آخر 10 مشاركات
30-المريضة العنيدة -مارغو أمالفي -سوفنير (الكاتـب : Just Faith - )           »          الحب الذي لا يموت - باربارا كارتلاند -روايات ياسمين (الكاتـب : Just Faith - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          غسق الماضي * مكتملة * (الكاتـب : ريما نون - )           »          اللقاء الغامض - روايات ياسمين (الكاتـب : Just Faith - )           »          ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          حصريا .. رواية وجدتك للكاتب مارك ليفي** (الكاتـب : أميرة الورد - )           »          سجن العصفورة-قلوب زائرة- للكاتبة : داليا الكومى(كاملة&الروابط) (الكاتـب : دالياالكومى - )           »          حب في الأدغال - ساره كريفن - روايات ناتالي** (الكاتـب : angel08 - )           »          الحب هو العسل (46) للكاتبة: فيوليت وينسببر .. كاملة ( تنزيل رابط جديد) (الكاتـب : monaaa - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-12-08, 07:18 PM   #11

Jamila Omar

نجم روايتي وكاتبة ومحررة لغوية في قلوب أحلام وعضوة في فريق الترجمة

 
الصورة الرمزية Jamila Omar

? العضوٌ??? » 4574
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 7,576
?  نُقآطِيْ » Jamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماكبيث مشاهدة المشاركة


تسلمي نورتي صفحتي المتواضعة


Jamila Omar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-12-08, 07:22 PM   #12

Jamila Omar

نجم روايتي وكاتبة ومحررة لغوية في قلوب أحلام وعضوة في فريق الترجمة

 
الصورة الرمزية Jamila Omar

? العضوٌ??? » 4574
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 7,576
?  نُقآطِيْ » Jamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سـنـاريـا مشاهدة المشاركة
رواية روعة شكرا حبيبتي

تسلمي نورتي صفحتي المتواضعة

و ان شاء الله اكملها لكم في هاذ اليومين


Jamila Omar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-12-08, 10:01 PM   #13

رفة الحرير

? العضوٌ??? » 66901
?  التسِجيلٌ » Dec 2008
? مشَارَ?اتْي » 1
?  نُقآطِيْ » رفة الحرير is on a distinguished road
افتراضي

رواية موووووووووووووووو طبيعية
تسلمين


رفة الحرير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-12-08, 08:15 PM   #14

Jamila Omar

نجم روايتي وكاتبة ومحررة لغوية في قلوب أحلام وعضوة في فريق الترجمة

 
الصورة الرمزية Jamila Omar

? العضوٌ??? » 4574
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 7,576
?  نُقآطِيْ » Jamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رفة الحرير مشاهدة المشاركة
رواية موووووووووووووووو طبيعية
تسلمين


تسلمي نورتي صفحتي المتواضعة


Jamila Omar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-12-08, 03:47 PM   #15

Jamila Omar

نجم روايتي وكاتبة ومحررة لغوية في قلوب أحلام وعضوة في فريق الترجمة

 
الصورة الرمزية Jamila Omar

? العضوٌ??? » 4574
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 7,576
?  نُقآطِيْ » Jamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond repute
افتراضي

