آخر 10 مشاركات
الزوج المنسي (10) للكاتبة: Helen Bianchin *كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )           »          طوق نجاة (4) .. سلسلة حكايا القلوب (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          261-سحابة من الماضي - ساره كريفن ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          تريـاق قلبي (23) -غربية- للمبدعة: فتــون [مميزة] *كاملة&روابط* (الكاتـب : فُتُوْن - )           »          متزوجات و لكن ...(مميزة و مكتمله) (الكاتـب : سحابه نقيه 1 - )           »          سيدة القصر المظلم *مكتملة * (الكاتـب : CFA - )           »          236-واحة القلب -جيسيكا هارت -عبير مكتبة مدبولي (الكاتـب : Just Faith - )           »          1-لمن يسهر القمر؟-آن هامبسون -كنوز أحلام قديمة (الكاتـب : Just Faith - )           »          الضحية البريئة (24) للكاتبة: Abby Green *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          هل يصفح القلب؟-قلوب شرقية(33)-[حصرياً]للكاتبة:: Asma Ahmed(كاملة)*مميزة* (الكاتـب : Asmaa Ahmad - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات العربية المنقولة المكتملة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-10-15, 01:33 PM   #21

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي




الفصل التاسع عشر




جلست بجوار حمزه في غرفتهما يتشاركان السعادة بما أنتهت إليه الأمور، فقد ذهبت ميّ برفقة والدتها على وعد بالزيارة والسؤال الدائم، والأكثر أهمية أن سمية ودعتها باسمة سعيدة لسعادتها يكفيها رؤيتها على فترات.
أسندت رأسها إلى كتفه متنهدة: أنا مش قادرة أصدق اللي حصل دا، خصوصاً لما قالت حنان أنها على طول كانت بتنادي ميّ بمي مي .. وماما سمية قالت أنها في الأول كانت بتناديها باسمها "ميّ" اللي كان مكتوب على السلسلة ما كانتش بترد
أومأ حمزه: ونجلاء بقت تناديها باسم الدلع مي مي .. وسبحان الله كانت بتستجيب للاسم دا كأنه الاسم اللي اتولدت بيه فبقينا كلنا نناديها بيه ونسينا اسمه الحقيقي
نظرت إليه: ولا لما من صدمتها إنها بعدت عن مامتها فمابقتش تتكلم ! .. الدكتور قالكوا إيه عن الحكاية دي صحيح ؟
- قال أحياناً لما تكون فيه صدمة أو حالة فوق احتمالنا .. بيبقى الجسم رد فعله مختلف .. فيه مثلاً حالات مرت باللي هي مرت بيه وتاهت من أهلها وأكتفوا بالعياط وممكن صريخ .. على شوية رهبة وخوف من الأغراب .. وقال تقريباً إنها كانت مدلعة أوي عند أهلها فبالنسبة لها اللي مرت بيه دا صدمة عمرها .. ودا كان رد فعل عقلها ورفض أنه يخليها تنطق لحد ما مرت بظرف كان لازم تتكلم فيه وإلا ممكن تفقد حياتها .. يعني غريزة البقاء حيه هي اللي رجعت لسانها يتحرك وتتكلم تاني
- سبحانك ربي .. لا إله إلا الله .. وربنا جمعهم بعد السنين دي كلها
شدها من خصرها إلى أحضانه متمتماً بعشق: بأقول إيه .. إحنا بقالنا فترة مالناش سيرة غيرهم إيه رأيك نتكلم عن نفسنا شوية ؟
رفعت رأسها إليه وقد أرتسمت إبتسامة صغيرة على زواية فمها: مالها نفسنا ؟
ضيق حدقتيه وقال بجدية: العفش وصل والشقة اترتبت وكله تمام .. يعني مش ناقص غير الفرح ونبدأ نكبر عشنا الصغير .. ناوية تحددي معاده إمتى ؟؟
أطرقت قليلاً: بس أنت شايف الظروف تسمح لفرح دلوقتي ؟
قطب جبينه: ليه مالها الظروف ؟
هزت كتفيها وأبتعدت عن نطاق ذراعيه لتستطيع رؤية ملامحه بوضوح: يعني نجلاء ومرضها .. مش نستنى لحد ما نشوف هيحصل معاها إيه ؟
- على فكرة بقى نجلاء أول واحدة سألتني معاد الفرح إمتى .. وبعدين المرض وشفاءها منه بإيد ربنا وحده .. وأكيد مش هنوقف حياتنا عليه .. إزاي بنطلب منها تعيش حياتها وتنسى مرضها وإحنا هنوقف حياتنا بسببه ؟
لوت شفتيها: إممم خلاص ماشي .. بس فيه كدا خطوط عريضة وشروط عايزاها وبعد كدا نشوف ..
غمزها جذلاً: أنت تؤمر يا قمر .. بس أقول شرطي أنا الأول ! .. هنعمل الفرح ف بيت والدك في سوهاج !
نظرت إليه غير مستوعبة ما قاله: بجد .. ليه ؟
وضع يديه على كتفيها: أولاً عشان إحنا أتجوزنا من غير ما أهلك يحضروا ويشوفوا فرحتهم بيكي .. ثانياً مافيش حد هنا يقربنا .. يدوب ماما وبابا ونجلاء وكام حد معرفة كدا وقرايب بعاد وصحاب .. وحنان وميّ هيبقوا يسافروا معانا مافيهاش مشكلة .. لكن الدور والباقي على العيلة وعيلة العيلة اللي عندكوا ف البلد .. تقريباً قرايبكوا أكتر من عدد الزرع اللي ف بلدكوا أصلاً هههه
شاركته ضحكته، بينما أضمر في نفسه السبب الرئيسي لقراره ذاك بعيداً عن الأعذار الواهية التي لفقها؛ فالسبب الأهم هو نظرة الناس لها، يجب أن تتزوج أمامهم حتى لا يبقى لمخلوق سبب يذكرها من خلاله بما يسئ أو يعيب .. فهي زوجته ويهمه ألا تُجرح من نظرة أو كلمة قد تمس كرامتها وتؤذي أنوثتها.



أغلقت الكتاب وتركته إلى جوارها ثم أعادت الغطاء ليخفي جسد صغيرتها بعيداً عن هبات الهواء الغادرة، تأملتها فيما تغط في سبات عميق والراحة تستكين فوق ملامحها.
لقد منَّ الله عليها أخيراً بأن تبيت فلذة كبدها بين أحضانها ولو كان الأمر عائداً عليها لأقتلعت أحشاءها ووضعتها مكانهم حتى تحميها وتبقى بقربها.
ظلت تعبث بجدائل ميّ حتى سمعت جدتها تدلف إليها وتسألها همساً: نامت؟
أومأت في صمت والإبتسامة لا تغادر شفتيها، اقتربت الجدة وجلست على طرف فراشها: مش هتقولي لخليل عنها ؟
اعتدلت في جلستها شاردة: مش عارفه
لامتها: لا يا بنتي .. أي نعم أنا مش بأطيقه ولا بأقبله بعد اللي حصل .. بس دي بنته ومن حقه يعرف برجوعها ..
لمعت عيونها شراراً: أه بنته .. بنته اللي راح جاب غيرها ونسيها .. اللي مابقاش يسأل حصل إيه ف قضية إختفاءها .. اللي بقت مراته وبنته التانية واخدين مكانها كله
أشارت لها حتى تهدأ: ولو يا بنتي .. إنتي بنت أصول وعارفه الأصول كويس .. كمان دا مش عشانه لوحده دا عشان بنتك كمان .. هي ليها أب ولازم تعرفه .. سبيهم يحددوا مع بعض التواصل بينهم هيكون إزاي .. أنا مش بأقولك إرجعيله .. أنا بأقولك عرفيه اللي جد
زفرت بحدة وأيدت رأي جدتها، ستخبره من باب الواجب ليس أكثر ولكن إن حاول أن يسحب ابنتها منها ستريه حقاً ما يمكن لمخالب المرأة أن تفعل دفاعاً عن صغارها.



لا يدري كيف استطاع الفكاك، يبدو أن عمراً أخر قد كُتب له وليست تلك هي النهاية، ركض حتى كاد قلبه يتوقف عن الخفقان وأوشكت مفاصله على الذوبان.
استراح في منزل مهجور يبدو أن أحداً لا يقطنه وأنه تعرض لزلزال، بعد إلتقاطه لأنفاسه عاد للهاث .. لهاث الإنتقام .. متذكراً وجه رئيسه الذي أثناء محاربته للاعبي كمال الأجسام ضغط على زر الإنارة بدون قصد فتجلت أمامه معالم وجهه ومنحنياته.
تمتم بصوت لم يسمعه سوى نفسه وشيطانه: لسه مش دي النهاية .. لما نشوف مين اللي هيكسب في الأخر يا باشا أنت ودراع الكلب بتاعك رامز .. وأوعي يا حياه تفتكريني نسيتك .. دا إنتي بداية حسابي معاكي
اتسع فمه الغليظ بإبتسامة زادته بشاعة .. حقاً .. الشر يضفي على صاحبه قبحاً وبشاعة بالإضافة إلى أنه يملؤه من الدخل بالكثير من الدناءة.



أغلقت الجدة الغرفة عليها وعلى ميّ التي انصرفت تلهو بألعابها في عالمها الملائكي، وقفت تسترق السمع إلى الحديث الدائر في الخارج إلا أنها أنتبهت لجلوس ميّ تنظر إليها ببراءة فأنبت نفسها وأتجهت تشاركها اللعب فأي مثال هي حتى تعلم حفيدة ابنتها هذه التصرفات التي لا تليق.
أطمئنت إلى إختفاء ميّ بالداخل، فجلست أمام خليل بعد أن قدمت له كوباً من العصير المفضل لديه، سألها مترقباً: طلبتي أجيلك ليه؟ .. هدى عملت حاجه ؟
هزت رأسها: لا أبداً، هدى ما شاء الله عليها شاطرة ومؤدبة .. ربنا يخليهالك
أومأ مرتشفاً من كوبه القليل: ربنا يخليكي .. أومال إيه الموضوع؟
تململت قليلاً ثم تنهدت: فاكر ساعة لما سألتك عن السلسلة اللي كنت عاملاها لميّ ؟
انتبه لحديثه وزاد تشوقه لمعرفة الآتي: أيوه ..
تابعت مبتلعة ريقها: أنا سألتك عشان شوفت بنت عمرها من عمر ميّ وكانت لابسه زيها بالظبط
أضافت بعدما لمحت دهشته واتساع عيونه: واسمها ميّ بردو
همهم بصوت بالكاد استطعت تفسير حروفه: وطلع مجرد تشابه ؟
هزت رأسها: لا طلعت هي نفسها ميّ بنتنا
شحب وجهه كأن أحدهم سحب الأكسجين من الهواء المحيط به، وبعد أن أفاق من صدمته استفسر عن القصة كاملة وكيف حدث ذلك .. أخبرته بما روته لها سمية وأحمد قبلاً بالإضافة إلى شكوكها واكتشافها الحقيقة.
تمتم أخيراً: عايز أشوفها
نهضت في صمت وغابت دقيقة عادت بعدها وفي يدها كف طفلة لطالما أشتاق لمرأها تكبر أمام عينه.
ضمها في شوق وظل يبثها لوعته وحبه دقائق بينما هي متسمرة بين ذراعيه لا تبادله أياً من عواطفه لكنه لم يأبه لذلك يكفيه أنها بين ذراعيه من جديد.
طفرت الدموع من عيون حنان وحمدت الله أن قلبها لم يطاوعها على إخفاء الحقيقة عنه وإلا لكانت تتلوى الآن على جمر من ندم.



طلبت نجلاء من زوجها أن يعرجا في أقرب فرصة على تلك السيدة الطيبة سحر، فقد استبد بها القلق عندما علمت من الممرضة أنه قد مرت عليها الجلسة الماضية دون أن تحضر.
وافق فادي على تحقيق رغبتها، توجهت إلى الممرضة من جديد تطلب منها عنوان سحر لأنها تحاول الإتصال بها لكن الهاتف مغلق وليس لديها طريقة أخرى لتحصل على العنوان، رفضت الممرضة أن تعطيها أي معلومات فهي مريضة وتلك من خصوصيات المرضى، لكن بعد إلحاح أخبرتها أن الطبيب سمح بذلك فستعطيها إياه عن طيبة خاطر.
ابتهجت وقررت أن تطلب من الطبيب وتلح عليه فهي بالفعل تشعر بالقلق على سحر، ولن تنكر لها جميلها وما فعلته منها بفطرتها السليمة.



هاتفت شقيقتها تخبرها بقرار حمزه أن يكون الزفاف في منزلهم، فرحت لذلك زهرة بشدة فقد استوحشتها وتريد رؤيتها في أقرب فرصة، انتهت المكالمة على أن تخبرها حياه بما ترغب وستقوم هي بالتنفيذ حتى تحضر خلال عدة أيام.
أسرعت تهاتف حنان وتخبرها بالجديد، ابتهجت لها حنان كأنها شقيقتها الصغرى وجعلتها تقطعت وعداً بطلب المساعدة في أي وقت تشاء.
كانت تشعر بفرحة لا مثيل لها، أخيراً ستبدأ حياة جديدة مع من دق له قلبها حقاً، في غمرة سعادتها لم تشعر بعودة حمزه من عمله ومتابعته لتحركاتها العصبية السعيدة وكلامها المرتبك.
اترسمت على ثغره بسمة صغيرة سعيدة، تذكر ما مرت به؛ هو حتى الآن لم ينسى من هربت من أجله وأخذ منها ما هو من حقه الآن، الغيرة تنهش أحشاءه لكنه يُخفف روع نفسه بترديد أنها معه هو الآن بكامل إرادتها وبهجتها دون إجبار من أحد بل والأهم بموافقة عائلتها وتأييدهم للرابط المقدس بينهما.
اقترب منها بعد إقتلاعه للظنون من منحنيات رأسه، ابتسم سائلاً: فاضلك كام واحد ما كلمتهوش ؟؟
أجابته ونظرها معلق على الدفتر المدون به أرقام الهواتف: لسه كتير
جلس إلى جوارها: طب إختارتي شكل الدعوات ولا لسه ؟؟ ..
رفعت إليه عيون تشع لؤماً: بكره هأروح مع نجلاء نختار ..
رفع ذقنها بطرف أصبعه: مش عارف ليه مش مطمنلك ...
وضعت يديها على كتفيه ونهضت تقف أمامه قائلة بجدية كأنه تحدث طفلاً يسألها لماذا لا نرى الهواء: بص يا حبيبي .. أنا كنت زي أي بنت في الدنيا بتحلم بزفة وكوشه وفرح والناس تيجي تباركلها ويفضلوا يهروها بوس لحد ما خدودها توجعها وبعدين صحباتها يوجوا يقرصوها ف ركبتها لحد ما تورم عشان "يحصلوها ف جمعتها" ..
أضافت على عجل: بس طبعاً يكون فرح مختلف .. ماحدش عمل زيه .. حب الإنفراد بالمناسبات بقى .. عُقد بنات بعيد عنك .. عشان كدا ناويه أعمل فرح إسبشيل .. ف كــل حاجه فيه .. من أصغر أصغر تفصيلة لأكبر أكبر حدث
جذبها من خصرها لتسقط جالسة على ركبتيه، همس لها بصوت عذب يحمل الكثير من الحنان: أصلاً هيبقى إسبشيل .. عشان إنتي العروسة .. لأنه مافيش عروسة ف جمالك ولا حلاوتك .. ولا فيه عريس هيحب عروسته قد ما أنا بأحبك
دق قلبها معلناً هيجانه على الكلمة التي سمعها للمرة الأولى من الشخص الذي يهمه، حدقت به صامتة لا تتحدث، أدرك ما فعلته بها تلك الكلمة لكنه أكتفى بشبح إبتسامة على زاوية فمه؛ مؤجلاً الحديث في هذا الأمر إلى وقتٍ لاحق.



