننا سنكون سوياً لأيام قليلة.."
اجابت ريم باندفاع " هل انتي مجنونة.. انا سعيدة دائما عندما اكون برفقتك.." ثم أخذت تقرص وجنتي قمر وتقول " انتي افضل ما يسعدني.. هكذا عندما انظر اليك اشعر انه ما يزال هناك أشخاص طيبون في هذا العالم .."
علق الجد مازحاً " ولكن يا حفيدتي الجميلة لا تصدقيها مؤكد ان ضربة شمس ألمت في رأسها فليس من عادتها ان تتغزل في فتاة غير نفسها.."
ضحك الجميع على تعليق الجد ثم غلف الصمت المكان من جديد يعبث رأسهم بأفكار عدة فمن جهة كانت ريم تحاول ايجاد سبباً منطقياً لاتصال رائد بها .. .. واليوم قبل مغادرتهم المنزل بدقائق يتصل بها ويطلب منها اللقاء العاجل ولكنها رفضت قائلة " أننا سننطلق الآن الى المنطقة الجنوبية "،، زفرت بحرارة وهي تتذكر صوته الحزين والذي يبدو عليه الارهاق والتعب " ريم ارجوكي .. فقط.."
قاطعته بحزن " لا استطيع يا رائد ،، فنحن على وشك الذهاب.. "
" حقاً !! اذا لنا ميعاد هناك.."
تسائلت باستغراب " كيف ذلك !!"
" سأخبرك عند قدومي ،، إهتمي بنفسك جيداً.."
ولكن ما سر قدومه !! ولماذا سيذهب هو الى المنطقة الجنوبية ؟! هل يعقل انه وجد له عمل براتب افضل !! هزت رأسها نفياً ،، لا يمكن فوالدته مريضة ولا يستطيع تركها !! ياا الهي ماذا يكون ذلك الذي بستدعيه للذهاب!!
ومن جهة أخرى كانت قمر تنظر الى الطريق بابتسامة جميلة الى أن تقوس فمها بضيق وهي تحاول الفرار من طيف ذلك الحديدي الذي ما زال عالقاً في رأسها يأبى الخروج.. ودهشتها في سر تلك الابتسامة التي وجّهها لها قبل المغادرة والتي اظهرت غمازتين على ذلك الوجه الحديدي وحاصرتها علامات تساؤل كثيرة؟؟ ولكن جاءتها الاجابة عندما ظهرت خلفها ريم.. تنهدت بيأس حينها فسر هذه الابتسامة هو شقيقته!!
أخذت نفساً عميقاً ثم راحت تفكر فيه لتدخل في دوامة لا مخرج منها .. فهو بجميع احواله يبدو وسيماً و جميلاً ،، فاتناً جذاباً.. ففي حالة هدوءه يكون كالبحر الساكن في ليالي الصيف الجافة لا ريح يجعل امواجه تتضارب وتتعالى .. وحين غضبه يكون كالحمم البركانية التي تجعل وجهه أحمراً نارياً يلفظ انفاساً نارياً كالتنين .. او كصاعقة في ليلة شتائية باردة أو كعاصفة رملية.. وأما عيونه فهي حكاية أخرى كمتاهة تسير بها لا تعلم اين المخرج تأسرها بسحرها و..

خرج صوت الجدة عالياً معلنا عن الوصول.. لتنتشل الفتاتان من افكارهما وتترجلا من السيارة...

أخذت نفساً عميقاً وهي تخرج ممسكة بحقيبة الظهر خاصتها نتظر بانبهار واعجاب الى ذلك المنزل الصيفي والذي لا يقل جمالاً وبذاخة عن منزلهم في المدينة وكما كان يلف منزل المدينة حديقة مليئة بالأشجار والأزهار.. كان هذا المنزل الخشبي تلفه حدائق متعددة ممتدة على امتداد البصيرة..

وفي مكان يعم فيه الهدوء مع صوت الموسيقى الكلاسيكية التي امتلأت المكان... مقهى صغير في أحد شوارع المدينة الضخمة يغلب عليه الطابع الكلاسيكي حيث استخدم اللون الاسود والابيض في تصميم ديكور هذا المكان ،، يقف ممسكا بسماعة الهاتف بسعادة و صوت رنين متواصل أخذ يسمعه وهو يضعها اذنه .. ليأتيه بعد دقائق صوتها القلق " ماذا هناك ،،لماذا تتصل في هذا الوقت المتأخر !!"
" متأخر!! انها لم تتجاوز السادسة حتى "
" حقا.. اجل!! ماذا يوجد !!" أجابته بنعاس
" خمني ماذا ؟! " خرج صوته بنبرة استفزازية
" ليس لدي رغبة .. ماذا هناك يا رائد ؟!"
" هل تتذكرين حلمي الوحيد ؟!"
التفتت الى والدته التي تشرب القليل من الحساء " شفاء والدتك " ونقلت عيونها الى شقيقته الصغرى التي تساعدها " وتأمين حياة جميلة لشقيقتك ،، ولا اظن أنني سأنسى زوجة المستقبل ريم "
" ذكية جداً.. ولكنها ستبقى مجرد أحلام.."
" ماذا تقصد !! كل هذا التفكير وما زلت ترفض الفكرة !!" وأكملت بضيق " واتصلت لتقول لي هذا ؟! "
تنهد بتعب " لا ادري يا جيداء .. فكرت وفكرت .."
قاطعته وهي تجلس على الكنبة " لا جدوى من تفكيرك ،، فكل شيء أصبح ملكك "
" وهذا الذي يحيرني ،، كيف يمكنني استلام منصب كهذا !!"
" تتلقى المساعدة،، ثم انه يتبقى لك سنة وتتخرج "
صمت قليلا وقال " اتصلت بريم.. "
قالت بنفاذ صبر " رائد انك جيد جداً بتغيير المواضيع.. حسنا لقد اطلنا الح.. "
" لن تغضبي ان اصبحت يوماً غنياً ذو رأس مال كبير ولن انظر اليكي حينها.. "
قالت بسخرية " هذا ان حصل يو..." ثم شهقت بقوة " هل حقاً ستوافق!!"
" يمكنك القول انني وافقت ، وسأذهب بعد يومين "
تنهدت براحة وقالت بفرح " مبارك لك اذاً ذلك المنصب ،، انا متأكدة انك ستعمل جيداً.."
" أتمنى ذلك "

عن أي منصب يتحدث كلاً من رائد وجيداء!!
وماذا سيكون ذلك الأمر الذي يستدعي ذهابه وراء ريم !!
وماذا ستحمل الرحلة لقمر ،، أحزان و أوجاع جديدة ،، ام فرح وسعادة ؟؟

بعد هذه التساؤلات ننتقل الى الخبر الصادم !!!
،
بما انه هاي الرواية اول رواية بكتبها وما كنت بدي خليها طويلة كتير ،، لانه لساتني مبتدأة .... وهاد الشي تحقق بما انه اناا طالبة جامعية والجامعة بتااخد وقتي،، قررت انا المدعوة شيمو انه يكون هاد البارت....
قبل الاخير ،، مع انه في احداث كتير وشخصيات كنت بدي اضيفها ،، بس الوقت ما بساعدني ،، وكمان ضغط الجامعة والدراسة من جهة وبماا اني بدرس هندسة شي طبيعي تاخد الدراسة وقت كتير و اكيد اغلبكم بعرفو هاد الوضع ،، فيعني البارت الجاي للاسف رح يكون الاخير مع انه في اشياء ما اخدت حقها في التفصيل وهيكاا.. بس رح اعمل النهاية ان شاء الله واقعية ،، وطبعاا رح يكون للرواية تعديل وهيكاا عشان ما فيها احداث كتير ،، المهم بعرفش متى البارت الجاي لانه رح يكون طويل...

معلش اعذروني





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-11-15, 09:59 PM   #13

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


لَنْ تجعلوا من شعبِنا
شعبَ هُنودٍ حُمرْ
فنحنُ باقونَ هُنا ..
في هذه الأرض التي تلبس في مِعْصَمها
إسوارةً من زهرْ
فهذه بلادُنا
فيها وُجِدنَا منذ فجر العمرْ
فيها لعِبنْا.. وعشِقْنا.. وكتبنَا الشِعرْ
مُشَرِّشُونَ نحنُ في خُلجانها
مثلَ حشيش البحرْ
مُشَرِّشُونَ نحنُ في تاريخها
في خُبزها المرقُوقِ.. في زيتونِها

في قمحها المُصْفَرّْ
مُشَرِّشُونَ نحنُ في وجدانِها
باقونَ في آذارها
باقونَ في نيَسْاَنِها
باقونَ كالحَفْر على صُلبانِها
وفي الوصايا العشْرْ ...


،،،،
،،،
،،
،







لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-03-16, 10:46 PM   #14

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

بالبداية السلام عليكم ،، كيفكم !!
سبق وقررت انه رح انهي الرواية لأسباب معينة بس الصراحة رجعت وفكرت وفكرت وفكرت.. او بالاصح صار كل هاد التفكير بعد اقنااع اختي الالكترونية وبنت بلدي اسيرة،، ااه وكماان هلأ انتبهت لرد كبرياء فلسطينية بحب اشكركم لانكم نصحتوني ورح اعمل بنصيحتكم،، فيعني حكمت المحكمة باشرافي انااا انه ===> ما انهي الرواية لو شو ما كان ورح تاخد حقها بعرض كافة الاحداث يلي بتخطر عبالي وماا اقفلها لانه لو قفلتا رح ابتعد عن الكتابة والتهي ،،،
طولت كتير بالحكي بعرف ... المهم قراءة ممتعة

الفصل العاشر


كان الصّباح مُشرقا ساحراً، يُغْري بالتّنزّه فِي أحْضَان الطّبيعة الفتّانة بحسن بديعها وجمالها، وبعد يومين من انقضاء تلك الرحلة الجميلة خرجْت الفتاتان منذ الصباح الباكر إلى الحديقة المنزلية ليستمتعا بهذا الجو الجميل..
كانت الحديقة تضمّ بركة من المياه ،،وكأنها بحيرة تنبسط حولها روضة غنّاء،تبدو البركة لوحة فنّيّة رائعة، و سطحها المائي يتراءى مُلتمعاً مثل المرآة المصقولة ،، وقد تعَلِق نظر الفتاتان بتلك المروج الخضراء الممتدّة بأعشابها النضرة وورودها اليانعة، وبتلك السّهول المنبسطة انبساطا يبعث في النفس السّرور والراحة ويجعلها تجوب أرجائها الواسعة التي تبهج العين وتروّح الصّدر بهوائها النقيّ العليل.....
" انه مكان جميل جداً.." قالتها قمر وهي تجلس بجانب ريم على ارجوحة حمراء اللون..
اومأت ريم رأسها وقالت بتعب واضح " أجل.. لي زمن لم احضر الى هنا.."
" كنت احتاج مكان كهذا لكي أخرج قليلاً من اليأس والحزن الذي كنت فيه.." قمر براحة
" جميعنا نحتاج لفترة هكذا تكون فترة نقاهة لكي نرتب فيها اولوياتنا.. ونستطيع الابتعاد لكي نفكر ملياً بقرارتنا.."
وما ان انهت ريم جملتها حتى اعتلى صوت هاتفها معلناً عن وصول رسالة لتمسكه وتبدأ عيونها تستقر على كل حرف من حروف الرسالة ( مرحبا ريم ربما لست أول من يهنأك بهذا اليوم الجميل ،، ولكن عيد ميلاد سعيد ..)
كانت تقرأ كل حرف من حروفها بابتسامة حالمة وحب وشوق كبير لتتسائل قمر " من المرسل؟!"
" رائد.." اجابتها ريم وما زالت الابتسامة على وجهها
" وماذا كان يريد!!"
قالت بابتسامة "يخبرني بموعد قدومه..."
" لا بد انك اشتقت اليه " تسائلت قمر
"ما رأيك ان نسير قليلاً لقد مللت وانا اجلس هكذا تحت اشعة الشمس.." قالتها ريم بعد ان اومأت رأسها بحياء وهي تنهض متجاهلة سؤال قمر التي ابتسمت ثم قالت وكأنها تذكرت شيئا ما " ومن بعدها سنذهب الى التسوق "
" حسناً.. هذا جيد !!" ثم تحدثت في سرها بحزن " يبدو انك الوحيد يا رائد الذي تتذكر يوم ميلادي "
وأخذتا تسيران جنبا لجنب تتنقلان من مكان الى أخر بكل راحة وابتسامة لم تفارق وجهيهما مبعدتان افكارهما السوداء التي تأخذهما في طريق معتم مليء بالاوجاع والأحزان.. ليتوجها بعدها برفقة السائق الى بازار تقليدي صغير يأتيه السياح من مختلف أنحاء العالم يصتف فيه البائعين تحت خيم من القماش يبيعون فيه ملابس تقليدية و بعض المطرزات ذات الالوان والأشكال المختلفة.. وبعضاً من المأكولات الشعبية التي تجتذب السائح... وسرعان ما اندمجت الفتاتان في هذا السوق الشعبي تنتقلان بين ازقته بسعادة واعجاب... تضحان تارة ثم تسخران تارة اخرى يليها العبث ببعض المجوهرات المصنوعة من الخرز الملون.. وتجربان القبعات المصنوعة من القش.. ويستمتعا ببعض من الموسيقى التقليدية...
لنبتعد قليلا عن الفتاتان ونعود بادراجنا حيث المدينة ..،، وعلى مفترق احدى الطرق نقف حيث يقبع قصرنا الصغير ،، وتتوجه خطانا في السير حيث يجلس على مقعد خشبي وكعادته وعلى مدار اليومين الماضيين يمسك تلك السيجارة اللعينة باضطراب ويبدأ بنفث دخانها مرة تلو الاخرى بلا مبالاة ،، الى ان ينتهي منها ويسحقها ارضا....
اخذت يداه بعد ذلك تقلب بين تلك الاوراق العديدة بعيون يملأها مزيج غير متجانس من السعادة والحزن .... الاعجاب والحب .. الندم والاسف.. كل تلك المشاعر ألمت به منذ ان عاد البارحة ليلا بعد ان قضى معظم وقته على شاطئ البحر يعاود عيش ذلك اليوم الذي قضاه معهاا وهو يغني باغاني الحب ،، ليعود في المساء يجلس على هذا المقعد من جديد يستذكر مشاعره التي تولدت في تلك الامسية الجميلة حيث قضاها بجانب ملاكه الجميل...و ابتسم بحب وهو ينظر الى هذه الرسومات الابداعية وكأنها رسمت على يد امهر الرسامين في العالم.. ولكن الغريب بالأمر هو...ان بطل هذه الرسمات هو نفسه....
فهذه الرسمة هي يوم قضائهم ذلك اليوم على شاطئ البحر بعد ذهابهم لشراء معدات الرسم... تجلس هي على الرمال تنظر بابتسامة الى ذلك الذي تعبث انامله بأوتار الجيتار.. ابتسم بسعادة قبل ان ينظر الى الورقة التي تليها حيث عقد حاجبيه استغرابا وضيقا وهو ينظر الى نفسه مرسوما بطريقة جميلة تصف ما تراه قمر في ذاته من خلال وقغته تلك مستندا على حائط على ما يبدو عيونه كالدم الاحمر حمراء مستشيظة غضبا موجهة الى ناحية ما... وفي الورقة التي تليها كانت الرسمة مقسمة الى نصفين... الاوان الزاهية تحتل نصفا... والالوان الباهتة تحتل النصف الاخر.... اما النصف الاول كانت اوراق الشجر الخضراء والتي تتخلها الوان الورود الحمراء خلف ذلك المقعد الخشبي والاضواء المسلطة على هذه الناحية تزين الجلسة.. يجلس هو على مقعد خشبي ممسك بيدها برفق وعيونه الجميلة التي بلون الرماد مسطلة عليها.... اما هي فعيونها العسلية الجميلة تنظر اليه بارتباااك وحيرة و بابتسامة رقيقة.....
ابتسم لذلك وهو يتذكر ليلة الامسية كيف جلسا سويا لبضع دقائق على نفس المقعد الذي يجلس عليه... اخذ نفسا عميقا وهو يشعر بضيق وجبال ضخمة من الحنين والاشتياق فماذا تكون تفعل الان!! وكيف تقضي وقتها بعيدا عنه !! هل حزينة ام سعيدة؟؟ ردد هذه التساؤلات في رأسه بحيرة واعاد بنظراته الى الورقة من جديد وهو يتأمل ابداعها.. حيث مثلت ذهابه بعد ذلك كالطيف.. حيث رسمته بالوااان خفيفة جدا وهو يغادر المكاان... واكثر ما لفت انتباهه هو مسيرها بعد ذلك الى تلك المنطقة ذات الالوان الباهتة ذات لون رمادي اسود على هيئة طيف فراشة ملونة اخذت تتخلل تلك المنطقة الرمادية وكأنها بروحها المرحة والسعادة العارمة النابعة من داخلها تدخل البهجة الى قلوب الاخرين بل للعالم باسره والى ذلك القلب الحديدي الذي يملكه حيث ينظر الى فراشته الجميلة بحب كبير واخذ يحدث صورتها المرسومة بندم واسف " هل تعلمين يا فراشتي الجميلة ،، انك اجمل فتيات الكون.. انتي وحدك من احدثتي ذلك الزلزال الغريب في.. ( ابتسم بمرارة) ادرك تماما انك تكرهينني بشدة.. بسبب تصرفاتي.. (وهنا اكمل وهو يضم الورقة الى صدره) ولكنني اريدك كثيرا.. اريدك اكثر من كل شيء.. اريد ان اعانقك بشدة لتمتزجي بي وتكونين لي وحدي انا فقط.. تكونين شيئا ساكنا في لا استطيع الابتعاد عنه..( تنهد تنهيدة طويلة ثم اعاد الورقة امام ناظريه وهو يتحسس صورتها المرسومة بكل حب) اعلم انك لا تفهمين معنى بعض تصرفاتي وحالي المتقلب.. انا نفسي لا افهمها.. ولكنني أفهم جيدا حال ذلك القلب الذي ينبض حين رؤيتك... وافهم جيدا حاله عندما تختفين عن الانظاار ... اشتقت لك بحجم هذه السمااء يا صغيرتي"
ثم طبع قبلة على تلك الورقة وهمس بشيء ما بصوت منخفض قبل ان ينتقل الى الورقة التي تليها والتي كانت مطوية لتصبح بنفس حجم الاخريات..و مذ ان فتحها سقطت عيونه عليها حتى اتسعت غير مصدقة لما تراه كانت عدة رسوماات لتلك السلسلة الذهبية والتي كانت ترتديها ليلة الامسية.. فشعر بدمه سيتدفق من عروقه واستشاظ غضبا فالقى بتلك الورقة جانبا وهم مبتعدا عن المكان وعاود اشعال سيجارته من جديد وهو ينطلق عابرا بسيارته شوارع المدينة.. غير منتبه لبقية الرسمة لتكشف له سرا كبير بغضبه هذا لم يكتشفه.....
♡♡♡♡♡♡♡♡♡

كانتا تسيران في طريقهم للبيت تعبران طريقاً عشبياً جميل والشّمس عند الأفق تقف مودعة هذه الطبيعة الخلابة، ولونها الأحمر المتوهّج المنعكس على مياه البحيرة فيضفى عليها سحرا ويجعلها تتلألأ كبلورات صغيرة .. وأسراب البط الابيض الذي يسير خلف بعضه البعض عابرا تلك المياه بشكل جميل ..
" لا ادري ما كل هذا الاصرار " قالت ريم وهي تلهث من شدة التعب
قمر بابتسامة غامضة " لا لشيء،،، ثم ان التسوق مفيد للصحة.. "
" لا بد انكي اخذتي عدوى التسوق مني " علقت ريم بفخر..
ابتسمت قمر واكملا مسيرهما بأحمالهم الكثيرة الى ان وصلا حيث منزلهم الخشبي
وتقول ريم باستغراب " لماذا الأنوار مطفأة؟!"
اجابتها قمر " لا ادري.."
ثم توقفت وهي تمسك يد ريم برعب " انا أخاف من الظلام.."
أخذت ريم نفساً عميقاً و راحت تهدأ من نفسها التي ارتاعت.. الانوار مطفأة هذا يعني انه لا يوجد احد في المنزل.. حتى السائق غير موجود ،، " قمر اهدأي.. لا يوجد شيء يستدعي كل ذلك الخوف.."
وما زادت قمر الا تعلقاً وتشبثاً فيها.. وريم التي ازدادت ضربات قلبها وهي تفتح باب المنزل وتدخل ذلك الممر المظلم بأطراف متوترة وتبدأ تتحسس الحائط لاشعال النور ولكن ارتخت يد قمر عنها... فأخذت تنادي قمر عندما لم تشعر بانفاسها المتلاحقة بخوف " قمر.. قمر.."
ولكن صوت ارتطام جسد قوي بالأرض جعلها تصرخ بقوة كبيرة وبانفعال " قمر...."
وشعرت بأحد ما خلفها فأغمضت عيونها بخوف وذعر شديد وضمت يداها الى صدرها ولكن زاد ذعرها عندما خرجت اصوات خفيفة تعبر عن الألم .. فأخذت تمشي بخوف شديد وتصرخ باسم قمر الى أن سمعت صوت الباب الرئيسي يغلق بقوة فأخذت تصرخ بقوة وهي تضع يداها على وجهها وتذرف الدموع الى أن شعرت بالإضاءة تتسلط على وجهها ومزيج من الاصواات يقول
...........
.........
.......
.....
...
.

" مفاااجئة .."



