آخر 10 مشاركات
خادمة القصر (الكاتـب : اسماعيل موسى - )           »          رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          هيا نجدد إيماننا 2024 (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          587 - امرأة تائهة - راشيل فورد - ق.ع.د.ن ... حصريااااااا (الكاتـب : dalia - )           »          112 - دمية وراء القضبان - فيوليت وينسبير - ع.ق (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          مشاعر على حد السيف (121) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : salmanlina - )           »          إلَى السماءِ تجلت نَظرَتِي وَرَنـت (الكاتـب : ميساء بيتي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات العربية المنقولة المكتملة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-09-15, 11:58 PM   #1

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile25 روح وريحان الكاتبه / mini DOC ، الجزء الأول مصريه ،


،
،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيفكم اعضائنا الكرام
نقدم لكم رواية
روح وريحان
الكاتبه / mini DOC
قراءه ممتعه
،






التعديل الأخير تم بواسطة اسطورة ! ; 01-10-15 الساعة 09:47 AM
اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-09-15, 11:59 PM   #2

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

روح وريحــان
إن تمنيت أن يختم لك بروح وريحان
فاملأ حياتك بالروح والريحان
بيدك أنت


تنبيه !!!
اعتبرها حالة وعشها كما هي
تنصل من واقعك واحلم بواقع اخر ... واسعَ لتحقيقه على أرضك


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-15, 12:03 AM   #3

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الأول

صدعت صرخاتها الجدران ... تشققت أنفاسها ... سرت رجفة في نفوس من حولها ... تحيط بها الهمسات والهمهمات ... تتمتم إحداهن في أذن الأخرى بكلمات الشفقة والمواساة ...
فتلك البائسة أمامهن أثارت الكمد في نفوسهن ... البعض منهن يخشى أن يصيبه ما أصابها ... والبعض الآخر قد سبقها ... ولكن يحزن لمَ يراه منها ... فإن مررن بمثل هذا الألم ... فقد أحاطتهن رعاية افتقدتها هي ...
تتأرجح مشاعرها بين مرارة الفقد وفرحة الميلاد ... أن تشعر بشعورين متناقضين ... كلاهما حزن و حزن ... ولكنهما متناقضين ... كيف ؟؟ لا تدري ...
أو تشعر بفرح وفرح ... وأيضا متضادين ... أن تضحك على صاحبك حين يقول شر البلية ما يضحك ... تتجرع الكلمة بابتسامة تخفي مرارتها ...
لا تطيق ألمها ... لن أجد إجابة إن سألتني إن كان ألمها في الجسد أو في النفس ... فكلاهما لا تطيقه ...
تردد فقط "يا رب لا أريد سواك"

ثم هدأت أنفاسها وسكنت وسكن كل شئ .....
---------------------
ريحانة .. قطعة لحم حمراء .. غضة باكية .. علت صرخاتها .. وصدعت الجدران بسوطها ... تتناقلها الأعين بين مشفقة ومتغاضية .. تخفت صرخاتها وتئن أنينا مكلوما .. وكأنها تعلم مصابها ... قد يكون عقلها لا يدرك شيئا ولكنها تبصر أنها جاءت إلى هذه الدنيا بغير بهجة ... ترى الحزن في أعين حامليها .. وترى نظرة أخرى لمحت فيها شيئا بين بهجة الميلاد وفجيعة الفراق ... ولكن شتان بينهما فالألم طغى تماما على الفرحة ...
كبرت ونما عقلها وظلت تلك الذكرى تلاحقها .. تحاول إخفاءها كلما استطاعت .. ولكنها تظل محفورة في عقلها ...
وكما تظهر تلك الذكرى فجأة تختفي فجأة ... وكأنها تريد فقط تذكرتها بسبب حزنها الدائم ...

تذكرها ببسمتها الحزينة أو حزنها المبتسم .. بأي منهما اكتملت لوحة حياتها ..
ولما استوت لم تجد أمامها سوى رجل لاقى في حياته على قدر انحناءات وجهه وانكماش يديه ما يجعله جامدا صلدا ..
... لم تجرب أبدا شعور أن يكون لك أب يحميك وأم تسهر على راحتك ... ولكن كما حرمت منهما منفردين .. شعرت بهما متحدين في شخص واحد ...
يشرق يومها بابتسامته ... وتغيم الدنيا بغيابه ...
وكيف لا وقد تجاوزت العشرين ربيعا من عمرها معه .. هو طريقها للحياة ولم تحِد عنه ...
-----------------
سمعت "ريحانة" طرقات خفيفة على باب غرفتها فاستيقظت مبتسمة .. يغلبها كسلها وتغمض عينيها مجددا .. ولكن تحولت الطرقات لصوت مسموع ويليه طرقات مجددا ... قاومت تثاقل جفنيها وقامت مترنحة لتفتح الباب قائلة :
-حاضر يا جدو .. صحيت والله ..

ضحك "الجد صالح" متجها للباب قائلا :
-بس يا ريت مجيش من المسجد الاقيكي نمتي تاني ...

خطت خطواتها الاولى خارج غرفتها قائلة :
-لا متقلقش هستناك وانام تاني ..

هي حياتهما عاشوها منفردين .. نفسه الراضية تبدد بسمتها الحزينة .. وروحه الطيبة تجنبها شفقات الأعين التي ألفتها ..
أسرة صغيرة قد تكون .. ولكنها كاملة .. الأب والأم كان هو والابنة والحفيدة كانت هي ...

-----------------
أنهى "الجد صالح" صلاته في هذا المسجد المجاور لمنزله في إحدى المدن من ذوات العمائر الشاهقة تلك اللاتي يناطحن السحاب .. عائدا لمنزله ذاك يفكر كعادته تارة .. ويتمتم بالاستغفار والتسبيح تارة أخرى ..
ينظر للطرقات الواسعة ولجمهور الناس حوله فعادة ما تكتظ الشوارع في ذلك الوقت بجمع المصلين ... يتنهد مبتسما وهو يتذكر صباه وكيف كان يأتي للفجر ومعه نفر قليل ..
لم يكن متصورا أنه سيحيا ليرى ما يراه الآن ... أو ينعم بتلك الحياة الرغدة ..
قد يكون هناك ما يكدر عيشه ويصيب نفسه بالكمد .. إنها ذكرى وإن بعدت ستبقى حبيسة نفسه .. يتناساها أحيانا ولكنها تعود لتلح عليه في عين صغيرته ..
استقبلته "ريحانة" مقبلة رأسه وكفيه ثم احتضنته بشدة .. نظر لها مندهشا من بريق عينيها عرف أن هناك خطب ما ... لم تنتظر سؤاله بل قالت فرِحة :
-البرنامج اللي صممته هتشتريه اكبر شركة حاسبات في البلد ... ومش بس كدة دة انا اتعرض عليا وظيفة في الشركة كمان ..

هنأها " الجد صالح" قائلا :
-مبارك عليكي ..
ثم مال عليها مقبلا رأسها وهو يقول :
-انا بردو استغربت سر الفرحة الغريبة اللي في عنيكي دي ..

ضحكت قائلة :
-اه كنت عايزني اكون زعلانة وبعيط علشان اتأخرت في المسجد صح ..

رد عليها وهو يتجه للجلوس :
-يعني دي مش عادتك ...

سارت خلفه قائلة :
-لا خلاص بقى .. انا كبرت ع الحاجات دي بس بردو متتأخرش تاني ... ويلا بقى علشان عملتلك التمر واللبن اللي بتحبه .. وانا هكلم رنيم وريم اعرفهم بالخبر السعيد دة

----------------
بين العصر والظهيرة أنهى "يوسف" عمله ومر بسيارته ليأخذ "ريم" في طريقه للمنزل ... قطعا طريقهما بين المزاح كعادتهما تارة وبين شكوى "ريم" من معاملته لها تارة أخرى ...
وبين البين وصلا مبتغاهما ... بيت يتكون من عدة طوابق .. في الطابق الأول يعيش "الجد صالح" و "ريحانة" .. ويقطن "يوسف" وأمه و"ريم" أخته بالطابق الثاني .. وتبقى طابقان آخران بلا ساكن ... تحيط بالبيت حديقة غناء يرعاها جدهم "صالح" ...
وكعادتهما صعدا بصخب عالِ لأول طابق .. طرق "يوسف" الباب بينما تهتف "ريم" باسم"ريحانة" تارة وباسم جدها تارة أخرى .. فتحت "ريحانة" الباب مبتسمة وقالت بحبور :
-أي ريح عاتية أتت بكما ...

دخل "يوسف" أولا وانحنى مقبلا رأسها وهو يقول :
-ريح عاتية مرة واحدة .. بقى دي اخرتها .. وانا اللي قلت لازم اجيب هدية وابارك واهني .. قبل البت ريم

دخلت "ريم" خلفه قائلة :
-انا بت هي دي الاخوة يابن امي وابويا ...

ثم نظرت لـ "ريحانة" قائلة :
-بقولك ايه يا بنت خالتي تاخديه وعليه ربع جنيه ..

ابتسمت "ريحانة" برقة وهي تقول :
-انتي عارفة ان فلوس الدنيا كلها متجيش حاجة جنب يوسف .. دة قلبي

ابتسم "يوسف" وهو يقبل رأسها ثانية بينما تصنعت "ريم" الألم وهي تقول :
-اه قلبي ... اخويا وبنت خالتي مع بعض .. لا مش قادرة اصدق مش قادرة ..

ضحك "يوسف" عاليا وهو يضرب "ريم" على رأسها بينما ضحكت "ريحانة" بخفوت .. فطبيعتها الهادئة تسيطر على تصرفاتها .. تحيط بها هالة من الهدوء الناعم ترتاح عيناك لرؤيتها ... وتمتع ناظريك برقتها .. بريئة لدرجة تشعرك أنك تحدث طفلة لم تبلغ بعد .. بل هادئة بطريقة تجذبك للاستماع لحديثها الهادئ ...
أخرج "يوسف" من جيب معطفه علبة رقيقة كصاحبتها وقدمها لريحانة قائلا :
-مبارك عليكي يا احلى ريحانة في الدنيا كلها

ابتسمت "ريحانة" بخجل قائلة :
-الله يبارك فيك بس كان كفاية فرحتك دي مش عاوزة حاجة تانية ...

رد ابتسامتها بابتسامة قائلا :
-يا سلام .. انتي مش عارفة غلاوتك عندي ولا ايه ..
ثم قال غامزا لها بعينه :
-دة انت اللي في القلب يا جميل

ردت بخفوت :
-يوسف بس بقى ...

تحدثت "ريم" قائلة :
-انتو الاتنين بطلوا ام الرومانسية القديمة دي بقى زهقتوني ..

ثم أبعدت يد "يوسف" عن "ريحانة" قائلة :
-ابعد كدة عن البت عاوزة اباركلها انا كمان ...

واقتربت من "ريحانة" لتحتضنها بشدة قائلة :
-متعرفيش فرحتي بيكي اد ايه .. ربنا يوفقك دايما يارب .. وبالمناسبة السعيدة دي انا ورنيم عاملين لك بقى حفلة ايه هتحلمي بيها

ابتسمت "ريحانة" لتقول بصدق :
-ربنا يخليكوا ليا وميحرمنيش منكم ابدا ..

--------------------
أنهوا مباركاتهم ثم انطلقوا حيث لقاء "رنيم" ولم تخل سيارة "يوسف" من شغب "ريم" واعتراضاتها الدائمة ... بينما تسكن "ريحانة" في مقعدها المجاور لـ"يوسف" مبتسمة ..
هدأت "ريم" قليلا فحثها يوسف" على الاسترسال في مشاغباتها قائلا :
-ايه خلصتي .. كملي كملي .. طلعي كل اللي عندك مش عاوزك تكتمي في نفسك حاجة ...

صاحت "ريم" قائلة بحنق :
-يوسف متستفزنيش .. قلت لك احنا رايحين نقابل صاحبتنا تيجي معانا انت ليه .. وبعدين ليه مش راضي تخليني اسوق عربيتي .. بطل كدة بقى يا يوسف انت كدة بتخنقنا ..

نظر لها معاتبا وهو يقول :
-بخنقك يا ريم ... علشان بخاف عليكم يبقى بخنقكم ... خلاص يا ستي اتحملي خوفي عليكم .. اخوكي بقى وغلبان .. لكن مش هسيبكم بردو لوحدكم ..

استشعرت "ريحانة" التوتر الحادث بينهما .. ولكنها التزمت الصمت عجزا منها وليس رغبة فيه .. بينما تألمت "ريم" لعتاب شقيقها .. فانتفضت قائلة :
-انا اسفة يا يوسف والله مقصدش كدة ..

كانوا قد وصلوا .. فتوقف "يوسف" قائلا :
-اجيلكم الساعة كام ..

همست "ريحانة" وهي تغادر سيارته :
-بعد ساعتين ان شاء الله ..

بينما جلست "ريم" جوار يوسف قائلة :
-مش هسيبك تمشي وانت زعلان مني ..

رد "يوسف" دون ان ينظر لها :
-مش زعلان .. ممكن تنزلي بقى عشان متتاخروش على صاحبتكم

ردت "ريم" بتصميم :
-ايه يعني لو اتاخرنا ولو ان فيها اعدام من رنيم .. بس مش نازلة غير لما تضحك وتصالحني بشيكولاته كمان

ابتسم قائلا :
-يا بت انتي اللي مزعلاني عاوزاني انا اللي اصالحك ..

ابتسمت قائلة :
-اخيرا ضحكت .. والله لو زعلت مني تاني لاعضك ..

رفع كفيه في حركة استسلام قائلا :
-اخر مرة بس مطوليش لسانك تاني

ردت وهي تترك سيارته :
-هقصه قبل ما يطول على حبيبي ..

علاقة خاصة بينهما تجاوزت كل المعاني .. ليس فقط أخاها بل تمتد علاقتهما إلى أبوة خالصة من ناحية "يوسف "وأمومة خالصة من ناحية "ريم" .. ولصداقتهما طابع خاص .. فهما وإن كثرت مشاغباتهما إلا أنهما يخفيان وراء ذلك الشغب الكثير والكثير من المشاعر الصادقة ...
-------------------

استقبلتهما "رنيم" وفي عينيها نظرة متوعدة .. بمجرد وصولهما قالت "ريم":
-اسفين يا كبيرة ...
ثم سلمت عليها بترحاب كبير ..

ردت "رنيم" بحزم باسم :
-عندكوا تاخير 3 دقايق ..

ابتسمت "ريحانة" وهي تقبل عليها قائلة :
-طيب ممكن تتقبلي اسفي انا ..

عانقتها "رنيم" بشدة وهي تقول :
-هو انا اقدر على زعلك يا قلبي .. مبارك عليكي .. ربنا يوفقك دايما ...

سكنت "ريحانة" بين ذراعيها .. فدائما وابدا كانت "رنيم" أمها الصغيرة .. وليس لفارق السن دور في ذلك ... فـ "رنيم" و "ريم" يكبرانها فقط بثلاث سنوات .. ولكن لـ "رنيم" شخصية ساحرة بحنان خالص تخص به "ريحانة" وفقط ...
جلس ثلاثتهن على مائدة مستديرة .. يستمتعن بوقتهن ويتشاركن فرحة "ريحانة" .. فأخيرا ستخوض وحدها معمعة العمل .. وأخيرا سيتركونها تتصرف في أمر من امور حياتها وحدها ... جميع من حولها يساوره القلق من هذا الأمر ... ولكنهم يثقون بكفاءتها في عملها .. بينما كفاءتها في التعامل مع الناس خلاف المقربين لها صفر ...

----------------------
صحبة جمعتهن .. رباط متين ربط بين قلوبهن .. وألف بينهن حب من نوع غريب .. فإن فرحت إحداهن كانت السعادة أسبق إلى الأخريتين ... وإن تكاتف الهم على واحدة كان الحزن يوغر قلب ثلاثتهن ..
قد تكون شخص لم تمر بحياته صداقة كتلك .. وقد يكون آخرون حذروك من صاحبك .. وقد تكون من نوع ثالث يقسم أن الاختلاط بالناس شر لا محالة .. وقد يكون فاتك حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين قال : "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... " وذكر فيهم "ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه" .. أو قد يكون مر عليك أو مررت أنت عليه مرور الكرام .. فلم تعبأ لأن يكون لك نصيب في السبعة فقط بصحبة طيبة .. جمعكم حب الله ..
أيا كان نعود لصحبتنا نحن "ريحانة" "رنيم" "ريم" كلما اجتمعن تعود عقولهن لتلك الذكرى ذكرى معرفتهن .. بدأت تلك المعرفة مع أول كلمة كتبتها إحداهن ..
اسمع جيدا يا صاح .. الصداقة قيمة رائعة فقط إن أحسنت الاختيار .. وانا أخبرك ان ثلاثتهن أحسن الاختيار .. بل من الممكن لي أن اتحدث عن واحدة فقط لتعلم أنت أنها تمثل الأخريتين ..
لن أطيل حديثي في هذا الصدد فالأحداث أجدر أن تخبرك بمدى عمق تلك الصداقة ...
--------------------
مرت الساعتان سريعا .. خرج ثلاثتهن تتقدمهن "رنيم" .. لم يجدن "يوسف" في الخارج فالتفتت "رنيم" قائلة :
-ما تيجوا أوصلكم بدل ما تستنوا هنا لوحدكم ...

نظرتا كلتاهما لها في تردد واضح .. فهتفت "رنيم" بهما قائلة :
-هو سي يوسف دة مربيلكم الرعب ولا ايه ...

نظرت لها "ريحانة" قائلة :
-هو بس بيخاف علينا بس خوفه زايد شوية .. واحنا مبنحبش نزعله ..

ابتسمت "ريم" قائلة :
-اهو سي الدكتور يوسف جه اهو .. يلا سلام بقى يا نيمو ..

التفتت "رنيم" لسيارتها قائلة :
-سلام .. خلوا بالكم من نفسكم ..

ضحكت "ريم" قائلة :
-يا بنتي احنا معانا راجل .. خلي بالك انتي من نفسك ..

وصلا لـ "يوسف" كان متحفزا غاضبا .. ارتعشت "ريحانة" فحاول تهدئة نفسه إشفاقا عليها ... وفي السيارة حاولت "ريم" تخفيف حدة الموقف فهي تعرف جيدا سبب غضبه .. فقالت :
-الدكتور متأخر على ميعاده معانا خمس دقايق ..

فرد كاظما غيظه :
-وتفتكري دة سبب يخليكم تستنوني برة كدة قدام اللي رايح واللي جاي ..

ردت "ريم" في محاولة امتصاص غضبه :
-رايح وجاي ايه بس يا يوسف .. يوسف انت عارف انا عندي كام سنة علشان تعاملني كدة .. عارف الغلبانة اللي هتموت من الخوف جنبك دي عندها كم سنة ..

ابتسمت "ريحانة" بضعف وقد هدأتها كلمات "ريم" فقالت :
-خلاص يايوسف بقى دي حتى ريم عندها 27سنة ونفسها تتجوز .. وانا يتيمة .. متتعصبش بقى ..

ابتسم "يوسف" وكذلك "ريم" رغم علمهما بصعوبة ما قالت (يتيمة) يعرفون مرارة الكلمة بالنسبة لها جيدا .. ولها خاصة ..
ضربتها "ريم" بخفة على كتفها قائلة :
-اه عاوزة تقولي ان انا عانس يعني يا بت انتي .. دول طوابير بس انا اللي تقلانة ..

استجاب "يوسف" لدعابتها قائلا :
-على يدي ...

--------------------
بمجرد وصولهم .. جلسوا بصحبة جدهم ووالدتهم تسامروا قليلا قبل أن تأتي لـ "ريحانة" رسالة هاتفية .. قرأت ما تحويه بعينيها .. ثم انسحبت لغرفتها من بينهم بهدوء .. وعقلها يكرر رسالته على قلبها مرارا
((مبارك عليكي يا أحلى ريحانة في الدنيا كلها .. مش قلتلك انك اخدتي جين العبقرية مني .. كان نفسي اكون اول واحد يبارك .. بس أكيد الواد يوسف سبقني .. معلش تتعوض في حاجة تانية .. انا عارف انجازاتك كتير يا عبقرينو رقم 2 ))

ولكن فبل أن تهيم في خيالاتها استفاقت على صوت "يوسف" خارجا :
-الحق يا جدي حصلت حادثة قطر

ثم سمعت صوت جدها الفزع قائلا :
-استر يا رب دي محصلتش من أكتر من 30 سنة .. ربنا يعديها على خير ..


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-15, 12:04 AM   #4

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني


خرجت "ريحانة" فزعة لجدها الذي تلقاها بين ذراعيه مهدئا .. وربت "يوسف" على كتفيها .. ثم جلس بين "ريم" ووالدته يمسك بيد كلا منهما مهدئا .. وأنصت الجميع لتفاصيل الخبر المعلن عاجلا في التلفاز ...
تفاصيل وأحداث مصابين ووفيات .. تتابع "ريم" و"ريحانة" الخبر تكاد عيناهما الخروج من مقلتيهما .. فلم تشهدا طيلة حياتهما حدث كهذا .. حتى يوسف وإن كان متماسكا ..
مسئولون ومدانون .. تصريحات وتبريرات .. تنديد بم حدث .. لوم على الحكومة وانتفاضة للشعب .. يرى الجد تلك الأحداث حوله ويبتسم ساخرا في نفسه .. لم يمر يومان إلا وقد توقف العمل في الخط الحديدي المنسوب له الحادث لحين تصليح العطل الموجود .. ولم يمر يومان آخران إلا وقد أقيل المسئول عن الحادث وتحول آخرون للتحقيق ... وبعد أسبوع عاد العمل واستخدم الخط الحديدي مجددا .. وهدأت ثورة النفوس .. فثقتهم في حكومتهم لم تخيب ...
ووسط فرحتهم اختفى حزنهم على أمواتهم .. فلطالما عاد حقهم لن يضيرهم شئ .. وإيمانهم يتزايد بأن قدرهم الموت في هذا الوقت ..
وأما عن المهمل المتسبب في الحادث فقد تلقى وعيده .. ولن تقف بلدهم عند هذا الموقف .. ينتظرهم ثورة صناعية كبرى ...


---------------------
رنيم ... تأثرها بالحادث كان أشد وطأة .. فبحكم عملها كطبيبة شرعية .. ممكن أن يعرضها لمشاهدة الجثث وتشريحها لتعرف ذويها عليها .. وقد كان ..رغم قلة عدد الجثث الذي لم يصل لعشرة أشخاص .. ولكن تمسكها بالحق دائما كالسيف فيه لا تحيد عنه جعلها حانقة على كل مسئول في النقل والمواصلات ولم تسترح إلا وقد عوقب المذنب وأقيل المسئول من عمله ...
حديثي عن "رنيم" لا يجب أن يمر دون أن أتوقف عندها وعند جمالها خاصة .. وكما قيل أن الصمت في حرم الجمال جمال .. فستعجز كلماتي عن وصف جمالها ... ولا أعرف سره أهو في شخصيتها الآسرة المسيطرة على كل من حولها سيطرة المحبين .. أم قدرتها على كسب القلوب .. أو جذب مستمعيها إليها بلسانها اللبق .. وقد يكمن جمالها في رزانة عقلها وحكمته ..
أما عن شكلها وددت ألا أحدثكم عنه لشدة ضيقها من ذلك .. فكل أنثى تسعد بامتلاك ولو واحدة من علامات الجمال لتصبح من الجميلات ... فكيف بمن امتلكتهم أجمع .. عينين نجلاوين كحلاوين تزينهما رموش كثيفة .. ويتعاكس بياض بشرتها مع سواد شعرها المرسل لآخر ظهرها كما لو كان التقى الليل مع النهار ... رؤيتها تجعل ناظريك لا يحيد عنها .. وكأن بوجهها مغناطيس يجذبك لها وبها ...
كل ذلك سبب في ضيقها .. بل وحنقها من أي متهور يحاول الاقتراب من باب بيتهم .. وليس منها .. فمن يتهور ليتقدم لها تعلم جيدا أن نهايته قد اقتربت إما على يدها أو بسبب ما ستفعله فيه ...
ولما كانت ترى ذلك نقصا فيها .. حاولت أن تعوضه في شئ آخر .. فكانت مستميتة في دراستها لأبعد حد .. وأنهت دراستها في الجامعة قبل قريناتها بسبب تفوقها .. فكانت تدرس السنتين في سنة واحدة .. ولم تنتظر كثيرا بل أنهت تحضير الماجستير ومن بعده الدكتوراه في وقت قياسي وفي أهم جامعة في مصر إن لم تكن في العالم .. وتستعد الآن لعمل دكتوراه ثانية ...
شيئان لم تفعلهما رنيم بسبب إحساسها بالنقص من جمالها أو ضيقها من نظرات من حولها .. بل فعلتهما برغبة قوية داخلها ولم يكن لجمالها أي سبب في ذلك .. اختيار مجال تخصصها وارتدائها للنقاب ...
فبالنسبة لتخصصها رغم معارضة والدتها لها إشفاقا عليها ... إلا أنها رغبته وبشدة وأيدها في ذلك دعم والدها لها ... وأما ارتدائها للنقاب .. فقد ارتدته عندما أكملت العشرين من عمرها برغبة قوية بداخلها حيث كانت تشعر أنه ينقصها شئ بدونه .. ولم تجد معارضة أحد في ذلك .. فكان والدها دائما وأبدا يدعمها في ذلك ... بينما والدتها كانت تتنازع رغبتها بين التأييد لخوفها على ابنتها من أي عين وبين الاعتراض لأنها كأي أم تريد لابنتها التي أصبحت -عروسة- أن تراها كل عين وخاصة عين -ابن الحلال- ...
وعلى أعتاب السابعة والعشرين من عمرها .. تشعر أمها بخوفها يتزايد من رفض ابنتها المستمر لكل متقدم لها دون رؤيته أو حتى معرفة من هو ... ويبقى ذلك أمرا شائكا بينهما .. كل منهما تتجنب الحديث فيه خوفا من غضب الأخرى ...
فـ "رنيم" لا ترى في ذلك الأمر ما تراه أمها .. بل تعده انتصارا هائلا .. كلما رفضت أحد المتقدمين كلما تشعر أن كرامتها مصانة ...
ولكن إلى متى ستبقى كرامتها مصانة من وجهة نظرها لا أدري ...
-------------------
يوسف .. في طريقه لعمله لا يشغل تفكيره مؤخرا سوى موضوع واحد .. يرهقه ويؤرقه ..وهو المعروف بحلال العقد .. ولكن عادة ما تنتهي حلوله عند مشكلاته هو ..
شخص في قلبه ويشغل عقله .. بعيد لا يراه .. تكسره نظرة أمه وشوقها لرؤية ذلك الشخص .. لا يعرف أيلومها ويؤنبها أم يشفق لحالها ..
حتى أخته تنظر له نفس النظرة .. أملهم فيه .. وهو ليس له أمل سوى ربه .. شوقه لهذا الشخص أضعاف شوقهم .. ولكن ليس بيده حيلة ...

وصل لعمله حيث خمد تفكيره قليلا ... وفي مركز لإعادة تأهيل خريجي السجون .. وتنشئتهم تنشئة اجتماعية تقوم على أسس نفسية .. قد لاقى "يوسف" صنوفا من الناس فيه بحكم عمله كطبيب واستشاري للصحة النفسية .. أضافوا كثيرا له وتراكمت خبراته معهم وبهم .. بل وأصبح حكمه صائبا لا يراجعه فيه أحد .. حتى و إن قل عدد المجرمين فهذا شئ يفرحه .. وفي أغلب الأيام ينحصر عمله بين جلسات جماعية أو فردية -إن لزم الأمر- وعادة ما تكون حول تكييفهم للخروج للمجتمع كأفراد منتجين ومطورين ولكن اليوم يبدو أن هناك اختلاف ... فزائر اليوم ليس كسابقيه أبدا .. يزعجه قبل أن يراه ... وبالتالي راوده شعور بالضيق أن يتعامل مع شخص كهذا ... ولكن يبدو أن شعوره هذا نعمة كبيرة ...
طرقات قليلة قبل أن يدخل ويسود الهدوء فور رؤيته ... احتراما له من ناحية وخوفا منه من ناحية أخرى .. حاول التبسم وهو يتوجه بحديثه لزائر اليوم قائلا :
-أستاذ مجدي مش كدة ..

حاول "مجدي" السيطرة على خوفه قائلا :
-ايوة

أكمل "يوسف" محتفظا بابتسامته :
-حضرتك مضايق من وجودك عندنا ولا ايه ..

-لا ابدا بس انا مش شايف ان وجودي هنا ليه لازمة ..
جلس"يوسف" قائلا :
-طيب اتفضل اقعد واقف ليه ... حضرتك عارف ان وجودك هنا ليه فايدة كبيرة ليك ..
اولا كنت في السجن تقريبا لمدة شهر فبالتالي وجودك وسط المجرمين غير وجودك في الشارع مع كل انواع البشر

ثانيا حضرتك دخلت السجن ظلم فحاجة زي دي تاثيرها هيكون اكبر عليك ..
سكت "يوسف" قليلا ثم أكمل :
-مش ظلم برده يا استاذ مجدي

صاح "مجدي" قائلا :
-اه طبعا مظوم انا معملتش حاجة ... اللي عمل كدة في السجن دلوقتي ..

ابتسم "يوسف" وقد حقق مراده قائلا :
-قلتلك صوتك ميعلاش هنا .. ثانيا انا مش بتهمك بحاجة .. ووجودك هنا مش هيطول ..

------------------
ريم ... الفاكهة اللذيذة .. أو السحر الخفي .. بابتسامة ساحرة تنهي أحزانها .. وبوجه مشرق تدخل السرورر لكل قلب حولها ... بالنسبة لأخويها "يوسف" و"باسل" فهي روضة حياتهما .. الأم الصغيرة .. والصديقة الوفية .. والناصحة الأمينة ..
وبالنسبة لصديقتيها .. فهي المرح الدائم .. والنعمة المشكورة .. قلب نقي .. سماحة دائمة .. موضوع الزواج لا تتخذ منه سوى حديث مرح فقط ولا يشغل بالها جديا .. ولكن إن باءت محاولاتها بالفشل في رسم بسمة على وجه حزين فلا تجد مخرج سوى ذلك الأمر .. فهي تحسن استخدامه جيدا لرسم بسمة نقية ...
شخصية مناسبة جدا لعملها كمعلمة للأطفال .. فهناك تجدها طفلة بريئة .. وتجدها أم حكيمة .. وتجدها معلمة حازمة .. تتفانى في عملها بكل كيانها .. وازداد تفانيها مؤخرا لتلهي تفكيرها عن أخيها الحاضر الغائب ..
تقدمت خطواتها في إحدى طرقات المدرسة حتى وصلت فصلها .. طرقت بظهر يدها على الباب ثلاثا ثم دخلت .. وقف تلامذتها احتراما .. فأشارت لهم بالجلوس وهي تقول مبتسمة :
-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. حبايبي الحلوين عاملين ايه النهاردة ..