وصل فادي إلى العنوان وركن سيارته على جانب الطريق، ترجلت نجلاء وانتظرت زوجها ليلحق بها ويصعدا سوياً.
أمام الباب الشقة المطابق رقمها للموجود في العنوان .. دقت نجلاء الباب وابتعد فادي قليلاً حتى لا يُفاجئ من يفتح الباب بوجوده خصوصاً وإن كانت امرأة.
فُتح الباب وظهرت المرأة التي كانت ترافق سحر إلى العيادة، ابتسمت نجلاء وسألتها: هي مدام سحر موجودة ؟
ظهر الأسى على ملامحها وقالت بهدوء رزين: مدام سحر أتوفت إمبارح الفجر
وقع الخبر على نجلاء كالصيحة التي أهلكت قوم ثمود، ارتعش جسدها وخارت قواها حتى كادت تقع أرضاً وتُصاب بالإغماء لو ركوض فادي إليها وقد أسندها وأجلسها على أقرب مقعد داخل الشقة.
ركضت المرأة تحضر كوباً من الماء كما أمرها، لم تشعر به وهو يمسح وجهها بالماء وينثر بعضه الأخر علها تفيق، فكرها كان مع ذكرياتها مع سحر؛ المرأة التي أنقذتها من إرتكاب خطيئة كبرى تحرمها الجنة وتجحمها النار.
عادت إلى رشدها ونظرت حولها لم يكن هناك إلا عدة نساء لا يكملن عشراً، سألت المرأة التي فتحت لها الباب بصوت واهن: أومال فين الناس اللي بتعزي ؟
لوت المرأة شفتيها: حضرتك نسيتي إنها ماكانتش عايشه هنا ؟ .. ومرضها خلاها مش قادرة تعمل صداقات مع الناس .. ودول يا دوب الستات اللي ساكنين في العمارة دي واللي قصادنا
شعرت أنها تائهة: طب وولادها ؟
أجابتها ساخرة: ولاد إيه يا مدام .. إحنا ف عصر عقوق الوالدين .. كل واحد ملهي ف شغله وحياته .. مافيش غير بنتها الصغيرة اللي سألت فيها وجت أول إمبارح .. قضت مع مامتها أخر ساعات ليها في الدنيا
سألها فادي هذه المرأة: أومال هي فين ؟
أجابته: دخلت تصلي المغرب وجايه .. هأروح أشوفهالكوا .. عن إذنكوا
كانت نجلاء قد استجمعت الباقي من قواها عندما اقتربت إليها فتاة في منتصف العشرينات وعلى شفتيها إبتسامة باهتة .. شعرت نجلاء أنها موجهة إلى زوجها أكثر مما هي موجهة إليها.
رحبت بهما: أهلاً، إزيك يا أستاذ فادي؟ .. أكيد حضرتك مدام نجلاء
كان تقريراً أكثر منه سؤالاً، تساءلت متعجبة: هو إنتي تعرفيه ؟
اتسعت إبتسامتها: طبعاً
وجهت نجلاء بصرها إلى زوجها حانقة متوعدة إلى حساب واعر، لكن إكمال الفتاة لحديثها أنقذه من أنياب ضابط الشرطة داخلها: أستاذ فادي هو السبب إني قضيت أخر ساعات لوالدتي في الدنيا معاها .. بجد مش عارفه أشكر حضرتك إزاي ؟
تحركت حدقتيها بينهم في عدم فهم، قضبت محتارة: إزاي ؟ .. مش فاهمة حاجه
أوضحت لها: أستاذ فادي كلمني أنا وأخواتي عشان نيجي نزور ماما –الله يرحمها- بس تذاكر الطيران كانت أغلى من قدرتنا .. فحضرته قالنا أنه هيتكفل بالمصاريف المهم نيجي وما نسبهاش لوحدها ..
زفرت بقوة متحسرة: بس هما ما رضيوش .. كل واحد قال شغلي وحياتي .. أنا ما قدرتش بصراحة لأنها كانت وحشاني أوي بس ماكنتش قادرة أجي عشان المصاريف وكدا .. خصوصاً إني لسه ما أشتغلتش .. ولاقيت عرض أستاذ فادي دا نجدة من السما .. والحمدلله أديني قضيت مع ماما أخر ساعاتها .. فرحتها إني لسه جنبها وما نستهاش
برقت عينيها حباً تجاه زوجها، لقد ظلمته رغم أنه فعل ذلك ليسعد المرأة التي تحبها ليس لسببٍ معين سوى تعلقها الشديد بالمرأة الطيبة.
أضافت الفتاة: أنا ماعرفتكيش بنفسي .. أنا ريمان .. معلش الاسم ممكن يكون غريب عليكي بس هو مشهور في اليمن
صافحتها نجلاء في حبور، فريمان تملك نفس ملامح والدتها وسماحة وجهها مما جعلها تشعر بالحب نحوها فوراً وتمنت أن تصبحا صديقتان.
سألتها نجلاء عن خططها في المستقبل بعد إنتهاء أيام العزاء، أجابتها بصراحة: ماما كان نفسها ترجع تستقر هنا على طول .. ولولا بابا –الله يرحمه- ما كانتش سافرت أصلاً، وبعد موته كان أخواتي أسسوا حياتهم هناك فما رضيتش أنها تسيبهم وترجع لوحدها ففضلت معانا هناك .. ولما عرفت بالمرض الدكاتره نصحوها تتعالج هنا أفضل .. خصوصاً إن الأطبه هناك مش متمكنين في الأمراض الصعبة اللي زي دي وكمان تكاليفهم عالية .. ولولا إني كنت مشغولة ف أبحاث وحاجات متعلقة بدراستي كنت جيت معاها ولما خلصتها كانت مصرة إني ما أجيش وللصراحة أنا ماكانش معايا فلوس تكفي .. بس لما جيت وشوفتها مبسوطة بالبيت دا قد إيه، قررت إني هأعيش فيه .. أنا ماليش ف اليمن حد غير أخواتي وكل واحد في دنيته ومش في باله حد تاني .. فالأحسن أسس حياتي هنا وأكمل أبحاثي هنا
سألها فادي: يعني مش هتسافري تاني؟
أجابته: لا هأسافر .. أجيب حاجاتي وأخلص ورقي هناك وأرجع أستقر هنا
تناولت نجلاء كفيّ ريمان وابتسمت مشجعة: ربنا يوفقك .. ولو أحتجتي أي حاجه ما تتأخريش .. أنا هأعتبرك ف مكانة أختي .. لو دا ما يزعلكيش طبعاً
شددت على يديها: لا طبعاً، دا يزدني شرف
جلسا حتى ما بعد أذان العشاء وعندما هما بالمغادرة وعلى عتبة الباب، أوقفتها الممرضة التي تبسمت في وجهها تطلعها: مدام سحر كانت بتحبك أوي .. كانت بتدعيلك ف كل وقت وكنت بأسمع دعاها ليكي
أومأت لها نجلاء وتبسمت بينما أخرج فادي مبلغاً ليس بالقليل وأعطاه للممرضة بعد عناء في إقناعها أن هذا عرفاناً بجميلها وعنايتها بالسيدة الطيبة.



مدت يديها من نافذة القطار لتتلقفها كفوف زوجها، تشبثت به مانعة الدموع أن تطفر من مآقيها، رسم شبح إبتسامة مشجعاً: والله لولا الشغل ماكنت سيبتك تسافري لوحدك
ضربته والدته على كتفه مؤنبة: أومال إحنا رحنا فين يا واد ؟؟
نظر إلى والدتها معتذراً: مش قصدي والله .. بس ..
أومأ له والده متفهماً: خلاص خلاص، أمك فاهمة بس بتحب تستعبط ساعات
قطبت سمية حاجبيها: إيه تستعبط دي يا أحمد ...
قهقه الجميع، هدأتها نجلاء: معلش يا ماما .. بابا بيهزر معاكي
ثم استدارت إلى حمزه: خلي بالك على فادي .. لولا بس إني عايزه أشوف أهل حياه وبلدها ماكنتش سيبته لوحده .. يخربيت الشغل اللي مانعكوا من السفر معانا دا
ألتقط فادي كفيها ضاحكاً ولثم كلاً منهما بقبلة مُلتاعة: هأخلص الشغل على طول وتلاقونا أنا وحمزه ناطين فوق دماغكوا .. يادوب بس هما خمس أيام ونحصلكوا
حمزه مستديرة إلى زوجته: أنا مضطرة أفضل هنا عشان الشغل .. لأن الخمس أيام قبل الفرح دول هنحتاجهم ف شهر العسل ..
سألته نجلاء بحماس: صحيح هتقضوا شهر العسل فين ؟؟
لم يزحزح نظراته عن حياه: المكان اللي تأمر بيه أميرتي ..
ابتسمت حياه بحنان: نأجله شوية .. كفايه مصاريف الشقة والفرح اللي ما رضتش حد يشاركك فيها ولا حتى بابا
أجابها بجدية وعبوس: الفرح معروف من زمان أنه ع العريس والشقة أنا كنت شايل فلوسها من زمان .. يعني كدا كدا عامل حسابي .. وإن ما صرفتهاش على بيتنا هأصرف على إيه ؟
أدارت كفه وقبلته بحب: ربنا يخليك ليا
أرتفعت صافرة القطار معلنة موعد الرحيل والتوجه إلى سوهاج، تحرك القطار ونجلاء تلوح مودعة زوجها بينما حمزه مازال متشبثاً بيدي حياه، يخطو مع حركة القطار من فوق الرصيف .. وهمس بصوت لم تلتقطه سوى أذن حياه: عارفه أحلى حاجه ف إني مش هأسافر معاكي إيه ؟
نظرت إليه بضيق: إيه ؟
ضحك لما رأى غيظها: إن مافيش حد هيقولي " التذاكر يا أستاذ " لما أعمل كدا ..
قفز قفزة صغيرة ولثم وجنتها قبل أن يفلت يديها ويحط فمه بكفيه صارخاً: لا إله إلا الله ..
أخذتها الدهشة مما فعل فلم تجد في نفسها قوة سوى لتهمس بصوت شديد الخفوت: محمد رسول الله .. في حفظ الله
ضحكت نجلاء وسمية كذلك أحمد على فعلة حمزه، سرحت حياه متخيلة شكل حياتها مع حمزه إذا ظل يعاملها بتلك الطريقة .. وإن تغير ستظل تتذكر تلك الأفعال الصيبيانية لتخفف من وطأة أخطاءه لديها لتسامحه فوراً.



هلل الجميع لعودة حياه، استقبل أهل حياه عائلة زوجها بترحاب لم يسبق له مثيل حتى أنهم ظنوا بأنهم من العائلة الملكية بالمملكة البريطانية ليتم استقبالهم بتلك الحفاوة.
شعر فاروق بالفخر والإعتزاز عندما لمس ذلك الإحساس لدى عائلة زوج ابنته فهذا مدعاة الفخر والعزة، فإكرام الضيف واجب مفروض.
انشغلت حياه مع شقيقتها ونجلاء وزوجة أخيها عائشة في ترتيب شئون العرس، فيما اعتذرت لها سلمى فقد انشغلت بزوجها وبعض المشاكل معه ولا تريد أن تعكر عليها صفو سعادتها بحزنها ولوعة قلبها.
حزنت حياه لعذاب صديقتها لكنها تيقنت من جلدها فما بعد العسر إلا أيسر اليسر.



دخلت حياه غرفة أنس لتحادث حمزه وتطمئن على أحواله؛ فهي حتى الآن أكثر غرف المنزل هدوء، وجدته يتحادث عبر الشات مع فتاة بما يتخطى أداب حديث بينه وبين فتاة أجنبية عنه.
انسحبت من الغرفة حانقة فقد يأست من الحديث معه؛ فما يدخل عبر أذنه اليمنى يخرج عبر اليسرى كأنه لم يكن .. وعبرت عن ذلك لحمزه عندما لمح في نبرة صوتها الضيق.
- إمممم .. قولتيلي .. خلاص ما تقلقيش أنا هأتصرف
- ما أقلقش إزاي بس يا حمزه ؟!
- يا ستي براحه شوية .. قولت أنا هأتصرف إهدي بقى .. ما تنشغليش بحاجه إلا فرحنا وبس .. إتفقنا ؟
- أوووف .. طيب
- المهم .. جبتي اللبس الشفتشي والمفتشي ؟
- إيه اللي أنت بتقوله دا ؟؟!
- إيه يا بت .. والله لولا إني بأكلمك في التليفون كنت جبتك من شعرك .. يا وليه أنا جوزك .. ما يغركيش الفرح اللي بعد كام يوم دا .. دا أنا عامله لعبة عشان عندي بدله مش لاقيلها مناسبة تتلبس فيها فقولت استغل الفرصة وأعمل فرح عشان ألبسها بدل ما تاكلها العتة !
- لا يا رااجل ؟؟
- لا يا بت .. يا مدامتي
- إيه مدامتي دي ؟؟
- يعني مراتي .. بس من باب التجديد خليتها مدامتي
- ههههههههه .. طب يا هاسبانضي
- إيه هاسبانضي دي كمان ؟
- يعني جوزي .. بس من باب التجديد خليتها هاسبانضي
- بصي يا بنت الحلال .. إنتي مش في بيت أبوكي دلوقتي ؟
- أيوه
- بس كدا .. الحمدلله .. خليكي فيه بقى وما أشوفش وشك تاني .. أنا قطعت علاقتي بيكي .. قال هاسبانضي قال .. اسمها هاسبندي يا جاهلة .. قتلتي الأنوثة منك لله
- يا نهااااااار .. بتدعي عليا يا حمزه ؟؟!
- هو أنا أقدر يا مدامتي ؟ .. إموووواه .. سلام بقى ورايا شغل .. هتقطعي عيشي
ودعته وأغلقت ضاحكة .. وقررت أن تسجد سجدة شُكر لله عقب صلاة المغرب؛ تحمده فيها على رزقها بزوج يعوضها عما عاشته.

ما تنسوش الرد يا قمراتي .. وقولولي رأيكوا في البارت دا .. عايزاه تفصيلي مفصل تفصيليا




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-10-15, 02:45 PM   #22

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل العشرون



في اليوم الذي يسبق العرس، وصل حمزه برفقة فادي إلى سوهاج واستقبلهم أخوة حياه بالترحاب والأحضان.
انفرد حمزه أخيراً بأنس بعد طول عناء، جلس معه في حديث لا يحدث إلا بين الرجال، بدأه بتنهيدة جعلها على قدر المستطاع تُظهر حسرة على ما كان، فسأله أنس في فضول عن سببها فأجاب: أصلي كنت بأحب واحدة قبل حياه .. لكن النصيب بقى نقول إيه
فزع أنس: نعم ؟؟ .. يعني أنت مابتحبش حياه ؟؟
نظر إليه حمزه دون أن يلحظ هو ذلك: دي بنت كنت بأكلمها ع النت .. بس ربنا فرقنا وبعدني عنها .. وأديني أهو بأتجوز غيرها ...
استفسر أنس حانقاً: وبعدت عنها وما أتجوزتهاش ليه ؟؟
- ما أنت عارف، أي حاجه بتبقى في معصية الله لا بتدوم ولا بتعيش .. وأقل نفخة فيها بتتهدد خصوصاً لما يكون الطرفين فيها قلب بنت وقلب ولد
تنهد بقوة متابعاً: هي كانت غريبة عني .. ما تحلليش .. وكنت عارف أنه كلامنا غلط بس بردو استمريت فيه .. وفي الأخر قلبي أنكسر لما قالتلي أنها مش هتقدر تكمل معايا وأنها هتشوف غيري يخاف عليها .. عشان لو كنت بأحبها بجد كنت حافظت عليها من نفسي قبل الناس .. وكنت بعدت الشيطان عننا
سأله يخالجه خوف من الإجابة: طب وليه ما راجعتش نفسك ورجعتوا لبعض ؟
لا يدري من أين أتت تلك الدمعة إلى عيونه لكنه شعر بقلبه يتمزق، لقد أتقن التمثيل حتى أنه نفسه تأثر به .. عقد النية على التواصل مع شركة اكتشاف الوجوه الجديدة ذات الموهبة في التمثيل لأنه سيكتسح بشدة الأجواء ويصبح نجماً لامعاً ينال العديد من الجوائز التقديرية .. أفاق على تكرر أنس لسؤاله فرد متظاهراً بالألم واليأس: الموت كان سبقني ليها
كاد أن يقع أرضاً من فرط الضحك عندما رأى دمعة تهرب من عيون أنس لكنه تماسك قدر الإمكان وتابع بأسى وقد أمسك إحدى كتفيه بقوة: بص يا صاحبي .. نصيحة من واحد أوعى منك ومر بتجربة قاسية جداً، لو حبيت ف مرة بنت .. أوعى تغلط غلطتي وتكلمها وتقرب منها .. غير ف الحلال .. وإلا ربنا هيحرمك منها للأبد .. أبعد عنها وأدعي ربنا يجمعك بيها في إطار الزواج .. دا أفضل ليكوا
بعد لحظات طرقت زهرة الباب ووجهت حديثها إلى حمزه: بابا عايزك ف مكتبه
نهض ليلحق بها وقبل أن يغادر الحجرة استدار إلى أنس بطريقة درامية يبدو عليه التأثر وقال: أوعاك يا صاحبي .. تعمل زيي
ثم خرج وأغلق الباب غير قادر على كتم ضحكاته أكثر، ابتسمت زهرة لحالة الضحك التي أنتابته دون أن تعي سببها، تركها ودخل إلى مكتب فاروق بعد أن رسم الجدية على وجهه محل الضحك.
ضربت كفاً بكف محوقلة وهي تدعو له بالهداية، انصرفت عائدة إلى شقيقتها لتُنهي معها ما تبقى من إعدادت ولمسات نهائية قبل مجئ الفتيات للإحتفال بليلة الحناء.
وقف حمزه أمام والد حياه الذي أمره بالجلوس ووجهه جامد كأن هناك ما يشغل باله ويقلقه، سأله مترقباً: خير يا عمي .. حضرتك طلبتني ليه ؟
انتبه له فاروق كأنه لم يشعر بدخوله ثم سأله مقطباً: أنت شوفت كروت الدعوة بتاعت الفرح ؟
نظر له حمزه لا يدري أين المشكلة: لا .. حياه قالت ما أقلقش وكفايه عليا الشغل والكام حاجه اللي كنت بأجهزهم ..
مد إليه فاروق بأحد الكروت وهز رأسه مشيراً له: طب اقرا كدا وقولي رأيك ..
تناول حمزه الكارت وقد ساوره القلق فلهجة حياه لم تطمئنه في حينه كذلك الآن معالم وجه عمه لا تنبأ بالخير .. اتسعت عينيه بشدة وتبادل النظرات مع عمه غير مصدقاً لما رأته أعينه.