4- إتهامات عينيه

إبتعدت سابينا أولا عن ذراعي باتريك، لكنه شدهما للحظات حولها، ثم تركها، ملتفتا إلى المرأة الواقعة بالباب بعينين فولاذيتين يسأل ببرود:
-أتريدين شيئا أمي؟
شمخت الأم بقامتها اقصى شموخ :
-جئت لأقول لك إن عمك سيمون سيغادر...و لم احسب انني سأقطع عليكما...شيئا.
نظرت إلى سابينا بإزدراء متكبر. و كأن الأمر غلطتها هي وحدها، و تقدم باتريك من الباب، و قال لأمه بقساوة، دون الرد على إشارتها الواضحة لما رأته:
-هل لنا ان ننزل إلى القاعة أمي؟
-اود الحديث مع سابينا...
-فلينتظر الحديث إلى ما بعد.
-لكن...
فإلتفت إلى سابينا و كأنه لم يسمع إحتجاج أمه:
-سأتحدث إليك لاحقا سابينا... لا بأس في هذا؟
-أجل...لا بأس.
أخذ باتريك أمه معه، تمسك يده مرفقها بحزم...فشكرت سابينا الله على حسن تصرفه، لأن اخر ما كانت تتمناه هو جدال عقيم مع ليزا كيندل.
كان الضيوف قد بدأوا بالمغادرة عندما نزلت سابينا إلى القاعة، فلاحظت أن روزي و زوجها غادرا. و لاحظت أن ليزا كيندل رمقتها بإزدراء، لم تستطع الرد عليه لأنها تحس بالذنب، و هذا السخف بحد ذاته. فباتريك هو من بدأ العناق، و كل ما فعلته أنها إستجابت و قد تعيد الكرة ثانية إن عاد لمعانقتها.
خلال العشاء أخدت ليزا تراقبهما عن كثب، و كأنها تتوقع منهما العجز عن إبعاد أيديهما عن بعضهما البعض...فكبحت سابينا إنبساطها بجهد، مع ان باتريك بدا غاضبا من تصرفات أمه.
بعد العشاء طلب من سابينا بكل هدوء:
-هل لك أن تأتي إلى مكتبتي قليلا؟ أود أن أحدثك قبل سفرك ف الغد.
بدأت نبضاتها تتسارع و هي تفكر في إهما سيكونان وحدهما ثانية، متسائلة ما إذا كان سيكرر عناقه. فقاطعتهما أمه بعجرفة:
- إن ما ترغب في قوله تستطيع البوح به أمامي باتريك.
-لا...لا أظن هذا!
قال ذلك ثم جذب كرسي سابينا لتقف...فاحمر وجه المرأة المسنة:
-لماذا ؟
نظر إليها بتكبر:
-لو أخبرتك لماذا، لما إضطررت للحديث إلى سابينا على إنفراد.
-إذن...
فقاطعها ببرود و إقتضاب:
-عن إذنك أمي...
-لكن باتريك...
-فيما بعد أمي...
و اخرج سابينا من الغرفة و يده على مرفقها بقوة. ما أشرس هذا الرجل! فعندما يقول شيئا يعجز الأخرون عن مجادلته.نار صغيرة اشعلت في مدفئة المكتبة، فالامسات كانت باردة في الخريف.
جلست سابينا في المقعد المقابل له أمام الطاولة. فقال لها مشيرا إلى اريكة جلدية أمام النار:
-تعالي و إجلسي هنا. إنه مريح أكثر.
تحركت لتجلس معه و هي تقول:
-هل انا بحاجة لاكون أكثر راحة؟
فضحك:
-لما سأقول...اجل اظن هذا.
-يبدو الامر منذرا بالشر.
-لعله ليس كذلك، فحديثي يتعلق بفيليب.
-طبعا.
لماذا أحست بخيبة امل؟ أليس فيليب هو السبب الوحيد لوجودها هنا؟
-مع أن مشاكلي في حل المشكلة ليست عادية.
-فيليب اصغر من ان تفكر في وضعه في مدرسة داخلية.
و لم تسره دعبتها بل زادت فمه توثرا:
-لن أرسله إلى مدرسة داخلية...أبدا.
إتسعت عيناها:
-ظننتكم جميعا أل كيندل تذهبون إلى مدرسة داخلية؟
-هذا صحيح لذا لن ارسل إبنا من ابنائي إلى مدرسة داخلية. فيليب ليس ولدك. ليس بعد...لكن أخطط ليصبح ولدي. و اظنك يجب ان تكوني أمه.
فابتلعت ريقها:
-ماذا تعني؟
-من الواضح انك تحبين الطفل كثيرا، و اظن ان الصحافة قد اوحت لنا بالحل... لذا علينا الزواج.
حدقت سابينا فيه بعينين واسعتين مصدومتين...اتتزوج باتريك كيندل؟ هذا ليس بالامر العادي بل إنه مناف للعقل!
- ارى ان الفكرة ادهشتك. لكنني لا ارى حلا اخر. انا ارفض التخلي عن فيليب، و كذلك انت... و إذا كنا لا نرغب في ان ينشأ في الطريق عبر طرفي الاطلنطي كل ستة اشهر، فلا اعرف ما قد نفعل غير هذا؟
- لكن عملي هناك؟
-اتحبين عملك؟
-اجل.
-إذن علينا إيجاد طريقة لحل هذه المعضلة...قد انقل المقر لمؤسسة كيندل إلى اميركا حتى اكون قريبا منك و من فيليب.
-لا اعني...هل ستقوم بذلك حقا؟
فهز راسه: نعم إن لم يكن امامي خيار اخر، فلفيليب الاولوية.
-و انت...؟ الا ترغب في الزواج من إمراة تحبها؟
إلتوى فمه و إزدادت برودة عينيه:
-الحب هو إحساس مدمر، يشل من يحب و يجعله دون إرادة، عرضة لكل انواع المخاطر...لا... لا اريد ان اتدمر بهذه الطريقة... زواجنا سيكون زواج مصلحة...
-لكن هذا ذهب مع العهد الفيكتوري إلى غير رجعة.
-لكنني لم اقل إنه يجب ان يكون زواجا عذريا. فلن ابقى عمري كله اعزب. و انم لم تجدي عناقي لك مقرفا اليوم. و هذا يعني انك لن تجديني زوجا كريها كذلك.
لم تتوقع منه ان يتحدث بهذه الطريقة... فقالت له على إستحياء:
-انا واثقة انني لن اجدك مقرفا... لكنني لن استطيع الزواج منك.
-لم لا؟ قلت إنك لن تتزوجي ذلك الرجل...طوني. فكري في على اساس ان علاقتنا ستكون دائما مؤقتة. و اؤكد لك انني لن افرض نفسي عليك اكثر مما يجب. فانا عادة قادرة على ضبط متطلباتي مع النساء.
لم تستطع تقبل ما يقال لها بهدوء...فسألته:
-هل اتزوجك فقط لينال فيليب ابوين؟... و في بعض الاحيان تقوم برحلة من غرفتك إلى غرفتي... اليس كذلك؟
-الامر الاخير يحدث من جهتك او من جهتي...فللنساء حاجتهن ايضا.
لمعت عيناها بغضب عميق: إذن إذا احتجت إلى رجل، أتي بكل بساطة إلا غرفتك؟
-و ما الخطأ فيه؟
فصاحت به بشراسة:
-لا شئ إذا كنت آلة لعينة. فما تعرضه علي امر غير إنساني!
بدت تقطيبة حيرته حقيقية:
-لا اراها كذلك.
-هذا واضح!
-انظري... إذا كنت قلقة من عدم قدرتي على القيام بواجبات زوجية مرضية... فأنا اطمئنك إلى انك مخطئة.
إرتدت سابينا خائفة و هي ترى التصميم البارد في وجهه، قالت:
-هذه ليست الطريقة المثلى للحب بين الزوجين...
-ربما انت على حق...لكن اردت إظهار مقدرتي لك.
فدفعته في صدره بقوة:
- انت عملي...!
-و قد اصبح عاطفيا...انت جميلة سابينا... فدعيني اظهر لك ما سيكون عليه الامر بيننا.
ثم إنحنى يعانقها برقة لم تلبت ان تحولت إلى نار مشتعلة افقدتها الاحساس بأي شيء في العالم إلاه، فقد غرقت في مشاعرها و راحت تستجيب له و تبادله عناقه بحرارة و شغف.
بعد لحظات طويلة من العناق و المداعبة جذب نفسه عنها قائلا:
-لا...! اتظنين انني لا اريدك...؟ لكن ليس هنا، كما انني لا اريد تعقيد الامر بعلاقة بيننا، موافقة؟
فردت لاهثة:
-موافقة. فانا كذلك لا اريد تعقيد الامور اكثر. و مع ذلك فلن استطيع الزواج منك، باتريك.
- الن تفكري فيه؟
-لن افكر... إذ لن ينجح هذا باتريك. فكل المشاكل التي جعلت كيم غير سعيدة ستقع علي كذلك إن اصبحت زوجتك.
- اية مشاكل؟
- امك..و العيش معها...جنسيتي...اضف إلى ذلك إنعدام الحب بيننا، الحب قد يساعد على إنجاح زواج.
حسنا...لكن هذا بالضبط سبب يكفي لانجاحه...و امي مشكلتي لا مشكلتك. كما انك لم تظهري الكره لانكلترا اثناء وجودك فيها. ثم انني ساسمح لك بمزاولة مهنتك.
نظرت إليه بحيرة:
-هل استطيع مزاولتها؟
-بالطبع. إذا كان دورك في المسلسل الاخير قياسا لتمثيلك فحرام ان تتوقفي.
لكن هل فكرت انني إن اكملت تمثيل المسلسل فسأبقى ستة اشهر في امريكا...آه...فهمت الان. إذا تزوجتك سيبقى هنا دائما، و علي ان اسافر انا ستة اشهر كل سنة...لا مجال لهذا باتريك!
فنظر إليها متعاليا متعجرفا:
-اما قلت لك إنني سأنتقل إلى امريكا إذا كان هذا ما تريدين. كل ما اريده ان اؤمن لفيليب حياة مستقرة مهما كان الثمن.
تحول غضبها إلى إرتباك فهو يعني ما يقول، و قد عرفت ذلك من النظرة في عينيه. و ما عليها سوى ان تقول الكلمة...لكنها لن تستطيع طلب هذا منه...مهما كانت تكره ليزا كيندل، فلن تستطيع فعل هذا بها.فقد خسرت ولدا! و خسارة الاخر... و حفيدها كذلك...سيحولها إلى حطام...
- إسمعي...لا تفكري في الامر الآن. عودي إلى بلادك...ما من داعي للعجلة...فبضعة اسابيع لن تغير شيئا. و اظنك بحاجة لفترة من التفكير.
- انت...الم تفكر؟
-بلى و لكن ليس طويلا...لكن الامر مختلف بالنسبة لي...فلن اخسر شيئا بزواجي منك.
-و حريتك؟
-هذا ليس كثيرا. ثم انني ساكسب اكثر...زوجة جميلة...و إبننا صحيح الجسم.
إحمر وجه سابينا للاطراء:
-الامر حقا بحاجة إلى التفكير يا باتريك.
-تريثي في التفكير فلن استعجلك.
بدأ التفكير منذ تلك الليلة، حتى تعجز عن النوم، فكانت تقلب الفكرة من كل الزوايا و الوجوه، و في كل مرة كانت تخرج بالجواب ذاته. لكنه جواب لم تقبل به. امريكا موطنها، و طوني صديقها...و ابواها لا يبعدان كثيرا عنها...و ليست بحاجة إلى رجل معقد مثل باتريك كيندل في حياتها...ان له عمقى لم تعرفه في رجل من قبل!
كادت تستدير و تهرب عندما دخلت غرفة الطعام في اليوم التالي حيث وجدت ليزا كيندل وحدها. تبتسم في خبث و تخبرها بان باتريك تناول طعامه ثم قصد مكتبه ليتم بعض الاعمال المكتبية المستعجلة قبل ان يوصلهى إلى المطار...اضافت ليزا كيندل ببرود:
-...و هذا يعطينا فرصة لنتحدث وحدنا.
سرعان ما تصلبت سابينا...فإذا بدأت هذه المرأة بإهاناتها فلن تتمكن من تناول شيء من الطعام.
- عم أراد باتريك أن يكلمك ليلة أمس؟
إتسعت عينا سابينا لهذا الهجوم المباشر. فحاولت المراوغة:
-الم يخبرك؟
نظرت ليزا إليها نظرة حاقدة:
-ما كنت لاسأل لو أخبرني! باتريك كان دوما شخصا منطويا. لكن لا شك عندي في انه سيخبرني...في الوقت المناسب.
- لكنك تفضلين عدم الإنتظار؟
-صحيح!
سحبت سابينا انفاسا عميقة متظاهرة بارتشاف قهوتها ببطء. ثم اعطتها الرد الوحيد المستطاع في مثل هذا الظرف:
-لن أخبرك ايضا...فلو اراد باتريك إخبارك لأخبرك. انا اخشى ان تكوني مضطرة للإنتظار حتى يقرر إخبارك بنفسه.
إنقلب وجه المرأة العجوز إلى قناع بشع من الغضب، فصاحت:
-لا تتذاكي علي معتمدة على عناق واحد سابينا! فذالك العناق لا يعدو ان يكون مؤساة لك خرج خلالها عن السيطرة على نفسه.
-صدقي ما شئت... فلن أضيف كلمة على ما قلته لك.
ردت ليزا ساخرة:
- لا تضيفي كلمة...فلدي ثقة كافية بباتريك تدفعني إلى ألا أصدق تورطه مع امرأة مثلك!
-كفى!
إلتفتت سابينا فرأت باتريك واقفا بالباب ورائهما، يقول بغضب و تجهم:
-لن اقبل إهانة سابينا بعد الان يا أمي...
-لكن...
فتجاهل أمه و قطع إحتجاجها موجها الكلام لسابينا:
-أنا حاضر للمغادرة سابينا إلى المطار الآن إذا كنت جاهزة سابينا.
فابتسمت له شاكرة و وقفت:
-يجب ان اودع فيليب أولا.
فردت العجوز بعجرفة:
-لن يفهم.
فرد باتريك بصوت رقيق:
-إن هذا ليس وداعا.
فصاحت الأم بحدة، ناسية الحذر من لسانه اللاذع:
-ليس وداعا؟
فنظر إليها ببرود:
-سابينا تنوي العودة إلينا بعد بضعة اسابيع.
فاحمر وجه امه:
-ما كنت اعلم هذا.
اوه..انها ستعود دون شك فعليها التفكير في مستقبل فيليب اليس كذلك؟
نظر إلى سابينا متحديا...فغضت طرفها و ردت بصوت خفيض:
-هذا صحيح...لكنني لست واثقة حتى الان كيف سيكون الامر.
-قلت لك، لا داعي للعجلة.
ليزا كيندل لم تعد تحتمل اكثر..فقاطعتهما بحدة:
ماذا يجري هنا؟ باتريك اريد معرفة ما يجري بينكما؟
فرفع حاجبيه متكبرا:
-لا شيء " يجري" في الوقت الحاضر. امي! و لو ان شيئا يجري، فهو من شأني و شأن سابينا الخاص. و ان كان علي إخبارك شيئا ما فسأفعل...ما الأن فنحن مضطران للخروج.
امسك ذراع سابينا بحذر ثم خرجا معا. و ما إن اصبحا بعيدين في الردهة حتى تنهدت بارتياح و نظرت إليه:
-واو! لست ادري كيف تجرىء على التحدث معها هكذا.
-بالممارسة...اذهبي و القي نظرة سريعة على فيليب...فليس امامنا وقت طويل للوصول إلى المطار.
تحطم قلب سابينا و هي تودع الطفل..و كأنما فهم أنها مسافرة، فبدأ بالبكاء، و اصبح وجهه الصغير أحمر. فقبلت وجنتيه، و هي تشعر بأنها ستشاركه البكاء.
-لن أتأخر...أعدك يا طفلي!
دخل باتريك الغرفة عندئد و قال بخشونة:
-لا تقطعي وعودا لن تتمكني من الوفاء بها.
-اوه...سأفي بها...لكنني لا أدري إن كنت سأقيم بعدها هنا ام لا.
فرد بلطف:
-يجب علينا التحرك فعلا سابينا. فأنا مضطر للذهاب إلى المكتب بعد إيصالك.
-أسفة...أنا مستعدة.
اعادت الطفل إلى مهده...ثم إرتدت على عاقبيها دون أن تنظر إلى الخلف. و قد حافظت على تمالك ذاتها حتى اصبحا في منتصف الطريق إلى المطار، فعندها لم تعد تستطيع الادعاء بان صراخ الطفل لم يؤثر فيها...وه...كم ستفتقد الطفل! إمتدت يد باتريك تمسك بيدها:
-اعلم...و هو سيفتقدك كذلك.
سالته و هي تبكي:
-هل سيفتقدني؟ حقا؟
فواساها بلطف:
-انا واثق من هذا. انت تقللين من قدرته على فهم حبك.
-لقد قالت السيدة بريد الشيء نفسه تقريبا.
-قلت لك إنها ممرضة قديرة.
فسحبت يدها من يده:
-اعرف انها قديرة...و طيبة...لكنها أخيرا ستتركه، فماذا سيحدث لفيليب عندها؟
-هذا قرار علينا معا القيام به عندما يحين الوقت.
بدت لوس انجلوس، كما هي دوما، مليئة بالدخان. لكنها مدينة جميلة احبتها سابينا بعد أن أقامت فيها سنتين...سرتها العودة إليها. فرمت نفسها بين ذراعي طوني عندما إستقبلها في المطار. سألها بتعاطف و هو يحيط كتفيها بذراعيه.
-كان الامر سيئا...هه؟
-جزئيا...هل لنا ألا نتحدث عن الامر...ليس بعد طوني!
فضمها أكثر:
لا بأس حبي...فلنتحدث عندما تكونين على إستعداد.
-قل لي كيف يسير العمل.
-كالعادة...أظنهم ينتظرون رؤية ردة فعلك على توقيع عقد آخر قبل أن يقرروا ما سيفعلونه بالشخصية التي تمثلين دورها. فهناك شائعات تقول إنك قد لا ترغبين في الاستمرار.
هذه ليست شائعات طوني...لقد قلت بنفسي لجول قبل اسابيع.
- إنه قرار يخصك حبيبتي.
كان يروقها دائما لطف طوني و إبتعاده عن الخشونة و طريقته في إحترام آرائها و رغباتها...لكنها الأن بهاجة إلى مساعدة أكبر لتتخد قرارا مهما في حياتها. و مع ذلك لن تستطيع التحدث عن الامر مع طوني...
في اليوم التالي سافرت إلى منزل والديها...و صدمها وضع أبيها المريض، فرغم مغادرته المستشفى ما زال يبدو هزيلا ضعيفا فموت كيم صدمه أكثر منهم جميعا.
قال بصوت حزين و هو يجلس على شرفة المنزل:
-أريد رؤية حفيدي.
فقالت الوالدة بهدوء:
-سيمر شهران قبل ان يسمح لك بالسفر، هذا ما قاله الاطباء.
-و ماذا يعرفون؟
كانت أمها قوية قادرة على حمل عبء المسؤولية... و كانت مقوم بواجباتها على خير ما يرام. فتوسل الاب إبنته:
-كيف يبدو سابينا؟
اخبرت اباها ان فيليب يشبه الاطفال الذين يولدون قبل اوانهم ثم قضت نهارها تخبرهما عما يقوم به من اعمال صغيرة.
-يجب ان ينادى باسم فيل و ليس فيليب...نه إسم كبير على طفل (قال ابوها).
-إنه إسمك.
-بالطبع عائلة كيندل تتمسك بالاسم حرفيا.
-طبعا...فباتريك يصر على هذا.
فنظرت إليها أمها متفرسة:
-يجب ان اقول إنه كان دائما مؤدبا.
فقال زوجها:
-التأدب لا يكلف شيئا. خاصة بالنسبة لعائلتهم. يظنون انفسهم يملكون هذا العالم اللعين!... حسنا...نا اريد حفيدي هنا، حيث ينتمي. كان يجب ان تحضريه معك.
-ما زال صغيرا لا يقوى على السفر يا ابي...
-حسنا...حالما يكبر و يصبح قويا...اريده هنا.
فتجنبت سابينا نظره و عضت على شفتيها:
-قد يكون في هذا صعوبة ابي...اترى... باتريك مصمم على حضانة الصبي.
-و من هو ليقرر مصير حفيدي؟ ما كان على كيم...
ثم اجهش بالبكاء فدهشت سابينا و تحطم قلبها من رؤية هذا الرجل الذي لم تعرفه إلا قويا باكيا...فهي لا تذكر انها رأته يوما يبكي حتى عندما مات والده منذ سنوات.
راقبت دموعه و أمها ترافقه إلى غرفة نومهما. و بقيت جامدة في مقعدها تفكر. فلما عادت والدتها بعد دقائق، قالت لها بلطف:
-خسارة كيم بهذه الطريقة كان صعبا عليه...و معرفته بوجود حفيد له يبقيه حيا.
جففت سابينا وجنتيها من البكاء:
- أعلم هذا...سأحضره حالما أستطيع.
-و ماذا سيقول باتريك كيندل عندها؟
أشاحت بوجهها عن أمها...باتريك سيوافق على إحضار الطفل إلى هنا على شرط واحد...و هي تعرف هذا:
- إنه...أظنه سيوافق.
إستمر ضغط العمل في الاسبوع التالي فلم تكد سابينا تجد وقتا للنوم فكيف لاتخاذ قرار يتعلق بما طلبه باتريك منها. إستمرت في الخروج مع طوني عندما كانت تسمح ظروف العمل... عشية عودتها إلى إنكلترا تناولا العشاء معا في بيته على الشاطئ حيث سألها:
-متى ستعودين هذه المرة؟
فابتسمت مسترخية بكسل على الرمال الذهبية تحت أشعة النهار المحتضرة.
-جول أمهلني أياما...لا أكثر.
قلدت صوت المخرج بنجاح:
-ثم عودي آخر اسبوعين من التصوير.
-و بعدها؟
-كنت آمل ان لا تسألني هذا.
-و لماذا لا؟
-لانني..لا اظنني ساعود بعدها.
لم يستطع إخفاء ذهوله، فقال مقطبا:
-لست أفهم... هل ستقضين في إنكلترا وقتا غير محدد؟
-هذا... ممكن... لست واثقة بعد.
فرد بصوت رقيق:
-أما من طريقة لاقنعك بالبقاء في لوس انجلوس؟ فمنذ وفاة زوجتي و انا اعيش في وحدة قاتلة. و قد ساعدتني الاشهر الاخيرة علا ملء الفراغ.
ضغطت على يده المستقرة على الرمل إلى جانبها:
- انا مسرورة بهذا. انت رجل رائع يا طوني...تستحق السعادة.
-لكن ليس معك؟
فهزت رأسها بحزن:
-لا اظن...لقد تمتعت بصحبتك، و احببت كل لحظة منها...لكن ربما هذا يشكل نصف المشكلة...فالحب ليس كله فرح...و قد اظهر زواج كيم هذا...ما يسمون هذا في الكتب؟ عذابا و نشوة؟
-هكذا كانت حياتي مع زوجتي...
-و معي انا؟
إنها تعلم أنها لم تصل إلى القمة أو البداية مع طوني... فالتمتع بالصحبة لا يكفي...فقد اظهر لها باتريك ما هي النشوة على الاقل.
فأجاب مرتبكا:
-حسنا...انا...
-اعلم طوني أن لا شيء بيننا. لا بالنسبة لك أو بالنسبة لي... لقد مرحنا معا... فلنترك الامر على حاله.
-هل إلتقيت بالرجل هنا أم في إنكلترا؟ في إنكلترا طبعا.
-أي رجل؟
-من عرفك على عذاب النشوة...الرجل الذي وقعت في حبه.
فطغى الدم على وجهها:
-لم أحبه! باتريك كيندل ليس من أحبه..أقبل به لكنه ليس الحبيب.
لا...نها لا تحب باتريك...لكنها ستتزوجه...
فالاسبوع الاخير الذي قضته دون فيليب اظهر لها انه جزء لا يتجزأ منها كأنما هي من أنجبته كما أن تجاوبها مع باتريك لا يمكن نكرانه...لقد إشتاقت إليه و إلى أحضانه و هي غائبة عنه. ثم...هناك ابوها... لن تستطيع تحمل إتحاماته إن خسرت فيليب.
الزواج إذن...هو الحل الوحيد...لكن مع بعض التغيير في الترتيبات التي إقترحها باتريك.


