آخر 10 مشاركات
347 - الراقصة و الارستقراطي - عبير الجديدة - م.د ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : lola @ - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          1127 - الرجل الغامض - بيبر ادامس - د.ن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          594- فراشة الليل -روايات عبير دار ميوزيك (الكاتـب : Just Faith - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          ☆باحثاً عن ظلي الذي اختفى في الظلام☆ *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : Ceil - )           »          أجمل الأسرار (8) للكاتبة: Melanie Milburne..*كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > قسم ارشيف الروايات المنقولة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-06-15, 03:44 PM   #1

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25 أحبك يا قمري / للكاتبة sweetshemoo ، فلسطينية





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
،
نقدم لكم رواية
أحبك يا قمري
للكاتبة sweetshemoo
،
،
قراءة ممتعة لكم جميعاٍ.....
،





التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 25-08-15 الساعة 10:01 AM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-06-15, 03:45 PM   #2

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25


يسعد اوقاتكم جميعا...☺
انقل لكم ها هنا اول رواية اكتبها لكم... لعائلتي الثانية عائلة منتدى غرام
أملة ان تعجبكم روايتي حيث لا خبرة لي في هذا المجال...
كنت اقرأ روايات كثيرة ونالت اعجابي وفكرت لما لا اكتب رواية حتى لو كانت قصيرة او كانت غير متقنة كما الروايات الاخرى...
تشجعت للفكرة فبدأت بكتابة هذه الرواية
"رواية احبك يا قمري..."
متمنية ان ارى تعليقات الاعجاب منكم... والنقد ايضا...وان اصبح من عائلة كاتبي الروايات.. 💕





اتمنى لكم قراءة ممتعة☺




التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 25-08-15 الساعة 09:59 AM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-06-15, 03:46 PM   #3

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الاول:
تطلعت بألم إلى ريم ابنة عمها وهي تحتضن شقيقها العائد من باريس بكل لهفة وشوق،لتغوص في آلامها بين العلاقة الحميمة بين الشقيقين والتي لم تشعر بها أبداً،ثم نظرت باستنكار وهي ترى ابنة عمتها هدى كيف تتقدم بإغراء ودلع نحوه لتهنئه بالسلامة وهي التي لا تقدر ان ترفع نظرها بأي أحد من ابناء أعمامها وعماتها.
"وهذه قمر...ابنة عمك ماجد"
وجهت نظرها اليه وقالت وهي تصافحه بكل هدوء"حمداً لله على سلامتك"
تنهدت بألم عندما رأت ترحيب الجميع به.. أوليس ابنهم؟
لكنها لم تحظى بمثل هذا الترحيب عندما حضرت الى هنا الا من جدها وجدتها...فما السبب؟!
تتذكر يومها جيدا عندما وصلت المطار استقبلها جدها ولم يكن معه احد سوى ابن عمها ماجد اللذان رحبا بها بحرارة....تنهدت بألم وهي تسمع ام مجد تقول له بلهفة"لقد حضرت لك كل انواع الطعام التي تحبها"
لماذا لم تحظى بمثل هذا الحب،حب الام لابنها...حب الاب لابنه..!!!
عادت بها ذاكارتها للوراء..الى اليوم الذي قلب موازين الفرح الى حزن عميق في قلبها وحياتها..كانت حينها لم تتجاوز التاسعة من عمرها عائدة الى المنزل وبيدها بعض الازهار لتدهديها لامها بمناسبة يوم الام....كانت متحمسة جدا لرد فعل امها متلهفة للقاءها...دخلت منزلها وهي تقفز بمرح طفولي على عتبات السلم بكل فرح..لتتوجه بعدها الى غرفة والدتها ثم تفتح الباب... ولكن..!!
والدتها لم تكن موجودة...!!!
لم تدري ما حصل بعدها الا انها استيقظت على نفسها بعد اسابيع بوفاة والدتها...وزواج والدها!!!! الصدمة التي دخلت بها قمر لم تكن فقط بوفاة امها بل وبزواج والدها من صديقة امها.
عادت الى وعيها عندما سمعت احدى الخادمات تقدم لها كوبا من الشاي لترتشف منه رشفة صغيرة..ثم سمعت رامي ابن عمها يقول "سأذهب الان..انت تعلم ان العمل في مأوى الايتام صعب هذه الايام...منذ مدة لم اذهب لاتفقدهم"
وهنا عادت قمر الى ذكرياتها الاليمة في مأوى الايتام حيث رأت به الحنان الذي لم يكن موجودة في والدها..ورأت فيه العطف الذي يقل عن عطف امها..رأت الامان وبعضا من السعادة..وجدت فيه العائلة والاصدقاء الذين حرمت منهم...فقد كان المأوى احن عليها من والدها الذي طردها من المنزل بسبب زوجته الجديدة والتي لم تقبل ان يكون هناك ذكرى في البيت بعد وفاة زوجته الاولى...فقد قرر والدها رميها بالشارع متناسيا انها ابنته من لحمه ودمه من زوجته التي حارب من اجلها الدنيا ليتزوجها وبعدما توفيت نسي حبها ...اخلاصها...حنانها...وحتى ابنتها!!!
تنهدت بالم وهي تخرج من الصالة متوجهة الى غرفتها التي تقبع في الطابق الاعلى تاركة عيون جديها الحزينة التي تلاحقها.. وعيون حاقدة ساخرة..وعيون تشفق على حالها...وعيون متسائلة...






لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-06-15, 03:46 PM   #4

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي




الفصل الثاني:
وقفت تلك الفتاة ذات الشعر الاسود المجعد بعيونها العسلية الجميلة والتي تتأمل غروب الشمس معلنة عن انتهاء اليوم وليحل محل نور شمسه ظلام اسود مخيف...والتي كانت الوانها تنعكس على بشرتها الناصعة البياض والتي تشكل نقيضا جميلا مع شعرها الاسود الذي يصل الى نهاية ظهرها،وفستانها القرمزي الذي يصل الى ركبتيها....اغلقت عيناها وهي تشعر بنسمات الهواء الدافئة تداعب وجنتيها...وهاي هي الان ترى خيال امرأة غير واضح وسرعان ما تتضح الصورة لتظهر امامها امرأة تخرج من بين مرج من الأزهار الحمراء مرتدية ثوبا ابيض...وها هي صورة المرأة تقترب اكثر وكأنها تتجه لتلك الفتاة..."اوه أمي.." قالتها وهي تشعر بقلبها ينقبض من شدة الألم وبدأت دموعها الثمينة تتجمع في عيونها...وصوت امها الحنون يأتي على مسامعها"كوني قوية.."وهي تضغط بأناملها على يدي ابنتها الوحيدة ثم...ومن دون سابق انذار تترك يديها وهي تكمل بغصة وابتسامة شاحبة"من اجلي،، يا قمري"....
ولم تشعر الا بيد وضعت على كتفها انتشلتها من تلك الرؤيا الجميلة..وصوت صاحبها الهامس"قمر..هيا لتناول الطعام.."
وما كان صاحب ذلك الصوت الا ريم تدعوها لتناول طعام العشاء.. وقبل ان تلتفت الى ريم ودعت منظر الغروب الجميل..لتنسحب بعدها بدقائق مع ريم متوجهة الى صالة الطعام غير مدركة بتلك العيون الرمادية التي تراقبها من بعيد..
♥♥♥♥♥♥♥♥♥
ابتسم الجد وهو يرى حفيدته الصغيرة تنضم اليهم لتناول طعام العشاء...فرفع يديه ضاما اياها اليه وليقول مازحا"واخيرا تنازلت اميرة قصرنا الجميلة بتناول طعام العشاء معنا"
ابتسمت قمر بخجل وهي تجلس بجانبه وتقول بضعف"انت تعلم يا جدي اني كنت متعبة في الايام الماضية"ثم اكملت بفرح وهي تتذكر كلام امها"أوليس الاميرات يا جدي يأكلن في السرير عند المرض"
ابتسم الجد وهو يومئ برأسه ويربت على يديها بكل حنان...
"انظري يا جدتي،،جدي يغازل حفيدته وينسى من كان يسليه في الأيام الماضية"قالتها ريم وهي تتصنع الحزن...
وقبل ان ينطق احد اي حرف..وضع رامي كوب العصير من يده وهو يشير بيده الثانية"لحظة لحظة..اني اشم رائحة غيرة هنا"ثم وهو ينظر الى ريم"انتبهي ان تحترقي يا انسة ريم "
تطلعت اليه ريم بحنق"اصمت.."ثم قالت وهي تتطلع الى قمر"ثم لماذا اغار من قمر وانا اعتبرها اختي التي....."
هنااا توقف الزمن بالنسبة لقمر وترددت كلمة(اختي)عدة مرات بل ملايين المرات وكأنها انتجت صدى في عقلها...هل تعلمون ان كلمة اختي هي اول مرة تسمعها قمر في حياتها من احد وتكون الكلمة موجهة لها...صحيح انها كانت تسمعها في المأوى ولكنها لم تكن موجهة لها..وبرغم ما قضته مع ماري رفيقتها بالغرفة الا انها لم تطلق عليها لقب الاخت واكتفت بصديقتي قمر...
هل تدركون انه كان وقعها غريبا على اذن قمر..حسنا لن نقول ان وقعها هو غريب..بل شعورها هو الغريب عند سماهها تلك الكلمة... فهي لم تحظى بأخ او اخت ابدا..كانت وحيدة والداها...وآه من والداها فأحدهما قد مات وفارق الحياة واما الاخر قد تركها تعاني مآسي الحياة....الى ان وجدت هنا الحياة..فهل ستكون هنا حياتها افضل؟ام ان الآلام سترافقها حتى الى هنا؟وهل الدموع ستعتقها؟وهل الفرح سيزور قلبها وحياتها؟وهل..؟وهل..؟وهل..؟
تساؤلات كثيرة ومخاوف جمة تتردد في نفس قمر..الى ان اخدها النوم من شدة التفكير..وشيئا فشيئا ومع انقضاء بعض الوقت اطفأت انوار ذلك القصر ليغط الجميع في سبات عميق....

#########
(ساد الصمت الا من اصوات عازف الكمان في ذلك الليل البارد والذي يتجمهر حوله العديد من الاشخاص معجبين بعزفه...وفي ظلام الليل الحالك تصل تلك الالحان الى مسامع الفتيات اللاتي تجلسن بالمطبخ...
"من المؤكد ان لولا الآن تجلس على النافذة وتسمع تلك الموسيقى الجميلة"
ضحكت الفتيات على تعليق اليسيا الساخر،، فاضافت ماري"بل وتحلم ايضا بفارسها ذو الحصان الابيض..."
"الذي سيخطفها الى ذلك القصر الجميل اعلى التلة.." قاطعتها جوليا وهي توصف المشهد بحالمية..بينما تسائلت انجلينا بسخرية"وهل لا يوجد من فتاة لا تحلم بفارسها المغوار؟!"
فتصرخ الفتيات معا"لا.."...ثم يعاودن الضحك من جديد..)
"ألن تملي من مشاهدة مثل هذه الاشياء"
التفتت ريم بوجهها الحانق الى مجد الذي امسك جهاز التحكم عن بعد مطفئا ذلك التلفاز الذي هو عبارة عن شاشة بلازما سوداء...وقالت بضيق"اولا انه مسلسلي المفضل..وثانياا..."
قاطعها مجد وهو يمسك صحيفة"وثانيا صباح الخير.."
ريم باستياء وهي تكتف يديها على صدرها"صبااح الخير...'ثثم قالت في نفسها"كم تغيرت كثيرا في هذه السنوات يا اخي..(ثم التفتت اليه) واصبحت بارد المشاعر..يا ترى ما سبب ذلك الجمود الذي يكتسي ملامحك..."
"اذن ماذا ستفعل اليوم..؟!"ان هو لا يريد التحدث فهي ستحاول معه...
قال ببرود وما تزال عيناه تحدق بالجريدة"لا شيء"..ثم التفت اليها"وانتي ما سبب جلوسك في المنزل..لماذا لم تذهبي الى جامعتك.."
ارتبكت قليلا وحاولت اخفاء ارتباكها وهي تلتقط احدى المجلات وقالت بلا مبالاة"هكذا..اردت ان اخرج مع قمر الى مكان ما قبل ان اسجن في المنزل بسبب اختباراتي.."
علت وجهه ابتسامة ساخرة وقال في نفسه"هل للفرنسيات سحر خاص ام ماذا..؟!"..ثم تلاشث ابتسامته شيئا فشيئا وعاد الى بروده وقال"تتركين دروسك من اجل ابنة عمك...كم هذا جميل.."
تطلعت اليه ريم باستغراب"ماذا تقصد..؟!"
ولكنه لم يجبها...ولكنها عاودت سؤالها وهي تمسكه من كتفه...ابعد يداها بغضب وقال"لا شيء"
تطلعت الى اخيها باستغراب ثم ما لبثت ان اعتلى وجهها البرود والغضب حين رؤية رامي يتقدم نحوهما...وما كان منها الى تنهض متجهة الى الخارج تحرك يدها بسرعة وهي خارجة نحوه تدفعه عنها"ابتعد عن طريقي..."
دار حول نفسه دورة واحدة وهو يقول موجها كلامه لمجد"ما بها اختك المجنونة؟"
وما كان من مجد البارد الا ان رفع نظره اليه وعاود النظر الى الصحيفة"هاا انت تقولها..مجنونة"ثم "ما الذي اتى بك في الصباح الباكر.."تطلع رامي الى ساعته وقال وهو يمد يده نحو وجه المجد"انها العاشرة، انظر.." واردف بعدما ابعد مجد يده من امام وجهه"لقد جئت لاتحدث معك"
مجد وما تزل عيناه على الجريدة"ماذا؟!"
"ياا لبرودك.."
تطلع اليه مجد بنظر قاسية... ثم قال وهو يمد يداه المبسوطة"حسنا حسنا...ساتحدث.."
ثم اخذ يفرد اصبعا اصبعا وهو يقول"اولا اصبحت بارد كثيرا غير مبال بشيء..ثانيا علاقتك مع العائلة اصبحت رسمية جدا..ثالثا تختبئ في غرفتك وبين افكارك(قال هذه وهو يضرب بسبباته على جبين مجد)...واخرا وليس اخيرا اظن انه يجب عليك ان تعامل ابنة عمك كما كنت تقول عنها قبل قليل والتي لها اسم وهو قمر معاملة افضل.."
"هل كنت تستمع الينا..."
"وهل هذا الذي يهمك؟!"واردف عندما لم يأته اي رد من مجد"لقد تغيرت كثيرا بعد تلك الحادثة.. هل تظنني لم الاحظ ليلة امس تظراتك نحو قمر..ان كنت تظن ذلك تكون مخطأ..واجزم ان الجميع رأى نظراتك النارية نحوها... ليس ذنبها انها من نفس بلدها..وليس ذنبها ان كان يربط..."
قاطعه مجد وهو يسند رأسه على الاريكة وقال باستياء"أنت لا تفهم..."
"ماذا..ما الذي لم اف..."
وهناا تطلع الاثنان بغير تصديق الى ذلك الملاك الجميل الذي وقف على باب الصالة وبصوته الناعم وتلك الابتسامة التي تشق طريقها على الوجه الملائكي...
"صبااح الخير..."

♥♥♥♥♥♥♥
قبل دقائق من الآن..وتحديدا في الطابق الاعلى في هذا القصر الجميل...ومع اشعاش الشمس الذهبي الذي دخل الى تلك الغرفة المفتوحة الستائر ذات اللون الابيض وجدرانها التي تحمل نفس اللون ولكنها ملطخة بلون وردي انثوي...والتي وصلت اشعاعاتها الذهبية الى تلك العيون النائمة بسلام على سرير ابيض كسرير الملوك.. والتي ما لبثت ان وضعت يدها على عيونها صادة تلك الاشعة التي اخترقت نومها الهانئ..وانتشلتها من ذلك الحلم الجميل التي كانت عيونها تغرق به...وما لبثت ان نهضت من فراشها الذي بلون شفاتاها التوتية بحيوية ونشاط لتتجه نحو دورة المياه وتخرج منها بعد دقائق وهي تتمتم بخفوت وتتجه نحو خزانتها الخشبية بلونها الابيض الناصع.."ماذا سأرتدي الان.."
واخذت تقلب ملابسها وهي تقول"هذا ليس مناسبا" وتمسك الاخر "وهذا ارتديته قبل اياام... وهذا قديم..و...."
واخيرا استقرت على فستان ضيق بلون سواد الليل وقد ابرز نحولة خصرها وجسمها الرشيق،، وارتدت حذاء احمر قاني اللون والذي يتماشى مع ذلك الحزام الاحمر اسفل صدرها..وفردت شعرها الاسود بحرية حتى يصل الى اخر ظهرها..... ابتسمت بهدوء وهي تطالع نفسها من المرآة وهي تقول بصوت هامس:من اجلكي فقط يا امي...
وما ان انهت من كلماتها تلك حتى سمعت طرقا خفيفا على الباب ووجه ريم يطل منه"صبااح الخير.."
ثم توقفت لوهلة وهي ترى ابنة عمها بذلك الحسن والجمال"ما هذا الجمال..."
ابتسمت بخجل ثم تذكرت ذلك الحلم وقالت"فقط كل هذا من اجل امي..."
تطلعت اليها ريم بحزن ثم قالت"جيد..فنحن سنخرج بعد قليل.."
"الى اين..؟!"
"لا اعلم..سنتناول الفطور في مكان ماا..." ثم التفت نحو الباب خارجة منه متجهة نحو غرفتها... تاركة قمر تبحث عن حقيبتها السوداء..لتجدها بعد قليل وتتوجه نحو الاسفل لكي تنتظر ريم...
ولكنها.......!!!






لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-06-15, 03:47 PM   #5

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي




الفصل الثالث:

