15-09-15, 12:57 AM | #22 | |||||||||||
| 18- مكتبة نورس: فتحت ديمة عينيها بضعف،فإذا بنورس و أسماء ينظران إليها، فناديا والدتهما فقبّلتها بحنان و أخبرتها بأنّ الشّمس قد أشرقت، فنظرت إليها البنت بحزن و قالت: أنا حقّا آسفة لأنّني أقلقتكم عليّ... أنا آسفة فقد أفسدت حفلتكم عن غير قصد منّي. فأجابتها بلطف و هي تُربّت على رأسها: إيّاك و أن تكرّري هذا الكلام ثانية، إذ ينبغي أن أأسف على معاملتي الجافّة لك، فقد أنقذتِ لي حياتي رغم كلّ ما بدر منّي، أنا حقّا آسفة. ثمّ دخل السّيّد مازن ربّ هذه الأسرة و هو يحمل باقة ورود جميلة، و أقى التّحيّة بحرارة، فابتهجت و هو يناديها باسمها، و أخبرها بأنّه مستعدّ يُحقّق لها رغبة مقابل هذا الصّنيع الّذي أسدته لهم، فابتسمت بصفاء و أجابته: شكرا لك يا سيّدي، و لكنّ قيامي بواجبي لا يحتاج إلى مقابل. فقالت أسماء و قد وجّهت كلامها إليه: هل عرفتم السّرّ وراء محبّتي لهذه القرنفلة الجميلة؟ إنّه صفاء قلبها و قناعتها. و بعد أن أخبرهم الطّبيب أنّ الشّابّة تستطيع الخروج متى شاءت، اصطحبوها إلى منزلهم، فغيّرت ملابسها الملطّخة بالكعك و الدّم، و ارتدت ملابس كانت لأسماء و هي في مثل عمرها، ففرحت كثيرا لاهتمامهم بها، و تحسّرت في أعماقها بعد أن عرفت أنّ معطف الكاشمير الأسود الطّويل قد تمزّق، فهو المفضّل لديها. و لم يدع نورس لعائلته الوقت الكثير للتّحدّث معها، بل أمسكها من ذراعها المعافى كما في العادة، و اخذ يركض صاعدا الدّرج، متّجها إلى إحدى الغرف، ثمّ فتح بابها لمّا وصل و قال بلطف: ادخلي لتري شيئا تحبّينها يا ديمة. فتقدّمت ببطء و نظرت مرتجفة، فإذا بالغرفة مكتبةٌ عملاقة، فذُهلت لما رأته و بقيت تنظر إلى الكتب و الخجل يمنعها من التجرؤ على لمسها، فضحك عليها و قد ضرب أنفها بسبّابته بلطف، فأدارت وجهها و هي تقضم شفتيها من شدّة الإحراج، فأخبرها بأنّ هذه الكتب ملك له وحده، و يمكنها استعارة البعض منها لتقرأه إن شاءت، فابتسمت و وقع نظرها على كتاب كبير ملوّن، فأخذته إليها لتجده يتحدّث عن الأزهار بأنواعها، فطارت من الفرح إذ أنّها تحبّ الزّهور كثيرا، فقال مبتهجا: يا فرحتاه فقد أعجبك كتابي، و المصادفة الغريبة هي أنّني من عُشّاق الزّهور أيضا، هيّا دعيني أعلّمك بعض أسمائها بالتّركيّة، فالوردة اسمها غول، و الرّيحان راهان، و الفلّ فوليا، و البنفسج منكشة... أمّا أنت فـ "كرنفيل". فلم تمانع من كتابتها على ورقة كي لا تنساها، فاستغلّ الفرصة ليُخبرها أنّه قد قام بزراعة العديد من الأزهار في حديقة منزلهم في تركيا. فقالت مبتسمة: أنا لم أرَ تركيا في حياتي كلّها، و لكنّني أعلم أنّها رائعة، و إن حصل و زُرتُها فسأذهب إلى إسطنبول لرؤية مسجد آيا صوفيا، و سأعبر مضيق البوسفور الّذي لطالما أزعجني تعيينه على الخريطة في الجغرافيا. فضحك على كلامها و أضاف: أجل... يجب أن تنتقمي من الجغرافيا و تنتقلي من قارّة أوروبّا إلى آسيا في لحظات بسيطة، فتركيا هي البلد الوحيد الّذي يقع في قارّتين معا. ثمّ نظرت إلى الأعلى، فانتبهت لوجود كتاب ضخم لم تستطع الوصول إليه لِعُلُوِّه، فأخرجه لها نورس من رفّه و قدّمه إليها، ثمّ أخبرها أنّه يحتوي قصصا عالميّة أسطوريّة، و كم كانت خيبة أملها كبيرة حين تفحّصته و عرفت أنّه باللّغة الألمانيّة الّتي لا تُجيدها، فقال بسرور: ما رأيك لو أكتب لك في كلّ مرّة قصّة من قصص هذا الكتاب في شكل رسالة أبعثها لك مع أسماء؟ أنا لست ممتتازا في الأدب العربيّ، إنّما أكتب الشّعر باللّغة التّركيّة فقط، و لكنّني سأحاول ترجمتها رغم هذا، فلا تسخري من طريقتي تعبيري الرّديئة. فنظرا إلى بعض و ضحكا طويلا، و سرعان ما تبادر إلى ذهن الشّابّ أمر ما، فقال و قد توقّف عن الضّحك: اسمعيني جيّدا يا قرنفل... عليك الحذر من لبنى فهي فتاة خبيثة قد تفعل أيّ شيء لتوقع بك، فلا تثقي بها، و لا تُصدّقيها، و إلاّ فإنّ العواقب ستكون وخيمة... فلا تظنّي أنّ الجميع أخيار مثلك... فقالت بصفاء: لا تقلق فهي لن تفعل شيئا بعد أن وبّخها والدها، كما أنّني لم أرتكب جُرما في حقّها لأخاف شرّها... إنّها فتاة عصبيّة، و قد تتغيّر لتصبح طيّبة و من يدري؟ ثمّ نظرت إلى السّاعة، فإذا بها تشير إلى العاشرة صباحا، فأخبرته أنّها تأخّرت، و عليها أن تعود إلى الثّانويّة لتُحضّر نفسها ليوم الغد، و عندئذ دخلت السيّدة آيفر و قدّمت لها هديّة، و ألحّت عليها بألاّ تفتحها هنا، و تترك الأمر إلى أن تصل إلى غرفتها في الإقامة، فشكرتها ديمة بسعادة، ثمّ ذهبت رفقة أسماء و نورس إلى هناك، و رجع هذان الأخيران و هما يتحدّثان، فقالت الأخت بلطف: المهمّ أنّ أُمّي صارت تُحبّها... و ماذا عن الهديّة الّتي اشتريتَها من ألمانيا؟ فأجابها: لا تقلقي... لقد تدبّرت الأمر، و ستحصل عليها دون أن تعرف أنّني المُرسِل! فقالت بسرور: يا إلهي... أنا أُحبّها كثيرا... و ماذا عنك يا أخي؟ فاحمرّ وجهه و ردّ عليها: ما هذا السّؤال الغبي؟ أينبغي أن تعرفي إجابتي؟ فضحكت مُعَقِّبة: أنا أعرف جوابك الحقيقيّ أيّها المحتال، و لكنّني أُحبّ النّظر إلى وجهك حين يلوّنه الخجل! فقال بصوت خافت: عِديني بأن تتركي الأمر سرّا، فأنا لا أريدها أن تعلم ذلك! 19- نالكن: دخلت ديمة غرفتها، فوجدت سوار و نهاد بانتظارها، و القلق قد نال منهما بعد معرفتهما بما جرى معها من المديرة، فأَرَتْهُما ذلك الجرح الّذي كان مُغطًّى بالضّمادات بعد أن تمّ علاجه، و طمأنتهما على حالها، و سرعان ما وضعت الهديّة أمامهما و قالت مبتسمة: دعونا نعرف محتوى هذه الهديّة الّتي قدّمتها لي أمّ نورس قبل قليل. فعانقتها سوار بحرارة: يا إلهي... أَدخلتِ قلب حماتك بكلّ هذه السّرعة؟ آه كم أحبّك أيّتها الكسولة! فصاحت في وجهها: حماتي؟! أعوذ باللّه... فكم مرّة عليّ أن أقول أنّنا مجرّد زميلين... و أنا لا... فضحكت نهاد و أشارت عليهما بالتّوقّف عن الشّجار، لأنّ الفضول أحرق أعصابها، و هي تريد فتح الهديّة، فامتثلت ديمة لطلبها و فتحتها بهدوء، فكان توقُّع سوار أن يكون المحتوى جوارب صوفيّة قبيحة، و كانت نهاد تظنّه ورقة كبيرة كُتِب عليها "طمّاعة" بكلّ لغات العالم... و كانت هذه التّوقّعات مجرّد مزاح خفيف لإغاظة صديقتهنّ الّتي كادت تموت ضحكا... و هكذا فَتحت الهديّة، فإذا بها معطف كاشمير أسود فاخر، من نوع جميل باهظ الثّمن، فحملته صديقتنا و الدّهشة تعبث بملامح وجهها و قالت: لقد انتَبَهت إلى أنّ معطفي تمزّق! فزغردت نهاد، بينما أخذت سوار ترقص و تصفّق مُغنّية: ستتزوّج ديمة قبلي... ستتزوّج تركيّا... تُركيّا وسيما... أمّه لطيفة... ماله كثير!! فقرصتهما من ذراعيهما و هي تستنكر كلامهما، و قد فشلت في إخفاء خجلها الشّديد... ثمّ ذهبت لتُحضّر أدواتها و ملابسها، فخرجت نهاد لأنّ الجوع نال منها، و بقيت سوار تنظر إليها بلطف ثمّ قالت: المسكينة... أتجدين صعوبة في إخفاء مشاعرك تجاه نورس؟ فأجابتها و هي تُدير وجهها: لا... أنت مُخطئة، فأنا لا أُضمر له أيّ مشاعر كما تظنّين... و كلّ ما في الأمر هو أنّني أحبّ التّحدّث إليه و... فقاطعتها مقهقهة: و هذا ما يترجم حبّك له! فردّت عليها و قد تمدّدت على سريرها: المظاهر خادعة يا صديقتي الحبيبة... و معاملتي له تشبه معاملتي لمن يقربني من شبّان كأبناء خالي مثلا... فأنا أحبّ البقاء معهم أتسلّى بالحديث معهم... و هذا ينطبق على زملائي القدامى في الثّانويّة. فرفعت سوار رأسها إلى الأعلى و قالت: لستِ مضطرّة لأن تبوحي لأحد بذلك، و هذا الأمر عظيم، و يُثبت لي مدى قوّة إيمانك و صمودك، و سأحفظ لكِ هذا السّر و لن أُحرجك أمام أحد يا حبيبتي، خاصّة و الفتى يُحبّك و يُخفي الأمر هو الآخر.. ثمّ صاحت بحبور: آه... كم هذا رومنسيّ و جميل! و مضى اليوم بسرعة ليصل اليوم التّالي مُحمّلا بأنسام الدّراسة، فكان الكلّ متذمّرا عدا ديمة الّتي اشتاقت لأستاذاتها، و كانت البداية مع درس رياضيات ممتع يتحدّث عن الدّوال و اشتقاقها و تمثيلها البيانيّ، فبدا الحماس على وجهها، و بدت نشيطة أكثر من السّابق، فتكلّمت أماني مع لبنى بصوت خافت: ما سرّ سعادتها الغامرة اليوم مع أنّ ذراعها مضمّد ؟ فقالت لها بتذمّر: هه... و ماذا يأتيكِ حين تبيت ليلة كاملة في منزل عائلة باريش؟ أه كم أكرهها.... أنا أريدها أن تموت! و ما كادت حصّة العلوم أن تبدأ حتّى أخرجت سوار كتابا من حقيبتها، و أخبرت صاحبتنا أنّه يحتوي بعض المفاهيم الجديدة الّتي سوف تسأل الأستاذةَ عنها، كأهمّ خطوات عمليّة التّهجين، فسمعتها رونق و بدأت في السّخرية من كلامها، فلم تجد عناءً في أن تبتسم و تقول: و ماذا يعرف الحمار عن القرنفل؟ و أضافت نهاد بهدوء: لقد أهنتِ الحمار بتشبيهه بتلك المخلوقة الغريبة... و سيشكو حاله لجمعيّة الرّفق بالحيوان! أمّا أريج فقد صارت هادئة على غير العادة، و رغم محاولات ديمة و سوار و نهاد لمعرفة السّبب منها، إلاّ أنّ كلّ ذلك باء بالفشل... و مرّ أسبوع فذهبت الصّديقات الثّلاث إلى المكتبة المفضّلة لديهنّ كالعادة، و دخلن لرؤية الكتب، فناداهنّ البائع و قد كان شابّا في العشرينات من عمره، فقالت نهاد هامسة: يا إلهي... أنا بريئة و لم أرتكب جُرما، و أظنّ أنّ سوار هي المذنبة، فقد رمت علبة عصير هنا بعد أن شربَتْها حين أتينا إلى هنا آخر مرّة. فأجابتها سوار بلامبالاة: و ماذا أيضا... لقد كانت مجرّد علبة صغيرة بريئة! و ما إن وصلن إليه حتّى قال بلطف: أنت محبوبة حقّا يا ديمة قرنفل. فتكلّمت المسكينة بتلعثم و خوف: ماذا؟ ما الأمر؟... لماذا؟ فأخرج من درج مكتبه علبة صغيرة مُغلّفة بغلاف أسود و قال: أحدهم طلب منّي إيصالها إليكِ بالذّات... و من الواضح أنّه يحبّك كثيرا! فأخذت ترتجف بفزع، و قالت و هي تكاد تنفجر باكية: و هل تعرفه يا سيّدي؟ فأجابها: لا يا آنستي... فهذه أوّل مرّة أراه فيها... فقاطعته نهاد مستفسرة: و هل كان أصفر الشّعر أزرق العينين؟ فابتسم و قال و هو يحاول أن يتذكّر:...أممممم... لا يا آنسة... فقد كان أسود الشّعر بُنّيّ العينين، يخلط في كلامه بين العربيّة المحلّيّة و الإيطاليّة! فنظرت إليه سوار بريبة: توقّف عن هذا الكلام الفارغ يا فُرات، فديمة قرنفل فتاة مُهذّبة، و هي لن تقبل هذه الهديّة المجهولة مطلقا، فمن يضمن لنا أنّها ليست بقنبلة مفخّخة؟ فقال بثقة: أنا لستُ مجنونا لأساعد على تعريضي زبائني المقرّبين للخطر، و لأثبت لك صدقي سأفتح الهديّة بنفسي! ثمّ وضعها أمامه، و فتحها بسهولة، فإذا بها علبة مُزيّنة بالورود الحمراء، ففتح العلبة ليجد بها قلادة فضّيّة بها زهرة قرنفل تُزيّنها ثلاث ألماسات برّاقة، في حين أنّ عِقدها مصنوع بطريقة تجعله صعب الانقطاع، و ما زاده بهاءً هو تلك الورود الصّغيرة الّتي كانت تحيط بجوانبه و قد رُصِّعت بألماسات صغيرة... فقالت ديمة و الدّهشة تغمرها: أهذه القلادة لي أنا؟! أظنّ أنّك أخطأت العنوان يا سيّد فرات، فمن المحال أن يرسل لي أحد هديّة بهذه القيمة... أو أظنّ أنّها مصنوعة من القصدير أو النّحاس إن كانت لي حقّا! فأخرج من جيبه بطاقة مزيّنة بزخارف ملوّنة، و قرأها بصوت مسموع: "إنّه لمن الشّرف العظيم أن تَلُفّ هذه القلادة البلاتينيّة المتواضعة عُنق الآنسة ديمة... و من المعروف عندنا أنّ الألماس يزيد من بريق حامله، و لكنّني سأسحب هذه الحقيقة لأخبرك لأنّك الّتي تزيده ذلك... تقبّلي منّي يا آنسة ديمة قرنفل كامل عبارات الاحترام الصّادق العميق، النّابعة من قلب يحبّك لوحدك حبّا قويّا لا يُمكنني وصفه. أحبّك" فأخذتها منه لترى خطّه، فإذا بها مكتوبة بالحاسوب، فانفجرت باكية و هي تقول: أقسم لكم أنّني بريئة، فأنا لا أعرف أحدا في العاصمة عدا من التقيتهم في الثّانويّة... و لا أهتمّ بهذه الأمور الفارغة... و أنا لا أستطيع أن أقبل الهديّة لكي لا يظنّ مرسلها أنّني... فأخذ فرات يُهدّئ من روعها و يقول: لا تخافي يا ديمة، و أنا أعدك بألاّ أوصل إليك شيئا منه بعد اليوم، شرط أن تأخذي هذه القلادة الثّمينة، و سأوهمه أنّك أضعتِها... و لن أخبر أحدا بهذا السّرّ مهما حصل... هيّا يا صغيرة لا تبكي، فمن الواضح أنّك بريئة، و دموعك تقول هذا بوضوح شديد. فقالت و هي تمسح دموعها: أتعدني وعد رجل أنّك ستفعل هذا إن احتفظت بالقلادة؟ فأجابها مبتسما: أنا أعدك! فوضعتها في علبتها مع البطاقة، و وضعتهما في حقيبتها، ثمّ أكملت بحثها عن أحد الكتب مع نهاد، بينما بقيت سوار معه و قالت بهدوء: أنا أعلم أنّ نورس باريش هو المرسل، فلا تحاول نفي ذلك لأنّني أعلم أيضا أنّه صديقك المقرّب، فقد كنت أراكما معا دائما، فلا تحاول التّغطية عليه يا هذا، و أنا لن أُنبِّه صديقتي لهذا الأمر لسبب واحد، هو جمال القلادة و ثمنها الباهظ، فقد تُرجعها إليه حينئذ... فنظر إليها مبتسما و قال: سوار غزلان... صدّقيني أنتِ جريئة، أظنّ أنّك ورثتِ ذلك عن والدك... رجل الأعمال الّذي لا يخسر صفقاته إن أصرّ أن يربح... فأجابته بسخرية: عظيم... و ما المهمّ في كلّ هذا؟ أم أنّك تريد بعض المساعدة فأنت تبدو فقيرا معدما؟ فتبدّلت ملامح وجهه و قد أشعّ الغضب من عينيه: يالك من فتاة متكبّرة! فأجابته على الفور: شكرا على الإطراء... لقد أخجلتني... ثمّ ذهبت من هناك لتبحث عن صديقتيها، و لمّا وجدتهما أخبرتهما كيف أنّها سخرت من فُرات بعد أن شعرت أنّه يحاول أن يخبرها بأمر ما، ثمّ أخذت تتوسّل إليهما ليغادرن المكتبة فهي تريد أن يذهبن معها إلى متجر مجوهرات للتّأكّد من أنّ القلادة بلاتينيّة حقّا، فأعجبت نهاد باقتراحها، و لم تمانع ديمة، و أخذت أحد الكتب إلى البائع فرات لتدفع ثمنه، ففاجأها حين أرجع لها نقودها و قد أخبرها بأن تعتبره هديّة منه، ثمّ نظر إلى سوار و أضاف: و أنا لستُ فقيرا معدما لأخاف نفاد نقودي! فشكرته نهاد و ديمة على كرمه، و وصفته سوار بالمتسوّل، ثمّ غادرن المكتبة، و اتّجهن إلى محلّ مجوهرات راق تعرفه سوار، فأخرجت ديمة القلادة و أرتها للصّائغ لتعرف طبيعة المادّة الّتي صُنعت منها، فإذا بالدّهشة تحتلّه حين أخذ يتفحّصها، إذ أنّه قال بفرح: القلادة من البلاتين، و الألماس فيها حقيقيّ، و لكن هل تعلمن ما زادني إعجابا بها؟ فحرّكن رؤوسهنّ نافيات عِلمهنّ، فأكمل حديثه و قال: إنّها قلادة نالكن الفريدة من نوعها، و قد صنعها صائغ ألمانيّ شهير اسمه "جاي جوهان"، و لم يصنع منها نسخة لتبقى الوحيدة في العالم... و قد قيل أنّ شابّا مجهولا اشتراها و رفض الإفصاح عن هويّته، و رفض الصّائغ هو الآخر أن يخبر الصحافة عنه، فمِن أين لكُنّ بها؟ فتكلّمت سوار: لقد أرسلتها إحدى قريباتنا للتّأكّد من أنّها بلاتينيّة، و قد حصلت عليها من خطيبها الغنيّ! ثمّ خرجن من هناك و الذّهول يسيطر عليهنّ، فصاحت نهاد ببهجة: أظنّ أنّ هذا الشّابّ المُعْجَبَ أميرٌ ما، فلا تتواني في قبول الزّواج منه... و إلاّ فأخبريه عنّي.... اتّفقنا؟ فقالت بكلّ حيرة: يا إلهي... ماذا سأقول لوالديَّ حين يريانها؟ بعثها لي شابّ مجهول لا أعرفه لأنّه يحبّني؟ هذا مستحيل. فقالت سوار: البسيها و لا تتحدّثي عنها... فهما سيظنّان أنّها مجرّد قلادة عاديّة مقلّدة. فردّت عليها بحزن: سأشعر حينها أنّني أخون ثقتهما، و هذا سيّء. ثمّ تنهّدت بعمق، فرنّ هاتفها في تلك اللّحظة، فإذا بالمتّصل أسماء، فأجابتها على الفور: يا مرحبا بالورد... كيف حالك؟ فأجابتها بلطف: أظنّ أنّ هناك رسالة تنتظرك عندي، فهلاّ أتيتِ لتأخذيها؟ فأنا سأغادر الآن! فقالت بكلّ فرح: انتظريني فأنا لن أتأخّر! ثمّ أمسكت ذراعيْ صديقتيها و انطلقت تركض بسرعة دون أن تخبرهما بسبب ذلك، فلم تستفسرا عن السّبب، و قرّرتا تأجيل ذلك إلى حين وصولهم إلى الثّانويّة، و بعد وقت قصير وصلن فوجدن أسماء تنتظرهنّ أمام البوّابة، فقبّلت خدّ ديمة و عانقتها، و قرصت سوار لتُضحكها، ثمّ نظرت إلى نهاد و هي تقول ممازحة: و من أنت أيضا؟ فأجابتها نهاد ضاحكة: أظنّ أنّني نسيت! و سرعان ما ابتسمت و عانقتها، ثمّ أخرجت من حقيبتها ظرفا ورديّا كبيرا مُعطّرا برائحة الورد، و عليه عدّة طوابع تحمل صور أزهار جميلة، و معه طرد صغير، ثمّ قالت و هي تُقدّمها إلى ديمة: لقد أرسلها نورس إليك، و قد وصَلت قبل قليل، فماذا يخطّط شقيقي المشاغب يا ترى؟ فابتسمت ديمة بخجل و قالت: إنّه يُترجم لي بعض القصص من كتاب مُؤَلَّف بلغة ألمانيّة، و قد أخبرته أنّني سأرسل له رأيي في كلّ قصّة معك إذا كان الأمر لا يُزعجك طبعًا! فابتسمت برقّة: و هل يمكن للقرنفل أن يُزعج أحدا؟ فهو لا يعرف شيئا سوى جذب القلوب بسحره اللّطيف الّذي ينعش الأرواح. فقالت سوار معلِّقة: ياه... كلامك رومنسيّ و جميل يا آنسة أسماء. فأجابتها بهدوء: .... و هو صادق أيضا يا عزيزتي. ثمّ ودّعتهنّ فذهبن إلى الإقامة، و فتحن ذلك الطّرد، فإذا به يحتوي فستقا لذيذا فتقاسمنه، ثمّ وضعت ديمة الرّسالة بجيب سُترتها و اتّجهت إلى الحديقة لوحدها، ثمّ جلست على مقعدها المفضّل مسترخية، و فتحت ذلك الظّرف المُعطّر، فإذا به يحمل عدّة أوراق مكتوبة من الجهتين، فبدأت تقرأ بشوق كبير... ******* الفصول القادمة: من نورس إلى ديمة | |||||||||||
15-09-15, 07:19 AM | #25 | ||||
| السلام عليكم اوﻻ احب اقول حلوه المعلومات المذكوره فى الجغرافيا ﻻن تقريبا كنت اكرهها الحاجه التانيه طبعا المفروض أن ﻻيوجد صداقه بين الولد والبنت اسلوبك فى الروايه حلو وارجو الزياده فى التشويق ولو كان فى فضول يعنى حابه اعرف جنسيه الكاتبه | ||||
15-09-15, 12:40 PM | #27 | ||||||||
مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء ومحررة واعدة بعمود الأعضاء
| ديمة شخصية جميلة جدا و بريئة و ملتزمة احساسها بخيانة ثقته اهلهل لمجرد انها اخدت القلادة يدلل علي اخلاقها الاحداث جميلة و ممتعه بالتوفيق ان شاء الله و ربنا ينجحك في دراستك يارب | ||||||||
16-09-15, 12:24 AM | #30 | ||||
| ارجو معرفة امتى البارت الجديد . اتوقع ان لبنى اكيد هتعمل مكيده كبيره جدا لديمه ﻻن اﻻنسان الحقود سعادته فى هدم سعادة اﻻخرين وده حقيقى انا شوفته فى الواقع معلش انا طولت فى الرد انتى فى سنه كام ساكوره اسلوبك حلو فى الكتابه واتمنى لك التفوق فى روايتك وان تكون متميزه | ||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|