اندمجت نجلاء بشدة مع الفتيات ذات البشرة القمحية نتجة شمس سوهاج الشديدة، كان أغلبهن قريبات إلى القلب يتملكهن الخجل بسهولة، أرتدى الجميع الجلباب الفلاحي كطقس من طقوس الحناء .. هكذا طلبت حياه من زهرة لتشيعه بينهن .. فلا تخجل فتاة لا تملك ثياباً تليق بالمناسبة من المجئ .. فرحت زهرة بشقيقتها وتفكيرها في مشاعر الأخرين ولبت طلبها عن طيب خاطر.
تفاوتت الألوان فيما تشابهت شكل الملابس، سعدت نجلاء بهذا الجلباب كثيراً فلأول مرة ترتدي مثله في حياتها .. كان باللون الأزرق تتناثر فيه زهرات صغيرة مختلفة الألوان وحجابها كان بلون واحدة من تلك الأزهار.
هتفت نجلاء بسعادة: حلو الفستان دا أووي
ضحكت عليها حياه وزهرة فيما تبسمت سمية وشاع الغمز واللمز بين بقية الفتيات، علقت حياه ضاحكة: اسمها جلابيه مش فستان .. أدي أخرت المدارس الأفرنجي
نظرت لها نجلاء بعدم فهم: يعني إيه أفرنجي دي يا حياه ؟
حدقت بها حياه غير مصدقة بينما اقتربت منها زهرة ووضحت بهدوء: يعني أجنبي
أومأت متفهمة وقد سعدت بالحياة الجديدة التي لم تراها سوى في الأفلام وعبر شاشات التلفاز.
بدأت إحدى الفتيات تغني بصوتها العذب والبقية يصفقن مندمجين مع الكلمات، حتى نهضت إحداهن وربطت إحدى الشالات حول خصرها وبدأت في الرقص فعلىَ ضجيج التشجيع.



أرتمى أنس على سريره حابساً دمعة حزن من النزول، لقد أنهى كل شئ مع من أحبها وتعلق بها، هو من أصلح علاقتها مع والدتها التي نصحته حياه بالإبتعاد عنها فهو أحد أسباب تأثر علاقتها مع أبناءها .. مما أشعره بالذنب وجعله يبحث عن أبناءها يتحدث إليهم ويوضح شدة حبها لهم وتعلقها بهم .. تأثرت ابنتها بحديثه فأعادت علاقتها مع والدتها بينما الأخرين استمعوا له ثم تجاهلوه .. لكن علاقته بتلك الفتاة توطدت حتى تحولت حباً لكن حديث حمزه أثر به وقرر أن يحافظ عليها فما بقي إلا عدة أيام على ظهور النتيجة من بعدها سيدخل في الثانوية العامة ليأتي بمجموع كبير يمكنه من دخول كلية الهندسة كما تمنى ثم وقتها يفكر في الإرتباط أو الزواج .. أما الآن فأي شئ يفعله لا يسمى إلا بـ "لعب عيال" كما يسميه البعض.
انقلب على جانبه الأيمن وغطى رأسه بالوسادة ليمنع ضجيج الطابق السفلي من الوصول إلى مسامعه حتى ذهب في سبات عميق، راضياً بقسمته مهما كانت.



أتى يوم العرس على الجميع بالنشاط والحركة، محمود وفادي يقفان ويتابعان وضع الطاولات والمقاعد كذلك المنصة المخصصة للعروسين فقد قررت حياه أن يكون العرس في المنزل، بينما سمية تشرف على الطعام وتجهيزه.
حياه مع زهرة ونجلاء يعدانها لليوم المنتظر فيما انشغلت عائشة بطفليها التؤام فكادت تفقد عقلها من بكائهما المتواصل دون توقف.
جلس حمزه يحلق له مُسعد ذقنه في حين يمازحه هو وأنس وكذلك عصام شقيق حياه الذي عاد فجراً من سفره بلا نية في العودة.
نظر حمزه من طرف عينه إلى مُسعد: المُنشد وصل ولا لسه ؟
سأل مُسعد مستفسراً: هي الساعة كام دلوقتي ؟
أجابه أنس بعد نظر في ساعة معصمه: الساعة واحده
فرد مُسعد على سؤال حمزه: يبقى لسه ماجاش .. هو قال جاي الساعة تلاته
انفعل حمزه بشدة: إزاي لسه ماجاش؟ .. هو مش عارف إننا هنبدأ الساعة خمسه ؟؟
نظر له عصام متعجباً: أنا أصلاً أول مرة أشوف ناس تتجوز ف النهار .. ماله الليل مش فاهم أنا
أجابه أنس: أصلهم حاجزين تذكرة في القطر الساعة تسعة .. عشان هيروحوا الأقصر وأسوان يقضوا شهر العسل ههههههه
اهتزت يد مُسعد وكاد يجرح حمزه الذي صرخ به: يا ابني ركز، هتشلفطني وأنا فرحي بعد كام ساعة !
مُسعد متأسفاً: معلش بس اتصدمت .. أقصر وأسوان إيه اللي هتروحها في الصيف دي يا باشمهندس ؟؟ .. أنت مستغني عن عمرك ولا إيه ؟؟ دا إحنا هنا ومفرهضين .. أومال هناك بقى ؟؟ ..
ضحك أنس معلقاً: هيبقوا زي اللي راحوا خط الاستواء الساعة 12 الضهر هههههههه
شاركه الجميع الضحك إلا حمزه الذي استبد به الغضب: أعملها إيه ؟ .. هي نفسها تروح هناك وتقضي شهر العسل فيها !
عصام مفكراً: يمكن عشان بابا وماما قضوا شهر عسلهم هناك .. بس دول راحوا ف الشتا مش ف عز الحر يا مجانين هههههه
دفع حمزه بيد مُسعد بعيداً: يا ابني فتح هتعورني .. روح شوف المُنشد دا جه ولا لسه .. أنا مش فاهم لزمته إيه أصلاً .. ما دام مش عايزه أغاني كنا شغلنا كام شريط وخلصنا لازم مُنشد يعني ؟؟
وضع مُسعد كفه على كتف صديقه مقهقهاً: ولا الدعوة .. يا خبرررر.. أنا ماصدقتش عيني لما قريت اللي فيها
لوى حمزه شفتيه: عشان كدا ما خلتنيش أشوفها وراحت وزعتها هي ونجلاء .. وأنا اللي كنت فاكرها دعوة زي الدعاوي بتاعت الأفراح .. إلا لازم تحط التاتش بتاعها
غمزه عصام عبر المرآة: بس ما تنكرش إنه تاتش جامد .. أنا لحد دلوقتي محتار إزاي أختارت الكلام وعرضته بالشكل دا .. ماحدش يقدر يمسك عليها غلطة
دفعهم العريس عن طريقه: طب أوعوا بقى خلوني أخد شاور عشان ألحق أجهز وأبص ع السريع على الحاجه .. واستقبل الناس
ضحك مُسعد وذكره مغيظاً: الله يرحم أيام ما كنت بتقعد أسبوعين من غير حموم ويوم ما تلاقي كوباية مايه كنت بتوفرها لتاني يوم تشربها لو المايه قطعت
قذفه حمزه بالحذاء ورفع أحد حاجبيه محذراً وهو يحرك سبابته في وجهه: اتجنبني يا مُسعد أنا مش ناقصك الساعة دي
غرق الجميع في الضحك لكنهم أبوا إثارته أكثر حتى لا يرتكب ما لا تُحمد عقباه في غمرة التوتر وإنشداد الأعصاب كأوتار العود.



وقف حمزه وسيماً ببذلته السوداء وربطة عنق أشد سواداً يستقبل المدعوين بإبتسامة سعيدة مرحبة، يقف إلى جواره صديقه وأشقة زوجته كل واحد فيهم يرتدي نفس شكل رابطة عنق العريس لكن بإختلاف الألوان ففادي يرتديها باللون الأخضر الفاتح .. مُسعد باللون السماوي .. أنس باللون الأحمر القاني .. عصام باللون الرمادي وأخيراً محمود نفس لون شقيقه عصام ولكن أشد حلكة.
لم تخلو التهنئات من التعليقات على الدعوات وما ورد فيها، منهم من أخذها بمزاح والبعض لامه على ما ورد فيها لكنه لم يهتم يكفيه فرحة حياه بفعلتها وفرحته هو بها .. فهي كل يوم تثبت له عن سابقه أنها نعم الزوجة ونعم رفيقة الدرب.
أخيراً أتت اللحظة التي وقف فيها حمزه أسفل درجات السلم داخل المنزل والناس تصطف على الجانبين فيما هو يراقب محبوبته تهبط الدرجات رويداً رويداً متأبطة ذراع والدها الفخور بها أشد الفخر .. على ضربات الدفوف وإنشاد المُنشد ومن معه.
كانت تخطو بهدوء وقد أحاطها قماش ثوبها الأبيض شديد الإتساع بأكمامه التي تتسع حتى تضيق عند معصمها على شكل إسوار مرصع باللآلئ والخرز، ينسدل فوق وجهها قماشة من القماش الشفاف والمطرزة في رقة بنفس تصميم المعصم .. ترى عبرها خطواتها المتمهلة.
وصلت لأخر سلمة حيث سلمها والدها إلى زوجها والدموع تكاد تطفر من عيونه، يوصيه بها ويشدد عليه أن يحرص عليها كما شدد عليها تحمل زوجها في كل أحواله وإمتصاص غضبه فهي أصبحت معلقة برقبته إلى يوم الدين.
انتقلت ذراعها لتتأبط ذراع زوجها بعد أن رفع الحجاب ليكشف عن وجه بالكاد لمسته مساحيق التجميل فقد اكتفت بالكثير من المسكات والأقنعة حتى تعطي وجهها بريقاً أفضل من ألف لمسة مكياچ .. وقد لفت الحجاب بطريقة تقليدية ليس بها تعقيد واكتفت بتاج صغير أحتل مقدمة رأسها مثبتاً جمالها الملائكي.
لثم جبينها وهمس في أذنها بصوت أبح: أخيراً جات اللحظة دي يا مدامتي ؟؟
اكتفت بإبتسامة خجلى وسار معاً في إتجاه منصتهما .. حيث جلسا يستقبلان التهاني والدعوات الطيبة بالخير ودوام السعادة والحب بينهما، مرت عينيها على جميع الحاضرين حتى تتأكدت مما بغت فاتسعت إبتسامتها معلنة شدة سعادتها.
دنى منها حمزه وهمس إليها بخبث: إيه؟ .. بتتأكدي من الدعوة وإنها عملت مفعولها ولا إيه؟
أخفت وجهها في حضن فاطمة والدة سلمى التي جاءت تبارك لها وتخبرها بإقتراب وصول صديقتها وتتأسف نيابة عنها عن التأخير.
تقبلت حياه ذلك ببشاشة فيكفيها أن ترى صديقتها في النهاية مهما طال غيابها، بعدما انسحبت فاطمة عاد حمزه يهمس لها بما ورد في الدعوة فقد ظل يقرأها طوال الليل حتى غلبه النعاس والإبتسامة لا تغادر شفتيه:
"
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
ندعوكم نحن المهندس:- حمزه أحمد العربي وحرمه المصون:- حياه فاروق حسين إلى تشريفنا بحضوركم الكريم حفل زفافنا ولكن في هذه رسالة رجاء، ليست أمراً يُأمر فيُطاع.
لقد توجنا الرحمن
بفتح بيت ينضم إلى عائلات الإسلام .. إبتغاء منا مرضاة الله
لنُنشئ بيتنا أساسه رضا القدير وحجارته من مودة ورحمة كما أمرنا الرضوان
أثاثه الحب والتسامح يجعله يُشع نوراً ووئام
وننجب أبناءً ينفعون دين الإسلام ويرفعون رايته في عُلاه
ينشرون جمال الطاعة في رحاب المولى المتعالى
لكن كيف لنا إتمام ذلك إن بدأنا بمعصية الحافظ المُغني ؟!
فتكونون سبباً في هدم منزل حديث الإنشاء نازعين منه حجر الأساس.
تصبحون السبب إذا أتت آنساتكم وسيداتكم .. إن كن زوجات أو بنات بملابس
تخجل أن تقف بها بين يدي الله .. ورقصات يخجل أن يراها رسولنا الكريم وشفيعنا العظيم
هذا عدا .. أنغام تأتي على هوى الشيطان والجان .. فلو انكشف لنا الحجاب لرأينا منظر تنخلع بسببه القلوب وتتطير له العقول وقشعر منه الأبدان.
فإذا كرهتم لنا السعادة والرخاء .. البهجة في أسعد ليالي الحياة
وأن يطوقنا الرحمن من عُلاه بالرضا والحفظ وإحاطة الملائكة لنا في أجمل ليالي العمر
فلكم أن تفعلوا ما تحبون .. لكن أعذرونا إن رغبنا في حفظ زواجنا بعيداً عن غضب الكريم ونقمة الحميد ...
ولكم منا أبلغ التحية وأحر الأمنيات ..
بلغنا الله وإياكم أعالي الجنان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
"
ختم حمزه ذلك بتعليقه: عملتيها إزاي يا أروبه ؟؟ .. هو أي نعم فيه ناس ما عجبهاش وماجاتش وناس جايه كأنها مضروبة علقه وناس مبسوطة باللي عملتيه جداً .. بس جاتلك الفكرة دي منين؟ .. الكلام يخلي اللي يقراه مجبر ينفذه .. لأنه بدا بيثبت فعلاً حبه لينا ومشاركته فرحتنا
هزت كتفيها: مش عارفه .. أنا كنت عايزة أعمل فرح في نفس الوقت ما يحصلش فيه حاجات غلط ..
استفسر منها: طب ما كنتي عملتيه منفصل وخلاص ..
أجابته بهدوء: أولاً بيت بابا مش كبير للدرجة دي يعني .. الجنينة كبيرة عن جوا .. وخصوصاً أنه من جوا متقسم أوض ومش هيبقى لطيف .. كمان .. نجلاء أتحدتني إني لو عملت فرح فيه الرجاله والستات سوا مش هأقدر أعمل حدود وأمشي اللي ف دماغي ..
اتسعت إبتسامته وبحث بعينه عن شقيقته فوجدها جالسة برفقة زوجها يتسامران: يا بنت الإيه .. تصدقي إنتي وهي أسخم من بعض!
ثم عاد نظره إليها باسماً: بس بجد فخور بيكي .. قدرتي تعملي اللي ما حدش عمله، دا مافيش دراع واحد باين ! .. دا حتى اللي مش محجبات مدارين شعرهم بحجاب أي نعم شفاف ومبين كل حاجه بس أحسن من مافيش .. خصوصاً ف الحر دا هههههههه
نظرت له نظرة جانبية: طب لم عينك بقى .. وغض البصر
تنحنح في حرج مما جعل الإبتسامة تظهر على شفتيها، دخل رجل التنورة في فقرته وشد إنتباه الجميع .. وبعد إنتهاءه نهضت العروس برفقة عريسها يمرون على الطاولات يطمئنون إلى راحة الجميع وخصيصاً كبار السن.
أرتفع صدى أذان المغرب في الأنحاء، فأتجه إلى حيث يقف المُنشد واستعار منه الميكروفون هتف بصوت حماسي: يلا يا جماعة أدان المغرب .. وبما إننا لو روحنا بأعدادنا دي كلها المسجد ممكن يفتكرونا خارجين في مظاهرة فخلاص نتصرف .. الشباب يزيحوا الكراسي على جنب شوية ويسيبولنا مسافة نصلي .. والبنات يروحوا يجهزوا مكان الصلاة جوا البيت.
ثم إلتفت إلى فاروق وأضاف: وبما إننا في بيت حمايا العزيز .. فهو اللي هيأمنا
هز رأسه رافضاً وهتف به بصوت عالٍ: لا أنت، دا فرحك ودي فكرتك
أنصاع لأمره وانصرف الجميع يفعل ما أمر، وقف أحد النصارى يمسك الميكروفون أمام حمزه فلم يجد ما يثبته به مما اضطره إلى ذلك وكان الرجل المسيحي هو من عرض عليه المساعدة فوقف أعلى مقعد جانبي حتى لا يقف أمامه أثناء الصلاة يحمل الميكروفون ويمده بأقصى ذراعه.
اصطفت النساء حتى ملأن حجرتين كاملتين ووقفت حياه في أخر صف على أقصى اليمين وقد أفسحن لها ما استطعن من مكان بسبب اتساع ثوبها وليسهل عليها الحركة داخله.
رفع حمزه يديه أمام أذنيه وقال بصوت جهوري قوي: الله أكبر ..
كانت حياه تصلي ودموعها تنهمر .. لقد ظنت أنه عندما يأمها زوجها في منزلهما ستكون أسعد لحظات حياتها .. لم تكن تدري أن يأمها ويأم الشاهدين على إرتباطهما برباط أبدي هو أروع مما تصور خيالها .. كأن هذه الصلاة توقيعاً لهذه الإتفاقية.
بكت كما لم تبكِ قبلاً شعرت أن هذه آية من ربها تؤيدها وتخبرها أن هذا هو زوجك الذي كان ربك يبغيه لكي ليس من ظننتي قلبك دق لأجله فأصابك في مقتل .. أحست بمباركة الله لما فعلته في عرسها وسعادته بها كأمته المؤمنة .. التي أرادت أن تبدأ حياتها بعيداً عما يغضبه فرزقها بعمل قد يكون أهم وأول أسباب دخولها الجنة.
بعد التسليم من الصلاة، رأين عيونها محمرة من البكاء، أسرعت بها نجلاء إلى الغرفة تعيد عيونها قدر المستطاع إلى سابق عهدها وقليلاً من صفاءها بلا دموع.
بعدما أنتهت وعادت تخرج، كان الشباب قد أعادوا المقاعد والطاولات إلى مكانها، ألتقت عينيها بعيون زوجها وغرقا في لحظة من لحظات الإلتقاء الروحي .. علمت أنه شاركها البكاء إبتهاجاً .. لقد شعرت في أخر ركعة خلال الصلاة بصوته قد تهدج وكأنه يمنع بكاءه من الخروج عبر حلقه .. لم يكن يدري أن تلك البحة قد أعطت صوته مزيداً من العمق وجعل كل من يسمع تلاوته يكاد يرتفع عن الأرض ليحلق بهم بين الملائكة في ملكوت الله.
أنتهى العرس بإنتهاء مرورهم على الجميع، وزعت نجلاء وعائشة الحلوى والبونبون على الأطفال وكذلك البلالين في حين انصرفت زهرة تتأكد من جمع ما فاض من طعام توزعه على أهل البلدة ومن يحتاج كما جرى الإتفاق بينها وبين حمزه.
توجهت حياه تبدل ملابسها لملابس أكثر راحة تسهل عليها مشقة السفر.