استمعت ردودهم فرادى وهي تتحاور معهم .. ثم بدأت عملها بإتقان .. تشرح وتساعد على الفهم والتطبيق .. يمرحون حينا ويجدون حينا آخر ... ثم رن جرس الحصص لينبئهم بوقت النظافة .. وبحركة آلية قام كل طفل لينقل مقعده جانبا ويبدءون في تنظيف فصلهم ومعهم معلمتهم "ريم" ... وفي خمسة عشر دقيقة كانوا قد انتهوا من عملهم بين المرح والتنظيف ..
فتنشئتهم على التواضع والنظافة وقيم أخرى هدف لدولة تبني نفسها ويعمرها أبناؤها .. فجيل كهذا تربى على تطبيق أن (إماطة الأذى عن الطريق صدقة) -ليس فقط بحفظ الحديث- .. بل واقتدوا بالرسول -صلى الله عليه وسلم- فعليا في تواضعه وقضاء حوائجه بنفسه .. جيل تعلم أن النظافة من الإيمان فعمل بم تعلم ..
عادوا لدراستهم مجددا حتى حان وقت الغداء .. وبحركة آلية أخرى اتجه كل منهم يحضر وجبته ليتناولوها ومعهم معلمتهم .. ثم ينتهوا لينظفوا آنيتهم ويعودون لدراستهم .. بعد وقت ليس بالقليل للعب والمرح ..
في وقت الراحة بين الحصص .. قامت "ريم" بمهاتفة "رنيم" .. وما إن ردت الثانية قائلة :
-السلام عليكم .. خير ..

ضحكت "ريم" قائلة :
-خير دي يعني اقفل ولا ايه ..

ردت "رنيم" مبتسمة :
-لا واضح انك بتفهميها وهي طايرة .. ايوة اقفلي .. عندي شغل ..

قالت "ريم" ببرود :
-بس انا معنديش شغل دلوقتي .. وبعدين شغل ايه يا حبيبتي اللي في وقت الراحة ..

ضحكت "رنيم" قائلة :
-يا بت انتي عاوزة مني ايه .. واحدة ومش عاوزة تكلمك رامية نفسك عليا ليه ..

ابتسمت "ريم" وهي تقول :
-وانا اللي قلت نيمو حبيبتي استلمت قضية جديدة امبارح ودلوقتي اعصابها مشدودة كالعادة .. دة غير قلقها على ريحانة بسبب ان دة اول يوم ليها في الشغل .. صعبتي عليا قلت اخفف عنك شوية ..

ردت "رنيم" قائلة :
-انا فعلا قلقانة على ريحانة .. بس اعصابي مش مشدود ولا حاجة .. واحنا شاكرين مجهوداتك العظيمة لتخفيف اعباء المجتمع ..

استمعت "ريم" لها وهي تعلم أنها متوترة بالفعل ولكن "رنيم" كعادتها تحب أن تخفي انفعالاتها عن كل من حولها .. لم ترد "ريم" من مكالمتها سوى التخفيف من توترها وقلقها .. حتى وإن لم تعترف "رنيم" بذلك .. ولكنها متأكدة من جدوى مكالمتها .. بالإضافة الى أن "ريم " نفسها قلقة على "ريحانة" بشدة فهذا أول يوم لها في العمل .. ويعرفون جيدا خوف "ريحانة" من أي غريب .. فأحبت أن تشاركها مشاعرها فقط ..
أفاقت "ريم" على نداء "رنيم" لها فردت قائلة :
-معاكي اهو يا ستي .. وبعدين ريحانة دلوقتي في البريك هي كمان .. هكلمها خليكي معانا ع الخط بقى ..

ردت "رنيم" قائلة :
-حاضر .. اما اشوف اخرتها معاكي انتي وبنت خالتك ..

ضحكت "ريم" قائلة :
-اخرتها فل ان شاء الله ..

قاطعهما صوت "ريحانة" الهادئ وهي تقول :
-السلام عليكم

ردت "رنيم" وريم" في وقت واحد :
-وعليكم السلام .. عملتي ايه يا ريحانتي ..

ثم ضحكت كلتاهما تشاركهما "ريحانة" التي قالت :
-الحمد لله كان يوم كويس .. متقلقوش عليا ..

ردت "رنيم" :
-طيب .. وبعدين .. انا عاوزة تفاصيل ..

فهمت "ريحانة" ما تريد فردت :
-انا ليا مكتب لوحدي .. كل اللي هتعامل معاهم في الشغل بنات او بواسطة بنات .. حتى المدير تعاملي معاه بيكون بوجود سكرتيرته ..
ثم أكملت بحزن:
- كلهم فاكرين ان الحدود اللي انا عاملاها بيني وبين اي راجل بس .. مش فاهمين اني حتى خايفة من تعاملي مع البنات ...

ساد صمت حزين بين ثلاثتهن .. قطعته "رنيم" بحزم قائلة :
-ريحانة يا حبيبتي احنا اتفقنا انك هتتعاملي مع كل الناس عادي .. اولا خوفك دة ملوش اي سبب غير خيالات في دماغك .. ومش عايزاه يأثر عليكي .. لازم تفهمي انهم هما اللي محتاجينك في الشركة دي .. ولازم تثبتي انك اد ثقتهم فيكي اتفقنا ..

ثم أكملت "ريم" قائلة :
-بت يا عبقرينو انتي شوية الزعل دول علشان تهربي مني ومتعرفنيش قبضتي كام تمن البرنامج دة ..

ضحكت "ريحانة" قائلة :
-لو سؤالك علشان عزومة الغدا انا مش ناسية ..

حينها ضحكت "رنيم" وريم" قائلة :
-حبيبتي يا ريحانتي .. ايوة كدة .. دة انا حتى عرفت يوسف اننا هنكون مع رنيم النهاردة .. ولو انه فضل يقولي ماهي بنت بردو .. بس انا قلت له متخفش دة انا ورنيم بميت راجل ..

ردت "رنيم" قائلة :
-على فاكرة اخوكي دة يحكم عليكي او على ريحانة .. لكن ملوش حكم عليا .. وبعدين هتحسدي البت على تمن البرنامج .. على أساس ان حسابك في البنك صفر ..

شهقت "ريم" باصطناع قائلة :
-اه ايه دة بتحسديني يا ام عيون واسعة وكحيلة ..

ساد صمت مجددا .. قطعته "ريم" هذه المرة وهي تقول :
-لو زعلتي يا رنيم هقفل ..

ردت "رنيم" بصوت محايد :
-مزعلتش ..

فقالت "ريم" :
-طيب سلام عليكم ..

أوقفتها "رنيم" بحزم :
-قلت مزعلتش .. بطلي حركات العيال دي ...

صمت للمرة الثالثة .. وكل منهن تعلم أن "ريم" أصابت وترا حساسا لدى "رنيم" .. فالحديث عن شكلها أو وصف جمالها يزعجها لدرجة مؤلمة .. ولم تعلم "رنيم" أن ما تفعله "ريم" لم يكن أبدا خطأ غير مقصود .. بل دائما تتعمد ذكر ذلك على سبيل المرح .. تريد أن ترى "رنيم" فرِحة بجمالها أو حتى مغرورة به .. لن تلومها .. ولكن أن يصبح جمالها عقدة تعرقل مسير حياتها ... شئ تلوم "رنيم" عليه ولكن بلا جدوى ...
وبذهن "ريحانة" تدور نفس خواطر "ريم" .. فلـ "رنيم" بقلبيهما مكانة خاصة .. تأبى كلتاهما رؤيتها كذلك .. ويكأنها دميمة تخشى رؤية الناس لوجهها ..
قطع الصمت "ريحانة" وهي تقول :
-هتعدي عليا امتى يا نيمو ..

ردت "رنيم" بصوت مخنوق :
-هعدي على ريم اول في طريقي وبعدين نعدي عليكي ان شاء الله يا حبيبتي .. مش هنتأخر عن 3.30معلش تحاولي تستنينا الفترة دي في مكان تحسي انك مطمنة فيه اتفقنا ..

لم تفت نبرة "رنيم" أذنيهما .. ولكن "ريم" ردت قائلة :
-معلش يا نيمو .. انا هروح لريحانة وانتي تعدي علينا هناك علشان متكونش لوحدها ...

ابتسمت "ريحانة" باطمئنان وكذلك "رنيم" ردت :
-خلاص اتفقنا ..


عادت كل منهن لعملها وفي عقلها تدور أشياء اخرى غير التي كانت قبل المكالمة .. ولكن كانت "ريم" أشدهن حزنا .. فلا هي ساعدت "رنيم" على تجاوز مشكلتها .. ولا هي رسمت بسمة على وجهيهما كعادتها .. بل كانت سببا في ما حدث .. ولكنها لن تيأس .. تعلم جيدا كيف تسعد كلتيهما ثانية ..
--------------------
أنهين عملهن .. والتقين كما اتفقن .. صمت سائد بينهن على غير العادة .. وفي مطعم جلسن في قاعة مخصصة للنساء ..
وعلى غير العادة أيضا لم تكشف "رنيم" عن وجهها بمجرد جلوسها .. علمت "ريم" حينها أن الخطب جلل .. وغضب "رنيم" لم يكن منها ولكن لتراكم ما كتمت في نفسها من كلمات مشابهة .. وكما أغضبتها بذلك الموضوع ستسري عنها بالموضوع ذاته .. حيث نظرت لـ"رنيم" قائلة :
-رنيم بليز خليكي مغطية وشك ...

اندهشت "رنيم" منها فردت :
-ليه ..

أشارت "ريم" بعينها لإحدى السيدات العجائز قائلة :
-شايفة طنط اللي هناك دي شكلها بتدور على عروسة .. وبصراحة انتي لو رفعتي النقاب هتغطي ع البنات كلهم .. واكيد ميرضكيش صاحبتك حبيبتك تعنس بسببك ..

كانت "ريم" بارعة في دور المسكينة الذي أدته ... ولم تستطع "ريحانة" كتمان ضحكاتها وهي ترى "ريم" تكاد تبكي من فرط توسلها .. لم تستطع "رنيم" حينها إلا التبسم وهي تقول :
-انتي فعلا صعبتي عليا يا ريمو .. بس شايفة البنت اللي قاعدة جنب طنط دي ..

نظرت "ريم" للفتاة المقصودة .. ثم امتقع وجهها وهي تقول :
-عادية على فكرة .. انتم عارفين ان مبحبش العيون اللي مش مستوية دي ..

لم تستطع "رنيم" مجاراتها في مزاحها ولكن وجدت ما ترد به عليها :
-انتي شفتي لون عنيها .. لا ماشاء الله دة انتي هتصطادي العريس من على بعد كم كيلو ولا يهمك ...

اختارت "ريم" كلماتها جيدا وهي تقول :
-لا بقى .. دة انتي ناوية تحسديني ومش هتتنازلي عن كدة .. انام في السرير شهر عشان ترتاحي ..

ابتسمت "رنيم" قائلة :
-بعد الشر عنك يا حبيبتي ان شاء الله اللي يحسدك ..

ضحكت "ريم" قائلة :
-لا بلاش .. اصل اللي بيحسدني قريب مني .. وكدة هتدبس في زيارة مريض وكيس ملح ...

أوقفتهم "ريحانة" قائلة :
-احنا لو كملنا كدة مش هنتغدى وهنتاخر ويوسف يعلقنا ...

أشارت "ريم" للنادلة وهي تقول :
-لا دة فيها يوسف .. نتلم شوية بقى ..

ثم أشارت لكل منهما قائلة :
-طبعا فراخ ..

نظرت لها "رنيم" بنصف عين قائلة :
-سمك ..

ضحكت "ريم" قائلة :
-مفيش حد يعرف يضحك عليكي ابدا .. خلاص يا ستي احنا فراخ وانتي سمك .. كدة كويس ..


-------------------
انتهى غداؤهن .. وفي سيارة "رنيم" كان الحوار شائك جدا .. فـ "يوسف" سمح لهما بالذهاب فقط مع "رنيم" والعودة ستكون معه .. رغم أن "ريم" أخبرته قبل عودتهما أن سيارة "رنيم" ستقيلهما .. ولكنه وافق على مضض بضغط من جده فهو يعرف "رنيم" جيدا .. غير أنه مختلف مع "يوسف" في مسألة تقييد حرية "ريم" حيث يختلف الأمر بالنسبة لـ"ريحانة" التي لا تطمئن بمفردها .. بينما "ريم" جديرة بذلك .. وجدّها أهداها سيارة .. وتعلمت القيادة لأنها كفؤ لذلك .. وتستطيع تحمل مسئوليتها كاملة بعكس "ريحانة" تماما ..
ولتنهي "رنيم" ذلك الحوار الشائك عمدت إلى تغيير الموضوع قائلة :
-انا بقالي اسبوع مقرأتش كتب .. القضية اللي فاتت كانت شغلاني جدا ..

استجابت "ريم" لم تقول وردت :
-انا كمان آخر حاجة قرأتها من يومين ..

بينما قالت "ريحانة" حيث تجلس في الخلف :
-ايه رأيكم نحدد كتاب نقرؤه ونناقشه مع بعض بعد فترة محددة ..

رفعت "ريم" يدها قائلة :
-بس بشرط .. ليكون في مجالك ولا مجالها ... انا كدة مش هفهم حاجة .. والحكاية مش ناقصة جثث وتكنولوجيا ..

ضحكت "رنيم" قائلة :
-ماشي يا ستي .. بس معنى كدة اننا نقرأ في مجالك بقى ..

ردت "ريم" قائلة :
-مقصدش كدة .. بس عاوزة حاجة مختلفة خالص .. يعني مثلا ايه رايكم نختار رواية حلوة ومفيدة كدة نقراها ..

قالت "ريحانة " بسعادة :
-حافظ ..

هزت "رنيم" كتفها قائلة :
-طيب ما نقرا كتاب في التاريخ او الجغرافيا .. انتو عارفين مبحبش الروايات ..

ردت "ريحانة" :
-حتى روايات حافظ ..

ابتسمت "رنيم" قائلة :
-بصراحة مقرأتلوش حاجة قبل كدة .. انا عارفة انك مدمناه .. بس عشان خاطركم اجرب الروايات مفيش مشكلة ..

ردت "ريم" :
-خلاص يبقى ريحانة تقولنا ايه اخر حاجة كتبها ..

وقفت "رنيم بجانب الطريق فتساءلت "ريم" :
-وقفتي له ..

نظرت لـ "ريحانة" قائلة :
-ايه اخر حاجة كتبها ؟؟ ..

ردت "ريم" :
-طيب ما تقريها على التابلت

نظرت لها "رنيم" مبتسمة :
-انتي عارفة اني مش برتاح غير وانا ماسكة الكتاب في ايدي وبشم ريحة الورق المطبوع وانا بقرأ ..

نظرت "ريم" لـ "ريحانة" نظرة ذات معنى فهمتها الثانية وهي تخبر "رنيم" باسم الرواية ... لم تتأخر "رنيم" عليهما .. ابتاعت الرواية ثم عادت سريعا .. لتجلس خلف المقود ثم تنطلق إلى حيث منزلهما ..

---------------------
وصلت "ريم" و"ريحانة" مبتسمتين .. ولكن اختفت تلك البسمة عند رؤيتهما "يوسف" ينتظرهما في مدخل المنزل .. فسرت كل منهما سبب غضبه .. ولكن خابت ظنونهما حين فاجأهم بقوله :
-انا مسافر حالا .. ريحانة حبيبتي خلي بالك من نفسك مش هتأخر ان شاء الله ..

قالها وهو يقبل رأسها ثم سحب يد ريم قائلا :
-تعالي عشان تحضري شنطتي ..

صعدت "ريم" خلفه لا تكاد تفهم شيئا .. حتى دخلا غرفته .. ووجدت حقيبته معدة .. ثم فوجئت به يغلق الباب ويلتفت لها قائلا :
-الكلام اللي هقولهولك دة انتي بس اللي تعرفيه ... كل اللي في البيت بما فيهم جدي يعرفوا اني مسافر اسبوع لشغلي ...

قالت بجزع :
-امال انت رايح فين ..

صمت قليلا ثم أمسك يدها كأنه يدعمها ويهيؤها لم سيقوله ثم قال :
-انا مش عارف انا هقعد اد ايه .. بس كل اللي بطلبه منك انك تخلي بالك من ماما وريحانة وجدك ..

لمعت عيناها بالدموع قائلة :
-رايح فين يا يوسف وسايبني مش كفاية باسل ..

ضم رأسها لصدره قائلا :
-رايح له ..

شعر بانتفاضتها بين يديه .. فربت على ظهرها قائلا :
-انا عارف انك هتحافظي على السر .. مش عاوز حد يعرف يا ريم ..

انتزعت نفسها من بين يديه ليرى دموعها وهي تقول :
-حصله حاجة .. صح .. انت ليه زعلان كدة قولي يا يوسف ..

مسح دموعها بيديه وهو يقول :
-يا حبيبتي صدقيني هو اكيد كويس .. ووعد مني مش هرجع غير بيه ..

تعلقت به قائلة :
-بجد يا يوسف ..

ضمها إليه وهو لا يعرف مصير وعده قائلا :
-بجد يا حبيبتي ..

ثم أبعدها عنه محاولا أن يكسب صوته المرح قائلا :
-ولو ان انا عارف ان وجود باسل هيلغيني خالص .. ويبقى هو الحبيب الاولي ..

ابتسمت قائلة :
-لا متقلقش .. هاته انت بس .. وانا هعدل بينكم .. انتو مهما كان توأم ..

ثم عانقته قائلة :
-خلي بالك من نفسك .. وطمني عليك اول ما توصل .. وانا مكانك هنا متخفش وراك رجالة ..

قبل رأسها قائلا :
-ربنا ميحرمناش منك .. لا إله إلا الله ..

ابتسمت مودعة وهي تقول :
-سيدنا محمد رسول الله ...


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-15, 12:10 AM   #5

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثالث

استيقظت من نومها .. شعور بالضياع يعتريها ..ريشة تتقاذفها الرياح .. تبحث في أنحاء منزلها عن والدها .. أين هو ؟! .. طولها لم يتعد المئة سنتيمتر .. عمرها تجاوز عدد أصابع يدها الواحدة بإصبع .. دموعها عالقة في رموشها كقطرات الندى ..قد يكون ذهب لعمله دونها ..لكن كيف ؟! .. وقد يكون لم يصحو من نومه أيضا .. لماذا ؟! .. ولكنها محاولة .. قد تجده في غرفته ..
طرقات رقيقة ناعمة كنعومة يدها ورقة أناملها .. ولا مجيب .. تدخل أم لا .. حيرة أخرى ولكن لم لا .. ستفتح وتدخل علها تجده .. بتردد وبطء فتحت باب غرفته .. وجدته أخيرا .. تنهدت براحة لا تخلو من طيف قلِق .. لماذا لم يصحو إلى الآن .. أيكون قد أصابه أذى .. اقتربت منه .. طبعت قبلات على يده ووجهه .. حيث لامست شفتيها لهيب وجهه .. لم تشعر بفارق فقد يكون بسبب نومه .. كما أن عقلها لا يستوعب كنه المرض .. ولكنه سيستوعبه لا محالة .. بصوت ضعيف نطقت منادية إياه .. لا مجيب .. هزات على كتفه وصدره .. لا مجيب .. إذا به ضرر .. ماذا تفعل
لا تعرف سواه أحدا .. فقط هي وهو هنا .. بمن تستغيث إذا .. أحضرت الهاتف .. لتطلب رقمين من لوحة إلكترونية عرفها لها ..
ثم عادت إليه تهمس بوجل :
-بابا .. بابا رد عليا ..
ولكن لا مجيب مرة أخرى ..

------------------
قبل وصول "ريحانة" و"ريم" .. وانتهاء "يوسف" من مناقشاته مع جده حولهما .. صعد ليجلس مع أمه قليلا .. يحاول أن يسري عنها .. فحالتها في الأيام الأخيرة ليست مطمئنة بالمرة .. وكما توقع وجدها شاردة في عالم آخر .. ألقى سلامه عليها .. ثم انحنى مقبلا رأسها ويدها .. وهو يقول :
-مش هتفكيها بقى يا بطوط ..

ابتسمت "فاطمة" وهي تقول :
-بطوط في عينك .. انت ياواد انت بلعب معاك ..

قبل كتفها وهو يقول :
-دة انتي ست الكل يا جميل .. بس واد .. الدكتور يوسف يتقاله واد .. هزلت ..

وقفت "فاطمة" ضاحكة وهي تقول :
-ماشي يا دكتور انا هدخل انام شوية على ما ريم تيجي ..

قبل أن يجيب عليها أصدر هاتفه رنينا مميزا التقطه بلهفة .. ثم حمد الله أن أمه قد غادرت .. وأجاب سريعا وهو يقول :
-السلام عليكم .. أخيرا ..

سمع همسات خافتة .. وصوت باكي ضعيف يقول :
-عمو بابا مش بيرد عليا ..

انتفض واقفا وهو يقول :
-روح يا حبيبتي اهدي كدة .. وفهميني بتقولي ايه ..

ردت "روح" بصوت يملؤه الخوف :
-بابا بصحيه مش بيرد عليا يا عمو والله .. انا خايفة اوي ..

حاول التحدث بهدوء قائلا :
-لا يا حبيبتي متخافيش .. انا جايلكم حالا .. بس لغاية ما اوصل اطلبي الاسعاف .. وخليكي معاه اوعي تسيبيه .. انتي فاهمة .. بس هتعرفي تطلبي الاسعاف ..

ردت بخفوت قائلة :
-اه هعرف بابا معلمني ..

-طيب يا حبيبتي خليكي مع بابا وخلي التليفون معاكي .. وانا هكون معاكي ع الخط لغاية ما اوصل اتفقنا ..
-حاضر ..
---------------------
أنهى مكالمته القلقة .. واتجه لوالدته يخبرها أنه مسافر لعمل ضروري جدا .. وأخبر جده كذلك سريعا .. أخذ إجازة من عمله .. وأنهى إجراءات سفره سريعا .. طوال تلك المدة كان يهاتف الصغيرة "رَوْح" يطمئنها ويطمئن منها على ما فعلت .. وبعد وصول "ريم" أخبرها فقط أنه مسافر لـ"باسل" ولم يخبرها بمرضه .. فهو لم يدرِ بعد ماذا حدث لأخيه ..
غادر المنزل للمطار وقبل ركوب طائرته .. تحدث مع الطبيب المعالج لـ"باسل" وعرف منه حالته مم طمأن باله قليلا .. فرحلته طويلة إلى حد ما ..

---------------------

ريم .. مذ تركها "يوسف" وهي واجمة .. تعيد تفكيرها فيم قاله بهدوء .. ترعى أمها وجدها و"ريحانة" .. ولكنها تعلم يقينا أن جدها من سيرعاهن ثلاثتهن .. "يوسف" ما قال ذلك إلا ليشعرها بالمسئولية الملقاة عليها .. يريد أن يشغل تفكيرها عنه وعن "باسل" ....
باسل .. ماذا به .. أيكون أصابه أذى .. تحاول إبعاد تلك الفكرة عن رأسها .. هي تظن بربها خيرا .. "باسل" بخير .. ليس به أذى ولم يصيبه ضرر .. هو بخير .. ولكن ابنته .. ماذا عنها .. لم يذكرها "يوسف" .. أتكون بخير هي الأخرى .. ولم لا ..
لم تنم ليلتها فقط تصلي وتدعو أن يفرج الله الكرب .. تدعو أن يكون "باسل" بخير .. ترجو الله أن يسلمه وابنته من كل شر .. فقد تحملت غيابه لسنوات أربع على أمل عودته مجددا .. على أمل أن يعود "باسل" كما كان .. توسلت إلى الله أن يعين "يوسف" على الوفاء بوعده .. فقد تعلقت بهذا الأمل ...
-----------------
أما عن "ريحانة" .. كعادتها عندما تشعر بالخطر .. تعتصم بغرفتها لتنكمش في أحد أركانها .. آلمها أن يخبرها "يوسف" بسفره كطفلة صغيرة تخشى فراق والدها .. أخبرها سريعا ويكأنه يغريها بأن لها حلوى إن التزمت الصمت ..
هي كذلك ولكن يؤلمها أن يعاملونها هكذا .. بينما تعامل مع "ريم" كشخص مسئول ..

تعلم أن سفره ليس لعمل .. ولكن إلى أين لا تدري ..شعورها بالخوف يؤكد لها أن هناك خطب ما ..
باسل .. ظهر في ذهنها فجأة .. أيكون لسفر "يوسف" علاقة به .. أيكون به ضرر أو تعرض لخطر .. سفر مفاجئ لـ"يوسف" ليس له معنى سوى" باسل" ..
الآن ستبكي وهي تعلم ما يبكيها .. الآن تعرف لم يعاملونها كطفلة .. ولن تغضب من ذلك ماذا إن أخبرها أن سفره لـ"باسل" .. ستنهار وتهذي ثم تفصح عن أمر لا يعلمه سواها أحد ..

------------------
وصل "يوسف" حيث يقطن أخوه وابنته .. ولم يلبث أن ذهب للمشفى .. ليطمئن على حالة أخيه ومن بعد حال ابنته .. وعلى قدر شوقه لهما على قدر غضبه من "باسل" .. ألم يفكر يوما بحال ابنته إن تركها وحيدة في بلد غريب .. ولم يفكر يوما بموقف كهذا .. ماذا لو لم تهاتفه ابنته .. كيف سيكون تصرفها حتى وإن أحسنت التصرف .. كيف حالها الآن وأبوها في عالم آخر .. يحيطه المرض ..

وعلى عكس ما توقع تماما وجد ابنته هادئة .. ولكن من المؤكد أنها تشعر بالخوف .. فها هي منكمشة على نفسها في مقعدها .. تحتضن قدميها بين ذراعيها .. تنظر أمامها بعين وجلة .. عرفها بمجرد رؤيتها فلم يفتأ "باسل" أن يهاتفهم وهي معه .. ولم يمل من طبع صورها لهم .. ابتسم "يوسف" وهو يقارن بين حالها الآن وجنونها في الصور .. ثم اختفت ابتسامته .. وهو يراقبها تبدو مرهقة مهمومة ..
تقدم منها وهو يتمتم :
-ربنا يسامحك يا باسل ..

وصل عندها لتلاحظ الظل المنطبق أمامها .. رفعت نظرها تجاهه لتبتسم ابتسامة صغيرة وهي تقف على مقعدها حتى تصل له قائلة :
-عمو يوسف .. صح ..

تلقاها "يوسف" بين ذراعيه وهو يقول :
-صح يا حبيبة عمو ..

استكانت "روح" على صدره تلتمس فيه رائحة والدها .. ولم يطل بحثها .. فقد وجدتها سريعا .. شعر "يوسف" باستكانتها .. وعلم مدى ألمها .. جلس على مقعد جوارها وهي لا تزال على وضعها .. وبعد وقت ليس بقليل رفعت رأسها إليه لتقول :
-انا عاوزة اشوف بابا .. الدكتور مش راضي ..

تخللت أصابعه بين شعرها المرسل وهو يقول :
-الدكتور قال انه كويس .. بس لسة ساعتين ان شاء الله ويفوق وندخل نشوفه ..

سألت "روح" :
-انت رحت للدكتور ..

أجاب باسما :
-لا كلمته في التليفون وانا جاي علشان اجيلك على طول ..

سألت ثانية :
-هو قالك بعد ساعتين وانت بتكلمه في التليفون ولا ساعتين من دلوقتي ..

ضحك قائلا :
-لا ساعتين من دلوقتي .. مصدقتش ابوكي لما قالي انك لمضة ..

أثناء حديثهما انتبه "يوسف" إلى أنها هاتفته منذ ساعات طوال ومن المؤكد أنها هنا طوال تلك المدة .. لم تطعم شيئا .. لم تنم .. فقط تجلس هكذا ..
فقال لها :
-ايه رأيك نروح ناكل حاجة لغاية لما بابا يصحى ..

وضعت يدها على بطنها قائلة :
-اه انا جعانة اوي .. بس مسز كريس كانت معايا هنا .. وجابت لي اكل وانا ماكلتش .. علشان كنت زعلانة على بابا ..

ضحك وهو يقول :
-طيب تعالي ناكل وتحكي لي على مسز كريس اتفقنا ..

أومأت برأسها وهي تقف على مقعدها فوقف قائلا :
-انزلي عشان نمشي يلا ..

مدت يديها نحوه :
-مش هتشيلني ..

لم يفهم مقصدها أو لم يستوعب فقال وهو ينظر لقدميها :
-اشيلك ..

قالت شارحة :
-اه بابا بيشيلني لما بكون جعانة ..

-وابوكي دة مجوعك على طول ..
-لا بس اما باجي من المدرسة بكون جعانة .. فبابا بيشيلني لغاية المطبخ علشان يعمل لي اكل ..
التقطها بين ذراعيه وهو لا يدري أيضحك أم يأسى لحال أخيه وابنته .. ولكن في الحالتين ازداد عزمه لن يعود إلا بهما ..
---------------
ببطء شديد كان "باسل" يحاول فتح عينيه .. وما يلبث أن يغلقهما مجددا .. يشعر بتثاقل جفنيه .. يبدو أنه يهذي .. ما الذي أتى بـ"يوسف" هنا .. أمن الممكن أن يتخيلهم أمامه .. يعلم أن شوقه لهم يقتله .. "روح" .. أين "روح" .. انتفض فجأة يهتف باسمها .. لولا يد يعرفها ربتت على كتفه مطمئنة ..
-روح بخير يا باسل .. قدامك اهي ..
وصوت يعرفه .. نظر حوله .. غرفة غير غرفته .. ما الذي أتى به هنا .. هدأ باله وهو يسمع الصوت ذاته قائلا :
-حمد الله ع السلامة ..
هو هو .. بابتسامته المشرقة .. بضعف تمتم "باسل" :
-يوسف .. ايه اللي جابك هنا ..

وهو مازال مبتسما أجاب "يوسف" :
-بنتك اللي جابتني هنا .. ثم قال مقلدا إياها قالتلي الحقني يا عمو بابا مش بيرد عليا ..
جيت اشوف بابا لقيت عنده حمى ..

ابتسم "باسل" قائلا :
-حمى .. انت جاي من مصر علشان حمى ..

جلس "يوسف" على مقعد جوار "باسل" وهو يقول :
-شوفت ازاي .. جيت ع الفاضي .. بس مش هرجع فاضي ..