Jamila Omar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-12-08, 06:33 PM   #16

Jamila Omar

نجم روايتي وكاتبة ومحررة لغوية في قلوب أحلام وعضوة في فريق الترجمة

 
الصورة الرمزية Jamila Omar

? العضوٌ??? » 4574
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 7,576
?  نُقآطِيْ » Jamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond repute
افتراضي

5-زوايا النسيان

عندما لامست الطائرة أرض مطار هيثرو تعظام توثرها و عندما إستقلت السيارة أحست بتوثرها يزداد و يتضاعف. ما من شك أن باتريك كان سيرسل سيارة، أو يحضر بنفسه لاستقبالها لو أعلمته بموعد وصولها. لكنها فضلت الوصول حسب إرادتها هي، و في الوقت المتاح لها. فهي لن تتخلى عن جزء صغر من حريتها و إستقلاليتها عندما تصبح زوجة.
لم يرحب بها الخادم الذي ابلغها أن ليزا كيندل في منزل إبنتها، و أن باتريك لم يصل بعد من مكتبه... على الاقل وجود ليزا خارج المنزل سيمكنها من التحدث إلى باتريك على حدة.
كان الطفل رائعا كالعادة، أمضت معه بعض الوقت...مذهولة بالتغيير الكبير الذي طرأ عليه خلال أسبوع واحد...و قد غرقت في مداعبته و ملاعبته حتى نسيت تغيير ملابسها للعشاء... لكن الخادم جاء ليقول:
-إتصل السيد كيندل منذ دقائق آنسة بيرنت، و كان ينوي قضاء ليلته في لندن. لكن عندما أبلغته بوصولك قال إنه سيعود في وقت ما هذا المساء... فاجتماع عمل قد يؤخره قليلا.
في الواقع، لم يتسن لهما اللقاء ليلتها، فبعد العشاء اللذيذ، جلست في غرفة الطفل بعض الوقت ثم إنتابها التعب فها قد بلغت العاشرة و باتريك لم يصل بعد... فدخلت غرفتها... و تهيأت للنوم الذي سرعان ما غلبها!
في الصباح التالي فوجئت بليزا كيندل في غرفة الطعام وحدها...فصاحت المرأة بها:
-ماذا تفعلين هنا؟
-كنت تعلمين أنني عائدة!
-اوه...أعلم. لكنني لا أفهم السبب؟ لماذا لا تتركين فيليب لنا و تتوقفي عن تقطيعه إلى نصفين؟ سيكرهك في النهاية لهذا السبب...أتعلمين هذا؟
ألا تعلم!...نه جزء من الاسباب التي دفعتها إلى إتخاد ذاك القرار، هذا عدا عما يجذبها إلى باتريك...
سألت لتغيير الموضوع:
-هل تناول باتريك فطوره بعد؟
-إنه ليس هنا... لم يعد ليلة أمس.
-إن الاجتماع أخره.
فسخرت ليزا بابتسامة خبيثة:
-إجتماع عمل؟ أهذا ما ذكره الخادم؟ حسنا...ما من شك في أن هذا ما أمره به باتريك...فهو لا يبقى في لندن للعمل...
فوقفت سابينا بعصبية:
-لو عذرتني...علي توضيب حقائبي.
-كم ستمكثين بيننا هذه المرة؟
-حتى الغد فقط.
-أعتقده سيعود قبل سفرك... و آمل عندها ألا نرى فردا آخر من عائلة بيرنت.
-لست أرغب في هذا النقاش.
فردت بمرارة:
-إبني أجابني بالرد ذاته خلال اسبوع كامل... و أعتقد أنه عندما سيكون مستعدا سيكلمني عما يقلقه.
قالت سابينا ساخرة:
-أنا واثقة من أنه سيفعل.
ثم ذهبت إلى غرفة فيليب حيث أمدت معه فترة الصباح كلها منتظرة عودة باتريك. فتلميحات والدته تشير إلى أنه كان مع إمرأة الليلة الماضية،لا في إجتماع عمل. أحست بالغيرة تنهشها... ما أسخف ما تشعر به! لا تحب الرجل حتى و مع ذلك تغار لانها ظنت أنه قضى ليلته مع إمرأة أخرى!
سمعت صوت سيارته تقف عند الباب بعد الظهر. أسرعت إلى النافذة فرأته ينزل منها...في تلك اللحظة أحست بشيء ما يحشا على الركض إليه و على رمي نفسها بين ذراعيه! لكنها لم تفعل!
إلتفتت عند سماع طرقة عالية على باب غرفتها، فأذنت للطارق بالدخول، لكن أنفاسها توقفت عندما شاهدت باتريك يدخل...أحست سابينا فجأة بالخجل، و هذا سخيف بالنسبة لفتاة في السادسة و العشرين من عمرها:
-كيف حالك؟ (سألته)
-أنا بخير...هل شاهدت فيليب؟
-أمضيت المساء و الصباح معه.
-لتتجنبي أمي؟
-نعم جزئيا...لكن رغبتي في البقاء معه كانت الدافع الاساسي.
-أعتذر من عدم مجيئي ليلة أمس. كنت في إجتماع عمل إستمر إلى ما بعد الحادية عشرة. و عندما إتصلت قال الخادم إنك نمت منذ ساعتين، فقررت البقاء و العودة اليوم.
-طبعا.
-هل أبلغك عن عدم عودتي؟
-كنت نائمة ليلة أمس كما قال لك الخادم... و أمك قالت هذا الصباح إنك لم تعد بعد.
فتنهد عميقا:
-حسنا... لننس هذا الآن. هل سنتكل الآن أم لاحقا؟
أربكها سؤاله المباشر، فنسيت كل ما حضرته من كلام حفظث عن ظهر قلب.
-أه...فيما بعد أظنك تفضل الراحة و الاستحمام الآن.
مرر يده على مؤخرة عنقه بتعب ظاهر.
-سأفعل... فقد مر علي وقت عصيب ليلة أمس. فأنا لم أذق نوما هنيئا في الفندق.
-فندق؟ هل أقمت في فندقليلة أمس؟
لم تكن تتوقع هذا... فهي إعتقدته نام في شقة تلك المرأة... إلا إذا...يا رباه...لقد خدعتها كلمات ليزا كيندل بسهولة!
-أجل... و لم آو إلى الفراش قبل الثانية...فثمة مڤهكلة في إحدى شركاتي...علم بها الاتحاد العمالي، لكنه يرفض الاصغاء إلى وجهة نظري.
بعد أن كانت حمقاء أصبحت الآن فضولية لمعرفة سبب تأخره الحقيقي ف لندن. فقالت له بهدوء:
لكنني سأصغي إلى وجهة نظرك... أرجوك أن تخبرني.
فهز كتفيه:
- العمال هناك قلقون على الشركة فعندما تتمسك الاتحادات بأمر ما مثل هذا...لا يتركونه أبدا... و كان علي السفر إلى الشمال، حيث الشركة، هذا الصباح لاطمئنهم... تبا للازعاج!
- و أنا ظننتك...لا عليك مما ظننت...نستطيع التحدث متى شئت.
- فيما بعد قد يناسبني...لكن أين ظننتني أمضيت ليلة أمس؟
- في لندن بالطبع.
- إنما لست وحدي...هه؟
عضت على شفتها:
- لا.
فارتفع رأسه بتعال و شموخ:
- لو امضيت ليلتي في لدندن مع إمرأة فلن أفعل هذا في السر...لكن الواقع أن لا عشيقة لدي...لا في لندن و لا في أي مكان أخر.
- آسفة.
-هل تريدين لائحة بعلاقاتي خلال السنوات الخمس الاخيرة؟
بدا غاضبا حقا لكنها لم تلمه.
-قلت آسفة باتريك...فالخادم قال إنك عائد.
لم ترغب في توريط أمه في الموضوع لذا أردفت:
-لا داعي إلى شرح عما إفترضته...أعتذر باتريك، و أتمنى أن نترك الموضوع على ما هو الان!
لن تخبره عما قالته أمه، إذ كان على تعقلها أن يمنعها من الاستماع إلى المرأة الحقود.
-حسنا...هذا ما سيكون. سأذهب لرؤية فيليب ثم أستحم...على أن نتحدث في مكتبي بعد العشاء.
كانت باردة، لكن مؤدبة مع المرأة العجوز خلال تناولهم العشاء...فقد إستنتجت من خلال نظرة ليزا كيندل المنتصرة أنها تعتبر نفسها قد سجلت نقطة إنتصار عليها هذا الصباح بزرعها بذرة الشك في عقلها... ربما نجحت مبدئيا... لكن سابينا في المستقبل ستعرف كيف تحذر من سم هذه المرأة.
لكنها أحست بعيني المرأة تخرجان من محجريهما من الفضول عندما شاهدتهما ينسحبان معا إلى المكتبة... دون أن يقدم أي منهما تفسيرا.
جلس باتريك خلف مكتبه، نظر إليها باهتمام:
-هل إنخرت قرارا؟
هذه المرة كانت مستعدة لكلامه المباشر، فردت بهدوء:
-أجل... إتخذته.
لمع شيء في عينيه ثم تلاشى... تنهد و هو يقول:
-أفهم من هذا أن ردك "لا" فأنت ترفضين الارتباط بعقد يدوم مدى العمر.
وقف ليذرع الغرفة:
-عقد سيكون خاليا من الحب....
فقاطعته بصوت ناعم:
-لكنني لن أقول "لا" باتريك.
إلتفت بحدة ليواجهها و عيناه ضيقتان:
-لن يقولي "لا"؟
-لا.
-و لماذا لا؟
فابتسمت من دهشته:
-يمكنني القول إنك لم تسر كثيرا بقبولي عرض الزواج.
تخللت أصابعه في شعره الاسود:
-إنها إجابة لم أتوقعها...
-ألا تريدني زوجة؟
-طبعا...
-ألا تعتبر نفسك مجبرا؟
-لم أفكر بهذه الطريقة!
-إذن عليك التفكير الآن... فأنا أقبل عرضك باتريك. سأتزوجك.
كانت تتكلم برباطة جأش باردة جعلته يرفرف عينيه:
-متى؟
فهزت كتفيها:
-حالما ينتهي عقد عملي...كما أظن.
تحرك ليعود إلى الجلوس وراء مكتبه ثانية:
-حسن جدا... سأحضر الترتيبات كلها...
-لم أتم كلامي بعد... باتريك... فأنا سأقبل عرضك مع تغييرات محددة في الترتيبات.
ظهر عليه القلق:
-ما هي؟
فضحكت بنعومة ثم وقفت...كانت طويلة القامة، رشيقة القوام يدثرها فستان أخضر قاتم جعل شعرها يبدو لهبا مشتعلا و لون عينيها أزرق زمرديا.
-لا داعي إلى القلق باتريك. فلن أطلب منك التنازل عن ثروة العائلة لي.
-لكن من تمثلين دورها الشرير قد تفعل.
-إذا كانت تزعجك، أطمئنك أن دورها إنتهى. أول ما سأفعه هو ترك التمثيل بعد الموسم و قد وافق المنتج على حذف الدور.
-ستتخلين عن عملك؟
-أجل. على الاقل في الوقت الحاضر. ففيليب بحاجة إلى أم دائمة، و هذا تغيير آخر.
إرتد باتريك بكرسيه أمام نظرتها المتحدية:
-نعم... و ماذا سواه؟
-أريد الإعتناء بالطفل بنفسي، لا أرغب في مربية... فالسيدة بريد ستغادر قريبا، و أنا أعرف كيف أعتني بفيليب.
فقال بلطف:
-لا شك في هذا...كل ما في الامر أن العناية بطفل مسؤلية جسيمة...نه عمل يحتاج إلى أربعة و عشرين ساعة.
- و هذا ما سأحبه. سأعقد معك صفقة باتريك... بعد شهر، إذا ظننت أنني مقصرة فاستخدم مربية... كيف تجد هذا؟
تنهد ثانية:
-إن الثقة المنبعثة من إصرارك تؤكد أن الصفقة من جهتي خاسرة. حسنا أنا موافق إذا كان هذا ما تريدين!
-صح... و الآن أصل إلى أخر تغيير أريده.
-ثمة المزيد؟
-أجل... و هذا الجزء قد يكون الأكثر إحراجا.
جالت عيناه الباردتان في وجهها... ثم قال:
-فهمت... تفضلين عدم إقامة علاقات زوجية.
ثم تنهد مضيفا:
-أشك في أن الزواج سينجح دون هذه العلاقة... لكن...
-باتريك... لقد فهمت الامر خطأ... فدعك من القفز إلى إستنتاجات لا وجود لها.
-أسف!
فابتسمت:
-ها أنا أجادلك مرة أخرى؟
-أجل.
