آخر 10 مشاركات
و أَمَةٌ إذا ما ابتُلِيَت في شرَكٍ ما جنتَ *مميزة* *مكتملة* (الكاتـب : فاطمة عبد الوهاب - )           »          خذني ..؟ -ج1 من سلسلة عشقٌ من نوعٍ آخر -قلوب قصيرة - للرائعة ملاك علي(كاملة& الروابط) (الكاتـب : ملاك علي - )           »          حنينٌ بقلبي (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          88 - لو كنت حبيبي - ربيكا ونترز (الكاتـب : فرح - )           »          موضوع مخصص للطلبات و الاقتراحات و الآراء و الاستفسارات (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          209. أنشودة الحب - مارغريت واي - عبير الجديدة ( اعادة تحميل ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          استسلمي لي(164)للكاتبة:Angela Bissell (ج1من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          138- إذا كان له قلب - آن هامبسون - ع.ق (كتابة أكملتها strawberry )** (الكاتـب : أمل بيضون - )           »          206- العائدة - كاي ثورب - روايات عبير الجديدة (الكاتـب : samahss - )           »          415 - لن أعود إليه - ماغي كوكس (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-01-16, 11:12 PM   #21

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الدمعة العاشرة.
.
.
.
حبات الثلج تتساقط برقة مخفية خلف جمالهاوبهجة الناس بها ..هماً عظيماً يملأ أفئدةالمتشردين في مخيمات المنفى ..وقسوة لاذعة تدك الروح دكاً بلا رحمة..تكتسي الارض بثوبها الأبيض ممتلئةً ببرودةقارصة تصتك لها عظام المساكين ..وتختلط رائحةالشتاء برائحة البارودالمحترق لتشكلان نسيجاً لا يمكن الفرار من تذكاره ..
تجلس على سجادتها بعدأن أنهت فرضها ملقية بحمال روحها على سجادتها وعيناها الى القمر تنظر ، علاقتها به باتت عميقة لا يمكن تفسيرها سحر خاص به يقودهانحوه ..انبلاجه بحضور قوي وسط عتمة السماء السحيقة يملأها ايماناً أن نصيبها من الضوء سيمنحها الله اياه ولو كانت وسط العتمة .. حمدت ربها طويلاً ..لولاه لما وصلت أمس الى البيت في الوقت المناسب كان أخاها ملطخاً بدمائه بعد أن دخل في معركة حامية الوطيس مع " عمران ..ابن خالتها" وأبناء عمومته.. الحقد يتجذر في العائلتان وأرواح كثيرة تذهب ..بسبب روح واحدة ذهبت بسبب طيش مراهقين ..يارب أيعالجون المواقف هكذا ؟!..أين هم من تعاليم الاسلام ؟!..أهم أعلم من الله ؟! يارب عقلوهم كم هي صدئة أما يكفيهم انتحار الأحلام على حافة الهاوية وهلاك الأرواح على أعتاب الحياة ..حال الأمة مؤلم يدخل الروح في صومعة بالغة النشيج ترفض كل شيء ..لم الحقد فيهم ..لم لا يعفون..أما زال رداء الجاهلية يلتصق بهم ..أما زالت قلوبهم تمتلأ جهلاً وبغضاً وضغينة ..ألم يرسل سيد الخلق ليمحو تخثرات الجهل التي تملأ العقول ..ألم يرسل ليهذب الأخلاق ويملأ القلوب جمالاً
استوت واقفة وهي تخلع حجابها لتطويه ملقية به وبسجادتها على كرسيها ..خرجت من غرفتها وهي ترجع شعرها خلف أذنها متوجهة نحوغرفته ..المنزل واسع لا يقطنه سواها وأخيها المندفع ..حزن يملأ قلبها ..ماذالوكانت في عائلةطبيبعةمكونة من أب وأم وأخوة
أب يذهب في كل صباح الى عمله تاركاً زوجه وأطفاله يملأون المنزل ضجيجاً وحياة ..وأم تقوم بتربية أبنائها واعداد مايودون دون كلل أوملل..واخوة يتقارعون دائماً بشغب طفولي ..ماذا لو؟!
سبحانك يا الله لا اعتراض على قدرك ولكن القلب هرم وفاضت أحزانه منتظراً بالفرج الذي وعدت..طرقت الباب ليصلها صوته سامحاً لها بالدخول..فتحت الباب بهدوء وهي تلمحه جالساً على سريره يتكأ على ظهره مغطياً نصف جسده السفلي بمجموعة من الأغطية الدافئة علها تخفف برودة يناير القارصة ..حاملاً بكلتا يديه مصحفه ..وعيناه اليها تطلع ..ولسان حالها يقول " ماذا تريدين " ..أقتربت منه بحنية لتجلس على حافة السرير متكلمة بحنية
:كيفك غيث ان شاء الله أحسن ؟!
أومأ رأسه ليعيد النظر الى مصحفه متجاهلاً اياها غير متعمد ..ظنته مستاء من وجودها فتكلمت واقفة وهي تمسح عبراتها
: اسفة شكلي أشغلتك ..هيني طالعة !!
أستغرب تجهم صوتها ليضع مصحفه بجانبه ناظراً اليها باستغراب تكلم ببحة والزكام قد أخذ من جسده مكاناً علياً ..
: ايش مالك ؟! ..زعلتك بشي ؟!
نظرت اليه مستنكرة ..ما زلت تظنه مستهزئاً ..لا تستطيع تجاوز شخصيته القديمة المليئة بالسخرية والبرود والتهكم والكثير من الحنية التي يملأها بها ..اليوم هو تغير من أجلها فقط ..تعلم أن يتحامل على نفسها لكيلا يرى دمعتها ..ولكنها تعبة ..تكلمت بهمس
: لا ولا اشي ما في !!
لمح حزنها ..يا رب البرية تعب من محاولته في ايقاف سيلان دموعها ونشيج روحها ..انها عصية على التجاوب وهو تعب ..تعب جداً ..ابتسم بدفء متكلماً برقة
: اه ما حكتيلي ايش صار معك بالجامعة ..انبسطتي ..شفتي المجتمع اللي بدك تدخلي فيها
ابتسمت لرقته ..لتعاود الجلوس على طرف السرير قائلة بحماس
: والله انبسطت ..ديانا جننتني بهبلها وجنونها ..بس برضو استمتعت
: انت كم جبتي معدلك بالتوجيهي
بابتسامة عريضة: 97.3
ابتسم لتفوقها : ماشاء الله ..علمي والا..
قاطعته بحماس أقوى وافتخار جريح : علمي طبعاً علمي ..مفكر أختك هينة !!
الآن بصدق ابتسم ..ابتسامة عريضة وزعت على جميع ملامح وجهه الفرح مظهرة على خده الأيسر غمازة يتيمة زادت ابتسامته رقة تكلم مفتخراً بصنيعها
: والله ماشاء الله عليها خيتي ..اه وشو بدك تتخصصي ؟!
وقعت في حيرة : مش عارفة ...بس نفسي بالعربي
استغرب رافعاً حاجبه : عربي ..معدلك بأهلك للطب وفروعه
: لا لا ما بدي تخصص بدو دراسة كتيير ...انا ازا نفسيتي بتكون سيئة ما بدرس
لم يعجبه كلامها تكلم بطفولية : حرة انتي ..هيني درست هندسة وتعبت هالخمس سنين ..بس هيني هسا ماسك شغل منيح ..الصيدلة حلوة كثييير وانت شاطرة انا جبت بالصناعي 96 بس العلمي أصعب !!
ابتسمت بحيرة ...اهتمامه بمستقلبها جمييل ..جميييل بحجم السماء
: ان شاء الله بستخير ..وباخد كلامك بعين الاعتبار
ابتسم لرقتها ..أردفت
: غيث شو بدك تعمل مع عمران ..ما بكفي طوش !!؟
غص بوجعه : مش عاررف يا اختي ...هاد الزلمة مش ناوي ع خير ..أنا حكيت مع أبوه جوز خالتي وحكالي انو اخوانو حكو لولادهم بكفي طوش ونزاعات ..بس هدول ولادهم مفكرين هيك رح يريحو براء بقبره ..بعرفوش انو بتعذب بزيادة !!
بوجع عاتٍ: كان طيش مراهقين يا أخي ...بعدين ما همة اخدو الدية وخلصت الأمور ..بس هدول ناس ما بفهمو ..أكملت كلامتها بنشيج : والله ما بفهمو !!
أطلق زفرة تدل على معاناته : يا رحيل تتذكري الطفل اللي كان مليان دم ..اللى كان مرة في البيت..ولك هداك اخوهم الصغير أخدوه معهم ليطاوشني ..شربوه الحقد ..أخدتو للدار مشان أداوي جرحه بعد ما نسوه قد ما قلوبهم ع بعض ..وبعد ما اعتنيت فيه ورجعته اتهموني اني مختطفه ..والطفل بعيط وهمة مش فاهمين متمسكين بغباءهم ..وأكمل ببوح : يختي تعبت ..تعبت كثير ..مش عارف ليش هالقد حاقدين عليّ ..تعبت من الطوش والمخافر والسجون ..حاسس حالي من ولاد الشوارع ...حاسس اني لحالي بالرغم من انو ولاد عمي جمبي

تكلمت بحنية : الله يكون بعونك ..عليك بالدعاء ..الوحيد اللي قادر يخفف هالتعب عن قلبك هو ربنا ...يمكن أنا احكيلك كلمتين مواساة وأروح وأنساك ..بس ربنا أبداً ما بينساك ..لانو فاهم وجعك وحزنك .ومطلع على الطيبة اللي جوات قلبك ..الله يبعد عنك هالهمجية ويختارلك الأحسن ويوفقك بالدنيا والآخرة
ابتسم بفرحة ..أن تكون راضية عليه رحيل لهو فرج عظيم يملأ قلبه ...تكلم بصدق
: انك تكوني راضية عليّ يا حلوتي ..احسن اشي بالحياة ..المهم تكوني سامحتيني على افعالي القديمة وعدم مراعاة مشاعرك
طفرت دمعاتها وهي تستمتع لرقة قلبه.. أخاها .لكم يؤلم قلبها بوحه ..متعبة أركانه ..وزاد عليها الزكام والحمى هزلاً وتعباً ..تباً لهم ولقلوبهم ..يا رب انتقم لنا ممن ظلمنا وانصرنا على من عادانا
اقتربت منه ماسحة على شعره بيدها الرقيقة متكلمة بابتسامة وهي تنظر الى ملامحه
: الله يسامحك يا أخي دنيا وآخرة ... ولو انت عزوتي من لي غيرك ؟َ

توضيح عائلة رحيل
الجد والجدة ..من طرف الأب
الابن الاول محمد وزوجته مطلقة "سماح"
الأبناء رحيل وغيث
الابن الثاني أحمد الزوجة "منار " أخت سماح
الابناء سمر وميس وايهم
الابن الثالث محمود
أنس ومها ومارية وسمية
الجد والجدة من طرف الأم
الابن الاول كامل
الابناء سرى وسجى وكريم وكرم
البنت الثانية سماح
البنت الثالثة خولة وزوجها عادل
الابناء عمران وجاد واياد وسلام
" المشاكل واقعة بين عائلة عادل وعائلة غيث "
" الشخصيات هي مو مهمة فقط وضعتها للتوضيح وايصال الصورة ^^"
...........................................
تثرثر بكل شيء وهي تنظر الى أمها تتنقل في المطبخ بمهارة اكتسبتها من سنوات أمومتها الثماني عشر ..للتو صحوت من نومها العميق لتلج الى المطبخ بعد أن غسلت وجهها وكل ما فيها فرح حد الثمالة ..3 أسابيع برفقة أبيها أجمل من الدنيا كلها ..ياااه لكم تشعر بالفرح ..تود لو انها تعانق السماء أو تغني مع الطيور أو حتى تنثر فرحها على السماء
الأُنثى عالم ..
طلاء الأظافر والشعر الطويل والاكسسوارات و"البُكل " الملونة والفراشات والورود ..أشياء بها تلتصق وجمالها بها يكتمل ..
في لمساتها سحر جليّ ..لو شاركت بصنع سفينة لوضعت لها بصمة وردية كأحلامها ...ولو حلقت في السماء مع الطيور لرسمت على أجنحتهم تحفة جمالية وبساطة لذيذة .. ..لو تناغمت مع الفراش لما فرقت بينهن ..ولو اتحدت مع الزهور لحرت في مكانها ..
الأنثى ونبضها ..معضلات يصعب فكها والوصول الى مكنونها .
تمسك وليدها بعاطفة لو فّرغت على الصخر لحطمته ..بعد أن تحمله في رحمها شهوراً تتجرع بها الالام حباً وتقاسي فيها الأوجاع شوقاً ..تضع طفلها فرحة وآلآم لا حصي تتملكها ..ومع ذلك تبتسم
انها أمٌ ..بوجودها يرحمنا الله ..الشيء الوحيد الحسن في هذا العالم
هي أخت ..تشاكس وتلاعب وترسم بلمساتها سحر يملأ البيت فيصنع منه عالم وردي يفيض بكل جمال
هي صديقة وزوجة وعالمة وكاتبة وداعية وطبيبة وممرضة
بفرشاتها المتفردة بإمتلاكها ..تعطي للحياة لوناً جميلاً بعيداً عن السّواد والرماد ..تغني معزوفة السلام بصوتها العذب وابتسامتها الرقيقة
عاطفتها الحانية لو وُّزعت على العالم لنضبت نار الحرب ..وانفجرت ينابيع السلام لتروي الأرض الردماية التي خلفتها نار الظلم والقسوة والحقد
الأنثى شيء يَصعب تفسيره ..انها حياة ..انها كل المجتمع
تكلمت امها اخيراً بعد ان أخذت دور المستمعة مطولاً وهي تضع الطبق الأخير على طاولة السفرة المقابلة تماماً للمطبخ المصمم بالطريقة الأمريكية
: وتين روحي فيقي بيك ..قوليلي الفطور جهز ومنشان يلحق ع صلاة الجمعة
أومأت رأسها فرحة ..شعور انها تحيا في أسرة طبيعة يداعب قلبها بود وهذا ما يفرحها ..دلفت الى الغرفة لتهب عليها الرائحة الباردة التي تملأ امها دائماً ..رائحة الياسمين الشامي الخالص ..استشقت الرائحة بحب وكل خلاياها تستجيب لادمانها الرائحة ..الياسمين وأمها رفيقان ..كم تذكرها الرائحة بأزقة دمشق البسيطة وأسواقها التاريخية ..للروائح قوة عجيبة تصل الى ارشيف الذاكرة أسرع من الضوء لتذكرك قصراً بما أحتوت من ذكريات ..ابتسمت بدفء وهي تقترب من أبيها المنزوي الى جهة الشمال واضعاً كفه تحت خده مغلقاً عينيه بهدوء ..ابتسمت لملامحه تأخذ من شكله الشيء الكثير وخاصة ..شعره الأسود الفحمي الكثيف والناعم ..من رآهما يعلم سريعاً أنهما أب وابنته ..على النقيض كانت رنيم بشعر خربوي فاتح قصير وخفيف شديد النعومة ..ابتسمت لذكرى تلك الجميلة ...كل ملامحها كانت في كفة وعيناها الزرقاوتان شديدات اللمعان في كفة أخرى ..لكم غبطتها على جمال عينيها التي ورثتهما من جدتها الجميلة ..اه يا رنيم لماذا رحلت ..لو أنك اليوم معي لفرحنا سوياً ..ولضحكنا سوياً ..أشتاقك يا شطر قلبي والكثير مني ...مسحت دمعتها التي طفرت لتتكلم برقة وهي تهز أباها
:بابا يلا قوم ..الفطور جهز عم نستناك ..واليوم الجمعة
تقلب ذات الشمال بعد أن همهم بنعاس غير مستجيب لندائها ..تكلمت بيأس
: بابا يلا الله يسعدك ..فيق ..حاج نووم !
أكملت محاولاتها دون أن تشعر باستجابته ..خرجت من الغرفة يائسة ..باحثةعن أمها لتوكلها مهمة ايقاظ أباها ..هكذا نحن عندما تعجزنا الحياة ولا نستطيع منها فراراً نلجأ الى أمهاتنا مراراً ظانين أنهن قادرات على فعل كل شيء ..ولا ندري عجزهن عن الحياة !!
بحثت عنها بعينيها مستغربة من عدم وجودها مقابلها في المطبخ من الجهة المقابلة للسفرة ..مشت وكادت ان تلف المطبخ لولا أنها رأتها ملقية على الارض السيراميكية الباردة بلا حركة ..فتحت عينيها بذهول .. لم تستطع كبح جماح بكائها ..أنهارت بجانب امها وهي تصرخ باستجداء : بابااااااااااا
لمحته فزع قادم اتجاههما وامارات النوم ما زالت بادية على وجهها وبيجامة النوم ما زالت على جسدة ..