دلفت إلى الغرفة في الظلام، تحسس موضع مفتاح الإنارة حتى وصل إليه، فغرت فمها عندما رأت ما أعده من مفاجأت لها .. لقد رسم على الفراش قلب من أوراق الورود البيضاء والحمراء وفاحت من الغرفة رائحة المسك والعنبر فزادت جو الغرفة نقاء .. كما انتشرت الشموع في أرجاء الغرفة فأسرع يشعلها ثم يعود إليها مطفئاً الضوء.
تناول يديها ونظر في عينيها نظرة أغارت قلبها بين أضلاعها وسألها: أنا عمري ما قولتلك بأحبك قبل كدا صح ؟
هزت رأسها: لا قولت
تذكر فقال: أيوه .. ساعة ما وقعت في الكلام قبل ما تسافري ؟
كررت هز رأسها: تؤ
- أومال ؟؟
حدقت به بحب: تصرفات كانت بتقولها .. عينيك كانت بتقولها .. دقات قلبك كانت بتقولها .. لما تاخدني ف حضنك وأنام كنت بأسمعها .. مش شرط لسانك ينطقها عشان تبقى قولتهالي .. فيه حاجات كتير أهم من الكلام تهمني تقولهالي بيها
أحتوى وجهها بين يديه: بس دا ما يمنعش إني أقولهالك كمان بلساني ..
رددها ببطئ ليتمتع بحلاوة نطقها لزوجته وتستمع إليها بروية متأثرة: بـحـبـك
تنهدت حالما أنتهى من قولها ورددتها من خلفه: بحبك
أسقط يديه عنها ووضع شريطاً في جهاز الكاسيت وبدأ تعلو في أرجاء الغرفة أنشودة شعرت أنها من أجمل ما تسمع بعد الكلمة التي قالها لها منذ لحظات.
تناول كفها وجذبها تشاركه الرقص عليها مستمتعاً بإحتواءه لها بين ذراعيه، يتمنى أن يخفيها داخل قلبه إلى الأبد.
حدثها: أنا مش عارف حبيتك إمتى .. كل اللي أعرفه إني كنت باسترخمك وبأحب أضايقك وأغيظك .. كنت عايز أستفزك بأي شكل .. ويوم ما طلبت منك نتجوز .. ما أعرفش قولتها ليه وإزاي ! .. وبعد الجواز فجأة لاقتني بأحلم بيكي وإنتي أم عيالي وسندي لما أكبر .. عندك تفسير يا ترى للي حصلي ؟
تبسمت: تعرف إني بردو استرخمتك أول مرة شوفتك فيها ؟ .. لما افتكرتني الخادمة .. نصيحة مني .. أوعى تطعن واحدة ف أنوثتها .. لأنها وقتها ممكن تقطعك حتت وترميك ف الزبالة
قهقه على حديثها العنيف وكأنها على وشك أن تفعل به ذلك: خلاص وعد مراتي الجايه هأبقى أخد بالي معاها
ضربتها على كتفه مغتاظة: دا أنا كنت كهربتك ودبحتك وصفيت دمك وبردو مش هتتجوزها
صدم جبينه بجبينها: دا على أساس أنه بقى فيا حاجه تتجوز أصلاً .. دا أنا بقيت شوية عضم إن ما دشتهوش ورمتيه على أرض بور عشان تنفع للزراعة هههههه
عادت إلى حديثها الأصلي: أضايقت منك وقتها بس فجأة لاقتني بأحبك .. وبأستنى رخامتك .. وكنت ساعات بأبين نفسي متغاظة عشان أشوفك ضحكتك
ابتسم في زاوية فمه: دا إنتي كنتي واقعة لشوشتك بقى
أومأت: جداً جداً، بس كنت واخده عهد بيني وبين ربنا إنه مهما حبيت عمري ما هأبين الحب دا إلا لجوزي ف الحلال ومش هأغلط غلطتي الأولى تاني .. وإنه ربنا لو رايدني أتجوز الشخص اللي بأحبه دا يرزقني بيه .. كنت بأفضل دايماً أتلمس أوقات إستجابة الدعاء وأدعي إنك تكون نصيبي وربنا يرزقني بيك الزوج الصالح اللي يهديني ويسامحني على أخطائي .. وفجأة لاقيت ربنا استجاب دعايا وطلبت مني الجواز .. بغض النظر عن الأسباب بس المهم النتيجة .. إني بقيت مراتك !
لثم خدها بخفة: مدامتي ..
قلدت صوته مستندة بجبينها على جبينه وهزت رأسها بمرح: أيوه مدامتك
تنحنح مُعيداً النبرة الجادة إلى صوته: إيه بقى اللي نفسك ف جوزك حبيبك اللي هو أنا يشاركك فيه ؟
تنهدت: أنا كان نفسي جوزي دا يبقى قدوتي .. مثلي الأعلى .. يشجعني أعمل خير أكتر وأقرب من ربنا معاه .. نعمل كل حاجه سوا .. شركا ف الحياة بكل معنى الكلمة
جلس على طرف الفراش وقال: ربنا يعيني وأقدر أسعدك .. وأكون زوج أحلامك
ابتسمت فيما جذبها بقوة لتسقط على الفراش بثقلها، اقترب من شفتيها هامساً: مش كفايه كلام إنهارده ولا إيه بقى ؟
دفعته بعيداً وهبت واقفة ثم قالت على عجل تخفي خوفها: إحنا لسه ما صليناش ولا نسيت ؟؟
نهض مضيقاً نظراته: ماشي .. بس بعدها مالكيش حجه تهربي بيها
هرولت مسرعة بعد أن تناولت ملابسها إلى الحمام، استحمت وتوضأت ثم عادت إلى الغرفة ليدخل هو يتوضأ .. ثم أمَّها في الصلاة كما كان قلبها يشتاق دائماً.



جلست على الفراش متوسدة قبضتها، تتأمل زوجها النائم، أتخذت قرارها بأن توقظه، همست باسمه فلم ينفع، قبلته قبلة سريعة أرتدت على أثره مخافة أن يحدث كالأفلام فيجذبها إلى أحضانها حتى تدوم القبلة إلى أبد الأبدين بلا جدوى.
صاحت به بصوت عالِ، فأنتفض مفزوعاً: إيه في إيه ؟؟
عقدت ذراعيها أمام صدرها: فيه إنك مش ناوية تصحى وشكلك هتقضيها نوم
دعك عيونه متسائلاً عن الوقت، أجابته متأففة: الساعة إتناشر إلا تلت، قوم يلا فوق نفسك وأفطر عقبال ما أدان الضهر يدن عشان نصلي قبل ما نخرج
حك رأسه مدعياً عدم الفهم: ليه هو إحنا رايحين ف حته ؟؟
نظرت إليه شذراً: هو أنت ناوي تخليني محبوسة هنا طول اليوم ؟
جذبته من ذراعه ليقف وبدأت في دفعة إلى الحمام تحثه على الإسراع.
أمَّها في صلاة الظهر كما فعل في صلاة الفجر، أخذها ليريها أشهر معالم الأقصر قبل أن ينطلقا بعد يومين إلى أسوان.
وقف متظللاً بظل أحد البازارات، تناول ثلاثة أرباع زجاجة المياه وسكب البقية فوق رأسه علَّه يخفف بذلك من حرارة الشمس التي لفحت رأسه، طلب منها العودة إلى الفندق حتى تغيب الشمس لكنها عاندت: أنا مش جايه هنا عشان أقعد في الفندق يا حمزه .. وإلا كان بلاها شهر عسل بقى وكنا قعدنا ف بيتنا
هز رأسه موافقاً: والله كان هيبقى عين العقل، مش فاهم أنا إيه اللي عايزة تقضي شهر عسلها في الأقصر وأسوان ف الحر دا !
ضحكت مغيظة إياه: مش أنت سألتني نفسي أقضي شهر العسل فين؟ .. خلاص بقى تمشي وأنت ساكت
ثم أضافت حانقة: وبعدين عاملي فيها باشمهندس وبتشتغل هنا وهناك وف الصحرا وبتاع .. وأنت خرع كدا .. مهندسين إيه دول ياخواتي؟؟؟
نظر إليها يكاد يفتك بها: أيوه بنشتغل في الصحرا وف الحر وكل حاجه .. بس مش مجانين عشان نشتغل تحت الشمس ف ساعة زي دي .. لأنه مش بعيد حد من العمال أو المهندسين تجيله ضربة شمس ودا هيعطل الشغل لأنك عقبال ما توصلي لدكتور هتضطري تستني العيان يخف عشان يكمل أو الشركة تبعت غيره وحلني بقى .. ساعة زي دي يا ذكاوه هانم بنقضيها راحة ونعوضها ف ساعات الليل
هزت كتفيها وتابعت السير، سألها مستفسراً: يعني عايزه تقنعيني إنك مش حرانه ؟؟
نفت ذلك رغم تقذذها من شعورها باللزوجة والحرارة تطبق على أنفاسها، لمحت من بعيد فتاة أجنبية تحدق بحمزه وهي تغمز صديقتها وتلمزها، كانت شقراء شديدة الحسن، ملابسها تكشف الكثير من جسدها.
نظرت إلى زوجها لترى سبب إنجذابهما له إلى تلك الدرجة فرأت ثيابه تلتصق بجسده نتيجة الحر والمياه التي صبها فوق رأسه مبرزة جسده الرجولي، كما أضفت عليه حرارة الشمس لوناً برونزياً محبباً.
تطلعت إلى عيونه لتستشف إذا شعر بنظرات الفتيات له أم لا، وجدت عيونه معلقة على أحد البرديات في البزار الذي يقفون تحت ظله، باغتته قائلة: عايزه أرجع الفندق يا حمزه
نظر إليها رافعاً حاجبيه بشدة حتى كادا يلمسان شعره: مش كنتي لسه عايزه تلفي شوية ؟
غمزها مغيظاً: مش ناوية تعترفي إنك هتموتي من الحر بردو؟
هزت رأسها بسرعة تؤيد ظنه حلما رأت الفتاتين تريدان عبور الشارع إليهما، أمسكت يده وجذبته في الإتجاه المعاكس: أيوه .. اتحريت

ضحك منتصراً لكنها لم تهتم فيكفيها أنه لم يدرِ بنظرات الفتيات إليه وإلا نفش ريشه كطاووس يتعبد الجميع في محراب جماله.

انا حاسه انها ما بقتش عجباكوا .. قليلين اللي بيردوا ومتابعينها
ع العموم تشكروا .. هي فاضل فاصلين والخاتمة وتخلص ..
بس افتكروا اني زعلانه .. وكدا مش هانزلكوا رواية جديدة بقى عشان شكلي كاتبة فاشلة ما قدرتش اوصلكوا واحببكوا ف اللي باكتبه