-لم أقصد الجدال للجدال. أردتك أن تصغي فقط إلي. أريدك باتريك... و أريدك بشكل يائس... لم أفكر في شخص أخر سواك منذ سافرت. أريد أن أكون زوجتك يا باتريك، لكن ليس ما تريد ءنت، بعض الوقت بك بل كل الوقت. أريدك أن تشاركني غرفتي نفسها لا أن تقوم برحلات عبر الممر، أو عبر باب مشترك... فلو فعلت لإهترأت السجادة بين غرفتينا!
إبتسمت على دعابتها... فتنحنح:
-أنا... أنت...
فضحكت:
-لقد أحرجتك... أليس كذلك؟ أنا لم أقصد هذا أيضا. لكنني لم أحس بمثل ما أحس به من قبل... فأنا لم أرغب في رجل كما أرغب فيك لذا أريد أن أكون صريحة بشأن هذا الامر.
- لست محرجا... ربما دهشا قليلا... هل شاهدت طوني خلال وجودك في أمريكا؟
-أجل.
-و لم يغير ذلك رغبتك في؟
-لا.
إستدار عنها ينظر إلى نار المدفئة:
-إن كنا سنكون صادقين، فعلي أن أقول إنني أحس بالرغبة نفسها... فقد حاولت أيضا أن أدفعها إلى زوايا النسيان في الأيام الأخيرة، لكنني لم أستطع. ما أحاول قوله إنني أشاركك الرغبة، و إني أحب أن أحمي السجادة في مطلق الأحوال.
حاول بكلامه أن يريح الجو المكهرب بينهما، لكنه لم ينجح. فالتكهرب ولد نار بينهما... فناداها متأوها:
-سابينا...!
دخلت بين ذراعيه بكل إرادتها...تتلقى ظمأه و جوعه إليها بظمأ و جوع مماثل. فضمته و لمسته بحرارة كما كان يفعل بها. فقال متأوها:
-أتأتين معي إلى غرفتي الآن؟ فأنا بأمس الحاجة إليك.
أرادت هذا... فليس هناك ما هو أفضل من قضاء الساعات بين ذراعيه...لكنها تراجعت عن ذلك الالتزام النهائي... إذ تريد أن تكون ليلة عرسها الليلة الأولى التي تتعرف فيها إلى حبه.
أحس بترددها فتراجع، و إحمرار الرغبة على جههو:
- لا؟...هل أنت كبقية النساء؟ لقد إعترفت برغبتك و إجتذبت إعترافا مماثلا مني... لكنك لن تتمكني من السيطرة علي برغبتي فيك سابينا. ما من جسد إمرأة يستحق أن يفقد الرجل إحترام نفسه من أجله أو سيطرته على نفسه.
دفعها بعيدا عنه... كان يتحدث بمرارة داخلية سببت لسابينا الألم... هل يتكلم عن تجربة شخصية؟... الأن عرفت بسس إنطوائه و العزلة و تحفظه! لا بد أن إمرأة في ماضيه إستخدمت جسدها لابتزازه! الزمن وحده سيظهر له أنها ليست هكذا.
سمعته يقول ببرود، و قد إبتعد عنها:
- أقبل بشروطك سابينا. سأبلغ والدتي بزواجنا في الصباح.
مدت له يدها، لكنه تجاهلها:
-لدي بعض الأعمال حاليا.
-سأتحرر من كل إلتزام في أمريكا بعد أسبوعين... و أنا...
-هل يشمل هذا طوني؟
-طبعا... فأنا سأكون زوجة وفية باتريك. أما أنت فلك أن تفعل ما تشاء.
كانت يداه قاسيتين على ذراعيها و هو يديرها نحوه قائلا بشراسة:
-سأكون وفيا لك حتى تتعبي في النهاية من كونك زوجة و أما. فتبدئين في التفتيش عن تسلية أخرى.
رفعت سابينا رأسها بكبرياء. و قالت بلهجة لاذعة:
-لا أعتقد أن هذا سيحدث.
-سنرى.
-متأكدة أننا سنرى... سأتركك الان إذا كان لديك عمل، و سأسافر بعد ظهر الغد...أعتقد ان أمك ستصاب بالاحباط عندما تعرف أنني عائدة لأعيش هنا هذه المرة.
-واثق مئة بالمئة أنها ستصاب بالجنون عندما أبلغها.
-لا تبدو مكترثا.
فقال بعجرفة:
-إختيار عروسي، لا شأن لأحد فيه، إنه شأني الخاص. سأتزوجك بعد أسبوعين من الان، مهما قالت.
-أي حالما أعود؟
-و هل لديك مانع؟
-أبدا... فوالدي لن يستطيع السفر في أي وقت قد نتزوج فيه.
-نتزوج في بلدك إن شئت.
-أو تفعل هذا؟
-إذا كانت هذه رغبتك.
-لكن فيليب...
-لن يكون في شهر العسل...ستبقى السيدة بريد لتعتني به إلى أن نعود.
-و هل نحن ذاهبان في شهر عسل؟
-هذه هي النقاليد...قد فكرت بجزيرة في الكرايبي، نزور في طريقنا إليها أهلك. أتفضلين هذه الفكرة؟
سيتضاعف كره ليزا كيندل لأنها قتحرمها من متعة زواج إبنها الأكبر في بلاده. فقالت:
-أظنها أفضل من الأولى.
-حسن جدا.
لم تكن برودة أساريره مشجعة، لكنها تقدمت منه فوقفت على أطراف أصابع قدميها و قبلته على خديه، متمتمة:
-تصبح على خير باتريك...سأجعلك سعيدا.
لم يرد... بل إتجه ليجلس على كرسيه، ففتح حقيبته و كأنه ينهي به هذا الحديث.
ما حدث قد حدث. فقد وعدته... ربما بعد عشرين سنة... عندما تبقى لمسته تذيبها و عندما يرى أنها لا تطلب منه شيئا لا يريد أن يعطيه... سيصدق أنه وحده، و وحده فقط، من ترغب فيه.
لم تكن سابينا قد خرجت من سريرها بعد عندما عصفت ليزا كيندل إلى داخل الغرفة... ففضلت بحكمة ان تبعد فنجان القهوة من يدها لئلا تدلقه المرأة في فورة غضبها! رأت أن لا حاجة لأن يخبرها أحد أن باتريك أخبر أمه عن زواجهما!
-إذن أنت أكثر خبثا مما ظننت و تستحقين تقديرا عليه!
-أعتقد أنك لست سعيدة بالزواج؟
-سعيدة؟ من الواضح أن الزواج سيكون في مصلهة فيليب. فقد كان ولدي غبيا عندما فكر في إقتراح الصحافة... و أنا سوف...
فقاطعتها سابينا بحدة:
-لا غباء فيما يفعله باتريك سيدة كيندل! سأنجح هذا الزواج.
-أنت لا تحبين إبني...
لمعت عينا سابينا و هي تقاطعها مجددا:
-أنا أهتم به... و هذا له أهمية الحب نفسه... باتريك رجل عظيم... و سأكون فخورة به زوجا.
-لن يحدث و لو على جتثي!
فالتوى فم سابينا بسخرية:
لا بأس... إذا كان هذا ضروريا.
-لن أقبل بك عضوا في عائلتي...
-و لست شديدة السرور لأنك أنت أحد أفرادها.
بدأت سابينا ترد الاهانة بالاهانة...
-و لكن ليس لدي خيار أخر بالنسبة لأقرباء زوجي... و الأن لو سمحت... أريد أن أرتدي ملابسي.
-لكنني لن أسمح. لن أقبلك أبدا زوجة لباتريك.
-لا يهمني قبولك من عدمه أبدا.
فاستشاطت العجوز غضبا و أخدت تصيح:
-ستندمين على هذا سابينا!
-لا أظن.
-لن تكوني أسعد مما كانت عليه كيم!
-أوه...لكنني سأجد السعادة. أترين، أنا أعلم منذ البداية مدى حبك و شغفك للتدمير فأنت لا تكذبين لتحقيق أهدافك.
-أتتحدثين عن الليلة التي قضاها باتريك في لندن؟
-تعرفين هذا. و لن أقع في فخ أكاذيبك بعد الأن. لأنه كان يعمل و كنت تعرفين هذا جيدا.
-صحيح؟
-أجل!
-هل قال لك إنه كان يعمل؟
-صحيح... و أنا أميل إلى تصديقه أكثر منك.
-إذن أنت غبية!
-لا...بل أنا أثق بالرجل الذي سيصبح زوجي.
إحمر وجه ليزا كثيرا من الغضب و اصبحت في حال يرثى لها:
-كلاكما مجنون! لن ينجح زواجكما.
-لكنه سينجح!
-سأذكرك بهذا عندما تفقدين صبرك فترحلين.
ردت سابينا بصوت ناعم ساخر و هي تغادر الغرفة:
-هذا لن يحدث أبدا.
لم يكن الشجار أسوأ مما توقعته... كانت تظن أن المرأة العجوز سترمي بتعليقات بذيئة ضد كيم كذلك... و ما من شك في أنها ستفتعل مشاكل عديدة لتخلفها مع باتريك، لكنها ستتجاهلها و ستتجاهل مفتعلتها.
-لماذا لم تخبريني؟
إلتفتت بذعر فرأت باتريك، و سرعان ما أحست بشفافية ثوب نومها. و ذلك يؤكد أنه يشاهد الأن جميع حنايا جسدها.
دون إستعجال وضعت الروب فوق ثيابها:
-أخبرك بماذا؟
-بشأن كذب والدتي حتى تتعثر علاقتنا.
فهزت كتفيها:
-لم أشأ إفتعال خصام غير ضروري بينك و بينها.
-غير ضروري؟ والدتي حقود تحب الانتقام. إن أعادت الكرة ثانية أخبريني فورا!
-أجل باتريك.
و إبتسم:
-و لا تحاولي الاستمرار في التمثيل علي... فبعد ما سمعت ما قلته لأمي لن أصدقك.
-و كم سمعت منه؟
-كل الحديث...كنت أتيا لأودعك عندما شاهدت أمي تدخل غرفتك... و بعد سماع أول دفاع عني لم أستطع منع نفسي من التصنت... بدوت شديدة واثقة جدا من أن زواجنا سينجح يا سابينا.
فتحركت إلى ذراعيه:
-أنا واثقة... فكل ما نحتاجه هو الصراحة التامة بيننا.
فربت خدها:
-و هذا يشمل إخباري بما تفعله عائلتي بك. أنا لا أشك في أن روزي ستؤازر والدتها... و ستحاول طعنك بخناجر من لسانها السليط.
-لن يهمني. كل ما أريده...أنت...و فيليب.
-الترتيب نفسه دئما؟
-هذا ما لا أستطيع إختياره. فأنا أعتبره ولدي... و أنت والده. و ما من إمرأة تستطيع الاختيار بين إبنها و زوجها.
هز رأسه متمتما:
-لقد أعجبت بصراحتك المباشرة منذ البداية... لكن عندما تمسني هذه الصراحة تتوثر أعصابي.
-ستعتادها تدريجيا.
- أشك في هذا... و الان وداعا...علي الذهاب.... سأعود بعد الظهر لأصطحبك إلى المطار.
- لا حاجة لهذا.
- إنه يعجبني.
فضحكت:
-بدأت أشعر أنني لا أحب الوداع. لكنني أفضل أن تستقبلني أنت عندما أعود، هذا إذا تسنى لك الوقت.
-سأخلق الوقت... هل أنت متأكدة أنك لا تحتاجين إلى من يوصلك بعد الظهر إلى المطار؟
-بالتأكيد.
في الأسبوع الأول بقيت مشغولة جدا في التصوير؟ فتصوير المسلسل لهذا الموسم يكاد ينتهي، و الجميع يعمل بسرعة.و في نهاية الأسبوع قصدت والديها لتعلمهما بقرار زواجها.
قطب والدها قائلا:
-لكنك لا تكادين تعرفين الرجل. فكيف ستتزوجينه؟
-هذا ما أريده.
-ابسبب فيل؟ لن أسمح لك بالتضحية بنفسك، من أجل أي شيء و إن كان حفيدي.
-لا أنكر أنني جزئيا أتزوجه من أجله...لكن بشكل أساسي أتزوجه لأنني أنا أريده.
- هل تحبينه؟
- أنا....
فقاطعتها أمها بصوت هادئ:
- هل تحبينه سابينا؟
و طال صمتها تفكر ما هو الحب و ماذا يعني، فأعادت أمها السؤال:
-سابينا؟
فابتلعت سابينا ريقها و قد إكتشفت إكتشافا هاما...لا تريده جسديا بل تريده كما تريد العاشقة المهبة الرجل الذي تحب... أجابت بثقة:
-أجل...أجل أنا أحبه.
عندما شاهدته ينتظرها في المطار بعد أسبوع. لم تستطع كبح مشاعرها...فركضت ترمي نفسها بين ذراعيه، رافعة خدها إليه ليقبلها:
-أوه...كم إشتقت إليك.
-أنا... فيليب كان ينتظرك على أحر من الجمر.
تعلم أنها لن تستطيع توقع الكثير منه في وقت قريب، فابتسمت:
-هذا رائع!...عانقني باتريك.
-هنا؟ و نظر حولهما قلقا.
-أجل هنا!
ثم بتنهيدة مخنوقة إحتضنها ليقبلها... و يقبلها... و كأنما لا يريد التوقف عن عناقها أبدا.