ضحكت ريم وقالت بعدم تصديق " لا أكاد اصدق الى الان .. كيف خدعتني بحجة التسوق"
اجابها رامي بسخرية " لأنك حمقاء.. "
بينما اكتفى مجد بأن ألقى بنظره حيث قمر وابتسم بهدوء ثم قال موجها حديثه الى ريم " انت تعلمين اننا لا ننسى يوم مولدك.."
اجابته بامتنان وفرح شديد " اعلم ذلك.."
" على كل حال كان يوماً اسوداً وما زال..سأذهب لأشعل بعضا من الموسيقى"
تجاهلت ريم تعليق رامي ثم أخذت تنظر بلهفة وسعادة الى البوابة الرئيسية عندما لمحت محبوبها يتوجه نحوهم فذهبت مسرعة تركض باتجاهه حاملة معها شوقاً وحباً كبيراً بينما مضى مجد في طريقه حيث تقف قمر معلنة الابتعاد عن سحره لهذه الليلة وعن عيونه التي تتصفح تضاريس جسدها بين الفنية والاخرى.. كانت ترتدي سروالاً واسعاً بعض الشيء وانتقت له قميصا ابيض اللون.. فاردة خصلات شعرها المجعدة بحرية تامة لتنساب على أكمل ظهرها...
" هل يمكننا التحدث قليلاً !!"
عارضته قائلة وهي تحاول الفرار والنجاة منه بصفته مدمرها اولا وثانيا بسبب قلبها الذي لا يرفض الا ان يحدث زلزالا قويا "وماذا تريد!!"
"أرجوكي فقط خمس دقائق لا أكثر " مجد برجاء
نظرت اليه مطولا ثم قالت بتهكم "لا اظن انك شخص شهم لتعتذر مني.."
قال بنبرة هادئة " ولكن أنا حقاً اريد الاعتذار.."
" اعتذارك مقبول.." قالت ذلك بلا مبالاة وهمت بتجاوزه ولكن يده التي امسكت بمرفقها اوقفتها ليقول برجاء " ارجوكي.. دعينا نتحدث.."
وبرغم لمسته الصاعقة والتي اشعلت نيرانا في قلبها بل بكامل جسدها التفتت اليه وقالت ببرود " ماذا هناك؟!"
ابتسم ثم قال بنظرة ذات مغزى عندما اعتلى صوت الموسيقى الهادئة " دعينا نرقص قليلاً ونتحدث حينها.."
شعرت بالتردد قليلاً لكنه حثها قائلاً " هياا،،"
وهل تستطيع الرفض ،، وكيف وهو يريد ذاك ؟؟
ثم ليسيرا سوياً امام انظار الجدة القلقة والتي استرعت انتباه مجد فأشار اليها بالاطمئنان لتبتسم بثقة ،، ثم تنقل بصرها حيث حفيدتها الأخرى والتي تقف مع رائد.. وقالت في سرها " يبدو انك قبلت بالامر الواقع يا رائد "

أخذ صوت مألوف يردد أحلى الكلمات واشجاها وهما يتمايلان على هذه الالحان.. وتنتهي الرقصة ليتلوها رقصة أخرى مستقرة يداه على خصرها النحيل ويداها المضطربة على عنقه بسبب هذا القرب وهذه الرقصة الغامضة.. وكانت تحدث نفسها بقوة بأنها لن تسمح له أن يهينها او يتحدث بسوء عنها فستقف ضده وتحاربه هي ايضاً.. وصمته الموحش الذي زرع فيها الحيرة لترفع وجهها نحوه وتقول بحدة " اذا ماذا هناك؟! لنا زمن ونحن على هذا الصمت!"
"لا ادري لما كل هذه الحدة في الحديث.. لم اعتد عليكي هكذا.."
قالت بحدة اكبر وهي تحاول الابتعاد عنه " اذا حاول الاعتياد من بعد الان... ولا تنتظر من.."
قاطعها بهدوء وهو يجذبها اليه من جديد " هل يمكنك ان تسامحينني..؟!"
نظرت اليه ثم قالت بعدم ادراك بسبب قربهما الشديد " على ماذا؟!"
نظر الى عيونها مباشرة ليأخذه سحرها الى عالم آخر حتى انه لم يستطع ان ينطق بحرف ثم اخذ نفساً عميقاً بعد ان طأطأت قمر رأسها بحياء مبتعدة عن عيونه وقال مغيراً دفة الحديث " هل تعلمين ما تقول عيونك عن شخصيتك !!"
قالت بحزن عميق وهي تخرج ما بداخلها من اوجاع " تقول انني فتاة ساذجة مغفلة ترقص معك برغم ما يأتيها منك.. فتاة تدمرت لا تستطيع العيش الا بألم،، فتاة عاشت في مكان يأوي الايتام في حين ان والدها على قيد الحياة تركها لتعيش ألما كبيرا تحلم فقط ان تعيش بسعادة ،،، (بلعت غصتها ) وبعد ان أتتها السعادة او هكذا كانت تظن ،، فإذ بالحزن والتعاسة أبت ألا تفارقها"
عض على شفتيه بألم وهي تخرج سيلاً من الآلام التي ترسخت جذورها في اعماقها وترفض ان تقتلع تلك الجذور ،، اولا فهي عاشت حياتها وحيدة من دون ام ترعاها او اب يغدق عليها بحنانه ثم بعد سنين تأتي لها السعادة بان تظهر عائلة والدها لتقطن في منزلهم وبسببه هو تلك السعادة التي كانت ستبحر في اعماقها عادت ادراجها الى الشاطئ لتبقى التعاسة تبحر فيها معها وبداخلها ترفض العودة الى المينااء ،، ألا يكفيك يا مجد تلاعبا فيها وبسعادتها .. الا يكفيك الا ان تراها تتعذب امام ناظريك .. يكفي الى هذا الحد !!
ثم قال وهو يهز رأسه نفياً " لا تقول هذا.."
قالت بانزعاج " اذا ماذا تقول ؟!"
ابتسم وهو يتذكر تلك المعلومة التي قرأها في احدى مواقع الانترنت وأخذ ينظر الى عيونها ببريق من الاعجاب ليقشعر جسدها وتتسارع ضربات قلبها الى سرعة تكاد تساوي سرعة الضوء .. وأخذ يداعب خصلة من شعرها الطويل امام دهشتها التي جعلت قدماها تقف عن الحراك وتجمدت عضلة لسانها عن الحراك فلم تستطع الرفض ولو بكلمة واحدة لتنظر الى عيونه باستسلام وتحاول التركيز فيما يقوله
" ان أصحاب العيون العسلية يتصفون بالعفوية والمحبة والأناقة وقادرة على جذب الآخرين اليها.."
صمت قليلاً وأخذ يتمتع جمال وجهها الأبيض الجميل وعيونها الساحرة الى أن أشاحت وجهها بارتباك.. ثم تنهد بتعب وقال بندم " سامحيني قبل أن يفوت الأوان.. !!"
وقبل ان تعود للغوص في بحر عيونه الرمادية انتشلت نفسها من بين يديه وقالت بجمود بعكس الارتباك الذي بداخلها " عن اذنك فقد تعبت.." لتيسر مبتعدة عنه حتى تجلس على الأريكة بأفكارها المشحونة والتي ستدمر عقلها..
لينظر اليها بخيبة أمل و يأس شديد.. ويقول بابتسامة " وانا أقول ان عيونك كارثة.."

وتمضي الدقائق تليها الدقائق وتلك الفتاة التي ظلت حبيسة افكارها مع ذلك الرجل الحديدي والذي كان تصرفه غريباً جدا بعث في نفسها الشك ،، و اصبح الأرق هذه الليلة ملتحقا الى قائمة اصداقئها لتقضي معه تلك الليلة الطويلة تستغرب فيه حال ذلك البارد المتعجرف ،، ذو التصرفات الغريبة... وما سر تلك الرقصة اللعينة التي جعلت قلبها يدق بعنف !!وما سر ذلك الهدوء الذي كان يكتسي ملامحه؟؟ لا بد انه الهدوء الذي يسمى ما قبل العاصفة... وماذا يعني بسامحيني قبل فوات الأوان؟؟ لا يعقل ان هدأت براكينه الداخلية !! وهنا ابتسمت بألم وهي تتذكر تصرافته معها وكيف ينتهز الفرصة ليقضي عليها بكلمة واحدة بسمومه واهاناته !! تنهدت بألم وهي تمسك سلسلتها الذهبية من جديد لتحادث والدتها بهمس " أمي ،، هل تعلمين ؟؟ المكان هنا جميل جداً ،، ليتك لم تذهبي الى الاعلى ،،" وانحدرت دمعة يتيمة فمسحتها بباطن يدها بسرعة " لن ابكي هكذا وعدتك وسأكون على عهدي ... ولكنني اشتقت لك كثيرا .. اعلم كنت صغيرة حينها ولكن ..." ولم تستطع منع نفسها من البكاء فأخذت دموعها تسيل بحرقة " لكنني انحرمت منك لسنوات طويلة،، لا اتذكرك الا بهذه الصورة " واخرجت صورة من تحت وسادتها وضمتها الى صدرها واجهت في البكاء وشهقاتها التي وصلت الى مسامعه وهو يقترب من بابها فأغلق عيونه بألم وهو يضع كلتا يديه على صدره ويبدأ صراعه الداخلي الذي يشده الى الدخول اليها وأخذها الى احضانه ليخفف عنها الامها او الهروب بعيداً .. بعيداً عن تلك الفتاة .. الفتاة التي جعلت قلبه ينتفض باسم الحب من جديد!!! فأخذت اطرافه تسير باضطراب،، تارة تتوقف لتعود وتارة تذهب في طريقها.. الى ان حسم امره في المضي بعيداً عن بابها لعله يستطيع محو كل ذكرياته التي علقت في ذهنه... وأخذ يسير بأقدامه نحو الحديقة لتأخذه قدماه نحو ذلك الاسطبل الذي يقبع في الجهة الخلفية ليمسك بلجام خيله الابيض ويعدو مبتعداً...

و أخذت xxxxب الساعة ذات اللون الأزرق تسير لتدور دورات كاملة عدة مرات الى أن استقرت على الثانية عشر ظهراً... فتحت عيونها لتعتدل في جلستها بتكاسل وهي تشعر ببعض الألم في رأسها ،، شهقت بقوة وهي تنظر الى الساعة فنهضت مسرعة من فراشها متجهة نحو دورة المياه وما هي الا دقائق حتى خرجت متجهة نحو خزانة الملابس الخاصة لتبدأ بانتقاء شيء مناسب لهذا اليوم... واخذت تبعثر ثيابها بضجر وحيرة ...
وضعت يدها على رأسها بتعب " يا الهي ماذا سأرتدي الآن ؟؟" و جلست على على فراشها وهي تنظر الى كومة الملابس وهي في حرتها تلك اعتلى صوت طرقات على بابها ... فقالت بلا مبالاة " تفضل.."
" صبااح جميل ايتها الخرقاء..."
نظرت اليه وقالت بغضب " عن أي صبااح تتحدث يا مجد ؟؟"
نظر الى الساعة وقال وهو يجلس على مقعد خشبي بلون اوراق الشجر " ما زالت الثانية عشر.." ثم نظر الى كومة الملابس بصدمة " ما هذا ؟؟"
" لا ادري أي واحد منهم ارتدي !!" ثم أخذت تنظر اليه بابتسامة ماكرة " أرجوك ساعدني بالاختيار"
اجابها بسخرية " حقاً،، دعيني اوضح لك شيئاً،، هل لي شعر طويل يجعلك تظنين انني فتاة "
نهضت من مكانها واخذت تسحب بيده وتبدأ بتوسلها " أرجووك فقط هذه المررة "
قال بصوت منخفض " وستكون المرة الاخيرة بالتأكيد" و تبعها باستسلام الى حيث الخزانة وأخذت تخرج بعضا من ملابسها امامه وهو يشير بانه لا يليق او غير مناسب وهكذا قد مضت نصف ساعة ...
" هل تظن ان الامور ستسير بيننا على ما يرام بعد ذلك.. وان امي لن ترفض ان حصل الامر ؟؟"
اجابها وهو يخرج فستانا بلون الفستق " عندما يحظى بفرصة مثل هذه اظن ان من اولوياته اسرته ثم انتي.. وعندما يحين الوقت صدقيني سيعترف بحبه لك وسيساعده ذلك الامر الذي حصل عليه.. (صمت قليلا ثم قال بابتسامة ) رائد شاب صالح وهو مناسب لك.. برغم فقره لكنه عزيز النفس كما رأيتك.. وبصعوبة تقبل اﻻمر " وأكمل وهو يوجه لها ذلك الفستان " أظن انه مناسب جداً..."
أخذته منه وقالت بامتنان " شكرا لك..."
" ثم اين ابنة عمك تلك لتأتي لمساعدتك ؟؟" قال وهو يعقد ساعديه
شعرت بالانزعاج منه ،، فما الذي يستدعي مجد ان يعاملها بتلك المعاملة السيئة.. ومن غير الممكن ان تكون قد تصرفت معه تصرفا غير لائق يجعله يتحدث عنها هكذا.. لذلك قالت: " لا أظن انها ابنة عمي وحدي ،، هي ايضا ابنة عمك ،، ثم ماذا يجري لك ان عاملتها بلطف ؟؟ ( وبنبرة ساخرة ) كليلة أمس "
زفر بحرارة و بدأ يسير متوجها الى الخارج " لا يهم .. ثم انني...."
قاطعته بحدة " اياك ان تزعجها مرة اخرى ..."
" أساساً لن يحصل ذلك مرة أخرى ....." قالها بغضب وهو يغلق باب غرفتها بقوة...
ثم نظرت الى الباب وقالت بإحباط " أتمنى ذلك.."
وما هي الا نصف ساعة اخرى قد مضت وهي تزين نفسها وتستعد الى هذا الموعد الذي سيحدد مصيرها مع رائد ،، أخذت نفسا عميقا بعد ان اخبرها رائد " هيا أنا بالخارج انتظرك" .... امسكت حقيبتها السوداء وخرجت من غرفتها لتبدأ قدماها تنزل عتبات السلم بسععادة كبيرة ،، فأخيراً حدثت معجزة بأن تجعلها ملكاً لذلك الرجل .. فهل سيطول الامر!!!
وصادفت جدتها في طريقها وهي تدخل الى الصالة " تمني له الحظ يا جدتي"... لتجيبها الاخرى " حظا موفقاً لكما..."
وأمام ناظري من يتواجد في الصالة خرجت ريم من المنزل بسعادة ولهفة ،،، فقالت والدتها " يبدو انه يلزمها تأديب هذه الفتاة "
علقت الجدة وهي تجلس على اريكة بيضاء اللون " و أنت من سيعمل على تربيتها من جديد (وبسخرية ) لا أظن ذلك "
قالت بغرور " ولم لا ،، ألست والدتها ؟؟"
" جيد انك تذكرت ذلك... " الجدة بتهكم ،، ثم أكملت بنبرة جادة " ربما فعلتي ما تستطيعين لابعادها عنه وحرضتي صديقتها ايضاً،، "
" ماذا تقولين أنتي؟؟" خرجت كلماتها بارتباك وهي تبعد نظراتها عن الجدة التي اكملت " ولكن ريم سمعتك تتحدثين الى صديقتها "
" ماذا ؟؟"
ابتسمت الجدة " حسنا لا تتعبي نفسك أكثر من ذلك ،، فلن تستطيعي ولن تستطيعي ذلك لأخبرك بأمر ما...."
نهضت من مكانها غير مكترثة بتلك العجوز الخرقاء التي بدأت بالحديث عن ذلك المدعو رائد...ولكنها توقفت بصدمة عندما سمعت انه استلم منصبا صغيرا بعض الشيء ليعيل به اسرته وينتصر على الفقر وابتسمت والدة ريم واصبح وجهها مشرقاً من السعادة " هذا جيد،، على الاقل اصبح له مكانة حتى وان كانت قليلة و ربما في المستقبل يصبح ورقة رابحة بما انه يعمل في مؤسسة كهذه "... ثم قالت وهي تخرج " أنا ذاهبة الآن ،، اشكرك لتفكيرك بابنتي وأوصلي تهاني الى ابنتي العزيزة "
هزت الجدة رأسها بقلة حيلة وعدم تصديق لهذه المرأة التي تفني حياتها في التنزه والخروجات ،، المال والحياة الراقية متناسية اولادها و حياتها العائلية التي ستفقدها مع مرورالزمن،، فعندما علمت ان رائد سيصبح فرصة لها وورقة رابحة على حد قولها ،، تبدل حالها من معارضة امر علاقتهما الى موافقة بكل تأكيد ،، فهي كيف سترفضه وهو اصبح رسميا وبشكل قانوني موظفا باحدى المؤسسات الخيرية والمشهورة في المنطقة فالآن تستطيع القول ان ابنتها تصادق شابا يعمل في احدى المؤسسات وانتشلها من تفكيرها ذلك الصوت وهو يجلس بجانبها
(جدتي الجميلة بماذا تفكرين ؟؟)
نظرت اليه ثم بادلته الابتسامة وأخذا يتحدثان ويتبادلان أطراف الحديث الى ان اخرج ملفاً وسلمه الى جدته لتمسكه بأنامل مستغربة عندما قرأت ذلك الاسم عليه...
" من أين حصلت عليه ؟؟"
" لقد ذهبت الى المأوى في أحد الأيام ،، هل كنتم تعلمون بالامر ؟؟"
أجابت الجدة " أجل ،، أخبرنا رامي .. "
" كيف علم بأمرها ،، أعني كيف علم بوجودها هناك ؟؟"
وضعت الجدة الملف جانباً ثم قالت " كان سوف يعقد اتفاقاً مع مأوى جديد،، وبالصدفة كانت هي تعمل بذلك المأوى بعد كل تلك السنين ،، كانت حينها مسافرة الى مدينة أخرى من اجل العمل "
" حسنا يا جدتي ،، وماذا يعني بعثها الى هنا.. وكيف تم الامر !! "
هزت رأسها بأنها لا تدري .. وصمت قليلاً ثم قال وهو يهرب خارجاً " أهتمي بها جيداً..."
ابتسمت الجدة وقالت في نفسها " يبدو أن قلبك قد لان أخيراً ولكن بعد فوات الأوان..."

ومع مرور الوقت وبعيداً عن منزل العائلة هذا لنذهب الآن حيث الطرف الآخر من هذه المنطقة الجنوبية حيث منزل اضيف حديثاً الى حكايتنا منزل تشير ساعته الفخمة الى الثالثة من بعد ظهر هذا اليوم.. منزل يضج بصوت صراخ من رجل يتحدث عبر هاتفه ويبدو عليه الغضب حيث احمر وجهه وعيناه التي اتسعتا مع كل كلمة يخرجها وهو يتحدث عبر هاتفه لتترك تلك الفتاة ما بيدها وتتجه حيث مكتبه وتسترق السمع ال ذلك الرجل والذي قال : " كيف هذا؟؟ لقد ذهبت ولكنها لم تكن هنااك هل تكذبي "
ليتأيه صوت امرأة ضعيف " أخبرتك مراراً انه المكان المطلوب ،، لقد ..."
قاطعها بحدة " لا تكذبي...."
قالت ببكاء " اقسم لك انه تم ار... "
قاطعها مهدداً" ان كنتي تكذبين سافعل كل ما بوسعي للقضاء عليك ،، " صمت قليلاً وتهالك على كرسي مكتبه " اريد ان اجدها " ثم صرخ " هل فهمتي ،، هياا اعطني العنواان الصحي..." وتوقف عن الكلام حيث ان الطرف الاخر اغلق الهاتف فشد على قبضتيه وهو يقول " تبا لك كاريس ..."
وما كان من تلك الفتاة التي تسترق السمع الا ان تعود ادراجها الى غرفة ملاك من جديد تحاول جاهدا خفض حرارتها المرتفعة بمساعدة كمادات الماااء ولكن يبدو ان الامر لن ينجح.... وشعرت بالاضطراب عندما سمعت خطوات الرجل تقترب من الغرفة وخاولت السيطرة على ارتباكها والذي يزيد مع كل خطوة يخطوها الى ان وقفت وقفت باحترام برغم اطرافها المضطربة ...
تسائل وهو يشير الى تلك الفتاة الصغيرة المتمددة على السرير " ألم يتحسن حالها؟!"
هزت رأسها نفيا "أبدا،، انها منذ الصباح على هذا الحال،، أخشى ان اعطيها خافض حرارة بسبب صغر سنها"
قال بصوت منخفض وهو ينظر اليها "بل انني اخشى مما افكر به"
تسائلت بعدم فهم " ماذا تقصد يا سيد ماجد؟"
"لا شيء.. اذا سوزان اعطيها خافضا للحرارة لأنها لن تتحسن الا به ثم اتبعيني الى المكتب هناك امر هام يجب ان نتحدث به"
قال ذلك ثم خرج ودب الخوف والحيرة وبعض من القلق جراء نبرته الهادئة تلك .. وما الشيء المهم الذي سيتحدث عنه،، لا اظنه انه سيعاود الرجوع الى بلاده!! فمهمته لم تنتهي.. ثم نظرت الى ملاك وهي تفكر بخوف ،، لا يعقل ان تكون ملاك مريضة بشيء خطير .. هزت رأسها نفيا ثم اكملت حديثها الى نفسها لا اعتقد ذلك،، انها مجرد حمى عادية ... ام ان الأمر متعلق بي ،، هل يعقل ان فعلت شيئا لا يرضيه... تأففت بسبب تفكيرها والذي لن يوصلها الى أي نتيجة فأكتفت بأن هدأت روعها وأعطتت خافض الحرارة لملاك .. ثم انسخبت من الغرفة بهدوء

وقبل نصف ساعة من الان كانت تجلس في الغرفة منذ الصباح شاردة الذهن ،، يقف ذهنها عن التفكير عند ذلك الشخص بعد محاولات فاشلة باقناع نفسها انها لن تفكر به... ممسكة بقلم الرصاص تخط به خطوطاً عشوائية على تلك الورقة البيضاء عندما دخلت عليها جدتها بابتسامتها المعهودة وهي تقول " حفيدتي الجميلة تسجن نفسها في الغرفة لماذا؟"
لا تدري لماذا تذكرت تلك الجملة التي قالها مجد قبل ايام " لانها جميلة.."
وبابتسامة باهتة رسمتها على وجهها " لا شيء.. هكذا لا اشعر اني جيدة.."
قالت الجدة بخوف وهي تتحسس جبينها " هل انتي مريضة ؟؟ هل اصابك شيء ؟؟"
" لا .. لقد فهمتني بشكل خاطىء.. اعني انه وبسبب عدم وجود ريم اشعر بالملل.."
" عزيزتي الجميلة هنالك حديقة كبيرة .. اذهبي واستنشقي الهواء .."
قالت وهي عابسة مقطبة الجبين " وهل سيكون جميلا ان كنت لوحدي !!"
قالت الجدة وهي تمسك يدها " سيكون افضل ان لم تبقي هناا ثم انني لا اترك حفيدتي لوحدها... هيا الى الحديقة "
.......
وفي الصالة جلست الجدة بعد ان استدعاها زوجها لتذهب قمر نحو الحديقة لوحدها فقالت بصوتها القلق " ماذا هناك هل حصل شيء ما..؟!"
تنهد الجد ثم قال " الى الان لا.. ولكن ان اطلنا هناا فسيحصل.."
تفهمت الجدة ثم قالت بعد صمت " اذا لنعود لن نحزنها اكثر من ذلك.."
"هذا هو الافضل.. لا اريدها ان تواجه الامر فلا اظنها مستعدة"
اومأت الجدة رأسها مؤيدة فقالت " اذا ساخبر الجميع بالتجهز.."
" لا ،، فوليد قد دعانا الى العشاء مساء اليوم.. "
"ألا تستطيع الرفض!!.." تسائلت باستفهام
"ابدا ،، فكما تعلمين قد عاد حديثا من ايطاليا وانه ابن رفيق دربي.."
قالت الجدة باستسلام "حسنا..."


أما عند قمر فأخذت تمشي في هذه الحديقة الكبيرة ... بذهن مشتت ،، غير مدركة اين تخط قدماها والى اين تتجهان .. وقفت لوهلة تنظر الى هذا المكان جيدا ثم رفعت بصرها للسماء لتسنشق هواءها العليل والذي بعث بعضاً من الراحة في نفسها و عاودت السير بين تلك الاعشاب الطويلة والتي تحتك بأقدامها حيث أخذت تحدث نفسها وهي تسير " لماذا اشعر بشعور سيء اتجاه ذلك الحلم ... هل من الممكن ان يعوود و يتركني " ,اخذت تهز رأسها نفيا وعاودت أخذ نفس عميق لعله يزيل اكوام القلق والخوف التي علقت في نفسها بسبب حلم الليلة ،،، حيث كان الضباب يغلف المكان وهي تسير على رمال شاطئ البحر الذي ارتفعت اموااجه بشكل كبير واخذت تتضارب بشكل مخيف .. ورياح قوية هبت لتجعل حبات الرمل تطير كعصفور صغير ومشيتها المترنحة باطرافها الحافية المتجمدة بسبب ذلك البرد والذي جعل حبات الرمل اشبه بحبات البرد الصغيرة في يوم ثلجي عاصف....تنظر الى ما حولها بذعر وخوف شديد الى ان استقرت بنظرها على ذلك الذي يقف في وسط البحر فشهقت بقوة...
وهنا تقف ذاكرتها عندما رأت أنها وصلت حيث هذا البناء الخشبي فابتسمت وهمت بالدخول ولكنها توقفت وفغرت فاها مع التزامن في فتح عيونها العسلتين على اتساعهما و حاولت جاهدا ان تتمالك نفسها وتسيطر على قدميها اللتان على وشك السقوط ارضاً فأغلقت عيناها ووضعت يدها على صدرها وهي تعتصر من الألم محاولة بعث القوة الى نفسها بسبب ذلك الألم الحاد الذي أخذ يمزق قلبها ولكن .... وبعد مرور من الوقت لا تدرك كم مضى عليه فتحت عيونها لتجد انها ........