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-10-15, 02:50 PM   #23

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



الفصل الواحد والعشرون



السعادة تشع من عيونهم جميعاً فرحة بالخبر الأكيد، ضمت سمية ابنتها في حب باكية ولسان حالها لا يتوقف عن حمدالله والثناء على رحمته بهم.
سمية بفرحة لا مثيل لها: الحمدلله كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
ما تزال نجلاء لا تصدق صحة الوضع: أنا لحد دلوقتي مش مصدقة .. يعني خلاص كدا رجعت زي الأول وما بقاش فيه داعي للكيماوي ولا الجلسات ؟؟
أحاط فادي كتفيها بذراعه: وأحسن م الأول كمان .. الدكتور قال إنه كان صغير وف بدايته لكن كان ضاغط على منطقة حساسة في المخ وأي تدخل جرحي ف وقتها كان فيه خطر على حياتها فما كانش فيه حل قدامه غير الكيماوي والحمدلله جاب نتيجة
صاحت سمية بزوجها: لازم يا أحمد ندبح أضحية بسبب الخبر دا .. لازم نفرح الناس معانا
أومأ أحمد مؤيداً فكرتها: ما تحمليش هم، أنا هأتفق مع الجزار اللي كلمناه على أضحية العيد عشان يعمل حسابه ف عجل زيادة
ضحكت نجلاء: أول مرة أشوف ناس بتحجز أضحية العيد الكبير قبل العيد الصغير ما يجي أصلاً
نظرت لها أمها معاتبة: يا بنتي دا فاضل أربع أيام بس على رمضان .. والوقت بيفوت بسرعة .. كمان كدا أحسن عشان الجزار يدينا حاجه نضيفة مش أي حاجه والسلام ..
تناول فادي يد حماته مقبلاً إياها: كل سنة وإنتي طيبة يا ماما
ربتت على كتفه بحنان: وأنت طيب يا حبيبي .. عقبال كل سنة وإحنا متجمعين يا رب
بارك لأحمد كذلك قبل أن يعتذر هو ونجلاء التي بررت: معلش بقى مضطرين نستأذن عشان كنت واعده حياه أمر عليها .. أطمن عليها هي والبيبي ..
قهقه فادي على الذكرى: دا أحمد طلعان عينه من الوحم بتاعها .. ربنا يصبره
ابتسم أحمد بسعادة: هههه كلنا لها .. هو لسه شاف حاجه .. التقيل لسه جاي
قطبت سمية حاجبيها: قصدك إيه يا أحمد ؟؟
تنحنح مستدركاً ما قاله: قصدي كل خير يا حبيبتي ..
نهضت نجلاء واقفة: كلها شوية وتعدي فترة الوحم .. هي لسه ف التالت
ساندتها والدتها فيما قالت ثم ودعتها تدعو لها بدوام الصحة والعافية، اقترح عليها أحمد أن تصلي ركعتين حمداً لله الذي تتم بفضله النعم.
وافقته ونهضت تتوضأ ثم تصلي تدعو بقلبها قبل لسانها أن يسعد ابنتها وابنها، أن يسعدا ولا يشقيا في حياتهما ويظلون بقرب الله مهما كانت وطأة المصاعب ودهسات الحياة.
***
وقفت نجلاء بشرفة منزلها تحجب حزنها، لقد أخبرت جزءً من الحقيقة لعائلتها لكن قلبها لم يطاوعها بكسر فرحتهم بالبقية، يكفي أن قلبها يتصدع ألماً فقد أكد الطبيب بعد إنهاءه قراءة التقارير والتحاليل الطبية أن أي أمل لها في الإنجاب قد ذهب أدراج الريح.
اقترب منها فادي وضمها من الخلف صامتاً، استدارت إليه وبدأت الحديث مخفية تمزقها مما تقول لكن انجلى أوان الأنانية: عايز تتجوز؟ .. مش هأمنعك ولا هأقف ف طريق سعادتك .. أنا كنت الأول بأفضل أفكرك بأفضال بابا عليك علشان تفضل جنبي وتحس إنك مديون ليه وليا .. كنت بأعمل كدا وأنا كارهة نفسي بس كنت عايزاك جنبي بأي شكل .. لكن دلوقتي .. بعد ما عرفت أنه الحياة أقصر بكتير من إني أضيع عليك تعيشها أو تحقق أمانيك فيها .. فأنا بأخليك من أي وعد وعدتهولي قبل كدا .. هأفرحلك لما تشيل ابنك من واحدة تانية وهأتمنالك السعادة
لم تشعر بالدموع تهبط من محابسها، فيما استعر الغضب والغيظ بداخله، أمسكها من كتفيها بقوة: اسمعي الكلام دا كويس لإنه ماعادش عندي استعداد إني أعيده تاني .. أنا ما فكرتش أبقى أب أو يكون عندي ولاد إلا لما إنتي حبيتي الموضوع وكان نفسك فيه .. دا أنا حتى ما كنتش أتخيل نفسي هأبقى متجوز خصوصاً ف الوقت اللي إنتي ظهرتي ف حياتي فيه .. وأظن إنك فاكره كويس حالتي كانت إزاي .. وقد إيه أحوالي المادية والنفسية كانت زي الزفت .. بس ربنا وقتها بعتك ليا نجدة من السما .. لحد دلوقتي بشكره ف كل وقت عليكي .. والولاد ما فكرتش فيهم غير عشان إنتي هتبقي أمهم .. لكن لو واحدة تانية يبقى شكراً .. إنما لو حابه تخلصي مني وخلاص .. وعماله تدوري على حجه فكدا بقى موضوع تاني
ابتسمت سامحة لبواقي الدمعات بالولوج إلى فمها: أتحجج ؟؟ .. أنت عارف قد إيه كنت بأموت من جوا وأنا بأقولك روح أتجوز وعيش مع واحدة تانية ؟؟ .. أنا قولتلك هأتمنالك السعادة وهأفرحلك بس دا كلام وقت ما خرج عرفت فعلاً إني مش هأقدر أنفذه .. بص أنا أبطل أنانية ف كل حاجه .. إلا فيك وف حبي ليك
أحاط كتفيها بذراعه ودفنت هي وجهها في عنقه تشتم رائحته المحببة إلى قلبها، همس لها مبعداً خصلات شعرها: يعني مش هنفتح الموضوع دا تاني؟ .. اتقفل خلاص؟
أومأت صامتة تستكين بين يديه، بعد فترة هدوء عذب: عارفه .. في حاجات أجمل من الولاد
نظرت له متعجبة: إيه الحاجات دي ؟
ضحك: الشيخ حمزه قالي عليها ف مرة .. قال الله –سبحانه وتعالى- "المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا" .. يعني أه أحلى حاجه ف الدنيا الفلوس والولاد بس دول حاجات في الدنيا أكتر منهم ف الأخرة .. يعني الولد ممكن يطلع عاق .. وقتها مش هيبقى زينة لحياتك وممكن الفلوس دي تضيع ف لحظة .. لكن الباقيات الصالحات دي هتفضل موجودة لحد يوم الحساب
عضت شفتها السفلى قاطبة حاجبيها: أنا فاكرة إني سمعتها قبل كدا بس مش قادرة أفتكر فين .. هي إيه الباقيات الصالحات ؟
تخلل شعرها بأصابعه باسماً: دي أذكار زي .. سبحان الله، الحمدلله، الله أكبر، لا إله إلا الله، لا حول ولا قوة إلا بالله .. وغيرهم أو الأعمال الصالحة اللي بتعمليها
كأنها انتبهت فجأة، حدقت به بشك: أنت قولت حمزه هو اللي قالك الكلام دا ؟؟
أومأ ضاحكاً: يظهر أنه أخته استعجبت لحالته أكتر مني شخصياً هههه
سرحت بنظرها بعيداً متمتمة: فعلاً حاله انقلب .. بقيت لما أشوفه ابتسم مهما كانت حالتي النفسية مش مظبوطة .. فيه حاجه اتغيرت .. بس ما أقدرش أنكر إنها للأحسن
وافقها بشدة: من ساعة جوازه من حياه وهو اتغير .. ويمكن من ساعة ما عرفها كمان
أضاف: دا كفايه حركة كارت الدعوة اللي عملتها دي .. عليت ف نظري جامد
حدقت في وجه زوجها لحظات قبل أن تنفجر ضاحكة، سألها متعجباً عن سبب تلك النوبة، أجابته: أصلي افتكرت الدبابيس والبينز اللي وزعتها في الفرح .. حاجه مسخرة الحقيقة ههههههه
أمسكت معدتها التي ألمتها من قوة الضحكات: تصدق قابلت عمو عبد الرحمن من كام يوم لما روحت لماما وبابا .. قالي أشكرله حياه جداً على الدبوس بتاعه لحد ما يقابلها عشان هو بقى حاطه ف جيبه دايماً وكل ما يحط إيده فيه يطلع يقراه يضحك ويحمد ربنا
ابتسم فادي: هي كانت كتباله إيه ؟
قهقهت بشدة وقالت بصعوبة: كتبتله "إحمد ربنا لتجيك حاجه ف الكِله"
شاركها: أنا بردو شايل البين بتاعي وكل ما أشوفه أضحك .. كتبالي "ما تقولش والنبي دا شرك يا مفتري"
كادت تسقط أرضاً من الضحك، هتفت: دا على كدا بقى أنا عاملتني باحترام شوية ؟
سألها: وإنتي كتبتلك إيه ؟؟
انفجرت ضاحكة: "سيبي المواعين لبعد الصلاة يا فوزية" ههههههه
مرت عليهم عدة دقائق لا يستطيعان وقف ضحكاتهما، وبعد مرور تلك النوبة وعودة تنفسهما للإنتظام قليلاً طلبت نجلاء من زوجها: أبقى فكرني لما نروحلهم المرة الجايه .. أخد منهم سي دي الفرح .. لما شوفته حبيته أوي .. خصوصاً الصور اللي أخدهالكوا بولا وأنتوا بتصلوا .. حلوة أوووي .. أنا أخدت منها نسخة للصورة دي وحطتها في الألبوم عندي
ضحك فادي: ولا التسجيل لجرجس وهو بيتكعبل في سلك المايك بعد الصلاة أما جه ينزل هههههه كل ما أشوفه أسخسخ على روحي م الضحك
تنهدت بقوة: يااااه، ساعات بأتمنى إني كنت أعرف حياه قبل ما أعمل فرحي عشان يبقى بالحلاوة دي
غمزها مغيظاً: خلاص نعمله من تاني .. بس ما أوعدكيش تبقي العروسة .. لازم تغيير بردو
ضربته بقبضتها الصغيرة في كتفه بقوة مما جعله يضحك، ضمها إلى صدره مقترحاً عليها أن يُسبح على عقلات أصابعها .. ذاكراً بعض الأذكار من الباقيات الصالحات، ثم تتناوب معه وتسبح على أصابعه هي الأخرى.
عندما رأى سعادتها باقتراحه وأنها أوشكت على القفز من السعادة تأكد من نصيحة حمزه له، إن طاعة الله وتشاركها مع من أحب تحول أصغر الأفعال إلى أفعال لا تُقدر بثمن .. لأن أجمل المشاركات دون مبالغة هي المشاركة في التقرب إلى الله ونيل رضاه.



استأجر الجميع باصاً صغيراً ينقلهم إلى سوهاج؛ فإن الأيام الأولى من رمضان تجعل القطار لا يطاق من شدة الزحام .. فهناك من يجلس أسفل مقعد وأخر لا يجد بُداً من الجلوس فوق حقيبة سفرك دون حتى طلب الإذن، هذا عدا الرائحة التي لا تطاق واستمرار الأطفال في ركضهم من عربة إلى أخرى متخذينه حديقة الأزهر دون مراعاة أن الناس إكلينيكياً بدأوا بالتساقط من فرط الإختناق وعدم وصول الأكسجين الكافي إلى أنسجتهم.
تتقزز من رائحة العرق التي تحاوطك، وفي تلك الأوقات لا يوجد فرقة بين الدرجة الأولى وعربة نقل البضائع .. والرجل الذي يقطع التذاكر يلتزم الصمت يكتفي بقطع التذاكر مدركاً أن أقل كلمة اعتراض ستتسبب في إلقاءه من نافذة القطار أثناء سيره.
المكيف .. ليس له داعِ، ففي تلك الأوقات مهما كانت قوته لن يؤثر في أعداد الأنفاس التي تتزايد ولا تقل، وكأنه يشعر بالإختناق فيكتفي باللهاث كل عدة دقائق.
فضل الجميع السفر سوياً مستأجرين الباص وأخذ استراحة على فترات أثناء الطريق، لقد أصر فاروق على دعوتهم جميعاً إلى الإفطار في اليوم الأول من شهر رمضان الكريم، كما أن قران زهرة سيعقد اليوم؛ فبعد طول إنتظار وصبر رزقها الله بمن أرضى نفسها.
أثناء الطريق أرتفع أذان المغرب معلناً موعد كسر الصيام وبل الريق بشق تمرة أو قطرات مياه، فيما تخرج سمية زجاجات المياه التي اشترتها من الاستراحة الأخيرة، كان هناك رجال يقفون بالطريق ويلقون بأكياس داخل السيارات المارة ويقولون مهللين "كل سنة وأنتوا طيبيـــن".
كانت عبارة عن أكياس من مختلف أنواع العصائر، فكانت مجموعة تلقي بعصير البرتقال وأكياس بها ماء، وبعد مسافة تُلقى أكياس أخرى من مشروب التمر الهندي وعصير المانجو .. وأكياس من التمر الجاف.
ابتسم الجميع فرحين بتلك الأشياء الصغيرة، تركوا ما أحضروها جانباً وبدأوا في تناول تلك العصائر، أخبرهم السائق أن هذه هي العادة طوال شهر رمضان بالأخص في بدايته حيث يشق على البعض الصيام أثناء السفر ويصمونه البعض منصاعين لكن الخوف من عدم الحصول على الماء أو ما يشق الصيام كان يقلقهم فأصبحت العادة أن يقفوا على الطريق ويهبون تلك العصائر للمارين، عوضاً عن موائد الرحمن لمن لا يستطيع تحمل تكلفتها.
قهقه السائق متذكراً أن أحد السائقين لم يكن دينه الإسلام فتوقف وأعاد إليهم الأكياس لكنهم أبوا ذلك مبررين أنهم يمنحونها لمن كان صائماً أو فاطراً من المسلمين فما ضير غير المسلم .. ثم أخبروه أن هذا رزقه وتلك أخر الأكياس لديهم فليشربها هانئاً.
وصلوا إلى منزل عائلة حياه حيث استقبلهم فاروق بترحاب شديد كعادته، كان الجميع في إنتظارهم حتى يتناولون الإفطار سوياً كما كانت في صحبتهم عائلة خطيبة عصام وخطيب زهرة الملقب بجلال وأسرته، مُدت الموائد في الحديقة وانفصل الرجال عن النساء في الطعام.
كانت طاولة النساء معهن الأطفال واقعة في الحديقة كذلك لكن جزء من جدار المنزل يحجبها عن طاولة الرجال بحيث يستطعن رؤيتهم والعكس غير ممكن.
أتخذت السيدة الكبار جانباً من الطاولة يتحدثون في شتى الأمور ما بين الأولاد ورعايتهم وزواج البنات الوشيك وخلافه من أحاديث، فيما طغى المزاح والمناوشات الصيبيانية بين الفتيات الأصغر سنناً في الجانب الأخر.
ضحكت خديجة خطيبة عصام: ياااه أنا مش مصدجة نفسي .. كلها كام شهر وألاجيكي بتمشي تدألچي
شاركتها نجلاء: هيبقى منظرها تحفة
ضيقت حياه عينيها بغيظ: ما تبس يا بت إنتي وهي .. دا إيه الاستفزاز اللي ع الفطار دا
سألتها عائشة: يا بنتي كنتي فطرتي أحسن .. الحمل لوحده وبيبجى متعب أنا كان طالع عيني .. إزاي مستحملاه ويَّا الصيام ؟؟ ..
ابتسمت لها حياه: أنا كدا مرتاحه والحمدلله الدكتور قالي عادي بس ما أرهقش نفسي زيادة وأقلل المجهود وقت الصيام وهأبقى تمام .. أضيع أجمل شهر في السنة ليه بقى ؟؟ ..
تدخلت شقيقة جلال الصغرى "سعاد" وقد كانت تعرف حياه من المدرسة رغم أنها تصغرها بثلاث سنوات: ما ممكن تعوضي الصيام دا ف وجت تاني بعد الولادة
ابتسمت لها حياه إبتسامة حالمة: دا جمال الصيام إنه بيبقى ف رمضان وسط اللي بتحبيهم وتجمعيهم وإنتي عارفة أنه الشياطين محبوسين والملايكة محاوطينك وبيدعولك
تمعنت بها شقيقتها: بس لونك مخطوف وشكلك تعبان ..
طمأنتها باسمة: ما تخافيش هو بس عشان طريق السفر مش أكتر وهأبقى كويسه
ابتسمت سعاد: ربنا يجومك بالسلامة
- الله يسلمك يا حبيبتي .. عقبالك
تعالت ضحكات نجلاء فجأة مما أدى إلى استغراب الجميع وسؤالها عن السبب فردت غير قادرة على إيقاف ضحكاتها: كل ما أتخيل شكل حياه لما بطنها تكبر شوية ما أعرفش ليه بأشوف شكل خِله بالعه زتونة
قهقه الجميع، علقت خديجة مازحة: أو عرسة عندها إنتفاخ بردو هههههه
أشارت عليها نجلاء بإبهامها: أيوه صح
دافعت عنها عائشة: حرام عليكوا .. هو بمزاچنا يعني .. دا حمل تَجيل وواعر جوي
كزت حياه على نواجذها: سيبيها يا عيشه .. أنا سايباها بمزاجي
ردت عليها نجلاء بغرور: ولا تقدري تعملي حاجه يا أوختشي
أخرجت لها لسانها: أوختشي؟ .. إنتي كنتي شغاله صبي رقاصة قبل كدا ولا إيه ؟؟
قهقه الجميع، ضيقت نجلاء حدقتيها: إيه الكلام اللي من أيام الحرب العالمية دا ؟؟
ردت سعاد هذه المرة ضاحكة: عالمية ولا عالتالتوميه
ضربات حياه كفها بكف سعاد مشجعة: حلوه دي ههههه
غرق الجميع في نوبات من الضحك، استمر المزاح والمداعبات حتى رُفع الطعام وأعلن الأذان على موعد صلاة العشاء، قرر الجميع الصلاة في المسجد وعقد القران بالمسجد حيث ستصلهم الأصوات من مكبرات الصوت فالمسجد ليس ببعيد، ثم يتوجهون إلى صلاة التراويح.
فيما يتوافد الناس عقب الصلاة؛ النساء إلى المنزل والرجال إلى المسجد يحضرون العقد ويطلقون النيران في الهواء فرحين مهللين.
وقفت حياه بين ذراعي زوجها تعيد ضبط وضعية الجلباب فوق أكتافه والعمامة التي أكسبته مظهراً رجولياً لا تتخطاه العين، مضيفة إلى بنيانه قوة وإلى جسده جلد وقسوة.
همس لها باسماً بخبث: عارفه بأتخيل إيه ؟
ابتسمت: إيه ؟
نظر جهة بطنها وقال: لما الحمل يظهر وتبقي شبه البندا كدا وأجي وأقولك بكل رخامة وغلاسة وسماجة "إيه ياخواتي القمر ده .. أنا بايني أتجوزت فيل"
أغاظتها مزحته جداً لكنها قررت رد الكيل له ثلاثاً، داعبت صدره من فوق القماش قائلة بدلال: عارف ساعتها أنا هأقولك إيه يا حبيبي ؟
اتسعت إبتسامته متوقعاً رداً أشد غيظاً: إيه ؟
وضعت يدها فوق خصرها وضيقت عينيها متمتمة بغيظ: لو مش عاجبك طلقني !
ضرب يدها لتسقط عن خصرها وصفع رأسها من الخلف قائلاً بجدية وثقة: جاتك طلقة ف نفوخ اللي يكرهوكي ..
ثم غمزها بمكر: ما تجيبي بوسه أبت
غرقت في الضحك وقد استغرقهما المزاح حتى إنهما لم يشعرا بالجلبة التي حدثت من خلفهم، فجأة ارتفعت طلقات النيران في الهواء، تلتها جثة سقطت عند قدمي حياه، استقبلت سقوطها أمام عينيها بصرخة مدوية وغرقت الأرض بدماء الضحية.
ركض الغفر يلحقهم محمود وجلال ليلقوا القبض على من بدأ المهاجمة فلم يكن سوى شادي وقد أصيب إصابة بالغة أفقدته الوعي.
أسرع فاروق يأمر عائشة بالإسراع في طلب الإسعاف بينما أنحنى عصام بجوار الجسد الممدد أرضاً يفحصه ويتأكد بأنه مازال على قيد الحياة.
ترقب الجميع إقراره، ارتفعت التنهيدات فهو يتنفس وهناك أمل كبير لنجاته، بكت نجلاء تضم والدتها المصدومة وتقوم رغبة عينيها في النظر إلى جثة والدها المسطحة فوق الأرض بإنتظار وصول سيارة الإسعاف لتنجده.