.............................
زفر بهم وهو يفتح باب البيت سلّم بهدوء ..ركن حقيبة اليد الجلدية الخاصة به جانباً ليخلع نعليه ، مسكها ودلف الى داخل الصالة ليضعها وأوراقه على الطاولة الخشبية الموضوعة وسط صالة الجلوس نظر اليهم وهم يمتمون رادين السلام وكل في عمله منشغل زيد الصغير يمسك الجهاز اللوحي بكلتا كفيه ليلعب بحماس يظهر على تقاسيم وجهه وأمه تشتغل في السنارة والصوف ومستمتعة بذلك أيما استمتاع أما عن بلسم فقد كانت مشغولة في هاتفها المحمول وخالد لا يجلس معهم يبدو أنه في غرفته ..جلس بجانب أمه وهو يتنفس بتعب للتو وصلته محاكمة عبد الله ..9 شهور ظلماً سيقضيها في عتمة الزنزانة وحيداً ..تكلمت أمه بحنية :ايش عمر كيف حالك يما ؟!
ابتسم باصفرار وشحوبه ظاهر : الحمد لله يا الغالية
بحنية جارفة : تعبان يا حبيبي ..وأردفت بأمر وهي توجه نظراتها لبلسم : بلسم قومي حضري لأخوك الأكل
قامت تلك وهي تتململ بروتينة أما عنه فقد ألتفت بحزن لأمه : يما حاكمو عبود 9 تشهر !
شهقت بحزن وهي تنظر اليه ويداها ما زالتا مشغولتان بتشبيك خيوط الصوف : الله يفك أسره يا حبيب أمك ..الله يفك اسر كل المظلومين ويعين أمه !!
ابتسم لحنيتها وهو يتأمل الكتلة الصوفية الخضراء التي بين يديها ..تكلم متسائلاً : يما شو بتعلمي ؟!
ابتسمت بحب : بعمل كنزة لـ "أنس " ..الله يسعد قلبه حبيب ستو !
انفرجت أساريره لذكر الصغير ..ما ألذ صورته ..ابن اخته
: الله يسعده ..وأردف بمرح : يا ريت يجيني من الدلع نصيب
استنكرت قائلة : والله اني بدي اعملك ومخططة بس انت مستعجل
قهقه بحب وهو يقبل عالي الجبين قائلاً: الله يحفظك يا ميمتي ..انت بالدنيا كلها
دخلت بلسم الصالة قائلة : يلا عمور تفضل هي الأكل
ابتسم عندما لمح صحن الرز الأصفر وصحن اللبن ..يزينان الصينية
: ياااي وانتو عاملين رز ولبن "منسف" ..الله يسلم هل الايدين
ما كاد يقترب من الصينية الا وخالد يلج الى الصالة ضاغطاً بقبضته على صدره بقوة وصوت قحاته يخيل لسامعها انه سيفقد أجزاء من جسده بسببها ..تكلم بصعوبة وهو يلمح عمر
: عــ ـمـ ـور قـ ـوم خـ ـدني ع المـ ـشـ ـفـ ـى مـ ـش..
لم يكد اكمال كلماته الا وهو منهار على الأرض صريع آلامه التي أنهكت جسده الضئيل ..صرخت أمه بفزع وهي تلقي بالسنارة والخيوط على الكنبة راكضة نحوه : يمااا ابني
أما عمر فاللقمة الاولى ما زالت في فمه لا يستطيع ابتلاعها وهو يلمح انهيار أخاه الحبيب وأخيراً قام نحوه راكضاً ليحمله بكلتا كفيه متجهاً به نحو المستشفى !
ودموع بلسم المشفقة وذهول الصغير تحيطهما ...
........................
تجلس على كراسي الانتظار في قسم الطوارئ بذهول لا تريد أن تفقد أمها كما فقدت من قبلها " رنيم " تنهدت بهم وهي ترجع برأسها للخلف ودموعها قد ملأت مقلتيها ..نظر اليها أباها بحزن ..لا يدري ماذا ينتظرها من أقدار هذه الجميلة ..ان فقدت أمها اليوم فستفقد نفسها ..وسيفقدها !!
أمه لا تريد الاعتراف بابنة السورية وهو بدأ في الوصول الى حالة اليأس من موافقة امه لدخول وتين لعالمهم ..عندما بدأت الثورة بالاندلاع ظن أنها ستلين ولكن لم تلن وقالت " يستاهلون يبون الحرب " .. مزقتنا عصبية قبلية ..محقها الاسلام قبلاً ..وعادت ولكن بشكل أقوى وأقسى وأعتى يا رب هون علينا !
عندما دخلو المشفى كان نبضها معدوماً خال أنها ماتت ولكنه قاوم وأوصلها للطبيب الذي كانت ملامحه تدل على اليأس من حالتها ..خرج الطبيب من الغرفة ..توجها نحوه بسرعة ليتكلم بصعوبة وتبدو امارت الحزن على وجهه
: والله مش عارف كيف بدي احكيلكم اياها ..بس المؤمن القوي بصبر وربنا ما ببتلي عبد الا اذا أحبه ...
قاطعته بانهيار ودموعها تنزل: لأ منشان الله لا تقولا يا دكتور ..لا تقول انو ماما ماتت رح روح فيّا ..رح مووت من بعدا ..فرجك يا الله
ضم كتفيها الأب ليقربها من صدره وعيناه استحال لونها الى احمرار كالجمر في توقده تكلم بصبر بعد ان تنحنح ألفاً ولم تنجلي بحة الحزن عن صوته : تكلم يا دكتور ..والله بعيننا
ابتسم الدكتور بشحوب ..يواجه كل يوم العشرات من الحالات ولكنه في كل مرة يجد صعوبة تحزنه نظرات التأمل من أعين أحباب الغائبين ..وكأنهم يتأملون في وجوده وجود الغائبين .. : السيدة أصابتها سكتة قلبية مفاجئة مما أدى الى وفاتها ومما...
لم يكد يكمل حتى جثت وتين على ركبتيها وهي تضع كلتا كفيها على رأسها باستجداء معدوم للصبر الذي غدى ذرات في روحها
: لأ منشان الله ماما ما ماتت ..انتو كزابين عم تكزبي عليّ بس انا ما رح صدقكن
وقفت بتوهان وهي تتأرجح كبندول لتتوجه الى ابيها وعيناها من الدموع نضبت
: انت جيت بس مشان تخرب علينا ..بدك بس توجع قلبي ..انا ماني فاهمة ليش عم تكزبو عليّ ..فرجك يااااااا الله
خرجت من بوابة المشفى وهي تمتم بذهول ..على حافة الجنون ..
كان يركض خلفها وهو يلعن نفسه مراراً لقد أذاق هذه العائلة الحزن لو لم يتزوج نور لأحتضنها زوج بسيط من أهل البلدة ولعاشوا في بساطة ..
صرخ بجنون وهو يلمح السيارة المسرعة المتوجهة نحوه وسائقها الأرعن الذي يبدو بأنه يحمل اصابة خطيرة في سيارته
: وتييييييييييييييييييييين
ألتفت نحوه بذهول وعيناها تائهتين مصدومتين ..لم تكمل نظراتها ولم يكمل هو الاتجاه نحوها لان السيارة كانت قد دفعتها عن الارض متراً تطير بها وهي تشهق مستنجدة روحها بأن تخرج ..لترتطم أرضاً مصدرة دوياً هائلاً أثار جنون الأب الذي أخيراً قد وصل اليها ليجثو على ركبتيه بجانبها وهو ينظر الى وجهها المصفر وجسدها الأحمر ودمائها قد صنعت من سيلانها بحيرة صغيرة ..أما عن السائق فقد كان يقف بجانب باب السيارة بذهول ناظراً نحوها متسمرة ملامحه ..ماذا فعل ؟!!



التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 04-02-16 الساعة 10:31 PM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 04-02-16, 10:33 PM   #22

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




السلآم عليكم ورحمة الله وبركاته ()
مسآء الياسمين ^^
موعدنا اليوم مع الياسمينة الأولى
قراءة موفقة

.
.
.
الياسمينة الأولى

حينما أزهرت جنائن الياسمين في صدري يا أمي ..لمحت في الحياة ما لم يبدَ لي سابقاً..وتبسمت في وجهي حقول البرتقال وسنابل القمح وأشجار التين والزيتون ..وتبسمت أنا ..ووجدتني بعد أن رأيتني في مرآتي جميلة ..جميلة كما لم أكن من قبل ...جميلة ..وابتسامة رقيقة تنشط تقاسيمي وتشد تجاعيد البؤس من عليها ..وتصيرني من جديد..أنثى تضج بكل حياة ..لم يتطلب الأمر مني كثيراً ..فقط ثقة خالصة بالغة النقاء أرسلتها الى خالقي في السماء ..وتوكل صادق شددت به أزري وربطت به على قلبي ..
.
.
.
مستلقية على سريرها بشرود ..وحالة من اللاوعي تغشاها ..صداع قوي يقسم رأسها كثيراً ..ولا تذكر لما مضى ..وحزن عجيب يعتلي قلبها كلما حاولت تذكر ما فات..ولكن كل ذلك يهون وينجلي ما دامت تعيش بكنف عائلة شديدة الترابط ..أوصارها متجذرة في رحاب الحب..ودعائمها من نهر التآلف تنهل ...تحب أمها وأباها كثيراً..وان كانت تشعر اتجاههما بلا راحة غريبة..يمكن لانها لا تتذكر ما فات وهذا وارد..
وقفت على باب الغرفة وهي تقطع صوت ندائها للجالسة بالداخل بعد ان لمحتها شاردة ..تذكرت وصايا أخيها الألف " لا تخلوها تسرح..لا تخلوها قاعدة لحالها..ضلكن معها..ما تخلنها تحس انها غريبة ..عاملنها كأنها أختكن" ابتسمت لذكراه وهي تدلف الى الداخل..قائلة بمرح وهي تتجه نحوها
: وتونة الحلوة ..شو بتسوي ؟!
انتبهت من شرودها لتجلس على سريرها كحركة عادية قائلة ببساطة وابتسامة خجولة تزين محياها
: بلسم حبيبتي ..
جلست أمامها وهي تبتسم لحيائها قائلة بحب عميق
: عيون بلسم !!
تكلمت بخجل وهي تفرك يديها
: اممممم بدي كم شغلة من السوق ومستحية أحكي لبابا يعطيني مصاري
ضحكت بمرح
: يا ربي هالبنت شو هبلة ..نفسي آخد من خجلك شوي
ابتسمت برقة ..لتعاود الكلام
: بلسم انت بتعرفي اني لسا ماني ماخدة عليكن ...فقدي لذاكرتي نساني اياكن ..ما تزعلي مني يا اختي
ضمتها بدفء ..وحزن يعتلي فؤادها اتجاه "وتين" ..يا الله تعيش هذه الفتاة في معمعة بالغة التوهان والضجيج..لا تعلم ما تخبأ الأقدار لها من مفاجآت ..ولكنها تعلم ومتؤكدة ..أن ايمان هذه اللطيفة وثباتها عميقين ..يا رب خفف عن قلبها ما يلاقي
تكلمت بحنية
: ولو يا حبوبتي..مو مشكلة ..ابتعدت عنها لتكمل وهي تقف وتمسكها بيدها لتجرها الى الخارج
: امممم يلا تعي نحكي لبابا ..منشان نطلع ع السوق قبل ما تيجي رهف وبيسان
ابتسمت لذكراهن ..اخواتها المتزوجات وأبناؤهن أجمل ما يزين الحياة ..وخاصة "أنس " الصغير صاحب العينين الزرقاوتين..واللتان يلقيان بها في ذكرى ضبابية ..وشرود عميق ..لا ينتشلها من براثنه سوى أصواتهم المنادية وضجيج كلماتهم
تكلمت بفرح وهي تقف لتجبر بلسم على الوقوف في صالة الجلوس
: ياااي ..خلص ما بدي انزل ع السوق
قرصتها على خدها قائلة بقهر
: ولك بلا هبل بدنا نضلنا نستناهن ..خلينا نروح وبتشوفيهن بس نروح ..مش طايرات .. واخيراً صحتلي طلعة بمعيتك
أنهت كلماتها مع دخول "عمر" ..ابتسمت لرؤيته ..لتتجه نحوه ممسكة ب"وتين" قائلة بدلع خبيث متحججة بالهادئة
: عمووورة وتين بدها كم شغلة من السوق
ابتلعت كم من الهواء وهي توجه نظراتها اليه ببرائة طفل ينتظر بالحكم عليه من قبل والدته بعد أن كسر تحفة نفيسة ..وشعور متوقد من القهر في داخلها اتجاه بلسم تريد أن تفتتها بأسنانها ..وضعتها في موقف محرج
وجه نظراته اليها مبتسماً بصمت ليتكلم بهدوء
: ما الها لسان تحكي..وبعدين ما في سلام ويعطيك العافية يا أخي ..على طول طلبات ست بلسم
تأفأفت تاركة يد وتين ..لتبتعد عنهما بقهر ..
شعور من الحرج أجتاح قلبها ..لم تعتاد على أخيها بعد..لأنه شاب وجوده يربكها ..ويشعرها بالخجل ..وخاصة معاملته الرسمية ..ولقاؤته الشحيحة بها..تباً لك يا بلسم ألقيتني هنا أتجرع ثمار ندمي بتفوهي أمامك باختلاجاتي..مشاكستك تخجلني ..يا مشاغبة
تكلمت بحرج
: اسفة يا أخي..هي بلسم والله..حتى أنا كنت بدي ألغي الطلعة منشان رهف وبيسان جايات بس هية أصرت ..
تنهد بحرقة ..وقلبه يتآكل من الحزن ..ابتسم برقة مخفياً كل شيء
: مش مشكلة ...اللي بدك اياه بصير ..
اتجهت نحو بلسم لتقف جانبها
: خلص منأجلها ليوم تاني ..اليوم بدي أقضيه مع خواتي
صرخت بقهر طفولي وهي تقرص وتين على ذراعها المغطية بكنزة صوفية وردية ، دمعت عيناها من الوجع وهي تخفي صرختها المتوجعة..لا تعلم لماذا فعلت هكذا ..ألأنها لا تريد احراج بلسم وتوبيخ عمر لها ؟!..أم أنها أعتادت الوجع ؟!
لم تخف عن ناظريه لمعان عينيها وتجمع الدموع في مقلتيها..وكبتها لوجعها..وبلعها لنصله الحاد ..صك أسنانه بقهر مبتعداً عنهما ..متوجهاً الى غرفته..أغلق الباب بقوة وهو يلقي بحقيبته وبنفسه على سريره ..يريد أن يصرخ من قمة جبل في ليل حالك..يصرخ بملء فيه لمااااااااااذا؟! ويغيب استفهامه في عتمة الليل وبرودته فيندثر!!
استغربتا عصبيته اللا مبررة ..نظرتا الى بعضهما باستفهام بريء ..لينفجرا ضاحكتا ..وصله صوت ضحكاتهما..انفرجت أساريره ..جل ما يتمناه أن تبقى تلك بخير ريثما يعود أبوها ..