# ماذا يمكن ان حصل مع قمر!! وعند فتحها لعيونها اين ستكون وما السبب في تألمها؟؟؟
# رائد !! هل سيكون محل الثقة في استلام منصب كهذا!! وهل يستطيع الانتصار والتغلب في ساحة المعركة على الفقر مستقبلا !!
# ريم ،، هل من الممكن ان تتحسن علاقتها مع رائد بسبب هذا العمل؟؟
# السيد ماجد ،، ماذا يريد من سوزان وعن ماذا كان يتحدث في الهاتف ؟؟!
# هل سيحصل شيء في منزل وليد والذي دعاهم للعشاء!!
يييي نسيت مجد الأهبل... ما سبب هدوءه وتصرفاته الرومانسية بعض الشيء مع قمر في هذا الفصل!! >> حتى انا استغربت منه




التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 07-08-16 الساعة 07:49 PM
اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-16, 07:24 PM   #15

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم
يسعد مساكم / صباحكم اصدقائي
كيف الحال؟؟ ان شاء الله بخير
اعذروني على غيابي المفاجئ والطويل عنكم... قعدت فتره ما افتح الموقع
بس ضغوطات الدراسه ومشاكل و اوضاع البلد خلتني ما اكتب الا شي قليل كتير... وحاليا انا رجعت اكمل الكتابه وان شاء الله بكملها متل ما وعدتكم بس احيانا الظروف بتمنعنا او بتأجللنا نعمل كتير اشياء
انتظروني قريبا




التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 07-08-16 الساعة 07:50 PM
اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-08-16, 07:52 PM   #16

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



السلام عليكم
كيفكم!! واخباركم!!
بعد غياااب طويل كتير رجعت.. بتأسف لتقصيري بنشر الروايه وبعرف غيابي كتير كان طويل بس اعذروني.. ان شاء الله مكملة معكم المشوار بنشرها.. ما في ايام محددة لتنزيل الفصول.. بس ان شاء بحاول قدر الامكان انه ما تكون الفتره بيناتهم بعيدة

قراءة ممتعة





الفصل الحادي عشر


مع أنغام موسيقى الطبيعة الخلابة والسماء الزرقاء الصافية والطيور المختلفة التي تحلق في الأفق مع زقزقة العصافير والتي تغرد أشجى الأغاني وأجملها تجلس مع صغارها في أعشاشها على أغصان الشجر الأخضر ونسمات الهواء العليلة التي تدخل إلى النفس فتبهجها وتنشر فيها السعادة ومع صوت خرير الماء الذي يتدفق عبر هذا النهر عابراً ودياناً وهضاباً وسهولاً وعلى إحدى ضفافه التي امتلأت بالعشب الأخضر الجميل ممتلئ بقطراتٍ من الندى حيث انعكس ضوء الشمس عليها ليجعلها براقة كتلك الفتاة التي تجلس وقد تجملت وجنتيها بحمرة خفيفة تماثل حمرة الأزهار في الأرجاء وتطايرت خصلات شعرها مع كل نسمة هواء باردة ممسكة بكوب القهوة المثلجة تنظر تارة إلى ذلك الذي يجلس مقابلها يمتلأ فيه سحر الجمال بأكمله وحنان الدنيا وجاذبية الأرض وتصوب نظرها تارة أخرى على القوارب الخشبية والتي امتلأت بالركاب الصغار منهم والكبار ... ابتسمت بسعادة وهي تستنشق الهواء براحة لتنظر بعدها إلى ذلك الذي تجلس معه... والذي ظل يراقب المكان بعيون تائهة تبحث عن طريق صحيح لتحط به من دون خوف وعجز... كان اشبه بطفل صغير قد وقع في مصيدة الخوف .. فقد أبدت عينيه بريقاً من خوف مستقبل مجهول الهوية ،، وعيونه تائهة تبحث عن طريق منير في درب الحياة هذا والذي اظلم عليه الزمن من سنين....
رشفت قليلاً من كوب القهوة لتخرج بعد ذلك هاتفها من الحقيبة والذي اعتلى صوت رنينه لتجيب عليه بكل لهفة " اهلاا يا أجمل جدة في هذا الكون.."
وهناا انتبه رائد انه كان يغوص في مستقبل مجهول وخوف تراءى له في هذه اللحظة من عمل على وشك البدء به يطفو على ضفافه خوفا من الأعماق... وتلقائيا تبدد ذلك الخوف عندما سمع ريم تحادث جدتها بمرح وسعادة كبيرة فابتسم وهو يفكر بذلك الحظ التي تناله ريم بوجود جدة مثل جدتها ،، وكأنها بحر قد شعر المبحر فيه بامتلائه على مزيج من الحنان والحب والعطف تخلى عنه باقي المجتمع الراقي.. فبسببها هي قد تولى منصباً في إدارة إحدى فروع مؤسسة خيرية تعود اليها بصفته مساعداً لمدير أحد الأقسام وبسببها هي ستبتسم الحياة له !! وبسببها هي قد تنجو والدته من خطر الموت !! و قد يتبدل حالهم ليتمرد على ذلك الفقر الذي ما زال قابعا فيه يأبى الفراق... تنهد براحة وهو يستمع إلى ريم وهي تحدث جدتها عن مسير عملهم اليوم وكيف وماذا حصل بالتحديد في المؤسسة !!!
انه حقا يشعر بالامتنان و بالشكر الكبير لتلك الفتاة التي يحبها ويعشقها والذي لا يستطيع ان يبعد عيونه عنها والتي وحدها احتلت قلبه وروحه وجسده ،، حيث أصبحت جزءاً لا يتجزأ منه لا يستطيع التخلي عنه... ولن ينسى جدتها طبعا فهي التي جعلته ينجو من تلك الحياة المزرية التي يعيشها ولو لحياة أفضل قليلا فهو راضٍ بذلك !! ولن تكفي كلمات الشكر وحدها للتعبير عن امتنانه للجدة....
بينما تنهدت ريم بضيق وهي تغلق الهاتف وقد قوست فمها كطفلة صغيرة حرمت من تلك الدمية التي تود شراءها من متجر الدمى الكبير فتسائل رائد " ماذا بها الثرثارة !!"
نظرت إليه مطولاً وقالت وهي تقرب رأسها وتمد أصابع يدها الرفيعة ،، وأخذت تقول وهي تغلق قبضة يدها باستثناء إصبع الإبهام " أولا لست ثرثارة !!" ثم فردت إصبع السبابة " وثانيا لا تصفني بهذه الصفة لأنني لو كنت ثرثارة لكنت تحدثت معك كثيراً ومطولاً ولن نخرج من هناا الا بعد منتصف الليل بعد أن يطردنا ذلك العامل الوسيم... وأيضا ( وهناا فردت أصبعاً ثالثاً وأكملت بسرعة) ثم إنني كنت أحدث جدتي عن ماذا فعلنا وماذا اتفقت مع المدير ،، وهذا لا يعتبر ثرثرة إنما يعتبر تصريحاً مطولاً ( هنا أومأ رائد رأسه بسخرية بينما قالت بغضب بسبب حركته تلك) وهذا من المفترض أن تشكرني وليس أن تقول إنني ثرثارة.. "
عقد ساعديه الى صدره وقال بهدوء ممتزج ببعض السخرية " عذراً أيتها الأميرة المدللة "
وكتم ضحكته عندما أشاحت وجهها بغضب وقالت بنبرة طفولية " لن أحادثك طيلة النهار هياا اشرب لكي نغادر.."
" ريم أيتها المجنونة كفاكِ حزنا،، حقا أنا لا استطيع التفريط بك.."
نظرت اليه مطولاً وقالت بحزن مصطنع " حقا ،، لو كان يهمك ذلك لما لقبتني بتلك الألقاب.." ثم أكملت بهمس " برغم أنها تصفني تماماً.."
" حسنا أعتذر،، ثم إنني اهتم بك جداً وأنتي تعلمين ذلك " رائد وهو ينظر إليها بحنان لتبتسم بخجل وتقول بحماس " لم أخبرك ماذا قالت جدتي!!"
تنهد ثم قال "عدناا للثرثرة من جديد "
صرخت بوجهه معترضة " رائد.."
" حسنا حسنا،، هياا اخبريني.."

ومن بعيد لننتقل عائدين حيث المنزل حيث يعم به هدوء كبير،، وتنتقل لنا الصورة حيث الإسطبل يقف بمحاذاة خيله الأبيض يربت عليه شارد الذهن مشتت التفكير وما كان الذي لا يستطيع تجاوزه هو ملاكه الأبدي.. قمره الذي يحتل مكاناً في تلك العضلة التي تنبض يسار جسده.. كان طيفها يمر أمامه بابتسامتها الرقيقة وعيونها الساحرة.. ملامحها الخجلة..فيبتسم تلقائياً..
صورتها الجميلة تتربع في طرقات عقله وترفض الخروج منه وقد تزاحمت صورها المختلفة صورة تلو الأخرى في زوايا وثنايا عقله...قلبه وجسده.. فعندما يهرب منها يهرب إليها والتي تتجسد بطيفها أمامه حين يذهب ففي غرفته يجدها وفي سيارته يجدها.. في كل أنحاء المنزل،، فهي وحدها تحتل كيانه ...عقله وقلبه ،،،هي وحدها التي أاعلن القلب في حبها ثورة كبيرة ليتمرد على عقله ويقنعه بأنها احتلته بما فيه.. أصبح يفكر بها أكثر من كل شيء.. أصبحت من أكثر الأشياء المهمة له... ولكن...
تنهد تنهيدة طويلة ثم أخذ يربت على عنق خيله وراح يقول كلماته تلك موجهاً حديثه الى خيله الذي يدعى (نجم) " هل تدري يا نجم ،، من أصعب الأمور هو العشق.." وانطلق صهيل الخير مؤيداً له فابتسم ثم أكمل حديثه " أن تعشق شيئاً لا يمكنك ان تصفه ،، ملاك على وجه الأرض.. أن تراه أجمل شيء في الكون،، أن تحفظ تصرفاته وجها عن ظهر قلب.. أن تكون صورته ملازمة لك .. أن لا تلتفت إلا إليه،، أن تحاول بشتى الطرق الابتعاد ولكنك لا تستطيع.. تظل مأسوراً فيها ومعها،، لا تخرج من عقلك ..." صمت قليلاً ثم أكمل بحزن " ولكنك لا تستطيع إلا أذيتها ،، فكلما سنحت لك الفرصة تستمتع بأذيتها ولكن وبنفس الوقت تشعر أن شيئاً ثقيلاً على قلبك يجعل منه فتاتاً وكأن سكيناً حاداً قد طعن بقلبك ومزقه الى أشلاء متعددة... أحبها وأكره طريقة حبي لها.. أحبها جداً .. ولكنني ومنذ أن أحببتها لقد جعلت منها فتاة أخرى فإنني أرى لمعة الحزن في عيونها... وبحراً من الآلام..." زفر بحرارة " لا استطيع فعل ذلك بها.. لا أريد أن أراها تصبح زهرة ذابلة بسببي.. لا أريد لقلبها أن يتكسر بسببي..وتتناثر أجزاءه ويصعب تجميعها بعد ذلك.. لذلك سأبتعد مع أن الفراق سيعذبني ولكن هذا الأفضل لها..."
نظر إليه بعيون ملؤها الأسف والندم " وأنا هنا لتوديعك أنت أيضاً.. يا خيلي الجميل.. سأخبرك بشيء أخر هو... أنني لم استطع أن أودع العائلة لأنني لن أقوى على ذلك.. لن استطيع التفريط بدموع جدتي ولا شقيقتي الحمقاء... ولا أريد أن أرى الابتسامة على وجه قمري الوحيدة وهي مستمتعة برحيلي.. لأن ذلك سيدمرني.... ( صمت قليلاً ثم قال بعد أن أخذ نفسا طويلا) بسببها هي سأغادر ،،( وهنا ابتسم وهو يكمل) بسبب ابنة عمي سأعود حيث كنت ... الودااع ياا خيلي..."
مسح دمعة حارقة قد سالت على وجهه الصخري الجامد وهو يحتضن خيله بقوة شديدة ثم انهمرت دمعة تلو الأخرى إلى أن سمع شيئاً ما يرتطم ارتطاماً قوياً بالأرض.. فابتعد عن خيله بسرعة وهو يشعر بشيء ما في قلبه يضغط عليه فيجعله يتألم... فخرج مهرولاً من الإسطبل شاعراً بشيء سيء قد حدث... وهنا قد كانت الصاعقة عندما خرج من باب الإسطبل ليستقبله ذلك الجسد الملقي على الأرض....
بعيداً عن ذلك العاشق الذي لا يعلم أي طريق سيسلكه سوى طريق مليء بالأحجار والعثرات ومفترقات الطرق والتي تجعل من قلبه كقطعة القماش البالية والتي تتمزق بسهولة كبيرة وليس بقلبه فقط فانه بطريقة حبه تلك يدمر كل ما حوله..... لنعود بأدراجنا حيث الثنائي اللذان على حافة الاقتراب وان يصبحا روحاً واحدة.. فهل سيستطيعان!!؟ أم أن القدر سيعرقل مسير قلبهما!!؟
حيث الفتاة الثرثارة والتي اخذت تسرد له حكاية تتلوها حكاية وضحكة تتلوها ضحكة و ابتسامة تتلوها ابتسامة ومشاعر شتى قد تناثرت على تلك المائدة لتعكس للناظرين أن من يجلس عليها تعدت علاقتهم علاقة الصداقة لتتحول تلك الصداقه الى حب عميق.. علاقه ستحفرها الأياام في قلب وعقل تلك الثرثارة وذلك الذي يتمرد على الفقر...
و بعد ضحكة طويلة صدرت منهما هما الاثنان لتبدأ بالتلاشي تدريجيا وتتحول الى تلك الابتسامة التي تزينت بها وجوههم البيضاء واصبح الواصل بينهم هو سيل النظرات تلك والتي اخترقت قلب ذلك الشاب لتحتجز تلك الفتاة فيه وتصبح له وحده،، مأسورة في ذلك القلب الذي يرفض خروجها منه،، وكأن بسيل النظرات تلك قد نثر على قلب ريم موجة ثلجية عاصفة ليجعله يهتز ارتجافاً وينتفض بقوة من تلك المشاعر التي تناثرت عليه كما يتناثر الثلج الأبيض على بقاع الأرض....
وبعد صمت طويل دام لمدة عشر دقائق قد عبرت فيه العيون عن كل المشاعر ،، و ارسلت كلاماً وعبارات و اعترافات حب مخفية لكلا الطرفين انتشلت ريم نفسها بصعوبة من تلك المشاعر التي جرفتها نحو رائد والذي ما زال يحملق بها بعيون ملؤها الحب والعشق.... ذلك الحب الذي جعله يتألم أكثر من مرة بمجرد تفكير صغير أنها ستكون لغيره،، تعيش مع غيره ،، مع شخص اخر ،، تبتسم له وتبحر في اعماق بحر عشقه ،، وهو سيكون ينظر الى تلك القطعة من قلبه وهو ينزف خضاباً أحمر...... ولكن بما أن الدنيا قد بدأت على وشك فتح باب جديد ينتصر فيه على الفقر المرير ،، ولكن حتى وان اصبح يعمل فهو لن يتغلب بسرعة كبيرة على الفقر ولن يستطيع الحصول على ما يريد بسرعة كبيرة ،، فقط سيحاول جاهداً تأمين حياة جيدة لأسرته،، وريم !!! هل من الممكن أن تكون لي يوماً من الأيام ؟؟ هل سأستيقظ يوماً من الأيام على صوت تلك الثرثارة ذات العقل الصغير وهي تتجادل مع ابننا الصغير على قطعةٍ من الحلوى !! هل في يوم من الأيام سأعود للمنزل فأراها قد حضرت لي طعاماً شهياً!! هل سنذهب سويا لشراء مستلزمات البيت والعائلة؟؟
أم ستبقى هذه مجرد احلام تحلم بها يا رائد؟!
قاطعت ريم تفكيره وهي تراه مقطب الجبين شارد الذهن "رائد هل أنت بخير.."
اخرج نفسه من تلك التخليات الأليمة وكومة الاآهات والتساؤلات التي يعرف اجابتها القدر بأن ابتسم ابتسامة باهتة ثم قال " اجل بخير ولكن افكر قليلاً "
"بماذا.. هل بمنصبك الجديد..؟!"
اومأ رأسه بهدوء مبعداً تلك الافكار السوداء عن عقله ثم ارتشف من كوب الماء لتقول ريم بضجر " منذ الصباح وانت على هذا الحال ،، لماذا كل هذا الخوف !!"
" لا لشيء ،، لأن الحياة ليست سهلة كما تظنين "
نظرت اليه بعدم فهم فقال " هل الحياة التي اعيشها سهلة برأيك..( هزت رأسها نفياً فأكمل ) اخشى ان لا اخرج منها ابداً.. "
" ولكن هذه هي الفرصة التي ستخرجك منها قد أتتك،، ان عملت بجد وكنت محل الثقة والكفاءة والجدارة سيتم ترفيعك لمنصب أكبر..."
" هل القيام بذلك سهل !!"
" لنقل انه كذلك اذا كانت لك عزيمة قوية ،، فان كنت تريد عمل أي شيء فعزيمتك واصرارك هما من سيتحكمان بالامر " ريم بابتسامة مشجعة
تنهد رائد وأخذت اصابعه تتخلل خصلات شعره فقالت ريم وهي تمسك بكف يده " انت جيد جداً بالعمل ،، مثابر بكل شيء ،، تعمل واجبك على أكمل وجه.. ثم وانك عملت في اعمال كثيرة وكانت تجربة لك وخبرة في الوقت ذاته.. ( وبابتسامة) حتى انك اصبحت قدوة لي.. ثم ان هذا العمل مهما لحياتك اولاً والدتك المريضة وحتى شقيقتك .. وأيضا.."
قاطعها وهو يحتضن كفها برقة " ولأحلامي كذلك.." واكمل في سره " من أجلنا أيضاً ومن اجل احلامي معك.."
صمتت قليلاً امام نظراته التي لم تكشف معناها الى الآن.. وقد شعرت بشيء جميل لا تريده ان ينتهي.. تريده ان يستمر الى الأبد وتريد خدمة صغيرة من القدر..هي ان يزيح تلك العثرات من طريقهم لتجعل تلك اليد ملازمة ليدها ملتصقة بها دائماً... ثم قالت بخجل وهي تبعد يدها " ألن نذهب ليس هناك متس.."
قاطعها وهو يعاود اجتذاب يدها " قليلاً بعد "
نظرت اليه بعدم استيعاب وهي تشعر بحرارة جسدها وارتجافة اوصالها وسيل من التيار الكهربائي الذي أخذ ينشر الكتروناته التي تسير بحرية في جميع خلايا جسدها... فقالت بارتباك وهي تزدرد لعابها " لقد.. انت تعلم .. اننا مدعوون.."
اومأ برأسه وهو يبتسم " أعلم ذلك.. ثم دعينا نمضي وقتا أخر قبل عودتي.."
قالت بصدمة " هل ستعود الليلة!! لماذا لم نمضي وقتا كافياً.. ثم انك لم تستمتع بجمال هذه المنطقة مع العلم ( وهناا تغيرت نبرتها واكملت بحزن وهي تحول بنظرها وتعبث بقلادتها) انك ستعمل كثيرا في الفترة المقبلة ولن تجد متسعاً لي في وقتك.."
" لا استطيع ترك والدتي اكثر من ذلك.. انت تعلمين.. ثم أنني سأقوم بإجراءات نقل امي للمشفى ،،( صمت قليلاً وكأنه يشعر بالحرج الشديد ) الشكر لجدتك لمساندتها لي واعطائها فرصة كهذه لشاب مثلي..."
" مثابر ومجتهد وذو اخلاق نبيلة وتستطيع حل المعضلات بعقل سليم وأيضا أظن ان جدتي محقة في اعطائك منصب من المؤسسة ( وهنا أكملت بثقة) فكما تعلم نحن لا نعطي ثقتنا لأي كاان ،، هذا شعار جدتي واظن انها قالته لك.."
اومأ رأسه ثم قال بسخرية وهو ينهض ممسكاً بيدها ليحثها على النهوض " لا أعلم كيف يتحملك الجميع،، ثرثارة ومغرورة ايضاً.. ثم انني سأقوم ( وهنا وقف مقابلها وهو يفكر) ممم.. أجل ،، سأحاول ان اقدم معروفاً للعالم اجمع بأن..."
قالت بتحدٍ ممزوج بخجل وهي تقترب منه وتشعر بنبضات قلبها التي تسارعت " ومااذا ستفعل!!"
همس في اذنها قبل ان يبتعد " ربما سأخلص العالم منك.. فتاة ثرثارة وحمقااء مثلك لا استطيع تخيل زوج يتحملها.. لذلك سأتحمل انا عناء حماقتها.."
وقفت للحظة لتستوعب ما قاله للتو!! هل قال سيتزوجها !! ام انه كعادته يحب المزاح !! اظن ذلك !! ولكن كان صادقاً برغم انه فتح الموضوع على شكل مزاح!! لا..لا يعقل ؟؟!
تساؤلات عصفت وجدان ريم وهي ما تزال تقف مكانها .. موردة الوجنتين ،، شاردة الذهن ،، مرتبكة متلبكة،، تشعر بشيء من السعادة تمتزج في قالب من الحيرة يملأه كلام رائد والذي خرج من فمه منذ قليل... ولم تنتبه الى على صوت رائد والذي انتشلها من احلامها الوردية ليذكرها بأن هناك على أرض الواقع شاباً جميلاً ينتظرها.....

وبالعودة حيث توقفنا سابقاً عند تلك الفتاة التي راحت تنتقل في هذه الحديقة الكبيرة وتحديداً عندما وصلت حيث هذا البناء الخشبي فابتسمت وهي تتذكر ذلك الخيل الأبيض والذي يشبه في بروده وجموده مالكه الرجل الحديدي.. وهمت بالدخول ولكنها توقفت وفغرت فاها مع التزامن في فتح عيناها العسليتين على اتساعهما و حاولت جاهدا ان تتمالك نفسها وتسيطر على قدميها اللتان على وشك السقوط ارضاً .. كان ذلك الشيء الذي سمعته جعل شيئاً قد أحدث طعنات مختلفة في اجزاء غير محددة في قلبها وكأن خنجراً حاداً قد أُدخل في قلبها عدة مرات وتم اخراجه لمرات عدة وجعله ينزف ويحدث جروحاً كبيرة... لم تكن تظن يوماً انها ستكون عبئاً على أحد وأنها ستسبب فراقاً بين افراد العائلة... أغلقت عيناها بألم شديد لتمنع هطول أمطاراً وشلالات من دموع حارقة ستسيل وتسبب فياضانات ستغرقها بالتأكيد،، فقط ستكون قوية.. أجل قوية..!!،، ولكن كيف ستكون قوية وهي تشعر بشوك ينغرس في جسدها .. وصرخات باطنية صدرت من أوردتها وخلاياها... كيف ولماذا الألم يلاحقها؟ وضعت يدها على صدرها وهي تعتصر من الألم محاولة بعث القوة الى نفسها بسبب ذلك الألم الحاد الذي أخذ يمزق قلبها ولكن .... وبعد مرور من الوقت لا تدرك كم مضى عليه فتحت عيونها لتجد انها بين أحضان معذبها وحبها الوحيد.. بين أحضان أجمل البشر بهذا الكون.. بين أحضانه هو.... ولكن برغم تلك المشاعر التي عصفت بداخلها وأشعلت نيراناً تحترق بلهيب حبها ،، وبرغم ارتجافة قلبها الذي ينزف بألم بسببه هو.. وبرغم كل شيء جميل قد تشعر به ان كانت في وضع يسمح لذلك.. هي ستقاوم كل ذلك الضعف الذي سيسطر عليها ان بقيت هكذا وهو ينظر اليها وستقاوم تلك المشاعر التي ستجرفها الى شاطئ يملأه الحزن،، سترتدي قناع القوة ولكن هل ستستطيع!!!
وفي وسط ضالتها تلك بين مشاعرها وعواطفها المشتتة التي تشدها الى الرجل الحديدي.. وبين تمردها وارتدائها قناعاً تستمد منه القوة سألها بنبرة خائفة وهو ينظر اليها نظرة ملؤها الحزن الشديد ممتزج بخوف وقلق "قمر.. هل أنتي بخير!!"
نظرت اليه بتمعن ثم قالت وهي تنتشل نفسها منه " أجل.."
"حسنا.. دعيني اساا..." قال ذلك ولكنه توقف عندما ابتعدت عنه بقسوة وهي تدفع يداه التي امتدت على مرفقيها... فتسائل بينه وبين نفسه وهو ينظر اليها " هل من الممكن أن سمعت شيئاً مما قلته.."
وبعد ان نفضت عن ملابسها بعض الأتربة والأعشاب التي علقت.. ابتسمت ابتسامة شاحبة وقالت " انا بخير.. لا داعي لشفقتك المزعومة تلك.."
نظر اليها بعد استيعاب ثم قال وكأنه فهم مقصدها " هل تظنين أن ما افعله بدافع الشفقة!!"
هزت كتفيها بلا مبالاة وقالت وهي تنظر مباشرة اليه " لا يهم،، ثم انني..."
قاطعها قائلاً وهو يمسك بيدها " هل تظنين ذلك حقاً..؟!"
سحبت يدها بسرعة وارتدت للخلف جراء تلك اللمسة الصاعقة وهي تقول بحدة وتحذير "انتبه لتصرفاتك..." ثم طأطأت رأسها وهي تحتس موقع يدها وتشعر بشيء مختلف...
ابتسم لخوفها منه وقال وهو يدخل يديه الى جيب بنطاله " حسنا،، انا متأسف ،، ( ثم نظر اليها وما زالت الأبتسامة على وجهه..) ثم إنني فقط حزنت لأنك تعتقدين ان سؤالي مجرد شفقة.."
رفعت رأسها بقوة اليه وعلامات الصدمة والدهشة بادية على وجهها.. من المؤكد أنه يطلق نكتة ما.. لا أظن انه يهتم للأمر أبداً!! ولا استطيع التصديق أن ذلك الحديدي البارد والذي يشبه صخرة ما في اركان الطبيعة.. أو تلك التحف التي تزين المنازل!! أو كجبل شامخ لا يهدمه سوى زلزال قوي!! هل حقا يحزن؟؟!
وأمام دهشتها تلك لمح جدته تخرج نحو الفناء الخارجي وتبدو عليها الربكة فقال وهو يعيد أنظاره الى قمر والتي ما زالت تنظر اليه بدهشة " أنني أفرح اذا سامحتني،، وان ابطلتي تلك المعتقدات عني..."
أكملت عنه بحزن وغصة تملأ حلقها وأن شيء ما قد ضغط على صدرها ليجعلها تختنق حزناً.." قبل أن يفوت الأوان.."
اردف بهمس وهو يقترب منها بعد أن لاحظ علامات وجهها " ابتسمي فان قمراً مثلك لا يليق به الحزن..."
قال ذلك ثم مضى في طريقه حيث الجدة وهي تلقي عليه بنظرات خاطفة حزينة،، اذا حقا سيغادر !! سيتركني هناا ويمضي !! ستذهب اسباب التعاسة والسعادة معاً في الوقت ذاته!! ازدردت لعابها بصعوبة وهي تشيح بوجهها حيث الاسطبل وبعد ان كانت ستدلف اليه مبتسمة ستدخل اليه حزينة حاملة على ظهرها آلام و أوجاع سنين عديدة ،، كل تلك الآلام والأوجاع سببها الفراق،، فراق اهل منذ الصغر !! وفراق أحبة !! هل بسببها هي حقاً،، هل هي السبب بكل تلك الآلام التي تحصل لها... دمعت عيونها وهي تتذكر ما قال " بسببها هي سأغادر ،،.... بسبب ابنة عمي ساعود حيث كنت ... الودااع ياا خيلي..."
ومن بين دموعها التي تجمعت في عيونها نظرت الى خيله " هل حقاً انا السبب،، هل أنا السبب في موت والدتي.. وفي زواج والدي من امرأة تكرهني.. وانا السبب في رميي في مأوى الأيتام.. ( شهقت بقوة وأكملت بنبرة باكية يتفطر لها القلب) لماذا جميع ابواب السعادة تقفل في وجهي ،، لماذا يجب ان اعاني انا وحدي... لماذا من احبهم واتعلق بهم يذهبون ولا يهتمون بي... لماذا انا السبب في كل شيء.. " وانهارت على الأرض في بكاء مرير وهي تضرب الأرض واجهشت في البكاء واعتلت شهقاتها وراحت دموعها تهطل من غيوم عيونها بشكل غزير......