"اووه جدتي..."ابتسمت جدته في وجهه ولكن سرعان ما تلاشت ابتسامتها عندما رأت وجهه الحزين...فكانت عيونها البنية تطلع اليه بحيرة وهي تمسح على شعره ووجهه بحنان"ماذا بك يا بني..؟ منذ ان عدت من سفرك وانت على هذا الحال..لقد اصبحت حالتك سيئة اكثر من المرة الماضية.."....
صمت ولم يجب..وحاول ان يستجمع قواه ليرد عليها بجوابه المعتاد(لا شيء..)ولكن لسانه ارتبط.. ولم يستطع التفوه بحرف واحد..وهو يبعد نظره عن جدته ليمسح دمعة انحدرت ولاول مرة امام احد.. ولكن جدته ليست باحد..لطالما سهرت الليالي بجانبه حين مرضه..ولطالما عاونت الخادمات بتربيته حين اهتمت والدته بجاملها وحسنها وتركته للخادمات يتدبرن امره.....
وبحكم خبرتها الكبيرة في الحياة ربتت على كتفه وقالت بهمس"الم الحب..أليس كذلك.؟!"
ثم تسائلت عندما رأته يعاود الالتفات"هل هجرتك ام انت الذي هجرتها؟"
تهرب من سؤالها بسؤال آخر"اين جدي..؟!"
ابتسمت الجدة"لقد ذهب باكرا الى العمل لانه سيسافر بعد الظهر مع والدك.."
"وأمي..؟!"وما ان نطقها حتى ظهرت امه تمشي بهرولة وتقول بسرعة وهي تنزل درجات السلم بعجلة"يا الهي...لقد تأخرت على مصففة الشعر.."
تنهد بتعب وهو يبتعد عن جدته مقبلا رأسها وهو يقول"سأرتاح قليلا..." ولكنه توقف ينظر الى الباب الرئيسي من جديد قبل ان يتوجه الى غرفته....
~~~~~~~~~~~
دعونا نعود الى الوراء قليلا و تحديدا.. عندما سمعت طرقا خفيفا على باب غرفتها ووجه ريم يطل منه"صبااح الخير.."
ثم توقفت لوهلة وهي ترى ابنة عمها بذلك الحسن والجمال"ما هذا الجمال..."
ابتسمت بخجل ثم تذكرت ذلك الحلم وقالت"فقط كل هذا من اجل امي..."
تطلعت اليها ريم بحزن ثم قالت"جيد..فنحن سنخرج بعد قليل.."
"الى اين..؟!"
"لا اعلم..سنتناول الفطور في مكان ماا..." ثم التفت نحو الباب خارجة منه متجهة نحو غرفتها... تاركة قمر تبحث عن حقيبتها السوداء..لتجدها بعد قليل وتتوجه نحو الاسفل لكي تنتظر ريم...
ولكنها.......!!!
سمعت اصواتا منبعثة من الصالة.. لكن لم تميزها جيدا تقدمت بخطواتها الرشيقة ظنا منها وجود جدها او عمها وقفت على باب الصالة وقد رأت ولدي عمها بالداخل ومن الظاهر انها يتجادلان حول امر ما.. قالت وهي تخطو داخلها بصوتها الناعم"صباح الخير...."
وهنااا تعلقت عياناها بتلك العيون الرمادية الذي لمع فيها بريق اعجاب سرعان ما تحول الى عيون رمادية خالية من اي مشاعر...ولم تنتبه على نفسها الا عندما سمعت صفيرا منطلقا من رامي وهو يتقدم نحوها ..."ما هذا الجمال...هل تصدقين انك اجمل فتاة رأتها عينااي.."
"لا تصدقيه..انه يقول نفس هذا الكلام لكل الفتيات التي تمر في حياته.."ريم وهي تدخل الصالة وتخرج لسانها كالأطفال نحو رامي
قال وهو يبعد ريم عن طريقه"ما شأنك،، انا أتكلم مع قمر"..واردف وهو يمسك يدها ليجعلها تدور حول نفسها"انت فقط اخرجي ..واجمعي المعجبين.."
ضحكت قمر وقالت"ليس الى هذا الحد.."
"انظر حتى هي لا تصدقك.."ريم بسخرية... ثم وجهت كلامها الى قمر التي كانت تقف محدقة بتلك العيون من جديد والتي ما زالت تطالع الصحيفة غير مبالية بما يدور حولها."هياا يا قمر.."..
"حسناا سأوصلكما حيث تشائان.."
تطلعت اليه ريم لبرهة ثم قالت وهي ترفع احدى حاجبيها"لا اعهدك شهما لهذه الدرجة.."
""اظن انكي اخطأتي بيني وبين شقيقك..لانه لو كانت هناك فتاة على سفح جبل عال لتركها هناك لتقع وتتألم...اما انا طبعا ساساعدها اسألوني لماذا؟!" وما ان انتهى من كلامه حتى اتته ضربة على دماغه وصوت يقول"لانك زير نساء طبعا.."
"لماذا لم تخبرانني؟!"رامي وهو يدلك بيده رأسه
ضحكت الفتيات على تصرف مجد وردة فعل رامي حين اتته الضربة...وهنا انتقلت عيناه فجأة الى صاحبة العيون العسلية وهو يسمع ضحكتها الرنانة ولكنه سرعان ما انتشل نفسه من تلك المشاعر التي حاصرته عندما التقت عيناه الباردة مع عيونها الناعسة والقى عليها نظرة باردة قبل ان يقول لرامي وهو يشير بسبابته"اذا كنت ستوصلهما تصرف معهما بلطف..واترك تلك التصرفات الصبيانية...."..
"امرك سيدي..."
اما بالنسبة لقمر حكايتنا فمنذ ان جائت عيونها بعيونه سيطر عليها شعور غريب لم تشعر به ابدا...وهي تفكر بمدى اختلاف نظراته في كل مرة..فاحيانا تكون نارية غاضبة تتطلع اليها بكل حقد او غضب..واحيانا يكسوها الالم والعجز...ومن المؤكد نظراته الباردة لن تناسها..برغم كل ذلك عيونه فيها جاذبية خاصة..!... انسحبت معهما وهي تلقي نظراتها الجانبية عليه وفي خاطرها تدور اسئلة حول غرابة تصرفه معها وتجاهله التام لها...
اما هو وقف للحظة وهو يراهم يخرجون من الباب الرئيسي وعيونها الناعسة التي بقيت تحملق به قبل خروجها الى ان اغلق الباب...
ثم اسند رأسه على حافة الباب..وهو يأخذ نفسا عميقا وتجول بذاكرته تلك الفتاة التي جعلته يكره نساء الارض اجمعين...... وابت ذاكرته الا ان تعود الى ذلك اليوم والذي كان سببا في ان يجعل مجد يحمل صفة البرود واللامبالاة..كان يوما ربيعيا مشمسا تتألق فيه الزهور الحمراء والتي بدأت باظهار لونها وعبيرها الرائع في تلك الشقة السكنية الصغيرة وخيوط الشمس الذهبية التي اعلنت عن يوم جديد جميل....و صوته الذي يحمل فيه كل الشوق والحنين وهو يقول لصديقه ومساعده بالعمل"ستعود اليوم..سأذهب لاستقبالها في المطار.."
كان متحمسا جدا فاليوم هو اليوم الموعود..اليوم المترقب بعد كل سنين الحب التي مضت بحلوها ومرها..نعم حبيبته جيني اليوم ستعود وهو سيتقدم لها رسميا بعد سنين الحب التي قضياها في ايام الجامعة..لقد جهز لكل شيء.. فقد اتفق مع احد معارفه والذي يعمل عملا ليلا في احدى المطاعم ان يجهز المطعم بكل شيء بشموع حمراء.. وورد احمر متناثر على الارضية.. واصناف طعام شهية كانت ومازلت في حينها تعشقها.. لقد رتب لكل شيء..ولم يتبقى الا موافقتها... ارتدى قميصا ابيض وبنطالا اسود ومسك باقة الورد وطبعا لن يتخلى عن عطره المفضل...أليست حبيبته قادمة؟!
وكل ذلك من اجلها...من اجل حبه الذي قضى اعوام كثير يحلم في هذه اللحظة...
قال في نفسه"ستكون مفاجئة رائعة لها.."ولكنه لا يدري انها حضرت له مفاجئة كبيرة جدا...
وقف وهو ينظر الى قائمة الطائرات التي حطت عجلاتها ارض المطار...اتسعت ابتسامته عندما رأى طائرة سان فرانسيسكو قد هبطت قبل دقائق..وتوجه مسرعا نحو البوابة التي ستخرج منها غير مكترث بكل اولئك الناس الذي اصتدم بهم...ولكنه توقف فجأة عندما رآها تخرج برفقة احدهم والبسمة على وجهها.. ولم يكن يظن ان حبيبته قد خانته او تركته يعيش الما كبيرا بعدها..ألا أقول ان الحب أعمى!!نعم اعمى لانه ظن ان يكون هذا الشخص احد اقاربها... ولا اخفيكم كم شعر بالالم عندما علم الحقيقة..
عاود النظر الى الباب من جديد..وهو يتذكر عيونها العسلية التي ظلت تحملق به..كما كانت تحملق به جيني في اول ايامه بالجامعة...لكم هناك من اوجه شبه بينهما...حتى المشاعر التي شعر بها عندما اتت عيونه بعيونها كانت نفسها التي شعر بهاا عندما يرى نظرات جيني له...
نفض رأسه من تلك الافكار التي حاصرته بسرعة..وشعر باحدهم يقف خلفه فالتفت ليرى جدته باسمة الوجه..
"اوووه جدتي.."

♥♥♥♥♥♥♥


تلومني الدنيا إذا أحببته
كأني أنا خلقت الحب واخترعته
كأنني على خدود الورد قد رسمته
.. كأنني أنا التي
للطير في السماء قد علمته
وفي حقول القمح قد زرعته
.. وفي مياه البحر قد ذوبته
.. كأنني أنا التي
كالقمر الجميل في السماء قد علقته
.. تلومني الدنيا إذا
.. سميت من أحب .. أو ذكرته
.. كأنني أنا الهوى
.. وأمه .. وأخته
من حيث ما انتظرته
.. مختلف عن كل ما عرفته
مختلف عن كل ما قرأته
.. وكل ما سمعته
.. لو كنت أدري
أنه نوع من الإدمان .. ما أدمنته
.. لو كنت أدري أنه
باب كثير الريح ، ما فتحته
.. لو كنت أدري أنه
عود من الكبريت ، ما أشعلته
هذا الهوى . أعنف حب عشته
.. فليتني حين أتاني فاتحا
يديه لي .. رددته
.. وليتني من قبل أن يقتلني
.. قتلته
.. هذا الهوى الذي أراه في الليل
.. أراه .. في ثوبي
.. وفي عطري .. وفي أساوري
.. أراه .. مرسوما على وجه يدي
.. أراه .. منقوشا على مشاعري
.. لو أخبروني أنه
.. طفل كثير اللهو والضوضاء ما أدخلته
.. وأنه سيكسر الزجاج في قلبي
.. لما تركته
.. لو اخبروني أنه
سيضرم النيران في دقائق
ويقلب الأشياء في دقائق
ويصبغ الجدران بالأحمر والأزرق في دقائق
.. لكنت قد طردته
.. يا أيها الغالي الذي
.. أرضيت عني الله .. إذ أحببته
أروع حب عشته
فليتني حين أتاني زائرا
.. بالورد قد طوقته
.. وليتني حين أتاني باكيا
.. فتحت أبوابي له .. وبسته
.. وبسته
.. وبسته
.. فتحت أبوابي له .. وبسته
.. وبسته
.. وبسته

كانت تستمع الى حروف نزار قباني في ذلك المقهى الكبير وهي تراه ينتقل من مكان لاخر يأخذ طلبات الزبائن بقميص عمله الابيض و بنطاله الاسود وشعره البني الذي يتناثر فوق جبينه باهمال.. وعيونه السوداء الواسعة..كانت تتأمل كل شبر فيه حتى تشبع نفسها و قلبها الذي يدق بعنف... وعقلها الذي لم يسوعب جمال هذا الكائن.. (رائد) ومن دون ادراك منها خرج اسمه من بين شفتيها على مسامع قمر...
"من يكون؟!" تسائلت قمر بعدما وجهت نظرها ناحيته وهي ترى عيون ريم المتجهة نحوه
ريم بارتباك بعدما رشفت رشفة صغيرة من كوب القهوة"زميل دراسة.."
شعرت ريم بارتباكها وادركت انه اكثر من ذلك ولكنها تجاهلت ارتباكها فتسائلت.."ولماذا يعمل هنا؟!"
ناظرته ريم بنظرات حزن ثم اعادت نظرها الى قمر"حالتهم المادية سيئة..لذلك هو محتاج الى المال ليكمل دراسته"
ثم اردفت وهي تبتسم"ولكن الشيء الجميل فيه انه لا يشتكي من فقره... حتى منزلهم البسيط لو تريه برغم بساطته ولكنه جميل.." تلاشت ابتسامتها لتقول"لو تري العائلة يا قمر كاليد الواحدة متكاتفة..يتجمعون كل ليلة لطهي طعامهم البسيط فرحين.. ونحن الاغنياء نأكل من يد الخدم ونشتكي ان لم يعجبنا.."
قالت قمر بحنان وهي تمسك يدي ريم"الفقر ليس عيبا..العيب هو ان نمد يدينا للناس.." ثم اردفت بمكر وهي تغمز لها"كل هذا وهو زميل دراسة..كيف لو اصبح حبيب القلب و زوج المستقبل.."
ابتسمت ريم بمرارة"لا اظن..فوالدي حتى لو قبل من بعد اصراري عليه..سترفض امي بكل تأكيد انتي تعلمين كيف تفكر..الاهم عندها هو المال.."
"وما ادراكي..انظري الي اناا لقد عايشت البؤس والحرمان من العائلة والاصدقاء لسنين طوال...حرمت من والدتي وانا بعمر الزهور.. وتركني والدي مرمية في احد الملاجئ لمدة عشر سنين الى ان وجدني جدي.. ولكن برغم كل هذا كان الامل مزروعا في داخلي كنت اظن اني سأبقى حبيسة بذلك المأوى ارعى من هم في مثل حالتي..ولكن حمدا لله ان جدي وجدني..."
"هل تصدقين شيئا..عندما اخبرنا جدي عنكي ظننت انك طفلة ولم اكن ادرك انك في التاسعة عشر.."
ابتسمت قمر ابتسامة باهتة... فما كان من ريم الا ان ربتت على يدها بحنان اخوي جميل حرمت منه قمر لسنين طوال..
ثم تبتسمت ريم عندما تذكرت شيئا ما ثم قالت"وما بكي اليوم.. تبدين مختلفة..وجميلة ايضا.فلست شاحبة كما السابق..."
اتسعت ابتسامة قمر اكثر وهي تتذكر ذلك الحلم وبدأت بسرده الى ريم حين رأت ذلك الاهتام جليا على وجهها....
لنتركهم ليتحدثو براحتهم ونحن نذهب الى القصر من جديد ولكن ساعة حكايتنا تشير الى الرابعة عصرا... كانت الجدة تجلس لوحدها بالحديقة تسقي ازهار النرجس التي زرعتها منذ زمن طويل...
"ااه جدتي الجميلة تسقي نرجسنا..."
ابتسمت الجدة عندما رأت رامي يقبل ناحيتها وبخلفه كان ماجد وهدى...
"ألن تكف عن هذه المغازلات.." ضربته الجدة على كتفه... ثم وجهت حديثها الى ماجد"حمدا على سلامتك يا بني..ما اخبارك؟!"
"بخير يا جدتي..لطالما احبائي بخير.."قالها وهو ينظر الى هدى والتي اطرقت رأسها خجلا... ابتسمت الجدة وقالت"كيف احوالكم..هل تسير اموركم بخير.."
اومأ ماجد رأسه ثم قال"بخير يا جدتي..وقد احضرنا الدعوات الى ريم وقمر ليدعو من يشائون(قالها وهو يضع عددا من الدعوات على منضدة خشبية) أين مجد..؟"
"في غرفته."ثم وجهت الجدة وجهها نحو رامي لتقول له بهمس"اريدك بأمر ما..؟!"
قال بصوت هامس مقلدا جدته"وماذا تريدين..؟!"
ضربته جدته قبل ان تنهص وقالت له بصوت غاضب"اتبعني.."وما كان منه الا ان تبعها داخل ذلك القصر تاركين عصفوري الحب يعيشان حبهما الطاهر الذي سيتوج بالزواااج.....وتحديدا كانت خطواتهم متجهة نحو مكتب الجد....وما ان دخلا حتى جلسا الاثنان على اريكة بنية قاتمة اللون...
وقالت الجدة بلهجة حازمة"أريدك ان تخبرني........"
##################
كانت عيناها تلتفت يمينا وشمالا في ارجاء الكافيتريا بحثا عن ذلك الشاب الذي سرق قلبها وعقلها..واضعة كتبها على صدرها وهي تمشي بجانب صديقة عمرها امل...انها لا تراه اليوم..هل يعقل انه لم يأتي الى الجامعة...لا مستحيل فهو مثابر من غير الممكن ان يضيع محاضرة واحدة بسبب اي امر كان... توجهت نحو طاولة ما في ركن الكافيتريا بعدما توجهت صديقتها لاحضار شئ ما للاكل....انزلت رأسها على الطاولة بملل وضجر من كل محاولات البحث والتفكير به..فهل يفكر بها مثلما تفكر به..هل تتسع ابتسامته عندما يراها... وهل...
"ريم هل انتي بخير.."
وها هي الان تتخيل صوته..مؤكد انه من شدة التفكير به...ولكن صوته عاد من جديد فرفعت رأسها اليه..وهي تراه واقفا بجاذبيته ينظر اليها بقلق او بالاحرى هذا ما ظنته ريم حينها..
"هل انتي بخير..."
اومأت رأسها بالايجاب..ولكنه قال وهو يجلس على الكرسي المقابل لها"لكن تبدين متعبة.."
ابتسمت وهي تقول"ربما من ملل المحاضرات.."
ثم اردفت وهي تتوجه نحو حقيبتها الحمراء وتجلب شيئا منها"لقد تذكرت..(ثم وضعت احدى البطاقات على الطاولة)هذه بطاقة دعوة لحفل زفاف ابن عمي..اتمنى ان تأتي.."
تطلع الى البطاقة ثم اليها"ولكن انتي تعل..."
قاطعته برجاء"ارجوك.."
ابتسم وهو ينهض"سأحاول..من اجلك..."
(من اجلك)... كلمتنان جعلت قلب ريم يقفز فرحا.. وينبض نبضات متتالية..يجعلها تذهب الى عالم اخر..عالم حب يجمعها مع رائد.. حبيب قلبها .و بجلعها تذهب بعيونها اليه وهو يتوجه خارج الكافيتريا..والحمدلله انه لم يسرق عقلها منها ايضا فها هي تتذكر اول يوم رأته فيه... كان يتقدم ببطء نحو قسم التسجيل بالجامعة وهو ممسك باحدى يديه اوراقا خاصة..وبيده الاخرى هاتفه المحمول وهو يتحدث الى امه"حسنا..حسنا سأحضر الكوسا.." وبنفاذ صبر"و سأجلب الدواء أيضا.."..."هل هناك شيئ....." ولكنه لم يمكل كلامه اذ اصتدم باحدى الفتيات التي تخرج على عجل غاضبة وهي تتحدث بهاتفها ايضا وتصرخ على سائقها على ما يبدو...
"هذا ما كان ينقصني ايضا.." قال هذا وهو ينظر على اوراقه التي تبعثرت على الارض.. وانحنى نحو الارض ليعاود جمعها واذ بها هي الاخرى تنزل وتجمع الاوراق معه
"اسفة..انا حقا متأسفة.." وهي تعطيه الاوراق التي جمعتها
اخذها منها ببرود "لا بأس..لا يوجد مشكلة.." ثم عاد ليتوجه الى منطقة التسجيل ولكن صوتها اوقفه "لا تتعب نفسك عبثا..هناك طابور كبير وقد تحتاج الى زمن طويل ثم ايضا(وهنا نظرت الى ساعتها الفضية التي على معصمها)لم يتبقى على اغلاقه سوى خمس دقائق.."
تأفف بضجر ولم يرى الا يدها التي تمتد لمصافحته وهي مبتسمة"اناا ريم.."
اقشعر جسدها حينها عندما تذكرت تلك اللمسة البريئة وابتسامة الخجل على وجنتيها...
"ماذا كان يريد منكي؟!" وهنا ظهرت صديقتها امل بوجه عابس..
هزت رأسها نفيا بلا شيء فهي تعلم ان امل لا تشعر بالراحة من تقربها لرائد..ولكن لماذا؟!
"فقط اعطيته بطاقة دعوة لحفل زفاف ماجد.."....اومأت امل رأسها بضيق"لا اشعر بالراحة من ناحيته عندما رأيته يقف بجانب تلك الفتاة والذي منذ ان ابتعدت عنكي اتى اليكي"
ريم باستغراب لانها تعلم ان رائد لا يقف مع اي فتاة فهو ليس اجتماعي نوعا ما او ان الغيرة هي التي اخذت طريقا الى قلبها.."أين؟!"
ونظرت ناحية المكان الذي اشارت اليه أمل بيدها ولكنها..لم ترى اي فتاة..!!!
يا ترى من تكون هذه الفتاة التي رأتها أمل!!!



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-06-15, 12:10 AM   #6

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي




الفصل الرابع...:

اشرقت شمس صباح يوم جديد..يحمل في طياته املا وحبا جديدا...و تلك العصافير التي تزقزق في هذه السماء الصافية...واصوات الطبيعة الجميلة.. وترتيبات حفل زفاف حكايتنا يبدأ من الان.. فها نحن نرى العمال قد بدأوا عملهم في هذه الطبيعة الخلابة...بجمال اوراق اشجارها..والعبير الفواح المنبعث من الازهار..وريااح خفيفة في اول اياام الربيع الجميلة... وبعيدا عن مكان التجهيزات للحفل قد لامست تلك الرياح الخفيفة بشرة بيضاء ناعمة وهي تغط في نوم عميق..واصوات آتية من خلف باب غرفتها وطرقات متتالية...
"هيااا ياا قمر..."
فتحت عيونها الحمراء الناعسة..والتي لم تأخذ قسطا كافيا من النوم بسبب حفلة وداع الامس والتي استمرت الى ما بعد منتصف الليل...توجهت نحو الباب الذي كاد ان يكسر من شدة الطرقات التي وجهت اليه.."ماذا تريدين ايتها المزعجة..؟"
اشاارت الى نفسها باستنكار"انااا مزعجة؟!.."
فأكملت وهي تدفع قمر الى داخل الغرفة عندما رأتها بملابس النوم"ثم لماذا ما زلتي نائمة الى اﻵن..هياا هناك الكثير لنفعله اليوم.".. لنبتعد عنهم قليلا ونجعلهم يذهبون براحتهم الى مركز التجميل...ونجعل كل تركيزنا على هذه المكالمة الهاتفية في احد الشقق السكنية..
"ماذا..؟!تريدني ان اذهب معك!!.."
"ارجوكي ياا جيداء..."
"ولكن يوجد اختبار بعد غد يا رائد..لا استطيع.."
قال برجاء اكثر"كل ما هو عليكي اختبار جبر بسيط..لن تعطلكي ساعة في المساء.."
تسائلت جيداء"لماذا لا تذهب وحدك..اريد ان افهم.."
"انا لست معتادا على هذه الاماكن..ثم و بوجود احد اقاربي اكون بخير.."
فكرت قليلا"حسنا..سأذهب وارى ما اخر طلباتك تلك التي لا تنتهي.."
اتسعت ابتسامته وهو يغلق سماعة الهاتف واستدار نحو امه المريضة النائمة على فراشها المهترئ وانحنى ليقبل وجنتيها قبل ان يخرج موجها كلامه لأخته الصغيرة"اعتني بها جيدا.... سأذهب لأتجهز"
~~~~~~~~~~~
وانقضى النهار اخيرا و قد حان الوقت المنتظر وها هو قرص شمسنا الذهبي يكمل دورته في المغيب ليحل علينا مساء جميل في احد الفنادق الفخمة والذي بدأ المدعوين بالوفود اليه متجهين نحو الحديقة الخلفية للفندق والتي تتناثر على ارضيتها العشبية الخضراء ازهارا حمراء صغيرة في الممر الذي ستزف فيه العروس والذي على جانبيه وضع حاجزاين خشبين زينا باغصان الاشجار والأزهار المختلفة وبعض اللؤلؤ والكريستالات الصغيرة اللامعة والذي في نهايته يتربع جسر خشبي قبل الوصول الى ارضية خشبية ..امااا مقعد العروسين فهو عبارة عن ارجوحة ثابتة مثبتة بين غصنين من الشجر.. تتدلى عليها فراشات ملونة وازهار الكرز التي اعطتها رونقا خاصا بها.. وبجانبي المقعد اربع كراسي صغيرة بيضاء زينت ببعض من الاقمشة و الزهور ،، وقد رتبت كراسي المدعوين حول طاولات دائرية مزينة بغطاء من الستان الأبيض وشريطة حمراء..
اما بالنسبة لصديقات العروس فقد قررن ان يرتدين زيا موحدا وهو عبارة عن فستان ضيق بلون التوت يصل الى عند الركبة..وعلى صدره احجار ملونة اضفت عليه نعومة خاصة.. واكتفين بفرد شعرهن الأملس والقليل من مساحيق التجميل من دون تكلف.. باستثناء قمر والتي ارتدت فستانا خاصا بها....
"ياا فتياات.. لقد وصلت العروس.."
التفتت جميع الفتياات الى رهف(احدى صديقات هدى) والتي كانت تركض ناحيتهم بكعبها العالي عندما رأت العروسين يدخلن غرفة التصوير... وقد اعتلت وجوههم الابتسامة والحماس لرؤيتها..
"اتمنى انها لم تنسى ان تكتب اسماءنا اسفل كندرتها.."تسائلت احدى الفتيات..
فأجابت ريم مؤكدة"لا..فقد كتبتهم البارحة بعد ان انتهت الحفلة.."
تنهدت الفتيات براحة ثم همست ريم في اذن قمر بسخرية"ومن سينظر الى وجوه هؤلاء الفتيات.." اكتفت قمر بالابتسام وهي تضع عقدا فضيا ناعما...
ثم جائهم صوت من احدى موظفات الفندق تخبرهم بالاستعداد ليتوجهن بعدها بدقائق نحو الحديقة....