حضرت أمام طليقها بملابسها القاتمة حزناً على موت جدتها قبل شهرين فيما تُكَذب حاستها السابعة المتنبأة بسبب مجيئه وطلبه الحديث إليها على إنفراد، أطمئنت على انشغال ميّ بألعابها ثم عادت إليه مترقبة.
باغتته بسؤالها: كنت عايزني ف إيه يا خليل ؟
تناول رشفة من كوب الماء الموضوع أمامه فوق الطاولة ثم تنحنح: أنا قررت أطلق منال ..
حدقت به رافعة حاجبيها: وليه كدا ؟
تخلل أصبعه بين عنقه وياقة القميص في توتر: مش مرتاحين وخناقنا زاد الفترة الأخيرة
استفسرت متوجسة الإيجاب: أوعى أكون أنا أو ميّ السبب ف دا !
هز رأسه بالنفي: لا .. هي اللي أتغيرت ف أخر فترة وكأنها أتحولت واحدة تانية
قوست شفتيها شفقة: ربنا يصلح بالكوا ويهدي سركوا .. اصبر وما تستعجلش .. يمكن تكون فترة وتعدي على خير وترجع زي الأول وأحسن كمان
قطب حاجبيه فلم يكن هذا رد الفعل الذي كان بإنتظاره، ظن أنها ستفرح لخبر إنفصاله، لم يتردد ودخل في الموضوع الأساسي لمجيئه: أنا عايز نرجع لبعض تاني يا حنان
أغمضت عينيها فقد صدق حدثها، بعد صمت فتحت عينيها وحدثته بهدوء: وأنت فاكر إني ممكن أرجعلك تاني بعد كل دا ؟
كز على ضروسه: وليه لا ؟
حدقت به متعجبة من شدة غروره، أيظن أن بعد ما فعله بها وتركه لها في أشد المواقف صعوبة أن تعود له عقب إنقشاع الغمة ؟!، أجابته محافظة على هدوءها: خليل .. أنت سبتني ف عز حاجتي ليك .. رمتني ورا ضهرك ولا أكني كنت مراتك ولا تعرفني .. كل اللي ربطنا كانت ميّ لما اختفت بعدت ولما رِجعِت رجعت .. ما عملتش حساب للعشرة ولا للحب اللي كنت واهمني بيه .. يمكن ربنا ابتلاني بفراق ميّ عشان اكتشف حقيقتك .. أنت أسست حياة جديدة مع منال وجبت منها بنت .. ربنا يخليهالكوا
نظر إليها غاضباً: يعني بترفضيني يا حنان؟
أومأت بثقة: أيوه
اتهمها: عشان الدكتور اللي ساكن قصادك مش كدا ؟
تعجبت من مقصده فلم يحدث بينها وبين الطبيب أي إحتكاك يدل على أن هناك أكثر من الجيرة يجمع بينهما، أجابته محاولة إمتصاص غضبه: لا مش عشان حد .. بص يا خليل .. بعد ما أنت سبتني ف وقت لسه ما كنتش فوقت فيه من صدمتي بفقدان بنتي .. أنهرت .. بس لما فوقت لنفسي أخدت عليها عهد إن أيامي اللي جايه هتبقى عشان ألاقي بنتي وأيامي بعد أما ألاقيها هتبقى عشان أربيها وأعوض شوقي ليها، يعني لا أنت أو غيرك هأتجوزه ..
لوى شفتيه هازئاً: يعني قررتي تترهبني ؟
لم تعجبها نبرته لكنها لم تظهر ذلك فأجبته: أحسبها زي ما تحسبها .. بس دا قراري
عاد يستفزها: معقولة هتعيشي من غير جواز ؟
حدقت به تستشف هدفه: وليه لا ؟ .. ما أنا قبل ما أتجوزك كنت عايشه .. وبعد ما سبتني لحد دلوقتي لسه عايشه .. لا نقصت حاجه من غيرك ولا زدت حاجه بيك
عبر عن سخطه: طب وأما أنا وجودي زي عدمه ف حياتك كنتي إتجوزتيني ليه ؟
ابتسمت بثقة: عشان أجيب ميّ .. تقدر تقول قدر
رد بحدة: يعني ف رأيك الراجل مالوش لازمة .. وإن حياتك كاملة من غيره مش كدا ؟؟
إن ضيق أفقه لشديد فكيف لم ترَ ذلك قبلاً .. أجابته: لا أنا ما قولتش كدا .. بس عدم وجوده ف حياتي مش هيخليها معضلة .. هيصعبها شوية لكن مش هيدمرها .. وزي ما فيه بنات عايشين من غير أزواج فيه رجاله عايشين من غير زوجات ..
رجعت نبرة الاستهزاء إلى صوته: طب ما دام حضرتك تقدري تعيشي لوحدك .. والراجل يقدر يعيش لوحده .. كنا بنتجوز ليه .. ولا بنحتاج بعض ليه ؟
أجابته كما تجيب على أسئلة ميّ تماماً، هادئة مسيطرة: عشان استمرار الحياة والنوع ما ينقرضش .. دا كمان أمر ربنا إعمار الأرض .. بس فيه اللي ما بتتوفرلوش الفرصة دي فبيعيش لوحده من غير شريك .. الحياة وقتها مش بتبقى سهلة وبردو مش مستحيلة ..
انتبه لكلماتها وأرهف السمع: إزاي ؟
- الراجل ربنا خلقه بصفات معينة سواء جسدية أو نفسية .. الصفات دي بتساعده على التعامل مع الناس بره والشغل وإنه يشيل ويحط .. يستحمل البهدله والمرمطه .. يعني على طول تسمع إنه فلان كان بيشتغل مثلاً عامل في البنا وكان بيشيل طوب لحد ما وصل وبقى عنده شركة أو محل بيبيع أدوات بنا، لكن عمرك ما سمعت عن واحدة ست كانت بتشتغل شيال !
بس ف نفس الوقت الست ليها دورها وماحدش ينكره .. طعم الأكل من إيديها بيبقى ليه مذاق خاص .. لا تقولي شيف ولا نص شيف .. وبالدليل أنت لحد ما بتتجوز بتبقى بتدور على أكل مامتك .. وأنت مسافر بتبقى عايز تدوق الأكل من إيديها .. هو ما أقدرش أنكر إنه فيه رجاله فعلاً ما شاء الله عليهم نفسهم حلو أوي ف الطبخ .. بس مالهومش صبر .. إلا لو كان شغل ومجبر عليه .. وصاحب المطعم أو المطبخ اللي بيشغله كمان بيبقى مجبر عليه غالباً .. لإنه الست أصلاً طفشانه من بيتها بسبب الطبيخ لما تفكر تشتغل هتشتغل ف الطبيخ بردو ؟؟ .. ما أظنش .. هي ليها لمستها الخاصة ف كل حاجه، مش ساعات تدخل شقة تقول دي شقة عازب .. وتدخل نفس الشقة بعد ما صاحبها يتجوز وتشوفها مختلفة تماماً ؟؟
أومأ في صمت فتابعت: دي بقى لمستها كأنثى .. بتدي روح وبهجة .. بدل ما التربيزة منورها الريموت وفوقيه بنطلون ما أتغسلش م العصر الحجري .. تلاقي مفرش وعليه بوبيونيرة .. أو فازة مليانه ورد .. الستارة لونها ماشي مع السجادة .. مش سجادة خضرا على ستارة تركواز .. بغض النظر إنك ممكن تلاقيها موضة اليومين دول عادي .. دا غير تربية الأولاد بقى والصبر على دا ودا والأسئلة اللي مالهاش أخر .. اللي بتبقى محتاجه صبر وطولة بال ..
أخذت نفساً عميقاً قبل المتابعة: الزوج أو الأب .. بيشيل حمل برا ومشاكله .. والأم أو الزوجة بتشيل أحمال جوا .. بس مش يا كله برا يا كله جوا .. اللي بيقولوا الراجل عليه كل حاجه برا والست عليها كل حاجه جوا .. أو اللي يقولوا الراجل عليه نص برا (شغله) ونص جوا (بيته) والست كذلك، يبقى غلطان ومش فاهم حاجه .. هما الإتنين مسئولين عن برا وجوا بنسبة ما ينفعش تتحدد، اللي يقدر يحددها طبيعة الحياة بين الزوجين وصفاتهم .. يعني مثلاً واحدة عندها خادمين .. هيبقى النص اللي جوا طار ؟ .. طب والزوج العاطل إلى حين ميسرة بردو نصه اللي برا طار ؟؟ ...
"وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة" .. بتيجي منين عظمة الست ؟ .. في إنه لما يرجع مخنوق تبعد عنه العيال ومشاكلهم .. الكهربا اللي فاتورتها جايه عالية والزبال اللي ما جاش والواد اللي عايز درس .. وتطرطق ودانها وتسمع مشاكله بدون ما تديه حل .. أو تديه لو قدرت توصل لحاجه .. ساعات اللي برا المشكلة بيقدر يحلها أكتر من اللي جواها .. دا غير التشجيع والتحفيز .. القوة الداخلية اللي بتديهاله .. تحول له السور العالي لمنط صغير يقدر يعديه
نظر إليها محتداً: يعني أنتوا اللي بتعملونا بقى .. مش كدا ؟؟
ابتسمت بهدوء فسنوات تعليمها للأطفال بالمدرسة أكسبتها الجلد: بأقول "رجل عظيم" .. يعني هو أصلاً عظيم بس محتاج كتف تسنده .. أصل لو هو غبي ولا ما عندوش القدرة أنه يعدي عمره ما هيعدي .. أصلها "امرأة عظيمة" أيوه .. لكن مش ساحرة وسوبر ومان يعني ..
شرد بعيداً وتحدث لنفسه ولكن بصوت مرتفع: معنى كدا أنه حياتك كاملة ومرتاحة
زفرت: لا مش كاملة .. ماحدش حياته كاملة .. وإلا ما كانش الواحد أتمنى الجنة –اللي فيها الكمال الحقيقي- لكن لو قصدك الكمال الدنيوي اللي ما أقدرش أسميه كمال بالمعنى الحرفي فيمكن معاك حق .. ما أنكرش إنه حياتي هتبقى صعبة بس فيه ميّ هتصبرني عليها
باغتها بسؤال أعاد عليها الأوجاع: أنا عارف إنك بتحبي الأولاد معقولة هتكفيكي ميّ ؟؟ إنتي كان نفسك ف دستة ع الأقل من حبك فيهم
ابتسمت إبتسامة لم تصل إلى أذنيها شاردة: ربنا يخليلي الأطفال في المدرسة وميّ عندي بالدنيا
تحولت لهجتها للجدية الباردة: واللي أنت ما تعرفوش أنه مابقتش أقدر أخلف تاني
لاح الفزع على ملامحه بقوة كادت تُفجر عروق وجهه: إزاي يعني ؟
كادت أن تطبق على عنقه لتفتك به علّ ذلك يُثلج قلبها: بعد سنة ونص من طلاقنا .. الدكتور قالي أنه فيه ورم على المبايض .. بس كان بيطور بسرعة وكان فيه اشتباه أنه يتحول لورم خبيث .. الدكتور ساعتها اقترح عليا إننا نعمله استئصال .. بس لأنه كان كبير استئصلوه مع المبيض .. ومابقتش أقدر أخلف
زاغت عيونه بعيداً لا يدري ماذا يقول أو يفعل، فهمت سبب ذلك؛ هي تعلم أنه كان يرغب بالأطفال الكثر يحيطونه بعد وفاة أخيه الأصغر في حادث قبل لقاءها به بعدة سنوات وهي لن تستطيع تحقيق أمنيته فأراد التراجع عن عرضه.
لوت شفتيها اشمئزازاً: روح صالح مراتك وخليك مع بنتك هدى وميّ موجودة ف أي وقت تحب تشوفها أهلاً وسهلاً .. هأقوم أجيبلك حاجه تشربها عقبال ما تقعد مع ميّ شوية
نهضت وتركته متجهة إلى المطبخ إثر منادتها لابنتها حتى تُجالس أبيها، وجدت سعدية تقوم بغسل الصحون فهتفت بها مستنكرة: أنا مش قولتلك ما تعمليش حاجه ؟؟ .. ما بتسمعيش الكلام ليه ؟
هزت سعدية كتفيها مكملة عملها: دول طبجين بس يا ست حنان .. يعني مافيهاش تعب .. دي حتى چمايلك مغرجانه .. دي حاچه بسيطة يعني .. مش جد المجام
ربتت حنان على كتفها: معلش تعبتك وخليتك تسيبي عيالك عشان تيجي تقعدي معايا لحد ما يمشي .. هو بصراحة فاجأني أنه جاي ف الطريق وما كنتش عارفه أعمل إيه .. وأنا لوحدي كدا .. تيته -الله يرحمها- وفتون نقلت شقة مع ممرضة زميلتها في المستشفى اللي شغالة فيها
ابتسمت لها سعدية متفهمة: ما چراچش حاچه يا ست حنان .. دي كلها ساعة هيحصل فيها إيه يعني ؟؟
بان الأسى على ملامحها وهي تهزأ دخلها؛ إن تلك الساعة التي تستهين بها قضت على حلم أولادها الكثر وإجبارها على الإكتفاء بميّ، إن ساعة واحدة حرمتها من الأمومة مرة أخرى.
أعدت العصير وخرجت تضعه أمام خليل، كان يلعب مع ابنته بنصف عقل، كرهته لأنانيته بشدة ولولا وجود ميّ كرابط أبدي بينهما لرفضت رؤيته مرة أخرى بما أشعله داخلها من تقزز.
نبهته بنبرة قاسية ترفض النقاش: بعد كدا لما تحب تشوف ميّ أبقى استناها تحت أنزلهالك .. قضوا اليوم سوا برا .. عشان بقيت لوحدي وما يصحش تجيلي هنا
أومأ محافظاً على شروده ليس لديه الرغبة في المناقشة أو إرسال نظرة حنق، تنهدت حنان مترقبة وقت انصرافه على أحر من الجمر.