###########

تململت في ذلك الكرسي الخشبي وعدلت تلك الوسادة التي وضعتها خلف ظهرها ثم نظرت ناحية تلك الملاك المستلقية في سريرها بتعب واضح.. ارجعت خصلات شعرها خلف اذنها وانحنت لتحتس جبهة ذلك الملاك فاطلقت زفيرا ينم عن الراحة الشديدة لانخفاض درجة حراتها بشكل كبير.. ابتسمت وهي تقبل وجنتيها الناعمتين واخذت كمادات الماء لتخرج مغلقة باب الغرفة لتتجه بعدها حيث المطبخ ولكن استوقفها ذلك الصوت الرجولي من خلفها لتلتفت اليه وكلها اذعان وانصات لأوامرة.. فرب المنزل سيغادر مسافراً تاركاً طفلته بأمانتها.. تاركاً وراءه منزل مليء بالحراس وفتاتين... كانت كل كلمة تخرج منه آمرة لها فتهز رأسها ايجاباً بمعنى نعم.. و انتهت اوامره اخيراً وغادر المنزل بوجه متهجم غاضب.. وخطوات كبيرة سريعة.... ومن خلف ذلك الباب عاودت تلك الفتاة مسيرها نحو المطبخ وهي تقول براحة " وأخيراً ستأخذين راحتك هنا يا سوزان.. ( وضعت كمادات الماء جانباً واتجهت نحو الثلاجة وتقول بتفكير) والآن ماذا علي ان اكرم نفسي.. هناك بعض الخضار ممم وهناك دجاج.. حسااء أجل حسااء.. ممم ( قالت وهي تصطنع التفكير ثم ابتسمت لغبائها وقالت) وكأنني اعلم شيئا آخر يناسبني للطهي.."
اخرجت من الخضار ما تريد وبدأت بتحضير الطعام....

*****************

وفي تمام الساعة السادسة مساء اغلقت ابواب السيارات الثلاث وانطلقت لتسير في طريقها الذي يبعد نصف ساعة عن منزلهم الجبلي.. عابراً طريقاً ساحلياً مليئاً بالاعشاب الخضراء والاشجار الصغيرة.....
تساءلت ريم بصوت خافت وهي ترى معالم وجه قمر: قمر ماذا هناك؟!
التفت قمر وبابتسامة شاحبة وهل تلقي نظرات جانبية على المرآة: " لا شيء.."
نظرت اليها بشك ثم حولت نظرها حيث ذلك الشخص الذي يقود السيارة ثم قالت : " مجد اشعل بعض الموسيقى.."
ليقول وهو يبتسم : " ما رأيك ان اغني انا!؟"
اجابته بسخرية: " اذا سأغلق اذنيّ من الآن.."
تسائل بعبوس: " وهل صوتي قبيح الى هذه الدرجة؟!"
هزت كتفيها بلا ادري وتحدثت وهي تمد يدها الى قمر شاردة الذهن على انها عبارة عن مايكروفون " لنسمع رأي الجمهور!؟"
تستائلت قمر باستغراب وهي تنظر ناحية ريم متعمدة خشية من رجفان قلبها الذي سيؤدي بها الى الهاوية : " بماذا!؟ ماذا هناك!!"
قال مجد وهو ينظر اليها مباشرة من خلال المرأة :" هل صوتي قبيح!؟"
لكزتها ريم لتقول قمر وهي تشيح بوجهها نحو النافذة بهدوء " لا ادري.."
لوت ريم شفتيها بضيق وهي تشعر ان شيئا ما ألم بقمر وهو بسبب ذلك الغبي الذي يدعى شقيقها ثم نظرت ناحيته بوعيد ولكنه كان مقطب الجبين عابس الوجه يضعط بيديه على مقود السيارة ينظر نظرات جانبية بين الحين والاخر الى قمر الى ان لمح شيئاً متلألأً ينساب بخفة على وجنتيها.. ليعض على شفتيه بضيق ويشعر بضيق كبيرة يختلج صدره...
وكانت ريم ابعد ما يكون عن تلك المشاعر المخيفة التي احاطت بها.. ترسل رسائل نصية بشكل متكرر.. وتنتظر بضجر الاجابة الى ان اضائت شاشة هاتفها بوصول رسالة لتفتحها بتلهف وتقرأها بكل حب وسعادة * أظن ان هاتفك قد تعطل من هول الرسائل التي وصلتني *
لتكتب له * كنت فقط اريد الاطمئنان عليك.. أفي هذا خطأ أيضاً؟! *
ليجيبها بعد قليل * حسناً امي.. لقد وصلت وانا الان بالمنزل.. هل شعرتي بالاطمئنان *
* اجل ايها الولد المهذب.. *
ضمت هاتفها الى صدرها واخرجت تنهيدة طويلة... وانتبهت الى مجد الذي التفت ناحيتهم ويقول بمكر : "هيا انسة ريم لقد وصلنا.." فتفتح عيونها بارتباك وخجل وتخرج بسرعة غير مدركة لتركها قمر بسبب ارتباكها بينما ابتسم مجد على شقيقته الخرقاء ونظر ناحية قمر ليجدها في عالم اخر تنظر للفراغ بعيونها الخزينة.. واستغل هذه اللحظة لينظر اليها بتمعن.. واخذ يتأمل ملامحها بكل حب وضيق.. فشعرها الاسود والذي ملسته ورفعته على هيئة ذيل خصان يحاكي ظلمة الليل وتملكته الرغبة بأن يأخذها بين اضلاعه يضمها و ينثر شعرها دافناً وجهه فيه ويشتم عبيره الفواح... و لاحت على شفتيه ابتسامة ذابلة وهو يتأمل جمال وجنتيها المحمرتين بسبب بكائها طوال الطريق والتي تشبهان في احمارهما زهرة حمراء اينعت بتلاتها في اول الربيع .. وعيونها العسلية كالماسة المتلألئة لانعكاس مصابيح المنزل المطلة على الشارع والتي انحرفت ناحيته عندما خرجت من عالمها الحزين بعد ادراكها بأن السياره قد توقفت لتنظر اليه بكل حزن وعيونها التي عاودت التلألؤ وخرجت شهقة منها بلا ارادة جعلته يستفيق على نفسه لينظر اليها ويقول بخوف : " قمر!؟"
اشاحت بوجهها وضعفها امامه وبدأت بباطن يدها تمسح دموعها بسرعة...
فالتفت حيث جيب سترته ليخرج منديله واتجه به ناحية وجنة قمر حيث امتلأت بالكحل الأسود و ادار وجهها ليمسحه بكل خفة خوفاً من ان يخدش بشرتها الناعمة من دون دراية.. امام عيونها المندهشة وقلبها الذي اعلن ثورته بسرعة وارتجافة اوصالها وفوران وجنتيها كبركان اطلق حممه....
نظر اليها بكل حب واخذ وجهها بين كفيه وقال ببريق امتزج به الخوف والحنان الذان ملآ بؤبؤيه : " هل انتي افضل الآن؟!"
وقبل ان تنطق قمر شعرت بنبضات قلبها تخرج كموسيقى صاخبة وتطن الاذان التفت مجد الى ذلك الشخص الذي اخذ ينقر زجاج السيارة الامامي.. فتنفست الصعداء وتلونت وجنتيها بحمرة خفيفة وهي تستذكر لمسته الرقيقة الناعمة...
التفت اليها وهي في خوض معركة لحل السلام بينها وبين براكين حبها وعواصف قلبها وقال بابتسامته الجذابة : * هيا انهم بانتظارنا.. ولكن ابتسمي فإن الحزن لا يليق بقمر مثلك.. "



يتبع.....





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-08-16, 07:53 PM   #17

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


ومن الطرف الآخر من المدينة وبعد مرور بعض من الوقت تنهد بتعب وهو يحصي ما بقي معه من مالٍ قد وفره مقابل عمله المتواصل في الليل والنهار... ابتسم برضى حيث انه لم ينفق كثيراً من المال واستند بظهره على الاريكة ثم اغلق عينيه بتعب وراح بذهنه الى ريم مجدداً كعادته كل يوم... واتسعت ابتسامته الساحرة اكثر فأكثر عندما لاح ذلك الطيف امام مرآه.. طيف فتاته التي استقبلته ذلك اليوم بفستان اشبه بفساتين الاميرات وشعرها الذي تطاير وهي تهرول باتجاهه بيوم ميلادها في حديقة منزلهم الخشبي... ولكن تقطب جبينه وفتح عينيه بغضب بسبب ذلك المخلوق المزعج الذي اقترب منه وقال بسخرية " رائد ألم يسأم عقلك من صورة ريم..؟!"
ليعتدل في جلسته ويقول وهو يتناول كوباً من الشاي " دعي سخريتك لشخص آخر يا جيداء،، اخبريني الآن كيف وضع والدتي!"
وبعد ان جلست بجانبه " بخير،، افضل حالاً"
اومأ برأسه ايجاباً واخذ يرشف كوبه بصمت لتبادله جيداء بذات الصمت لمدة عشرة دقائق... وبعدها وضعت جيداء الكوب جانباً: " اخبرني الآن ،، كيف جرت المقابلة!"
"بخير.."
جيداء بعدم استيعاب " فقط بخير ؟!"
لاذ بالصمت و عاد لشرود ذهنه من جديد.. لتقول جيداء بضجر " حسناً.. متى ستبدأ بالعمل!!"
" بعد الغد " رائد ببرود
صمتت قليلاً ثم " كما اخبرتني ريم انك ستقوم بإجراءات نقل خالتي للمشفى"
اومأ رأسه بهدوء فتسائلت بخبث بعد صمت دام قليلاً " أجل وعيد الميلاد،، ( ثم بحماس) اخبرني اخبرني ما حدث ارجووك "
ابتسم قليلاً ورفع حاجبيه بمعنى لا ونهض من مكانه وابتسامة تلوح على وجهه العريض لتشعر جيداء بخيبة أمل ثم تقوم بترتيب المكان.. واما رائد كحالته المعتادة يذهب الى ريم بذهنه وقلبه وعيونه بل بكامل جسده ايضاً.. راحة شديدة تسيطر عليه وهو يفكر بها ،، فكيف وهو بجانبها !!؟
لنعود بتفكيره الى احد الايام الماضية حيث مشهد قصير في هذه الرواية.. حين رفع علبة حمراء مربعة الشكل وقدمها لريم وهو يقول " أتمنى أن تعجبك "
ابتسمت بحياء وهي تلتقطها من بين يديه لتلامس اصابعها الرقيقة جزءاً من يده وتشعر بالكترونات حرة تسري في جسدها فازدردت لعابها بصعوبة وشرعت بفتح العلبة بلهفة وحب لتبتسم أخيراً وهي ترى عقداً بسيطاً يتوسطه فراشة صغيرة لتعاود انظارها الى رائد وتقول بامتنان "شكراً جزيلا حقا انه جميل "
بادلها بابتسامه " لا شكر على واجب.. برغم انه شيء بسيط.."
قاطعته ريم وهي توجه العقد له " هيا البسني اياه.."
قال باضطراب " ماذا؟!"
ريم بالحاح "هيا يا رائد"
امسك رائد العقد بارتباك ثم اعطته ريم ظهرها ورفعت خصلات شعرها ليفكه ويتجه بيديه المهتزتين امام وجهها ليأخذ الطرف الاخر من العقد ويشبكه بارتباك شديد حول عنقها النحيله... وفي ذات الوقت تكون ريم تتخلص من خجلها وارتباكها بكلامها الذي وجهته وهي تقول " ان جدتي تقول الهديه ليست بثمنها بل بقيمتها.. وتكون قيمتها بنفس المقام الشخص الذي اهداك اياها في قلبك.."
ابتسمت وهي تعاود الالتفات اليه " انه جميل جدا شكرا لك.."
" لقد لاق بكِ كثيراً" رائد بحب
" وعدي لك لن اخله من عنقي ابداً"
تسائل باستغراب وسعاده كبيره " وعد؟!"
اومأت رأسها " وعد..."
وعود بسيطه ولكنها جميله في لحظات تلمس بها اوتاراً حساسه في القلوب نقولها لمن لهم مكانه عظيمه في قلوبنا... فوعد ريم بعدم خلها ذلك العقد .. وعدا بسيطا ولكن يحمل في ثناياه حبا كبيرا لا تريد فقدانه....
وبعد تفكيره الطويل ذاك وشعوره بذلك الشيء الجميل الذي لا يستطيع تفسيره.. وتلك الراحه الكبيره اغلق عينيه بهدوء ثم راح في سبات عميق....
**********
بعيدا عن هذا الليل الموحش دعونا نقلب صفحه من صفحات حكايتنا لنستقر في التاليه ونذهب الى اليوم التالي حيث اطلقت الشمس اشعتها الذهبيه والتي اخترقت بقاع العالم اجمع وعلى مائدة مستطيله الشكل حيث امتلأت بالفطائر وبعض الالبان والاجبان..
تنهد الجد ووضع كوبا من الشاي جانبا ليتسائل بصوته الوقور " اذا يا قمر اخبرينا ماذا قررتي بشأن العمل"
اتجهت الانظار جميعها الى قمر فرفعت رأسها باتجاه جدها ثم قالت وهي تهز كتفيها " لا ادري ما رأيك انت ؟"
"برأيي انه عمل ممتاز..."
قالت ريم بحماس " ثم انك موهوبه جدا تأخذين بعضاا من الدروس احتياطا"
قالت قمر بهدوء " لا ادري"
وضع رامي قطعة الخبز ثم قال "اسمعيني جيدا يا قمر ( وهنا وجهت نظرها الى رامي ولسوء الحظ التقت عيونها بعيون رجلها الحديدي فشعرت بغصه كبيره.. ولكنها اذعنت لكلام رامي تحاول جاهدة ابعاد عيونها عنه ) العمل في شركه مثل شركه العم وليد امر جميل.. ويكسبك بعض الخبره.. وكما قالت ريم فانت تتحلين بموهبه ثم انهم اصداقئنا منذ زمن هذا يعني لا داعي للخوف.. وكما قال البارحة انهم يبحثون عن الموهبة لا حاملي الشهادات.."
اكملت ريم "كوني على ثقه من ذلك ان العم وليد طيب جدا..لولا ذلك البغيض ابنه ..."
قاطعتها الجده " لا تشوشوا تفكيرها انه قرارها هي... تستطيعين التفكير يا عزيزتي قمر لأي مده تريدين"
ابتسمت قمر ابتسامه شاحبه ثم عادت تعبث في محتويات وعائها من جديد شارده الذهن تفكر بعرض العمل الذي عرضه عليها العم وليد الرجل الذين ذهبو اليه البارحه لاقامة الشواء في منزله.. صاحب شركه لانتاج الاحذيه والحقائب.... فبعد معرفة ابنه المدعو كمال بانها تمتلك قدرات بالرسم.. وبما انه هو المسئول عن فرع الشركة الموجود هنا التي تم افتتاحه قبل سنين لا تتجاوز الست.. وبصفته احد المسئولين عن قسم التصميم.. فقد اراد انضمام قمر الى فريق العمل.. مع قليل من التدرب.. ووضعها تحت المراقبه..
هل تقبل ام تراها ترفض ؟؟ لقد حلمت بمستقبل باهر تنتج به اعمالها الخاصه.. وذلك المستقبل الذي حلمت به سيتحقق ولكنه ناقص..من عائله تشد من ازرها... اب يقف معها ويوجهها نحو الطريق الصحيح وام يتيسر طريقها بدعوات صادره من قلبها الطيب.. تنهدت بعمق وازاحت نظرها عن وعائها لتلتقي عيونها الحائره بعيونه.. لم تستطع حينها التنبؤ بمعنى تلك النظره الثاقبه كانت ابعد ما يكون لتفسير عيونه اليوم تريد التفكير بمعجزه ظهرت لها...فاعادت نظرها بهدوء الى ريم التي تأففت ممسكه هاتفها تنظر الى شيء ما... فتسائل مجد ليجلب انتباه محبوبته له ولكن فشل بذلك" ما بها فتاتنا الخرقاء؟"
وضعت ريم هاتفها جانبا واجابت " لقد رأيت شيئا ما"
" ام تراه حبيبها الجميل لا يكترث بها " رامي بسخريه
تجاهلته ريم واكملت تناول طعامها بهدوء..
اقتربت قمر منها وقالت " انها امل.. اليس كذلك؟"
تسائل مجد باستغراب " ماذا هناك؟؟ ما بها امل"
" لا شيء" ريم بلا مبالاه
" ياا للعجب تحدثت اليها البارحه و......"
مهما كانت قمر تحاول تجاهل وجوده.. الا ان الغيره كان دافعا قويا للنظر اليه وعيونها تشن حربا قاسيا عليه.. عيونها التي لمست وترا حساسا في قلبه.. بل كانت عيونها العسليه الموجهة نحوه هي نقطة ضعفه.. لذلك فضل الصمت وهو يحاول ان يخمن سر تلك النظرات..
وفي هذه الأثناء حيث انشغل مجد في تحليل سبب تلك النظرات العدوانيه التي وجهت نحوه.. وقد كان البقيه كل بتفكيره وطعامه.. اقترب رامي من جدته وقال لها بصوت هامس " انظري الى حفيدك ذاك.. تصرفاته غريبه في الاونه الاخيره لقد ازال قناعه القاسي"
رفعت رأسها اليه وقالت " سيغادر غداً..."
اومأ رأسه بتفهم ونظر نظره خاطفه نحو قمر محدثا نفسه " ان الحزن بادي على وجهك كثيراً..." ثم اكمل حديثه مع جدته "ألن تمنعيه.."
وفي هذه اللحظه حيث اجابته الجده كان مجد يحاول الخروج من سجن عيونها الذي وقع فيها اسيرا... اذعن لصوته الداخلي بعد ان امره بالهروب فالتفت حيث رامي الذي كان يتحدث الى الجده بتمتمات فتساءل " بماذا تتحدثان ؟"
فتح رامي عيونه حينها بتفاجئ بينما عادت الجده الى وضعيتها الهادئه وبقيت الاجابه على رامي فحك رأسه واجابه بتلعثم وهو يحاول تلفيق اي شيء " كنا نتحدث.. بما انه اخر يوم نقضيه هنا.."
مجد بشك " اذا ؟؟"
قالت الجده " نزهة .. "
ابتسم رامي ببلاهة " اجل نزهة جميلة..ما رأيكم يا فتيات؟
لم تعترض ريم فكانت تعابير وجهها تدل على الموافقه وهي تهز رأسها بمعنى لا اعتراض ممسكه هاتفها تعبث بأزراره... في حين أيدت قمر الفكره بحماس لعل عقلها الباطني يصل الى نهاية الطريق الصحيح وتستطيع اخراج وتشتيت تلك الطاقه السلبيه التي علقت في عقلها وقلبها...

وبعد مرور الوقت كانت السياره الحمراء مكشوفه السقف قد انطلقت في طريقها العشبي الطويل الذي تخلله مزيج من الضحكات تاره والخديث تاره اخرى....
بينما قمر كانت من الفريق الذي لا يشارك الا بالشيء القليل تستمتع بصمت ونسمات الهواء الدافئه تداعب وجنتيها طوال الطريق وتخاطب شعرها المجعد الذي يحلق بكل حريه وهي شارده الذهن باسمه المحيا وبريق الاعجاب في عينيها الناعستين جاهله الكم الهائل من الابتسامات والنظرات الخاطفه التي وجهت اليها...
الا أن..


...............
...........
.......
.....
...
.



توقفت السياره


" واخيرا وصلتم.."
صدر ذلك الصوت عندما ترجل جميعهم من السياره وبدأت ريم بالسير برفقه رامي بينما كانت قمر تتناول من مجد غطاء احمر بأنامل مرتجفه.. وما كان من ريم الا ان عبست وجهها وتأففت وقالت بضيق كبير: "من الذي دعا ذلك البغيض الى هنا.."
ثم بسرعه فتحت عيونها بغير تصديق واتجهت بنظرها حيث رامي متوعده، الذي ارتسمت على وجهه البراءه وتحدث كاتما ضحكته من شكل ريم الحانق " لست انا.."
لتمضي في طريقها غاضبه كرياح هوجاء عاصفه.. وفي نفس الوقت تكون قمر قد رفعت رأسها وهي تزدرد لعابها من التوتر وتبدأ بالسير ليأتي من خلفها مجد مرتدياً بنطاله الاسود وقميص بنفس اللون.. وكاد ان يتعداها لولا تلك النظره الجانبيه التي القاها عليها و....
قطبت جبينها باستغراب وهي ترى رامي يتحدث الى ذلك الغريب الذي اعاطاها اياه ظهره.. ابتسمت مجامله عندما تعرفت الى ذلك الغريب الذي استدار وبادلهم الابتسامه وقذف في قلب ذلك المجد غضب كبير ليجعله يقترب منها ويتحدث بنبره قاسيه (تجعل الحجر يتكسر فكيف بقلب تلك القمر) كاظما غضبه "خبئي تلك الابتسامه اللعينه.. "
ومضى في طريقه تاركا اياها تحاول استيعاب تلك الكلمات التي خرجت من فمه كسموم قاتله.. تقف هي بحيره تحاول ان تهضم كلماته بدون حدوث الم ولكن دون جدوى!!
وهو الا يستمتع الا بقذف حممه البركانيه الحارقه عليها؟؟! ألا يكتمل يومه الا بمس الضرر في قلبها وشن حروبه الداميه !! ألن يمر يومها بسلام أبدا خاليا من كلامه الجارح.. نظراته الثاقبه.. !!!
أخذت نفساً عميقا ورفعت رأسها للسماء الزرقاء الصافيه وهي تشد بقبضتيها على الغطاء الذي تمسكه ثم اخرجته وهي تعود برأسها الى وضعيته السابقه... لتلتقي عيونها الناعسه بعيونه الرصاصيه الهادئه التى انعكست اشعه الشمس عليها لتبدو اكثر جمالا وسحرا.. وكأنها موجات مغناطيسيه تأسرها وتجذبها نحوه....
ألم يخطأ نيوتن عندما اعتبر اتجاه الجاذبيه نحو مركز الارض وليس هو ؟؟!
**********

وبالعوده الى المكان الذي انطلقت منه السياره وفي شرفه تطل على بحيره صغيره يسبح بها بعض اسراب البط وضعت كوبها ببطئ وهي تستمع الى زوجها الذي قال بهدوء "افكر في ان انقل فرع الشركه الذي يوجد في فرنسا الى هنا.."
قطبت جبينها وتسائلت باستغراب "لماذا؟!"
"وجود ذلك الفرع هناك لا يحل علينا بالفائده.. بل يأتينا بالمشاكل.. (صمت قليلا وهو ينظر الى الفراغ ثم اردف ) حفيدك مجد ليس على ما يرام في الاونه الاخيره.. انه لا يجلس معنا كما في سابق الزمان.. نراه شارد الذهن ودائما متعب يشغل نفسه بالعمل مع انه هنا للاجازه.." تنهد ثم اكمل " ثم ذلك الامر .. انه المشكله الاكبر.."
قالت الجده بحزن " انه حاليا خارج البلاد و..."
قاطعها بحده " قلت لك ان تكفي عن مراقبته... ( ثم بنبره تحذير) انا لا اريد لاي احد ان يتأذى وانت تعلمين ما اقصد تماما فلذلك علينا العوده بسرعه الى المدينه قبل ان يحل شيء سيء.. ثم و وانه بعد طول هذه السنين لن يتجرأ بمواجهتنا.."
نظرت اليه بقله حيله وهو يمضي للداخل ثم وضعت يدها ناحيه قلبها عندما شعرت بوخز خفيف و اخذت تدعو بداخلها ان يحل كل الخير للعائله وان لا يمس احدهم اي ضرر...