كان يجوب بعينيه بضيق وهو يلتفت يمينا ويسارا بحثا عنها من جديد...في تلك الحديقة الكبيرة وبين هذا الحشد الكبير.آملا ان يلمحها لو من بعيد ولكن بحثه باء بالفشل مرة اخرى...
"لن تراها هنا الا بعد قليل..لا تتعب عيناك.."
انتبه للهجة السخرية في نبرة رامي واكتفى بأن القى عليه نظرة جانبية غاضبة...
"انظر الى كل هؤلاء الحسناوات.."قالها رامي وهو يطلق صفيرا ينم عن مدى اعجابه بالجنس اللطيف..ثم أكمل بضيق وهو يشير الى احدى الفتيات التي تتقدم بغرور وتجلس بكل كبرياء.."لاا اقصد تلك.."
ويبدو ان مجد لم يكن يسمعه او مكترث لما يقوله فآثر الصمت وهو ينظر الى ماجد الذي وقف على تلك الارضية الخشبية لانتظار عروسه.. مرتديا بدلته الرسمية التي هي عبارة عن بنطال اسود و سترة بيضاء مع قميص ابيض ولن يتخلى عن ربطة العنق السوداء.. رافعا شعره البني عن جبينه الابيض العريض و عيونه البنية الواسعة التي تنتظر قدوم عروسته فانه لا يكاد ان ينزل بصره واذ به يرفعه بعد لحظات نحو بداية الممر....
عقد مجد حاجبيه استغرابا عندما انتبه على خفوت الانارة بعض الشيء فقد حانت زفة العروس ولكنه لا يستطيع ان يراها....وقال في نفسه"اين هي..؟!".. ما باله يفكر بها بكثرة.. فمنذ ان رآها امس بالحفلة لم تغب عن تفكيره للحظة واحدة حتى انه لم يستطع النوم وهو يفكر ببرائتها وجمالها الطفولي.. عفويتها وحركاتها الرشيقة وابتسامتها التي تذيب جبالا من الهموم المتراكة... و مشاعره المتأججة التي لن ينكرها ابدا فعند رؤيتها ترتجف كل خلية في جسمه حتى تلك العضلة التي تقبع في يسار صدره .. وما لا ينساه بالحفلة عندما انتبه على يد جدته التي امسكت بمرفقه وقالت بصوت حنون"أماا آن لقلبك ان يلين.."
واكتفى بالتحديق في جدته غير مدرك كيف علمت بامره... ثم وجه انظاره نحو رامي بحدة فهو الوحيد الذي يعلم بسره... لكنها قالت"ليس ذنبه..فأنا اجبرته..عندما رأيتك على هذا الحال.." ثم اردفت عندما لم تجد منه ردا.."كفى تعذيبا لقلبك يا بني..وافتح قلبك لاحداهن ستجد قلبك بدأ ينبض بحب جديد اقوى واعنف من الحب السابق.."..ثم توقفت عندما رأت نظراته الحادة نحو قمر وقال بصوت فيه غصة"لكنها تشبهها.."
"هي لا تشبهها..انت من جعلت جميع الاناث تشبهها.. فعندما تنظر لاحادهن ترى وجه جيني امامك..وتتذكر خيانتها لك..لذلك نرى نظراتك الحادة نحو قمر.."..واكملت وهي تشير الى قلبه"صدقني ان قلبك قد نسيها وسيجد طريق جديد له ولكن(وهناا اشارت نحو رأسه)ولكن عقلك لم ينسى خيانتها.."
فهل سيجد الحب طريقا ثانيا لقلب مجد كما قالت الجدة..؟! ام انه سيبقى مغلقا قلبه باحكام خوفا من خيانة جديدة..؟!وان كان سيجد طريق الحب من تلك التي ستأخذ قلبه وعقله من جديد؟!
��������������
وعلى اصوات خرير الماء وزقزقة العصافير تتقدم اربعة فتيات صغار بزي الفراشات يمسكن بعصي على شكل قلوب حمراء..فأشكالهم البريئة كأشكال الجنيات في حكايات الأطفال والاساطير..الى ان يجلسن على الكراسي التي على جانبي مقعد العروسين.... وتبدأ بعدها موسيقى هادئة مع اصوات ضيوفنا الذين يرحبن بعروسنا الجميلة باعجاب وفرح..كانت تقف ممسكة بباقة من الزهور الوردية بفستانها الأبيض الضيق من عند الصدر والواسع من الاسفل.. ذو الاكمام الطويلة من قماش الدانتيل الناعم.. وتناثر على اطرافه ازهاراً وردية صغيرة.. واحتفظت بتسريحة شعرها الأشقر المموج مع اضافة اكسسوار من الزهور الملونة مما اضفى عليها الحيوية والجمال..واكتفت بكحل يزين عيناها الزرقاء واحمر شفاه ،،فاضفى عليها نعومة خاصة ،وكانت متشبثة بباقة الازهار الوردية والتي يتخلل زهورها ريشاً من نفس اللون وهي تتقدم ناحية ماجد لعلها تبعث فيها الطمأنينة والسكينة وتخفف من ارتباكها وقلقها..ومن خلفها صديقات عمرها واللواتي يمسكن بسلات من الورود الحمراء وينثرنها على الارضية لتصل بعدها الى حيثما تقف عائلتها لتسلمها الى زوجها الذي قبل حبينها بارتباك...
وفي هذه الاثناء انشدت حواسه نحو تلك الفتاة التي بدأت بالتقدم في ذلك الممر بخطواتها الرزينة بهدوء..نعم لقد كانت تلك الغتاة قمر ممسكة بصندوق على هيئة الفراش..بفستانها الابيض النافخ الذي من دون اكمام.. وعلى ظهرها جناح فراش ابيض اللون..و ذلك القناع الكريستالي الذي يغطي عينيها.. وزينت شعرها المجعد بطوق من الازهار.. كانت تتقدم بهدوء امام انبهار الجميع ونظرات الاعجاب من حولها...ثم توقفت للحظة على ذلك الجسر الخشبي عندما جائت عيونها الساحرة بعيونه الحادة التي تربكها كلما نظرت ،، وهو ألن يكف عن هذه النظرات التي يوجهها لها؟ ولكن لماذا عليه ان يكون وسيما لهذه الدرجة؟؟ خاصا بقميصه الأزررق الفاتح الذي ابرز عضلات صدره وجاكيته الرسمي بني اللون..وبنطاله الجينز وشعره الاسود القصير..
ثم اكملت طريقها نحو العروسين وهي مستنكرة نظارت الاعجاب التي وجهتها اليه.. وتم فتح الصندوق الذي يحتوي على خواتم العروسين..وهنا تبدأ الفراشات الصغيرة بالدوران حول العروسين قبل التوجه خلف قمر عابرين الممر ثم يختفون عن الانظار...
&&&&&&&&&&&&&&&&&&
وقفت تلك السيارة السوداء قديمة الطراز امام منزل تظهر عليه علامات القدم والفقر.. فبابه الخشبي الذي تآكل مع الزمن وبهت لونه.. وجدرانه الخارجية التي تبدو من قدامتها انها ستهدم على من يآوي داخلها.. حجرتين صغيرتين ،،واحدة تضم مطبخا في زاويتها وزاوية اخرى تضم دورة ميااه ونافذة صغيرتين و جدرانٌ تأكل لونها مع الزمن.. وكنبة باهتة مهترئة بجانبها دولاب صغير يحوي ملابس قليلة.... واما الحجرة الاخرى التي تضم كنبه مهترئة تستلقي عليها امرأة كبيرة في السن قليلا يبدو عليها التعب والمرض وتلك الفتاة الصغيرة ذو الضفيرتين القصيرتين تجلس بجانبها تحاول ان تخفض درجات الحارة العالية بكمادات ماء باردة... والكنبة الاخرى التي ينتشر عليها كتبا ودفاتر وبجانبها خزانة ملابس قديمة قد عفى عليها الزمن...
"رانيا اهتمي بوالدتي وان حصل اي شيء لا تتردي ان تتصلي.."
اومأت تلك الغتاة الصغيرة المدعوة رانيا رأسها وهي تبدل الكمادات.. وانحنى ليقبل والدته قبل ان يخرج من منزله القديم متوجها لتلك السيارة لتستقبله ابنة عمه جيداء بشعرها القصير الأحمر وتنورتها السوداء الرسمية وقميص ابيض... ونظرت الى قميصه الاسود الذي بدأ القدم بالظهور عليه و الى بنطاله الأسود برضى...
تأفف بضجر"لماذا تأخرتي..لقد بدأ الحفل.."
"حسنا لا تبدأ..ثم تأخر قليلا لن تهرب ريم بكل تأكيد......"
تسائل بخوف وهو يشير الى ما يرتديه"هل هذا جيد؟؟.."
جيداء وعيونها على الطريق الوعر المليء بالاحجار الصغيرة"جيد جيد..ومن الجيد ايضا ان نتعدى هذا الطريق الوعر....."
اشاحح ببصره ليفكر بمدى فخامة وبذاخة الحفل الذي سيذهب اليه..ومؤكد انه بملابسه ومظهره طفرة مختلفة عن ذلك العالم الكبير الواسع الذي يضم رجال الاعمال والذين يجدون المال باسهل الطرق..اما هو دخله محدود يصرف على بيته وعلاج امه..اما تعليمه فقد قدم لمنحة طلابية تتكفل بتلك المصاريف..... ولم ينتبه الى اين وصل تفكيره عندما وصلا الى فندق كبير فركنا السيارة في الموقف المخصص قبل ان يترجلا منها متوجهين الى ذلك العالم الذي يراه رائد مختلفا..
$$$$$$$
"سررت بالتعرف اليكم..مبارك مرة اخرى.."...
قالها رائد قبل ان يتوجه مع ريم الى الرقص برغم اعتراضه المستمر ولكنها سحبته بالقوة معها ..
لوت ام مجد فمها بضيق وهي تنظر الى ذلك الذي من دون المستوى المطلوب ليرافق ابنتها بالرقص قبل ان تنطق الجدة وهي تلتفت اليها
"شااب جيد..أليس كذلك؟"
قالت ام مجد بغرور وقرف قبل ان تنتقل بين الحضور لتصافح المعارف والاصدقاء"وما الجيد به..و هو فقير الحظ والمال ..لا اعلم ماذا حل بعقل ابنتي لتصادق شاب مثله.."
هزت الجدة رأسها بقلة حيلة فكل ما يهم هذه المرأة هو المال والجمال.. ومؤكد انها ستتبع كل الطرق والوسائل لتبعد ريم عنه..

"ماذا بك يا قمر؟!"تسائلت الجدة عندما رأت قمر قد عادت و يبدو عليها الالم..
"لا شيء فقد كسر كعب حذائي وبدلته...اناا بخير لا تقلقي"قمر بابتسامة وهي تطمأن جدتها التي يبدو على ملامحها الخوف والقلق..
"هياا انتما الاثنان انضماا معهم للرقص.."
تفاجئت قمر من طلب جدتها وادارت وجهها نحو مجد لترى ردة فعله ولكن كان وجهه حادا باردا بشكل لا يطاق كيف يمكنه ان يبقي وجهه مشدودا هكذا بدون اي ابتسامة ولا اي كلمة.. فقط انها ترى ان الوسيلة الوحيدة ليتواصل معها هو قذف نظراته الباردة تلك..حسناا هي تعلم انه لا يحبها من نظراته لكن لماذا سحبها من يدها ووافق على طلب جدته؟!ويرقص معها الان..؟!
جاءتها الاجابة منه جافة كعادته معها وكأنه قرأ افكارها.."ارقص معك من اجل جدتي فقط.."
وهي اصلا لم تتوقع منه ان يرقص معها لاجلها..يمكنه الرفض او التهرب عندما طلبت منه الجدة ولكنه وافق فقط من اجل جدته..
قال بسخرية وهو ينظر اليها من اعلى الى الاسفل"تبدين جميلة بهذه الملابس.."
رفعت رأسها مندهشة مما يقول هل حقا تبدو جميلة بنظره ام انه... لكن ما هذه النظرات الغريبة...
ثم احتنق وجهها غضبا عندما اكمل"لا اظن انكي كنتي ترتدين مثل هذه الملابس وانتي في المأوى.. من الجيد ان جدي قد وجدك.."
ماذا يقصد بكلامه انه من الجيد ان جدها قد وجدها؟!هل هذه الشفقة؟!هل يشفق على حالها؟!هل لانها يتيمة؟!ماذا يقصد..؟!ثم لماذا يذكرها بالمأوى..؟!
بلعت غصتها وهي تشيح وجهها لتلتقي نظراتها على ريم وهي تضحك بمرح مع رائد والذي يحاول قدر ما يستطيع ان ينسجم في هذا الجو الجديد....
"إلى متى..؟!"
نظرت اليه باستغراب"ماذ؟!"
اقترب منها اكثر وهمس"الى متى ستبقين تحت رداء البراءة هذا؟!.. في اي وقت سيظهر وجهك الحقيقي.."
ابتعدت عنه غير مصدقة ما يتفوه..فإن كان قد توقف عن النظرات الحادة والنارية فها قد بدأ يشن حربه بسلاح شديد سيدمرها بكل تأكيد ان لم تبتعد عنه. وبسرعة قبل ان ينتبه احد طوقت يداه خصرها النحيل من جديد وقال بصوت امر"لا تجعلي جدتي تغضب علي.. من اجلك..".. وبدآ يتمايلان على هذه الالحان الهادئة ببروده المعتاد و عيونها الحزينة
"خطة ذكية منكي يا جدتي.."
التفتت الجدة الى رامي وقالت وهي تعاود الالتفات الى ما يقصد"لا تنظر الى مجد بقلبه القاسي الذي يظهره....وانا متأكدة انه بدأ باغلاق الماضي منذ ان رآها..وانه يضع وجه الشبه حجة حتى لا يخوض حب جديد...."
ربما..ولكن هل يستطيع؟!
"جدتي!!..هل ارقص مع هذه او تلك..صدقيني احترت فكلهم جميلات.."
ضحكت الجدة"ارقص مع من تشاء سأذهب لأرى جدك.."
وابتسم بخبث و هو يفكر في شيء ما... ولفت انتباهه تلك الفتاة ذات الشعر الاحمر الناري وابتسم بسخرية"لا بأس بهذه اايضا.." وتقدم نحوها ليطلب منها الرقص الى ان مدت يدها له موافقة....
امااا عند الثنائي الجميل ريم ورائد..كانت ريم تحاول ان تسيطر على ارتباكها الذي يزيد مع كل حركة يتحركانها وهي تشعر بنظرات رائد الذي منذ ان بدآ الرقص موجهة نحوها..
قالت ريم بضجر"ألن تكف عن التحديق بي بهذا الشكل.."
"لا ذنب لي..فأنتي جميلة..".. اثرت الصمت واكتفت بان اطرقت رأسها خجلا..... وعندما طال صمتها اردف وهو يقترب منها اكثر وبصوته الهامس"ان ازعجك ذلك فلن انظر... ولكن في المرة القادمة انظري الى المرآة لتتأكدي من كلامي......"
وساد الصمت لعدة لحظاات وفي هذا الجو الشاعري نادى عليها بصوته الرقيق"ريم.."
رفعت رأسها متسائلة.. ولكن ظهر على وجهه الارتباك وهو يتحدث مع نفسه"لا ايها الغبي..ثم انها عرفتك لعائلتها كصديقها..مستحيل ان تكون اي شي اخر بالنسبة لها.."..
ثم ابتسم وهو يقول"هذا يكفي لقد تعبت.."
ريم بخيبة امل وهي تبتعد معه عن ساحة الرقص"حسنا.."
ولم يكونا الوحيدين اللذين تخليا عن هذه الرقصة.. فها نحن نرى الثنائي مشحون المشاعر قد انسحبا ايضا.




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-08-15, 10:48 PM   #7

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



السلام عليكم
يسعد اوقاتكم .. عدت اليكم بفصل جديد بعد غياب.. وبإذن الله سأكمل روايتي حتى النهاية .. بغض النظر عن قلة الردود او المشاهدة
لكم بسعدني ان تشاركوني في روايتي بتعليقاتكم وردودكم الجميلة ،، و نقدكم البناء الذي سيفيدني واتمنى من المشاهدين من خلف النوافذ بابداء رأيهم ..


الفصل الخامس ❤


كان يمشي بهدوءه المعتاد وهو متوجه الى كافيتريا الجامعة ليشرب كوبا من النسكافيه لعل وعسى ان يخف صداع رأسه من تلك المحاضرة المملة..وهو في طريقه لاحظ تلك الفتاة التي تجلس في احد اركان هذه الكافيتريا ساندة رأسها على يديها المفرودتين على الطاولة..فعقد حاجبيه استغراباً وهو يقترب منها بأقدام مرتجفة.. وقلب يرتجف من شدة الخوف عليها.. وما كان منه الا ان يمد يده التي ترتجف وهو يراها على هذا الحال..فوضع يده على كتفيها وقال بنبرة خوف: "ريم..ريم..!!"
اهتز كياان ريم فوقفت مفزوعة..وخصلات شعرها التي تناثرت بشكل عشوائي على وجهها مما جعلها تبدو بريئة المظهر في نظره وقالت بصوت ناعس مليء بالغضب: "هذا انت ياا رائد.."
ثم اعتدلت في جلستها وعاودت ترتيب خصلات شعرها و اتكأت على يدها بتعب بعد ان فركت عيونها من شدة النعس..
رائد بخوف بعد ان شاهد شحوب وجهها: "ماا بالك تنامين هناا،،ولم وجهك شاحب "
تثائبت ريم ثم قالت: "لقد كنت بجانب قمر طيلة الليل.." ثم اكملت وهي تأخذ كوبا من احد الاكواب الكثيرة التي انتشرت على هذه الطاولة "لقد كانت متعبة طيلة المساء..لا ادري ما بها..لها اسبوع على هذا الحال"
"هذا يعني منذ حفل الزفاف.."
اومأت ريم رأسها بحزن"نعم..كل ليلة تتصبب عرقا..وتبدأ تهلوس باشياء كثيرة من بينها تذكر اسم والدتها و امرأة اخرى.. ثم تستيقظ وهي تصرخ.."
وماا كان من رائد وبحركة عفوية أخذ يربت على يديها وهو يقول بصوت حنون: "لا تقلقي سوف تتحسن.." لتشعر بكهرباء قوية اخذت تسري في انحاء جسدها فقالت بسرعة وابعدت يدها "اتمنى ذلك.."
واخذت تشرب من تلك القهوة من جديد مبعدة أنظارها عن هذا الكائن الذي يجعل الارتباك واضحاً على مظهرها..و في هذه الاثناء انتبه رائد الى كمية اكواب القهوة التي شربتها ريم بعد ان خرجت من المحاضرة فقال بصوت حاد "ياا مجنونة..هل شربتي كل هذه الكمية من القهوة.."
ريم بصوت متعب "اجل..وماذا افعل انت تعلم الامتحانات بعد اسبوع وهذا الاسبوع مهم..ثم انني لا استطيع ترك قمر.."
قال بلهجة ساخرة مازحة "ياا لطبيتك ايها المجنونة.."
ابتسمت ريم بالرغم عنها "لوحدك مجنوون..."..ثم اكملت بغرور: " ثم انني مشهورة بطيبتي اسأل اي احد هناا وسيقولون هذه الطيبة الحنونة ريم.."
"و مغرورة ايضا.. "
قالت بمرح "هذه شهادة اعتز بها.."
ثم تبدلت كل ملامح السعادة الى ضيق كبير بعد أن فجر رائد في وجهها سؤالاً شعرت تلك النبرة التي خرجت منه نبرة خائفة متلهفة لسماع اخبار من يسأل عنه "ثم اين صديقتك امل..هل هي بخير؟!"
ولماذا يسأل عن صديقتها؟!هل يهتم لها؟! ولماذا يقلق اذا كانت بخير ام لا؟؛ اخذت اسئلة كثيرة تنهش عقلها وقلبها!!ولم تدرك ان رائد ينتظر اجابتها..فاجابته بكل برود: "اجل بخير.."
وخرج منه سؤالا عفويا اخر "اذن لماذا لا تجلس معك..؟!"
قالت بحدة: "هذه ارادتها،،ثم لماذا تسأل عنها كثيرا.."
قال بنبرة جافة عندما رأى تلك الحدة في صوتها: "حقاا اناا اسف ان ازعجتك..سأذهب الى محاضرتي الان.. اراكي لاحقاً " ونهض من مكانه اخذا دفاتره مبتعداً عنها وكادت ان ترفع صوتها لمناداته ولكن للأاسف ابتعد عنها ليسير خارج الكافيتريا متوجها نحو قاعة ما لكن استوقفه صوت فتاة من خلفه...

$$$$$$$$$$

اخذت تمسح على وجهها وشعرها الاسود المجعد وقلبها الذي انفطر على حال حفيدتها التي تسيتقظ كل ليلة بعد رؤيتها ذلك الكابوس اللعين..ثم مسحت دمعة حارقة سالت على وجهها التي كثرت تجعيداته و بدأت بتلك الحرب..حرب ايقاظ قمر من نومها،، فبدأت بصوتها الحنون تردد اسم قمر عدة مرات الى ان استيقظت بعد فترة لم تتجاوز الخمس دقائق وابتسمت بشحوب وهي ترى جدتها التي تغدق عليها الحنان وقالت بصوت واهن وهي تجلس: "صباح الخير.."
اشرقت شمس السعادة في وجه الجدة وهي ترى حفيدتها بحال افضل وان كان لا يسر خاطرها كثيراً ولكنها استجابت لهاا..فهي منذ اسبوع لا تتكلم مع احد
"هياا يا ابنتي..لقد مللت لوحدي.."
تسائلت بغرابة فهي تعلم ان الجميع يذهب لاشغاله باستثناء مجد فهو ملازم غرفته او يجلس بالحديقة يقرأ الصحيفة اليومية: "اين الجميع؟!"
اجابتها الجدة وهي تذهب لخزانتها وتخرج منها بعضاً من الثياب: "ريم الى الجامعة..اماا البقية الى الشركة.."
اومأت رأسها بهدوء..ونهضت من فراشها متجهة نحو دورة المياه لتغسل وجهها ففتحت صنبور المياه ولكن و قبل ان تمد يدها لتغسل وجهها نظرت من خلال المرآة الى وجهها الشاحب وعلامات التعب والارهاق بادية عليه وعيونها العسلية الحمراء من شدة البكاء طوال الليل فتنهدت بتعب... لكن تمثلت امامها بالمرآة صورة امرأة تلبس ثوبا اخضر..فأخذت تفتح وتغلق عيناها بسرعة لمرات عدة لعل تلك الصورة تختفي...ولكن للاسف مازالت تلك الصورة متمثلة امامها..وصوت اخذ صداه يتردد على مسامعها: "ماذا بك ياا عزيزتي..ألم نتفق على ان تكونين قوية؟.."
اومأت برأسها والدموع بدأت تتجمع في عيونها.."هياا امسحي دموعك..وانظري إن الجميع قد تعبوا وهم يهتمون بكِ في كل ليلة..." وابتسمت تلك الصورة الخيالية وكأنها حقا تراها وهي تمسح دموعها
"الجميع يحبك..وإلا لما كانوا ليهتمون بك..أليس كذلك؟"
هزت رأسها بلا..فكانت علامات التساؤل على وجه تلك الصورة الخيالية التي تراءت لقمر...فأكملت قمر بحزن "ليس الجميع..فمجد يكرهني.."
وأتى صوتها الحنون قبل ان تختفي وكأن صوتها يخف تدريجياً كلما تلاشت صورتها شيئا فشيئا "لا ياا عزيزتي... انه ذو قلب طيب..اعذريه فقلبه مكسور..حاولي ان تصادقيه ستجدنيه طيب القلب... و اجعلي الابتسامة تملأ وجهك.."
وتلاشت صورتها بعد ان قالت تلك الكلمات وكانت قمر تسيل دموعها بشدة كشلال يصب من بحيرة او كقطرات المطر الغزيرة في اشد الفصول برودة ..
وتلك الطرقات التي دوت في عقلها فاخذت اقدامها تسير بتثاقل غير آبهة بصنبور المياه الذي ما زالت مفتوحا الى الان..ورمت بنفسها في حضن جدتهاا التي اخذتها بخوف الى صدرها وهي تهوي عليه بدموعها الحارقة والتي جعلت قلب الجدة ينتفض من الخوف على حفيدتها وشهقاتها المريعة التي اخذت تدوي كقنابل القت على مسامع الجدة..ومن بين دموعها وشهقاتها خرجت كلماتها التي تحمل سيوفاً من الحزن وجبالاً من الهم والمآسي..وسنين من الشوق والعذاب "اريد ان تعود امي.. اشتقت اليها"

##############

طرقاتٌ خفيفة جعلتها تترك ما بيدها من ملفات وتقول بصوتها الأنثوي "تفضل "
"مرحبا،، يا آنسة "
قالت بابتسامتها المعهودة "اهلاً تفضل بالجلوس .. ماذا تشرب ؟!"
أجابها باقتضاب "لا شكراً،، فأنا على عجلة من أمري "
قالت وهي تمسك احدى الملفات "اذا لا أجعلك تنتظر أكثر من ذلك "
ثم اردفت وهي تعطيه الملف "هذا الملف الخاص بها كما طلبت.. يشير هذا الملف انه تم نقلها بعد شهر من مكوثها"
"هذا يعني ان احدهم طلب ببعثها خارج البلاد"
اومأت برأسها "أجل.."
"وكيف سنعلم من يكون؟!"
اجابت بكل هدوء "من سياسة العمل ان المسئول عنها من يطلب ذلك.."
اومأ رأسه بتفهم ثم قال وهو يشد على اسنانه بغضب "حسنا..شكرا لكِ"
#####$$######