.................................................. ....
مسحت دمعاتها بالغة الحزن ..بعد أن تجرعت صده للمرة الألف ..عيناها صارتا حمرواتين وجمر من لظى يشتعل فيهن من الحزن والندم..لا معنى لكل الحياة من دون رضاه ..نادمة أشد الندم عما أقترفت يداها ..لم لا يعفو عنها ؟!..تعبت من اكفهرار ملامحه التي أعتادت الرفق واللين فيها ..لا تلوموها أعتادته أباها الحاني وأعتادت نفسها معه طفلة مدللة تلقي بحمال روحها على صدره من دون أن تكترث ..خرج بعد شهرين مع كفالة مالية باهظة ..وها هو اليوم لا ينظر في وجهها ..وكلما لمحها تدخل الى مكان هو فيه تسّود ملامحه فهو كظيم !!
أغلقت باب غرفته بهدوء وهي تسحب نفساً تستجدي فيه استعادة أملها الغائب وتفاؤلها الأرعن ..توجهت الى المطبخ تبغى طعاماً تصنعه لنفسها ولذاك "الزعلان" ..أحتارت ماذا تطبخ وماذا تحضر ؟! ..فتحت الثلاجة باحثة بعينيها عن شيء ملهم يقودها الى وجبة الغداء ..وقعت عيناها على كيس أبيض مكتوب عليه اسم صيدلية ..استغربت حملته لتضعه على الطاولة وهي تفتحته ..مسكت الأدوية التي لا تفقه في علمها شيئاً سوى المنشور المرفق معهن..قرأت باستغراب ..تجمعت الدمعات في عينيها ..ألقت به لتركض نحوه وهي تبكي ..تاركة خلفها الكيس والأدوية والثلاجة بما فيها ..فتحت الباب بلا استئذان ..التفت اليها والنظارة الطبية الخاصة بالقراءة ما زال يلبسها ..تأملها بذهول وهو يلمح دمعاتها ...للتو خرجت من عنده باكية من صده ..فلماذا عادت ؟!..برود غريب اجتاحه وهو يعاود الالتفات الى كتابه الذي بين يديه بلا اهتمام..أنتظرته يسألها عن سبب دموعها .. سابقاً كان يجن اذا لمح دمعاتها ولمعان عينيها ..واليوم لو هلكت أمامه ما أهتم
صرخت بقهر ..قهر قوي عميق يخلع قلبها وهي تدك الأرض بقدمها احتجاجاً على بروده
: عبووووووود خلص ..ما بكفي وجعتلي قلبي كتير ..خلص حرام عليك ..ألتقطت أنفاسها شاهقة ودموعها تخط مجراها على وجهها لتكمل
: ايش هي الادوية اللي في التلاجة ..معك قرحة بمعدتك ..وما حكتلي ..بدك تتركني وتروح ..ما شبعت زعل ..
أقتربت منه مستجدية الرضا ..وقف مقابلها ببرود تاركاً كتابه على السرير .. تكلم ببرود
: خلصتي صراخ !!؟
على حافة الجنون وقفت ..أو حتى جنت ..تكلمت ببحة
: عبود بالله عليكي بكفي ..عاقبتني كتيير
أضعفته دموعها ..هذه صغيرته ..حبيبته ..ابنته وفلذة روحه...لا يهون على قلبه دمعاتها ..ولكنها جرحته بخذلانها له ..وان كانت غير متعمدة ..تجهم وجهه مبعداً عينيه عن النظر الى صفحة وجهها الفاتن ..تكلم بعتاب قاسٍ
: ديم انا زعلان منك كثييييير وصعب امسح الزعل من قلبي ..ما تفكري انو بدموعك وصراخك رح أحن ..عبد الله القديم رااح وانت خسرتيه وبايديكي...تذكري حذرتك من انك تخسريني بس انت ما بتفهمي
أبتلعت كلماته الحادة وغصة ذات نصل حاد تجرح حلقها فتدميه ..ماذا فعلت ..خسرت قلبه وحنيته ..لم تعهده قاسياً الى هذه الدرجة تكلمت بقهر طفولي وهي تتجه خارجاً
: ماشي ضلك زعلان..وأكل مش عامليتلك ..روح دورلك على اخت تانية ..ودير بالك لو تموت ما تحكيلي ...ماشي ؟!
تأملته مطولاً ..متمنية أن يتكلم أو أن يلتفت اليها ولكنه خذلها ..أغلقت الباب بهدوء وهي تشهق باكية ..
جلس على سريره وهو يفرك عيناه لا يريد أن يضعف ..يجب أن يلقنها درساً هذه المتمردة ..تنهد بهم وهو يستلقي على ظهره ابتسم بحنية وهو يتذكر طفولتها التي لا تتركها ..ملازمة لها حتى في انكسارها ..اه منك يا حبيبة أخيك وعينيه !
...............................
خرجت من المحاضرة وهي تلتقط أنفاسها ..محاضرة ساذجة ومقرفة ..لولا أن الدكتور يسجل الغياب لما حضرتها ..حوقلت بهدوء وهي تخرج هاتفها من حقيبتها ..ابتسمت بصدق وهي ترن عليه ..علاقتهما تحسنت كثيراً وأصبحا أقرب من بعضهم البعض ..تجد فيه حنية أبيها وخلقه ..وتكافل الأخ وتعاطف..واهتمام الأخت ورقتها ..غدى لقلبها كل شيء ..
: هلا غيوث ..كيفك؟! ..دايماً يا رب ..تمام الحمد لله ...ههههههه ولك لا ...طيب طيب..ايمتى رايحين ...بلشنا فيرست ..اه اه ..ماشي ..بأمان الله ..وعليكم السلام
أبعدت الهاتف عن خدها وما كادت تضعه في الحقيبة الا ودق معلناً عن وصول مكالمة أخرى ..ابتسمت بحب ..هذه ديم ..أضحت رفيقة مقربة لروحها ..فتاة رقيقة بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ ..تشعر أنها تشابهها في الحزن والفقد..يكفيها أنها أخت قمر ..ذو الحروف الثلاث التي تلقي بقلبها في وادٍ سحيق لا تدرك عمقه ..بعد أن تشعر برغبة عارمة في اقتحامه أكثر ..لن تقل أنها أحبته ..لأن مشاعرها نحوه غريبة لا تدرك ماهيتها
تكلمت برقة : هلا بحلوتنا ديم
ابتسمت لكلماتها وهي تمسح دمعاتها ..باتت هذه الرحيل لقبلها ضمادة تبرأ جراحه الملتهبة..أضحتا أختين ..ردت بهمس مبحوح وآثار البكاء ظاهرة في نبرتها
: هلا حبوبتي ..كيفك؟!
جلست على مقعد خشبي في حديقة بعد أن خرجت من كلية العلوم ..واضعة حقيبتها البنية ودفتر محاضراتها بجانبها ..بهمس قلق
: ايش مالك ؟!..كاينة تعيطي؟!
ابتسمت لاهتمامها وهي تستلقي على سريرها ..ألهذه الدرجة نبرتها تظهر فيها آثار البكاء ..ماذا فعلت بقلبي يا أخي ؟!..وءدته في رمل صدك عني ..يا الله أمدني بالصبر
: ولا اشي ..
: ديومة ..احكي مالك؟!..لساتو قمر زعلان منك
ابتسمت لنطقها باسمه " قمر" رغم انها تعلم اسمه الحقيقي الا أنها تصر على مناداته باسمه هذا ..تدرك كم تكن له مشاعر ..وتجدها في كلماتها المهتمة عنه ..واهتمامها البالغ في كتاباته ..حتى أنها تجمع خواطره منذ أن بدأت في مطالعة حرفه في صندوق مخملي تحدثت ذات مرة عنه ..لليوم لا تعلم لم أختار عبد الله قمر لقباً له ..لكنها تعلم ومتأكدة من أنه ينظر الى القمر من زاوية خاصة ..زاوية لا يرتادها سوى الكتاب ..زفرت بحنق
: اه زعلان ..لأ وكمان معاه قرحة بالمعدة ..ومش مهتم
شهقت بحزن ..ألتمعت عيناها ..ثم ردت تنفسها المضطرب الى طبيعته ..وأتقنت الثبات لتتكلم
: اطلعي ديوم انتي اللي عملتيه مش هين ..خنتي ثقتو فيك بنزوة الشيطان وشاركتي في اعتقاله من دون ما تعرفي لما خليتي اللي ميتسماش يطلع ع اشياء أمنية ..لازم تصبري ليرجعلك أخوك ..انتي خسرتيه بهبلك ..بس بتقدري ترجعيه ..اهتمي فيه هالفترة ..القرحة سببها الرئيسي النفسية السيئة
ابتسمت من بين دموعها ..كل ما تقوله رحيل صحيح ..وتدركه ..ولكنها تعبت ..ببوح
: بس تعبت يا رحيل
: لأ لأ مش لازم تتعبي ..مشانك ومشان أخوك..كل يوم الصبح تنفسي بعمق واحكي اليوم ان شاء الله أحسن..وكل كلمة ومحاولة لرضاه رح تتسجل في رصيد حبو لالك..واكيد قريباً رح يرضى ..لانك أخته بنته ولأنو طيب..كوني واثقة من ذلك ..ماشي حبوبتي
ابتسمت لكلماتها ..هذه الرقيقة بسلم لقلبها المحزون ..شكرتها بحب وودعتا بعضهما البعض خلف باب الغرفة كان يستمع لبوحها ..كان قادماً ليتكلم معها في موضوع تخرجها القادم هذا الفصل ..ولكنه استغرب أحرفها..أخته ويعرفها ..كتومة لا تثق بأحد سواه ..يحفظ تفاصيلها ..من هذه الفتاة التي أصبحت تثق بها هكذا ؟ ..من هذه التي تخفف عنها حزنها ...من هذه رحيل ؟! ..شعر بالغيرة ..غيرة غريبة ..هذه الفتاة تسرق أخته منه ..كانت تبوح له سابقاً بكل اختلاجاتها ..واليوم أضحى غصة في خاطرها ..تبوح بها للغير ..كاد أن يضعف ويذهب ليقبل اعتذارها منه ..ولكن صوت عقله طغى عليه ..تحركت قدماه ليترك المكان لولا أنها فتحت باب الغرفة لتقف امامه مستغربة ..عيناها المترومتين جراء بكاء متواصل تنظران اليه بذهول ..حركت شفتيها الجافتين لتتكلم لولا أنه أبتعد عنها بقهر صاكاً على أسنانه بحنق ..لا تخرج ولا شيء ..لن يتحدث معها بشيء ..فلتذهب الى تلك ولتحدثها ..يبدو أنها بدأت في التخلي عنه ..لم تعد تحتاجه ..حركت رأسها بدلالة طولة البال لتتجه الى دورة المياه ...مستغفرة ربها ومستغربة منه ..السجن غيره عليها ..يارب رد لي أخي الذي أحب
.....................
انتهى الى لقاء آخر أحبتي


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 09-02-16, 02:32 AM   #23

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


.
السلآم عليكم ورحمة الله وبركاته (())
مسآؤكم/صباحكم فل وياسمين وجووري والكثير الكثير الأوركيد ^^



خلينا نحكي شوي قبل ما تقرأوا الياسمينة.. ..أنا فتاة أول سبب دفعني للكتابة هو تطوير نفسي ..ورفع همتي ..وهادا الأمر للأسف ما عم يتحقق بقلة الردود ..وقلة الانتقادات الهادفة ..وقلة التفاعل والحماس ..أنا عم أطلب رجاء ً أي متابع خلف الكواليس يظهر لو برد بسيط يرفع همتي ..ما بتعرفوا قديش كلمة بسيطة ممكن تعمل في جوفي وتطلع مني ابداع ..خدوها يا جماعة من جانب ديني الكلمة الطيبة صدقة ..وتأكدوا انو بمشيئة الله لن أترك الرواية حتى ان لم تتحقق الردود وتبسطني ..لكن ما بوعدكم انها ما تكون هالرواية تجربتي الاخيرة في عالم النت..ان شاء الله ما تزعلوا مني بس لازم تكون العلاقة بيننا شفافة مشان ما نخلق حواجز تبعدني عنكم وانا التي أبغى قربكم ..ان شاء الله ما أكون أزعجتكم ..وتفضلوا الياسمينة ان شاء الله تعجبكم

.
.
.
الياسمينة الثانية


نمسك أمانينا بكلتا يدينا ..نتشبث بها بكل ما أوتينا من قوة ..نقربها من أفئدتنا لنحميها من بطش هذا العالم ..ورغم كل هذا تتفلت منا كطير يرغب بالحرية ..نحاول ارجاعها ولكنها تأبى وتأبى ..فقفص أفئدتنا لا يتسع الى حجمها الكبير ..تناغمها لا يليق بوجه بائس ..ومداركها الواسعة لا يعلمها فكر ضيق ..آفاقك لا بد ان تتسع لتكون ملاذاً جيداّ لأمانينك .يجب أن تتغير والا فلتتركها تطير الى روح أشد بياضاً وأكثر عملاً ..روح لا تعترف بالكسل واليأس..روح تنظر الى الجانب المشرق دائماً ..روح مثالية تماماً..
زم شفتيه وهو ينظر الى مداد حبره على صفحته البيضاء ..رفع نظارته الطبية على شعره الأشقر الناعم ..وهو يقيم كلماته ..يبدو أنها مثالية كثيراً ..وقاسية لا واقع بائس تعترف به ..ولا أكدار متعبة تراها في الحياة ..أحرفه منافقة وجداً ..الأماني تصل اليها بمدى صدقك في تحقيقها ..وبمدى صبرك على همك ..أمانيك ان كانت صادقة فستحققها في غمرة حزنك ..ستتآلف معك هي ..كور الورقة ملقياً بها في سلة القمامة الواقعة تحت الطاولة الخشبية ..زفر وهو يخلل كلتا يديه في شعره متكئاً على طاولته ..كان يظن أنه سيبعد عن عمله بعد خروجه السجن ..ولكن الصحيفة كانت لا تزال تحفظ له مكانه في الكتابة ..انه لطف من الله وفضل منه ..لو فقد عمله لتردت حاله وأخته ..الشيء الوحيد الجيد ..هو هذا البيت الواسع المملك له ولأخته ..أخته ..اهٍ منها ..كيف خانها لسانها وتكلمت عن قصائده التي كان يطرحها في أمسيات شعرية ممنوعة أمنياً ..كيف خانها ذاك اللسان الذي يجب أن يقلمه ويقلل طوله ؟..وذاك الضابط أحمد ..لم لا يزال يضمر له شراً وكرهاً ؟!..لم يكن ذنبه خيانة زوجه له وتواصلها معه..ردعها كثيراً ولم يجبها أصلاً الا مرة واحدة كان يريد فيها تأديبها محافظاً على ميثاق الصداقة بينهما الذي أمتد 6 سنوات مليئة بالحب والأخوة ..كشفهما يومها ..أو ليقل كشفها هي ..لأنه لم يقترف ذنباً يستخفي به عن الناس ..كرهه من يومها ..توعده كثيراً بالضنك الذي سيصيبه ..الذنب الاول والأخير عليه وعلى زوجه..هو لم يثق به ..ألم يعلم أنه مسلم شرقي يخاف الله ويغار على حرماته ؟!..ألم يحفظ شخصيته وخوفه من الله خلال السنوات الست ؟!..أستفاق من أفكاره على صوت ارتطام نظارته على الطاولة بعد أن تشبثت كثيراً في رأسه ولكنها لم تقاوم لتنزلق في النهاية ..تزامن وقوعها بدخول ديم الغرفة ...وقفت خلفه وهي تتثاوب قائلة : عبود هي فطورك جاهز قبل ما تطلع ع الدوام ..
أومأ برأسه من دون أن يلتفت لها أو حتى يلفظ كلمة الشكر..تعودت على هذا لم تهتم ..تريد أن تبتسم من دون ان يضنك عليها شيء ..عادت الى غرفتها وقفت أمام خزانتها وهي تبحث عن الجلباب المناسب ..أخرجت أخيراً جلباباً بنياً جوخ يحميها من صقيع فبراير المستمر وشال بيج مقلم بألوان متداخلة ..كادت أن تبدأ ارتداؤها لتتجه للجامعة ..لولا وصولها صوت طرقه الباب ..استغربت ما به كل شيء جاهز "جبنة بيضاء مقلية " وزيت وزعتر ومربى وجبنة وابريق شاي ..ماذا ينقصه ؟!..فتحت الباب باستغراب وقبل أن تتكلم وصلها صوته البارد الذي يخفي اهتماماً بالغاً : ما بدك تفطري؟!..تبسمت بحق ..شعرت انها نابعة من أعماقها ..اهتمامه العتيق تشتاقه وها هي تلمح القليل منه ..ردت وهي ما زالت تبتسم وعيناها تلتمعان : لا طبعاً بدي افطر ..بس البس مشان ما اتأخر ...استغرب ابتسامتها والتماع عينيها ألم تعد تحتاجه ؟! ..أوجدت من تبوح له من بعده ؟!..أماذا؟! ..يبدو أن كل ظنونة ما هي الا خزعبلات اخترعها عقله الذي مرض من كثرة ما ألم به من أفكار ..كاد أن يبتسم ..ولكنه تدارك الأمر وتجمدت ملامحه كما كانت ألتفت متوجها الى غرفة الجلوس من دون أن يرد ..أما عنها فقد أغلقت الباب وتوجهت الى ملابسها التي حضرتها ..بالرغم من أن الفجر له روحانية وطمأنينة خاصة ..الا انها لا تستطيع مراضاته في هذه الاوقات التي تلين القلوب وتوسع الآفاق ..لا بأس ما دام قد اهتم بها اليوم فها هو ينسلخ عن تطبعه الذي خلقته يداها ..لا بأس سيعود لها أخاً ورفيقاً وأباً ..سيعود لها كل شيء ..تدرك أن ما قامت به سيء للغاية وانها كانت مندفعة ..ولكنها تستغرب كل هذا ..كيف اندفعت وتكلمت عن قصائد وامسيات شعرية ممنوعة ..لم خانها لسانها هكذا مع أنها ربته وكانت تقوده كما تريد ؟! .. رب كلمة يتفوه بها الانسان لا يلقي لها بالاً تهوي في النار سبعين خريفاً ..يا الله ما أشد قوتها هذه العضلة البسيطة ..انها تقودك لجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت وما خطر على قلب بشر ..أو ترمي بك في نار تشوي جلدك وتسحقه ..تمتمت بأذكار الصباح وهي تقف أمام المرآة تضبط الشالة وهي تثبتها بالدبابيس ..مسكت قلم الكحل وهي ترسم به عينيها الواسعتين ..تتمنى أن تترك عادة التبرج به خارجاً ..ولكنها تحاول ..في السابق كانت تلطخ وجهها في كريم الاساس وأحمر الشفاه والكحل ..وكانت تلبس جلابيب قصيرة ومخصرة تبين تقاسيم جسدها وتملأ وجهها زينة فتزيدها فتنة ..ولكنها بدأت بالانحلال عن معصيتها ..أسر أخاها كان له دور كبير في هذا ..ومنشورات الدكتور اياد قنيبي..منشوراته التي كانت تلامس شعاب قلبها ..بعد أن وقعت أول مرة في يدها منشور له بعنوان " بين ساندرا وايمان " ..الدكتور يدرس في جامعة العلوم والتكنولوجيا الصيدلة وهو داعية وسطي راقٍ ..أعتقل بتهمة مناهضة الحكومة وحوكم بالسجن سنتين ...لكم حزنت حين علمت انه معتقل كانت تتمنى أن تحضر عنده ولو محاضرة ..ولكنها وللأسف عرفته بعد الفقد ..محافظة على صلاتها وأذكارها ووردها ..حرّقت كل ملابسها التي ما تزيدها الا فتنه خارج المنزل ..ورجعت الى الله ..فيا رب اقبل توبة عبد ضعيف لم يدرك زوال الحياة ومضيها جيداً ..اننا يا الله في هذه الحياة تغرينا ملذاتها فتبعدنا عن بر الأمان كلما خضنا فيها أكثر ..نحاول أن نبقى بالقرب منك كي لا تدمينا سهام الأقدار ..اللهم اني نعلم أنك حي قيوم قوي متعال لا تأخذك سنة ولا نوم ..ونعلم أنك تعلم يا الله أننا ضعفاء ..بشر لا نقوى على الهوى ولكننا نجاهده ..أمدنا بالصبر يا قوي وارفع عنا الهوان
ارتدت حقيبتها البيج وحملت أوراقها وهي تتجه الى غرفة الجلوس ..جلست بجانبه وهي تراه يمسك الهاتف بعد أن أنهى تناول طعامه وكاس الشاي ما زالت تتربع كفه ..آلمها ذلك ..يبدو الأمر عادياً ولكنها أعتادت انتظاره لها واهتمامه البالغ بها ..مسكت الخبزة وهي تأخذ لقمة تغمسها في الزيت لتنتقل الى الزعتر فتلتصق حباته في الزيت وكأنه غراء ..أكملت فطورها من دون أن تنبس بكلمة ..وأكمل هو بتصفح هاتفه بلا اهتمام ..حمدت الله ووقفت وهي ترتب ملابسها ..عندما أقتربت من الاله تغيرت ..محق الضعف في ذاتها ..لم تعد سلبية كما كانت ..أصبحت أكثر قوة وأكثر صبر ..تكلمت بهدوء وهي توجه نظراتها اليه : عبود بدك توصلني بطريقك ولا أروح مواصلات ؟!
وأخيراً رفع رأسه اليها ليتأملها ..استغرب ملابسها ..لكم عانى معها لتكف عن تبرجها وتهوانها في حجابها ..ولكنها كانت لا تستجيب ..ويعترف أنه لم يكن صارماً ..كان قد رخا لها الحبل وأشبعها دلالاً ودلعاً تحلم به كل فتاة ..مع أنه كان يتآكل من الغيرة ..كان يمنى نفسه أنها ستتغير وحدها بعد أن تمر هذه الفتر ة وستنضج ..خاصة أنها كلما خاضت معه في نقاش تعجزه في ردودها وقوة شخصيتها التي أكتسبتها من دراسة المحاماة ..لا يخفي على أحد ..فرح أيما فرح وهو يلمح جلبابها المنسدل على جسدها مغطياً اياه ..فضفاض لا يصف ..معتم لا يشف ..قاتم لا يلفت النظر ..وقف وهو يضع هاتفه في جيب بنطاله الجينز توجه اليها وهو يقبل رأسها ..ليتكلم بهدوء : هيني بالسيارة ..ضبضبي السفرة وتعالي
لم تنطق بكلمة بقيت ذاهلة ..تعداها ذاهباً الى السيارة ..بينما كانت هي تستعيد ملامحها لترسم ابتسامة طويلة ..دمعت عيناها ..وأول من فكرت بشكره ربها ..قال " ادعوني استجب لكم" وها هو يستجب لها ..ويعطيها من دون أن ينضب نهر عطائه ..سبحانه اذا رضي عن العبد أذهله بكريم نعمه ...