بعيدا عن جدتنا الحزينه لاجل امر لم نعلم عنه اي شيء بعد وعن هواجس ومخاوف سيطرت عليها لنبتعد حيث ذلك المكان ....


مكان مليء بالأشجار الخضراء الباسقه..الأزهار الملونه.. وذلك الجدول الصغير يلهو بمياهه الأطفار ويتراشقون بمياهه البارده المنعشه.. و الفتيات اللاتي تلعبن بالحبل..يقفزن بسعاده كبيره فتتطاير خصلات شعرهم بكل حريه في الهواء الطلق... وفي زاويه اخرى بائع غزل البنات الذي يصرخ فيتهادى عليه الصغار والكبار...

وفي زاوية صغيره من هذه الحديقه الكبيره جلس ابطال حكايتنا من جديد منضماً اليهم بطلاً جديداً .. لم تكشف هويته حتى الان.. يبدو شاباً في بداية الثلاثين من عمره.. ذو وجه بشوش ولحية خفيفه.. جلس متكئاً على يده اليمنى ويبدو انه قد شعر بالملل وهو يقول "هل سنبقى ننظر لما حولنا بغباء.."
نظرت اليه ريم وأجابته ببرود قاتل "ان لم يعجبك ذلك.. فيمكنك ان تذهب.." قالت ذلك وهي تشير بيدها بمعنى ان ترحل.. ابتسم ابتسامه خفيفه فالتفتت عنه بامتعاض... ثم لفت نظره قمر وهي تتوجه الى بائع الغزل.. هي لا تشبه ريم ابدا.. فهي هادئه وتبدو غامضه بعض الشيء انطوائيه على نفسها... وربما ذلك لانها عاشت بعيدا لوحدها... فيها روح طفله برغم. انها في التاسعه عشر من عمرها.... تذكر ليله امس في منزلهم حيث تفاجئ بتلك الفتاة فهمس له والده انها حفيدتهم التي كانت تعيش في الميتم.. وكيف بدت هادئه وحاول التحدث اليها وكانت اجاباتها مقتضبه ابتسم عندما اخبرهم رامي عامدا عن موهبتها في الرسم واكدت ذلك ريم المشاكسه.. فما كان منه ومن والده الا ان عرض عليها العمل معهم.. بحكم انهم يملكون فرعا صغيرا لشركه انتاج ضخمه في البلد..تكون بادئ الامر تحت مراقبه المصممين المحترفين بالمكتب..
خرج من ذكريات الامس واقترب من رامي حينها ليقول له "تلك ابنة عمك.. ممم قمر ,, ماذا قررت بشأن العمل؟؟!"
نظرت اليه ريم وهي تناول رامي الشطيره والذي اخذها وهو يقول "ليس بعد...."
"ربما لم يعجبها عرض العمل ذاك.." ريم باستخفاف..
هز رامي رأسه بمعنى لا و " لا اظن ذلك لأنه.."
تسائلت بسخريه "هه ولماذا؟!"
وقبل ان يهم ذلك الشخص المجهول بالاجابه.. انطلق صوت رنين هاتف ريم الذي أضاءت شاشته باسم جيداء.. فقفزت من مكانها بسرعه وسعاده كبيرتين.. فيما اكتفى رامي بالرد على رسائله الالكترونيه بعد ان ابتسم على شقاوه ريم.. واكتفى ذلك الغريب وقد لمعت عيونه الخضراء الداكنه ببريق الاعجاب بعد ان جال بنظره وارتكزت عيونه على احدى الفتيااات.....


وعلى بعد عده مترات.. وبعد ان اشترت غزل البنات والتفت لتعود بكل سعاده حيث يجلس الجميع تنهدت وهي تنظر بحزن.. وتسائلت بينها وبين نفسها اين اختفى ذلك الجليدي.. زفرت بحراره وهي تطرد شبحه الجميل عنها.. ولكن قبل ان تمضي في طريقها عائده.. التفت حيث صوت البكاء فأخذت تنظر ببراءه وحنان الى تلك الفتاة الصغيره التي كورت نفسها فتقدمت اليها عده خطوات وتسائلت " لماذا تبكين ايتها الجميله..؟!"
رفعت تلك الفتاه الصغيره رأسها وقالت من بين دموعها "اردت بعض الحلويات.. ولك.. لكن سوزان اختفت.."
نزلت قمر الى مستواها واخذت تمسح على رأسها ثم مدت لها غزل البنات بابتسامه حانيه "خذي هذه.."
انفجرت اسارير الفتاه ومسحت دموعها بسرعه "شكرا لك.."
وسرعان ما امتدت يدها الصغيرتين امام انظار قمر.. تنظر الى هذه الصغيره وهي تتذكر طفولتها في زوايا الميتم.. حيث كانت تلعب مع الفتيات اشباهها لعبه الاختفاء.. وقفز الخبل.. وباللعب المصنوعه من القماش وغيرها...
وعندما كانت قمر تعود بذكراها الى الم الماضي.. كانت الصغيره تنظر باهتمام الى ذلك الرجل الضخم الذي وقف بقامته العريضه.. مشكلا ظلا يحجب اشعه الشمس عنهما... ثم ازدردت لعابها بخوف.. ونظرت الى قمر برعب وقالت وهي تمد يدها الى الاعلى.. "هذا..ال..." وتوقفت عن الكلام عندما رأته يهبط ناحيتهما فارتدت بسرعه حيث الشجره.. بينما هو شعر بنظراتها المذعورة فمسح على شعرها الذهبي بحنان والتفت حيث قمر التي تجمعت تلك الدموع في عيونها.. خفق قلبه من شده الخوف.. فأخد بوجهها الصغير بين كفيه وسألها بخوف.. " قمري هل انت بخير.؟؟!"
ارتخت يداها على قدميه من دون اي شعور منها.. فقد كان كل شيء فيها قد ذهب بعيدا.. حيث المكان الصغير الذي عاشت به.. حيث آلامها وآهاتها.. وحدتها وضعفها.. تذكرت كل ذلك .. فهي رأت نفسها في هذه الفتاه... تذكرت طفولتها الاليمه وشعرت بالحنين الى ذلك الالم الصغير الذي كبر ونما معها.. مع كل عام يتجدد في وحدتها...
وقد شعر هو بالخوف الشديد عندما كانت متجمده امامه.. تنظر الى الفراغ ودموعها متجمده بين جفونها.. تحتاج قوه كبيره لاخراجها حتى ترمي من داخلها تلك الهموم... ولم ينبه الا وهي ترمي نفسها على صدره القاسي.. الذي اخذ يرتفع ويهبط بخوف.. واخذ قلبه ينبض بسرعه... ثم اغلق عينيه بالم... وبعد عده دقائق شعر بوجهها يتحرك ففتح عيونه وكانت مازالت تنظر الى الطفله... ثم همست له وهي ترفع رأسها " هلأ اخذتني من هنا.."
امسك يدها وساعدها على النهوض حيث كانت الصغيره تشاهد ما يحصل امامها باستغراب وخوف.... وسرعان ما نهضت بحماس عندما لمحت مربيتها تتخبط في البحث عنها بالارجاء تاركه غزل البنات الذي اشتهته على الارضيه العشبيه لتستقبلها المربيه بخوف .. ثم قالت وهي تلهث "اين كنت ياملاك.. ابحث عنك.."
اجابتها ملاك: "كنت اريد غزل البنات.. واعطتني اياه بعض الفتيات.. شعرها طويل وجميل يشبه.."
قاطعتها: " حسنا.. لاتبتعدي عني.. ماذا سيقول والدك ان حصل بك مكروه.."
امالت الطفله رأسها وقالت " لا يقول شيئا.. ادافع عنك.. اقول له سوزان لم تفعل شيئا.."
ابتسمت سوزان لبرائه الطفله ثم نظرت عائده لخلفهم وهي تستغرب الامر بل الشخص الذي رأته.... هزت رأسها و سارت وهي تفكر....

وعلى ضفه النهر حيث افلتت منها ضحكه ثم قالت وهي تتحدث عبر الهاتف "حسنا حسنا.. لا تقلقي .... ابلغي سلامي... الى اللقاء عند عودتي.."
ثم انهت مكالمتها وهي تدخل هاتفها في جيب سترتها.. وهي في قمه شرودها.. ومع ابتسامتها الحالمه اذ بصوت هامس من خلفها جعلها تنتفض بخوف.. فترتد للخلف لتصتدم به مع ضحكاته التي تعالت " هل تعلمين انك جميله عندما تخافين؟!"
ابتعدت عنه وهي تضع يدها على صدرها ثم قالت وهي تقلده " هل تعلم انك بشع.."
قاطعها بسخريه " حقاً؟؟!"
اردفت بقهر " ألن تتغير ابداً..اقصد عاداتك هذه.."
ابتسم ثم " وهل سمعت بأن كمال وليد ..حفيد السيد غالب.. صاحب اكبر شركات.."
قاطعته بملل "ولم يتغير غرورك ايضاً.."
وقبل ان نكمل هذا الحديث.. دعوني اكشف لكم هذا الشخص الجديد ´´ كمال´´..اذا اسمه كمال.. ذلك الشخص الذي استقبلهم على بوابه الحديقه.. والذي اظهر ملله بالجلوس.. وكما قال فهو الحفيد للسيد غالب.. صديق جد ابطال حكايتنا.. صاحب اكبر شركات لانتاج الحقائب والاحذيه.. والتي استلمها من بعده وليد والد ذلك ال (كمال) ...عريض المنكبين يملك من الطول ما يجعلك ترفع رأسك للنظر الى عيونه الخضراء الداكنه.. ولحيته الخفيفه التي زادت من جاذبيته.. يقف واضعاً يديه في جيبي بنطاله بابتسامه اظهرت تلك الغمازه على خده الايسر...

والان لنعود بشريط حكايتنا عندما قالت له بملل " ولم يتغير غرورك ايضاً!!"
ابتسم ليقف بمحاذتها ويقول " انا لا اتغير بسهوله على اصدقائي.." صمت قليلا و تنبهت الى كلامه الذي يلمح به شيئا.. ثم اردف متسائلا " لماذا يا ريم ؟؟!"
نظرت اليه ببرود ثم قال. وهو يمسك كتفيها ويديرها ناحيته " كنت صديقه طفولتي وما زلت كذالك.. قبل اقل من شهر كنا نتحادث كثيرا بعدها انقطعت تلك العلاقه.. لا اريد ان اخسر صداقتي معك ابدا.."
تنهدت بضيق " ولا انا.. ولكن.." صمتت وهي تطرق برأسها عندما سمعت زفيره القوي.. و
"هل كل هذه المعامله السيئه من اجل ما تحدثنا به..."
"هلا صمت.." ريم بحده..
اومأ رأسه " حسنا.. ولكن اريدك ان تعلمي لقد قلقت لاجلك.. ربما لم يكن كلاما صائبا حينها وربما تدخلي بالامر ليس من شأني ولكن من خوفي وقلقي.." صمت قليلا ثم قال برجاء " من اجل خاطر ايامنا السابقه.. عودي كما عهدتك الصديقه والرفيقه.." صمت قليلا ثم امسك يدها وقال بندم " حقا اعتذر لسوء تصرفي.."
سحبت يدها من بين يديه و نظرت اليه بتردد وهي تحوم فوقها سحابه من الافكار.. واكتفى هو بأن بادلها بالابتسامه قبل ان يذهب... و التفتت هي تنظر اليه بجمود حينما كان يمضي في طريقه ثم عادت بعيونها الحائره المتردده الى البحيره...


وسارت xxxxب ساعه حكايتنا لهذا اليوم بسرعه كبيره لتبقى احداثه.. مخفيه عالقه في الذكرى.. فإما ان تكون ذكرى جميله او قبيحه..؟؟!
وكانت الشمس قد شارفت رحلتها على الانتهاء ليحل محل نورها.. نور اخف يرافقنا كل ليله ويشهد احزاننا.. فرحنا.. وتعبنا.. وبعض الاحلام التي ننتظر تحققها....
وبدأت السماء بارتادء ثوبها الاسود يتجمل بنقاط بيضاء صغيره اشبه بالنجوم.. يتوسطه القمر المضيء....
وكان ابطال حكايتنا قد حطت اقدامهم عتبات المنزل.. ولكن قبل ان تستقر اجسادهم داخله.. اقبلت الخادمه وقالت " سيد مجد.. السيد مازن يريدك حالاً.."
اومأ مجد برأسه وقبل ان تجره قدماه حيث الفناء الخارجي القى نظره خاطفه عليها.. وعندما وصل حيث جديه.. رآهما يجلسان حول مائده خشبيه مستديره.. فيتقدم نحوهما ويجلس وبابتسامه" يا تراه ما الامر المهم الذي استدعياني من اجله السيد مازن والسيده زينب؟!"
حاول الجد ان يكون ذو نبره حازمه "أليس عيبا ان تلفظ أسماءنا فقط.."
ضحك مجد ثم قال " ماذا افعل ان كنتما مقربان الي جدا.."
ابتسم الجد ثم اشار الى الجده ان تتكلم و....



يتبع...




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-08-16, 07:54 PM   #18

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


و على عتبات السلم الداخلي..تسائل رامي بغرابه وهو يفكر " ماذا تراه الامر الطارئ.."
اجابته ريم بتعب " ربما سفره المفاجئ..؟!"
"هل تظنين انه سيمنعه..؟!"
لوت شفتيها بسخريه " مجد!! قل لي حقا من يستطيع اقناع عقله الصخري؟؟و ان رضخ لهما يوم !! يومان!! ثم يذهب "
ومضى كل منهما في طريقه اما قمر!!!
توقفت وقد انسكب على وجهها الماء البارد ليجعلها تتصلب في مكانها تشعر بانفجار ضخم قد حدث في قلبها لتتناثر اجزاءه.. قطعا صغيره,,, وتنشب نيراناً حارقه وتثور براكين داخلها... يجعلها تتذكر ذلك الموقف على باب الاسطبل.. سيترك بلاده.. عائلته.. منزله.. بسببها هي.. هل حقا هي السبب!! ام انها تتوهم؟! ولكنها سمعته وهو يحدث خيله...
كان كل شيء فيها يسير ببطء.. حتى هي,, كان سيرها هادئا مخيفا.. وكأنها قطعه من الصخر ثقيله.. تجر نفسها بصعوبه وهدوء كبير ومشاعر شتى تداخلت في بعضها...
جلست على سريرها وعيونها ما زالت مركزه على امام.. خلعت سترتها القطنيه ووضعتها جانبا.. ووضعها المريب ذاك يجعل النفس تحزن على حالها.. فقد انتباها صمت عميق وشرود.. واخذ الحزن يزداد شيئا فشيئا... وقد تحجرت الدموع في مقلتيها وكان حزنها يمتص قلبها امتصاصا.. فيسلبها كل القوه المخزونه التي بداخلها ليجعلها تأوي الى فراشها تبكي بصمت دون ان تخرج دمعه واحده...



وفي الغرفه المجاوره وبعد مرور نصف ساعه.. كانت ريم قد اخذت حماما ساخنا بعد تعب هذا اليوم....
خرجت من دوره المياه وهي تجفف شعرها القصير اللذي بلون الشوكولاه بمنشفتها الحمراء.. اخذت مشطها ثم جلست لتبدأ تمسك خصلات شعرها و...
" كمال.. كان يبدو صادقا بكلامه اليوم.. انه صديقي منذ زمن طويل.." تنهدت وهي تمسك خصله اخرى وتبدأ بتمشيطها " حسنا.. انه صديقي.. ربما تسرع مثلما قال..ولكن..." اغلقت عيونها بتعب. ثم اكملت " لا يمكنني التخلص منه بسرعه والابتعاد عنه.. بسبب موقف سخيف.. لقد حاول جاهدا اصلاح صداقتنا ولكن انا من كنت امتنع.."

نظرت الى هاتفها المحول الذي ظهرت صورته عبر المرآه لتلتفت الى سريرها.. و كان بوضع الهزاز وقد اعلنت شاشته عن وصول رساله.. نهضت من ذلك الكرسي وتوجهت حيث سريرها..
" هل سامحتي فقير الحظ؟؟!"
ابتسمت ثم اخذت تنقر ازرار هاتفها و تحدثت وهي تجلس بعد ان وضعت هاتفها على اذنها " هل الالحاح عاده جديده ؟؟!"
جائها صوته خاملا " هذا ليس اجابه على سؤالي..؟!"
" ماذا تريد اذا؟!" رفعت حاجبها وكأنها تحادثه وجها لوجه
" ممم لا ادري.. ما رأيك؟!"
"حسنا.."
" حسنا.. ماذا؟!" والاستغراب طاغيا على نبرته
وقبل ان تنطق جائها صوته مع ارتطام شيء بالارض " حقا.. سامحتني.."
ضحكت ثم " لم لا ايها الاخرق.."
تنهد براحه " كم هذا جميل.. ايتها الخرقاء..حسنا تصبحين على خير ايتها الجميله.."

وبعد ان اغلقت تسائلت بصوت عالٍ " ألم أتسرع..؟!"

" هل شقيقتي الحمقاء تتحدث الى نفسها كالمجنونه..؟!"
شهقت بقوه ثم التفتت اليه " ألم يعلمك احد ان تطرق الباب..!!"
حك جبهته ثم توجه الى السرير وهز رأسها نفياً.. ثم اردفت بثقه " وشقيقتك يا عزيزي لم تكن تتحدث الى نفسها.. (وقفت وهي تسير بثقه واكملت) كنت احدث كمال؟!"
تكتف فأكملت " هل تظن ان كمال جيد ؟!"
نظر اليها بتمعن ثم وهو يغمز لها " هل تخليتي عن رائد وذهبتي لكمال"
ضربته بالوساده التي كانت بجانبها ليتصداها ويردها اليها وهي تقول بحده " انت مجنون.. هل يمكن ان اتخلى عنه.. ( ثم بحب) انه حبي الاول"
ابتسم وقال بألم " ربما يأتي اكثر من حب ولكن... "
قاطعت ألمه " لا.. لا يمكن ان اتخلى عن حبه.." ثم نظرت اليه نظره ذات مغزى " لماذا أتيت الى هنا؟!"
مجد بعدم فهم " ها.. ماذا؟!"
اقتربت منه " اخبرني هيا.."
صمت قليلاً.. ثم اخذ قلبه يتحدث بالنيابه عنه... وفي نهاية الحديث قالت ريم وهي تتوجه نحو المرأه لتضع مرطبا لوجهها " حسنا لا تقلق.. سأفعل كما طلبت.."
مجد بتأكيد " احتاجها قبل ان نغادر من هنا.. لذلك.."
قاطعته ريم بحزن " لك ما تريد.. ولكن ألم يستطع جدي منعك.."
اشار اليها بمعنى لا.. ثم نهض من مكانه " سأذهب رغما عن الجميع.. تصبحين على خير يا شقيقتي.."
نظرت اليه وهو يخرج ثم تنهدت وهي تعاود استخدام المرطب الخاص بها..


ظلت قمر على حالها حتى وقت متأخر من الليل.. وكانت قد اخرجت كل شيء بداخلها وهي تحتضن عقد والدتها المكسور وتتحدث اليه...

شعرت بألم الحاجه للماء.. والصداع الذي لازمها لبرهه من الوقت عندما اعتدلت في جلستها بشكل مفاجئ.. نظرت الى الساعه وكانت تشير xxxxبها الى الثانيه بعد منتصف الليل.. بالتأكيد ان الجميع قد خلد الى النوم منذ زمن وأنهم في سباتهم العميق.. فمن الممكن ان تذهب لشرب الماء.. ولكن عليها اولا ان تغسل وجهها وتعدل شعرها الذي تناثر بعشوائيه عندما نهضت جالسة.. وفعلا اول ما قامت به هو ان نهضت من على سريرها وتوجهت بعدها الى دوره الميااه بخمول شديد.. غسلت وجهها عده مرات بالماء البارد لعل وعسى ان يذهب اثر البكاء.. ولكن لا جدوى فالحزن قد صبغ الوانه فكانت عيناها مطفأتين ذابلتين...
خرجت من غرفتها ولم تأبه بشيء.. بدأت بنزول عتبات السلم على رؤوس أصابعها بخفه وهدوء.. وعندما حطت اقدامها الطابق الارضي وبدأت بالتوجه الى الركن الذي يقبع به المطبخ.. توقفت واستولى عليها الخوف الشديد عندما سمعت ذلك الدوي القادم من المطبخ.. والارتطام القوي بالارض جعل قدماها تسيران بسرعه وارتجافه كبيرتين.. شعرت قلبها يدق بطبوله بسرعه كبيره وبشده تجاوز المعدل الطبيعي لعدد نبضاته في الدقيقه....


كان الزجاج قد تناثر على الارضيه وقطرات الدم الحمراء قد شنت غزوها لتشكل بحيره صغيره عليها.. يقف معطيا للباب ظهره و انفاسه تتلاحق.. وبرقم ضعف الاضاءه في المكان الا انا استطاعت رؤيه الدماء تلوث الارضيه...وباندفاع تقدمت نحوه بسرعه ليجعله يستدير باستغراب عندما سمع صوت تلك الاقدام الخافته... وهنا كانت الصاعقه....
حيث توقفت امامه شديده الاضطراب.. الخوف.. الذعر..الحزن.. وفجأه دون شعور منها غرقت اجفانها بالدموع...
تحدث ذلك الجسد الصخري الذي ينزف الدماء,, ذو الانفاس المتلاحقه..الوجه المشرود..العيون الغاضبه " لا داعي للخوف.. انه شيء بسيط.."
لا تعلم لم زادتها تلك الكلمات بكاءً..ولكنها قالت من بين دموعها " اين عده الاسعاف..؟!"
اشار اليها بيده الى احدى الزوايا...لتذهب هي حيث يشير.. ويجلس هو بتهالك وانهاك ويداه تقطر دما.. ثم تعود وقد رفعت شعرها وثبتته على هيئه كعكه كما نسميها باحدى اقلام الرسم التي تركتها مساء الامس في المطبخ.. حامله معها المعقم والقطن وبعض المستلزمات الاخرى...
جلست على الكرسي المجاور له وبدأت العمل اللازم القيام به... وبدأ هو بمراسم وداعه بأن ينظر الى انفها المحمر.. شعرها الذي يعشقه.. تفاصيلها الجميله بكل حب.. حزن.. عشق.... فراق.. ثم. " لماذا؟!" سألته وهي توجه نظرها مباشره اليه فوجدته يتأملها بنظرات غريبه ازدردت لعابها.. وارتجفت يدها...
" متى تعلمت الاسعاف الاولي؟!" لم تهمها نبره السخريه التي اعتادت عليها.. فكل همها هو معرفه سبب ما قام به.. " لاا اظن ان سؤالك اجابه على سؤالي!!"
اجابها بسخريه "وهل تظنين مني ان اجيبك واطلعك على اسراري؟!"
نظرت اليه بمعنى لا يهم وعادت لجرحه.. ولكن توقفت عندما سألها " اذا اعلميني كيف تعلمت هذا؟!"
" الميتم.."...
اخرج زفيرً قوياً ثم قال " لم يسمحا لي بالسفر!!"
" ماذا؟!" قمر بعدم فهم..
طرق على رأسها " اجابه سؤالك ايتها الغبيه.."
اطرقت رأسها. بحزن " كل هذا لأجل عدم موافقتهم على سفرك"

ويبقى الصمت حليفاً له وصديقه الوفي اللذي يلازمه معظم اوقاته... لتكمل قمر عملها بتعقيم جرحه بألم شديد... تنفست الصعداء عندما لم يكن الجرح عميقا جدا وتستطيح حل امره... عضت على شفتيها وشعرت بشوكه حاده تنغرس في قلبها وتخرج عده مرات عندما اطلق اهة خفيفه منه تعبر عن ألمه.. فتسائلت بقلق ممزوج بحزن مطرقه رأسها للاسفل " هل يؤلمك كثيراً؟!"
" داخلي يؤلمني اكثر" بعد ان خرجت منه تنهيده طويله.. فترفع رأسها والدموع تتساقط من عينيها تعكس بريقها الجميل.. جعله يكمل كلامه بكل صعوبه " ان هذه الجروح بسيطه مقابل الاآلام التي تحرقنا من الداخل.." وبيده الاخرى يقوم بمسح دمعه قد انحدرت على وجنتها.. ثم يرجع خصله من شعرها المجعد الى الوراء ثم يقول موجها لها رساله " ولكن علينا ان نقف على اقدامنا ونكون اقوياء.. لذلك عليك ان لا تظهري عيونك الباكيه هذه لاحد.."
قبّل جبينها لتشعر بحراره انفاسه وحراره جسدها من التوتر.. و قبل ان ينهض من مكانه وبابتسامه شاحبه وهو يتحسس موقع الاصابه " شكرا لكِ"
وأخذ يسير بهدوء حيث بوابه الامطبخ تاركا خلفه تلك الفتاه التي احمرت وجنتيها المخمليتين وشعرت بتوتر وارتجافه اوصالها وعطره الذي اسرها.. وعيونها التي اخرجت ما بداخلها من البلورات الثمينه ولكن....
ابت ذاكرته الا ان تتذكر تلك العباره مبهمه الحروف والذي رفض مشاركتنا اياها...و اخذ صداها يتردد في طرقات عقله المليء بقمر.. قبل ان يختفي في ظلام هذا المنزل.. لا نعلم وجهته.. ولكن ربما الايام القادمه تخبرنا ما اخفى ظلام المنزل عنا...