خرج من المحاضرة بعدما طرده الأستاذ من الدرس لكثرة انشغال فكره وشرود ذهنه بعد ان نبهه اكثر من مرة..وما كان الذي يفكر به الا كلمات تلك الفتاة التي اوقفته على باب القاعة..فالتفت ليرى امل صديقة ريم فاجابها ببرود: "اهلاا امل ماذا تريدين؟!"
اجابت بثقة: "لا شيء..كنت فقط أتسائل عن احوالك؟!"
"بخير.." اجابها بلا مبالاة وكان سيدخل الى القاعة الى ان اوقفته يداها التي امتدت لتمسك ذراعه فنزع ذراعه بحدة...
"اناا حقا اسفة..لم اقصد لكن كنت ساخبرك بشيء"
رائد بجمود: "اجل تفضلي ولكن اسرعي ليس معي وقت كافي"
بدأت علامات المكر ترتسم على وجهها ولكن تصنعت الحزن: "تشاجرت مع ريم.." ثم توقفت عن الكلام وهي تنزل رأسها وتمسح دمعة كاذبة عن وجهها..
فقال في نفسه: "من اجل هكذا كانت منزعجة.."..ثم وجه حدييثه لها: "اجل..ولماذا تخبرينني.."
"اريدك في خدمة صغيرة (ثم اكملت عندما رأت الحيرة على وجهه)..اريدك ان تتوسط لي لعلها تسامحني ثم وانها لن ترفض لك مطلبك ولن تظهر شخصيتها الحقيقية امامك....."
نظر اليها بعدم فهم...فتسائل بصوت خافت "ماذا تقصدين بشخصيتها الحقيقية؟!"
واخذت كلماتها التي اخرجتها من دون شفقة تفتح جرحاً حاداً و عميقاً في قلب رائد البسيط رقيق المشاعر الذي تؤذيه كلمة بسيطة تشير الى فقره وحياته البسيطة "نعم ألست فقير..لاجل ذلك !!هي صادقتك ظنا منها انك غني فشاب بوسماتك لا تستطيع افلاته من يدها..ثم انها عندما علمت انك فقير بدأت تشفق على حالك..وهي لن تستطيع ان ترد اي طلب من طلباتك..." وشهقت بقوة وكأنها اخبرته بما لا يجب..ثم بدأت تعتذر منه "لاا..اناا.. اسفة..حقا..." ولم تكمل كلامهها اذ انها سمعت رده الذي فاجئها "هل تظنيني احمقا لاصدق مثل هذه التفاهات..ثم وان كانت مثلما تقولين لتركتني منذ ان تعارفنا.."ثم اقتربت منه لتهمس في اذنه ولكنه ابعدها عنه كشيء قذر علق بملابسه " ولست بما يجب لتكوني صديقة حقيقية.. " و دخل الى القاعة بعد تلك الكلمات التي سمعها والتي طعنت قلبه بسكين حاد الاطراف وجعلته ينزف بصمت... لمتسك هي بهاتفها وترسل لاحدهم رسالة محتواها "لقد فشلت.. وسأحاول من جديد .."
ورسمت ابتسامة على وجهها وهي تمضي في طريقها..
-----------
كانت تسير بتثاقل الى ناحية قاعته تريد الاعتذار منه بسبب حدتها بالرغم انهاا رأته يتحدث الى أمل قبل ان يدخل الى القاعة..ولكنها تقر وتعترف في نفسها انه طيب القلب وبسبب طيبة قلبه سأل عنها اليس كذلك؟!..وتدرك أخلاقه النبيلة ثم انها عايشته منذ عدة شهور ولم ترى منه اي تصرف غير لائق.. أمالت رأسها بتعب وهي تحاول ان تسيطر على تعبها كي لا تقع مغشية عليها بسبب الارهاق الذي حل بها...وعاودت المسير بخطى بطيئة ولكن عيناها أبت ان لا تلتقط صورة محبوبها والذي كان يقف سانداً رأسه على الحائط مغلقا عينيه بتعب..فاقتربت منه باطراف متوترة وهي تستغرب حاله هكذا ربما حصل لوالدته مكروها ما..فتمنت من قلبها ان لا يكون الذي فكرت به صحيحا..
"راائد..هل هناك شيء؟!"
فتح عينيه بضيق وهو يرى صورتها امامه وقال ببرود "لا شيء.. فقد لازمني الصداع لدقائق.."
تنهدت براحة..ولكن يبدو عليه الضيق والحزن؟!
"ماذا تفعلين هنا..لماذا لم تذهبي الى المنزل؟!"
اجابته باحراج: "اردت ان اعتذر منك قبل ان اغادر..بسبب ،،عندماا صرخت في وجهك.."
خرج صوته باردا بغير المعتاد "لا بأس"
نظرت اليه بحيرة ما باله..يبدو انه ما زال منزعجا مني لاني تكلمت معه بحدة!!ولكن ما ذنبي فان كان يظهر خوفه على امل..ألا يجب ان اغار..؟! انه حبيبي؟!
وتوردت وجناتاها بحمرة خفيفة وهي تردد في عقلها كلمة حبيبي..؟!..نعم حبيبي الذي قلبي ينبض باسمه ملايين المرات..وعيناي تموت شوقا لرؤية طيفه..وابتسامتي التي تشق طريقها عند رؤيته..و ضربات قلبي التي...
زفر بضيق وهو يراها شاردة.. فقال ساخرا وهو يهم بالمغادرة: "حسنا ان كنتي ستقفين هنا مدة طويلة تنظرين الى الحائط فسأذهب اناا؟!"
كانت تظن انه يمزح معها فان من عادته الضحك والمزاح ،،فامسكت مرفقه لتمنعه من الذهاب و قالت بهدوء: "ما رأيك ان اوصلك بطريقي؟!"
"لا شكرا...فانت تعلمين طريق منزلي الوعر..فستحتاجين شهرا كاملا لاصلاح سيارتك..." رائد بابتسامة ولوح بيده لها مودعا وهو يبتعد تاركاً وراءه تلك الفتاة المصدومة من تصرفه ذاك..واصبح وجهها المشرق حزيناً وصارت تتمنى انها ياا ليتها لم تأتي للاعتذار منه..فخرجت حزينة مكسورة الخاطر من هذا المبنى متوجهة الى موقف السيارات والتي ركنت سيارتها الحمراء هناك صبااحا...لتستقلهاا ثم تبدأ رحلة عودتها الى المنزل والتي لم تستغرق وقتاً طويلاً فسرعان ما وصلت...
وترجلت من سيارتها متوجهة الى الطابق الاعلى حيث تقبع غرفتها غير مكترثة بنداءات والدتها والتي تبدو على عجلة من امرها .... مما جعل الاخيرة تهز كتفيها بلا مبالاة ثم تأخذ حقيبتها البيضاء وتتوجه نحو مركز التجميل امام نظرات الجدة المستنكرة وعيون قمر الحزينة المتسائلة.... ثم عاودت قمر بنظراتها الى جدتها وهي تغزل تلك القطعة الصوفية لجدها ذات اللون البني الجميل...الذي يميل الى لون القهوة اللذيذة...فابتسمت ابتسامة كانت نابعة من قلبها وهي ترى تلك العجوز تهتم بزوجها والتي افنت حياتها معه بحلوها ومرها الى ان وصلت الى هذا العمر ويبدو من ملامحها تعب السنين التي تلونت على وجهها المجعد ،، واخذت تتخيل لو ان والدتها لم تفارق الحياة ،، ستكون هي ايضاً مثل جدتها تغزل ملابس صوفية لها ولوالدها،، يعيشون في بيت واحد مليء بالمحبة والاشياء الجميلة .. ولتبديد الحزن الذي في داخلها خطرت على بالها فكرة فابتسمت بهدوء ثم قالت: "جدتي اريد ان اطلب منكي طلب صغير.." واخذت تشير باصبعيها السبابة والابهام وتقربهما من بعضهما اشارة لطلبها الصغير..
ابتسمت الجدة وهي تركز بنظرها على قطعتها الصوفية "اطلبي ما تشائين..فان طلبتي عيوني سأهبها لك"
قمر باحراج: "انت قد رأيتي رسوماتي الصغيرة في احد الأدراج..أليس كذلك؟!"
اومأت الجدة رأسها... فاكملت قمر: "ولكن تلك الرسومات بقلم الرصاص لا يوجد لها معنى للحياة اذ هي باهتة.. اريد ان اشتري لوازم رسم حتى تكون الرسومات تعبر عن شيء معين... ان لم يزعجك ذلك؟!"
ابتسمت الجدة "حسناا.. ولكن اولا اريد منكي ان تذهبي الى ريم فهي لا تبدو على ما يرام"
اجابت بحماس وهي تقفز من مكاانها متجهة الى غرفة ريم "حسنا..".. وفي اثناء سيرها وبسبب حماسها و سعادتها لم تنتبه الى ذلك الجسد الضخم الذي يعتلي البرود وجهه و الذي اصتدمت به من دون وعي وادراك منها..وبسبب قوته الكبيرة وجسدها النحيل الضعيف ترنحت الى الوراء قليلا وكادت ان تسقط ولكنها استجمعت نفسها في اللحظة الاخيرة لتقف وهي تشعر ببعض الدوار ،، و حاولت جاهداً ان لا تظهر ذلك امامه وان كانت لا تستطيع ان ترى تعابير وجهه وهي مطأطأة رأسها وتمتمت بعبارات الاسف بخفوت وولت مدبرة حيث ريم...
فقال بغضب موجهاً حديثه الى جدته "اخبري حفيدتك تلك ان تنتبه على خطاها. "
نظرت اليه الجدة نظرة لوم وعتاب ثم قالت بعد ان وضعت مشغولتها الصوفية جانباً " و انت انتبه على ملافظك ايضاً.. "
شعر بالذنب وهو يلاحظ نبرة اللوم من لسان جدته فتقدم نحوها وقبل جبينها " اعذريني ،، لم أقصد أن أرفع صوتي.. "
نظرت اليه نظرة ذات مغزى فهو المسئول الوحيد عما حصل مع قمر ..
"لماذا تنظرين لي هكذا ؟!" تسائل مجد..
قالت ببرود لم يعتده " لا لشيء محدد ،،فقط يجب عليك ان تتنبه انت لملافظك.. فليس كل ما يقال للانثى هين.. وان كانت قمر بالذات.."
"ماذا تقصدين ؟!"
عاودت امساك مشغولتها الصوفية " كل ما اطلبه منك.. هو ان تتجاهل وجودها على الاقل .. و كفاك النظر اليها على انها محبوبتك القديمة.. " ثم أكملت بعد أن حل صمت تام " تجهز لأنك ستوصل قمر الى أحد متاجر.."
قاطعها معارضاً " ولكن يا جدتي.."


طرقت على باب غرفتها عدة مرات الى ان سمعت صوت ريم يأذن لها بالدخول...كانت تجلس على سريرها وهي ممسكة بهاتفها المحمول بعد ان انتهت لتوها محادثتها مع أمل والتي غرست فيها بعضاً من العبارات الغير الراضية عن رائد .. فرسمت على وجهها الابتسامة عندما دخلت قمر الى غرفتها..
"ماا بهاا اميرة جدي العظيمة..تتواضع وتأتي الى غرفتي؟!.."
ضحكت قمر على تعليق ريم المازح فبادرتها ريم بابتسامة شاحبة...
"ريم ماذا بكي ياا عزيزتي؟!" تسائلت قمر..
تنهدت ريم واسندت رأسها على وسادتها متمدةً على سريرها البني..واجابت بهدوء "لا شيء"
"ممم..اذن لماذا يبدو عليك التعب والارهاق..؟!"
وضعت ريم يدها على رأسها واجابت "من محاضرات الجامعة..كم هي متعبة!!"
اومأت قمر رأسها بتفهم "ان كنتي تريدين اي شيء فانا بالاسفل.."
فلاحظت ان ريم لا تود ان تخبرها بشيء او ان تفصح عن ما بداخلها حيث ان الصمت بقي حليفا لها وهي تغلق عينيها بتعب... فكان من الافضل لقمر ان تخرج من الغرفة وهي في حالة استغراب من حالة ريم هذه..مؤكد انه حصل معها شيء بالجامعة..ويخص رائد!!!
اماا ريم وبعد خروج قمر من غرفتها مسحت دموعا جرت مجراها على وجنتيها وأخذت تنظر الى سقف غرفتها بحزن


اطرقت رأسها بضيق وهي تخرج من قصرهما..متجهمة الوجه تسير بجانبه مكرهة كانت قد وعدت نفسها ان لا تحتك به...ولكن لانها طلبت من جدتها الذهاب لشراء المعدات وبسبب عدم وجود السائق اضطرت للذهاب معه في هذه الرحلة الطويلة..هي ليست برحلة لانها ستذهب لشراء المعدات من احدى المتاجر ولكن اسمتها رحلة طويلة شاقة لانها ستكون بجواره خاصة انه امرها بالجلوس بالمقعد الذي بجوار السائق..حيث قال لها بتهكم "اناا لست بسائقك..اجلسي بالمقعد الامامي.."
اذعنت لأمره مجبرة فهي لا تريد ان تتجادل معه الان يكفيها ما حل لها بسببه ليلة الزفاف...تنهدت بالم وهي تغلق باب السيارة واسندت جسدها على الكرسي الجلدي الاسود وهي تفكر بحالها وماذا ستحمل لها السنين من مغاجئات في هذه المدينة ....وهل سيعود الفرح يفتح لها بابه الذي اغلقه منذ سنين؟!،،ام سيبقى موصدا ابوابه بقوة ليجعلها حبيسة بين جدران الالم والحزن؟!...اما هو فااكتفى بان يلقي عليها نظرات جانبية بين الحين والاخر وملامح الضيق بادية على وجهه خاصة عندما لمح دمعة يتيمة تمسحها من على وجنتيها الناعمتين..فخرج من فمه سؤال وياا ليته لم يسألها اي شيء واكتفى بالصمت "قمر..هل انتي بخير؟!"
هذه اول مرة ينطق اسمها..ويسأل عن حالها؟!ماذا يريد الان؟!انااا لا اريد شفقته تلك..لاا اريدها... فهزت رأسها نفيا واكتفت بان اشاحت وجهها وأخذت تجول بذاكرتها تلك الكلمات
" تحااول جاهدا توثيق العلاقة بينكما.."
"لماا رقصت مع ذات الشعر المجعد.."
"أتشفق عليها ؟!" لتخرج شهقة عالية من بعد هذا السؤال الخبيث
وأخذ صدى صوت شهقتها يرن في ذهنها الى ان قالت بصوت خافت ادراكاً منها انه لم يسمعها ولكن سمعها تقول تلك الكلمات التي جعلت وجهه يكتسي البرود والجمود "لاا اريد شفقته.." ولكن اجابها وعينيه على الطريق ويداه التي امسكتا المقود بقوة "انا لا اشفق على حالك"..
وبرغم الالم الذي كان يعتصر كل كلمة قالتها كان الالم قد غزا جسده من تلك الكلمات التي تلتها بعدما عاودت والتفتت ناحيته "اجل تشفق علي..هل الذي تفعله ليس بشفقة؟!"
آثر الصمت وهو يتذكر تلك الليلة وتلك الكلمات التي تشبهها والتي خرجت من فم رامي..ولكن فاجئته بقولهاا "الصمت دليل الموافقة..فقد آثرت الصمت المرة الاولى وهذه المرة ايضا..وهذه حقيقة لا يمكن تغييرها.." واعادت بصرها بقهر حيث النافذة فاغلقت عينيها الحزينتين وهي تشعر بنسمات الهواء الباردة تلفح وجنتيها وهي تمنع تلك الدموع التي بدأت بالتجمع .. ولحسن الحظ تغلبت عليها فهي لا تريد ان تبكي ليس فقط من اجل امها التي تظهر لهاا كل حين تشد من ازرها وتحاول بحنانها الذي فقدته قمر ان توسع صدرها وتعاهدها بعدم البكاء وان كانت تنقض بعهدها...فهي لا تريد ان تبكي امام هذا الشخص الذي يتمثل بالبرود كالجسد الصلب..كتمثال يقف شامخا قويها لا يهزه شيء في احد اركان المنزل .. ولا تدري كم من الوقت قد مر عليها عندما وقفت سيارته السوداء معلنه عن الوصول الى المكان المقصود ... ترجلت من السيارة وهي تمسك بحقيبتها مبتعدة عن الذو العيون الرمادية الذي كان ينظر اليها بحيرة..وقال في نفسه ولكن بصوت مسموع "هل يمكن ان تكون قد سمعتنا تلك الليلة..؟!"..ثم اسند رأسه بتعب وقهر على مقود السيارة وهو يتذكر ليلة الحفل عندماا خرج من تلك الحديقة التي اقيم بها الحفل الزفاف..لتبعده قدمااه الى حديقة اخرى يعمها الهدوء والسكينة والانوار البيضاء الخافتة ثم اخرج علبة من السجائر ليأخذ واحدة ويبدأ بنفث دخانها مرة تلو الاخرة وهو ينظر الى الفراغ..لا يريد ان يفكر بشيء..يريد ان يخرج كل تلك الافكار وتلك المشاعر التي اخذت طريقها الى قلبه الاسود الذي انغلق بسلاسل سوداء لتسجنه وتبعده عن الجميع خصوصا تلك الفتاة .... ولم ينتبه على ذلك الشخص الذي جلس بجانبه...في الحقيقة انتبه له ولكن لا يريد ان يعيره اي اهتمام فقد فضح سره...زفر بحرارة وهو يرمي تلك السيجارة التي انتهت من يده قبل ان يتسائل ذلك الشخص الذي بجواره
"ماذا تفعل هناا لوحدك؟!"
لم يجبه وفتح علبة السجائر من جديد ليخرج منها سيجارة اخرى وقبل ان يبدأ باستخدامها خطفته منها تلك اليد الغليظة..
"ماذا تفعل بنفسك يااا احمق..هذا مضر للصحة..؟!"
تسائل ببروده المعتااد "أتهمك صحتي..؟!"
اجابه ذلك الشخص "ألست صديقي؟!"
ابتسم ابتسامة ساخرة ثم قال بتهكم "صديقي؟!"
اومأ رأسه فاكمل مجد وهو يقف في مكانه وقال بحدة "صديقي الذي اخبره بأهم اسراري..واعتمد عليه و أثق به..واذ ارى ان تلك الاسرار قد خرجت من ذلك البئر.."
صمت ولم يجب.. وما كان من مجد الا ان صرخ بصوت أعلى من ذي قبل "هااا.. اخبرني هيااا؟!ام ان القط قد أكل لسانك؟!"
اجابه وكأنه مغلوب على امره "ليس ذنبي ..فقد اجبرتني على ان افسر لها تبدل حاالك.."
لوى فمه بسخرية وهو يحاول ان يقتنع بكلامه وبدأ يأخذ نفسا ويخرجه مرات متعددة ثم قال بعد صمت طال لمدة عشر دقائق "حقاا؟!." ثم صرخ بأعلى صوته وهو يسحبه من ياقته "كان عليك ان تبرر ذلك التغير بأي شيء ..الملل،الضجر..او اي شيء...(وابعد يده وهو يدفعه)ام ان الخياانة من دمك..؟!"
اجابه ذاك الشخص بعد ان ضحك بصفاقة "ألست معتااداا على ان تتعرض للخيانة" وكأنه يلمح لتلك الفتاة الفرنسية التي تدعى جيني والتي تزوجت شخصا اخر وتركته بقلب مكسور،،من ومتى سيجبره الزمان؟؟ فهو لا يعلم..... وما كان من مجد الا ان اشتاظ غضبااا وزفر بحرارة وهو يدور حول رامي الذي لمعت عيونه بخبث وهو ينظر نحو شيء ما ثم اكمل وهو يبتسم بمكر "ثمم لماذا رقصت مع قمر..؟!"
نظر اليه مجد بحيرة فماا شأن قمر بهذه المسألة "وماا شأنك..ثم نحن لا نتحدث عن الرقصة!!"
"اعلم..الا ترى ان جدتي تحااول جاهدا توثيق العلاقة بينكما..؟"
ازاح مجد وجهه نحو تلك البركة التي انعكست على مياهها صورة القمر المضيء ..ولا يدري لماذا دارت في ذاكرته تلك الصورة البريئة لها ...ثم اعاد نظراته المندهشة عندمااا اخرج رامي تلك الكلمات الخبيثة من فمه "لولا تلك العجوز..لماا رقصت مع ذات الشعر المجعد.."..ثم تسائل عندما شعر انه ادخل هدفه في شباك المرمى "أتشفق عليها ؟!"
صمت مجد من القهر والضيق...فكيف يكون هذا رامي الذي تواعدا فيما بينهما من الصغر على الصداقة والوفاء وان يكونا سنداً لبعضهما في هذه الحياة القاسية،،كيف تبدل حاله هذا بمجرد مرور سنين على علاقتهما الاخوية فكاان الجميع يضرب الأمثال لتلك العلاقة التي بينهما..فإن كان يذكر اسم احدهمااا يقرن اسمه بالآخر ولا يتواجدا إلا معا حيث كانا بنظر الآخرين اخوة من دم واحد وليسو مجرد ابناء عم......وتوقفت ذاكرته هنااا عندماا سمع باب السيارة الخلفي يفتح ثم يغلق... زفر بحرارة وقد اعتلاه الغضب وهو يفكر بانهاا قد جلست في المقاعد الخلفية فرفع رأسه بحدة ولكن....

كانت تسير بكل راحة وسعادة وهي تختار ما يلزمها من الالوان والاقلام ومعدات الرسم الاخرى الموضوعة على رفوف خشبية تتوسط ذلك المحل الذي زينت جدرانه بألوان مختلفة أعطته طابعاً بسيطاً يدل على الذوق الرفيع.. و بكل ركن من أركان المحل يوجد معدات مختلفة مرتبه في مجموعات متماثلة...كانت تختار الأدوات بعناية شديدة كماا تعلمت من صديقتها في مأوى الايتاام ...لقد مر الوقت بسرعة لم تلحظها ابدا..فعندماا رأت راحتها بهذا المكان الجميل لم تعر الوقت انتبااها.. اخذت احتياجاتها وهي تدفع الى البائع ثمن تلك المعدات .. وشهقت بقوة وهي تنظر الى ساعتها وبدى لها انها تأخرت كثيراً .. مؤكد انه ذهب ولم يعرها اي اهتماام..ولكن كيف يذهب ويتركها هنا وهي لا تعلم طريق العودة الى المنزل..تملكها الخوف للحظة وهي تسير مسرعة تحمل عدداً من الاكياس التي تبدو ثقيلة بعض الشيء... ومن خلفها البائع الذي كان يحمل شيئا كبيراً بكلتا يديه
تتنهدت براحة وهي ترى سيارته ما زالت مركونة فاصبحت تمشي بهدوء باتجاه السيارة لتفتح بابها الخلفي وتضع الاكياس ثم ساعدت البائع في ان يدخل ما كان يحمله، شكرته باقتضاب و اتجهت بعدها الى حيث الباب الامامي لتجلس عليه..وقبل ان تمسك يداها الباب لتغلقه رفع رأسه بحدة وعلى وجهه علامات الغضب مما جعلها تغلق الباب بسرعة وتبدأ بسيل من الاعتذرات لتأخرها... ابتسم بهدوء وهو يراها على هذا الحال من الضعف والاستكانة ..فهل يستمتع بذلك؟!. وبدى عليه الوجه مألوفا بعض الشيء وهم بقول شيء ماا ولكن اتضح له فيما بعد ان ذلك الوجه المألوف لم يكن وجه معذبته جيني بل كان وجه قمر البريء التي كانت تنظر الى بحر عيونه الحزينة الضائعة بارتباك وحيرة.. ولكن لماذا تتمثل صورة معذبته في وجهها الملائكي؟!
أعاد تشغيل سيارته وهو ينظر الى الطريق امامه وقبل ان ينطلقا في رحلة العودة نطقت كلماتها بهدوء فصورة امها الخيالية قد قالت لهاا ان تصادقه فستجد قلبه طيبا..وحتى وان كانت صورة والدتها من محض الخيال لتستمتع بها وبحنانها الذي افتقدته ولتنفذ اوامرها فلا مانع لديها ان فتحت صفحة جديدة معه بعيددا عن حرب العيون تلك..
"لا بأس ان شاركناا احداا همومنا واخرجنا ما بداخلنا."
ظلت عيونها محدقة به لعلها تجد رداً منه غير تلك العيون الحادة التي يوجهها لها ولكن لم يكن هناك أي جواب منه أو حتى تلك النظرات الحارقة...اماا هو فاكتفى بأن انطلق بسيارته برغم اندهاشه منها ومن الكلمات التي اخرجتهاا والقى نظرة جانبية عليها ولكن وجهها كان عادياً لا ملامح ضيق او حزن ،، هذا يعني انها احتفظت بتعابير وجهها ثم ازدردت لعابها بخيبة أمل والتفتت حيث النافذة لتتأمل طبيعة هذه المدينة...
وبرغم قلة معرفتها بطرق وشوارع المدينة إلا انها تعلم ان هذا الطريق ليس بطريق العودة ولكن لم تعر الامر اهتماماً كثيراً فمن الممكن ان يكون هذا الطريق الذي سلكه مجد طريقا اخر...فكل الطرق تؤدي الى قصرناا... هكذا قالت في عقلها وهي تطرق رأسها وتعبث بخصلات شعرها بشرود..



