آخر 10 مشاركات
98 - امرأة في حصار - بيني جوردان ( اعادة تنزيل ) (الكاتـب : حنا - )           »          251 - زائر الليل - كيم لورنس (الكاتـب : PEPOO - )           »          ديزي والدوق (44) للكاتبة :Janice Maynard .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          التقينـا فأشــرق الفـــؤاد *سلسلة إشراقة الفؤاد* مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )           »          1128 - طيف من الحلم - آرلين جايمس - دار النحاس ... ( عدد جديد ) (الكاتـب : Dalyia - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          وأشرقت في القلب بسمة (2) .. سلسلة قلوب مغتربة *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Shammosah - )           »          369 - جزيرة الحب الضائع - سارة مورغن (الكاتـب : سماالياقوت - )           »          203 -حب من أول نظرة / سالى وينت ورث )(كتابة /كاملة **) (الكاتـب : Hebat Allah - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات عبير العام > روايات عبير المكتوبة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-09-15, 01:45 PM   #1

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي 331 - الحب العاصف - ليندا دوجلاس - المركز الدولي( كتابة /كاملة )**








331 - الحب العاصف - ليندا دوجلاس - المركز الدولي



الملخص :

بحكم القانون , "كارنوك " ملك لها حين ورثت " روكسي بيج " ضيعة في بلدة " كورنويل " , كانت لأسرة " إيثان تريمين " منذ أجيال , أدركت أن أبواب الجحيم ستفتح على مصاريعها .

ولم يخف "إيثان" أنه سوف يفعل أي شيء ليستعيد ما كان يراه حقا مشروعا له , بل و صل الأمر إلى التهديد بأنه سوف يلطخ سمعة أمها في سبيل ذلك.

ورغم العداء الصارخ بينهما لم تكن "روكسي" لتنكر ما بينهما من تجاذب عنيف. و لكن التساؤل لدى "روكسي", كان عن المدى الذي يمكن أن تتأثر به رغبته فيها بتأثير ما يسيطر على أفكاره


روابط التحميل
وورد
محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

pdf
محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

txt
محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي








التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 01-05-16 الساعة 04:14 PM
Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 08-09-15, 04:26 PM   #2

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

مقدمة


أريدك أن تعلمي هذا

و تلاحقت أنفاس "إيثان"
"
إنك تشعرين بنفس الشيء, رغم أننا لم نكد نتعارف على بعضنا فلماذا؟"

وحاولت روكسي وهي ترتجف أن تشد نفسها بعيدا عن مجاله المغناطيسي الذي يجذبها إليه في عناد . ولم تكن تسمح على الإطلاق بأن تفقد تحكمها في نفسها .

وردت عليه قائلة:
"
مجرد ثورة من الهورمونات على ما اعتقد وحملق "إيثان" إليها:
لا تحاولي الهرب مني ,فلن أسمح لهذا أن يؤثر في على الدوام , فأنا كاره لذلك ,و سوف أضعك تحت سيطرتي سريعا ومهما حاولت أن تبعديني عن ذلك بهذا المرح منك, فسينتهي بك الأمر حتما حيث أريد أنا "وكانت عيناه , تشعان بالرغبة , ثم ركز عينيه عليها , و أطبق عليها يقبلها حتى صعب عليها التنفس


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-15, 05:21 PM   #3

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الأول
دخلت "روكسي بيج" بشارع أكسفورد ممتلئلة بالحيوية و تصحبها دقات كعبها العالي الحادة, ويحيطها عطرها الذكي, و أخذت توزع تحية الصباح على العاملين لديها يمنة و يسرة , ولم تتوقف وهي في طريقها إلى الطابق الأعلى حيث توجد المكاتب, إلا لتضع لمسة سريعة على أحد المعروضات" صباح الخير يا جو" وواجهت سكرتيرها بابتسامة مشرقة. ثم ألقت بقبعتها القرمزية على أريكة جلدية سوداء, وهزت شعرها الداكن المشعث, الذي أنفقت وقتا طويلا, لتصفيفه في تلك التسريحة الشعثاء......
"
أليس يوما رائعا ـ همهم, أنت إذن في إحدى تلك الحالات المزاجية. أليس كذلك؟ إنه أخر مارس, حيث السماء داكنة, و الجو البارد, ..."
ولوحت له بيديها المعبرتين, رفضا لكلامه:
"
لا, ليس ذاك إنني أشعر اليوم وأكأني على قمة العالم "
وواصلت التعبير بيديها اللتين لا تهدأ لهما حركة :
"
ويجب أن تكون أنت كذلك. بعد الغداء, سأكون منهمكة في التخطيط لمحلين أخرين من محلات" زست" ". وأتسعت عينا "جو" في شك: " ولكنك لم تحصلي على التمويل بعد".
وصرخت فيه دهشة, وقد لمعت عيناها في زرقة السماء بالإثارة:
"
بالتأكيد حصلت عليه بعد قضمتين أثنتين من شريحة لحم الضأن, وشرح للنجاح المضمون, من ذا الذي يتأخر عن إقراضي المال؟"
وأنحسرت الشكوك عن "جو". إنها تفيض بالثقة والتأثير.
ولن يستطيع أحد مقاومة "روكسي" حين تفور حماسا. فهو نفسه قد بدأ يتجاوب مع فورة طاقتها لمجرد وجودها بالغرفة. و تنهد قائلا :
"
يا للفتى المسكين. إن بي رغبة أن أتصل بذلك الممول وأحذره من تلك الدعوة على الغداء, خاصة وأنت متهللة هكذا."
فرردت عليه في حسم:
"
إن الاستثمار معي هو اليقين بعينه. وأي أحمق يمكنه أن يرى ذلك"
"
ولكن الموردين يضعون العراقيل, ويجب مراقبتهم إذا أردت استمرار هذا النجاح. إن بعض المشاكل قد ثارت مرة أخرى."
"
رباه" وصبت لنفسها قدحا من القهوة السادة, ورفعت قدح الصيني الفاخر إلى شفتيها المزينتين بلون زاه:
"
دعني أخذ جرعة من الكافيين أولا, وأخلع معطفي."
وفرغ القدح سريعا, وألقت بالمعطف الأحمر القاني على أريكة, ثم أتجهت إلى مكتب "جون" وقالت متوسلة:
"
رحماك مما ليس منه بد."
فأبتسم لها. لقد كانت مزيجا من العشوائية والتعقيد, أوجودة التنظيم والتشويش.
أحيانا يشعر معها بأنه الأرزن والأكبرعمرا, وأحيانا يتحرك عقلها بسرعة فائقة إلى أبعاد شاذة, ولكن نيرة تتركه متخلفا عنها.
فبينما يفكر الناس في أمورهم بروية فإن مقدرة "روكسي" فائقة على أتخاذ قرارات فورية و الإصرار عليها وإنجاحها غالبا بالعزم وقوة الشخصية أكثر من أي شيء أخر إن له عامين يعمل معها, منذ أن أفتتحت محلا صغيرا للمواد الغذائية الصحية ثم طورتة إلى سلسلة محلات ذائعة الصيت, تصدر إلى شتى بقاع العالم وهي التي تثير بنفسها الحمية في نفوس العاملين لديها, وفي الجو الخاص لكل محل من محلاتها, بحماسها وتفاؤلها المنقطعي النظير.
لقد ألهبت في وقت قياسي حماس كل شيء وكل إنسان حولها. وكان كل يوم متعة متجددة وكم لهثوا وهم يحاولون مواكبة التغييرات الفجائية في خططها .
وقال لها باقتضاب :
"
الأعشاب الطازجة لا يمكننا الحصول عليها ." لم تكن تحب الشروح المطولة. إنها تندفع إلى لب الموضوع اندفاعا يجعلها تتجاوز التفاصيل.
وعبست والتقطت سماعة التليفون مديرة الرقم بطرف قلم رصاص ويدها الأخرى على ردفها الرشيق في وقفة مشاغبة . وعيناها تلمعان تحسبا للتحدي.
وفي لهجة تقريرية قالت:
"
شارلي , إنني في ورطة كن ملاكي وانطلق إلى دورست, وتكلم مع مس "ويليامز" وقم بترتيبات استمرار التوريد...بالتأكيد ولكنك ممتاز في الاتصال المباشر. وأنت الوحيد الذي يمككنني أن أطلب منه وأنا مطمئنة للنجاح...شكرا أتصل بي حين تصل إلى نتائح"
قطبت جبينها "لجو" :"أخطر المحلات بالموقف" وقال "جو" محاولا أن يضع الأمور في موضعها في ذهنه:
"
ولكن هذا لا يمثل إلا جزاءاً ضئيلا من مبيعاتنا"
ورمته بنظرة وامضة:
"
ليست هذه هي النقطة. لقد تعود عملاؤنا الحصول على الأعشاب الطازجة منا ولن أتنازل عن الكمال يا "جو" ."
وأطبقت فمها في تصميم, ودخلت غرفة مكتبها. هذه ثالث مرة تتوقف التوريدات لسبب أو لآخر . لماذا هذا أمر لا يهمها. المهم هو النتائج, وهو أن يستمر تنظيمها الرائع في الازدهار. لقد وضعت كل طاقاتها في تأسيس أفضل محلات المواد الغذائية في لندن, وقد حققت النجاح لأنها لا تقبل التنازل عن الأفضل و لا تقر بالهزيمة و لا تتوانى في استخدام كل إمكانياتها العزيمة, أو الشجار أو الإغراء أو السحر الأنثوي.
وتوقفت لتلقي نظرة فخر على مكتبها ذي الفخامة والتقدم التكنولوجي بألوانه المفضلة لها الأبيض و الأسود ولون اللهب وكان رداؤها الصوفي الأنيق مقبولا في تفصيله ذا لون برتقالي ويحيط خصرها حزام جلدي أسود عريض, ويتدلى من عنقها عقد كبير الخرزات سوداء اللون. وقد لفت على ردفيها شالا ذا ظلال من لوني الفوشيا والقرمزي وكان تأثيرها مع هذه الألوان خاطفا للنظر تثير الحسد ورغبة الرجال بهذا الجمال الفتان. ولقد كانت تحوز كل ما تتمنى : النجاح والقوة و الحياة المتدفقة. فالمدينة تئزر وتطن, وتهتز متوافقة معها تماما, دائمة التغير كشأنها, مولدة للتنويعات, و الإثارة اللتين لا تنتهيان. ولكن شيئا واحد كان ينقصها, الرضا أو القناعة.
ولم تكن متأكدة أنها محتاجة إلى ذلك وكان نفس الشيء بالنسبة للحياة العاطفية. فقد كانت دائما مالكة نفسها ولا تتحمل من يملي عليها في كل شيئا. ولم يكن في نيتها أن تكون طبقا لحلم أحد في زوجة كاملة, أو أن تتصرف وفقا لهوى أحد. وتنهدت, أمر مؤسف أن يعجب الرجال بشخصيتها في بادئ الامر, ثم لا يلبثون أن يحاولوا إخضاعها بعد ذلك!
كانت ضد خضوع المرأة للرجل. وقد مرت بها علاقتان طويلتا الأمد ما إن يخمد الهيام الأول حتى يفشل في بعث أية مشاعر أعمق. وبدأت تميل إلى تصديق ما يشاع حول شخصية مواليد برج العذراء. وبدأ القلق يبدو في عينيها. فوراء الشخصية الجسورة التي تتملكها, ربما تكمن فراشة. أتكون تحمل شخصية فراشة جسورة, أضعف من إن تتحمل عبء ارتياط عاطفي.
ولكن افتقادها إلى الارتباطات العاطفية كان في هذة اللحظة ميزة لها , إذ كان يعني تكريس طاقاتها في العمل, وهو مجال أكثر متعة لها من قضاء ليالي مملة.
وكان أختلاف شخصيتها عن أمها أمرا محيرا لها, وكسا وجهها شعور من الاهتمام العميق, كما ترقرقت عيناها وهي تتطلع إلى الصورة الموضوعة فوق مكتبها, ووقفت في خلوتها مع نفسها صامتة, ولكن الحزن يملأ قلبها. إنها لم تبك و الدتها بعد, منذ أن جاءتها أنباء وفاتها.
ورفعت الإطار الفضي الذي يحتوي على الصورة وأخذت تتأمل وجه و الدتها الحبيب, وغمرتها شعور بالوحشة.
كم أفتقدك يا أماه. لقد كنت الوحيدة التي تعرفني من الداخل. و الأن لم يعد يوجد أحد على الإطلاق.
ولمعت عيناها بالدمع, ووضعت الإطار وهي تقاوم اختناق حلقها. من ثلاثة أشهر فقط, جاءها نبأ مصرع والدتها في حريق. ولم يكن لها من عزاء سوى عدم تألم والدتها, حيث أختنقت بالدخان في أثناء نومها, في المنزل الذي كانت تعمل فيه كمديرة له. ومع ذلك فقد كانت الحادثة تفزعها كلما جالت بخاطرها.
كانت والدتها تعمل دى السيدة "تريمين" العجوز, سيدة طاعنة في السن غريبة الأطوار.تتحاشى الناس. ومن ثم لم ترهى المنزل الذي كان في "كورنوول" أبداً. ولكن أمها وصفته لها كثيرا في خطاباتها وفي حديثها في أثناء زياراتها النادرة لها,
التي كانت تسمح بها السيدة طريحة الفراش . كان منزلا غاية في الضخامة بالنسبة لفردين يعيشان فيه, وبالنسبة لوالدتها كمديرة له حيث إنها كانت تعمل في نفس الوقت كممرضة لمخدومتها. ولما كانت الحديقة مهملة نمت النباتات بها عشوائيا فصارت أقرب لحديقة أسطورة أميرة الجمال النائم.
سيدتان تعيشان وحيدتين وتموتان وحيدتين. يا للفظاعة. وأبن مسز "تريمين" وأبنتها يعيشان في أرض مجاورة وحيدين بينهما وبين والدتهما سور عال من الكراهية؟ أمر غريب!
وتحول الحزن في عيني "روكسي" إلى الجمود حين تذكرت الجنازة التي أقيمت في ديسمبر.
ف"إيثان تريمين" لم يفعل أي شيء للترحيب بها, أو بأي مشاعر عزاء تجاهها ومع ذلك فقد كان وقعه على نفسها أكبر مما تخيلت. لقد تجاهلها وهي التي تخطف أبصار الناس بل إنه لم ينتبه إلى أي أحد أخر, وكأنه خلق وحيدا, ولم يخلق أحد سواه.
وتقارب حاجباها. إنها المرة التي لا تعرف عددها منذ الجنازة, التي تضبط نفسها تفكر في "إيثان" بلا من أمور حياتها. ولكنه إنسان غريب الأطوار.
و انهالت المكالمات وسرت الحمى في جهاز الفاكس. وابتسمت متنهدة بمرارة قبل أن تدخل المعمعة.
وقطع جهاز الاتصال الداخلي الأفكار المتلألئة التي كانت مندمجة فيها حول افتتاح محل جديد في مدينة "بريستول". فردت وهي تتأمل رسما للموقع:
"
نعم يا "جو" .
"
من يدعى "إيثان...تريمين" على الخط"
وارتفع ذقنها في تحد. وأبتسمت بمرارة لرد الفعل ذلك:
"
لم أسمع بهذا الأسم من قبل" وشعرت بالراحة لذلك الرد.
زمت شفتيها زاهيتي التزيين, وانحنت على الرسم من جديد. أبعد نظرة عداء باردة رماها بها في لمحة خاطفة من عينيه الخضراوين الباردتين , ثم تجاهل كامل في أثناء الجنازة, يفكر أن بإمكانه أن يتصل يها حين يعن له ذلك؟ إنها مشغولة .
وأز جهاز "جو" من جديد :
"
إنه يقول لي ـ " بحق السماء إنها قد سمعت ولتصب على اللعنة لو سمحت لنفسي أن تعاملني عاشقتك هكذا!"
وبدا الرجل دهشا:" كيف حصل على رقمك الشخصي ؟ ومن يكون هو أولا؟"
فردت ضاحكة :
"
أحد أحفاد أتيلا زعيم الهون . أخبره أني أكوي مريلتي "
"
ماذا؟" وقهقهت :" لقد سمعتني ."
حين أقتربت "روكسي" من الكنيسة المقامة بها طقوس الدفن .أعلنت أخت "إيثان" بازدراء أن أبنة مديرة المنزل قد وصلت ولم يكلف "إيثان" خاطره أن يلتفت. ولكن "أنابيل" ظلت تشد كمه هامسة له. وكان هذا حين رماها بنظرته تلك, وهو يتطلع إلى ملابسها في لمحة من دهشة . ولا عجب في ذلك فليست الكثيرات من النساء من يرتدين معطف مطر للرأس في أثناء الجنازات!
و بالتأكيد لو كان الرجل أكثر أدبا لفسرت له ذلك, ولعملت على أن يرى الرداء الأسود الأنيق الذي كانت ترتديه. ولكن تصرفهما الوقح جعلها لا تلقي بالا لما ظناه بها .
وكان صعبا للغاية أن كانت تكتم دموعها وهي ترى هذه الغطرسة منه. وكلمة أحتقار أخرى منه كانت كفيلة أن تبعث دموعها أنهار ولتصب عليها اللعنة لو سمحت بشيء كهذا أمامه. كانت أمها حساسة لعملها كمديرة منزل. وكانت "روكسي" تدرك حرجها منذ نعومة أظافرها.
وأصبحت أية كلمة أزدراء تثير ثائرتها. وكم أذاها أن يصيبها ذلك الداء في أثناء جنازة أمها.
وكان "إيثان" وجد أمرا مستهجنا أن يشارك الطقوس مع أبنة مديرة المنزل. وأخذت تطرق في عداء بقلمها الرصاص على دباسة ورق, وهي تتمثل في ذهنها مدى غطرسته .
"
روكسي؟" وغمغمت في ضيق:
"
ماذا الأن ؟ "
وأدركت بغيظ أن "إيثان" لن يستسلم. ففي اعتقادها أنه لم يتعود من أحد أن يرفض له طلبا وأبتسمت لما تولد في نفسه من مشاعر بإنكارها لوجوده.
ورد "جو" متذمرا:
أن أذني تؤلمانني . وتنهدت
"
استمر....."
"
لقد صاح زاعقا بشيء عن غبائك, وبأنه يجب أن تدركي بعقلك الفارغ أن لديه أمرا مهما يريد أن يحدثك فيه"
قالت وقد أشفقت على سكرتيرها المسكين:
"
حسنا صله بي " ودار بذهنها فكرة خبيثة وردت بكلمة سوقية:
"
اللوا" هكذا تكون لهجة أبنة الخادم!
"
روكس أنا ؟هذه "روكسانا بيج" لقد أعطاني محامي هذا الرقم..؟" كان صوتا عميقا خافتا جعل أصابعها تتقلص قليلا وقالت وهي تتشدق بلبانة وهمية في فمها, لتتباين لهجة صوتها تماما مع صوتة :" ييه؟ ماذا تريد أنت ؟"
ورد بصوت أجش :
"
أريد أن أتحدث إليك " قالت كاذبة "لا يهمني " وشعرت بالسرور يملأ صدرها .
"
أرجوكي كوني على خلق واستمعي إلي فلدي اقتراح أريد أن أقوله لك" وكان صوته يبدو كصوت رجل في التسعين من عمره.
ووجدت "روكسي" لذة في أن تخرجه عن وقاره بغيظها إياه فقالت متمايعة :
"
اقتراح ؟ ياللوقاحة ! هل تستخف دمك باصطياد البنات بمكالماتك التليفونية؟"
وسمعته يلعن بصوت خفيض ثم بدأ يتكلم ببطء وكان واضحا أنه ينتقي كلماته بعناية متصورا فيها الغباء.
"
كلا يا "روكسانا" الأمر ليس كذلك وأنتي تعرفينني فأمك كانت خادمة لوالدتي "
وضغط على كلمة"خادم" والتهبت مشاعرها وشعرت بميل أكبر لإثارته.
أيتوقع منها أن تهب منحنية احتراما له ؟ إن ذكرى أخته المتأنقة وهي تتمتم ألفاظ الازدراء لا تزال حية في ذاكرتها تزيد من فكرتها السيئة حول آل تريمين المتعجرفين.
"
وهذا لا يعطيك الحق في أن تقول أشياء جارحة لي "
وتنفس محاولا كتم غيظه :
"
أنا لا أفعل هذا لقد أخذت الأمر خطأ هل يمكن أن نتقابل لأخذ الشاي في مكان ما, فلدي عرض...."
"
أووه مستر "تريمين" ! إنك شرير."
"
أسمعي ليس الأمر هكذا كل ما أريد هو ...."
"
أعلم ما تريد فأنتم أيها الرجال كلكم سواء لا تسلم منكم خادم"
وسأل في شك : "هل تحاولين غيظي " فردت في حنق :
"
بالضبط" وكتمت ضحكاتها بصعوبة وقال في غيظ :
"
روكسانا من الأهمية بمكان أن تستمعي إلي أعطيني ساعة من وقتك قد تكونين بعدها في حياة أفضل "
"
أعلم بالأفلام الخارجة ة الأوضاع المخلة أيها الشيطان المنحل"
وانفجر قائلا :" يا ألطاف الله !" وخبط السماعة مغلقا الخط وهرع إليها "جو" وحمد الله أنها لم تكن مصابة بالهستيريا وهي تقهقه قالت وقد انخفض صوتها من شدة الضحك :
"
آه يا "جو" لم أضحك هكذا منذ عدة أشهر أخيرا"إيثان" الهرم يهتم بأمري"
"
إذن فأنتي موجودة لو طلب مرة أخرى "قالت تتنهد وهي تمسح عينيها وتعيد النظر في زينتها." كلا إنك ستسحقه لاقتراحاته الفاجرة."
و ابتسم فقد سبق له أن تولى عنها ردودا غريبة لرجال أخرين وكان هذا بلا شك أشد الردود غرابة .
"
وهل ستكون لي مكافأة بتمثيلي دور عشيقك ؟"
وابتسمت له: "لا تفسد الصداقة الطيبة وهيا فأمامنا سفينة تريد القيادة "
وعاد ضاحكا إلى مكتبه , تاركا إياها متعجبة لسيي طلب "إيثان" لها ولكنها لم تكن تبالي فليس فيما يفعله يثير اهتمامها .
ولكن ذلك لم يكن كليا للأسف. فقد اعترفت أنها تخادع نفسها. فهي لا تفتأ تفكر فيه منذ الجنازة متعجبة كيف فتنها بهذه الصورة. لقد ضايقها بلا شك بسلوكه الشاذ. إنها تعلم تباعده عن والدته, وأنه إنسان مجرد من الأحاسيس ولكن لم تكن مستعدة لما أثار به فضولها و أحاسيسها.
وكان الطقص في ذلك اليوم من ديسمبر شنيعا إذ هطلت الأمطار مدرارا وأحتمى كل إنسان بمظلته, عدا "إيثان" لم يبد عليه أنه لاحظ تشبع شعره الفاحم المجعد بالماء حتى أخذ الماء يتساقط على ياقة معطفه الصوفي الأسود السميك. كان كصخرة صماء ناتئة في الشاطىء رافعا وجهه الصارم في ازدراء والمطر يغسل خطوطه الجرانيتية .
لم يكن وسيما بالمعنى المتعارف عليه. فتقاطيعه خشنة تثير الرعدة في البدن بما تحمله من عداء. كان خافضا حاجبيه طوال الطقوس وعيناه الخضراوان تبدوان كحقل على البعيد.
كان شامخا برأسه وكتفيه فوق الجميع وكانت يداه العريضتان مدسوستين في جيبي معطفه, وأخته المتعلقة في ذراعه كبعوضة على قرن ثور. يلكزها بحركة لا تكاد تلحظ حتى لا تزعجه بثرثرتها وشعرت "روكسي " بالأسى لهذه المرأة الهشة التي ليس لها إلا "إيثان" تعتمد عليه وهو يثيرالكدر في نفسها بتباعده.
لم ينظر إلى أحد عدا اللمحة الخاطفة التي رماها بها. وأعطاها انطباعا عن رجل اختار عن عمد أن يعيش بمعزل عن الناس. لقد كان "إيثان تريمين" أشبه بجزيرة صخرية محصنا عاطفيا ضد الحياة والموت منغلقا على نفسه ومكتفيا بها.
وشكت أن تتمكن من أن تمس شغاف قلبه. فهي تخاله رابطا داخل القفص الصدري الضخم ينبض في رتابة لا تخرج عن إيقاعها مهما كانت الظروف.
وقد تمر به النساء مرور الكرام يدخلن ويخرجن دون أدنى تأثير على توازنه.
ورغم هذا المظهر الصارم المتجافي لم تفتا صورته تطارد خيال "روكسي" تحفزها لأن تتحرش به بأية صورة لتجبره على الإعتراف بأدميتها . لا يعنيها أن مظهره ذاك كان يواجه به الكافة. فهي تريد الناس منفعلين تجاهها يضحكون أو يجادلون أو يغضبون المهم أن يبدوا رد فعل بها وكانت تجربة جديدة وغير مريحة لها .
لا عجب أن تنجذب النساء إليه شأن الفراشات حين تنتحر . كان ذلك الصمت المغرق في غرابته يمثل تحديا! وكانت والدتها هي التي أخبرتها بمغامراته النسائية.
وكان أمر يصعب على التصديق أنه لم يكن يبدي أي مجهود لجذب النساء فقد أحست روكسي بهالة من الجاذبية الجنسية تحيط به, رغم ما يلتزم به من صمت. ولكنها كانت ترى أن الأمر معه ليس إلا إشباعا للجسد مجردا من أية لمسة عاطفية.
وكانت القرية تموج بالشائعات حول الفتيلت والنساء اللاتي وقعن ضحية تلك الجاذبية العاطفية له. إذ تتناثر القلوب المحطمة حوله كقشر البيض, وهو يأبى أن يلين لقلب أية معشوقة له, مهما حاولت.
وتوقفت "روكسي" عن النظر في بريدها اليومي . إن "إيثان" و أخته لم يزورا والدتهما حتى في مرضها, وهاهما ذا يشتركان معا في ميراث ضيعتها المترامية الأرجاء بينما هي تقنع من والدتها ببعض الصور , وقطعة أو قطعتين من الحلي وقليل من الذكريات الغالية.
وأغلقت "روكسي" ذهنها عن الماضي وقد بللت عيونها الدموع. إن التفكير في الماضي لن يسبب لها إلا الشقاء. وكانت مقدرتها في التحكم في عواطفها قد جنبتها كثيرا من أن تنهار صريعة لها وهي تعلم جيدا أن في هذا نوع من التزيف وأنها لا محالة ستواجه نفسها يوما ما. ولكن ليس الأن. فأمامها مؤسسة ضخمة تطلب أكبر قدر من التفكير السديد.
وأنجزت عملها اليومي في همة وسرعة.وأخذ منها "جو" ما سجلته من خطابات وتعليمات ثم اتجهت إلى غداء عمل ناجح مع ممولين لمحليها في "مانشستر" و"ليدز".
وقامت بعد ذلك بعدة مشتريات باهظة احتفالا بالمناسبة متأثرة في تبذيرها بما يسري في عروقها من نشوة بسبب ما تناولته من شراب .
واستقلت سيارة أجرة أخذتها إلى مكتبها حيث عادت متأخرة إلا أنها كانت تحت ما تحمله من أكياس تكاد تطير من الفرح. لقد أنجزت إنجازا رائعا تلوح لناظريها . سلسلة من المحال تغطي أرجاء البلاد....اسم ذائع الصيت....وحرية تدفعها لأن تفعل ما تشاء لا يزعجها أحد...يا الله!
واندفعت إلى داخل المحل يدور رأسها بما هي فيه من غبطة..
فوقفت على الفور وقد علتها الدهشة لمرأى ذلك الأسمر الضخم الذي كان واقفا يحملق إلى البائعات العاملات لديها
إن الصخرة الناتئة قد وصلت إلى لندن "إيثان تريمين" !