Jamila Omar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-12-08, 02:55 PM   #17

Jamila Omar

نجم روايتي وكاتبة ومحررة لغوية في قلوب أحلام وعضوة في فريق الترجمة

 
الصورة الرمزية Jamila Omar

? العضوٌ??? » 4574
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 7,576
?  نُقآطِيْ » Jamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond repute
افتراضي

6-عذراء الجزيرة

ثلاثة أيام...بعد ثلاثة أيام و يصبحان زوجا و زوجة...و هذا ما لم تفكر فيه منذ شهر. لكن كيم كانت حية قبل شهر من الأن.
كانت مشغولة جدا في الأسبوعين الأخيرين، حتى أن حادثة تحطم الطائرة تراجعت إلى زوايا تفكيرها...لكنها الأن عادت بعنف... مما جعلها تحس بالضعف و الأرتجاف.
سألها باتريك و هما في غرفة الجلوس، بعد أن لاحظ شحوبها:
- ما الأمر سابينا؟ هل غيرت رأيك بشأن الزواج؟
-لا...لكنني تذكرت كيم فلولا موتها...
-لا تفكري بهذه الطريقة. انك دون ريب تعبة...فاستريحي الأن... و سنتحدث فيما بعد... كنت أريد الخروج معك للعشاء... لكن...
- أوه... كنت سأحب فكرتك... لكن يجب أن أستلقي حتى أستعد بعدها للخروج.
فرد باتريك بعومة:
-ستقضي أمي بضعة أيام عند إبنتها...و لقد أعلمت الخدم بأمر زواجنا...ظننت هذا أفضل.
-صح...خاصة بعد إنتقالي إلى غرفتك.
-لكنك لن تتنتقلي.
- باتريك...
-سنتحدث عن هذا فيما بعد...
بعد أن أمضت قليلا من الوقت مع فيليب، تمكنت سابينا من الاغفاء في غرفتها مدة ساعتين، مع أن قول باتريك أنها لن تشاركه الغرفة أزعجها. لقد ظنت أنهما سويا الأمر قبل عودتها إلى أمريكا...حسنا،مهما قد إنخد قرار في غيابها، فلن تقبل به لأنها لن ترضى بزواج غير مثمر، فهي تريد لفيليب أخوة و أخوات... و غلبها النوم و هذه الفكرة في ذهنها، فعلت شفتيها إبتسامة و كأنها تتصور نفسها تحمل طفل باتريك بين ذراعيها.
ذلك المساء، إرتدت ملابسها بعناية،فشاهدت الاعجاب يقفز من عيني باتريك عندما إنضمت إليه في غرفة الجلوس ثانية. تقدم نحوها و أمسك بيدها.
-تبدين رائعة الجمال! لدي شيء لك.
-لي أنا؟
فابتسم لردها المتحمس:
-أجل.
دس يده في جيب سترته فأخرج علبة صغيرة ليكشف عن خاتم ذهبي أنيق تتوسطه ماسة رائعة ضمن دائرة من الزمرد.
-خاتم الخطوبة...ذا أعجبك...و إذا لم يعجبك...
-طبعا يعجبني...أنت إخترته، بالطبع سأحبه، إنه جميل! ضعه في إصبعي.
كان واسعا قليلا لكن لا إلى درجة السقوط من إصبعها.
-سأرسله ليصغر و ذلك أثناء شهر العسل.
-أوه...ليس الأمر مهما!
-أتريدين خسارته؟
-حسنا... لكنه سيبقى في يدي إلى أن تضع لي خاتم الزواج مكانه. و أريده من الذهب فقط.
ضحك و هو يفتح باب السيارة لها:
-عندما لا تفقدين أعصابك تبدين مرتبكة. ل
-كنني لا أخطب كل يوم سيد كيندل!
- صدقي أو لا...و أنا كذلك.
قاد سيارته ببراعته المعهودة. فتابعت أسئلتها:
-ألم تخطب من قبل؟
-لا و ما
-تزوجت؟
-لا
-لم أكن أعرف...فتملكني الفضول.
-حسنا لا تكوني فضولية، فأنا لم أخطب، أو أتزوج، و لم أنخرط في علاقة جدية فترة طويلة.
-و لا أنا
-صحيح؟
نظرت إليه بحدة فتساؤله لم يرقها.
-لن أجادلك الليلة ليس بعد خطوبتنا مباشرة.
-و لماذا قد ترغبين في مناقشتي؟
-لأنني أظنك أهنتني.
-أنا؟
- أجل أهنتني...لكنك سترى يا باتريك...أنك مخطئ في ظنك بي...مخطئ!
فتنهد عميقا:
-هل أنا مخطئ؟ أشك في هذا. لكن كما قلت، فلنبتعد عن الجدال الليلة. و أرجو أن يعجبك المطعم الذي إخترته.
-أنا واثقة أنه سيعجبني!
-لا تغضبي مني سابينا، إن أمامك هو خمسة و ثلاثين عاما من الشكوك و السخرية.
فلمعت عيناها تحديا:
-و أمامك ستة و عشرون سنة من الاستقلال و الصدق و الشرف، ستتعامل معها!
فلمس خدها بنعومة:
-سأنجح!
-و كذلك أنا!
كان المطعم مزدحما، لكن سرعان ما قادهما خادم إلى أفضل طاولة في المكان... طاولة منعزلة في إحدى زوايا المطعم... كان طراز المطعم قديما كأنه نزل ريفي لكن الخدمة كانت حميمية و ودودة و الاضاءة خافتة.
بعد جلوسهما قالت:
-يعجبني المكان.
- هذا ما رجوته. لم التوتر؟
-لأنني حساسة. و لا أقصد فقد أعصابي...
-ماذا فعلت بي سابينا بيرنت؟ لم أشارك قط بمثل هذا الحديث.
-لكنك لم تكن على وشك الزواج من قبل... قلت اليوم أنني لن أشاركك غرفتك.
فهز رأسه:
-بل قلت إنك لن تتنتقلي إلى غرفتي في هذا المنزل...لقد فكرت في الانتقال إلى منزل خاص بنا.
-منزل خاص؟ هل تعني أن تشتريه لنا؟
-طبعا.
- لنا نحن الثلاثة فقط؟ نحن و مدبرة منزل و خادمة أو إثنين. لا أظنك ستعترضين على وجود من يطبخ و ينظف بينما أنت تعتنين بفيليب؟
-لا...لكن أمك؟
- لم تعجبها الفكرة.
-لماذا إذن...
- أنا لا أتزوج لأرضي أمي!
كشف بهذا عن الضغوطات الشديدة التي تعرض لها خلال أسبوع غيابها ليعدل عن الزواج منها...
-أذكر تماما المشاكل التي قلت أنها واجهتك... و شراء منزل خاص بنا سيحل مشكلتين منها. أولاها ألا تواجهي أمي كثيرا و ثانيها ألا تعيشي معها في منزل واحد. لقد إخترت أن نبقى جميعا في إنكلترا، فهذا أقل ما أقدمه لك...لكن ثمة مشكلة لا أقدر على حلها.
إنه يعني انهما لا يحبان بعضهما بعضا! بلى...نها تحبه! و ستفعل المستحيل ليحبها.
-أخبرني المزيد عن شراء المنزل.
- أعجبتك الفكرة؟
-بل أحببتها! لكن على ألا يكون بعيدا عن أمك...حتى تستطيع زيارة فيليب عندما ترغب.
-يا لنبل اخلاقك!
- إنها جدته.
تناولا وجبة ممتعة. وكان قد مضى وقت طويل منذ أن تمتعت بوجبة كهذه بل ربما لم تتمتع قط بمثلها، لأنها لم تكن واقعة في الحب من قبل.
ما إن عادا إلى المنزل حتى سألها:
-أتتناولين شيئا يساعدك على النوم؟
كان المنزل صامتا فقد آوى كل الخدم إلى مخادعهم... و يبدو أن لا وجود لليزا كيندل الليلة لتنتظر وصولهما...و هذا ما جعلها سعيدة...
لحقت به إلى غرفة الجلوس حيث تركت النار مشتعلة حتى عودتهما، فأمسيات أيلول بدأت تبرد.
-أمضيت أمسية سعيدة يا باتريك.
-و أنا كذلك.
بدا و كأنه أجبر على الاعتراف فأردف:
-علينا أن نسهر في الخارج دائما بعد الزواج... و لا أظنك ستعترضين على ترك فيليب في عهدة مدبرة المنزل، في بعض الأمسيات؟
-أبدا... فعندها سأكون زوجتك، لا أم فيليب فقط. هل سنتبناه إبنا لنا باتريك؟
-هذا ما أفكر فيه.
-أظن أنه عندما يكبر و نخبره الحقيقة عن والديه سيقر أننا فعلنا المستحيل لنحتفظ به دون أن يكون عبئا علينا، خاصة بعد أن يصبح له أخوة و أخوات.
رد بصوت منخفض:
-أخوة و أخوات!
-أجل...لطالما حلمت بعائلة... أنا و كيم...
بدا الحزن على وجهها و هي صامتة، فالتفت ذراعه حول كتفيها:
-لا بأس عليك...فأنا كذلك ما زلت أشعر بألم فقدهما.
فدفنت رأسها في صدره.
-أسفة... لم أشأ إفساد أمسيتنا.
-لم تفسديها...أنت إمرأة مهبة دافئة تهتمين بالناس، و اظن أن فكرة العائلة رائعة. على كل الأحوال، لي فيها حتى الأن أفضل قسم.
-أتظن هذا؟
-بل أكيد.
ضمها بحنان و تمتم هامسا:
-ليس في البيت غيرنا سابينا.
فتصلبت... و عاد إليها إتزانها فتأثير السهرة و العواطف زالا تماما... تحركت مبتعدة عنه و هي تضحك:
-لسنا وحدنا تماما...فهناك الخدم...
-إنهم في جناحهم الخاص.
-لكننا سنتزوج بعد ثلاثة أيام. باتريك...و أنا تعبة الليلة.
فالتوى فمه ساخرا و إبتعد عنها:
-لقد إستخدمت هذا العذر من قبل. ماذا سيحدث فيما بعد؟ هل ستتذرعين بالصداع؟
-أظنك تهينني...
-صدقيني... لقد سبق و قلت لك لن تستطيعي السيطرة علي عن طريق الجاذبية الجسدية التي أحس بها نحوك.
-لكنني لست...
أمرها بخشونة:
-إذهبي إلى النوم سابينا. قلت إنك تعبة...فاذهبي.
-باتريك!
- إذهبي!
- وهل سنذهب غدا للتفتيش عن منزل؟
-إذا أردت هذا.
-أريده... باتريك؟
لم يلتفت:
-نعم.
فتنهدت:
-ليتني أستطيع التفسير لك... لكنك ستفهم سبب ترددي فيما بعد.
-أنا أفهمه....كلما أبقيت الرجل منتظرا جسدك رغب فيك أكثر... هذا هو منطق النساء!
كان إختيار المنزل سهلا جدا في الصباح التالي... فلباتريك ذوق ممتاز، و لهما أيضا ذوق مشترك فاختيار المنزل ذو الستة غرف الملكي الطراز، كان إختيارا مشتركا.
أحبت سابينا المنزل لأنه أقرب إلى الريف من منزل العائلة. فيه إسطبل و عدة جياد... و الجياد أحبتها منذ الطفولة...أما الحديقة فكانت كبيرة ستحب الاعتناء بها بنفسها، بمساعدة فيليب عندما يكبر... و فيها بركة سباحة عائلية صغيرة خلف المنزل.
قالت باثارة و هما عائدان إلى المنزل بعد توقيع المعاملات القانونية للشراء:
-سأعلم فيليب السباحة.
كان منذ الصباح باردا تجاهها... لكن مع تقدم النهار بدأ يتغير و ها هو يرمقها مبتسما الان:
-لا يمكنه التركيز بعد. أعطه فرصة مع كل هذه النشاطات التي تنوين القيام بها...الركوب... العناية بالحديقة...و بفيليب، تعليمه السباحة... خيف ستجدين الوقت لمزاولة مهنتك.
-سأنتظر حتى ذهابه إلى المدرسة.
-لكن الجمهور عندها سينساك.
-ربما سيكون لدي أطفال أخرون أهتم بهم.
- لا أدفعك إلى العمل. لكنني لا أحب أن أكون ثاني إهتماماتك و لا تعجبني كثيرا فكرة خروج زوجتي للعمل. لو كانت ظروفنا عادية لمنعتك عن العمل... لكنك تتزوجينني بسبب فيليب...بسبب إحساسك بالمسؤولية نحوه.