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-08-15, 10:48 PM   #8

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي




الفصل السادس:


ابتسمت بهدوء وهي تقلب صفحات المجلة التي تحتوي في طياتها اخبارا عن الجمال والموضة..و ترتشف بيدها الأخرى كوباً من القهوة المرة التي اعدتها لنفسها ولريم خاصة عندما رأتها منهمكة في الدراسة واضعاة رأسها بين كتبهاا الجامعية.. وقد لمع في عينيها بريق من الحزن وهي ترى ان حلماً صغيراً قد ضاع بسبب طفولتها المريرة.. كانت تحلم بأن تصبح مديرة أعمال يلمع صيتها في كل بلد..يذكرها الناس بحسن ادارتها وجدارتها.. ولكن ذلك الحلم البسيط قد انتهكه القدر ولم يكن بمقدورها التعلم فلم يسمح لمأوى الايتام ان يتكفل بتعليمها الجامعي وما كان منها حينها الا ان تعمل في المأوى التي تربت به.. واثناء عملهاا هناك تعلمت مهارة الرسم...
ابعدت نظرها عن ريم والتي بوضعها ذاك فتحت فيها جروحاا قديمة ما تزال آثارهاا عالقة فيها.. لتنتبه انها وصلت الى اخر صفحات المجلة وانهت كوب القهوة المرة.. فوضعت المجلة والكوب كلا في المكان المخصص له.. ثم توجهت حيث النافذة المطلة على الحديقة التي يكتسيها اللون الاخضر ولون الورود الحمراء.. ولا تدري لماا تمثل امامها ذلك المشهد في ذلك اليوم.. واتسعت ابتسامتها وهي تتذكر ذلك المكاان برغم اختلااف الكلي بينهما.....
لنعود الى الوراء قليلا.. الى ذلك اليوم الذي ذهبت فيه برفقة مجد لشراء معدات الرسم ... وبعد ان انتهت من شراء ما يلزمهاا... عادت بادراجها نحو سيارته.. ثم لينطلقا برحلة العودة بعد شبه حديث قصير دار بينهما.. والصمت فرد جناحيه في تلك السيارة .. لتغمض عيونها المليئة بالدموع بألم.. لتغوص داخل بحر آلامها بصمت موحش.. ولا تدري كم من الوقت مضى لتسمع صوته الجااف "لقد وصلنا.."
رفعت عيونها الحمراء الدامعة لتتحول بعدها الى عيون دامعة مندهشة..فقد كانت السيارة مركونة بجانب الشاطئ .. بمنطقة جزئية منه بعيدة عن الاخرين يشعر القادم اليه براحة كبيرة..
مسحت دموعها بظاهر يدها اليمنى امام نظراته المستغربة.. ثم لاحت شبه ابتسامة شاحبة على وجهها البريء.. فقال هو بسخرية مريرة "لا تفرحي..لقد جئت الى هناا لانني اشعر بالاختناق..".. ثم ترجل من سيارته ليمشي بعيدا عنها.. وبرغم كلماته تلك الا انها لم تعرها اهتماما ثم تبعته بخطى مرتبكة..
شعر بوجودها ولكنه زفر بحرارة ثم اطلق تنهيدة تعبر عن التعب الداخلي به.. وجلس على صخرة كبيرة وخلع عنه قميصه الازرق والذي يرتدي اسفله بلوزة بيضاء اللون.. وبدأ يتأمل جمال البحر الازرق والذي انعكس لون سماء المدينة عليه.. ويعبث بحبات الرمل الشقراء بعصى بنية.. ولكن قطع عليه هذا التأمل..
"جميل هذا المكان هل تأتي دائما الى هنا؟!"
أجابها ببروده المعتاد "كثيرا.."
لوت شفتيها بضيق .. وخلعت حذائها لتضعه جانبا ثم بدأت تسير باقدامها بكل حرية على الرمل.. كانت اشبه بعصفور سجين انطلق لتوه من قفصه ليعيش حياته بحرية كانت اشبه بفتاة صغيرة بريئة وكأنها للمرة الاولى ترى جمال الطبيعة......

##########
وقف يتأمل بيته المليء بالشموع والتي انارت ليلته وهو يدرس لاختباره طوال الليل بعد انقطاع الكهرباء..تنهد بتعب وهو يلقي اكياساً من الخضار والتي يشتريها بعد مدة طويلة حيث تكون قديمة بعض الشيء..لمتى سيبقى حبيسا هذا المنزل وهذا الفقر..خلع سترته السوداء قبل ان يدخل ليطمأن على والدته التي ما زالت تعاني من حرارتها المرتفعة وكصورتها التي رأيناها في المرة السابقة كانت كمادات الماء البارد موضوعة على جبينها.. وجسدها النحيل الذي يرفض كل انواع الطعام..واخته الصغيرة التي تعاني من الان ذلك الهم الكبير الذي لا يتناسب مع عمرها ففتاة مثلها تكون تلعب وتلهو مع اصدقائها... اما هي تجلس بين كتبها تارة تدرس وتارة اخرى تضع تلك الكمادات.... وقاطع نظراته الضعيفة الحزينة رنين هاتفه الذي انقطع عنه بسبب انتهاء بطاريته لتضيء الشاشة باسم ريم..
"مرحباا..ما اخباارك؟!"
جاءه صوتها كعادته مرحا سعيدا ولكن بنبرة خوف وقلق..جعله يبتسم من اعماق قلبه التي بعثت له لتعوضه عن كل شيء
"اهلاا ريم.."
تسائلت بقلق "اين انت..هاتفك مغلق منذ أياام؟!.."
اجاب بعد ان تمدد على تلك الكنبة القديمة وهو يبتسم "بسبب انقطاع الكهرباء ..وهاتفي كان مغلق بسبب فراغ بطاريته.."
ثم اكمل "لا بد انك اشتقتي الي.."
اجابت في نفسها "اجل..اشتقت كحجم سماء الدنياا يا غبي" ولكنها ردت مازحة "ولم اشتاق؟! ..وانا بين كتبي ادرس..ثم اتصالي ليس شوقا.."
اكمل عنها "بل لانكي تريدين خدمة ما.. هيا اخبريني يا كسولة ما هو الامر المهم التي تحتاجين لمساعدة البطل المغوار؟!.."
نهضت من مكانها لتتجه خارج الصالة ثم قالت بسخرية "حسنا ايها البطل المغوار برغم انني ازعجتك ذلك اليوم سأقول انا متأسفة.. "
تنهد بتعب وهو يعود بذاكرته الى ذلك اليوم ثم قال بكلام صادق "بل انا الذي أتأسف بسبب تصرفي الغبي ولكن "
هل يجب علي تحذيرها من تلك الفتاة ام لا!! ولكنني لا اريدها ان تحزن ؟! يا الهي ماذا افعل !!
" ولكن ماذا!!"
" بشأن ذلك اليوم !! هل تحدثتي مع صديقتك أمل !!"
قالت باستغراب و غيرة " لماذا ؟!"
أخذ يدخل يده بين خصلات شعره المتناثرة بارتباك " اعني انه .. "
قالت بنفاذ صبر " رائد هيا تكلم !! "
" أراها مغرورة بعض الشيء.. و لا تجالس الفقراء امثالي.. بعكسك تماماً انتما مختلفتان !! "
أجابته بتفكير " ربما .. افكارها وسلوكها مختلف عني قليلاً... " اكملت بعد أن أخذت نفساً عميقاً وهي تتذكر العبارات التي تبثها عنه " هل اقول لك الصدق ،، انها لا تحب أن أجالسك ،، لا أعلم كيف يبدو لها أمر مجالستك.. ولكنها صديقتي منذ الطفولة برغم تفكيرها الغريب.. "
" اذا احذري منها .. وحاولي ان لا تنجذبي لأفكارها كثيراً.."
" لا تقلق بحيال هذا.. مع انها صديقتي ولكنني أراها تهتم بجمالها والمظاهر أكثر من كل شيء وانا لست كذلك،، ولكنها طيبة !!"
قال بصوت خافت " لو أنها طيبة لما كانت فعلت ما فعلته في ذلك اليوم.. "
" وماذا به ذلك اليوم.. ألم تسامحني !!" تسائلت بحزن.. ليجيبها بعد أن ضرب رأسه " لا ليس هذا ،،فقد قابلتها وقالت انكما متشاجرتان.." وأكمل عندما صمتت " انت من عليك مسامحتي"
ثم بسخرية "لقد كنت خائفاً على سيارتك.."
ضحكت باستخاف ثم قالت بجدية "بعيدا عن المزاح قليلا..اريدك بشيء مهم.."
تسائل بقلق "وماا هو ؟!"
اكملت بضيق "انت تعلم ان الغد اول اختبار لي وهذه المادة اهملتها جدا اريدك..."
قاطعها مقلدا نبرتها بنعومة "اريدك ان تساعدني في حل بعض المسائل..ارجوك عزيزي رائد..ساشتري لك الشوكولاتة.."
ضحكت ريم ثم قالت وهي تأخذ بعضا من الاوراق التي توجد على مكتبها وتتوجه خارج الغرفة "دائما هكذا تسخر مني..ولكن اناا لا اتحدث هكذا.."
قال بمرح وهو يحك رأسه "اذن من الذي يتكلم هكذا.."
صرخت به "راائد..."
"حسنا حسنا..سابدل ملابسي واعطي الدواء لامي واعود لاتحدث اليكي ولا تنسي الشوكلاتة غدا.." اجابها وهو يعتدل في جلسته
ابتسمت ريم و قالت بامتنان "شكرا لك ياا قل..." وبترت عبارتها بحرج ثم اكملت بسرعة "هيا علي الذهاب الان الى اللقاء.."
واغلقت هاتفها لتضمه فيما بعد ناحية صدرها..والذي يحتوي بين اضلعه تلك العضلة التي تزايد عدد مرات انقباضها ...وعلى محياها ابتسامة خجلة وهي تشعر باناملها ترتجف من الخجل والاحراج..كانت لثانية واحدة ستخبره بانه قلبها حياتها وعمرها الذي لن تستطيع العيش بدونه ...ولكن أليس مبكرا في ان تعترف له بمشاعرها قبل ان يعترف هو؟!... تنهدت تنهيدو طويلة وقالت بصوت عالٍ وهي تجتذب كتبها "ولكن متى يحين ذلك الوقت؟"...
ثم نظرت الى قمر التي تقف على النافذة شاردة على ما يبدو ولكنها خرجت وهي تهز كتفيها بلا مبالاة و تغني بصوتها الناعم بكل حب ولكن صادفها على عتبات السلم ذلك الصوت الجامد... وما زالت قمر في الصالة شاردة الذهن في ذلك اليوم.. لا ليس هذا فقط.. بل في ذلك الرجل الحديدي البارد هكذا اسمته وضحكت على ذلك المسمى واكملت مشوار ذكرياتها...
كانت اشبه بفتاة صغيرة بريئة وكأنها للمرة الاولى ترى جمال الطبيعة.... وتدور حول نفسها بمرح امام نظراته الفرحة الحزينة في نفس الوقت وابتسامته التي شقت طريقها على وجهه عندما رآها تتعثر وتقع ارضا لمرات عدة الى ان آل بها المطاف ان تجلس على حبات الرمل بعد شعورها بالتعب...
و بعد ان جلست على الرمل من شدة تعبها لترتاح قليلا تتفاجئ بيد ممدودة نحوها تقدم لهاا كوبا من العصير البارد ومن غير ذلك الرجل الحديدي سيقدمه لها؟!.. فانتشلته بسرعة وانتقلت بنظرها الى ذلك الجيتار الخشبي الذي يحمله بيده الاخرى... لقد كان جيتاراً خشبياً بني اللون.. وظلت انظارها عليه الى ان عاود الجلوس على نفس الصخرة التي كان يجلس عليها وبدأ يعبث بجيتاره.. لتمشي انامله على اوتاره السوداء لتخرج منه أعذب الالحان وأجملها .. ويبدأ بصوته الدافئ الحنون يخرج اعذب الكلمات وعيونه المغلقة بألم..

أصابگ عشقٌ أم رميت باسهمٍ..
فما هذه إلا سجية مغرم..
ألا فاسقني كاسات وغني لي..
بذكر سليمة والكمان ونغمي.
أيا داعياً باسم العامرية أنني..
أغار عليها من فم المتكلم..
أغار عليها من ثيابها..
اذا لبستها فوق جسم منعم..


اغلقت عيونها لتستمع الى صوته الذي يغلفه بحة خفيفة زادت من نبضات قلبها الرقيق.. لتعترف حينها انها ادخلت شيئا جديدا الى قلبهاا.. وهو الحب..؟! نعم فستعترف بانها ادخلت ذلك الرجل الحديدي الى قلبهاا وسيطبع اسمه في تجاويفه.. وزادت ابتسامتها حين ذلك.. و ازهرت وجنتاها حقولا من الزهور الحمراء ..
ولكن سؤالي هناا،، هل عرف الحب طريقاً الى قلب قمر برغم العلاقة المشحونة بينهما؟!

########
كانت xxxxب الساعة تشير الى الثانية من بعد ظهر هذا اليوم.. وهو يتنهد بتعب رافعاً رأسه عن كومة الاوراق الملقية على مكتبه.. ليسند رأسها بتعب مغمضاً عيونه من شدة الالم الذي حل بعنقه.. ثم يمد يده ويدلكها حتى شعر بالراحة شيئا فشيئا.. فعاود النظر الى تلك الاوراق التي لم ينتهي منها.. و لاحت على شفتيه ابتسامة باهتة بعد ان القى بنظره الى احد الملفات ثم ابتعد عن المكتب متجهاً نحو دورة المياة ليغسل وجهه ويديه.. ويعتود الخروج منها ليلقي بجسده على سريره بكل تعب.. و بدأ طيف تلك الفتاة بالظهور امامه وهي تركض وشعرها المجعد الذي يطير بكل حرية على جانبيها ليصنع منها فراشة جميلة تتنقل من مكان الى اخر... ولكن لماذا تعود صورة حبيبته السابقة امامه؟! وتتمثل بذلك الملاك؟! لتلوث برائتها وعفويتها وجمالها الداخلي... ويصبح قلبه قاسيا عليها!! لا يكترث الى مدى الالم حين يطلق عليها سمومه البشعة .. نهض من مكانه ليجلس على سريره بكل جمود طاردا افكارا بدأت تغزو رأسه.. وتحامل على نفسه ليخرج من عزلته ويسير باتجاه المرسم.. والذي يكون بالطرف الاخر من الممر المؤدي الى غرفته.. لا يدري لما قادته قدماه الى هنا..و لا يعلم مدى التشابه بينه وبين تلك اللوحة الذي تظهر بعضاً من الملامح المرسومة بقلم من الرصاص .. لعن قدماه عدة مرات والتي قادته الى هنا.. حينما تولدت بعض من المشاعر في داخله.. وعاد ادراجه ليغلق الباب ولكن لفت انتباهه تلك الصورة المعلقة على الحائط.. فأخذ يتأملها باعجاب وانبهار كانت عيناً ذات لون أزرق يشارك السماء في صفائها وعلى اهدابها الشقراء يجلس شاب مبهم الملامح ممسكاً بجيتاره الخشبي ويعبث فيه مطلقاً الحانه والتي رسمتها كأنها عصافير تخرج من الجيتار لتطرب الجميع ،، ولكن يبدو هذا المشهد مألوفاً عليه.. عيون زرقاء كأنها بحر هادئ.. اهداب شقراء .. شاب يعزف !! واتسعت عيناه بغير تصديق "كيف استطاعت رسمها في ثلاثة أيام ؟! " فابتسم باعجاب مبتعداً عن هذا المكان.. ليسير باقدامه متجها للاسفل ولكنه يلمح شقيقته الحمقاء تغني وتدندن باغاني الحب والغزل..
فقال بسخرية " شقيقتي المجنونة تحب؟!"
شهقت بقوة عندما ظهر امامها بشكل مفاجئ.. وقد توترت اطرافها .. "ليس شرطاً ان كنت اغني فانني احب..!!"
" وما سر هذا الاحمرار..؟!" واخذ يشير الى وجنتيها المحمرتين بكل خبث
قالت بحنق "وما شأنك؟!"
"ألست شقيقك.. فيجب ان يكون هناك شأن لي.. هيا اخبريني من يكون..؟!"
قالت بجمود وهي تبتعد "عندما تعود مجد الذي اعهده اخبرك بكل شيء.."
وبقي مكانه مندهشاً وقد شعر بسيف يمزق صدره من كلماتها تلك.. وعاودت اقدامه بالمسير محاولاً ان يتناسى كلماتها ليسير ببروده المعتاد ولكن وقف لينظر الى ملاكه ذاك وهي تقف على النافذة شاردة الذهن وابتسامة خجل على محياها زادتها جمالاً..
تبا لكِ يا نفسي كم انتي حمقاء.. لا يجب ان تتطور اكثر من ذلك.. يجب ان يقف قلبي الى هنا.. سأدوس على قلبي فقط من اجل ان لا اتعرض لشيء كالذي مررت به.. يجب عليك ان تكابر يا مجد... قال ذلك في نفسه ومضى مسرعا نحو الخارج ليخرج كل شيء علق في قلبه.. ولكنه تفاجئ بذلك الذي يقف امامه موجهاً انظاره نحو النافذة... فأخذ بصره ينتقل بينهما بغير تصديق منقهراً من فعلتها الشنيعة وعاد الدم يغلي ويفور في نفسه وهو يقف مندهشاً وكأن يهما من سهام الغيرة أخذت تسلك طريقها الى قلبه..وأخذ يشد على قبضتيه و بغضب شديد " تباً لك يا رائد.."

##########

كانت اصوات المعالق التي تصتدم بتلك الأواني البيضاء على مائدة الطعام يتردد صداها في عقله وهو جالس ينظر الى ذلك الكرسي الفارغ امامه فانها المرة الاولى التي لا يراها عندما يجلس لتناول الطعام معهم ..وايضا انها المرة الاولى الذي يعير اختفائها اهتماما..زفر بضيق وهو يحول بنظره ناحية كرسي والدته الفارغ ..ابتسم بسخرية وهو على يقين ان والدته تقضي ليلة مع اصدقائها متناسية ذلك المنزل والعائة و الذي يتوجب ان تكون معهم وبينهم..ثم عاد ونظر الى كرسيها من جديد وعادت صورة تلك اللوحة تلوح بالافق ويبتسم بهدوء سرعان ما كسى الجمود ملامحه عندما كانت تقف على النافذة باسمة المحيى تنظر بكل سعادة الى رامي ولا يدري كم مر من الوقت وما تزال يده معلقة بالهواء ينظر الى صورتها الخيالية والتي تهيأها عقله.. يحمل بين اصابع يده اليمنى تلك الملعقة المملوئة ببعض من الارز الابيض الا عندما تنبه على صوت جدته الذي يحيرها امره وهي تقول "عزيزي مجد..لم لا تأكل؟!"
اجابها بابتسامة "لا شيء..كنت افكر بأمر فرع الشركة الذي في باريس"
اجابه الجد "على ما يرام..فيديره ماجد كما تعلم.."
اومأ رأسه بهدوء وهو يعاود اجتذاب ملعقته ويشرع بالاكل من جديد..بينما كان والده يتحدث الى الجد عن امور الشركة فماا كان من ريم التي كانت تجلس بهدوء الا ان تقول بانزعاج "عدناا لحديث العمل." ثم اكملت وهي توجه حديثها الى جدها ووالدها "يا جدي الجميل وياا والدي الوسيم تحدثاا مثلاا عن رحلة او عن المزرعة التي سنذهب اليها بعد ان انهي اختباراتي"
مجد بسخرية "وهل سيتحدثان عن امور سخيفة تشغل عقلك السخيف.."
نظرت اليه بحنق ثم عادت ونظرت الى جدتها لتقول "ااه .. جدتي ألم تخبركِ قمر متى سيعوداان؟!"
وهنااا انشدت جميع حواسه الى ذلك الاسم الذي خرج من فم ريم..وهو يريد من قبل ان يعلم اين هي؟!ولكن لا يدري اي حجة سيلفقها للسؤال عنها؟!ولكن ابتسم من داخله لانه اخيراً سيعلم اين تكون وماا سبب اختفائها!!..ولكن الى اين ذهبت ومع من؟!..واخذ يأكل وكأن الامر لا يهمه اطلاقا..ولكن كانت اذنيه مسافرة الى حيث الكلمات التي تخرج من فم جدته..
"لا اعلم..قالت لي ان رامي سيوصلها عندما ينتهي الحفل.."
زفر بحرارة وهو يستمع الى ذلك الحديث ولا يدري لماا شعر بالغضب حينما علم ان قمر ذهبت الى ذلك الحفل الخيري مع رامي ..فما كان منه الا ان يكور يده اليسرى بغضب وهو يضرب على ساقه بقهر..فقد ذهبت برفقة رامي الى حيث المأوى التي كانت تقيم به منذ سنوات..لتذهب وتحيي ذكرى انشائه بين زميلاتها،،بين جدران ذلك المأوى والذي رعاها لمدة طويلة كانت به وحيدة..لا توجد عائلة تحميها وتعيش معها بسعادة..تنهد بضيق وهو يستمع الى عبارات الاعجاب التي اخرجها الجميع على مظهر قمر حينما ذهبت الى ذلك الحفل واشاروا الى حسن اخلاقها ..ولم يكتفو بذلك فقدد ذكروا الشيء الكثير عنها وهو صامت لا يدري ماذا يقول..هل يقول بانها جميلة كتلك الجميلة التي اوجعت قلبه وتركته لتكون ملكا لشخص اخر..ولكن هو لماذا ما زال قلبه متعلق بتلك الفتاة وما زال يتعذب عندما يأتي طيفها الى ذاكرته...لماذا لا يفتح قلبه الى طريق جديد.. وليكون ذلك الحب الجديد انقى واصفى من ذلك الحب الخبيث الذي بقي اثره على قلبه..كجرح عميق بقيت اثاره على جلد ذلك الانسان الذي وبعد التئام الجراح بقيت هناك علامة على جسده..وكانت تلك العلامة وهو انكسار قلبه....
لا يدري لماذا كان يخاف من حب جديد..فيكون ذلك الحب الجديد اقسى واعنف من الحب الذي يسبقه....هل كان خوفه من ان يمضي علاقة ستكون نتيجتها الفشل كسابقتها؟!
هل كان يخاف من تلك الانسانة التي بدأ ينجذب اليها بان تكون مثل جيني التي خانته وتزوجت من رجل آخر متناسية ايام حبهم الجميلة؟!
هل ينكر ذلك الحب الجديد ويقسو على قلبه..لان طيف تلك الذكرى الكريهة ما زالت تفوح رائحتها في خياله والتي تتمرد كل ليلة ليتوجه الى دولابه الصغير والذي يحوي صندوقا خشبيا يحوي بعضا من الصور القديمة ليتأملها بكل ضيق وحزن الى تلك الذكريات والاحلام التي لم تكتمل والتي جعلت قلبه يشيخ قبل الاوان....
ولكن كانت هذه الليلة مختلفة عن سابقتها فقد نهض من بين اكوام تلك الاوراق التي على مكتبه والذي يشغل نفسه بها ليبعد افكاره المتزاحمة في طرقات عقله.. ثم ليتوجه بعدها نحو ذلك الصندوق والذي يخبأ فيه ذكرياته القديمة والتي اصبحت عبئا وهما كبيرا على قلبه حيث كان يحوي صورهم القديمة،، فيقوم بفتحه واخذ تلك الصور منه..ثم يغادر غرفته متوجها حيث موقد النار الذي كان موجودا في احدى زوايا الحديقة الخلفية لمنزلهم والذي يستعملونه لشواء اللحم...ليشعله وتتصاعد نيرانه في هذه الليلة والتي يتوسط سمائها هلالها المضيء...وتبدأ تلك النيران الحارقة بان تستقبل صورة تلو الاخرى..لتحولها فيما بعد الى رماد اسود...
****************
كانت طريق العودة تحت ضوء الهلال والذي يتوسط سماء سوداء كالحة ومن حوله نجوماً براقة...حيث اخذ بريق هذه المجموعة المتمثلة بالقمر والنجوم يضيء طرقات هذه المدينة..وكان الصمت يعم المكان وهي تنظر تارة الى السماء وتارة اخرى الى الطريق الموحش..كان داخلها يبكي فرحا وحزنا بنفس الوقت..حزنا على فراق اصدقائها في ذلك المأوى وفرحا لرؤيتهم..فقد عادت لها ذكرياتها المؤلمة والسعيدة...عادت لها ذكريات ذلك المأوى وكيف قضت فيه ايامها بل سنين من عمرها دون عائلة... تنهدت بتعب وهي تمسح دمعة حزينة قد خانتها من دون ان ينتبه رامي الذي كان ينظر الى شاشة هاتفه بابتسامة ساخرة ليرميه بعد قليل باهمال .. ولكنه تنبه الى ان مخزون الوقود على وشك ان ينفذ..ولا يوجد هنا في هذا الطريق محطة للوقود وما كان منه الا ان ركن سيارته جانبا...وامام نظرات قمر المتسائلة عاود التقاط هاتفه لتسمعه يوجه حديثه الى احدهم "هل يمكنك القدوم الى شارع.....لقد نفذ الوقود..حسنا....لا تتأخر.."
وبعد انهائه المكالمة الهاتفية اسند بجسده على مقعد السيارة بتعب بينما تعلقت عيناه على الطريق الذي امامه.. ثم قال"لقد اتصلت بالسائق لن يتأخر.."
اومأت قمر رأسها بهدوء لتبعد بصرها نحو تلك الزهرة التي قطفتها لها احدى الفتيات في الحفلة الخيرية.. لقد مر وقت طويل وهي تشغل تفكيرها باشياء كثيرة الى ان لمحت ضوء سيارة يقترب ليتضح انه السائق فتترجل من السيارة وتستقل الاخرى ليكملا طريق العودة في هذه الليلة القمرية....
سرت قشعريرة في جميع ارجاء جسدها عندما التقت نظارتها مع نظرات ذلك الشخص والذي شبهته بتمثال اثري في احد المتاحف..فيقف بقوته المعتادة وككل لحظة ينظر اليها بعيونه الرمادية التي تتحول الى عيون حمراء نارية تجعلها ترتجف من الخوف..فأي ذنب اقترفته لتتلقى تلك السموم منه..واي فعل قد فعلته لترى تلك اليد الممتدة على معصمها ليكبلها بيده القوية وهو يقف غاضبا ويشد على اسنانه موجها كلامه اليها بعد ان رآها تتجه ناحية الباب الرئيسي لتدخل غير مبالية به..واكثر ماا قهره هو هدوءها..لذلك انقض كأسد يريد التهام فريسته ليشفي غليله..
"انت كيف تعودين بعد منتصف الليل؟!"
نظرت اليه وهي تعتصر من الالم....وحاولت قدر الامكان ان تفلت يدها من ذلك الوحش الذي انقض عليها..ولكن ما باليد من حيلة..فكيف هي الضعيفة الهزيلة ذات الجسد النحيل تستطيع افلات يدها من ذلك الرجل الحديدي..
ثم اكمل وهو ينظر اليها باحتقار "هل كانت امسية رائعة تجعلك تتناسين ان هذا البيت الذي احتواكي له ادابه..؟!"
وهناا ضربها باشد السيوف حدة وانه ما زال يذكرها بشفقته عليها... ثم أكمل بذات النبرة وهو ينظر ناحية البوابة " أم ان الوقت مر بسرعة مع حبيبك!!"
شلتها الصدمة من اتهامه ذاك،، و ما عاد.بمقدورها ان تتحمل تلك الالام التي ألمت بجسدها وقلبها..فاغرورقت عيونها بالدموع للتتجمع ثم تشكل سيلا من اللالئ التي اضاءت في عتمة الليل ومع ضوء القمر كانت اشبه ببلورات انعكس بريقها على عيونه الرمادية التي أخذت تنظر اليها ...وقالت بصوت ضعيف مكسور "يكفي ارجوك"..ثم اكملت بقهر "لقد نفذ مخزون الوقود وتأخر السائق.."
وما كان منها الا ان سحبت يدها من بين يده عندما شعرت بارتخائها قليلا لتعاود مسيرها للداخل بجبال من الحزن وشلالات من الدموع بسبب افعاله التي لا تستطيع ان تضع تفسيرا منطقيا لها.. لتجهش بالبكاء وهي تتمد على سريرها تتذكر سلوكه الهادئ قبل أيام عندما كان هدوءه غير المعتاد يحيرها..وما كان هذا الهدوء هو الهدوء الذي يسمى ما قبل العاصفة... و بعد عناء نحيبها الذي وصل الى مسامعه عندما اقترب من بابها واضعاً يده اليمنى على صدره يشير ناحية قلبه لتغط في نوم عميق يخفف من وطأة الاعباء والحزن بسبب ذلك الرجل البارد الحارق الذي يلقي بسمومه الحارقة عليها و التي تهيج بحارا ومحيطات من الغم والحزن في قلبها...ظنا منها بأن ذلك النوم سيأخذها الى الطمأنينة والسكينة والى عالم اخر لا يوجد به شيء يكدر نومها الهانئ ؛؛؛ ولكنها لا تدري حقا عن تلك العلاقة الوثيقة بين حزنها والاحلام المزعجة التي تراودها ليلا...