********


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-15, 05:27 PM   #4

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني
وقفت "روكسي" محملقة تتهم الشراب بتضليل بصرها ولكن الرجل لا يخطئه النظر. كان واقفاوسط الحشد ولكن في أنغلاقه على نفسه لايعبأ بما يحيط به من هرج ومرج داخل المحل.
ما الذي يفعله هنا؟ وفي هذه الملابس الأنيقة أيضا! لم تدرك من قبل ذوقه الراقي في الملبس . أم كيف ستبدو أية ملابس أنيقة على هذا الجسد الضخم ؟
لا شك أنه كان يحوز الإنتباه الكانل لكل النسوة المتجولات في المحل وكأنه يأخذ جرعة منشطة لغروره كلما نهض في الصباح.
وتوقفت وهي تفك أزرار سترتها في دفء المحل حين أدركت ما فعل لقد جاء من كورنول هذا الصباح ! إذ لا يمكن أن يكون قد تمكن من الحضور من هناك بعد مكالمته لها .
وتصاعد فضولها حول هذا الحرص منه على لقائها دون أن تبدي ذلك حتى لا تجعله يعتقد أنها مهتمة بشأنه .
كان متكئا على البنك أمام البائعة يجادلها في عناد :
" لا أصدق أنها غير موجودة ؟"
وردت الفتاة وقد كلت حيلتها :" بل هي غير موجودة بالفعل "
وانسلت "روكسي" وراء بعض الرفوف المكدسة بالقارورات وأخذت تراقب المنظر. ولم يكن يبدو سوى ساقيه المغروستين في الأرض .
" إتها قد اقتربت من الرابعة ولا يمكن أن تظل في فترة الغداء كل هذا الوقت....."
"إن هذا أمر غير شاذ بالنسبة لها" وزمجر قائلا :
"لا أصدق. إن للعمل مواعيد"
"إنها هي التي تضع مواعيد عملها بنفسها " فتمتم قائلا :
"حسنا لا يمكن أن تستمر تحت خدمتي طويلا إذن ".
وعمل عقل "روكسي" بسرعة البرق . إن هناك إلحاحا منه وإصرارا على ألا يتراجع...ولا بد أن هناك أمرا مهما أتى به إلى لندن ليقابلها. وابتسمت لنفسها . إنها في مظهر المرأة التي تحمله اليوم لن يتعرف فيها أبدا على تلك الفتاة المنكسرة التي لمحها تحت هطول المطر ولم تجد غضاضة في أن تتلاعب برجل مثله بعض الوقت.ونادت على الفتاة المسكينة :
" دعي هذا لي يا "آن" ". إن "إيثان" يثير بعض الاضطراب داخل المحل ويجب التخلص منه بأسرع ما يمكن .
"آه, شكرا يا "روكس..." وقاطعتها صائحة بابتهاج وهي تقذف بلأكياس في الهواء مؤملة ألا يكون "إيثان" قد انتبه لاسمها:
"فساتين !ثروة من الفساتين من الحرير وواحد بلون الفراولة واثنان بلون الزعفران وواحد قطيفة سوداء. دفعت فيها دم قلبي!"
وكان يعبس لها بصورة غريبة. ولكن ملامحه بدأت تلين شيئا ما لما أبدت من ابتهاج. وشعرت بزهوة انتصار. ها هو ذا قد اعترف بها أخيرا.
ضحكت البائعة واختلست نظرة "لإيثان" ثم انصرفت إلى عملها على مضض وكانت قبعتها الحمراء قد انحسرت عن رأسها حتى تظهر شعرها الفاحم المتراقص وعيناها الممتلئتان سرورا. لقد كانت تخطط لأمر ما, وتتلذذ بالتفكير حين يوضع موضع التنفيذ. ولكن "إيثان" لا يدري عنه شيئا ويظن ككل المغرورين أن لسرورها صلة له.
و أقبلت نحوه ترفل في ثيابها لا تخفي قصد إثارته. وانحنت مستندة على البنك وأخذت تصعد بصرها فيه بطريقة مهينة.
يا له من تحد! ورد عليها بنظرات ملؤها التهكم. احذري يا امرأة, فأنا مغرم بالتحدي.
وغمغم "إيثان " بصوت معسول :
" لقد قمت بمشهد مؤثر عند دخولك مبتهجة ومتلألئة كفراشة "
وكانت رقة كلماته تخفي لذعة حسية تفوح من جسدة القوي .
وتعرفت فيه على رجل يعتز برجولته وقد كاد يصرع البائعة لولا أنه حول انتباهه إليها ولم تكن تحب منه ذلك وقد أن الأوان أن يتلقى درسا سيكون هذا من دواعي سرورها وردت عليه بنعومة:
إني لا أحب الكآية فهل تحبها أنت ؟ إن الأيام القائمة فيها الكفاية ودون ملابس كهذة يقع المرء فريسة الأكتئاب لا محالة"
وكانت تتعمد ألا تنظر إلى ملابسه التقليدية المملة وإن بدت ـ وهو الأمر الذي كانت تصر أن ترفضه ـ تضفي على جاذبيته
اكثر مما يفترض لها.
وأخذت عيناه المتلذذتان تمسحان جسدها بطء مركزة على أماكن الارتفاعات والانخفاضات منها. وغمغم قائلا :
"البعض منا يحب أن يزهو أمام الجميع بزينته والبعض الآخر يفضل ألا يكشف نفسه إلا للصفوة المختارة "
وأثارها هذا التقريع منه ولكنها رفضت أن تبدي له أنه أثارها وردت عليه :
"البعض منا كئيب المنظر ةالبعض الآخر مثير للبهجة "فسألها بخشونة" وأي من هاتين الصفتين يناسبني ؟"
وانتابها الشك فجأة, إن به خبثا لا يكاد يبين, ولكن ذلك الخبث بدا مثيرا لها وهو ما يتعارض تماما مع ما تنتويه.
"في اللحظة الحالية أنت خارج عن طوعك بصياحك هكذا لموظفتي "
وارتفع حاجباه, وتساءل:
"موظفتك؟"
"نعم فأنا صاحبة محلات "زست"
"كذا!" ثم قال هازئا" وتتناولين منتجاتك على الدوام. فأنت تبدين متشبعة بحبوب الصحة". فردت بمرح "إني خير دعاية لمحلاتي أليس كذلك؟"
ثم تحولت لهجتها إلى الجد "والأن ما الذي جعلك تفقد أعصابك هكذا؟"
ضاقت عيناه واحتدت لهذا التأنيب المستتر."إنني أبحث عن "روكسان بيج" لقد أخذت عنوانها من المحامي الخاص بي وقد بدأت أتساءل عن سبب رفضها مقابلتي ".
وهتفت في دهشة:"مستحيل إن أية فتاة سيلعب رأسها لذلك".
وعبس فأدركت أنها تجاوزت حدها فعادت إلى الجد .
"ولكن يبدو أنها لم تعد فالبعض لا يحترمون مواعيد العمل كما يجب أليس كذلك؟
هيا معي إلى مكان ننتظرها فيه يا مستر..."
"تريمين, اسم من بلدة "كورنوول" ". ومد يدا ضخمة واثقة.
وقالت لنفسها. لطيف جدا يستخدم عينيه كثيرا ولا عجب أن تصطف النساء من أجله. وتركزت نظرته على عينيها بثبات عدة ثوان وانتاب "روكسانا" الذعر لما شعرت به من جفاف في حلقها.
لقد بدا كما لو كان عقلها النشيط وجسدها سريعي الحركة قد كبحا بمكبح قوي تحت تأثير عينيه وبدأت تشعر بنوع من السلام الداخلي أخذت تقاوم سحره فالسلام هو عدو الانطلاق والمبادأة. وبدأ عقلها يستعيد نشاطه. وابتسمت في داخلها.
" من "كورنوول" يا للطرافة أليست هذه بلد الجنيات وعجائن اللحم ؟"
وابتهجت لما بدا عليه من غيظ وهي تحقر من شأن بلدته العريقة بكلمات قليلة متهكمة ورمته بابتسامة من ابتساماتها الساحرة لتعوضه عن ذلك تاركة رموشها الكثيفة ترتعش قليلا. إنها ستتركه هكذا معلقا إلى أن تعرف الغرض من مجيئه.
"إن لدي مكتبا في الطابق الأعلى يمكنك أن تنتظر فيه وتقص لي موضوع الأنسة بيج وأنت على راحتك".
وقال بصوت به بحة :
"أرى ذلك أمرا طيبا".
وعبست فقد ظلت عيناه تهزآن بها فلماذا؟ وسارا معا وهو مقترب منها إلى أن كاد جسداهما يحتكان ببعضهما. ورأت أنه يتعمد أن يقترب منها أكثر وأكثر حتى اضطرت إلى أن تلتصق بدرابزين السلم .
وبدا لها التناقض البين بين نعومة ملابسه الأنيقة والجسد الصلب المتين العضلات تحتها. وأصابتها العصبية خصوصا وأنها لم تكن لتسمح لرجل أن يقترب منها بهذه الدرجة لمجرد تعارف عادي. إلا أنها رأت أنه من المنطق أن تتركه على حريته إلى أن تتمكن منه .
ومد يده ليحيط بها ظهرها بحجة تقديمها أمامه فانقبض عمودها الفقاري قليلا .
إنه يقوم بلعبة ما معها ما في ذلك شك. وملأها السرور كيف أن "إيثان تريمين" الأرستقراطي قد وقع في حبائل أبنة الخادمة.
وقال في صوت عميق :
"فتاتك الأنسة بيج هل ستعود قريبا ؟"
وردت في براءة واعية لنظراته عليها:
"إنك محظوظ اليوم "فروكسانا" معروف عنها أنها لا تحضر دائما بعد الظهر ولكنني متأكدة أنها لن تلعب هذه اللعبة اليوم".
"أحقا؟ يالها من فتاة مسببة للأزعاج لك بل لكلينا"
"آه ولماذا؟" "لقد سمعت عنها شائعات شنيعة "ثم سألها بنظرة بريئة :" ألم تسمعيها أنت؟"
وردت بقلق :"نعم مثل ماذا؟" إنه لم يعلم عنها شيئا إلا من خلال خطابات والدتها ولم يكن فيها شيء بالمرة.
ومط شفتيه وقال واجما:" لايمكنني أن أردد الشائعات ".
وودت لو تبطش به فقد كانت متحرقة إلى المعرفة ورأت أن من الأفضل أن تكسبثقته فقد يسر إليها بما لا تعرف. ولمست ذراعه مقبلة عليه.
وقالت له بلهجة منخفضة :
"لا يمكن أن تلوم البنت فهي لم تحصل على قسط من التربية."
وهبط حاجباه في عبوس وفاح عبيرها في الجو المحيط بهما وأحست بأهتمامه بها يتصاعد وأشعت عيناه الخضراوان بدفء تسلل إلى عقلها وجسدها وغمغم :
"إنك لم تعطيني اسمك بعد "
ومطت فمها ورمقته بنظرة كلها دلال وكانت تشعر في داخلها بجوار "إيثان" بنوع من التفاهة وهو على ما هو عليه من جد وتحكم في النفس. وهما خاصيتان لم تحسد عليهما أحد من قبل بل كانت تشعر بالرثاء لمن لا يضحكون كثيرا فهي تتمتع بحياتها حتى الثمالة ولكنها شعرت فجأة بالرغبة في الرزانة و العمق بلا من الاندفاع الذي قد يصل إلى حد المجون .
وأشرقت ابتسامتها : " اسمي أنا "
وتشكلت شفتاه ببطء في ابتسامة وأحست فجأة لفرط دهشتها أن ذلك التعديل في ملامح وجه قد بعث الدفء في أعماق جسدها ولم يكن الرجال يثيرونها بسهولة عادة . ولكن أن يحدث هذا لمجرد ابتسامة أو كما بدا لها لم يكن "إيثان" ممن يبتسمون كثيرا وأحست من أرتفاع المكان أن توهب واحدة من ابتساماته.
يا للسخف أتنجح تلك الابتسامة الماكرة في تسكرعقلها هكذا؟
وهزت رأسها منفعلة واستعادت رباطة جأشها رافضة أن تقع تحت تأثير مغناطيسيته لا معنى أن تركع تحت قدمي هذا الرجل لمجرد أنه ابتسم .
وقال يستحثها :" نعم اسمك "
وعادت إليها نزعتها الشريرة للفكاهة:"آه يا عيني ..إنه غاية في الرسمية " ثم تمثلت الجد :
"يمكنك أن تدعوني..."ونقطعت أنفاسها ورموشها تتلاعب في دلال ".....عفريتة !"
وتقلصت عضلة في فكه وتساءلت إن قد تجاوزت حدها مرة أخرى وبصعوبة كتمت ضحكتها وأسرعت تسبقه قليلا على السلم متعمدة شيئا من الشقاوة تتناسب مع ما أطلقته على نفسها ونسيت في فورتها نفسها وتلاعب ردفاها كعادتها حين تسير بالكعب العالي وكان هذا أكثر مما يحتمل وأمسكت يد قوية بها فدارت بسرعة لم تتمكن معها من مقاومته وهو يجذبها إليه :
"قلت عفريتة؟ إن لك مقدرة على إثارة الرجل وقد قبلت تحديك ولا تنسي أنك البادئة فيه ".