...................................
: وتيييييييييييييييييين ولك يلا تأخرنا
خرجت بسرعة من الغرفة وهي ترتب شالها الأبيض بيديها حاملة حقيبة المدرسة ..لمحت عمر يقف متجهاً الى الخارج تلحقه بلسم ..انحرجت من تأخرها ..أطالت في صلاتها وهي تتجه الى الله بالحاح أن يفك ضيقتها التي تشعر بها دائماً ولا تعلم لماذا ..وقرأت وردها ..ناسية أن اليوم أول يوم دوام لها في المدرسة الجديدة بالفصل الثاني للثانوية العامة الدورة الصيفية ..ستقدم الفصل الثاني بعد أن قدمت الفصل الأول في سوريا البارحة وصلت أوراقها وشهادتها ..استغربت أنها قدمت في سوريا ..وما تعلمه انها كانت عند خالتها المقيمة هناك ..التي ذهبت عندها لتدرس المرحلة الثانوية لسهولة المناهج بالنسبة للأردن..استغربت فعل أهلها الغريب ...واستغربت انحلالها أكانت تعيش مع خالتها في بيت فيه رجل غريب عليها ؟! ..يا الله سامح معاصيها التي لا تدركها بعد ..استغفرت بهدوء وهي تتجه الى صالة الجلوس مبعدة عن بالها الافكار السيئة ..تكلم أبو عمر بحنية وهو يلمحها شاردة الذهن : صباح الخير يا بنتي ..تعالي افطري ..ابتسمت بهدوء وهي تنظر الى والديها ردت وهي تتوجه الى الباب مستعجلة : صباح النور ..الله يسعدكم ..اخواني اكيد مستعجلين استنوني كتيير ..اكلت سندويشة قبل صلاة الفجر ..سامحوني سلمت ثم خرجت ..ثم ابتسمت بتفاؤل وهي تتجه نحو السيارة ..ركبتها وهي تلقي السلام ..تكلمت بلسم بحنق : شو يختي ليش تأخرت وانتي صاحية قبلي ..هلأ بتروح علي محاضرة التمنية والدكتور برحمش ..صرت بدي انحرم ..وجه عمر اليها نظرات حادة مهدداً اياها ..انحرجت من توبيخها لها : اسفة ..ان شاء الله ما بتنعاد ...وقعت السيارة في هدوء بعد اعتذارها الشاحب ..وقف عند جامعة بلسم لتنزل مغلقة الباب بقوة ..غاضبة ..تجمعت الدموع في عينيها لم تكن تقصد اغضاب اختها ..نظر اليها من المرآة ..لكم يحزنه ضعفها ..تنحنح متكلماً بثبات : ما تزعلي منها يا وتين ..بس هي شوية عصبية وطباعها حادة ..بس طيبة وبظن بتعرفي هادا الاشي ..أومأت رأسها وهي تمسح دمعاتها بهدوء ..زفر بهم ..هم عظيييييييم ..أين عمر الذي كان يتوقد مرحاً ولا مبالاة ..أين عمر الضاحك والمبتسم دائماً ..أين هو من كل هذه المعمعة ..لم أختفى هكذا وهو في أمس الحاجة اليه ؟!..فتح الراديو على اذاعة القرآن الكريم ليصل الى مسامعهما صوت القارئ " فارس عباد " ..اهتزت روحها ووقعت الآيات على صدرها بقوة ..والصوت يأخذها الى عوالم رمادية ..ياسمين وبيت عتيق وأحياء تاريخية وضحكات ناعمة وعينان زرقاوتان ..صداع ألم برأسها وهي تقع في زوبعة مليئة بالسواد ..وصوت من بعيد يناديها برقة " وتين " وآخر يضحك وآخر يتكلم عن سخطها والفأل الغير حسن المرتبط بها ..وآخر يبكي ..وآخر يحتضر ..كادت ان تصرخ به ان أغلق المسجل لولا اغلاقه اياه وحده وهو ينظر اليها بذهوووول بعد ان ناداها ألفاً لوصولهم المدرسة ولم تستجب ..ألتفت الى المقعد الخلفي واضعاً كفه على ظهر المقعد الأمامي والآخر على المقود مقترباً منها ..رفعت رأسها وملامحها شاحبة ودمعاتها حاتمية السخاء صنعت مجرى على وجهها ..أفزعه شحوبها ..كاد أن يتكلم لولا نزولها وتوجهها الى المدرسة ..بقي ينظر اليها وهي ذاهبة ألقى برأسه على المقود محزوناً على حالها ..ماذا ستفعل ان اكتشفت الحقيقة ...كان مجنوناً حين وافق على عرض أباها الأكثر جنوناً منه ..عقد قرانه عليها مقابل العفو عن تكاليف علاجها ..كان سيدفع التكاليف ويبتعد عن هذه الزوبعة المجنونة ولكن أنى له ذلك وأباه صديق أباها المقرب ..تاجرين في اراضي الخليج يضربون الأرض ..تجانست بينهما علاقة شديدة الثبات ولم يستطع أباه رد أبيها بعد توسله أن تبقى عندهم وهو لا يعلم أن يضعها بعد أن فقدت الجميع والسعودية تلفظها ..أوهموها انهم أهلها وهو أخاها ..لحين عودة أباها من ارضه محملاً برضا امه ليصطحبها معه ..انهم يزجونها في متاهة اخرى ..الفتاة هذه عااانت كثيراً ..أقحموها في حرب لا باع لها فيها ..عاجز حقاً عن التفكير في كل هذا ......

....................
خرجت من غرفتها الكبيرة الملونة بالتفاحي والأبيض ..ذات أثاث أنيق وراقٍ ..وهي تحمل كتبها العلمية ونقابها وقفازاتها مرتدية اللاب كوت القصر هادئ بعد أن شهد حرب طاحنة البارحة ليلاً ..لكم يحزنها أباها ..وتحزنها أختها الشامية ..أكثر الأفراد تعاطفاً مع بنت الشامية وأكثرهم وعياً وادراكاً هي ..ربطت نقابها وهي تدلف الى السيارة آمرة السواق الاتجاه الى جامعتها ..طالبة في السنة الثالثة تدرس الكيمياء وتعشق تفاصيلها ..متفوقة بامتياز ..تخيلت أختها في هذه اللحظة والتي كان آخر الأخبار عنها أنها فاقدة للذاكرة بعد رحلة الحرب واللجو ء ..ماذا ينقصها لتعيش هنا مع أسرتها ..أصلاً بماذا يختلفن عن بعضهما البعض ..هي ولدت في سوريا وأنا ولدت هنا ..في أرض الحرمين الشريفين ..لأنال أنا نصيب العيش بهناء مع اسرة ثرية تسافر اينما تريد وفي كل عطلة ..بل وتضج مساكنها في الخادمات والسواقين والعمال ..وتمتلأ جيوبها بالأموال وتزخر موائدها بالطعام ..انها تعيش في رخاء ..تنهدت بحزن ..سوريا التي كانوا يزورونها كثيراً ويأكلون البقلاوة والبليلة والكعك وحلا الجبن أضحت رماد ..خيراتها التي تزودوا منها كثيراً اندثرت وتخلوا عنها هم ..لربما أكلوا من خيراتها أكثر من القانطين فيها ..أهلها البسطاء ..الذين يعملون كثيراً ..سوريا لم تعد كما كانت انها تحتضر والكل تخلوا عنها بعد أن أخذوا منها ما يريدون لكم هم سيئين ..تتمنى لو تسمع صوت أختها ..يا الله فك كربتها وضيقتها وهوانها ..توجهت الى الجامعة لمحت رفيقتها تتجه اليها فابتسمت بدفء ..توجهتا الى المختبر معاً لتتكلم رفيقتها بفضول :" ندى ..ما في أي اخبار جديدة ؟! " استفسرت متصنعة اللافهم : عن شو ؟!
: عن هذيك اختك ....بنت الشامية !
: لأ للأسف ما في !
توقفت رغد قائلة بحنق : ودي اعرف شلون انتي متعاطفة معها ..اكيد البنت صايعة ومانها مؤدبة ..عايشة في سوريا طول عمرها ..شامية وش بطلع منها ؟!
استغفرت ألفاً وهي تهدأ نفسها لكيلا تغضب ..وهي التي لا تغضب كثيراً ..بل انها حللليمة وجداً وقفت من دون أن تلتفت لرغد لترد : في كل مكان في الصالح والطالح ..لا تسقطي أخلاق زوجة أبوك السورية ..على كل البنات السوريات ..انتبهي لكلامك...الله يعينهم حرب وحصار وجوع !
زمت شفتيها بقهر وحنق ..تكرههم وتشعر انها أعلى منهم قدراً ..هم العبيد وهي وأمثالها الأسياد ردت : يستاهلون مو همة يبون الحرب ؟! ما في احد ضربهم على ايدهم وقل لهم ينقلبو على رئيسهم ..هذا شعب ما يشبع وما يستحي ..
صرخت ب: خلص ..بعد أن نفذ صبرها ..تكره هذا الكلام والتمييز العنصري الذي يعيشه العرب المسلمين اليوم ..وسط كل هذه الشبكات السياسية نخرج بشيء واحد ان لا ذنب للابرياء في الحرب ..لا ذنب لهم ..تعلم أن صديقتها مقهورة ..بعد أن تطلقت أمها من أبيها والسبب يرجع الى تزوج أباها سورية ..ولكن ما ذنب الزجاج النضيف ان كانت احدى قطعه متسخة ..هذا ان حسبنا ان الحق على السورية وليس على أباها الذي لم يتفاهم مع زوجه قبل التعدد التفت اليها قائلة : رغد اذا تبين تمشين معي وصحبتنا تستمر لا تتكلمين بهذا الموضوع ؟! أومات رأسها بقهر وهي تتعداها ..لتلج الى المختبر ..تنهدت بهم وهي تتجه خلفها ملتقطة ثباتها وصبرها الذي تزعزع بعد هذه المشادة الكلامية!!
..........................
منحنية على السرير ودموعها تتساقط لترتطم في الفراش مخلفة آثار داكنة ، تضم قميصه الى فؤادها بقوة ورائحته تنفذ من ملابسه لتعبر الأماكن كلها في سرعة رهيبة فتقطع نياط قلبها ، ..رائحته الباردة تتكاثف مع عطره العالق بملابسه لتشكل مزيجاً صهر قلبها في حرارته ، وصوت آخر شهقاته وابتسامته الدافئة تزيدانها حزناً ، لطالما كان للأم قلب خاص يحتضن مشاعرها الجياشة التي لم تسطع قدرة الكون على حصرها ..حزنها استثنائي لانه حقيقي نابع من شغاف قلبها وخاصة اذا تعلق الأمر بأشبالها ..أجزاء من جسدها ..كانت تنظف غرفته وأخيه التي فرغت من آثاره بعد أن تبرعوا بسريره ومكتبه وملابسه ..ولكن قميصه الأرجواني الشاحب لم تستطع أياديهم انتشاله من كفيها المتجعدتين من تواكب الأقدار ، لكم يؤلمها رحيله بعد أن قضى معهم عمراً لا تكف النفس عن تذكره ..بعد أن ملأ أرجاء المكان ضجيجاً بحضوره الشاحب المرح ..كتبه الجامعية التي لم تحظى بصحبته سوى فصل جامعي واحد تبكيه وتبكي رحيله المر ..ومصحفه الذي بهت فجأة حين فارق صاحبه ينتظر يوم الرحيل ليشهد بتقواه ..وزهراته التي غرسها ذبلت تنتظر صاحبها يسقيها حباً وعطاءً قبل الماء ..كل التفاصيل تناجي رحيله أن أرفق بنا ..ورائحة الفقد تطفو على كل الأصوات لتبين وحدها ..ساطية بكل جبروت على ضعف التفاصيل ..!
شطرت قلبي برحيلك المؤسف وأخذت من روحي قسيمتك التي كتبتها باسمك لتصطحبها برحيلك وتسجيه بجانبك ..أرجوك أرفق بها فأنا من دونك تعبت وهلكت جوارحي لتعكس هلاكها شحوباً على صفحة وجهي التي لم تبرأ بعد من تجاعيد الأقدار !
أنتحبت بقوة لتصدر صوتاً مأساوياً وهي تتذكر مشاغباته التي أدمنتها ..وصوت القرآن ينتبعث من حنجرة القارئ _ماهر المعيقلي_ بآية " ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون *أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون "فتزيد صخب الحزن في قلبها لوعة ..راضية بقضائك الهي وأمانتك واستردتها بعد أن بعثتها سنيناً في الحياة تصارع كل شيء ..ولكن ان القلب ليحزن وان العين لتدمع وانا على فراقك يا خالد لمحزنون ..لمحزنون وقلوبنا شاخت من الكمد!
ولجت تلك بسرعة الى الغرفة بعد أن أفتقدت حس أمها في المنزل قلبها انقبض وهي تلمح انهمار دمعاتها السخية التي لم تحظ بالسخاء الا بالفقد ..زمت شفتيها بأسى وهي تقترب من أمها لتجلس بجانبها ..رفعت ذراعها التي ما زالت تغطيها بجلبابها الأخضر الشتوي الثقيل لتلفها على كتف أمها ..لتشعر الأم بحسها ..حس ابنتها التي ستجيء اليوم لتزورها ..طفلا بيسان كانا يقفان على الباب بحزن وهما يلمحان جدتهما تبكي بكمد ..لم يعتادا حزنها وهي التي تداعبهما ..أجبرت بيسان على رسم ابتسامتها لتتكلم بشحوب : روحوا يا ماما العبوا بالصالة ..أومأا برأسيهما ذاهبين من دون اين ينبسا ببنة شفة ..اما عنها فقد زادت من ضمها لتتكلم بخفوت : خلص يما ..خلص يعمري ..بكفي بكي ..الله يرحمو ويجعل مثواه الجنة ..صبر صبر كتيييير على تعبه ..وان شاء الله ربنا بجازيه الجنة ..قاطتعتها أمها لتقف متحررة من ذراع ابنتها البكر فتكلمت بشجن وهي تمسح دمعاتها : اكثر اشي محزني يا امي وتين اللي عايشة بضيااااع ..مرات بحسنا ظالمين ..شو بدو يصير بالبنت لو اكتشفت ؟!
رفعت عينيها الى امها وهي التي ما زالت تجلس على حافة سرير أخيها ..لمحت قميص أخاها الراحل المتعلق بكفيها تكلمت بألم : الله يعينها يما ..مش عارفة شو أحكي قصتها عجيبة وقصة عمر وجنونه أعجب
زمت شفتيها بكمد لترد مدافعة عن شبلها : بتعرفي انو مش لحالو اللي قرر هالقرار أبوها ترجى أبوك ..وبتعرفي انهم صحاب مقربين ..جنون اللي سواه بالهبنت ..الله لا يسامح كل من كان السبب بحزنها وضياعها ..هالبنت رح تعاني
استغفرت بهدوء مستوية لتطلق من جوفها تنهيدة حارة مشبعة بآسى عميق لتقول وهي تتوجه خارج الغرفة : الله يكون بعوننا ...انا رايحة أغير مشان أطبخ ..وعاصم كمان شوي بصحى !!
ابتسمت لها بفتور ..وكأنها أذنت لها بابتسامتها الراضية ..لتتوجه خارجاً فتتوجه أمها من بعدها ..مغلقة الباب ورائحة خالدما زالت تتشبع في عبراتها !!
.....................


انتهى



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 23-02-16, 01:50 AM   #24

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


.
.
.
سلآم من الله عليكم (())
صباحكم /مساؤكم ياسمين عبق ينتشلكم من كل دائرة تحيلكم الى التعب ^^
وهاكم الياسمينة ..قراءة موفقة


الياسمينة الثالثة



تنصهر الأفئدة على حرارة الأحزان لتستحيل سائلاً لزجاً شديد السخونة يحرق كل شيء منه يقترب ويصيره الى رماد غائر في الظلام لا يعترف بالبزوغ وكل ما يراه أفول في أفول ، لا جدوى من أن تربت على كتف أحترق من لهيب أكداره فحروقه العميقة اندمالها أضحى مستحيلاً ..المكسور جبره صعب بكلمة أو كلمتين ..والموجوع صرخته العاتية التي تخترق السماء لن تسد أنينها ضمة أو قبلة على الجبين تقطر حناناً ..المريض لن تكتم آناته وشهقاته المنهكة كلمة طيبة وابتسامة دافئة ..والفاقد لن تمسح دمعاته المشتاقة مواساة عميقة ..كل ما نفعله اتجاه البؤساء محاولات في تخفيف الكمد من على قلوبهم ..أحزانهم عميقة لا ندركها من خلال عيني الرأس ..نحتاج الى عيني قلب تتخطى الحواجز وتصل الى الأحشاء فترى نزيف حرب ...حب ...فقد ...رحيل ..مرض وحتى...فشل على هذه الأرض يا صاح ..ثمة أمور تقطر لها العينان دماً بدل الدموع ..على هذه الأرض أشياء تشيب لها جدران الروح وتشيخ بسببها القلوب ..كل شيء يهوون أمام دمعة يتيم فقد أباه الذي يحب في ليلة ظلماء أفتقد فيها البدر ..كل شيء يهوون امام ابتسامة خذلان على ثغر ام بائسة لم تعطي لنفسها الأحقية في الحياة من أجل ولدها الذي جازى صبرها على ضنك الحياة بالقائها في دار عجزة مقيتة ...كل شيء يهووون أمام آنات مريض يتقلب على سرير العجز متلوياً من اختراق الأوجاع أحشائه وامتلاء روحه بالكدمات ...كل شيء يهووون أمام ذهول الأحزان عند دمعات رجل تمنى بالتفوه بكلمة "بابا" والأيام تصيره يتيماً ليتزوج فيحلم بابن يسد رمق جوعه لتلك الكلمة فيكون عقيماً ...يا صاح على هذه الأرض أشياء كثيرة تدمي جراح القلب لا نعلمها نحن الذين نتململ من ضيقة واااسعة ..ونشتكي ضنك الحياة وشعثها واجسادنا بخير ووالدينا بخير وبلادنا آمنة لا تغرق بالدماء ..كم نحن عاجزين عن الشكر ..لا نعترف بالجميل كثيرون الشكوى والبكاء !!