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-08-15, 09:11 PM   #9

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي




الفصل السابع




عيناكِ كنهري أحـزانِ

نهري موسيقى.. حملاني

لوراءِ، وراءِ الأزمـانِ

نهرَي موسيقى قد ضاعا

سيّدتي.. ثمَّ أضاعـاني

الدمعُ الأسودُ فوقهما

يتساقطُ أنغامَ بيـانِ

عيناكِ وتبغي وكحولي

والقدحُ العاشرُ أعماني

وأنا في المقعدِ محتـرقٌ

نيراني تأكـلُ نيـراني

أأقول أحبّكِ يا قمري؟

آهٍ لـو كانَ بإمكـاني

فأنا لا أملكُ في الدنيـا

إلا عينيـكِ وأحـزاني

سفني في المرفأ باكيـةٌ

تتمزّقُ فوقَ الخلجـانِ

ومصيري الأصفرُ حطّمني

حطّـمَ في صدري إيماني

أأسافرُ دونكِ ليلكـتي؟

يا ظـلَّ الله بأجفـاني

يا صيفي الأخضرَ ياشمسي

يا أجمـلَ.. أجمـلَ ألواني

هل أرحلُ عنكِ وقصّتنا

أحلى من عودةِ نيسانِ؟

أحلى من زهرةِ غاردينيا

في عُتمةِ شعـرٍ إسبـاني

يا حبّي الأوحدَ.. لا تبكي

فدموعُكِ تحفرُ وجـداني

إني لا أملكُ في الدنيـا

إلا عينيـكِ ..و أحزاني

أأقـولُ أحبكِ يا قمـري؟

آهٍ لـو كـان بإمكـاني

فأنـا إنسـانٌ مفقـودٌ

لا أعرفُ في الأرضِ مكاني

ضيّعـني دربي.. ضيّعَـني

إسمي.. ضيَّعَـني عنـواني

تاريخـي! ما ليَ تاريـخٌ

إنـي نسيـانُ النسيـانِ

إنـي مرسـاةٌ لا ترسـو

جـرحٌ بملامـحِ إنسـانِ

ماذا أعطيـكِ؟ أجيبيـني

قلقـي؟ إلحادي؟ غثيـاني

ماذا أعطيـكِ سـوى قدرٍ

يرقـصُ في كفِّ الشيطانِ

أنا ألـفُ أحبّكِ.. فابتعدي

عنّي.. عن نـاري ودُخاني

فأنا لا أمـلكُ في الدنيـا

إلا عينيـكِ... وأحـزاني

❤❤❤❤


"هل أقول أن قمرك محظوظة..؟!"
وضع جيتاره جانبا واطلق العنان لتنهيدة خرجت من صدره وقال بعد ان رمى نفسه على رمال شاطئ البحر "يجب عليك القول انني احمق!"
جلس بجانبه صاحب ذلك الصوت.. رجل يبدو بالاربعين من عمره ذو بشرة داكنه وتجاعيد قليلة بدأت تغزوه حول عينيه.. وشعر ابيض اللون بدأ يتخلل شعره البني الداكن.. يلبس قميصا ابيض مخططاً بالاسود وبنطالاً أسود.. ثم قال " يبدو عليك الحب.. هل من جديد؟!"
هز رأسه وهو يبعد ناظريه " لا اعلم.. اشعر بالضياع.."
قال الرجل " انت تائه.. من كثرة الاشياء التي ذهبت منك.. لن تعلم ان كانت هي الاخرى ستذهب قبل ان تتعمق بالعلاقة.. واجزم انك تكابر وتحاول ان تدوس على قلبك من اجل ان لا تخوض علاقة جديدة.."
و اردف عندما لم يجد اي رد منه " لا تجعل تلك العلاقة مقياساً تبني عليها فرضياتك.. فليس كل شيء مشابه للاخر.."
قال بتعب واضح "لكنها لا تحبني.."
"هل سألتها؟!.. من اين لك ان تعلم .."
قاطعه بنبرة حزن " لقد رأيتها تقف محدقة به والابتسامة على شفتيها.. انها تحبه اناا متأكد!!"
قال باستنكار " هل دخلت الى قلبها لتعلم ذلك؟!.." ثم أكمل بعد تفكير " وبالتأكيد ألقيت عليها لسانك السليط!!"
اجابه ببرود مجيباً عن سؤاله الأول "لا يهم.. الذي يهم هو ان اسافر وابتعد عن هنا"
ثم نهض من مكانه بغير اهتماام امام عيون ذلك الرجل المستنكرة ولوح بيده اليمنى مودعا ذلك الرجل الذي صرخ بصوت عالٍ " مجد يجب عليك ان تدرك ان قلبك قد سمح لأشعة الشمس ان تدخله من جديد لتنيره .. ولكن قلبك القاسي ينكر ذلك.. وسوف تثبت لك الأيام ذلك" وامسك جيتاره بلا مبالاة و عبارات ذلك الرجل تتردد على مسامعه كل ثانية.. ثم ليتجه نحو سيارته ويطلق صوتا قوياًً من احتكااك عجلاتها مع ارضية الطريق لينطلق بعدها في شوارع المدينة من غير وجهة محددة..

#######
توجهت خطاها الى غرفة الرسم الخاصة بها التي تقع في الطابق الثالث.. طابق صغير يحوي غرفتين،، الغرفة الاولى والتي تقع على اليسار تكون الغرفة الخاصة بمجد.. واما الاخرى فقد جهزها الجد لتكون مرسماً خاصاً لها.. وكان الممر الذي يفصل بين الغرفتين ذو حائط ابيض اللون وارضية خشبية تمتد عليها سجادة طويلة كانت خيوطها مصنوعة من ألوان مزركشة ...
أمسكت بمقبض الباب الذهبي لتفتحته وتستقبلها نسمات الهواء الدافئة وتلك العيون الرمادية..
غرفة متوسطة الحجم ذات جدران وردية داكنة اللون معلقٌ عليها بعض الرسومات الملونة وكانت ارضيتها مغطاة بسجادة وردية يتخللها الابيض والاحمر.... وفي زاوية منها يوجد خزانة بيضاء اللون تحوي في رفوفها بعض الادوات والى الامام منها طاولة دائرية بيضاء اللون عليها اوراقاً بيضاء بجانب كأس من الماء .... وفي الزاوية الاخرى يوجد مرسم خشبي متوسط الحجم ألصق عليه تلك اللوحة غير المكتملة للتجه نحوها بخطى متثاقلة وتجلس على الكرسي.. ثم تلتقط ريشة الالوان وتبدأ يدها برسم لوحتها بتفكير مشتت...
وتمر الدقائق تليها الدقائق لتصبح ساعات.. ليبدأ قرص الشمس الذهبي بالذهاب بعيداً معلناً عن قدوم الليل الساكن.. والذي حينها يتبدل لون السماء الازرق لسواد مظلم يتخلله نجوماً براقة وقمراً مضيئاً.. ومع دقات الساعة والتي اعلنت عن موعد العشاء العائلي .. تنتبه على انها شارفت على انهاء لوحتها الجميلة.. تنهدت بتعب وهي تمسح حبات العرق التي بدت ظاهرة على جبينها الابيض .. و رتبت عدة الرسم بعد ان نظفتها من الالوان المائية التي تلطخت بها ثم غادرت المكان تاركة تلك العيون الجميلة لتجف قليلا مع النسمات الباردة التي تدخل عبر النافذة..

كان المنزل هادئاً على غير عادته اليومية .. فالسكون قد عم المكان هذه الليلة.. قطبت جبينها استغراباً وهي تتوجه حيث الصالة لعلها تجد احداً.. ولكن لا يوجد احد.. اين الجميع؟! هكذا تسائلت بينها وبين نفسها وهي تضع كتبها الجامعية على احدى الارائك لتغادر الصالة بعدها متوجهة حيث المطبخ.. ولكن استوقفها صوت قمر المتسائل " مرحبا ريم.. أين الجميع؟!"
هزت كتفيها بمعنى انها لا تدري ثم توجهتا بعد ان نزلت قمر عن السلم حيث المطبخ وكان هناك عدد من الخدم يعدون طعام العشاء..
"سالي.. أين الجميع..؟!"
اجابت احدى الخادمات والتي ترتدي زياً رسمياً كسائر الخدم قميصاً أبيض مع تنورة سوداء "ذهبوا جميعهم لعشاء عمل"
اومأت رأسها بتفهم ثم قالت "جهزي العشاء حالا.."

"هل دوماً يذهبون الى العشاء؟!.."تسائلت قمر وهن يتجهن نحو الصالة
"اجل.. وفي العادة ابقى انا لوحدي لتناول العشاء.."
جلست قمر على احدى الارائك بجانب ريم ثم امسكت يدها وقالت بابتسامة "من الان فصاعداً انا معك.."

"واناا ايضاً.." وفاجئهم ذلك الصوت القادم من الخارج .. و اختفت ابتسامتها عند دخول صاحب ذلك الصوت الرجولي الى المكان.. وبأدت اطرافها بالاهتزاز يغير ارادة منها عندما التقت عيونها العسلية بعيونه التي تشتت تفكيرها... وبعثرت نظراتها بعيدا عن عيونه الساحرة ...ولكن.. يا الهي ماذا يقصد؟! هل سيتناول الطعام معنا.. ثم لماذا يظهر امامي؟! هل وظيفته الوحيدة هي تعكير مزاجي..
"ان كنتي لا تمانعين ياا ريم؟!" ثم التفت حيث قمر الشاردة في وجهه واكمل وهو يرفع احدى حاجبيه سخرية "وان كان هذا لا يزعج احداً.."
وتأكدت هناا قمر بان وظيفته هي كذلك.. ولكن ريم ابتسمت بعفوية ثم قالت "انه ليسعدني حقا ان تشاركني الطعام.."
و نهضت من مكانها واتجهت بسرعة لتلقي نفسها في احضانه وتقول بكل محبة "اخي الجميل.."

(ابعد هذه المجنونة عنك.. والا ستختنق...)
صوت اخر جاء من الخارج.. جعل الجميع يلتفت اليه كل شخص بعيون مختلفة.. عيون غاضبة كارهة.. واخرى غير مبالية.. وعيون متسائلة.. فاما العيون الاولى كانت لصاحب الوجه البارد والذي اصبح رامي بالنسبة له منافساً قوياً غير سهل.. والعيون الثانية عيون عسلية غير مبالية به فكل ما يهمها هو ذلك الرجل الحديدي ولكن لما ينظر اليها هكذا؟! هل هو يحاربها تارة بلسانه السليط وتارة اخرى بعيونه؟! وهل يجب كلما تلتقي عيوني بعيونه برغم لهيبها الحارق ان اشعر بضربات قلبي القوية التي وصلت لمسامعهم،،؟! وارتجافة اضلاعي..؟!
"ما اخبارك يا ريم.. وانتي يا قمر؟!"
الان يجب عليها شكر رامي لسؤاله عن حالها وتخليصها من عيونه الساحرة..
"بخير.. " قالتها بابتسامتها المعتادة ابتسامة شاحبة.. وهي تنظر اليه ليبادلها بابتسامة ظاهرها حسن.. وباطنها خبيث
وما كادت ان تنهي جملتها الا باحدى الخادمات تقف وتخبرهم بانتهاء تجهيز العشاء ليتجهوا بعدها جميعا بصمت حيث مائدة الطعام وعيونها ما زالت معلقة على مدمرها الرجل الحديدي والذي ينظر اليها بعيون ملتهبة.. ولم يمتد صمتهم الا عدة دقائق حيث تحدث رامي قائلا " اقتربت الذكرى السنوية لتأسيس شركة جدي.. وانا افكر بعمل حفلة صغيرة.."
استساغت ريم الفكرة وقالت بحماس "فكرة جيدة.. يمكننا فعل ذلك وبالمزرعة.. ككل سنة.."
اردف رامي "ويمكنكم دعوة من تريدون الى المزرعة.. وانتي كذلك يا قمر.."
رفعت قمر رأسها وقالت بكل ألم "ليس لي احد ادعوه.. فصديقتي الوحيدة هي ريم هنا.."
وهناا نظر مجد الى رامي بكل غضب فهو هنا قد اشار الى وحدتها ومعاناتها.. وهو الا يشير الى اشياء كثيرة تجعلها تتألم..؟!
"وانت يا مجد.. "
رفع مجد نظره مرة اخرى الى رامي وقال بكل برود "ماذا بي انا؟!"
قال رامي بمكر "ان تدعو حبيبتك ؟!"
" لا شأن لك في ذلك." أجابه بلا مبالاة وهو ينهض من مكانه بعد ان القى عليه نظرة غاضبة..

" مؤكد ان كان سيدعوها سيذهبان سوياً الى مكان ما.. " قالها رامي بعد ان رمى بنظره الى اعلى السلم ليتأكد من عدم وجود مجد.. ولا يدري بأن بكلماته تلك قد فتح جرحاً في قلب احدهم كانت قد بدأت بالتعلق به.. والان من بدأت تحبه لا يبادلها نفس المشاعر.. ^مااذا هل أحببته ؟! كيف ولماذا؟! متى؟! ^ قالت ذلك في نفسها وهي تحاول طرد الافكار السخيفة من عقلها.. ولكن لماذا تألم قلبها واشتعلت الغيرة ؟! لاا يمكن ان اكون كذلك !! وهل يعرف الحب طريقاً الى قلبي؟!
يبدو انها تناست يومهما على الشاطئ والذي جعل قلبها يميل اليه قليلاً.. و لعل موقفه في تلك الليلة جعلت مشاعرها تخمد ولا تنمو في قلبها !!

مسكينة انت يا قمر.. تبدأ الحياة لتفتح ابوابها الجميلة امامك وقبل ان تدوسي ذلك العالم ينغلق الباب لتعيشي كل ليلة الماً ومعاناة.. وما ذنبها ان بدأت تحبه؟! فهل الخطأ منها مع انها تتلقى منه كلمات قاسية في كل مرة؟! كيف احبت ذلك الشخص الحديدي الذي يدمرها من الداخل في كل مرة ؟! كيف سمحت لقلبها بان تفتح ابوابه لذلك البارد ؟!
ألا تدري هي ان الحب يأتي الفجأة؟! وأن طريق الحب يسيقه القدر؟!

###########
اقسى شعور ان تكون مع من تحب.. ولكن علاقتكم ليست علاقة حبيبين يعشقان بعضهما.. علاقة صداقة جامعية لا تدري ان كانت ستنتهي حين انتهاء الدراسة ام لا.. والاصعب من ذلك ان تكون كلماتكم رسمية .. يخاف هو وتخاف هي من ان يكون حبهما من طرف واحد !!
يستصعب هو الامر بان يدوس احدهم على كرامته.. ذلك الفقير الذي يخشى بان ترفض حبيبته الغنية ذلك الحب .. وتتركه في وسط آلامه ليعيش هو وحده !!
وهي فتاة .. ككل الفتيات عندما تعشق تخشى ان تخسر ذلك الشخص الذي سرق كيانها منها... وككل فتاة لا تعترف بحبها لذلك الشخص.. قبل ان يعترف هو ؟!
وككل يوم يجلسان سوياً يتحدثان في امور الحياة المختلفة.. ولكن لا يتطرقان الى موضوع الحب بتاتاً.. فهل سيكون اليوم مختلفاً ليتبادلا الحديث عنه.. دعونا نكتشف ذلك