وانقض عليها بفمه وشعرت يجسدها ينصهر وهي تستسلم قبل أن يعي عقلها هذه الخيانة من جسدها .
وغمغم " يا لها من مفاجأة" . "إياك أن...."
واتضبت تحذيرها بانقضاض جديد من شفتيه فكيف ستتعامل مع هذا الوضع ومع هذه اللذة التي دبت فيها؟ ألا من منقذ ينقذها؟
وغمغم :"أيتها العفريتة الصغيرة "
وبدأ عقلها المخدر يتيقظ وبدأت شفتاها تتمكنان من الحركة فسألته :
"هل تنوي أن تهاجم مس بيج بهذه الطريقة ؟"
وابتسم :"لو كانت على شاكلتك ...ربما "
وارتفع صوتها قليلا:
"ألم ترها بعد إذن ؟" قال ولا يزال السرور يتملكه كما لو كان يتمتع بفكاهة ما, الأمر الذي ضايقها كثيرا:
"مجرد لمحة وكانت تبدو كمتسولة".
توردت وجنتاها, فلم تكن مزرية المنظر بهذه الدرجة. و قالت بابتسامة بارده:
ـ يمكنك أن تترك معى رسالتك لها و تنصرف.
ـ أغاضبة انت؟ لقد كان علىّ أن أثبتك لحظة حتى لا تطيرى من أمامى لفرط ما كنت فيه من نشوة. لم يكن لى رجل ان يقاوم هذا.
وجدت أنها قد احيط بها من أكثر من ناحية. فطبقاً للدور الذى لعبته. عليها أن تتظاهر بأنها لا تهتم بقبلة عابرة. و لم تكن حصلت على أى معلومة منه بعد. و لوحت بيدها اعرتافاً باحتما صدق ملحظوته. و هى تشعر دون أن تعبر –أنها على قمة العالم.
كان من المفروض أن تغضب, و لكن غضبها كان لما حدث من هبوط فى طاقتها بسبب قبلته.
و من واقع هذه التجربة الأخيرة فـ إن إثان كان خطراً, أنه يأخذ ما يريد بمجرد ما أن يتاح له.
و الآن هو يريدها هى.
مع ذلك , كانت تعلم كيف تتعامل معه-لقد نال منها على حين غرة, لكن الأمور و إن صعبت, فأنها لم تعد مستحيلة. و دقت على صدره كما لو كان ولداً شثياً, ثم هربت من قبضته و اتجهت إلى جناح مكتبها و هو فى أعقابها, يترفع شعرها من خلف لفح انفاسه. و أضاف ذلك وقوداً للنار المشتعلة داخلها لقد كان امراً مزعجاً. إنها ارادت أن تصطاده. فإذا بها تنشد إليه أيضاً. و لو كان لديها أى حصافة لما دخلت فى جولة غزل معه, فقد كانت شهرته كفيلة بان تحذرها بأنه ليس محتاجاً إلى أى تشجيع.
و خطر لها أنه قد اهتز أيضاً لتلك القبلة. و ربما كان هذا اسلوباً منه يتبعه مع كل النساء, أن يوم الواحده أنها نجحت فى كسر جموده, و إذابة قلبه الجليدى و قال برقة:
ـ يجب أن تكونى أكثر حرصاً و أنت تبعثرين إثارتك ذات اليمين و ذات الشمال.
قالت مدافعة:
ـ أنى أجد عذرى فى حالتى فيما تجرعت من شراب بقد كنت فى غداء رائع فى فندق سافوى, لمناقشة توسيع نشاطى
قال مأخوذاً :
ـ هل تريدى أن تفهمينى أن ما دار بينا للتو كان بسبب الشراب و العمل؟ هل يمثل لك العمل كل هذه الإثارة؟
حاولت الا تقهقه ضاحكة:
ـ أوه, بالتأكيد يا مستر تريمين.
تعمدت أن تضغط على اسمه و هما يدخلان مكتبها, و اتسعت عينا جو دهشة:
ـ أمه أكثر الأمور إثارة فى العالم بالنسبة لىّ.
- ولا أعتقد أن ذلك يروق لعشاقك.
- و من يكون فى حاجة إلى الرجال, حين يكوت النجاح أخذا باللب؟ و قصدت بذلك ان تثير ثائرته, عالمة أنه سيكره أن يزاح الرجال من جنسه إلى درجه أدنى فى حياة امرأة.
قال بنغمة مغريه:
- اعتقد أن الرجال هنا قد أعطوك فكرة سيئة عن جنس الذكور, و أنا على استعداد أن أغير هذه الفكرة لديك بكل سرور.
و احست روكسي بشئ كرنين الفولاذ فى نبرة صوته, و شدها من الموقف سعال من جو و يرتب ما أمامه من اوراق ببراءة.
أخذت رد فعل إيثان على أنه متوقع من رجل معتز برجولته مثله.
والقت بقبعتها على الاريكة. و هزت رأسها لتحرر شعرها و خلعت معطفها بحركة راقصات الاستربتيز , و كوفئت على ذلك بزفرة حاة من إيثان.
و اتجهت إلى جو بالحديث شاعرة بأنها جمعت الأوراق فى يدها مرة أخرى – جو مستر تريمين يريد أن يتحدث إلى إحدى العاملات لدينا. تلك الرعناء المدعوة روكسانا بيج
و سددت نظرها لـ جو و لكنه كان قد فهمها على التو فلم يبد أى دهشة, متعوداً مثل هذه الالاعيب منها و قال:
ـ أهـ, تلك الحمقاء المغرورة.
لمعت عيناها و انبا بريقهما جو انها سوف تحاسبه على ذلك فيما بعد و قال:
ـ هل.... تريدين منى أن أنادى عليها فى النداء الداخلى؟
فرد إيثان بشئ من الحدة:
ـ كلا, لا تفعل ذلك الآن.
و أحست روكسى أنه غاضب لأمر ما. و دفعها إيثان امامه كما لو كانت حيواناً مذعوراً, و قد توتر جسدها احساساً بالخطر, و ابتسم ابتسامة ملأت جسدها بالرعدة.
ـ لا داعى للعجلة فأنا و العفريتة......
اخفى جو انفجاره بالضحك ببعثرة بعض الأوراق على الأرض, و انحناء لجمعها.
و قالت روكسى متنهدة:
ـ هؤلاء الموظفون غير معقولون اليوم.
و اشارت إليه بالدخول غلى مكتبها, ثم دفعت به إلى أحد المقاعد, متجاهله شهقته لديكور المكتب الذى يأخذ بلب من ليس معتاداً على الألوان البهيجة فى رأيها.
و قالت فى مرح:
ـ كثيراً ما يضرب الرجال أخماساً فى أسداساً أثناء عملهم.
حرك ايثان عينيه بين اريكة برتقاليه و وسائد قرمزيه أو حمراء قانية, و احست بصورة غامضة أن ابتسامته الساخرة ليست موجهه لذوقها الغريب فى اختيار الالوان.
ـ اعتقد ان ذلك الموظف قد دهش لاسمك المستعار.
توردت وجنتيها و انحنت لتخفى ذلك على مقعد ترتب عليه مشترياتها و قالت:
ـ إنه سكيرتيرى الخاص.
فسأل بدهشة:
ـ أتتخذين رجلاً سكرتيراً؟
ـ و لِمَ لا؟
ـ اليس ذلك انسب للنساء؟
ولاح فى هذه المرة تقلص فى زاوية من فمه, و علمت بغريزتها أنه لم يعجبه هذا الحط من قدر جنسه من الرجال. و لم يكن ذلك من عاداتها, لكن إيثان قد استفزها مما دفعها ان تعانى فى لعبتها.
ورد بوقاحة:
ـ هذا يتوقف على الاسلوب الذى تفضلينه لقضاء فترات الراحة.
رمقته بنظرة باردة, و هى تغلي فى ذاخلها. من الواضح أنه يقف موقفاً عدائياً ضد استقلال المرأة.
و بدلاً من أن تتجه إلى مكتبها اتخذت لنفسها مجلساً قابلته, لتتمكن منه بصورة أفضل. و لكنه رد كيدها إلى نحرها, إذ اخذ يخترقها بنظراته ماسحاً بها جسدها كما لو كانت يداه هما اللتان تقومان بذلك. و دون قصد منها لعقت زاوية فمها المحضب بالوان صارخة.
و تراجع هو فى جلسته سالبا لبها.
و سألها منغما نبرة صوته ببطء :
ـ هل ستقومين بعرض ازياء خاص لىّ؟
و تملكتها العصبية بصورة غير طبيعية. إنه بالكاد يعرفها, و ها هو ذا ينهال عليها بتلميحاته. و الغريب أن تشعر بارتياح نفسى لذلك. و كانت تعلم بآسي أنه ليس بالذى يضيع وقته هباءا فى دردشة فارغة مع امرأة. و أن قبلته لم تكن إلا بداية عملية إخضاع كامل لها لرغباته و سألته بنعومة:
ـ غريب أن يكون لرجل كل هذا الاهتمام بالملابس.
و بدت عيناه كالمغمضتين, و فمه حار رطب, و رد بخشونة:
ـ ليس اهتمامى بالملابس النسائية, و لكن بما تضمه تحتها.
و بحركة غبية مضحكة, وضعت يديها على صدرها فى ذعر. و اصابها الارتباك حين استعصى عليها ان تفصل بين ما تريده عن وعى و بين رغبات اللاوعى فيها. فهى تريد أن تستدرجه لتحصل منه على المعلومات اللازمة و صدمتها تلك المشاعر المشوشة منها, إذ رأت أنها –وعلى الرغم من ثقتها المبالغ فيها بنفسها – قد بدأت تستجيب له شأن اى امرأة سبق له أن داعبها. و شعرت بمرارة حقيقية لهذا, و مع ذلك , قررت ألا تعبر له عن شعورها إزاء تلك الوقاحة منه – ليس بعد.
و قالت بلهجة لاذعة:
ـ إنك لن تخرجنى منها بسهورة.
كم سيكون الأمر مسلياً حين يعلم من هى! و أن من كان يغازلها لم تكن سوى ابنة الخادم!
و قال بصوت به بحة:
ـ علىّ إذن أن ابذل المزيد من الجهد. ما رأيك فى العشاء أولاً
اتسعت عيناها الزرقاوان و هى تكرر وراءه:
ـ العشاء... أولاً؟ يا لك من رجل صبور.
و تقلص فكه و بدا التحدى واضحاً فى عينيه, و غمغم:
ـ لقد طلبت أنت المشاكل, و سأعمل على أن تحصلى عليها.
و اسرعت غلى مكتبها, و ادارت جهاز الاتصال الداخلى و قد ازعجها منه ذلك التحدى الذى صعب عليها أن تدرك مداه. و طلبت بسرعة:
ـ جو, استدع الانسة بيج حالاً.
فرد عليها:
ـ إذا كنت ترين أن المحاولة مجدية!
إما إيثان فقد قال و هو مستمر فى تسديد نظراته التهديدية:
- لست فى عجلة لأن ينضم إلى هذ الغرفة غيرنا, فيسرنى أن أظل فى برجك العالى هذا, اراقبك و أنت تتنفسين. انتبهت روكسى لما اصاب تنفسها من اضطراب حتى ضاق صدرها لذلك. و انقذها جو بصوته:
ـ الانسة بيج لا توجد فى أى مكان.
و قالت و هى تحاول تنظيف حلقها مما يعيق صوتها:
ـ حاول اكثر.
ثم التفتت إلى إيثان: و الآن ألا تفصح عن سبب سؤالك عنها. هل أنت صديقها مثلاً؟
و تقلصت شفتاه بإزدراء و قال:
ـ رباه, كلا. احسنى الظن بذوقى. إنه امر متعلق بالعمل.
و سألته برقة:
ـ أى عمل؟ إذا كان على ذلك القدر من الاهمية, فسنكثف محاولاتنا فى البحث عنها, فهى دائمة الزوغان كما ترى.
ـ لا داعى , إذ يمكننى أن أراها غداً. سوف أقضى هذه الليلة فى لندن لبعض شؤونى, و عندى رغبةة ملحة فى أن تتناولى معى العشاء الليلة, فما قولك؟
و أصابتها الحيرة أكثر. ما الذى يريده السيد تريمين ذو الحسب و النسب من الفتاة الصغيرة روكسانا ذات الأصل المتواضع.
و قالت معترضة:
ـ انا أعمل إلى ساعة متأخرة عادة.
فهز كتفيه:
ـ إذن فلنتناول عشاءنا فى ساعة متأخرة. فأنت تستحقين أن ينتظرك المرء... ثم مال بجسده تحاهها:
ـ .... إننى أجد سحراً فى موقعك هذا.
ـ اتقصد ما أحققه من نجاح, و ما تحت سيطرتى من محال؟
ثم رمقته بابتسامة خبيثة:
ـ ومن نساء... و اتسعت ابتسامتها .... و من رجال.
رماها بنظرة شك, و لكنها حافظت على لطف ملامحها, و حتى و هى تواجه عينيه الباردتين و ابتسم فجأة, و أخذت الحيرة تلعب بلب روكسى , اتراه قد اكتشف أمرها؟ كيف و هى لم تُظهر أى بادرة تربطها بتلك الفتاة التى رأها منذ ثلاثة أشهر. و هو قال:
ـ بل الموقف أن أبحث عن روكسانا فأجدك أنت خصماً عنيداً يدفعنى إلى أن أعرف عنك المزيد.
و كانت توشك أن تسأل ماذا تقصد لولا أزيز جهاز جو
ـ آسف للازعاج. لم أترك مكان ابحث فيه عن الانسة بيج عدا مكتبك هذا.
ـ هل يمكن أن أراك لحظة, فلدى مشكلة هنا.
رمت إيثان بابتسامة اعتذار و خرجت تزفر بالراحة, و اغلقت الباب وراءها.
و سألها جو ثائراً:
ـ ما معنى هذه اللعبة؟ و كم سيطول امرها؟
فردت هامسة:
ـ إلى أن اعلم بغيته. آسفة جو و لكنى اشعر أن وراءه امر ما.
و غمغم جو:
ـ إذن فاحذرى فأننى أرى أنك بدأت تغرمين به.
ـ هراء, و رن جرس الهاتف فرفعت السماعة:
ـ من؟ بنها ليجون؟ .... نعم اتذكرك. أنت المحامى من كورنوول...كلا ربما لا و لكن لماذا؟.... رباه أحقاً ما تقول.... اعذرنى دقيقة.
و غطت سماعة الميكروفون بيدها, و همست لـ جو:
ـ هل يمكن أن أذهب يوم الاثنين إلى كورنوول؟
وراجع الراجل مفكرته ثم قال:
ـ ممكن إذا تخليت عن موعدك الخاص بافتتاح فرع بريستول و موعدك مع مصممة الديكور لمسكنك, و.... رفعت يدها عن البوق ثم قالت:
ـ أوكى.... سأكون لديكم فى العاشرة صباحاً, إلى اللقاء.
و سألها و قد بدأت تغرق فى التفكير :
ـ ما هذا كله؟
ـ لقد حددوا موعداً لقراءة وصية السيدة تريمين و يريدون أن أكون حاضرة فى المجلس أوهت, إنك تمزحين. إن هذا يحدث فى قصص الأفلام فقط

ـ وليس فى كورنوول؟ أن المحامى يقول, أن العائلة كلها ستجتمع لذلك, فلماذا يريدنى فى تلك الجلسة؟ أعتقد أن السيدة تريمين قد أوصت لىّ بشئ؟ لقد كانت امى تقول أننى كنت ابعث البهجة فى حياة السيدة العجوز –على حد قولها- بخطاباتى و ما فيها من دردشة مرحة. إذن فهذا سر زيارته! يريد أن يبعدنى عما عساه يكون من حقى, الأفاق!
- و ماذا ستفعلين؟
ـ سأفرغه من كل ما يدور فى عقله الشرير, و سوف اهزمه فى لعبته. و ستكون هذه الليلة لية مثيرة.
و حذرها جو بقلق:
ـ إنه.... التحدى....إنه التحدى. احذرى لنفسك
فقالت و هى تلتهب بالاثارة:
ـ جو سوف ارتدى افضل ما عندى و استخدم افضل اساليبى, أنه لمتشوق بالفعل.
و شعرت بشئ من التوجس, إذ أن إيثان كان لديه نفس الفكرة تجاهها.
ـ و إذا ما قام بمحاولة أخرى لنقل احمر شفاهك إلى فمه؟
كان سؤال جو يفيض براءة. فاشتعل خداها:
ـ لقد كانت....
- آهـ.... حركة مبكرة من جهتك؟
فردت بحدة:
ـ بل مصادفة.
همهم من تلك المصادفات القاتلة
ـ و لكننى له
ورماها جو بنظرة ذات مغزى فنادت قائلة:
ـ حسناً, أنك على حق. إنه فى غاية الخطورة, و لن أدعوه إلى مسكنى. سنتناول عشاء رومانسياً. و تحت ضوء الاضواء الخافتة مع الشراب اللذيذ. سيبوح لىّ بما عنده.
وهز جو كتفيه يبدو عليه الشك. و نظرت متوترة إلى الباب الذي كان إيثان قابعاً خلفه. و سرت ببدنها رعشة من الإثارة قبل أن تدخل. أن جو على حق. لقد أبدى إيثان كل مظارهر الثقة بالنفس. متأكداً من أنه سينال بغيته منها تلك الليلة, مع استخدام القوة إذا لزم الأمر. و إن عليها أن تنجح فى استخلاص المعلومات منه قبل أن يتطور الأمر.
و نصحت نفسها بأكبر قدر من التعقل. فمرحها لن يخدمها هذه المرة. و بدت لنفسها كفتاة تذهب إلى أول موعد غرامى لها, و ساءها ذلك.
وخللت شعرها بأصابعها فى حركة انثوية, و أجتازت الباب, واعية تماماً لامتقاع وجهها و اضطراب ساقيها



Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-15, 05:48 PM   #5

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثالث

دخلت روكسي الغرفة راسمة على وجهها ابتسامة مشرقة, ذوت قليلاً عند رؤية ايثان و هو يذرع الغرفة جيئة و ذهاباً. و توقف ساكناً لدخولها, داساً يديه فى جيبيى جاكتته بصورة ترجمتها أما تحدياً أو تحذير و اسبلت جفنيها قليلاً معجبة على كره منها بقوته الجسدية. و كانت تدرك أن وقفته تلك كانت عن عمد, ليوكد اعتداده بنفسه. و شعرت بشئ من الضيق لتصرفه ذاك, فبدات تتحرك عبر الغرفة و لكنه اعترض طريقها بنظرة متفحصة, و قد أمسك بذراعها بقوة.
و قال بصوت فيه بحه:
ـ لا أريد أن أخذ من وقتك أكثر من هذا, كما أن لدىّ أمور تشغلنى سأحجز منضدة فى مكان هادئ فى الثامنة. من أين أحضر لإصطحابك؟
ـ هادئ؟
ـ نعم, هادئ.
قفز قلبها فى حلقها. إن التعامل مع إيثان على هذه الصورة نون من الانتحار, بما يروق لها. و ردت ببرود:
ـ الثامنة مناسب. شارع وارف ريتش رقم 10
و غمغم بصوت يحمل شيئاً من الرعشة:
ـ يجب أن انصرف الآن. و هزت رأسها غير قادرة على الكلام. و تحرك إلى الباب, و ما أن وصل إليه حتى استدار عابساً, موجها لها نظرة لا تعرف الشفقة, رات فيها ما يدور داخلها من اضطراب و رغبة.
و قال و هو يتنفس بصعوبة :
ـ أننى أريدك و أنت تعرفين ذلك و تبادلينى نفس الشعور و لم نكد نتعرف على بعضنا, فلماذا؟
أخذت تتململ لتبعد نفسها عن المجال الذى يشدها دون هوادة, حتى لا تفقدسيطرتها على الموقف. و قالت:
ـ مجرد نشاط زائد للهرمونات على ما أعتقد.
حملق بها و قال بنعومة:
ـ لا تحاولى الهرب منى, فلنن اسمح لك بذلك, و لن اهدأ حتى نُشبع ما نحس به من جوع.
ـ جوع؟ إننا ذاهبان إلى العشاء من أجل ذلك.
و اصابها الهلع حين خطا إليها ضاغطاً على اسنانه, و الصقها بالجدارثم سحقها بجسده بلا شفقة, و غمغم:
ـ هل عدت إلى غيظى؟ يجب أن تكونى أكثر حرصاً.
همست و هى تشعر بنفسها تتخاذل:
ـ ايها الوحش, اتركنى.
قال:
ـ قولى كلاماً أكثر إقناعاً.
و كاد الدم يقفز من وجنتيها و قالت:
ـ لا, لقج غيرت رأى. و لا أريد أن اذهب إلى العشاء.
و قال:
ـ و لا أنا. و لكن ذلك نوع من الطقوس جري بها العرف. فلنحافظ عليه.
صُدمت لهذه الوقاحة منه و قالت:
ـ كلا....
و اسكتتها شفتاه عن الكلام. و اخترق جسدها ألم كالسكاكين الحادة. و حاولت الكلام, فإذا بها تطلق أنيناً على الرغم منها.
و استجمعت كل عزيمتها, مصممة على ألا تدعه يكسب و غمغمت:
ـ إيثان, إننى امرك.
ـ مرى كما تشائين, فلن اهتم
ضمت شفتيها قائلة:
ـ لا يمكن أن تتجاهلنى هكذا.
قال:
ـ أنا لا أتجاهلك هكذا. و اكتسها شعور بالخجل. فغمغمت و هى كالمخدرة مسلوبة الحيلة :
ـ قد يدخل جو فى أى لحظة.
قال و هو يبعدها:
ـ ارجو أن تكونى قد شعرت بالجوع الآن.
و انصرف. مدت يدها تمسك بالمكتب, شاعرة بالذكر لهذه الوحشية, و الرعب لتلك الجاذبية. و شعرت كما لو كانت قد اكتسحتها عاصفة هوجاء. مدت يدها إلى جهاز الاتصال
ـ لا مكالمات يا جو.
كانت الرعشة واضحة فى صوتها و سالها:
ـ هل أنت بخير؟
قالت:
ـ بعض الصداع من أثر الشراب
قرد بلا تعاطف:
ـ آه, صداع الشراب, هنيئاً لك بذكاءك.
و القت بنفسها على الريكة, و نزعت حذاءها ثم تكورت عليها, متناقضة تماماً عن تلك المرأة التى كانت متهلله فى الصباح. متجهمة و ممتقعة اللون.
إنها كلما حاولت أن تركز على ما ستساله عنه, شطح خيالها إلى نواياه تجاهها.
متصورة مصيرها معه, و قد استطاع أن يحيلها إلى كتلة ملقأة على الأريكة تتملكها الرعدة, و الرغبة. و عضت على شفتها. لقد انفجرت خطتها فى وجهها, و لكنها لن تستتلم. غن عليها أن تنجح بأية وسيلة. كل ما عليه عمله هو أن تنكب على عملها, صارفة ذهنها عما يحتمل أن يفعله أو لا يفعله, و الا يغيب عن ذهنها أنه لا يبغى منها سوى متعة ليلة واحدة.
و اخذت تشحن نفسها ضده لتصرف عن ذهنها أية رغبة مهما كانت واهية.
حتى لا ينتهى بها الأمر كضحية لنزوات ايثان. بدا الاصرار فى عينيها حملقة ملتهبة.
إنها سوف تشكره بعد تناول العشاء و تدعه يُصعق لتلك الغنيمة التافهة على ما بذل من جهد ز رفعت هذه الفكرة من معنوياتها, فلا شئ سيسعدها أكثر من أن تعطيه درساً بأنه ليس من لا تقاوم رغباته.
و ظلت فى العمل أكثر تاخيراً ما كانت تنوى.
انزلتها سيارة أجرة فى السابعة و نصف امام مسكنها, مع ذلك كان الوقت كافيا لتأخذ حمامها و تبديل ثيابها.
كانت و هى فى طريقها إلى مسكنها عقلها يستعرض الثياب فى دولابها, لتقرر ما سوف ترتديه. و لم تكن قد وصلت إلى قرارها بعد. اتكون بارده, أم مثيرة؟ هل تكون فتاة متكلفة, أم قنبلةموقوته؟
و فى المدخل, شعرن بشك حول وقع اقدام خلفها, فنظرت خلفها فوجدت رجلين يتبعانها و كان لواحد منهما ابتسامة شريرة. و اسرعت صاعدة السلم, فاسرعا ايضاً, و انتابها الذعر لأن تواجه العنف منهما. فادخلت يدها فى حقيبتها لتخرج جهاز الاستغاثة. و سمعت السؤال خلفها:
ـ هل أنت ذاهبه إلى مسكنك يا عزيزتى؟
فصرخت و هى توجه الجهاز فى وجهه:
ـ نعم.
افزعتها الصرخة التى انبعثت من الجهاز كما افزعتهما. و انطلقت باقصى سرعتها فاصطدمت بحائط من لحم و عظام. أخذت تصرخ و هى تدق بعنف على ذلك الصدر الفولاذى, و ما أن لبث أن أحاط بها ذراعان قويان, صوت إيثان يقول:
ـ لا تراعى أنه أنا, لقد فر الرجلان.
و شهقت قائلة :
ـ أوهـ, شكراً لله.
و تخاذلت فى وهن و راحة, ممنونة لهذه القوة التى حمتها, و مستمتعة بها ايضاً.
بدأت ابوا السكن تتفتح على أثر صوت الجهاز, و خرجوا يتساءلون عن الأمر, بينما اخذت الصرخة المتقطعة النكراء تذوى شيئاً فشيئاً إلى أن سكنت أخيراً.
توجهت روكسى بالشكر و التأسف لجيرانها. و قال أقرب الجيران لها مبتسماً, و كان طيار واعدته ذات مرة:
ـ بالتأكيد ستكونين أنت, هل يعرف رفيقك هذا مال الذى أوقع نفسه فيه؟
و قال إيثان ثأئراً:
ـ افتحى الباب, فأنا أكره العروض الجماهيرية.
اخرجت مفاتيحها و هى لا تزال تحت تأثير الرعب و لم يكد إلا و وجدت نفسها مع ايثان فى الصالة و تساءلت لماذا أدخلته معها مسكنها و ما الذى جاء به مبكراً هكذا؟
و سألها:
ـ هل انت بخير الآن؟
فردت كاذبة ببرود:
ـ بالتأكيد.
تطلع فى المكان, ثم صاح بدهشة:
ـ يا للشيطان, أيمكنك فعلاً أن تعيشى وسط هذا اللون؟
و كان يشير إلى الستائر ذات اللون الأصفر الصارخ.
قالت بلهجة دفاعية:
ـ أنه لون بهيج.
و أحست أنها توشك على أن تنفجر بالبكاء. لو وجه أى نقد فى لحظتها تلك. لقد كانت لا تزال تحت تأثير الصدمة.
و سأل متعجباً:
ـ أهو كذلك؟
و دار ببصره فى الصالة الرحبة, الستائر النازلة فى طيات مبالغ فيها, و الأرضية السوداء اللامعة, و الأثاث بلون الكروم اللامع الذى تنعكس عليه أضواء الشموع المتناثرة فى الصالة. أو تتكسر عليه أشعة الشمس بألوان الطيف البهيجة. و كان المكان فوضى عارمة, فلم يكن لديها وقت لترتيبه.
و قال:
ـ إنك سيدة ديكور أكثر منك ربة ربة منزل.
ـ بل سيدة اعمال, رباه لابد أن أجلس قليلاً.
ـ إذن فلست بالقوة التى تحاولين إظهار نفسك بها.
و بدا و كأنه يقبل على تهدئة روعها, و كان هذا آخر شئ تريده. لقد اكتسب فرصة ضدها. و كانت تفضل أن تصرخ فى وحدتها, على أن تتعلق برقبته, و تسند رأسها على صدره الضخم, ثم لا تدرى ماذا يكون بعد ذلك؟
و قالت له بانتحاب متهيج:
ـ لا تقترب منى, فأنا على حافة الانهيار. لقد قضيت يوماً شاق , و اثار هذان الرجلان أعصابى,و أثارنى أكثر, ذلك الصراخ من هذا الجهاز. كيف حشدوا كل هذه الضوضاء فى هذا الجهاز؟ ثم يأتى على رأس هذا كله مجئيك مبكراً. إننى محتاجةالخلوة الآن لكى أهدئ نفسى.
قال بهدوء:
ـ سيكون أمامك الليل بطوله. فقد جئت لاعتذر عن الموعد, إذ لابد من عودتى الليلة.
و شعرت بومضة من خيبة الأمل, و مع ذلك قالت:
ـ لا عليك, فلدى تلال من الأعمال.
ـ هكذا؟ لكن لهجتك ينقصها الثقة, آسف, و لكنى أفضل البقاء بجوارك على السفر الليلة.
سرتها لهجة الإخلاص فى صوتهثم تذكرت فجأة أنها لم تعرف لماذا كان يبحث عنها. و هو أهم موضوع تود أن تعرفه.
و سألت فى التو:
ـ ة ماذا عن الآنسة بيج؟ لقد كنت ستقابلها غداً .
فرد متردداً:
ـ أعلم, ما مدى علاقتك بها؟
فردت بكل حرص:
ـ كصاحبة المحل, يكون علىّ احياناً أن انبهاها لواجباتها, و بأن تأخذ الأمر بجدية, و تتقبله منى عن طيب خاطر.
قال و فمه يتقلص بخبث:
ـ أنا متأكد من أنها تفعل ذلك. اخبريها إذن أننى سوف أرسل لها خطاباً بالموضوع.
و سارعت بلاقتراح عليه فى إلحاح مستميت:
ـ يمكننى أن أخبرها بنفسى, هلا تركت لها رسالة معى.
غمغم قائلاً:
ـ إنه لكرم منك
ثم أطال النظر إليها قبل أن يستطرد:
ـ حسناً, أخبريها أننى كنت أريد أن أرتب لها معاشاً صغيراً.
عبست فى دهشة, و سألت:
ـ لماذا؟
لقد بدا هذا غير متوافق مع صورة ايثان تريمين قاسى القلب , و ردد بسرعة:
ـ لقد توفيت والدتها فى خدمتنا, و هى تعرف كل شئ عن الموضوع و اشرق وجهها لذكر المعاش. إنه يعرض عليها شيئاً دون مقابل. و كان هذا كرماً أكبر من أن تتوقعه منه. ربما كانت متأثرة فى فكرتها عنه بما أشيع من أقاويل.
و قال:
ـ يجب أن أذهب, فأختى قلقة, و لا تريد أن تقضى الليلة بمفردها.
ربما كانت هزة رأسها قوية, و لكن عينيها الخائنتين كانتا تفيضان بالتوسل أن يبقى.
ـ أرجو ألا تحاولى إغرائى بالبقاء. هل لا تزالين متوترة؟
و ردت:
ـ بلى, فقد يعودان للانتقام عما سييته لهما من فزع بجهازى.