رأيكوا ؟ ... النهاية قربت



التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 05-10-15 الساعة 03:08 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-10-15, 02:52 PM   #24

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



الفصل الثاني والعشرون




أرجعت رأسها للخلف تُسندها إلى ظهر الأريكة، تناولت زهرة كفها تربت عليه بحنان والشفقة تملئ عينيها، لا تقدر على قول كلمات لن تقدم ولن تؤخر فقط ستزيد عذاب قلة الحيلة إلى عذاب أختها.
تنهدت نجلاء بحزن: لسه حابس نفسه ف أوضة الضيوف ؟
ردت عليها حياه محدقة في السقف: زي ما هو، خمس شهور ع الحال دا لحد ما خلاااص حاسه إني بأتخنق بالبطئ وإن فيه حبل حوالين رقبتي كل يوم عمال يضيق زيادة
زهرة مواسية: جوزك يا حبيبتي ولازم تصبري .. أكيد هتفرج عن قريب
وجهت نجلاء حديثها إلى زهرة: هو صحيح اللي ما يتسمى دا مات ؟
تشهدت زهرة: أيوه .. مات .. الرصاصة دخلته ف غيبوبة مافاقش منها ..
أشاحت نجلاء بيدها: أحسن .. ربنا ينتقم منه .. ويكون مكانه النار ف جهنم
لامتها زهرة بهدوء: ربنا العالم باللي عملوه وهو العدل اللي هياخد الحق من الظالم ويرجعه لصحابه
ثم أضافت مخاطبة حياه: عرفتي أنه كان بيهرب أثار ؟
نظرت لها حياه وقد أتضحت أمامها معالم الأمر: عشان كدا كان عندنا ف سوهاج !
شهقت نجلاء: يعني مش قواد وقتال قُتله بس لا وكمان مُهرب .. ربنا ينتقم منه
اعتذرت حياه من شقيقتها: أنا أسفة أوي يا زهرة على اللغبطة اللي عملنهالك ..
ضحكت زهرة بهدوء وغمزتها: يظهر مش إنتي السبب ف عدم جوازي لحد دلوقتي زي ما محمود كان بيقول .. شكلي أنا اللي فقرية ههههه
لم تقدر حياه على الإبتسام لكنها شكرت أختها لعدم تحميلها الذنب فيكفيها بل ويفيض تحميل حمزه عليها، انتبهت لبقية الحديث: ع العموم جوازنا كمان شهر ونص .. كل الحكاية بدل ما كنت هنكتب الكتاب وبعدين الفرح هيبقى كله في يوم واحد ..
سألتها نجلاء: إنتي وعصام هتتجوزوا ف يوم واحد ؟؟
ابتسمت لها زهرة: أيوه .. أخوات بقى وكدا هههههه
بادلتها نجلاء البسمة: ربنا يتمملكوا على خير
- آمين يا رب
سألت حياه عن حال سمية فأجابتها نجلاء حزينة: على طول ف أوضتها يا تعيط يا تقرا قرآن وهي بردو بتعيط ...
أشفقت على حال الزوجة المنكوبة: ربنا يصبرها
نهضت نجلاء: أنا هأروحلها بقى .. من ساعة ما مات بابا –الله يرحمه- وأنا قاعدة معاها في البيت وبأحاول أقنعها تيجي تقعد عندي بس مش راضية خااااالص .. وأنا قعدت البيت دي تعبتني .. شايفة بابا ف كل حته حوليا .. أعصابي مش قادرة تستحمل
طمأنتها حياه: مسيرها تهدا وتطلب بنفسها أنها تيجي معاكي .. أول ما تقتنع أنه مش راجع تاني
ودعتها الأختان، أبلغت زهرة شقيقتها أن عصام على وشك المجئ ليقودها إلى منزلهم فوالدها قد أختل نظامه ويرفض تناول الدواء كما أن الحمل زاد على عائشة كثيراً.
ألتمست حياه لها العذر وجلستا تتكلمان حيناً وتصمتان أحياناً، أتى عصام وجلس يطمئن على أحوالها وحاول رؤية حمزه ولكن لا حياة لمن تُنادي، عقب مغادرتهما قررت الإطمئنان على حال زوجها.
وقفت على باب غرفة الضيوف التي أنتقل إليها بعد العزاء؛ هاجراً إياها يحملها ذنب ما حدث، كيف لا وقد كان شادي بعد إصابته يلفظ بأنه كان يريد قتلها هي لما سببته لدمار في حياته، لقد دافع عنها والد زوجها، متلقياً الرصاصة عوضاً عنها وعن ابنها.
جالس على سجادة الصلاة يمسك مُصحفاً بين كفيه تالياً آياته في صمت، جلست أمامه على الأرضية بصعوبة لأن بطنها المنتفخ ذات الشهور الثمانية أو تتخطاها بعدة أيام قد أعاقت حركتها.
لم يلتفت أو يشعرها بأنه انتبه لوجدها، ألمها ذلك لكنها صممت على إنهاء هذا الوضع في هذه اللحظة بأي شكل ومهما كانت العواقب.
بدأت الحديثة محدقة به: حمزه .. أنا فاهمة إحساسك .. صعب أوي تكون متجوز وعايش مع واحدة تحت سقف بيت واحد وهي السبب ف موت والدك –الله يرحمه-، مش هأقول أنا ماليش ذنب .. لإني كفايه أوووي إني أنا اللي دخلته حياتكم بدخولي فيها، كان لازم أفهم إنه أنا غلطتي اللي غلطتها ف لحظة طيش غبي هتفضل لازقه فيا طول العمر وهأفضل عايشه ف نتايجها لحد ما أموت .. عايز تحملني الذنب أنا مش هأمنعك .. بس ما تعملش ف نفسك كدا .. حالتك دي بتوجعني أكتر من بعدك عني .. فوق من اللي أنت فيه .. لو عايز تطلقني أنا موافقة ولو عايز ترجعني لأهلي وتفضلي معلقني من غير طلاق بردو موافقة ولو عايزني أفضل هنا وأعيشخدامة تحت رجليك بردو موافقة بس ما تعملش ف نفسك كدا .. أبوس إيديك
تناولت كفه تقبله لكنه سحبه بعيداً، وضع المصحف جانباً وجذبها إليه يضمها ويمتص حزنها: أنا مش مشيلك الذنب .. أنا عارف أنه دا قدر ومكتوب لكن الأسباب هي اللي بتختلف، هو مكتوبله أنه يموت ف الساعة دي خلاص هيموت سواء بطلقة رصاصة أو عربية معديه أو أزمة تحصله فجأة .. أنا بعدت عنك مش لوم عليكي .. دا عشان تقصيري نحيتك
رفعت عينيها المملؤة بالدمع: تقصيرك إزاي؟ .. مش فاهمة
تنهدت مخرجاً ما اعتمر بداخله: والدي –الله يرحمه- هو اللي قدر يحميكي ويحافظ على حياة ابننا، عرفة يعني إيه كل ما أتخيل إنه لولا إنه أدخل كان زمانك وقتها واقعة بين إيديا غرقانة ف دمك وأخسرك إنتي وابننا من غير ما يكون ف إيدي حاجه ؟؟ .. صعب أوي إنك تحسي إنك المفروض راجل والمسئول عن حماية مراتك وابنك وف الأخر ما تقدرش تعمل دا ... حسيت إني بأموت
تحسست وجنتيه الخشنتين بسبب تركه لذقنه دون حلاقه لعدة أيام، قالت بحنان يغمره الحب: أديك قولتها .. دا مكتوب .. مكتوب إنه الحكاية دي كلها تحصل وأنا وابننا نكون بخير .. حتى لو جات فينا ما كناش هنتأذى لأنه ربنا لسه أمرلنا بعمر .. ما تلومش نفسك يا حمزه، أنت لو كنت تعرف عمرك ما كنت تتأخر ف حمايتنا أنت سيد الرجاله ف عيني .. أنا أصلاً ماعرفتش الأمان إلا معاك .. لما شوفتني أنا ومي مي لما كنا بنتخطف .. أنا كنت مرعبة بس لما شوفتك عرفت .. أطمنت، اتأكدت وقتها إنك مش هتخلي حد مننا يداسله على طرف وهتلحقنا .. بعيداً إننا قدرنا نهرب .. وإني وقتها كنت لسه مش طايقاك بس دا كان موضوع مفروغ منه بالنسبه لي
ضمها أكثر إلى ضلوعه: ربنا رزقني بيكي .. ولحد دلوقتي مش لاقي طريقة مناسبة أشكره بيها
سحبت نفسها على مضض: هتاكل ؟ .. أنا جعانه أووي وابنك جعان خالص بس اتفقنا مش هناكل من غيرك
قهقه وتحسس بطنها شديد الإنتفاخ بالنسبة لوضعها الطبيعي: وأنا كمان هأموت م الجوع
نهضت مستندة على طرف الفراش متمهلة: بعد الشر .. دقايق ويكون الأكل جاهز
انصرفت فيما نهض هو يضع المصحف في مكانه ويطوي سجادة الصلاة بتأني، وصل إلى مسامعه صوت تحطم الأطباق تلاه صراخ عالِ من حنجرة حياه. أسرع راكضاً إليها وقد اعترتها حالة من الفزع لا مثيل لها.
وقفت مستندة إلى أحد الكراسي الموضوع في المطبخ تقبض عليه بشدة بينما يديها الأخر تمسك بطنها، كان هناك سائلاً يشبه المياه يتساقط من بين ساقيها، رفع عينه إلى وجهها جاحظاً عيونه: هو في إيه ؟؟
قوست شفتيها لأسفل وترقرق الدمع بمآقيها وتجعد وجهها مبدياً أنها على وشك البكاء: أنا شكلي بأولد يا حمزه ... عااااااا
وتلت الصرخات هذا التصريح، لم يتوقف إلا بعد خروج الطفل الصغير للحياة عبر والدته حياه، تمت تسميته أحمد ليصبح كالرسول الكريم –صلّ الله عليه وسلم- وكذلك ذكرى من جده أحمد الذي كان أكثرهم اشتياقاً لمقابلته وتعليمه كل ما يخص الحياة لكن شاء الله .. ألا يرى الجد حفيده.




لثم وجنتها سريعاً فقد شعر بتعجلها في الذهاب، ترجلت مسرعة ودلفت عبر البوابة، أخفض رأسه قليلاً يقرأ ما كتب على اللوحة المعلقة " جمعية أحمد العربي الخيرية " ثم ما كتب بخط أصغر أسفلها " صدقة جارية عن روح صاحبها أحمد العربي" اتسعت إبتسامته فخراً بزوجته، فلقد أنشأت هذه الجمعية بعد وفاة والدها متمنية أن تكون الولد الصالح الذي تركه والدها على الأرض فيكون سبباً بإرتقاءها إلى أعالي درجات الجنان.
وقفت مبتسمة في منتصف الحديقة حتى تجمهر حولها الأولاد منتظرين الحلوى التي تسببت في إنتفاخ حقيبتها كما اعتادت، بعد إنتهاءها من التوزيع توجهت إلى مكتبها تباشر عملها ومراجعة الملفات.
لقد شجعتها حنان على الفكرة بشدة فهناك في بلادنا العديد ممن يحتاجون العطف والحنان قبل المساعدة المادية، نمت في رأس نجلاء الفكرة بعد أن ذكرتها حنان بفؤاد أعمال الخير .. لكن ما جعلها تحزم أمرها هو موت والدها فكررت أن تضرب عصفورين بحجر واحد وقررت أن تكون هذه الجمعية هي صدقة جارية عن روحها.
استغرقت في الملفات ودراستها حتى لم تشعر بوصول حنان وأفاقت منتفضة على نغمة حنان الرنانة في طرق الباب، شهقت فزعاً: حرام عليكي خضتيني
جلست أمامها قائلة: بعد الشر عليكي يا بطة من الخضة
سألتها عن الساعة، فأجابت: الساعة أربعه
ضربت جبهتها بمؤخرة كفها: يااااه .. دا الوقت سراقني
نظرت حنان إلى الأوراق المتكدسة أمامها: ربنا يعينك على عمل الخير كمان وكمان
- يا رب .. أومال ميّ فين ؟
- بتلعب برا مع صحابها الجداد .. ما شاء الله عليها قدرة غير عادية في تكوين الصداقات
- ربنا يخليهالك ويحميها .. وحشتني أوي .. وماما نفسها تشوفها جدااا
أشارت إلى عينيها: بس كدا؟؟ .. م العين دي قبل العين دي .. خلاص إحنا عازمين نفسنا عندكوا الجمعة الجايه .. بس هي مامتك عامله إيه دلوقتي؟
تنهدت مرتاحة: الحمدلله أحسن من الأول .. كفايه أنها وافقت أخيراً تيجي تعيش معايا أنا وفادي في بيتنا .. بعد ما تعبت أعصابها في البيت بتاعها وذكرياتها مع بابا –الله يرحمه-
شاركتها حنان الأسى: مع الوقت هتقدر تفوق أكتر من كدا
ثم هتفت بحماس: صحيح البيه أحمد الصغير أخباره إيه ؟؟
ضحكت نجلاء على سيرته: اسكتي دا مطلع عينها .. دا أنا تقريباً ما بقتش بأكلم حياه عشان ما أسمعش عياطه وصريخها هي هههههههه .. ماما بتقول عليه نسخة طبق الأصل من حمزه وهو صغير سواء في الشكل أو في التصرفات .. وهو يسمع كدا من هنا وتبقى الأرض مش سايعاه م الفرحة
قهقهت حنان: وهو يهمه إيه ؟ .. مش بيروح يلاقي أكله جاهز وهدومه نضيفه ومكويه والبيت زي الفُل والواد نضيف وبيلمع
أيدتها نجلاء بشدة: فعلاً معاكي حق
تحولت نبرة حنان إلى الجدية: صحيح قبل ما أنسى .. فيه مأوى عندهم عدد زيادة ومش عارفين يودوهم فين لأنهم مش لاقين مكان فاضي .. لو عندك مكان زيادة ممكن نخليهم يجوا هنا ؟؟
تناولت نجلاء أحد الملفات من الدرج المجاور لقدمها وبعد أن درسته قليلاً أومأت موافقة: فيه أربع أوض لسه فاضيين .. وإن شاء الله على أخر الشهر هنبدأ نحول الجزء اللي ورا المبنى اللي فاضي دا لجناح زيادة يوسع المكان
فرحت حنان بشدة لهذه الأخبار واستأذنت تحادث مدير المأوى ليرسل ما فاض لديه من أشخاص يحتاجون المساعدة، شعرت نجلاء بسلام داخلي، فقد عوضها هذا المكان عن فراغ يومها ومشاعر الأمومة الفائضة لديها ولن تستطيع إشباعها إلا أن تصبح أماً للذين فقدوا أمهاتهم كالأطفال الراكضين بالحديقة خارجاً.