-تقصد ايه ..
-اما تقوم بالسلامة ان شاء الله هتعرف ..
أغمض "باسل" عينيه مجددا ويده تتهادى على شعر ابنته التي ما إن هتف باسمها استكانت على صدره ..
تنهد "يوسف" بأسى .. اه لو يستطيع حمل أخيه وأخذه معه .. إن لزم الأمر سيفعلها ..
-----------------------
"يوسف" و" باسل" .. روح في جسدين .. توأم غير متطابق إطلاقا في الشكل .. ولكن كلاهما يحمل روحا واحدة .. مع اختلاف شخصيتيهما .. ولكن يبقى الخيط الموصول بينهما .. يشعر كلاهما بالآخر بدون كلم .. فقط النظرة تكفي ..
يحمل كل منهما في قلبه للآخر الكثير والكثير من المشاعر لا تكفي الكلمات لتعبر عنها ..
سند .. كلاهما للآخر سند .. "باسل" في زواجه وما تابعه من مشكلات كان "يوسف" سند له فيها .. وبعد موت زوجته بقي جانبه .. لم يخذله أبدا متى احتاجه .. حتى عندما أصرت أمه على زواجه بعد وفاة زوجته بوقت قليل .. بقي "يوسف" المانع بينها وبين "باسل" .. وهو من أعانه على سفره حتى يحل الخلاف القائم بينه وبين والدته .. ولكن "باسل" سافر ولم يعد .. خاف من المواجهة فهرب منها .. مواجهة أمه ومواجهة أخوال ابنته الذين أصروا على ضم ابنة أختهم إليهم بأي وسيلة كانت .. السفر خير حل .. فعليه حماية ابنته من أي أحد كان ..

باسل .. لم يكن أبدا جبانا حتى يفضل الهروب كحلّ .. ولكن طالما الأمر متعلق بابنته .. سيفعل أي شئ حتى وإن لم يتوافق مع سجيته ..
إنها "روح" .. رغم أنها نتيجة لزواج غير موفق بل غير ناجح بالمرة .. ولكنها ستبقى ابنته .. كان متفق مع زوجته في كل شئ إلا كونهما زوجين .. ولكن سبق موتها طلاقهما .. ليبقى هو لابنته الأم قبل الأب .. ثم تأتي أمه لتضغط عليه بأمر زواجه من ناحية وأخوال ابنته يهددون من ناحية أخرى .. خاف على ابنته من كل ذلك .. فاستقر رأيه على السفر ليبقى لابنته العائلة وليس فقط أبا وأم ..
مع ابنته تتغير شخصية "باسل" للنقيض لتتقارب مع شخصية "يوسف" .. ليتحول "باسل" الحازم حاد الطباع لشخص هادئ حنون .. لا تظهر شخصيته الهادئة هذه سوى فقط لـ "ريم" وأمه .. لا تكاد ابتسامته تختفي لتظهر مجددا طالما كانت "روح" بخير وطيفها يرفرف حوله ...
ولكن لمتى سيفضل الهروب ..
-----------------------
بعد يومين عاد "باسل" لمنزله تحيطه رعاية "يوسف" وتطمئنه ابتسامة "روح" .. وبعد حوار طويل بينه و"يوسف" حول العودة لم يستطع "يوسف" إقناعه .. فخوفه على ابنته يحول بينه وبين اتخاذه أي خطوة في أي شئ .. ولم يبقَ لـ"يوسف" سوى وسيلة واحدة سيستعين بها لا محالة ...
-----------------------
رنيـم .. لم ترَ "ريم" و"ريحانة" منذ آخر مرة كانوا فيها معا .. يوم غداء "ريحانة" .. ولم تهاتفها "ريم" كعادتها في وقت الراحة أو حتى بعد انتهاء عملها .. ساورها القلق .. فهاتفت "ريم" لتعرف أخبارها فأخبرتها أنها ستأتي لزيارتها ..
وعند وصولها هاتفت "رنيم" والتي أجابت :
-السلام عليكم ..

-وعليكم السلام .. انا تحت البيت ..
-طيب مطلعتيش ليه ..
-لا اخرجي من البلكونة ..
-اطلعي يا هبلة اعمل لك ايه في البلكونة ..
-اخرجي بس يا نيمو عاوزة اوريكي حاجة ..
-انتي هتجننيني يا بت انتي .. حاضرثواني ..
خرجت "رنيم" لتجد " ريم" تشير لها وهي تجلس في سيارة جديدة .. ابتسمت "رنيم" وهي تحدثها في الهاتف :
-كفارة .. خدتي افراج امتى .. اطلعي اطلعي ..

غادرت "ريم" سيارتها .. وصعدت لمنزل "رنيم" .. التي استقبلتها بترحاب كبير ولكن لم يخفَ عليها ابتسامة "ريم" الحزينة .. حتى في حزنها لا تتخلى عن ابتسامتها ..
دخلت "ريم" ليستقبلها والدا "رنيم" .. فهما يعتبرانها و"ريحانة" كابنتين لهما حيث لم يرزقا سوى بـ"رنيم" .. ثم استمعت لشكوى والدة رنيم لها وهي تضحك من أفعال "رنيم" فهدأتها قائلة:
-معلش يا طنط .. بس لو جالك عريس تاني اديله عنوان بيتنا وانا هتصرف ..

ابتسمت والدة "رنيم" وهي تقول :
-هتعملي ايه يعني ..

ضحكت "ريم" قائلة :
-هعمل ايه .. هتجوزه طبعا .. او اجوزه حتى لريحانة .. اوماما ميضرش برده ..

أشارت والدة "رنيم" لعينيها قائلة :
-من عنيا ... انتي تؤمري ..

ضحكت "ريم" وهي تقول :
-من عنيكي ايه يا طنط .. انا عاوزاه من الصالون .. انتو مش بتقعدوه في الصالون برده ..

هنا جذبتها "رنيم" بشدة وهي تعتذر لوالدتها .. ثم دخلتا غرفتها .. و"ريم" مستمرة في الضحك وهي تقول :
-ايه يا بنتي خايفة اخد عريس من عندك .. هو انا يا بايرة هاخد فضلاتك ..

نظرت لها "رنيم" وهي تقول :
-مالك يا ريمو ..

اختفت ابتسامة "ريم" فجأة وهي تقول :
-يوسف سافر لباسل فجأة ومش عارفة عنهم حاجة .. كلمني لما وصل بس ومن ساعتها قافل تليفونه ..

أجلستها "رنيم" ثم جلست جوارها .. وهي تحاول أن تسري عن "ريم" قائلة :
-ان شاء الله مفيش حاجة وحشة .. كل حاجة خير ان شاء الله .. بس واضح ان الحصار اتفك عنك ..

ابتسمت "ريم" قائلة :
-قصدك العربية يعني .. هتصدقيني لو قلت لك مش فرحانة خالص .. نفسي يوسف يرجع وانا اتأسفله الف مرة واتحايل عليه يوصلني كل يوم كمان .. بس ييجي بقى هو وباسل ..

ربتت "رنيم" على يدها وهي تقول :
-هييجوا بالسلامة ان شاء الله .. بس فين ريحانة ..

زفرت "ريم" وهي تقول :
-ريحانة من يوم ما يوسف سافر وحالها مش عاجبني خالص .. انا عارفة انها متعلقة بيه .. بس حاسة ان فيه حاجة تانية مخبياها عليا ..

سألت "رنيم" وهي متظاهرة بالتشاغل بأي شئ :
-هي عارفة انه مسافر لباسل ..

-لا
شردت "رنيم" قليلا تفكر في "ريحانة" وما تفعله بنفسها ..
استمرت زيارة "ريم" لساعة قبل أن تغادر .. وصلت منزلها وتركت سيارتها هناك ثم تجولت في الشوارع التي تحيطه قليلا .. واثناء تجولها ..هاتفها "يوسف" .. انتفضت مشاعرها كلها وهي تجيب :
-السلام عليكم .. كدة يايوسف اهون عليك تسيبني كل دة ..

-لا طبعا متهونيش عليا يا قلبي ..
دمعت عيناها وهي تتمتم :
-باسل ..

ابتسم "باسل" مجيبا :
-ايه مينفعش .. لو عاوزة يوسف

قاطعه صوت بكائها .. فاعتدل جالسا وهو يقول :
-ريم انتي بتعيطي ..

أجابت "ريم" :
-باسل انت كويس ..

رد بصوت جزع :
-انا كويس والله يا حبيبتي .. بس عشان خاطري متعيطيش ..

سحب "يوسف" الهاتف منه وحدث "ريم" قائلا :
-ايه يا ريمو .. مش قلتي وراك رجالة ومتخفش عليا .. كان كلام في الفاضي يعني ولا ايه ..

ضحكت "ريم" من بين دموعها وهي تقول :
-انت طلعت منين بس .. معرفش ارتاح منك شوية ..

ضحك "يوسف" وهو يقول :
-بقى كدة .. امال فين بقى هعدل بينكم والجو اللي انتي عملتيه دة ..

ردت عليه وهي مستمرة في الضحك :
-كنت بضحك عليك علشان تنفذ وعدك وتجيب الوديعة ..

رد "يوسف" بنبرة محايدة :
-بس الوديعة صعبة جدا .. ومحتاج مساعدتك فيها ..

اختفت ابتسامتها وهي تقول :
-مش راضي ..

أجاب "يوسف" :
-خالص .. تعرفي تتصرفي ..

ردت سريعا :
-عاوزة اكلمه ..

أعطى الهاتف لـ"باسل" دون ان يتحدث .. فأخذه "باسل" محدثا "ريم" :
-ايوة يا حبيبتي ..

أجابت بصوت حزين :
-باسل انا لو طلبت منك طلب هتنفذهولي ..

رد بصوت حازم :
-اعتبريه اتنفذ ..

قالت بجزع :
-أي طلب هتنفذه .. يعني مش هترجع في كلامك ..

أجاب بنفس الحزم :
-وانا من امتى رجعت في كلامي معاكي .. قلتلك اعتبريه اتنفذ ..

-ارجع مع يوسف ..
قالتها بسرعة خشية التردد ..

صمت لثوان ثم قال :
-تم ..

انتفضت بسعادة وهي تقول :
-بجد .. بجد يا باسل هترجع ..

صوتها الفرح يكفيه .. سعادتها التي يتمنى رؤيتها في عينيها الآن تكفيه .. ابتسم وهو يقول :
-بجد يا حبيبتي ..

انتهت المكالمة .. وابتسم "يوسف" وقد حقق هدفه .. يعلم أن "باسل" لن يرد "ريم" أبدا مثله تماما .. أقبل عليه يعانقه وهو يقول :
-حمد الله على سلامتك اخي العزيز ..

ضحك "باسل" وهو يفتح ذراعيه قائلا :
-دلوقتي اخوك العزيز .. عملت اللي في دماغك خلاص ..

ابتسم "يوسف" قائلا :
-قصدك عملت اللي في دماغك انت ..

اختفت ابتسامة "باسل" وحل مكانها شجن غريب وهو ينظر لـ"يوسف" شاكرا .. حقا كان هذا مراده ولكنه كان يعجز عن فعله .. يبدو أن عليه مواجهة مشكلاته بنفسه .. الهروب ليس حل أبدا ..

ربت "يوسف" على فخذه وهو يقول :
-نحجز بكرة ان شاء الله ..

حملق فيه "باسل" قائلا :
-انت ما صدقت بقى .. بكرة ايه .. لا طبعا خليها بعد يومين .. ع الاقل اكون خلصت ورقي في الجامعة وكمان مدرسة روح .. اتكل على الله انت بكرة علشان شغلك .. وانا احصلك بعد يومين ..

رد "يوسف" :
-لا رجلي على رجلك ..
ثم انتفض واقفا فجأة وهو يقول :
-شغلي انا ازاي نسيت كدة ..

ثم اخرج هاتفه وأجرى مكالمة سريعة أنهاها بقوله :
-متشكر جدا وانا مش هتأخر عن 3 ايام ان شاء الله .. بس حاول حضرتك تاجل القضية اسبوع ع الاقل .. وانا ان شاء الله شكوكي في محلها .. بس هتاكد منها بس ..

انتهت مكالمته .. ثم عاد ليجد "باسل" مع ابنته في عالم آخر ملئ باللعب والمرح .. ليجد "باسل" طفلا بريئا .. ليس برجل ناضج .. ولكن لم يجد مفر من مشاركتهم اللعب .. وانتهى مرحهم ليجدوا الغرفة انقلبت رأسا على عقب .. حينها قالت "روح" :
-يلا يا عمو ..

بغير فهم أجاب "يوسف" :
-يلا ايه ..

أجابت بتلقائية :
-يلا نرجع الاوضة زي ما كانت ...

نظر لها قائلا :
-نعم ..

ضحك "باسل" موجها حديثه لابنته وهو يقول :
-تعالي يا حبيبتي احنا هنعملها .. اصل تيتا مدلعة عمو شوية ...

نظر لهما "يوسف" قائلا :
-بقى كدة ..

أجابت "روح" قائلة :
-يا عمو احنا التلاتة لازم نشارك في تنضيف المكان وترتيبه علشان احنا التلاتة اللي عملنا فيه كدة .. ولو انت مشاركتناش هتبقى فرد عالة على المجتمع ..

وقف "يوسف" قائلا :
-نعم يختي فرد ايه ؟؟ ..

حاول باسل كتمان ضحكاته وهو يقول :
-روح يا حبيبتي عيب تقولي كدة لعمو .. اعتذريله يلا ..

وقفت حتى تصل لرأسه فلم تستطع فقالت :
-عمو نزل راسك شويه ..

اصطنع "يوسف" الغضب وهو يقول :
-مش منزل حاجة .. انتي اللي عاوزاني اطلعي لي ..

قذفه "باسل" بوسادة جانبه وهو يقول :
-متنزل راسك يا بني ادم انت .. انت ما بتصدق ..

التقط "يوسف" الوسادة وهو يقول :
-حاضر يا عم هنزلها من غير ما تضرب ..

قالها وهو يحمل "روح" التي وصلت لمستوى رأسه مقبلة إياه وهي تقول :
-انا اسفة يا عمو متزعلش .. بس انا اقصد انك لازم تشتغل مينفعش تكون عاطل ..

أبعدها "يوسف" عنه وهو يحدق فيها قائلا :
-عاطل ..

نظرت لوالدها كأنها تسأله هل أخطات مجددا .. ولكن "باسل" لم يستطع التحكم في ضحكاته وهو يقول :
-خلاص يا روحي عمو هيرجع الاوضة زي ما كانت ولوحده ..

صفقت "روح" بيدها وهي تقول :
-ايوة كدة .. الله عليك يا بابا .. يلا ننام بقى ..

نظر لها "يوسف" قائلا :
-انت يا استاذه هتنامي من غير ما تشتغلي .. يعني هتبقي عاطل وعالة عالمجتمع ..

التفتت له قائلة :
-لا يا عمو انا بنضف الشقة كل يوم مع بابا والله .. بس انت تيتا مدلعاك .. نضف شوية ... وكمان احنا مش هنام على طول .. لسة هنصلي قيام ..
ثم التفتت لأبيها وهي تمد يدها قائلة :
-يلا يا بابا ..

التقط "باسل" يدها وهو يقف قائلا لـ"يوسف" :
-تصبح على خير يا يوسف .. ياريت لما نصحى من النوم نلاقي المكان نضيف ..

اشتعل "يوسف" غضبا من برودهما وبدأ في العمل .. ولكنهما لحقا به بعد دقائق ليساعدانه .. ولكن انقلب الحال لحرب أخرى شاركهما فيها "يوسف" لينام ثلاثتهم وقد أنهكهم اللعب .. وما زالت الغرفة كما كانت ..
واستيقظوا فجرا ليبدءوا يوما جديدا ويبدأ "باسل" استعداداته للعـــودة ...


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-15, 12:16 AM   #6

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الرابع


مع شروق يوم جديد .. كان "باسل" رغم بقايا مرضه إلا أنه مفعم بأمل لذيذ .. فعودته قبل لم تكن محددة بموعد .. وكان يتغاضى عن الحديث عنها مع أهله .. ولم يستطيعوا أن يخرجوا منه بكلمة تفيد ذلك .. ولم يعطهم هو الفرصة ليفعلوا .. ولكن هذه المرة يبدو أن "يوسف" وريم" اتفقا عليه .. وعرفا من أي موضع يؤثران فيه .. يعرفان أنه إن قطع وعدا لن يخلفه .. وخاصة إن كانت "ريم" من طلبت .. لكنه لن ينكر مدى سعادته بم حدث .. لكم تمنى أن يحدث أمرا ما يضطره للعودة .. فكبرياؤه لم يكن ليسمح له يوما بذلك ...

كعادته مع ابنته .. حين عودته من صلاة الفجر .. يجلس في شرفته قليلا .. يراجع محاضراته أو يطلع على شئ جديد .. لحين الشروق .. يذهب ليوقظها بحنو بالغ .. وهو يمرر يده على ظهرها وشعرها .. ويهتف باسمها بنبرة خاصة .. لتستيقظ هي مبتسمة .. ثم تطبع قبلاتها على وجهه .. وبنشاط بالغ تذهب لتغتسل وتفرش أسنانها .. ثم تذهب لتحضر معه إفطارهما .. وفي جو يلفه الألفة والمحبة يتناولانه .. ثم يذهب كلا منهما لارتداء ملابسه .. لتعود "روح" كي يمشط هو شعرها ثم يخرجان معا ..

يوسف .. لم يتعود على رؤية تلك الأشياء .. ولم يرى "باسل" هكذا من قبل .. يعرفه حنونا مع "ريم" وأمه .. ولكن مع "ريحانة" فطباعه دائما حادة بحجة أنه يريدها أقوى مم هي عليه .. ولذلك توقع أن يصبح كذلك مع ابنته لتشابه ظروفها مع "ريحانة" .. يعلم أن "باسل" سيخف من وطأة حدته مع ابنته .. ولكن أن يصبح حانيا إلى تلك الدرجة هذا ما لم يتوقعه مطلقا ..

حين عاد "يوسف" من صلاة الفجر .. نام ثانية فهو مازال يشعر بالتعب من يوم أمس .. ومن قبل سهره مع "باسل" في مرضه الذي لم يبرأ منه بعد ..
ولذلك حين وجد "باسل" ومعه "روح" التي تقف على مقعد كعادتها دائما - لتحاول الوصول إلى طول أبيها وعادة لا تستطيع ولكن دائما تحاول - وكليهما في المطبخ يعدان شيئا لا يعرفه .. بل والأدهى من ذلك أن كليهما يمزحان بالماء تارة وبأدوات الطعام تارة أخرى .. تعجب منهما .. وما زاد اندهاشه رؤيته لهما وهما يعيدان تنظيم الأشياء ثم يعدان الإفطار ويدعوانه لذلك .. كان سعيدا بحق .. وزادت سعادته رؤية السعادة في عيني "باسل" و"روح" .. قام هو الآخر ليستعد للخروج معهما .. فلن يستطيع ترك "باسل" وحيدا وهو لم يشفى بعد .. وحين انتهى وجد "باسل" يمشط شعر ابنته .. فوقف متكئا على الحائط وهو يقول :
- لا بقى .. كدة كتير عليا .. فاضل ايه معملتوش ..

ابتسم "باسل" وهو ينظر لـ"يوسف" قائلا :
- فيه ايه يابني انت مضايق نفسك ليه ..

ثم همس في أذن "روح" ووقف قائلا :
- انا هعمل حاجة وراجع تاني تكونوا جهزتوا عشان ننزل ..

نظر "يوسف" لـ"روح" التي تتقدم نحوه .. ولم تكمل عمل شعرها بعد ولم يفهم ما يجول ببالها .. حينها وجهت حديثها له قائلة :
- عمو ممكن تعملي ضفيرة ..

حملق فيها قائلا :
- نعم يختي اعملك ايه ..

نظرت له ببراءة قائلة :
- بابا قالي انك بتعرف تعمل ضفيرة احسن من اللي هو بيعملهالي ..

صك أسنانه قائلا :
- اه بابا .. ماشي ..

قالها وهو يدير ظهرها له .. ثم أمسك شعرها وأخذ يلف خصلاته بعضها فوق الآخر كما اتفق .. تحسست "روح" شعرها .. ثم التفتت قائلة بضجر :
- ايه دة يا عمو .. طالما مش بتعرف تعمل يبقى مش تتكلم احسن .. ينفع كدة بوظت لي شعري .. والله انا زعلانة منك خالص .. هه .. بس .. يلا بقى ..

ابتسم "يوسف" وقد تأثر بحديثها الناعم وضيقها الرقيق قائلا :
-والله بابا اللي دبسني .. روحي اعترضي عنده هو ..
ثم قبل رأسها قائلا :
-وانا مقدرش على زعلك خالص .. بس انا فعلا مسرحتش شعر حد قبل كدة .. روحي لبابا يظبطلك البهدلة اللي انا عملتها دي ..

ابتسمت وهي تعود لوالدها الذي نظر لـ"يوسف" وعلى شفتيه بسمة انتصار ..
أنهوا مشاغباتهم وخرجوا لتذهب "روح" لمدرستها .. وينهي "باسل" إجراءاته الخاصة بالجامعة ..

---------------------

ريحــانة .. تعيش حالة من السعادة المطلقة منذ أن عرفت بخبر رجوع "باسل" واستقراره هنا .. تحاول أن تسيطر على انفعالاتها حتى لا تصبح مبالغ فيها أمام أحد .. وفي نفس الوقت لم تتعود أن تخفي مشاعرها أو تتحكم في انفعالاتها .. إلا إن كانت مشاعرها تلك متعلقة بـ"باسل" .. يجب أن تغلفها بمشاعر الأخوة الظاهرة وفقط .. ويجب أن تكون سعادتها محددة بأن تكون متعلقة بعودة ابن خالتها وفقط .. فـ"باسل" يمثل ابن خالتها وبمثابة أخيها وفقط .. ولكن هي في نفسها تعدت مشاعرها تجاهه مراحل الأخوة والقرابة .. حتى وإن لم يبادلها مشاعرها تلك .. حتى وإن لم يعرف بها أصلا .. وكذلك تعتقد أن لا أحد يعلم بمشاعرها سواها .. تعتقد ..

وليس كل ما نعتقده صحيحا ..

فـ"ريحانة" بطبيعتها شخص شفاف لأبعد حد .. ترى ما بداخلها دون أن تخبرك هي به .. ترى دموعها عندما تحزن .. وتفرح لرؤية لمعة عينيها عندما تفرح .. وعند توترها أو خجلها لا تفتأ حركة رموشها عن التتابع والتكرار مع ضغطها على شفتيها بأسنانها تكاد تأكلهما ..

مسألة إخفاء المشاعر أو السيطرة عليها أمر صعب عليها لا تجيده مطلقا .. لذلك كل ما تفعله لتخفي مشاعرها المتمردة تجاه "باسل" أن تختفي من مكان تواجده .. أو تنشغل عند الحديث عنه بأي شئ ثم تدعي أنها لم تنتبه لأي شئ كانوا يتحدثون .. ولا تدري أنها بذلك تلفت الأنظار تجاهها وتؤكد شكوك من يعرفونها ..

لكن على أية حال فهي إن كانت لا تجيد التحكم في مشاعرها .. فهي بمهارة شديدة تستطيع التحكم في تصرفاتها الناتجة عن تلك المشاعر .. لا تتجاوز حدودها مطلقا فهي إن كانت تُكِنّ لـ"باسل" مشاعر من أي نوع .. فكل تصرفاتها معه لا تتجاوز كونه ابن خالتها وفقط .. كما أنه ليس أخاها وليس مثل أخيها كما يدعي هو دائما ..

هو أيضا لا يتجاوز حدوده معها عن كونها ابنة خالته ولكن إن كان يفعل ذلك فلأنه يعتبرها فعلا ابنة خالته ويعتبرها كأخته وفقط .. لا غير بالنسبة له ..

-----------------------

بعد مرور عدة ساعات من ذهاب "روح" للمدرسة .. كان "باسل" قد أنهى بعضا من أموره الخاصة بعمله .. وبدأ حينها يشعر ببعض التعب وحاول مستميتا أن يخفيه عن "يوسف" لئلا يقلقه .. فمازال أمامهما عدة أمور يجب إنهاءها .. وصلا لسيارته وحينها طلب "باسل" أن يقود"يوسف" السيارة بدلا منه .. فنظر له "يوسف قائلا :
-انت عارف اني مش هعرف اسوق هنا .. انا معرفش اي أماكن في البلد دي ..

ركب "باسل" في المقعد المجاور للسائق قائلا :
-اركب وانا هقولك تمشي ازاي ..

جلس "يوسف" خلف المقود قائلا :
-شكلك تعبت مش كدة ..

نفى "باسل" ما يقوله قائلا :
- لا انا بس خايف لاتعب ومنعرفش نكمل مشاويرنا مش اكتر ..

وضع "يوسف" يده على رأسه يتحسس حرارته فأبعده "باسل" عنه قائلا :
- قلتلك انا كويس .. يلا اطلع بس

قام "يوسف" بتشغيل السيارة وهو يقول :
- انا غلطان اني سيبتك تخرج من المستشفى .. هنروح فين وازاي ..

ابتسم "باسل" وهو يصف له الأماكن التي سيذهبون إليها .. ثم قاما بزيارة عدة أسواق .. وأخذ "باسل" في شراء هدايا لكل من "ريم" و"ريحانة" ووالدته وجده ومن قبل "يوسف" .. وكل ذلك تحت اعتراضات "يوسف" .. ولكن ليس "باسل" بمن يعترض أحد على قراراته أو يوقفه عم أراد فعله مثله في ذلك كـ"يوسف" وجده
..
وحين انتهوا كان التعب قد بلغ من "باسل" مبلغه .. ومعه بدأ "يوسف" يثور ويغضب .. فـ"باسل" عندما ترتفع درجة حرارته يصل لحالة إغماء تام ..

أما عن "باسل" فرغم إعيائه الشديد إلا إنه أصر على الذهاب لمدرسة "روح" ليأتيان بها أولا .. ولم يجد "يوسف" إلا الإذعان له .. وحين انتهوا وعادوا للمنزل .. كان "باسل" قد وصل لحالة الإغماء فعلا .. لم يكن أمام "يوسف سوى الاعتناء بـ"باسل" وابنته ..

ومرت ليلة أخرى بقي فيها "يوسف" ساهرا يحاول أن يبقي حرارة أخيه طبيعية قدر المستطاع .. ويؤنب نفسه بشدة لأنه وافقه على الخروج من المشفى .. ليلة طويلة مظلمة يحاول أن يطمئن ابنة أخيه ويحاول أن يطمئن نفسه .. يخشى أن تغفو عينيه فترتفع حرارة "باسل" دون أن يشعر .. وبين xxxxب الساعة تمر دقائقها وبين كل ساعة وأخرى يقيس حرارة أخيه .. ثم يحاول أن يخفضها إن ارتفعت .. وكلما غفت عينيه من فرط تعبه قام ليتوضأ .. فهو لا يجب أن يغمض جفنه الليلة .. ومع طلوع الفجر بدأ "باسل" يستعيد وعيه بعد أن انخفضت حرارته وعادت طبيعية .. ولما رآه "يوسف" زفر بقوة أخرج فيها تعب الليلة والليالي الفائتة .. ثم تنهد براحة شاكرا ربه أن أنعم عليه بصحة أخيه ..

بـاسل .. فتح عينيه بتثاقل ليجد "يوسف" والقلق جلي على ملامحه .. حينها عجز لسانه حتى عن الشكر .. فقط نظر له بامتنان .. مع شعوره بوخز الضمير تجاهه .. فلم يكن ليرضى أبدا أن يضع أخيه يوما تحت ضغط كهذا .. ولكن نظرته تلك لم تفعل في "يوسف" سوى الأمر بالثورة وقد كان .. فقد هب واقفا وهو يقول :
-اسمع مفيش خروج النهاردة خالص .. ومش هتخرج من البيت غير بكرة ان شاء الله على ميعاد الطيارة .. ومش هتتحرك من سريرك خالص .. ولا هتعمل اي حاجة .. حتى بنتك ممنوع تقربلها .. تاخد الدوا في ميعاده انت مش عيل علشان كل شوية افكرك بحاجة زي دي .. وميت مرة قلت لك لو مش خايف على نفسك خاف على بنتك يا اخي .. اتقي ربنا فيها بقى ..

أنهى ثورته وتركه وخرج من الشقة بأكملها .. بينما أغمض "باسل" عينيه بتثاقل .. وهو يعيد كلمات"يوسف" في عقله .. لم يقصد أبدأ أذيته بهذا الشكل .. ولا يعلم إلى أين سيذهب الآن .. حاول تحريك رأسه للبحث عن هاتفه أو ساعته ليعلم كم الوقت .. وحين رآه زاد حزنه فقد علم أنه بقي لأكثر من عشرة ساعات يعذب "يوسف" ويقلق ابنته .. وبعد محاولات عدة نهض للصلاة .. ولم يستطع حتى الخروج من غرفته .. بقي فيها ثم أدى صلاته .. وبعدها عاد لفراشه .. كم كان يتمنى أن يطمئن على "روح" ولكنه لم يستطع الحركة لأكثر من ذلك .. بقي مكانه وهو يعلم أنها ستستيقظ وحدها لتأتي إليه .. ولكن "يوسف" متى سيأتي ؟؟!! ...


------------------

في مسجد قريب أنهى "يوسف" صلاته .. ثم جلس يردد أذكاره .. وبعد أن انتهى بقي فترة مترددا أيعود لـ"باسل" الآن أم لا .. ولكنه متعب بشدة .. بالإضافة إلى أنه يريد الاطمئنان على "روح" .. و"باسل" لازال مريضا .. فاستقر رأيه على العودة ..

وبعد وصوله بقي في غرفة "روح" ينتظر استيقاظها .. وعند اقتراب الوقت تذكر "باسل" وهو يوقظها أمس .. علت ابتسامة وجهه .. وهو يحاول أن يفعل ما فعله أخيه .. يربت على ظهرها برفق ويخلل أصابعه بين شعرها بحنو .. وينادي اسمها بصوت خفيض .. ولكن "روح" لم تستيقظ مبتسمة .. كعادتها .. فقط سألت عن أبيها فأخذها لغرفته .. حين وصولهما ترجاه "باسل" أن يذهب ليستريح فهو أصبح بخير .. ولم يكن "يوسف" بحاجة للرجاء كانت فقط حاجته شديدة للنوم ..