فردت متحدية:
-و لأنني أريدك كذلك.
أرجو أن تسامحيني إن شككت فيه...فلا برهان لدي مؤخرا. معظم النساء يجدن العلاقة الجسدية مثيرة للاهتمام إلى أن يضعن الخاتم في أصبعهن ثم لا يعدو أن يصبح ذلك لهن مثل عقد الصفقات.
-أنت شديد السخرية.
-تعلمت أن أكون ساخرا و الرجال يتعلمون مع الوقت.
عادت ليزا كيندل إلى المنزل صباح يوم الزفاف... مدعية بتعال أنه بعد إصرار باتريك على هذا الزواج السخيف لم يعد أمامها إلا تقديم دعمها المعنوي. فما كان من سابينا إلا إبتسمت لأن باتريك لا يحتاج إلى دعم أحد، خاصة دعم أمه!
دخلت روزي فريستون غرفة سابينا و هي ترتدي ثوب زفافها:
-بيض أ اللون؟
فنظرت سابينا إليها غاضبة من سخريتها و ردت بكبرياء:
-يحق لبعض النساء إرتداء الابيض.
-أعلم...كان لي الحق.
-و أنا كذلك.
- أشك في هذا. و يجب أن أقول إنني دهشة من غباء باتريك. كنت أظنه دوما عاقلا. و لماذا تريدين السكن في منزل وحدك؟ هذا المنزل كبيرا يكفي عشر عائلات!
نظرت إليها سابينا بعينين خضراوين قاسيتين:
-أنا و باتريك... لن نرتكب غلطة تشارلز و كيم... و لماذا لا تنتقلين و زوجك إليه؟
-لأن أمي ستأكله حيا.
فالتوى فم سابينا ساخرة:
-أشك في أن يكون لها التأثير نفسه... لكنني أستغني عن تعليقاتها اليومية الشريرة.
-هل تحبان بعضكما؟
-هذا ليس من شأنك اللعين!
-لقد شاهدته ينظر إليك... و هذا يفسر جنونه.
-و لكن باتريك لا يعتقده جنونا.
- و لا أظنك أنت كذلك تعتقدينه...فرأسمالك في عملك جسدك و جمالك، وهو لن يدوم طويلا... لكن الزواج من رجل ثري يعني أنك لن تخسري أبدا، فان إستمر الزواج ستعيشين عيشة فاخرة...و إذا فشل تحصلين على تسوية مالية دخمة... أنت ذكية ككيم...بل ربما أدهى.
راحت يد سابينا تتحرك من تلقاء نفسها، تطير ببطء في دائرة حتى تصطدم بوجه روزي فريستون التي شهقت و إرتفعت يدها إلى موضع الصفعة الأحمر ثم حدقت فيها مذهولة و قد أطلت الكراهية من عينيها و إلتوى فمها بعنف، و رمت بالكلمات:
- ستندمين على هذا سابينا!
إضطربت سابينا لفقدانها أعصابها، لكنها رفضت أن تترك روزي فريستون تلاحظ هذا. فردت بهدوء:
-لا أظن هذا!
لن تسمح بأن تهان كيم في زفافها هي!
هبطت يد روزي عن وجهها إلى جنبها... فقالت بغضب:
-لكنك ستندمين... و هذا ما سأتأكد منه!
إرتدت على عقبيها و خرجت عاصفة من الغرفة.
لم تعد سابينا قادرة على السيطرة على إرتجافها. فجلست على حافة السرير...تتنفس بعمق... لولا حبها البائس لباتريك لدفعتها كراهية عائلته إلى الهرب بعيدا...مع فيليب أو بدونه...خاصة بعد أن جعلت من روزي فريستون أكثر من عدوة اليوم...و هذا يعني أن عليها مراقبتها عن كثب.
لكن لم يكن من دليل على عدائية تلك المرأة أثناء ذهابهم إلى مكان عقد الزواج. بل الواقع أن تصرفها السعيد كان بديا أكثر من كراهيتها التي أظهرتها...و هذا ما يدعو للقلق.
لم يكن هناك ضيوف كثيرون أثناء عقد القران...لكن في حفلة الاستقبال التي جرت في المنزل فيما بعد، كان اكأمر مختلفا... فقد إعتبرت ليزا كيندل أن من واجبها دعوة أقارب و أصدقاء العائلة إلى حفلة زفاف إبنهى الأكبر، حتى و إن كانت ترفض العروس.
كان العروسان ينويان قضاء الليلة الأولى في لندن، على أن يستقلا الطائرة إلى أمريكا في اليوم التالي...ليقضيا ليلة عند أهلها قبل السفر إلى الكاراييبي حيث سيقضيان شهر العسل في جزيرة باباروست ثلاثة أسابيع... و لم تكن سابينا تطيق الانتظار حتى يصبحا حدهماو.
و كأنه أحس بما تفكر فيه فسألها:
-ماذا جرى مع روزي؟ لقد خرجت من غرفتك و كأنها قد ضربت.
فاعترفت سابينا ببساطة:
-أنا ضربتها. أهانتني فضربتها.
-ألا تعرفين أن على الزوجات ترك أزواجهن يدافعون عنهن؟
لم يظهر إكتراثا أو إهتماما لأنها ضربت أخته... فابتسمت إرتياحا:
-لم تكن زوجي وقتذاك.
-لكنني زوجك الأن...فإن تعرضت إلى إهانات أخرى... أخبريني و سأتعامل أنا معها بطريقتي الخاصة.
لم يكن لديها شك في هذا... لكن... بما أنها دائما مستقلة تجد من الغريب التفكير في أن هناك من تعتمد عليه، كمن يساعدها على خوض معاركها. لكن الامر الأن ذو إتجاهين، فعيها كذلك أن تساعده في كل شيء.
كانت حتى حان وقت مغادرتها بعد الثامنة، تحس بصداع رهيب، فقد إلتقت بالعديد من أقاربه، و تبادلت التعليقات الاذعة مع ليزا كيندل في أحاديث عديدة مزدوجة الحد، حتى باتت لا تستطيع التفكير السوي. و طوال الوقت كانت تحس بنظرات روزي فريستون نحوها، و كأنها تعرف شيئا لا تعرفه سابينا، لكنها غير مستعدة بعد لافشاءه...ما زاد الامر سوآ وداع فيليب و التفكير في الابتعاد عنه ثلاثة أسابيع.
لكنها لم تذكر صداعها أمام باتريك. متذكرة بوضوح سخريته من إختراعها الصداع بعد الزواج للتهرب منه، لكنه سألها و هي ملقية رأسها لتريحه علا مؤخرة مقعد السيارة:
-تعبة؟
- قليلا.
فأمسك بيدها:
-نتناول الطعام في جناحنا إذا أحببت.
الطعام!... يا إلهي... التفكير بالطعام جعلها تصاب بالغثيان... لكنها إضطرت للرد بضعف:
-أنا... عظيم.
ثم أغمت عينيها لتريح ألم الرأس مدعية النوم...و لم تدر متى تحول الادعاء إلى حقيقة. لكنها فجأة أحست بباتريك يهزها بلطف ليوقظها، و يقول بلطف:
-وصلنا الفندق. هل أنت أحسن حالا؟ أذهب الصداع؟
فجلست سابينا، متسعة العينين:
- أكنت تعلم؟
-كنت شاحبة، و كان الضوء يزعج عينيك فعلمت بصداعك. لا تخافي مني سابينا.
-لست خائفة... لكنني لم أرغب في المزيد من الاتهامات و لقد زال الصداع الأن...
فلمس ذقنها بنعومة:
-تلك الليلة كنت أعاني من ذلك المرض الرجولي المشترك. خيبة الأمل. و إذا كان رأسك يؤلمك حقا فالخير لك أن تنامي باكرا... وحدك!
جعلتها رقته، و تفكيره السليم، بعد توتر اليوم، تبكي. فقالت مختنقة:
-لقد زال الصداع حقا باتريك.
- ألا تفضلين النوم باكرا وحدك؟
فابتسمت:
-ليس لدي إعتراض على النوم باكرا... لكن على النوم وحدي لدي ألف إعتراض.
خرج من السيارة ضاحكا فتقدم منه بواب الفندق يفتح باب سابينا.
-سنبحث هذا بعد العشاء.
كان لباتريك القدرة و العظمة للحصول على أفضل الخدمات أينما ذهب. فبعد خمس دقائق من دخوله الفندق، كانا و حقائبهما في الطابق الأعلى في جناح العرائس الفخم.
كان العشاء مرحا و خفيفا... لكن سابينا لم تكن تحس بما كانت تأكل. فقد كانت تتمتع بصحبة باتريك أكثر من تمتعها بالطعام.
عندما شبعا جلسا في غرفة الجلوس الملحقة بغرفة نومهما فقل بخبث:
-و الأن ماذا عن النوم المبكر.
-مبكر؟ إنها الحادية عشرة.
- إنها ساعة مبكرة في لندن.
-علي أن استحم!
-طبعا... و أنا سأستخدم الحمام الأخر.
تريثت في الحمام ثم لما خرجت رشت جسدها بالعطر... لكن الغلالة البيضاء الرقيقة لم تخف شيئا من حنايا جسدها.
ظنت بعد دخولها غرفة النوم أن باتريك ما يزال في الحمام، لكنها بعد قليل، و في الاضاءة الخافتة، لاحظت حركة قرب النافذة. فدنت منه لتتأمل آلاف الأنوار المتلألئة في الجزء الظاهر لهما من المدينة.
إلتفت إليها مان شعر بوجودها، فعلقت أنفاسه في حلقه لمرآها الخلاب و نظرت سابينا إليه بعينين خضراوين لا تعرفان الخوف...لكنها بللت شفتيها بطرف لسانها...فتمة ما عليها قوله قبل الزواج.
-هل لاحظت أنني إرتديت الأبيض اليوم يا باتريك؟
فهز رأسه، و ضاقت عيناه:
- أجل لاحظت هذا.
-أنا... إرتديته لسبب محدد.
-ما هو؟
سارعت لتتكلم قبل أن تفقد شجاعتها. فسخريته تجعل كلامها صعبا.
- عندما كنت و كيم صغيرتين... كنا نتحدث كثيرا عن زواجنا. و قطعنا وعدا... وعدا حافظنا عليه.
أحست به يتوتر:
-نعم؟
-باتريك... أريدك أن تعلم أن عروسك... عذراء
فضاقت عيناه و إشتدت يداه على ذراعيها حتى آلمتها:
-عذراء؟
- نعم... و العذارى نادرات في أمريكا كما تعلم!
-لا تمزحي سابينا... فالأمر جدي. فهل تقولين الحقيقة؟
-فسخرت منه بمرارة:
-ممثلة عابثة لا أخلاق لها؟ لكنني أخشى أنك مخطئ فأنا أقول الحقيقة.
فتركها... ثم سحب نفسا عميقا أعقبه بزفير مرتفع الصوت... ثم راح ينظر إليها و كأنه لم يرها من قبل.
- ألذلك منعتني عنك في السابق؟ أ
-جل... أصدمك إعترافي؟
كانت مشاعره تجاه الأمر واضحة.
إنها صدمة...فلمن كان يزاول مهنة كمهنتي و لمن كان في مثمل عمري يعتبر الأمر مهما! لقد إعتبرت جسدي دائما مهما. مع أنه من اليسير إقامة علاقة مع أي إنسان في هذا الزمان... لكنني طوال حياتي لم أحب الأمور السهلة... فما رأيك؟
نظرت إليه متحدية تتنتظر ردة فعله، ثم قال بصوت أجش:
-أنت تعرفين رأيي... أنت إمرأة مميزة... سابينا كيندل! بدأت من الآن أتساءل ماذا إكتسبت من زواجي منك... عذراء! و أنت من قلت إنك تزوجتني لرغبتك في! أ
-نت تجعلني أبدو و كأنني دون حياء سيد كيندل!
-إن كنت تريدين رأيي... فسأقوله لك في الصباح... يالهي سابينا. أنت بريئة ساذجة!....
-لا... أبدا... لست ساذجة إلى هذا الحد.
-شكرا لله... لا أريد لأي شيء أن يفسد ليلتنا... أقصد ليلتك الأولى.
و حملها بين ذراعيه بسهولة، فلفت ذراعيها حول عنقه و تقدم ليضعها على السرير المزدوج.


