آخر 10 مشاركات
روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          شهم الطبايع يا بشر هذا هو الفهد *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          ترويض التنين (22) للكاتبة: Kendra Leigh Castle .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          لغط متمرد ج2 من س تمرد وحشي- قلوب أحلام زائرة- للكاتبة: Nor BLack{مكتملة&الروابط} (الكاتـب : Nor BLack - )           »          فرشاة وحشية ج1 من س تمرد وحشي-قلوب أحلام زائرة-للكاتبة: Nor BLack*مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Nor BLack - )           »          1183 - كبرياء متشرد - د.ن ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          1182 - وجهك وضوء القمر ( عدد جديد ) - د.ن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          خلاص اليوناني (154) للكاتبة: Kate Hewitt *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          حب في عتمة الأكــــــاذيب " مميزة و مكتملة " (الكاتـب : Jάωђάrά49 - )           »          مُعَلقّة بـ أسّتَار السّمَاءْ~ (3) *مميزة & مكتملة* سلسلة البَتلَاتْ الموءوُدة. (الكاتـب : البَتلَاتْ الموءوُدة - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات العربية المنقولة المكتملة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-10-15, 06:18 PM   #11

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الحلقة ( 9 )


فى اليوم التالى ذهبت "سهى" الى عملها فى وجوم .. كان يبدو عليها الحزن وعلى عينيها آثار البكاء .. تطلعت "مريم" و "مى" كل منهما الى الآخرى .. لم تتحدث "سهى" طوال اليوم ولم تناكف فى "مى" كعادتها .. فقط انكبت فوق حاسوبها لكن بدا وكأنها لا تحرك الماوس تحت أصابع يدها .. فقط تنظر الى الشاشة شاردة .. ظلت هكذا طوال اليوم حتى آتى موعد الانصراف .. قالت "مى" لـ "مريم" :
- ها خلصتى
قالت "مريم" وهى منهمكة فى علمها :
- لأ لسه .. عايزة ألحق أخلص كل الشغل اللى ورايا قبل سفرى ان شاء الله
سألتها "مى" قائله :
- ليه مش أستاذ "عماد" قالك انك هتشتغلى عن طريق النت
نظرت اليها "مريم" ويبدو على وجهها علامات التعب وقالت :
- أيوة بس أكيد أول كام يوم مش هعرف أشتغل هكون مشغوله مع أهلى .. وعشان كده حابه أخلص جزء كبير من شغلى .. عشان ما أتأخرش فى تسليم الشغل
أومأت "مى" برأسها وقالت :
- ماشى يا حبيبتى .. أنا ماشية بأه أشوفك بكرة
- مع السلامة
خرجت "مى" وألقت "مريم" نظرة على "سهى" لتجدها فى دنيا آخرى تماماً .. نادتها قائله :
- "سهى" .. "سهى"
التفتت اليها "سهى" قائله :
- أيوة يا "مريم"
نظرت اليها "مريم" بقلق وقالت :
- انتى مش هتمشى ؟
قالت بوجوم :
- آه .. لا .. لسالى شويه
لحظات وانفجرت "سهى" فى البكاء .. شعرت "مريم" بقلق شديد اتجاهها فهبت واقفه واتجهت اليها وضعت يدها على كتفها قائله :
- "سهى" مالك فى ايه .. بتعيطي ليه .. "سهى"
حاولت "سهى" تمالك نفسها ووقف بكائها .. أعطتها "مريم" منديلاً من حقيبتها فكفكفت دموعها وقالت بصوت مرتجف :
- مفيش أنا كويسه
جذبت "مريم" أحد المقاعد وجلست بجوارها قائله :
- لا مش كويسه طبعاً .. قوليلى مالك ايه مضايقك يمكن أقدر أساعدك
نظرت اليها "سهى" وقالت :
- مش هتقدرى تساعديني
- جربي
صمتت "سهى" قليلاً ثم قالت بخجل :
- مش هقدر أحكيلك على المشكلة .. بس كل اللى أقدر أقولهولك انى اتهنت اهانه جامده أوى أوى .. والمشكلة اللى تعبانى انى شايفه نفسى غلطت فعلاً واستحق الإهانه دى
نظرت اليها "مريم" قائله :
- طيب طالما شايفه انك كنتى غلط .. يبقى تحاولى تصلحى الغلط ده
قالت "سهى" بمرارة :
- ياريت بس معدش ينفع اللى حصل حصل
قالت "مريم" بهدوء :
- لو معرفتيش تصلحى الغلط .. يبقى على الأقل توقفيه فوراً ومتكرريهوش تانى أبداً مهما حصل
نظرت اليها "سهى" وقالت بأعين دامعه :
- أنا حسه انى واحدة رخيصة أوى .. مش عارفه أعمل ايه وازاى أشيل الإحساس ده من جوايا
ربتت "مريم" على كتفها وقالت :
- "سهى" هكلمك بصراحة لانى بحبك .. ولانى طلبتى منى النصيحة .. "سهى" اعرفى حاجه واحده .. سعادتك فى قربك من ربنا مش فى بعدك عنه .. ربنا مبيحرمش الا الحاجات اللى بتضرنا فعلاً .. هو اللى خلقنا وهو أدرى بينا من نفسنا .. احنا اتخلقنا فى الدنيا دى مش عشان ناكل ونشرب وننام وبس .. لأ .. احنا اتخلقنا عشان نعبد ربنا .. نعبده صح زى ما قالنا .. مش نعبده بمزاجنا .. أكيد كلنا بنغلط .. بس فى فرق بين غلطه وغلطه .. وحتى لو اتنين غلطوا نفس الغلطه .. فى فرق بينهم .. لان الأول ممكن يتمادى فى الغلط ويستمر فيه ويموت عليه ويبعث يوم القيامة عليه .. أما التانى يعمل الغلط ويندم عليه ويبكى من الندم عشان غلط فى حق ربنا قبل ما يكون فى حق نفسه ويقرر انه ميعملش الغلط ده تانى طول عمره وربنا يقبل توبته ويموت وهو مفيش عليه الذنب ده
كانت "سهى" تستمع اليها فى استكانه وهدأت نفسها بعد سماع تلك الكلمات .. قالت "سهى" بشك :
- يعني لو مرجعتش للغلط ده تانى ربنا هيسامحنى أكنى مغلطتش أصلاً
ابتسمت "مريم" قائله :
- أيوة بالظبط كده .. الغلط ده يتمحى تماماً .. بس بشرط .. تكون توبه بجد .. وتندمى بجد .. وتقررى بجد انك مترجعيش لاى حاجه غلط بتعمليها .. وتصلحى من نفسك وتبعدى عن الحاجات اللى تغضب ربنا
أومأت "سهى" برأسها ثم قالت ل "مريم" :
- على فكرة متفكريش ان الموضوع كبير .. لأ دى حاجه بسيطة بس أنا اللى حساسه شويه .. يعتبر مفيش حاجه أصلا بس هما كلمتين بس اتقالولى واضايقت منهم
ابتسمت "مريم" قائله :
- تمام يا جميل .. ولو احتجتى تتكلمى تانى أو تسألى عن حاجه أنا موجوده
ابتسمت "سهى" قائله :
- على فكرة انتى طيبة أوى .. قفل آه .. بس طيبة
ضحكت "مريم" قائله :
- أنا قفل
شاركتها "سهى" ضحكاتها قائله :
- ده القفل يقولك قومى وأنا أعد مطرحك
ثم قالت :
- بس بنت جدعه .. وطيبة .. ومش غلسة وبتحدفى طوب زى "مى"
قامت "مريم" قائله وهى تتوجه الى مكتبها :
- "مى" على فكرة طيبة أوى هى كمان .. لو قربتى منها هتحبيها
جلست "مريم" على مكتبها .. ونظرت اليها "سهى" مبتسمه ثم عادت الى عملها .

******************************************
طرقت "سارة" باب غرفة المكتب الخاصة بـ "مراد" فى الفيلا .. سمعت صوته يدعوها للدخول .. دخلت وأغلقت الباب بهدوء وتقدمت وهى متوترة قليلاً وقالت :
- معلش يا أبيه عطلتك
نظر اليه "مراد" الذى بدا منهمكاً فى قراءة احد الكتب وقال :
- خير يا "سارة"
قالت بإرتباك :
- انت قولتلى هتفكر فى موضوع شغلى فى الشركة
وضع "مراد" الكتاب أمامه على المكتب وبدا عليه التبرم وقال بنفاذ صبر :
- نفسي أفهم هتستفادى ايه
قالت بحنق :
- يا أبيه أنا زهقانه من الأعدة فى البيت ..عايزة أحس انى بعمل حاجه مفيدة .. وبعدين هو أنا هشتغل عند حد غريب .. أنا هشتغل عندك فى الشركة
صمت "مراد" وبدا عليه التفكير .. طال صمته .. ثم نظر اليها قائلاً :
- ماشى يا "سارة" أنا موافق تشتغلى عندى فى الشركة
اتسعت ابتسامتها وقالت بسعادة :
- بجد يا أبيه .. يعني خلاص وافقت
قال "مراد" بحزم :
- أيوة .. بس بشرط هتشتغلى فى المكان اللى أنا أحدده
أمأت رأسها وقالت بحماس :
- ماشى يا أبيه موافقه
قال "مراد" وهو يعود أخذ الكتاب من فوق المكتب :
- خلاص بكرة ان شاء الله جهزى نفسك عشان ننزل سوا
قالت مبتسمه بحماس :
- ماشى .. شكراً يا أبيه


***********************************

قالت "نرمين" لـ "سارة" بسخرية وهما جالستان فى غرفة هذه الأخيرة :
- والله .. طيب كويس أوى انه حن واتعطف واتكرم عليكي ووافق انك تشتغلى فى شركته
ضحكت "سارة" وصفقت بيدها قائلاً :
- مش مصدقه .. الحمد لله انه وافق
قالت "نرمين" بحنق :
- أنا مش عارفه ايه السجن اللى احنا عايشين فيه ده .. ما البنات بتشتغل عادى وبيخرجوا لوحدهم عادى .. اشمعنى احنا يعني اللى محبوسين كده .. مبنخرجش الا مع "مراد" أكننا أطفال فى الحضانه .. هانت والسنة تبتدى فى الكلية وأخرج أشم نفسي شوية
ابتسمت "سارة" قائله :
- آل يعني لما تروحى الجامعة هتشمى نفسك .. "مراد" بيخلى السواق يوصلك ويرجعك ومش كدة وبس بيعرف كل مواعيد محاضراتك وسكاشنك
قالت "نرمين" بحنق :
- بس على الأقل هشوف ناس غيركوا .. دى حاجه صعبة أوى حسه انى مش بنت زى باقى البنات .. ده ولا السجن يا شيخة ايه ده
قالت "سارة" بهدوء :
- بصى هو "مراد" بيخاف علينا عشان بنات .. وانتى شايفه أصلاً البلد دلوقتى مش أمان خالص .. وكل شوية نسمع عن حوادث خطف واغتصاب وقتل وسرقة يعني هو معذور برده فى خوفه علينا
قالت "سارة" بغضب :
- بس مش كده يفكها شويه .. فيها ايه يعني لما تشتغلى فى الشركة ليه كل التفكير ده .. وايه المشكلة يعني لما نروح نزور صحباتنا ليه دايماً هما اللى ييجوا يزورونا واحنا مبنزورش حد .. ده حتى الخروج مش بيوافق عليه .. بالله عليكي دى عيشة .. دى عيشة تخنق بجد .. ده أنا مش عارفه أصلاً هنتجوز ازاى لا حد بيشوفنا ولا بنشوف حد .. حتى صحابه لما بييجوا يزوروه بيفرض علينا حظر تجول لحد ما يمشوا
قالت "سارة" بضيق :
- أهى دى الحاجه الوحيدة اللى مضيقانى
ابتسمت "نرمين" بخبث وقالت :
- بس طلعتى مش سهل يا سارة
- تقصدى ايه ؟
- يعني .. الراجل معدش بييجى قولتى تروحيله بنفسك
صاحت "سارة" بحنق :
- ايه تروحيله دى متنقى ألفاظك .. اخرجى يا "نرمين" شوفى حاجه اتسلى بيها غيري
قامت "نرمين" وقالت بتهكم وهى تغادر الغرفة :
- ده على أساس ان التسليه ماليه البيت

*******************************************

ذهبت "مريم" الى دار المسنين حيث تعيش والدة "ماجد" .. دخلت غرفتها .. وجدتها كما تتركها كل مرة .. نائمة على فراشها تنظر الى سقف الغرفة ويبدو أنها تسبح فى عالم آخر .. جلست بجوارها ومررت يدها على شعرها وقالت بحنان :
- ازيك يا ماما .. أخبارك ايه .. ماما .. ردى عليا .. أنا "مريم" .. "مريم" مرات "ماجد"
بدا وكأن المرأة لا تسمعها ولا تلفت اليها .. أكملت "مريم" وهى تنظر اليها بأسى :
- كان نفسي أعرف أخدك معايا يا ماما .. كان نفسي تكون صحتك اتحسنت وأقدر أسفرك معايا .. أنا مسافرة يا ماما .. مسافرة النجع .. أهل بابا الله يرحمه عرفوا طريقى .. وجولى .. وعايزنى أعيش معاهم .. وأنا خلاص كلها كام يوم وهسافرلهم
فجأة وجدتها "مريم" ولأول مرة تحرك رأسها تجاهها وتنظر اليها .. ابتسمت "مريم" بفرح وقالت :
- ماما انتى سمعانى مش كده .. فاهمة أنا بقولك ايه .. مش كده
ظلت المرأة تنظر اليها بدون أن تتكلم .. فأكملت "مريم" بحماس :
- ماما كلميني .. طيب هزى راسك .. أنا حسه انك فهمتيني لما قولتلك انى مسافرة النجع
تجمعت العبرات فى عين المرأة .. وبدا عليها التأثر الشديد .. مسحت "مريم" على رأسها وقالت لها بحزن :
- عارفه ان جرحى وجرحك كبير أوى .. بس أنا عايزاكى تتحسنى يا ماما .. احنا الاتنين ملناش الا بعض .. أنا عارفه ان نفسك ترجعى النجع تانى .. البلد اللى اتولدتى فيها وعشتى فيها .. وعشان كده عايزاكى تتحسنى عشان أقدر أخدك تعيشي معايا
ثم أكملت قائله بإبتسامه :
- أنا هبقى على تواصل مع مديرة الدار .. وكمان أكيد هاجى أزورك ان شاء الله .. والمرة الجاية الى أشوفك فيها تكونى اتحسنتى وأقدر أخدت معايا
قبلت "مريم" يد المرأة ووجنتها .. بدت نظرات المرأة اليها حانية للغاية .. ولاح شبح ابتسامه على شفتيها .. ابتسمت "مريم" بسعادة وهى ترى هذه الإستجابه منها .. توجهت الى مديرة الدار وأعلمتها بأمر سفرها وأخبرتها "مريم" أنها ستستمر فى الاتصال بها حتى تستطيعالإطمئنان على حالة والدة "ماجد" .. خرجت "مريم" من الدار ووجدت فى الخارج صندوقاً للصدقة من أجل الدار فتحت حقيبتها وأخرجت منها ما يسره الله لها ووضعته فى الصندوق بنية شفاء والدة "ماجد" .. كانت "مريم" تعلم حديث النبي صلى الله عليه وسلم "داووا مرضاكم بالصدقة" .. دعت لها أن يشفيها الله عز وجل وتعود الى رشدها مرة أخرى

كانت الزيارة التاليه هى الأصعب على نفس "مريم" لكنها أصرت عليها .. توجهت الى المقابر حيث دفن "ماجد" رفعت يديها ودعت الله له كثيراً والعبرات تنهمر من عينيها لتغرق وجهها .. ظلت واقفة وسط المقابر تنظر الى تلك القبور التى حولها .. يا الله كل هؤلاء فقدوا حياتهم وأرواحهم وتركوا خلفهم أمهات وآباء وأبناء وزوجات .. وأولئك سيلحقون بهم بدورهم .. كل فى ميعاده الذى كتبه الله له .. ظلت تنقل بصرها من قبر الى آخر وهى تتسائل ما الذى يدور داخل كل قبر الآن .. من من هؤلاء يتعذب بعمله ويتحول قبرة الى حفرة من حفر النار .. ومن يجازى بعمله الطيب ويتحول قبره الى روضة من رياض الجنة .. شعرت بالتأثر الشديد .. ظلت تدعو لـ "ماجد" ووالدها ووالدتها وأختها ولكل موتى المسلمين .. ثم أخيراً استدارت لتنصرف وهى تشعر أن فى قلبها جرحاً كبيراً تأمل أن يندمل يوماً ماً.

*******************************************
كانت والدة "صباح" تجهز العديد من أنواع الطعام المختلفة .. وتضعها فى المبرد .. دخلت عليها "صباح" قائله :
- اييه كل الوكل ده ياماى .. احنا عازمين جبيله ولا اييه
ابتسمت لها أمها قائله :
- لا يا بنيتى .. بنت خوكى .. "مريم" .. جايه كمان كام يوم .. ولازمن نستجبلها امنيح
قالت "صباح" بتبرم :
- اييوة بس مش كل ده يعني .. أصلاً بوى جال انها سفيفه يعنى ملهاش فى الوكل
قالت لأم بغضب :
- اييه الكلام اللى عاتجوليه ده يا "صباح" .. امشى انجرى شوفيلك حاجه اعمليها .. لسه البيت عايزين نجلبه فوجيه تحتيه .. يلا يا بت مبتصليش اكده
قالت "صباح" بتهكم :
- والهانم بجه كانت بتشتغل اييه فى مصر
ابتسمت أمها قائله :
- مخبرش بس باين عليها بتشتغل شغلانه مهمه لانها جالت لابوكى ان فى يدها مصالح ناس متجدرش تسيبهم وتمشى من غير ما تجولهم .. وكمان أبوكى جالى انها باين عليها متنورة ومتعلمه امنيح
خرجت "صباح" من المطبخ متبرمه وهى تتمتم بحنق :
- آني أحسن منيها مليون مرة


*******************************************

دخل "طارق" الى مكتب "مريم" رفعت "مى" رأسها لترى القادم .. خفق قلبها بشدة عندما رأت "طارق" أمامها .. نظر "طارق" الى مكتب "مريم" الخالى ثم تطلع الى الفتاتان قائلاً :
- مساء الخير .. هى مدام "مريم" مش موجودة
شعرت "مى" بالخجل من أن تطلع اليه .. كانت تخشى أن تفضح عيناها ما يعتمل بداخلها فخفضت بصرها قائله بصوت خافت :
- فى مكتب أستاذ "عماد" شوية وراجعه
ابتسمت له "سهى" قائله :
- على فكرة هى مش مدام
نظرت اليها "مى" بحده .. التفت اليها "طارق" قائله بإستغراب :
- بس هى قالتلى انها متجوزة .. يعني مكتوب كتابها وفى دبلة فى ايدها
قالت "سهى" مبتسمه :
- أيوة كان مكتوب كتابها وخطيبها اتوفى من زمان
نظر اليها "طارق" بدهشة وقال :
- يعني هى مش مكتوب كتابها
قالت "سهى" وهى تتفحص تعبيرات وجهه بخبث :
- لأ زى ما قولتلك جوزها مات
قالت "مى" بحده وقد شعرت بالضيق الشديد لكثرة أسئلته عن "مريم" :
- لو سمحت هنا مكان شغل مش عشان نتكلم فى خصوصيات
التفت اليها "طارق" قائلاً :
- آسف مكنتش قصدى أتكلم فى خصوصيات
فى تلك اللحظة دخلت "مريم" الى المكتب .. التفت اليها "طارق" وابتسم ابتسامه واسعة .. نظرت اليه "مريم" دون أن تبادله الإبتسام ثم جلست الى مكتبها قائله بجديه :
- اتفضل يا أستاذ "طارق"
جلس "طارق" وهو لا يرفع نظره عنها .. شعرت بالضيق من نظراته المثبته عليها .. أخرجت ملف وحاولت بسرعة انهاء المقابله .. تطلع "طارق" الى الملف ثم قال مبتسماً :
- زى ما توقعت شغل من الآخر
ثم نظر اليها قائلاً :
- انتى مكسب لأى شركة تشتغلى فيها
شعرت "مريم" بالضيق من كلماته ومن نظراته ومن وجوده .. كانت نظرات "مى" مثبته عليهما وعلامات الحنق والضيق على وجهها .. أما "سهى" فكانت تنظر اليهما مبتسمه بخبث .. قالت "مريم" بجديه :
- لو مفيش تعديلات يبقى خلاص هنبتدى طباعة ان شاء الله من 3 ل 6 أيام وحضرتك تستلم الشغل
قال وهو ينهض :
- خلاص تمام ان شاء الله أشوفك بعد 3 أيام
نظرت اليه "مريم" وقالت بحزم :
- قولت من 3 ل 6 يعني الأفضل حضرتك تنتظر لما أبعت ميل بإن الأوردر وصل بدل ما حضرتك تيجي على الفاضى
نظر اليها نظره أشعرتها بالخجل فأخفضت بصرها .. قال مبتسماً :
- أفضل آجى بنفسي .. متشكر على الشغل الجامد ده
خرج من المكتب .. فهتفت "سهى" بمرح :
- يا سلام على التثبيت اللى كان عيني عينيك ده
التفت اليها "مريم" بحنق وقالت :
- "سهى" ايه اللى بتقوليه ده
قالت "سهى" ضاحكة :
- يا بنتى مشوفتيش كان بيبصلك ازاى .. لا وايه "أفضل آجى بنفسي"
قاطعتها "مى" بغضب قائله وهى تنهض من على مكتبها :
- "سهى" كفاية لو سمحتى .. "مريم" مبتحبش الاسلوب ده
قالت ذلك وخرجت من المكتب بعصبيه .. رفعت "سهى" حاجبيها بدهشة قائله :
- مالها دى
شردت "مريم" وهى تفكر فى سبب غضب وعصبية "مى" بهذا الشكل

*****************************************

دخلت "سارة" مع "مراد" الى أحد المكاتب .. كان مكتباً صغيراً فى حجرة صغيره .. التفت اليها "مراد" قائلاً :
- مهمتك يا "سارة" هى انك تدخلى كل المعلومات اللى فى الملفات دى على الكمبيوتر
أشار الى كومة من الملفات على المكتب وأكمل قائلاً :
- هبعتلك السكرتيرة تشرحلك بالظبط هتدخلى البيانات على البرنامج ازاى .. وبعدها تشتغلى لوحدك
قالت "سارة" بضيق :
- يعني شغلى هيكون فى الأوضة دى بس يا أبيه
قال بجديه :
- أيوة .. مش هتحتاجى أى حاجه تانيه .. الملفات موجودة والكمبيوتر موجود
قالت "سارة" برجاء :
- طيب يا أبيه مفيش شغله تانيه ممكن أعملها غير دى .. دى حاجه ممله أوى
قال "مراد" بحزم :
- احنا اتفقنا انك هتشتغلى الشغلانه اللى هخترهالك .. يلا اتفضلى على المكتب وهبعتلك السكرتيرة دلوقتى
جلست "سارة" على مكتبها واجمه .. نظرت الى الملفات على مكتبها وهى تقول فى نفسها " أنا اللى جبت ده كله لنفسي"

*******************************************

دخل "مراد" الى مكتبه .. وبعد دقائق حضر "طارق" الذى جلس قبالته على المكتب وهو يقول :
- ايه الأخبار .. المحامى عمل ايه مع "حامد"
قال "مراد" بهدوء وهو يتفحص الملفات أمامه :
- خلاص فضينا الشراكة ودفعنا الشرط الجزائي
قال "طارق" بإرتياح :
- أحسن غار فى داهيه
وضع الملف الذى فى يده أمام "مراد" الذى نظر اليه قائلاً :
- ايه ده ؟
ابتسم "طارق" قائلاً :
- ده شغل الفنانه اللى ماسكلنا الحملة
أخذ "مراد" الملف وتطلع الى التصميمات بإمعان .. ثم قال :
- تمام .. ممتاز
شرد "طارق" قليلاً .. تطلع اليه "مراد" قائلاً :
- هنبدأ امتى
قال "طارق" :
- متقلقش احنا مجهزين كل حاجه وعلى أول الاسبوع ان شاء الله كل الناس هتعرف اسم الماركة بتاعتنا
أومأ "مراد" برأسه وترك ملف التصميمات وعاد الى تفحص الملف الذى أمامه .. نظر اليه "طارق" قائلاً :
- "مراد" عايز أسألك على حاجه
قال "مراد" دون أن يرفع نظره اليه :
- اسأل
بدل على "طارق" التردد قليلاً لكنه قال :
- ازاى تلفت نظر واحدة ليك .. اذا كانت قفله كل الأبواب فى وشك
تطلع "مراد" الى "طارق" فى صمت .. ثم ابتسم قائلاً :
- هى مطلعه عينك أوى كده
ابتسم "طارق" قائلاً:
- بصراحة أيوة .. يعني حتى الكلام مش عارف أتكلم معاها .. بحسها انها بتقطم فى الكلام .. وكلامها ناشف وجد أوى
صمت "مراد" وأخذ يفكر قليلاً ثم قال :
- طيب خلى بالك ليكون فى حد فى حياتها
قال "طارق" بثقه :
- لأ مفيش .. هى كان مكتوب كتابها وبعدين مات من فترة .. وهى مش مرتبطة دلوقتى
قال "مراد" :
- بص يا "طارق" أنا مبحبش اللف والدوان .. أنا مليش الا فى الكلام المباشر .. يعني أنا لو مكانك هروحلها وأقولها أنا معجب بيكي .. وعايز أتقدملك .. ده لو انت فعلاً معجب بيها وسألت عنها كويس وواثق من أخلاقها وواثق انها انسانه كويسه وتصلح زوجه ليك
فكر "طارق" قليلاً ثم قال :
- يعني رأيك أقولها كده خبط لزق انى عايز أتجوزها على الرغم من انها مش مديانى وش خالص
قال "مراد" وهو يعاود فحص الملفات التى امامه :
- أنا قولتلك لو أنا مكانك كنت هعمل ايه .. انت حر بأه اختار الاسلوب اللى يناسبك .. لكن أنا بحب أجيب من الآخر
أخذ "طارق" يفكر فى كلام "مراد" .. وقد بدأ يميل الى وجهة نظره.

*****************************************

عاد "مراد" الى بيته وبصحبته "سارة" التى أشارت لها "نرمين" للذهاب الى غرفتها .. نظرت اليها "نرمين" وقالت بمرح :
- ها قوليلى عملتى ايه .. شوفتى "طارق"
ألقت "سارة" حقيبتها على السرير وقالت بحنق :
- لأ مشفتش حد .. مشفتش أى حد .. لا "طارق" ولا غير "طارق"
قالت "نرمين" بدهشة :
- ازاى يعنى
صاحت "سارة" بغضب :
- أخوكى دفنى فى مكتب فى آخر دور فى الشركة .. وأعدت طول النهارد أدخل أرقام على البرنامج بتاع الشركة لما خلاص جالى حول
ضحكت "نرمين" بسخرية قائله :
- كان لازم أتوقع كده .. أنا برده استغربت لما "مراد" وافق .. قولت يمكن تعبان ولا حاجه .. لكن كده اتأكدت انه سليم
جلست "سارة" على فراشها قائله :
- يعني لا شوفت "طارق" .. ولا شكلى هشوفه .. وبالمنظر ده شكلى هتعمى قريب ومش هشوف حد أصلاً
ضحكت "نرمين" وربتت على كتفها قائله :
- لينا الجنة يا بنتى لينا الجنة .. أنا راحه أوضتى
دخلت "نرمين" غرفتها .. لتجد هاتفها يرن .. ردت قائله :
- السلام عليكم
أتاها صوت رجل عبر الهاتف :
- ألو .. الآنسه "نرمين"
قالت "نرمين" بإستغراب :
- أيوة أنا .. مين حضرتك
قال الرجل بصوت رخيم :
- أنا واحد عارفك بس انتى متعرفيهوش
قالت "نرمين" بحده :
- انت بتستهبل
قال الرجل :
- لأ مش بستهبل تحبي أثبتلك
قالت بحده :
- أنا هقفل السكة .. متتصلش هنا تانى
قال الرجل بسرعة قبل أن تغلق الخط :
- اسمك "نرمين خيري" وأخوكى الكبير "مراد" و عندك أخت أكبر منك اسمها "سارة" ووالدك متوفى .. وانتى فى آخر سنة فى الجامعة .. وعندك 22 سنة
قالت "نرمين" بإستغراب شديد :
- انت عرفت المعلومات دى كلها ازاى .. انت مين بالظبط ؟
قال الصوت هامساً :
- أنا معجب
قالت بسخريه :
- نعم .. معجب !
قال بنفس الصوت الهامس :
- أنا مش معجب بس أنا عاشق ولهان
قالت "نرمين" بحده :
- لو ماقولتش انت مين هقفل السكة
قال الرجل :
- بكرة تعرفى انى مش بعاكس يا "نرمين" .. وانى فعلا معجب بيكي .. وحابب أتعرف عليكي
قالت بحده :
- أنا مبتعرفش على حد
- أنا مش أى حد يا "نرمين أنا الراجل اللى هيبقى جوزك .. يعني تتكلمى معايا بإسلوب أحسن من كده
أغلقت الخط فى وجهه وهى تشعر بالدهشة من جرأة ذلك الرجل الذى يعرف عنها كل شئ .. جلست شاردة تحاول أن تخمن من يكون هذا الرجــل !