قالت بكل تعب "لقد تعبت من المذاكرة..؛"
ليجيبها هو بكل حنان "استريحي قليلا ثم عاودي المذاكرة.. (ونظر الى ساعته ) لقد تبقى ساعة ونصف.."
"اذاً دعنا نتحدث قليلا.. من ينظر اليك هكذا يصدق انك مجتهد.."
قال بابتسامة جذابة "حسناا.. يا ايتها الكسولة.. بماذا سنتحدث..؟!"
و بعد تفكير عميق قالت بحماس " ما رأيك أن نلعب لعبة؟!"
قال باستغراب " لعبة !! "
اومأت برأسها " أجل.. لعبة الاعتراف .. هكذا اسألك سؤال ثم تسألني وهكذا.. ولكن لا بد من ان نكون صادقين في الاجابة "
" حسنا.. " وأخذ يشير بسبابته منبهاً " ولكن كما قلتي بصدق تام.."
" حسنا حسناً ،، هل تبدأ انت ام أبدأ انا.."
قال وهو يكتف يديه " لا يهم.. "
ابتسمت ثم " السؤال الأول.. هل تعتبرني..."
و يمضي الوقت بسرعة.. لتتحالف الثواني مع الدقائق لتمضي نصف ساعة على تلك اللعبة .. وكان وجههما متهللاً بالسرور وكأن فصل الربيع قد أزهر عليهما و اضفى ابتهاجاً وسعادة عارمة...
"والأن قد حان دوري .. من دون ازعاج او من دون ... "
قاطعها رائد بملل " عدنا للمقدمات.. هياا "
تسائلت ريم بحذر " كنت قد اخبرتني سابقاً عن شركة والدك قبل ان يتوفى.. "
اومأ رأسه بحزن فأكملت بارتباك " اريد منك أن تخبرني سبب حالتكم تلك ؟!.."
تنهد بتعب ثم " كنا قد بدأنا اللعب وعدم الكذب وسأكمله على النحو نفسه.. ولكن من دون ان تقاطعينني "
اومأت رأسها وأخذت تصغي اليه باهتمام اما هو بدأ بسرد قصة فقره بألم وحزن " تبدأ القصة عندما استلم والدي منصب المدير بعدما توفي جدي بعدة أيام.. كان جدي قد ترك وصيته في استلام والدي للمنصب الأعلى حيث كان يراه اكثر ذكاء و أقدر على المسؤولية من بعده واما عمي فقد استلم قسم الxxxxات.... وهنا تبدأ مرحلة الغيرة والصراع من أجل ذلك الكرسي.. أخذ عمي يحاول بطرق شتى استلامه وفرض سيطرته ولكن ابي ظل ملتصقاً بذلك الكرسي ليس عناداً.. بل لانه كان يدرك ان عمي لا يستطيع استلام عمل كهذا.. ومضت سنتان وحال الشركة يتطور ويزيد الدخل الى ان ..." صمت ثم أكمل بنبرة مليئة بغصة " توفي والدي بنوبة قلبية .. و لأنني صغير ولم أكن قد تجاوزت الثامنة عشر من عمري وغير مؤهل لاستلام منصب كبير كهذا .. استلمه عمي وأصبح هو الآمر الناهي لكل الامور واستولى على جميع الأسهم الخاصة بنا بحجة الحفاظ عليها وبقينا هكذا بدخل صغير وامي المريضة التي تلازم فراشها بعد وفاة والدي في بيتنا الصغير..."
نظرت اليه مطولاً وهي تشعر بالأسى وبحجم المعاناة والألم الذي يشعر بهما منذ سنين .. وجبال الهم التي رميت على ظهره وهو في ريعان شبابه...
فابتسم بشحوب " هيا دعينا نكمل المذاكرة.."
بادلته بابتسامة لتلتقط قلماً من على الطاولة وتقول بمرح " هل لا حظت شيئاً ما.."
رائد باستفهام " شيئاً مثل ماذا ؟!"
" شيئاً مثل انني لم افتح فمي بحرف واحد وانت تقص علي القصة !!"
اجابها بسخرية " هذا من أجل أن ترضي فضولك !"
قالت بثقة " لست فضولية " ثم تعلقت عيناها بذلك الزوج الجميل يسيران امام الطلاب و الذين يتهامسون بصوت منخفض فيما بينهم..
" أليست تلك ندى ؟!" تسائل رائد وهو ينظر ناحيتهم
اجابت ريم في شيء من الصدمة " أجل.. من كان يتوقع ذلك ؟!"
" ماذا تقصدين ؟!" رائد باستغراب
" اقصد ان الذي بجانبها أحمد .. ابن اهم رجال الأعمال في المدينة يحب فتاة ليست بمستواه.. اقصد انها ليست ..."
قاطعها قائلا " ربما تستغربين من الأمر لانها فقيرة ولكن من المعقول ان يحب رجلاً فتاتاً فقيرة .. اما العكس فليس منطقي "
ريم بنبرة حزينة ممزوجة ببعض من الدهشة " ولماذا؟!"
"عندما يحب الرجل الغني فتاتاً فقيرة فانه سيسعى الى أن يعوضها عن كل شيء حرمت منه ... اما اذا احب رجل فقير فتاتاً غنية واذا أخذت علاقتهم منحى جدي فبالتأكيد سينفصلان "
شعرت بحزن شديد أخذ مجراه ليلتصق بها وقالت بعد صمت " ولكن ان كانت الفتاة تحبه جداً.. لن تتخلى عنه لسبب مثل هذا "
قال بجدية وهو يقسو بكلامه على نفسه وعليها من دون ان يشعر " حتى وان كان كذلك.. ففتاة تعتاد التسوق والتنزه و ارتياد أماكن فخمة هل ستستطيع ان تعيش في بيت صغير بجانب رجل فقير "
أنزلت رأسها بحزن مرير وأخذت أناملها تعبث بقلمها وقد تقوس فمها .. فأكمل هو " لا تقولي لي تحبه ويحبها.. ألم تسمعي بأن الحب أعمى؟!"
رفعت رأسها اليه و تسائلت في شيء من الخوف " هذا يعني انك ان احببت فتاة ما لن تصارحها"
نظر اليها بضيق ثم قال بعد ان زفر بحرارة " وهل استطيع.. افضل ان اتعذب انا ولا اغذبها معي في حياتي الحزينة.." وأكمل بعد ان رسم على محياه ابتسامة باهتة " دعينا نكمل مذاكرتنا لم يتبقى وقت طويل.."
هل نقول ان ذرات الأمل التي كانت في قلبها الرقيق قد تبخرت !! وان حباً لم يأخذ طريقه الجدي ان يذهب هكذا !!
وأخذت تنظر اليه بنظرات ملؤها الحزن واليأس .. على حبيب كانت قد افنت وقتها بالتفكير به ..على حبيب يبدو ان الأيام لن تكتب لها معه عمراً .. حبيب استقل وسكن في تلك العضلة النابضة.. لا تدري اي شعور قد وقعت به يا ريم سوى انك ادركت من كلامه انه لا يحبك وما اصعب ان تدركي ذلك الأمر .. أمر يجعل قلبك يفيض بألم .. !!

¥¥¥¥¥¥¥¥¥¥¥¥¥¥


وتسير قوافل الأيام مسرعة بما تمتلأ بساعات مسافرة الى مستقبل مجهول الهوية لتمر سبع قوافل من تلك الأيام وتتبعها سبعٌ أخريات حملت في ثناياها حباً يزاداد وشوقاً يتجدد بسرية بعد كل لقاء بين رائد وريم .. وخوفاً من مستقبل مجهول يعلمه القدر بأن تكون نتيجة هذا الحب هو الخسارة.. يخشى هو مصارحتها بما تحمله تجاويف قلبه لها .. وسبب خوفه هو خسارتها ففتاة مثلها تملك من المال يحتاج هو لسنين عدة يجنيها .. فالأفضل له هو المحافظة عليها كصديقة الى ان تتحسن احواله بدلاً من يخسرها ابداً.. اما هي تزداد خيبة أملها كل ليلة من ليالي الأسبوع في حبها الذي تخمن انه سيذهب من بين يديها ،، ومع انه قام بالتلميح لها لكنها مع كل صباح تشعر بأمل يجدد الحياة لها ويشعرها بانه يحبها ولكن هناك شيء يمنعه من البوح.. ولكن هي بأملها وتفاؤلها ستصبر لتحظى عليه وعلى حبه... وستبقى بحبه متشبثة برغم محاولات صديقتها أمل والتي فشلت وهي تشير الى فقره وحياته ،حتى باتت ريم تحادثها نادراً وتبتعد عنها رويداً رويداً ،،
اما الزوج المشحون .. كأنهما قطبي مغناطيس مختلفان.. فعندما يجتمعان سوياً يبدأ ذلك القطب السالب ببث سمومه واهاناته بكل سخرية واستمتاع فيستقبلها القطب الأخر من المغناطيس بايجابية ويدفنها كجثة بعيداً في زوايا عقله لتخرج كل ليلة من قبرها وتبدأ رحلة الحزن والحيرة من المستقبل ومن الرجل الحديدي.. لعلكم ادركتم من اقصد ،، فلا يستطيع مجد وفي اول فرصة لانفرادهما الا ان يخرج سمومه القاتلة في جسدها لتستقبلها بكل ضيق وحزن الى ان اصبحت تتجاهل وجوده ولا تجلس مطولاً مع العائلة..
وهكذا تمر الايام بعضها جميلة كجمال الأزهار التي تملأ الطبيعة و تجعل صدرك رحباً .. وبعضها تمر مريرة سوداء قبيحة كأرض قاحلة لا يوجد فيها اي معنى للحياة وتجعل نفسك ضيقة .. لتتوالى خلف بعضها و تسير بقوة وكأن ريحاً قوية دفعتها في اواخر الخريف .. ولتقف الريح عن فرض سيطرتها و تنظر الى هذه الامسية قبل الأعلان عن اكمال سيرها في هذا الجو الربيعي الجميل و الشمس بدأت بسلوك طريقها نحو المغيب ولون أشعتها التي ملأت المكان مع الأنوار الخافتة التي أضاءت مدخل المنزل،، كان أشبه بقصر كبير كقصور اميرات الزمن القديم .. منزل يطل على حديقة كبيرة تنتشر فيها الأزهار الملونة متعددة الأشكال.. وتنتشر فيها الأشجار الخضراء اليانعة المزهرة التي تقف على أرضية عشبية شديدة الخضرة ،، و ينتشر فيها عدد من التماثيل الصغيرة والتي اضفت على المكان لمسة خاصة وكأنه منزل أثري من التاريخ القديم .. وعلى أرضية من الحجارة البيضاء يفصل بين كل حجر وآخر حشائش حضراء صغيرة ،، يسير عليها بكل هدوء.. لا يدري أي شعور ذاك الذي جعله يتوق لرؤيتها في هذه المناسبة المهمة ،، لتذهب به أطرافه السفلى بلهفة شديدة الى حيث الصالة.. ليتأملها بكل حب و شوق الى ان...

كانت عيونها معلقة بتلك السلسلة الذهبية والتي لها ذكرى خاصة لها .. تجلس في الصالة مع ريم والتي وضعت عدداً من المجوهرات أمامها وتتسائل بحيرة وهي ترفع قلادتان بلون الفضة " قمر أيهم أجمل؟!"
أجابتها وهي تشير على اليمنى منهم "برأيي تلك القلادة؟!"
"حسناً.. وانتي ماذا سترتدين؟!"
قالت وهي ترفع امام ناظريها سلسلتها الذهبية "هذه.. جميلة أليس كذلك؟!"
كانت سلسلة ذهبية ناعمة.. يتوسطها حرف كبير مرصع ببعض من الأحجار الصغيرة ليضفي عليه نعومة خاصة.. والتي كانت تتماشى مع فستانها الأسود القصير الضيق من الصدر والواسع من الأسفل الى أن يصل حيث ركبتيها،، ورفعت شعرها المجعد بعد أن ملسته وسرحته على هيئة ذيل حصان.. واكتفت بقليل من الكحل لتزين به عيونها العسلية الجميلة..

اما ريم كانت ترتدي فستاناً أحمر ضيق داكن اللون بأكمام طويلة.. له فتحة من الخلف ليبرز جمال ظهرها،، ورفعت شعرها البني بحركات عشوائية وزينته ببعض من الأزهار الطبيعية..

قالت ريم بحيرة بعد أن لاحظت ذلك الحرف الكبير "ولكن هذا ليس لك.. اقصد انه لا يحمل الحرف الأول من اسمك!!"
أجابت قمر بابتسامة باهتة وهي تضعها على عنقها "أجل.. فلها مكانة خاصة في قل.."
وبترت عبارتها عندما شعرت بوجود أحدهم.. فالتفتت لتراه يقف أمامها والشرر يتطاير من عينيه المسلطة على سلسلتها الذهبية .. لكم كان يتمنى ان يذهب ويسحب تلك السلسلة من عنقها ويلقيها بالقمامة.. ولكن صوت صفير انطلق من خلفه وهو يتقدم ناحية الفتيات وصوته الذي يقول "يا الهي ما هذا الجمال.. وكأن ملاكاً يجلس أمامي " وأكمل بخبث وهو يشير باصبعه بعد ان تنبه الى سلسلتها "لاقت بك كثيراً.."
اجابت قمر بخجل "شكراً.. هذا من لطفك.."
ابتسم لها ثم أتاه صوت من خلفه "وانا يا سيد رامي ألا استحق قليلاً من مغازلاتك!!"
أجابها بسخرية وهو ينقل بصره بينها وبين قمر "عندما تكونين بنفس جمالها سأفعل ذلك"
نظرت إليه بحنق ثم قالت بلا مبالاة " هنيئاً لك يا قمر.. فأنا لدي من يغازلني فلا أحتاج لأمثالك.." ثم أكملت وضع زينتها.. وكل هذا وقمر صامتة مطرقة رأسها تعبث بسلسلتها الذهبية وعيونها تنظر نظرات جانبية على ذلك الرجل الحديدي ،، الذي بدا وسيماً ببنطاله الأسود وقميص من نفس اللون يقف على باب الصالة وعيونه ما تزال تحدق بغضب وقهر على افعال ابن عمه ذاك.. ولم يعد بمقدوره التحمل أكثر بسبب ذلك المشهد الدرامي الذي حصل قبل قليل والذي جعل قلبه يتآكل وينزف.. فقد تأكد من ميلان قلب ملاكه الى ذلك الخبيث..
"مجد الى اين؟!" تسائلت ريم عندما شاهدت مجد يخطو خطاه خارج الصالة.. وحينها رفعت قمر رأسها بحركة مفاجئة لتلتقي عيونها بعيونه الرمادية التي تشتعل ،، وقبل ان يغوص في عيونها وتتسلل مشاعر جديدة اليه وجه انظاره الى ريم وقال "سأذهب فأنا مشغول .." واخذ ينقل ببصره بين رامي وقمر واردف بقهر "أتمنى أن تستمتعوا بحفلتكم تلك.."
ابتسمت ريم له غير مدركة الى ما يرمي بكلامه واكملت انشغالها بزينتها.. وابتسم رامي بمكر وهو يجلس على الأريكة الجلدية التي بلون القشدة.. واكتفت قمر بأن تنهدت بحزن وأطرقت رأسها وأناملها تعبث بتلك السلسلة الذهبية من جديد تفكر بذلك الحديدي الذي وبنظرة واحدة منه يجعل قلبها يحدث زلزالاً قوياً ليرتجف جسدها ارتباكاً..



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-09-15, 08:55 PM   #10

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


يسعد اوقاتكم متابعيني سواء يلي بدعموني او يلي من وراء الأبواب والنوافذ والاسوار ،، اعذروني على تأخري ،، كنت مشغولة هاي الايام مع بداية الفصل الدراسي الجديد ،، بتمناالكم قراءة ممتعة بهاد الباارت الخطير نوعا ما بالنسبة لبداية ابداعاتي الفنية الروائية القليلة ،،،

الفصل الثامن



ومع مرور القليل من الوقت بدأ الضيوف بالوفود الى الحديقة الكبيرة والتي ستقام بها هذه الحفلة ،، كانت تنظر الى كل شيء بعيون باهتة وكأن ذلك المشهد الذي امامها من أحد المشاهد القديمة والتي تعرض باللونين الابيض والاسود والتي تشعر النفس بالكئابة وذلك انعكس على ملامحها،، حيث ارتسمت الكئابة على وجهها القمري وشعور غريب يشعرها بغصة كبيرة تملأ حلقها تخنقها بشدة وانقباض قلبها بين حين و اخر فتكاد لا تصدق حتى تنتهي هذه الحفلة اللعينة برغم انها كانت ومنذ الصباح متحمسة أشد الحماس بقضاء وقت ممتع ولكن كل تلك السعادة التي شعرت بها وكل جبال الأمل التي ترسخت في قلبها تهدمت فور اعلان مدمرها انه لن يحضر الحفل فأين تراه يكون!! لماذا ذهب هكذا ،، ألن تكفي عن حماقتك يا قمر انه لا يحبك ألا تفهمين،، ألا ترين نظراته التي تعبر عن احتقراه او كلماته المسمومة ،، انه لا يحبك !! قالت ذلك في نفسها بعد ان تنهدت تنهيدة طويلة تعبر عن الألم الذي بداخلها وهي تجلس على احد المقاعد عند تذكرها عبارة رامي " مؤكد ان كان سيدعوها سيذهبان سوياً الى مكان ما.. "
ثم اخذت تعبث بفستانها الاسود شادرة الذهن وهي تفكر بتلك الكلمات ثم اكملت حديثها مع نفسها ومن تستطيع ان تحب وتعشق شخص مثل هذا الرجل الحديدي البارد ،، ابتسمت بسخرية وهي تدرك الامر ثم قالت بسخرية مريرة و بصوت منخفض " أنا "
" لم أكن اعلم انك حمقاء الى هذه الدرجة لتتحدثي مع نفسك.." خرجت تلك الكلمات بسخرية من فم ذلك الشاب الذي جلس بجانبها لتشعر بسيف حاد قد مزق قلبها برغم تلك اللهفة والرغبة بالحديث والنظر ناحيته فأكمل هو باستفهام " يبدو انها لم تعجبك الحفلة ؟!"
اندهشت من مجاوبته وتوجيهه الحديث معها و راحت تنظر الى المكان فهو ممتلئ بأناس من الطبقة الراقية ،، يبدو عليهم الثراء الفاحش وكيف ان الجميع يقضي وقته سعيدا باستثنائها.. فأخذت نفسا عميقا " يبدو هكذا.."
رد عليها " لست انت وحدك "
يبدو انه يوافقها وللمرة الاولى التي تكون هناك نقطة مشتركة بينهما ابتسمت لتلك الفكرة و حاولت جاهدا ان لا يبدو عليها الارتباك فازاحت نظرها الى الناحية الاخرى لتلتقي نظراتها بابن عمها رامي حيث كان يبتسم لها فبادلته الابتسامة على مضض ثم التفتت بحدة حيث مصدر الرائحة لترى انه قد اشعل سيجارته التي تلازمه دائما في جيب بنطاله ويا لها من عادة سيئة جداً فعندما يشعر بالسوء والضيق من نفسه ومن ما حوله يبدأ بهذه العادة هكذا هي تخمن فهل هذا صحيح؟! ، وأخذ ينفث دخانه بلا مبالاة مرة تلو الاخرى ينظر ببرود الى هذا الحفل وقد شعرت بالارتباك وتوردت وجنتيها بحمرة خفيفة وهي تنظر الى ملامح وجهه المشدودة والى عيونه الحادة وبرود اعصابه وكونه يشابه التماثيل والتحف بل رئيسهم وجدهم الأكبر ولكن وبرغم قساوته وبروده الا انه اوسم شخص قد رأته عيناها واول شخص قد احتل قلبها فبغيابه يصبح قلبها كئيبا حزينا وبوجوده تكون السعادة قد غمرتها فبرؤيته يزرع سهام السعادة في قلبها فيجعلها فراشة تطير بسعادة في هذا العالم الفارغ من كل شيء الا هو ،،أغمضت عيونها فهي تخشى ان يكون قد سمع خفقات قلبها التي زادت او انتبه على ارتجافة اوصالها وهي تتأمل فيه وبملامحه الفتانة والتي اخذتها الى عالمه القاسي ،،، اما هو فقد شعر بنظراتها ولم يكلف نفسه بان ينظر اليها فتجاهلها كليا وابتسم بهدوء يبدو ان الامر اعجبه !! ما هذا الهراء مطلقا قال ذلك في نفسه وهو ينفض من رأسه تلك الفكرة ثم رمى عليها بنظرة قاسية جعلتها ترتجف وقلبها الذي تزايد دقاته ليس خوفا فقط فنظرته تلك كافية بأن تحدث زلزالا قويا فيها فأشاحت بوجهها مرة اخرى فتمالك نفسه الى ان ضاق صدره من تلك السيجارة فرماها ارضا وسحقها بقدمه وقال بسخرية " اعلم انني جميل لا داعي لاطالة النظر.." ولما لم ترد عليه بشيء التفت اليها وهنا كانت الصاعقة حيث كانت تصوب نظرها ناحية رامي من جديد ،، وشعر بالدم يتدفق في سائر جسده فشد على قبضته بقوة ،، وحاول تمالك نفسه ولكنه لم يستطع ذلك فأخذ ينظر الى رامي بحقد كبير ثم اعاد انظاره اليها كانت تعبث بتلك السلسلة من جديد شاردة الذهن تفكر بذلك السجان الذي بجانبها والذي يأخذها من هذا العالم الى عالم آخر ،، فلا تنكر انها سعيدة لوجوده ولن تهتم أبدا للسانه السليط و لا لعيونه الرمادية القاسية يكفي انه هنا وبجانبها ،، يكفي ان قلبها الان يرقص بسعادة فقد تبددت تلك الشكوك التي علقت برأسها !! ثم ارجعت يدها لتعبث بفستانها من جديد....

ومن جهة اخرى كان رامي ينظر نظرات خاطفة اليهم بين الحين والاخر الى ان شعر بالملل فاستأذن مِن أصدقائه ليذهب وتوجهت خطاه حيث جدته والتي كانت تحادث امرأة كبيرة بالسن
" عذرا للمقاطعة ولكن جدتي اريدك في امر ما.."
نظرت اليه الجدة بقلق وما كان من الامرأة الاخرى الا ان تذهب مبتعدة فقالت الجدة فورا بخوف " هل هناك شيء يا عزيزي !!"
هز رأسها نفيا فقال وهو يضع يده على كتفها " ليس هناك داعي لهذا القلق ،، كل ما هنالك.."
صمت قليلا ثم اكمل وهو ينظر الى مكان ما " لقد عاد ويجلس بجانبها لا ادري ان كان سيفعل شيئا ..."
ابتسمت الجدة ثم قالت " لا اظن انه سيفعل شيئا امام هذا الحشد الكبير ،، ( صمتت قليلا ونظرت ناحية مجد وقمر ثم قالت بحزن) لا يبدو انه سيلين قلبه أبدا وأنت لا..."
قاطعها قائلاً: " لقد حجز للسفر مرة اخرى الى باريس ،، لن تنفع معه القوة هذه المرة "
تبدلت ملامح الجدة الى الضيق وصمتت وهي تصوب نظرها ناحيتهم فأكمل رامي " اظن انك لن تريها سعيدة معه ،، سيعذبها حتى لو كان يحبها فأنه لن ينسى جرحه القديم.."
قالت الجدة باستغراب " هل تقصد أنه..!!"
ابتسم رامي لجدته وربت على كتفها وقال بعد ان وجهه بصره حيث مجد والذي كان ينظر اليه بحقد " اجل انه يحبها و يكاابر بكل تأكيد ولكنه لن يستطيع ان يعذبها لذلك قرر السفر ،، فها قد تحقق مناكي بأن يحب ومن الفتاة التي تريدين ولكنه أحب الشخص الخطأ.."
قال هذا وتوجه الى حيث يقف بعض رجال الأعمال ليترك جدته تشعر بتأنيب ضمير خوفاً من أن يصيب حفيدتها بشيء ،، فهي المسؤولة عن محاولة تقريبهما وتتمنى في اعماقها ان تكون مخاوفها خاطئة حتى لا تعيش قمر في جحيم مجد اللامبالي بشيء والذي ينظر الى ما حوله بعيون باردة ،، وهي في شرودها ذاك أتت من خلفها أمرأة شابة بعض الشيء ذات قامة ممشوقة من الطبقة الراقية لتبتسم لها ثم تذهب معها لتختفي بين هذا الحشد من الضيوف أمام نظرات مجد المستنكرة والذي عاود اخراج سيجارة اخرى ثم قام باشعالها وأخذ ينفث دخانها وكأنه يخرج تلك الاوجاع التي بداخله ويحاول قدر المستطاع ان لا يصب غضبه بطفلته الحبيبة التي تنظر الى وجهه بشرود حيث قطبت جبينها بضيق وعلامات الانزعاج واضحة على وجهها فقال وهو يخرج السيجارة من فمه ويلقيها ارضاً: "هل رائحتها مزعجة الى هذا الحد ؟!"
تنبهت على سؤاله ذاك فما كان منها الا ان تهز رأسها ايجابا بعد ان ازدردت لعابها بصعوبة ،، وراحت توبخ نفسها على فعلتها فكيف تجرؤ على النظر مباشرة اليه وشعرت بالاستياء فأي تفكير بشع سيفكر به وأي انطباع سيء سيرتسم في مخيلته الآن ،، ولكنها ما زالت الى الآن تنظر اليه فاشاحت بوججها وبدأت توبخ نفسها من جديد يجب ان تكفي عن النظر اليه ،، كيف يمكنك ان تفعلي شيئا كهذا يا حمقااء ،، عليكي ان تتمالكي نفسك وان تحاولي بشتى الطرق الابتعاد ولا تتعدي تلك المسافة التي بينكما لألا تكون النتيجة مأساوية قالت ذلك في نفسها وكأنها تحاول جاهدا تجاهل مشاعرها نحوه فتنهدت بضيق واستدارت بعدها الى ريم ذات الوجه العابس والتي توجهت اليهم بعد ان تنبهت بسكونهم والهدوء الذي يغلف محيطهم " ألن تستمتعوا بالحفل !! يجب عليكم ذلك لأن هناك فترات طويلة بين الحفلات التي نعقدها...!!"
همت قمر بقول شيء ما لولا ذلك الرد المفاجئ وبابتسامة ساحرة: " بعد قليل،،فهنالك حديث خاص أريد التحدث به مع قمر "
هزت ريم كتفيها بلا مبالاة وعادت ادراجها لتختفي بين الحضور بينما ران الصمت لفترة قصيرة بين ذلك الثنائي حيث كانت النظرات الحادة موجهة حيث مجد وما زالت تلك الابتسامة على وجهه الى الان الى ان ابتسمت قمر وقالت بصوت ساخر "حقاً؟!"
ثم عضت على شفتيها ندما عندما رأته يشيح وجهه بضيق أم هذا الذي تخيل لها !! أيا كان ما رأته فقد لمحت بريق عيونه الرمادية الذي ينم عن الضيق فطأطأت رأسها بحزن وتشابكت أناملها وهي تفكر بعيونه الحزينة فتكاد لا تصدق حتى الان مجد البليد البارد والذي يحاول بسبل شتى ان يقذف عليها بحممه البركانية يشعر بضيق من سخريها أليست عادته ان يرمي عليها بأسلحته المتنوعة ولكن لم هو صامت هكذا الان !!
أخذت نفسا عميقا ورفعت رأسها بشجاعة فهي لن تخشاه ولن تحاول العبث معه يكفيها ما تلقت منه في الايام الماضية ثم وجهت عيونها العسلية عليه رأته يخرج سيجارة جديدة من تلك العلبة اللعينة وعندما قارب على اشعالها همت بالنهوض لتبتعد عنه فانه بقربه وبعده يزيد من ألمها وثقل رأسها الذي يفكر فيه باستمرار ولكن يده التي امتدت الى مرفقها لتمنعها عن الابتعاد شلتها عن الحركة لتبقى متجمدة مكانها دون حراك تنظر بوجهها المشدود من الصدمة الى أمامها وهي تشعر بيده تلف يدها وتضغط عليها برفق وشفتاه التي شعرت انهما تتحركان ببطئ شديد حيث جاء صوته كعادته في بحة غريبة وهو ينطق بحروف اسمها بشاعرية كبيرة جعلت قلبها ينتفض ويأبى الابتعاد تريده الان بكل جوارحها تريده هو بالذات تريد ان تبقى معه وتشعر بمثيل هذا الدفء التي شعرت به عندما لامست اناملها بشرتها الناعمة فأخذت تتأمل ملامحه امام مشاعره المضطربة والفوضى العارمة التي ألمت به فهو يريدها ولا يريدها في آن واحد !! هكذا هو يريد ان يقف بالمنتصف خطوة للأمام ثم خطوة للخلف ليس قريبا الى حد ما وليس ببعيد أيضاً.. فلا يريد الاقتراب منها فيرهق روحها ويتعذب بذلك ويجعل منها زهرة ذابلة ويبث بسمومه عليها فيجعلها جثة هامدة على قيد الحياة ولا يريد الابتعاد كثيرا فترهقه نيران حبها والتي سيطرت عليه واشتياقه لفتاته الصغيرة والتي تنظر اليه بعيونها العسلية البريئة فضاع فيهما وما زالت يده ملاصقة ليدها الى ان شعرت بفداحة ما تقوم به فأحست بالراحة لإدراكها الامر وعودتها السريعة الى وعيها وانتبهت الى تلك النظرة الغامضة التي يقذفها بها وبعد ذلك صوبت نظرها الى يده وكأنها لتوها احست بها فارتعشت قليلاً وأبعد يده بعد ان لاحظ وأحس بذلك الارتجاف فيها ،، ابتسم لهاا ثم نهض بتثاقل حاملاً معه علبة السجائر وقال قبل ان يختفي عن الانظار مبتعدا عن سحرها: "لقد قضيت معك وقتاً ممتعاً..."
...........
.........
.......
.....
...
.