خرجت مع أفواج الطالبات ...ملامحها غائبة وتقاسيمها منصهرة أمام الأحجام الكبيرة ولاسيما أن جسدها صغير نحيل يوحي للناظر بطفولة عمرها ..وقفت عند باب المدرسة منتظرة عمر يصطحبها الى البيت تتأمل جموع الطالبات بعينين شاردتين ...صوت القارئ ما زال يملأ قلبها وروحها وكلها ..لا تستطيع الفرار منه ..ويبدو أنه لا جدوى من الفرار مما لا مفر منه ..الصوت أخذها الى عوالم أخرى شاردة ومليئة بالضباب الذي أعماها عن الحقيقة ..انها وحيدة ومشتتة وكأنها نسيت كفها اليمنى في الصف ممسكة بالقلم تنسخ الكلمات الخارجة من فيه المعلمة وكأنها كلمات لا تعوض ..نسيت رأسها ملقياً على وسادتها صاخباً بالحزن والشتات ..نسيت سمعها في سيارة عمر تقتات القرآن فرجاً وتنسلخ عن شتاتها ..انها تنسى نفسها وتشعر بالوحدة واللاشيء ..انها في معمعة شديدة الوطيس تستنزف صبرها وجلدها على الحياة ..مسحت بكفيها الصغيرتين وجهها المجهد الشاحب وشيء في داخلها يناجي الرحمن دائماً ..لمحت سيارة عمر البيضاء تقترب منها شفقت عليه في دواخلها ..انه يجهد نفسه كسائق لها ولبلسم ...غداً سيصطحبها "باص" متخصص في نقل الطالبات وسيعود عمر لعمله بشكل أفضل وستقل الضغوطات عليه ..ابتسمت برفق وهي تفتح باب السيارة لتلج داخلها ..تمتمت بالسلام ..وصلها رده ..ثم وقعت السيارة في صمت محدق ...أبعد الصمت صوته الصاخب الممتلئ ضجيج استحال الى حزناً بعد أن كان المرح خليله
: وتين ...مالك الصبح كنت مش منيحة ..كأنك تعبانة
أنتشلها من فوهتها التي لم تختر الوقوع بها ..سؤاله المهتم ..عن ماذا تسألني يا عمر ؟! عن سؤال هام في روحي فلم أجد له جواباً ..عن سؤال أكثر ما يؤلمني فيه أن لا جواب له ..عن ماذا تسألني وأنا السابحة في ملكوت العدم ..اللاشيء والضباب المقيت عن ماذا تسألني وانا التي لم أختر الشرود طريقاً أو حلاً ولكنه كلما وجدني وحيدة نشب مخالبه في جسدي الضئيل ..فيحيلني الى الحزن الذي لا أجد له سبباً ..قلبي مثقل يا شقيقي الذي لا أجد اليه رابطة يطمئن بها قلبي ..قلبي مثقل بتكتلات تملأه نحيباً ..هلم الى أختك وامسح على فؤادها الذي تعب ..وعذه بالله من الأحزان مجهولة الأسباب ..التي لا تستبق للصبر فيها مكاناً ..أختك تلفظ أنفاس صبرها لا تشعر بها تنفذ من جوفها ..يا الله ارفق بقلبي ...حاولت مدراراً لقتل البحة الأليمة من صوتها ولكنها تلصقت بصوتها كغراء تكلمت بحزن
: ولا شي يا أخي ..تعبانة شوي
دائماً وعندما نشعر باللاجدوى من البوح نلقي بحمال القلب على شماعة "التعب" ..رد بهدوء وهو يشعر بشظايا الحزن تترامى على مقلتيه
: سلامتك ..يا وتين ما تشوفي شر ..أوديكي ع المستشفى ؟!
: لا لا شوية ارهاق ..بتعرف فقدي للذاكرة بعيشني بدوامة وأكتر اشي مربكني عدم تذكري لشي ..مع أني بعيش في البيت اللي فيه كل زكرياتي
آهة أنفلتت من جوفه لتغيب في غياهب الأسى فيه ماذا فعل فيها ؟! ..أين يلقي بها وماذا سيجني وراء سذاجته وجنونه ..الجميلة تنصهر تحت نار العدم وهو ينظر ..يقتل القتيل ويمشي في جنازته ..كيف سأواجهك وتين ؟! ..زوجتي الغائبة خلف الكثير من العلاقات الكاذبة ..كيف سأواجهك وأنا الذي قتلتك بكفي الآثمتين في حرب طاحنة تسحق جسدك الضئيل تحت أقدامها الغليظة ..كيف سأنظر في عينيك اللتان لم تعرفا سوا الحزن والكمد من لجوء وفقد الى تيه وشتات ..الى أين سأولي وجهي وثمة ذنوب تتراكم في جوفي فيسود لها وجهي ..كيف سأغسل الذنب وهو أكبر من أين يُغتسل وكيف ستعود لي ضحكتي وهي أبعد ما تكون عني ..من أين لي بعمر ثانٍ لا يعرف الحزن والأسى ..وتين ذات الأربعة الحروف ..أي ذكريات تتحدثين عنها والمنزل خلا منك ولم يعرفك يوماً ليتفاجئ بضمك له واستجدائك الذكرى من خلاله ..خبريني كيف له أن يلقي بتراتيل الذكرى عليك وهو الذي لم يعرفك يوماً ولم يتأمل صفحة وجهك ..كيف له أن يساعدك ويحط من فقدك وهو عاجز يا وتين ..عاجز كمثلي تماماً ..ذكرياتك ليست هنا ..انها بعيدة وبعيدة جداً ..في أعماقك تقاوم القيد وأنينه ..وتناديك يا صغيرة عودي الي انني هنا في أعماقك ..لم أغب كما زعموا ....ولم تنكسر أركاني ..
همس بأسى قاتل : الله يعينك ..الله يعينك
أستغربت شروده أولاً ..ودعاؤه المغطس بماء الأسى ثانياً ..أومأت برأسها ..وما هي الا لحظات حتى كانت السيارة تقف أمام البيت ...قبل نزولها تساءلت
: عمر روحت بلسم ؟!
أومأ برأسه ...كادت أن تنزل ولكنها تساءلت مرة ثانية
: وبيسان ورهف اجو ؟!
ابتسم بصدق ..ليتكلم : اه اجوا ..أنس موجود والكل بستناك بدهم يتغدوا
: انت ما بدك تنزل تتغدى؟!
: لا والله في كم شغلة بدي أعملها
ابتسمت له لترد وهي تفتح باب السيارة :يعطيك العافية ..يلا سلام
رد السلام بخفوت وهو يتأملها تخرج من السيارة ...انها صغيييرة وبريئة وحزينة ..وهو مجرم صلف بحق طفولتها المهدورة ...انه يتآكل ندماً كل يوم من غير أن يتفاعل مع الهواء أو الماء ..انه لا يتفاعل الا مع الأسى والأسى والندم ....ياارب أوقد له شمعة في جوفه تنير دياجير العتمة في حياته ......
................................
زفرت بقلة حيلة وهي تلمحها ذاهبة اتجاه الكشك ..ملقية بكلماتها عرض الحائط غير آبهة لعدم تقبلها للنسكافية ..الجو اليوم حاار جداً ..تقلب عجيب في الطقس ..غير ملائم أبداً لكوب نسكافية ..جلست على المقعد الخشبي في الحديقة لتضع حقيبتها البنية في حضنها ..أخرجت هاتفها وهي تفتح "الفيس بوك" تتصفح آخر الأحداث والتطورات ..الأسير محمد القيق مستمر في اضرابه ..الحصار مستمر ومؤسف جداً في مضايا ..وقصف مدمر في درعا ..والكثير الكثير من الشهداء في الخليل والقدس ورام الله جراء عمليات الطعن والدهس الفدائية ..أسرى يملأون السجون ..وآخرون هاربون من قبضة الظلم والاستبداد..مقاومة مجرووحة لأمة فقدت شموخها وعزتها ..ابتسمت برفق وهي تلمحها تجلس بجانبها ..تكلمت بحنق
: انتي بتجننني وحلوة بس مشكلتك عنادك ...وبتحكيلي مالو قمر مش راضي يسامحني ..منتو أخوان !!
قهقهت بهدوء وهي تناولها كوب النسكافية تجبرها على شربه كأم تجبر طفلها النحيل على شرب كوب من الحليب لا يستسيغ طعمه
: اشربي وانتي ساكتة ست رحيل ..بدك اياني اشربو لحالي؟!
: لا .....استغفر الله كبيييرة ومعصية
: كم محاضرة ضايل عليك
: وحدة ...لا تستنيني روحي انا بروح مواصلات أو مع غيث
: مين حكى اني بدي أستناك ..واثقة ما شاء الله
: فكرتك منيحة ..الله يهديني
ضحكت بهدوء وهي تتأمل اكفهرار ملامحها الرقيقة ...رحيل الحزينة ذات العينين البنيتين المحاطتان بهالة من الشحوب جراء بكاء عميق وسهر بائس ..رحيل الحزينة ملامحها مأساوية اذا ما غصت في أعماقها ستجد شيء عمييييق ومووجع ..انها رقيقة كالزهر ولكن رياح الأقدار لا ترحم فكسرت ساق ثباتها ..فأضحت مكسورة الساق ..اتكأت برأسها على كتفها وهي تنظر شاردة الى الأمام ..للتو شعرت بالصداقة وجمالها ..غالباً كانت كل رفيقاتها ..رفيقات مصلحة أو زمالة دراسة أو اي شيء لا يمت للصداقة بصلة ..ولكن واليوم وجدت ضالتها ..صديقة صدوقة صادقة الوعد منصفة ..لكم أحبتها وتعلقت في حبال الود بينهما ..تشبهها الى حد بعيد ..انها أختها التي لم تلدها أمها التي غابت عنها وتركتها وأخيها يقارعان الحياة القاسية ..تكلمت بهدوء وهي تنظر للأفق والمارة : بتعرفي يا رحيل ...عنجد انك انسانة مش عادية ..معك عرفت معنى الصداقة ..ومعنى الاحتواء والبوح...يمكن كنت كتيير ناقمة لعدم انجاب امي لبنت ..مع انو عبود كان الي الكتير ..بس انا اليوم عنجد لقيت أختي اللي ما أنجبتها امي ..عنجد انك بتجنني مع انك كئيبة شوي وحادة وما بتحبي الأكل و...
ضحكت بخفوت وعيناها تلمعان حباً لهذه الجميلة صاحبة العينين الفاتنتين ..حركت كتفها الذي تتكأ عليه تلك بنذالة ..مقاطعة كلامها قائلة بنبرة مرحة :
اه اه كملي وشو كمان ..
قطبت حواجبها بضيق وهي تنظر اليها قائلة بقهر : وزنخة ما بتخلي حدا مرتاح ع كتفك
: بالله ليش شايفة كتفي وسادة ؟!
ابتسمت بنذالة لتعيد رأسها على كتفها قائلة : اه اه وسادة وأحلى وسادة كمان !!
: هي المرة سمحتلك تحطي راسك ع كتفي ..لانو مبين عليكي التعب ..المرة الجاي لأ ..وأحكي رحيل مش منيحة
رفعت رأسها قائلة بتقطيبة مادة لسانها بطفولية : مش منيحة ..وبعدين بالناقص !!
حركت رأسها دليل قلة الحيلة : الله يهديك ... أخوك كيف متحملك مش عارفة !
: يصحلك
: مجهزة جواب اسم الله
: طبعاً
تحركت واقفة بعد أن نظرت الى ساعتها السوداء لتقول بهدوء : طيب ديومتي عن ازنك بدي أروح ع المحاضرة
وقفت بحب لتسلم عليها مقبلة وجنتيها : الله يوفقك يا روحي ..اتصلي علي بس تروحي ماشي
لوحت لها بيدها ذاهبة لتتكلم : ان شاء الله عيني !
.............................
صداع يكاد يفتك رأسها ..مستيقظة منذ الصباح تحضر لـ" البرزنتيشن" الخاص بها اليوم ..غير التفكير الطويل الذي يملأ ليلها بكل شيء ..أختها الشامية وأباها الحزين الذي يتآكل حزناً لينصهر جسده ويصبح أخيراً رث الجسد والحضور ..انه يضمحل وجدتها لا تلتفت وكأنه ليس بابنها ..لا تدري من أين أخذت كل هذا التجلد والتشبث بالاشياء الجاهلية التي لا تمت للاسلام والصحة بصلة ..اه منها لكم ترهق أباها ..ولجت الى القصر ..فسلمت بهدوء ..رغم انها تعلم أنه لا أحد سيرد السلام ..وذلك لأن كل واحد فيهم معتكف في غرفته ..ولكنها عادة فيها متجذرة بمجرد أن تلج الى مكان تلقي تحية الاسلام ...فتحت باب غرفتها ملقية بنقابها واللاب كوت والحقيبة والقفازات على السرير ..جلست على طرفه ما تزال ترتدي العباءة والشالة السوداء الطويلة ...ضغطت بكفيها على رأسها مخففة الألم ...ثم ألقت بجسدها للخلف ..يااااااارب نطقتها ..شالتها انزلقت الى كتفيها بعد أن خلعت الدبوس ..ليظهر شعرها الأسود الكثيف شديد النعومة والذي قصته " مدرج " فأعطى لوجهها جمالاً كبيراً تزيده عينيها الواسعتين ..ما كادت ترفع جسدها عن السرير الا وتصلها صوت جدتها وأباها والعائلة أجمعها ..تنفست بعمق تستنجد بآخر ذرات الصبر التي تحملها ..جدتها تريد أن تقتل أباها حياً وهي لا تقبل أن تساوم بالموت أباها الذي تحب ..ابنة أبيها وتاجه الذي يفتخر به ..ولن تسمح لأحدهم بأن يملأ قلبه كمداً ..ألا يكفيه وفاة زوجه وابنته ..أياً كان وفي كل الأحوال تبقى الشامية زوجته التي خلق في قلبه لها وداً ..وتبقى تلك ابنته كما هي ..رغم أنها تعرف أن أباها يخلق لزوجته الراحلة أكثر من الود ..انه يحبها كثيراً ويشفق عليها .خرجت من الغرفة وملامح التعب ما زالت بادية على وجهها حتى عباؤتها ما زالت تغطي جسدها وشالتها على أكتافها ..عيناها مغطاتان بكثافة أهدابها التي تبدو كشجر أنحنى على بحر لامع ..كانت جدتها تقف متكئة بعكازها أمام باب غرفتها الذي فتح فظهر من خلاله أمها التي تقف مقابلة لأبيها الواقف أمام جدتها مكفهرة الملامح ..زادتها التجاعيد منظراً قاسياً على قلب أبيها
: قتلك البنية ذيك بنت الشامية ..ما تدخل بيتي وأنا عايشة ...واذا تبغى تجيبها لا عاد تقلي يمه ..انسى امك !!
أقتربت منهم لتقف قبالتهم وهي تلمح الدمعات المتعلقة في مقلتي أبيها المتوسل بعينيه أمه أن ترفق بقلبه الذي شاخ حزناً ..وولج الى عالم الكبار صغيراً ..أي ظلم تمارسه جدتها على قلب أبيها الضعيف ..خرج صوته محصوراً مكتوماً شديد الأسى
: بس يمه هذي بنت ..من روحي ..كيف تبيني أتركها ..يمه لجل رضا الله لا تعالجي خطأي بحياة بائسة لوتين ..وتين ما لها دخل بخطأي ..وتين فاقدة للذاكرة عايشة في أسرة تفكرها أهلها ..مدري للحين شلون رح تتقبل الصدمة وانها عايشة ببيت زوجها اللي تعتبره أخوها ..وانت تزيديها عليّ ..لجل الله يا يمه ..هونيها عليّ
أذاب قلبها بوحه ..أبنها المتسرع الأرعن ..ولكنها لن تستجب له وليذهب هو وخطأه وليعش نادماً على ما أقترفته يداه..ألم تحذره عندما كثرت روحاته الى سوريا ..أنها ان اكتشفت بتزوجه على ابنة خالته .. لن تغفر له..كيف يطالبها بالغفران الآن وهو الذي عصى كلامها وعق أمه التي ربته ..لماذا الآن وبعد فوات الآوان كل شيء ينطق فيه "فلتغفري" ..ألتفت الى غرفتها موصدة الباب أمام وجهه غير آبهة لخذلانه وخيبته اللذان تشكلا على تقاسيم وجهه ..جثى على ركبتيه بقلة حيلة ..وأصابعه تتخلل شعره الكثيف الذي طبع جماله بابنتيه ..حبيبتيه ..أقتربت منه وهي تضم رأسه الى قلبها بأسى ..ان اباها حزين ..يتجرع وجبات من الكمد الدسم ليلاً ..سيصاب بتخمة شجن تملأ معدته وجوفه وكله ان لم تنته جدتها عما تفعل ..سيصبح على حافة الموت ..الموت شجناً ..تكملت بمواساة ..وتعلم أن المواساة لن تجدي
: يبه الله يعينك ..قوول يا الله فرجها ..مدري شقول ..مالنا غير الله
ما زال وجهه مغطى بيديه غائب عن ابنته ..تكلم بهمس مكتوم مخنوق
: ندى ..ذيك اختك وش ناقصها لتعيش بحياة طيبة مثلك ..وتين تعيش بين عايلة تظنها هلها ..وماهيب بهلها ..وكله بسببي ..وش أقول لربي لما يسألني عن الحياة البائسة اللي تعيشها بنتي ..وش أقوله وأنا الملطخ بالذنب ..تخيلي وضعها ..تفقد أختها وأمها ووطنها وذكرياتها ..وحتى أبوها ...واااااخ من أبوها العاجز ..ندى أبوك يمووت مو كافي تركتها من بعدي وانا أدري انها تحتاجني أكثر من أي وقت ..أكمل رافعاً رأسه ناظراً الى عينيها ..خالياً من أي جسد يحجب صفحة وجهه المغرق بالدموع الشاحبة ..الرجل حين يبكي تعجزه الحياة حقاً ..تمسكه من يده التي تسحقه ألماً ..وتضغط بقسوة وهي تنشب بأظفارها المتخثر بداخلها كل دم ...ثم تأمره بالوقوف بعد أن يمتلأ دمامل متقرحة ..فيبكي ..وتبكي السماء لحزنه ..
: نور راحت وانا اللي كنت مقصر بحقها وحتى رنيم ..تخيلي رنيم اللي حبتني وشعرت بالفقد ..هي ما تكلمت عن فقدها لالي بس أنا حسيت من خلال كلماتها ..كانت تحب الكتابة ...بس الحرب ما رحمت طفولتها وحلمها اللي مات بقلبها ..ماتت وانا اللي كنت أتمنى تعيش بحياة هانئة مثل أي بنت ..صغيرة كثير ..عيونها زرق لمحت لمعة الحزن فيهم ..صدقيني لو تشوفيها ما رح تبكي عليها ..لأنها الحين عند مليك مقتدر..رح تبكي على أبوك ..وعلى عجزه ..ورح أصغر بعينك لاني قدرت وبكل شراسة أعيش أسرة بسيطة بهالفقد والحزن ..لو تركت نور تتزوج رجال من هلها وقريتها ..لكانت حياتهم أحسسن ولكانت ...
ماتت الكلمات بجوفها بماذا تواسيه وهذا الكم الهائل الذي يحمله في صدره المثخن بالجراح ..بماذا تواسيه ؟! ...ياارب ساعده لينهض... قدماه لا تحمل جسده المثقل بالهموم ..شهقت بقوة ودموعها تتساقط ضمته الى صدرها قاائلة بأسى : كافي يبه ..كافي يا عزوتي ..لا تبكي ..الله يفرجها عليك ..الله يسامحك ويسامحنا ..ويهدي جدتي ..كافي يا عين بنتك ..كاافي فديتك
................................
متكأ على المقود مخفٍ وجهه عن المارة ..انقباضات معدته لا ترحمه ..انها تحيله الى أرض من الألم تسحقه لتصيره الى فتات عاجز عن التماسك مرة أخرى ..ينتظر عمر الأخرق نفس المشهد يتكرر كثيراً ..ولكن هذه المرة هو السائق العاجز عن النوم واتعاب عمر في انتظاره طارقاً على باب السيارة ..كيف له أن ينام هنا ؟! ..وهو العاجز عن الغطس في أحلامه وهو على سريره وتحت فراشه الدافئ الوثير ..الأرق الذي يملأ فكره لا يتركه ينام هانئاً مبعداً كل شيء عن مخيلته ..يتذكر أنه عُّذب ذات مرة بمنعه من النوم ..أن يبقى واقفاً ..وكان الحارس يراقبه كل حين ..يومها دخل الى عالم من الهلوسة لم يلجه يوماً ولم يدرِ بوجوده ..كافيين خاص بقلبه ينبهه كلما غفت عينيه ..يجعله مستيقظاً حتى في نومه ..تنهد مستنشقاً ذرات الهواء مالئاً بها حويصلاته الهوائية ..مطلقاً ثاني اكسيد الكربون محملاً بذرات وجع حارقة ..لفظها مع الفضلات علها تخفف كمد قلبه ..رفع رأسه حينما فتح عمر الباب ..ليجلس بجانبه ..يقود سيارة عمر ويريد أن يأخذها بعد أن مرضت سيارته وأحتاجت المصلح ليصلح وجعها ويجبره ..ليت الآلآم النفسية كلها تتحول الى آلام جسدية تضمد في بضعة ضمادات فيندمل الجرح ويختفي ..
رفع رأسه بعد ان رد السلام على عمر الخافت ..عمر يختفي خلف تكومات همومه ..فقده لأخيه زيد ..ودخول تلك الفتاة الى عالمه الذي كان يصخب بكل حياة ..صيره الى هموم متكدسة ..صيره الى عمر لا يعرفه ولم يتقن قراءته في هذه الحالة يوماً ..أين أنت يا رفيق ..انك على شفا حفرة من الانهيار ..الدنيا تلعب لعبتها مرة أخرى وتبعدك عني ..تبني حواجز من الضنك لتشبت أوصار متعززة من الألم تربطك فيها ..يا رفيق ..أختفت ملامحك وأنصهرت من نيران الأشجان لتصبح صفحة واحدة ملساء لا ترى فيها عينين أنف وحتى فم واسع غبطت فيه ابتسامته ..انك تنجلي وهذا ما يؤلمني ..يربكني اختفاؤك وانا الذي عهدتك حاضراً بابتسامة تعليق ممازح وحتى ضربة قاسية تدفع بها كتفي ممازحاً اياي "بدفاشة" ..يا رفيق ..تبعث بك الحياة لتلقيك في دائرة تائهة لا تستطيع الفرار من براثنه المظلمة ..تمشي وحيداً في دياجير الليل ..تناجي ضياء القمر ..وتبكي دواخلك عمرها الراحل في حياته ..أواه من دنيا تسرقنا منا وتسرقك مني !!