*************************************

تقابلت "صباح" مع "جمال" فى مكانهما المعتاد خلف أحد الأبنية التى لم يتم الانتهاء من بنائها .. قال "جمال" وهو يمعن التفكير :
- يعني هيا هتيجي كمان كام يوم .. وهتعيش حداكوا على طول
قالت "ًصباح" :
- بوى جال انها هتعد شهر وبعدين تشوف هتعد حدانا ولا هترجع مصر
نظر اليها "جمال" قائلا :
- شكلها اييه .. حلوة ؟
صاحت "صباح" بغضب :
- مالك انت حلوة ولا مش حلوة .. ان شاء الله تطلع قرد مسلسل انت مالك
قال "جمال" ضاحكاً :
- انت بتغيري ولا اييه
قالت "صباح" بحده :
- "جمال" آنى روحى فى مناخيري كفاية عليا المحروسة اللى عمالين يستعدوا لاستجبالها ولا كأن الوزير هيزورنا
قال "جمال" ساخراً :
- طبعاً مش بنت "خيري"
ثم أكمل بغل :
- "خيري" اللى ضيع مستجبل عمى واتشرد بسببه
قالت "صباح :
- تانى يا "جمال" ليه بتفتح الموضوع ده تانى عاد
قال "جمال" ببرود :
- خلاص جفلنا عليه
اقتربت منه "صباح" قائله :
- "جمال" آنى بدى نتلم فى بيت واحد بجه
قال لها "جمال" بنفاذ صبر :
- يووووه انتى يا معندكيش حكى الا حكى الجواز ده
صاحت "صباح" بغضب :
- اييوه آنى كنت حسه من الأول انك بتلعب بيا يا "جمال" .. كنت عايزنى أجيبلك أخبار الخلج حدانا مش اكده .. ومبدكش تتجوزنى واصل .. آنى اللى غلطانه أصلا وأستاهل ضرب التييييييت انى سمحت لواحد من عيلة "الهوارى" انه يجرب منى وهو مكنش يحلم يشوفنى حتى فى منامه
صاح "جمال" بتهكم :
- ليه فاكره نفسك مين عاد يا "صباح" .. متفوجى لنفسك وشوفى انتى من عيلة مين وآنى من عيلة مين .. انتى فاكره انى ممكن أتجوز واحدة من عيلتكوا .. ده انتوا أساساً عيلة تييييييييييييييت ومستحيل أتجوز منيكوا
دفعته "صباح" بيدها بغضب وقالت :
- والله العظيم لنتجم منيك يا جمال بكرة تشوف صباح هتعمل فيك اييه
دفعها "جمال" بيده قائلا :
- ابجى وريني هتعملى اييه .. هتروحى تجولى لأبوكى "جمال" كان بيسرح بيا يابوى .. عشان خوكى "عثمان" يفرغ طبنجته فى راسك ونرتاح منيكي
قال ذلك وانصرف .. وتركها تتلوى من الغضب والحقد والرغبة فى الإنتقام لكرامتها المهانه .


*****************************************
خرج "مراد" من شركته وطلب من السائق ايصال "سارة" الى الفيلا .. ثم التفت اليها قائلاً :
- مش هروح دلوقتى هتمشى شوية
- طيب والعربية يا أبيه
- مش مشكلة هاخد تاكسي
سار "مراد" فى شوارع القاهرة وتحت سمائها .. جلس على أحد الكافيهات المطلة على النيل .. وأخذ يتطلع اليه متئملاً ما حوله .. أخرج من جيبه دفتر صغير وقلم أنيق .. ظل يسطر بضع كلمات .. سرقه الوقت .. واندمج فى الكتابه .. كان متنفسه الذى يعشقه .. هو الكتابه .. كلما شعر بالرغبة فى البوح بمكنونات نفسه أخرج دفتره وقلمه ودون ما يشعر به من مشاعر وأحاسيس خفيه .. لا يعلمها الا هو وربه .. دفتر وراء دفتر .. حتى تجمع لديه أعداد كبيرة منها .. يحتفظ بها فى خزينة مكتبه .. كان يبدأ فى الكتابة بحال وينتهى بحال آخر .. كانت دائماً تريحه وتزيل حمل كتفيه الثقيل .. كان يشعر بنفسه أخف وبقليه أرق .. أطلق تنهيده عميقه .. وأخذ ينعش رئتيه بالهواء المنعش الذى يهب فى تلك الليلة الساحرة .. سمع صوت ضحكات طفل صغير .. التفت فوجد على بعد خطوات زوجين بصحبة ابنهما الصغير .. كان الصغير يضحك بمرح لمداعبة والده له .. نظر اليهم "مراد" مبتسماً .. كان كلما زاد الرجل من مداعباته زاد الصغير من ضحكاته واتسعت ابتسامة "مراد" أكثر .. بعد فترة أخذ الصغير يتلهى بالطعام أمامه وانشغل به .. فاقترب رأسى الزوجان من بعضهما البعض .. هو هامساً وهى مستمعه مبتسمه .. أشاح "مراد" بوجه عنهما وقد شعر بغصه فى حلقه .. ووغزة فى قلبه .. وقال في نفسه "ما شاء الله لا قوة إلا بالله" خشية أن يحسدهما دون أن يقصد .

فى الصباح صلت "مريم" صلاة الإستخاره للمرة التى لا تتذكر عددها .. وارتدت ملابسها واستعدت لإستقبال عمها "عثمان" الذى حضر بسيارته الفارهه وحمل حقائبها الى السيارة .. جلست بجواره فى المعقد الأمامى وهى تبتسم بسعادة فها هى مقبلة على موطن والدها وبيته وعائلته .. شعرت بأن السعادة قد آن أوانها .. تُرى هل كان شعورها صحيحاً أم خاطئاً ؟!





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-10-15, 06:43 PM   #12

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 10 )


فى الصباح صلت "مريم" صلاة الإستخارة للمرة التى لا تتذكر عددها .. وارتدت ملابسها واستعدت لإستقبال عمها "عثمان" الذى حضر بسيارته الفارهه وحمل حقائبها الى السيارة .. جلست بجواره فى المعقد الأمامى وهى تبتسم بسعادة فها هى مقبلة على موطن والدها وبيته وعائلته .. شعرت بأن السعادة قد آن أوانها .. تُرى هل كان شعورها صحيحاً أم خاطئاً ؟!
كان "عثمان" صامتاً معظم الوقت .. لم يتحدث الا قليلاً .. وكانت هى لا ترغب فى ازعاجه بكثرة حديثها وأسئلتها .. فالتزمت الصمت .. وصلت "مريم" الى النجع بعد عناء السفر .. كان فى استقبالها جدها وجدتها .. خرجت من السيارة معانقة اياهم بشدة .. قالت جدتها وهى تبكى :
- بنت ولدى الغالى .. يا حبيبي يا ولدى .. الله يرحمك يا "خيري" .. ويرحم مرتك وبنتك
ترقرت العبرات فى عيني "مريم" وأخذت تتساقط على وجهها الذى تبدو عليه علامات التأثر .. أدخلاها الى البيت ... كان بيتاً كبيراً له مذاق وطابع خاص .. جلست بين جدها وجدتها التى قالت :
- بصيلي عشان أملى عنيا بشوفتك يا حبيبة جلبي .. ما شاء الله عليكي .. ربنا يحرسك يا بنيتى .. ربنا يحرسك
خرجت "صباح" لترحب بـ "مريم" .. قال "عبد الرحمن" مشيراً الى "صباح" :
- "صباح" عمتك يا بنتى .. أخت بوكى الله يرحمه
ابتسمت لها "مريم" وقامت لتسلم عليها .. تفحصتها "صباح" من رأسها الى أخمص قدميها .. وقبلتها بشئ من البرود .. قالت لها "مريم" بسعادة :
- أنا فرحانه أوى انى شوفتك يا عمتو
شهقت "صباح" قائله :
- عمتو ايه عمتو دى .. انتى عنديكي كام سنة
شعرت "مريم" بالإرتباك قائله :
- عندى 30 سنة
قالت "صباح" بتهكم وإستفزاز :
- آني بجه عندى 22 سنة .. يبجى مين اللى يجول للتانى يا عمتى
ابتسمت "مريم" قائله :
- معلش مكنتش أعرف سنك .. جدو ما قاليش .. وأنا مش بعرف أحدد سن اللى أدامى معلش متضايقيش منى يا "صباح"
قالت "صباح" ببرود :
- خلاص محصلش حاجه
قالت والدة "صباح" :
- يلا يا بنيتى روحى حضرى الوكل زمان "مريم" على لحم بطنها
قالت "صباح" بتأفف :
- حاضر يا أماى
جلس الجميع على الطاولة .. قالت جدتها وهى تضع الطعام أمامها :
- كلى يا بنتي .. كلى امنيح
ابتسمت "مريم" قائلاً :
- باكل يا تيته .. أنا أكلتى ضعيفة أصلاً
قالت "صباح" بسخرية :
- تيته !
قالت "مريم" بإرتباك :
- طيب أقولها ايه
نظر اليها "عبد الرحمن" قائلاً بسعادة :
- جوليلها زى ما تحبي تجولى .. مفيش مشكله واصل
قال "عثمان" لـ "مريم" بحزم وهو يتطلع الى الدبلة فى يدها :
- ليه لابسه الدبلة .. مش جولتلك اخلعيها
قالت له "مريم" بهدوء :
- أسفة يا عمو بس مش حابه أقلعها
قال "عثمان" بحده :
- لييه .. مش رايده تخلعيها لييه .. اكده الناس تفتكرك مخطوبة يا بنت خوى
قالت "مريم" بحزم :
- مفيش مشكلة لو افتكرونى مخطوبة
نظر "عبد الرحمن" اليها وقد شعر بضيقها فالتفت الى "عثمان" قائلاً بصرامة :
- مش وجته الحديث ده يا "عثمان" .. لكل مجام مجال
سكت "عثمان" على مضد .. بعدما انتهى الجميع من تناول الطعام .. شعرت "مريم" بالتعب الشديد والإرهاق .. انتبهت جدتها فقالت لها :
- جومى يا بنيتي ريحيلك شوية
قالت "مريم" معتذرة :
- معلش أنا آسفة بس تعبت من الطريق والسفر وأنا أصلاً مش متعودة على السفر
قال "عبد الرحمن" وهو يربت على ظهرها :
- جومى يا "مريم" جومى
أدخلتها جدتها الى غرفة مرتبة ونظيفه وقالت لها مبتسمه :
- دى غرفتك يا بنيتى .. هتبجى من اليوم ورايح بتاعتك انتى
ابتسمت لها "مريم" فقامت المرأة بمعانقتها طويلاً وكأنها تعوض بها ابنها الذى فقدته .. نظرت اليها جدتها والعبرات فى عينيها قائله :
- اتحرمت من أبوكى غصب عنى .. بس الحمد لله والشكر ليك يا رب انه عوضنى ببنته .. حته منيه
قبلت "مريم" رأسها وقد شعرت بالتأثر الشديد وقالت :
- أنا كمان فرحانه أوى انى وسطيكم .. لانى حسه انى وجودى بينكم هيعوضنى عن أهلى اللى راحوا
نامت "مريم" ملء جفونها تلك الليلة وهى تشعر بالراحة والطمأنينة .

***************************************

رن هاتفها فردت قائله :
- السلام عليكم
- ألو .. صباح الخير
قالت "نرمين" بحده :
- انت تانى .. انت عندك كام رقم بالظبط
ضحك قائلاً :
- ما أنا قولت أكيد لو اتصلت بالرقم اللى اتصلت بيكي منه قبل كده مش هتردى عليا .. فجبت خط تانى
قالت بسخريه :
- لأ ناصح .. على أساس انى هرد على ده يعني
- عارف انك ممكن مترضيش على ده تانى .. بس أنا عامل حسابى وجايب خطوط كتير .. خلى بالك أنا مفيش فى قاموسي كلمة يأس
أغلقت الهاتف ووضعت الرقم فى قائمة البلاك ليست .. ظلت تفكر كثيراُ فى محاولة تخمين هوية هذا الرجل .

****************************************
استيقظت "مريم" فى الصباح .. وهى تشعر بالنشاط .. قامت وفتحت شباك غرفتها لترى المنظر الجميل الذى تطل عليه غرفتها .. حملت فوطتها وفرشتها وتوجهت الى الحمام .. كانت سعيده للغايه وهى تشعر لأول مرة منذ زمن بعيد أنها تعيش مع أشخاص آخرين .. ستسمع صوتاً آخر في البيت غير صوت تنفسها المنتظم .. هبطت من الدرج لتستقبلها جدتها قائله :
- يا صباح الأنوار .. كيفك اليوم يا ابنيتي
قالت "مريم" مبتسمه :
- الحمد لله يا تيته .. ازيك حضرتك انتى
- منيحه يا بنيتي .. يلا عشان حضرنا الوكل .. كنت لسه هبعت "صباح" تصحيكي بس ما شاء الله عليكي بتصحى بكير
قالت "مريم" بحماس :
- أيوة أنا متعودة أصحى بدرى عشان شغلى
قالت جدتها مستفهمه :
- وبتشتغلى اييه يا بنيتي ؟
- ديزاينر
- اييه
قالت "مريم" مبتسمه :
- أقصد يعني مصممة جرافيك .. يعني بصمم لوح أعلانات يفت اغلفة كتب كروت مطويات
اتسعت ابتسامة جدتها قائله :
- ما شاء الله ما شاء الله باينك ذكيه كتير
ابتسمت "مريم" لطيبة جدتها .. فعانقتها جدتها وقبلتها قائله :
- ربنا يحفظك ويحميك يا بنت ولدى
دخلت "مريم" غرفة المعيشة فاستقبلها جدها بالترحاب قائلاً:
- صباح الخير يا بنتى .. نمتى امنيح
أجات "مريم" وهى تقترب منه وتقبل يده :
- أيوة يا جدو الحمد لله
التفتت قائله ل "عثمان" :
- صباح الخير يا عمو
قال مبتسماً ابتسامه صغيره :
- صباح الخير يا بنت اخوى
اتسعت ابتسامة "مريم" لابتسامة عمها .. بعد قليل حضرت "صباح" قائله :
- يلا عشان الوكل
التفتت اليها "مريم" قائله :
- صباح الخير يا "صباح"
ردت ببرود :
- صباح النور
التف الجميع حول طاولة الطعام ومثلما حدث بالأمس ظلت جدتها بجوارها تحثها على تناول المزيد من الطعام .. كانت "مريم" تنظر اليهم فى سعادة بالغة .. وشعرت بأن أيامها فى النجع .. ستحمل لها الخير .. والسعــادة .

***************************************
توجه "طارق" الى مكتب الدعاية بصحبة "سامر" الذى أصر على الحضور معه .. قال له "طارق" بضيق وهو يقود سيارته :
- عايز تيجي معايا ليه .. أنا هسلتم الشغل مش أكتر .. يعني مكنش فى داعى نروح احنا الاتنين
قال له "سامر" بخبث :
- انا مش رايح عشان الشغل .. رايح أظبط المزه اللى فى المكتب
التفت اليه "طارق" بحده قائلاً :
- انت مش شوفتها واتأكدت انها مش ستايلك يا "سامر" .. يعني متنفعكش .. هى مش بتاعة صحوبيه والعك اللى انت عايزه ده
ضحك "سامر" فإزداد غيظ "طارق" الذى قال بضيق الشديد :
- ماشى مفيش مشكلة حابب تجرب بنفسك جرب .. بس أنا متأكد انها هتصدك
قال له "سامر" ضاحكاً :
- يا ابنى أنا مش رايح عشان "مريم" دى .. أنا رايح عشان أم بادى روز .. دخلت دماغى بصراحه .. وشكل كمان الصنارة غمزت معاها .. ده اللى حسيته من نظراتها المرة اللى فاتت
شعر "طارق" بالراحة .. وقال لـ "سامر" محذراً :
- اعمل اللى تعمله بس مش عايز مشاكل مع الشركة دى .. فاهم يا "سامر" .. يعني عايز تعمل اى حاجه اعملها بره الشغل .. انت حر .. انت أدرى بمصلحتك
- متخفش يا "طارق" مفيش مشاكل ولا حاجه

دلفت الإثنان الى مكتب .. نظر "طارق" الى المكتب الفارغ ثم توجه الى "مى" قائلاً :
- صباح الخير .. هى آنسه "مريم" مش موجودة النهاردة ؟
اضطربت "مى" لرؤية "طارق" أمامها ..وشعرت بالألم يغزو قلبها لسؤاله عن "مريم" .. تطلعت اليه لحظة فى حزن .. ثم أسرعت بخفض بصرها قائله :
- "مريم" سفرت
قال "طارق" مستفهماً :
- هترجع امتى ؟
نظرت اليه "مى" بحده قائله :
- مش هترجع
قال بدهشة :
- ازاى يعني
قالت له "سهى" التى كانت سعيده بنظرات "سامر" اليها :
- سافرت عند أهلها فى الصعيد تعيش معاهم هناك ومش هترجع هنا تانى
شعر "طارق" بالضيق الشديد .. راقبت "مى" تعبيرات وجهه فى حنق .. قال "سامر" الى "سهى" وهو يرمقها بنظرات الإعجاب :
- يعني معدتش هتشتغل هنا تانى
بادلته نظراته وابتساماته قائله برقه :
- لأ .. بس لو حبين انها تستمر فى حملة شركتكوا مفيش مشكلة .. أستاذ "عماد" مدير الشركة قالها تستمر فى الشغل وهيبعتلها الأوردرز عن طريق النت .. يعني هتفضل تشتغل لحساب شركتنا
سألها "طارق" بلهفه :
- طيب معاكى رقمها ؟
نظرت اليه "مى" بحده وقالت :
- مستحيل طبعاً نديك رقمها
التفت اليها "طارق" وقال بهدوء :
- أمال هتفق معاها على الشغل ازاى
قالت بحنق :
- راسلها على ايميل الشركة زى ما العملاء الأجانب بيعملوا معانا
ابتسم "طارق" وقد شعر بالراحه لوجود خيط يوصله اليها فنظر الى "مى" قائلاً :
- طيب متشكر .. هروح لأستاذ "عماد" مكتبه أستلم منه الشغل اللى اتطبع
هم بأن ينصرف لكنه التفت الى "مى" قائلاً وهو ينظر اليها بتمعن :
- ممكن أعرف انتى بتكلميني بحده ليه
ارتبكت "مى" ولم تستطع النظر اليه لكنها ردت بتماسك :
- مش بتكلم بحده ولا حاجه .. لو حضرتك حسيت بكده فمعلش ممكن يكون بس من ضغط الشغل
خافت أن تنظر اليه فيكتشف كذبها .. قال "سامر" ل "سهى" مقترباً من مكتبها :
- أنا بأه مليش فى الشغل بالمراسله ده .. أنا أحب أتعامل مع الناس فيس تو فيس وبعدين عشان لو فى تعديلات أقدر أشرحها كويس .. وبصراحه حابب أتعامل معاكى
صمت قليلاً ثم ابتسم اليها قائلاً :
- ممكن رقمك .. يعني عشان لما احتاجك أوصلك بسرعة
ابتسمت "سهى" بسعادة ودونت رقمها على ورقة وأعطته اياها قائله برقه :
- اتفضل وتحت أمرك فى أى وقت يا استاذ .....
ابتسم لها قائلاً :
- "سامر" .. وانتى ؟
- "سهى"
قال بخبث :
- آدى أول حاجة مشتركة بينا .. احنا الاتنين اسمنا بيبدأ بحرق السين
ربت "طارق" على كتف "سامر" وقال بنفاذ صبر :
- يلا يا "سامر"
خرج الاثنان وعينا "سهى" تتابعانهما ..نظرت اليها "مى" بغيظ وقالت بحده :
- انتى اتهبلتى فى عقك يا "سهى" .. من امتى بندى أرقام تليفوناتنا للعملا اللى بيجولنا
قالت "سهى" بنفاذ صبر :
- قالك عشان يعرف يوصلى بسرعة .. أمال شغله يتعطل يعني
قالت "مى" بحزم :
- كل الناس اللى مبتقدرش تيجي مكتبنا أو بيكونوا مشغولين .. بيراسلونا على ايميل الشركة .. على فكرة لو أستاذ "عماد" عرف حاجه زى كده أنا واثقه انه مش هيسكت
هتفت "سهى" بحده :
- انتى هتخوفيني بأستاذ "عماد" ولا ايه .. لا أنا مبخفش من حد .. عايزة تروحى تقوليله قوليله .. أنا محدش يلوى دراعى
عادت "مى" الى عملها وهى تشعر بالغيظ الشديد .. من "سهى" ... و من "طارق"

***************************************
التفت "سامر" الى "طارق" فى السيارة وهى يشير الى الورقه التى بيده قائلاً :
- شوفت يابنى بدون أى اعتراض ادتنى رقمها على طول .. مش قولتلك الصنارة غمزت معاها
نظر اليه "طارق" بتهكم وهو يقود قائلاً :
- ودى حاجه كويسه يعني ؟ .. انها تديك رقمها بالسهولة دى .. اذا كان البنت اللى مسافره مرضتش صحبتها تديني رقمها .. أكيد لانها عارفه ان ممكن صحبتها تعمل مشكله معاها لو ادتهولى .. يبقى اللى هنا فى القاهرة واللى سهل اوى تخطف رجلك لحد شركتهم تديك رقمها بسهوله كده
ثم قال :
- مش عارف بتستفيد ايه لما تعمل علاقة مع كل واحدة شوية .. وكل ما تزهق من واحده تسيبها وتدور على الجديدة
قال "سامر" مبتسماً بتهكم :
- اذا كان هما نفسهم مبيبقاش عندهم مانع للعلاقات دى .. هاجى أنا وأقول لأ
قال "طارق" بهدوء :
- سيدنا "يوسف" قال لأ
صاح "سامر" :
- ده سيدنا "يوسف" يعني نبي .. أنا مش نبي
ثم ضحك قائلاً :
- أنا شيطان
هز "طارق" رأسه وقد علم أن لا فائده من الحوار معه .. وشرد فى "مريم" التى تركت القاهرة فجأة توجهت الى الصعيد .. تُرى ما قصتها بالضبط ؟!
عاد "طارق" الى مكتبه .. وتوجه الى حاسوبه وفتح ايميله وهم بإرسال رسالة لـ "مريم" .. ظل متردده كثيراً .. الصفحة مفتوحة أمامه دون ان يكتب حرفاً .. كلما بدأ فى الكتابة عاد لمسح ما كتب .. حتى استجمع شجاعته وكتب لها :
- السلام عليكم .. آنسه "مريم" .. أنا روحتلك النهاردة الشركة وعرفت انك مسافره عند أهلك الصعيد وانك مش راجعه الشركة تانى .. وشغلك هيكون عن طريق النت .. أنا كنت حابب ان الكلام بينا يكون وجهاً لوجه بس للأسف سافرتى قبل ما أعرف أتكلم معاكى .. وكمان صحبتك رفضت تديني رقمك .. فملقتش غير انى أراسلك على ايميل الشركة .. مقدمة طويلة أنا عارف بس كنت حابب أعرفك السبب فى انى ببعتلك الكلام ده عن طريق الميل .. أنا مش عايز أقولك كلام يضايقك منى .. أو تعتبريه جرأة زايده .. بس أنا معجب بيكي جداً .. وشايف فيكي الزوجة المناسبة ليا .. كنت حابب تكونى هنا عشان أقدر آتكلم معاكى وأعرف ظروفك لانى معرفش معلومات عنك غير انك كنتى مكتوب كتابك وخطيبك اتوفى .. وعارف انك هترفضى الكلام معايا سواء نت أو تليفون لانى التمست فيكي انك بنت محترمة ومش ممكن تسمحى بحاجه زى كده وانك عارفه ربنا كويس وبتعرفى تحطى حدود لأى راجل أدامك مهما كان هو مين .. ودى حاجه أنا احترمتها فيكي جداً .. لانى زيك مليش فى العلاقات والكلام الفارغ ده .. أنا لما أعجب بواحده .. احب ان كل حاجه بينا تكون فى الحلال .. عشان ربنا يباركلنا فى بعض .. ولو أنا طلبت منك غير كده يبأه أنا لا بحبك ولا بصونك ومستهلكيش أصلاً .. عشان كده مفكرتش أطلب منك اننا نتكلم على النت أو التليفون .. أنا كل اللى طالبه منك رقم ولى أمرك .. وهتكلم معاه وان شاء الله آجى أزوركوا في الصعيد وأعرف ظروفك وتعرفى ظروفى .. ولو لينا نصيب فى بعض أكيد ربنا هييسر الأمور .. منتظر منك رسالة برقم ولى أمرك فقط .. مش طالب منك أكتر من كده .. "طارق عبد العزيز"
قرأ الرسالة مرات ومرات ثم أخيراً ضغط Send وقلبه يخفق بشدة وهو يفرك كفيه بقوة من فرط التوتر .. ليس أمامه سوى الإنتظار .. حتى ترى الرساله وترد عليها .