انتهى الفصل

- ما هي العبارة التي تذكرها مجد!!
- ماذا سيحصل بالنسبة للثنائي رائد وريم!!
- ذلك الكمال!! توقعاتكم بشأنه وما هو الامر الذي دعا ريم لمخاصمته؟؟
- ملاك!! هل سيكون هناك لقاء اخر لبطلة حكايتنا قمر!!
- قمر!! واحزانها هل ستتغلب عليها!!
- توقعاتكم!! وارائكم بهاد الفصل؟؟

الفصلين القادمين راح يحملو معهم ذكريات من الماضي.. ممكن ماضي قريب!! او بعيد!!
بانتظار ردودكم





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-09-16, 09:08 PM   #19

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


\\


الفصل 12


سأقول لك "أحبك"..
حين تنتهي كل لغات العشق القديمه
فلا يبقى للعشاق شيءٌ يقولونه.. أو يفعلونه..
عندئذ ستبدأ مهمتي..
في تغيير حجارة هذا العالم..
وفي تغيير هندسته..
شجرةً بعد شجره..
وكوكباً بعد كوكب..
وقصيدةً بعد قصيده..
سأقول لك "أحبك"..
وتضيق المسافة بين عينيك وبين دفاتري..
ويصبح الهواء الذي تتنفسينه يمر برئتي أنا..
وتصبح اليد التي تضعينها على مقعد السيارة..
هي يدي أنا..
سأقولها، عندما أصبح قادراً،
على استحضار طفولتي، وخيولي، وعساكري،
ومراكبي الورقيه..
واستعادة الزمن الأزرق معك على شواطيء بيروت..
حين كنت ترتعشين كسمكةٍ بين أصابعي..
فأغطيك، عندما تنعسين،
بشرشفٍ من نجوم الصيف..


(نزار قباني)


##########



الزمان:
بعد مرور شهر ونصف...
المكان:

في احدى طرقات المدينه الكبيره.. والشمس الحارقه قد تربعت في وسط السماء.. واطلقت العنان لألسنتها الذهبيه الحارقه,, حيث تقف تلك السياره السوداء على جانب الطريق...

والوقت في منتصف النهار.. تكون الشمس قد توسطت سماء حكايتنا الزرقاء الصافيه.. وارسلت اشعتها الذهبيه الحارقه.. ففصل كفصل الصيف.. تكون شمسه قد اعلنت حربا على سكان الارضيه,, بإرسال خيوطها المرتفعة الحراره... تماثل حراره الحمم البركانيه في جوف البراكين.. ولا يخفف وطأة الحر سوى المثلجات والعصائر الطازجه.. التي تم جني محاصيدها من ثمار ناضجه.. وفي هذا الفصل من السنه يكون شاطئ البحر يعج بالناس.. الصغار منهم والكبار... وتكون مياه بحره ساكنه.. هادئه.. تتلألأ تحت اشعه الشمس.. ورمال شاطئه الشقراء ساخنه ملتهبه.. وكأنها قطع من الكعك قد خرجت لتوها من الفرن..و تلمع كأنها ذرات من الذهب..,,, ولم يكن الشاطئ المكان الوحيد المليء بسكان المدينه والسائحين.. بل ها نحن نرى اسواق المدينه.. مراكز التسوق.. والمناجع والحدائق.. المقاهي ومراكز الاستجمام قد كانت الحصن المانع من حر هذا اليوم....
أما نحن فهيا بنا نذهب.. حيث ذلك المقعد الخشبي في احدى طرقات المدينه الكبيره... ومن البعيد وتحديدا من خلف الشجره التي تزين ارصفه الشوارع هي ومثيلاتها.. لنصوب نظرنا ونمعن السمع الى ذلك الذي يجلس على المقعد الخشبي,, معطيا ايانا ظهره.. نلاحظ ثيابه السوداء... شعره الذي ظهر به بعض الشيب...
هل هو كبير بالسن ام ماذا؟! ألن يلتفت لنراه ايها الكاتبه؟؟!
دعيه يلتفت... من هو هل نعلم من يكوون !!

هلا صمتم قليلا.. ااوووه انظرواا...


انطلق بعد دقائق وهو ساكن الجسد.. رنين هاتفه ليضعه بسرعه على اذنه.. يتحدث به لبضع دقائق ثم.. يعود الى سكونه من جديد الى ان....

######

بعض الفتيات تلدن كونهن اميرات.. هن محظوظات!!
ذلك الحظ لا يتركهن ابدا.. لسنوات طويله.. ^^
تستمر حياتهن مثل الاميرات.. كما في القصص الخياليه,, فكيف يمكن ان تكن تعيسات وهن يملكن حياه كهذه!!

تستيقظ كل واحده منهن على صوت الخادمه.. يكون كل شيء معداً لها... فطور.. ملابس.. حقائب.. احذيه.. وحتى السائق خاص ...
فهي سمو الاميره في قصرها العاجي.. :-)
يسعى والدها بتوفير كل ما تحتاجه.. يهيئ لها حياه ترضيها..تطلب فيلبي مطلبها أليست مدللته!!؟
أما والدتها.. تعتني بها بما يناسب طبقتهم الراقيه كما يقال..من معارفها.. تهتم بقوام جسدها.. صحتها.. أناقتها وجمالها.. وكل شي بما يناسب الفتاة العصرية!!

وأنا اعد اميرة ايضا.. ولكن قصتي مختلفه بعض الشيء.. تتخذ منحى وطريق اخر عن قصص الاميرات الاخريات... اعيش في منزل اشبه بالقصر.. توقظني خادمه وتلبي رغباتي متى ما شئت خادمه اخرى.. ولكن كل انسان يوجد في حياته نواقص في نواحٍ معينه.. وانا كذلك يمكنكم ان تشبهوني بلعبه الاحجيات.. دائما وفي كل مكان هناك قطع ناقصه مني افتقدها.. قطع سلبت قوتي.. وجعلت حياتي مره.. تركتني وتهدمت حياتي.. وانقلبت حياتي بسببها.. ذهبت مع موج البحر في مد وجزر لا ينتهي ابداً...

ربما عقدتم حاجبكم من الاستغراب.. فأي اميره تتحدث هكذا!! قطع ناقصه.. لعبه الاحجيات.. حياه مره كالعلقم.. حياه متهدمه.. قوه مسلوبه!!

بالتأكيد ادركتم من اكون.. قمر ومن غيري التي عاشت وحيده.. حزينه.. ولكنني اعتدت على وحدتي..
لماذا الاعتياد كلمه تقال عند الالم.. انها مقترنه بها ايما اقتران؟؟!
حسنا.. مرور تلك الاسابيع لم تغير فيّ الشيء الكثير.. فكيف يتغير الانسان تغيريا جذريا بمرور سته اسابيع فقط.. أليس كذلك ؟!
ما زلت تلك الفتاة التي تعيش وحدتها.. انطوائيه كما اعتدت في صغري.. ربما خرجت عن انطوائيتي المبالغ بها بأني وافقت على العمل ...ولكنني ما زلت امارس طقوس الرسم الخاصه بي لساعات طويله.. وربما ليل ونهار متواصلين...

ربما تتسائلون ماالذي دعاني لارتداء ذلك اللباس الرسمي.. مع انني لا اناسب تلك الملابس ولا اظنها تليق بي ابدا.. قميص ابيض وسترته السوداء مع تنوره تصل حتى ركبتي ضيقه بعض الشيء ولكنها مريحه.. ارفع شعري المجعد على هيئه ذيل حصان.. انا بحد ذاتي استهجن الامر واستغربه فكيف انتم !! فمن عادتي او كما احب ان اجعل شعري يتراقص ويتمايل بكل حريته على ظهري النحيل.. فلا اريد ان اسجنه بربطه شعر تقيقضه وتمنعه من حريته كما قيضني القدر بالآلام التي رافقتني منذ الصغر.. نمت تلك الالم وترعرت بداخلي وتكاثرت مثل الباكتيريا لتقضي على طفولتي.. ولكن مجريات القدر تفرض عليك ما لا تستطيع تحمله.. وتلزمك بكل شيء.. وما عليك الا الرضا...

لوهله!!!
اشعر انني اميره!! برغم نقصي وانكساري.. اجلس صباحاً مع جدي وجدتي..
اظن ان الحياه قد اظهرت حنانها وعطفها علي بأن أظهرت لي عائله بعد زمن وان طال الا انه تحقق حلم.. بأن احظى بحنان.. واعيش في جو عائلي.. كنت اتمنى في صغري ان يعتبرني احدهم ابنته بالتبني ولكن.. بعد تفكير هل اظن ان احد سيحن علي.. فوالدي لم يفعل !!! فكيف سيفعل الغريب؟!!

تلك الاميره التي خبأها الزمن في داخلي.. وتخرج عندما اتلقى الحنان والعطف مِن مَن حولي... انسى حزني للحظه من خلالها... ولكن مجرد وخزه الم برغم خفتها الا ان تلك الاميره الصغيره التي تبدأ بالعيش في داخلي تعود الى مرقدها بسلام... وتدفع بذلك الجبل الضخم المليء بالاحزان و تنفتح جراحي التي ما لبثت ان تلتئم.. وتنزل بي الى قاع بئر سحيقه....

#####
وبالعوده الى ذلك المجهول.. الذي تساءلتم حوله.. فلنطلق عليه اسماً يسهل فهمنا للأحداث.. وليكن اسمه (قصي)..

وقفت تلك السياره السوداء حديثه الطراز.. ذات النوافذ المعتمه حيث لا يظهر ما بداخلها... نهض قصي من مكانه وتوجهت به قدماه حيث السياره المجهوله.. ثم طرق زجاج نافذه الباب الخلفي.. ويتم السماح له بالدخول...
وبالاقتراب اكثر حيث النافذه التي فتح زجاجها... نرى ذلك القصي قد اخرج ملفاً ورقياً بني اللون..
" هذه الصور التي طلبها الرئيس.. تم التقلطها من قبل شهر تقريبا" قصي وهو يعطي الملف الى الذي بجانبه.. ثم اخرج ملفاً اخر بنفس المواصفات ولكن كتب عليه بخط اسود عريض (اليوم) واردف " لقد التقيتا بالمقهى القريب من الشركه.."
" هل تراقب الجميع جيداً؟!"
اجابه قصي بتأكيد "اجل.. الجميع في عمله باستثناء هاتان الفتاتان.." اتبع كلامه بأن اخرج بعض الصور الفوتوغرافية تظهر في إحداهما فتاتان تجلسان في احد المقاهي..
تلاه صوت المجهول وهو يشير الى فتاة ترتدي فستانا طويلا ملون" حسناً.. راقب هذه الفتاه جيداً.." صمت قليلاً ثم " يمكنك الذهاب.."

واوشك قصي على فتح الباب لولا صوت ذلك المجهول خرج من جديد " غدا توجد حفله افتتاح وسيكون الجميع هناك.. يطلب منك السيد... ان تذهب وتلتقط صوراً.. اذهب الى هذا العنوان.. (ومد له بطاقه شخصيه لاحد الصحفيين) يخبرك بما تفعله؟!"

وبعد ان اغلق قصي الباب ومضى في طريقه.. اخذ ذلك المجهول يقلب بين الصور..فالصوره الاولى تظهر بها الفتاتان عند دخولهما المقهى.. والاخرى عندما استدعت احدهما النادل.. اما اللتي تليها عندما كانت واحده منهما تتحدث عبر الهاتف..

باختصار كانت الصوره عباره عن تلخيص لما فعلتاه في المقهى قبل ساعه.. منذ أن دلفتا إليه وحتى خروجهما منه.. اكتفى ذلك المجهول بأن اعاد الصور الى مكانها داخل الظرف.. وامر سائقه بالانطلاق.. وسارت تلك السياره في طريقها المجهول....


الزمان:
قبل يومين
المكان:
قصر حكايتنا الجميل والشمس اشرقت منذ زمن معلنة عن بداية صباح يوم جديد... تململت في مكانها قبل أن تعتدل في جلستها وتنتشل نفسها من سباتها العميق..
وقفت على قدميها بتكاسل وتعب شديدين..ثم اخذت تسير بخطوات مترنحه ثقيله.. وعيونها نصف مغلقه تحارب ضوء النهار من شده التعب... وجفونها المرتخية التي تنظر من خلالها بصوره غير واضحه جداً...
تثائبت وهي تغلق باب مرسمها المليء بالاوراق والرسومات.. ثم اخذت تمشي بالرواق مرتديه ملابس نومها... بنطال ضيق ناصع بياضه كابيضاض الثلج في موجة ثلجيه عاصفه.. أو ربما كقلبها الطيب!! والطبقه العلويه تصل حتى نصف فخذها يرتسم عليها بعض الورود الحمراء.. وقد رفعت شعرها وجمعته اعلى رأسها... وأرجعت غرتها القصيره ببعض من مشابك الشعر الملونه..
انها اشبه بطفله صغيره.. استيقظت لتوها لتذهب الى مدرستها.. تفرك عيونها من شده النعاس بيدها اليسرى.. وكأنها بيدها الأخرى تمسك بلعبتها الصغيره.. ولكن الحقيقه مختلفه بعض الشيء.. فلم تعد صغيره تمسك بلعبتها... بل انها تمسك وتتشبث بقلم من اقلام التلوين الخاصه بها وكأنه طوق نجاتها من كل شيء....

توجهت عيونها الناعسة الى ذلك القلم وكأنها للتو قد شعرت بوجوده في قبضتها التي تمسكه بشده.. ولا تدري حقا لماذا هذا اللون بالتحديد يلازم صباحها كل يوم...
اللون الاسود!!!
ربما لأن رسوماتها الخاصه اصبحت تقتصر على الالوان المشتقه من الاسود!!
ام له علاقه بأحلامها ليلاً؟؟!
واقعها المر!!
أحزنها الشديد!!!
شوقها لوالدتها التي لا تأتي لزيارتها منذ اختفاء القلادة ؟!
ام...؟؟!
أخرجت تنهيده طويله من صدرها بعد أن نفضت رأسها من أفكارها السوداء التي رافقتها!!.. واستقرت بنظرها في الطرف الآخر من الممر...
مرت لحظات.. بل دقائق.. ربما تجاوزت الخمس.. تنظر بجمود كبير وكأن عيونها تحولت الى كتله صخريه نحو باب غرفته تنتظر منه الخروج من عقلها ليتمثل امامها في الواقع!!
أما آن اوان عودتك يا مجد!! لقد اطلت مدة غيابك!!
وعندما شعرت انها تنجرف بجم مشاعرها التي اخذت تسيطر عليهاا.... أبحرت عائده بأدراجها الى واقعها المرير...

إنه السيناريو نفسه من جديد.. يعاد على مر الايام السابقه التي مضت.. وكأنما هو مخرج فيلم أو مسلسل ما أجبر احدهم ليعيد تمثيله حتى يتقن المشهد...
يعاد كل يوم عندما تستغرق ليله طويله على مرسمها.. بعد ان تعاني من أرقها.. وحزنها المعتاد.. شوقها وحنينها لبعض الاشياء والاشخاص.. واحلامها السيئه التي تراودها بين حين وآخر.. فتشعر أن غرفتها تغلق عليها فتجعلها تشعر بالاختناق وكأنها تطلق غازات من الهم والحزن.. كما تطلق نيران الحريق سمومها من غاز ثاني اكسيد الكربون القاتل...
وان يكن فراشها هو السبب والمسبب لحالها الأليم.. فإن مرسمها مناص وملاذ لها للفرار من آلامها وأوجاعها... تخرج من خلاله ما بداخلها من مشاعر ربما غاضبه.. او حزينه.. واحيانا اخرى ربما سعادتها اللحظيه....!!!

وعندما حطت قدماها أرضيه الطابق الذي تقبع به غرفتها... التفتت بجسدها النحيل تسير بتهالك في المرر المؤدي اليها... وبرغم انها استجمعت القليل من قواها الا ان السهر قد ارغم علاماته بالارتسام باتقان شديد ليظهر بوضوح على وجهها القمري..
ابتسمت بشحوب وهي ترى ما اصبحت عليه ملامحها عبر انعكاس صورتها بتلك المرآة ذات الاطار الذهبي المعلقه على الحائط بعد ليال متواصله من السهر لوقت متأخر...
جفون مرتخيه.. عيون محمره..وجهها الذي اعلن الحداد انطفأ وبهت لونه وأصبح كالليمونه الحامضه.. باختصار انها كالورده الذابله.... وبرغم شحوبها الا ان ابتسامتها ابرزت جاذبيتها واعطت جمالا لوجهها...

قاطع ابتسامتها ذلك التثاؤب للمره العاشره على التوالي.. ثم امسكت بمقبض الباب وقاربت على ادارته لولا ذلك الصوت المنبعث من صرير باب الغرفه المجاوره لها.. ليخرج صاحبها بسرعه البرق ولكنه توقف بحركه اسرع في اخر المرر كما يتوقف شريط الفيديو على حين غره..
ويلتفت بسرعه " صباح الخير يا مزعجه.."
ويتم اعاده تشغيل هذا الفيديو ليعود ذلك الجسد الطائر بالمضي سريعا كالبرق من جديد.. ينزل عتبات السلم كقطار يعبر بين مدينتين.. أو كطائره تمر خلال السحب القطنيه البيضااء...
ابتسمت قمر لشقاوه ابنه عمها ريم.. التي لطالما عاونتها في وحدتها..كانت كالأخت بل اكثر.. خفيفه ظل.. تملك من روح الدعابه ما بجعل قمر تحلق بعيدا لتغادر جزيره آلامها وجروحها التي تحاول تضميدها..
وبرغم قرب ريم لها الا انها لا تفصح لها بالشيء الكثير فتكتفي بسرد تلك الكوابيس التي تراودها وبعض التفاصيل اليوميه...
اما مشاعرها فمكتوب عليها ممنوع الاقتراب؟؟!
فكيف تخبرها ان هناك شيء في قلبها ومشاعر تجاه شقيقها الجليدي!!
هل تحبه؟؟!
أجل تحبه,,, هل تناست ذلك الحب البريء الذي اينعت بتلاته في قلبها.. ثم نمى ونضج في قلبها تماما كتلك الثمار التي يبدأ نموها في فصل الربيع... وقلبها يشبه الربيع أليس كذلك؟!

زفرت بحراره واشتدت قبضتها تماسكا بالقلم وكأنها تفرغ شحناتها الكهربائيه به..تمالكت نفسها وابتسمت لسبب نجهله.. ورددت بهمس " لا يليق بك الحزن يا قمر.."

فتحت باب غرفتها اخيرا لتستقبلها ذرات الهواء.. شعرت بلسعتها القويه فارتجف جسدها.. تناولت جهاز التحكم الخاص بالمكيف.. فلا بد انها تركته منذ الليله الماضيه عندما غادرت فراشها ليلا بسبب الاحلام التي راودتها وما تبعها من ارق.. اللذان تسببا بانجرافها نحو ملجأها.. لترسم وتستغل كل دقيقه من حزنها....

وقفت امام منضده مجوهراتها ووضعت قلم التلوين جانبا.. نظرت الى نفسها عبر المرآه وهي تحل خصلات شعرها فينحدر على ظهرها كما تنحدر المياه من سفح جبلٍ عالٍ...
كانت ملامحها باهته خافته.. تشبه تلك الزهره التي ذبلت.. حرمت من عطف اشعه الشمس.. وحنان الهواء.. ومحبة قطرات الماء.. ربما حقا تتشابه هي والزهره الذابله... فتكون هذه الزهره مرتخيه منحنيه وكأنها تحمل هموم الدنيا على عاتقهاا.. فيذهب بريقها الذي يأتي من قطرات الندى التي تلامسها صباحا.. رويدا رويدا... تبدأ أوراقها بالجفاف شيئا فشيئا لتتساقط معبره عن حلول خريفها الكئيب.. وعبيرها الفواح يخف تدريجيا..

وضعت مشابك شعرها الملونه جانبا.. في مكانها الخاص.. ثم التفتت وهي تقول بعد ان سمعت طرقا خفيفا على بابها.. آذنة للطارق بالدخول.. انفتح الباب واطل من خلفه احدى الخادمات..
تقدمت خطوه واحده داخل الغرفه " انسه قمر.. صباح الخير (بادلتها قمر الابتسامه ثم اكملت الخادمه ) السيده زينب تطلب منك النزول.."
" حسنا.. يمكنك اخبار جدتي انني سأستحم.." واكملت في سرها ' لعل الماء الساخن يريح جسدي'
اومأت الخادمه رأسها وكادت ان تخرج لولا صوت قمر الذي استوقفها وهي تتحدث اليها بلطف شديد مع ابتسامه
" هل يمكنك ان تجلبي بعض الاعشاب من الحديقه.. وتحضري لي من مزيجها شرابا ساخنا.."
" حسنا.. كما تطلبين " لتخرج بعد ان اومأت رأسها مطيعه مطالب قمر.. ثم تتوجه قمر لتأخذ منشفتها من احد الجوارير لتتوجه بعدها نحو دوره الميااه....

فلنبتعد عن هنا... ولندع قمر تمارس مراسيم العزاء لقلبها كعادتها.. ولتذهب بنا اقدامنا حيث الطابق السفلي.. ننزل عتبات السلم بهدوء.. ولنلقي نظره حيث الغرفه الخاصه بالطعام...

قطبت الجده زينب حاجبيها باستياء وهي تعطي ريم هاتفها النقال.. لتتسائل ريم بحيره " ماذا هناك يا جدتي؟!"
" شقيقك مجد.. ( صمتت قليلا وعلامات الغرابه والاستفهام على وجه ريم) اخبرني انه لن يعود.. لذلك طلب الحديث معي.."
" حقاً؟!" ريم باستغراب.. فأومأت الجده رأسها بالايجاب.. لتكمل ريم بقهر " ولكن فرع الشركه الذي هناك.. سيتم نقله او بيع اسهمه لاحدهم.. وكيف هو مديره!! ( هزت رأسها نفيا وكأنها لا تريد تصديق عدم عوده شقيقها) لا يعقل ان يقبل والدي بذلك.."
اشارت لها الجده معنى ما باليد من حيله.. فقد سافر سابقا بالرغم عن الجميع و برغم اعتراض جدها.. لذلك اصر الجد على نقل الفرع الى هنا.. او الحصول على شريك يديره غيرهم ...؟!

في حين صدر صوت اقبل عليهم من الخارج " بماذا لن يقبل والدك؟!"
التفتت ريم لوالدتها صاحبه ذلك الصوت الأنثوي.. ذات جسد ممشوق مقارنه بعمرها.. فامرأه بمركزها وسيطها بالمجتمع عليها ان تهتم بنفسها جيدا.. فلباسها الرسمي الذي بلون القشده يبدو انه ينافس الماركات المحليه بفخامته.. وشعرها الذي جمعته للخلف وجعلت جزء منه منتفخا من الامام.. وريح عطرها الذي يشم على بعد عده مترات قليله.. وطريقه سيرها تدل على انها امرأه متكبره.. ذات وجه نحيف بارز الوجنتين.. قاسيه الملامح.. وجافه النظره...