---------------------

عند حلول ليل مدينتهم .. كانت "ريحانة" تخرج من غرفتها وتبحث عن جدها .. فهي بحاجة لأن تخرج انفعالاتها بالحديث عن أي شئ وكل شئ .. وكما توقعت فقد وجدته هو الآخر شاردا كمن يعد الساعات والدقائق انتظارا لقدوم غاليَهُ .. جلست مقابله .. ثم ابتسمت قائلة :
- احم احم .. نحن هنا يا جدو ..

نظر لها وعلى شفتيه ابتسامة شجن وهو يقول :
- ما انا عارف انك هنا ..

ضحكت قائلة :
- اها .. كويس انك عارف .. طبعا حبيبك باسل جاي بكرة بقى وكمان روح .. وكدة هياخدوا مكاني وسرحان فيهم اهو من دلوقتي .. يلا اعترف ..

فتح ذراعيه لها وهو يقول :
- تعالي بس انتي عارفة انك اغلى واحدة عندي وهتفضلي الغالية بنت الغالية ..
قالها متنهدا ..

استجابت لذراعه اليسار الذي أحاطها ليبقيها جانب قلبه .. وجلست جانبه وهو مازال محتويا لها .. ثم تنهدت هي الأخرى وهي تقول :
- عارف يا جدو فيه ناس كتير ماتت في عيلتنا دي .. يعني بابا وماما واخويا وتيتا وعمو علي زوج خالتو ..

وضع يده على رأسها قائلا :
- يا بنتي انتي بتدوري ع الحزن فين وتمسكي فيه .. دة قضاء ربنا واحنا راضيين الحمد لله .. انتي مينفعش تكوني مبسوطة ابدا لازم تفكري في اي حاجة تزعلك ..

ابتسمت وهي تقبل موضع رأسها على صدره .. ثم سحبت يده مقبلة إياها وهي تقول :
- لا والله يا جدو انا اسفة متزعلش مني ..
ثم اعتدلت جالسة وهي تقول باسمة :
- طيب قولي ليه ماما رضعت يوسف بس ومرضعتش باسل .. وكمان انت متاكد انها مرضعتش باسل ولا مرة ..

ضحك قائلا :
- انتي عارفة انتي سالتيني السؤال دة كم مرة .. وكل مرة لازم احكيلك .. بصي يا حبيبتي .. اخوكي اتوفى بعد ولادته بشهر في الوقت دة كانت خالتك لسة والدة يوسف وباسل وامك كانت متعلقة بيوسف زيادة عشان كان اشبه ليها وبعد وفاة اخوكي زاد تعلقها بيه وكانت بتترجى خالتك انها تسيبه معاها وخالتك مرفضتش .. وبقت امك ىبتعتبر يوسف دة تعويض ليها ويعتبر كان عايش معاها اكتر ما عاش مع امه .. لولا اني صممت ان الولدين لازم يتربوا مع بعض .. وطول الفترة دي كانت امك بترضعه طبعا .. لكن باسل عمرها ما رضعته .. هي مكنتش شايفة غير يوسف اصلا ..

كانت تتمنى أن يكمل حديثه ويخبرها أكثر عن أمها لكنه لم ولن يفعل .. قاطع حديث الذكريات هذا طرقات على الباب .. قامت "ريحانة" مبتسمة وهي تقول :
- دي خالتو ..

فتحت الباب .. لترحب بخالتها .. وعندما همت بغلقه قالت "فاطمة" :
- سيبيه يا حبيبتي .. ريم نازلة ورايا ..

حينها عادت "ريحانة" سريعا جوار جدها .. لتضع ذراعه على كتفيها وتستقر رأسها على صدره .. بينما دخلت "فاطمة" سلمت على والدها وهي تقبل رأسه ويده وجلست على مقعد مجاور ...

جاءت "ريم" .. ألقت السلام .. ثم نظرت إلى جدها و"ريحانة" قائلة :
- خيانة .. اللي بتعملوه دة خيانة ومؤامرة ومتدبرة كمان ... قومي يا بت انتي من جنبه انتي ايه مبتشبعيش منه ..

ابتسمت "ريحانة" وهي تتمسك بجدها أكثر قائلة :
- ولا عمري هشبع منه ..

ضحك الجد صالح وهو يشير لـ"ريم" بذراعه الأيمن قائلا :
- تعالي الجنب التاني ومتزعليش نفسك بس ..

تذمرت وهي تقف مكانها قائلة :
- لا مليش دعوة هي قاعدة في الجنب الشمال عند قلبك .. عشان بتحبها اكتر .. وانا اعترض بقى واحتج هه .. ما انتو لو كنتو جوزتوني كنت لقيت اللي يحبني بدل ما انتو ممرمطيني معاكم كدة ..

نظرت لها "فاطمة" قائلة :
- ايه انتي ما صدقتي .. اي حاجة وتفتحي موضوع الجواز .. على طول واقعة كدة ..

مالت "ريم" تقبلها قائلة :
- قلبك ابيض يا بطوط .. بهزر يا يا روحي ..

نظر لها جدها قائلا :
- طيب تعالي بس .. تيمنوا فإن في اليمين بركة ..

ذهبت تجاهه سريعا وهي تقول :
- اه ان كان كدة معلش .. بس بردو يا جدو مش لو كنت وافقت على سفري كان ممكن الاقي نصيبي هناك واتجوزه .. بدل ما السوق شاحح هنا كدة ..

ضربها على رأسها قائلا :
- انا معنديش بنات تسافر لوحدها .. ونصيبك هييجي لحد عندك .. فهمتي ..

تألمت قائلة :
- طب براحة بس متزقش طا ..

أشارت لها ريحانة فاقتربت "ريم" لتهمس :
- عاوزة ايه ..

همست "ريحانة" هي الأخرى قائلة :
- دلوقتي عاوزة تتجوزي .. انتي مش قلتي انا هتجوز عن حب ..

ردت "ريم" :
- اه ومازلت بقول ..

قالت "ريحانة" :
- يا سلام .. ازاي بقى .. عادي كدة عندك ..

همست "ريم" :
- لا يا عبيطة انتي مش فاهمة .. احنا نحب بعض في صمت .. وبعدين يتقدم .. فنتعرف على بعض كويس في الخطوبة .. وبعدين بعد كتب الكتاب نخلي مشاعرنا تنفجر بقى ..

هزت "ريحانة" رأسها بتفهم قائلة :
- اها ..

ردت "ريم" قائلة :
- على فكرة جدك فوق راسنا وانتي فرحانة بنفسك كدة ..

رفعت "ريحانة" رأسها لجدها الذي يحيطهما بذراعيه قائلة :
- جدو انت سمعت حاجة ..

نظرت لها "ريم" بغيظ قائلة :
- وتفتكري لو سمع هيقولك انه سمع ... ريحانة انا مؤكد هموت مشلولة بسببك ...

ثم انتقلت نظراتها بين جدها وأمها الشارديْن .. وكلاهما يحلم برؤية الغائب الحاضر ..

فاطمة .. كان باسل ومازال ابنها العنيد وباعتباره الغائب فحبها يزيد له .. يحاول دائما إرضائها ولكن وفق ما يريده هو .. حتى في بره بها عنيد ..

ريم .. باسل يعتبر أب .. بل أب رائع لا مفر من ذلك .. ليس بينهما قيود ولا شروط .. لهما حوار خاص .. فهي تحدثه عن أدق أسرارها كأنه صديقتها .. وهو كذلك يخبرها بأدق أسراره كصديق له .. وفي تلك الخصوصية يشاركهما يوسف بعضها خاصة إن تعلق الأمر بـ"باسل" ..

الجد .. لكل حفيد من أحفاده ميزة تجعله الأثير .. ولكن باسل ما جعله الأثير عيبا وليس ميزة .. فعيبه أنه ورث أسوأ طباع جده .. كبرياؤه .. عناده .. حدته .. مداراة مشاعره كأنها عيبا .. ممكن أن يجرح مشاعرك كي لا يعترف بمشاعره هو تجاهك .. ولم يعلم الجد أن بسبب تلك العيوب ستتأذى حفيدته الأثيرة والأميرة على قلبه "ريحانة" ..

أما عن "ريحانة" .. فباسل دائما هو فارسها .. فارس أحلامها وفارس خيالاتها .. لكن لم ولن يكن فارس واقعها .. لأنه وببساطة لا يرى الواقع الذي تراه "ريحانة" سوى مستحيلا من المستحيلات .. فـ"ريحانة" يعتبرها فقط أخته .. أخته وفقط ...

-----------------------

بعد عدة ساعات كان باسل استعاد بعضا من صحته .. فحاول استغلال بعض عافيته تلك في حزم حقائبه قبل استيقاظ "يوسف" وثورته مجددا .. وكانت تساعده "روح" على قدر استطاعتها .. حاولا إنهاء بعضا منها .. ثم عاد لفراشه ثانية تجاوره "روح" .. وبعد أقل من ساعة دخل عليهما "يوسف" .. ألقى السلام .. ثم ارتمى جوار "باسل" على فراشه .. نظر له "باسل" قائلا بابتسامة :
- نمت كويس ..

أجاب "يوسف" وهو مغمضا عينيه :
- اه الحمد لله .. انت عامل ايه دلوقتي ..

ابتسم "باسل" قائلا :
- احسن الحمد لله .. بس جعان .. وانت مانعني من الحركة ..

نظر له "يوسف" بنصف عين قائلا :
- والله .. امال مين اللي رتب الشنط دي .. وبنتك مين اللي فطرها .. ومين اللي عملها الضفيرة الجميلة دي ..

كانت "روح" من أجابت بسعادة :
- انا وبابا عملنا كل حاجة كل حاجة مع بعض ...

وضع "باسل" يده على فمها يسكتها قائلا :
- بس فضحتينا ..

ضحك "يوسف" قائلا :
- من غير ما تقول ما انا عارف .. ولا هيكون العفريت اللي عمل كدة ..

لم يتعاتبا ولم يعتذرا .. تنتهي خلافاتهما هكذا .. يثور أحدهما على الآخر .. ثم لا يفتأ أن ينسى ويعود للحديث مع أخيه ثانية كأن شيئا لم يكن .. وإن لزم الاعتذار فغالبا ما يكون المجني عليه هو المعتذر ..

التفتت "روح" لوالدها كمن تذكر شيئا وهي تقول :
- بابا .. الروح هنعمل فيه ايه .. هينفع ناخده معانا ..

ابتسم وهو يقبل وجنتها قائلا :
- هحاول اخليه ينفع ان شاء الله ..

استرعى الاسم انتباه "يوسف" الذي رفع رأسه لهما قائلا :
- الروح .. ايه دة ..

تركت "روح" جوار والدها ودارت حول فراشه لتصل لناحية عمها .. أمسكت يده وهي تحاول أن تجره معها
قائلة :
- تعالى يا عمو شوفه ..

قام معها يوسف .. وصلت لشرفتها .. ثم أشارت لنبات غريب الشكل على "يوسف" وهي تقول :
- الورد دة اسمه الروح ..

ثم أشارت لنفسها بسعادة قائلة :
- على اسمي ..

انحنى يقطف إحداها .. وقربها لأنفه يشم عبق رائحتها .. ثم ابتسم وهما يعودان لـ"باسل" .. وعند وصولهما قال :
- الهندسة الجينية دي أكلت دماغك ..

أجاب "باسل" باسما :
- مش شغلي .. بس ايه رأيك ..

نظر له "يوسف" قائلا :
- لا هي فعلا العبقرية جينات .. بس بما اني كنت معاك في نفس المكان .. الجينات دي موصلتنيش ليه ..

ضحك "باسل" قائلا :
- عبقرية ايه يابني .. دي حاجة سهلة .. اي حد في مجالي يعرف يعملها ..

قال يوسف :
- عملتها ازاي ..

رد باسل :
- شوية بذور من أزهار مختلفة .. تعملهم تلقيح واخصاب .. شوية تجارب لغاية ما طلعت النتيجة دي ..

قربها "يوسف" لأنفه مجددا وهو يقول :
- بس ريحتها حلوة .. فيها ريحان مش كدة ..

ابتسم باسل قائلا :
- اه .. بس دي روح مش ريحان ..

نظر له "يوسف" قائلا :
- مفيش فايدة فيك .. هتفضل تقارن بينهم كدة على طول ..

أرجع "باسل" ظهره للخلف قائلا :
-المقارنة هي اللي عملت نفسها مش انا .. يمكن لتشابه شخصيتي مع شخصية جدك .. فانا خايف اربي بنتي زي ما هو ربى ريحانة .. هو كان بيخاف على ريحانة جدا ومن غير ما يحس ورثلها خوفه دة .. بقت شخصيتها مهزوزة وضعيفة .. وانا مش عاوز بنتي تكون كدة لمجرد انها زي ريحانة ..

أجاب "يوسف" بثقة :
- لا اطمن بنتك مستحيل تبقى زي ريحانة .. وبعدين من صغرها وهي شخصيتها قوية ماشاء الله ..
دي مش بعيد تشتغل حرس حدود ..

قذفه "باسل" بوسادة جواره قائلا :
- انا بنتي حرس حدود ..

تلقى "يوسف" الوسادة ضاحكا بينما جاءت "روح" من الخارج .. وهي تقول :
- بابا .. مسز كريس رجعت ...

حاول القيام قائلا :
- بجد ..

- اه والله ..

حاول "يوسف" إسناده قائلا :
- استنى بس .. مين مسز كريس دي اللي كل شوية تتكلموا عنها ..

وقف "باسل" قائلا :
- دي جارتنا .. تعالى اعرفك عليها ..

سار ثلاثتهم تجاه الخارج .. وفضول "يوسف" يزداد حول تلك المرأة .. خاصة وهو يرى لهفة "روح" على الوصول إليها ..



اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-15, 12:21 AM   #7

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الخامس

امرأة جميلة .. يبدو الشيب جليا على ملامحها .. ورغم ذلك مازالت جميلة .. كانت تتكئ على عصا وهي تقف أمام بابها تحاول فتحه .. أسرع باسل نحوها قائلا :
-اسمحي لي ..

أعطته المفتاح وهي تنظر له بحنان قائلة :
-باسل .. حمد لله على سلامتك بني .. أأصبحت بخير ؟..

فتح بابها ثم قال وهو يعطيها المفتاح :
-نعم أنا بخير حال .. ولكن أين اختفيت اليومين الماضيين .. قلقت عليك بشدة .. كنت أود أن أشكرك على مكوثك مع روح أثناء مرضي ..

قالت بحزن :
-بل يجب علي أن أعتذر لأني تركتها وحيدة .. ولكن ابنتي مرضت فجأة وكانت بحاجة لي ..

قال باسما :
-لا بأس عليها إن شاء الله .. ولا عليك من الاعتذار .. كنت أريد أن أودعك أيضا .. سنعود بلادنا ..

تجمدت ملامحها فجأة وقد صدمها الخبر قائلة :
-ماذا .. ستتركاني .. ولن أراكما ثانية ..

أجاب "باسل" آسفا :
-اعتذر بشدة ولكن أمي اشتاقت لي كثيرا وأنا أيضا اشتقت إليها ..

هزت رأسها متفهمة .. ثم ابتسمت قائلة :
-كنت أتمنى أن أودعك بطريقتي الخاصة ولكنك لن تسمح بذلك .. لذا اسمح لي بأن أحتضن أميرتك الصغيرة ..

ابتسم لها وقد تقدمت "روح" منها .. انحنت ثم أخذتها بين ذراعيها ويدها المرتعشة تتهادى على شعرها وظهرها ...
مر على معرفتها بهما أربع سنوات .. كانا لها نعم الجارين .. وكذلك كانت هي .. تعلقت بهما بشدة وخاصة بالصغيرة .. أحبتهما كابن وحفيدة .. أحبت أخلاق "باسل" وبراءة "روح" .. فراقهما الآن غاية في الصعوبة .. ولكن ستتحمل لأجلهما ..
أخرجها من شرودها صوت "باسل" القائل:
-نتمنى رؤيتك في مصر ..

رفعت رأسها له قائلة :
-مؤكد سآتي لزيارتكم ورؤيتها .. عندي شغف لرؤية مصر الآن ..

ابتسم "باسل" وهو يقدم لها "يوسف" قائلا :
-يوسف أخي .. مسز كريس تعرفها طبعا ..

وقفت تدقق في ملامح "يوسف" ثم قالت :
-سعيدة برؤيتك يوسف .. حدثني باسل عنك كثيرا ..

أومأ "يوسف" مبتسما وهو يقول :
-بل أنا السعيد لرؤيتك ..كنت أتمنى ذلك .. ولكن ما أكثر ما تودين رؤيته في مصر ..

ابتسمت بشجن وهي تقول :
-أريد رؤية شوارعها النظيفة .. فالنظافة دائما ما تدل على شعب متحضر .. أريد رؤية المكتبات التي انتشرت في بلادكم .. أصبحتم شعبا قارئا متفتحا .. اختلفتم كثيرا عن ذي قبل ..

ابتسم "يوسف" و"باسل" وهما يكملان حديثهما معها .. وما كانا يريدانه أن ينتهي .. لولا إشفاقهما عليها من وقفتها هكذا ... استأذنوها ليكملوا تحضيراتهم .. ثم يمر يومهم ليأتي يوم جديد .. وفيه ستكون رحلة العودة ...
-----------------------
بعد إصرارات ومحاولات عدة عرفت "ريم" أخيرا موعد وصولهم .. لم يكن يريد لها "يوسف" بأن تنتظرهم في المطار .. فموعد وصولهم عندها سيكون ليلا .. ولكن وافق "باسل" شريطة أن يصطحبها جدها .. وها هي تقف الآن بانتظارهم .. ولكن وحدها .. فجدها لم يكن لديه طاقة للانتظار .. ففضل أن يشغل نفسه بشئ في المنزل ..
تقف منذ ساعة تجوب بناظريها المكان أجمع .. تخشى أن ترمش فلا ترى طيفهم .. قلبها يدق في عنف .. وأطرافها تجمدت من فرط توترها .. إلى أن رأتهم أخيرا .. تجمدت ملامحها وهي تمسح وجه أخيها بعينيها .. إلى الآن هي غير مصدقة أنها ستراه .. تخشى أن يصبح حلما جميلا .. تصحو منه على واقع مؤلم من غير "باسل" .. وأي واقع دون "باسل" فليس بشئ مطلقا .. وعند اقترابهم .. تقدمت هي وعينيها مازالت ثابتة عليه لم تتحرك ..
أما عن "باسل" فعند رؤيتها .. اتسعت ابتسامته ورق قلبه .. ولم لا وقد رأى صغيرته الجميلة .. وصديقته الأمينة .. تقدم منها على عجل .. اقترب كلاهما .. ولم يعد يفصل بينهما سوى خطوة واحدة .. لم تعد "ريم" قادرة على التقدم أكثر من ذلك .. ولم يعد "باسل" قادرا على الانتظار أكثر من ذلك مد يده لها .. نظرت إلى يده ثم ابتسمت وهي تمد يدها لتسلم عيه سلامهما الخاص .. ستعطيه كفها ثم تنزعه ثانية لتضرب قبضتها في قبضته .. ولكن لم تحتمل أكثر من ذلك .. ارتمت على صدره فجأة وهي تحيط عنقه بذراعيها .. ثم انفجرت في بكاء مرير .. تشكو إليه غيابه وحرمانها منه .. تشكوه من نفسه لنفسه .. كم احتاجته ولم تجده وكم اشتاقت إليه ولم تجد ما يعوضها عنه .. لن يعوضها "يوسف" عن "باسل" ولن يعوضها "باسل" عن "يوسف" حتى وإن حاولا .. فارتباطها بهما هكذا كاثنين منفصلين لن يعوضها أحدهما عن غياب الآخر ..
فزع "باسل" من بكائها ونشيجها .. لم يلتفت للمكان حوله .. ولا للبشر الذين التفتوا لهما .. وأخذ يهدهدها وهو يحتضنها بين ذراعيه بشدة .. ويهمس في أذنها بكلمات حانية علها تهدأ .. ثم مر وقت ليس بقليل حتى هدأت ..
ظل "يوسف" ينقل بصره بينهما .. لم يكن يريد لهذا اللقاء أن يتم هنا .. لذا رفض مجيئها .. ولكن يبدو أنه لا مفر .. حين انتهى لقاؤهما العاصف قال بمرح :
-انا قلت هتروح عليا طالما ظهر الحبيب الاولي ..

ضحكت "ريم" وهي تلتفت له وتجفف بيدها بقايا الدموع العالقة في رموشها قائلة :
-انت كمان وحشتني .. بقالي اسبوع مش لاقية حد اتخانق معاه وييجي هو يصالحني ..

ثم ذهبت لترتمي بين ذراعيه هو الآخر .. ثم تركته لتهبط لمستوى "روح" الصغيرة .. تبحث فيها عن ملامح "باسل" أو تمرده .. ولم يطل بحثها .. احتضنتها برفق .. وهي ترحب بها .. ثم ذهبوا لسيارتها .. عندها تذكر "باسل" و"يوسف" جدهما فالتفت كلاهما لـ"ريم" قائلين :
-فين جدك ..

جفلت منهما وهي تتراجع قائلة :
-اهدوا بس يا جماعة وصلوا ع النبي كدة .. انا جيت لوحدي اهو ومحصليش حاجة .. وجدك فضّل انه ينتظر في البيت .. وبصراحة اكتر انا مقولتلوش اني جاية لوحدي .. وخلينا نبدأ بداية كويسة كدة وعلى نور .. وقلبكوا ابيض بقى ..

نظر كلاهما لها .. ثم نظر كلاهما للآخر .. ووقفت هي بينهما كمن ينتظر إصدار حكم .. ثم قطعت صمتهما وهي تقترب من "باسل" قائلة :
- خلاص بقى محصلش حاجة .. عشان خاطري .. انتو عارفين انه مكنش ينفع استنى في البيت دة اولا .. ثانيا بقى .. والله عيب في حقي لما اكون بالسن دة واتعامل كدة ..

قرص "باسل" وجنتها وهو يقول :
- ولو بقى عندك خمسين سنة هنفضل نعاملك كدة بردو ..

ضحكت قائلة :
- ايه يا عم اكيد هكون متجوزة ساعتها ولا انت فقدت الامل فيا خلاص ..

قبل رأسها قائلا :
- حتى لو بقيتي جدة هنخاف عليكي برده .. وبعدين انتي اصلا مستعجلة ع الجواز ليه .. خليكي عندنا وهو الخسران ..

ضربها "يوسف" على رأسها بقبضة يده قائلا :
-اه يا سوسة .. غيرتي الموضوع وخلاص ..

ضحكت قائلة :
-طيب احنا هنبات هنا ولا ايه .. كدة جدو هيقيم علينا الحد وماما كمان ..

ركبوا سيارتها ليقودها "يوسف" بينما ركبت هي مع "روح" وباسل" في الخلف .. لتبقى قريبة من باسل ويحيطها بذراعه .. بدأ "يوسف" القيادة وهو يقول :
- يا بنت المحظوظة .. بقى انتي تركبي عربية أحدث من عربيتي انا ..

ضحكت وهي تقول :
-شوفت بقى وسيادتك كنت حارمني منها .. انا مش عارفة امال مراتك هتعمل فيها ايه ..

قبل أن يرد "يوسف" قال "باسل" :
- وتفتكري انه ممكن يتجوز .. دة بقى عنده 31 سنة وعمره ما فكر في الموضوع دة .. انا بدأت اشك في امر جوازه دة بصراحة ..

ابتسم "يوسف" قائلا :
-اه ما هو انا اللي جبته لنفسي .. جمعتكوا على بعض يبقى اقول على نفسي يا رحمن يا رحيم ..

------------------
لم تذهب "ريحانة" اليوم لعملها .. رغم علمها بأنه لن يأتي سوى ليلا .. بالإضافة إلى أنها لم تنم أصلا .. تتخيل كيف سيكون لقاؤها به .. كيف ستتصرف هي حين رؤيته .. كيف تسكن مشاعرها الهوجاء .. كيف تخمد العاصفة التي تحل بها حين رؤيته .. هي تعلم يقينا أنه لن يفسر كل الفرحة التي ستشع من عينيها سوى فرحة أخت بعودة أخيها الغائب لذلك هي لا تخشى من ذلك وكذلك الباقون .. فبحكم تربيتهما معا وقربهما من بعض ستكون فرحتها طبيعية ..
ولكن ما تخشاه فعلا رد فعله هو حين يراها .. هل سيثور عليها كعادته الدائمة معها .. أم يلقي لها تعليقا سخيفا على ملابسها أو تصرفاتها أو طريقة حجابها .. حتى صوتها لم يسلم من سخريته اللاذعة .. دائما يدعي أن مكانتها عنده كـ"ريم" لكن لم ولن يعامل "ريم" يوما هكذا .. ولم يجرح "ريم" يوما كما يجرحها هي .. ولم يؤذي "ريم" ويلقى سخافاته على مسامعها كما يقوم بذلك معها ..
فقط تتمنى أن تكون فعلا عنده كـ"ريم" .. سترضى بذلك .. هي ترضى منه بأقل القليل .. ولكن حتى الشفقة التي تضايقها من أعينهم يبخل بها هو عليها .. لا تنكر أن هذا من أسباب حبها له .. فلم يعاملها يوما كشخص بحاجة إلى شفقة أو مواساة .. يعاملها دائما كـ"ريحانة" .. كشخص مستقل بذاته .. شخص له طموح وأحلام .. له أهواء ورغبات .. له آراء وتطلعات .. فكيف لا تحب شخصا يشعرها بكيانها الذي يستتر في عباءة جدها تارة وفي عباءة "يوسف" أو صديقتيها تارة أخرى ..
منذ إشراق الصباح وهي تقف مع خالتها .. تفعل معها كل شئ .. حتى الطعام لم يسلم من مشاركتها فيه .. وقامت بترتيب غرفته مع "ريم" .. وتركتها "ريم" لتصبح وحدها مسئولة عن غرفة "روح" .. فهي على ثقة باختياراتها الدقيقة وذوقها الرفيع .. خاصة إن كان شيئا له علاقة بالأطفال ..
عند سماعها صوت وصولهم .. وقفت في شرفة مطلة على الحديقة تراهم من خلالها أو تراه هو خاصة .. كان يسلم على جده حينها .. كانت رؤيتها لهما بمثابة رؤية قطبين لمغناطيس يتجاذبان حين يختلفان ويتنافران حين يتشابهان .. فجدها دائما ما يعتب على "باسل" بسبب صفات أخذها منه .. ويمدحه حين يختلف معه .. لقاؤهما دائما حياة .. حين وجدته يتجه للمدخل .. خرجت هي متجهة للهبوط وقد اختارت الدرج ظنا منها أنه سيختار المصعد وبالتالي تهرب من رؤيته فهي مازالت غير مستعدة لها .. ولكن فجأة دون مقدمات وجدته أمامها .. وكادت تصطدم به وهي تنزل بسرعة حتى لا يراها .. تجمدت مكانها وقد بوغتت بينما قال هو :
- لسة زي ما انتي .. ميت مرة قلت لك انزلي براحة .. مستعجلة اوي عشان تشوفي يوسف ..

كأن لم تبعدهما سنوات .. رفعت نظرها إليه بخجل واضح .. وحزن دفين فهو حتى لم ينتظر أول لقاء بينهما ليمر بسلام .. يجب أن يسمعها كلامه السخيف .. وكدورها المعتاد ستضع نفسها موضع الاتهام وتقوم بالدفاع عن نفسها قائلة :
-لا ابدا والله العظيم .. انا مقصدتش انزل بسرعة .. والله مكنتش اقصد

ابتسم قائلا :
- طيب خلاص .. اهدي اهدي .. ازيك .. عاملة ايه ..

أخفضت بصرها أرضا وهي تقول :
- أنا كويسة الحمد لله .. حمد الله ع السلامة ..

أجاب وهو يتخطاها ليكمل صعوده لوالدته قائلا :
-الله يسلمك .. مش هعطلك عن يوسف بقى ..

اتجهت نحوهم متذمرة وهي تتمتم :
- شكرا انك مش هتعطلني .. اوف .. انا ايه اللي بعمله في نفسي دة ...

حين رآها "يوسف" و"ريم" انفجرا ضحكا .. وهتفت "ريم" قائلة :
- لا يا ريحانة انتوا لحقتوا متقوليليش انه قالك دبش من كلامه ..

ردت "ريحانة" قائلة بضجر :
- ليه هو اخوكي دة عنده حاجة غير الدبش ..

أخذها "يوسف" بين ذراعيه قائلا :
- لا امسحيها فيا انا المرة دي .. معلش .. وبعد كدة انا اللي هملصلك ودانه ..

أخذت "ريحانة" تضربه على صدره بقبضتها الرقيقة قائلة :
-أنا أصلا زعلانة منك خالص والمفروض مكلمكش ...

قبل رأسها قائلا :
- ايه دة وتفتكري انا اقدر اعيش كدة وانتي زعلانة مني .. بس مكنش ينفع اقولك .. انا خفت والله لجدك يقررك ..

ثم ضحك قائلا :
- واهو قررني انا وعرف مني انا رايح فين حتى قبل ما اسافر ..

ابتسمت وهي تتركه لتتجه إلى "روح" التي تجلس على قدم جدها .. جلست أمامهما على ركبتيها وهي تمد يدها قائلة :
- مرحبا أميرتي الصغيرة ..

ابتسمت "روح" قائلة" :
-ايه دة انتي عرفتي منين ان بابا بيقولي كدة ..

ضحكت "ريحانة" قائلة:
- تعرفي ان جدو كمان بيقولي كدة .. وبوجود حضرتك اللقب هيتاخد مني ..

قالتها وقد استكانت "روح" على صدرها .. واستشعرت "ريحانة" يتمها المتمثل فيها .. أن ترى صورة مصغرة منك ومن آلامك لهو شئ قاسي .. ولكن أن ترى في تلك الصورة أمل وروح ونقاء .. وتسليم بأمور لم تسلم أنت بها .. لشئ تتمنى الوصول إليه ..
ضحكت"ريم" وهي تقول :
- جدو حبيبي انا نظامي ايه في الليلة دي ..

ابتسم وهو ينظر لها مجيبا :
- لا انتي اول أميرة في العيلة دي .. ومحدش يقدر ينزلك من على عرشك ابدا .. بس لو تسمعي الكلام ..

هتفت قائلة :
- والله طول عمرك حبيبي وقلبي بس لو تبطل الكلام اللي يزعل الناس من بعضها دة ..

أمسك "يوسف" ذراعها وهو يقربها منه ليهمس قائلا :
- مش يلا احنا علشان نلحق الدراما اللي شغالة فوق ..

ضربت جبهتها بيدها قائلة :
- يا ربي دة انا كنت عاوزة الحق الفيلم من اوله .. طيب يلا بسرعة .. بعد اذنك يا جدو .. ابقي هاتي روح يا ريحانة وانتي طالعة ..