***************************************

اتصل "جمال" بـ "صباح" وأخبرها بضرورة لقائها فى مكانهما المعتاد .. ذهبت "صباح" وهى تتطلع خلفها خشية من أن يراها أحد يعرفها .. وغطت ونصف وجهها يطرحتها الطويلة .. استقبلها "جمال" قائلاً :
- حبيبتى وحشتيني جوى يا "صباح"
صاحت "صباح" بتهكم :
- لا والله .. بعد اييه .. بعد ما سميت بدنى بكلامك وجولتلى انك مش هتتجوز واحده من عيلتنا
اقتربت منها وابتسم قائلاً :
- ما انتى كمان استفزتيني يا "صباح" لما جولتى انك غلطانه انك خليتى واحد من عيلة الهواري يجرب منيكي
قالت "صباح" بحزم :
- جولى عايز اييه خليني أمشي يا "جمال"
اخرج من جيبه علبه قطيفه وقدمها لها .. نظرت الى العلبه بريبه وقالت :
- ده اييه ؟
ابتسم قائلاً :
- افتحيها
أخذتها صباح وفتحتها .. وجدت سلسلة ذهبية كبيرة .. نظرت اليها بإعجاب قائله :
- اييه ده يا "جمال" .. دى جميلة جوى
قال لها :
- عجبتك
قالت "صباح" بفرحه :
- جوى جوى يا "جمال"
ثم بدا وكأنها تذكرت شيئاً فأخفت ابتسامتها وقالت :
- مش هجبلها منيك .. انت عايز تضحك عليا بسلسله
قال لها هامساً :
- لا يا حبيبتى .. ده جزء من شبكتك
نظرت اليه بشك قائله :
- شبكتى
- اييوة طبعاًً .. هو أنا اجدر اعيش من غيرك يا "صباح" ده انتى اللى فى الجلب يا بت
قالت بدلال :
- أمال اييه الكلام اللى جولتهولى المره اللى فاتت يا "جمال"
أحاطها بذراعيه وقبلها قائلاً :
- سيبك من اللى فات آنى كنت متضايق شويه وفشيت غلى فيكي .. اذا مكنتيش انتى تتحمليني مين يتحملنى يا "ًصباح"
ابتسمت وهى فى أحضانه وقالت :
- طبعا أتحملك يا حبيب جلبي .. بس جولى امتى هتيجي تتجدملى بجه
قال هامساً :
- باجى الجليل يا "صباح" متجلجيش يا حبيبتى
قالت بدلال :
- طيب آنى ماشيه بجه
- استنى خليكي معاى شويه كمان ملحجتش أشبع منيكي
قالت بضيق :
- أعمل اييه لازمن أرجع البيت عشان أمى متدنيش الطريحه عشان سايبه اللى اسمها "مريم" دى لحالها
ابتعد "جمال" عنها فجأة وقال بإهتمام :
- تجصدى بنت "خيري" ؟ .. هى إجت
- اييوه إجت وأعده حدانا
قال "جمال" بحده :
- أمال مجولتليش ليه من الصبح يا بت .. مش أنا جايلك ومنبه عليكي لما توصل تخبريني
قالت بغضب :
- وانت مالك ومالها اصلا .. ملكش صالح بيها واصل ده دى
ثم قالت وهى تهم بالمغادرة :
- آني ماشيه بجه العواف

**************************************

دخلت "مريم" مع جدتها المطبخ تساعدها فى تحضير الطعام .. قالت جدتها :
- اجعدى انتى ارتاحى يا بنيتى .. "صباح" زمانها راجعه من عند خالتها
ابتسمت "مريم" وهى تشمر ذراعيها قائله :
- لأ يا تيته حابه أساعدك متخفيش أنا بعرف أطبخ كويس
ابتسمت جدتها وربتت على كتفها قائله :
- ربنا يبارك فيكي يا ابنيتي .. بس لو زهجتى أو تعبتى خلاص سبينى وأنا أكمل
عادت "صباح" لتجد "مريم" تساعد أمها فى المطبخ فقالت بتهكم :
- انتى بتعرفى تطبخى ولا هتبوظيلنا الوكل
التفتت اليها "مريم" وابتسمت قائله :
- متخفيش يا "صباح" بعرف أطبخ
قالت "صباح" بإستفزاز :
- بس أكيد مبتعرفيش تطبخى زيينا .. احنا عندنا أسرار فى الطبيخ محدش يعرفها غييرنا .. حتى التوابل اللى بنستخدمها مفيش منها عنديكوا فى مصر
قالت "مريم" وهى مازالت محتفظة بإبتسامتها :
- وأنا فرحانه أوى انى هتعلم منكوا الطبيخ بطريقتكوا .. أكيد طبعاً هتكون أحسن من طريقتى بكتير
ابتسمت لها جدتها وقد شعرت بمدى نضج "مريم" التى تدير الحوار بعقل وحكمة .. ونظرت الى "صباح" قائله :
- يلا يا بت .. ادخل غيري خلجاتك وتعالى ساعديني .. أخوكي وأبوكى زمانهم جايين .. يلا دجيجه وألاجيكى أدامى
خرجت "صباح" من المطبخ متأففه .. وهى تتمتم بكلمات غاضبة

***************************************
قال "جمال" الى والده "سباعى" وهو فى مكتبه بالشركة :
- تعرف ان بنت "خيري السمري " اجت الصعيد وعايشه مع أهل بوها
رفع "سباعى" نظره اليه قائلاً :
- وانت عرفت منين
قال بفخر :
- ليا مصادرى الخاصه
قال "سباعى" محذراً :
- مش عايز مشاكل يا "جمال" .. ملناش صالح مين اجه ومين مجاش .. متدخلش فى خصوصيات علية السمري .. مش عايزين مشاكل يا ولدى
قال "جمال" وهو يهم بالإنصراف :
- أمرك يا بوى

****************************************
عادت "مى" الى عملها .. ودخلت عرفتها وألقت بنفسها على فراشها باكيه .. فتحت أمها باب غرفتها فجأة بعدما سمعت شهقات بكائها من خلف الباب .. دخلت أمها وأغلق الباب واقتربت منها قائله :
- "مى" فى ايه .. بتعيطى ليه
اعتدلت "مى" فى جلستها ومسحت دموعها قائله :
- مفيش يا ماما .. مفيش حاجه
جلست بجوارها على الفراش وقالت :
- لأ فيه .. قوليلى يا حبيبتى حصل حاجه .. حد ضيقك .. حد عملك حاجه
هزت رأسها قائله :
- لأ .. أنا بس مخنوقة شوية
نظرت اليها أمها بتفحص قائله :
- عشان سفر "مريم"
قالت "مى" دون أن تنظر اليها :
- أيوه
- بس أنا قلبي حاسس ان فى حاجه تانية
كادت أن تعاود البكاء مرة أخرى لكنها تمالكت نفسها قائله :
- لأ صدقيني مفيش حاجه
مسحت أمها على رأسها قائله بحنان :
- طيب براحتك بس اعرفى انى موجوده ومستعده أسمعك فى أى وقت .. أنا أكبر وأعقل منك وخبرتى أكبر منك فى الدنيا دى .. يعني أكيد هفيدك أكتر من أى واحده صحبتك .. وانتى عارفه انى دايماً بتعامل معاكى كصديقه مش كأم .. فأنا هسيبك برحتك لحد ما تيجي تحكيلى بنفسك على اللى مضايقك
قالت ذلك ثم نهضت وغادرت الغرفة .. ظلت "مى" تفكر فى كلمات أمها وهى فى حيرة من أمرها .

*****************************************
اقتربت "ناهد" من "مراد" الجالس فى الشرفة يقرأ أحد الكتب .. جلست على المقعد بجواره وقالت :
- "مراد" عايزه أتكلم معاك شويه
أغلق الكتاب قائلاً :
- اتفضلى يا ماما
تنهدت "ناهد" وهى تنظر اليه بأسى قائلاً :
- عارفه انك مش حابب تتكلم فى الموضوع ده بس يا "مراد" أنا نفسي أفرح بيك بأه
ظهر الضيق على وجه "مراد" فأكملت قائله :
- والله فى بنات كتير كويسة .. انت بس ادى لنفسك فرصه انك تتعرف على واحدة فيهم
شجعها صمته وهدوئه على الاسترسال فقالت بحماس :
- لو وافقت .. من بكرة هجبلك صور 10 عرايس شوفهم كلهم واتكلم مع كل واحدة فيهم واختار اللى قلبك يرتاحلها .. قولت ايه يا "مراد"
بدا عليه التفكير وظل محتفظاً بصمته فأكملت قائله بحنان :
- لو مش عايزنى أنا أدورلك على عروسه .. و فى واحدة انت حاطط عينك عليها قولى وأنا أخطبهالك
خرج "مراد" عن صمته قائلاً :
- لأ مفيش حد
ابتسمت قائله :
- خلاص يبقى زى ما اتفقنا .. هجبلك صورهم بكرة .. وشوف منهم مين تحب تتكلم معاها وتتعرف عليها .. ماشى يا حبيبى ؟
أومأ "مراد" برأسه موافقاً فاتسعت ابتسامة أمه ودعت الله أن يقذف بحب احدى الفتيات فى قلبه .

***************************************
- انت اتجننت يا "جمال" ازاى تطلب منى حاجه زى اكده
تفوهت "صباح" بهذه العبارة بغضب وهى تلتقى بـ "جمال" سراً فى مكانهما المعتاد .. قال لها "جمال" :
- انتى مش بتجولى انك مش طايجاها وعايزه تخلصى منيها
صاحت بحنق :
- بس مش للدرجادى يعني .. مش لدرجة انى أأذيها اكده
قال "جمال" وهو يحاول اقناعها :
- هى مش هتتأذى بالعكس دى هتتجوز يا بت وتسيبلك البيت تمرحى فيه لحالك .. وتروح هى على بيت جوزها ومش كل شويه يجولولك "مريم" عملت "مريم" سوت
فكرت "صباح" قليلاً ثم قالت :
- بس مين الراجل اللى هيرضى يعمل اكده .. وايه مصلحته يعني يجيب لنفسه مصيبه زى دى
قال "جمال" شارحاً :
- الفلوس يا بت .. الفلوس تعمل أكتر من اكده .. آنى بعمل اكده عشان صالحك يا "صباح" دى لو فضلت حداكم أكتر من اكده مش بعيد تلحس عجل أبوكى وتخليه يكتب كل حاجه بإسمها وتطلعى انتى وأخوكى من المولد بلا حمص
هتفت "صباح" قائله :
- يا مصيبتى هى ممكن تعمل اكده
قال "جمال" ينفث سمه :
- اييوه يا بت وأكتر من اكده كمان .. دى واحده كانت عايشه فى مصر لحالها يعني مخها يوزن بلد .. وأكيد أكيد جايه عشان تأش اللى وراكوا واللى جدامكوا وتاكل عجل أبوكى وأمك
تمتمت "صباح" بغل :
- بنت الـتيييييييييت
- ها جولتى اييه
قالت متردده :
- بس انت متأكد ان الموضوع هينتهى بجواز مش بدم ؟
قال بسرعة :
- اييوه اييوه متجلجيش أنا عارف دماغ أبوكى امنيح .. وبعدين طالما الراجل هيرضى يتجوزها خلاص ايه لازمته الجتل عاد
بدا عليه التردد مرة أخرى فقال لها :
- اعرفى انك اكده بتدافعى عن حجك وحج أخوكى .. وكمان بتحمى أبوكى وأمك من واحدة زى دى .. انتى بتعملى اكده عشان صالح عيلتك يا "صباح" .. وعشان تخلصى من الحربايه دى
قالت "صباح" بحزم :
- ماشى يا "جمال" آني موافجه
ابتسم "جمال" وقد شعر بالإرتياح وقال :
- وأوعدك يا "صباح" بمجرد ما الحكاية دى تخلص هتجوزك على طول يا بت
قالت بلهفه :
- بجد يا "جمال"
- اييوه طبعا أمال .. بس اثبتى انتى بس انك جدها وانك تستحجى تكونى مرت "جمال الهواري"
قالت بثقه :
- متجلجش يا "جمال" آني جدها .. بكرة تشوف

*******************************************
أخذ "مراد" يشاهد الصور التى أحضرتها والدته لعدة فتيات مرشحات لتكون احداهن زوجة المستقبل .. ظل ينظر الى صورة تلو الأخرى .. وهو يشعر أنه فى حيرة من أمره .. كلهن جميلات .. لكن .. ولا واحدة منهن جذبته ليفضلها عن الأخريات .. اعاد مشاهدة الصور مرة أخرى .. مرات ومرات .. ونفس الأمر .. لم يتوقف عند واحدة بعينها .. ترك الصور من يده وزفر بضيق ثم أحضر دفترة وقلمه .. وكعادته أخذ يبوح لدفتره بما يجيش فى صدره


فى اليوم التالى ذهبت "سارة" الى عملها مع "مراد" كالمعتاد .. توجهت الى الطابق الذى يحوى مكتب "مراد" و "طارق" وباقى الإداريين .. كانت تشعر بخفقات قلبها تتسارع .. لا تعلم ماذا تفعل .. ولا ماذا ستقول ل "مراد" اذا رآها .. لكنها أخذت تسير فى الردهة على غير هدى .. ثم شعرت بسخافة ما تفعل .. فتوجهت الى المصعد وانتظرت صعوده .. فى تلك اللحظة انفتح أحد الأبواب ورأت "طارق" يخرج منه .. ازداد خفقان قلبها بشدة وشعرت بتوتر بالغ .. كان بيده احد الملفات التى يتفحصها فبدا وكأنه لا يراها حتى توقف بجوارها أمام المصعد .. رفع رأسه ونظر اليها تلاقت أعينهما فشعرت بإضطراب بالغ .. هز رأسه مرحباً ففعلت المثل .. انفتح باب المصعد فنظر اليها مبتسماً وأشار الى المصعد بيده قائلاً :
- اتفضلى
ثــم .... نزل هو عن طريق السلالم .. تابعته "سارة" بعينيها حتى اختفى .

*******************************************

دخلت "صباح" الى غرفة "مريم" تحاول تفحص أغراضها .. دخلت "مريم" الغرفة فارتبكت "صباح" وقالت :
- كنت بدور عليكي
ابتسمت "مريم" وقالت :
- كنت مع جدو كان بيفرجنى على البلد .. بلدكوا حلوة أوى يا "صباح" .. وفيها أماكن جميلة .. جدو قالى انه هياخدنى آخر الإسبوع ويفرجنى على أماكن أجمل كمان من اللى شوفتها النهاردة
شعرت "صباح" بالحقد والحسد وقالت ببرود :
- امنيح
رأت "صباح" قلاده ذهبية فى رقبة "مريم" فأقبلت نحوها وأمسكتها قائله بإعجاب :
- جميلة جوى
ابتسمت "مريم" وقالت بسعادة :
- جدو جبهالى النهارده
نظرت اليها "صباح" وهى تحاول أن تخفى حنقها وضيقها وقالت :
- بجولك ايه يا "مريم" متيجي نخرج سوا وأفرجك على بلدنا صوح
قالت "مريم" بسعادة :
- طبعاً يا حبيبتى شوفى يناسبك نخرج امتى
قالت "صباح" بحزم :
- بكره ان شاء الله .. هنخرج سوا بكره
عانقتها "مريم" وقالت مبتسمه :
- أنا فرحانه أوى انى موجودة وسطيكم .. ربنا ما يحرمنى منكوا أبداً

*************************************
فى اليوم التالى خرجت "مريم" مع "صباح" .. التى أخذتها الى أماكن عدة .. كانت تتطلع الى هاتفها كأنها تنتظر شيئاً .. ثم رن هاتفها معلناً عن وصول رسالة فأجابت عليها ثم قالت ل "مريم" :
- يلا يا "مريم" هفرجك على مكان تانى
قامت "مريم" معها وهى تنظر الى الطبيعة والمبانى حولها والابتسامه على شفتيها .. كانت "صباح" تشعر بالتوتر .. وتنظر خلفها .. جذبت "مريم" من ذراعها وأدخلتها فى المكان الذى تلتقى فيه ب "جمال" وقالت لها :
- "مريم" خليكي اهنه آنى رجعالك كمان شوى
قالت لها "مريم" بقلق :
- ليه يا "صباح" هتروحى فين
قالت "صباح" :
- فى واحدة صحبتنى هتجابلنى جريب من اهنه هروح أخد منها حاجه وأرجعلك
قالت "مريم" :
- طيب خديني معاكى .. هقف بعيد مش هضايقكوا
قالت لها "صباح" بحزم وهى تغادر :
- لأ خليكي اهنه .. على الأجل تتحمى من الشمس .. آنى رجعالك مش هتأخر
قالت ذلك ورحلت دون أن تعطى "مريم" فرصة للإعتراض .. وقفت "مريم" تتطلع الى المكان حولها .. والى البيت الذى لم يكتمل بناءه .. فى تلك الأثناء وعلى بعد خطوات .. كان رجلاً ما يتابع ما يحدث .. وبمجرد أن رآى "صباح" تغادر وتترك "مريم" بمفردها ..جرى مسرعاً وذهب الى رجلين جالسان معاً على أحد المقاهى وقال لهما بهمس :
- الحجوا يا رجاله .. لجيت "جمال" ابن "سباعى" مع واحدة فى حته جريبه من اهنه وهاتك يا غرام
صاح أحد الرجلين بغضب :
- أعوذ بالله .. هى وصلت لاكده
قال الآخر بغضب :
- ده تييييييييت صحيح .. فاكر نفسه فين ده
قال الرجل وهو يلهث من الجري :
- يعني هنسيبه اكده يعمل اللى على مزاجه مع بنات الناس .. ليه هى البلد مفيهاش رجاله ولا اييه
هب الرجلين واقفين وذهبوا بصحبة الثالث الى مكان البيت .. بمجرد أن رآهم "جمال" الذى كان يتخفى بجوار البيت .. دخل على "مريم" التى فزعت لرؤيته وهجم عليها معانقاً اياها .. حاولت "مريم" ابعاده عنها ففشلت .. دخل الرجال وصاح أحدهم :
- بتعمل ايه يا "جمال" يا تيييييييييييييت
نظر اليهم "جمال" ليتأكد من أنهم قد رأوه بالفعل ثم قفز من الشباك وجرى فى اتجاه بيته .. وقفت "مريم" مصدومة مندهشة لا تدرى ماذا حدث ولماذا حدث .. أقبل عليها أحد الرجلين وهو يصيح بغضب هادر :
- انتى مين وبنت مين
قالت بصوت مرتجف والعبرات تتساقط من عينيها :
- أنا "مريم" .. بنت "خيري عبد الرحمن السمرى"
نظر الرجلين الى بعضهما البعض وصاح فيها أحدهما :
- عيلة السمرى .. يعني من عيلتنا .. أنا ليا صرفه مع "عبد الرحمن" جدك و "عثمان" عمك اللى مش عارفين يربوا بنتهم
جرت "مريم" وهى منهارة ..لا تدرى حتى طريق البيت .. سألت امرأة كانت تسير فى الطريق فأرشدتها الى مكان البيت .. جرت مسرعه الى غرفتها .. وجلست على الفراش تلف نفسها بذراعيها لتوجف رجفه جسدها و تحاول استيعاب ما حدث .. ما هى الا دقائق حتى سمعت صوت طرقات عاليه على باب البيت حتى كان أن يتهشم .. ثم سمعت أحد الرجال يصيح قائلاً :
- "عبد الرحمن" .. شوفت اللى عملته بنت ابنك
قال "عبد الرحمن" بفزع :
- ايه اللى حوصل
قال الرجل بغضب هادر :
- بنت ابنك كانت بتجابل "جمال الهوارى" شفناها وهى فى حضنه ومسخرة وجله أدب
قال "عبد الرحمن" بدهشة :
- بنت ابني مين ؟
قال الرجل بغضب :
- جالتلنا ان اسمها "مريم"
قال الآخر بصرامة :
- لو معرفش كيف تربي بناتك يا "عبد الرحمن" احنا نربيهالك
كان "عبد الرحمن" مذهولاً مما يسمع .. تمتم قائلاً :
- لا مش ممكن
قال الرجل بصرامة :
- بجولك شفناها بعنينا وهى معاه هتكدبنا ولا اييه
لم يستطع "عثمان" التحمل أكثر هب فى اتجاه غرفتها فأسرع "عبد الرحمن" خلفه قائلاً :
- لا يا "عثمان" متجتلهاش دى بنت خوك
أخذت جدة "مريم" تصرخ وهى تلحق بهما .. اقتحم "عثمان" غرفة "مريم" فنظرت اليه "مريم" الجالسه على فراشها بفزع .. جذبها من شعرها وصفعها بقوة على وجهها وصرخ فيها قائلاً :
- على آخر الزمن جايه تفضحينا .. صحيح محدش عرف يربيكى ويعلمك الأدب .. ماشيالى على حل شعرك فاكره مفيش فى عيلتك رجاله ولا اييه
كانت "مريم" تبكى من الألم والصدمة والخوف .. خلصها "عبد الرحمن" من يده قائلاً :
- اتركها يا "عثمان" بجولك اتركها
جذبتها جدتها الى حضنها وأبعدتها عن "عثمان" الذى صرخ فى والده قائلاً :
- اتركها كيف يا بوى بعد ما جرستنا وسط الخلج
قال "عبد الرحمن" بصرامة :
- آنى هشوف حل للموضوع ده انت لا تتدخل واصل .. سمعنى يا "عثمان" لا تتدخل واصل
ثم خرج وهو غاضب بصحبة الرجال متوجهاً الى بيت علية "الهوارى"

***********************************
قال "سباعى" بحزم :
- اللى غلط يصلح غلطته .. "جمال" لازمن يتجوز "مريم"
تفوه "سباعى" بهذه العبارة بعدما أقبل عليه الرجال من عيلة "السمرى" وعلى رأسهم "عبد الرحمن" .. كادت الحرب أن تندلع بين العائلتين مرة أخرى .. ولم يكن حل أمام الجميع سوى زواج "مريم" من "جمال" .. أقبل "سباعى" تجاه "عبد الرحمن" قائلاً:
- متجلجش يا "عبد الرحمن" .. "جمال" هيتجوزها .. عرضك متصان متخافش
قال "عبد الرحمن" بصرامة :
- لو ده محصلش يا "سباعى" يبقى بتعلن الحرب بنفسك
أكد "سباعى" بثقه :
- جولتلك هيحصل .. احنا كمان ما بدناش حرب معاكم .. "جمال" هيتجوز "مريم" بنتكم آخر الاسبوع .. ومفيش الا عيلتنا وعيلتكم اللى هتعرف بعملة التنين دول .. طالما غلطوا يبجى يستهلوا جطم رجابيهم والغلطة دى تتصلح بالجواز بدل ما العيلتين ياكلوا فى بعض .. ما فيش حل الا اكده
قال "عبد الرحمن" بحزم قبل أن ينصرف هو والرجال :
- اتفجنا يا "سباعى" .. كتب الكتاب آخر الاسبوع

***********************************
صاح "سباعى" بغضب هادر :
- ملجتش الا بنت عيلة السمرى اللى تفضحنا معاها يا ابن الـتييييييييييت
- هى اللى غوتنى يابوى وجالتلى أجيلها فى هداك البيت
صرخ فيه قائلاً :
- ومدام هيه حرمه تيييييييييت .. بتسمع كلامها ليه الا اذا كنت تيييييييييت زيها
ثم قال بحزم :
- اخر الاسبوع هتكتب عليها والدخلة بعديها بيوم .. انت فاهم
قال "جمال"وعيناه تلمعاه خبثاً :
- فاهم يا بوى .. فاهم .. وموافج كمان

***********************************
لم تتوقف "مريم" لحظة عن البكاء فى حضن جدتها وظلت تردد :
- انا مظلومة والله العظيم مظلومة
ربتت جدتها على رأسها وهى تشاركها بكائها فى صمت .. أقبل "عثمان" واقتحم الغرفة ففزعت "مريم" وانزوت أكثر فى حضن جدتها التى أحاطتها بذراعيها لتحميها منه .. قال "عثمان" بغضب وقسوة :
- اعملى حسابك ان كتب كتابك على "جمال" هيكون آخر الاسبوع والدخلة بعدها بيوم
تجمدت "مريم" فى مكانها واتسعت عيناها من الدهشة وقالت بصوت مرتجف :
- ايه .. بتقول ايه .. "جمال" مين .. كتب كتاب مين
صرخ فيها :
- أمال كنتى عايز تمشى على حل شعرك ونسيبك تعملى ما بدالك .. هتتجوزيه يعني هتتجوزيه .. لازمن نتستر على اللى حوصل ده
هبت "مريم" واقفه وقالت بغضب :
- أنا مغلطتش .. أنا معملتش حاجه غلط .. هو اللى طلعلى فجأة وحضنى غصب عنى معرفش طلعلى منين ومعرفش ليه عمل كده .. أصلا انا معرفش حد فى البلد .. ولا عمرى جيت هنا .. ازاى يعني هعرف واحد فى الكام يوم اللى أعدتهم هنا .. وانا مخرجتش لوحدى أبدا .. بخرج مع جدو أو "صباح" .. ازاى هيكون عارفه واحد يعني
قال بقسوة :
- يا تتجوزى اللى فضحتينا وضيعتيى شرفك وشرفنا معاه يا هجتلك بيدي يا بنت خوى
واجهته قائله بحزم :
- مش هتجوزه
نظر اليها "عثمان" بغيظ ثم صفعها على وجهها مرة أخرى وصرخ فيها :
- طبعا لازمن تبجى بجحه وجليله الحيا ما انتى كنتى أعدالى فى مصر لحالك وأكيد كنتي هناك برده ماشيه على حل شعرك
صرخت أمه وهبت واقف وأخفت "مريم" خلفها وصاحت فى "عثمان" :
- أبوك جالك لا تدخل فى الموضوع ده يا "عثمان" .. امشى اطلع بره
خرج "عثمان" وهى يغلى من الغضب .. انهارت "مريم" على الأرض باكيه وجلست جدتها بجوارها وأخذتها فى حضنها .. نظرت اليها "صباح" التى جاءت على اثر صراخهم .. لم تكن لتجرؤ على أن تقص الحقيقة على أحد .. كانت تشعر بألم قاتل فى قلبها .. فقد اتفق معها "جمال" على أن رجلاً آخر هو الذى سيقوم بذلك ويتزوج "مريم" .. لم تكن تعلم بأن "جمال" أراد "مريم" لنفسه .
*******************************
قالت جدة "مريم" لـ "عبد الرحمن" فى غرفتهما :
- آنى مش مصدجه ان "مريم" تعمل اكده
قال "عبد الرحمن" واجماً :
- الرجاله شافوها مع "جمال"
ثم أكمل بحيره :
- لحجت منين تعرف "جمال" وتسلمه حالها اكده
قالت زوجته :
- وعشان اكده بجولك ان مستحيل تكون عملت اكده هى جالتلى انه طلعلها فجأة
قال "عبد الرحمن" بحزم :
- خلاص مفيش فايده من الحديث ده ..لو متجوزتوش الناس هتفضل تتكلم عنها وعنا وانتى عارفه "عثمان" دمه فاير .. لو متجوزوش والله ليجتلها هى و "جمال" وتبجى الحرب بين العيلتين نارها جادت تانى
قالت زوجته بحسره :
- وذنبها ايه المسكينة دى .. اذا كان معملتش حاجه
قال "عبد الرحمن" بحزم :
- مصلحة الجبيله فوج كل شئ .. لازمن يتجوزا يا اما هنشوف بحر دم بين العيلتين .. متنسيش ان اللى حوصل زمان لسه ناره مبردتش لحد دلوجيت
ثم قال بحيره :
- وبعدين يعني كيف معملتش حاجه .. يعني "جمال" هيجيب مصيبه لنفسه ويتجوزها غصب عنه ليه يعني
تنهد قائلاً :
- اللى رايده ربنا هيكون ومحدش هيجدر يمنعه واصل

******************************
التقى "جمال" بالرجل الذى أخبر الرجلين على المقهى برؤيته لـ "جمال" مع امرأه .. أعطى له رزم نقديه قائلاً :
- آدى بجيت حجك
قال الرجل فرحاً :
- تسلم يا "جمال"
ربت "جمال" على كتفه قائلاً :
- طلعت راجل .. كنت خايف لتبوظلى المصلحة
- عيب يا "جمال" هو أنا عيل ولا اييه .. ده أنا خلتهم أعدين مش على بعضهم وجاموا معايا يشوفوا اللى بيحصل .. بس انت شيطان يا "جمال" بجد شيطان .. مكنتش أعرف ان جلبك مغلول للدرجة دى من عيلة "السمري"
قال "جمال" بقسوة :
- العين بالعين والسن بالسن والبادى أظلم .. زمان خدوا منينا حرمه بفضيحة .. ودلوجيت خدنا منيهم حرمه بفضيحة .. اكده معدش حد أحسن من حد
صمت لبرهه .. ثم قال بغل وعلامات الحقد والكره على وجهه :
- لا ومش أى حرمه .. دى بنت "خيري عبد الرحمن السمري" .. أخيراً عرفت أردلك اللى عيملته فينا يا "خيرى" .. وبنتك اتجرست زى ما مرت عمى اتجرست بالظبط.