Jamila Omar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-12-08, 02:03 AM   #18

Jamila Omar

نجم روايتي وكاتبة ومحررة لغوية في قلوب أحلام وعضوة في فريق الترجمة

 
الصورة الرمزية Jamila Omar

? العضوٌ??? » 4574
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 7,576
?  نُقآطِيْ » Jamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond repute
افتراضي

7-مازلت أريدك

إستيقظت سابينا في الصباح التالي تشعر بسعادة لم تعرفها من قبل...كلاهما إستيقظ في الوقت ذاته كما يبدو...و كأنهما أصبحا بعد الليلة الأولى شخص واحد، يحسان بالمشاعر نفسها و الحب نفسه، لقد شكت كثيرا في حبه.
-علام تتنتسمين؟
سألها باتريك بكسل و هو مستلق إلى جانبها، فاستدارت و هي بين ذراعيه:
- كنت أفكر فيك.
فابتسم:
-تعجبني الفكرة... أفكار مثيرة...
فضحكت:
-قطعا!
-أتحبين تنفيذ ما تفكرين فيه.
-كنت أفكر أنني سأتغلب عليك و... و ... ماذا تفعل؟
كانت يداه قد أطبقتا على خصرها بشدة، فأجاب:
-أضع كلماتك موضع تنفيذ.
لولا الطعام الذي أحضره الساقي لتم التنفيذ... لكن الخادم لم يلاحظ الابتسامتين السخيفتين على وجهيهما...
فدخل بعد أن فتح له باتريك و وضع الطعام على طاولة غرفة الطعام. و حياهما قبل أن يخرج.
إنفجرت سابينا بعد أن خرج ضاحكة على منظر باتريك و هو يحاول جاهدا الظهور بمظهره الطبيعي أمام الخادم. قطب باتريك وجهه و هو يسمع ضحكها:
-ليتني لم أستأجر جناح العرائس هذا!... إنه يوحي بكل ما وضوح ما كنا نفعله طوال الليل.
-أما كنا سنفعل الشئء نفسه في أي جناح أخر؟
- بلطبع... لكن...
-أوه... باتريك... لا يهمني ما يقوله الناس جميعا؟
نهضت من فراشها فاستدارت حول الطاولة لتلف ذراعيها حول عنقه، و تضع رأسها فوق رأسه.
-سيقال الكثير إذا إستمريت تتجولين حولي هكذا طوال اليوم.
-أنت من تضع الشعلة داخلي!
فوقف فجأة يمسك بيدها و يجرها إلى غرفة النوم :
-باتريك... أنا جائعة.
-و أنا جائع... قد نتناول الطعام فيما بعد.
في النهاية ما عادا اهتمان بالىفطار بل طلبا الغداء مبكرا. فقدمه لهما الساقي نفسه، رافعا حاجبيه قليلا عندما وجد الفطور باردا... في هذه المرة ضحك باتريك على نظرته... فسألته سابينا و هي تتمطى:
-أكل آشهر العسل هكذا؟ لكنني لا أهتم بأي شهر عسل آخر فأنا أجد شهر عسلنا جميلا جدا، و أنا سعيدة بزواجي منك باتريك.
فضحك:
-و أنا كذلك... و الآن تناولي غداءك، فأمامنا طائرة علينا اللحاق بها في الموعد تماما.
لم يخفف شيء حتى السفر الطويل من سعادتها إذ كانت تجد نبعا لا ينضب من المواضيع تتحدث بها مع باتريك.... مع أن الأوقات التي أمضياها صامتين كانت ممتعة كذلك. كانت تحس أنها مربوطة إليه بخيوط خفية... و أنها تحبه أكثر من الأول، مع أنها تعلم أنه قد لا يبادلها الحب، إلا أنه يتمتع بعلاقتهما بقدر ما تتمتع هي بها.
إستأجرا سيارة حالما وصلا إلى لوس أنجلوس، فقد باعت سيارتها قبل أن تسافر. و سألها و هما يتجهان إلى منزل والديها:
-هل ستفتقدينها؟
لوس أنجلوس؟ أسكن فيها منذ سنتين. بالطبع سأفتقدها. لكنني الآن أملك شيئا أفضل. تمنىأ هذا.
فالتفتت إليه ساخرة:
-لقد إمتلكتني الآن روحا و جسدا، و تأخر الوقت كثيرا على الشك... فلنتوقف في أي نزل تريده على الطريق لأبدد لك بالبرهان القاطع شكوكك كلها.
-أظنني سأثريت على مضض حتى المساء.
-إن الليل في لندن قد حل.
-أيتها الخبيثة!
- حسنا إذا كنت تفضل الانتظار.
-لا أرغب دي الانتظار... لكنني سأنتظر...خاصة و أنا أعلم مقدار شوقك إلي!
فابتسمت معترفة في سرها بما قاله... و قالت:
-والدي ينامان باكرا.
-أيعني هذا أننا سنتمكن من النوم باكرا أيضا؟
-يعني أن هذا أفضل.
فضحك:
-ربما كان علينا تأخير هذه الزيارة إلى ما بعد شهر العسل، فعندها كنت ستراوغين و تتهربين مني.
لم تجادله في هذا، فهذا أمر سيتكفل الزمن و أفعالها بإيضاحه ثم أن ثلاثة أسابيع لا يمكن أن تكون كافية للبدء بالهرب منه.
رحب بها أهلها بحرارة بينما رحبا بباتريك مع شيء من التحفظ، فهما لم يقابلاه سوى مرة واحدة قبل حادثة الطائرة. لكن باتريك كان في أوج سحره، و سعادتها بهذا الزواج لا يمكن الشك فيه. و ما إن حان وقت النوم حتى كان والدها قد تخلى عن تحفظه نحوه.
قال لها باتريك و هو يتحضر للنوم:
-يبدو أن فيليب يهمه كثيرا.
-أجل.
-عندما يصبح أقوى عودا سنحضره ليراه جداه.
-قالت أمي إنه لن يمر زمن طويل قبل أن يتعافى والدي و يصبح قادرا على السفر.
-ربما يزوراننا عندما سنعمده.
- ربما....باتريك؟
-هه؟
-كم إمرأة مرت في حياتك؟ ه
-ل هذا سؤال يطرح على عريس جديد؟
-سؤال صريح يتطلب رداصريحا.
-لن أبحث مثل هذه انأمور في شهر عسلي!
-أوه...عرفت...أنتم الانكيز تعنون بالتحفظ عدم التكلم عن مثل هذه الامور.
-كان هناك بعض النساء. مع أنني تعلمت أن أكون أكثر تحفظا في السنوات الأخيرة.
-لكن عائلتك لا تظن هذا.
-اللعنة على عائلتي! أنت لست متزوجة منها.
-أشكر الله على هذا!
-لم أسافر كل هذه المسافة لكي أناقش أمر عائلتي... ألا يمكنك التفكير بشيء أكثر إثارة.
إستأجر باتريك فيلا على الجزيرة و كانا لا يريان أحدا إلا الفتاة التي كانت تأتي كل صباح للتنظيف فكل شيء فيها حتى الشاطئ كان ملكهما و موضع حبهما...أمضيا الوقت في إسترخاء على الشاطئ و في تحضير و تناول وجبات لذيذة... و كانت مداعبة واحدة تشعل نارا تدوم ساعات و ساعات.
كان باتريك يضحك كثيرا... ضحك من كل قلبه خلال الأسابيع الثلاثة التي أمضياها وحدهما... بل أنه لم يعد يشبه في شيء ذلك الرجل المتجهم الذي أتى إلى لوس أنجلوس يريد رؤيتها في شقتها للمرة الأولى... و تمنت من كل قلبها أن لا يعود إلى ما كان.
لكن كلما كانا يقتربان من إنكلترا في الصباح التالي كان يعود إلى إنعزاله و توتره، رغم مزاحها معه. و حين بدأت رحلة العودة إلى منزل أهله لإحضار فيليب بات من الستحيل التصديق بأن الرجل الجالس قربها هو ذاك الذي كان متمددا معها على رمال الشاطئ يوم أمس، أو هو الذي ركض وراءها فوق الرمال الذهبية إلى الفيلا.
بدت باربادوس بعيدة بعد الزمن الآن... و بدأت تحس بالبؤس للتغيير الذي أصاب زوجها عندما وصلا إلى منزل العائلة.
-لن نبقى هنا باتريك، أليس كذلك؟
لسان حماتها اللاذع لن تستطيع تحمل وقعه عليها خاصة بعد الوقت العصيب الذي مرت به بسبب تبدل باتريك منذ لحظة وصولهما... فنظر إلى ساعته و هما يتجهان إلى المنزل:
-الساعة الآن الحادية عشرة و النصف، و لقد حان وقت الغداء تقريبا.
-لكن…
-لا يمكننا حمل فيليب و الهرب هكذا. لا تكوني طفلة سابينا!
تصاعد الدم إلى وجنتيها... فلقد خسرت خلال هذه الأسابيع كل دروع وقايتها من الصدمات و إعتادت على كلمات الاعجاب و التشجيع منه بدلا من هذا التحفظ. لكن قناع التكبر عاد إلى مكانه ما إن شاهدت ليزا كيندل ترحب بابنها بحرارة قبل أن تلتفت إليها بالتفاتة باردة. و تأبطت ذراع إبنها تتجه معه إلى غرفة الجلوس، بينما راحت سابينا تجرجر أذيال الخيبة وراءهما:
-هل أمضيت عطلة سعيدة حبيبي؟
- الكاريبي مكان مرضي.
فنظرت إليه سابينا بحدة... مرضي؟ شهر عسلهما... مرضي؟ لكنها عادت إلى البرودة عندما أحست بنظرة ليزا كيندل المنتصرة:
-لو عذرتماني...سأذهب لرؤية فيليب.
لم تنتظر الرد بل أسرعت للخروج و لم تتوقف حتى أصبحت داخل غرفة فيليب.
كانت برودة باتريك بعد حرارة شهر العسل، تقطعها كسكين حادة فلم تصدق البرودة بعد ذاك التقارب الذي كان بينهما حين كانت نظرة أو إبتسامة كافية لمعرفة ما يريد أحدهما من الاخر... لقد هبط الان درع حديدي بارد حول مشاعره ظهر فيه ذلك الغريب الذي عرفته من قبل. لكن مهما كان الذي يزعجه، ستعرفه في أسرع وقت ممكن.
لكن كان لباتريك خطة أخرى حول البقاء معا في المنزل.
-سأوصلك و فيليب إلى منزلنا ثم أتجه إلى المكتب بضع ساعات بعد الظهر.
نظرت إليه باستغراب... تلاحظ جيدا تظاهر أمه بعدم الاهتمام بالحديث.
-و هل أنت مضطر؟
فرد بحدة:
-ما كنت ذهبت لولا اضطراري. غبت عن المكت ثلاثة أسابيع و المؤسسة لا تدير نفسها بنفسها.
أجفلتها قساوة كلامه و كأنه ندم على الأسابيع التي قضاها معها... أو كأنه إعتبر أن ذلك كان هذرا لوقته، كيف له أن يكلمها بهذه الطريقة أمام أمه؟
قالت ليزا كيندل بكل رضى و سعادة:
-يبدو أن شهر العسل إنتهى!
فنظر باتريك بسرعة إلى سابينا:
-هذا ما يبدو.
قالت الأم:
-على فكرة... لقد عرفت الصحافة بقصة زوجك... فالصحافة دائما متطفلة.
-نعرف هذا... هل فيليب جاهز الان سابينا؟ أظن أن علينا الذهاب.
فقالت أمه:
-لكن قهوتك...
قاطعها باقتضاب:
- لا أريد قهوة. و أنت سابينا؟
- لا... شكرا. سأذهب لاحضار فيليب... فالسيدة بريد قالت أنه سيكون جاهزا بعد الغداء مباشرة.
قالت السيدة بريد بصوت متهدج و هي تعطي الطفل إلى سابينا:
-سأشتاق إليه.
-فدعتها سابينا بحرارة:
-لك الحرية في زيارته متى شئت فأنت علا الرحب و السعة.
- شكرا لك... سأحب هذا.
إنتظرت سابينا مع ليزا كيندل في غرفة الجلوس بينما باتريك و الخادم يعبئان أغراض فيليب في السيارة... و كان الصمت بين المرأتين متوترا... على الأقل من جهة سابينا، فليزا بدت واثقة من نفسها كالعادة... و لماذا لا تشعر بالثقة و إبنها قال لتوه إن شهر العسل كان "مرضيا"!
سمعت ليزا كيندل تقول لها بسخرية:
- إذن لقد فشلت في الاحتفاظ على إهتمام ولدي بك بعد شهر العسل! كنت أعرف هذا... فأنت ككيم تماما.
فصاحت بها سابينا:
-اتركي كيم خارج الموضوع!
قالت المرأة بكل ترفع:
-بكل سرور! و سأتركك أنت خارج أي موضوع عندما يدرك باتريك جسامة الخطأ الذي إرتكبه بزواجه منك... يبدو أنه ندم على تهوره!
إهتز الطفل بسبب إرتفاع وتيرة صوت جدته... فتوقفت سابينا عن هذه المناقشة ووقفت لتغادر المنزل و رأسها شامخ. أسرع باتريك لمساعدتها و إيصالها إلى المقعد الخلفي من السيارة. فقالت متوترة بصوت حاد:
-ربما تستطيع العودة لتشكر والدتك على الغداء... لقد نسيت.
نظر إليها متفرسا قبل أن يستدير نحو المنزل ليعود منه برفقة أمه التي قالت:
- هل لي أن أحتضن فيليب لبعض دقائق... أرجوك؟
أعطتها سابينا الطفل. فلاحظت أن أساريرها المجهمة إنفرجت حتى الابتسام. ربما هناك أمل في هذه المرأة... فقالت لها:
-تعالي لرؤيته متى شئت.
نظرت إليها العينان الباردتان... و ردت ليزا بعجرفة:
-هذا ما أنويه... إنه حفيدي.
فرد عليها باتريك بصوت منخفض:
-و المنزل منزل سابينا.
أخذ الطفل من أمه و أعاده إلى سابينا التي ابتسمت له شاكرة دفاعه عنها... لكن المتعجرفة ردت:
-و منزل إبني كذلك!
-لكن سابينا ستمضي فيه وقتا أكثر.
أثناء العودة قالت له:
-شكرا لك.
-ههذ هي الحقيقة. ليتكما تتفاهمان...
لكنها قاطعته:
-باتريك... هل تعتقد حقا أن شهر عسلك كان مرضيا؟ أ
-عتقد أنني قلت إن الجزيرة مرضية. ولم أذكر شهر عسلنا كما لا يعقل أن أخبر أمي أننا نغادر غرفة النوم.
حتى قوله هذا بدا إهانة، فقالت بحدة:
-و لماذا لا؟ فهذا ما يفعله معظم العرسان في شهر العسل!
فنظر إليها مشمئزا:
-ربما أنا لا أحب التباهي.
*****
جعلها فيليب مشغولة طوال الوقت إذ راح يستكشف ما حوله و يركز قليلا على مداعبتها. ثم غط بالنوم بعد أن غنت له بعذوبة.
عندما نزلت إلى الطابق الأرضي قالت لها الخادمة المتوستة العمر التي إستخدمها باتريك مدبرة المنزل:
-إتصل السيد كيندل منذ دقائق سيدتي. و عندما قلت له أنك مع الطفل، طلب عدم إزعاجك.
-هل ترك رسالة؟
-قال إنه سيتأخر في لندن، و طلب منك عدم ترقبه على العشاء.
إبتسمت السيدة كليفس بعد أن بلغتها الرسالة فقالت سابينا:
-شكرا لك. لا تحضري عشاء، فسأتناول شيئا فيما بعد إذا جعت.
حارت من برودة باتريك و من رغبته في الابتعاد عنها، فأن يقضي بعد الظهر في العمل أمر تتقبله، لكن أن يمضي الأمسيةكذلك فلا!
عندما أطعمت فيليب في العاشرة و النصف لم يكن قد عاد بعد إلى المنزل فما كان منها إلا أن وضعت الطفل في مهده ثم قررت الخلود إلى النوم... فقد لا يعود باتريك الليلة أبدا!
كيف له أن يفعل هذا بها في أول أمسية لهما في منزلهما بالغضب و الأسى و الألم... و عندما سمعت صوت سيارة باتريك تدخل الطريق الخاصة للمنزل كانت قد وصلت إلى نقطة الغليان. لن تسمح له بمعاملتها هكذا...!
كانت تقف في منتصف الغرفة عندما سمعت وقع أقدامه خارج الباب... كان ثوبها الحريري الشفاف يتعلق بكتفيها الزهريتين فقماشه الرقيق كشف أكثر مما غطى من جسدها... إذا كان باتريك يظنها من الزوجات اللواتي يتكورن في الفراش مدعيات النوم...بدلا من المواجهة فهو مخطئ!
توقف باتريك مجفلا عندما شاهدها تقف بكبرياء أمامه، فقال:
-سابينا!
ثم إستعاد جأشه بسرعة، و أقفل الباب وراءه، و تقدم و هو ينزعربطة عنقه:
-ظننتك نائمة.
-صحيح؟ لم أعتقد أن وقتك سمح لك بالتفكير بي ءو ربما لم تشأ التفكير.
- سابينا...
حدجته بعينيها الخضراوين و قالت ترد عليه بالحدة ذاتها:
-إذا كنت تريد إيقاف علاقتنا الزوجية باتريك، فقل هذا بصراحة. و إذا كنت قد فشلت بإسعادك فقل هذا أيضا... فلست بحاجة للبقاء خارج منزلك لتتجنبني.فأنا...أوه...
صرخت شاهقة بعد أن جذبها بين ذراعيه، قائلا بشراسة و هو يهزها:
-أوقف علاقتنا الزوجية! كيف لك أن تتحدثي عن أحاسيسنا المشتركة بهذه الطريقة؟
-أنت من تريدها هكذا!
-أنا أريدك أنت...يا إلهي! أنت تمنحيني سعادة لا توصف بالكلمات...أنا لم أتجنك. على الأقل ليس
بارادتي. بل كنت أمهلك وقتا... لإنهاء شهر العسل إذا أردت. لكن يبدو أنك لا تريدين...أليس كذلك؟
-أبدا...! أريدك كثيرا!
و دفنت وجهها في صدره. فاعترف بوحشية:
-و أنا أريدك.
و أطبق عليها، ليظهر لها أنه ما يزال يحبها و يريدها... و كانت معه لحظة بلحظة تستجيب له!