----------------------
كان يلفهما بركان من المشاعر .. منذ علمها بوصوله .. جلست "فاطمة" وخانتها قدماها .. ولم تستطع الحركة بعد .. لم تستطع التصديق أو الاستيعاب أنها ستراه أمامها .. تحجرت دموعها في مقلتيها .. إلى أن وجدته يقف أمامها .. حررت دموعها من أسرها .. حاولت الحركة فلم تستطع .. هرع هو نحوها وجثى على ركبتيه أمامها .. يقبل كفيها وركبتيها .. ثم قام يقبل رأسها .. ثم أخذها بين ذراعيه وقد كان يتمنى أن تأخذه هي بين ذراعيها .. وكانت هي أيضا تحتاج لذلك .. ولم تطل فترة ذهولها وصدمتها .. أحاطته بذراعيها لتستكين رأسه على صدرها .. كأنه طفل حرم من أمه وقد كان كذلك ... ظلا هكذا حتى مجئ "يوسف" و"ريم" اللذيْن فضلا الصمت وهما يتابعان الموقف بتأثر شديد .. لولا أن "يوسف" خشي على أمه من ثورة مشاعرها .. فأخرجهما من جوهما الخاص قائلا :
- ايه يا ماما ملكيش ابن تاني ناسياه هنا ولا هنا ..

ابتسمت "فاطمة" وهي ترفع رأسها لـ"يوسف" .. وتمد ذراعها له .. تقدم هو نحوها يسلم عليها .. ثم نظرت لـ"باسل" قائلة :
-فين بنتك ..

ردت "ريم" قائلة :
- هي وريحانة نسيوا نفسهم مع بعض .. انا قلتلها تجيبها وهي جاية ..

جعد "باسل" ما بين حاجبيه في ضيق التقطه "يوسف" وفهم مقصده .. ثم تحول نظره لـ"ريم" كأنه يقول لها "بدأنا" .. بينما وجه "باسل" حديثه لـ"ريم" ومازال يظهر الضيق على ملامحه قائلا :
- ريم لو سمحتي ممكن تنزلي تجيبيها ..

حولت "ريم" نظرها من "يوسف" لـ"باسل" .. وقد شعرت بالضيق من معاملة "باسل" التي يبدو أنها ستصبح أكثر سوءا ناحية "ريحانة" .. وهمت بالنزول لولا دخول "ريحانة" تحمل "روح" على ذراعها .. حين رآها "باسل" هب واقفا وهو يقول بغضب :
- ريحانة نزليها لو سمحتي .. هي بتعرف تمشي كويس ..

انحنت "ريحانة" بحرج بالغ وهي تضع "روح" أرضا .. ثم وقفت ثانية ولم تستطع رفع عينيها في أعين أي من الموجودين قائلة :
- انا هنزل بقى علشان جدو مستنيني .. بعد اذنكم ..

التفتت ولم تعطِ الفرصة لأحد بالاعتراض .. بينما التفتت النظرات المعاتبة لـ"باسل" ولم يُلقِ هو لها بالا ..
حاول "يوسف" و"ريم" ألا يعلقان على الأمر احتراما لوجود والدتهما .. وحتى لا تعلق هي الأخرى أشغلاها بـ"روح" ...
ظلوا يتسامرون معا .. وطالت جلستهم قليلا .. حتى طلبت منهم "ريم" الراحة .. وحتى تري "باسل" غرفة "روح" .. والذي ما إن رآها ابتسم بسعادة وهو يلتفت لـ"ريم" قائلا :
- شكرا يا ريمو ربنا يخليكي ليا .. زوقك يجنن ..

رد "يوسف" وهو يرتمي على الفراش قائلا :
- بس دة مش زوق ريم .. دة زوق الغلبانة اللي مبتسلمش من لسانك ..

نظر له قائلا :
- ريحانة ..

ذهبت "ريم" لتجلس جوار "يوسف" وهي تجيب :
- اه ريحانة .. باسل ليه احرجتها كدة ...

التفت "باسل" يبحث عن ابنته التي اختفت .. ثم عاد ينظر لـ"ريم" قائلا :
- انا مأحرجتهاش ولا حاجة .. كل الحكاية انها مش قادرة تفهم ان روح غيرها .. وبعدين انا احب اربي بنتي بطريقتي .. ومش هتيجي هي دلوقتي تهد اللي انا عملته ...

نظر له "يوسف" قائلا :
- تهد .. ريحانة مبتعرفش تهد حاجة يا باسل .. ريحانة دي نسمة .. دة احنا مبنحسش بيها في البيت .. تيجي دلوقتي وتقول تهد .. باسل انا بقولك اهو وقدام ريم .. ياريت تراعي مشاعري انا ومتزعلش ريحانة .. انا مبقولكش راعي مشاعرها هي لانك عمرك ما هتعملها .. بس عشان خاطري انا وريم حاول ع الاقل تقلل احتكاكك بيها ...

وقف "باسل" ليتجه خارجا وهو يقول :
- هحاول .. بس على فكرة زوقها كويس .. طلعت نافعة في حاجة تانية غير البرمجة ..

تركهما وخرج ليلتفت "يوسف" لـ"ريم" قائلا :
- مفيش فايدة ..

---------------------
رنــيم .. تعكف على كتبها منذ انتهت تلك المقابلة البغيضة بالنسبة لها .. تحاول أن تكتم غضبها .. حتى يأتي والدها .. فحديثها مع والدتها الآن يعني الانفجار .. فبعد وصولها من عملها اليوم وجدت ضيوف في انتظارها .. سمعت أصوات غريبة قبل أن تدخل المنزل .. فحاولت التسلل خفية لولا صوت والدتها التي رأتها نادتها قائلة :
- تعالي يا رنيم سلمي على طنط سوسن ..

تمتمت وهي تدخل :
- هي بدأت بطنط .. ماشي يا ماما ..

دخلت وسلمت ولم تكشف وجهها ونوت أن تجلس لدقيقة احتراما لأمها وفقط .. ولكن "جيهان" أمها قالت :
- ارفعي النقاب يا رنيم .. مفيش حد غريب ..

أخذت نفسا عميقا وهي تقف قائلة :
- اه طبعا طنط مش غريبة .. بس انا لسة مصليتش العصر .. بعد اذنك يا طنط هصلي بس واجي ..

ولم تمهلها أمها .. فبعد صلاتها مباشرة .. طرقت أمها باب حجرتها لتأمرها بالخروج ثانية .. فخرجت انصياعا لأمرها .. لتجلس أمام امرأة تتفحص ملامحها كمن يشتري بضاعة من سوق الجملة -من وجهة نظر رنيم- وما إن انتهت الزيارة التي استقرت على تمني "سوسن" بأن تصبح "رنيم" زوجة ابنها .. ومن ثم استشاطت "رنيم" غضبا ...
ومنذ انتهاء الزيارة وهي لم تغادر غرفتها .. حتى لا تصطدم مع أمها في نقاش وتسئ أدبها بذلك .. أثناء انشغالها .. سمعت طرقات على الباب علمت أنها لأمها .. فقالت :
- ادخلي يا ماما ..

ثم شعرت أن هذا يقلل من احترامها لها .. فذهبت لتفتح الباب بنفسها وهي تحاول أن تخفي غضبها خلف ابتسامتها قائلة :
- تعالي اتفضلي يا ماما ..

دخلت "جيهان" ثم جلست على سرير "رنيم" متنهدة وهي تقول :
- تعالي يا رنيم ...

ذهبت "رنيم " لتجلس جوارها .. فأمسكت "جيهان" يدها وهي تقول :
- انتي ممكن تشكي بنسبة واحد في المية اني مش عاوزة مصلحتك ..

سحبت "رنيم" نفسا عميقا قائلة :
- لا طبعا يا ماما .. بس اللي بيحصل دة والله ماينفع .. يعني ترضي لي بالإهانة دي .. كل شوية واحدة تيجي تتفرج عليا وتعاين البضاعة علشان خاطر ابنها يشيل ..

قالت "جيهان" بحنو :
- يا حبيبتي انتي ليه تفهميها بالمعنى دة .. اولا انتي منتقبة يعني مين اللي حيشوفك وييجي يخطبك بنفسه ..

قاطعتها "رنيم" قائلة :
- شفتي يا ماما بتقولي ايه .. يشوفك .. هو يعني لازم يشوفني .. يعني المعايير بتاعته هي الشكل وبس ..

تنهدت "جيهان" قائلة :
- انا مقصدش كدة .. هو اكيد الشكل مهم بجانب الحاجات التانية .. وبعدين انتي ايه اللي ناقصك .. دين واخلاق وحسب ونسب وتعليم عالي .. وفوق دة كله جميلة .. يبقى فين المشكلة ..

ردت "رنيم" :
- المشكلة انه بيسيب دة كله ويمسك في جميلة .. يعني مستعد يضحي بكل الصفات دي ويتجوز واحدة جميلة وخلاص .. يعني حتى لو مكنتش متعلمة ومكنش عندي دين واخلاق زي ما بتقولي كان هيتقدم للجميلة صاحبة الحسب والنسب عشان يتمنظر بيها .. وبعدين دة وكل أمه تختارله شريكة حياته اللي هتعيش عمرها كله معاه .. ازاي اعيش مع واحد بيفكر بالطريقة دي ..

وضعت "جيهان" يدها على رأسها وهي تقول :
- انا مش عارفة انتي بتفكري كدة ازاي بس .. هو انتي شايفة امه داخلة ومعاها المأذون .. يا بنتي ما انتو لسة هتقعدو مع بعض وتتكلموا .. لو معجبكيش خلاص كل شئ نصيب .. بس انتي حتى مبتديلوش الفرصة دي ..

حاولت "رنيم" أن توصل وجهة نظرها قائلة :
- طيب انا مش بسألك عن حاجات عنه وعلى اساسها برفض .. لاني طالما الحاجات دي مش موجودة فيه يبقى ملهاش لازمة القعدة معاه .. لاني كدة كدة رافضة .. طيب خلاص لنفترض اني هدي فرصة لابن طنط سوسن دة .. قولي لي عنده كم سنة

أجابت أمها :
- 31 سنة تقريبا ..

هبت "رنيم" واقفة وهي تقول :
- كم .. 31 سنة .. بس ..

وقفت أمها أمامها قائلة :
- بس .. يعني ايه بس ..

ردت "رنيم" بهدوء" :
- يعني صغير يا ماما .. صغير جدا كمان .. انا عندي 27 سنة .. عايزاني اتجوز واحد عنده 31 سنة .. يعني يبقى الفرق بينا 4 سنين بس ..

جزت أمها على أسنانها قائلة :
- 31 سنة صغير يا بايرة .. انتي هتجننيني يا بت ..

ضحكت "رنيم" بشدة وهي تسمع كلمة "بايرة" من والدتها .. ثم قالت :
- والله يا ماما مابهزر .. فعلا دة صغير جدا .. يعني انا عاوزة اتجوز واحد عاقل كدة ووقور .. يعني راجل اربعيني مثلا ...

صاحت "جيهان" قائلة :
- لا انتي اتجننتي رسمي .. عارفة يعني ايه عنده 40 سنة يعني مطلق او ارمل .. على اخر الزمن اجوزك واحد مطلق او ارمل .. ليه ناقصة ايد ولا رجل ...

ردت "رنيم" بهدوء :
- طيب وايه المشكلة .. بالعكس يكون مر بتجارب اكتر وعاقل اكتر ...

صاحت "جيهان" :
- رنيم .. متجننيش يا بت انتي .. انتي هتموتيني ..

وصل والدها "أحمد" في ذلك الوقت ليسمع صياحهما .. دخل غرفة "رنيم" المفتوحة وهو يقول :
- فيه ايه صوتكو عالى ليه ..

جلست "جيهان" على السرير وهي تقول :
- شوفلك حل مع بنتك دي يا احمد .. هتجنني ..

جلس على الأريكة متنهدا وهو يقول :
- ايه اللي حصل ..

تحدثت "جيهان" قائلة :
- الدكتورة عاوزة تتجوز واحد عنده اربعين سنة ..

نظر "أحمد" لـ"رنيم" قائلا :
- واحد .. واحد مين ..

توترت "رنيم" وهي ترى تفكير والدها ذهب بعيدا فقالت :
- واحد مين ايه بس يا بابا دي كل الحكاية اني قلت ان الشخص اللي هتجوزه لازم ميكونش صغير .. فيها حاجة دي ..

نظرت لها "جيهان" قائلة :
- 31 سنة صغير ..

نظر لها "أحمد" قائلا :
- 31 سنة .. ومين دة ان شاء الله .. وانا اخر من يعلم ..

نظرت له "جيهان" قائلة :
- ما انا كنت هقولك يا احمد .. هي كانت امه هنا بتجس نبضنا لو وافقت نقولها وييجوا يتقدموا رسمي ..

نظر لـ"رنيم" قائلا :
- وافقتي ..

أشارت برأسها أن لا .. فقال :
- ايه حكاية 40 سنة دي بقى ..

نظرت "رنيم" له قائلة :
- ايه يا بابا .. طيب ما الفرق بينك وبين ماما 12 سنة فين المشكلة .. هو لو اكبر مني بـ12 سنة يبقى وصل للـ40

أومأ "أحمد" برأسه قائلا :
- بس انا وامك حكايتنا مختلفة .. ومينفعش تتكرر ..

ابتسمت "رنيم" وهي تجيب :
- بس انا عاوزاها تتكرر معايا .. وعاوزاه يكون شبهك في كل حاجة .. حتى لو هتجوزني ليه غصب عني زي ماما ..

ضحك قائلا :
- لا انتي بتحلمي .. قلتلك حكايتنا دي استثنائية ..

اشتعلت "جيهان" غضبا وهي تقول :
- انتوا هتفضلوا تضحكوا كدة وخلاص وسايبين الموضوع المهم اللي احنا بنتكلم فيه ..

نظر لها "أحمد" ضاحكا وهو يقول :
- مالك بس يا جيجي .. هو فيه احلى من الموضوع دة .. وبعدين اطمني خلاص بنتك ادتني توكيل ليها اني اجوزها غصب عنها .. متقلقيش بقى .. صح يا نيمو ..

ضحكت "رنيم" وهي تقول :
- صح ايه بس يابابا .. حضرتك هتمسك في الكلمة .. دة كلام فض مجالس ..

تحدثت "جيهان" من بين أسنانها قائلة :
-والعريس ..

رد "أحمد" قائلا :
- مين العريس دة ..

ردت :
- ابن سوسن ..

قاطعها قائلا :
- قوليلها كل شئ نصيب ..

قالت :
-انت لسة عرفت عنه حاجة ..

رد :
- من غير ما تكملي .. طالما بدأتي كلامك بابن سوسن .. يبقى مينفعش تكملي .. لو كنتي قلتي فلان الفلاني كان ممكن اسمع .. لكن ابن سوسن .. يبقى شخصية مدارية في شخصية امه .. وانا بنتي مجوزهاش لواحد ابن امه ..

صاحت "رنيم" قائلة وهي تنحني لتقبل وجنته :
- الله عليك يابابا .. حبيبي انت والله ..

بينما خرجت "جيهان" وهي تصيح قائلة :
- انت اللي مدلعها .. خليها قاعدة جنبك ...

حينها التفت "أحمد" لـ"رنيم" قائلا :
- عجبك كدة ..

ابتسمت وهي تقول :
- معلش شوية وهتيجي تصالحك .. حضرتك عارفها مبتقدرش تزعل منك ..

رد قائلا :
- ماشي يا رنيم .. بس انا مرفضتش عشان موافقك على تفكيرك العبيط دة .. انا بس عارف ان العرسان اللي بييجوا من ناحية صاحبات امك مينفعوكيش .. لكن خليكي فاكرة ان وقت ما ييجي الراجل اللي يعجبني وأتمنه عليكي مش هسيبه .. وانتي اللي قلتي جوزني ليه غصب عني ..

اتسعت عيناها وهي تقول :
- بابا .. حضرتك بتتكلم بجد .. فعلا ممكن تجوزني غصب عني ..

ابتسم وهو يقول بغموض :
- تفتكري انتي ايه ..

ثم قبل رأسها وتركها في حيرتها ...


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-15, 12:23 AM   #8

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل السادس

أصر الجد على عمل حفل استقبال لـ"باسل" .. وبالطبع هذا ليعرب عن فرحته العارمة بعودة حفيده .. ولكن لم تكن هذه حجته .. فهو أخبرهم أن الحفل لكي يعلم المعارف والأقارب بعودة "باسل" وحتى يصفي الخلاف القائم بينه وبين أخوال ابنته .. رغم أن الخلاف زائل من الأساس .. فقط لم يكن الجد ليعبر عن فرحة .. ولم يكن ليبين مشاعره .. خاصة مشاعره تجاه "يوسف" و"باسل" أما "ريحانة" و"ريم" فهما أميرتاه يغدق عليهما من مشاعره بلا حساب ..
ورث صفته لـ"باسل" وأبى "يوسف" أن تكون به تلك الصفة .. فأي حياة تلك التي ينعم بها وهو يبرر مشاعره كأنها عيبا فيه أو ضعفا لا يريده .. ما أجملها حياة تشعر فيها بتوازن تام فما بداخلك تخرجه لينطبع على ظاهرك دون تردد .. فما العيب في أن أعبر عن حبي لابني أو ابنتي .. وما العيب في أن أشعر أختي أني أخاف عليها لأني أحبها .. لذلك يعتبر "يوسف" أصفاهم بالا ..
والتقت "رنيم" بـ"ريحانة" و"ريم" في موعدهم المتفق لمناقشة الرواية المحددة .. وكان اللقاء هذة المرة في مكان مفتوح .. فلطالما الأمر يلزم المناقشة .. فخشين أن يعلو صوتهن .. فوجودهن في مكان عام .. سيحد من ذلك .. فلن تستطيع إحداهن رفع صوتها إن لزم الأمر ..
وطبعا رفع الصوت أمر يخص "رنيم" و"ريم" .. لكن "ريحانة" لا تستطيع رفع صوتها إطلاقا .. قد يكون لأن شخصيتي "رنيم" و"ريم" بهما من القوة ما يسمح لهما بذلك وطبعا ليس رفع الصوت في أي وقت .. ولكن "ريحانة" لا تستطيع رفع صوتها حتى بينها وبين نفسها .. ولصوتها مشكلة أخرى بينها وبين "باسل" سيتفصل أمره فيم بعد ..
وصلت "رنيم" قبلهما كالعادة .. وحين وصلت "ريم" و"ريحانة" .. وقفت "رنيم" تبحث عن فرحة في وجه "ريحانة" فحتى إن كانت تخفي مشاعرها تجاه "باسل" فلن تستطيع أن تخفي فرحها بعودته .. ولكنها ما وجدت سوى شحوب وصمت حزين .. حتى سلامها عليها كان سلام ميت .. من المؤكد أن بها شئ .. على عكس "ريم" والتي كانت مشرقة بابتسامتها .. ولكن ابتسامة تختفي كلما نظرت لـ"ريحانة" .. استأذنتهما "ريحانة" لدقائق .. فالتفتت "رنيم" لـ"ريم" قائلة :
-مالها ريحانة ..

تنهدت "ريم" قائلة :
- باسل رجع .. ومن ساعة ما جه وهو مبيفوتش فرصة الا ويضايقها فيها ..

سألت "رنيم" :
- ليه كدة .. وهو ليه يكلمها كل شوية اصلا عشان يضايقها او ميضايقهاش ..

ردت "ريم" ساخرة :
- هو مش بيكلمها اصلا الا عشان يضايقها ..
ثم تحولت نبرتها للجدية قائلة :
- انا بجد مش فاهماه .. والله يا رنيم باسل شخص فوق الرائع .. بس مش عارفة ليه بيعامل ريحانة كدة .. المشكلة انه مش شايف انه كدة بيعمل حاجة .. شايف انه اسلوبه معاها طبيعي جدا ..

تنهدت "رنيم" قائلة :
- وهي طبعا مش بتعمل حاجة غير انها تعيط .. وبعدين اخوكي لسة واصل اول امبارح لحق يعمل فيها كدة ويخلي حالتها كدة .. دة ايه الجبروت دة ..

ضحكت "ريم" قائلة :
- ما بلاش تتكلمي انتي عن الجبروت ...

ضحكت "رنيم" وهي تنظر لـ"ريحانة" القادمة من بعيد .. اتجهت أنظار "ريم" لها كذلك .. ثم التفتت لـ"رنيم" فجأة قائلة :
-اه صحيح .. جدو عامل حفلة عشان باسل .. لازم تيجي ماما اكيد بلغت مامتك .. وكمان جدو الوقتي قال لباباكي ..

ابتسمت "رنيم" قائلة :
- انا قلت بيتكم دة متحرم عليا طول ما اخواتك موجودين فيه .. مش هينفع اجي وهما هناك ...

عبست "ريم" قائلة :
-فوقي يا ماما .. انتي سمعتيني .. بقول حفلة .. يعني ناس كتير .. ومامتك وباباكي .. وبعدين تفتكري هقعدك مع اخواتي ..

ضحكت "رنيم" قائلة :
- تفتكري انتي اني ممكن اجي .. حتى لو ماما وبابا هييجوا ..

وصلت "ريحانة" وجلست قائلة :
- رنيم انتي عمرك ما زرتينا الا في غياب يوسف وباسل .. مقولناش حاجة .. لكن ايه علاقة دة بانك تيجي الحفلة .. ولا انتي لو لقيتي حاجة محلولة تعقديها ..

ضحكت "ريم" قائلة :
- الله عليكي يا ريحانة تسكتي تسكتي وتطلعي بحكم في الاخر ..

ابتسمت "رنيم" قائلة :
-والحفلة دي امتى ..

ردت "ريم" :
- لا مفتكرش ان فيه مكان ليكي .. العدد كومبليت ..

ضحكت "رنيم" و"ريحانة" التي قالت :
- اممم ايه رأيكم في الرواية وفي الكاتب ...

ردت "رنيم" :
- الرواية عبقرية لكاتب مبدع ..

ابتسمت "ريحانة" وهي تلتفت لـ"ريم" لتسمع رأيها هي الأخرى .. فوجدتها تحملق في "رنيم" ذاهلة وهي تقول :
- بس .. دة رايك .. انتي متاكدة ..

ابتسمت "رنيم" وهي تجيب :
- اه ..

بينما ضحكت "ريحانة" قائلة :
- معلش يا نيمو بس انا كمان استغربت .. انتي نادرا لما يعجبك كاتب .. دة غير انك مبتحبيش الروايات اصلا .. ولو فيه كاتب عجبك لازم تنتقدي كل حاجة فيه ..

بينما قالت "ريم" :
- يا بنتي هي في كل حاجة لازم تبقى ضلع مخالف .. دي دايما جبهة المعارضة .. ايه اللي غيرك يا رنيم .. مين اللي دفعلك ..

حاولت "رنيم" بصعوبة أن تكتم ضحكاتها وهي تخفض رأسها بين كفيها ..
وحين استطاعت رفعت رأسها قائلة :
- يمكن عشان قرأت كتير فبقيت كدة .. مش رخامة مني اني اطلع القطط الفطسانة في الكتاب اللي انا ماسكاه .. وبعدين بما اني مليش في الروايات فالرواية اللي تخليني اكملها للاخر كدة لازم تبقى رواية عبقرية .. وبعدين الفكرة جديدة جدا .. وانه يحكي عن اثر تاريخي بالصورة دي .. فكانت بالنسبة لي فوق الوصف .. انا بحب الابداع في اي مجال مش اكتر ..

استمرت المناقشة لنصف ساعة .. بعدها تحول الحديث لأمور حياتية .. ثم اتفاقات على تفاصيل الحفل الذي سيصبح بعد يومين ...

----------------------
في فجر اليوم التالي .. استيقظت "ريم" .. ثم ذهبت لتوقظ "باسل" .. وما إن دخلت غرفته اقتربت منه ونادت اسمه بصوت خفيض .. ففتح عينيه وهب جالسا فجأة .. فزعت "ريم" وهي تبتعد خطوتين قائلة :
- بسم الله .. مالك يا باسل ..

هز رأسه يمنة ويسرة في محاولة للاستفاقة ثم نظر نحوها قائلا :
- انا اسف خضيتك ..

أشارت برأسها أن لا وهي تقول :
- انت امبارح واول بردو عملت كدة .. ومكانش نومك خفيف كدة .. مالك ..

أحاط وجهه بكفيه قائلا بأسى :
- انا كنت عايش لوحدي انا وروح .. كنت بخاف يحصلها حاجة بالليل او تحتاجني ومحسش بيها .. عشان كدة اي حركة منها بالليل كانت بتفزعني .. لغاية ما بقيت كدة .. مبعرفش انام بعمق .. لان تفكيري مشغول بيها ..

ثم رفع وجهه إليها قائلا :
- ابقي سيبيني وانا هصحى لوحدي .. بدل ما افزعك كل يوم كدة ..

جلست جواره وهي تتنهد قائلة :
- لا انا هصحيك كل يوم لغاية ماتتعود انت على الوضع الجديد دة .. وتتعود تبطل قلق وتوتر .. وكمان مش ملاحظ انك متعبتش من ساعة ما جيت مع ان يوسف قالي انك كنت تعبان جدا قبل ما تيجوا بليلة ..

ابتسم قائلا :
- اها طبعا الدكتور قالك اكيد تعبه دة كان لسبب نفسي واول ما يبقى بينا صحته هتتحسن ..

ضحكت قائلة :
- وطلع عنده حق اهو نفسيتك ارتاحت وصحتك اتحسنت ..

ارتفع آذان الفجر فوقف "باسل" قائلا :
- ماشي يا برنسيسة صحي يوسف بقى لغاية ما اتوضى ..

ذهبت ناحية خزانة ملابسه قائلة :
- انت عارف ان يوسف بيصلي قيامه دلوقتي مش زينا ..

التفت لها قائلا :
- اه .. بس انتي ايه اللي يخليكي تصلي قيامك قبل ما تنامي .. ما تصليه انتي كمان دلوقتي وتبقي زيه مش زيي ..

أعطته منشفته قائلة :
- بس انا بحب اكون زيك .. يلا ادخل اتوضى على ما اروح اشوفه ..

وصلت للباب ثم التفتت ضاحكة وهي تقول :
- باسل على فكرة قبل ما تيجي كنت بصليه قبل الفجر .. لكن بما انك موجود يبقى لازم اصليه زيك قبل ما انام ..

ذهبا للفجر مع جدهما .. عاد "باسل" ليحضر نفسه وابنته ليبدآن حياتهما الجديدة من حيث الجامعة والمدرسة .. بينما نام "يوسف" لساعة أخرى .. وفي الصباح كانوا قد استعدوا جميعا للخروج .. وكل منهم لديه مهمة جديدة .. فـ"يوسف" لديه قضية مهمة يجب أن يتأكد من فاعلها .. و"باسل" عليه الذهاب للجامعة .. و"ريم" ستتولى أمر مدرسة "روح" .. حين الخروج سأل "باسل" :
- هو معاد الأتوبيس امتى ...

رد "يوسف" :
- واتوبيس ليه ما تيجي معايا وانا اوصلك ...

قال "باسل" رافضا :
- لا انا عاوز اركب الاتوبيس .. وكلها يومين واشتري عربية ان شاء الله ...

ردت "ريم" :
- الأتوبيس معاده سبعة ونص يعني لسة ربع ساعة ..

قال "باسل" :
- خلاص هستناه .. بس روح انتي متأكدة ان الترم مش هيضيع عليها ...

أجابت" ريم" :
- ما انا قلتلك .. دة حسب الامتحان اللي هي هتمتحنه .. هو الي هيحدد مستواها يسمح تكون مع زمايلها ولا تتاخر سنة ..

أومأ "باسل" قائلا :
- لا ان شاء الله انا واثق فيها .. وهتبقى اشطر من زمايلها كمان ..

وقفت "ريم" أمام باب "ريحانة" وهي تقول ضاحكة :
- ماشي يا عم الواثق ... يلا روح انت بقى علشان تلحق الاتوبيس لانه بييجي في معاده بالضبط ...

أومأ "باسل" وهو ينظر لها قائلا :
- تمام .. بس انتي بتخبطي على جدك ليه ..

التفتت له قائلة :
- لا مش جدو .. دي ريحانة علشان تيجي معايا ...

نزل درجات السلم جوار "يوسف" وهو يقول ساخرا :
- اه ريحانة .. لانها بتخاف من الناس فمش هتركب اتوبيس .. ولانها لا يعتمد عليها فمش هتركب عربية .. ربنا يحفظهالكم ويحفظكم ليها ...

رفع "يوسف" يده مبتسما وهو يقول :
- امين .. ويحفظها من الأشرار الطوال بتوع الهندسة الجينية ...

ضحكت "ريم" وهي تنظر لهما .. بينما فتحت "ريحانة" الباب حيث كانت تنتظر خلفه لحين مرور "باسل" لئلا تراه .. ابتسمت لـ"ريم" ثم انحنت تقبل "روح" التي تتجنب رؤيتها هي الأخرى .. لأنها علمت أن قربها منها شئ يزعج "باسل" .. وهي ليس بها طاقة لإزعاج أحد سواء كان "باسل" أو غيره .. هي إن لم تنفع فلا تضر ...
----------------------
حين وصول "يوسف" لعمله لم يتأخر عن ما نوى فعله منذ أسبوع .. فقط اطمأن على وجود المدعو "مجدي" في غرفته .. ثم تلقى الشكاوى منه وعليه .. ذهب للنيابة للتأكد من قضيته .. وبعد معاناة شديدة .. وبسبب صداقته مع وكيل النيابة اطلع على تقرير الطب الشرعي .. وعليه ذهب لمصلحة الطب الشرعي لمقابلة الطبيب المسئول عن ذلك .. دخل يسأل عن اسم الطبيب .. وقف يسأل عاملة الاستقبال قائلا :
- السلام عليكم ..

ردت :
- وعليكم السلام ..

سأل :
- لو سمحت عاوز اقابل دكتورة رنيم أحمد ...

أشارت له قائلة :
- هي لسة معدية من هنا حالا هتلاقيها في اخر الكوريدور دة ..

نظر لما تشير ثم عاد لها قائلا :
- فيه اكتر من وحدة في اخر الكوريدور ..

قالت :
- هي المنتقبة اللي هناك دي ..

نظر ثم عاد قائلا على مضض :
- في اتنين وقفين جنب بعض ومنتقبين ..

تنحنحت قائلة :
- هي الطويلة اللي فيهم ...

حبس أنفاسه وهو يقول :
- لو سمحت ممكن تقولي لي فين مكتبها ..

اعتذرت قائلة :
- انا اسفة .. تالت مكتب على يمينك ..