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-10-15, 12:14 AM   #13

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 11 )


قضت "مريم" ليلها باكيه حزينه .. لا يفتر لسانها عن قول "حسبي الله ونعم الوكيل فى اللى ظلمنى" ظلت ترددها دون غيرها .. حتى تعبت ونامت .. ظلت جدتها ساهرة بجوارها حتى اطمئنت لنومها .. دثرتها جيداً وعادت الى غرفتها .. ما هى الا أقل من نصف ساعة حتى استيقظت "مريم" راقبت الساعة التى تسير الى الثانية عشر الا ثلث .. جلست على الفراش فى انتظار مرور الوقت .. وما ان دقت الساعة معلنة منتصف الليل حتى نهضت من فراشها وتوجهت الى الحقيبة الصغيرة التى تحوى خطابات "ماجد" وأخرجت منها الخطاب الذى حان دوره بحسب ترتيب الأرقام وجلست على فراشها تقرأه :
- حبيبتى "مريم" .. أتذكرين كلماتك لى وأنا على فراش المرض .. كنت تذكريننى دائماً بفضل الصبر وبثوابه عند الله .. كنتى تذكريني بالآية التى فى سورة "هود" والتى تقول " إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ " ... وبالآية التى فى سورة "النحل" والتى تقول " مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ الله بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " ... وبالآية التى فى سورة "المؤمنون" والتى تقول " إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ " .. كنتى تذكريني بتلك الآيات وتتليها على مسامعى لأحتسب دوماً آلامى وعذابي ومرضى .. ها أنا الآن أذكركِ بتلك الآيات ليكن لكِ فيها سلوى على فراقى الذى أعلم أنه كان شاقاً عليكِ .. حبيبتي "مريم" .. أثق جيداً فى أن الله سيحفظكِ ويرعاكِ .. لأننى أعرفكِ جيداً أعرف أنك تحاولين قدر استطاعتكِ ألا تغضبيه وأن تفعلى ما يرضيه لذلك أعلم بأنه سيكون معكِ مثلما أنتِ معه .. أختم خطابي بتلك الآية الكريمه .. والتى ستكون طلبي منكِ هذه المره .. " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ الله مَعَ الصَّابِرِينَ ".
أنهت "مريم" قراءه الخطاب والدموع فى عينيها وضمت الخطاب الى صدرها قائله :
- ياااه يا "ماجد" .. لو تعرف أنا أد ايه كنت محتاجه أسمع منك الكلام ده .. كأنك حاسس بيا ومعايا
نهضت وتوضأت ووقفت بين يدي الله تبث له شكواها وترجو رحمته .. ظلت تصلى طول الليل ولا يفتر لسانها فى السجود عن قول "حسبي الله ونعم الوكيل" .. فقد أوكلته وهو حسبها .. أنهت صلاة الفجر وجلست تقرأ وردها حتى الشروق .. شعرت بالسكينة وبالراحة تغمرانها .. وكأن صُب فى قلبها الذى يشتعل بردأً وسلاماً .. فاطمئن وسكن .. شعرت بشعور غريب يجتاح كيانها نظرت من مكانها الى شباك غرفتها والى النور الصباح الذى بدأ يتسلل الى السماء .. شعرت وكأن دعائها قد استجاب .. شعرت بقشعريرة غريبة تسري فى جسدها كله .. ظل نظرها معلقاً بالسماء وصوت بداخلها يهتف "لقد استجاب الله لكِ" .. كبر هذا الشعور بداخلها حتى أدركته بكل حواسها .. كان هذا الشعور بداخلها كما لو كان يقيناً وأمر واقع .. حتى أنها وجدت الإبتسامه تتسلل الى شفتيها وقلبها يرقص فرحاً .. شعور غريب لم تختبره من قبل ولا تعلم سببه ولا حتى تعلم كيف شعرت به .. كل ما تعلمه هو أنا كانت فى تلك اللحظة واثقة من شئ واحد فقط .. "لقد استجاب الله دعائها"

***************************************

طرقت "مى" باب غرفة أمها فأذنت لها بالدخول .. قالت أمها :
- تعالى يا "مى"
كانت الأم جالسه على فراشها تشاهد أحد البرامج فى تلفاز غرفتها .. اقتربت منها "مى" وجلست بجوارها .. أغلقت الأم التلفاز والتفتت الى ابنتها تنظر اليها بإهتمام .. قالت "مى" بشئ من التردد :
- فاكرة يا ماما لما كلمتينى من كام يوم فى أوضتى وقولتيلى لو فى حاجه حبه أتكلم فيها أتكلم معاكى انتى لانك هتفدينى أكتر من صحابى
- أيوة يا حبيبتى فاكره
بدا عليها التوتر فجذبتها أمها من يدها وأجلستها بالقرب منها وقالت بحنان :
- تخيلى دلوقتى ان احنا صحاب .. مش أم وبنتها .. واتكملى براحتك
قالت "مى" بخجل :
- فى عميل عندنا فى الشركة .. أنا كنت صممتله شغله من فترة .. دلوقتى رجع يتعامل مع مكتبنا تانى فى حملة جديدة و "مريم" هى اللى مسكاله شغله
صمتت فلم تقاطعها أمها .. أكملت "مى" بصوت خافت :
- هو انسان محترم أوى يعنى مشفتش منه حاجه وحشه .. وكمان مؤدب أوى وشخصيته حلوة .. يعني بصراحة .. أنا أعجبت بيه .. وحسه بحاجه نحيته
ثم تلئلئت العبرات فى عينيها وقالت :
- بس هو أنا حسه انه معجب بـ "مريم" .. لما بتغيب بيسأل عليها بإهتمام .. وفى آخر مرة طلب رقمها .. وحسه انه مش شايفنى أصلاً
صمتت أمها قليلا ثم قالت :
- عايز رقم "مريم" ليه
مسحت "مى" العبره التى تساقطت على وجنتها وقالت :
- هو انسان محترم أوى وجد .. يعني أنا حسه انه عايز يتقدم لـ "مريم" .. هو مش بتاع صحوبيه وكده .. وهو عارف ان "مريم" محترمة يعني أكيد عايز حاجه رسمى
قالت أمها وهى تنظر اليها بتمعن :
- وانتى حسه بإيه دلوقتى ؟
أجهشت "مى" فى البكاء وقالت :
- حسه انى بتقطع من جوه .. أنا فعلا حسه انى اتعلقت بيه أوى رغم انه بيتعامل معايا عادى جداً .. بس حسه ان هو ده الانسان اللى نفسي أرتبط بيه .. بس هو مش حاسس بيا خالص .. وكل ما يسألنى عن "مريم" أو يتكلم معاها أدامى بحس انى مخنوقة أوى ومضايقة أوى منه ومنها
ربتت أمها على ظهرها وقالت بهدوء :
- بصى يا "مى" .. أولا وقبل كل شئ انتى عارفه كويس ان الراجل اللى هتتجوزيه ده ربنا كتبهولك من قبل ما انتى تتولدى .. يعني مهما عملتى مش هتاخدى غير نصيبك اللى ربنا كتبهولك .. صح
أومأت "مى برأسها فأكملت أمها بحنان :
- عارفه ان اللى انتى حسه بيه دلوقتى شعور صعب .. بس حبيبتى الى ضايقتى فى كلامك انك قولتى انك لما بتشوفيهم مع بعض بتضايقي منه ومنها .. أولا يا حبيبتى لازم أفكرك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " .. و"مريم" صحبتك وأعز صحباتك .. وحتى لو مكنتش صحبتك وكانت مجرد زميله عاديه أو حتى واحده متعرفيهاش .. برده لازم تحبيلها الخير زى ما بتحبيه لنفسك .. لو هو الراجل ده ربنا اختاره لـ "مريم" محدش أبداً هيقدر يمنع ارتباطهم .. ولو ربنا اختاره ليكي انتى محدش أبداً هيقدر يمنع ارتباطه بيكي
هدأت "مى" قليلاً فأكملت أمها :
- الحقد والحسد أول حاجه بيدمروها هو صاحبهم اللى حاسس بيهم .. كل الناس فى جواها حسد .. مفيش حد مبيحسش الاحساس ده .. بس الفرق بين شخص والتانى هو الايمان .. اللى ايمانه قوى بيقدر يسيطر على مشاعر الحسد اللى جواه ويحولها لطاقة ايجابيه .. واللى ايمانه ضعيف بيسيب الشعور ده يتملك منه ويطغى عليه لحد ما يتدمر نفسياً ويحس انه كاره الناس وكاره نفسه .. اوعى تسيبي الاحساس ده يسيطر عليكي .. ولما تلاقى فى ايد غيرك حاجه انتى بتتمنيها بدل ما تحسديه وتحسي بالغضب وبالحقد .. قولى ما شاء الله لا قوة الا بالله .. ربنا يباركله فيها .. ساعتها الملايكه هتدعيلك زى ما دعيتيله .. وشوفى بأه الملايكة لما تدعيلك .. الملايكة اللى مفيش عليها ذنب واحد .. يعني أفضل من دعائك لنفسك مليون مره
لاحت الإبتسامه على شفتى "مى" وقد شعرت بالراحه تغمرها فأكملت أمها مبتسمه :
- "مريم" انسانه كويسة وتستاهل كل خير .. وانتى كمان كويسة وتستاهل كل خير .. وأكيد زى ما ربنا رزق "مريم" .. هيرزقك انتى كمان .. بس أهم حاجه تتقبلى تأخير الرزق بنفس راضيه .. مش صبر عشان مقدمكيش حل غيره .. لا نفس راضيه .. أنا راضيه يارب بكل اللى ترزقنى بيه وكل اللى تكتبه ليا لانك أدرى بمصلحتى ولانك عارف أكتر منى
ثم مسحت على شعرها قائله :
- اتفقنا يا حبيبتى
ابتسمت "مى" وألقت بنفسها فى حضن أمها قائله :
- ربنا يخليكي ليا يا ماما .. ريحتى قلبي ونبهتيني لحاجات مكنتش واخده بالى منها
قبلت أمها رأسها قائله :
- ربنا يريح قلبك كمان وكمان

****************************************

استيقظ الجميع فى بيت "عبد الرحمن" والتفوا حول طاولة الطعام .. كانت "مريم" هادئة ساكنه .. قال "عثمان" لأبيه وهو يرمق "مريم" بنظراته :
- اتفجنا مع الحاج "سباعى" على كل حاجه .. وكتب الكتاب هيكون اهنه فى بيتنا
قامت "مريم" قائله :
- بعد اذنكوا
هتفت جدتها :
- انتى مكلتيش حاجه يا بنيتي
نظرت اليها "مريم" قائله بوجوم :
- شبعت يا تيته
ثم دخلت غرفتها .. نظرت أم "عثمان" اليه بعتاب قائله :
- كان لزمن الحديث ده على الوكيل يا "عثمان" .. سميت بدن البنيه
قال "عثمان" متهكماً :
- ماهى عارفه انها هتتجوزه .. ولا كانت فالحه بس تجابله فى السر وتجل أدبها معاه
قاطعه "عبد الرحمن" بحدة قائله :
- لما تتكلم عن بنت أخوك تتكلم بإسلوب أحسن من اكده .. آنى لحد دلوجيت مش مصدج ان "مريم" تعمل اكده .. بس مضطر للجوازه لانى عارف ان ده لو محصلش الناس هتاكل وشنا يا اما هتتجلب لدم
قال "عثمان" بعنف :
- يمين بالله لو متجوزته لكون جاتلها هى وياه
قال "عبد الرحمن" بغضب :
- طول عمرك ما بتعرف تحل أمورك بهدوء .. ما كان فى ولادى غير "خيري" الله يرحمه هو الوحيد اللى كان عاجل وعجله يوزن بلد
ثم نظر اليه بإحتقار قائلاً وهو يغادر :
- سديت نفسي الله يسد نفسك

ظلت "صباح" تحاول الإتصال ب "جمال" الذى لم يجيب على أى من اتصالاتها .. كانت تشعر بغضب بالغ .. حبيبها سيتزوج من ابنة أخوها ..
وهى التى ساعدته فى تنفيذ خطته للإيقاع ب "مريم" والزواج بها .. كانت تشعر بغيرة فاقت قدرتها على الإحتمال فحولتها الى كلب مسعور يريد الفتك بمن تسبب بإشعال نار غيرتها .

******************************************

كانت "نرمين" تجلس مع عمتها "بهيرة" فى حديقة الفيلا .. قالت "بهيرة" :
- النجع وأهل النجع وحشونى جوى
بتسمت "نرمين" قائله :
- أنا نفسي أشوف المكان اللى بابا اتربى فيه
ابتسمت "بهيرة" قائله :
- ان شاء الله يا ابنيتى نبجى نروح كلياتنا
ثم تنهدت قائله :
- بس لما ربك يريد والأمور تتصلح
قالت "نرمين" بإستغراب :
- أمور ايه اللى تتصلح
- متشغليش بالك انتى با بنيتي دى مشاكل جديمه جوى متشغليش عجلك بيها
رن هاتف "نرمين" فوجدت رقماً غريباً استأذنت من عمتها وابتعدت قائله :
- السلام عليكم
- حبيبتى وحشتيني
قالت بجديه :
- انت مبتهزهأش
- منك لا طبعاً مستحيل أزهأ
- أفندم عايز ايه
- عايز أقولك انك قاسيه أوى وبسببك معرفتش أنام طول الليل .. كان نفسي أوى أكلمك واسمع صوتك بس تليفونك كان مقفول .. مجاليش نوم طول الليل من خوفى عليكي خوفت تكونى تعبانه أو حاجه حصلتلك ومحتجانى جمبك
قالت "نرمين" بخفوت :
- لأ مش تعبانه ولا حاجه وبعدين أعرفك منين يعني عشان أحتاجك جمبي لو تعبت
- انتى لسه مش حسه بيا يا "نرمين" .. ليه مش قادره تحسي انى فعلاً بحبك ... وانك بقيتي كل دنيتي .. صحيح متكلمناش مع بعض كتير بس أنا قريب منك أوى وشوفتك أكتر من مرة
قالت بإستغراب :
- شوفتنى فين
- أقولك ويبقى سر بينا
- أيوة قول
- أنا واحد من صحاب أخوكى "مراد" .. حبيت بس أقولك كده عشان تكونى مطمنه من نحيتي .. لانى طبعاً مستحيل أكون بلعب بأخت صاحبى
قالت "نرمين" بإستغراب :
- انت مين فيهم .. مين فى صحابه
- تؤ مش هقولك .. هسيب قلبك يدلك
ثم قال :
- سلام يا حبيبتى .. هكلمك تانى متقفليش تليفونك عشان مقلقش عليكي
أنهت "نرمين" المكالمة وابتسامه صغيره قد رتسمت على شفتيها

******************************************

اتصل "سباعى" بـ "بهيرة" قائلاً :
- لازم تيجي النجع يا بهيره .. "جمال "كتب كتابه آخر الإسبوع
قالت "بهيرة" بسعادة :
- بجد .. ما شاء الله أخيرا الواد ده هيعجل ويتجوز
تنهد "سباعى" بحسرة قائلاً :
- اييوه
قالت "بهيرة" بفرحه :
- مين اللى هيتجوزها .. من عيلة مين ؟
تنهد "سباعى" قائلاً :
- من عيلة "السمري"
اختفت ابتسامة "بهيرة" وقالت بوجوم :
- من بيت مين فى عيلة "السمري" ؟
- من بيت "عبد الرحمن"
قالت "بهيرة" بحده :
- واشمعنى يعني بيت "عبد الرحمن" .. واشمعنى عيلة "السمري" أصلاً .. "جمال" ملجاش غيرهم فى البلد ولا ايييه
قال "سباعى" بنفاذ صبر :
- أما تيجي هبجى أحكيلك .. المهم دلوجيت آني مستنيكي لازمن تحضرى
- ان شاء الله يا "سباعى" متخافش .. "مراد" لما ييجي هجوله وان شاء الله هجيلك اما بكرة أو بعده بالكتير
- طيب يا "بهيرة" بس خلى "مراد" ياخد باله وميتكلمش مع حد واصل وانتوا فى البلد
- متجلجش يا "سباعى" .. "مراد" عارف اكده امنيح
- طيب سلام دلوجيت

فى تلك للحظة دخلت "مراد" بسيارته من بوابه الفيلا وتوقف أمام الباب .. قامت عمته ونادته قائله :
- "مراد" تعالى شويه
أقبل "مراد" عليها قائلاً :
- ازيك يا عمتو .. اخبار صحتك ايه النهاردة
قبل يدها فقالت :
- امنيحه يا ولدى .. اجعد عايزه أتكلم معاك
جلس قائلاً :
- خير يا عمتو
ابتسمت قائله :
- "جمال" ابن عمك "سباعى" .. كتب كتابه آخر الاسبوع ان شاء الله
ابتسم قائلاً :
- ربنا يتممله على خير
أكملت قائله :
- وأنا بدى أروح وانت طبعاً هتيجي معى
- طبعاً يا عمتو ان شاء الله نروح سوا
- بس يا ولدى آنى حبه أروح جبلها بكام يوم يعني مش معجول أروح يوم كتب الكتاب على طول
ابتسم "مراد" وأومأ برأسه قائلاً
- مفيش مشكلة يا عمتو ممكن نسافر بكرة ان شاء الله .. هرجع دلوقتى على الشركة وأخلص الشغل المهم عشان الكام يوم اللى هنعدهم هناك
ربتت على كتفه قائله :
- ربنا يحميك يا ولدى ويبارك فيك

***************************************


جلست "مريم" واجمة فى غرفتها على فراشها .. دخلت جدها الغرفة وجلس بجوارها .. لم تلتفت اليه "مريم" فقال لها :
- انتى منيحه يا بنتى
أومأت "مريم" برأسها وقالت بهدوء :
- أيوة كويسة لانى واثقة ان ربنا هيجبلى حقى لانه ميرضاش بالظلم .. وانتوا كلكوا ظلمتونى
نظر اليها "عبد الرحمن" قائلاً :
- اسمعيني امنيح يا بنتى .. آنى مش مصدج اللى اتجال عليكي .. عارف ان الرجال شافوكى معاه .. بس آنى مش مصدج .. بس يا بنتى لو متجوزتيش "جمال" هتبجى مشكلة كبيرة جوى .. من ناحية الرجال فى عيلتنا هياكلوا وشنا بسبب اللى حصل والكلام اللى اتنشر دلوجيت فى العيلة كلياتها .. ومن جهه لان محدش منهم هيسكت لو جولنا ما بدهاش تتجوزه .. ويمكن حدا منهم يتهور وتجلب لدم .. اسمعى يا بنتى كان بين عيلتنا وعيلة "الهوارى" مشاكل كتير.. راح فيها شباب زى الورد بسبب التار .. أسر بكاملها راحت فى الرجلين .. وممكن تكون البدايه حاجه تافهه جوى .. بس جلبت بدم .. وكل عيلة عايزة تاخد بتارها من العيلة التانية وهكذا واحد من عيلتنا مقابل واحد من عيلتهم .. استمر الوضع سنين طوال .. لحد ما حصل اللى وحدنا ووجف بحر الدم بيناتنا .. وآنى ما بديش نرجع للى فات تانى والعداوة بيناتنا .. ويضيع رجالتنا وشبابنا بسبب هاى العادة المتخلفة .. وعشان اكده انا و "سباعى" من سنين طوال عاهدنا بعض نعمل كل اللى فى وسعنا عشان نمنع المشاكل بين العيلتين .. ونوجف تيار الدم اللى بيناتنا
التفتت اليه "مريم" قائله بأعين دامعه :
- طيب أنا ذنبي ايه .. أنا مغلطتش .. ومش عايزه أتجوزه
قال "عبد الرحمن" بحزم :
- آنى جولتلك ان مصلحة العيلة والجبيلة فوج كل شئ وبعدين احنا مش هنرميكي يا ابنيتى .. لو "جمال" معرفش يحافظ عليكي هناخدك منيه
قالت "مريم" بحنق :
- بعد ما أكون اتجوزته
قال "عبد الرحمن" :
- يا بنتى "جمال" ابن عيلة أكابر .. وعنده شركه بتاعته .. وراجل زين .. يعني مش هنرميكي لراجل مش من مجامك .. لا عيلة "الهوارى" عيلة كبيرة ومعروفة وسط الخلج
قالت "مريم" بغضب :
- وأنا ميهمنيش هو من عيلة مين أو عنده ايه .. أنا مش عايزه لا أتجوزه ولا أتجوز غيره .. هو ظلمنى معرفش ليه عمل كده وهو ميعرفنيش بس أنا واثقه ان ده بسبب العداوة اللى كانت بين العيلتين .. بس قادر ربنا ينتقم منه ويجبلى حقى
قام "عبد الرحمن" وقال بحزم :
- الكلام ده معدش له لزوم .. لان خلاص كل شئ اتحدد واترتب
قالت "مريم" بعند :
- ربنا معايا وهينصرنى أنا واثقه .. اعملوا اللى تعملوه مفيش مأذون هيرضى يجوزنى من غير ما أقول أنا موافقه
صاح "عبد الرحمن" غاضباً :
- انت دماغك ناشفه كتير
ثم تركها وانصرف .. وعادت "مريم" الى شرودها مرة أخرى ولسانها لا يفتر ترديد الآيه فى سورة الشعراء التى تقول " رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ" .. ظلت ترددها ولا تقول غيرها حتى فى صلاتها وسجودها كان هذا دعائها الوحيد " رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ "

****************************************

فى صباح اليوم التالى قاد "مراد" سيارته بصحبة عمته متوجهاً الى النجع .. وصلا بعد عناء السفر واستقبلهم "سباعى" بالترحاب .. أقبل علي "مراد" قائلاً :
- أهلا ومرحبا بإبن خوى
عانقه "مراد" قائلاً :
- ازيك يا عمى أخبارك ايه
ابتسم "سباعى" قائلاً بفرح :
- امنيح يا ولدى كيفك انت وكيف اخواتك البنات
قال "مراد" مبتسماً :
- بخير الحمد لله يا عمى .. ازي عريسنا أخباره ايه
أشار "سباعى" الى الداخل قائلاً :
- عندك جوه ادخله يا ولدى
ساعد "مراد" عمته "بهيرة" على الخروج من السيارة .. استقبلها "سباعى" قائلاً :
- كيفك يا بنت بوى
- الحمد لله يا "سباعى" كيفك انت ومرتك وابنك
- الحمد لله يا "بهيرة" الحمد لله
استقبل "جمال" .. "مراد" بالترحاب وعاقنه قائلاً :
- أهلا أهلا بـ "مراد" ولد عمى
قال "مراد" :
- أهلا بعريسنا .. مبروك يا "جمال" ربنا يتمملك بخير
قال "جمال" بسعادة :
- عجبالك انت كمان يا ولد عمى .. أمال فين عمتى مجتش معاك ولا اييه
- لا جت .. بره مع عمى
- ماشى هروح أسلم عليها .. يلا ادخل غرفتى ارتاح شوى
- ماشى يا "جمال"
توجه "مراد" الى غرفة عمته أولاً ووضع بها حقيبتها ثم توجه الى غرفة "جمال" ووضعه حقيبته بها .. دخل وأخذ دشاً خرج ليجد "جمال" جالساً على فراشه قائلاً بمزاح :
- ايه رأيك نشوفلك واحده من بلدنا مادام بنات مصر مش عاجبينك
ابتسم "مراد" قائلاً :
- هو انا أسيب ماما فى القاهرة تطلعلى انت يا "جمال" .. بقولك ايه عشان منخسرش بعض أفل على الموضوع ده خالص
ضحك "جمال" قائلاً :
- ماشى يا ولد عمى .. بس لو نويت جولى وأنا أختارلك عروستك .. آنى أعرف كل البنات اللى فى البلد .. ومنهم بنات ايييه يا بوى يحلوا من على حبل المشنجه
ضحك "مراد" قائلاً :
- يا ابنى انت كمان كام يوم وهتتجوز .. لو مراتك سمعتك بتتكلم كده متلومش الا نفسك
قال "جمال" :
- لا آنى أجول وأعمل اللى على كيف كيفي .. وهى مش هتكون أكتر من الكرسي اللى انت جاعد عليه ده
ابتسم "مراد" بتهكم وقال :
- بداية غير مبشرة .. ربنا يكون فى عونها
قال "جمال" وهو يغادر الغرفة :
- آنى أدرى بالطريجه اللى أعامل بيها مرتى .. يلا ارتاحلك شوى

التف الجميع حول طاولة الطعام فى بيت "سباعى" .. قالت "بهيرة" التى كانت تشعر بدوار موجهه حديثها الى أخيها :
- جولى بجه يا "سباعى ايه حكاية الجوازه دى بالظبط .. واشمعنى بيت "عبد الرحمن السمري"
فجأة وأمام أعينهم المندهشه سقطت "بهيرة" مغشياً عليها .. فزع "مراد" وهب واقفاً .. جثا على ركبتيه بجوارها وحاول أن يفيقها .. استجابت عمته له بصعوبه .. حملها مع "جمال" الى غرفتها وأحضروا لها الطبيب الذى قال :
- هى مكنش ليها سفر دلوجيت .. شكلها الضغط عندها عالى جوى .. والسفر تعابها بزيادة .. مطلوب راحه تامه وتاخد أدويتها بمعادها .. وكمان الأدوية بتاعة ضهرها تاخدها بإنتظام لان من الواضح انها مكنتش مواظبه عليهم .. وياريت محدش يجولها اى حاجه تضايجها او ترفع ضغطها لان ضغطها عالى كتير
تنهد "مراد" قائلاً :
- شكراً يا دكتور
انصرف الطبيب والتف الجميع حول "بهيرة" .. قالت والدة "جمال" :
- حمدالله على سلامتك يا "بهيرة" خوفتينا عليكى جوى
جلس "مراد" بجوارها وقبل يدها قائلاً :
- حمدالله على سلامتك يا عمتو
التفتت اليه قائله :
- تسلم يا ولدى
قال "سباعى" :
- ارتاحى يا اختى ولو احتجتى حاجه ناديلنا
أومأت برأسها وانصرف الجميع ليتركوها تنعم بالراحه

طلب "سباعى" من زوجته و من "جمال" اللحاق به فى غرفته .. أغلوا الباب خلفهم والتفت اليهم قائلاً :
- حالة "بهيرة" لا تسر عدو ولا حبيب .. مش عايزها تدرى بالمصيبة اللى وجعنا فيها عشان الضغط ميعلاش تانى
قال "جمال" :
- متخافش يا بوى مش هجيبلها سيرة واصل
سأله "سباعى" بقلق :
- جبت سيرة ل "مراد"
- لا متكلمتش معاه فى حاجه
- امنيح .. مجولوش حاجه مفيش داعى يعرف وعشان كمان ميجولش لعمته .. وان شاء الله الموضوع يعدى على خير .. وكتب الكتاب ينكتب فى معاده ونخلص من الورطة دى

**************************************
بعد يومين قال "عثمان" لـ "مريم" التى كانت تساعد جدتها فى المطبخ :
- اعملى حسابك ان بكره هنروح سوا عشان الكشف الطبي اللى بيطلبوه عشان كتب الكتاب
نظرت اليه ببرود قائله :
- مفيش داعى ..لانى مش هتجوز
اقتحم "عثمان" المطبخ صاح فى غضب :
- جولتى اييه سمعيني تانى اكده
أبعدته أمه قائله :
- "عثمان" روح شوف صالحك
نظر الى "مريم" بغضب قائلاً :
- بكرة الصبح تكونى جاهزه بكير سمعتى ولا مسمعتيش
قالت أمه وهى تخرجه من المطبخ :
- طيب هتكون جاهزه يلا انت امشى من هنه .. يلا دلوجيت
عادت "مريم" تكمل ما بيدها وهى تشعر بالحزن والأسى وعادت مرة أخرة تردد "رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ "
فى صباح اليوم التالى وفى المركز الطبي جلس "مراد" بجوار "جمال" الذى أخذ يهتف بحنق :
- مش عارف آنى لزمته ايه الكشف ده .. أهو عطله على الفاضى
قال له "مراد" :
- متقلقش الموضوع مش بياخد وقت
رن هاتف "مراد" فوجد أن المتصل والدته .. حاول التحدث معها لكن كان الصوت متقطعاَ بشدة فنهض قائلاً :
- ماما اقفلى وهطلع أتكلم من بره لان المكان اللى أنا فيه الشبكة فيه ضعيفه
التفت الى "جمال" قائلاً :
- هطلع أكلمها من بره وأرجعلك
- ماشى يا ولد عمى