ـ يعلم الله كم لا أريد أن أتركك, و لكنها أختى... إنها متكدرة الليلة.
و تساءلت إن كان لهذا علاقة بالوصية... و لكن ذهنها عاد سريعاً و هتفت باسم ايثان
ـ إيثان.....
ومدت يدها إليه, ثم سرعان ما سحبتها, و لكنه كان قد لمح تلك الحركة و فهم مغزاها.
ملأها السرور و هو يعود إليها, مسدداً نظره غلى وجهها. و أغمضت عيناها غير قادرة على تحمل لهيب عينيه, و سمعت خطواته ثم ادركت أنه قد صار واقفاً بجوارها و قال لها برقة:
ـ إنك محتاجة إلى إجازة. لماذا لا تأتين معى. إلى كورنوول, هكذا من وحى الخاطر, ربما كان ذلك ضرباً من الجنون, ولكنى لا أستطيع الرحيل دون أن اسألك ذلك
و كررت:
ـ إجازة؟
و هى تتمنى لو تصرخ بالموافقة
و وضع يده على كتفها قائلاً:
ـ و لم لا؟ إننى أعيش فى مكان بديع, يدعو إلى الراحة. إن غداً هو السبت. ألا يمكن أن تحصلى على فترة راحة؟ ما قيمة أن يكون المرء رئيساً إذا كان لا يستطيع منح نفسخ إجازة؟
و كان عرضاً مغرياً, فهى مسافرة فى غضون يومين إلى هناك على أية حال فما الضرر أن تسافر معه؟ و يمكنها فى الطريق أن تكشف له عن شخصيتها, و تشرح له سبب تصرفها. و يتاتى لكل منهما معرفة الآخر يصورة أوثق. ثم انتابتها رغبة ملحة فى أن تعرف سر التناقض بين ما كانت تحكيه عن سمعة ايثان السية و بين هذا الرجل الذى ترغب فيه بكل جوانحها أم تراه يستغل جاذبيته ليخدعها؟
قال برقة:
ـ لم أكن اتصور أنك من النساء اللواتى يأخذن وقتاً طويلاً لاتخاذ قرار.
هل تريدين فعلاً أن تقضى الليل بطوله وحيدة, مترقبة كل صوت يثير الشك
ـ و أختك؟
طاف بذهنها فى آسي تلك المتعجرفة انابيل و هى التى ربما تستقبلها بصورة مختلفة إذا ما قدمت إليها فى إحدى تصميمات كريستيان ديو يفوح منها عطرها الثمين.
ـ لا مشكلة. لا تفكرى فيها على الاطلاق. ارجو أن تأتى, فعلى أن أذهب الآن , و لا أحب أن أتركك هنا.
ـ أرجوك لا تستعجلنى هكذا.
ـ استعجلك! و ما بال العاصفة التى اندفعت فى عصر اليوم؟ لا أريد أن تدهمنى بنت المدينةبهذه الصورة مرة أخرى, و إن كنت لا أنكر الأمر كان ممتعاً لى.
ـ أهذا ما ترأه فى بنات المدينة؟
كان يجب أن تسر لهذه الصفة التى توحى بالاناقة و المدينة. و لكن بما أنه رجل من الريف, فقد كانت تفضل أن يراها طبيعية, و ربما جذبته أكثر لو كانت عارية القدمين ملطخة الوجه. بالتناقض مع جنس الرجال...!
و زفر فى آسى:
ـ نعم. أنى لا أخالك ترغبين فى حياة الريف كثيراً. لكن ربما توجهنا معاً إلى مدينة بلايموث لبض التسوق....
و حزمت امرها فجأة:
ـ إنى قادمة. إنى بامكانى أن أتاقلم مع أى مكان و سوف ترى.
و ضاقت عيناه و هو يسأل:
ـ أحقاً ستأتين؟ .... الآن؟
ـ سأحزم متاعى بمنتهى السرعة, على شرط أن ينام كل منا فى غرفة منفصلة, فلست أريد استهجاناً من أختك, و لا علاقة رخيصة بيننا.
و رد بهدوء:
ـ لن يكون الأمر هكذا على الاطلاق.
كانت روكسى تدرك أن هناك امرا يصعب تصديقه كان يحل بها, و كانت راضيه به. فرغم قرارها الاهوج, كان الشعور الذى يسيطر عليها هو السكينة و السلام.
ارتدت روكسى تاييرا قرمزى اللون, ملتصقاً بجسدها بصورة لا تدع للتخيل مجالاً. كانت معتزة بجسدها, و كانت تريد أن تكون فاتنة فى عيني إيثان, فهى تدرك أن ثمة شيئاً ذا خصوصية قد بدأ. ولفت شعرها بوشاح من نفس لون احمر شفتيها و خضاب أظافرها.
لقد كانت ترى الإثارة واضحة فى عينيه. و لم يكن للنجاح فى النشاط التجارى شأن فى هذا. فقد استطاع إيثان بسهولة غير عادية أن يزيح ما بنفسها من شكك و امتعاض تجاهه, و وراءهما شعوراً من القوة لدرجة أن روكسى كانت سعيدة بأن تستسلم لذلك الشعور, تاركة نفسها تحت رحمته يأخذها حيث يشاء.
لقد تطلب الأمر رجلاً غير عادى ليثير مشاعرها بهذه الصورة, و لقد تولدت فى تلك اللحظة بذرة من التوافق و التراضى بينهما, كانت تعلم جيداً بغريزتها أنها سوف تكبر و تزدهر لتغيير حياتها كلياً.
قالت و هى تخطو خارج غرفة نومها:
ـ ألا تنصرف قبل أن تنحسر الستائر كمداً بسبب منافستى الوانها.
و تطلع مأخوذاً إلى عينيها المتألقتين و ثغرها الباسم. ثم قال دون أن يبادلها الابتسام:
ـ بل ننصرف قبل أن القنك درساً لا تنسيه ابداً.
فاتسعت عيناها, و قالت و هى تتنفس بصعوبة:
ـ إليك حقيبة ملابسى.
و تبعته هابطين السلم, تنظر بأفتتان لكل خط فى جسمه, و تود لو تمد يدها لتمسك بكتفيه العريضتين. و ما أن وصلا إلى المدخل حتى أحاط خصرها بذراعه, و سارا إلى السيارة فى صمت متمتعين بهذا التقارب بينهما.
و مررت يدها على سقف السيارة بإعجاب. سوداء لامعة, سحرها مثله لا يقاوم و قال و هو يراقبها:
ـ إنك تحبين لمس الاشياء, أليس كذلك؟
فاعترفت له و هى تأخذ مكانها فى المقعد الأيمن و تمد ساقيها على راحتهما.
ـ يجب لىّ هذا دائماً
ـ و هذا ما ظننته. من الغريب أن تتخذى لنفسك تلك الحرفة غير الاجتماعية.
ارتفع صوت المحرك, و انطلقا. و شعرت و كأنها تفر متحررة من كل مسؤولياتها. و كان شعور رائع.
ـ لم أكن دائماً بهذا الثراء و ذلك الاستقلال. بل لقد دفعتنى والدتى يوما ما لامتهان مهنة التمريض. و لكن لم أكن ذا نفع فيها.
ـ و لماذا؟
فابتسمت للذكرى:
ـ كنت اقضى وقتاً طويلاً فى الثرثرة مع المرضى. و كنت ذات يد حانية بالنسبة لهم, و لكن الروتين الجامد اضجرنى.
ـ لكن الفرق شاسع بين مهنة التمريض و التجارة.
هزت رأسها:
ـ و بعد ترك المستشفى, غادرت بريطانيا كلياً إلى الولايات المتحدة, حيث اشتغلت كممرضة لطبيب اسنان.
ـ و لماذا رجعتِ؟
ـ الحنين و اقتناعى باننى لم أخلق لخدمة الغير, فأنا أفضل ان أقود الاوركسترا. و من ثم عملت بأقصى طاقتى لكى انشئ يجارتى.
ـ هل انت قاسية؟ أنانية؟
ـ حينما اريد شيئاً ما....
ثم سألته فجأة:
ـ أولست أنت كذلك؟
فرد باقتضاب:
ـ أكثر مما اتجرأ ان أكشف للغير.
و اقشعر بدنها قليلاً. هل تثور ثائرته حين يعرف خدعتها؟ ربما لا يكون الوقت مناسب لذلك؟ و عضت شفتها.
و تجهم وجهها فجأة:
ـ هناك مشكلة أواجهها, قد تعكر صفو نهاية السبوع.
ـ ربما لم يكن لىّ أن أقدم عليكم دون سابق تنبيه....
ـ كلا أن قدومك لن يثير دهشة أحد.
و تقلص الفك الجرانيتى
ـ ربما أكون مبالغاً فى قلقى.
و قالت تستحثه:
ـ اخبرنى, لقد أثرت اهتمامى.
ـ لقد ماتت امى فى ديسمبر......
عبست عليها أن تخبره الآن
ـ ....و لقد ورثت منزل العائلة. و أختى لا تظن أن جزءاً من الميراث قد ا يؤول لىّ.
سألته بفضول:
ـ هل الرض كبيرة المساحة؟
و قبضة يداه بشدة على عجلة القيادة, منذ عدة لحظات مركزاً على الطريق
ـ كبيرة بالنسبة لمزرعة فى كورنوول. و أرضى أنا مجاورة لعزبة والدتى –كانوك- و بنفس المساحة تقريباً, كلاهما حوالى مائة و خمسين هكتاراً....
ـ ثلاثة مائة هكتار معاً؟ و هل تمانع فقد جزء ضئيل منها؟
إن مساحة كهذه تستغرق كل وقته بالتأكيد للنظر فى سؤون ما فيها من مزروعات و حيوانات.
قال و هو يركز عينيه عليها مفكراً :
ـ أنت لا تفهمين. لقد استرددت هذه الأرض الآن..... و ليس فى نيتى أن اسمح لشبر منها أن يضيع منى مرة أخرى. لقد انفصل والداى حين كنت فى العاشرة و قُسمت مزرعة كارنوك الضخمة إلى قسمين, و استقرت أمى فى منزل المزرعة, بينما عاش والدى فى كارافان فى الجزء الآخر, إلى أن بنى له منزلاً فيه, و قد عشت أنا مع والدى.
و سألته بهدوء:
ـ لماذا؟
و بدا لها ما أصبح عليه فجأة من تباعد و برود, لأن سرد هذه القصة يؤلم مشاعره. و كانت روكسى تعتقد بوجود سبب قوى لبعده عن أمه المريضة و أخذ نفساً عميقاً:
ـ كيف تختارين فى مثل تلك الظروف؟ فى النهاية ستختارين من تحبينه أكثر, أو من ابدى لك حباً أكثر, و قد كان هو والدى بمنتهى البساطة. و لا تزال ذكرى إبعادى عن بيتى الحبيب حية فى ذاكرتى. منزل رائع لا يأتى لإنسان أن يدرك ذلك عنه قبل أن يراه, و ما يفعله توافقه مع الطبيعة فى النفس.
ـ هل كنت تزور والدتك و......
تخاذل صوتها. فهى تعرف الإجابة, و لكن لا تعرف رد فعله وقاطعها بمرارة:
ـ ازورها؟ لقد كنت فى أغلب الاحيان اتمنى لها الجحيم.
ـ لا يمكن أن تكون هذه نواياك تجاه والدتك....
و قاطعها:
ـ اتستبشعين جمودى؟ إنك لا تعرفين كيف كنت؟ لقد قلت إنها لتوى احالت حياة والدى جحيماً إلى أن دمرته تماماً, ثم دفعها عقلها المختل إلى محاولة تدميرى أنا الآخر. لقد كان الحنين ينهش قلبى طوال حياتى, و إلى أن ورثت كارنوك, للسير على أرضها. تخيلى بؤس طفل فى العاشرة حين يسير بمحاذة السور الذى يفصله عن مرتع طفولته. تصورى؟
و انخفض صوته حتى سار همساً:
ـ رجل فى الثلاثين, لا يزال يتحرق شوقاً و يتقطع نياط قلبه لظلم القدر.
ـ يمكننى أن أتصور....
و زمجر بصوت عميق:
ـ بل الأمر أكبر من ذلك, لقد كان الأسي يقتلنى و أنا أرى كارنوك ينحدر حالها يوماً بعد يوم, و عام بعد عام و أنا أشاهد الحقول, و الأجران و الحدائق تذوى, و تعبث بها يد الإهمال, و تستحيل جرداء محرومة من أى حدب أو صوب.
ـ لقد اصبح لك منزل جديد, و ارض تبذل فيها كل جهدك.....
ت لن تفهمى معنى الارتباط بعائلة عمرها قرون. استقرت فى مكان ما حتى تعايشى ذلك بنفسك. إن الاحساس بالارتباط بالمكان يفوق كل منطق. لقد كرهت أمى حين تسببت فى طردى منه, شعرت أننى كـ آدم حين طرد من الجنة, و هذا ما أراه فى كارنوك, قطعة من فردوس الله و ستدركين هذا حين تصلين إلييها. فحتى الفتاة التى يتعلق قلبها بالمدينة يمكن أن تدرك مدى جمالها.
قالت متأثرة بهذا الإصرار منه:
ـ لن يأخذها أحد منك بعد ذلك. أنا متأكدة.
إنها لا تعرف شيئاً عن الريف, و لكنها كانت تطرب لمناظره فى رحلاتها الخلويةو أو على شاشة التلفزيون. و لو كانت كارنوك بالجمال الذى يدعيه, فسوف تعجبها ايضاً.
و قال بصوت ناعم:
ـ أحقاً؟
و دارت برأسها تجاهه ببطءو سألته:
ـ و لماذا يفعل أحد ذلك.....و كيف؟
كيف يمكن أن يحدث؟ و تساءلت بداخلها إذا كان قد علم شيئاً. ودعت ان لا تقف الوصية عقبة بينهما, فقد كانت حاستها تخبرها بأن هذا ما سوف يكون.
غمغم و فكه يتقلص:
ـ كيف حقاً؟ لقد بذلت سنوات من الحنين لـ كارنوك و لن اسمح بأن تنتزع من يدى مرة أخرى.
ورماها بنظرة انخلع فؤادها لبرودتها. ثم أضاف بوحشية :
ـ و لن اتورع عن قتل من تسول له نفسه أن يفعل هذا.



Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-15, 05:49 PM   #6

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الـــفــــصــــل الــــرابـــــع

اقشعر بدن روكسى لهذه العاطفة الجياشة التى بدت فى صوته. لم تكن تفهم كيف يتعلق قلب إنسان بحجارة و بلاط بهذا الشكل, ناهيك عن حقول و اشجار. إن المنزل هو مكان تأوى إليه بعد عناء العمل. و بالنسبة لها كان ذات مرة مسكن قوم أخرين, ذلك حين توفى والدها بعد عيد ميلادها بقليل و انتقلت والدتها بها لتعمل لدى عائلة كبيرة فى لندن.
و حين انتقلت والدتها لتعمل فى كارنوك, عاشت فى مساكن الممرضات, ثم فى سكن مشترك فى نيويورك. و حين اصبح لها مسكنها الخاص, لم تكن مرتبطة به عاطفياً, و من ثم كان صعباً عليها أن تفهم هذه العاطفة القوية من ايثان.
ورأت أن الأمر قد تجاوز الحد و أن عليها أن تصفيه فقالت فى تردد:
ـ ايثان هناك أمر يجب أن اخبرك به, أننى... لقد.... رباه, هذا شنيع. لقد خدعتك.