تنهد قائلا :
- متشكر ..

خطى خطواته نحو مكتبها وهو يغمغم في ضيق .. طرق الباب فسمح له بالدخول .. دخل ليجد فتاة تجلس على مكتب صغير .. ألقى السلام ثم قال :
- عاوز اقابل دكتورة رنيم لو سمحتي ..

وقفت قائلة :
- طيب اتفضل حضرتك .. هي دقايق وجاية ...

قالتها وهي تشير لمقعد جوار الباب ... لم تمر دقائق إلا ووصلت "رنيم" .. لفت انتباهها وجود شخص جوار الباب .. ألقت السلام .. ثم دخلت لغرفتها مباشرة .. دخلت وراءها تلك الفتاة وهي تومئ برأسها لـ"يوسف" الذي أعطاها بطاقة تدل عليه .. أغلقت الباب خلفها وهي تقول :
- رنيم الدكتور يوسف علي عاوز يقابلك ..

لم تستغرب الاسم .. ولكن مجيئه هنا غريب .. فطبيعة عمله ليس لها علاقة بطبيعة عملها .. لذا خمنت أن يكون تشابه أسماء وفقط .. رفعت نظرها قائلة :
- وريني الكارت كدة يا نهلة ...

أعطته لها وهي تقول :
- على فكرة شكله ميطمنش ..

ابتسمت "رنيم" وهي تأخذه منها قائلة :
- ميطمنش ازاي ..

قرأت الاسم وما تحته .. تأكدت أنه هو أخو "ريم".. رفعت نظرها لـ"نهلة" قائلة :
- طب دخليه ... وانتي عارفة لو حاول يمشيكي او يقولك شغل خاص يا دكتورة هتعملي ايه ..

ضحكت "نهلة" وهي تخرج قائلة :
- معنديناش بنات تجعد مع رجالة لوحديها يا بيه ...

ضحكت "رنيم" وهي تنظر لمرآة كانت في حقيبتها .. تحاول تعديل وضع نقابها بحيث تخفي عينيها على قدر استطاعتها .. دخل "يوسف" .. فوقفت تشير له بالجلوس .. ولكن لا تعلم لم شعرت بالخوف منه .. له حضور طاغي .. شعرت أنه اكتسح الغرفة بأكملها .. أومأ "يوسف" وهو يجلس أمامها .. جلست بدورها وبحركة تلقائية عادت بمقعدها قليلا للخلف ..
مد "يوسف" يده بملف يحمله قائلا :
- من غير مقدمات .. اتفضلي شوفي الملف وهتعرفي انا جاي ليه ..

مدت يدها وهي تأخذ الملف .. وتنظر لـ"نهلة" الواقفة جوارها .. تصفحته سريعا وهي تقول :
- حضرتك ازاي وصلت للملف دة ..

هز كتفيه قائلا :
- مش مهم انا وصلت له ازاي .. المهم هل دة الملف اللي حضرتك قدمتيه للنيابة ..

دون أن تعيد النظر للملف قالت :
- لا طبعا مهم .. ازاي حاجة زي دي تطلع برة النيابة .. حضرتك شايف ان دة شئ عادي كدة ..

أجاب بسؤال آخر قائلا :
- دي قضية مجدي عبد الغفار مش كدة ..

حبست أنفاسها قائلة :
- اه هي ..

سأل قائلا :
- يعني دة التقرير اللي حضرتك أثبتي براءته بيه ..

بتلقائية حملقت فيه قائلة :
- انا .. برأت مين .. التقرير اللي انا قدمته بيدين مجدي مش بيبرأه ..

رفع نظره هو الآخر مندهشا-وليته ما رفعه- قائلا :
- بتقولي ايه .. التقرير اللي معاكي بيبرأ مجدي ..

أخفضت بصرها سريعا -ولكن قد كان ما كان- وهي تقلب ورقات الملف بين يديها بعصبية شديدة ثم وقفت وأنفاسها تتلاحق .. وعينيها احمرت غضبا قائلة :
- ازاي دة يحصل .. وطبعا البيه دلوقتي برة السجن ..

وقف أمامها قائلا :
- اه .. بس خلاص انا هتصرف ..

مد يده ليأخذ الملف قائلا :
- بعد اذنك ..

نظرت له وأنفاسها تتسارع غضبا وحسرة .. ولا تشعر بنفسها من شدة الغضب .. وكذلك لم تشعر بسحر عينيها على المسكين الواقف أمامها .. غض بصره سريعا وهو ينظر للملف قائلا :
- الملف لو سمحتي ..

لم تتحرك .. فغضبها تصاعد لأوجه .. لم يحدث معها موقف مشابه من قبل .. ولم تتعرض لتلك الحيل من قبل .. كما أنها لا تتخيل أن بريئا كان سيسجن بسببها .. كعادتها ستحمل نفسها خطأ غيرها .. بعد نفاذ صبر قال "يوسف" وقد بدأ غضبه يظهر هو الآخر :
- يا دكتورة سيبي الملف ..

عندها جذبتها "نهلة" من ذراعها قائلة :
- يا رنيم سيبي الملف .. ونتفاهم بعد ما يمشي ..

تحول لها نظر "رنيم" قائلة :
- انا عاوزة الملف الأصلي حالا ...

ذهبت "نهلة" لتأتي بم طلبت .. بينما وجهت "رنيم" حديثها لـ"يوسف" قائلة :
- بعد اذنك الملف هيفضل معايا .. تقدر حضرتك تتفضل دلوقتي .. انا هجيب الملف الاصلي واطلع ع النيابة ..

قال "يوسف" وغضبه بدأ في التصاعد :
- يا دكتورة قلت لك انا هحل المشكلة دي .. هاتي الملف لو سمحتي .. مينفعش امشي من غيره ..

اتجهت نحو الباب حتى لا تبقى وحدها معه وهي تقول :
- يبقى لو سمحت حضرتك تستنى ثواني لما اخد نسخة منه ...

استشاط "يوسف" غضبا وهو يسير خلفها ليسحب منها الملف قائلا :
- متخلينيش اندم اني جيت اتأكد ليكي يد في الجريمة دي ولا لا قبل ما اتصرف بطريقتي .. بعد اذنك


هوت "رنيم" جالسة على مقعد كان خلفها تنظر للفراغ أمامها ..
دخلت "نهلة" وهي تربت على كتفها قائلة :
- اهدي بس يا رنيم .. ان شاء الله خير ..

نظرت لها "رنيم" قائلة :
- انتي عارفة ايه اللي هيحصل .. هيطلبوا اعادة التشريح .. وتيجي لجنة كاملة عشان تعيد التشريح .. ولما يكتشفوا اللي حصل هتحول انا للتحقيق ..

جلست "نهلة" جوارها قائلة :
- يا بنتي ما هما هيطلعوا بنفس النتيجة بتاعتنا .. وساعتها هيقارنوها بالتقرير الأصلي .. فـ..

قاطعتها "رنيم" قائلة :
- المقارنة هتبقى بين اللي هيطلعوا بيه وبين الملف اللي في النيابة .. مش الملف الأصلي اللي محدش يعرف عنه حاجة اصلا ..

هدأتها "نهلة" قائلة :
- طيب الدكتور دة مش قال هيتصرف .. اكيد هيتصرف ..

وقفت "رنيم" كمن أفاق من غيبوبته قائلة :
- انا لازم اروح النيابة حالا .. هاتي الملف ..

---------------------
خرج "يوسف" من عندها يتمتم :
- انا مش عارف اختي مصاحبة المجنونة دي ازاي .. ايه يا ربي الجنان دة بس ..

استقل سيارته ثم عرج على النيابة .. ذهب لوكيل النيابة يقص له ما حدث .. والذي بدوره قال :
- انا مش اول مرة اشتغل مع الدكتورة رنيم .. وعارف هي اد ايه امينة في شغلها .. بس لو اللي بتقوله دة صحيح هي اكيد هتتحول للتحقيق ..

رد "يوسف" :
- بس لو هي صادقة في كلامها اكيد يبقى التوقيع اللي ع التقرير دة مزور ولو اثبتنا كدة يبقى الموضوع منتهي وهي ملهاش علاقة ..

أومأ وكيل النيابة قائلا :
- لو على اد التوقيع يبقى الموضوع سهل جدا .. عموما ..

قطع كلامه طرقات على بابه .. أمر بالدخول .. ليطلب شخص الإذن لـ"رنيم" .. سمح لها فدخلت بخطوات واثقة .. ثم وقفت أمامه قائلة :
- دة الملف اللي المفروض خرج من مكتبي واحد زيه ...

استلمه منها قائلا :
- طيب اتفضلي يا دكتورة .. وعموما متقلقيش .. كنت لسة بتكلم مع الدكتور يوسف ان ازاي نبعد تورطك عن الموضوع ..

أجابت بثقة :
- انا مش قلقانة .. لان انا فعلا مش متورطة لامن قريب ولا من بعيد .. بس انا مستغربة ازاي حضرتك تدي ملف القضية لشخص الدكتور يوسف .. معنى كدة ان زي ما الملف دة خرج الملف الاصلي ممكن يخرج عادي لا ويتبدل كمان ..

التفت لها "يوسف" وقد صعق من كلامها .. رغم صحته ورغم أن هذا أول ما يتبادر إلى الذهن .. ولكن يعلم أن الرجل لم يعطه التقرير إلا بعد إلحاح شديد منه وبسبب صداقتهما .. كما أن الرجل كان يخبرها أنه سيثبت براءتها لتتهمه هي فجأة دون مقدمات .. كيف لها تتحدث بتلك الثقة ..
لذلك لم يفاجأ بوقوف وكيل النيابة فجأة قائلا :
- تقصدي ايه يا دكتورة .. يعني انا اللي بدلت الملف الاصلي ..

التفتت له قائلة بهدوء وثقة أكبر :
- انا متهمتش حد يا فندم .. انا بس بفكر بصوت عالي .. ومش لازم تكون حضرتك اللي عملت كدة .. بس انا مش هتعب في القضية دي علشان في الاخر واحد برئ يتسجن والمجرم يخرج .. لا وكمان بيعيدوا تأهيل سيادته علشان يبقى فرد صالح في المجتمع ..

ألجمت الاثنين بكلامها ثم تركتهما في صمتهما وخرجت ...
-------------------
في نهاية يومه الجامعي الأول عاد "باسل" ليستقل في عودته حافلة الركاب التي أقلته صباحا .. أو وسيلة المواصلات العامة .. بمعنى آخر أتوبيس الشعب .. وقف في مكان الانتظار لتصل الحافلة في موعدها المحدد لم تتأخر ثانية واحدة .. ركب ليجلس في أحد المقاعد الأمامية ثم يخرج من حقيبته كتابا يقرؤه .. مرت دقائق قبل صعود سيدة مسنة .. رفع "باسل" بصره ليجدها تمشي بصعوبة .. وقف مصرا عليها بالجلوس مكانه .. وعاد هو للخلف .. فقد أشفق عليها من السير لآخر الحافلة .. تحركت الحافلة ثانية وتعمق هو في قراءته .. حتى وقفت في محطة أخرى .. ولم يكن يخرجه من استئناسه بكتابه سوى رنين هاتفه .. أجاب على محدثه .. وقبل عودته للقراءة .. نظر خارجا ليجد لافتة للشركة التي تعمل بها "ريحانة" .. ثبت نظره تجاهها قليلا فلاحظ وقوف "ريحانة" مع أخرى .. ما لفت انتباهه هو نظرة الرعب في عينيها .. زفر في ضيق وهو يترك الحافلة .. ذهب عندها وما إن رأته حتى تحركت نحوه كأنها وجدت نجدتها قائلة بصوت يملؤه الخوف :
- باسل ..

خجلت محدثتها وهي تنظر له قائلة :
- انا اسفة مكنش قصدي ازعجها ..

رد "باسل" بحرج بالغ قائلا :
- لا يا فندم حضرتك فهمتي غلط .. احنا بس عندنا مشكلة في البيت .. اختي اول ما شافتني افتكرت اني جايب لها اخبار وحشة مش اكتر ..

أومأت برأسها متفهمة وهي تقول :
- انا اسفة انا كنت بس بعرض اني اوصلها .. بعد اذنكم ..

أومأ "باسل" قائلا :
- اتفضلي ..

تركتهما ليلتفت "باسل" لـ"ريحانة" وهو يضغط على شفته السفلى بأسنانه قائلا :
- انتي امتى هتكبري .. ايه اللي بتعمليه دة .. كانت هتاكلك مثلا .. طيب ع الاقل اتكلمي بذوق معاها .. يا بنتي داري خوفك بدل ما تحرجي الناس كدة ..

ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تنظر له قائلة بخوف :
- هي اول مرة تكلمني والله .. وانا معرفهاش .. ومكنتش اقصد احرجها ابدا والله العظيم ..

تنفس بعمق وهو يغمض عينيه بشدة .. يعلم أن لا ذنب لها في ذلك فجدها من فعل .. لم يجعلها تختلط بأي أحد مطلقا .. وكان تبريره دائما أنه يخشى عليها من ذلك .. فارتبطت الصورة في ذهنها كالتالي (اختلاط بالناس يعني خوف .. إذا فالناس شئ مخيف .. يجب تجنبه ) .. ولأول مرة منذ وصوله ينظر لها باهتمام قائلا :
- طيب معلش حصل خير .. تعالي بقى نستنى الاتوبيس الجاي ..

أومأت برأسها وهي تسير جواره قائلة :
- طيب يوسف هيعدي عليا ..

ابتسم قائلا :
- خلاص هكلمه أقوله ميجيش ..

ذهبا لمكان الانتظار .. فابتعد بها عن الرجال الواقفين .. حدث "يوسف" وأخبره ألا يأتي .. أنهى اتصاله ثم سحب نفسا عميقا وهو يحاول الحديث بهدوء قائلا :
- ريحانة ..

لا تحب أن يحدثها بتلك النبرة الهادئة .. رغم ضيقها من كلماته العنيفة إلا إنها أهون على قلبها الضعيف من تلك الكلمة الرقيقة.. فماذا تفعل فيه وقد اضطرب وتسارعت ضرباته .. وكيف توقف غزو الاحمرار الذي ملأ وجهها .. وماذا تفعل بعينيها التي تأبى الثبات .. وماذا عن شفتيها التي تخشى أن تدميها الآن .. كل ذلك فقط من نطقه لاسمها كيف إن استمر حديثه معها على هذا النحو .. ليته يسكت أو يصيح ويغضب .. ليته يضايقها أو حتى يضربها ..
ولما لم ترد عليه كرر :
- ريحان ..

وريحان بعد .. ليته يسكت ثم يسكت ويسكت .. أخرجت صوتها بصعوبة قائلة :
-نعم ..

أكمل حديثه بهدوء قائلا :
- يا ريحانة الناس مش شر ومش حاجة تخوف .. لازم تحاولي تتعاملي معاهم .. ولازم تحاولي تحكمي بنفسك ع الكويس والوحش .. انتي مش صغيرة يا ريحانة على خوفك دة .. انا خايف عليكي يقلب بخوف مرضي ..

أومأت برأسها وكلمة"خايف عليكي" تتردد في قلبها قبل عقلها قائلة :
- حاضر ..

تنهد قائلا :
- انا مش عاوزك تقولي حاضر وخلاص .. انا عاوزك تكوني مقتنعة بالكلمة قبل ما تقوليها ..

أومأت برأسها وهي تقول :
- حاضر ..

ابتسم مكملا :
- وحاجة كمان ..

أومأت قائلة :
- اتفضل ..

قال :
- انتي مش هتعرفي تعملي كدة وفيه حد بيجيبك وحد بيوديكي .. حاولي تعتمدي على نفسك .. اركبي مواصلات .. وفي المواصلات هتقابلي ناس كويسين كتير .. حاولي تكوني صداقات في شغلك .. الحكاية هتبقى صعبة في الاول انا عارف .. بس دة عشان تعرفي تحكمي على الناس كويس .. صدقيني مع الوقت المشكلة اللي عندك دي هتختفي .. وانا عارف ان ريحانة بتعرف تحكم ع الامور كويس وهتعرف تميز الكويس من الوحش ..

قالها ليعطيها ثقة أكبر في نفسها .. بينما هي كانت تتمنى أن تقوم بخطوة كهذه من قبل .. ولكن البداية مهما يكن ليست سهلة .. ابتسمت ابتسامة صغيرة وهي تقول :
- ان شاء الله ..

ابتسم بدوره وهو ينظر للحافلة التي لتوها وصلت قائلا :
- يلا .. الاتوبيس وصل ..

ثم التفت فجأة قائلا :
- هو انا مش قلت ميت مرة صوتك دة يخشن شوية ..

زفرت في ضيق قائلة :
- والله صوتي كدة .. اعمل فيه ايه بس ..

رد قائلا :
- معرفش اتصرفي .. بس انا لو واحد مش عارفك اول ما اسمع صوتك هقول ايه الصوت المدلع دة ..

نظرت له قائلة :
- مدلع ..

أجاب :
- اه ومايع كمان ..

أدمعت قائلة :
- مايع ..

رد وهو يمشي قائلا :
- اه ويلا الاتوبيس هيمشي ..

سارت خلفه وهي تتمتم :
- عمرك ما عملت حاجة حلوة للاخر .. اوف .. انا صوتي مايع .. ماشي شكرا .. ضربة في صوتك .. ضربة في دماغك .. ضربة في قلبك ..

أوقفت سيل شتائمها وهو يقول :
- مش هتبطلي تبرطمي بقى .. خلاص سحبناها .. صوتك مش مايع .. بس حاولي تقللي كلامك مع اي راجل غريب .. ولو متكلمتيش خالص يبقى افضل ..
تمتمت قائلة :
- جيت تكحلها عميتها ..

رد قائلا :
- ابقي اتكلمي بصوت عالي يا جبانة .. الا اذا كنتي بتشتميني ..

نظرت له قائلة :
- والله العظيم حرام عليك بقى انا بشتم ..

صر أسنانه قائلا :
- صوتك يوطى .. احنا في الاتوبيس ..

وضعت يدها على فمها قائلة :
- حاضر حاضر ...


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-15, 12:26 AM   #9

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل السابع

في صباح يوم الحفلة .. كانت الاستعدادات في المنزل قائمة على قدم وساق ولم يمكث الجد في مكان منذ استيقاظه .. بل يباشر على كل شئ .. ويقوم بكل شئ بنفسه .. وكذلك "فاطمة" كانت تشرف على كل الأعمال .. أما عن الأحفاد الأربعة ومعهم "روح" .. فكانوا يعدون الحديقة وينظمونها لاستقبال القادمين .. وكانت "ريحانة" تتجنب الاقتراب من "باسل" أو عمل أي شئ معه .. وحافظ "يوسف" على ذلك خشية أن يرميها "باسل" بإحدى كلماته الغاضبة .. ولكن لم يستطع أن يبقى معهم لبقية اليوم .. يريد أن يعرف آخر ما حدث في القضية فاستأذنهم لساعتين .. وقبل خروجه همس لـ"ريم" قائلا :
- ريم .. هتعرفي تتصرفي ..

همست كذلك :
- اتصرف في ايه ..

أشار بعينيه لـ"باسل" ثم "ريحانة" فابتسمت قائلة :
- متقلقش .. هشغل ريحانة معايا ..

أومأ قائلا :
- تمام كدة .. ولو اخوكي اتهور بس كلميني ..

- حاضر ..
---------------------
ذهبت "رنيم" للنيابة كذلك قبل عملها .. ولم تمكث كثيرا .. بل عادت وقد استشاطت غضبا .. رأتها "نهلة" ذهبت خلفها .. وحين دخلت مكتبها .. رفعت نقابها بعصبية شديدة .. وجلست خلف مكتبها بغضب أكبر وهي تضرب بيمينها في يسراها وتتنفس بسرعة رهيبة .. نظرت لها نهلة قائلة :
- مالك يا رنيم ايه اللي حصل ..

لم تنظر لها ولم تجيب .. فكررت "نهلة" :
- في ايه يا بنتي مش الحمد لله المشكلة اتحلت واحنا كدة بعيد عن الموضوع ..

أومأت "رنيم" ووجهها محتقن من الغضب .. فقالت "نهلة" :
- طيب ايه اللي مزعلك بقى ..

وقفت "رنيم" فجأة قائلة :
- عارفة انا اللي مانعني عنه ان اخته صاحبتي .. غير كدة انا كان ممكن اقتله ..

حملقت فيها "نهلة" قائلة :
- تقتلي مين .. الجثث اثرت على دماغك ولا ايه ..

صاحت "رنيم" :
- اللي اسمه يوسف ..

ردت "نهلة" :
- عمل ايه حرام عليكي .. دة هو اللي حل المشكلة ..

قالت "رنيم" بغضب أكبر :
- مش شغله .. المشكلة دي هو ملوش دعوة بيها .. دي مشكلتي وانا اللي احلها ..
ثم أكملت كمن يحدث نفسه قائلة :
- انا .. انا يحرجني قدام وكيل النيابة ويزعقلي .. انا يقولي المشكلة اتحلت وملكيش دعوة بحاجة .. امال مين اللي ليه دعوة .. هو ليه يتدخل في شغلي اصلا ..

قالت "نهلة" :
- وانتي عملتي ايه لما قالك كدة ..

زفرت "رنيم" في ضيق :
- عملت ايه .. ما انا جيت قدامك اهو .. وعرفت انهم هيعيدوا التشريح .. ويقارنوه بالتقريرين .. واحنا كدة ولا كدة معدش لينا دعوة بالموضوع ..

حينها انفجرت "نهلة " ضحكا ومالت بجسمها وهي تضع يدها على فمها ثم ما فتأت تسعل وتسعل .. قامت "رنيم" لتأتيها بكوب ماء .. وهي تبتسم قائلة :
- فيه ايه يا بنتي هو انا قلت لك نكتة ..

هدأت "نهلة" قليلا .. وبدأت تتحدث قائلة :
- مش مصدقة ان فيه حد زعقلك .. لا وكمان انتي خفتي منه وسمعتي الكلام ..

قاطعتها "رنيم" قائلة :
- ايه خفت منه دي لا طبعا ..

قالت "نهلة" :
- حتى لو مخفتيش .. مشى كلمته عليكي برده .. دة وكيل النيابة بذات نفسه مقدرش يعملها ..

ردت "رنيم" :
- انا مفيش حد يقدر يمشي كلمته عليا .. ولا حد ليه الحق انه يدخل في شغلي الا رئيسي .. حتى هو ملوش الحق يدخل الا اذا لقاني غلطت .. عوزاني بقى اسمح له هو يدخل .. باي صفة ان شاء الله ..

ابتسمت "نهلة" قائلة :
- مبترتاحيش الا لما كلمتك انتي اللي تمشي .. وانتي اللي تسيطري ع الامور .. بس انا فرحانة فيكي .. اخيرا حد هيمشي كلمته عليكي .. ياااااااااه .. انا قايلالك اني هزغرط لو لقيت حد قدر يعملها عشان كدة ..

همت "نهلة" لتفعل .. لولا "رنيم" التي وقفت فزعة تضع يدها على فمها تسكتها قائلة :
- يخرب بيت شيطانك .. انتي ناسية احنا فين .. دة انتي دكتورة سيكو والله العظيم ..

ثم جلست قائلة :
- قلت لك محدش يقدر يمشي كلمته عليا ..

خرجت "نهلة" وهي تبتسم قائلة :
- ماخلاص مشاها واللي كان كان ..

-----------------------
بعد أن أنهى "يوسف" ما ذهب بشأنه .. عاد لمنزله ليكمل عمله معهم .. وجد "باسل" مازال يعمل فحدثه قائلا :
- انت مش رايح الجامعة ..

رد قائلا :
- لا مفيش النهاردة ..

التفت لـ"ريم" قائلا :
- وانتي ..

ردت :
- لا انا وريحانة اخدنا اجازة بأمر من ماما ..

أومأ وهو يقترب منها يهمس :
- حصل حاجة ..

همست :
- لا الوضع مستتب لغاية دلوقتي ..

هز رأسه قائلا :
- تمام .. هطلع اغير هدومي وانزل ..

صعد ليفعل ما قال .. ثم عاد إليهم ليكمل عمله .. وبعد فترة نادى "باسل" قائلا :
- ريحان ..

توترت وتعالت دقاتها .. وهي ترد :
- نعم ..

قال بملل :
- انتي يا بنتي صوتك دة ايه ..

أجاب "يوسف" مبتسما :
- كروان ..

غضبت من "باسل" فتلقت كلمة "يوسف" كسخرية وليس كمدح .. فنظرت له قائلة :
- شكرا ..

نظر "يوسف" قائلا :
- شكرا دي شكلها وحش .. بس انا مش بتريق ..

جاءت "ريم" قائلة :
- يا جماعة راعوا مشاعري كأنثى .. صوتي جنب صوت ريحانة بيحسسني اني مش بنت ..

نظرت لها "ريحانة" وقد تضاعف حزنها لأنها أخذت كلام "ريم" على محمل السخرية هي الأخرى .. فتحدث "باسل" قائلا :
- والله كروان مش كروان دة مش صوت اصلا .. ومينفعش تتكلم كدة ..

رد "يوسف" :
- لا والله .. يعني انا ممكن اقولك صوتك بيزعجني يا باسل .. نعمه شوية .. دة صوتها .. التون بتاعه كدة .. تعمل فيه ايه يعني .. أما أمرك غريب بشكل .. وبعدين ملكش دعوة بصوتها عاجبنا ..

نظرت له "ريحانة" وقد أخذت دفاعه عنها على محمل الشفقة .. ثم اتجهت نظراتها لـ"باسل" عندما تحدث قائلا :
- ما تقدمولها في الاوبرا كمان .. هتكسبوا من وراها دهب ..

ابتسم "يوسف" قائلا :
- لا احنا في دي انانيين .. وعاوزين صوتها يبقى لينا احنا بس .. واحتمال نسيبك احنا التلاتة ونطلع فوق ونخلي ريحانة تغنيلنا حاجة .. بصراحة من ساعة ما انت جيت وانا مسمعتهاش بتغني .. وحشني صوتها ..

نظرت "ريحانة" لـ"يوسف" وقد بدأت تتجمع في عينيها عبرات .. فهو وأخوه يشعلان حربا باردة .. وكأنها هي الغنيمة .. لم تحتمل أكثر من ذلك .. تركت المكان وذهبت للحديقة الخلفية .. وصلت هناك تبكي وحدها .. بينما نظرت لهما "ريم" نظرات عاتبة .. وتركتهما لتذهب هي الأخرى خلفها .. أما عن "باسل" هز كتفيه في سخرية واضحة .. فقد انتهى الموقف دون أن يخبر "ريحانة" بما كان يريده .. ودون أن يحسم موقفه في صوتها .. بل ذهبت لتبكي كعادتها .. زفر في ضيق من شخصيتها البكاءة .. تنهد "يوسف" في أسى واضح وعاد لما كان يعمل ..

وصلت "ريم" لتجدها تبكي ويعلو نشيجها .. أسرعت لها واحتضنتها بشدة وهي تهدئها قائلة :
- فيه ايه بس يا ريحانة ايه اللي يزعل في الكلام دة ..

اندهشت منها "ريحانة" ألم تكن موجودة لتسمع .. هدأت بعد وقت لتقول :
- يعني انتي واخواتك بتتريقوا عليا يا ريم ومش عوزاني ازعل ..

حملقت فيها "ريم" قليلا ثم ابتسمت قائلة :
- اتريقنا عليكي .. بطلي العبط بتاعك دة .. لان حتى باسل ميقصدش كدة .. والله ما قصدت تريقة .. انا فعلا بحس اني صوتي جنبك ميديش على بناتي خالص ... يعني شايفة انتي صوتك ناعم وجميل وهادي وحنين ..

أوقفتها "ريحانة" قائلة :
- ومدلع ومايع ...

ضحكت "ريم" قائلة :
- دة باسل اللي قالك كدة .. صح ..

تنهدت "ريحانة" قائلة :
- هو فيه غيره .. لو ملقاش حاجة يعملها .. ييجي يدور فيا على عيب عشان ينتقده ..

ربتت "ريم" على يدها قائلة :
- سيبك منه .. والله ما نقصد نتريق على صوتك ابدا .. ويوسف كان بيتكلم بجد انتي فعلا من زمان مسمعتيناش حاجة بصوتك ..

ضحكت "ريحانة" ساخرة وهي تقول :
- لا انا صوتي من حق جمهوري اللي في الاوبرا وبس ..

ضحكت "ريم" بشدة وهي تقول :
- طب والله تجيبي دهب على رأيه ...

جاء "يوسف" وهو يسمع ضحكات "ريم" قائلا :
- ايه دة هي بتزغزغك ولا ايه ...

تزايدت ضحكات "ريم" قائلة :
- مش قادرة يا يوسف .. اخوك عمل للبت هسهس ..

ضحك وهو ينظر لـ"ريحانة" التي قابلته بنظرة عاتبة .. فاقترب منها قائلا :
- لا انا مقدرش ع البصة دي ..
ثم قبل رأسها قائلا :
- ايه بس اللي زعلك ..

ردت "ريم" قائلة :
- فاكرانا بنتريق على صوتها ..

ابتسم "يوسف" قائلا :
- يا نهار ابيض .. اخص عليكي يا نونا .. تفتكري انا ممكن اعمل كدة .. دة انا نفسي اتجوز واحدة عندها صوتك .. ع الاقل هصحى وانام على كروان .. مش طرزان ..

ضحكت "ريحانة" و"ريم" التي قالت :
- وتفتكر ان اللي مأخر جوازك انك مش لاقي الكروان دة ..

ابتسم قائلا :
- اه للاسف كل اللي قابلتهم طرزانات .. او صوتهم عالي ومستفز .. انا بس الاقي الكروان ومش هتلاقوني بعدها ..

ردت "ريم" :
- يا سلام وتفتكر هي المفروض تنعم صوتها عشان يبقى كروان .. طيب ما ممكن يبقى صوتها كروان بس بتحاول تخليه كدة مع المتطفلين اللي زيك ..

قالت "ريحانة" :
- انا بحاول اخلي صوتي كويس مع المتطفلين .. بس بيتقال عليه مايع ومدلع ..

أكمل "يوسف" :
- بعيدا عن كلمة متطفلين يا جزم .. انا مقلتش تنعم صوتها وهي بتكلمني .. بس فيه فرق اني احس اني بتكلم مع بنت محترمة او بنت مسترجلة .. اهي المسترجلة دي تبقى طرزان ..

فوجئوا بـ"باسل" يقف فوق رءوسهم ولم يشعروا بقدومه إلا وهو يقول :
- ايه هنفضل نطبطب كدة كتير مش ورانا شغل .. قوموا يلا اخلصوا ..