نزلت "مريم" من سيارة "عثمان" التى أوقفها أمام المركز الطبي قائلاً :
- اسبجيني انتى .. آنى هركن العربيه وآجيلك
ذهبت فى اتجاه المركز وعلامات الآسى على وجهها .. ستفعل كل ما يطلبوه منها حتى معاد كتب الكتاب .. لكنها لن توافق على الزواج أبداً حتى لو كان البديل هو موتها .. كانت تسير مكتئبه حزينه فما كادت توشك على الدخول من باب المركز حتى وجدت رجلاً خارجاً فرجعت خطوة الى الخلف لتسمح له بالمرور .. رفعت رأسها فارتطمت نظراتها بوجه الرجل .. لم تشعر بحقيبة يدها التى سقطت منها .. انحنى "مراد" والتقطت حقيبتها التى سقطت ونظر اليها قائلاً :
- اتفضلى
بدت "مريم" وكأنها لا تسمعه .. كانت تحدق فى وجهه بشدة بأعين متسعه .. أخذت نظراتها تتفرس فى ملامحه وهى تنظر اليهبذهول .. شعر "مراد" بغرابة نظراتها .. ظل متفرساً فيها هو الآخر يحاول فهم تلك النظرات الغريبة التى ترمقه بها .. كانت نظراتها تتسم بالدهشة والصدمة ثم مالبثت أن تحولت الى نظرة شوق ولهفه وكأنها حبيبه التقت بحبيبها بعد طول غياب .. قال "مراد" مرة أخرى وهو يحاول تفسير نظراتها :
- اتفضلى
مدت يدها تأخذ الحقيبة وهى لا ترفع عينيها عن وجهه فلمست يده .. نظر "مراد" الى يدها الموضوعه على يده ثم رفع نظره اليها .. لحظة وأفاقت لنفسها وشعرت بالخجل الشديد أخفضت بصرها وأخذت الحقيبة ودخلت الى المركز مسرعة .. تابعها "مراد" بنظراته وهو مازال مندهشاً من تمعنها فى النظر اليه بهذا الشكل .. دخلت "مريم" وجلست على أقرب مقعد وهى تشعر بأن قدماها ترتجفان ولا تستطيعان حملها .. وبضربات قلبها تتسارع ويزداد اضطراب تنفسها .. بدا عليها الذهول الشديد .. عندها رفعت نظرها لترى "جمال" الذى كان متجهاً للخارج ويبدو أنه لم ينتبه اليها .. حمدت الله على ذلك فلو جاء للتحدث اليها لما استطاعت التحكم فى أعصابها ولكانت صرخت فى وجهه بكل ما يعتمل فى داخلها من غضب .. خرج "جمال" و انتظر حتى أنهى "مراد" مكالمته ثم قال :
- خلاص خلصت
قال له "مراد" :
- طيب كويس يلا نمشى
التفت "مراد" ليلقى نظرة على المركز قبل أن يغادر وهو مازال مندهشاً من النظرات التى رمقته بها تلك الفتاة .. التقيا ب "عثمان" الذى دلف من بوابه المركز الخارجية فقال له "جمال" بسخرية :
- أهلا يا عم مرتى
قال له "عثمان" بغيظ وهو يسير فى طريقه :
- جبر يلمك
أطلق "جمال" ضحكه عاليه ساخرة وهو يتابعه بنظراته .. قال له "مراد" :
- مين ده
التفت اليه جمال قائلاً :
- عم مرتى
- بس شكله مضايق منك
ابتسم "جمال" بسخرية قائلاً :
- تعالى تعالى متشغلش بالك كتير


*************************************

- متأكد انها بنت "خيري السمري" ؟
ألقى "حسن المنفلوطى" هذا السؤال على أحد رجاله الذى رد قائلاً :
- أييوه متأكد .. وكتب كتابها هى و "جمال السباعى" آخر الاسبوع
كان "حسن المنفلوطى" رجل فى العقد السادس من عمره .. لكن تبدو عليه القوة والصلابة وتعبيرات وجهه التى تتسم بالغلظة والقسوة .. قال وكأنه يتحدث الى نفسه :
- يعني بنت "خيري" هياخدها ابن "سباعى"
ثم التفت الى الرجل قائلاً :
- لسه مفيش أخبارك عن "خيري السمري" أو "خيري الهواري"
- لأ يا حاج "حسن" مظهرش ولا واحد منيهم
قال "حسن" :
- أكيد "خيري السمري" هيظهر فى فرح بنته
قال الرجل :
- وان مظهرش ؟
قال "حسن" بحزم :
- ان مظهرش ومعرفتش أوصله لا هو ولا "خيري الهواري" .. يبجى لازمن الفرح ده يتحول لبركة دم .. والعيلتين يجعوا فى بعض

************************************
آتى اليوم الموعود وتعالت الزغاريد فى بيت "عبد الرحمن" كانت "مريم" تنظر الى ما حولها وكأن الأمر لا يعنيها .. كانت عازمة ومصرة على رفض هذا الزواج وأن تقف أمام هذا الظلم الذى وقع عليها .. لن تسمح لهذا المدعو "جمال" أن يحقق غرضه مهما كان السبب الذى دفعه لأن يفعل ذلك ويتزوجها بهذه الطريقه المهينه .. أصرت جدتها على ارتداء احدى العباءات المنقوشة .. امتثلت لطلب جدتها بعد الحاح لكنها اصرت على عدم وضع أى زينه .. لبست عبائتها المزركشة وارتدت حجابها والتف حولها النساء يصفقون ويغنون وهى جالسه بينهم فى هدوء
اجتمع رجال العائلتين بالأسفل فى انتظار حضور المأذون الذى سيكتب كتاب "جمال" على "مريم" .. كان "جمال" يبدو سعيداً للغاية ويرحب بالرجال بحماس والابتسامه لا تغادر شفتاه وهى مزهواً بنفسه وبإنتصاره .. قال أحد رجال "المنفلوطى" المندسين بين عائلة "الهوارى" لآخر :
- هو مين هاد ؟
أشار الرجل الى "مراد" الجالس بجوار "سباعى" ويتحدثان معاً .. قال له الرجل :
- معرفش بس اظاهر انه يجرب لعيلة "الهوارى" لانه جاعد وسطيهم واظاهر انه حد مهم لانه جاعد جمب "سباعى" بذات نفسه وبيتكلموا مع بعض
أومأ الرجل المندس برأسه وهو ينظر الى "مراد" بتمعن متفحصاً اياه .. ذهب وسأل أحد الرجال من عائله "السمري" عن "مراد" فرد الرجل :
- معرفش يا ولد العم .. اللى أعرفه انه جاعد فى بيت "سباعى" .. يمكن ابن حد من جرايبه .. معرفش بالظبط
ذهب الرجل بعيداً عن الأبصار وأخذ يتحدث الى هاتفه هامساً .

************************************
اقتربت زوجة "سباعى" من "بهيرة" النائمة فى فراشها والتفتت الى الخادمة قائله بهمس :
- خلى بالك منيها .. من ساعة ما اجت من مصر وهى تعبانه ومبتتحركش من السرير من ألم ضهرها ومن الضغط اللى عنديها .. لو فاجت واحتاجت حاجه متخليهاش تنزل من فرشتها وهاتيهالها انتى
قالت الخادمة :
- حاضر يا حجه متجلجليش ست "بهيره" فى عنيا .. مبروك لـ "جمال" بيه
- الله يبارك فيكي .. يلا فتك بعافيه اتاخرت عليهم
غادرت زوجة "سباعى" وماهى الا لحظات حتى أفاقت "بهيرة" وحاولت الجلسو .. أسرعت الخادمة اليها قائله :
- عايزة حاجه يا ست "بهيرة"
قالت "بهيرة" بصوت خافت من التعب :
- هما اهنه ولا مشيوا
- لا مشيوا راحلوا كلياتهم كتب الكتاب
أومأت "بهيرة" برأسها فأكملت الخادمة :
- والله سي "جمال" ده راجل ولا كل الرجاله مش عارفه ايه بس اللى وجعه فى العيلة دى
تمتمت "بهيرة" قائله :
- وآنى كمان مش عارفه اشمعنى اختار بنت "عبد الرحمن" .. ما البنات مليين البلد
قالت الخادمة :
- لا يا ست "بهيرة" مش بنت "عبد الرحمن"
التفتت اليها "بهيرة" وقالت بضعف :
- بتجولى ايه يا بت .. هيتجوز بنت "عبد الرحمن"
- لا يا ست "بهيرة" هيتجوز حفيدة "عبد الرحمن"
قالت "بهيرة" بدهشة :
- حفيدته مين .. "عبد الرحمن" معندوش حفيدة
ابتسمت الخادمة قائله :
- لا عنده .. بنت ابنه "خيري" .. لجوها من فترة وجابوها تعيش حداهم
اتسعت عينا "بهيرة" من الدهشة وقالت وعلامات الصدمة على وجهها :
- "جمال" هيتجوز بنت "خيري عبد الرحمن " ؟
- اييوه
هبت جالسه مكانها وكأنها تناست مرضها وآلامها وهتفت قائله :
- انتى متأكده ؟
قالت الخادمة بتوتر :
- ايوة متأكده
أزاحت "بهيرة" الغطاء بعنف وصاحت بصوت مرتجف وهى تغادر فراشها :
- مستحيل يتجوزها "جمال" .. مستحيل
لكنها ما كادت تقف حتى سقطت على الأرض مغشياً عليها .

ذهبت زوجة "سباعى" الى بيت "عبد الرحمن" واستقبلتها زوجة "عبد الرحمن" وأجلستها مع النساء فى الغرفة .. تطلعت زوجة "سباعى" الى "مريم" من رأسها الى أخمص قدمها وقالت بتهكم :
- هى مش هتيجي تسلم عليا وتبوس يدي ولا اييه
قالت زوجة "عبد الرحمن" لـ "مريم" :
- جومى يا بنتى سلمى على حماتك وبوسى يدها
قامت "مريم" وتوجهت اليها قائله :
- ازيك حضرتك
قالت لها بتهكم :
- امنيحه
عادت "مريم" أدراجها وجلست مكانها دون أن تفكر حتى فى تقبيل يد المرأة .. استمرت النساء فى التصفيق والغناء .. كانت هناك عينان تتطلعان الى "مريم" بحقد وحسد وغل دفين .. عينا "صباح" كانت تشعر بالنار تأكلها من كل جانب .. فها هى تلك الفتاة ستصبح بعد لحظات زوجة لحبيبها .. حبيبها الذى انتظرته سنوات طوال .. وملك حبه كل كيانها .. نظرت اليها وكأنها تريد تقطيع أوصالها .. وكأنها تريد تهشيم رأسها .. وكأنها تريد قتلها .. كانت تغلى من الغضب .. لم تشعر بنفسها الا وهى متوجهه الى غرفة والدها .. فتحت أحد الأدراج الذى كانت تعلم جيداً بإحتوائه على قطعة سلاح .. أخذتها وأخفتها فى ملابسها وخرجت من الغرفة والشرر يتطاير من عينيها .

************************************
جاء المأذون فصاح "عثمان" :
- المأذوج اجه
قال "عبد الرحمن" :
- على خيرة الله
صاح "سباعى" فى أحد الرجال :
- نادوا لـ "جمال" عشان نكتب الكتاب
نهض "عبد الرحمن" قائلاً :
- وآنى هروح أخد موافجة العروسة
سأل المأذون :
- فين العريس ؟
رد "سباعى" :
ثوانى وييجى العريس
لحظات وجاء "جمال" وهتفت بمرح :
- منورينا يا رجاله عجبال عندكم كلياتكوا
جلس "جمال" بجوار المأذون فى انتظار "عبد الرحمن" .. التفت الى "مراد" الجالس بجواره قائلاً :
- عجبالك يا ولد عمى
ابتسم له "مراد" وربت على كتفه
كان أحد رجل "المنفلوطى" المندس وسط الحضور .. يمعن النظر فى "مراد" الجالس بجوار "جمال" ويده تتحسس مسدسه الذى أخفاه بين طيات ثيابه
سُمع صوت الطلقات فى الهواء تعبيراً عن فرحهم بهذا الزواج .. كانت الطلقات تخترق السماء بعشوائيه .. لكن أحدى الطلقات لم تنطلق بعشوائيه .. بل انطلقت متعمدة .. متعمدة لأن تخترق أحد الأجساد .. انطلقت الرصاصة تعرف وجهتها جيداً .. تعرف فى أى جسد ستستقر .. ولم تخطئ الرصاصة وجهتها .. واستقرت فى الجسد الذى أطلقت من أجله .. لتنفجر الدماء من هذا الجسد قبل أن يسقط أرضاً .



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-10-15, 12:50 PM   #14

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 12 )


سُمع صوت الطلقات فى الهواء تعبيراً عن فرحهم بهذا الزواج .. كانت الطلقات تخترق السماء بعشوائيه .. لكن أحدى الطلقات لم تنطلق بعشوائيه .. بل انطلقت متعمدة .. متعمدة لأن تخترق أحد الأجساد .. انطلقت الرصاصة تعرف وجهتها جيداً .. تعرف فى أى جسد ستستقر .. ولم تخطئ الرصاصة وجهتها .. واستقرت فى الجسد الذى أطلقت من أجله .. لتنفجر الدماء من هذا الجسد قبل أن يسقط أرضاً .
تعالى الهرج والمرج وبدأت النساء فى الصراخ قفز قلب "مريم" من مكانه وهى تردد :
- استر يارب .. استر يارب
تجمهر الرجال وتعالت أصواتهم :
- اتصلوا بالإسعاف بسرعة
- مين ابن التيييييييت اللى عمل اكده
- هاتوا حاجه نكتم بيها الدم
ووسط الرجال المتجمعين حول بركة الدماء التى خلفها النزف .. كان "مراد" جاثياً على ركبتيه حاملاً رأس "جمال" فوق ذراعيه وأخذ يقول بصوت مضطرب :
- "جمال" .. متقلقش الإسعاف فى الطريق
ثم صرخ فى الرجال قائلاً :
- اقفلوا الباب كويس عشان اللى عمل كده ميهربش ومتسمحوش لأى حد انه يخرج من هنا
نفذ الرجال أوامره وأغلقوا البوابه الخارجية تماماً ولم يسمحوا بخروج أحد على الإطلاق
أخذ "سباعى" يردد :
- ولدى .. ولدى "جمال" .. مين اللى عمل اكده .. آه يا ولدى
ربت "عبد الرحمن" على كتفه محاولاً تهدئته .. تعالت أصوات صراخ النساء وخاصة أم "جمال" .. فصعد اليهم "عبد الرحمن" مسرعاً وصرخ فيهم قائلاً :
- أى حرمه فيكم هتفتح خشمها يمين بالله لطخها
انزوت النساء وهن يشعرن بالخوف من تهديد "عبد الرحمن" .. وكتمن صرخاتهن .. نظرت "مريم" من الشرفة مع النساء المتجمهرات فى الشرفة ورأت "جمال" نائماً على الأرض والرجال حوله .. نظرت اليه بأسى وقالت بصوت خافت :
- يمهل ولا يهمل .. اللهم لا شماته
فتح "عثمان" البوابه لتدخل سيارة الإسعاف التى حملت "جمال" و "سباعى" وزوجته وانطلقت الى المستشفى وانطلق خلفهم "مراد" بسيارته .. و "عبد الرحمن" بسيارته وقال لـ "عثمان" :
- خليك اهنه يا "عثمان" متسمحش لحدا انه يمشى لازمن نعرف مين اللى عمل اكده .. مين اللى استجرى يطخ "جمال" فى بيتي
- حاضر يابوى متجلجش
أمر "عثمان" الرجال بغلق البوابه لحين حضور الشرطة .. تجمهر الرجال وكل منهم يحاول تخمين هوية من أطلق النار على "جمال" .. قال أحد أفراد عائلة "السمري" :
- لا حول ولا قوة الا بالله
قال أحد رجال "الهواري" بغيظ :
- مش عارفين تحمونا فى بيتكم يا ولاد "السمري" .. ينطخ ابن كبيرنا النار فى داركم
قال أحد رجال " السمري" بحده :
- ملناش صالح باللى حوصل .. الله أعلم مين اللى عيميلها
قال أحد رجال "الهوارى" غاضباً :
- هيكون مين اللى عيميلها غير حدا منيكم
قال أحد أحد رجال "السمري" غاضباً :
- واحنا اييه مصلحتنا نعمل اكده مادام ابنكوا وافج يتجوز بنتنا
قال أحد رجال "الهواري" متهكماً :
- ما انتوا لو كنتوا عرفتوا تربوا بنتكوا مكنش حوصل اكده
وقامت معركه بين الرجال وتعالت أصوات النساء بالصراخ مرة أخرى .. دخلت "مريم" الى احدى الغرف الشاغرة وأغلقت الباب عليها .. كانت تشعر بالرعب وظل قلبها يخفق بشدة .. جلست على الفراش وظلت تستغفر ربها وتحاول أن تهدئ روعها وتوقف ارتجافة جسدها .. بعد لحظات حضرت الشرطة وفرقت الرجال .. وأخذوا أقوال الجميع وانفض الجمع .

*************************************************

فى المستشفى جلس "سباعى" مع زوجته و "مراد" و "عبد الرحمن" وبعض الراجل من العائلتين خارج غرفة العمليات فى انتظار خروج "جمال" .. بعد ساعتين خرج الطبيب من غرفة العمليات فأقبل عليه "سباعى" فى لهفة قائلاً :
- طمنى يا دكتور .. ولدى جراله اييه
قل الطبيب بهدوء :
- للأسف الرصاصة استقرت فى عموده الفقري ومحتاج عملية تانية
لطمت أم "جمال" قائله :
- ولدى .. ولدى
نهرها "سباعى قائلاً :
- اسكتى يا وليه واجفلى خشمك
وضعت كفها على فمها تكتم بكائها .. فقال "عبد الرحمن" للطبيب بلهفة :
- يعني هيبجى امنيح يا دكتور
قال الدكتور بأسف :
- كان نفسي أطمنكوا بس للأسف الرصاصة مستقرة فى مكان حساس وممكن تتسبب فى شلله طول عمره .. بس هنعمل اللى نقدر عليه ان شاء الله .. الأيام الجايه هى الىل هتحدد خطورة حالته
بكا "سباعى" قهراً على ابنه فاقترب منه "مراد" وربت على كتفه قائلاً :
- ادعيله وان شاء الله يبقى كويس
قال "سباعى" فى أسى :
- ربنا يجومك بالسلامه يا ولدى

*************************************************

بعدما أفاقت "بهيرة" أصرت على أن تأخذها الخادمة الى بيت "عبد الرحمن السمري" .. وعندما وصلت علمت من "عثمان" بما حدث لـ "جمال" فأسرعت بالذهب الى المستشفى مع رجل من عائلتها .. هرع "مراد" اليها بمجرد أن رآها فى بدايه ممر المستشفى وقال بجزع :
- عمتو ايه اللى جابك .. ليه قمتى من السرير
قالت بلهفه :
- طمنى على "جمال" هو امنيح ؟
أحاطها "مراد" بذراعيه وأجلسها على أقرب مقعد وقال :
- أيوة يا عمتو متقلقيش هو كويس وهو دلوقتى فى أوضة العمليات بيعملوله عمليه تانية
قالت بلهفه :
- كتب الكتاب انكتب ولا لاء يا ولدى ؟
قال "مراد" بأسى :
- لا للأسف اضرب عليه النار قبل ما المأذون يكتب الكتاب
تنهدت "بهيرة" فى راحه قائله :
- الحمد لله يارب .. الحمد لله
نظر اليها "مراد" بإستغراب وكاد أن يسألها عن سبب قولها لذلك لكن "سباعى" أسرع بالإقتراب منهما قائلاً :
- "بهيرة" ايه اللى جومك من فرشتك .. الدكتور جال متعمليش مجهود واصل
قالت "بهيرة" بحده :
- كيف تسمح بإن ده يحصل يا "سباعى" .. كيف تسمح لـ "جمال" انه يتجوز بنت "خيري السمري"
قال "مراد" بدهشة :
- "خيري السمري" ؟ .. مش ده اللى قتل راجل من عيلة "المنفلوطى" واتهموها فى بابا الله يرحمه
قال "سباعى" متنهداً :
- اييوه هو يا ولدى
ثم نظر الى "بهيرة" قائلاً :
- انتى متعرفيش يا "بهيرة" سبب الجوازه دى
صاحب بغضب :
- السبب واضح يا "سباعى" .. ابنك "جمال" بده ينتجم من "خيري" فى بنته .. انت بتعرف امنيح ان ابنك عايز يذل عيلة "السمري" ويكسر عينهم .. كيف بتوافج على الجوازه دى وكيف "عبد الرحمن" بيوافج يسلم بنت ابنه لـ "جمال"
قال "سباعى" بنفاذ صبر :
- اللى حوصل يا "بهيرة" ان "جمال" كان على علاقة ببنت "خيري" وكان بيجبلها فى السر ورجال من عيلتها ظبطوهم سوا و"جمال" نفسه اعترف بان فى حاجه بينه وبينها .. وعشان اكده اضطرينا نتستر على البنيه ونجوزها لـ "جمال" اللى اتفضحت معاه
نظرت اليه "بهيرة" بدهشة وقالت :
- كيف بنت "خيري" تسلم حالها اكده لـ "جمال" .. هى معندهاش عجل ولا اييه
سأله "مراد" :
- فى شهود على كده
قال "سباعى" :
- اييوه بجولك فى رجال من عيلتها شافوهم وظبطوهم مع بعض فى حته مجطوعه فى بيت عم يتبنى جديد وهما فى وضع مو منيح .. ساعتها راحوا لجدها البيت وجولى الرجال كلياتهم
قال "مراد" ساخراً :
- اظاهر ان مش الأب بس اللى معندوش أخلاق .. لا وبنته شربته منه كمان
ثم نظر الى عمه "سباعى" قائلاً :
- مكنش الفروض توافق على جوازه منها .. دى واحدة غير أمينه على نفسها ازاى تخليها تشيل اسم ابنك .. وايه يضمنلك انها معملتش مع غير "جمال" زى ما عملت معاه
قال "سباعى" بحده :
- الموضوع أكبر من اكده يا ولدى .. المشكلة كانت هتجلب دم .. واهى جلبت اهى .. أموت بس وأعرف مين اللى طخ "جمال" .. ياخوفى يكون راجل من عيلة "السمري" مجدرش يتحمل اللى حصل لبنت من عيلتهم ودمه غلى وطخ "جمال" .. ساعتها هيبتدى التار من أول وجديد بين العيلتين ومحدش هيجدر يوجفه عاد
بدت "بهيرة" وكأنها مستغرقه بشدة فى التفكير ثم قالت بحزم :
- بدى أجابل بنت "خيري"
قال "مراد" بدهشة :
- عايزه تقابليها ليه يا عمتو
قالت بحزم :
- ملكش صالح .. بدى أجابلها
قال "مراد"بنفاذ صبر :
- طيب يا عمتو تعالى أروحك دلوقتى .. خلاص الفجر باقيله كام ساعة .. وبكرة الصبح ان شاء الله أخدك عندها طالما ده هيريحك

**********************************************

بعدما رحلت جميع النساء من بيت "عبد الرحمن" دخلت زوجته على "مريم" التى كانت تنام على فراشها متقوقعه على نفسها وهى تنظر الى فراغ الغرفة .. اقتربت منها جدتها وجلست بجوارها قائله بحنان :
- انتى امنيحه يا بنيتى
جلست "مريم" على فراشها ونظرت الى جدتها قائله بحده :
- تيته لو سمحتى احكيلى ايه اللى بيحصل .. أنا مش فاهمة حاجه .. مين عيلة "الهواري" دى .. ومين "سباعى" ومين "جمال" .. وليه فى مشاكل وضرب نار .. أنا مش فاهمة حاجه
تنهدت جدتها بحسره قائله :
- بصى يا بنيتي .. هحكيلك اللى حوصل زمان .. من زمان جوى كان فى بين عيلتنا وعيلة "الهواري" مشاكل جديمة جوى جوى وتار وجتل .. وكانت العيلتين بيكرهوا بعض كره العمى .. لحد ما فى يوم انجتل واحد من عيلة "المنفلوطى" .. ابن "حسن المنفلوطى" ..والعيلة دى كان فى بينا وبينهم مشاكل وكمان كان فى بينهم وبين عيلة "الهواري" مشاكل
كانت "مريم" تستمع الى جدتها بإهتمام فأكملت قائله :
- ابن "حسن النفلوطى" جبل ما يموت كتب بدمه على الأرض اسم اللى جتله .. كتب "خيري" .. وكان فى اتنين "خيري" .. خيري أبوكى اللى من عيلة "السمري" .. وخيري من عيلة "الهواري" اللى هو أخو "سباعى" .. وكان بينه وبين الاتنين مشاكل فمعرفوش يحددوا هو كان يجصد "خيري" مين فيهم
اتسعت عينا "مريم" من الدهشة وبدا عليها الصدمة .. أكملت جدتها قائله :
- الشرطة حججت مع الاتنين وطلعوهم الاتنين براءه لان مكنش فى أى دليل ضدهم غير الاسم الله كتبه ابن "حسن" جبل ما يموت .. لكن "حسن" أقسم انه يجتل التنين .. "خيري" أبوكى و "خيري" أخو "سباعى" .. ومكنش فى الا حل واحد .. ان العيلتين يهربوا ولادهم التنين على مصر .. ومن يوميها والعيلتين وجفوا الجتل بيناتهم وداروا على بعض
بدا على "مريم" التأثر وهى تستمع الى جدتها وتنهدت قائله بأسى بصوت منخفض :
- هو ده السر اللى كنت مخبيه عليا يا "ماجد"
قالت جدتها بدهشه :
- "ماجد" مين ؟
تجاهلت "مريم" سؤالها وقالت بحزن :
- بس بابا قالى انه مقتلش حد يا تيته وانه برئ
قالت جدتها بحزم :
- طبعا مجتلش حد .. أبوكى مكنش حتى بيحب يشيل سلاح .. أبوكى كان راجل بيعرف ربنا .. مستحيل يجتل .. اللى جتل ابن "حسن المنفلوطى" هو "خيري الهواري" مش أبوكى يا بنتى
اطمئنت "مريم" لتأكيد جدتها براءة والدها وقالت :
- صح يا تيته بابا كان يعرف ربنا مستحيل يعمل كده .. انا واثقه ان مش هو اللى قتل الراجل اللى مات
ربتت جدتها على كتفها قائله :
- يلا يا ابنيتى الفجر عم بيأذن .. صلى ونامى وارتاحى
خرجت جدتها وقبل أن تتوجه الى غرفتها مرت على غرفة "صباح" فوجدتها ساهره أمام الشباك المفتوح .. فزعت "صباح" لرؤيتها وهبت وقافه وقالت :
- خير فى حاجه ياماى
قالت أمها بدهشه :
- انتى منمتيش لحد دلوجيت يا "صباح"
قالت "صباح" بإرتباك :
- لا مجاليش نوم
- طيب يا ابنيتي صلى الفجر ونامى .. تصبحى على خير
خرجت أمها لتعود "صباح" الى مكانها أمام الشباك وشردت من جديد.