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 01-04-16, 10:40 PM   #25

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


.
.
.
سلآم من الله عليكم (())
مساؤكم /صباحكم فردوس ^^
فصل اليوم مشبع وجميل ومنحنى للكثير من الأمور ،
إقرأوه بتمعن وإن شاء الله يرقى لذائقتكم
موفقين



،
الياسمينة الرابعة
.
.

.
حينما تحب شخصاً تشعر أن بوجوده يكمن سر الحياة ..وأنه إذا ما غاب ستذبل الأيام ولن يظهر من بريقها سوى لمعان الدمعات على وجهها البائس ..حينما تحب إنسان ستشعر أنك بقربه أفضل وأن قلبك عندما يقترب من قلبه يُزهر أكثر ويستحيل إلى ضياء وبهاء ..حينما تحب إنسان ستثق به وستجد كل الحياة بين كفيه وحين ظهوره ..حينما تحبه ستعتاد على حضوره ..يفتقد وجودها بشدة ..ولاسيما أنها يئست منه ومن أن يرضى وذلك بعد أن وُئدت كل محاولاتها اللحوحة في أرض لا إهتمامه القاحلة ..لن تعد أخته التي أحبّها وأعتاد على نبضها ..لن تعد ابنته ذات العقدين المكتملين ..لن تعد كما كانت ..كل الموازيين أختلفت ..والكثير من الأشياء تبخرت ..يا الله أتراها يئست مني ولن تعود إلى مراضاتي وإخفاء كل الأحزان من على وجهي ..ديم بنيتي الكبيرة ..ورفيقة قلبي الرقيقة ..إن أخاك من دونك ذرات سابحة في ملكوت العدم ..إنه يذوي من دونك في غياهب الوحدة ..لا يستطيع أن يرضى عليك ..ولا يستطيع غيابك العصيّ ..أنت من ملأت حياته حباً وهو الذي تاه في تلابيب الفقد مذ نعومة أظافره ..وأنت التي كنت تعطين طعماً لحياته المُّرة ..بضحكاتك الطفولية الصاخبة وبإبتسامتك الواسعة التي تملأ وجهك الرقيق ..ديم يا ذات الوجه الرقيق والعينان الفاتنتين ..أين إنتِ من حزن أخيك ..إن غيابك المر عنه يزيده بعداً ..
أغلق باب البيت متوجهاً إلى غرفته ..ما زال حسّ عمر الكئيب يلاحقه ..وطيفه الشاحب يحزنه جداً ..يعلم كم هو مصاب بالحزن العقيم ..لا جدوى من الربت على كتفه لإنه أعوّج هزلاً قاتماً ..يا الله كن معه ..عندما مرّ من جانب غرفتها كاد أن يطرق الباب ويتجه إليها ولكنه أسكّت نحيب الشوق في قلبه ..متحاملاً على كل ذرات الحنين النابضة في عمقه ...في محنته هذه أكتشف الكثير من الإيجابيات الكامنة في شخصيته إنه صبوور إلى أبعد حد وجلد أيضاً ...وثمة قوة من السنديان تمتلأ به شخصيته ..فتح باب غرفته بهدوء كئيب ..أركن حقيبته جانباً وأستلقى على سرير من دون أن يخلع ثياب العمل ..مجهدة أركانه وأطرافه ترتعش تعباً وبرداً ..إنه صقيع مارس العجيب ينبلج من وسط الربيع ليظهر بقسوة أكبر ..وخفوت أعمق ..بعد أن غسّل وغيّر ملابسه إتجه نحو غرفتها طرق بابها بهدوء ..فتحت الباب بهدوء تكلمت بهمس روتيني يعلم ماذا يفعل حيال أخاها الجامد : يعطيك العافية هلأ بحطلك أكل !!
أغلقت الباب بهدوء وهو ما زال يقف أمامها ..كادت أن تتوجه إلى المطبخ ..لولا إمساكه ليدها ..نبض عرق في عينها ...والدموع قد تجمعت ..ماذا يريد منها الآن بعد أن أمضى وقتاً طويلاً يعاملها كأنها أريكة مهملة أو حتى ملعقة ملقاة آخر الدرج ..ماذا يريد وهي التي أفتقدته وأفتقدت أمها وأبيها ورحيل وكل الدنيا ..إنهم يتخلون عنها تباعاً ويلقون بهيكلها الغض في مهاوي الوحدة والفقد ..وكأنها عقيدة باطلة من إعتنقها كُّتب عليه البؤس حتى يتخلى عنها ..إنها بائسة ويائسة وحزينة ..كل أوصاف الشجن لن تسد فوهة الحزن الذي تعاني منه ..ألتفت إليه بشحوب وعينيها تسألانه الرحمة ..أن أرفق بقلبي أخي ..أختك ساذجة ومغرورة بسطحية غبية وموبوءة ..أختك لا مبدأ تعتنقه سوى السذاجة واللاإهتمام ..خدعوها كلهم ..وأوهموها ان جمالها هذا هو الأساس وهو الذي سيرفعها قدراً ..لم يعلموا أن ذرات جمالها المقيته إندثرت عند أول نازلة ألمّت بقلبها فأوجعته ..لم تكن جميلة بصنع يديها ..ولكنها كانت غبية بصنع يديها ..إنها حزينة كنملة أضاعت جهد سنينها الريح ..ولكنّ النملة ذات إرادة ونشيطة ..إذن حزينة كصرصار لم يفعل شيئاً في الصيف ليجيء الشتاء ويملأه ندماً ..كاد أن يتكلم لولا أنه لمح اصفرارها الهالك ..ماذا حلّ ببنيته من بعده ؟! ..لم يتمالك دموعه متذكراً إياها طفلة يلاعبها صباحاً بحب هادر ..ويحملها على كتفيه الفتيين متوجهاً بها إلى البقالة ..تذكرها صبية تلج إلى عالم الثانوية بهمة متوقدة يفتخر بها ..مرّت سنين عمرها بين عينيه ..أنتقلت كفه من يدها الى كتفيها أمسكها بكلتا يديه ..لاماً إياها إلى صدره ..مذيباً كل أوجاع الدنيا وأشواقها في فؤاده ..تكلم بشجن هادر : ديم إنت بتوجعي أخوك كثير ..أخوك تعب يا ديم !
شهقت بفجيعة ..فجيعة الحزن والفقد ..إنها فتاة تبكي لحزنها الأيام ..دفنت نفسها في صدره الجامع لأبيها الراحل وأمها الغائبة ...
: عبـ ـود إنـ ـت صـ ـادق بـ ـكل كـ ـلمة حكـ ـيتها أنـ ـا غـ بية جـ ـداً كلـ ـهم بتـ ـركوني !
لم يمسح دمعاتها ولم يخفف عنها وطأة الألم ..زاد من جرعة البؤس عليها متكلماً بالفجيعة الكبرى : ديم أبوي كان متزوج وحدة ثانية قبل إمي ..!!
تّوسعت عينيها بذهول وسقطت آخر دمعاتها مع سقوط جسدها الهزيل بين كفيه النافرتين عروقهما المجهدة !
....................................
إستلقت على سريرها بعد أنّ أضناها التعب ..نظّفت البيت كله بجهد تعلم دافعه ..إنها الكآبة ..باتت لا تُطاق موجات الإكتئاب الحادة تحرمها ابتسامتها النادرة وتحملها فوق طاقتها ، لم تضحك للحياة فعلياً سوى في مرحلتين في حياتها ..مرحلة الطفولة البريئة اللاواعية ..ومرحلتها تلك قبل شهرين ..بعد أن عرفت ديم ..ديم الرقيقة ، لا تستطيع ان تعود كما كانت لا تلوموها تشعر أن الكآبة باتت منها وأن الأحزان تقتات من ذرات الفرح في داخلها ، لا جدوى من المحاولة في سد فجوات الحزن لأنها أصلاً معجونة من الحزن والكمد كيف لا ..وهي رحيل ؟! إنها مليئة بالدموع وتود أن تفّرغها في أرض قاحلة علها تنبت زهرة ..فتشعر بالجدوى من سكبها ..بعد أن أمضت ليالٍ تفكر بموضوع رجوعها إلى الجامعة والدراسة من جديد ..بعد ان تعبت من التفكير وملّها السهر ..ها هي تقتل تعب تلك الأيام بمحاولاتها الفاشلة في العودة إلى التقوقع على ذاتها السّوداوية ، لولا ردع غيث لغبائها ..ولولا الملحمة الكلامية التي وقعت بينهما ..لتركت الجامعة منذ أسبوعين بعد ان تركت الدنيا كلها ..لم تحضر تخرج "ديم" ..ولم تكلمها أصلاً تعلم ان ديم حزينة جداً ومنزعجة من تصرفها الأرعن ..وغيث أيضاً غاضب منها وحزين لأجلها ..ولا يعلم ماذا يفعل ليخفف هذا الكمد المغموسة فيه ..يا الله تود لو ان تعلق أمانيها الشاحبة على منطاد وتطلق له عنان السماء ..لعله يصل إلى احد يمتلك همة كبيرة وقوة عظيمة فيحقق ما تمنت ..تعترف بكل إرادتها أنها سيئة وضعيفة جداً ..وعبارة عن حشرة كآبة تحشر نفسها في حياتهم فتفسدها بسوداويتها التي تنشرها كإشعاعات ضارة تقتل الفرح في الأفئدة ..عادت إلى كآبتها بعد الموقف الموجع لفؤادها "يوم الام " !
في زاوية غرفتها كانت تجلس حائرة كيف تتكلم مع امها ومن أين تبدأ وهي التي حشدت الحروف حنيناً من اجل أن تبوح بها لامها ..بأي العبارات تبدأ وما في فؤادها لا يُحكي ..تحبها حد السماء وإن كانت قد تخلت عنهم قبلاً ..ولكنها امها ..الوحيدة التي بإسمها تُذاب كل صفائح الجليدية المعجونة بالشوق في قلبها ..إنها الوحيدة التي تستطيع ببسمة متوكأة على عصا الحب أن تضرم في قلبها ألف جمرة من الحب الملتهب ..أمسكت هاتفها بعد ان أهلكت خلاياها العصبية تفكيراً ..وهي التي تتقن التفكير أكثر من أي شيء ..وضعت الهاتف على أذنها حباً وحنيناً ..وجاءت القاصمة لخاصرة فؤادها ..إرتطم شيءٌ ما من أعلى قلبها إلى قاعه ليصدر دوياً هائلاً مليئاً بالنحيب ..نعم إنها دمعات فؤادها المكلوم ..صوت موظفة شركة الإتصالات المقيتة..والموسيقي البغيضة المرافقة لصوتها بكلماتها الناحرة " عذراً الرقم المطلوب غير مستعمل " ألقت على فؤادها تعويذات كئيبة ..على ماذا تعتذرين ..على قتلك لقلبي بخنجر مسموم ..أم لنفيك إياي إلى مهجر مقتم مليء بالعناكب والديدان والقطط التي ألفّتها ..على ماذا تعتذرين على جرح أمي لي ؟! .أم على إهتمامها الهادر ببنيتها المكلومة ..على ماذا تعتذرون ؟! على كوكبنا القاتم القذر ..المليء بكل حزن ..يا الله إنني أذوي في متاهات مظلمة وأتسكع بها كفأرة خارت قواها بعد أن لاحقتها لعنات القطط سنيناً لا تستطيع الفرار منها ..يا الله انت النور الذي يملأ قلوبنا القاتمة ..والسراج المنير لطرقنا المعتمة ..يا الله أرشد قلبي إلى النور وأربط عليه قبل أن يتحطم أشتاتاً فوق أشتات ..نعم إنها تحتفل بيوم الام مع أطفالها بعيداً عنا ..بعيداً عن إزعاجنا نحن " أبناء طليقها الراحل " نعم إنها تعيش حياتها وترتب أبجدياتها بعيداً عن ضوضائنا القاتمة ..سامحك الله ..جّل ما اتمناه الآن مغفرة تامة من الإله تغشاك وأنت التي تلطخت بالذنب لنحيبي الصاخب !
أطلقت عنان دمعاتها متذكرة هذه الذكرى الشاحبة ..الذكريات السبيل الواسع لقهر حرياتنا ..إنها تسرق حرية التفكير منا ..وتحيلنا إلى منفى متشعب الأركان ..أستغاثت بالله حزناً وهي تقف لتمسح ما طفر من عينيها من بلورات ..وقفت متجهة إلى الخارج ..تنتظر غيث الغائب بحزن ..جلست على كرسي مهمل في جانب المطبخ تنظر إلى الفراغ بشرود وشكلها الحزين ببيجامتها الصفراء وشعرها الأشعث يوحي للناظر بحالها الكئيب ..أستيقظت من غفوتها على صوت هاتفها ..إستغربت من تكون ..ديم لقد عنّفتها لتتركها وذرتها باكية ..كم هي قاسية ..وخالتها تكلمت معها البارحة ..يبدو أنه غيث ..يا رب أن يكون غيث ..مجرد التفكير بأنه هو يفرح قلبها الذي أوجعهم جميعاً ..أمسكت هاتفها بلهفة ..ليصل إليهاالصوت الرجولي: ألو ..السلام عليكم !