اجابتها ريم بملل " مجد كعادته.. لن يعود الا بعد زمن واصرار منا؟!"
أومأت والدتها ^السيده سعاد^ برأسها وقالت وهي تتناول كوب الشاي من الخادمه " حسنا.. ولم الحزن فقد اعتدنا على غيابه الطويل المتواصل.. ولا شك بأن عوده والدك ستجلب لك الهدايا.."
زفرت ريم بحراره وقالت " الهديااا.. !! انها لا تساوي شيئا من مكانه اخي.. " ثم اومأت رأسها مؤكده كلامها لتمتعض والدتها من كلام ابنتها التي تغيرت كثيرا منذ ان صادقت ذلك الشاب الفقير.. وكيف وام زوجها اعطته عملا في قسم عائد لأسهمها قي المؤسسه الخيريه!!
ومضى ما يقارب خمسه عشر دقيقه او اكثر بقليل.. كل بتفكيره وهمه شارد الذهن.. فريم تضاربت الافكار وتزاحمت في رأسها فلا تعلم بم تفكر بالتحديد هل بحالها هي وذلك المتمرد على الفقر الذي تحسن حاله قليلا... ام بقمر التي تعمل ليلا ونهارا!! ام شقيقها الغبي الذي لا يود العوده ..!! وانحصر تفكير الجده بمجد وكيفيه اقناعه بالعوده !! وتمنت العوده السالمه لزوجها و فلذه كبدها!!

رددت تحيه الصباح مرتين.. ووجوههم متمسمره غارقه في مكان ما.. جدتها وريم !! لا بد من حدوث امر ما ليطرأ ذلك التغيير منذ الصباح الباكر.. ؟!
تقدمت بخطواتها البطيئه.. ثم جلست بعد ان صدر صوت احتكاك ارجل الكرسي بالارض من غير اراده منها ولا قوه.. لتنتبه الجده وريم عليها..
قمر بصوتها الناعم المتعب " صباح الخير.. ( واخذت تشير الى شعرها وبخجل قالت) لا اعلم كيف اجففه جيدا.."
ابتسمت ريم لبرائتها وقالت الجده " بعد الطعام تجففه ريم لك.." ثم التفتت ريم بوجهها ولم تكن والدتها موجوده فابتسمت بسخريه..وعادت برأسها الى قمر " اجففه لك لا تقلقي.."

" حسنا.." ثم انتبهت قمر لعدم وجود مزيج الاعشاب.. فطلبته من الخادمه التي اتت لتوها لتسألهم عن حاجتهم. ليسترعي ذلك انتباه الجده برغم شرودها .. فتسائلت بخوف " هل انتي مريضه.." ثم وضعت يدها على جبهتها لتحتس حرارتها.. اجابت قمر بعد ان ابعدت يد جدتها وقبلتها " لا يا جدتي.. اشعر ببعض التعب.."
قالت ريم بملل وهي تقلب محتويات صحنها " هذا لانك تعملين كثيرا.. انك مجرد متدربه فقط فلماذا تتعبين نفسك" صمتت قليلا ثم اردفت " اكاد اجزم ان ان الجميع يحمل نفس نوع من الجين.. جين العمل.."
نهضت الجده وقالت بمزاح وهي تخرج " العقبى لك عزيزتي.."
فتحت ريم عيونها وقالت " لا لا اريده.. " وبعد ان خرجت الجده لتبقى ريم وقمر لوحدهما.. وبعد تفكير قالت ريم " ان كان يوجد بي شيء كهذا سأستأصله.."
نظرت اليها قمر بعلامات من الدهشه والاستغراب " ماذا؟!"
ضحكت ريم فتسائلت قمر " وهل يقومون بعمليه كهذه؟!"
رمشت ريم عده مرات ثم لوت فمها " لا ادري.."
ابتسمت قمر بخفوت لتتسائل بعد صمت قصير غلف المكان كما تغلف الهديه بالورق الخاص..
" متى سيعود جدي والبقيه؟!"
لتجيبها ريم وهي تطرق رأسها وقد شعرت قمر بحزنها.. " غدا صباحا.. ولكن..." صمتت قليلا فشعرت قمر بشيء ما ثم اكملت ريم بحزن شديد " مجد لن يعود معهم.."

ازدردت لعابها بصعوبه.. بعد صدمه الجمتها تحاول استيعاب كلماتها ( مجد لن يعود معهم) كيف ذلك!!
لماذا؟! والامل قد ارسل شعاعا.. ليفتح طريقه الى قلبها بعودته.. وكان شعاع الامل قد انطلق في رحلته بعد سماعها بعودته.. ولكنه توقف من جديد وكأن محركاته قد تعطلت في منتصف الطريق....

xxxxxxxxxxxxxxxxxxxx*

استيقظ من ذكريات قد اطلقت معزوفاتها وملأت المكان بصداها طرقات عقله وجعلته اسيرا مقيدا بها... على صوت سائقه واكتفى بان بادله ابتسامه باردة فهو لم يعتد على الفظاظة مع موظفيه.. ترجل من سيارته البيضاء وذهبت به قدماه نحو ذلك البناء الصغير ذو الخمس طوابق...
وكعادته كل يوم..فإن السيد لؤي.. دخل بابتسامته المشرقة مع إلقاء التحية على موظفيه..باعثا بهم تلك الطاقة الايجابية للعمل حتى تنتج الشركة ثمارها من الإنتاجية والسيط الجيد بالمجتمع..ويشعر من يصادفهم بقيمة العمل ويحاول سماع مشاكلهم الخاصة بالعمل وتقديم المساعده لهم...
سار بهدوءه المعتاد في الطابق المؤدي الى مكتبه ولكنه التفت على صوت السكرتيرة الشقراء التي تدعى ياسمين " سيد لؤي؟! صباح الخير اولا.."
بادلها الابتسامة " صباح الخير.. ماذا هناك تبدين مرتعبه؟؟"
قلت بتوتر ملحوظ " ان السيد سليم هنا؟!"
اطلق تنهيدة ثم قال " حسنا.. اعلم انه شبح كبير بالسن ولكن.. الأمر بسيط.."
ابتسمت بسخرية " بسيط؟!" ثم أكملت بجدية " انه يطلب مراد..أٌقصد السيد مراد.."
اومأ رأسه.. تساءلت بعجز " ماذا سنفعل الان.. فكما تعلم السيد مراد قد اخذ اجازة بعد سفره.."
صمت قليلا ثم قال وهو يحك ذقنه " سأتحدث انا معه باسطوانته المعتادة.. اجلبي لنا القهوة.."
" حسنا.." قالتها ثم مضت في طريقها...

زفر بحرارة فأعمال قد انضمت لجدوله هذا اليوم أيضا.. ومنذ متى لم تكن الاعمال التي تتطلب التحدث مع الشركاء لا تلقى الا عليه... تنهد وحاول رسم الروح الايجابية بأن ينتهي اليوم من هذه المعضلة بغياب المدير الكبير الموجب عليه هو ان يهتم بشركته وليس موظفيه عوضا ان يهتم بنفسه...
تنهد ثم دخل المكتب بابتسامة لم تفارقه " اهلا وسهلا بالسيد سليم.." ثم توجه خلف المكتب هاربا من النظرة الثاقبة من ذلك الرجل الذي يصل عمره حتى منتصف السبعين...
" اهلا يا لؤي..."
تنبه الى نبرته لذلك قال حتى يخفف التوتر " ما اخبارك.. وكيف صحتك؟!"
اجابه باستهزاء " جيد.. لم آتي هنا حتى استمع الى هذا الحديث الممل.."
ابتسم لؤي بتوتر.. بينما قال السيد سليم " انظر الي يا لؤي.." صمت قليلا وازدرد لؤي لعابه.. لماذا الاعمال الصعبة تقع على كاهله؟؟
" اجل تفضل.." لؤي بانصات واهتمام
" انا تعاملت معكم وهذا لأجلك فأنا احترمك كثيرا كما تعلم كنت صديق ابني.. وليس كمديرك.."
اومأ لؤي رأسه.. فأكمل السيد سليم " لولا وجودك هنا وثقتي الكبيرة بك لما قمت بشراكة بين شركاتنا.."
ثم نهره وقال بغضب مصطنع " لقد جف حلقي.. اين تلك التي تحضر لي الماء دائما.."
ضحك لؤي على اسلوبه الممازح فأومأ رأسه " حسنا ستحضر لك حالا.."
" انظر لي يا بني.. اني اشرف على العمل بشكل غير مباشر مع انني تقاعدت منذ زمن.. ولكن اسلوب المراوغة الذي يملكه مراد لقد دفعني للحديث اليه..."
قاطعه لؤي بابتسامه هازئة " ولكنك لا تستطيع مقابلته.."
اومأ السيد سليم رأسه.. واكمل " لذلك علينا فض الشراكة باسرع ما يمكن بدون خسائر كثيرة ولا تهرب.."
قاطعهم دخول ياسمين بابتسامه مرتبكة.. ثم توجهت حيث السيد سليم وقدمت له كوب القهوة.. لكنه قال بجفاء " وهذه الكاذبة تقول لي دائما.. مسافر.. اجازة ولا ادري.."
" ولكن أليس عيبا يا جدي ان تسخر مني هكذا.." ياسمين بتصنع
" من أين اصبح جدك.."
كتم لؤي ضحكته على شكل ياسمين الحانق وهي تتجه ناحيته..
" عمرها يجتاز الثلاثين وتقول جدي.. "
نظرت اليه ياسمين وهي مضيقه عيناها بغضب وقالت " اعتذر يا سيد سليم.."
تجاهلها ثم اتجه بانظاره ناحية لؤي " اخبر ذلك القاسي ذو القلب الجاف..."
قاطعه لؤي بعتاب " عدنا للقصة من جديد.. " ثم اشار الى ياسمين للخروج..
اومأ سليم رأسه ثم بنبرة حازمة عندما مرت من خلفه تلك السكرتيرة البليدة " اجل.. لا اعمل مع شخص غير صالح للأبوة تخلى عن ابنته و زوجته.."
ابتسم لؤي بمرارة بينما مضت ياسمين في طريقها حاقدة على هذا العجوز الأخرق... في حين قال لؤي بنبرة عتاب " لماذا ما زلت عالق في هذه المسألة.. ثم ان ( أشار بيده بعد خروج ياسمين ناحية الباب) كيف تقول هذا امام موظفينا...."
سليم باستهزاء " وكأنها لا تعلم.. تعيش معكم على مدار الأربعة وعشرين ساعه"
ثم قال وهو ينهض متأكا على عصاته الخشبية " حسنا تكفل بالأمر انت وادرسه من كل الجوانب.. وما يلزم من تعويض خسائر.."
قاطعه لؤي كاظما غضبه " حسنا لا تقلق.."
ثم زفر بحرارة ووضع رأسه بين راحتيه بعد خروج السيد سليم والذي ما يفتأ ان يتصل باستمرار للخروج من موضوع الشراكة بدون اضرار بالغه بالميزانية... لقد عزم على فضها ولكن المدير ( السيد مراد) يحاول التهرب بأي شكل كان من مواجهته وكيف ولا.. لا يضطر لمواجهته حيث يكون وجه المدفع هو لؤي...
تنهد بألم وهو يعود برأسه على عالمقعد الجلدي.. اغلق عيونه بتعب وعاد الى دوامة عقله من جديد....
xxxxxxxx*

تأففت بضجر وهي تنظر الى ساعه معصمها... والساعه ما زالت التاسعه والنصف فلم يمضي على إنهائهم طعام الفطور سوى نصف ساعه..
" لماذا xxxxب الساعه تسير ببطىء شديد لهذا اليوم؟" همست بممل ثم اخذت نظره خاطفه على هاتفها النقال.. ولكن لوت فمها بضيق ووضعته جانباً.. ولفت انتباهها ذلك الخبرعلى غلاف احدى المجلات..
( عالم الموضه سيحفل بافتتاح متجر لهذا الشهر..)
ولكن لم تكن لها القدرة على امساك تلك المجله.. كل تفكيرها بذلك الشخص وحاله بعد ليله قضاها في اروقه المشفى.. تنهدت بضيق عندما رأت جدتها تغادر الصاله بعد ان احصت تلك الاموال الخاصه بالجمعيه الخيرية التي تشرف عليها.. انها حاليا تتمنى ان تكون كجدتها امراه متسامحه تنظر الى الجميع سواسية كأسنان المشط.. لا يهمها مستواه المادي ولا نسبه.. كل ما يهمها هو عمل الخير لتجلب منفعه للمحتاجين.. انها تفخر بها على كل حال وتساعدها من حين لاخر.. ابتسمت بشرود كبير عندما تذكرت مسانده جدتها لوحيد قلبها رائد.. لولاها لما كان يستطيع التمرد على الفقر ولكن جمله شقيقها تأرقها من حين لآخر " دربه طويل.. يحتاج سنينا ليصبح ذو مستوى مقبول للزواج بك..ولكن صدقيني سأفعل كل ما بوسعي لتكونا معا.."
تنهدت بضيق اكبر وخلعت عنها تلك الغيوم السوداء التي احاطت بها .. لا تريد الا التفكير ان القدر سيجمعها معه على وساده واحده...

تثائبت بعد ان اعطت نفسها جرعات من التفاؤل واليقين بأن القدر سيقف معها ويناضل لاجل حبها الوحيد.. فهل سيخونها القدر الذي اعطته كل تلك الثقه؟؟!

اسندت رأسها على يدها على مرفق الاريكة.. انها تشعر بالتعب حقاً بعد ليلتها التي قضتها في اكناف المشفى العام للمدينه والذي يديره احد اصدقاء والدها.. انها تتذكر الرعب الذي انتاب محبوبها الجميل عندما علم ان والدته تحتاج الى عمليه مستعجله.. فاضطر حينها ان يقول نعم للطبيب ليباشر الطبيب بعمله.. يقف هو هارعا رواق المشفى بخوف قابضا يديه تاره على صدره وتاره يلهج بالدعاء...

خرجت من ذكراها على هاتفها الذي اعلن وصول رساله ما فتحتها لتأتيها الحروف ( جميلتي العزيزة لقد اوصلت سيارتك يا حمقاء الى المصلح.. وانا آت بعد قليل لأقلك حيث ذلك المسكين الذي يتحمل حماقتك.. عزيزك المسكين الاخر رامي..)
قهقهت بخفه على كلمات رامي.. لتضع الهاتف جانبا ثم " لماذا هي هادئة على غير العاده!!؟" همست وهي تقطب جبينها عندما شاهدت قمر جالسه بجانب النافذة المطلة على الحديقه الامامية للمنزل.. واعتلتها الغرابه اكثر فأكثر عندما رأت تلك الخطوط العشوائيه وهي تقترب منها والتي خطتها قمر،،وهي شارده على تلك الورقه البيضاء..

عزمت في قراره نفسها ان ترغم قمر على اخبارها فاما هو احد الخيارين رأت حلما مزعجا؟! ام تفكر بقلادة والدتها من جديد !! انها لا تريد منها ان تبقى في عالمها الخاص عالم وحدتها الحزين تريد منها ان تشاركها اهتمامتها وتفصح لها عن ما يكدرها .. تريدها ان تخرج من عزلتها وان لا تكتم حزنها داخلها وتفرغه بتلك الاوراق المسكينه.. فما كان منها الا ان....



يتبع......




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-09-16, 09:11 PM   #20

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


شعرت بتلك اليد التي ارخت قبضتها على كتفها الايمن.. والتي اخرجتها من عالمها الخاص الذي تبحر فيه من دون خوف فقد اعتادت عليه.. فهي تسافر فيه الى جزيره مهجوره الا من الامها وامنياتها وبعض الاحلام الصغيره والتي ما زالت منذ صغرها على قائمة تسمى (قيد الانتظار).. واعادتها تلك اليد الى عالمها الاكثر ايلاما حيث اطل وجه ريم بابتسامه قلقه سرعان ما جلست على حين غيره لتتفاجئ قمر بسحبها تلك الورقه من يدها..
ريم بمزاح وهي تتمعن بالورقه بجديه مصطنعه " هل تعلمين انها لوحه جميله جداً.." ثم صمتت قليلا وكأنها تفكر بشيء ما واردفت " سأعلقها على حائط غرفتي لتبث في التفاؤل كل صباح.." وأتبعت كلامها بإيماء رأسها بايجاب وكأنها تؤكد على قرارها الساخر..
" هل تعلمين انها اجمل من وجهك المليء المليء بمساحيق التجميل.." دفعت تلك العباره قمر للابتسام من بين الامها وهي ترى ريم تضيق حدقتا عيناها كالقطه التي تود الهجوم على فريستها باتجاه رامي والذي منذ ان دلف الى الصاله وعيونه الساخره متجهة حيث ريم..وكم اضفى رسم الكحل الاسود حول عيونها مظهر القطة الشرسة.. اذا سيبدأ الان جدالهما المعتاد انهما حقا كالفأر والقطة.. فما كان من قمر الا ان تنسحب من ساحه المعركة بهدوء و تتجه نحو النافذه ولكنها توقفت وهي تنظر بعيونها الناعسه الحزينة ممتزجه بحنين وشوق الى تلك الاله الموسيقيه.. انه الجيتار الخاص به.. جيتار معذبها ورجلها الحديدي..

لماذا تشعر بذلك الشعور المميت عندما ترى اي شيء يخصه؟!
لماذا يعصر قلبها من الألم.. الشوق.. والحنين؟!
لماذا ينقبض صدرها عند ذكراه!! وذلك الشعور وكأن ما بداخلها يتمزق ليسبب الالم الحاد بها؟!
وطيفه ما زال يرافق ليلها ووحدتها؟!
لم اختار البعد عن هنا!! لم لا يود العودة!! لم يتقطع قلبها شوقا لرؤيته.. لصوته.. لشجاره معها!! لملامحه الغاضبة ذات الجاذبية الكبيرة!!
لم الحب اختار قلبها الحزين المليء بالخيبات والجروح التي لم تضمد الى الان!! لم اختار قلبا عانى اشد انواع العذاب من حب وفقدان وشوق وحنين!!
لم الحب اختار ان يكون الحبيب شخص ذو قلب متحجر لا يبالي الا بنفسه؟! لم يختار الحب ويفرض عليك الشخص.. المكان.. والزمان؟! ولماذا براكين الحب تلك ثارت وانتفضت في قلبها اليتيم ذاك؟!
هي زهره في ريعان شبابها عانت من صغرها .. قسوة الزمن.. الوحدة القاتلة.. خيبات أمل متكررة.. وأحلام مستحيلة؟!
ابعدت عيونها عن ما يعذبها بصعوبة كبيره.. وكأنها تدفع قلبها عن المستحيل الذي تمنته.. تنهدت بعمق بعد ان هربت من ذكراه وصادمها ذلك الواقع.. حيث جلست ريم بحنق وعلى شفتي رامي ابتسامه انتصار.. إنهما كالأطفال حقا!!
قال رامي بسخرية لاذعة " بما انك تخسرين في مواجهتي لماذا تصرين على المضي بها؟ "
لم تجبه ريم واكتفت بان أشاحت وجهها كالأطفال وقد عقدت ساعديها بقوة كبيره مما دفع قمر للابتسام والمضي ولكن استوقفها صوت رامي الذي ينظر لها رافعا إحدى حواجبه " وأنتي يا ذات الوجه الشاحب؟!"
نظرت اليه واشارت الى نفسها وكأنها تتساءل أهي المقصوده ليومئ برأسه ثم يتحدث " تجهزي؟! سنذهب"
تسائلت بحيرة " الى اين ؟!"
قال وهو يشير الى ريم " سنوصل تلك الحمقاء الى ذلك الامير المسكين ثم نذهب الى المأوى ؟!"
لم تعره ريم اي اهتمام فهي تخسر دائما لذلك حافظت على ماء وجهها ولكن ستردها اليه على حين غره.. واكتفت قمر بأن سارت ببطئ خارج الصاله...

" ما بها!!" تسائل رامي
لتجيبه ريم بمعنى لا تدري ثم اردفت قائله " انها تسجن نفسها اما في مرسمها او غرفتها.. ولكن وقتها الكثير تقضيه في المرسم؟!"
" كان من الخطأ الاصرارعليها لتوافق على العمل بشركه صديقك الجميل"
" ولكن كان يجب ان تخرج من عزلتها.." قالتها ريم بعد صمت لمده قصيره لا تتجاوز الثلاثون ثانيه..
اسند رأسه على الحائط " ولكن عزلها لنفسها ازداد.."
نظرت اليه ريم وكأنها تفكر بشيء ما أو بالأصح تحاول تحليل مجريات الأحداث لتتوصل الى النتيجه وهو السبب .... وما كان منها الا ان تذكرت ما حصل في ذلك اليوم...



بعد يومين.. من تلك الرحله التي قضتها العائله في بيتهم الجبلي..
.........
.......
.....
...
.
وفي صباح يوم جديد.. واشعه الشمس خرجت عن مسارها الربيعي واقتربت الى مسار فصل صيف حار.. والساعه المجاوره للسرير اشارت xxxxبها الى العاشرة والنصف صباحا...
استيقظت تلك الفتاة بكل حماس وفرح شديدين.. واعتدلت في جلستها و مشاعر شتى كانت تتضارب في قلبها بل جسدها بأكمله..عصافير الحب تتطاير وتدور حولها كما يحدث في افلام الكارتون التي يشاهدها الاطفال.....