****************************************

صاح "حسن المنفلوطى" بدهشة :
- يعني اييه محدش منيكم هو اللى طخه .. أمال مين اللى طخه
قال أحد رجاله :
- معرفش يا حاج "حسن" .. فجأة انطخ ومحدش عرف مين اللى عيميلها
قال "حسن" ضاحكاً بسعادة :
- مش مهم مين اللى عيميلها .. المهم العيلتين وجعوا فى بعض خلاص
ثم ضاقت عيناه وقال بخبث :
- وان موجعوش نوجعهم

***************************************

فى صباح اليوم التالى استيقظت "نرمين" على صوت هاتفها .. نظرت الى الهاتف ثم ارتسمت ابتسام صغيره على شفتيها وردت قائله :
- أفندم
- صباح الخير يا حبيبتى
قالت محاولة تصنع الجديه :
- مش قولتلك متتصلش تانى
- يبقى بتقوليلي روح موت أحين.. لانى لو مسمعتش صوتك معناها ان الموت أحسنلى
- آه والاسطوانه دى شغلتها لكام بنت قبل كده
- "نرمين" لو قولتيلى الكلام ده تانى هزعل منك بجد .. متشبهيش مشاعرى نحيتك وكلامى ليكي بإسطوانه .. ده كلام من قلبي يا "نرمين" .. قلبي اللى انتى مش حسه بيه ومعذباه معاكى
قالت "نرمين" بصوت خافت :
- أنا أصلا مش فاهمة انت عايز ايه .. بتقول بتحبنى .. طيب وبعدين يعني
- عايز أشوفك
قالت بدهشة :
- تشوفنى ؟
-أيوة نتقابل .. فى حاجات كتير لازم نتكلم فيها الأول قبل ما أكلم "مراد" أخوكى .. لازم أشرحلك ظروفى بالتفصيل و آخد منك موافقه عشان محرجش نفسي مع أخوكى
صمتت "نرمين" وهى تشعر بالحيره .. فأكمل قائلاً :
- مش محتاج منك غير مقابله واحده بس .. نتكلم فيها ونحط النقط على الحروف وبعدها هكلم "مراد" على طول .. بس لازم نتقابل الأول يا "نرمين"
قالت "نرمين" بحيره :
- نتقابل فين ؟
قال الصوت بلهفه :
- فى أى مكان تختاريه .. انا مش هعترض .. شوفى المكان اللى يريحك
صمتت "نرمين" ولم ترد فقال :
- حبيبتى متخفيش منى .. أنا مش ممكن أأذيكي .. أنا بس محتاج أتكلم معاكى الأول قبل "مراد"
قالت "نرمين" بعد تفكير :
- طيب سيبنى أفكر شوية وهقولك قرارى
- طيب بس حبيبتى متتأخريش عليا .. عشان انتى وحشانى أوى ومن زمان مشفتكيش .. وكمان فرصة ان "مراد" مسافر وهتعرفى تخرجى براحتك
قالت بدهشة :
- انت كمان عارف ان "مراد" مسافر
ضحك الصوت قائلاً :
- طبعاً مش بقولك صحبه
ثم قال بهمس :
- واللى بيحب حد بيهتم بكل التفاصيل عنه .. خلى بالك من نفسك يا حبيبتى .. ومتخرجيش لوحدك و"مراد" مش موجود .. اتفقنا
ابتسمت قائله :
- ماشى .. أنا مضطره أقفل دلوقتى
- ماشى حبيبتى مع السلامه
- مع السلامه
أغلقت هاتفها وقد اتسعت ابتسامتها وشعرت بخفقات قلبها المتسارعه

**************************************

عاد "عبد الرحمن" الى بيته ظهراً فاستقبلته أسرته متساءلين عما حدث فطمأنهم قائلاً :
- الحمد لله شالوله الرصاصه .. وبيجولوا احتمال كبير يبجى امنيح .. الحمد لل كل على الله
قال "عثمان" بغيظ :
- آه لو أعرف مين اللى عيمل اكده وطخه فى بيتنا .. كنت جتلته بيدى
قالت زوجته :
- ومين اللى معاه
- أبوه وأمه و عمته وابن عمه
قالت زوجته بدهشه :
- ابن عمه مين ؟
قال "عبد الرحمن" وهو يتوجه الى غرفته :
- ابن "خيري الهواري"
خفق قلب "مريم" بشده والفتت الى جدتها تسرع خلفه قائله :
- جدو .. هو ابن "خيري الهواري" ده شكله ايه ؟
التفت اليها جدها قائلاً بدهشه :
- يعني اييه شكله اييه .. راجل زى باجى الرجاله
صاح "عثمان" بحده :
- فى واحده متربيه تسأل عن راجل غريب شكله اييه .. اظاهر انك عايزه تتربي من أول وجديد
التفتت الى عمها قائله بضيق :
- بسأل لسبب فى نفسي .. مش فضول وخلاص
قالت ذلك ثم توجهت الى غرفتها .. فتحت اللاب توب وجلست على فراشها وفتحت المجلد الذى يحوى صور "ماجد" .. وأخذت تتطلع اليها وهى تتمتم بحيره :
- معقول .. معقول أخوك .. نفس الشكل ونفس الاسم .. مش معقول كل ده صدفه
ثم قالت لنفسها بدهشه :
- بس ازاى أخوك .. وكان فين طول السنين دى .. وعايش مع مين .. معقول عايش مع أبوك .. طيب ليه محدش دور عليك .. يعني مامتك تبقى مراة الراجل اللى قتل واللى بابا اتظلم بسببه
تنهدت بقوة ووضعت كفيها على رأسها قائله :
- أنا هتجنن .. معدتش فاهمه حاجه ابداً

****************************************

نامت "بهيرة" ليلها فى احدى حجرات المستشفى بعدما ازداد عليها تعبها .. استيقظت فوجدت "مراد" الى جوارها .. فاقترب منها قائلا :
- صباح الخير يا عمتو .. ازي صحتك دلوقتى ؟
قالت بضعف :
- بخير يا ولدى الحمد لله
ثم قالت :
- كيف حال "جمال" ولد عمك
ابتسم قائلا :
- الحمد لله بخير .. لسه مفاقش بس الدكاتره طمنونا الحمد لله .. ان شاء الله تعدى على خير
- على الله يا ولدى على الله
صمتت قليلا ثم نظرت اليه قائله :
- ناديلي الممرضة تساعدنى ألبس عشان تاخدنى على بيت "عبد الرحمن السمري"
صاح "مراد" بدهشه :
- دلوقتى يا عمتو .. انتى تعبانه .. اجلى الزياره دى شويه .. مع انى مش فاهم سببها اصلا .. ليه تروحى تزورى واحده زى دى .. عايزه تتكلمى معاها فى ايه مهم كده
قالت "بهيرة" بحزم :
- جولتلك ناديلي الممرضة وملكش صالح بأى حاجه واصل
استسلم "مراد" لرغبة عمته .. وافق الطبيب على خروجها من المستشفى على أن تواظب على تناول أدويتها فى موعدها .. مرا على غرفة "جمال" الذى أفاق واطمئنا على صحته .. قال "جمال" متهكماً بصوت ضعيف :
- جيت أدخل دنيا كنت هخرج منها
قالت أمه بلهفه :
- بعد الشر عليك يا ولدى لا تجول اكده
ابتسم له "مراد" قائلا :
- حمدالله على سلامتك يا "جمال" ان شاء الله تقوم بالسلامه وتبقى زى الحصان
- تسلم يا ولد عمى
دخلت الممرضة وقالت :
- لو سمحتوا كفاية لحد كدة وسيبوا المريض يرتاح
خرج الجميع من الغرفة وأصر "سباعى" و زوجته على البقاء فى المستشفى .. خرجت "بهيرة" مع "مراد" وتوجها الى بيت "عبد الرحمن" .. استقبلهم "عثمان" ببرود .. فواجهه "مراد" ببرود مماثل .. أدخلهم الصالون وذهب ليوقظ والده .. رحب بهم "عبد الرحمن" .. قالت "بهيرة" :
- عايزه أشوف حفيدتك يا "عبد الرحمن"
قال "عبد الرحمن" بقلق :
- "مريم" .. خير يا "بهيرة" .. عايزاها فى اييه
قالت بحزم :
- ملكش صالح يا "عبد الرحمن" .. عايزه أشوفها
أدخلها "عبد الرحمن" الى غرفة "مريم" فطلبت أن تمكث معها بمفردها فخرج "عبد الرحمن" وتركهما بمفردهما .. نظرت اليها "مريم" بدهشة وهى لا تعرف من تلك المرأة التى دخلت عليها غرفتها .. تفحصتها "بهيرة" من رأسها الى أخمص قدمها وقالت :
- اللى خلف مماتش .. فيكي من أبوكى كتير .. بس انتى أحلى منيه .. أكيد أمك كانت منيحه
ابتسمت "مريم" لإطراء المرأه وقالت :
- متشكره
أشارت "مريم" الى السرير قائله :
- اتفضلى حضرتك اعدى
جلست "بهيرة" دون أن ترفع عينها عن "مريم" التى جلست بجوارها .. بدأت "بهيرة" الحديث قائله :
- آنى عايزه أسألك سؤال واحد بس .. مش أكتر من اكده
قالت "مريم" بهدوء :
- طيب ممكن أعرف الأول حضرتك مين
قالت "بهيرة" :
- آني "بهيرة الهواري" .. أخت "سباعى" و "خيري"
نظرت اليها "مريم" بدهشة وقالت :
- حضرتك أخت "خيري الهواري " ؟
- ايوة يا بنتى أنا
قالت لها "مريم" بلهفه :
- أنا كنت عايزه أسأل عن حاجه مهمه .. ومكنتش عارفه أسأل مين .. وانتى أكتر حد هيفيدنى
- عن اييه عايزه تسألى يا بنيتي ؟
قالت "مريم" وهى تمعن النظر فى المرأة :
- "خيري" أخوكى .. اللى هرب من التار على القاهرة .. كان مخلف ولدين مش كده ؟
ضاقت عينا "بهيرة" وقالت :
- أبوكى حكالك اييه بالظبط
قالت "مريم" بحماس :
- لأ بابا محكاليش حاجه خالص .. بس تيته امبارح حكتلى عنكوا وعن جريمة القتل اللى حصلت .. واللى لفت نظرى اسم الراجل اللى من عيلتكوا اللى هرب هو كمان على القاهرة .. الراجل ده يبقى أبو جوزى
نظرت اليها "بهيرة" بدهشة قائله :
- أبو جوزك ازاى؟
قالت "مريم" بحماس :
- أنا مرات "ماجد" .. "ماجد خيري الهواري"
اغرورقت عينا "بهيرة" بالعبرات وقالت :
- مش معجول .. انتى اتجوزتى "ماجد" ابن خوى
قالت "مريم" بتأثر :
- أيوة .. ومكنتش أعرف انه ابن الراجل اللى فيه بينه وبين بابا عداوة .. محدش قالى لا بابا قالى ولا "ماجد" قالى
قالت "بهيرة" بلهفة :
- وينه ؟ .. وينه ابن خوى
اغرورقت عينا "مريم" بالعبرات وقالت :
- اتوفى .. من أكتر من سنة
أجهشت "بهيرة" بالكباء .. فلم تتحمل "مريم" فشاركتها بكائها .. ضمتها المرأة الى صدرها وقالت :
- كان نفسي أشوفه جبل ما يموت .. كان نفسي أشوفه جوى
شعرت "مريم" بالأمان فى حضن المرأة التى لم تصدق حتى الآن انها اتقت بها .. بعمة "ماجد" .. رفعت "مريم" رأسها قائله والعبرات تتساقط على وجهها :
- ادعيله ان ربنا يرحمه ويغفرله
قالت "بهيرة" بتأثر :
- ربنا يرحمك يا خوى انت وولدك
قالت "مريم" بإهتمام :
- أنا من يومين شوفت صدفه واحد شبه "ماجد" بالظبط .. شبهه بشكل غير عادى .. ده أخوه مش كده ؟ .. أخوه من أم تانيه ؟
صمتت "بهيرة" وبدا عليها التردد ثم قالت :
- ايوة أخوه .. "مراد"
ثم قالت بجدية بالغة :
- سيبك دلوجيت من اكده .. آنى عايزة أسألك سؤال وعايزاكى تقسمى بالله انك هتجولى الحجيجة ومش هتكدبي
قالت "مريم" بسرعة :
- من قبل ما أعرف السؤال .. والله العظيم مش هكذب وهقول الحقيقة
سألتها "بهيرة" وهى تفرس فى وجهها تراقب تعبيراته :
- فى حاجة حصلت بينك وبين "جمال" ابن "سباعى" زى ما الخلج بتجول ؟
قالت "مريم" بثقه دون أن يرف لها رمش :
- لأ مفيش .. ولا عمرى شوفته قبل كده
قالت "بهيرة" وهى مازالت تتفرس فيها :
- بس رجال من عيلتك شفوكى معاه
قالت "مريم" بحزم :
- كل الحكايه انى كنت خارجة مع "صباح" وسابتنى وراحت لواحده صحبتها فجأة لقيت اللى اسمه "جمال" ده طلعلى وحضنى وفى كام راجل دخلوا فجأة ومبقتش فاهمة أى حاجه ولا فاهمة مين دول ولا ايه اللى بيحصل بالظبط .. وفجأة لقيت نفسي مضطره أتجوز اللى اسمه "جمال" ده
أومأت "بهيرة" برأسها وتنهدت قائله :
- كان جلبي حاسس انه جاصدها
قالت "مريم" بإستغراب :
- قاصد ايه ؟
قالت "بهيرة" وهى تنهض:
- هتعرفى كل حاجة يا بنتى لكن فى وجتها .. أهم حاجه دلوجيت متجلجيش مش هخلى "جمال" ابن خوى يلمس شعره منيكى
ابتسمت "مريم" وهى تحمد الله أن رزقها بتلك المرأة لتقف بجوارها وتنصفها .. اقتربت منها "بهيرة" ومسحت على شعرها قائله :
-هنحكى كتير جوى مع بعض بس لما الأمور تهدى والمشكلة تتحل .. والكلام اللى دار بيناتنا دلوجيت عايزاه يفضل سر بيني وبينك لحد ما يحين أوان الكلام .. اتفجنا يا ابنيتى
اتسعت ابتسامتها قائله :
- حاضر .. حضرتك متقلقيش مش هجيب سيرة لحد

*****************************************
هتفت "سهى" فجأة :
- هاااااااااار اسود .. الحقى شوفى "طارق" كاتب ايه لـ "مريم"
رفعت "مي" رأسها وقالت بدهشة :
- كاتبلها فين
ضحكت "سهى" قائله :
- على ايميل الشركة .. شكله فاكر ان هى لوحدها اللى بتدخل عليه
قالت "مى" بدهشه :
- وانتى ايه يخليكي تفتحى ايميل مبعوت من الأستاذ "طارق" ده عميل "مريم"
ابتسمت "سهى" قائله :
- فضول .. وكان عندى حق .. قومى شوفى كتبلها ايه
قالت "مى" ونظرت الى الرسالة .. قرأتها وهى تحاول بصعوبة التحكم فى ذلك الألم الذى بدأ فى غزو قلبها .. قالت "سهى" :
- يا عيني .. شكله واقع لشوشته .. ميعرفش ان "مريم" قفل مسوجر
سألتها "مى" بإهتمام :
- الرسالة كانت مفتوحة لما دخلتى عليها .. يعني حد قراها قبلك ؟
- لأ مكنتش مفتوحة
أمسكت "مى" الماوس وحذفت الرساله .. صاحت "سهى" :
- حذفتيها ليه ؟
توجهت "مى" الى مكتبها دون أن تجيبها وأخرجت هاتفها من حقيبتها ثم ضربت بأصابعها فوق لوحة المفاتيح وسجلت أحد الأرقام على هاتفها ثم غادرت المكتب ووقفت أمام باب الشركة .. اتصلت بالرقم وقلبها يخفق بقوة .. أتاها صوت رجولى :
- ألو
صمتت قليلاً فقال :
- ألو
قالت بتوتر وهى تحاول وقف ارتجافة صوتها :
- ألو .. أستاذ "طارق"
- أيوة مين معايا
- أنا الآنسه "مى" من شركة رؤية للدعاية والإعلان
- أيوة ايوة أهلا بيكي يا آنسه "مى"
- أهلا بحضرتك .. أنا بس كنت عايزة أعرف حضرتك حاجة
- اتفضلى
قالت بإضطراب :
- الإيميل اللى حضرتك بعت عليه الرساله لـ "مريم" ده ايميل الشركة .. يعني مش "مريم" بس اللى بتدخله .. كل الديزاينرز اللى فى الشركة معاهم الباسوورد
صاح "طارق" بحرج :
- اووووف .. يعني تقصدى تقولى ان الناس كلها شافت رسالتى
قالت بصوت خافت :
- لأ .. انا و "سهى" بس
شعر "طارق" بحرج بالغ وقال وهو يشعر بالغيظ من نفسه :
- معرفش ازاى اتغبيت للدرجة دى .. أكيد طبعاً ايميل الشركة مش هيكون خاص بيها لوحدها .. موقف محرج جداً
قالت "مى" محاولة ضبط انفعالاتها :
- أنا بس حبيت أقول لحضرتك .. انى مرضتش أديك رقم "مريم" لانها مش بتدى رقمها لاى عميل ولا لأى راجل .. بس من رسالتك واضح ان حضرتك حد جد وعايز حاجه رسمي .. لان "مريم" واحدة محترمة ومش هتوافق بحاجه غير كده زى ما انت قولت عنها فى رسالتك .. وعشان كده أنا هديك رقمها هيكون التواصل معاها أسرع وكمان متقلقش أنا حذفت الرسالة اللى حضرتك بعتها يعني متقلقش محدش تانى هيشوفها
قال "طارق" بإرتياح :
- بجد مش عارف أشكرك ازاى
قالت بصوت خافت :
- لا أبداً مفيش حاجه
أعطته الرقم ودونه عنده .. ثم قالت :
- قبل ما اقفل بس أحب أقول لحضرتك حاجه .. "مريم" لسه متأثره بموت خطيبها .. يعني حبيت أقولك كده عشان لو رفضتك من أول مرة متستسلمش .. ده لو انت عايزها بجد .. يعني الموضوع هيبقى متعب شوية .. بس "مريم" بجد انسانه تستاهل ان الواحد يتعب عشانها
قال "طارق" برقه :
- انتى مخلصة أوى .. "مريم" محظوظة ان عندها صاحبه زيك
شعرت بالتوتر الشديد لإطرائه فأنهت المكالمة بسرعة :
- أنا مضطرة أقفل دلوقتى .. مع السلامة
أغلق الهاتف وحاولت ضبط انفعالاتها لتستطيع العودة الى داخل المكتب .. لكن رغماُ عنها سقطت عبرة حزينه على وجنتها فى صمت .


*****************************************

كانت "مريم" فى غرفتها تقرأ وردها .. عندما سمعت صوت صراخ وضرب نار بالأسفل ..شعرت بالفزع .. وخرجت من الشرفة لتجد عمها "عثمان" ملقى على الأرض وغارقاً فى دمائه .. هرعت الى الخارج وهى تصرخ :
- الحقيني يا تيته .. الحقيني يا "صباح"
خرجت مسرعة وانحنت بجوار عمها وهى تبكى قائله :
- عمو .. عمو متمتش .. عمو
وضعت يديها على الجرح تحيط بنصل المطواة المغروزة فى جسده تحاول وقف النزيف .. أخرجت هاتفها من جيبها واتصلت بجدها الذى كان يزور "جمال" فى المستشفى .. هتفت قائله بهلع :
- الحقنى يا جدو عمو ضربوه بالمطوه
صاح "عبد الرحمن" بفزع :
- بتجولى اييه يا "مريم"
قالت وهى تبكى والدماء تغرق يدها :
- بينزف جامد أوى .. اطلبلنا الاسعاف بسرعة يا جدو .. عمو مبيردش عليا خايفة يكون مات
أغلق "عبد الرحمن" الهاتف وشرع فى طلب الاسعاف اقترب منه "سباعى" قائلاً :
- ايه اللى حصل يا "عبد الرحمن"
التفت اليه "عبد الرحمن" بلهفه قائلاً :
- الحقنى يا "سباعى" طعنوا "عثمان" بالمطاوى
صاح "سباعى" :
- لاحوة ولا قوة الا بالله
وقف "مراد" يتابع ما يحدث فى وجوم

وصل "عثمان" الى المستشفى بصحبة "مريم" و أمه استقبلهم "عبد الرحمن" وأخذ ينظر الى ابنه المحمول على النقالة والى ملابس "مريم" الغارقة فى الدماء .. صاحت "مريم" باكيه :
- ليه يا جدو عملو كده فى عمو ليه
أحاطها "عبد الرحمن" بذراعيه وأدخلها احدى الغرفة وأمر الطبيب الممرضة بإعطائها بعض المهدئات
اقترب "سباعى " من "عبد الرحمن" قائلاً :
- يمين بالله يا "سباعى" آنى ماليا دخل باللى حوصل .. ولو عرفت ان واحد من عيلتى هو اللى عيميلها لأكون مسلمه للشرط بيدى
قال "عبد الرحمن" واجماً :
- بعرف يا "سباعى" بعرف .. بس باجى الرجال ما بيعرفوا .. وفى رجال الغضب بيعميهم ومابيخليهم يشوفوا جدامهم
قال "سباعى" بحسرة :
- لولا اللى حصل لـ "جمال" كان زمانا خلصنا من المشكلة دى
اجتمع خارج المستشفى عدد كبير من رجال العائلتين وبدا وكأن معركة ستحدث بينهما .. خرج لهم كل من "عبد الرحمن" و "سباعى " .. أخذ الرجال يكيلوا الاتهامات لبعضهم البعض وتوتر الجو لولا تدخل الحكيمين "عبد الرحمن" و "سباعى" .. قال "عبد الرحمن " :
- يا رجاله "عثمان" امنيح .. وآنى متأكد ان الى عمل اكده بعيد عن عيلة "الهواري"
قال أحد الرجال :
- كيف يتعرف يعني يا "عبد الرحمن" .. معرفوش يهربوا من الجوازه جاموا جتلوا "عثمان" كمان
صاح أحد رجال "الهواري" :
- وليه متكنوش انتوا اللى طخيتوا "جمال" بعد ما فضح بنتكوا
صاح أحد رجال "السمري" :
- اتكلم عن حريمنا امنيح يا تييييييييت
قاح أحد رجال " الهواري" :
- مانتوا لو كنتوا عرفتوا تربوا بنتكوا مكنش ده حوصل
صاح أحد رجال "السمري" :
- انتوا اللى ابنكوا ناجص ربايه وبيتعدى على حرمة غيره
صاح "سباعى" غاضباً :
- خلاص مفيش داعى للكلام ده عاد .. الجوازه بين العليتين هتتم .. ومش عايز حد يفتح خشمه بالموضوع ده بعد اكده واصل
صرف "عبد الرحمن" الرجال الذين انصرفوا فى غضب وكل منهم ينظر للآخر شزراً
ما كاد "عبد الرحمن" و "سباعى" يدخلون المستشفى حتى استقبلهم "مراد" قائلاً :
- دخلوه أوضة العمليات .. ان شاء الله خير
رفع "عبد الرحمن" كفيه قائلا :
- يارب جيب العواجب سليمه
سمعا من خلفهم صوت "بهيرة" تقول :
- ايه اللى حوصل لـ "عثمان" صحيح اللى سمعته
هرع اليها "مراد" قائلاً بحده :
- عمتو ايه اللى جابك .. نفسي تريحى نفسك بأه .. انتى تعبانه
التفتت الى "عبد الرحمن" و"سباعى" قائله بحزم :
- الحكاية مش هتنتهى الا بالجواز .. ودلوجيت .. كتب الكتاب يتكتب دلوجيت
صاح "سباعى" بحنق :
- كيف يعني دلوجيت يا "بهيرة" .. مش لما "جمال" يفوق من اللى فيه .. ده لسه فى عمليه تانى بكره
قالت "بهيرة" بحزم :
- "مريم" مش هيتجوزها "جمال" .. مستحيل تكون لـ "جمال"
قال "عبد الرحمن" بحده :
- تجصدى اييه يا "بهيرة" .. لو محصلش الجواز ده هيكون فيها دم .. مينفعش ابنكوا يتعدا على حريمنا وتجولى مينفعش يتجوزها
قالت "بهيرة" :
- "مريم" هتتجوز .. بس مش "جمال"
ثم التفتت الى "مراد" قائله :
- هتتجوز "مراد" ولد خوى "خيري"
قال "مراد" بدهشة :
- بتقولى ايه يا عمتو
- اللى سمعته يا ولدى انت اللى هتتجوزها
صاح "مراد" بغضب :
- مش ممكن طبعاً .. مستحيل أتجوز واحدة ظبطوها مع ابن عمى
قالت "بهيرة" بحزم :
- متظلمهاش يا ولدى مش كل اللى بينشاف بيكون هو الحجيجة اسألنى آنى
قال "مراد" بحزم :
- مش ممكن أتجوزها يا عمتو شوفولها راجل تانى .. الرجاله ماليه العيلة
قالت "بهيرة" :
- انت اللى عليك الدور يا ولدى .. لو ابتدا التار بين العيلتين هيبجى انت اللى عليك الدور بعد "جمال" .. هاى العادة المتخلفة راح فيها رجال كتير .. مش عايزين نعيدها تانى .. مش كل الرجاله بتحكم عجلها .. فى رجاله بتمشى ورا غضبها من غير تفكير .. ودول بيحكموا غضبهم وبينسوا شرع ربنا .. وبسببهم هتجيد النار تانى بين العيلتين ومفيش حل الا الجواز .. لازمن تتجوز "مريم"
صمت "مراد" وهو يشعر بالحنق الشديد ثم قال بصرامة بعد تفكير :
- لو فاكرة انى ممكن اتجوزها واعيش معاها زى اى زوجين طبيعين فده مش هيحصل يا عمتو .. انا ممكن انقذ الموقف واكتب كتابى عليها مش اكتر من كده عشان المشكلة دى تتحل وبعدين نسافر القاهرة ونحل الموضوع
قالت "بهيرة" :
- وآنى مش عايزة أكتر من اكده يا ولدى تكتب عليها وتاخدها معاك على مصر لحد ما أتأكد ان الأمور اتحلت اهنه وبعدين أجيلكوا على مصر واللى رايده ربنا ساعتها هو اللى هيكون
زفر "مراد"بضيق ثم قال بعنف وهو يكظم غيظه :
- طيب .. ماشى .. بس فهميها ان طول ما هى اعده معايا ولحد ما حضرتك ترجعى القاهرة هتنفذ كل اللى هقولها عليه بالحرف .. أنا مش هسمح أبدا بالتسيب اللى هى كانت عايشه فيه .. لحد ما نشوف هنخلص من المشكلة دى ازاى.. ولو شوفت منها غلطة واحدة مهما كانت صغيره هطلقها فوراً ومش هسمحلها تستنى فى بيتي لحظه واحده
.. ولو كلامى ده معجبهاش يبقى شوفولها راجل غيري يحل المشكله دى
قال "عبد الرحمن" بصرامة :
- بنت ابنى متربيه امنيح عيب تتكلم عنها اكده
ابتسم "مراد" بسخريه وتهكم وقالت "بهيرة" :
- فينها "مريم" ؟
أشار "عبد الرحمن" الى غرفتها .. دخلت "بهيرة" الغرفة لتجدها نائمة على الفراش وعلامات الارهاق على وجهها .. التفتت اليها الممرضة قائله :
- هديت دلوقتى بعد ما ادتلها المهدئ
أومأت "بهيرة" برأسها واقتربت منها قائله :
- كيفك يا ابنيتى
التفت اليها "مريم" بأعين دامعه وقالت بصوت مرتجف :
- ليه عملوا فى عمو كده .. كان شكله صعب أوى وهو واقع فى الأرض وعماله بينزف .. ليه عملوا فيه كده
مسحت "بهيرة" على شعرها قائله :
- ولو مسمعتيش كلامى ايديهم هتطول جدك وكل رجال عيلتكوا
قالت "مريم" وشهقات بكائها تتصاعد :
- ليه .. ليه كل ده
تنهدت "بهيرة" فى حسرة قائله :
- بعد عن ربنا وعن شرع ربنا .. للأسف فى ناس بيخلوا الأحكام والأعراف والعادات تتحكم فيهم حتى لو كانت بتخالف شرع ربنا
قالت "مريم" بتأثر :
- أنا مش عايزه حد من عيلتى يحصله حاجه وحشه أنا ما صدقت لقيتهم
ابتسمت لها "بهيرة" قائله :
- يبجى تسمعى اللى هجولك عليه .. وخليكي متأكده انى مستحيل أضرك أبدا يا ابنيتي ده انتى مرات الغالى ابن الغالى .. يعني مكانك فى جلبي من جوه يا "مريم"
ابتسمت لها "مريم" وقالت بضعف :
- عارفه يا عمتو انك مستحيل تضريني
مسحت "بهيرة" على شعرها مرة أخرى قائله :
- آنى أنقذتك من جوازك من "جمال" ابن خوى لانى عارفه هو عايزك ليه .. عايز ينتجم منيكي .. وعشان تخلصى من الورطة دى ومن المشكلة اللى دايره بين العيلتين .. مفيش الا حل واحد
قالت "مريم" بضعف :
- ايه هو
قالت "بهيرة:
- تتجوزى "مراد" ابن خوى
نظرت اليها "مريم" وقد اتسعت عيناها دهشة وقالت :
- اخو "ماجد"
- ايوة
- مستحيل .. مستحيل
قالت "بهيرة" بحزم :
- اسمعى كلامى ومتبجيش عنيده .. هو ده الحل اللى يخرجك من ورطتك .. وبعدها آنى بنفسي هحل موضوع زواجك منه .. بس نخلص من المشكلة اللى فى يدنا الأولى .. يا اما اكده .. يا اما تنتظرى بجه لما "جمال" يفوج وصحته ترجعله ويتكتب كتابك عليه
نظرت اليها "مريم" بحيرة والم وقالت :
- طيب شوفيلى حل تانى مفيهوش جواز
قالت لها "بهيرة" بحنان :
- لو كان فى مكنتش اتاخرت .. بس مفيش .. حل الورطة دى الجواز .. تسافرى فورا على القاهرة بعيد عن اهنه لحد ما ارجعلك وكل شئ هيتحل ساعتها وكل اللى مستخبي هيبان .. بس افضلى محافظة على السر ومتجبيش سيرة لحدا واصل لحد ما ارجعلك .. اتفجنا يا ابنيتي
بلعت "مريم" ريقها بصعوبة .. وأخذت تفكر وهى حائرة .. كانت تشعر بالضعف والوهن .. لا تدرى أهذا بسبب الأحداث المتتالية والتى لم تتخيل من قبل أن تحدث لها .. ام بسبب المهدئ الذى يسري فى دمائها .. كان الشئ الوحيد الذى تريده هو أن تعود الى حياتها الطبيعية .. الهادئة .. الساكنة .. بلا مشاكل وبلا دماء .. وبلا كره وحقد وضغينة .. حثتها "بهيرة" بحنان قائله :
- ها جولتى ايه .. هتحطى يدك فى يدى عشان أنقذك .. ولا أسيبك اهنه يعملوا فيكي اللى رايدينه ؟
نظرت اليها "مريم" دامعه .. وقالت بوهن :
- انا واثقه فيكي .. معرفكيش قبل كده .. بس كفايه انك تكونى عمة "ماجد" عشان أثق فيكي
ثم قالت :
- ماشى موافقه
ابتسمت "بهيرة" وقالت :
- امنيح يا ابنيتي امنيح
قالت لها "مريم" برجاء :
- متتأخريش عليا وتسبينى معاه كتير .. هنتظرك ترجعى وتحليلى الموضوع ده
قالت "بهيرة" بحنان" :
- متخافيش واصل .. متخافيش

خرجت "بهيرة" وطلبت من "مراد" الذهاب واحضار المأذون .. قال "مراد" بحنق :
- بالسرعة دى
قالت "بهيرة" بصرامة :
- لازمن المشكلة تنحل بأسرع وجت .. بيكفى الدم اللى سال
توجه "مراد" الى خارج المستشفى وعينا "بهيرة" تتابعانه وتمتمت فى خفوت :
- كله سلف ودين ولازمن ترد الجميل يا ولدى
بعد ساعة .. حضر المأذون بصحبة "مراد" وفى مشهد غريب عجيب فى أحد زوايا المستشفى .. بدأت مراسم الزواج وأخذ المأذون يلقن كلماته لـ "عبد الرحمن" و "مراد" .. والتى انتهت بـ "مراد" وهو يقول بحنق وضيق شديد :
- قبلتُ زواجهــا.