انتفضت "ريحانة" حين بدأ حديثه .. وكذلك "ريم" بينما رفع "يوسف" نظره قائلا :
- انت طولت فجأة ولا انا بيتهيألي ..

نظر له "باسل" قائلا :
- مش اطول منك ..

وقفت "ريم" قائلة :
- خلاص مش فاضيين احنا لصراع العمالقة دة .. راعو مشاعرنا كأقزام بينكم .. يلا يا ريحانة ..

عادوا لاستكمال عملهم .. وعادت "ريحانة" لتجنبه ثانية ...
-------------------
ليلا .. اكتمل كل شئ .. وكانت تسير الأمور على أكمل وجه .. "ريحانة" تستقبل السيدات مع "ريم" وخالتها في الأعلى .. بينما كان الرجال في الحديقة .. كانت تشعر بفرحة عارمة .. فلم تدخل الفرحة بيتهم منذ سفره .. حتى وإن دخلت فلم تكتمل بسبب غيابه .. تنظر لـ"روح" التي أصرت على ارتداء فستان أبيض .. لتصبح عروسا لأبيها .. وعلى شفتيها ابتسامة حنون ..
وصلت "رنيم" ومعها والدتها .. أسرعت نحوها "ريم" وريحانة" فلم تتوقعا أنها ستأتي بالفعل .. فكعادتها صعبة المراس .. رحبتا بها وبوالدتها بشدة وكذلك فعلت "فاطمة" .. بينما في الأسفل كان أبوها يسلم على "يوسف" بحرارة غريبة لم يعتادها "يوسف" .. ولكن ما لم يعلمه "يوسف" أن "رنيم" -وعلى غير العادة أن تفعل ذلك- قصت على والدها ما فعله "يوسف" معها وبها .. ومن وجهة نظرها أنه أخطأ وبشدة فكيف يثور عليها هذا اليوسف .. فحكت لوالدها ضيقها من سكوتها عنه .. بينما والدها أسر في نفسه امتنانا عميقا لـ"يوسف" أنه تحمل ابنته المتمردة .. ولم يتخلَّ عنها بسبب لسانها السليط وتسلطها البغيض .. لذلك عندما رأى "يوسف" لم يستطع إلا أن يشكره بسلامه ذاك وهو يكن له امتنانا كبيرا ..
أثناء جلوسهن في الأعلى .. أصدرت "فاطمة" فجأة آهة مكتومة .. سمعتها "رنيم" القريبة منها ..
فنظرت لها قائلة :
- مالك يا طنط .. تعبانة ..

حاولت "فاطمة" التبسم وهي تضع يدها على موضع ألمها قائلة :
- لا ابدا بس مش عارفة جنبي واجعني من ساعة ما صحيت .. كنت مشغولة فقلت هكشف بكرة ان شاء الله .. بس الوجع زاد اوي دلوقتي ..

نظرت "رنيم" لموضع يدها قائلة :
- طيب ادخلي ارتاحي شوية .. وريم وريحانة موجودين اهم ..

ربتت "فاطمة" على يدها قائلة :
- متقلقيش شوية ويروح لحاله اهو من الصبح كدة ييجي شوية ويروح شوية ..

نظرت "رنيم" لموضع يدها بقلق أكبر قائلة :
- طيب تعالي ارتاحي جوة اشوف مالك بس وتعالي تاني ..
ثم ضحكت قائلة :
- متقلقيش انا بعرف اتعامل مع الأحياء بردو ..

ضحكت "فاطمة" وهي تقول :
- وانا اللي افتكرتك اخرك جثث ..
ثم وقفت تستند على يدها وهي تقول :
- فكرتيني بيوسف بيفضل يقولي متقلقيش مني يا ماما انا بعرف اتعامل مع العاقلين بردو .. وبعدين كلنا مجانين ..

بصعوبة انفرجت شفتاها عن ابتسامة مجاملة .. رغم أنها لا تُرى .. دخلتا غرفة "ريحانة" رأتهما "ريم" فذهبت نحوهما قائلة بقلق :
- ماما فيكي ايه .. مالها ماما يا رنيم ..

فتحت الباب لهما وهي تنتظر إجابة فردت "رنيم" :
- ما هي كويسة اهي يا بنتي روحي انتي بس شوفي الناس اللي برة ..

نظرت لها "فاطمة" ومازالت تمسك موضع ألمها قائلة :
- روحي يا ريم .. انا كويسة ..

خرجت "ريم" وما زالت قلقة .. فقررت تحدث أحد أخويها .. ثم حدثت حيرة أخرى من تطلب ؟؟!!! .. وبمقارنة عقلية سريعة .. علمت أن "يوسف" أعقل تحت أي ضغط عصبي على عكس "باسل" .. ممكن أن يترك ضيوفه ليأخذ أمه لطبيب دون أي اعتبار .. وعليه هاتفت "يوسف" ...
بالداخل حاولت أن تستلقي "فاطمة" بصعوبة وهي تدل "رنيم" على موضع ألمها .. لتضغط "رنيم" عليه بخفة خشية ألا تؤلمها .. ثم تشجعت لتضغط بشدة .. حينها تأوهت "فاطمة" بصوت عالي .. نظرت لها رنيم معتذرة وهي تقول :
- انا اسفة يا طنط والله .. بس كنت عاوزة اعرف طبيعة الألم ايه ..

أومأت "فاطمة" فقالت "رنيم" :
- هو بيسمع في كتفك اليمين ..

ردت "فاطمة" :
- اه جامد ..

أومأت "رنيم" وهي تجلس جوارها قائلة :
- دي حاجة بسيطة ان شاء الله .. متقلقيش ..

ردت "فاطمة" :
- بسيطة يعني عندي ايه ..

قالت "رنيم" :
- وانا هعرف كدة ازاي دي مجرد شكوك واشتباهات ..
ثم ضحكت وهي تكمل :
- شفتي رجعت لطبيعة شغلي ازاي ..

ضحكت "فاطمة" وهي تقول :
- اه يا خوفي منك ..
سكتت لدقيقة ثم قالت :
- انتي هتفضلي خانقة نفسك بالنقاب ليه .. ارفعيه يا بنتي احنا لوحدنا اهو ..

ابتسمت "رنيم" وهي ترفعه بخجل شديد قائلة :
- لا ابدا عادي .. بس مسألة تعود فبنسى ارفعه ..

وصل "يوسف" فهاتف "ريحانة" لتخرج له .. فـ"ريم" لا ترد على هاتفها مم أقلقه أكثر ..
خرجت له "ريحانة" فقال :
- ريحانة شوفي الطريق لو سمحتي عاوز ادخل لماما ..

ردت :
- تدخلها فين ..

قال :
- انتي مش عارفة انها تعبت ..

فزعت قائلة :
- خالتو تعبت .. امتى ..

قال :
- مش وقته الاندهاش دة .. شوفي لي الطريق بس .. هي اكيد في اوضتك صح ..

ردت :
- اه اكيد هتبقى في اوضتي ..

ثم التفتت لتدخل قائلة :
- تعالى ورايا مفيش حد .. هما كلهم في الجنب التاني من الشقة بعيد عن الباب ..

ذهب خلفها لتأخذه لغرفتها .. ولكن نادتها "روح" فاتجهت لها وهي تقول لـ"يوسف" :
- خلاص روح انت يا يوسف .. متقلقش الطريق فاضي واكيد خالتو لوحدها .. ريم هنا اهي ..

عندما لاحظت "جيهان" غيابهما .. سألت "ريم" والتي أخبرتها بم حدث .. فذهبت للاطمئنان على "فاطمة" .. جلس ثلاثتهن يتحدثن قليلا قبل طرقات الباب أن تقطع حديثهم .. أذنت "فاطمة" للطارق قائلة :
- تعالي يا ريم ..

فتح الباب .. والتفتت له "رنيم" مبتسمة .. دخل هو بلهفة ليرفع نظره ثم يشعر بأن مطرقة هشمت رأسه وهو يرى هالة بيضاء كالقمر يحيطها السواد كليل حالك .. قمرا فزع وانتفض لرؤيته ..
بينما صعقت هي لتقف بفزع ثم توليه ظهرها وهي تغطي وجهها وكل خلية في جسمها تنتفض .. وفي لمح البصر كان قد غض بصره وتقهقر عائدا ويغلق الباب الذي مازال يمسك مقبضه في يده ...
حاولت "فاطمة" تهدئتها وهي تشعر بالأسف قائلة :
- حصل خير يا بنتي .. هو اكيد مكنش يعرف ان معايا حد .. اكيد ملحقش يشوفك .. حقك عليا انا ..

ردت "جيهان" قائلة :
- خلاص حصل خير .. مفيش داعي للاعتذار ..

مازالت واقفة ساكنة ظاهريا ولكن بداخلها إعصار .. لم تتعرض لموقف كهذا من قبل .. بل رفضت كل محاولات والدتها في أن تجلس جلسة واحدة مع رجل يريدها زوجة لئلا تتعرض لموقف كهذا وهو الحق .. فما بالها بما حدث الآن ...
خرج "يوسف" وهو يعصف به بركان غاضب على وشك الانفجار .. ليس من الخير لـ"ريحانة" أو "ريم" أن يراهما الآن .. فلو حدث لانفجر في أحدهما إن لم يكن كليهما .. مشهد لم يكمل في حساب الزمن ثوان .. ولكن في حساب المشاعر فلم يمر بزلزال هكذا من قبل .. يشعر أنه تخطى حدوده واعتدى على ما ليس له .. فتلك نظرة ليست كأي نظرة .. حرج شديد وندم أشد .. ليته ما جاء .. ما آلمه حقا أن لو "ريم" أو "ريحانة" من تعرضت للموقف فليس بعيد عليه أن يفتك بمن تجرأ ليرى ما ليس له .. ريم وريحانة غير منتقبتين .. ولكن إن كانتا كذلك وتعرضا لموقف كهذا .. من المؤكد أنه سيرتكب جريمة .. حتى وإن تعرضتا لموقف كهذا وكانتا دون حجاب .. تفكيره يصب في كونه لا يحتمل الموقف لأختيه .. فكيف سيلتقي بأبيها الآن .. كيف سيرفع عينيه له ..
قابلته "ريم" عند وصوله للخارج .. فزعت عندما رأته فكيف دخل .. وكيف خرج .. تحدثت قائلة :
- يوسف انت دخلت ازاي ..

نظر لها وعينيه تطلق شراراتها .. وقد كانت حممه من نصيبها فانفجر قائلا :
- ريم .. انا مش عاوز اشوفك قدامي دلوقتي .. ويا ريت مشوفش وشك النهاردة خالص .. لانتي ولا ريحانة .. انتو فاهمين ..

على صوته خرجت "ريحانة" قائلة :
- فيه ايه ..

التفت لها فتراجعت برعب .. لم تؤثر فيه هذه المرة فطالتها شظاياه هي الأخرى وهو يقول :
- قلت مش عاوز اشوفكو انتو الاتنين .. وحسابكم معايا بعدين .. والله ما هعدي اللي عملتوه دة ..

تركهم وهبط الدرج مهرولا .. بينما نظرت إحداهما للأخرى في ذهول ورعب .. فـ"يوسف" ينطبق عليه (اتق شر الحليم إذا غضب) .. أفاقت "ريم" لتبدأ تتجمع الصورة في ذهنها .. أسرعت نحو أمها وخلفها "ريحانة" التي لازالت لا تفهم شيئا ولكنها تكاد تموت رعبا ..
طرقت الباب لتجد أمها تسأل -لأول مرة- من ؟؟ .. أجابت "ريم" :
- انا ريم يا ماما ..

أذنت لها فدخلت ..
عندما سمعت "رنيم" صوت الباب .. فزعت وما زالت تحتفظ بهدوئها الخارجي .. ورغم أنها مازالت تقف كما كانت مولية ظهرها للباب ووجهها مغطى .. إلا أنها بحركة تلقائية .. وضعت يدها تتحسس نقابها .. ولما سمعت صوت "ريم" .. لم تطمئن .. بل شعرت بخذلان عميق منها .. فكيف وهي تعلم وجودها مع والدتها أن تسمح لأخيها بأن يدخل هكذا دون أن تخبرها حتى كي تخرج قبل مجيئه ..
شعرت "ريم" و"ريحانة" بتوتر الجو .. وعندها بدأت "ريم" تخمن ما حدث .. وكذلك "ريحانة" بدأت تستنبط الأمور إلا أن عقلها لم يصل لم حدث .. تعلم أن "يوسف" قد يغضب هكذا فقط إن دخل على أمه ومعها نساء ..فكيف إن وصل عقلها لم حدث .. ستعطي لـ"يوسف" ألف عذر .. التفتت لهما "فاطمة" وهي تقول :
- انتو سايبين الناس لوحدهم وجايين .. روحوا انا بقيت كويسة ..

كلاهما التفت لـ"رنيم" التي مازالت واقفة ومولية ظهرها للباب .. أخذت "رنيم" نفسا عميقا ثم انحنت على "فاطمة" تقبلها وهي تقول :
- الف سلامة عليكي ياطنط .. هنمشي احنا بقى عشان انا عندي مذاكرة المناقشة بتاعتي قربت .. لازم تروحي تكشفي بكرة ان شاء الله ..

أومأت "فاطمة" وهي تضغط على يدها مبتسمة لتقول :
- متشغليش بالك كتير ..

ابتسمت "رنيم" وهي تهز رأسها .. ثم نظرت لأمها التي وقفت قائلة :
- يلا يا ماما ..

سلمت "جيهان" على " فاطمة" .. ثم سارت خلف ابنتها .. مرت "رنيم" جوار "ريم" و"ريحانة" دون أن تنبس ببنت شفه .. بينما سلمت "جيهان" عليهما وخرجت .. جرت "ريم" خلفها قائلة :
- رنيم استني ..

التفتت "رنيم" قائلة بهدوء :
- نعم ..

تجنبت "ريم" الحديث عن الموقف التي تجهله حتى لا يزيد غضب "رنيم" لذلك سألت :
- احم .. هي ماما عندها ايه ..

أجابت "رنيم" قائلة :
- اعرضوها على دكتور باطني بكرة ان شاء الله .. انا مش عاوزة اقولك شكوكي عشان متقلقيش .. بس عموما هي مش حاجة خطيرة يعني ..

قالت "ريم" لتطيل فترة الحوار :
- مانتي كدة قلقتيني اكتر .. قولي يا ستي انتي شاكة في ايه .. ومتقلقيش لو طلع غلط مش هقول عليكي دكتورة خايبة ..

أجابت "رنيم" دون أن تبتسم أو تلقي لمزحتها بالا :
- اشتباه في مرارة .. بس هي بتقول اول مرة تشتكي منها .. فهيبقى الموضوع بسيط ان شاء الله ..

قالت كل شئ حتى تتجنب أن تفزع "ريم" فتطمئنها .. ثم تهدهدها ويزيد حوارهما .. وحالتها لا تسمح الآن إطلاقا ..
--------------------
في سيارة والدها .. كان الصمت سيد الموقف .. "أحمد" لم يسأل عمّ حدث بناء على نظرة من "جيهان" تخبره أنه سيعرف حين ينفردان ..
حين وصلوا دخلت "رنيم" غرفتها .. توضأت وصلت قيامها ونامت .. دون أن تفكر في الأمر .. فليختفي في طيات ذاكرتها كغيره .. فكعادتها تكتم وتكتم وتكتم ظنا منها أنها بذلك ستقوى .. فدموعها ضعف .. غضبها وتوترها ضعف .. شكواها ضعف .. وحديثها عن مشاعرها ضعف .. وليست "رنيم" بمن تقبل بأي ضعف ...
في صباح اليوم التالي قبل الذهاب لعملها .. طرق والدها بابها .. قامت وفتحت .. فابتسم لها قائلا :
- تسمح أميرتي بالخروج معايا نص ساعة قبل شغلها ..

ابتسمت قائلة :
- اها اميرتك .. وبالنسبة لماما مش هتغير ..

ضحك قائلا :
- لا امك اترقت وبقت ملكة خلاص .. يلا البسي ..

أومأت قائلة :
- حاضر ...

انتهت وخرجت معه .. فأخذا يتجولان في الطريق المجاور لمنزلهما في صمت .. فتحدثت رنيم قائلة :
- ايه يا بابا حضرتك عاوزني امشي معاك نتأمل في الطبيعة ولا ايه ..

رد قائلا :
- عندك مانع ..

قالت :
- لا طبعا هو انا اطول امشي مع حضرتك .. بس اكيد في موضوع عاوز تكلمني فيه ...

ابتسم قائلا :
- امك كبرت وعجزت ومش عاوزة تمشي معايا .. قلت اخد بنتي .. ما هو لازم امشي ومعايا واحدة ..

ضحكت قائلة :
- ماما كبرت وعجزت .. حضرتك متأكد من اللي بتقوله دة .. دة على أساس ان اللي بيشوفها معايا مش بيقول عليها اختي ولا حاجة ..

ضحك قائلا :
- دول بيجاملوها بس يا عبيطة ..

ضحكت ولم ترد .. فتحدث هو قائلا بجدية :
- مش شايفة انك عاطية الموضوع اكبر من حجمه ..

نظرت له -ولم تندهش من تحول نبرته فهذه عادته- وقالت :
- اي موضوع ..

نظر في عينيها وسكت .. ففهمت مقصده .. فقالت :
- حضرتك شايف انها حاجة عادية ..

رد :
- حاجة غير مقصودة لا منك ولا منه .. وانا بسلم عليه واحنا ماشيين مرفعش عينه في عيني وانا كنت مستغرب .. بس لما امك قالت لي فهمت هو ليه عمل كدة .. بيتهيألي مش هلومه على خطأ غير مقصود ..

قالت "رنيم" :
- يابابا انا مش متضايقة منه .. ولا فكرت فيه ولا كان في بالي اصلا .. انا متضايقة من الموقف نفسه .. متضايقة من نفسي .. حاسة اني عملت ذنب كبير .. يعني مهما كان دي حاجة مش سهل اني اعديها كدة ..

قال :
- انا مقلتش عديها كدة .. بس كمان مينفعش تدي الموقف اكبر من حجمه .. ودة مش ذنب ومش كبير .. قلت دة خطأ غير مقصود .. وخلاص اللي حصل حصل .. متتعبيش نفسك بالتفكير في الموقف والندم على حاجة فاتت ..

ثم سكت قليلا ليقول :
- اوعي يكون الموقف بقى ليه ابعاد تانية عندك ..

أخفضت بصرها أرضا ولم ترد .. فأجاب :
- يعني لو كنتي قردة كان هيبقى الموقف اخف عليكي ..

ابتسمت وهي تجيب :
- تعرف اني ساعات بتمنى اكون قردة .. بس بستغفر ربنا والله ع الطلب الغريب دة .. عشان كدة مش عارفة كان هيبقى الموقف بالنسبة لي كدة ولا اخف ..

وصلا إلى أحد الأماكن ليتناولا مشروبا فيه .. وجلسا على أحدى الطاولات .. فتنهد قائلا :
- تعرفي ان امك عقدتك من غير ما تحس ..

ابتسمت ولم تجِب فأكمل :
- انا عارف ان اسلوبها معاكي دة غلط .. بس انتي اللي وصلتيها لكدة .. وساعدتيها كمان ..

رفعت نظرها إليه قائلة :
- انا ؟؟ .. انا اللي ساعدتها تخليني اكره شكلي واكره نفسي .. وانا اللي ساعدتها تخليني ازعل لو فيه حد وصف جمالي .. وانا اللي ساعدتها انها تنزع مني شعور اي بنت فرحانة بشكلها وجمالها .. انا اللي ساعدتها في دة كله ..

ابتسم بشجن قائلا :
- شكلي انا اللي عقدتكم انتم الاتنين .. يا حبيبتي امك زيها زي اي ام نفسها تفرح ببنتها وتشوفها عروسة .. وانتي اللي حرمتيها من الفرحة دي .. انا لما كنت بوافقك فدة علشان مش عاوزك تعملي حاجة غصب عنك .. يمكن خانتها الطريقة .. بس هي عمرها ما راحت قالت لوحدة تعالي شوفي بنتي وعمرها ما راحت اتكلمت عن جمالك ولا عن شكلك اصلا عند اي واحدة من صاحباتها او قرايبها .. لكن غصب عنها بتفرح لما تلاقي فيه حد بيسأل على بنتها وعاوز يتقدملها .. ساعتها سواء كنتي جميلة او لا فكانت هتعمل معاكي نفس الحكاية .. وكنتي هيجيلك نفس الشعور .. انك بضاعة بتتعرض .. لان انتي اللي هياتي نفسك لكدة .. وبصيتي لنص الكباية الفاضي .. ومشفتيش العرسان اللي كانوا بييجوا يطلبوكي مني .. جايين بنفسهم عاوزين رنيم .. مش عاوزين عروسة جميلة .. ومع ذلك كنتي برضه بترفضي ..

ابتلعت غصتها وهي تقول :
- عاوزين يناسبوا حضرتك .. يعني لو عندك بنت غير رنيم احنا ممكن نطلب ايدها .. يعني انا مبقتش بتخطب الا لحسبي ونسبي او جمالي .. نفس الفكرة ...

سحب نفسا عميقا ليقول :
- لازم تحطي العقدة في المنشار ..

ردت :
- هي معقدة لوحدها ..

جاء النادل فطلب"أحمد" :
- واحد قهوة مظبوط وواحد عصير برتقان لو سمحت ..

رفعت "رنيم" يدها لتضغط على يد أبيها فضحك قائلا :
- الغي القهوة يابني وخليهم اتنين عصير ...

ثم قال لها :
- هشربها في الشغل ..

ابتسمت قائلة :
- يبقى كفاية في الشغل بس ..

ربت على يدها قائلا :
- ربنا يخليكي ليا ويرزقك بالأمير اللي تطلعي عنيه ..

ضحكت قائلة :
- من غير ما اطلع عينيه .. كفاية انه يتجوزني دة لوحده ابتلاء ليه ..

ضحك وهو يقول :
- احنا محتاجين واحد يفك الكلاكيع والطلاسم اللي عندك بما اني فشلت في كدة .. ساعتها يبقى نتوكل على الله ونجوزك ليه والجزمة فوق رقبتك ...


-------------------
مر يومان على "يوسف" لم ينظر فيهما لـ"ريم" أو "ريحانة" .. رغم أن الموقف مر بالنسبة له بسلام .. ولكن ضيقه كان من فعلتهما به .. فلم تكن أمه حالتها خطيرة كما ادعت "ريم" .. ثم إنها لم تخبره أن معها أحدا .. وكذلك "ريحانة" تركته دون أن تدخل لتتأكد من وجود أحد معها أم لا ..
لم يخبروا "باسل" بم حدث رغم أنه سأل أخويه مرارا .. ثم سكت ليحلوا خلافاتهم معا .. رغم حزنه لأجل "ريم" التي سكتت تمام وانطفأت بسمتها ..
ولكن ما يغضب "يوسف" حقا هو أن وجهها الذي لم يكد يراه لا يفارق خياله .. غاضب من نفسه لأجل ذلك .. ومع ظهور وجهها في عقله يتزايد غضبه على "ريم" وريحانة" أكثر .. يكاد يجن من نفسه .. لم تلمح عينيه وجهها بتلك الصورة .. وكذلك ما يأتي في خياله مجرد طيف بسيط .. لكنه لا يفارقه .. لم يعرف ملامحها ولم تتحدد في مخيلته .. لكن هذا الطيف الذي لا يفارقه يكاد يقتله ...

أما عن "ريحانة" .. لما علمت ما حدث بين "يوسف" و"رنيم" وهي لا تعرف كيف ترفع عينيها لأحدهما .. فهي تشعر بالذنب ناحية كليهما .. وكذلك "ريم" .. ومن يومها لم يحادثا "رنيم" .. فبأي شئ يبدآن حديثهما .. وكيف ستتقبل اعتذاراتهما .. قد تفعل لو كانت بلا عقد .. ولكن كيف تتغاضى عما فعلتا وهي تصنع من المشكلة كوارث ..
وبالتالي لما ضاقت بها الحيل لم تجد أمامها سوى "باسل" .. وبتردد شديد قررت أن تخبره بم حدث .. فهو الوحيد الذي يستطيع حل الخلاف القائم بينهما وبين "يوسف" .. بل والخلاف بينهما وبين "رنيم" ...


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-15, 12:30 AM   #10

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثامن

بخطى مترددة وقلب وجل أمسكت هاتفها وطلبته .. أجاب قائلا :
- السلام عليكم .. ازيك يا ريحانة

تنحنحت وهي تحاول أن تخرج صوتها جامدا قائلة :
- وعليكم السلام .. باسل لو سمحت انا كنت عاوزة اتكلم معاك ممكن ..

ابتسم قائلا :
- ممكن اوي .. بس ممكن انتي تخلي صوتك طبيعي .. مش عارفة تصلحيه يبقى تخليه زي ما هو احسن ..

ردت بضيق قائلة :
- باسل انت بجد عقدتني في صوتي ممكن معدتش تتكلم عنه لو سمحت .. انت ليه محسسني اني بدلع في كلامي .. والله عدت بخاف اتكلم مع اي حد يفسر صوتي اني بدلع ..

قال بأسف :
- لا مش بتدلعي .. انا عارف ان صوتك طبيعي .. واتكلمي عادي .. انتي مش ناقصة عقد ..

قالت مبتسمة :
- طيب جدو في الجنينة تحت .. انزل استناك معاه ..

سأل :
- هو جدو هيتكلم معانا ..

أجابت :
- لا..لا .. اقصد هيكون موجود عشان انا وانت يعني .. يعني ..

ضحك قائلا :
- خلاص خلاص .. محرم يعني .. طيب خمس دقايق واكون عندك ان شاء الله
.. سلام ..

ردت مبتسمة :
- سلام ..

--------------------
ذهبت لجدها وأخبرته ألا يغادر الآن .. ثم جلست تنتظره في إحدى الجلسات المعدة في الحديقة .. جاء مبتسما على غير عادته .. عندما رأته .. وقفت وهي تتمتم :
- ربنا يستر .. جاي بيضحك .. يبقى ناوي على نية سودة .. تك ضربة في ضحكتك ..

وصل عندها وجلس وهي مازالت تتمتم .. فنظر لها قائلا :
- خلصتي ولا لسة ..

نظرت له قائلة :
- نعم ..

ابتسم قائلا :
- اقعدي .. حد قالك اني بذنب البنات ..

جلست وهي تشعر بخوف من كلامه الهادئ وحواره المبتسم .. ثم سكتت ولم تتحدث .. انتظر حديثها لدقائق ثم تنهد قائلا :
- وبعدين يا ريحان ..

اضطربت وهي تجيب :
- امممم اه .. وبعدين .. ايوة .. ايه ..

ابتسم قائلا :
- ريحان ..

اضطربت أكثر ثم قالت :
- باسل ممكن متقولش ريحان ..

عقد ما بين حاجبيه قائلا :
- هو دة الموضوع ..

كيف تخبره بالفوضى التي تشعر بها لمجرد حديثها معه ليأتي هو بكلمة "ريحان" ليقضي عليها بضربة مباشرة .. ابتلعت ريقها وهي تجيب :
- امممم اه .. لا .. هو لا .. مش دة الموضوع .. بس .. ايه .. اقصد انا هتكلم في موضوع مهم .. بس متقولش ريحان عادي .. اه عادي ..

وضع رأسه بين كفيه متنهدا وهو يقول :
- حاضر يا ريحانة .. لما تقرري تبدأي ابقي صحيني ..

نظرت له قائلة :
- باسل انت نمت .. طيب قوم نام خلاص نتكلم بعدين ..

رفع رأسه لها قائلا :
- ليه يا ريحانة بتعملي فيا كدة .. ليه يا ماما انا عملت فيكي حاجة ..

نظرت له بعدم فهم قائلة :
- انا عملت فيك ايه ..

نظر لها قائلا :
- بتحاولي تخرجيني عن شعوري ليه .. يعني انا ملاحظ اني طيب وهادي خالص اهو .. وبعد كدة تزعلي وتعيطي لما اتعصب عليكي ..

وقفت قائلة :
- خلاص خلاص انا اسفة .. طيب اطلع خلاص وانا ..

قاطعها وهو يقف قائلا - وقد بدأ صوته يعلو - :
- أنا مش بلعب معاكي .. تعالى يا باسل .. اطلع يا باسل .. اترزعي هنا وقولي كنتي عاوزة ايه ..

جلست مباشرة وهي تنظر لطوله الفارع قائلة :
- حاضر حاضر ...

زفر في ضيق وهو يجلس هو الآخر .. يقبض يمينه ويبسطها في تتابع .. ويتمتم بالاستغفار .. عله يهدأ .. استمر لدقائق .. ثم نظر لها قائلا :
- اتفضلي .. ايه الموضوع اللي عاوزة تتكلمي فيه ..

قالت بسرعة :
- يوسف وريم وانا ...

ابتسم وقد تلاشى كل الغضب في وجهه قائلا :
- كنت عارف ان في واحدة فيكم هتيجي تطلب مساعدتي .. بس مكنتش متخيل انها هتبقى بالسرعة دي ..

قالت بأمل :
- يعني ممكن تساعدنا ..

ضحك قائلا :
- بصراحة عاوزه يربيكم شوية .. انا عارف ان يوسف باله طويل مش زيي .. فاللي يخليه يخاصمك انتي وريم لازم تبقى مصيبة ..

وجمت قائلة :
- هي مصيبة ومش مصيبة ..

سأل :
- يعني ايه ؟؟

أجابت :
- يعني اللي حصل ان لما خالتو تعبت .. ريم قلقت جامد وقلقته هو كمان وقالت له ييجي يشوف خالتو .. وبعد كدة ريم مردتش على تليفونها فهو قلق اكتر .. بس اللي هو ميعرفوش ان ريم مسمعتش التليفون والله لانها كانت مشغولة مع الضيوف .. فطلع وكلمني انا عشان اشوف له الطريق .. والله انا كنت ماشية معاه .. بس روح نادتني وكانت بتعيط فمقدرتش اسيبها وكمان انا عارفة ان مفيش حد هيقابله ومش عارفة فيه حد مع خالتو ولا لا .. هو بقى دخل وكان مع خالتو رنيم ومامتها .. ورنيم كانت .. كانت .. كانت رافعة نقابها وهو تقريبا شافها او مشافهاش المهم ان في صدام حصل .. هو افتكر ان احنا سيبناه يدخل واحنا عارفين ان خالتو معاها حد .. ورنيم زعلت ان احنا ازاي منقولهاش ان فيه حد ممكن ييجي ..