في محافظة بعيدة وعلى وجه التحديد محافظة السويس .. وقفت بملابسها المعتادة التي تكشف مفاتنه وتبرزها، مالت قليلاً وسألت المساعد الأقرب إلى رئيسها: هو البوص فين يا رامز ؟
تأمل جسدها بجوع واضح لكنها لم تعره إهتماماً فقد أصبحت تلك النظرات بلا قيمة من كثرة ما تعودت عليها، أجابها بتمهل واضح حتى يجعلها تقف أمامه لأطول فترة ممكنه: هيكون فين يعني؟ .. جوا ف مكتبه
سارت بدلال وجسدها يتلوى كالأفعى التي يعزف لها صاحبها على المزمار لتخرج من مخبأها، دفعته بظهر كفها ليتنحى عن طريقها، طرقت بخفة على باب الغرفة ثم دفعته ودخلت.
حدقت إلى الرجل الواقف أمام النافذة يتابع حركة السفن فوق الميناء، اقتربت منه وعقدت ذراعيها حول خصره ووجنتها تستند إلى ظهره.
سألته مستفسرة: بتبص على إيه ؟
دون أن يتزحزح أجابها: بأبص ع الشحنة واتأكد إنها وصلت ...
بعد فترة صمت؛ انتصبت معتدلة في وقفتها وأدرته إليها تحدق في عيونه لتعلم صدقه من كذبه، سألته: مالك؟
تنهد وأجابها بصراحة وبدون مواربه: حياه ولدت
لوت شفتيها غيظاً: وأنت مالك ومالها ؟؟ .. ما تولد
رفع حاجبيه في استياء: مالي إزاي؟؟ .. إنتي نسيتي هي تبقى مين واللي جابته دا يبقى مين ؟
أومأت متفهمة ما يقول: لا أنا عارفه كويس هي مين .. بس اللي باستغرب له أنت واهتمامك الزيادة أوي بيها دا
وضع يديه في جيوبه وسألها بصوت بارد كالثلج: ممكن توضحيلي فين الإهتمام الزايد دا ؟
وضعت يديها فوق خصرها: خليت شادي يبطل يطاردها ويسيبها من غير ما تاخد العقاب اللي أنا وأنت عارفينه .. أمرتني إني أهربها وأهرب معاها قبل ما شادي يعمل معاها حاجه تانية .. وأخرهم ..
أشارت إلى نقطة ما في صدره وقد جعلت أصابعها على شكل مسدس: بوووم .. أخدت رصاصة ف صدرك وكنت هتموت .. عشان تفاديها وما تجيش فيها يوم ما شادي أتجنن وهجم عليكوا ف سوهاج ..
أنزل يدها بعيداً عن صدره: قولتلك مية مرة أنا عملت كدا ليه .. حياه دي تبقى مرات ابني وكمان كانت شايله حفيدي في بطنها .. عايزاني أسيب واحد متخلف زي شادي دا يموتهم بسهولة كدا ؟؟
لوت شفتيها باستهزاء: تقوم تعرض حياتك للخطر ؟؟
قابل استهزاءها بسخرية: ما سمعتش عن المثل اللي بيقول "أعز من الولد .. ولد الولد" ؟
عدلت ياقة قميصه بدون داعي متلكئة: يعني ولد الولد هو السبب ولا ...
نفر منها غاضباً عندما أدرك تلميحاتها الملتوية: إنتي أتجننتي باين يا نيفين !، دي مرات ابني .. بلاش الأوساخ اللي ف دماغك دي .. ابني أتجوزها يعني شرفها بقى من شرفي وشرفه
اقتربت تحاول إمتصاص غضبه بدلالها: معلش بقى يا دودوي .. ما أنت عارف يا أحمد أنا بأحبك قد إيه .. وأما صدقت خلصت من مراتك الأرشانه دي ..
أكتفى بأن أدار لها ظهره حانقاً لما لقبت به زوجته، هو يحب سمية بل ويعشقها لكنه متأكداً أنها إذا علمت بحقيقته البشعة ستبتعد عنه وتنبذه فقرر هو الإنسحاب محافظاً على ماء وجهه.
لقد تم حجزه في العناية المركزة لدخوله في غيبوبة امتدت يومان، أفاق طالباً من الممرضة ألا تخبر أحداً باستيقاظه وأعطاها رقم رامز حتى تهاتفه ليأتي إليه فوراً وذلك بالطبع مقابل مبلغاً من المال.
أتى رامز يُلبي نداءه بسرعة، اتفقا على أن يُشاع نبأ وفاته فلقد أتت أخبار مؤكدة ببدأ الشك فيه وأن الشرطة قاربت على كشفه وسيقضي ما بقى له من عمر في غياهب السجون.
سقط في الغيبوبة مجدداً فلم يستطع رامز فعل شئ سوى إنتظار إفاقته مرة أخرى، أفاق بعدها بحوالي عشرة أيام، أعطى مبلغاً لا يُستهان به إلى الممرضة لتصرف جميع من يربضون أمام بابه وتخبرهم في الصباح خبر وفاته، أحضر رامز جسد رجل يشبهه في العمر والبنية العامة بعد أن نقد أهله الأموال الكافية لإغلاق أفواههم، نُقل إلى مستشفى في السويس بواسطة عربة الإسعاف فيما عائلته تبكي منكوبة لفقدانه بسبب شخص لا يساوي شيئاً.
ظل في المشفى حتى قبل أسبوعين فقط، وأثناء غيبوبته قام رامز بدفع بعض الرجال لقتل شادي الذي أصابه طلق ناري نتيجة دفاع الغفير في منزل فاروق عن الموجودين .. يعلم أن شادي ذاك قد رأى وجهه قبلاً، ولمح نظرت الدهشة والذعر ممزوجتين داخل مآقيه فكان الحل الأسلم هو موته ليُبقي هو على حياته وحريته، لقد حاول التخلص من بإبلاغ الشرطة عنه وعن مقر الدعارة الذي يديره لكنه استطاع النجاة، فبدلاً من الإكتفاء بحبسه أصر على الموت ولفظ أنفاسه الأخيرة.
لقد أتجه إلى هذا الطريق ليوفر لزوجته المعيشة التي تليق بها، لكنها أبداً لم تكن لتتفهم ذلك فهي ستقبل أقل مستويات العيش مادام من مشاريع مُباحة وأموال مشروعة.
كان ما يقلقه دائماً هو تخيله لرد فعلها إذا علمت بوجهه الأخر، أُضيف إليها حفيده الصغير الذي أسموه تيمناً به، سخر من ذاته مفكراً .. إذا اكتشفوا بقاءه على قيد الحياة وخداعهم كل تلك السنوات سيصرون على إبقاء الصغير يحمل اسمه؟
أحمد الصغير .. حفيده، يجب أن يبتعد عن الأعين وألا يتم القبض عليه ليراه يكبر حتى توافيه المنية، أكثر ما يجعله متمسكاً بحريته وحياته الهاربة هذه هو ذاك الطفل .. قطع عهداً على نفسه أن يذهب ويراه في أقرب فرصة تُتاح له.
تزمرت نيفين من تجاهله لها، لكنها تدرك أيضاً أنه إذا غرق بأفكاره إلى تلك الدرجة فهذا لا يعني إلا أنه لن يفيق لنفسه أو لمن حوله إلا بعد مرور مدة طويلة ليس لها مدى فانسحبت من الغرفة بهدوء.



كدا فاضل الخاتمة ... مين مستنيها ؟؟
ورأيكوا إيه في المفاجأة دي ؟



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-10-15, 03:05 PM   #25

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



خاتمة الجزء الأول



جلست تأخذ أنفاسها في راحة فقد تعبت حتى جعلت أحمد يستسلم للنوم، سحبت دفترها وقلمها من الدرج المجاور ومدت ساقيها على الفراش، لقد عقدت النية على كتابة أجمل اللحظات التي جمعتها مع زوجها حتى تكون شفيعاً له لديها وقت الخلاف.
لم تكن قد خطت فيه حرفاً زائداً عما قرأه حمزه قبل مدة دون علمها، أمسكت قلمها متنهدة تريد أن تكتب القليل قبل أن يعاود أحمد الاستيقاظ أو يقبل حمزه مطالباً بحصته من الطعام وخلافه من المتطلبات.
سمت الله وقبل أن تضع نقطة واحدة في الدفتر ارتفعت أصداء رنين الجرس معلنة وصول حمزه إلى منزله، انتضت ملقية الدفتر والقلم على السرير، تركض مسرعة لتفتح الباب وتسابق الريح التي ترسل صوت الرنين في أرجاء البيت قبل أن يصل إلى مسامع صغيرها فيستيقظ حينها وبلا شك ستفقد عقلها أو ما تبقى منه على الأقل.
فتحت الباب بملابس المنزل وشعرها متبعثراً حول صفحة وجهها، وجدت حمزه قد قطب جبينه حالما رأها، دخل وأغلق الباب ونظر إليها بعينيه اللتين تقدحان شراراً: إيه اللي إنتي عاملاه ف نفسك دا ؟؟
نظرت لملابسها لتعلم سبب إنفعاله، وجدت بقايا تجشؤ أحمد على كتفها إثر وجبته ونومه، أسرعت تبرر: معلش يا حبيبي يظهر وأنا بأنيم أحمد أتكرع على كتفي
لم يتحرك قيد أنمله قائلاً بغضب يوشك على الإنفجار: مش قصدي على كدا .. قصدي دا منظر تفتحيلي بيه الباب ؟؟
رفعت إليه رأسها وكزت على أسنانها غيظاً: معلش أصلي معرفش إنه جانبك عايزني أفرشلك الأرض ورد وألبسلك بدلة رقص
حاول عدم إظهار إنفعاله بسبب غضبه وأكتفى بقول: رجليك باينه وشعرك .. ودراعاتك كمان .. عرفت إنك بتربي عضلات، لازم كل اللي طالع واللي نازل يعرف يعني ؟
أدركت أن سر حنقه هو الغيرة من أن يراها غريباً بهذا الشكل، استدركت الموضوع وسألته بهدوء كأن شيئاً لم يحدث: أجهزلك الأكل ؟
أجابها متجهاً إلى الغرفة: لو مافيهاش مضايقه يعني .. هأغير هدومي وأجي
دخل إلى الحجرة وبدأ في نزع ملابسه حتى لاحظ دفتر مذكراتها الذي حفظ شكله عن ظهر قلب ملقى بإهمال على الفراش، استشفى أنها كانت تمسكه قبل قدومه ورمته بسبب رنين الجرس، قلب صفحاته فوجد أن حرفاً واحداً لم يكتب منذ أخر مرة قرأ سطوره فأعاده إلى مكانه على وعد بالعودة إليه في وقتٍ لاحق .. ألقى نظرة سريعة على ملاكه الراقد في سرير يجاور سرير والديه، ابتسم بحنان وأنصرف يزيح عنه عناء ومشقة العمل بقطرات من الماء.
وقفت تُعد له الطعام وتضعه في الصحون وإبتسامتها الجذلة لا تنزاح عن شفتيها، كلما غار عليها كلما اشتدت سعادتها ووثقت بحبه أكثر، تذكرت كيف كان وكيف أصبح الآن، إنه يحاول أن يصبح كالزوج الذي تخيلته دوماً إن لم يكن أفضل، لقد داوم منذ عادا من شهر عسلهما على قراءة الكتب الدينية متفقهاً في دينه ليكون قدوة لأولاده مستقبلاً.
كان يتلمس مواطن الخير ويفعلها بل ويشاركها فيها حتى لا يزيد أجره عن أجرها في شئ، كل شهر كان يبدأ في ممارسة عادة جديدة لتصبح من روتين يومه فأولاً بدأ بصلاة السنة التي كثيراً ما كانت تتكاسل عنها .. لحقها قيام الليل ومؤخراً شرعا في الحفاظ على صيام يومي الإثنين والخميس.
يقترب من الله خطوة ويرسخ أقدامه بها ثم يسحبها إليه حتى لا يهتز أحدهما، ليس هدفه أن يظلا سوياً لعدة أعوام بل أن يكملا حياتهما معاً في العالم الأخر بالفردوس حيث لا نهاية أو فراق، ظلت تردد الحمد على لسانها حتى أنتهى من طعامه وانصرف إلى كتابه يكمل قرأته.
تحججت أن وراءها بعض الأعمال المتعلقة برعاية أحمد وانسحبت إلى غرفتها، أمسكت دفترها لتخط بسرعة خواطرها؛ فهي تعلم إن لم تكتب ما في بالها الآن فلن تكتبه أبداً ..
"
ربي غفرلي .. لا ورزقني
بالحب الصح .. حب بجد
زوج صالح بيصحى الصبح على أدان الفجر
يغضب مني لو مرة فاتت عني صلاة العصر
أو كسلت أصلي الفرض
يجبلي كل يوم مصاصه وبونبون
لو زي الشطار صومت معاه كل كام يوم




-هشششش
أوعى حد يقولوا مكان الشــــــــ
-يا حيــــــــــــــــاه
-أيوه يا سي حمزه
-فين خبيتي الشبشب ؟؟ فيه ناس نفسها تتشبشب
-ليه بس يا روح قلبي وضي عينا ونوري وشمسي
قوام خرجني من تحت الكرسي ومسك ودني وقالي:
-ليه ما قرتش الورد يافندي ؟؟؟

والرقية الشرعية
دي كل ليلة واجب مفروض
يقعدني قدامه زي الطالب المفروم
ويبدأ عليا شغل شيوخ .. يسرح ويعيش ف الدور

-طب والسبحه ؟!
-خلاص ماهو سابها
صوابعي عليها بقى بيسبح

كل ليلة أصحى على صوته بيدعي
إنه يعينه على حبي ويقدر يسعدني
فجأة ألاقيني بأبكي بعيني وأدعي بقلبي
ربي عنه ما تفرقني

-راحت فين ؟؟.. تاهت مني!
-إيه هي.. مالك يا بَدرِي!
-دي الطرحة السوده المنقطة زهري
-قصدك دي ؟؟
دي مش طرحة حبيبتي .. دي نقاب يا قلبي
روحي شوفي غيرها .. تداري شعرك مش منه تبين شعرة وخصلة!

-وإيه دا كمان ؟؟
-دا يا حبيبي فستان !!
-لا والله ؟؟ .. دا من غير كومام!
-هألبس عليه يا عيوني بوليرو
-يا قلبي دا ما ينفعوش لا شال ولا حتى كاب
-طب والعمل ؟
-رووووحي غيري .. بدل ما أفتح دماغك الهباب
وأضربك بالقبقاب!

الله أكبر الله أكبر
تكبيرة الصلاة والوقت أهو أزف
لا .. دا مش مسجد .. دا حبيبي بينادي
أصله وقت القيام خلاص دنى
عن إذنكوا بقى أنا ..
ألحق أتوضا وأقف وراه قبل ما يبدأ يتلو القرآن
يرضيكوا يناجي ربنا لوحده ويسبني وحيدة مني للشيطان ؟؟
صحيح قبل ما أنسى ..
دا حلالي .. بعلي حبيبي
في الجنة قبل الدنيا هو شريكي
"
أغلقت دفترها تلحق بصلاة القيام خلف زوجها، وبعد عدة ساعات عندما تأكد من نومها، فتش عن دفترها حتى وجده، فتحه ليقرأ الكلمات، تبسم في سرور وأمسك القلم الموضوع بجواره وكتب لها بخطه المنمق الجميل عبارة دق لها قلبها عندما رأتها بعدها بأيام عندما عاد بينهما الجدال والكثير من المناوشات فأسرعت تضمه تخبره عن حبها متناسية أنه هو من أخطأ في حقها .. فيكفيها أنه خَطَ لها ...
" إني رُزقتُ حبها
"


تمت بحمد الله الجزء الأول .. إلى الملتقى مع الجزء الثاني



كدا الجزء الأول "رزقت الحلال" أنتهى
استنوني بقى في الجزء التاني بعنوان "رُزقَ حبي
"
وشخصيات جديدة كمان
وهنشوف نهاية أبطال رزقت الحلال هيحصل معاهم إيه
ادعولي اتمه على خير عشان انزلهولكوا ف أقرب فرصة
هتــــــــــــوحشونــــــ ـــــي يا قمــــــــراتي القــــــــــــارئات
أشوفكوا على خير




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-10-15, 10:23 PM   #26

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 17-10-15, 08:35 AM   #27

ام وزوجه

نجم روايتي

alkap ~
? العضوٌ??? » 117937
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,614
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » ام وزوجه has a reputation beyond reputeام وزوجه has a reputation beyond reputeام وزوجه has a reputation beyond reputeام وزوجه has a reputation beyond reputeام وزوجه has a reputation beyond reputeام وزوجه has a reputation beyond reputeام وزوجه has a reputation beyond reputeام وزوجه has a reputation beyond reputeام وزوجه has a reputation beyond reputeام وزوجه has a reputation beyond reputeام وزوجه has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

جميلة يالامارا
شكرا على النقل


ام وزوجه غير متواجد حالياً  
التوقيع
اعتذر ان تاخرى فى الردود
وعن اى أخطاء إمﻷئية لانى
اتصل عن طريق الهاتف
رد مع اقتباس
قديم 19-10-15, 09:16 PM   #28

manar_hessen
alkap ~
? العضوٌ??? » 295331
?  التسِجيلٌ » Apr 2013
? مشَارَ?اتْي » 701
?  نُقآطِيْ » manar_hessen is on a distinguished road
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

manar_hessen غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 03:18 AM   #29

ايمي 2009

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية ايمي 2009

? العضوٌ??? » 141281
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 825
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » ايمي 2009 has a reputation beyond reputeايمي 2009 has a reputation beyond reputeايمي 2009 has a reputation beyond reputeايمي 2009 has a reputation beyond reputeايمي 2009 has a reputation beyond reputeايمي 2009 has a reputation beyond reputeايمي 2009 has a reputation beyond reputeايمي 2009 has a reputation beyond reputeايمي 2009 has a reputation beyond reputeايمي 2009 has a reputation beyond reputeايمي 2009 has a reputation beyond repute
Rewitysmile12

السلام عليكم ورحمة الله
شكرا لامارت الغالية على الرواية الرائعة
بجد سارة كاتبة مميزة واسلوها رائع
لا ننحرم جديدكم
سلام وفي امان الله



ايمي 2009 غير متواجد حالياً  
التوقيع

GPIC][/SIGPIC
رد مع اقتباس
قديم 23-12-21, 05:39 AM   #30

noor elhuda
 
الصورة الرمزية noor elhuda

? العضوٌ??? » 412923
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,005
?  نُقآطِيْ » noor elhuda is on a distinguished road
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

noor elhuda غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:35 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.