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-10-15, 10:29 PM   #15

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 13 )


بعد ساعة .. حضر المأذون بصحبة "مراد" وفى مشهد غريب عجيب فى أحد زوايا المستشفى .. بدأت مراسم الزواج وأخذ المأذون يلقن كلماته لـ "عبد الرحمن" و "مراد" .. والتى انتهت بـ "مراد" وهو يقول بحنق وضيق شديد :
- قبلتُ زواجهــا
تنهدت "بهيرة" فى راحة وتوجهت الى غرفة "مريم" .. واقتربت من فراشها قائله بحنان :
- خلاص يا بنيتي كتبوا الكتاب
شعرت "مريم" بالألم فى قلبها وروحها ورغماً عنها تساقطت العبرات على وجنتيها وهى تحاول أن تكتم شهقات بكائها .. قالت جدتها لـ "بهيرة" فى حده :
- خلاص عيملتوا اللى رايدينه .. حججتوا حلمكوا بجواز ابنكوا من بنتنا
نظرت اليها "بهيرة" وقالت :
- فى حاجات كتير ما بتعرفيها .. وآنى مستحيل أضر "مريم" واصل
ثم التفتت الى "مريم" قائله :
- شدى حيلك يا بنيتي عشان تسافرى على مصر فى أجرب وجت .. لازمن تبعدى عن المشاكل اللى اهنه .. ومتجلجيش واصل "مراد" ولد خوى راجل وهيعرف يحافظ عليكي لحد ما أجيلك
ثم اقتربت من أذنها هامسه :
- بس لحد ما أجيلك متجبيش سيرة لحدا عن موضوع "ماجد" .. احنا مش ناجصين مشاكل دلوجيت .. ماشى يا ابنيتي
أومأت "مريم" برأسها فى صمت وهي تشعر بالإرهاق والوهن .. قالت "بهيرة"
- هسيبك دلوجتى ترتاحى
خرجت "بهيرة" من الغرفة واقتربت من "مراد" الذى كان واقفاً وعلامات الغضب والضيق على وجهه وقالت :
- اسمعنى امنيح .. أول ما تجدر تجوم وتجف على رجلها تاخدها طوالى على مصر .. وآنى هبجى أحصلكوا بس لما أطمن على الحال اهنه
أومأ "مراد" برأسه بصمت فأكملت قائله :
- مش لازمن أمك وأخواتك يعرفوا باللى حوصل
قال "مراد" بسخريه وتهكم :
- أمال أقولهم ايه .. حب من أول نظرة .. ومقدرتش أستنى لما أرجع القاهرة فكتبت عليها فى الصعيد من غير ما أعرف حد منكم ! .. لا وكمان مش قادر أتحمل فراقها فعجلت بالدخله وجبتها فى ايدي على القاهرة
قالت "بهيرة" بحده :
- جول اللى تجوله .. المهم مش عايزه أمك تعرف ان جوازتك فيها مشاكل .. مش عايزاها تسود عيشة البنيه .. لحد ما أجيلكم ونشوف حل للمشكلة دى
ثم أكملت بحزم :
- خلى بالك منيها امنيح حطها جوه عينك .. البنيه غليانه وملهاش حدا .. دى أمانه فى رجبتك حافظ عليها لحد ما أرجعلك
قال "مراد" بنفاذ صبر :
- ربنا يسهل .. ولو انى مش طايق حتى أشوفها أدامى .. مش عارف ازاى هتحمل انى أدخلها بيتي وأأعدها مع ماما وأخواتى البنات
قالت "بهيرة" :
- متظلمهاش يا ولدى .. متظلمهاش
أقبل الطبيب مطمئناً الجميع على وضع "عثمان" قائلاً :
- الحمد لله جميع الأعضاء سليمه والمطوة اتضربت فى مكان خالى من الأعضاء .. هو بس نزف كتير ومحتاجين نقل دم لان فصيلته مش متوفره حدانا
قال "سباعى" بإهتمام :
- فصيلته ايه يا دكتور ؟
قال الطبيب :
- b نيجاتيف
قال "مراد" بسرعة :
- نفس فصيلتي
التفت اليه الطبيب قائلاً :
- طيب اتفضل معانا عشان ناخد منك عينه الأول نحللها
ربت "عبد الرحمن" على كتف "مراد" قائلاً :
- ربنا يبارك فيك يا ولدى

*******************************************

فى صباح اليوم التالى دخل "عبد الرحمن" غرفة حفيدته بالمستشفى للإطمئنان على صحتها .. وجدها جالسه فى فراشها ساكنه صامته تراقب السماء من شباك الغرفة .. اقترب منها قائلاً :
- كيفك دلوجيت
قالت بصوت مبحوح وكأنها انتهت للتو من البكاء :
- الحمد لله
جلس "عبد الرحمن" بجوارها على الفراش وأخرج من جيبة ورقة وفتحها أمام عينيها وأشار بإصبعه على موضع بها وقال :
- دى شهادة وفاة زوجك الأول .. مكتوب اهنه اسمه .. "ماجد خيري الهواري" .. انتى كنتى بتعرفى انه من عيلة "الهوارى" اللى بينا وبينها مشاكل ؟
هزت "مريم" رأسها نفياً وقالت :
- لأ مكنتش أعرف .. معرفتش غير لما جيت هنا
طوى "عبد الرحمن" الورقة وقال بحزم :
- اوعى تجيبي سيره لحدا واصل انك كنتى مرت "ماجد" .. وخصوصى "مراد" اوعى تجبيله سيره واصل .. لانى معرفش أبوه جاله ايه وفهمه ايه .. ومش عايزه يأذيكي يا بنيتي
قالت "مريم" بإستغراب :
- مش فاهمه .. ليه يأذيني لما يعرف انى مرات "ماجد" .. وليه الأسرار دى كلها .. وليه محدش بيجيب سيرة "ماجد" هنا كأنه مكنش موجود .. ليه كل ده
قال "عبد الرحمن" بحزم :
- فى حاجات كتيره مبتعرفيهاش ومادام أبوكى الله يرحمه مجالكيش عليها يبجى الأحسن تفضلى مش عارفاها .. أهم حاجه اوعى تجيبي سيره لزوجك انت كنتى مرت أخوه أو انك بتعرفى مكان أخوه
صمت قليلا ثم قال :
- "بهيرة" بتعرف مش اكده
أومأت "مريم" برأسها قائله :
- أيوة عارفه .. وهى كمان قالتلى مجبش سيرة لحد
تمتم "عبد الرحمن" :
- كنت متأكد انها بتعرف .. وعشان اكده جوزتك لـ "مراد" مش لـ "جمال"
اقترب منها ووضع يده على ذراعها ونظر الى عينيها وقال بصرامة :
- الحاجة الوحيدة اللى بدك تعرفيها وتكون متأكده منيها ان أبوكى كان راجل زين ولا كل الرجال وكان يعرف ربنا .. مهما سمعتى غير اكده اوعى تصدجى أى كلمه تتجال على أبوكى
صمت "عبد الرحمن" قليلاً ثم قال :
- وينها "زهرة" أم "ماجد" .. لساتها عايشه ؟
قالت "مريم" بأسى :
- أيوة عايشة .. فى دار مسنين .. حالتها الصحية صعبة جدا .. مبتتكلمش ومبتتحركش .. صدمة موت "ماجد" الله يرحمه كانت شديده عليها أوى .. خاصة بعد وفاة بابا وماما واختى .. مقدرتش تتحمل كل ده وراحت فى دنيا تانيه
قال "عبد الرحمن" بأسى :
- اتعذبت كتير جوى .. واتظلمت كتير جوى .. ربنا يشفيها ويبرد نارها
ثم قال شارداً :
- يا ترى يا "بهيرة" ناويه على اييه .. هتكشفى المستور ولا هتسيبى كل حاجه لحالها اكده
نظرت "مريم" اليه بإستغراب .. شعرت بأن هناك أشياء كثيرة تخفى عليها .. صممت بينها وبين نفسها أن تكشف كل تلك الأسرار .. لكن دون أن تفضح أمرها كما أمرها "عبد الرحمن" و "بهيرة" .. أخذت تتساءل ... لماذا يحذرها الجميع من اخبار "مراد" بأنها كانت تعرف أخيه .. تُرى هل يعرف أصلاً أن لديه أخ .. واذا كان يعرف فلماذا لم يتلقى مع "ماجد" أبداً .. "ماجد" نفسه لم يخبرها أبداً بأن له أخ .. تُرى هل كان "ماجد" يعرف وأخفى ذلك عليها .. أم هو مثلها لم يكن يعرف بوجود هذا الأخ !!

***********************************************

- ماشى موافقة
نطقت "نرمين" بهذه العبارة وهى تشعر بشئ من التوتر الممزوج بالفرحه .. قال الصوت الرجولى بلهفه وسعاده :
- حبيبتى أنا مش قادر أوصفلك فرحتيني أد ايه .. أخيراً هشوفك .. ياااه انتى كنتى وحشانى أوى يا "نرمين"
ابتسمت بخجل وقالت :
- بس مش عايزة أتأخر .. نص ساعة بس
قال بسرعة :
- أمرك يا حبيبتى متقلقيش هنتكلم مع بعض ونحط النقط على الحروف بس .. مش عايز أكتر من كده
ثم قال بلهفه :
- تحبيى نتقابل امتى وفين ؟
قالت "نرمين" بحيرة :
- مش عارفه .. بس ياريت يكون مكان عام وفيه ناس كتير
ضحك الرجل وقال :
- انتى خايفه منى ولا ايه
قالت بتوتر :
- لأ بس مش هينفع أقابلك الا فى مكان عام
- طيب يا حبيبتى مفيش مشكلة هختار كافيه كويس ومليان ناس على آخره عشان تبقى مطمنه .. اتفقنا
ابتسمت قائله :
- اتفقنا
قال بلهفه :
- امتى ؟
فكرت قليلاً ثم قالت :
- يفضل النهاردة .. لان "مراد" احتمال يرجع فى أى وقت .. ولو رجع مش هعرف أخرج بسهوله
- خلاص اتفقنا النهاردة فى أى ساعة تحدديها .. وهفضى نفسي عشانك .. هنتظر منك تليفون تعرفيني المعاد اللى يناسبك
قالت بخجل :
- خلاص اتفقنا هشوف ظروفى هنا وهعرف أخرج امتى وأكلمك
- منتظر مكالمتك على أحر من الجمر يا حبيبتى .. هتوحشيني لحد ما اشوفك .. خلى بالك من نفسك .. لا اله الا الله
تمتمت مبتسمه :
- محمد رسول الله
أنهت المكالمة وهى تشعر بسعادة بالغه وبقلبها يقفز فرحاً .. فتحت دولاب ملابسها لتختار ما سترتديه فى تلك المقابله .. أخرجت معظم دولابها على السرير ووقفت أمام المرآه تحاول اختيار ما تراه جميل عليها .. نظرت الى ملابسها بحنق .. فقد كانت محتشمة للغاية .. ودت لو كان لديها شيئاً ضيقاً أكثر ليبرز جمال جسدها الأنثوى .. زفرت فى ضيق وهى تجرب ملابسها لتختار من بينهم .

**********************************************

خرج "جمال" من غرفة العمليات للمرة الثانيه .. طمأنهم الطبيب على حالته .. وعلى نجاح العمليه .. وأذن بالخروج لـ "مريم" .. خرجت "مريم" بصحبة جدها وجدتها وتوجهت فى بيتهما .. استقبلتهم "صباح" قائله :
- كيف "عثمان" دلوجيت يابوى
- الحمد لله يا بنيتى امنيح .. آنى جيت أوصل "مريم" وأمك يرتاحوا ورايح تانى دلوجيت على المستشفى
قالت "صباح" بلهفه :
- طيب خدنى معاك يا بوى

فى المستشفى وفى غرفة "جمال" .. التف حوله "سباعى" و زوجته و "مراد" و "بهيرة" .. قالت أمه وهى تجلس بجواره باكيه :
- عين وصبتك يا ولدى عين وصبتك
قال "سباعى" :
- الحمد لله انها جت على أد اكده
قال "جمال" :
- مسكوا اللى طخنى ؟
تنهدت أمه فى حسره قائله :
- لا يا ولدى لسه الشرطة بتحجج
قال "جمال" بتهكم :
- هو الموضوع محتاج تحجيج .. أكيد اللى طخنى واحد من عيلة "السمري" ومش بعيد يكون "عثمان"
صاحت "بهيرة" بحده :
- وايه دليلك على اكده .. ولا رمى الناس بالباطل بجه سهل أوى اكده
ابتسم "جمال" بخبث قائلاً :
- يعملوا اللى يعملوه المهم انى هتجوز بنتهم
نظر الجميع الى بعضهم البعض ثم نظروا الى "مراد" الذى كان واقفاً دون أن يظهر أى شئ على وجهه .. فقالت أمه :
- يا ولدى خلاص .. الموضوع ده اتحل
قال "جمال" بدهشة :
- موضوع ايه اللى اتحل
قال "سباعى" :
- خلاص يا ولدى بنت علية "السمري" اتكتب كتابها
صاح "جمال" بحده :
- اتكتب كتابها على مين ؟
قال "سباعى" وهو يشير الى "مراد" :
- على ولد عمك
نظر "جمال" الى "مراد" بغضب :
- ليه تعمل اكده يا ولد عمى .. ليه تعمل اكده .. انت عارف انى كنت هتجوزها
قال "مراد" بحنق شديد :
- والله ان كان عليا أنا مش طايق أسمع اسمها اصلاً ولا عايز اتجوزها .. ولو الموضوع اتحل دلوقتى أنا مستعد أطلقها وأخلص من المصيبة اللى ربنا ابتلانى بيها دى
اقتربت "بهيرة" من فراش "جمال" وأمرت الجميع بالخروج للتحدث هى و "جمال" بمفردهما .. خرج الجميع فنظرت الى "جمال" وقالت بصرامة :
- آنى بعرف امنيح انت ليه عيملت اكده يا ولد خوى
صمت "جمال" ولم يرد فأكملت قائله وهى تمعن النظر اليه :
- انت كان بدك تنتجم من "خيري" نفسه .. ولما عرفت انه مات بجيت زى المجنون مستنى أى معلومة عن ولاده .. وأنى متأكده ان فى حدا من عيلة "السمري" بينجلك المعلومات دى .. كنت بتعرف ان "عبد الرحمن" بيدور على ولاد ابنه .. وكنت مستني يظهرله ولد عشان تفتن عنه لعيلة "المنفلوطى" .. لكن اتحسرت لما عرفت ان عنده بنت واحده .. ففكرت بطريجه تانيه للانتجام .. طريجه ترد بيها اللى حوصل زمان .. فوجعت البنية فى روطة وخليت علية "السمري" هما اللى يترجوك تتجوزها .. وانت ما بدك الا الانتجام من "خيري" فيها .. مش اكده يا ولد خوى
ظل "جمال" محتفظاً بصمته فنظرت اليه "بهيرة" بإحتقار قائله :
- مكنتش أعرف ان جواك حقد وغل اكده .. انت جواك سواد كبير يا "جمال" .. والسواد اللى فى جلبك ده عامى بصرك وبصيرتك وهيضيعك لو مافوجتش لنفسك يا ولدى .. النار مبتحرجش غير صاحبها .. فوج لنفسك واتعظ من اللى حصلك .. ده ذنب البنيه المسكينه اللى افتريت عليها وطعنت فى شرفها .. لو ضميرك مفاجش وصحى .. يبجى متلومش الا نفسك لان انتجام ربنا كبير .. ودعوة المظلوم مستجابه .. خاف من مكر الله يا ولدى خاف .. انت لساتك محتاج علاج كتير عشان تجدر تجف على رجلك من جديد .. ويا عالم هتجف ولا لا .. انت محتاج لربنا جمبك .. كيف هتدعى ربنا انه يشفيك وانت ظالم اكده .. كيف بدك ربك يستجيبلك وينجيك من اللى انت فيه وانت ظالم حرمه بتدعى عليك ليل ونهار .. بكررهالك تانى يا ولدى .. دعوة المظلوم مستجابه ومفيش بينها وبين الله حجاب .. هاى البنت ضعيفة ولحالها لكن سلاحها هو دعاها .. والسلاح هاد أقوى من ميت طبنجه وبندقيه .. سلاح فتاك يا ولدى خاف منيه
قالت ذلك ثم خرجت وتركت "جمال" خلفها واجماً شارداً .

****************************************

توقفت سياره فارهه على بداية الشارع المؤدى الى شركة الدعاية .. ما هى إلا لحظات حتى أتت "سهى" من بعيد تتهادى فى خطواتها .. فتحت باب السيارة وركبت والتفتت بجانبها وقالت مبتسمه :
- ازيك يا "سامر"
ابتسم لها قائلاً :
- ازيك انتى يا "سهى
قالت برقه :
- كويسه الحمد لله
انطلق بسيارته ثم التفت اليها متطلعاً اليها بجرأة قائلاً :
- بس ايه القمر ده .. انتى كل مرة أشوفك فيها بتبقى أحلى من المرة اللى قبلها
ضحكت بدلال قائله :
- دى أقل حاجه عندى
صاح بمرح :
- يا جامد انت
ثم قال :
- تحبي نروح سينما .. بقالى كتير أوى مدخلتهاش
قالت مبتسمه :
- مفيش مشكلة .. نروح سينما
توقفا أمام باب السينما يتفحصان الأفلام المعروضة .. قال "سامر" رومانس ولا أكشن ؟
التفتت اليه قائله بدلع :
- رومانس طبعاً مليش فى جو العنف ده
اقترب منها قائلاً :
- أحبك وانت رومانسي .. أنا كمان طالبه معايا رومانسية النهاردة
قطع "سامر" التذاكر ودخلا الى القاعة وجلسا فى مقعدهما .. بدأ عرض الفيلم .. وتشابكت الأيدي ومال بجسده تجاهها ليلتصق بها دون ممانعة منها .

**************************************

ساعدت جدة "مريم" فى توضيب أغراض "مريم" فى حقيبتها .. كانت "مريم" تشعر بالحزن والاسى لإضطرارها مغادرة بيت جدها .. اقتربت منها جدتها وعانقتها قائله :
- متجلجيش يا بنيتي مش هنتركك لحالك .. هنيجي نزورك .. ولما الحال يهدي اهنه أكيد هتيجي تزورينا
ترقرقت العبرات فى عين "مريم" وقال :
- مكنتش حابه أسيبكوا .. وياريتنى هرجع أعيش لوحدى .. لأ ده انا هعيش مع واحد معرفوش
قالت جدتها بأسى :
- ربنا يريح جلبك يا بنيتي ويسعد أيامك .. معلش ربنا وكيلك
تمتمت "مريم" :
- ونعم بالله
دخل جدها الغرفة واقترب منها مقبلاً رأسها قائلاً :
- لو احتجتى لأى حاجه اتصلى بينا هكون عندك طوالى .. وآنى كل فترة والتانية هتلاجيني حداكى فى مصر
ابتسمت له "مريم" بتأثر وقالت :
- تسلم يا جدو
عانقها "عبد الرحمن" والدموع تترقق فى عيناه وقال :
- على عيني أتحرم منيكي يا بنيتي .. بس ان شاء الله هتلاجيني حداكى دايماً .. واعرفى ان اهنه ليكي عيلة وعزوه .. وهنكون جمبك دايماً .. وبيتنا مفتوح ليكي فى أى وجت
تساقطت العبرات فى عينيها وهى تتعلق بثيابه كما تعلقت بها من قبل .

**************************************

- يعني ايه اتجوزت يا "مراد" ؟!
هتفت "ناهد" بتلك العبارة فى دهشه وهى تستمع الى خبر زواج ابنها منه عبر الهاتف فقال "مراد" بحنق :
- اللى حصل يا ماما
قالت أمه بحده :
- يعني ايه اللى حصل .. وطالما لقيت عروسه وعجبتك ليه ما قولتليش .. وهو فى حد يكتب كتابه فجأة كده ومن غير خطوبه
قال "مراد" بنفاذ صبر :
- اللى حصل .. المهم دلوقتى احنا راجعين النهاردة ان شاء الله
قالت "ناهد" بدهشة:
- انتوا مين ؟
- أنا وهى
- ازاى يعني ؟ .. وعمتك ؟
- لا هتفضل هنا شوية
قالت "ناهد" وهى تتنهد بضيق :
- هقولك ايه يعني .. صحيح أنا كان نفسي انك تتجوز النهاردة قبل بكرة .. بس كان نفسي أفرح بيك وأحضر كتب كتابك
صمتت قليلاً ثم قالت مستفهمه :
- كتب كتاب بس مش دخله مش كده ؟
قال "مراد" بعصبيه :
- بقولك يا ماما راجعه معايا
صاحت "ناهد" بغضب :
- وكمان دخله .. ده انت بتستهبل بجد يا "مراد" .. ايه ده عمرى مشوفتش جوازه فى كام يوم .. اهلها ازاى رضيوا بكده .. انت فى حاجه مخبيها عليا ؟
قال "مراد" بنفاذ صبر :
- لأ مفيش حاجه مخبيها .. وبعدين أهلى وأهلها عارفين بعض كويس .. يعني الموضوع بالنسبه لهم مش غريب .. وبجد مش هعرف أتكلم دلوقتى لانى مشغول جداً .. أنا جاى النهاردة بالليل نبقى نتكلم براحتنا
قالت وهى تحاول اخفاء ضيقها :
- ماشى يا "مراد" .. منتظراك انت وعروستك .. مش عارفه أقولك ايه .. مبروك يا ابنى .. طالما انت مرتاح ومبسوط أنا كمان هبقى مرتاحه ومبسوطه
تنهد قائلاً :
- الله يبارك فيكي
أنهى المكالمة وهو يزفر بضيق .. كان يشعر بغضب شديد لهذا المأذق الذى وجد نفسه بداخله .. وهذا الزواج الذى يرفضه عقله تماماً

********************************************

هتفت "سارة" بدهشة :
- انتى بتتكملى جد يا ماما .. "مراد" اتجوز ؟
قالت "ناهد" بحنق :
- أيوة اتجوز .. وجاى هو ومراته النهاردة
صاحت "نرمين" بغضب :
- واحنا ايه بأه ان شاء الله .. لزمتنا ايه .. هو احنا مش أهله برده .. فى واحد يسافر يومين وفجأة يتصل بأهله فى التليفون يقولهم أنا اتجوزت وراجع أنا وعروستى
قالت "ناهد" بحزم :
- بقولك ايه يا "نرمين" أنا مش عايزه مشاكل .. خلاص هو مرتاح كده خلاص .. "مراد" مش صغير وأدرى بمصلحته .. أهم حاجه انه اتجوز أنا كنت هموت وأشوف اليوم ده
قالت "سارة" بإستغراب :
- بس مش غريبة ان "مراد" يغير رأيه بالسرعة دى ويقرر انه يتجوز
قالت "ناهد" :
- لأ مش غريبة .. لأن أصلاً قبل ما يسافر كان وافق انى أدورله على عروسه
قالت "نرمين" بتهكم :
- عايزه تفهمينى انه راح النجع وشاف واحده ماشيه فى الشارع قام مشى وراها وعرف بيتها واتقدملها واتجوزها
قالت "ناهد" بنفاذ صبر :
- لأ .. "مراد" قالى ان العيلتين عارفه بعض .. تلاقى عمته "بهيرة" هى اللى اختارتهاله وشافها وعجبته واتجوزها
هتفت " نرمين":
- ماما انتى مقتنعه باللى انتى بتقوليه ده .. "مراد" شاف واحده وعجبته واتجوزها كل ده فى أقل من اسبوع .. "مراد" أصلاً مبيقتنعش بأى بنت بسهولة .. وبعد جوازته الأولانيه بأه صعب جداً ومش سهل كده يتجوز فجأة
قالت "ناهد" بنفاذ صبر :
- بقولكوا ايه اللى حصل حصل .. حياته وهو حر فيها
قالت "نرمين" شارده :
- تفتكروا هيعيش معانا هنا ولا هياخدلها بيت لوحدها
نظرت اليها "نرمين" و "ناهد" فى حيرة .. فقالت "ناهد" :
- مش عارفه متكلمناش فى النقطة دى
قالت "نرمين" :
- معتقدش ان "مراد" ممكن يسيبنا عايشين لوحدنا من غير راجل وكمان الفيلا كبيرة
قالت "سارة" بحزن :
- افرضى هى أصرت انه يسيبنا
هتفت "سارة" :
- يعني هو هيروح آخر الدنيا يعني .. ممكن يشوفلها مكان قريب من هنا
قامت "ناهد" قائله :
- الكلام ده سابق لأوانه لما يبقى "مراد" ييجى نبقى نفهم منه هو ناوى على ايه
أوقفتها "نرمين" قائله :
- ماما أنا زى ما قولتلك خارجه النهاردة أجيب اللبس
التفتت اليها "ناهد" وقالت :
- يا بنتى استنى "مراد" أحسن
قالت "نرمين" بحنق :
- يا ماما هو أنا صغيرة .. وبعدين أنا هروح كارفور بس .. مش هلف فى حته تانيه
صمتت "ناهد" فترجتها "نرمين" قائله :
- يا ماما عشان خاطرى أبوس ايدك وافقى .. "مراد" راجع النهاردة بالليل يعني مفيش فرصة أخرج فيها الا النهاردة
قالت "ناهد" محذرة :
- مش عايزه تأخير .. ساعتين بالكتير وتكونى هنا
قالت "نرمين" بحماس :
- متقلقيش وقبل ساعتين كمان
- طيب وخدى العربية بالسواق معاكى
قالت "نرمين" بسرعة :
- لأ لأ مفيش داعى .. هاخد تاكسى عشان لو احتجتى العربية .. يلا سلام طالعه ألبس
غادرت "نرمين" مسرعة قبل أن تترك لأمها فرصة للإعتراض.