و تصلبت شفتاه فى خط مستقيم و سألها كما لو كان دهشاً:
ـ أحقاً؟
و لم تكن نبرته مشجعة. و كان الأمر أصعب مما توقعت:
ـ لقد كان غباء منى, و لكن يجب أن تسمع لتبريرى حتى تفهم موقفى.
و ردد فى صوت أجش:
ـ حسناً, أننى مصغ.
و كانت تود بإلحاح أن تستعيد فكرته الطيبة عنها, و لكنه سوف يفقد الثقة بها لو فعلت, و لكن على أية حال, فجلسة فتح الوصية يوم الاثنين و سوف تظهر شخصيتها فيها.
و بدأت تتحدث و هى تضم اصابعها بشدة:
ـ حين جئت تسأل عن روكسانا بيج, اردت أن أعرف السبب أولاً. فقد بدا الأمر غريباً أن تقطع كل هذه المسافة لتقابلها.
قاطعها:
ـ لقد أخبرتك. لقد تصادف وجودى فى لندن, و كان امرأً يتطلب المناقشة وجهاً لوجه.
كان سيسهل عليها الاعتراف لو لم يتخذ هذا المظهر الصارم. إن لديه براعة فى إفقادها ثقتها فى نفسها, دون أن يعنيه أن يكون وسيماً أم لا. و ضايقها تصرفه ذلك, فقد كان يخفى وراءه شدة مفزعة, و أكملت مضطربة:
ـ لقد تحدثت أنت أقصد.... لقد كان ذلك.....
ثم توفت و هى ترى الصدر الضخم ينتفخ بالغضب :
ـ ايثان....
و سأل محتداً:
ـ تحدثت أنا.....؟
و كانت نبرته تحمل شيئاً من الاستغراب.
ـ نعم, معى. و كان ذلك....
و تصلب جسدها حين مد يده و راء ظهرها, ثم احاط عنقها به. و سرى الخوف فى بدنها و قال يستحثها:
ـ نعم؟
لعقت شفتيها بعصبية. و امتدت يده إلى شعرها, و ادارت رأسها تجاهه. و ارتعدت للنظرة التى رماها بها, باردة, عدائية, اخترقت قلبها كمدية من الجليد.
ـ ايثان.....
و قال من بين اسنانه:
ـ هيا!
قالت بنبرة بؤس:
ـ أنا روكسانا بيج
و انتظرت الانفجار.
و رد عليها باقتضاب:
ـ اعلم ذلك.
و سرى الهلع فى كل بدنها:
ـ تعلم؟ متى...؟ عند أية نقطة ادركت ذلك؟
و بدأت السيارة تخفف من سرعتها. و تجاهلها عدة دقائق مركزاً على الطريق و هو يدخل فى حارة ضيقة. و قالت متوسلة:
ـ قل شيئاً.
كان وجهه جامداً و هو يتجه إلى منزل يؤدى إلى محطة خدمة. و كان فى تصلبه يعطيها انطباعاً يثير اضطرابها, و كان شعورها أكثر من مجرد خيبة أمل فى لعبة غبية ورطت نفسها فيها.
كان جسده كله ينبئ عن أن الغضب يسيطر عليه بعناية بالغة, من عينيه الباردتين لصوته الأجش, إلى قدميه و هما تتبادلان الوضع على الفرامل و دواسة البنزين بعنف. و قررت ألا تبدى أى قدر من الدفاع عن نفسها و هو فى حالته المزاجية تلك.
و اتجه إلى مكان متسع من جانب الطريق, و أوقف السيارة, و خيم الصمت بينهما ثقيلاً, و شعرت بأعصابها تتوتر.
متى عرف بحقيقتها؟ هل قبل قبلته الملتهبة؟ و دفعت الباب, و قفزت من السيارة و أخذت تعب من هواء الليل, شاعرة بالوهن يسرى فى جسدها. و شعرت بجرح عميق من الحرج و هى تتذكر كل لمسة من يده, و كل كلمة كاذبة سخر منها بها. و همست فى الظلام:
ـ إيها الخنزير القذر.
لقد لعب بها و استغلها عن عمد, عالماً برغبتها فى استخلاص الحقيقة منه. و شعرت بالاذلال و تحطم الكرامة.
و عادت إلى كرسيها و قد خارت قواها فجأة. فارتمت عليه تحاول فى يأس أن تجمع شتات نفسها. و غمغمت بشفتين باردتين:
ـ يا لك من وغد.
فسألها ساخراً:
ـ و ماذا عن يا عفريته؟
و اشتعل جسدها و غمغمت:
ـ إنى آسفة.
ـ أوهـ, و هل يصلح هذا الأسف الأمور؟ هل اغفر لك إخفاءك شخصيتك, و محاولة إغرائى بمفاتنك لتعرفى سبب طلبى لك؟
و غمغمت:
ـ لم يكن الأمر كذلك.
فغضب قائلاً:
ـ بل كان. و كنت اعطيك درساً. و حين كنت فى مسكنك, كان يخطر ببالى أن أجعلك مجنونة بىّ لولا أنه كان لدى أمور اهم
كانت نبرة صوته مفعمة بالازدراء.
و ردت محتدة:
ـ لم تكن لتفعل بىّ ذلك.
فأجابها صارخاً فى وجهها:
ـ بل كنت سأفعل و أنت تعرفين كم أنا عنيد و لا أعرف الرحمة.
و سالته متخاذله:
ـ و كيف عرفت حقيقتى؟
فأجاب و السخرية تملأ عينيه:
ـ لقد كان حماسك زائد عن الحد. رغم جاذبيتى لم أكن لأثير كل ما بدا منك من انفعال هكذا. ثم أن البائعة بدأت تهتف باسمك, و اعتقدت لحظتها أننى اخطأت السمع, فأين فتاة الجنازة البدائية من تلك اللعوب التى دخلت المحل. ثم أننى تعرفت على صوت سكرتيرك رغم سوء الخط التليفونى.
قالت مدافعة عن نفسها:
ـ لقد كنت ضائقة النفس بتصرفك معى فى اثناء الجنازة. و قد كان خطا منك أنك لم تخبرنى بمعرفتك شخصيتى.
ـ و افتقد كل تلك المتعة؟ لقد سرنى أن اسايرك حتى أعلم سبب تقمصك شخصية ماتاهارى, أو بالاحرى.... العفريتة.
و اشتعلت بالغضب, فلم يحدث أن تغلب عليها رجل بتلك الصورة. و سالته ببرود:
ـ ماذا تريد الآن؟
فرد باقتضاب:
ـ المنطق. لماذا كنت فى ذلك المنظر المزرى فى جنازة والدتك؟
فردت بوهن:
ـ كنت قد غادرت لندن فى يوم مشمس, و فوجئت بالمطر يهطل, فاستعرت بعض الملابس من صاحبة النزل الذى نزلت فيه.
ـ و إذا كنت لم تقصدى إغرائى كما تقولين, فما سبب تصرفك معى؟
ـ لقد قلت لك, كان الشك يملأ قلبى تجاهك.
فصرخ وجهه على بعد سنتيمترات من وجهها:
ـ كاذبة, أيتها الفاجرة الخسيسة
واتسعت عيناها بتعاسة:
ـ ماذا......؟
تمتم بشئ و أدارها لتواجهه, و بدا كما لو كان سيبطش بها. و كانت ملامح وجهه تنطق بالكراهية, و قالت من بين اسنانه:
ـ إنى أعدك, لو كنت تسخرين منى, فسوف أجعلك تندمين اشد الندم على محاولتك خداع ايثان تريمين.
استشاطت غضباً. إذا كان كل هذا الغضب منه, لاكتشافه أنه كان يغازل ابنة الخادمة, فإنه يكون نذلاً. و سألها محنقاً:
ـ لقد كنت تتلاعبين بىّ طوال الوقت, أليس كذلك؟ ألهذا قبلت دعوتى للسفر إلى كارنوك ! لتمارسى إغرائك لىّ, ثم تفاجئيننى بادعائك حقاً على ارضى؟
ثم ضيق عينيه:
ـ هل أتصل بك بنها ليجون؟
ـ نعم حينما كنت أتحدث مع جو. ماذا تقصد بخصوص الارض؟
و اشتدت قبضته على كتفها بوحشية, و تراجعت أمام هذه الضغينة التى تشع منه, و لكنها انجذبت إليهحتى شعرت بلفح انفاسه على وجهها. و صرخ فيها:
ـ إنك تعلمين شيئاً, أليس كذلك؟
و هزها بقسوة:
ـ ما هو؟ ما الذى فى الوصية؟
و انفجرت تبكى بغضب:
ـ لست أدرى, كف عن هذا !
لكنه رفع صوته في وجهها:
ـ بل تعلمين! امك كانت خبيثة مثلك, لو فكرت لحظة...
ثم رمش بعينيه:
ـ ....لو فكرت لحظة أنك سوف تدعين شيئاً من ميراثى, فسوف اقذف بك من السيارة المنطلقة.
و عضت شفتها, رعباً و قلقاً. و غمغمت:
ـ كن معقولاً, لابد ان هناك وصية بشئ ما طالما طلبت إلى جلسة سماع الوصية.
و اطبق على ذقنها بسبابته و ابهامه و حملقت إليه كالممغنطة بعينيه اللتين تشعان كراهية قاتلة و ارتعشت شفتها السفلى.
و قال بمقت شديد:
ـ لا تحاولى فلن يجدى ذلك. لا اظنك تدركين ما اشعر به تجاهك هذه اللحظة. خبرينى بصدق, هل حدثتك امك عن اية وصية؟
ـ لا ليس إلا......
اطبقت فمها, نادمة على زلة لسانها, و صرخ و هو يهز فكها إلى اعلى:
ـ خبرينى.
همست:
ـ ايها الوحش, إنك تؤذينى...
خفت قبضته قليلاً:
ـ لم تقل لىّ أمى إلا ان والدتك كانت تهدد حرمانك انت و اختك من الميراث, ففلقد كانت تحمل لكما الضغينة. لكن امى لم تذكر لىّ شيئاً عن ان هذا التهديد قد وُضع تحت التنفيذ.
و ارتمت غلى الوراء حين اخلى إيثان سبيلها, ليتخذ موضعه ببطء خلف عجلة القيادة.
و اختلست نظرة إليه, فوجدته يحملق في الفضاء, و الغم يكسو جسده كاملاً. غمغم:
ـ إنها لن تفعل, فلا يمكن ان تمحو توارث أجيال من آل تريمين هكذا. فنحن في كارنوك منذ قرون, إننا ننتمى إلى هذا المكان.
و اغمض عينيه من شدة الألم:
ـ لا يمكن ان يكون هذا صحيحاً. و كز على اسنانه:
ـ لن اغادر المكان إطلاقاً.
ـ ربما لن تضطر لأن....
صرخ فيها: اخرسى, لقد سببتى لىّ ضسقاً لا يقل عنها, لا تلفظى بكلمة طوال الرحلة. فيبدو ان بيننا وثاقاً مؤقتاً... سوف اجد لك فراشاً في كارنوك الليلة ثم تدبرى امورك بنفسك بعد ذلك.
احتدت عليه قائلة: إننى لم ازعجك من قبل.
ادار السيارة و انطلاق بعنف, جسده ينتفض من الغيظ.
و تخاذلت في مقعدها تتمنى لو تبتلعها الأرض, لقد أخطات. فهو ليس بالأنسان الكامل. لكن ذلك لا يبرر ما فعلته. إن روح المرح لديها قد اوردتها إلى ما لا تعرف عقباه, و ودت لو يعود الزمان إلى الوراء.
لقد كان غباء منها ما فعلته, ان تتخفى وراء شخصية وهمية حتى لا يؤذيها بتلطفه الهازئ, فإذا بها تتعرض لمقته و ازدرائه, و هى مستحقة ذلك.
و لكنها ابداً لم تستغل الظروف مثله. فقد كانت صفاقة منه أن يظهر لها احتقاره لها بهذه الصورة.
لقد اصبح لهما كل الحق الآن في ان يكرها بعضهما. يا لغرابة تحول القدر.
ربما بعد قراءة الوصية و اطمئنانه على الضيعة بين يديه, يكون احسن مزاجاً, فتعتذر له الاعتذار اللائق, و تخبره بانه كان مخطئاً بشأن والدتها التى رماها دون وجه حق بأنها خبيثة. و كان امراً غريباً ان يرميها بذلك الوصف.
وكانت رحلة فظيعة, لم يتوقف خلالها لحظة مدة خمس ساعات, و كان رأسها يطن من قلة الطعام. وكان الرعب يملؤها كلما فكرت في مشاعره, و هو يقود السيارة و عيناه تقدحان شرراً, و جسده مشحون بالتوتر.
آهـ لو تتمكن من النوم! ولكن الجو كان مشحون بالعداء لدرجة جعلتها في قمة التوتر.
و اندفعا عبر الجسر المعلق الذى يعبر نهر تامار الذى يفصل دافون عن كورنوول و بعد ثمانية كيلو مترات دار إثان داخلا إلى طريق ضيق يلتف و يتلوى بلا نهاية, وسطه ملئ بالعشب, و جانباه محددان برصيفين مرتفعين. و اخذ يقود ببطء, مضطراً إلى التوقف مرتين لمرور قنفذ و ثعلب في الطريق امامهما, واضحين في ضوء كشافى السيارة.
و اندفعت فجأة جانباً و هو يدور داخلاً ممراً توقف فيه تاركاً المحرك يدور و رأت روكسي لافتة منزل كارنوك و نظرت إلى إيثان فوجدته يزفر و قد استرخت كتفاه. و على ضوء الكشافين و ضوء القمر الفضي, لاح لها الممشي يتلألأ بالاشجار الباسقة, بينما تترامى الحقول على جانبيه ممتدة غارقة في الظلام, و على البُعد ضوء يتلألأ من منزل ريفى. و توترت اعصاب روكسي إذ ادركت انه المنزل الوحيد على مدى البصر الذى يلوح في ظلمة الليل المخيمة غيره.
و بدأت السيارة تتحرك ببطء تحت الفرع السوداء و اوراق الشجر الغريبة المنظر ثم بدأت المشايات المكسوة باالنخيل, و التكعبيات تبدو لعينيها, و اخذ بياض المنزل الجرى الضخم يظهر شيئاً فشيئاً تحت ضوء الكشافين, من خلال النبات الكثيف الذى يختفى وراءه.
بدون ان ينبث بكلمة اوقف إيثان السيارة امام بوابة ضخمة, و نزل من السيارة يمد جسده. لما كانت لا تدرى ماذا تفعل فقد نزلت هى الأخرى, سعيدة أن تريح تقلصات اطرافها.
اخذ الصمت المطبق يكتم انفاسه, فطوال حياتها و هى معتودة عل خلفية من ضوضاء المرور, و صك اذنيها صوت البومة – كان صوتا جميلا في هدوء الليل, مثيرا للشجن و قال لها باقتضاب :
ـ ادخلى و ساحضر حقيبتك
قالت:
ـ و لكن يجب ان تفتح لى الباب أولاً.
فماها بنظرة صاعقة:
ـ أننا في كورنوول حيث لا يتعين ان توصدى اى شئ حولك, بما في ذلك الغرف.
شعرت بجسدها يشتعل, و لكنها رفضت أن تتركه يعذبها, فيجب ان يخرج احدهما في هذذا الموقف بشئ من الكرامة. و انقبض صدرها لهذه الفكرة.
مدت يدها إلى مفتاح النور, و لكن سرعان ما انزلتها و قد انقبض صدرها و هى تمسك بإطار الباب, لا تريد ان ترى أى شاهد على النار التى قتلت والدتها و سألها بصوت اجش و هو يمرق امامها, و يغمر المكان بأضواء اخترقت عيناها المغلقتين:
ـ ماذا هناك؟
و ردت بصعوبة:
ـ النار......
ـ آهـ, لقد نسيت أن اخبرك, غنها كانت محصورة في الناحية الآخرى حيث يوجد المطبخ. و قد كانت والدتك و والدتى يوفران من التدفئة و من الأعمال المنزلية بغلق الجزء الأكبر من المنزل, و كانتا تنامان في الغرقة المجاورة للمطبخ, و قد جددت المكان تماماً.
وجاهدت لتتمالك نفسها مرة أخرى, تود لساقيها المضطربتين أن تتحركا. وحين فتحت عينيها مجهدة, وجدت انه ينظر إليها في سخرية مريرة, و سألها:
ـ اكنت تحبين والدتك إذن. عجباً لك فقد عدت على وجه السرعة بتلك الصورة, و لم تهتمى بان تنظرى إتمام مراسم الجنازة.
سألته:
ـ ماذا في ذلك؟ لقد علمت أن احداً منكما لم يكن يريدنى و اعتقد أن الشعور كان متبادلاً.
و اظلمت عيناه للذكرى:
ـ لم اشعر باى تعاطف مع ابنة ميلى بيج لقد حالت امك بينى و بين امى, و احالتها إلى امرأة عجوز مدمنة و عاجزة. لهذا اكرهها, و من الأفضل لك ان تدركى ذلك.
و امام عينيها الدهشتين, حمل الحقائب و صعد بها السلم الخشبى بديع الصنع قاطعاً منحنياتها في خطوات ضخمة اضطرت إلى أن تجرى لتلاحقها.
و صرخت وراءه:
ـ ما هذا الذى تقول؟ لا يمكن ان تظن هذا بوالدنى! لقد كانت في منتهى الطيبة و الرعاية..........
قاطعها محتداً:
ـ منتهى الطيبة و الرعاية.
و قطعت رجلاه الطويلتان منبسط السلم بسرعة فزادت من سرعتها لتلحق به.
ـ يمكنك أن تستخدمى هذه الغرفة. فهى مخصصة للوصيفات, سأحضر بعض الاغطية.
و غاصت بتعاسة في سرير صغير.... لم تشغله وصيفة منذ سنوات, يدل على ذلك رائحة العفن الناتجة من عدم الاستعمال. و احست فجأة بالوحدة و الضياع, و حل بها إجهاد جعلها تشعر بأنها غير قادرة على الحركة. و القى اليها إيثان العابس بوسادة, و ملاءة و بطانية, و لكنها لم تبد حراكاً, بل ظلت تحملق ببلادة إلى الفراغ من خلال جفنين مبللين مسهدين. و توقف, و سحب الرعد تتشكل على وجهه, ثم سألها بلهججة لاذعة:
ـ ماذا تنتظرين؟ هل اضعك بنفسى في الفراش؟
فهمست: ـ أبها الخنزير
فغمغم بتثاقل:
ـ يمكننى ان اكون كذلك, يعلم الله انه يمكننى.
استدار راسها ببطء لتنظر إليه, و حينما رأت الرغبة الصريحة في عينيه, هطلت دموعها مدراراً, فقد كان سوء التفاهم السخيف الذى يحول بينهما سبب التعاسة لكليهما, و لابد أن يتوقف.
قالت بصوت متجهد:
ـ إيثان.....
رفع جسدها بلا شفقة, و سحقت شفتاه شفتيها في قبلة قاسية حتى احست بصلابة اسنانه تحت شفتيها الغاضبتين. مال رأسها إلى الوراء من قسوة الهجوم, و انثنى جذعها إلى الخلف حتى شعرت بعمودها الفقرى يكاد ينقصم ثم اطلق سراحها بعنف لدرجة انها عادت طائرة إلى الفراش و صرخ فيها:
ـ إننى اكرهك, و سوف تندمين أنت و امك على ما سببتماه من إضرار لأسرتى.
تفجر بداخلها شعور بالظلم, فجففت دموعها بموجة عارمة من الضراوة انطلقت على اثرها تجاهه, و لكنه امسك بها على طول ذراعيه, مبتسماً في حنق و حاولت روكسي تخليص رسغيها من قبضته المؤلمة.
ـ انك تستاسد على يا إيثان تريمين, تتهمنى ظلماً و تهددنى, و تقبلنى و تحاول إغرائى و تستخدم العنف البدنى معى, كل هذا باسم شرف اسرتك الغالى.
ضحك ضحكة خالية من اية مشاعر و قال بعذوبة:
ـ ايتها المشاكسة, جميل منك هذه الهجمة النارية و هذا الصراخ. نامى في هدوء إذا استطعت, مع مخلوقات الظلام التى تنادى على بعضها في الخارج و إذا....
اخترقت عيناه جسدها المتصلب بإزدراء :
.... ما شعرت بالوحدة, فلا تأتى إلى, بل انطلقى إليها و اعوى معها في ضوء القمر, و مارسي عليها سحرك.
صفع الباب وراءه, جاهدت بين دموعها و نعاسها ان ترتب الفراش. ثم القت بنفسها عليه و هى لا تزال في ثيابها الفاخرة البيضاء. إن نومها عارية, كعادتها, كان جرا للمشاكل. و انطبق جفناها قبل ان ترتطم رأسها بالوسادة و تبدأ عضلاتها المشدودة في الاسترخاء.
استيقظت الطيور في اعشاشها. كانت قد ظلت راكدة على بطنها اغلب الوقت. ترفس بقدميها حتى انحسرت عنها الملاءات. و تردد في الفضاء صوت مزمار صاف, استمعت إليه بين النوم و اليقظة, بينما انغام اغانى الطيور تنساب سلسة بصورة تدعو إلى الدهشة. ثم اقشعر بدنها حين سمعت صوت تنفس في حجرتها, فانقلبت على جانبها متجمدة.
كان مستنداً على الباب, يراقبها في تجهم بعينين تجمعان الرغبة الفاجرة و الإزدراء, مركزاً على الأماكن التى انحسرت عنها الثياب من جسدها, و سرت في بدنها نفحة من الرغبة كرهت نفسها على اثرها, لكنها كرهته اكثر, لما سببه لها من عجز. وصرخت فيه:
ـ أخرج! كيف تتجرأ على ان تقف هكذا متطلعاً في و أنا نائمة
فغمغم:
ـ لقد اتيت لاوقظك.
ـ أننى مستيقظة.
ـ اريدك ان تتناولى فطورك قبل ان انصرف إلى عملى.
كان يرتدى بنطلون قطنى ذا لون اخضر, و قميصاً شمر كميه كاشفاً عن ذراعين مفتولتى العضلات. نظرت إليه عابسة,, ثم القت بنظرة غلى ساعتها, و زمجرت, فقد كانت الساعة السادسة صباحاً. و قالت متهكمة:
ـ هل استيقظت في هذه الساعة لتحلب الأبقار؟
ـ بدلى ثيابك انزلى ثم استديرى إلى اليسار.

جلست وحيدة تتناول الطعام, شاعرة بالوحشة في المطبخ الريفى الفسيح. و كانت مرتدية ابهى حلة لديها, بلون اصفر يظهر مفاتن جسدها.
و لكنها كانت متناقضة مع المكان, و كانت تعلم ذلك. و كان ذلك متعمداً, فقد قصدت الا تبدو مالوفة للمكان, لم ترد لمنزله ان يبعث البهجة في نفسها.
عاد إيثان بعد فترة, مرتدياً حلة رسمية انيقة. و انتظرها صامتاً إلى ان فرغت من فطورها, ثم قادها إلى السيارة و قال لها باقتضاب:
ـ سوف احدد موعد مع بنهاليجون اليوم, و لا اريد ان ارى شيئاً منك إلى يوم الأثنين. و القى بحقيبتها في السيارة. سوف تنتظرينى في مقهى القرية إلى ان احضر لاخبرك بالموعد, و ترحلى إلى لندن على الفور.
لم يكن هذا عاجلاً بالقدر الكافى و اخذت عيناها تتجولان في المنظر وراءهما و هما يتحركان ببطء مبتعدين عن المنزل الذى كان يلمع في ضوء الشمس مالأيس كريم و تمتد من حواليه المرجة المخضرة بالنجيل و تتناثر حواليه اشجار الزيمة و بعض اشجار البلوط الضخمة, و لم تستطيع ان تنكر الجمال الاخاذ لذلك المنظر. كانت كارنوك ترقد في حضن تل منخفض الارتفاع, تحيط بسفحه في سلام, و من خلال الاشجار التى تحف بالطريق, كانت روح روكسي تنخطف كلما مر امام عينيها منظر الوادى المترامى من النهر إلى التلال مرورا خاطفاً.
اخذت روكسي تدير راسها في كل الاتجاهات. و حواليها ازهار النرجس البري الصفراء الكبيرة, و اعشاب الجريس زرقاء الازهار, و كلها تتصارع من اجل المكان. و هى تجاهد الا يفوتها شئ من سحر ما يحيط بها.
و قال إيثان و هو غارق في التفكير:
ـ بديعة, أليس كذلك؟ و لن اسمح بشئ منها ان يخرج من يد العائلة.
فهزت رأسها قائلة:
ـ ولست الومك, انه اشبه بدخول عالم مفقود.
لم يرد وشعرت بالآسي حين بدا يدخلان في الطريق الضيق و تذكرتها صاحبة الخان, و قدمت إليها مالا يحصى من اقداح القهوة و جرائد الصباح, إلى ان حضر إيثان قرب الظهر ليخبرها بأن اجتماعاً سيعقد بعد نصف الساعة.
كانت انابيل جالسة في شرفة صغيرة في غرفة استقبال ضخمة مشمسة وكان وجهها كالحا متجهماً, حين دخلت روكسي, اخذت تقتحم بعينين متفحصتين كل تفاصيل ردائها الايطالى الانيق. و عبرت روكسي الغرفة إلى احد الكراسي المذهبة المصفوفة على شكل نصف دائرة حول مكتب خشبى انيق, حيث جلست بلا مبالاة.
و دخل الرجلان تحدثا مع انابيل المنفعلة, و تاتى لـ روكسي ان تلتقط كلمات تهدئة إيثان إياها.
ـ آنسة بيج, انا جون بنهاليجون.
صافحته شاعرة بود على الفور للمحامى ذى الشعر المصفف بعناية و سألته:
ـ هل سيستغرق الأمر كثيراً, فالظروف....
ورد عليها في صوت ودود:
ـ بصورة غير عادية نوعاً ما. للأسف, إن الوصية لم تكتشف إلا الآن, فقد كتبتها السيدة تريمين بنفسها, و لكنها قانونية تماماً, و كل التوقعات عليها سليمة.
سألته:
ـ و كيف اكتشفت؟
فرد إيثان:
ـ لقد وجدتها اختى في الغرفة العلوية, لقد استغرق تنظيف المنزل كل هذا الوقت لتصل إلى هناك إذ كان المكان في فوضى عارمة.
شعرت بالحنق لهذا التلميح بمقدرة والدتها على القيام بالعناية بالمنزل.
استمعت للقراءة الرسمية, واعيه لـ إيثان الذى يكاد يلتصق بها في جلوسه بجوارها.
و شعرت بالضيق فابتعدت عنه قليلاً, و وضعت ساقاً فوق الأخرى. و اخذ نفساً محنقاً, عبست لم يكن قصدها ان تثير غضبه.
و تشتت تفكيرها فلم تلتقط آخر جملتين قالهما المحامى, و لكن يدا إيثان قبضتا على مسند المقعد بشدة, فعادت بذهنها إلى الموقف, شاعرة بالجو يتكهرب من حولها, و تحولت انابيل إلى تمثال تشككلت شفتاه في دائرة تعبر عن الدهشة. وانحنى إيثان إلى الأمام و قال بصوت رهيب:
ـ ماذا قلت؟
تنحنح المحامى:
ـ ولذا فأنا اوصى بكل ممتلكاتى إلى صديقتى المخلصة و مدبرة منزلى ميلى بيج.
فغرت روكسي فمها من وقع الصدمة و سرت قشعريرة في جسدها و شعرت بالأسي ان تقدر السيدة تريمين خدمات والدتها إلى تلك الدرجة. و انتظرت من المحامى ان يعلن عدم نفاذ الوصية لوفاة السيدتين في نفس الوقت.
و خيم السكون على الجميع و كادت نظرات إيثان تخترق المحامى دون ذنب أو جريرة. ثم زفر قائلاً:
ـ كلا....لا يمكن....لقد أخطأت... ليس كل شئ!
ـ آسف يا سيد تريمين, هذا هو نص الوصية.
و كاد قلب روكسي ينخلع لمنظر وجه إيثان المكروب, و فكرت في مدى وقع النبأ عليه, و كيف ان والدته نبذته بلا رحمة. قال إيثان و قد امتقع وجهه:
ـ ليس هناك من شئ آخر؟ ألم تذكرنى او اختى بأى شئ؟
وطوى الرجل اوراقه قائلاً:
ـ لا شئ سوى ان تبين مدى ضغينتها عليكما.
و صرخت انابيل و هى تندفع خارج الغرفة:
ـ كلا!
و راقبها إيثان وقد اعجزته الصدمة ان يلحق بها, و كانت يداه متقلصتين على ركبتيه و وجدت روكسي صوتها اخيراً, كما لو كانت قد افتقدت شيئاً حيوياً ثم وجدته:
ـ و لكن الوصية غير نافذة بكل تأكيد؟ فوالدتى ماتت في الحرييق ايضاً, معنى ذلك.........
ورد مستر بنها ليجون:
ـ روكسانا, لم يمكن تحديد وقت الوفاة بدقة, بالنسبة لوالدتك او المسز تريمين, و في مثل تلك الظروف يفترض القانون ان الأكبر سناً هى التى توفيت اولاً. و لما كانت والدتك هى الأصغر في العمر, فقد وريثتها الوحيدة, فقد ال كل ذلك إليك. و تململت في كرسيها, و قد تجمدت اطرافها, و عقدت الدهشة لسانها.
ثم انفجر إيثان و هو يهب في مقعده, ملوحا بقبضته:
ـ اللعنة على كل شئ! ان هذه الوصية قد وضعت تحت ضغط, و إلا فلماذا لجأت والدتى إلى محامين غرباء؟ و لماذا انكرت دمها و لحمها.
و استدار ليواجه روكسي و وجهه يرتجف من الغضب:
ـ سوف اقاوم هذا بكل ما املك و كارنوك ملكى, كل حجر في هذا المبنى, كل شجرة إلى آخر نصل من ورقة من اعشابها! ورد المحامى و قد كسا الجد وجهه:
ـ هناك شهادة طبية ملحقة تبين سلامة السيدة تريمين العقلية. و لك الحق بالتأكيد ان تطعن في الوصية على اساس الاستغلال و لكن نظراً إلى الملاحظات التى ابديتها والدتك حول ما بينكما من عداوة فإننى ارى ان تقبل ما لا مفر منه يا سيد إيثان.
ورد إيثان مغمغاً:
ـ إطلاقاً! طالما تردد نفس في صدرى....! سوف اطعن فيها, بحق السماء سأفعل! لقد استغلت ميلي بيج ثقة والدتى, و منعت اى انسان من ان يزورها. لقد حولتها إلى عاجزة تماماً و سأدفع بهذا إلى اعلى درجات المحاكم مهما كلفنى الأمر. لقد فقدت هذا البيت مرة, و لن افقده مرة اخرى.
و حملقت إليه روكسي مستاءة لكلامه:
ـ إنك مخطى بشأن امى....
و صرخ فيها صرخة مدوية:
ـ كلا, ليس مخطئاً! و سوف اثبت ذلك, و لو أدى الأمر إلى ان اجعل اسم امك في الوحل. و لا سبيل إلى تلافى ذلك بأن تبيعى كل شئ في التو واللحظة فماذا قلت؟
و تحت تأثير الإهانة التى وجهت لأمها, وقفت روكسي ببطء و هى تنتفض و قابلت عينيه بنظرة متحدية, و قالت بهدوء:
لقد قصت مسز تريمين الكثير عنك لـ والدتى, و لكننى لم اصدقها برمتها إلا الآن. لقد رمتك بالوحشية و الخسة, و قد أنبأت تصرفك هذا عن صدق ذلك. و بسبب لك, و ما قمت به من قذف بذئ في حق والدتى, فليس في نيتى ان افعل أى شئ يجعل حياتك ايسر, و سوف احتفظ بـ كارنوك.
و قال محتداً:
ـ ماذا تعرفين عن إدارة مكان كهذا؟ إنه ليس طراز حياتك و قد اعترفت بذلك و كيف ستديرين اعمالك في كارنوك؟
و قاطعته منفعلة
ـ حياتى ليست من شؤونك. مع ذلك, فقد كان على حق. و المنطق يستدعى ان تقومى بالبيع باسرع ما يمكن, و لكن كان هناك شئ واحد مؤكد, و هو اصرار السيدة تريمين على حرمان إيثان من ان يعيش في هذا المكان.
كل ما في وسعها. و كل ما في داخلها, كانت تشعر بالوجل و المرارة العداوة التى بدت من تعبيرات وجهه. ورد هو في تهديد ناعم:
ـ بل ساجعله من شؤونى صدقينى, ستجديننى في وجهك في كل امر تقومى به, و لن يوقفنى شئ. أى شئ.
وجفلت للسم الذى يتساقط من لسانه و شعرت بالارتباك و بالوحشة.
إن إيثان يمقتها, و كان هذا حرياً بأن يدفعها للانتحاب.




التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 08-09-15 الساعة 06:16 PM
Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-15, 05:58 PM   #7

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




الـــفـــصـــل الـــخـــامــــس

ارتمت روكسي على مقعدها مجهدة و قد توتر منها كل عصب, و آنت كل عظمة من عظامها, و اخذ المحامى يشرح لها الإجراءات التى لم تستمتع إلى شئ منها تقريباً.
كان إيثان جالساً في سكون و قد تمالك نفسه. حتى ان تنفسه قد صار اكثر اكثر انتظاماً من تنفسها. إنه رجل ذو إرادة فولاذية.
و قال المحامى:
ـ من الأفضل أن تنتهى هذه العداوة, فهى ليست محبذة بين الجيران.
وافقه إيثان قائلاً بنعومة:
ـ كلا لا يليق بهم ذلك.
ادركت روكسي من الفظاظة التى تختفى وراء كلماته انه لن يرضخ للامر.
و استطرد:
ـ إنك تعلم مدى مشاعرى بالنسبة للمكان, فحاول يا جون ان تنقلها إليها.
و سأله المحامى حين رأه يخطو خارج الغرفة:
ـ إلى اين يا إيثان, إن هناك نقاط قانونية لابد من تصفيتها
فرد مغتماً:
ـ ذاهب لارى انابيل.
التفتت روكسي إلى المحامى مشتتة الذهن و سألته:
ـ ماذا افعل الآن؟
فاجابها:
ـ لا استطيع ان انصحك فـ إيثان عميلى. تكلمى مع محاميك أو احد اصدقائك. أما انا فسأتولى إنهاء الإجراءات, أليس كذلك؟
فهزت رأسها محاولة ان تتفهم الموقف بكل ابعاده, لكن عقلها لم يكن قادر بعد على استيعاب حقيقة امتلاكها لضيعة مترامية الأطراف.


أخذت تطلع إلى الخرائط و رأسها يدور. فليس من طبع الثراء ان يهبط على رؤوس البشر هكذا دون عناء او كلل. و من ثم كان الموقف ابعد ما يكون عن التصديق.
سلمها المحامى رزمة من المستندات, و بطاقته و انصرف.
قررت روكسي ان جو ففعلت, وساءها ان ينفجر ضاحكاً, و نهرته قائلة:
ـ جو, ليس في الأمر ما يضحك.
فرد وىهو يغالب الضحك:
ـ بل هو كذلك. و الآن عودى إلى رشدك و كفى عن تغفيلى هكذا...
فصرخت فيه:
ـ أنا لا افعل. إننى جادة في كل كلمة قولتها. و ليس لدى فكرة متى سأعود. فلدى الكثير من الأعمال هنا.
ـ ماذا؟ في الريف؟ شراء حذاء برقبة طويلة مثلاً؟
و عاد ينخرط في نوبة ضحك اخرى. تملكها الغيظ. فكل انسان يتصور إنها لا تصلح لأى شئ إلا ارتياد المطاعم الفاخرة, و الجلوس خلف مكتب.... اعطت جو بعض التعليمات و انهت المكالمة.
اتجهت إلى النافذة و اطلت منها بعينين زائغتين إلى الممشى المكسو بالنجيل يحفها من الجانبين الشجيرات و الأسوار العشبية المنسقة بكل عناية. لابد و ان إيثان بذل جهداً لا يُنكر في اثناء إقامته في المكان. و كانت الأشجار الكزهرة يتساقط منها بعض من اوراق ازهارهاعلى بساط الأزهار المختلفة بديعة الألوان الممتد على جانبى مدخل المنزل.
وجذب المنظر الابتسامة إلى شفتيها, إلى ان دخل إيثان فاعادها إلى الأرض مرة اخرى حين نظر عابساً إلى محياها المبتسم, ثم انسحب وراء قناعه البارد. كان ممسكاً بكأس من الشراب يهزه في يده, حين رأها تنظر إلى الكأس اشار به و قال في سخرية:
ـ ارجو ألا يكون لديك مانع, فالشراب ملكى و لكن الكأس ملكك.
فردت بهدوء:
ـ ليس الموقف سهلاً على أنا الآخرى.
ـ و سيزداد سواءاً. لقد ذهبت انابيل إلى الفراش مع قنينة من الحبوب المنومة. و سنغادر المكان فور ان تصحو من النوم. و الآن, هل تريدين الغداء؟
فهزت رأسها. فقال:
ـ فلاصحبك إذن إلى جولة في الطبيعة.
ورمشت روكس سائلة:
ـ ماذا....؟ لماذا...؟
فرد ببرود:
ـ اريد ان اقنعك بعدم جدوى تملك ضيعة آل تريمين. هيا ارتدى شيئاً مناسب, سأنتظرك في الخارج.
لم يكن لديها سوى سترة علوية من قماش وبرى ذى لون احمر قان يخطف البصر, و بنطلون جينز, بدلت فيهما ملابسة سرعة, ثم ارتدت حذاء خفيف و لحقت يـ إيثانفوجدته يتطلع إلى شجرة ضخمة كبيرة الحجم و اخذت فترة تراقبه دون ان يراها.
و بدا لها و كأنه وقف ليطوف في جنبات الرفيف. كان واقفاً في ملابسه العادية العملية, ساكنا سكون الغابابت, شامخاً كالشجرة التى تعلوه. و ضايقها ان تحس احساساً سخيفاً انها على خطأ في مشاعرها.
إنها تشعر بانها بالتأكيد غريبة على ارضها, متطفلة عليها, ولكن سوف يتغير بمرور الوقت, و مع ذلك فقد كان يساورها الاحساس بان إيثان على حق. ثم تذكرت أنها لا تنوى الاحتفاظ بالضيعة, فهى عازمة على البيع.
و تجرأت بالقول :
ـ ـ انها شجرة بديعة.
إذا كانا يزعمان التجوال فترة طويلة, فلا بأس ان يتصرفا كمتحضرين.
ورد باقتضاب :
ـ انها تحتضر .
فصعدت بصرها:
ـ أوهـ, ان اوراقها وافرة.
فرماها بنظرة حزينة:
ـ انها لن تعمر في تقديرى اكثر من عشر سنوات.
فصاحت دهشة:
ـ يا له من عمر!
ـ بالنسبة لعمر الاشجار, إنه ليس عمراً على الاطلاق إن بها اجزاء قد ماتت و يجب التخلص منها فورا. و انظرى إلى تلك الشجرة – اشار باصبعه إلى شجرة صنوبر قد ظهرت الشقوق العميقة على لحائها- إنها في حاجة إلى نفس العملية.
و سألته و هى تسرع الخطا لتلاحقه:
ـ و لماذا لم تفعل ذلك؟
قال عابساً:
ـ لقد ذكرت لك, ان المنزل كان في حالة فوضى عارمة, و ما كان يحيط به كان احراشاً. فلا تلومينى على ما لا اتمكن بعد من فعله, فقد كان علىّ أن ارتب اولوياتى. كم ان انابيل قد اخذت جزءاً من وقتى ايضاً.
ـ اسفة, و لكن لماذا لم تنفق مسز تريمين على العناية بالمكان, و قد كانت موسرة. لا اعتقد أن والدتى عاقتها عن ذلك.
فرد عابساً و هو يتلمس شجرة لبلاب قد التفت جول جذع شجرة:
ـ إن امى كما تتذكرين قد تحولت إلى انسانة معتزلة العالم, و لم تسمح لاحد ان يطأ كارنوك عدا من يجلبون لها متطلباتها.
اخرج من جيبه مدية حادة:
ـ يجب ان تقطعى كل شجرة لبلاب من فوق كل شجرة, و تجتثيها من جذورها, كل اثر لها يجب ان يُجتث.
اتسعت عينا روكسي:
ـ إنك تتعمد ذلك! تتعمد ان تجعلنى اعتقد ان هناك اعمالاً اكثر بكثير من الواقع! للا يتأتى لاحد ان يجتث كل افرع اللبلاب من كل شجرة.....
فقاطعها قائلاً:
ـ بل يجب عمل ذلك, فإذا لم تصدقينى, فاسألى غيرى
ثم صاح ممتقعاً :
ـ روكسي , إنك لا تتعاملين مع امر يتطلب قرارات سريعة, إن الاشجار محتاجة إلى التنفس. ربما تبدو لك اشجار اللبلاب لطيفة المنظر, و ربما تبدو لك الاشجار الاخرى جيدة, الصحة و لكن على مدى عشرة سنوات, او عشرين سنة, لن تكون كذلك. أنها عملية محتاجة إلى صبر و اناة, فانت تعملين شيئاً لاجيال قادمة .
صمتت و هى تجيل عيناها في حجم العمل الخرافى المطلوب إنجازه. فقد بدت اشجار اللبلاب وكأنها تصارع الحياة مع كل شجرة ليس امامها إلا البيع. فبجوار مدبرة المنزل, و مدير اعمالها, ستحتاج إلى من يعتنى بالاشجار و النباتات, و هى غير متأكدة ان مواردها ستكفى كل هذا الوقت لو قررت تصفية اعمالها الأخرى. و لم تكن تريد هذا من جهة او اخرى بالتأكيد.
و انطلقا و شمس الربيع تسطع على وجهيهما. و توقفت بنشوى امام صف من ازهار البنفسج لم يخطى انفها رائحتها, و لم يخطئ بصرها الواتها الرائعة بقلبها الازرق المحاط بأوراق بيضاء. و سرعان ما حكت انفها لرائحة نفاذة, و سألت:
ـ هل هذا ثوم؟ فرد باقتضاب:
ـ ثوم برى, تعالى لتشاهدى البستان.
و بدا لها اكثر غضبا و توترا, و شق لنفسه شُعباً ينفذ منه, و تبعته و قد نالت منها اششواك اعشاب العليق, حتى صرخت و هى تنظر إلى الندوب التى بدت في يدها. فعلق قائلاً:
ـ يتطلب تطهير الارض من الاعشاب الشائكة جهدا كبيراً.
قالت و هى تحملق حولها:
ـ من المحتم ان يتم ذلك.
إن العمل المطلوب يتصاعد امام عينيها, و هو من ناحيتها لا لالو جهداً في ان يجعل من هذا واضحاً لها. تطلعت امامها, و نسيت ما بينهما من عداوة, و صاحة مهللة:
ـ أوهـ’ يا ايثان يا للمنظر الرائع!
كان امامهما صفوف و صفف من اشجار كثيرة العقد, تتمايل افرعها و قد تثاقلت بالازهار و البراعم, و انطلقت على النجيل الطويل تجرى بينهما, و تدور حول نفسها في نشوة, إنها تملك يستانا بما فيه من اشجار التفاح و الكمثرى و...عادت راكضة نحو ايثان و قد تملكها الحماس و توسلت إليه:
ـ خبرنى عن هذه الأنواع.
و شعت عيناه بالالم و هو يتراجع عنها, و ثار قائلاً:
ـ إنها مدمرة,
ثم اعطاها ظهره, استدارة إليه ثم وقفت امامه متحدية و صرخت فيه:
ـ اعلم ما تريد انت تصل إليه, انت تخدعنى...
قاطعها:
ـ إننى اقول الحق, إن الطبيعة كلها في اسوأ حال, فمتى سيدخل ذلك في عقلك المغلق؟ اتظنين أننى اسعد بأن اراها تسير إلى الدمار؟ أن قلبى ينفطر حزنا كلما سرت فيها.
ردت عليه في اصرار:
ـ بل ان الأمر لا يتطلب سوى إدارة جيدة. و كما امكنى ان ادير اعمالى, فلن اعجز عن ان ادير الطبيعة
صاح بها مختنقاً:
ـ رحماك يا ربى! يجب ان تعلمى ما يجب عمله اولاً , فالمدير الجاهل لن يأتى بخير, مهما كانت طبيعة العمل, و يجب ان تدركى ذلك, فهنا يجب ان تفكرى فيما امامك, و في المدى البعيد في نفس الوقت تفكرين في تبديل المزروعات على مدى ثلاث سنوات, او خمس سنوات و ايضاً على مدى خمسين عام و مائة. إن عليكى ان تفكرى بما يتجاوز فترة وجودك, فهل خطر ذلك ببالك؟
قالت و هى تهز رأسها بعناد, شاعرة في داخلها بالتعاسة:
ـ سوف اتعلم.
رماها بنظرة اشمئزاز و قال:
ـ من المستحسن.
و استأنف السير, صعد على كومة اشرف منها على منظر للتلال الممتدة إلى الغابة, و فواصل سوداء تفصل بين الحقول المتباينة الألوان, من الأحمر القاتم إلى الأخضر في افتح درجاته, و وضعت روكسي يدها على جذع شجرة صنوبر اسكتلندية باسقة, مبهورة بالوانها التى تلاحظها لأول مرة. و شعرت بالسلا يملأ جوانحها, و ربتت على لحاء الشجرة و هى تفكر كم ستكون الإقامة في ذلك المكان مدعاة للراحة, و شدا طائر من فصيلة العنادل, ابتسمت له و قالت برقة:
ـ اريدك ان تعلمنى
تنهد ثم قال:
ـ إن امامك الكثير من الأساسيات يجب ان تعرفيها, و نمط للتفكير و للحياة خاطئ يجب ان تغييره.
إنه عالم مختلف جداً الاختلاف عن مجتمعك الذى يعيش اليوم بيومه. الآن لا تحاولى ان تديرى المزرعة من بعد, فذلك كفيل بتدميرها و كارنوك تستحق منك اعتباراً اكثر. إننى انصحك ان تبيعها عن ان تسلميها لمن يديرها دون رقابة
تململت بضيق فقد كان على حق و سألته:
ـ هل قررت الا تطعن في الوصية؟
ـ لا, و لكن هذا سيستغرق وقتاً طويلاً, و يمكننى الانتظار, و لكن لا اريد ان اتسلمها خراب.
دارت عيناها في الحقول الممتدة إلى الأفق, و كسا الجد وجهها و هى تفكر في معنى الأجيال. لو غرست الآن شجرة, فسوف يأتى أناس لم يولدوا بعد ليسيروا تحتها يوما ما, يستظلون بها, أو يسترخون في رحلاتهم الخلويةاو يتطارحون الغرام او حتى مجرد ان يتأملوها. و قالت ببطء:
ـ يا له من معنى سامى مثير للاغراء.
اغمضت عيناها و لمع ضوء الشمس على وجهها المرفوع إلى اعلى و داعبت انفها روائح شذية, بينما الأزهار تصدر حفيفاً هامساً في تمايلها مع النسيم,



Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-15, 06:00 PM   #8

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

و شعرت فجأة بأنها تنصت حقيقة-و لأول مرة في حياتها- إلى حفيف النباتات, و كان صوت جرار يأتى من بعيد مختلطاً بطنين النحل. ثم مرق طائر بالقرب , مخرجاً كل ما يحمله في قلبه في اغنية عذبة.
و شعرت ببدنها كله يسترخى, فزفرت قائلة:
ـ إنك على حق. حتى فتاة المدينة مثلى يمكنها ان تقدر قيمة الحياة هنا و ادارت رأسها لـ إيثان فوجدته يراقبها عن قرب, و كانت عيناه تفيضان برغبة جامحة اهتزت لها مشاعرها. لا عجب في ان يكون راغباً في كارنوك بكل هذه القوة. و مدت يدها إليه في تعاطف.
جفل بعيداً عنها مغمغماً.
ـ لا تلمسينىفهمست له:
ـ إنما اردت ان اقول إننى مقدرة لمشاعركفرد بوحشية:
ـ احقاً؟ إذن فافهمى هذا.....
أطبق على كتفيها بقبضة فولاذية و ضمها إليه, و سحقت شفتاه شفتيها, ثم ارسلها و هى تشهق, و سألته في تعاسة:
ـ لماذا تفعل ذلك؟! اتريد ان تُظهر لىّ مدى سطوتك علىّ؟ إننى اعلم انك اقوى منىجسدباً, و لا داعى لأن تثبت هذا مرة بعد اخرى ورد عليها متناغماً:
ـ ولم لا؟ لماذا لا احاربك بكل ما يتاح تحت يدى من اسلحة لقد سبق أن قلت لك إننى لا اعرف الشفقة.
قالت في هدوء:
ـ فهمت. اكتساح كل الحواجز.
فلمعت عيناه و ارتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة, و قال متمتما:
ـ مهما كان.
استغرقت الجولة ثلاث ساعات, شعرت روكسي بعدها بالاجهاد و الجوع حين عادا إلى المنزل. كما كان رأسها يدور من كم المعلومات التى سردها عليها في اعتداد بالنفس ثارت له ثائرته. و كانت احدى المشاكل ان ايثان سوف يسحب كل الماشية, و عليها ان تجد غيرها لتأكل العشب و إلا تحول المكان إلى احراش مرة اخرى.
صنعت لنفسها شطيرة و هى منخفضت المعنويات. اما ايثان فقد اخذ طعاما و صعد به إلى اخته ليأكلا معاً. و شعرت روكسي بالوحدة و الضياع. ماذا تراها فاعلة؟إن جو لم يكن عوناً لها, و كذا اصدقاؤها سيفكرون مثله. إنه جنون مطبق مجرد من أن تكون في الريف, ناهيك عن الإقامة فيه.
عليها ان تبيع بلا شك. إن لديها اعمالاً تديرها, تلك التى اعطتها حبها و كل مشاعرها, و ها هى ذى في سبيلها إلى الانطلاق و اخذت تذرع الشرفة, تراقب بلا وعى طائراً اسود كبير الحجم يحمل حزمة من الأفرع الصغيرة في منقارة, حط بها على شجرة, ثم اختفى داخلها.
إن عليها ان تذهب إلى المكتبة لتعلم انواع تلك الطيور.
وجدت نفسها في حاجة إلى قلم و اوراق لترتب خططها. و لما كانت نافرة من ان تطلب شيئاً من ايثان فقد قررت ان تبحث بنفسها عن شئ مناسب.