منذ أن ذكرت "روح" وبدأت ملامحه تتغير .. وبالتالي بدأ يراقب انفعالاتها على شئ مازال يراه من وجهة نظره لا يستدعي كل هذا الحزن والتوتر الذي تتحدث به .. لكنه يعلم أنها تفكر في الجميع قبل نفسها .. وتحافظ على مشاعر الآخرين قبل مشاعرها .. حين وصلت لذكر ماحدث لـ"يوسف" ثم "رنيم" بدأت دموعها تتلألأ .. ولذلك أوقفها عند هذا الحد قائلا :
- انتي بتعيطي علشان هما زعلانين منك ولا بتعيطي علشان شايفة انك غلطتي ..

رفعت يدها لعينيها بسرعة وهي تنظر أرضا قائلة :
- انا مبعيطش .. انا عيطت .. لا لا والله عادي يمكن الهوا بس ..

ابتسم قائلا :
- اممم الهوا .. طيب المطلوب مني ايه دلوقتي ..

نظرت له وهي تتمنى أن تضربه على رأسه .. ولكن كعادتها لا بد أن تخرج غضبها في صورة تمتمة قائلة :
- ضربة على دماغك .. بارد .. ولوح تلج كمان .. مبتحسش ولا عمرك هتحس .. بني ادم تلاجة .. يعني انا غلطانة اني جيت لك .. اوف .. ايه ياربي دة .. ضربة على قلبك .. ويحصل فيك زي ما بيحصلي .. وساعتها والله لاتعامل معاك زي ما بتعاملني ..

- خلصتي ..
قطع استرسالها .. فنظرت له قائلة :
- انت سمعت ..

ضحك قائلا :
- مسمعتش بس متاكد انك بتشتمي ..

نظرت له بضيق قائلة :
- قلت لك متقولش كدة لاني مبشتمش .. هتعمل ايه بقى ..

رد :
- في ايه ..

زفرت قائلة :
- يوسف ورنيم ...

ابتسم قائلا :
- اساميهم متوافقة مع بعضها .. يوسف ورنيم .. عاملة تناغم كدة ..

بينما تمتمت ثانية :
- ايه يا ربي الروقان اللي هو فيه دة .. ليكون شارب حاجة .. وممكن يقلب حالا ..

وقف قائلا :
- خلاص هتصرف انا .. بس انتي متاكدة .. ان دة بس اللي حصل .. يعني معملتوش حاجة تانية تخلي يوسف يتعصب عليكم كدة ...

أشارت برأسها أن لا .. فقال :
- غريبة ..
ثم سأل :
- وصاحبتك ...

ردت بحزن :
- مكلمنهاش من يومها .. او مش قادرين نكلمها ..

كانت تسير خلفه بخطوة فالتفت لها قائلا :
- ليه .. انتو كدة اللي مكبرين الموضوع .. انا شايف انها حاجة عادية يعني .. مش مستاهلة جو الاكشن اللي كلكم عاملينه دة .. حاجة غير مقصودة يعني ..

ثم تنهد قائلا :
- ممكن تطلبيها دلوقتي ..

نظرت له بذهول قائلة :
- عاوز تكلمها ..

ابتسم قائلا :
- اكلم مين يا بنتي .. انا مش قلت انتي هتموتيني .. انتي اللي هتكلميها ..

أمسكت هاتفها في تردد وقالت :
- طيب اقولها ايه .. يعني اعتذر ولا ابرر اللي حصل ولا اغير الموضوع .. انا مش بعرف اقول حاجة عكس اللي جوايا ..

التفت ليكمل سيره .. وسارت خلفه .. ليقول :
- انتي عارفة ان كل واحد ليه من اسمه نصيب ..

وقفت قائلة :
- نعم ..

ابتسم ولم يلتفت قائلا :
- كلميها وقولي اللي انتي عاوزاه ..

قالها ثم جلس على مقعد وصل له .. يراقب تصرفها .. ويسمع ما ستقوله .. بينما هي نظرت لهاتفها بخوف شديد .. وبيد مرتعشة طلبت رقمها .. لم تتأخر "رنيم" في الرد .. وبدأت "ريحانة" الحديث .. بعد سماع صوت "رنيم" فقالت :
- وعليكم السلام ازيك يا رنيم ..
................
- انا بخير الحمد لله .. اخبار مذاكرتك وشغلك ايه ..
...............
- شدي حيلك بقى معدش غير 3 شهور بس ..
...............
- ربنا يقدر لك الخير ويرضيكي بيه ..
..............
وبلا مقدمات تحول صوتها الهادئ .. لصوت يقطر ألما كادت تبكي وهي تقول :
- نيمو .. انتي زعلانة مني صح .. قولي انك زعلانة ..
..............
- طيب ليه مكلمتنيش بقالك يومين .. ليه مرنتيش عليا الصبح وانا رايحة شغلي .. ليه مكلمتنيش في البريك .. ليه مطمنتيش عليا زي كل اليوم ..
.............
- انتي بتعتذري ليه .. انا صعبت عليكي .. المفروض انا غلطانة وانا اللي اعتذر .. ولا بتريحي دماغك مني .. ولا يمكن قلتي غلبانة وهتعيط اما اشفق عليها ..
.............
- مش ههدى يا رنيم .. انا مش مجنونة علشان تقولي اهدي .. ومش عيلة محتاجة مساعدة حد .. ومش محتاجة حد يكلمني كل يوم يطمن عليا .. انا لو كان عندي ام مكانتش هتعمل كدة .. فانتي مش مجبرة تعملي كدة .. لو محتاجة اجر وثواب ففيه حاجات كتير ممكن تجيبلك الأجر غير الشفقة على واحدة يتيمة زيي ..
............
- انا اسفة .. اسفة على كل اللي قلته وكل اللي عملته .. سلام ..


حين بدأت نبرتها تتغير وأوشكت على البكاء .. زفر بملل لأنه ظن أنها ستجلب عطف صديقتها حتى تسامحها .. ولأنه يظن أن تلك طريقتها في الحوار .. تفرح بالشفقة وتستغلها لصالحها .. ولكن حين بدأت تثور وتشكو .. علم أنها لا تشكو صديقتها فقط .. بل تشكو أفعال من حولها .. لم يكن يعلم أن أفعالهم تضايقها .. ولذلك كان يقابل أفعالهم تلك بسخريته منها .. ولما لم يستطيع أن يغيرهم وأولهم جده .. فلم يجد أمامه أحدا يخرج ضيقه فيه سواها .. ظنا منه أن شفقتهم تسعدها .. ولكن حتى إن لم تكن تسعدها .. فهي أعانتهم على ذلك ..
أغلقت هاتفها وهي تبكي بصوت مسموع ونسيت وجود "باسل" وهي تجلس أرضا لتدفن وجهها بين قدميها .. ثم بدأ جسدها يرتعش من بكائها .. فلم تتخيل أ ن يجافيها "يوسف" ورنيم" .. ثم تأتي "رنيم" لتقول أن لاشئ حدث وتتغاضى عمّ حدث شفقة عليها .. و"يوسف" الذي لم يعد حتى ينظر نحوها .. وابتسامة "ريم" التي انطفأت وحديثها الذي قل .. وحوارها مع "باسل" كل هذا الوقت .. ثم بدأت تنتفض أكثر فلم تعد تحتمل كل هذا لموقف بسيط لا يعتبر شئ .. هي تعلم أن ما حدث شيئا عابرا .. لا يحتاج لكل هذا .. لولا حساسية "رنيم" الزائدة .. وهي تعلم أن تفكير "يوسف" بعيد تماما عن الموقف .. تعلم أن غضبه منهما ليس لأجل الموقف في حد ذاته .. ولكن من المؤكد أنه ترتب أحداثا على هذا الحدث ..
لأول مرة لا يصيبه الضيق بسبب بكائها .. ولأول مرة لا يتركها ويرحل حين يرى دموعها .. ولأول مرة لا يصيبه الملل منها .. ففي كل مرة كان يظن أنها تستجلب العطف بدموعها .. ولكن تلك المرة يعلم أنها ضاقت بها ولم تجد سوى دموعها مخرج .. ليس له أن يقترب منها يهدئها .. وخشي أن يقترب جدهما فيسمعها .. وحينها سيظن أنه من أغضبها .. وإما أن يثور عليه .. أو يحمل مدللته ليهدؤها .. فلم يكن أمامه حل سوى القيام قائلا :
- ريحان ..

رفعت رأسها فزعة وقد تفاجأت بوجوده .. أو تذكرت أنه لم يغادر .. ثم وقفت سريعا وهي تعدل من هيأتها .. ابتعد خطوة وهو يقول :
- خلاص حصل خير .. مفيش داعي للعياط دة كله .. انا مش شايف الحكاية مستاهلة اللي انتو عاملينه دة اصلا ..

أومأت وهي تتحسس عينيها .. ولم ترد .. فقال :
- هتطلعي ولا هتخليكي مع جدك ..

أجابت بصوت مازال يحمل أثر البكاء :
- لا هطلع .. جدو لو شافني كدة مش هيسكت غير لما يعرف مالي ..

أومأ مبتسما وهو يقول :
- طيب يلا ..

سارت خلفه ومازالت أفكارها تتقاذفها .. وصلا لأول طابق فالتفت قائلا :
- يلا ادخلي .. تصبحي على خير ..

أومأت وهي تقول :
- هتكلم يوسف النهاردة ..

ابتسم قائلا :
- هحاول ان شاء الله .. بس مش عارف ليه حاسس اني هتدخل في موضوع عيالي .. انا لسة شايف الموضوع مش مستاهل ..

قالت وهي تفتح الباب :
- مش مهم انت شايفه ازاي .. المهم اللي كانو في المشكلة نفسها شايفينه ازاي .. اكيد له ابعاد تانية احنا منعرفهاش ..

أومأ وهو ينتظرها تدخل وتغلق خلفها -فهو يعلم خوفها- ثم هاتف جده ليصعد لها ... بينما اتجه هو للأعلى ليعالج مشكلة "يوسف" و"ريم" ...

--------------------
في طريقه لغرفته لم يقابله أحد .. فعرج على غرفة ابنته فقد اشتاق إليها .. لم يكن ليفارقها في غربته .. ولكن منذ وصولهما .. إما أن ينشغل هو .. أو تختفي هي مع "ريم" أو "ريحانة" .. طرق الباب ثلاثا ولم تجيب .. فتحه ودخل وجدها نائمة .. وغطاؤها وضع أرضا .. هز رأسه استنكارا .. وانحنى ليأخذه ويضعه عليها .. ثم قبل رأسها ..
ولكن عند اقترابه منها لم تستطع استكمال دورها التمثيلي .. ففتحت عينيها وهي تضحك بشدة قائلة :
- صدقت صح ..

ابتسم وهو يقول :
- لا ما صدقتش .. كنت عارف انك صاحية ..

جلست بيأس وهي تقول :
- كدة كنت فاكرة اني هضحك عليك ..

قال :
- وبعد ما تضحكي عليا هتعملي ايه ..

ابتسمت وهي تجيب :
- استناك لما تخرج وبعدين اصحى تاني ..
ثم عبست قائلة :
- مش جايلي نوم والله .. وعمتو قالت لي مينفعش تسهري .. وانا عاوزة اسهر ..

نظر لها صامتا .. فوضعت يدها على قلبها في محاولة للرجاء قائلة :
- عشان خاطري يا بابا عشان خاطري عشان خاطري ...

وضع يده على فمها قائلا :
- اسكتي اسكتي صدعتيني ..

ضحكت لتقول :
- يعني مش هتخليني انام ..

هز كتفيه قائلا :
- براحتك بس انا زعلان منك ...

وجمت قائلة :
- ليه ..

نظر لها قائلا :
- عشان بتكذبي ...

اندهشت لتقول :
- انا .. انا مش كذبت والله ..

رد :
- لا كذبتي .. ومينفعش كل شوية تحلفي كدة ..

أومأت لتقول :
- بس انا مش كذبت ..

قال :
- يعني لما تضحكي عليا وتعملي نفسك نايمة دة مش كذب ..

نظرت لوسادتها تشير لها لتقول :
- انا كدة كذبت ..

حاول منع ابتسامته من فعلتها قائلا :
- اه طبعا .. لما تخليني اصدق انك نايمة وانتي صاحية يبقى كدة بتكذبي عليا ...

نظرت له بأسف قائلة :
- مش كنت عارفة كدة والله .. انا بس كنت عاوزة اسهر ..

رد :
- كنتي تيجي تقولي لي .. وانا مكنتش هخليكي تنامي غصب عنك .. لكن تعملي كدة .. زعلتيني منك ..

تقوست شفتيها للأسفل .. وانعقد حاجبيها قائلة :
- لا خلاص انا اسفة بس مش تزعل مني ..

وقف قائلا :
- براحتك اسهري او نامي .. زي ما تحبي .. تصبحي على خير ..

تركت فراشها .. وسارت خلفه .. أمسكت يده توقفه وهي تقول :
- انا اسفة .. مش هعمل كدة تاني والله ..

هبط لمستواها قائلا :
- حبيبة بابا بتحب ربنا صح ..

أومأت فاحتضن وجهها بكفيه قائلا :
- طيب عاوزة ربنا يحبك ولا يزعل منك ..

ردت :
- عاوزاه يحبني ..

قال بهدوء :
- يبقى متكذبيش تاني .. عشان ربنا شايفك في كل وقت .. خليه يشوفك شطورة ومبتكدبيش .. اتفقنا ..

أومأت برأسها ومازال فمها متقوسا .. فابتسم قائلا :
- انا مش هصالحك وانتي مبوزة كدة ..

اتسعت ابتسامتها حتى ظهرت نواجزها .. فضحك قائلا :
- اقفلي اقفلي لحاجة تدخل ...

ضحكت بشدة وهي ترتمي بين ذراعيه ..
** علق قلب أبناءك بالله .. وأنشئهم على حبه وطاعته .. بدلا من أن تربيهم على الخوف منك .. لأن حينها سيخطئون حين تغيب أنت **
حملها وذهب بها لغرفة "يوسف" قائلا :
- دلوقتي بقى احنا هنعمل هجوم مسلح .. ومهما نتطرد من الاوضة دي مش خارجين اتفقنا ...

ابتسمت وهي تقول :
- ايه دة هتصالح عمو وعمتو ..

ضحك قائلا :
- انتي عرفتي .. دول هيبوظوكي كدة ..

طرقت الباب فنادى "يوسف" :
- تعالي يا روح ..

التفتت لأبيها لتقول :
- ايه دة عرف منين انه انا ..

فتح الباب وهو يقول :
- وتفتكري فيه حد في البيت دة عنده رقتك يا قلبي ...

رد "يوسف" :
- انت جاي تكمل وصلة الغزل انت وبنتك هنا ...

دخل "باسل" .. ليجد "يوسف" نائما على فراشه بيده كتاب يقرؤه .. ذهب وقفز جواره .. ثم أخذ ابنته بينهما .. وأكمل حديثه معها قائلا :
- مقولتليش يا لولو .. نتيجة امتحانك طلعت ولا لسة ..

جلست فجأة وهي تصفق بيدها قائلة :
- اه وعمتو قالت لي اني شطورة خالص .. وهكون في فصلها كمان ..

قبل يدها قائلا :
- حبيبة بابا على طول شطورة ..

رد "يوسف" وهو مازال ينظر في كتابه :
- طالعة عبقرية لابوها .. هتجيبه من برة ..

ابتسم "باسل" قائلا :
- اه ممكن تجيبه من برة .. من ريحانة مثلا ..

ضحك "يوسف" قائلا :
- ايه الرضا دة كله .. اول مرة تمدحها ..

رد "باسل" :
- اصلها صعبانة عليا من اللي بتعمله فيها ...

قال "يوسف" :
- طيب الاحتلال بتاعك انت وبنتك دة مطول ..

رد "باسل" :
- اه روح حبيبتي مش جايلها نوم .. فقلتلها تعالي نسهر مع عمو ..

نظر لها "يوسف" قائلا :
- والمدرسة ..

ردت "روح" :
- بكرة الجمعة ..

عاد "يوسف" لكتابه قائلا :
- اها .. الجمعة .. طيب .. وبعدين ..

تحدث "باسل" :
- مش شايف انك مكبر الموضوع اوي .. وبصراحة مش يوسف اللي يخلي حاجة زي دي تعمل فيه كل دة ..

اعتدل "يوسف" قائلا :
- عندك حق الموضوع مش مستاهل .. بس اللي يحطوني في موقف زي دة يستاهلوا ..

جلس "باسل" قائلا :
- لو كانوا قاصدين .. كنت اقولك يستاهلوا .. بس انت عارف انهم مش قاصدين يحصل كدة .. وبعدين ماما فعلا كانت تعبانة .. واكيد ريم قلقت عليها .. علشان كدة كلمتك ..

وقف "يوسف" واتجه لمكتبة معلقة على الحائط وضع كتابه وسحب آخر وهو يقول :
- ماما بقت كويسة الحمد لله .. اختك لما كلمتني ليه مقالتليش ان صاحبتها قاعدة معاها .. كانت تعرفني .. او تدخل تقول لصاحبتها ان انا طالع ..

همس "باسل" لابنته بأن تذهب للجلوس مع "ريم" .. خوفا أن تخرج من غرفتها وتسمع حديثهما .. ثم التفت لـ"يوسف" قائلا :
- انا معاك ان ريم غلطت .. بس انت مزودها شوية معاها .. لكن ريحانة غلطت في ايه ..

نظر له "يوسف" مندهشا ومستنكرا ثم قال :
- كانت المفروض تدخل تشوف فيه حد جوة ولا لا .. وبعدين مالك من ساعة ما جيت وانت بتدافع عن ريحانة ..

ابتسم "باسل" قائلا :
- انا مش بدافع عنها .. انت ليه محسسني اني بظلمها .. انا بتعامل معاها عادي .. بس انتو اللي معاملتكم ليها بتستفزني .. وبعدين دة مش موضوعنا .. وكمان انت غلطان .. انت مش المفروض بتخبط قبل ما تدخل .. ولا حضرتك مش عارف ابسط قواعد الزوق والاحترام ..

ابتسم "يوسف" ساخرا :
- لما ماما قالت ادخلي يا ريم .. قلت اكيد هي لوحدها .. لان مجاش في بالي ابدا ان ممكن يكون فيه حد عندها .. فدخلت ومقلتش ان انا يوسف .. انا معاك اني غلطان .. بس انت فاهم ان الموقف مأثر عليا علشانه كدة بس فبالتالي شايف ان انا تافه .. والموقف مش مستاهل .. وبما انك مش عارف ابعاده يفضل انك تسكت وتخرج لاختك الحنينة تقولها اني مش متضايق منها .. خلاص ..

وقف "باسل" قائلا :
- اه ابعاده .. انا عاوز اعرف ابعاده بقى ممكن ..

جلس "يوسف" على مكتبه قائلا :
- صورتها مبتفارقش خيالي .. ومش عاوز تريقة ولا اي تحليلات علمية .. هي كدة وخلاص ..

حاول "باسل" أن يخفي ابتسامته قائلا :
- هي حلوة اوي كدة ..

انتفض "يوسف" قائلا :
- باسل .. انت ترضى حد يقول على ريم كدة .. مالك انت حلوة ولا وحشة .. اطلع برة يا باسل .. مش عاوز اشوفك انت كمان .. اطلع برة ..

على صوته جاءت "فاطمة" و"ريم" و"روح" .. طُرق الباب ودخلن مباشرة ينظرن لكليهما .. نظر لهن باسل بحرج بالغ .. ثم أعاد نظرة عاتبة لـ"يوسف" .. وذهب نحوهن وهو يقول :
- فيه ايه بس يا جماعة .. عمركو ما شفتو اخين بتخانقوا .. عادي عادي بتحصل ..

نظرت لهما "فاطمة" وهي تقول :
- لا مش عادي .. مش عادي اني اشوفكم بتتخانقوا انتو الاتنين ..

قبل "باسل" رأسها وهو يقول :
- يا ماما مش خناق والله .. دي بس مناقشة حادة .. يلا روحوا ناموا انتوا بس .. واحنا هنتصافى مع بعض مفيش حاجة صدقيني ..

أومأت "فاطمة" وهي تنظر لـ"يوسف" ووجهه الأحمر من الغضب .. ثم التفتت لتخرج ومعها "ريم" و"روح" .. بينما تحدث "يوسف" قائلا :
- وانت معاهم ..

أغلق "باسل" الباب وعاد ينظر لـ"يوسف" قائلا :
- ممكن تهدى بقى وتعقل ..

جلس "يوسف" قائلا :
- قول لنفسك الكلام دة مش ليا ..

جلس "باسل" أمامه قائلا :
- انا مغلطتش .. انا قلت كدة كاستهجان يعني .. ايه اللي يخلي صورتها متفارقش خيالك .. اكيد حاجة مميزة .. دة اللي قصدته مش اكتر .. وبعدين افرض اني عاوز اتجوز واحدة ما انا هسأل عليها ..وحقي اعرف حلوة ولا لا .. صحيح مش هعرف منك .. بس هعرف ..

نظر له "يوسف" قائلا :
- تتجوز مين ..

رد "باسل" بهدوء :
- رنيم .. يعني صاحبة اختك .. دكتورة مثقفة جدا .. دين واخلاق .. دة غير انها حسب ونسب .. فمفيش مشكلة لو تبقى كمان جميلة .. ولاحظت انها بتعامل ريحانة كانها بنتها .. فاكيد هتعامل بنتي كويس ..

بخطوات مدروسة .. يعرف "باسل" كيف يوجه تفكير "يوسف" .. يعلم أن تفكيره في "رنيم" مجرد من أي اتجاهات ومشاعر .. فلم لا يوجهه بطريقة صحيحة .. لعل وعسى تصيب هذه المرة ويتزوجها ..
بينما كان "يوسف" يشتعل غضبا من حديث "باسل" .. ولكن غضبه الآن لأنه يرى أن كلام "باسل" صحيح .. إن كان سيتزوجها فله أن يتحدث عنها .. لذلك حاول التحدث بهدوء قائلا :
- والله اختك عندك تروح تسألها عنها .. ولو انك مش محتاج تسأل يعني .. ما شاء الله عارف كل دة عنها .. لا ومثقفة جدا كمان ..

حاول "باسل" أن يخفي ابتسامته .. وهو يرى أن خطته تأتي بأكلها قائلا :
- مش لازم اعرف كل حاجة عن اصحاب اختي .. بس انت ايه رايك فيها .. كصاحبة اختك يعني ..

تنهد "يوسف" وهو يقول :
- كويسة .. وبعدين اختك بتجيب سيرتها كل 15 كلمة .. يعني قرفانا بيها .. مع احترامي ليك طبعا ..

حاول "باسل" التماسك اكثر وهو يقول :
- لا عادي .. دة لسة مجرد تفكير سطحي .. انت عارف اني لاغي فكرة الجواز دي خالص .. وكنت مقرر اني مستحيل اتجوز تاني .. علشان كدة الموضوع هيبقى صعب اني اتراجع عن القرار دة ..

ثم ابتسم وهو يقول :
- بس انت ما شاء الله ملاحظ ان اختك بتجيب سيرتها كل 15 كلمة .. مش 14 ولا 13 مثلا ..

ضحك "يوسف" قائلا :
- عاوز ايه يا باسل ..

هز كتفيه قائلا :
- انا مش عاوز حاجة .. بس انت عارفني مليش خلق ع الجواز .. ايه رايك تتجوزها انت ..

انتفض "يوسف" واقفا ثم احمر وجهه غضبا وهو يقول :
- مالك يا باسل هي لعبة اتجوزها انت لا اتجوزها انا .. قلت لك اللي مترضاهوش على ريم مترضاهوش على حد ..

وقف "باسل" قائلا :
- فيه ايه يابني انت انا عملت ايه .. انا جبت سيرتها بحاجة وحشة دلوقتي ولا حتى بحاجة حلوة .. كل الحكاية اني كنت بفكر معاك بصوت عالي .. وبعدين فيها ايه لما تتجوزها ..

زفر "يوسف" قائلا :
- على اساس اني بصلح غلطتي مثلا ..

ضحك "باسل" بشدة وهو يقول :
- لا انت غلطتك هتيجي تصلحها دلوقتي .. وتصالح ريم وريحانة .. وتخلي عندك دم .. يلا .. وبعدين تفتكر اني لو بفكر اتجوزها وانت شفتها حتى لو من غير قصد كنت هعديهالك ...

---------------------
انتهى الخلاف بينهم .. ومعه عادت للمنزل روحه من جديد .. فكلتاهما لا تستطيع الغضب من "يوسف" حتى وإن أخطأ في حقهما .. فبمجرد دخوله غرفة "ريم" هي من هرولت نحوه تطلب سماحه .. وكذلك "ريحانة" ..
ولم تنتظر "رنيم" كثيرا بعد مكالمة "ريحانة" فما لبثت أن هاتفتها لتعتذر لها .. ولما علمت "ريم" بذلك اعتذرت لـ"رنيم" هي الأخرى .. وذلك لشعورها بأنها السبب في كل ما حدث ..
الأمر بسيط .. مر بسلام .. وقد كان له أن يمر بأبسط من ذلك ولكن من أراد التعقيد فله ما أراد .. ومن أرادها بسيطة ستكون بأسهل ما يكون ..
هي حياتنا ونحن السبب في كل ما يحدث لنا .. وعلينا اختيار ما نريد ..
بقرة بني إسرائيل .. لما قال لهم النبي موسى إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة .. لم يحدد نوع البقرة ولا شكلها ولا لونها ولا صفتها .. فقط بقرة .. أي بقرة .. ولكنهم شددوا وطلبوا الدقة والتدقيق .. فما فتئوا يجادلون في أمر البقرة .. شددوا فشدد الله عليهم ببقرة صفراء تسر الناظرين .. لاذلول مسلمة .. لا شية فيها ..
مع أنهم كان من الممكن أن يستجيبوا لأمر ربهم ويذبحوا بقرة .. فقط بقرة ..
لم يكن القرآن كتابا للتاريخ أو كتابا للقصص والحكايات .. ما نزلت آية إلا وستفيدك في حياتك .. إن قرأت تلك الآيات لتعلم القصة فقط .. فعذرا أنت لم تنفذ أمر ربك بالتدبر ..
حياتك تسير بهدوء وأمان ويسر وسلام .. فلا تشدد على نفسك فيشددها الله عليك ..
يبدو أنهم جميعا شددوا الموقف على أنفسهم .. لذلك حرموا راحة البال ليومين ..
-------------------
لم يمر الأمر بسلام أبدا بالنسبة لـ"يوسف" وخاصة بعد حديثه مع "باسل" .. فهم لم يتزوج إلى الآن لأنه لم يجد الشخصية التي رسمها في خياله .. كما أن "رنيم" يعرفها كصديقة لأختيه منذ زمن .. ولم يفكر بها ولو لمرة واحدة كزوجة له .. وإن فكر فيها الآن فسيصبح الأمر سطحي جدا .. كيف يتزوجها لأنه رآها ..
ولم لا يسأل عم يريده في زوجته فيها .. ولكن تلك المرة التي قابلها فيها كانت مستفزة وغريبة .. كما أنها كانت تفعل المستحيل لكي تكون لها اليد العليا .. فكيف يرضى بزوجة مثلها .. كانت ترجمته لشخصيتها بكلمة واحدة "مجنونة" .. وليس أي جنون .. يستحيل أن يفكر بها كزوجة .. وفي نفس الوقت لا ينكر أن بها شئ توافق مع هواه .. فماذا لو حدث لها تعديل بسيط .. ستصبح مثالية .. نعم تعديل بسيط فقط .. ولم لا يجرب .. إن وافقت مواصفاته اتخذ قراره .. وإن لم تكن بها ما يريد .. فقد انتهى الأمر .. ليست النهاية ..
وبقي بين تردده .. يريد أن يسأل بسبب شئ وقع في نفسه .. وأراد أن يبتعد بسبب ما رآه منها .. شخصيتها صعبة بالفعل ومن موقف واحد فكيف بها في حياتها ...
--------------------
وفي صباح جديد كانت "ريم" مشرقة ولكن غريبة .. فيها شئ جديد .. تقبّل كل من ترى .. وبين كل ثانية وأخرى تحمل "روح" لتقبلها وتحتضنها .. حتى قال لها "يوسف" :
- مالك يا ريم فاتحاها مبوسة ع الصبح ليه كدة ..

ضحكت وهي تقول :
- فرحانة فرحانة فرحانة .. ومتسألنيش عن السبب .. علشان مش هقولك .. ويلا سلام علشان متأخرش ..

وتركتهم وذهبت لـ"ريحانة" فهي من ستخبرها .. وفي السيارة .. كانت "ريحانة" تنظر لها فقط .. مبتسمة .. سعيدة .. تلك عادتها .. ولكن بها شئ غريب .. انتظرت حديثها إلى أن قررت "ريم" أخيرا أن تتكلم فقالت :
- حلم يا ريحانتي .. حلم ..

ابتسمت "ريحانة" لتقول :
- كل اللي انتي فيه دة بسبب حلم ..

أومأت "ريم" بسعادة قائلة :
- بس دة مش أي حلم .. دة الحلم اللي اتمنيته .. وشوفته في الحلم .. يا سلام لو اشوفه في الحقيقة .. انا اتجننت مش كدة ..

ضحكت "ريحانة" لتقول :
- انتي طول عمرك مجنونة .. بس مين دة اللي شفتيه في الحلم ...

ابتسمت وهي تقول :
- فاكرة لما قلت لك نفسي اتجوز واحد واحلم بيه الاول على اساس انه هدية من ربنا ليا ..

حملقت فيها "ريحانة" قائلة :
- ريم انتي سخنة .. مين دة اللي هدية ..

نظرت لها "ريم" قائلة :
- اسمه طارق ..

حركت "ريحانة" رأسها في حيرة وهي تقول :
- لا انتي جرالك حاجة .. افرضي متجوزتيش واحد اسمه طارق .. افرضي اتجوزتي واحد غير اللي انتي حلمتي بيه .. ريم انتي فيكي حاجة غلط صدقيني ..

ابتسمت "ريم" وهي تقول :
- متخلينيش اندم اني قلت لك بقا .. وبعدين اكيد الشخص اللي حلمت بيه دة موجود .. دة حد انا عمري ما شفته .. بس اكيد موجود .. واكيد هيحلم بيا ويدور عليا زي ما انا حلمت بيه وهدور عليه ..

ابتسمت "ريحانة" وهي ترفع كتفيها قائلة :
- والله انا اتمنالك الخير .. ليه لا .. بس انا مستغربة الحكاية بس ..

نظرت لها "ريم" قائلة :
- اول تفسير للحلم بيتحقق .. وانا فسرته خلاص .. وهيتحقق ان شاء الله .. انا واثقة ان ربنا هيحققهولي ..



اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:41 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.