يتبع ،



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 01-04-16, 10:44 PM   #26

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



قرصت خديه بحب ..هذا الصغير لكم يمتلأ بالبراءة والجمال الصاخب ..لن تستطيع حصر مقدار محبتها لعينيه الزرقاوين ..جماله آخاذ وروعة طفولته تُذهبها إلى عوالم صاخبة بالطفولة الملونة :لك أنوس ..تقبش قلبي ..قديشك بتجنن ..يا الله ما ألزك
حاول التفلت من حضنها بدلال طفولي هادر وهي تزيد من إحكام قبضتها عليه وتقبيله بحب وصوت ضحكاتها الناعمة يملأ المنزل..رفعت رأسها إلى امه الواقفة امامها :
ولك بيسان إبنك ليش عم يتدلل عليّ ..شايف حالو ميشان عيونو الزرق ..أصلاً بقولو اللي عيونهم ملونة دمهم تقيل وما بينطاقو !
ضحكت بحب لكلماتها الجميلة ..هذه الفتاة كل ما فيها يدعو للفرح ..ابتداءً من ابتسامتها الواسعة ..وشعرها الفاحم ..وحتى قوامها الصغير
: اه يا حبيبتي هاد إبني بصحلو يشوف حالو " ألقت بكلماتها وهي تركن بجانبها على الأريكة "
ضحكت برقة : ما شاء الله على الثقة ..ست بيسان !
: لا يكون مو عاجبك وتين !!
رفعت عينينها للقادمة بذهول ..إبتسمت عندما لمحت طيف بلسم ..نطقت : بسم الله إنت من وين جاية ؟!
جلست على الأريكة المقابلة لهما لتتكلم : من الغرفة
: طيب وشو دخلك بيني وبين بيسان
بقهر ردت : بالله ؟! أختي وبدي أدافع عنها
وأخيراً تكلم ذلك المنزوي على الأريكة المنفردة في الغرفة بإنفعال واضح : ليش وهي مش أختك ؟! كلكن خوات بلاها الحزازيات !!
فتحت فيها بإستغراب ماذا دهاه إنها تمزح !! ..تكلمت بيسان بلطافة عّلها تغير الجو المتأّزم : عمورة بتمزح ما إنت عارف
مرة ثانية أذهلهم بإنفعاله الحاد المصاحب بعصبية واضحة جعلتهن ينصدمن أكثر تكلم بعصبية هادرة موجهاً كلماته لبلسم موبخاً إياها : إنت كم مرة حكتلك لا تمزحي هاد المزح التقيل ..أحسن تزعلوا من بعض ويصير بينكن حواجز ..!
تجمعت دمعات غير مُصدقة في عينيها ..إنه يحرجها ويوبخها من أجل وتين ...من أجل هذه الدخيلة ..لقد تغير المنزل برمته منذ دخلت عليه هذه الوتين ..وعمر أخذ من التغيير منحناً خاصاً ..حيث بات لا يُطاق بعد أن غادره مرحه الجميل ..قامت بغضب وهي ترمق وتين بنظرات نارية حاقدة ..إتجهت نحو غرفتها بغضب واضح ..ليستغفر من بعدها عمر بتمتمة واضحة ..وقعتا في صمت محدق ..وأستنكرت بيسان نظرات بلسم ..إلتفت إلى وتين بهدوء لطيف قائلة : حبيبتي وتين لا تزعلي ..بس بلسم شوي عقلها صغير !
أبتسمت لها برفق بعد أن غادرتها الإبتسامة وسكن الصغير في حضنها عندما ثار عمر برعونة ..أركنت الصغير بجانب أمه وأتجهت لتقف فوق رأس عمر المنحني على الهاتف بشرود ..عمر شخصية كئيبة ومنفعلة هذا ما عايشته ..فكيف يقولون أنه مرح واسع الإبتسامة ..كثير الضحك ؟! ..لماذا تغيّر ؟! ثمة أمور لا تعلمها عنها ويجب ان تربط على قلبه بحكم رابطة الأخوة بينها ..تكلمت برقة : عموورة ..ايش في ؟! ..ع شو الزعل هلأ !!
أنتفض قلبه بين أضلعه ..أغمض عينيه مستجلباً كل ذرات الصبر النافذة منه..لا يريدها طيبة ورقيقة كما الآن ..لأن ذلك لن يدوم ..بعد أن تعلقه بها كزوجة مثالية حقيقة سينجلي ذلك وستذره من بعدها فتاتاً هرماً يقتاته الحزن صبحاً وعشياً ..لم يرد عليها متعمداً تظاهر باللامبالاة ..لتعقد حاجبيها بإستنكار ونبرة مستهجنة خرجت من بين شفتيها مصحوبة بأحرفها المستغربة بعد أن وضعت يدها على كتفها وأمالت رأسها مقابل رأسه المنحني : طيب أنا هلأ شو دخلني ؟! ليش زعلان؟ ع فكرة شكلك وإنت زعلان مانو حلو !! اي يلا إضحك ..
يا الله إنها تقتله وهي لا تعلم ..تسحق قلبه النابض وتمحق كل كيانه القديم ..يا وتين مهلاً على فؤادي الهرم ..تمهلي فحزني لا يُحكي والأسى فيّ لا يحشد ..إنني أميتك وأميت نفسي ..إنني مجرم بحقك وحقي ..وسأحمل وزرك ووزري ..كم من السنين سأحتاجها لأنهي حكايتي البائسة ..وكم من الأيام سأعدها لأسحق ما مضى ؟! ..كيف سأقتل الذنب وهو أكبر وأعظم من أن تقتله كفيّ الصغيرتين أمام عظمته ..يا الله يا وتين ماذا ستفعلين عندما تكتشفين ذنبي المستخفي تحت أقنعة طيبتي الزائفة ؟! ...كيف ستكون ردة فعلك وأنت المغسولة بالرقة الهادرة ..ووجهك الطيب ممسوح بمسحة فنية أكاد أذوب لفرط جمالها ..وتين يا نياط القلب الذي إذا قطع متّ ..أنتِ اذا أنقطعتِ عني سأموت ..أقسم سأموت ..إنني أعترف بكل ما أوتيت من البوح ..أعترف أنني من دونك لن أحيا ..إعتدتك ..حتى أحزانك التي صنعيتها فيّ إعتدتها ..وجودك إعتدته ..رقتك إعتدتها ..حتى قوامك الصغير إعتدت إنبلاجه ..فكيف سترحلين عني بعد هذا كله ..كيف ستقتلين ما نما في قلبي ..!
بقسوة أبعد كفها عن كتفه ليقف من بعدها متوجهاً إلى غرفته من دون أن ينبس ببنت شفة ..فتحت عينهيها بذهول وفرجة يسيرة ما زالت بين شفتيها ويدها معلقة بالهواء ..كل ذلك تحت نظرات بيسان الحزينة !
......................
تنحت بإحترام لتلج الجدة من جانبها إلى الصالة الواسعة ، أنتقلت وراءها لتجلس على كنبة منفردة وهي تنظر إليهم بإهتمام ، أبوها واجم يجلس قبالتها وكتاب لـ " دوستويفسكي " الأسطورة يتربع بين كفيه بشحوب كما وجهه الصامت ..وأمها تعبث بهاتفها متنقلة من محادثة إلى أخرى ..وجدتها التي جاءت للتو تهيأ لتتكلم وتشد الأنظار إليها أما هي فتتأمل وجوههم بإهتمام ، يقلقها أن تجرح جدتها أباها وتريد ان تفعل شيئاً من اجله ..من أجل جهده الذي تلمحه في تقاسيمة وحزنه اللامع الذي يسّطع في عينيه ، وحدث ما كانت تقلقه ..تكلمت الجدة بوجوم : بو خالد ..!
رفع رأسه بإحترام: هلا يمه ..آمري !
وعينيها تنظران إلى حيز بعيد عن عينيه : إنت تبي تقتل نفسك ..ما تخاف الله
وكأنه لا يعلم شيء : ليه يمه ..وش بي؟!
: وجهك ذبلان ما تاكل ..ومقصر في أخدك لأدويتك ..إنت تبي تعاقبني لجل ذيك اللي ما تتسمى !!
أنتفضت أركانه أمه تمارس قسوتها الحانية عليه ، وهو لا يُطيق
: يمه الله يهداك ..أستغفر الله أقتل نفسي بإيدي !
وقفت بصرامة حادة وهي تتكأ على عكازها المتآكل وعيينيها الكحيلتين تتفرسان ملامحه بقوة ...تكلمت بغضب هادئ : والله ثم والله إذا رجعت فكرت بموضوع وتين لأغضب عليك !
ألقت كلماتها المسمومة لتخرج من بعدها ..خلّفته من بعدها حزيناً ..تنهد بقلة صبر ..ليُلقي الكتاب أرضاً ويقف بغضب حليم ..محوقلاً بصبر..خارجاً من الغرفة !
في حين كانت تتجه ندى بهدوء إلى هاتفه المهمل على الطاولة !
...............................
منحنية بهوان ، تستفرغ كل ما في جوفها من طعام ..وصوت شهقاتها يخيل وكأنها ستُخرج روحها الآن ..لو أن بمقدرتها إستفراغ أحزانها وتكتلات الكمد في جوفها ..يا ليت ..اهٍ يا ليت ..عند باب الحمام يقف وعيناه تحملقان بها بأسى ..أسى ؟! ..أي كذب ؟! ..عيناه تنظران إليها بفجيعة ..فجيعة الأم الفاقدة لوليدها ..فجيعة الزهرة الفاقدة لبتلاتها ..يلمحها تنصهر حزناً ..وهو واجم ..انتهت من مهمتها القصرية المجهدة لتتجه إلى المغلسة بهوان ..تغسل وجهها بألم ..أقترب منها حاملاً إياها وكأنها عادت طفلته ذات الخمس سنين يحملها على كتفيه ويلاعبها كثيراً ..على سريرها مددها ودمعاته متجمعة في عينيه الخضراوتين بحزن ..تكلم بهمس مبحوح : يا ربي يا ديم شو اللي صارلك ؟!.. مالك يا روح أخوك ..؟!
دفنت وجهها في وسادتها وصوت شهقاتها تقطع نياط قلبه ..
: بـ ـدي رحـ ـيل جـ ـبلـ ـي رحـ ـيل !
مسح على شعرها برقة محاولاً تهدئتها : استهدي بالله حبيبت..
قطعت كلماته صرختها الغريبة وهي تجلس على السرير وشعرها متناثر بإهمال اما عن دمعاتها فهي في إنهمار لا تستطيع بسببها النظر : لا تحكي اشي ماشي ا ..جبلي رحيل هلأ ولا بمّوت حالي ..بنتحر وبخلصك مني ومن همي ..
وضع كفه على فمهها بإنشداه : بس بس ..اسكتي
عضّت باطن كفه بحقد لينظر إليها بإستنكار
: بدي رحيل ..بدي رحيل هلأ
أتعبه نحيبها وإلحاحها الهادر ..إنها تتحول إلى طفلة لا يستطيع التصرف معها ..يا رباه من أين جاءت هذه الرحيل ..أمسك هاتفها ..يبحث عن رقم تلك فلتأتِ الآن ..إن لم تأتِ سيقتلها ..المهم أن تطفأ حزن أخته ..أرتمت على فراشها من جديد وهي تلمحه يمسك هاتفها بقلة حيلة !

أنتهت



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 12-04-16, 01:52 AM   #27

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


مساؤكم /صباحكم فّل وياسمين وإجتهاد ^^
يمكن هي الظروف بتحكمنا كتير وبتوخد منا كتير ،
المشاغل لفوق راسي ومع هيك بحاول أكتب إشي منيح
يمكن يكون هالفصل صغير ولكني بعترف بكل ما أوتيت من قوة
إنو هالفصل أكتر الفصول اللي استننزفت مشاعري وأرهقتني بكل ما تعنيه الكلمة من إرهاق ،
وهاكم الفصل قراءة موفقة


.