اخذت اصابعها تتحسس الدرابزين المصنوع من خسب البلوط, الذى يحاكى الزجاج في لمعانه.
ليست والدتها وحدها بل اجيال من النساء قمن بتلميعه. اخذت تنظر إلى كل تفاصيل المكان بعينين ملييئتين بالانفعال: الستائر المهلهلة و درف اللنوافذ التى دب البلى في خشبها, و التماثيل و الدمى الغيرة المعدة للتجميل و تزين المكان, و قد كُدست فوق بعضها. جهاز التليفون كان هو الشئ الوحيد الحديث في غرفة النوم الريئسية. و اخذت تتحسس كالحالمة اغطية السرير ذى القوائم الاربعة, ثم وضعت خدها على الستارة المخمليةـ ما الذى تفعلينه هنا؟!
قفزت و رفعت عيناها المذعورتين نحو ايثان:
ـ لقد كنت ابحث عن قلم و بعض الأوراق.
ـ هنا؟ في غرفة امى؟ ام انك كنت تتجولين في المكان تقدرين حجم غنيمتك؟هزت رأسها منكرة:
ـ لا تكن غاضباً منى, هذا ليس عدلاً.
و زمجر قائلاً:
ـ ليس عدلا؟ انت, يا من لا تنتمين لـ آل تريمين بصلة, تستحوزين على المكان بوسائل شريرة خسيسة, ثم تدعين ان غضبي ليس عدلاً؟قالت ممتعضة و هى متجهة إلى الباب:
ـ لا جدوى من الحديث معك.
و مد يده ممسكاً إياها. و وقفت منتظرة في صبر ان يمل إزعاجها, متذكرة عدم جدوى مقاومته. سألها محتداً:
ـ هل ستجعلين من هذه الغرفة غرفة نومك؟ فردت متحدية:
ـ و ماذا لو فعلت؟ إن المنزل ملكى, افعل فيه ما اشاءفسبها قائلاً:
ـ ايتها الفاجرة,لا اتصورك هنا ابداً.
و رفعت حاجبيها ساخرة:
ـ اهذا نتيجة لمشاعرك, ام ترانى يجب ان اقبع في مكان الخدم؟و سري الرعب في جسدها لطريقة نظراته إليها.
ـ يبدو ان لك اخلاقاً مبتذلة, لا تتورعين عن بيع جسدك لقاء ما تريدين الحصول عليه من معلومات.
وزأر في وجهها مشدداً من قبضته:
ـ ان نساء مثلك لا ينتمين لهذا المكان.
وردت عليه بنظرة باردة كالثلج:
ـ لم اكن لاسمح لك ان تنال من جسدي, بل اننى اتقزز للمستك في الواقع.
و كانت هذه كذبة, فضغطة ابهامه على ذراعها البض كانت تشق طريقها إلى اعماقها. و إذا لم تتحرر من قبضته على الفور, او تهينه حتى يتركها متقززاً, فلن تستطيع ان تحافط على انتظام انفاسها, و سيعرف على الفور, كم هى متمتعة بلمساته و سألته بلهجة من ضاقت به ذرعاً:
ـ كم من الوقت تنوى ان نظل واقفين هكذا؟ عن هذا لا يخدم اى غرض. انك تتصرف بطريقة غاية في الإملال.
اسودت عيناه حتى رأت الغضب فيهما متجسداً. لقد اساءت تقدير ما هى فيه من خطر. و اخذ ابهامه يدير لحم ذراعها حتى بدا ان جسدها كله قد تركز على تلك البقعة و قال برقة:
ـ اننى اريدكردت عليه:
ـ بل تريد كارنوك و ليس انا.
ـ اريد كليكما استطاعت بصورة ما ان تضحك, و امألت رأسها في تحد متعال تبين له انها ليست خائفة منه, ثم قالت في هدوء, مبتسمة:
ـ يا للخسارة, أنك لن تنال ايهما.
جاوبها في هدوء:
ـ بل سأفعل, لانك سرعان ما ستريديننى انت ايضاً. و لن اترك يوما يمر بك الا و انت تفكرين فىّ و ترغبيننى.
غامداً نصلاً من السرور في قلبها للهجته الفياضة بالمشاعر. إنه في منتهى الصلف و الثقة منها. لقد استمر في السخرية إلى ان اجبرها على الاعتراف بجاذبيته.
و قالت له هازئة:
ـ اننى محصنة ضدك... و خصوصاً بعد ان اهنت اسم والدتى و بعد ان بينت انك لا تبغى الا لذة الجسد فقط .
وشدد من ضغطته على ذراعها و قال من بين اسنانه:
ـ إنك امرأة قوية و لكننى اقوى منكـ لو تورم ذراعى فسوف اشكوك إلى القضاء بتهمة العدوان.
فقال لها ثائراً:
ـ اعطينى سببا واحداً يمنعنى من ان ادق عنقكـ لأن الضيعة ستؤول حينئذ إلى الدولة.
و خفف من قبضته قائلاً:
ـ لقد كسبت الآن.
قالت و هى تتفحص اثار قبضته:
ـ الصحيح ان تقول اننى كسبت و إلى النهاية.
عد إلى منزلك الجميل ايثان و دعك من احلامالعودة إلى هنا.
ابتسم بمرارة:
ـ هذا لن يكون.
راقبته ينصرف, ثم تنهدت بارتياح, مختلطة المشاعر. إنها تتفهم حبه للمنزل, و اصراره على الا يفقده. لكن تعاطفها هذا يشوبه اسلوبه ف محاولته للوصول إلى هدفه.
لكن.... ليس لها ان تنكر انها وجدته مثيراً للاعجاب. انتعتها قبلاته, اثارت فيها مشاعر لم يثيرها رجل من قبل, تدفعها لمحاولة التعرف عليه اكثر, و محاولة تحويل الرغبة الجسدية إلى شئ اكثر رقياً.
و لكن طالما حاول اغراءها و السيطرة عليها, و كان هذا مستحيلاً, وجب عليها ان تظل متباعدة عنه.
و بعد مدة, قرت ان تكف عن التفكير في ايثان. و ان تنصرف إلى استكشاف المنزل. و رأت انه لا بأس به عموماً, إلا من بعض اثار الرطوبة. و حين وجدت ما تكتب به, أخذت تسجل افكارها كما رأت في جولتها, تمهيداً لأن تطلبها من سمسار العقـــارات بعد ذلك.
توقفت عند النافذة, فوجدت الطائر الاسود لا يزال مشغولاً بدس الاغصان في الشجرة. ربما تذهب إلى المكتبة عصر ذلك اليوم, فليس لديها ما يشغلها. كما انها لا تملك لفرط إجهادها هذا الصباح إلا ان تجلس طلباً للراحة. و كان ايثان في الصالة يشترى سمكاً من احد البائعين, حين رأها تبحث في دليل الهاتف فسألها:
ـ ماذا تريدين؟فردت ببرود:
ـ تاكسي.
ـ إلى ان؟ إلى المحطة؟ـ لا تتمادى في احلامك. انا ذاهبة إلى بلايوت.
ـ سوف يكلف هذا ثروة, سوف آخذك إلى هناك. انتظرى حتى اضع السمك في الثلاجة.
ـ بل اريد ان اذهب بمفردى.
ومضت تقلب في الصفحات.
ـ هل تزعمين شراء بعض الأشياء؟ اخشي الا يتبقى شئ من ثروة امى حين تؤول إلىّ, طالما دابت على هذا الاسراف.
ـ فكرة جيدة. في الواقع كنت ازعم التواجه إلى المكتبة, لكن لا باس ايضاً في بعض المشتريات.
و قال ساخراً:
ـ مكتبة؟ أنت؟ـ طالما سأظل هنا إلى الأبد. يجب ان اعرف اشياء عن الطيور التى تعيش في حديقتى و تعشش على اشجارى.
ـ لا تسرفى في التفاؤل.
و ابتسمت ابتسامة واهنة و اخذت تدير القرص, و لكنه هوى بيدها على الهاتف قاطعاً الخط.
ـ لدى الكثير من الكتب عن الطيور, يمكننى ان اعيرك اياها.
ـ ليس في المنزل كتب ولا مكتبة.
قال عابساً:
ـ بعض الكتب اُرسلت لاعادة التجليد, و بعضها اخذتها إلى منزلى لتحفظ بطريقة افضل, و البعض في غرفة نومى, الم تريها؟عندما هزت رأسها نافية قال:
ـ سوف احضرها خلال دقائق.
اتجه إلى المطبخ و سمعت باب الثلاجة يُفتح, ثم يُغلق. اتجهت إلى النافذة, في الوقت المناسب تماماً لكى ترى احد الطيور يسير متباهياً, ثم سمعت صوت طائر فوق رأسها فقال إيثان و هو قادم من خلفها:
ـ اسمعتِ تلك الصيحة؟ـ إنه النورس, احد طيور البحر, اين هو؟ فقال هازئاً:
ـ بل هو الصقر الحوام. انه له صيحة احد و اقصر, اشبه بمواء القط, انظرى ها هو.
حملقت في اعجاب شديد. و كان هناك ثلاثة منه في الواقع, تنساب في الهواء دون ان تصفق باجنحتها . و ملئت مفسها بالإجلال لهذهالمقدرة لطائر بهذا الحجم ان يظل في الهواء بهذا الشكل, و استدارت لتقول شيئاً لـ إيثان فوجدته قد انصرف, فشعرت بخيبة امل, إذ لم يكن بجوارها ليشاركها سرورها. و لكنها عزت نفسها قائلة: ربما كان ذلك افضل. و عاد ليدس بين يديها كتابا عن الطيور و انصرفت هى إلى الششرفة لتستغرق في جمع الملاحظات لم تكون واثقة انها ستعيها كلها في ذاكرتها.
كان الطائر الاسود يسمى غراب الزيتون, و دققت فيه النظر فرأت ان له راساً رماديا و استغرقت في قراءة طباعه.
ـ يدهشنى هذا منك, لقد ظللت ساعات بلا ملل او كلل.
و رفعت رأسها و عيناها تشعان لما اكتشافته, و لكنه اشاح ببصره عنها, وكان واضحاً عدم اهتمامه باكتشافاتها الجديدة. فكلها ليست جديدة عليه بالقطعو تضاءل حماسها.
و قال باقتضاب:
ـ لقد تناولت مع انابيل عشاءاً مبكراً. و سوف نغادر المنزل بعد فترة. و ليس بالمنزل لبن, فإن اردتِ شيئاً فعليك ان تحصلى عليه بنفسك.
وردت بسهرية:
ـ لست ماهرة في حلب الابقار.
القى إليها بمفاتيح:
ـ خذى سيارتى الأخرى استديرى يسارا بعد الممر ستجدين جرنابة اللبن في زجاجات و لا تنسي ترك النقود.
قالت و هو يعود ادراجه:
ـ الناس هنا يثقون ببعضهم البعضتجاهلها, تنهدت, ثم اخذت حقيبة يدها و اتجهت إلى الجراج و كانت سيارته الثانية قديمة فقادتها عبر الممر بعصبية متبعة الاتجاه الذى ذكره لها و كانت الطرق ضيقة كثيرة الانحناءات و التعاريج, اضطرت إلى استخدام بوقها مرات عديدة و ذلك ادخل السرور على قلبها, الأزهار تحف بالطريق و تحتك بجانبى, كلما تعرفت على نوع منها ازدادت سروراً. و اخذت حاجتها من اللبن و دهشت لكمية النقود الموضوعة فوق المائدة في الجرن ثم عادت ادراجها.
و مرقت ومضة صفراء امام عينيها, فشدت انتباهها لحظة متسائلة ان كان هذا نقار الخشب, لم يكن لديها وقت لتطلق النفير قبل دخولها منحنى حاد.
و شهقت لرؤية جرار زراعى ضخم متجها نحوها. و ضغطت على دواسة المكبح بكل ما تملك من قوة, و لكن الجرار ظل متقدماً نحوها. و لم تحاول لفرط حنقها ان تتشابك بالكلام مع السائق, و اطاحت بناقل السرعات في اتجاه السير إلى الوراء.
لم يكن ذلك بالأمر السهل, فقد ضللها ضيق الطريق عن ان تُقدر المسافة التقدير السليم, فاحتكت جوانب السيارة و هى تعود مجبرة, و لكن الرعب تملكها و هى ترى ان السائق كله إصرار على الاصطدام بها بكل عنف.



التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 08-09-15 الساعة 06:15 PM
Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-15, 06:01 PM   #9

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الـــفـــصـــل الـــســـادس

اخذت روكسي تجاهد للحفاظ على حركة السيارة, و تحذر السائق في نفس الوقت باضواء سيارتها. و وضح في ضوء ومضات السيارة المتلاحقة أن السائق كان ملثناً بطريقة غير عادية بالنسبة لذلك الوقت من السنة و ان الأمر لا يمكن إلا ان يكون مقصوداً, و تقلصت امعاؤها....
و اخذت تدعو ان تصل إلى الساحة الموجود بها محل اللبن قبل ان يصدمها.
و لكن الجرار كان قد صدم واقى التصادم لسيارتها قبل ان يبدأ في التحرك للوراء.
جلست روكسي تنتفض.
ـ عفوا آنستى!
التفت روكسي فوجدت ريفياً مرحا ينظر إليها من خلال السيارة ـ اتسمحين ان تتنحى جانباً حتى امر ببقراتى.
و تابعت حركة رأسه بعينيها, فوجدت قطيعاً من البقر متجها نحوها, و كان هذا يفوق اتمالها, فهزت رأسها كالخرساء اتجهت إلى جانب الطريق لا تكاد يداها تمسكان بعجلة القيادة.
كزت على اسنانها, إن قائد الجرار لم يتراجع عن سحقها إلا لرؤيته قطيع البقر! و خطر لها و هى ترد على صيحات شكر الريفى بتلويحة ضعيفة, إن سائق الجرار إما ان يكون رجلاً من المنطقة , يحمل ضغينة خاصة للغرباء, او .... و تملكها الغثيان. اودعت السيارة الجراج بعناية, ثم اتجهت إلى الداخل وصبت لنفسها شراباً.
لقد طلب منها ايثان ان تذب لشراء اللبنو بين لها الطريق, و اعطاها المفاتيح, فهو الوحيد الذى يعلم اين ستكون!

اخذت تذرع المكان. لا يمكن ان يكون هذا صحيح. لا يستطيع ايثان ان يلعب هذه اللعبة الخطيرة معها. ورنت في رأسها عبارته: (اى شئ) واخذت تحملق في الفضاء.
لم يعد إيثان إلا متأخراً, إذ انتظرته روكسي حتى ملت و ذهبت إلى الفراش في الوقت الذى وصل هو فيه. فاندفعت كالعاصفة الهوجاء غضبا إلى الطابق السفلى, غير منتبهة, او عابئة لملابس نومها التى ترتديها, و هى لا تغطى إلا النذر اليسير من جسدها. فهو على اية حال لن يتجرأ على فعل اى ئ و اخته بجواره.
لكنها توقفت بارتباك حين راته وحيداً.
اما هو فقد اخذ يلتهمها بعينيه, ثم قال بنغمة ممطوطة:
ـ مرحى مرحى, يا له من استقبال حافل لرجل يعود غلى منزله.
اندفعت قائلة:
ـ ماذا تعرف عن الجرارات التى في ذلك الطريق؟و اشارت بإصبعها مؤماة ان يكون الاتجاه صحيح. ابتسم و قد بدت اسنانه ناصعة, همهم قائلاً:
ـ اعلم عنها أنها ضخمة. مطاية باللون الأحمر, كثيرة الضوضاء....
صرخت فيه:
ـ انت تعلم ما اقصد, ذلك الذى صدمنى اثناء القيادة.....
و ثار:
ـ ماذا؟ سيارتى.....
ـ سيارتك؟ و ماذا عنى انا....؟ـ انك في احسن حال, اليست كذلك؟ـ بدنياً , نعم, و لكن الأمر تطلب كأسين من الشراب حتى تمالكت نفسي.
غمغم:
ـ هل انت ثملة مرة أخرى؟ـ لا, لست ثملة. و الآن, ماذا عن الجرار, هل كنت تحاول أن ترعبنى؟انفجر ضاحكاً: بجرار؟ انا لدى وسائل افضل.
تقدم منها عدة خطوات و هو لا يزال مبتسماً فتباعدت عنه و هى تغلى من الغضب.
ـ ابتعد عنى, لقد كنت تحاول قتلى...
ـ لا تكونى سخيفة. من الأفضل ان تحكى لىّ عن ذلك الجرار.
استمع إلى القصة بابتسامة باهتة, ثم ذهب ليفحص سيارته و حين عاد سألها باقتضاب:
ـ هل صدمك الجرار من جانبي السيارة؟ـ لا.
ـ إذن فالخدوش التى على الجانبين من فعلك أنت و بالمثل ما حدث لواقي التصادم؟ اتريدين ان تُلقى باللوم على احد حتى لا تبرهنى على سوء قيادتك؟ـ لقد ذكرت لك, لقد تعمد الرجل أن يسبب الحادثة, و ان يرعبني.
فزمجر قائلاً:
ـ لا اريد قصصاً خبيثة, اريد اصلاح سيارتى.
علمت ان لا جدوى من مجادلته, فرمته بنظرة متعالية, و اتجهت إلى السلم.
و جاءها صوته ببضع كلمات غزل بذيئة, تبعها بضحكة مجلجلة.... يا له من خنزير قذر.
اوصدت عليها بابها رغم ما ذكره لها من قبل عن الأمان في المنطقة فإذا كان اهلها يؤمن جانبهم, فهى لن تُدخل ايثان في ذلك التعميم. وراحت في نوم عميق في السرير الضخم, و قد هدتها احداث اليوم و ساعدها هواء الريف.
استيقظت كاليوم السابق على شقشقة الطيور, و اوحى لها ذلك بما يجب ان تفعله كخطوة تالية. ان تحضر مسجل صوت لتتعرف على اصواتها. ابتسمت للفكرة.
حين نزلت مرتدية نفس ملابس اليوم السابق, وجدت مذكرة تخبرها ان انابيل قد انتقلت الليلة الماضية إلى المنزل الأخر و انه قد اتجه إلى عمله.
رائع! انها وحيدة! جهزت لنفسها شريحة ضخمة من عسل النحل و اخذتها إلى الشرفة التى كانت دافئة هذا الصباح.
بعد فترة ذهبت تتمتع بالتجوال, عالمة أنه ما من احد سيزعجها. و مضت تتحسس لحاء الأشجار و تداعب ما يصادفها من ازهار برية , و تتنسم عبيرها الفواح و ساد الصفاء نفسها التى غمرتها السعادة, فتباطأت حركتها عن حماسها المعتاد, ومضت تقطف من الأزهار حتى لم يعد لديها متسع للمزيد.
ولكنها لاحظت عند عودتها ان ارض المرجة قد تناثرت بها الحفر.
فاتجهت مقطبة الجبين إلى السور النبات وافزعها ان تجد قطيعاً من الأبقار يتجول في المنطقة بحرية يرعي العشب.
تراجعت مذعورة ثم انطلقت إلى الشجيرات لتج طريقاً بديلاً إلى الباب الأمامى و اعياها اليأس إذا رأته موصداً, لم يستجب لطرقاتها و رجها العنيف.
كانت الابقار قريبة بصورة مرعبة. هذا إن كانت ابقاراً, فهى لم تستطيع رؤية اى ضروع لها, و حبست انفاسها, جف حلقها من الخوف, إنها ذكور ابقار او ثيران مهما كان اسمها.
حاولت ان تحافظ على رباطة جأشها, هرعت إلى الباب الخلفى, لكنه كان موصداً ايضاً, و دب الذعر في اوصالها. لم يعد امامها سوي باب واحد هو باب الشرفة.
كانت قد فتحته في الصباح, و لم تغلقه و اختلست النظر بحذر حول ركن المنزل. و كانت الثيران الصغيرة ترعى في اطمئنان عند السور الأمامى للشرفة, عليها ان تكون غاية في السرعة حتى لا تهاجمها و نظرت بعصبية إلى قرونها و طمأنت نفسها بانها على الأقل لم تكتمل بعد.
اخذت نفساً عميق و ركضت. و تراجعت الفحول قليلاً جافلة و انتهزت هى الفرصة لتصل إلى مقبض الباب و تديره. إلا ان الباب لم يُفتح ايضاً.
وصرخت فيه متوسلة:
ـ أوهـ, ارجوك, افتح, ارجوك!
سمعت قعقعة وراءها و وقع الحوافر على الحجر, فتجمدت مكانها و ترددت انفاسها سريعة. ادارت رأسها فرأت احد الثيران قد اتجه إلى الشرفة, قادماً إليها خافضاً رأسه و هو ينخر, و اخذت تصرخ للباب أن ينفتح, و هى تدير المقبض كالمجنون.
احاطت بها الحيوانات في ثوانى, فوقفت وسطها مشلولة الأوصال لا تتجرأ على تحريك عضلة. لم تكن العجول تهددها في تلك اللحظة, بل كانت تحاول ان تسحقها, بينما بدأ واحد او اثنان بلعق جسدها بلسان خشن و شعرت بنفسها تنتفض من داخلها.
لم تدرك كم مضى عليها و هى ملتصقة بالباب, منكمشة على نفسها.
لم يدب الارتياح فيها إلا حين سمعت صوت سيارةـ هاى, هاى, هاى!
همست باسم ايثان بشفتيم متجمدتين و الحيوانات تتراجع ببطء وصاح فيها:
ـ ماذا.... روكسي! ماذا تفعلين هنا بحق السماء؟فغرت فاها باقصى اتساعه. امرها بخشونة:
ـ تنحى جانباً يجب ان اطلب المساعدة تليفونياً فلن اتمكن من ابعاد هذه الحيوانات عن العشب دون مساعدة.
قالت و هى تتنفس بصعوبة:
ـ ان الباب مرتجاختنقت بعدم تصديق لقسوة قلب ذلك الرجل. عبس ايثان في وجهها و بدأ يحاول فتح الباب, قالت و رعشة في صوتها:
ـ لقد قلت لك انه مرتج. لقد ظللت ساعات ملتصقة بالباب و بهذه الحيوانات المتوحشة. تباً لك! الا يهمك اننى اُنقذت باعجوبة من الموت و قد كنت سأسحق باقدامها سحقاً؟توقف عن محاولة فتح الباب, نظر إليها بدهشة, ثم انخرط في الضحك و ظل يقهقه إلى ان مالت رأسه إلى الخلف و اصابه الإعياء.
عضت روكسي شفتها حتى لا تنهال الدموع من عيونها وقد بدأت تتجمع بالفعل.
وحين رأى ذلك حاول ان يتحكم في نفسه, و قال مبتسماً:
ـ روكسي أنها لست فحول. فردت باصرار:
تبل هى كذلك, فلم ارى لها ضروع.
إنها لست جاهلة بالريف إلى هذه الدرجة و واصل الضحك:
ـ روكسي, انها لا تزال صغيرة لم تبلغ سن النضج.
ـ لقد كانت تهددنى....
ـ بل كانت فضولية, انها تحب البشر. و كانت ستنصرف عنك فور صيحة منك او تصفقية من يديك.
كانت الرقة واضحة في صوته. و عادت الابتسامة العريضة على وجهه:
ـ اننى آسف, لكن جهلك مضحك للغاية.
و عادت تعض شفتها في حنق, و قالت بصوت منخفض:
ـ اننى لم اتمكن من الدخول و كنت في غاية الرعب.
احاطها بذراعيه قائلاً:
ـ لا عليك, ان الآن بجوارك و لن تنالك البقرات بأذى إلا إذا رأيت ان تصفى تحت حوافرها. هيا إلى الداخل حتى يهدأ روعك ثم ارتب شيئاً لإخراجها. و إن كنت أخشي ان تكون قد أُغرمت بمرجتى. عبيس... اقصد مرجتك.
ادار المقبض و دفع الباب ثم قال بدهشة:
ـ ان الباب مصمغ من الخارج.
رمته بنظرة متحيرة ثم انحنت لتفحص الباب و سرت رعدة في جسدها و قالت هامسة:
ـ لم استطيع فتح الباب الأمامى و الخلفى ايضاًـ متأكدة؟ـ تماماً.
تناول ايثان مظلة كانت وسط المائدة على الشرفة, دفع بها زجاج النافذة ثم هشم يبها بقايا الزجاج ليتمكن من ادخال يده, فتح النافذة من الداخل, و دفع روكسي إلى الداخل, اخذاً إياها إلى المطبخ دون كلمة واعد لها قدح من الشايـ سوف اطلب رجلين ليدفعا البقرات إلى المرعى الخارجى, ثم سأذهب لفحص البابين الآخرين..... حسنا؟ـ نعم, شكراً. ايثان... ما الذى يجري هنا. إن احداً ما يحاول بث الذعر في نفسي.
ـ اشك ان احداً ما يصل به الأمر إلى هذا الحد انها مجرد صدف بحته.
سألته و قد اتسعت عيناها وسط وجهها الشاحب :
ـ و الأبواب؟ربت شعرها برقة و ود لو تلقى بنفسها عليه التماساً للراحة بين ذراعيه:
ـ مجرد مزحة عملية, لقد اككتشف احد الصغار قوة الصمغ فراح يجربه على ابوا منازل القرية.
ـ لا ادرى ماذا سيحدث بعد ذلك.
ـ اشربي مشروبك, فهذا جزء من متعة الحياة في الريفوضعت قدحها بعنف و سألته:
ـ هل خططت انت لكل هذا؟صاح فيها:
ـ ما هذا الهراء الذى تتفوهين به؟ اتظنين أننى اترك البقرات لتفسد مرجتى؟سيستغرق الأمر فصلاً كاملا لتعود إلى سابق عهدها, ثم انى لم اصمغ الأبواب فلابد ان تُنزع من إطارها لإصلاحها و هى ابواب من طراز جورجي بديع, لو تحطمت لن يفيد فيها اى اصلاح.
فردت مجادلة:
ـ هذه هى النقطة, إنها لست مرجتك, و لا بأس ان تُضحى ببعض العشب و الأبواب إذا اردت ان تفزعنى لافر من كارنوكقال ببرود:
ـ سأعود حين تكونين على استعداد للاعتذار و الانصراف.

صعدت إلى الطابق العلوى, راقبته في تعاسة و هو يحاول دفع القطيع إلى بوابة على بعد, رأت انها مفتوحة, لقد فُتحت بواسطة شخص ما, مصادفة.... أو عمداً.
وصنعت لنفسها عشاء دون رغبة فيه. ربما تسرعت في الحكم, ان المر لا يعدو سلسلة من المصادفات. لقد وجد إيثان و الرجلان الآخران صعوبة جمة في طرد البقرات, رغم مساعدة كلبين في العملية.
و بدا غاية في الغضب, و قررت ان تجعل الشك في صالحه.
وراته يدخل من الشرفة و الشرر يتطاير من عينيه. رفعت كفيها غليه قائلة:
ـ حسناً, اننى اعتذر. لقد كنت في منتهى الغباء, و اقر بذلك.
رأته ممسكاً بأنبوبة صمغ, فرفعت عينيها فيه متسائلة, فقال:
ـ لقد وجدت هذه في سيارتى التى كنت تركبينها.
فسألته:
ـ حقاً؟ـ و الآن, لقد اقررت بنفسك.....
ـ اقررت اننى كنت غبية حين تصورت ان تلك البقرات على انها فحول, و ربما كنت مخطئة حين تصورت أن احداً ما يدبر كل هذا لىّ, لكن لا يمكننى ان ادبر انا كل هذا.
قال و صوته الناعم مفعم بالتهديد:
ـ لقد كانت البوابة الأمامية مفتوحة, و هو شئ لم يفعله احد من المنطقة. فكل انسان هنا يعلم انه من المحتم افبقاء على البوابات مغلقة, لمنع القطعان من التسلل. ربما فعلت انت ذلك, دون ان تفكرى في العاقبة.
صرخت في غيظ:
ـ و ما الفائدة التى سأجنيها؟قال من بين اسنانه و عيناه تلمعان:
ـ لا ادرى اى لعبة تلعبينها يا روكسي, إذا ما كنت تريدين ان تشعرينى بالشفقة عليك, فقد كان تمثيلك رائع إنذاك, بلهجتك السوقية, ثم دور الإغراء الذى قمت به.
و صاحت محتجة:
ـ كلا, انك مخطئ, لا يمكن ان ارعب نفسي بتلك الصورة, و لقد رأيت بنفسك مدى ما كنت فيه من رعب.
فلوى شفتيه:
ـ لقد كنت اشفق عليك, فهل كنت تحاولين ان احاول ان اهدئ من روعك؟ صرخت فيه:
ـ إنك مقزز.
قال بنعومة:
ـ لا اظن ذلك, إنك امرأة ثائرة الغريزة, و لا استبعد منك ان تختلقى مشهدا كهذا, تلعبين فيه دور المرأة الضعيفة, لأقوم انا بدور الرجل الحامى لك .
قالت بلا انفعال, و قد ساءها ان يظن بها السوء لهذه الدرجة:
ـ انك سخيف.
اختار جهاز التليفون هذه اللحظة ان يرن لينقذها من نظراته المهددة فهرعت لترد عليهو جاءها صوت من الطرف الآخر:
ـ إيثان.... اهو انت؟فقالت بعد جهد:
ـ لا, أنا روكسي.
رد عليها الصوت بوقاحة:
ـ آهـ, أهو انت؟ أنا انابيل تريمين, اريد ايثان.
فصرخت فيها :
ـ ها هو ذا معك.



التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 08-09-15 الساعة 06:17 PM
Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-15, 06:36 PM   #10

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الـــفـــصـــل الـــســـابـــع

ادارت روكسي على عقبيها و وضعت السماعة جانباً في عنف , و ايثان يحملق إليها, قال بحدة:
ـ اختك و اشارت إلى التليفون وقطب جبينه:
ـ لم يكن لم ان تصرخى هكذا التقط السماعة و غطاها بيده.
ـ انك تعلمين انها ليست بخير, و لا اريديك ان تكدريها اكثر ممت فعلت بالفعل.
فردت بهدوء:
ـ لماذا لا تخرجا كليكما من حياتى؟و جفل ثم انتبه إلى السماعة في يده, و كان صوته اخته يكاد يُسمع و هو يتذمر و استندت روكسي إلى الحائط مشبكة ذراعيها, فهى لن تهرب منه. و سوف تحسم المر معه.
و قال ايثان برقة:
ـ انظرى, علىّ ان اخرج القطيع, ثم اضع بعض اللواح على النافة. تناولى انت عشاءك, و سوف احضر باسرع ما يمكننى.
انهى المكالمة, بعد عبارات التوديع المألوفة, و تسائلت روكسي عما يكون السبب الذى دفعه لأن يلاطف اخته بهذه الطريقة و ذُهلت للغيرة التى شعرت بها.
و قال لها باقتضاب:
ـ يبدو انم تريدين الحديث معى.
ـ اريدك ان تغادر المنزل الليلة , فلا اريد ان اُغتصب في فراشي.
نظر إليها ملياص و قال بهدوء:
ـ لا اعتقد اننى سوف اضطر إلى ذلك, فسوف تكونين قد دعوتنى بنفسك اولاً.
و رفعت رأسها بتحد, منكرة ما يعتمل في نفسها بتأثير كلماته, و قالت:
ـ هذا لن يكون, لأنك لن تطأ كارنوك بقدمك بعد الليلة.

و رأت الجزع في وجهه, و بدت عيناه كبحر مقفر قصي, و قاوم عقلها جسدها, فهى تريد ان تحبره بأن المنزل منزله, و انها تريده بكل كيانها... ان تقول اى شئ يخفف ما هو فيه من بؤس, و ما هى فيه من إشفاق يعتصر قلبها.
ثم ارخى جفنيه, و عاد مبتعداً و ساكناً كاول يوم رأته فيه. تلك الصورة التى لا تفتا تلاحق ذهنها. و قال في هدوء:
ـ ربما انت على حق. قد يكون من الأيسر لكلينا ان ارحل. سوف اخذ حاجاتى, هل تظنين انه يمكنك التصرف مع النافذة المكسورة؟ـ سوف ارسل في الغد من يضع الواحاً عليهاو لم تنتبه إلى تعليقه حول النافذة, إذ كان هقلها مشغول بالتصالح مع خروجه كلياً من حياتها. و بعد لحظة, نظرت إليه مذعورة:
ـ لا يمكن ان تترك المنزل هكذا مفتوحاً للرياح, و ماذا عن اللصوص؟و مد يده بغيظ إلى شعره, و اخذ يتخلله باصابعه, و بدأت الخصلات تنزل على جبهته, و شعرت ان روحها ترفرف داخلها.
ـ لن يكون هناك رياح ولا امطار, و ستكنين في منتهى الأمان.
قالت و هى تضم يديها في عصبية, و توشك على البكاء:
ـ و ماذا لو عاد صبيان الصمغ؟راح يمسح وجهها بعينين باردتين ثم قال:
ـ حسناً, سوف اغلقه بلوح الآن, و اُرسل من يعيد الزجاج غليه في الغد. و سوف اتدبر امر اصلاح البواب, و يمكنك استخدام النافذة لو اردت الخروج. و إذا ما صادفتك مشكلة فرقم تليفونى هو 543قالت و هى لا تتجرأ ان تقترب منه حتى لا تتخاذل امامه, و لو فعلت فسوف يزدريها مرة أخرى:
ـ شكراً لك, و داعاً.
خيم الصمت بينهما و هو يتفحصها بعينين مسبلتين الجفنين, و كانت واعيه لتنفسها المضطرب و الألم العميق الذى يحز في قلبها, مقلصاً امعاءها.
صرخت و هى تشيح له بيدها, و كأنما تريد ان تزيح المغناطيس الذى يجذبها إليه بعنف:
ـ هلا انصرفت!
وضحك ضحكة خفيفة, ثم صدع للامر.
أخذت تذرع الغرفة جيئة و ذهابا, كنمر محبوس في قفص, تتقاذفها المشاعر و الأحساس باليأس, تدق بقدمها على الأرض في عنف, تحاول إخراج ايثان تريمن من عقلها, و جسدها الثائر بالرغبة, مع كل دقة عنيفة من قدمها.
و لك اذنيها كانت مع كل صوت يصدر منه, و هو يثبت اللواح, ثم يسير عبر الشرفة إلى سيارته.
طوحت برأسها إلى الوراء و آنت في حنق. ان هذا الرجل يدمرها تدميراً, و كانت تقاوم رغبة في الجرى إلى النافذة لتراقبه و هو يسير مبتعداً. ثم اطلقت ولولاة يائسة, و هرعت غلى الصالة, و اختبأت وراء ستارة تغطى النافذة العريضة بجوار الباب الأمامى.
كان جسده مشدود من النفعال, و كانت حريصة ألا يضبطها تتلصص عليه.
و توقف بجوار السيارة, معطياً ظهره العريض لها, معطياً إياها الفرصة لتتأمله في اشتياق للمرة الأخيره اعجاباً بكتفيه العريضتين و خصره الرياضى, و بدأ يلتفت ببطء, واضح انه لم يكن يريد ان ينظر إلى منزله الحبيب, لكنه غير قادر على الابتعاد عنه دون ان يُلقى عليه نظرة وداع تظل محفورة في ذاكرته.
و فكرت في تعاسة ان موقفه هذا مشابه مشابه لموقفها, و هى تطلع إليه بعينين ملؤهما الرغبة. هى ايضاً تلقى نظرة اخيرة لمن تحب.... و عبست. كلا أنها لا تحبه ليس الأمر سيان على الإطلاق. و بدأ قلبها يدق بعنف و هو يرفع رأسه, مرخياً لعينيه العنان لتمسح واجهة المنزل و اوشكت ان تنتحب لرؤية وجهه.
لم يحدث في حياتها قط ان رأت إنساناً يلوح عليه القنوط, و التعلق بهذا الشكل.
لقد اطلق لمشاعره العنان لأول مرة متصور أن احداً لا يراه – لا يخفى منه شئ. لقد كانت ترى فيه من قبل عينين تطلقان الشرر, و شفتين تنفثان الحمم.
و انفرط قلبها حزنا لمرأى رجل بتلك القوة و الكبرياء, يقف بائساً متخاذلاً, كسير النظرات.
و انسحبت و هى تنتفض , لا تريد أن ترى المزيد, عالمة انه يجب تعيد النظر في قرارها بحرمانه من المنزل. ربما كانت مخطئة.
تعلقت متخاذلة بالستائر السميكة. ربما كان عليها ان ترضخ لقوة الأجيال غير المنظورة و تعيد كارنوك إلى واحد من نسل آل تريمين.
ربما كانت السيدة العجوز على حق حين حرمت ابنها في وصيتها, لكن ماذا عن المدى البعيد؟ماذا عن الأجيال القادمة؟و خطر ببالها فجأة انها لا تريد غريباً في المنزل, فلو عادت إلى لندن و سلمت الأمر لسمسارعقــارات, فمن اين لها ان المشترى الجديد سوف يهتم بالمكان كما يجب, يحترم الالتزامات التى يتطلبها, و ينفق الأعوام التالية في إعادة التشجير و الزرع. و قطبت جبينها. اى انسان قد يشترى المكان, ليكون بين يدين مججردتين من الشعور لشخص جاهل يدمره. و لن تسمح هى بذلك. و رفعت رأسها و ابتسمت بآسي بعد دقائق من الإقامة في المكان, اعتبرت نفسها فتاة ريفية, ينبض قلبها و روحها بحب كارنوك! كما انه ... لندن ليست مدينة تبتعد مئات الكيلو مترات. إنها حياة جد مختلفة. و اقل امتاعاً و راجعت نفسها في قلق. ما هذا الذى توله؟ إن لديها اعمالاً يجب ان تتابعها. الافتتاح في بريستول .... آنت داخلياً لشعورها بالوقوع في شرك انها لا تريد العودة. لا تريد ان تعود إلى المكتب و تقبع خلفه, و لا للاستيقاظ على اصوات السيارات الفارهة, ولا اصوات الكؤوس تقرع في الامسيات.
لا تريد ان تقضي بقية عمرها في صراع في اثناء ساعات الذروة بين العجلات و الصفقات.
تشق طريقها بين البريد, و غصدار التعليمات و وضع التخطيطات و المداهنة و النفاق.
و اتسعت عيناها لهذا الاكتشاف الذى دوى في عقلها دوى الرعد. أنها تريد ان عيش هنا في كارنوك. ان تبتسم لطائر الذعر الارقط و هو يمرح في المرجة.
ذلك الطائر المتناهى الصغر, الذى ينتفض ذيله بلا انقطاع و كأنه مذعور, لا تهدأ لجسده الصغير حركة. ان تراقب الشمس في غروبها وراء التلال, مرسلة اشعتها على المروج, ان تراقب الفواكه و هى تنضج على الأشجار. و تسير تحتها حافية القدمين فوق العشب الأخضر. و تملك روحها حنين دافق ملأ جسدها بأكمله لـ كارنوك! ادركت هذا بصدمة هزت كيانها. انها تريد اثيان ايضاً. إن المطلبين يسيران جنباً إلى جنب, لا يفترقان يملأن عقلها و روحها, مكتسحان ما عداهما.
أنها تريدهما معاً, لتكتمل سعادتها و هناءها. اوهـ, يا لهذا الجحيم. ان ترى فردوسك ماثلاً امامك, و لا تستطيع الدخول فيه! هاهى ذى تحس بمشاعر ايثان حين يطرد من مكان احبه.
ان الموقف ينبئ عن احلامها غير القابلة للتحقيق, فليس امامها سوى احد الحلين, لا يروق ايهما لها. اما ان تحتفظ بـ كارنوك و بالتالى تتعرض لعداوة ايثان, و إما ان تتنازل عنها, فتفقدهما معا, فيا له من خيار !! أمن الأفضل ان تحتفظ باحدهما ام تفقدهما معا؟وملأ لاوجوم قلبها, و خيم الحن على المنزل, فاحتواها فيه. و رغم ما عليها من ملابس شعرت بالبرد, فاوقدت نارا. كان الظلام كالحا في الخارج, و كسا وجه القمر سحباً كثيفة تنساب متحركة بفعل الرياح و نعقت البوم, و تردد صراخ ثعلب عالى و واضح, و ابتسمت ابتسامة واهنة, مسرورة بالأصوات التى صارت مألوفة لها. لم يعد الليل يخيفها و قد اصبحت تعرف الكثير عن مخلوقاته و عاداتها.
اخذت النافذة تصطدم بالفراش فاغلقتها حتى لا تقتل نفسها إذا اصطدم بها الزجاج المضئ, ثم رن جرس التليفون.
تصورت انه إيثان رغم مجافاة هذا المنطق. فهرعت إلى الجهاز و قلبها يدق بعنف و قالت في محاولة ان تبدو عادية:
ـ الو؟و تردد صوت ضحكة كريهة ثم صوت انسان يلهث و شعرت ببرودة تسرى في اوصالها.
و اخبرت نفسها ان احداً ما قد طلب رقمها عشوائياً, و دق الجرس بعد ذلك, و قررت و هى تضم يديها في عصبية الا ترد.
و في المرة الثالثة رفعت السماعة بخفة مؤملة ان يكون جو او اى احد غيره يريد ان يتصل بها لكن اللهاث عاد مرة اخرى.
و صاحت في ذعر:
ـ من هذا؟ - عندما لم تتلق رد صرخت – هذا ليس بالشئ المضحك.
اغلقت الخط بعنف.
عاد الجهاز للرنين و ارادت ان تفصله و لكنها رأت رأيا اخر. فاحضرت جهاز راديو و اختارت محطة موسيقى حديثة و جعلت الصوت على اقصى درجته ثم رفعت السماعة و استمعت إلى اللهاث و وضعت الميكروفون على سماعة الجهاز متلذذة بالصوت العالى.
و هكذا لم تشغل بالها بهذا الأمر. و طافت لتتأكد من الأبواب و النوافذ تمهيداً للذهاب إلى الفراش ثم تدثرت بالاغطية, مدت يدها إلى المصباح المجاور للسيرير فاطفاته.
ثم تكورت محاولة ان تغلق عقلها لتصيب شيئاً من النوم.
حين رن جرس الباب, اطلقت زفرة طويلة و نزلت من السرير. لم تر سيارة ايثان في الخارج اة سيارة اى احد آخر. و لكن يجب ان يكون هو, فهى لا تعرف احد في المنطقة . اقنعت نفسها بذلك و هى تحكم حزام روبها.
ربما يريد ان يقبض عليها و هى لا تزال تحت تأثير النوم, و يقنعها بان تتخاى مثلها, يا له من مثابر. و ضغطت على شفتيها و قد سرت الحمية في عروقها. لقد تجشمت قوة إرادتها اعباء إضافية في الفترة الأخيرة! إنعليها إذن ان ترد, و لكن فضولها كان اقوى من اى شئ! صاحت و الرنين يواصل اصراره:
ـ حسناً, انا قادمة.
هبطت مسرعة, ثم توقفت لرنين جرس آخر. اللعنة! لقد مل من جرس الباب فاتجه إلى جرس المطبخ, و اسرعت متوقعة ان ترى جسده من خلال زجاج الباب لكنه لم يكن هناك احد بالمرة.
سمعت طرقاً عنيفاً على لوح الزجاج المكسور, كلا على نافذة غرفة الطعام....
و الأن غرفة المكتب.
شعرت بشعر رأسها يكاد يقف من الخوف. و اخذت تدعك مؤخرة عنقها لتدفئ برودتها و هى تحاول متابعة ايثان حول النافذة, و هو يدق اربع دقات مفزعة على كل نافذة, ثم يتوقف عند الباب الخارجى ليرن الجرس و يستأنف دزرانه حول الطابق السفلى.
و تجمدت روكسي لسماعها القهقهة المفزعة, ربما هذا ليس ايثان!
بل ان هذا لا يتفق مع كرامته, ان يدور هكذا حول البيت يقرع النوافذ و الابواب و يدق الأجراس. و تفصد العرق باردا من جبينها. و رفعت فجأة يدين مرتعشتين عاجزتين لتضمهما على صدرها الذى يدوى قلبها بين ضلوعه, و كأنه يتابع الطرق في نبضة تك – تك – تك.... فترة صمت, و اصبحت لفرط انتظام الدقات قادرة على ان تتوقع اين سيكون الطرقة التالية. و شهقت في ذعر, تتمنى لو تطيعها ساقاها المشلولتان. لقد اقترب من المطبخ, و حين بدأ يرن الجرس رأته, و رأها في ملابس النوم القصيرة.
وقفت متجمدة في مكانها, كما كانت في اثناء كوابيس الطفولة, حين كانت الساحرة الشريرة تقترب منها و هى لا تقوى على الفرار. و لكنها كانت تستيقظ من تلك الكوابيس و ينصرف كل شئ عدا ما يعلق بذاكرتها من رعب. و لكن هذا حقيقى, لن يتلوه استيقاظ و هى عاجزة عن الحركة.
و اخيراً بدأت ساقاها الثقيلتان تطيعانها, و اخذت تتراجع إلى الخلف, و عيناها المذعورتان مثبتتان على زجاج باب المطبخ. و سمعت طرق على باب غرفة الغسيل, و سيكون التالى باب المطبخ, و ارتفعت يجها إلى فمها, و اطبقت اصابعها على شفتيها الباردتين و ظهر ظل داكن على الزجاج و صرخت دون صوت.
و لكنها صرخة حررت جسدها من خدره, فانطلقت إلى السلم و هى لا تكاد تتحكم في انتفاض بدنها, تنتحب تلهث في شهقات قوية تخنق انفاسها و صفقت باب غرفة نومها و اخذت توصده. و غطت اذنيها بيديها في تهيج شدديد, حتى لا تسمع الطرقات البشعة المفزعة, و رن جرس الباب الأمامى عالياً, و قفزت هى خارجة من جلدها.
ايثان! عليها ان تطلبه, اخذت اصابعها تتحسس القرص اللعنة! انها لا تتذكر رقمه! و بذلت جهداً خارقاً لتركز تفكيرها. 543... بالتأكيد.
و حاولت ان تطلب الرقم و هى تكاد تبكى ارتياحاً, و لكن اصابعها كانت ترتعش من الخوف فامسكت بقلم رصاص, و اخذت تضغط عليه و هى تطلب الرقم, و اخذت تنصت في توتر إلى جرس الطلب, متمنية ان يرد عليها سريعاً و في اثناء انتظارها, ادركت فجأة ان المكالمات التلفيونية الغامضة يمكن ان تكون ذات صلة بما حدث لها:
الجرار, الأبقار, الصمغ.... و مكالمات و لا احد يرد عليها’ فلابد ان ايثان هو من دبر كل ذلك, ليخرجها من المكان, لقد هددها من قبل, مقسماً ان يقتلها من اجل حيازة كارنوك. و سقطت يدها بجوارها فاقدة الحياة.
و اتسعت عيناها, ثم طفر قلبها من الفرح. إنه ليس في الخارج إنه في المنزل, لقد توقفت الأصوات, و لكن من الواضح انه في المنزل, لقد توقفت الأصوات, لكن من الواضح انه لم يكن هو من يفعلها.
و قالت بصوت متهدج:
ـ إيثان!
جاء الصوت الناعس:ـ من يتكلم؟كان قلبها يدق بعنف, و لكن الرعب قد زال و قالت بصوت رفيع:
ـ أنا..... أنا روكسي.
وزام قائلاً:
ـ ماذا؟ انها الثانية صباحاً.
قالت في صوت خفيض:
ـ اننى خائفة.
ـ و تطلبينى لتقولى لىّ ذلك؟قالت متوسلة:
ـ ان احد ما يريد ان تقتحم المنزل, و يقرع الأبواب و الأجراس....
ـ شخص يريد ان يلقى بتحية المساء, كعادة اهل المنطقة, غريب الأطوار.
ـ ايثان, ان الأمر جدى. أنه يقرع الأبواب النوافذ من فترة طويلة, و قد اغلقت باب غرفة النوم, متجمدة من الرعب.
و سمعت السماعة تضرب على الجهاز بعنف, و فغرت فاها بخيبة امل.
و قالت و هى تحملق في الجهاز ثائرة:
ـ ايها الخنزير. إنك فأر قذر.... إنك.....

عاد الجرس يدق من جديد. و جن جنونها لأن تترك في هذا الموقف الحرج, دون نصيحة او عزاء فصممت ان تواجه الموقف بنفسها فخرجت في الظلام, تسير على اطراف اصابعها إلى فسحة السلم, تختلس النظر خلال ستارة سميكة إلى الشرفة الخارجية اسفلها و في نفس اللحظة شاهدت شبحاً يدور حول المنزل, و سرعان ما بدأ الطرق على الأبواب و النوافذ يتجدد مرة اخرى.
إن بامكانها ان تطلب الشرطة. و لكن سيتطلب ذلك من خمسة عشرة دقيقة إلى ثلث ساعة حتى يصل رجالها, فاستبعدت الفكرة, فلربما تكون قد اُغتصبت أو قُتلت في تلك الأثناء. اه لو تذكرت ان تعيد ملء جهاز الإنذار, لقد كان ذا فاعلية من قبل. و اخذ عقلها يقدر الموقف بسرعة. إن الطارق الشبح لم يقتحم المنزل حتى الآن, و لو اراد لفعل, فهو إذن يريد افزاعها فقط. لا إلحاق الأذى بها.
كا ما هو مطلوب منها هو ان تبدى عدم خوفها, و إصرارها على الدفاع عن ممتلكاتها. و تذكرت فجأة اناء خزفيا في احدى الغرف. و لمعت عيناها ترقباً للمعركة, و هى تسير مسرعة في البهو. و بدا دهرا و هى تملأ الإناء بالماء ثم تحمله إلى النافذة المشرفة على الباب الخارجى.
سوف يدور الرجل دورته الآن, و فتحت النافذة بحرص, و باقل قدر من الضوضاء. و بعد دقائق , شاهدت الرجل قادماً إلى الباب الأمامى و دق قلبها بعنف, و توقف هو تحت النافذة مباشرة. و استمدت من خوفها قوة, و انحنت, و افرغت محتويات الاناء الثقيل فوق رأس الرجل, و اغلقت النافذة و اوصدت المزلاج مرتاحة النفس. يمكنها الآن ان تطلب الشرطة.
سمعت الرجل يصيح , و ابتسمت لنفسها ببرود. و لحظة ان رفعت سماعة التليفون, توقفت على الفور لقد كان الرجل يهتف باسمها.
ـ روكسي, ادخلينى عليك اللعنة! روكسي!
ايثان ! و تخاذلت لحظة لفرط ارتياحها, ثم اندفعت تهبط السلم درجتين درجتين و هو كان يصيح:
ـ ايتها الغبية.
ترددت مقطبة.
ـ إننى اتجمد, ادخلينى فوراً, و اخذت تحاول ات تفهم ما حدث و قد اختلط عقلها, ثم ما لبثت الحقيقة ان وضحت لها, لقد اغرقت ايثان تريمين بالماء! و اخذت تستمع إلى سباباه مذعورة, ثم تحركت بحرص, و فتحت الباب. اندفع مزمجراً:
ـ في الوقت المناسب.
و قالت منتحبة:
ـ إيثان, لقد ظننتك الطارق الشبح.
كان ينتزع قميصه المشبع بالماء و تتساقط قطرات الماء على سجادة الصالة, و قد اخذ يوجه إليها نظرات تنذر بالشر.
قالت و هو ينتفض من البرد:
ـ لهفى عليك! تعالى إلى المطبخ, فهو اكثر دفئاً.
و سارت امامه, تلتقط اذناها صوت حذائه و هو ينز الماء في اثره, زمجر ايثان و تناول المنشفة من يدها دون كلمة, و راح يجفف رأسه, و شعرت كتلميذة تنتظر التقريع. غمغمت قائلة:
ـ سأضع القدر و اصنع لك شاي ساخن.
لمع صدره العارى المبلل في الضوء. و راحت عيناها تختلسان النظر إلى عضلات صدره و ذراعيه المفتولتين و هو يعمل المنشفة على ظهره, ثم اكتشفت فجأة انه يعبس في وجهها بغضب شديد.
ـ لقد كانت حادثة غير مقصودة, لم اتمالك نفسي, و قد ظننتك الرجل الذى يزعجنى. لقد اغلقت الخط بعنف دون كلمة, و ظننت انك قد عدت إلى النوم,
ثم تجمدت نظراتها:
ـ اننى لم اسمع سيارتك قادمة.
ـ لقد تركتها عند الجرن, حتى امسك بالجرم متلبساً, هذا إن كنت تقولين الصدق.
قالت بعناد:
ـ و انى لىّ ان اعرف ذلك؟ أنك لم تصيح او تنادى, و لم اكن اتوقع قدومك, فماذا كنت تتوقع؟ فرقة نحاسية و العاب نارية ترحيبا بك؟
قال من بين اسنانه:
ـ كنت اتوقع امرأة مرعوبة خائرة القوى, و ليس دفاعاً دقيقاً محكماً من شلال مياه مثلجة.
ـ لقد فكرت في ان اجعله مغلياً, كدفاع القلاع قديماً, فاشكر حظك.
ـ حظى! -و اصطكت اسنانه- إذن فعلى ان اكون شاكرا لك أن قررت تجميد اوصالى و اغراقى بالماء بدلاً من قتلى سلقاً بالماء المغلى.
توردت وجنتاها لانتباهها لساقيها العاريتين و قد توقف ايثان عن التجفيف و اخذ يقيس طولهما , ثم قال بصوت عميق:
ـ روكسي!




التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 09-09-15 الساعة 08:49 AM
Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:14 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.