لقد رأيت الساعه تقارب الى الحاديه عشر صباحا.. فحاولت الاسراع قدر المستطاع بارتداء ملابسي.. نسيت ان اخبركم من اكون.. انني ريم صاحبه تلك الغرفه المليئه بالملابس الملقاة على السرير والاخرى قد انزلقت وارتمت على الارضيه...لو رأت امي حال غرفتي الان لأصابتها نوبه قلبيه وقولها الدائم "تلك الملابس ليست كملابس الفقراء انها من افضل المحلات التجاريه ولا يستطيع احد الشراء منها"
لعلكم تتسائلون كيف جرت الاحداث وانتقل السرد الي بشكل مفاجئ ولكنني فضلت ان اخبركم انا بنفسي عن ما حصل يومها... اريد منكم ومن العالم اجمع ان يستمع الى مشاعري.. ولكن و كما تعلمون بأنهم يدعونني بريم الثرثاره.. لذالك تحملوني رجاءً.. فلنعد الى المهم....
نظرت الى نفسي عبر انعكاس صورتي من المرآة الطويله المتربعه في احد زوايا غرفتي.. قميص ابيض طويل يصل حتى ركبتي مع بنطال اسود ضيق.. وذلك الحذاء الرياضي الابيض وقد رفعت شعري حينها على هيئة ذيل حصان مع القليل من مساحيق التجميل.. ابتسمت برضى والتقطت هاتفي من حقيبه الظهر البنيه بلون القهوة اللذيذه لالتقط صورة لنفسي قبل مغادرتي... عاودت النظر لنفسي مرة اخرى حتى اتأكد من شكلي النهائي.....
لم يكن علي سوى مغادره غرفتي من بعدها.. لاسير بخطى تسبقني نحو باب غرفتي.. ربما لهفتي.. شوقي وحنيني.. هو الذي دفعني وليس ذلك العقل الاحمق الذي يتربع في جمجمتي.. ولكنه جميل ان تشعر بمشاعر كتلك وان تنسج قصص وامورا يجب ان تحدث معك.. لقد قررت في وقت متأخر من الليل ان اقوم بشراء هدية له.. ظللت أتقلب في سريري وانا انسج مشاهد واحلام..
وصلت الى المركز التجاري الكبير الذي اعشق التسوق به.. واتجهت حيث متجر الساعات الذي يقبع في الطابق الرابع.. كانت قدماي تسبقني نحو الدرج الكهربائي.... واخيرا وصلت.. دلفت الى المتجر وانا كلي امل ان اجد ما يميل اليه قلبي..
مضت نصف ساعه تقريبا او حتى لا ابالغ اقل بقليل... وأنا أجول أركان المتجر و لم أجد أي شيء يجذبني.. زفرت بضيق كبير ليأتي صوت ما خلفي
"دعيني اساعد ان كنت ترغبين؟؟"
ثم مضيت مع البائع لأنتقي ما اريد... واخيرا وجدت ما يليق بك يا رائد..
حطت اقدامي بعد ذلك خارج المتجر.. ونظرت الى ساعه معصمي السوداء بخيبة امل كبيرة... لقد اطلت المدة في الداخل.. و لا بد ان كمأ..
"ااه ريم ما اخبارك؟!"
نظرت الى صاحبة ذلك الصوت.. لقد كانت احدى صديقاتي.. او يمكننا القول احدى الفتيات التي تعرفت عليها بواسطة أمل!!
أمل لعلكم تتذكرونها..!!
ابتسمت تلك الابتسامه التي لا تخرج من القلب وقلت لها " اهلا.. بخير.. وانت؟!"
اجابتني بتملق " بخير.." ثم اخذت تتحدث بتصنع الطبقات المخملية امورا متعددة لم استوعب منها شيئا كان كل همي التخلص منها ومن احاديثها التي تتمحور حول خطيبها صاحب النفوذ والاملاك.. وانهت كلامها المشمئز بسؤال وهي تنظر بخبث نحو الهدية التي بيدي " اووه عزيزتي لمن هذه؟!"
اجبتها على مضض وانا التفت حولي لعلي اجد من يخلصني من هذه المصيبة البشرية التي امامي " هدية.. لشقيقي.."
ولحسن الحظ ان كمال قد ظهر اخيرا وقال وهو يقترب منا " لي مدة وانا ابحث عنك.."
تنفست الصعداء فجاء اخيرا من سينقذني من هذا البلاء الذي حل بي منذ الصباح... التفت اليه وانا اشير اليه بمعنى ارجوك خذني من هنا.. لاحت عليه شبح ابستامه واستطعنا التخلص من تلك المتملقة اخيرا...
اخذت اسير بهدوء بعدها ولكنني التفت عندما شعرت انني اسير لوحدي.. يقف مكتفا يديه نحو صدره ونظرة ذات مغزى لم استطع تفسيرها قلت له وانا اقترب " لماذا ما زلت تقف؟!"
" هل رأيت كيف انقذك؟"
اومأت برأسي ثم قلت باستخفاف " يا منقذي الوحيد.. يا رجل الوطواط.. يا رجل العنكبوت.. ايها الرجل الخارق.."
اشار بيده اليمنى نحو خده وهو يكتم ضحكته..وقال بعدها " الا احتاج قبله كجائزة؟"
ضربته على كتفه وابتسمت.. " هذا عندما كنا صغارا.. هل تتذكر حين كان يغضب مجد كنت تدافع عني.. وكنت تحظى بقبلة اخوية طفولية اما الان فقد اختلف الامر.."
رفح احدى حاجبية وقال وهو يحثني على المسير " وماذا اختلف الاان؟!"
" اولا لقد اصبحنا بعمر لا يليق بنا هذا الشيء الشنيع.."
"ثانيا يا حمقاء؟؟"
اجبته بكل ثقة وغرور " ثانيا لا استطيع فأنا على ذمة عاشق.."
ثم توقفت عن السير عندما القى كلماته تلك التي اشعلت حريقا كبيرا في قلبي " ولكن عشق من طرف واحد.. مضر للصحة.."
وحينها تجمعت الافكار برأسي.. وشعرت بانقباض قلبي.. لماذا يعكرون صفو قلبي ويذكرونني بهمي الذي أتناساه عمدا.. لا اريد ان اذرف دموعا لعشق لم اعش تفاصيله حتى.. اخذت نفسا عميقا واستدرت اليه حيث كان خلفي وقلت له بهدوء " هل نشرب شيئا ما؟!"
اومأ رأسه ثم مضينا في طريقنا خارجين من المركز التجاري نحو تلك القهوة الصغيرة التي تبعد عنه بمقدار خمس دقائق تقريبا...
كنت انظر الى الهدية التي وضعتها على الكرسي الخشبي بجانب الذي اجلس عليه..كنت قد انتقيت له ساعه عادية.. ليست باذخة وليست بسيطة الى حد ما.. بلون الفضة.. ولا استطيع القول الا انها جميلة وستليق بمعصمه.. وضعت يدي بدون شعور مني على السلسلة المهداة منه تقيد عنقي وابتسمت وشعرت بحبه يتضاعف ويتدفق على الى قلبي.. لا اعلم كم من المدة قد ظلت عيوني مسلطة عليها الا بصوت كمال الذي اخرجني من عالم الحب الذي احاط بي..
" اتوقع انها جميلة.. كم سيفرح بها مجد.."
استدارت اليه عيوني واخيرا ثم قلت بغروري المعتاد الذي اصطنعه في العادة " اولا كان يجب عليك القول اتأكد.. لانها من ذوقي الرفيع.."
علت السخريه ابتسامته ثم قلت بعدها " ثانيا انها لرائد وليست لمجد.."
لم الاحظ بعدها الا تلك الابتسامة تتلاشى شيئا فشيئا ليتسقيم فمه ويقول بعدها باقتضاب " هل حقا أنت متأكدة من مشاعرك اتجاهه.. اعني انها ليسـ..."
فار دمي وقلت له بغضب شديد " ليست شفقة.. هل احصي لك كم عدد الاسئلة التي طرحتها علي بشأن حبي له.."
اخذت احرك ساقاي بغضب شديد وازفر بحراره ليكمل هو اسطوانته المعتادة والتي تجعلني افقد صوابي نهاية الامر "لكن اخشى ان تكون مشاعره اتجاهك فقط كصديقة..."
حقا لقد سئمت.. لقد سئمت من كلام الجميع حول تلك المشاعر لقد سئمت من الكلام المعاد لمرات متتالية.. اني اشعر قلبي يعتصر الما.. زفرت بحراره وغصة ملأت حلقي حاولت فيها التماسك لأقول بصوت مختنق بعض الشيء "لو انه كما قلت يطمع للحصول على مصلحته لاعترف بحبه منذ زمن.."
خرجت تنهيدة منه ثم اكمل بحرق روحي " هل صرح لك.. كيف علمت ان كان يكن لك مشا..."
قاطعته قبل ان يكمل وقلت وانا اشد على اسناني " يكفي يا كمال.. ارجوك... لا تجعلني اعيد الكرة واخاصمك.. لقد قلت كلاما سيئا من قبل ولن اسمح لك هذه المرة.."
قلتها ثم نهضت من مكاني غير ابهه به.. انه تعدى حدوده بالتدخل بي وبمشاعري ايضا.. لقد حاول من قبل اعادتي الى الصواب وتبصيري للحقائق كما يقول ولكنه آلمني قبل ذلك.. ولن اسمح له بإيلامي وتجريحي.. انه صديق الطفولة اجل ولكن قلبي ومشاعري ممنوع الاقتراب...
كنت امشي بسرعه مبتعده عنه كاظمة غيظي منه ومن كلامه الاعتيادي الذي سمعته من قبل.. واذ بيده تعترض طريقي لاقف بشكل مباشر وكدت ان اتعثر لولا انه امسك بي بقوة..
"ماذا تريد الان؟!" صرخت بقوة لاخرج غضبي منه عليه
ليقول هو بهدوء " حسنا.. انا متأسف ولكن..."
وبنبرة تهكم خرجت مني "تريد مصلحتي.. ولا ادري ماذا!!؟"
" كل ما هنالك اريد ان... كل ما اقصده.. هو" حك جبينه وكأنه حاول في ذلك الوقت انتقاء حروفه حتى تخرج دون جرح مشاعري فصرخت انا به " ماذا؟!"
" اخبريني بماذا.. تشعرين وانتي بجانبه وهكذا.. وليس ابعادك عن الطريق معه " صمت قليلا واكمل بتوتر " ربما بدأت كلامي بطريقة خاطئة.."
قاطعته بعتاب " كعادتك.."
امسك يدي وبدأنا السير في الطريق العام
" حقا اعذريني دائما اجرحك.." ثم بحماس " هيا اخبريني.."..
اخذت نفسا عميقا ثم اخذت اتحدث بحب كبير اختزنته عضله قلبي
" اشعر بجانبه ان الوقت يمضي بسرعه كبيرة.. اشعر بمشاعر كثيرة تجرني نحوه .. كأنه هو الشفاء لأوجاعي.. وبلسما لقلبي.. لا ادري حقا وكأن السعاده قد ارتسمت وانا معه.. "
قاطعني متسائلاً " وهو..كيف؟!"
ابتسمت ثم " اشعر بتوتره الكبير.. عيونه التي تحدثني وتبعث في نفسي السعاده و الحب.. ارتباك نظراته عندما تلتقي عيوني بعيونه.. غير معاملته المختلفة لي وكأنني.."
اكمل عوضا عني ونحن نعبر تقاطع الطرق حيث خرجنا عن الطريق العام " أميرته.."
ابتسمت اثر تلك الكلمه ثم ...
" لقد ركنت سيارتي هنا.. هيا لأوصلك.." اتجه نحو سيارته ثم فتح الباب الامامي لي
نظرت اليه بنصف عين " لم أعهدك نبيلا هكذا... فتح باب السياره وما شابه.."
" انا دائما هكذا.." ثم مد يده كالنبلاء " تفضلي ايتها الامييرة"
ضربته بيدي ثم قلت بغرور..
" ابتعد عن...ريم.. طريقي لا... اين.. احتاج.. ذهبت.... يا حمقا... مساعدتك.."

واختلط صوت الحاضر مع صوت عقلها الذي يستذكر ما حصل في الماضي لينتشلها من ذكرياتها صوته الذي امتزج بعبارتها التي من الماضي " ابتعد عن طريقي لا احتاج مساعدتك.." وعباره الحاضر الخارجة من فم رامي " ريم.. اين ذهبت يا حمقاء.."
ثم بسخرية اكمل رامي " ام انه ذلك المسكين قد استحوذ على تفكيرك من جديد..."
قالت بضجر وهي على نفس وضعيتها " لا.. احاول التذكر لاستنتج سبب قبولها العمل.."
" كل هذه المدة وانتي تعايشين الماضي.."
قالت وهي تضع الورقة التي بيدها " لا فقط بدأت من اول النهار.. حتى استطيع ربط الاحداث واتذكر بشكل اسرع.."
وانطلقت ضحكته ثم قال من بينها " هل.. حقا..ما .... تقولين؟؟!"
ريم وهي تضربه بالوساده " اصمت.."
وبعد مده صمت رامي وحاول الخروج من وضعية الضحك تلك لينتقل الى وضعية الصمت.. ليدهشه سؤالها الذي خرج " هل تعتقد ان ذهاب مجد السبب..."
" هاا.. ماذا؟!"
اكملت وهي تعيد ضبط شعرها وتبعده عن وجهها " بعد عودتي ذلك اليوم.. قرابة الساعة الرابعة .. ممم"
" اجل اكملي..." رامي وهو يتجه للجلوس مقابلتها
" كانت حقائب السيد مجد في الردهة الامامية.. اقصد سفره بالرغم من جدي.." صمتت قليلا وهي تتذكر
" وما علاقته..؟؟!" رامي وهو يحاول استيعاب ما تقصده
وبعد مده خرج صوتها " في المساء.. بعد العشاء ونحن جالسون بالصاله.."
رامي بنفاذ صبر " اذا.. الخلاصة يا ريم.."
" حسنا.. حسنا... كانت قد اعلنت موافقتها... اقصد هل له علاقه بمجد!!.. فكما تعلم يا ابن عمي العزيز بأن ابن عمك والذي هو شقيق..."
ولكنها صمتت اثر سماعها صوت قمر القادم من الخارج وهي تنادي
"رامي.. ريم .. انا مستعدة..."
xxxxxxxxxxxx*
وعبر نافذه زجاجية تظهر من خلالها تلك الغرفه الهادئة.. الا من صوت جهاز ضربات القلب الذي يكسر حاجز الصمت بها.. مستلقيه بلباس المرضى الخارجين لتوهم من غرفه العمليات.. مستلقيه على ذلك السرير.. امرأة ذات ملامح متعبه وجهاز التنفس الاصطناعي قد شكل غطاء على وجهها.. وضربات قلبها التي تبدو مستقره الى الان.. يحف سريرها الابيض بعض الاجهزة المتنوعه.. ويمتد الى ذراعها انبوب شفاف يمر من خلاله ذلك الدم الاحمر...
زفر بحراره وهو يرجع خصلات شعره المبعثرة.. انه يشعر بالتعب حقا في ليله قضاها جالسا على كراسي المشفى للانتظار.. وحاله والدته تسوء كل يوم اكثر من ذي قبل ولكن اغلق عيونه بألم وهو يتذكر تلك الصرخات المستنجده المستنجدة من غرفه والدته..
" انها بخير يا رائد.."
فتح عيونه وادار بكامل جسده نحو ذلك الصوت تنهد وهو يأخد كوب القهوة من فتاه ذات شعر احمر ناري ويتجها كلاهما حيث المقاعد..
تفوهت جيداء بعد صمت " انت تخشى مصاريف المشفى.."
اومأ رأسه لتضيف وهي تضع يدها تواسيه " لا تقلق.. سأتكفل بالامر"
نظر اليها بقله حيله... لقد اثقل الحمل عليها كثيرا ابنه عم اكثر من اخت تسانده في محنه جميعا.. هو شاب في متوسط العشرينيات ولكن فقره لا يسمح له بأن يساند نفسه بنفسه.. حمله ثقيل جدا من يستطيع حمله وتحمله من قدر اجبر الفقر ان يلتصق به..
يجلس هو حائراً متلبكاً.. دينه على العالم اصبح كبيراً.. جيداء وعائله ريم!!
وضع رأسه بين راحتيه بتعب شديد.. لقد جعلته الدنيا يعاني من ابشع الاشياء وهو الفقر.. العجز.. !! وخرجت آهة منه على مسامع جيداء التي نهضت من مكانها بهدوء شديد وهي تنتشل هاتفها النقال من حقيبتها السوداء...

مر الوقت واصبحت الساعه العاشره والربع تقريباً.. وخلال هذه المده كانت السياره السوداء التي تقل ريم ومن معها تعبر طريقها في شوارع هذه المدينة الضخمة!! الى ان آل بها المطاف و ركنت تلك السياره السوداء على جانب الطريق.. امام بناء مشفى العاصمه الضخم ليترجل منها ثلاثتهم.. ريم.. رامي.. وقمر!!
اخذ كل واحد منهم يسير بذهنه المشتت.. وتفكير وصراع داخلي يمزق انسجه الدماغ ويسبب الألم الشديد.. واخيرا تستقر اقدامهم على ارضيه الطابق الارضي لهذا المشفى ويبدو ان ريم كانت متعجلة للوقوف بجانب وحيد قلبها فسارعت بالمضي نحو المصعد الكهربائي ليعلق رامي بسخريه " حمقاء.." فتبتسم قمر وتؤيده وتقول وهي ترجع خصله من شعرها " انه الحب!!"
ثم... توقفت لبرهة.. انها نفس تلك الطفله التي رأتها.. ازدردت لعابها وقد ملأت الغصه حلقها... وهي تتذكر ذلك اليوم.. بكاء طفله من اجل بعض الحلوى.. !! لعلكم تذكرتم تلك النزهة؟! وذلك الموقف الذي جمعها بطفله تبكي!!
تأملتها من جديد تجلس على احدى المقاعد في الشمفى.. تعبث بفستانها القصير النافش.. خطوط شعرها الذهبيه كالشمس الحارقه.. عيونها الزرقاء تذكرها بماض سحيق.. بامرأه أنانيه.. باحزان وآلام!! هي لم ولن تبكي الان!!
قاع بئر سحيق من الاحزان انتفضت الان في قلبها وعقلها!! كل ماضيها اعلن ثورته لاحتلال عقلها هذه اللحظة.. وذلك الملجأ الذي احتواها!!
لماذا تطاردتها تلك الذكريات الاليمه الان!! كما طاردتها سابقا عند رؤيه الفتاة على الارضيه العشبيه تبكي!! واخذت ابتسامه تعلو شفتيها بل انها مزيج من ابتسامتين،، فأولها ابتسامه الم وبجانبها.. بل ملتصقه بها ايما التصاق..تلك الابتسامه التي تدل على السعاده.. حيث تطوف على ذكراها ذلك اليوم...
فلنذهب نحن ونستكشف ما حصل يومها.. ونستعرض احداث لم تكن بين ثناياها قمر... ولم تعش هي في تفاصيلها..

امسك بيدها وساعدها على النهوض حيث كانت الصغيره ( ملاك ) تشاهد ما يحصل امامها باستغراب وخوف... ليتواليا بعدها عن الانظار نحو وجهةٍ قد طرأت لمجد حين رأى حالها الحزين ذاك.. فلم يكن يدرك ما عليه فعله بالتحديد... فداخله وخارجه كانا يريدان ابعادها عن كل شيء.. لو يتوقف الزمان قليلا ولو استطاع ابعاد تلك الطفله من امامها لما حصل الذي حصل.. فمشاعره متضاربه.. و يبدو عليه الخوف وارتاجفه اوصاله واضحه.. ولكن لم تكن قمر بالحال الذي تستطيع فيه ادراك او فهم ما يحصل للحديدي الذي تشبثت به كطوق نجاتها من ماضيها السحيق.. وما ادركت الا ان قادها الى جزء من الحديقة الكبيره منعزل عن بقيه الناس.. كان الممر موحشا ومظلماً كظلمه قلبها.. كانت تسير ودموعها تهطل من غيومها.. الى ان صدر ضوء خفيف.. ليبعد مجد بعض اغصان الشجر ليأتي بنا الى الجنه الخضراء التي امامنا...
خطت قدماها تلك الجنه.. لتتفاجئ قمر من وسط دموعها والامها.. هذا المكان.. انه حقا يشبه الجنه.. فالاشجار في كل مكان.. خضراء باسقة تلمع اوراقها من ضوء الشمس المسلط عليها.. وأزهار بشتى الانواع والاصناف.. فتلك الوردية.. والصفراء.. والبنفسجية متراميه بكل الاطراف... اخذت تغمض عيونها وتفتحها مرات متعددة.. ولكن سرعان ما قوست فمها وهي تنظر بعيونها نحو مرج الازهار ذاك لتقول بغصة والم وهي تتذكر والدتها التي تخرج لها من بين الفنية والاخرى من مرج يشبهه " امي.." وتوالت دموعها للسباق ايها ينحدر من عيونها اولا ليتخذ مجراه على وجنتيها من جديد.. فبرغم السنين..وبرغم صغر سنها الا ان الم الفقدان ما زال حيا في قلب قمر.. وكأنه يولد من جديد مع كل يوم تعيشه...
اخذت تشد على يد مجد بدون وعي منها وكأنها تحاول استمداد القوة منه وتخفيفها او ارسالها الى جسده.. والذي شعر بسكاكين حادة تمزق قلبه.. ليقول لها " هل نعود؟!"
تجيبه هي بهز رأسها نفيا.. وتحاول الابتعاد عنه و تذهب حيث المرج لعلها تلتقي بوالدتها من جديد.. ولعل ابتسامتها تعود لتنير وجهها القمري.. ولكن يده الصخريه حدت من حركتها بعض الشيء واتبعها بصوته المغلف بالخوف والقلق " لا تبدين بخير ابدا.."
تقاطعه بقولها: " سأكون بخير.." ثم تنظر ناحيه المرج وتخرج شهقه منها وكانها سيف حاد غرس في قلبه " ولكنه يشبه المكان الذي ارى امي فيه.."
وبعد تلك الكلمات التي خرجت.. تشعر بيده قد ارتخت و فكت اسرها لتمسح دموعها بكلتا يديها وتنظر اليه.. عيونه تظهر بها لمعه غريبة مثبته بالفراغ اما وجهه كان مشدودا يعتليه الجمود لا حراك فيه ابدا... كان ينظرالى الفراغ بشكله الصخري المعتاد...
وبعد مده خرج صوته الهادئ: "حسنا.. سأذهب لأجلب لك الماء.." فتومئ برأسها.. وصوت من داخلها يقول.. ابقى بجانبي ارجوك، انت الامان لي,, اشعر بجانبك بالامان.. ابقى.. لا يهم كلامك المسموم ابقى معي.. لا اريد ان تغادر دنياي وتتركني كما يحصل في حلمي..
وخلال استنجادها الداخلي يختفي عن الانظار وهي تلاحق ظله بعيونها...
ثم اخذت تسير ببطئ شديد.. محاوله ان تتمسك ولا تستسلم لدموعها من جديد.. تشد على قبضه يدها عندما تشعر ان دموعها ستغلبها وتغمض عيونها بقوة شديده لعل بلوراتها التي تتجمع وتغزو عيونها تعود الى ادراجها.. وما ان فتحت عيونها للمره الاخيره بعد اغلاقها.. استقبلتها تلك الزهرة الحمراء.. البعيدة عن بقيه عائلتها.. فتتوجه نحوها لتجلس بعدها على الارضيه العشبيه بجانبها..
" يبدو انني لست الوحيدة فقط في هذا العالم..( تنهدت ثم اكملت ) انتي وحيدة مثلي.. ( اخذت تنظر الى ما حولها بعيونها الحمراء) انظري كل هذا الجمال الذي حولك الا ان الجميع قد تخلى عنك ايضا.."
اخذت نفسا عميقا وهي تداعب بتلات الزهرة التي خفت رطوبتها " اعلم ان الوحدة صعبة جدا.. وهذا ظاهر من مظهرك.. فانتي جافه مثلي"
ثم صمتت قليلا واغمضت عيونها بألم " هل تعلمين سبب وحدتي؟!" لتفتح عيونها من جديد و إذ باحدى البتلات قد فارقت زهرتنا وسقطت ارضا لتكمل بألم نابع من قلبها الرقيق: " انا اشعر نفسي دائما وحدي.. لا اشعر بأي احد معي.. هناك شعور قوي بداخلي انه ساكون يوما ما لوحدي.. اعاني من جديد.. لماذا كل ما اشعر ان باب السعاده قد فتح لي واحاول العبور من خلاله و إذ به يغلق من جديد.. ألا يحق لي ان اكون سعيده.. هل السعادة غير مكتوبه في قدري؟!"
وخرجت كلمتها الاخيره بصعوبه حيث شعرت بالكلمات تخنقها وتشد على قلبها بقوة لتخونها دمعه جرت مجراها لترافقها أخواتها من الدمعات.. وبصوتها المخنوق ومن بين بكائها " بالرغم من وجود الجميع الا ان الوحدة تلازمني... كل ما اريده من من الحياه شيء واحد.. " صمتت قليلا وقالت بنفس نبرتها التي زادت سوءاً " امي.. اريدها هي فقط.. اريدها ان تعود لي لأرقد بسلام معها.."
وانطلقت شهقاتها المريعه تسيطر على المكان.. ودموعها التي أخذت تتحدث بالنيابة عنها.. دموع مليئة بالهزيمة والانكسار.. مليئه بالضعف.. الألم.. والعجز.. معانٍ كثيره تمثلت بدموعها والتي لا لم تستطع مفارقتها منذ زمن طويل..
اخرجت من جيبها ذلك العقد.. عقد والدتها المكسور.. ذكراها الوحيدة.. لتشد عليه بكلتا قبضتيها بما استطاعت به من قوة.. ثم ضمته الى صدرها وهي تبكي بحركة...

" لا تبكي.."
صوت ينبع من داخلها من جديد.. بل صوت نبع من جهة معينه.. من عقلها الباطني .. كان الصوت حنونا لأبعد حد.. مشاعر احست بها قمر لم تشعر بدفئه منذ زمن.. صوت يبعث فيها القوة من جديد.. صوت غاب عنها لسنين كثيره.. اخذت تبحث عن مصدره ولكن دموعها المتجمعه في عيونها حالت دون رؤيتها.. وتكرر الصوت لمرات عديده قائلا..
" لا تبكي.."،،،
"لا تبكي يا قلب والدتك.."
لتصرخ بصوت عالٍ " امي.." لتتهالك بعدها على الارضيه العشبية " اين انتي.. عودي ارجوكي.. عودي.."
" انا هنا بجانبك.. معك.. انا دائما في قلبك.. ولكن توقفي عن البكاء.. ارجوك.."
قالت قمر بانكسار وهي تحاول ايقاف دموعها " عودي.. او انا اذهب اليك.. ارجوك.."
وخرج صوت والدتها حنونا كعادته " انا معك دائماً.. اتواجد في قلبك الانيق.. انا هنا توقفي عن البكاء.."
ثم اخذت قمر تبحث عن والدتها بكل امل وشوق لرؤيتها ولكن دون جدوى.. فلم تسطع رؤيتها لتقول بانكسار اكبر.. وحزن شديد " السبب هو.. مجد.. منذ ان كسر القلادة.. اخر ذكرى لك يا امي.. لم استطع رؤيتك من جديد.." ثم صرخت من جديد " امي.."
واخذت تضرب بيدها الارض بحسرة والم في قلبها بسبب معذبها.. وخارت قواها تدريجيا.. لتغلق عيناها بألم.. ثم...


يتبع.....



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:38 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.