.
.
الياسمينة الخامسة

يوماً ما ستسأم جراحك ..ستمل نحيبها الخفاق ...وستغفو على وجه الإشراق منادياً إياه بالإقتراب ، يوماً ما وعندما تتآكل من الأحزان ..سينبض في قلبك ذلك الفرح الدفين ..وستعلو حشاياك مظاهرات تنادي بالإستقلال عن حُكم الأشجان ، يوماً ما ستبتسم حتماً وإن كانت الاوجاع أكبر من أن تُمحى !
.
.
.
صمــت محدق في وجه الظلام ، وعينان ذاهلتان في الحقيقة ، ومعمعة في القلب تشتعل ، من أين جاء هذا ؟! ومن أي العصور أتى ؟! لماذا الآن ؟! وماذا يُريد ؟! وكيف وياللمصيبة ...كيف ستُحاكيه ..وهي لم تحاكي من الدُّنيا رجالاً سوى أبيها وغيث وبضع من محارمها وأساتذتها اللذين واجهت من الصعوبات ما لا يعلم به إلا الله لتجاوز حيائها النفاذ ،أستنشقت من الهواء أكبر قدر ممكن يملؤها طاقة تساعدها على إتمام جملها ..وترتيب ما ستقول ..يجب أن تقتل ترددها العفوي وكلامها الطفولي وإلا شعر بها ..وأستشعر غباءها ..وهي التي تكره أن يُقال عنها غبية ..أو يستشعر أحدهم بسذاجتها وخاصة إن كان الأحد..هو !
: وعليكم السلام ..ميـ ـن ؟! ..ديـ ـم فـ ـيها شي ؟!
أتمتها ذاهلة الأنفاس متقرحة جفون القلب ، عادت لإستنشاق زفراتها التي أطلقتها ظانة أنها لا تحتاجها ..لتعاود الإحتياج إليها مرة أخرى ....فور سماعها كلماته القليلة المهلكة لخلاياها العصبية ..كيف لا ؟! ومحادثتها لرجل غير محارمها تؤذيها وهي التي لم تعتد أن تعصي خالقها جهرة مع ذاتها .وخاصة أن من تكلمه "قمر" الذي بذكر إسمه تنبسط كل خلاياها ..وتنتفض نبضاتها الصادقة !
.
.
صوتها الطفولي لفته ، وتعلثمها الواضح أنتبه له ..أما عن خوفها الصادق على أخته فقد أحبّه ، تكلم بجمود يكاد يكون من طبعه الجاد : لو سمحتِ أخت رحيل ، ديم تعبانة شوي ومحتاجيتك جنبها وهيها في البيت ، بتقدري تيجي عندها ؟!
توسعت عيناها بدهشة من طلبه الغريب ، الساعة الخامسة مساءً لا أحد في المنزل سواها ، بالإضافة إلى عدم إستذانئها من غيث ، إستحالة الأمر تظهر للأعمى والبصير ولكنه يكابر .. يكابر ويُظهر البلاهة في تصرفه الأرعن وسؤاله المترف بالتهكم من أجل ديم ..ومالها ديم لا تكلمها ؟! أتكون تعبة حقاً ..ما بها ؟! ولماذا توسطت من خلال عبد الله ...اهه ..الخبيثة إنها تشّكل قوة ضاغطة عليها لتأتي ...تباً لها أتصل بها الأمور والرغبة في تلبية مصالحها في إحراجها ..ديم تغيرت لقد أصبحت أكثر خبثاً من بعد معرفتها لحقيقة مشاعرها نحو أخيها العزيز ..تباً لي ..ما كان عليّ أن أشعرها بنقص عقلي وبعاطفتي المراهقة ..إنها تستخدم مشاعري كأداة لتلبية إحتياجاتها .. وأخوها الأبله لا يكف عن تدليلها وهي التي أوجعته بنصلها اللامهتم ..نعم أبله ..أعترف بكل ما أوتيت من صراحة أنه أبله وساذج عندما يتعلق الأمر ب"ديم" ..لقد كشفت أسراره غباءً وهو الذي يخاف عليها من نسمة الهواء ..وخانت ثقته تكبراً وهو الذي ما زال يصون ميثاق الأخوة بينهما ..ترامت على عقلها الأفكار السلبية من كل حدب صوب ..وأمتلأت بها حتى أُغشيت عيناها عن النظر جيداً ..تكلمت بجمود سوداوي رافضة كل الأشياء ودمعتان أنفلتتا من عينيها الساهمتين
: لا ما بقدر ! الوقت متأخر وما حكيت لأخوي ..وما كان لازم تحكي معي حضرتك بتقدر ديم ترن عليّ وتحكيلي ..وأعذرنا ..السلام عليكم !
.
.
فرجة تكونت بين شفتيه ونظرة غير مصدقة إلى الأفق وجّهها ، أسقط يده المذلولة بجانبه والهاتف الوردي ما زالت تحتضنه كفه ، لقد أهانته وأهانت أخته الغبية معه ، ديم إلى متى سأبقى بسببك حشرة تهزأ منها كل الحياة ؟! إلى متى ستبقين تضعين أخاك المنسحق تحت أقدام رغباتك العصية على التنفيذ في قائمة المذلولين ؟! إلى متى ؟! وتلك البلهاء من تكن ؟! من تظن نفسها لتنظّر عليه ما كان يجب أن يفعله ..ولكنها محقة ما كان يجب أن يكّلمها ..بأي حق يهاتفها وخاصة أنها من الظاهر تبدو حيية ..لقد أعمت نور بصيرته دموع مدللته فكّونت غشاءً هلامياً لم يستطع من خلاله تقييم الأمور وتحكيمها بحق ..تنهد بهم ..هم حقيقي ..راكناً الهاتف على "التواليت" المعبئ بالمساحيق الأنثوية ..على سريرها جلس لامحاً نظراتها المتلهفة ..نطقها بأسى : ما بتقدر تيجي ! وأغمض عينيه منتظراً ما تمليه عليه الحياة بظلام!
.................................................. ........
تجلس أمامها بصمت حزين وتلك تدفن رأسها في وسادتها وصوت شهقاتها الدامعة يصخب في الغرفة ..مسكينة بلسم إنها تفّرغ كل قهرها من عمر الآن ..عمر الذي بات يعّنفها على أصغر كلمة .. ولا يطيق منها شيئا.. وها هي الآن تبكي حزنها المكبوت وقهرها العميق ..منذ ربع ساعة وهي تجلس أمامها تواسيها ببضع كلمات محبة وتلك لا تستجيب لها وصوت لهاث الحقد في قلبها يتزايد كلما سمعت صوت وتين المصطنع بنظرها ..تنهدت بقلة حيلة وهي تمسح على شعرها بحنان متدفق : حبيبتي بلسم لا تبكي يا عمري ..عمر ما قصدو .. هو بس مضغوط شوي بشغلو ..الله يعينو !
أختلقت من نفسها أنه مضغوط ..رغم أنه لم يكلمها أصلاً ولم يستجب لسؤالها الصادق المهتم ..ولكنها تريد أن تخفف عن بلسم ومع ذلك تريد أن تبقى صورة عمر الاخ الحاني تملأ مخيلتها ..وذاك يقف على جانب الباب ينظر إليهما بندم جارف ..ساحق لعمق قلبه الحاني ..ومفتتاً لشخصيته الطيبة ..أكملت رقتها وبلسم تزداد إشتعالاً ..إظهارها للطيبة يقتلها ..وكلماتها الحانية تُهلك خلاياها الملتهبة بنار القهر ..ولاسيما أنها تعلم انها صادقة ومجهوضة الحق .. : لك بلسم ..ما توقعتك لهالدرجة حساسة ..خلص يا حبيبتي ابتسمي ..بتجنني وإنت مبتسمة .. وبمداعبة خالصة كانت القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لبلسم :يووه يا الله شو نفسية !
رفعت رأسها عن الوسادة وعيناها الحمراوتين تزيدان الموقف نحيباً ..ما زال يقف على الجانب ينتظر تكملة المشهد المبتور ..ووتين تبتسم تظنها ستسجيب لها ..ليت المشهد لم يكتمل وليت وتين لم تُحسن الظن ..وليت القهر لم يُعمي !
أنفلتت من لسانها صرخات منقهرة دافعة بوتين بكلتا كفيها لتقع من على السرير مرتطمة بالأرضية الباردة ..تصرخ بكل قهرها ..ووتين تنظر إليها بذهول
: من وقت ما دخلتي على حياتنا ..وإحنا من مصيبة لمصيبة ..خربتيلنا أسرتنا ..وجهك نحس ..خالد مات ..أبوي وأمي مشاكل ..وعمر ما عاد عمر اللي بنعرفه ..خليتيه نفسية ما بينطاق ..لأ وبصرخ علينا ..خواتو اللي ما عمرو ما صرخ عليهن إلا بوجودك ..يا فال الشر !
" فأل الشر" "وجه النحس " كسرنا ترابط جزيئات الدمعات المنغلقة ..تجمعن في محجريها ونظراتها غير مصدقة ..ماذا تقول هذه ؟! بربكم بماذا تتفوه ؟! بأي أنواع السموم غطّست كلماتها لتكتسب كل هذه الفظاعة ؟! لا شك ان ما تقوله آتٍ من ظلماتي العشر وعصري اللامعلوم ؟! ..من أنا ؟! وكم مرة سمعت بأني فال شر ..ليست المرة الأولى حتماً ولكنني لا أذكر ..بلسم أليس من الواجب عليك ان تكوني بلسماً لجراحي التي لا أعلم سببها لتطيبها ...ألا يجب أن تخففوا عن مآستي التي لا اذكرها !؟ فلماذا تفعلين بفؤادي كل هذا الإنكسار ..ماذا أقترفت من سواءت لأجازي بكل هذه الفجيعة من الكلمات ..بيدها أخفت فمها وكأنها تسحب شهقاتها قصراً لتنكتم ولكن لا ..أنفلتت شهقة من عمقها ..هنالك حيث موطن كل جراح دفينة لا تعلم من أين أتت ..ودمعات أنسكبن ليحفرن وجهها الرقيق بسخونتهما النارية ...نسيت ألم جسدها الضئيل الساقط من السرير ..ونسيت دفعها لها ..وأنتبهت كل جوارحها لذلك الساقط من أعلى قمة مرتطماً بقوة في قلبها ..إنه شطر دمعات قلبها المنكسرة !
أجزاء من الثانية كان عمر يقف أمام بلسم التي ما تزال جاثية على السرير ..مشدوهاً بقسوة أخته التي لم يتخيلها بها يوماً وهي كالبلسم حقاً ..رفع يده بقوة ليسقطها على وجهها الرقيق ، ليصدر صوت ارتطامها دوياً هائلاً ..فزعت له كل خلايا المنزل ..تريد أن تقتل وتين بنصل كلماتها !!..ماذا فعلت لتقتلينها يا بلسم ..أنا المذنب ..أنا السيء ..أنا المغطى من أعلى رأسي إلى أخمص قدميّ بذنب تلك الصغيرة ..تريدين أن تفرغي نار قهرك مني فيها ..أخبرك ..وتين ممتلئة بالقهر والشرود والحزن ولكنها تكتم ..وتتجاوز كل أحزانها وأكدارها ..لأنها تريد أن تحيا ..اه ..فلماذا فعلت بها هذا ؟!..ولماذا تحقدين عليها ..إنها صغيرة ..صغيرة جداً ..لا تحتمل نار قهرك وحقدك ..جسدها الضئيل سينسحق تحت قهرك وحقدك الغريبين ..وتين ستذوي وتنصهر بذنوبٍ لم تقترفها ..وأنا بماذا سأبرر وضعاتي وحقارتي وسوء تصرفي ..يا الله تعلم من هو عمر ..وتعلم كم من الآهات يحمل في فؤاده الذي لم يحمل سوى الفرح والحياة ..عمر يا الله ينسحق إلى ذرات متناهية الصغر ...تتطاير كلما هبّت عليها ريح عاصف لضعفها وقلة حيلتها ..أنا ضعيف ومتزعزع أفقد ثباتي وقوتي ..لأجزاء من الثانية مرّت هذه الفجائع الثلاث ..فجيعته بأخته الحاقدة وفجيعته بتفوهها بسمومها ..وفجيعته بضربه لها ..أكبّت على فراشها من جديد على وسادتها التي كانت تحتضن دموعها لتكمل النزف ..وتلكم الوسادة تمتص أحزانها وتهدهد على أوجاعها ..ووتين ما زالت على الأرض واقعة تنظر إلى الأرض بشرود ودموعها تنسكب بلا إنتظام ..ماذا يفعل حيالها يا الله ؟!..جلس بجانبها لا يدري بماذا يواسيها ناظراً إلى جانب وجهها الحزين ..تكلم ببحة صهرتها الأوجاع ..منادياً إياها ويظن أن الخلاص أقبل ..ولكنه خلاص سيتبعه فقد وبداية حزن : وتـ ـين !
لم ترفع رأسها بينما أقبلت العائلة بأكملها إلى الغرفة بعد سماعهم الأصوات الغريبة المتشاحنة ، بيسان والأم وزيد الصغير والأب ، بقيت تنظر إلى الأرض بإنتكاسة فرح ..لقد إنتكست أفراحها الهزيلة ...أصلاً كانت متزعزعة الجانب ..فلماذا شيدت عليها آمالاً شاحبة..الذنب ذنبها والطامة تخصها والسذاجة منها ..رفعت رأسها عندما وضع عمر يده على كتفها يربت عليها مخففاً ما يعتمل في صدرها ..والعائلة كلها محدقة بالصمت تنظر هذا المشهد المليء بالحزن ..تشهد عرض هذه اللوحة المحملة بكل وجع ، الغرفة خالية من الصوت ..سوى صوت بكاء بلسم المسموع ، وعمر ينظر إلى وتين بأسى يقطر ندماً وأخيراً تكلمت برجفة ما زالت لم تنظر إلى احد ولكنها رفعت رأسها موجهة نظراتها إلى بلسم ، : ميـ ـن أنـ ـا ؟!
شهقت أم عمر بصدمة ، للتو عرفت ماذا حلّ بالغرفة ، بلسم الغبية أهلكت أخاها وزوجه المسكينة ، تهادت على الكرسي بذهول وبيسان واقفة فوقها تبكي بفجيعة الأم الفاقدة لطفلها وأما الأب فقد أتكأ على عكازه مغمضاً كلتا عينيه بندم وهو يعض على شفته بتلعثم ، حانت لحظة الحقيقة ...حانت اللحظة التي خشيها ..الفتاة ستفقد نفسها من الصدمة وستحقد عليهم كلهم واحداً تلو الآخر ..يا الله ماذا سيفعل عمر وكيف ستكون ردة فعله ، همهم ألفاً يبحث عن الأبجديات الهاربة ، يناجيها بالإقتراب علّها تخفف الوقع وقوته ..ولكنها لاذت بالفرار لا تلتفت إلى تلاحم أوجاعه وندمه القاتلين ، أطلق تنهيدة طويلة وهو يضع رأسه بين كفيه منكّساً رأسه الشامخ دائماً ، عندما لمحت ردة فعله زاد غضبها وقهرها المتوّلد هذه اللحظة ، حبّت لتجلس قبالته نظرت إليه بعينين دامعتين وصوتها المتحشرج لا يخرج إلا بالقوة والدموع في مقلتيها تتجمع كلما خرج منها حرفاً : عـ ـمر احـ ـكـ ـي مـ ـين أنـ ـا ؟! صـ ـح أنـ ـا أخـ ـتـ ـك ؟!
أكلمت بهلاك ميت أحال أبيض عينيها إلى أحمر قاتم متفرع الشرايين وهي ترفع رأسها إليهم وصورة مأساوية تجسّدت أمامها تصيّرها إلى فتات مبعثر كلما أشتدت عليه الرياح تناثر وكانت له في كل فج لمحة أو حتى طيف مغبّر ، ماذا سيحصل لها ؟! ومن هي ؟! وماذا ستكون غداً ، اليوم هي ابنتهم وغداً من تكون ! ..من تكون ؟! وهي التي تجهل ذاتها وتجهل كينونتها المبعثرة وشخصها المتفلت من براثن الحاضر ليذوي في تلابيب الوحدة والعدم ، العدم الذي يقتلها وينهك خلاياها العصبية ..يا إلهي تعلم كم أشعر بوجع يخترق قلبي ليوصم حدته في قاعه ويذره من بعده أشتاتاً تطفو بعضها فوق بعض ، يا إلهي إنني أجهل من أكون ..أجهل كل الشخوص والأيام والذكريات ..ولكنك الوحيد الذي لم أجهله وتعرفت عليه رغم فقدي لذاكرتي ..أنت الوحيد الذي شعرت بحاجتي إليه ..إنك الدليل ..ولا تحتاج إلى أدلة لأعرفك ، يا الله أغفو ليلاً على وسادتي المتهالكة أسد رقعاتها بدموعي البالية فأشعر بيدها الحانية تربت على كتفي وتشدني إليها أكثر لأبكي أكثر ..وأفرّغ كل آلامي وأكداري ، كيف سأحيا إن كنت أنا التي تعرفت عليها ليست بأنا الحقيقة ..كيف سأحيا ؟! ..تجمعت كل الدموع في عينيها والحروف تلاطمت في جبّ لسانها تصطدم بعضها ببعض لتنشر نحيباً مؤلماً يخترق كل القوانين ويسقط في أزقة القلب المنهكة !
وقفت بتهالك تقترب من أمها المزعومة تناجيها بالرفق ، جثت على ركبتيها بهلاك ميّت وهي ترفع عينيها إليها بترجي ..برجاء بائس تكاد أركانه تملأ الأرض فتاتاً نزقاً شديد الإلتصاق بالوجع : مـ ـا مـ ـا إنـ ـ ـت الوحـ ـيدة الصـ ـا دقـ ـة ، جـ ـاوبـ ـيني ميـ ـن أنـ ـا ؟!
والأم تغطي فمها بكفيها ودموعها تتساقط وهنالك في أعماقها وجع يسترحم كل أطرافها لتعطي هذه الصغيرة الذابلة ذات الأوجاع العشر ، حناناً منسكباً ورحمة هادرة !





إنتهى وإلى لقاء قريب !



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 03-07-16, 02:02 AM   #28

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



السلام عليكم ()
اليوم الياسمينة بإذن الله ..من يوم الأربعا خبرتكم
للأسف كنت حابة أكملها للنهاية لكني لم استطع .. من يوم الاربعا لليوم ما كان في وقت فراغ أفكر فيه
الدنيا رمضان القيام والتروايح العزايم والأشغال ولبس العيد بإختصار لحد يوم الاربعا اشغال
ولسه في كعك عيد ^^
المهم هاد الجزء الأول من الياسمينة
.
.

.
الياسمينة السادسة عشر
.
.
إن الحزن لمقصلة الأحلام ومرتع لكل فساد قلب ، إن الحزن لظالم مستبد يُجري هيمنته الحقيرة على القلوب الضعيفة التي ما تفتأ تتكآل كلما تفاعلت مع ذرات قسوته الغليظة ، لطالما كانت مليئة بالحلم ومفعمةً بالحياة وشديدة التلاحم بالتفاؤل ، التفاؤل الذي لم تكسب منه سوى الانكسار القاسي والانتكاسة الذليلة ، لطالما شيّدت آمالاً على كل أرض رمادية وهي التي لا تعلم أن البذرة تحتاج بيئة خصبة كي تنمو ، ليست أرض رمادية ما هي إلا مخلفات حرب ودموع ، وقفت بصدمة ودموعها تنحدر وذاك الواقف أمامها ..أباها المزعوم يصبّرها ويخفف عنها وطأة ما سيقوله ..يلقي بتعويذات الصبر الكبيرة ويمسح مسحة ملائكية على قلبها الذي يبدو أنه سيتوقف فيه النبض من هول ما ستسمع ..إنه يخفف عنها يا للسخرية ..بماذا يخفف عنها وهي التي أمتلأت بالشحوب ..يا رباه كن لقلبها معيناً.......
: وتين ..قال الله "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون " ..الله سبحانه إذا أحب عبد ببتليه وع مقدار محبته لإله بكون مقدار البلاء ..والظاهر إنو الله سبحانه وتعالى بحبك لإنك بنت طيبة ورقيقة وقريبة منو ..لذلك أبتلاك والإبتلاء ع المؤمن ليبين مقدار إيمانه ..ما كنت بدي إياك تعرفي الحقيقة إلا لما يحكيلي أبوك وسبحان الله كلمني أبوك قبل ما تتفوه بنتي الغبية بكلماتها القاسية بلحظات ..بنتي لا تجزعي وأصبري وقبل ما أحكيلك قصتك إجلسي !
بتوهان جلست غائبة الابتسامة التي لطالما شقت طريقها على وجهها جمالاً تزيده على تقاسيمها ، جلست بإستجابة حزينة وبلا أدنى شعور ..كل هذه المقدمة سيتلوها فجيعة أكبر مما يرسمه خيالها الذي وإن حاولت يبقى متفائلاً إنه يقص عليه مآربها التي آلت إليها تقف هنا وتبكي ..يقص عليها قصتها التي تجهلها ..يا للسوء إنه يكلمها عن نفسها التي تجهلها عن ملامح فقدها الثلاث حرب فلجوء فموت ...إنه يحكي لها حكاية حزنها وإضمرار فرحتها الكاذبة ..إنه يخبرها بخبرها الذي تجهل ..كيف يحصل هذا ؟! لا تعلم ..يا الله أيدها بصبرٍ لينهض قلبها ..
: بتمنى يا بنتي من كل قلبي إنك تسامحينا كلنا ..أنا وأبوك وعمر ..بعرف إنو الخطأ اللي اقترفناه بحقك كبييير ..أكبر من أنو يغتفر ..وبرضو بعرف إنو قلبك كبيير وروحك طيبة ..وتين اسمعيني ولا تبكي ..اسمعيني وخليكي صابرة مبتسمة كما عهدتك خلال هالشهرين ..ويشهد ربي إنك دخلتي قلبي كبناتي أو أكتر ..وتين إمك _ الله يرحمهها _ سورية الأصل والمنشأ وأبوك سعودي ..كانت الأقدار أنهم يتزوجوا لينجبوك وينجبو أختك رنيم _ الله يرحمهها_ ..استشهدت أختك بسوريا ..ولجئتي إنت وأمك ..لتموت أمك من بعدها وانت ما تحملت الصدمة فكنت كثييير حزينة وتايهة ..ودعسك عمر بالخطأ لتفقدي إنت الذاكرة أبوك اللي وقع في مصيبة إما إمو اللي هي جدتك تغضب عليه أو أن يكون مقصر في حق بنته فلجأ لطريقة واحدة وتكلم مع ابني عمر ..إنو تكون كل تكاليف العلاج عليه بالمقابل يتزوجك ويتكفل في حمايتك لحد ما يرجع ..سبحان الله وكأن الله سخّر الأقدار كلها لهل اللحظات ابني خالد توفى بالقلب قبل ما تيجي وصرتي إنت مرة عمر ..لتعيشي في البيت وكأنك من أهله ما في تكلف ..أبوك قبل شوي كلّمني إنو جدتك وأخيراً وافقت تروحي لأبوكِ في السعودية ..أنا آسففف من كل قلبي على الحزن اللي سببتلك إياك أنا وإبني ..أنا مش قادر أقلك إني ندمان ع التصرف اللي بدر منا وبنفس الوقت حاسس بكمية الصدمة اللي هسا بتملي قلبك ..يا بنتي إبكي إبكي وطلعي هالحزن اللي مخبى بقلبك الرقيق ....
كيف لنا أن نرتجم أحزاننا كلمات نخطها على صفحة بيضاء ..كيف لنا أن نلوّث نقاءها بكمية الرمادية التي تحتوى قلوبنا الثكلى ...إن ما يُكتب لا يترجم شطراً من الكمد الذي يعتلي قلب حزين يفارق وطنه الذي له في كل زاوية رواية ..رواية خطها بسنواته التي عاشها ..رواية تحمل في جعبتها أحلام شتى وطموح علية ..إن ما يكتب لا يترجم نصفاً من صعوبة الغصة الواقعة بين الحنجرة والفم ..لا هي تخرج من الفم فتجرح وتريح ولا هي قد رضيت بالغياب أسفل الفم ، كيف ستقف من جديد وأحزانها جرحتها وأقعدتها عن الفرح ، كانت في كل مرة يسامرها اليأس تنهض من جديد مصبرةً نفسها بالفرج أما الآن وهي تفقد ذاتها من جديد وتتجرع الفقد بفجيعته مرة أخرى فلا تدري كيف تفرح !!
عمر ، كيف أطاعك قلبك الرقيق على تجريحي هكذا كيف لمعت في خاطرك تلكم الومضة الحقيرة ..الومضة الخافتة لماذا أهموني بأنكَ أخي وأنتَ لست لي سوى شاب غريب وزوج مزعوم ، كيف قربوا قلبي منك هكذا وأنا أشعر بوجودك لذة الأخوة وجمال الأرواح ، لماذا قتلتم حلمي وتبرأتم مني بعد أن نكلتم بي حزناً ومثلتم بجثتي الرمادية وانتم تضحكون غير مدركين لوجعي ،لقد تعبت يا أخي أو يا زوجي أو حتى يا عمر ، تعبت وأحس بأنني سأفارق الدنا ولم أترك من بعدي فرحاً أو أثراً كما تمنيت بل سأترك من بعدي لمعة حزن لن تخبو صدقني لن تخبو وجراح عميقة لن تركم ..لأنها أعمق من كل تصبيرات الحياة المغلفة بالكلام فقط ..الكلام السهل !
أنهارت على الأرض تبكي تضع كلتا كفيها على رأسها المثقل بالأفكار ..العيون الزرقاء وصوت فارس عباد ورائحة الياسمين .ضحكة أمها وشعر وكتابات أختها الحالمة ..رائحة حضن أمها المفعم بالياسمين كما حيهم ..أحلامها المتفائلة وضحكاتها الطموحة كلها تعترك في معمعة كبيرة داخل رأسها الصغير ، يا الله لفحني بالصبر لأقوم إعوجاج قلبي الحزين .. صرخت بوجع وهي تنظر إليهم بهوان : إنـ ـتوا ما بتـ ـخافوا الله ..أنـ ـا مو فاهمة شي ..مو متزكرة إلا لمحات ..رأسي بوجعني ..وحاسة إني رح موووت ..اه ياااااا ربي
أقتربت منها ام عمر بندم ..ندم قاتل تبكي الصغيرة التي تذبل أمامهم وجعاً ..جثت على ركبتيها بجانبها فتشدها إلى صدرها علها بذلك تذيب أوجاعها لم تسطتع كبح جماح حُزنها كل أشجانها تراءت لها كوحش يشد على جيدها يبغي الفتك بها ..أظلمت الدنيا في عينيها شهقت وكأنها شهقتها الأخيرة ثم رجعت إلى الوارء مرتطمة بالأرض ... مغشياً عليها !
شهقت بفجيعة أم عمر تنظر إلى وتين بشجن وندم عميقين لتهمس أخيراً : الله يلطف !
................................................

يَتبع وإلى لقاءٍ آخر



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:34 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.