Jamila Omar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-12-08, 07:43 PM   #19

Jamila Omar

نجم روايتي وكاتبة ومحررة لغوية في قلوب أحلام وعضوة في فريق الترجمة

 
الصورة الرمزية Jamila Omar

? العضوٌ??? » 4574
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 7,576
?  نُقآطِيْ » Jamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond repute
افتراضي

8-الشك المرير

تلك الليلة لم تتكرر ثانية. فما عاد يتأخر في العودة إلى بيته و ما عاد يظهر شيئا من البرود.
فيليب بلغ الآن الشهر الثالث، فقد مضى شهران على زواج خالته وعمه، و هو يحس بجو السعادة يحيط به.
كانوا عائلة طبيعية... ولم تظلل الظروف المأساوية التي جمعتهما معا علاقتهما. كما لم تجد غضاضة في دعوة ليزا كيندل لتناول الشاي بعد الظهر. كان باتريك يأخذ الطفل لرؤية جدته مرة في الأسبوع، خلال ستة أسابيع، لكنه لم يحاول طوال هذه المدة دعوتها إلى زيارتهما لأنه شعر بأن سابينا ممتعضة من لقائهما الأخير لكن سابينا اليوم تحس بسعادة عارمة لأنها دعت حماتها لاحتساء الشاي بعد الظهر. صدمت ليزا كيندل عندما تلقت الدعوة الرسمية عبر الهاتف. لكنها قبلتها... على كل الأحوال إنها والدة باتريك. و لن تدع الكراهية تدوم إلى الأبد.
وصلت حماتها عند الرابعة و النصف بالضبط بعد الظهر، تقود سيارة العائلة بنفسها، و أحست سابينا بالراحة لرؤيتها و قد غيرت مظهرها للمناسبة مرتدية بذلة زرقاء حريرية جذابة. لكن سابينا كانت قد تعلمت أن إرتداء الأثواب الفاخرة المكلفة أمر لا يجدي بوجود الأطفال... و يبدو أن ليزا نسيت حتى الآن كيف يكون الأمر مع الأطفال!
قالت ليزا بعد أن تفحصت غرفة الاستقبال بعيني ناقد...
-لديك منزل جذاب...لا شك أنك إستعنت بمساعدة خبير في الديكور.
فابتسمت سابينا لأن المرأة تحاول إنقاص أهمية ما فعلته بنفسها:
-لا... فقبل أن أكون ممثلة... درست فن الديكور الداخلي.
فقالت حماتها بترفع و إزدراء:
-دراستك كانت مفيدة.
-أجل... هل تريدين أن أحمل فيليب إليك الآن؟
-حسنا لهذا جئت!
فرفعت سابينا حاجبيها هازئة، و قالت قبل أن تتوجه لإحضاره:
-ظننتك جئت لاحتساء الشاي.
تمكن من حسن الحظ فيليب من تخفيف حرج و إرتباك المرأتين اللتين راحتا تراقبانه و هو على الأرض يحرك يديه و قدميه في محاولة للزحف، ثم يحمر وجهه غضبا عندما يعجز عن التحرك.
قالت سابينا ضاحكة و هي ترفعه عن الأرض:
-التمرين مفيد له، يقوي عضلاته... هذا ما قالته المرشدة الصحية التي تزورنا.
دغدغت الطفل في رقبته بأنفها ليطلق سريعا ضحكات الفرح... فقالت ليزا:
-لا شك أبدا في صحة فيليب. لكنني أتساءل متى ستتعبين من تمثيل هذا الدور.
-دور؟
-دور الزوجة و الأم الشغوف. قد تكونين ممثلة بارعة، لكن إلى أي مدى تظنين نفسك قادرة على متابعة التمثيل؟
أخذت سابينا نفسا عميقا و قالت بحزم:
-سيدة كيندل... لقد دعوتك اليوم لاحتساء الشاي و رؤية فيليب...لكن الدعوة لاتشمل الإهانة!
-كنت أسأل فقط...
فوقفت سابينا غاضبة.
-إنه سؤال سخيف لا أهمية له عندي! أنا لا أمثل دور زوجة باتريك و أم فيليب... فأنا فعلا زوجة و أم و قد ظننتك نسيت أحكامك المسبقة و قبلتني على هذا الأساس.
-لقد تحملتك فقط لأن ولدي هو من إختار تدمير حياته بزواجه منك... و لأنك شريكته في الوصاية على حفيدي الوحيد. و إلا لما منحتك فرصة البقاء هنا يوما واحدا! كنت أعلم أن نفوذك هو الذي منع إبني من ضعوتي إلى منزله، و أعلم كذلك أنك أنت من تمنعني من رؤية حفيدي متى شئت.
-لكن باتريك يحمله إليك كل أسبوع.
فصاحت المرأة بصوت حاد:
- نصف ساعة لا تغني عن جوع أبدا.
سمعتا صوتا رقيقا يقول:
-إنه وقت طويل كما أعتقد.
إلتفتت المرأتان إتجاه الصوت، فإذا باتريك يقف بالباب المفتوح. فمدت أمه يديها بتوسل و إدعاء:
-باتريك حبيبي....
فرد ببرود و هو يدنو من سابينا:
-أمي...
و رفع يده على كتفي زوجته متملكا، يجذبها إليه لأنه شعر بها ترتجف. فقالت سابينا متحدية:
-والدتك كانت على وشك الذهاب!
فهز رأسه متجهما.
- هذا مافهمته. فشهقت أمه للإهانة:
-باتريك أنت لا تعني ماتقول! أنا...
قاطعها بخشونة:
-و سابينا زوجتي... و لن أسمح لك أو لأي شخص أخر أن يهينها...و بلغي روزي قولي هذا.
فقطبت ليزا:
- روزي؟
أنتما متشابهتان يا أمي...لكنك هذه المرة تماديت كثيرا... لقد أهنت زوجتي أمامي... مع أن سابينا كانت تحاول حمايتك و حماية إبنتك من أن أعرف طبيعتكما الخبيثة المنتقمة...أوه... بلى! لقد فعلت هذا! لكن بعد سماعي لك الآن... و سماع أكاذيبك التي تؤمنين بها... أظنك مخطئة... فلم أكن أنا المخطئ في زواجي من سابينا يا أمي... و لا شأن لها في عدم دعوتك إلى بيتي لأنني أنا من لم أرغب في زيارتك.
شهقت أمه من جديد:
-أنت؟ لا أستطيع الأصديق! باتريك...
قاطعها:
- بلى صدقي... و صدقي ما سأقوله الآن كذلك يا أمي... زواجي لن سابينا ناجح تماما... تماما. و أخر شيء كنت أرغب فيه أن تأتي أنت إلى هنا... لكنك جئت... و الآن... أنا أثني على طلب سابينا ذهابك حالا من هنا. و لا أريد أن رؤيتك مجددا قبل أن تشعري بأنك قادرة على الإعتذار من زوجتي على الإهانات التي وجهتها الآن و في الماضي!
لم يلاحظ شهقة الذشة التي صدرت من سابينا أمام صراخ أمه الفوري:
- لن أعتذر أبدا!
فاستدار يقرع الجرس لمدبرة المنزل و هو يقول:
- إذن... لا شيء يقال بيننا بعد. آه... سيدة كليفس...والدتي ستغادر المنزل حالا.
- باتريك....
- وداعا يا أمي!
نظرت بقلة صبر إلى مدبرة المنزل التي تنتظر أن ترافقها إلى الباب... ثم قالت لابنها:
- ستندم على هذا.
- لا أظن!
و سارعت الأم تغادر الغرفة... فارتجفت سابينا بعد أن بدأت ردة الفعل بالاستقرار في نفسها... فليس هناك أقبح مما رأته. فقال لها باتريك بلطف:
-أعطني فيليب.
أعطته الطفل، ثم دفنت وجهها بين يديها، و بكت:
-يا إلهي! لماذا تكرهني إلى هذا الحد؟
فهز كتفيه:
- إنها لا تطيق رؤية الناس سعداء.
- أتعني أنها ترى أن ما من إمرأة مناسبة لأولادها؟
فضحك:
-و هذا أيضا... إسمعي... لا أعرف سبب كرهها لك... لكنها ستعتذر لك.
- لقد سمعتها ... قالت أندا!
-ستفعل... و إذا لم تفعل فستخسر... هل يمكن أن تتركي فيليب مع السيدة كليفس ساعة أو ساعتين؟ لنتنزه قليلا عل أعصابك تهدأ.
عندها فقط علمت أن باتريك بدأ يهبها نفسه مقابل ما ثبه إياه دون أن يحس بهذا... كان دائما يمنحها السعادة كما تمنحه، لكن الأمر مختلف الآن، إنه يقدم لها الآن بعضا من ذاته كاشفا بذلك عن أشياء داخلية و ها هما يزدادان تقاربا و ألفة.
حافظ باتريك على كلمته خلال الأسبوعين التاليين فلم يسمعا أو يشاهدا أمه. و هذا ما لم يزعجه لكنه أقلقها. فتمة مشاكل كثيرة في عائلته و هي لا تحب أن تكون سببا في المزيد منها. أخيرا أتت روزي فريستون لرؤيتها... و لم تكن سابينا قد إسيت بعد لقائهما الأخير. أما روزي فبدت و كأنها لا تذكر ما حدث، لكن سابينا تعرف المرأة جيدا و تعرف أنها لم تنس. جلس الثلاثة في غرفة الاستقبال، و النار تشتعل في أمسية من أمسيات كانون الأول... فسألته روزي:
-ألا تظن أنك عاقبت أمك ما يكفي؟
فرفع حاجبيه لدى سماعه الوصف:
- عاقبتها؟ أنا لم أعاقبها!
فتنهدت شقيقته بنفاذ صبر:
- إذن لماذا تصر على الابتعاد عنها و منعها من رؤية فيليب؟
- أنا لست مصرا على شيء... إذا أرادت رؤيته فما عليها سوى الاعتذار من أمه.
فلمعت عينا روزي بلغضب و قالت بحدة:
- لكن سابينا ليست أمه!
فقال بصوت عميق خافت محذر:
-روزي! أكره ان أطلب منك الرحيل أيضا.
لمست سابينا صدره متوسلة و هي تجلس قربه على الأريكة:
- باتريك أرجوك!
فصاحت بها روزي بلؤم:
- لا أحتاجك للدفاع عني!
لاحظت سابينا أن عينيه ضاقتا بشكل خطير، فالتفتت إليها مبتسمة و قالت بنعومة:
- أنا واثقة أنك لست بحاجة لي. على الرحب و السءة بأمك متى شاءت...
قاطعها باتريك بخشونة:
- ليس قبل أن تعتذر.
- باتريك...
- أعني ما أقول سابينا... كان تشارلز ضعيفا جدا فلم يحسن الدفاع عن زوجته ضد عائلته... لكنني لست كذلك.
فصاحت روزي:
- تشارلز كان ضعيفا جدا لإيقاف أشياء كثيرة!
فأجفلت سابينا تنظر إلى المرأة بريبة... هل ستبحث أمر أبوة فيليب أمام أخيها؟ لكنه وقف بعصبية شرسة:
- حسنا... لكنني لست ضعيفا. لذا عودي إلى المنزل و أخبري أمك أن هذه ألواسطة المتوسلة لم تنجح. فما أريده هو إعتذار لسابينا. و سأحصل على الإعتذار.
بقي غضبه مسيطرا عليه ما تبقى من اليوم... لكن ما أن أصبحا في الفراش حتى تحول إلى لطف و حب... و عاد الزوج الشتاق الذي تعرفه.
لم تظهر الدهشة على سابينافي الصباح التالي عندما أعلمتها مدبرة المنزل أن حماتها قد وصلت:
-أدخليها!
تحرك باتريك نحو المدفأة ليضع قدمه على الحاجز الحديدي و إبتسامة تساهل على جهه من مرأى وجه سابينا المتوتر.
- إسترخي... لن تؤذيك.
- لكنها ستحاول
لم تكن ليزا كيندل إمرأة يسهل عليها الإعتذار فقد دخلت الغرفة شامخة الرأس، عيناها تلمعان و كأنها تستعد لمعركة. فقال باتريك:
- صباح الخير أمي...
فهزت رأسها ببرود و صوتها يزداد قساوة و خشونة:
-باتريك... سابينا!
بدا أن الصمت إمتد طويلا بعد هذه التحية المقتضبة. إذ لم يرغب باتريك في وصل هذه الهوة... أما سابينا فلم تجرؤ على التدخل. فهي تعلم أنه مصمم على سماع إعتذار أمه.
أخيرا إستدارت العينان الزرقاوان الباردتان إلى سابينا. و بدت الكلمات تخرج بقوة من ليزا كيندل:
-أعتقد أنني مدينة لك باعتذار... لاعتراضك على شيء قلته لك....
فصحح لها باتريك كلامها بقساوة:
-بل أنا من إعترض.
فظهر الاحراج أكثر على أمه:
- حسن جدا... أنا أسفة سابينا إذا كان ما قلته بدا فظا.
فصاح باتريك ثانية:
- لم يكن "يبدو" أمي... بل كان فظا... وسمعته بنفسي... أتذكرين؟
بعد ثوان قليلة لاحظت سابينا أن شفة العجوز السفلى ترتجف دون إرادة منها. و علمت أن ليزا كيندل لا تسيطر على نفسها كما تظهر. فسارعت تقاطعهما:
- هذا يكفي... إنه إعتذار مناسب.
إذ لم تطق أن تذل هذه المرأة... فباتريك رجل ظالم قاس. و أكملت:
- هل تودين رؤية فيليب؟ لا شك في أنه مستيقظ الآن.
- شكرا لك.
وضعت ليزا الطفل بين ذراعيها فاستلقى بينهما يثرثر...
-لقد نما كثيرا خلال أسبوعين.
- أجل... سيدة كيندل...
- بل ليزا...
ضحكت عندما طالعتها دهشة سابينا:
- أوه...لا تقلقي... لن أنقلب فجأة من ساحرة إلى جنية طيبة. لكنني ذكية حتى أعرف أن باتريك قد إختار ما يجب أن يختاره كل إنسان في يوم من الأيام، بين عائلته و بين زوجته. لم يبد تشارلز قادرا على هذا الاختيار... و ربما كان غلطتي. لكن باتريك يشبهني أكثر من الآخرين... و لقد قرر... أن لك و لفيليب الأولوية في حياته... فأما أن أقبل أو أخسركم جميعا... و سأقبل.
رضيت بقول المرأة لكنها رأت أن الأولوية في حياة باتريك هي للطفل... فهو لا يحبها و قد لا يحبها أبدا.
وصل أبواها لقضاء الميلاد معهما و بقيا حتى حان موعد تعميد فيليب في شهر كانون الثاني... و كان والدها قد غدا أقوى بكثير... و ما عاد يحتاج إلا أن يرى فيليب الصغير
كانت المناسبة أول إحتفال رسمي تكون فيه سابينا مضيفة لباتريك. و أرادت أن يكون كل شيء كامل و أرادته أن يكون فخورا بزوجته... و ساعدتها ليزا كثيرا في ترتيب الاحتفال... إذ كانت المرأة محقة... فهما لم تصبحا صديقتين فجأة، بل كانتا تتحملان بعضهما بعضا... و كانت تساعدها.
كانت مراسم الكنيسة مختصرة و جميلة و هادئة فلم يبك فيليب عندما وضعت المياه على رأسه.
ضحكت أم سابينا بعد أن غادرا إلى المنزل.
-لقد ذكرني فيليب بك كثيرا ف تلك اللحظات.
غدا والداها و باتريك صديقين خلال أسابيع إقامتهما هنا... فكبحت سابينا إبتسامة و هي ترى حاجبي زوجها ترتفعان. فقد كان يتحمل الكثير من المزاح منهما... فتحفظه الانكليزي كان مبعث تسلية لهما. ثم قال:
- لا بد أنه تساءل ماذا يجري في هذه الدنيا... لن يعرف حتى أننا سنعمده ثانية بماء الورد هنا خلال الحفلة.
- صحيح؟
-أجل إنها هدية والدك... سأذهب لأحضر كل شيء.
تأملت سابينا الغرفة بعيني المضيفة الناقدة. تريد أن تتأكد أن كل شيء في موضعه المناسب و أن الجميع يحصل على ما يريده من طعام و شراب و تسلية و صحبة.
إلتقت عيناها بعينين زرقاوين متألقتين... عيني روزيفريستون، التي وقفت غير بعيدة عنها، يلتوي فمها بسخرية.
لم تشعر سابينا قط بالراحة مع هذه المرأة، و كانت اليوم ترى أن عند هذه المرأة شيئا ما ستقوله في الوقت المناسب يكون ضربة موجعة. إنه شعور سخيف... رتصرفات المرأة كانت دائما مرضية. و اليوم الذي أمضياه معا وقت الميلاد كان ممتعا. و مع ذلك... فذلك القلق ملح...
إبتسمت لها روزي الآن. و قد غادرت كل الكراهية أساريرها. مما جعل سابينا تتساءل عما إذا كانت تتخيل في تلك النظرات.
- هاك كأسك ياحبيبتي!
إلتفتت سابينا لتتقبل لكأس من زوجها و إبتسمت له بحرارة، ناسية وجود روزي كله. فالأنخاب إرتفعت لسعادة فيليب. ثم أخدت الأيدي تتناقل الطفل ليبدي المدعوون إعجابهم به...
وقفت روزي فجأة قرب سابينا و هي ترتشف كأسها:
- أمك على حق... لفيليب مواصفات كيم نفسها. و لا أقصد الاهانة... لا سمح الله لأن باتريك قد يطردني!
أحست سابينا بعودة القلق إليها لكنها ردت بلطف:
- لا أحسبك تقصدين الإهانة.
نظرت روزي خارج الغرفة القريبة منهما و أكملت:
- يتوقعون سقوط الثلج اليوم... و يبدو أنهم سيصدقون هذه امرة!
تقدمت سابينا لتقف قربها و ردت بلطف:
- أجل.
إلتفتت إليها العينان الباردتان:
-سيعود أبواك إلى أمريكا قريبا؟
فأحست سابينا بالحزن:
- بعد يومين.
- يبدو أنك ستفتقدينهما.
- طبعا.
- لكن باتريك... و أمي سيبقيان.
- أجل.
قطبت سابينا، فروزي لم تتحدث إليها منذ زفافها، وكلاهما تعرف كيف كان ذلك الحديث.
تابعت روزي بمرح:
- أمي أصبحت رائعة معك... على كل الأحوال... أنت تحتفظين بحفيدها.
-روزي...لا أظن...
فقاطعتها بخبث:
- ألا تظنين أن الوقت مناسب لمناقشة موضوع كهذا...سابينا...هل أنت سعيدة مع أخي؟
إنتقلت نظرات سابينا لا شعوريا إلى زوجها و الحب يضيء عينيها تراقبه و هو يضفي سحره علا أهلها، فرفع رأسه إليها و كأنه أحس بنظراتها. فابتسم لها إبتسامة حارة قبل أن يخطف فيليب إهتمامه. سمعت روزي تجيب عن السؤال:
- بالطبع أنت سعيدة، هو مع فيليب يبدو أنه على أكمل حال أليسا كذلك؟ كأنهما أب و إبنه. روزي... لكن ربما يعود السبب إلى أنهما فعلا أب و إبنه.
أحست سابينا بجفاف في فمها... ولتصق لسانها في حنكها... لكنها واثقة أنها لم تسمع ما قالته المرأة جيدا. فما تقوله جنونا!
سمعت روزي تقول بسخرية:
- أتريدين سماع الكلمات مرة أخرى... لن أزعج نفسي في إعادتها... أنظري إليهما...أنظري!
أشاحت بوجهها إلى البعيد لكن المرأة أمرتها بشراسة.
- أنظري! لهما الشعر المتموج ذاته و لون العينين نفسه و الفك المرتفع نفسه بل لهما التكبر ذاته.
سابينا لم تكن تلاحظ هذا التشابه كله، أما الآن فقد لاحظته إذ أصبح واضحا كل الوضوح لها بعد أن أشارت إليه هذه المرأة الشريرة الحاقدة!
باستثناء الشعر الناعم الأحمر المسرسل، كان فيليب إنعكاسا لصورة باتريك...
لكن أن يكون إبنه؟
لا...! لا يمكن أن تصدق هذا!
و لن تصدقه!


Jamila Omar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-12-08, 08:45 AM   #20

مندوب جرح

? العضوٌ??? » 69190
?  التسِجيلٌ » Dec 2008
? مشَارَ?اتْي » 17
?  نُقآطِيْ » مندوب جرح is on a distinguished road
افتراضي

جميل جدا ..

معزوفات من الادب والمعنى الخالص


مندوب جرح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:51 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.