خمس كلمات جعلت قلبها يرقص فرحا جعلت خفقانه يستمر ويستمر وتطن به الآذان وانها تجزم ان الجميع قد سمع ذلك الطنين المنبعث من قلبها بسبب ذلك الشخص الخطأ الصحيح في نفس الوقت ... كلمات جعلتها تتأكد انه كذلك وانه الرجل الحديدي اللين ،، الصلب القاسي ذو القلب الطيب .. يخفي بين اضلعه حنان الدنيا بأكملها... وارتسمت على شفتيها ابتسامة حالمة وهي تلاحقه بعيونه اللامعة منذ ان نهض الى ان خرج وتلونت الحياة امامها بألوان مبهجة وتبدلت تلك العيون الباهتة التي كانت من قليل الى عيون تغمرها السعادة الشديدة ،، وأخذت معالم الحفل تتضح تدريجيا ،، و بدأت تلك الالوان الكئيبة بالذهاب لتحل محلها الوان الطبيعة الخلابة فها هي اوراق الشجر على اغصانها البنية برغم عتمة الليل والاضاءة الخافتة قد عادت الى خضارها المعتاد وتلك الزهور المترامية بالاطراف اخذت تنشر عبيرها،،، وهنااا اخذت نفسا عميقا بكل راحة لتستقبل رائحة الربيع وكأنها بدأت حياتها للتو قبل ان تجول بنظرها الى المدعوين وكيف يستمتعون بوقتهم في هذه الامسية الجميلة فنهضت من مكانها لتنضم اليهم وقد شعرت بالرضا والسعادة من نفسها ومن رجلها متقلب الاحوال لأنه حسن من حالها بكلمات صغيرة تكاد تكون وهمية بعض الشيء وتمنت في سرها ان يدوم حاله ذاك!! ولكن هل سيدوم أم ان ضربة قد ألمت برأسه لتجعل تصرفه غريبا!! ،، هزت كتفيها بلا مبالاة بعد تلك الاسئلة التي وجهتها الى نفسها حيث لم تجد جوابا شافيا كافيا وهي تتوجه الى ركن العصائر لتأخذ عصير الليمون الطازج والذي ينعش النفس وترتشف منه رشفة تليها الرشفة للتوجه بعدها وتغوص في هذه الأمسية....
وما زال أثر سحر يده التي كبلت مرفقها راسخ في عقلها وقلبها الذي ينتفض حين تذكر الموقف حتى....
حتى نهاية الحفل ❤


وفي صباح اليوم التالي كانت تغط في نوم عميق..في شرفة تطل على حديقة منزلهم الكبيرة .. تجلس على كرسيها الهزاز ممسكة بورقة قد خط عليها رسوما عشوائية بقلم الرصاص.. وشعرها المجعد الذي انتشر على وجهها البريء والذي صنع منها قمراً مضيئاً في وضح النهار .. و نسمات الهواء اللطيفة تداعب بخفة خصلات شعرها التي انعكس ضوء الشمس عليها....

نهضت من نومها فزعة.. عندما امتدت تلك اليد لتوقظها من سباتها العميق..
"انسة قمر.."
فركت عيونها الناعسة الحمراء ثم قالت بصوتها الناعس "صباح الخير سالي.."
ابتسمت الخادمة وهي تأخذ منها تلك الورقة وتضعها على منضدة خشبية بيضاء اللون "صباح الخير.. قلقت عليك لهذا جئت لايقاظك.."
"لا بأس.. كم الساعة ؟!" قمر وهي تدلك عضلات عنقها النحيل المتشنجة..
"انها الحادية عشر..."
نهضت من مكانها لتتجه نحو دورة المياه ثم عادت لتسألها بارتباك "هل الجميع هنا؟! اقصد هل من أحد هنا.."
"لا.. فالجميع بالخارج.."
اومأت رأسها بحيرة "هل يمكنكي تحضير الفطور" هزت الخادمة رأسها وغادرت الغرفة ثم تسائلت قمر في سرها "اين يكون الى الان ؟!"
ما بالك تشفلين نفسك به يا قمر .. وهو لا يزال ينظر اليكي كفتاة مجرمة اقترفت بحقه شيء... ولك كان ليلة أمس مختلف كلياً.. لقد بدا غريبا جداً... كان شخصا آخر غير ذلك المجد الذي يظهر ليعكر مزاجي ويدمرني ،، ولكن يا تراه أين يكون الآن!!!
تنهدت بحزن وهي تخرج من دورة المياه واتجهت حيث ملابسها لتخرج فستاناً قديم الطراز بعض الشيء بلون الليمون الحامض.. ووضعت شريطة خضراء اللون لترفع خصلاتها المجعدة عن جبينها.. ونظرت الى تلك السلسلة الذهبية بحزن لتضعها بالصندوق المخصص بمجوهراتها.. ليتبع صوت اغلاق الصندوف طرقات على باب غرفتها وصوت الخادمة تستدعيها للفطور....

بعد ليلة خارج منزله قضاها على شاطئ البحر.. يعود لمنزله شاحب الوجه غير مكترث بلباسه الذي تلوث من رمال الشاطئ الشقراء.. ركن سيارته بالموقف الخاص ليترجل منها ثم يتجه الى الداخل لتستقبله الخادمة بابتسامة قلقة..
"أين جدتي؟!" تسائل بنبرة جافة باردة
"ذهبت للمشفى من اجل مراجعتها الشهرية واما البقية.."
قاطعها بنبرة غاضبة "لم اسألك عن البقية.. "
ليتوجه بعدها الى عتبات السلم ويصادف في طريقه تلك الليمونة الصفراء واخذ ينظر اليها مطولاً وكأنه غاب عن المنزل لسنين طويلة.. وبرؤيتها هدأت براكين كادت حممها ان تفور وتخرج من صدره.. اما هي سرت قشعريرة في جسدها من قمة رأسها الى أخمض قدميها جعلتها تنتفض امام عيونه الرمادية التي تتصفح جسدها كجريدته اليومية.. واما ذكرى الامس التي عاودت شريط الذكريات تشغيله كأنه فيلم سينمائي يعرض امامها شعرت بقلبها الذي تزايدت ضرباته بعنف شديد وليس ذلك فقط فقد كان جسدها يهتز بارتباك ولتخرج من تلك المشاعر المختلطة التي ألمت بها.. أخذت قدماها تنزل على عتبات السلم باطراف مضطربة .. ولكن
"صباح الخير.."
خرج صوته على غير العادة مماثل لصوته في الامس .. صوت حنون تسيطر عليه بحة غريبة.. تجعل سامعه ينجذب اليه .. فانتابتها دهشة بالغة لهذا الرجل الحديدي حتّى أنّها لم تستطع أن تنطق بحرف.. فانها منذ قليل قد سمعته يلقي بجم غضبه على الخادمة بصوته العالي فتشابكت الأفكار في رأسها فقيّدتها وشلّت حركتها وجعلتها سجينة حيرة أخذت تنهش عقلها،فكيف يمكنه ان يكون ذو شخصيتين الأولى حادة والأخرى هادئة؟!،تحاملت على نفسها وهدّأت من روعها ولمّا شعرت بالاستقرار فكّرت في هدوء ولم تجد أفضل من أن ترد على ذلك الحديدي الذي ينتظر اجابتها على أحر من الجمر ،، ليسمع صوتها .. صوت فتاته الذي يعد دواء شافياً لجميع اوجاعه وآلامه التي أجهدته..
فقالت بصوت خافت "صباح الخير.." ثم بدأت لتخطو خطاها نحو غرفة الطعام لتناول طعام الفطور تاركة ذلك الحديدي .. الذي لا يستطيع إلا ان يرى ملاكه.. قمره الوحيد كما أسماها في ليلة أمس.. تنهد بتعب وهو يمسك تذكرة سفره بقوة.. فأفضل حل له للهروب منها ومن طيفها الذي يلاحقه هو السفر وترك كل شيء هنا.. حتى لا يقوم بالتفنن بتعذيبها...

#######$$$$##

وقفت امام ذلك المتجر لا تستطيع ان تكف النظر عن ذلك الفستان الأخضر بعيون لامعة كلها دهشة واعجاب ومن خلفها صديقتها التي فغرت فاها أمام ذلك المشهد لتقول بضجر "ريم يكفي انظري الى عدد المشتريات .. هل انتي حمقاء "
اجابتها ريم قبل ان تدخل الى المتجر "سأشتريه يا أمل .. (وأخذت تشير الى احد الجاكيتات القصيرة البنيّة اللّون ذات الأزرار المصنوعة من البرونز) واستشري ذلك الجاكيت فهو يناسب الفستان "
هزت كتفيها بقلة حيلة وهي تدلف من خلفها الى ذلك المتجر لتخرجا منه بعد انقضاء نصف ساعة متجهتان الى مقهى صغير موجود بالقرب من هذه المتاجر.. في مركز التسوق الضخم
"هل تعلمين .. هذه المرة الاخيرة و اتبعك في جنونك هذا"
ابتسمت ريم وضحكت بسخافة "لم يضربك احد على رأسك واجبركي على ذلك.."
تنهدت أمل وقالت بعد أن وضعت مجموعة من الأكياس على الكرسي "حسنا لا تبدأي.. هيا اطلبي شيئا الى ان اذهب واعود.. "
اومأت برأسها لتذهب أمل وهي تقبلها عن بعد واشارت الى النادل ليأتي حيث طاولتها ويأخذ الطلبات... لتمضي عدة دقائق وتعود أمل..
"اسمعيني جيدا.. سنذهب مباشرة كلاً الى منزلها.." قالت أمل محذرة
اجابتها ريم بملل "حسناً.." وأخذت تعبث بهاتفها المحمول بأنامل مرتجفة...
تسائلت أمل بقلق " ريم ماذا هنااك؟!"
هزت ريم رأسها نفياً.. لترد عليها أمل "هل تظنينني مغفلة .. انا افهمك هياا اخبريني لنا مدة طويلة لم نتحدث،، لا ادري ما سبب ابتعادك"
أدخلت الى صدرها نفساً طويلاً ثم " أنا قلقة على رائد.. لم ألتقي به منذ ان اسبوع"
زفرت أمل بضيق "وان يكن.. يكون مشغولاً بشيء ماا "
اومأت برأسها وقالت بنبرة حزينة " من المؤكد انه ينشغل بالعمل طوال النهار،،.."
أمل بنبرة ساخرة " شيء بديهي " ثم نظرت اليها بغموض ثم قالت "ريم لا تعلقي نفسك في شاب مثله.. لا يستطيع ان يأوي عائلته.."
وهنا علينا ان نقول ان أمل بدأت بتنفيذ مبتغاها ولكن ماذا سيكون موقف ريم !!!

قالت بحدة " وما به رائد..؟!"
"لا شيء .. لم اقصد الا انه شاب فقير.. اعني انه لن يستطيع يؤمن لكي حياة هنيئة"
بلعت ريم غصتها ثم قالت بنبرة يتفطر القلب حين سماعها " ولكنني احبه"
ردت عليها بنبرة حانية عكس ما تخبأه في قلبها " ولكن الحب وحده لا يكفي "
شبكت ريم اصابعها ببعضها البعض وهي تضعهم على الطاولة ولازمت الصمت لتكمل امل " انتي تحبينه .. ولكن هو ما مشاعره اتجاهك؟! حتى وان كان يبادلك المشاعر.. فلن يكون هناك أمل في نجاح العلاقة .. يكفي انه فقير معدوم لن يستطيع تحمل طلباتك ومشترياتك الثمينة "
فقدت ريم عقلها وصوابها و بسرعة فائقة قاطعتها بانفعال "أمل اصبحتي تتحدثين مثل امي.. ثم ماذا يهم ان كان معدوما كما تقولين اناا احبه و سأعيش معه بجميع ظروفه"
"ولكن الحب أعمى.. وان كنتي تعتقدين انك تستطيعين العيش معه وبظروفه تلك انتي حينئذ مخطئة.."
وأكملت عندما لم تجد منها رداً غير عيونها الحزينة "انا عندما تحدثت عنه لم اقصد جرح مشاعرك.. تهمني مصلحتك فأنتي صديقتي وأختي في الحياة.. اردت ان اوضح الامور لك وانك لن تتأقلمين في حياتك تلك .." صمتت قليلا ثم أردفت بابتسامة حانية " اسمعيني جيداً.. تبدو لك العلاقة كما يصورها عقلك جميلة وستكون حياتك جميلة معه لأنكي لم تفكري جدياً كيف سيكون المستقبل من دون مال وفير حتى وان كانت علاقتكم مبنية على الحب.. ولكن الحب وحده لا يكفي في اقامة عائلة.. اعلم كم هو شعور صعب ان يكون حبك من طرف واحد .. ولكن شعور اصعب ان تعيشي في وسط بيت صغير قديم وانتي معتادة على حياة فارهة كهذه "
وما كان من ريم الا ان ارجعت خصلات شعرها خلف أذنها ويبدو ان كلام أمل قد أثّر في نفسها ولكنّها كتمت شعورها مغلوبا على أمرها،،، والغيظ يقطع وينهش قلبها ،، وهي تفكر بكلامها الذي بدا شيئاً ثقيلاً على عقلها فلم تستوعبه ولا تريد استيعابه ،، والتي تخرجه بين الفنية والآخرى غير مهتمة بقلب صديقتها الذي تعلق في ذلك المدعو رائد فهي تعلم وتدرك وموقنة انها ستعيش معه في جمال الحياة ومرها.. في الجوع والعطش .. في مكان ضيق قديم.. يكفي ان لا تبتعد عنه او يبتعد عنها.. لا تريد من القدر الا ان ييسر طريقهم سوية ليعترف لها بحبه ويعيشان في حب ومودة لسنين طويلة معاً الى الأبد...

#################
بعد وقت طويل قضته الطائرة في التحليق عالياً باسطة جناحيها البيضاء في افق السماء الزرقاء الصافية في ايام الربيع .. لتحط عجلاتها اخيراً على بلد اشتاق لرؤيته.. لمدينة ولادته وأصل منشأه.. الى هواء بلده العليل الذي يستنشقه ويدخل الى صدره الراحة والسكينة..
اغلق ذلك الكتاب الذي كان بيده والتفت حيث صغيرته.. والتي لم تتجاوز السابعة .. بشعرها الاشقر القصير وعيونها الزرقاء الواسعة وجفنيها الناعسين.. قصيرة القامة بالنسبة الى من هم في عمرها.. نحيلة هزيلة الجسد.. تجلس وبكل ملل ممسكة ألوان التلوين ودفتر رسمها الخاص باناملها الصغيرة البيضاء.. ترتدي فستاناً ابيض اللون .. ليتحدث بنبرة حانية وهو يمسح على رأسها "هيا يا عزيزتي.. لقد وصلنا.."
لتترك ما بيدها وتتعلق في عنق والدها بحماس وتقفز فرحا ببراءة طفولية..
وبعد الانتهاء من الاجراءات التي تخصهما.. خرج ممسكاً بيده اليمنى يد طفلته الصغيرة التي تتدلل وتطلب منه طلبات جمة ومن خلفهما موظف يجر حقائب السفر الى ان استقلا سيارة فارهة سوداء....
كان رجلاً في متوسط الاربعينيات من العمر.. ذو قامة طويلة.. ممتلئ الجسد بعض الشيء .. ذو وجه عريض.. وعيون تلونت بلون زرقة السماء.. و بشرة بيضاء بدأ الزمان بترك آثاره عليها لتظهر فيها خطوطاً داكنة وشعر اسود قاتم ليبدأ نقيضه الشيب الابيض بشن غزوه عليه ليضفي على مظهره هيبة ووقار ،، من ينظر اليه يشير اليه بانه اجمل واحن والد وهو ممسك بيد طفلته بخوف يخشى عليها من الضياع الى ان وصلا السيارة......

وفي الطريق سألته بكل براءة "لماذا لم تأتي والدتي معنا؟!"
رفع بصره عن كومة الاوراق التي يمسك بها " انها منشغلة بعملها.."
تقوس فم تلك الصغيرة ونظرت بحزن الى والدها وقالت " جميعكم تنشغلون عني.."
ترك كومة الاوراق التي كان يمسكها و وضعها في حقيبة سوداء مربعة الشكل.. وقال بنبرة حانية وهو يجذبها نحوه " انا متأسف يا ملاكي .. ولكن هناك امراً يشغل بالي.. "
ابتسمت بمرح وتسائلت وهي تنظر من النافذة "الى أين سنذهب الآن؟!"
اجابها بعد ان اعتدل في جلسته " الى احد الفنادق سنستريح قليلاً قبل ان ننتقل الى المنزل ثم سنذهب بعدها للتنزه"
اتسعت ابتسامتها وقالت بحماس " جيد .. انا احب التنزه.. " وعادت لتنظر الى طرقات هذه المدينة الجديدة بابتسامة طفولية بريئة..



وبعد منتصف الليل.. وعند انتصاف البدر في وسط السماء مطلقاً اشعته الفضية التي تملأ الطرقات.. بدت له الغرفة ضيّقة، موحشة، وانكمش على نفسه داخل فراشه، بين أربعة جدران، وظلّ لسّاعات طويلة شارد الذّهن، لا يكاد يستقرّ على حال في هذه الليلة المعتمة... الى ان وجه انظاره نحو حاسبه المحمول و طاف على بحر ذكرياته تلك الرسالة.. ليسرع ويتخلص من انكماشه ويسير بغضب نحو مكتبه ثم .....
(صباحك سكر عزيزي.. ما أخبارك؟!
ارسلت هذه الرسالة لأخبرك اني افتقدتك كثيراً.. اشتقت لأيامنا سوياً.. لا أنكر ان ما فعلته شيئا لا يغتفر ولكن أنت كنت تماطل بحجة عائلتك وانا لم استطع الإنتظار أكثر ... أرجوك سامحني واسمح لقلبك بأن يفتح من جديد..
جيني )

أخذت عيونه تشتعل غضباً وشعر بالدم يتدفق في عروقه هائجاً مجنوناً ساخناً،، يتصاعد لهيبه حتى شعر وكأنه حرق روحه ،،وهو يقرأ كل حرف من حروف رسالتها والتي حفظها ظهراً عن وجه قلب .. حيث ارسلت قبل عام من قبل محبوبته السابقة .. واغلق حاسبه المحمول بعنف بعد ان حذف تلك الرسالة من بريده الالكتروني.. ووقف من مكانه ليتجه خارج غرفته فقد شعر بالإختناق وضيق في صدره..
ولكن لمحها تقف في الجهة الأخرى من الممر تخرج من تلك الغرفة التي خصصها الجد لابنة عمه .. وتتمثل ببراءة لا تليق بها.. فصرخ بأعلى صوت له "ماذا تفعلين انتي هناا؟!"

وقفت مكانها للحظة بغير استيعاب منها سبب صراخه وانفعاله ذاك.. وما مقصده من سؤاله ... فخفق قلبها وتسارعت دقاته وأخذ العرق يغزو جبينها .. فيبدو من انفعاله ذاك ان حرباً جديدة ستببدأ بالإندلاع.. لتكون نتيجتها غير راضية.. فآثرت العودة الى مرسمها بأطراف مرتجفة .. ولكن وقبل ان تدوس قدماها الى الداخل.. انقض عليها ليمسك بمعصمها بقوة كبيرة كادت عظامها الصغيرة ان تتكسر بين يده الضخمة القوية والتي برزت عروقها... فاعتصرت من شدة الألم وهي تنزل رأسها الى الأسفل..
"ماذا تفعلين هناا؟! هياا اخرجي لا مكان لك هنا.."
رفعت رأسها بحدة مندهشة من كلماته تلك .. وكانت عيناها لامعتين.. شاحبة الوجه،تنظر اليه بحيرة وألم ... اما الرجل الحديدي قاسي الملامح .. جاف النظرة اكمل في بث سمومه بحقد واحتقار " هذا المكان لا يحتويكي.. اخرجي انتي وقذارتك.."
وازداد صوته حدة أكثر وهو يشد بيده الحديدية على معصمها للحظة تكاد عظامها تتفتت من شدة امساكه له "أخرجي من حياتي"
فطأطأت قمر رأسها من شدة الالم وانحدرت دموعها التي سقطت بحرارة من عينيها العسليتين الحزينتين... وشعرت بالاختناق وضيق في التنفس.. واختل توازنها وثقل رأسها وما عادت تستطيع ان تقف بجسدها الهزيل ذاك فسقطت مغشياً عليها امام عيونه النارية الخائفة عندما رآها ملقية على الارض بشورتها القصير الذي يصل حتى ركبتيها وقميصها الأزرق ..يتناثر شعرها المجعد على الارضية.... فزادت ضربات قلبه وبدا عليه الخوف والهلع بشكل واضح خوفا من اصابة محبوبته وفجأة ومن دون شعور غرقت أجفانه بالدموع.. ونزل لمستواها ثم اخذها بين ذراعيه وضمها اليه بكل ما تعتليه من قوة..





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:08 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.