***************************************
توقفت سيارة الأجرة أمام أحد المطاعم الراقية .. تلفتت "نرمين" يميناً ويساراً .. ثم أخرجت هاتفها من حقيبتها الصغيرة وهمت بأن تتصل .. سمعت خلفها صوتاً يقول :
- اتأخرتى عليا أوى
التفتت لتفاجأ بـ "حامد" صديق أخيها .. نظرت اليه بدهشة واضطراب فابتسم قائلاً :
- شكلك مصدومة .. ايه مكنتيش متوقعه انه أنا
أخفضت بصرها وقالت بخجل :
- لأ مكنتش متوقعه
همس قائلاً بخبث :
- طيب ايه .. عجبتك ؟ .. مفاجأة حلوة يعني ولا وحشة
شعرت بالإحمرار يغزو وجنتيها ولم تستطع أن تتحدث فقال لها :
- طيب تعالى نتكلم جوه
شعرت بالتوتر الشديد والتفتت يميناً ويساراً خوفاَ من أن يراها أحداً يعرفها .. لمس "حامد" ذراعها بيده ليوجهها داخل المطعم نظرت اليه وجذبت ذراعها بسرعة .. ابتسم قائلاً :
- طيب ادخلى انتى
دخلت "نرمين" وهى تتفحص وجوه رواد المطعم .. اختار "حامد" احدى الطاولات فى احد زوايا المطعم .. كانت تشعر بالتوتر الشديد .. نظر "حامد" اليها وابتسم قائلاً :
- مالك متوتره كده
قالت بصوت مضطرب :
- مفيش .. أصل دى أول مرة أخرج فيه مع واحد
ابتسم ونظر اليها نظرة أشعرها بالخجل وقال :
- أنا مش أى واحد .. خلاص احنا نعتبر مرتبطين .. باقى بس موافقة أخوكى
اقترب النادل فسألها عما تشرب .. ذهب النادل لإحضار ما طلبوا .. فهمس لها "حامد" :
- وحشتيني أوى .. لما وافقتى انك تقابليني مكنتش مصدق نفسي .. تعرفى انى من الصبح من ساعة ما كلمتك وأنا مش عارف أركز فى الشغل
ابتسمت بخجل فقام وجلس على المقعد المجاور لها وقربه منها شعرت بالتوتر فابتسم قائلاً :
- ايه خايفه من ايه احنا فى مكان عام زى ما طلبتى أهو .. والناس حولينا من كل اتجاه .. بس مش حابب أعد بعيد عنك
كانت "نرمين" متوتره للغايه ومشاعرها مضطربة مزيج من السعادة والخوف .. همس اليها :
- ممكن أسمع صوتك .. انتى ما قولتيش حاجه من ساعة ما أعدنا
قالت بصوت خافت :
- أنا مش هتأخر همشى بسرعة .. فقول اللى انت كنت عايز تقولهولى
قرب رأسه منها قائلاً :
- كنت بس عايز أشوف ردك فعلك لما تعرفى أنا مين .. وأتأكد انك موافقة عليا .. عشان محرجش نفسي مع "مراد"
ثم قال :
- ها .. عجبتك ولا لأ ؟
ابتسمت وخفضت بصرها فى خجل .. فابتسم بخبث قائلاً :
- تمام كده السكوت علامة الرضا .. كده خدت موافقتك باقى موافقة أخوكى
رن هاتف "نرمين" فاضطربت ونظرت الى هتفتها وقالت بتوتر :
- دى ماما
قال "حامد" :
- ردى عليها
قالت بتوتر وهى تضع هاتفها فى حقيبتها :
- لأ أنا همشى أحسن
- استنى احنا ملحقناش نعد سوا
نهضت بالفعل وقالت :
- معلش فعلاً مش هينفع أتأخر أكتر من كده
حملت الأكياس التى تحوى الملابس التى اشترتها قبل القدوم الى المطعم .. فغادر "حامد" المطعم معها قائلاً :
- استنى هوقفلك تاكسى .. مع انى نفسي أوصلك بنفسي
قالت بصوت خافت :
- مش هينفع
ابتسم وأمال برأسه اتجاهها قائلاً بخبث :
- بكره كل حاجه هتنفع
أبتعدت عنه .. فأوقف احدى السيارات .. ركبت فى المقعد الخلفى فانحنى على الشباك وابتسم قائلاً :
- طمنينى عليكي لما توصلى
ابتسمت له وأومأت برأسها .. أخرج "حامد" بعض المال ودفع أجرة السائق ولوح لها بيده فنظرت اليها مبتسمه قبل أن تنطلق السيارة .. تابع "حامد" السيارة بعينيه وبمجرد أن رحلت التفت لأحد الرجال الواقفين فى أحد الجوانب أمام المطعم وأخذ منه هاتفه الذى كان ممسكاً به بيده .. أخذ "حامد" يشاهد الصور التى جمعته بـ "نرمين" داخل المطعم وخارجه ثم ابتسم ولمعت عيناه خبثاً وقال :
- قشطة أوى .. تسلم يا باشا نردهالك فى الأفراح
قال له الرجل ضاحكاً :
- انت .. ده انت شيطان .. ربنا يكفينا شرك
نظر اليه "حامد" قائلاً بمرح :
- طيب يلا بينا نشوف أى حته نسهر فيها .. مزاجى حلو أوى النهاردة وعايز أتبسط على الآخر

************************************************
- خلى بالك منيها
قالت "بهيرة" هذه العبارة بنبرة حازمة وهى تودع "مراد" أمام سيارته .. فتنهد قائلاً :
- مع السلامة يا عمتو
عانقها مودعاً .. وسلم على "سباعى" قائلاُ :
- أشوفك بخير يا عمو
قال "سباعى" :
- طريج السلامة يا ولدى .. على مهلك وانت سايج .. الله معك
ركب "مراد" سيارته متوجهاً الى بيت "عبد الرحمن" .. فى بيت "عبد الرحمن" وقفت "مريم" تودع جدها وجدتها و "صباح" بأعين دامعه .. ما هى الا دقائق وأوقف "مراد" سيارته أمام الباب .. خرج اليه "عبد الرحمن" ورحب به قائلاً :
- أهلاً يا ولدى اتفضل اتفضل
سلم عليه "مراد" قائلاً بإقتضاب :
- معلش مضطر أمشى دلوقتى
قال له "عبد الرحمن" :
- طيب يا ابنى ثوانى أنادى لـ "مريم"
وقف "مراد" أمام سيارته فى انتظارها .. دخل "عبد الرحمن" الى البيت وحمل حقيبة "مريم" قائلاً :
- يلا يا بنتى .. جوزك بره
شعرت "مريم" بالإضطراب وبالألم يغزو بطنها وينتشر به من فرط التوتر .. قبلت رأس جدتها ويديها قائله :
- هتطمن عليكي بالتليفون دايماً يا تيته .. وان شاء الله فى أقرب وقت هاجى أزورك
قالت جدتها بأعين دامعة :
- ربنا ينورلك طريجك يا ابنيتي .. ويكفيكي شر ولاد الحرام .. مع السلامة يا غالية
خرجت "مريم" تسير خلف جدها .. التفت "مراد" وأسرع بحمل الحقيبة من يد "عبد الرحمن" .. هم بأن يضعها فى شنطة السيارة عندما وقعت عيناه على "مريم" .. تسمر فى مكانه وهو يمعن النظر اليها .. هربت من عيناه ونظرت الى يديها الممسكة بحقيبة يدها .. تعرف عليها "مراد" بمجرد أن رآها .. نعم انها نفس الفتاة التى قابلها أمام المركز الصحى والتى كانت تنظر اليه بإمعان شديد .. وضع الحقيبة فى السيارة فإلتفتت "مريم" تقبل يد جدها قائله بصوت مضطرب :
- مع السلامة يا جدو
قبل "عبد الرحمن" رأسها وقال :
- مع السلامة يا بنيتي .. خلى بالك من نفسك .. ولو احتجتى أيتها حاجه كلميني رقمى معاكى
دخلت "مريم" السيارة بجوار "مراد" وهى تشعر بتوتر لم تشعر به من قبل .. شعرت وكأنها عاجزة عن التنفس فى فرط توترها وهى جالسة الى جواره .. كانت تأخذ نفسها بصعوبة شديدة .. و .. انطلق "مراد" بسيارته بصحبة "مريم" فى طريقه الى القاهرة.


*********************************************

طرقت "سارة" باب غرفة "نرمين" فأذنت لها بالدخول .. وقفت "سارة" بجوار أختها فى الشباك قائله :
- أعده لوحدك ليه
قالت "نرمين" مبتسمه وهى تلعب بخصلات شعرها :
- عادى يعني
قالت "سارة" :
- "مراد" اتصل .. اتحرك على الطريق هو وعروسته
قالت "نرمين" بحده :
- أنا لسه مش مصدقه ان "مراد" اتجوز .. حاجه غريبه جداً .. مش فاهمه ايه سلق البيض ده .. وازاى هنعيش مع واحدة غريبة منعرفهاش
قالت "سارة" بهدوء :
- طالما عجبت "مراد" يبأه هى أكيد بنت كويسه
قالت "نرمين" :
- بقولك ايه متوجعيش دماغى أنا مبسوطة ومش عايزه حاجه تعكنن عليا
نظرت اليها "سارة" بإمعان قائله :
- وايه اللى باسطك كده .. متفرحيني معاكى
قالت "نرمين" بنفاذ صبر :
- "سارة" روحى شوفيلك حاجه اعمليها بعيد عنى
توجهت "سارة" الى الباب قائله :
- انا غلطانه أصلاً انى عبرتك وجيت أعد معاكى
خرجت "سارة" فإرتسمت ابتسامه على شفتى "نرمين" وهى تتذكر مقابلتها لـ "حامد" اليوم .

*******************************

ساد الصمت بينهما لأكثر من ساعة .. لم يتفوه أحدهما ببنت شفه .. اختلست "مريم" النظر الى "مراد" فخفق قلبها بشدة .. قالت فى نفسها : يا الله ما أشد الشبه بينهما كأننى أرى "ماجد" أمام عيناى .. بدا وكأن "مراد" الذى كان شارداً انتبه فجأة لوجودها بجواره .. التفت وألقى عليها نظره ثم عاد ونظر أمامه مرة أخرى .. تحدث فجأة قائلاً بحزم :
- ماما واخواتى ميعرفوش بتفاصيل الجوازه دى ولا بالمشاكل اللى حصلت فى النجع .. هنفهمهم ان جوازنا طبيعي .. يعني مش عايز حد فيهم يعرف الوضع بينا
قالت "مريم" وقد شعرت ببعض الراحة :
- هو حضرتك عايش مع مامتك واخواتك ؟
نظر اليها شزراً وقال بإقتضاب :
- أيوة
أخذت تفكر تُرى هل أخواته هو فقط أم أخوات "ماجد" أيضاً .. سألته قائله :
- هما أد ايه ؟
رد بإقتضاب :
- بنتين
ابتسمت فى نفسها .. سألته بإهتمام :
- اخوات حضرتك من نفس الأم والأب ؟
نظر اليها بدهشة وقال بحده :
- ايه السؤال الغريب ده
شعرت "مريم" بالحرج الشديد فتمتمت بخفوت :
- أنا آسفه
نظر "مراد" أمامه وبدا وكأنه يجاهد ليتحكم فى أعصابه .. قال بقسوة :
- مش عايزك تختلطى بيهم ولا تتكلمى معاهم كتير طول فترة وجودك معانا .. دول بنات محترمة ومتربين كويس .. ومش عايز حد يأثر عليهم
شعرت "مريم" بمهانة شديدة .. وبوغز الدموع فى عينيها لكنها تمالكت نفسها سريعاً .. فآخر شئ تريده هو البكاء أمام هذا الرجل القاسي .. ألقى "مراد" نظرة عليها ثم قال ببرود :
- جوزك اتوفى من أد ايه ؟
نظرت اليه بدهشة قائله :
- عرفت منين ؟
قال بسخرية :
- أكيد عرفت فى كتب الكتاب لما جدك ادى قسيمة جوازك وشهادة الوفاة للمأذون
صمت قليلا ثم أعاد سؤاله ببرود :
- مات من أد ايه ؟
شعرت بالحنق لأنه يتدخل فى خصوصياتها .. فقالت بضيق :
- من سنة
ضحك بسخرية قائلاً :
- سنة .. ولحقتى تنسيه وتدورى على غيره
شعرت "مريم" بالمهانة مرة أخرى فإسلوبه لم يكن محتملاً بالنسبة لها .. صكت على أسنانها وكظمت غيظها .. فأكمل "مراد" متهكماً :
- وملقتيش غير الصعيد .. أديكي اتدبستى فى جوازه
لم تتفوه "مريم" بكلمه نظر اليها فوجدها ساكنه هادئه لا تظهر أى من انفعالاتها الداخليه فأغاظه ذلك فأكمل ساخراً بقسوة :
- دلوقتى عرفت ليه كنتى بتبصيلي أوى ومركزة معايا أدام المركز الصحي
خفق قلب "مريم" والتفتت لتنظر اليه .. فتلاقت أعينهما شعرت بأن عيناه كعين الصقر مصوبتان اتجاهها وقال بوقاحه :
- اظاهر ان "جمال" مكنش مكفيكي
فاق ما قاله قدرتها على الإحتمال فصرخت فيه :
- وقف العربية .. بقولك وقف العربية
نظر "مراد" أمامه ببرود دون أن يمتثل لطلبها .. فتحت "مريم" باب السيارة وصرخت قائله :
- لو موقفتش العربية هنزل منها وهى ماشية
صرخ فيها "مراد" بغضب :
- اقفلى الباب ده وبطلى جنان
قالت بإصرار :
- بقولك وقف العربية دلوقتى حالاً يا إما هنزل منها وهى ماشية
ضغط "مراد" على الفرامل بقوة فأصدرت السيارة صوتاً مرعباً .. توقفت السيارة فأسرعت "مريم" بمغادرتها حاملة حقيبة يدها .. مشيت فى الإتجاه العكسي .. فى طريقها الى النجع مرة أخرى .. نظر اليها "مراد" من مرآة السيارة بغضب ثم انطلق بسيارته فى طريقة مرة أخرى .. مشت "مريم" مسرعة وهى تشعر بغضب بالغ .. كان غضبها يعميها على التفكير .. لا تعلم حتى الى أين ستذهب فى هذا الليل الذى قد أسدل أستاره .. وهى وحيده فى هذا الطريق الصحراوى الذى تسمع فيه من بعيد عواء الذئاب .. لكنها لم تعد تبالى بأى شئ لا تبالى أبداً .. سارت عدة أمتار ثم فجأة وجدت سيارة قادمة من الخلف وتقطع عليها الطريق لتتوقف أمامها .. التفتت لترتطم نظراتها بنظرات "مراد" الغاضبة .. ران الصمت عليهما لفترة .. ثم قال "مراد" بلهجة آمرة دون أن ينظر اليها :
- اركبي
ظلت واقفه أمامه وهى فى حيرة من أمرها .. فأعاد ما قال بصوت أكثر قسوة :
- قولتلك اركبي
تنهدت "مريم" بعمق .. ثم لفت حول السيارة وأعادت الجلوس فى معقدها .. أدار "مراد" سيارته وعاد فى اتجاه القاهرة مرة أخرى .. صمت كلاهما .. كانت "مريم" تتنفس بسرعة وقلبها يخفق بإضطراب .. قال "مراد" بصرامة دون أن ينظر اليها :
- اياكى تكرريها تانى
لم تجيبه .. ولم ينتظر رداً .. وأكملا طريقهما فى صمت .. صمت لم يقطعه كلمة من أى منهما .. ولا حتى نظرة .


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-10-15, 02:55 PM   #16

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 14 )


قال "مراد" بلهجة آمرة دون أن ينظر اليها :
- اركبي
ظلت واقفه أمامه وهى فى حيرة من أمرها .. فأعاد ما قال بصوت أكثر قسوة :
- قولتلك اركبي
تنهدت "مريم" بعمق .. ثم لفت حول السيارة وأعادت الجلوس فى معقدها .. أدار "مراد" سيارته وعاد فى اتجاه القاهرة مرة أخرى .. صمت كلاهما .. كانت "مريم" تتنفس بسرعة وقلبها يخفق بإضطراب .. قال "مراد" بصرامة دون أن ينظر اليها :
- اياكى تكرريها تانى
لم تجيبه .. ولم ينتظر رداً .. وأكملا طريقهما فى صمت .. صمت لم يقطعه كلمة من أى منهما .. ولا حتى نظرة .
بعد عدة ساعات عبرت سيارة "مراد" بوابة الفيلا .. نظرت "مريم" حولها وهى تتطلع الى الفيلا والحديقة فى ظلام الليل .. أخرجت هاتفها واتصلت بجدها قائله :
- أيوة يا جدو .. وصلت الحمد لله
- طيب يا بنيتي طمنتيني .. خلى بالك من نفسك .. ولو احتجتى حاجه كلمينى طوالى
نزل "مراد" من السيارة وأخرج حقيبة "مريم" وحقيبته .. مدت "مريم" يدها لتأخذ منه حقيبتها لكنه لم يلتفت اليها وصعد الدرجات الى باب الفيلا .. لم يحتاج الى اخراج مفتاحه .. فلقد فتحت أمه الباب بمجرد أن سمعت صوت السيارة .. صعدت "مريم" الدرجات خلفه ببطء وهى تشعر بتوتر بالغ .. كعابر سبيل ضل طريقه .. عانقته أمه قائله :
- حمدالله على السلامة يا "مراد" اتأخرتوا أوى كده ليه ؟
قال "مراد" بصوت متعب :
- لا اتأخرنا ولا حاجه يا ماما المسافة كبيرة أصلاً
نظرت "ناهد" خلفه تتطلع الى "مريم" الواقفه أمام الباب .. ابتسمت اليها قائله :
- أهلاً بيكِ .. ألف مبروك
اومأت "مريم" برأسها وقالت بتوتر بالغ :
- أهلا بحضرتك
أشارت"ناهد" بيدها قائله :
- اتفضلى ادخلى
دخلت "مريم" وهى تشعر بالإضطراب وقفت بجوارهما وهى لا تدرى ماذا تفعل وماذا تقول .. تفحصتها "ناهد" ثم رسمت ابتسامه على شفتيها قائله :
- زمانكوا تعبانين من السفر يلا اطلعوا ارتاحوا
أشار لها "مراد بإتجاه السلم الداخلى قائلاً:
- اتفضلى
صعدت "مريم" معه وهى واثقه كل الثقه أنه لم يبقى الا لحظات وتقفد وعيها من فرط التوتر .. كانت فى موقف لا تُحسد عليه .. متزوجة من رجل لا تريده ولا يريدها .. لا تطيقه ولا يطيقها .. ومرغمة على البقاء معه فى غرفته .. وليس هذا فحسب بل مطلوب منها أيضاً تمثيل دور العروس الجديدة أما أمه وأخواته .. فتح "مراد" باب الغرف وسبقها فى الدخول .. وقفت أمام الباب فالتفت اليها قائلاً بنفاذ صبر :
- ادخلى واقفلى الباب .. ماما زمانها طالعه أوضتها دلوقتى
دخلت "مريم" وأغلقت الباب .. تفحصت الغرفة بنظرة سريعة .. كانت تتسم بالطابع الذكوري .. لا يوجد بها أى لمسه أنثويه .. شعرت بحرج بالغ واشتعلت وجنتيها خجلاً ظلت واقفة أمام الباب المغلق تمسك حقيبة يدها بتوتر .. وضع "مراد" الحقائب بجوار الدولاب ثم التفت اليها متفحصاً اياها ثم قال بسخريه :
- اللى يشوف كده يقول أول مرة تدخل أوضة راجل
شعرت "مريم" بالخجل والحنق الشديد .. لكنه لم يكتفى ولن يكتفى .. اقترب منها ناظراً اليها بتهكم قائلاً بوقاحه :
- آه صحيح نسيت انك بتفضلى البيوت اللى لسه بتتبنى جديد
رفعت "مريم" رأسها ونظرت اليه بشراسة كقطة برية تهم بالإنقضاض على فريستها لتلتهمها وقالت بغضب :
- كفاية بأه .. كفاية اهانة .. مش هسمحلك تهنى أكتر من كده
قال "مراد" بعنف :
- انتى اللى أهنتى نفسك .. واحدة زيك لا عندها دين ولا أخلاق المفروض تتكسف من نفسها مش ترد ببجاحه
قالت بحده وهى تنظر اليه بغضب :
- أنا معملتش حاجه غلط عشان أتكسف منها اللى المفروض يتكسف من نفسه هو ابن عمك الغير محترم .. وأهو ربنا خدلى حقى منه ومرمى دلوقتى فى المستشفى لان دعوة المظلوم مستجابة وابن عمك افترى عليا وظلمنى
نظر اليها "مراد" بشك وهو يستمع الى كلماتها فأكملت بحزم وصرامة :
- لو جبت سيرتى على لسانك تانى بأى كلمة تمس شرفى اتأكد ساعتها انى هدعى عليك زى ما بدعى عليه بالظبط
صمت "مراد" وهو ينظر اليها متفحصاً ثم قال ببرود :
- الحاجه الوحيدة اللى عايزها منك انك تفضلى بعيده عنى
قالت بعنف :
- ومين قالك انى عايزة أقرب منك أصلاً .. أنا مجبرة على الجوازة دى زى ما انت مجبر عليها بالظبط
نظر اليها قليلاُ ثم توجه الى فراشه وأخذ وسادة وغطاء وألقاهم على الأريكة الموجود فى الغرفة ونظر اليها قائلاً ببرود :
- هتنامى هنا
شعرت "مريم" بالمهانه .. آخر ما كانت تريده هو النوم بجواره لكن إشارته لذلك بتلك الطريقة جعلها تشعر بالمهانه .. أكمل قائلاً :
- وزى ما فهمتك لا عايز أمى ولا اخواتى يعرفوا حاجه عن الوضع بينا لحد ما عمتو تيجى ونشوف حل للمصيبة دى
صمتت فقال وهو يغادر الغرفة :
- فى حمام فى الأوضة ادخلى غيري هدومك لان أكيد ماما هتطلعلك دلوقتى
قال ذلك ثم خرج و أغلق الباب خلفه دون أن ينتظر ردها .. تنهدت "مريم" بأسى وتوجهت الى الأريكة وجلست عليها وهى شاردة وعلامات الحزن على وجهها .. نظرت الى ساعتها فعلت أنه لم يبقى الا نصف ساعة على آذان الفجر فأسندت ظهرها وجلست تنتظر ميعاد الصلاة

نزل "مراد" للأسفل فوجد والدته تهم بالصعود وهى تقول له :
- سايب عروستك ونازل ليه
قال بنفاذ صبر :
- رايح أجيب حاجه من العربية .. انتى منمتيش ليه
قالت أمه بعتاب :
- يعني أسيب البنت تنام من غير عشا فى أول ليلة ليها هنا .. تقول علينا ايه
أومأ "مراد" برأسه فقالت "ناهد" وهى تصعد :
- أنا قولت لدادة "أمينة" تحضرلكم العشا وتطلعه أوضتك وهروح دلوقتى أطمن عليها قبل ما أنام ..خرج "مراد" وتوجه الى سيارته وجلس أمام المقود وهو يزفر بضيق .. رفع نظره الى شرفة غرفته التى أصبحت محتلة.

طرقت "ناهد" باب غرفة "مريم" .. فنهضت "مريم" بتوتر وفتحت الباب .. ابتسمت "ناهد" قائله :
- خفت تكونى نمتى
ابتسمت "مريم" بصعوبة وقالت :
- لا لسه
نظرت الي ملابسها وقالت :
- ولا حتى غيرتى هدومك
صمتت "مريم" فقالت "ناهد" :
- أنا معرفتش اسمك
- "مريم"
- وأنا "ناهد" مامة "مراد" طبعاً .. و "سارة" و "نرمين" كان نفسهم يشوفوكى بس للأسف اتاخرتوا أوى وهما ناموا .. الصبح ان شاء الله تتعرفوا على بعض
أومأت "مريم" برأسها فقالت "ناهد" قبل أن تغادر :
- دادة أمينة هتحضر العشا وتطلعلك بيه .. تصبحى على خير يا "مريم" أشوفك الصبح
تمتم "مريم" بضعف :
- وحضرتك من أهل الخير
أغلقت الباب وعادت الى مكانها على الأريكة .. أذن الفجر فنهضت وتوجهت الى الحمام وتوضأت .. احتارت كيف يكون اتجاه القبلة .. لامت نفسها لأنها لم تسأل "ناهد" .. شعرت بالضيق والحنق .. لحظات وسمعت طرقات على الباب .. ظنت أنه "مراد" فارتدت حجابها لتخفى شعرها .. فتحت لتجد امرأة بسيطة يبدو عليها الطيبة ابتسمت ببشاشه وهى تدخل الغرفة قائلاً :
- أهلا وسهلاً بالغالية مراة الغالى .. نورتى بيتك
نظرت اليها "مريم" وهى تضع الطعام على احدى الطاولات الصغيرة .. فالتفتت لها المرأة وقالت ببشاشه :
- أنا دادة "أمينة" .. أنا اللى مربية سي "مراد" من وهو صغير .. بس واعى تفتكريني عجوزة لا أنا لسه شباب برده
ابتسمت "مريم" لتلك السيدة الطيبة .. فقالت "أمينة" :
- أسيبك بأه ترتاحى وتتعشى
همت بالخروج فأوقفتها "مريم" قائله :
- بعد اذنك ممكن تعرفيني اتجاة القبلة
أرتها "أمينة" الإتجاة الصحيح وتركتها لتصلى الفجر .. وجدت "مريم" نفسها تبكى كثيراً فى السجود وهى تتضرع اللى الله عز وجل أن يحفظها ويقدر لها الخير ويصرف عنها السوء وينتقم ممن ظلمها وافترى عليها .. أنهى "مراد" صلاته فى المسجد القريب وأعاد أدراجه الى الفيلا وهو واجماً .. رفع نظره الى شرفة غرفته ليجد الضوء ما زال مضاءاً .. زفر بضيق وحنق .. طرق الباب عدة طرقات همت بأن تقوم لفتحه لكنه فتحه ببطء .. دخل وألقى نظرة على الطعام الذى لم تمسسه .. ثم توجه الى شرفة غرفته .. كانت "مريم" تشعر بالإرهاق وبالتعب الشديد .. ولكنها خجلت من أن تنام أمام أعين هذا الرجل الغريب .. أسندت رأسها على ذراع الأريكة وظلت تقاوم النعاس الى أن غلبها .. وقف "مراد" فى الشرفة وهو يشعر بالغضب والضيق .. كان الزواج هو آخر ما يريده .. خاصة ان كان زواج بهذه الطريقة .. زواج لانقاذ الموقف .. زواج من فتاة بعيدة كل البعد عن طباعه وأخلاقه .. أكثر ما يشعره بالضيق هو اضطراره الى مشاركتها غرفته .. عالمه الخاص .. الذى يشعر فيه بالراحة والسكينة بعيداً عن اعين الناس .. هذا المكان الوحيد الذى يظهر فيه عجزه واعاقته لأنه بمفرده لا يتطلع عليه أحد .. لا يرمقه فيه أحد بنظرات الشفقة او السخرية .. هو أمام الناس شخص كامل لا فرق بينه وبين أى رجل غيره .. يسير ويتحرك بطريقة طبيعية .. لكنه بينه وبين نفسه يشعر بنقصه .. وبإعاقته .. وبذلك الفراغ فى قدمه اليمنى .. ولا يدع أحداً أبداً مهما كان أن يراه بدون ساقه الصناعية .. وبالتأكيد فآخر ما يريده هو أن يظهر اعاقته أمام تلك الفتاة الغريبة التى تشاركه غرفته رغماً عنه .. قضى ليلته على أحد المقاعد فى الشرفة .. الى أن لاح نور الصباح.

*********************************************

- شكلها ايه يا ماما ؟
نطقت "سارة" هذه العبارة وهى جالسه مع أمها وأختها فى احدى شرف المنزل .. قالت "ناهد" وهى تحتسي من فنجان الشاى فى يدها :
- بنت عادية .. هادية.. ملحقناش نتكلم كتير عشان أكون انطباع عنها
سألت "نرمين" قائله :
- "مراد" ماقالكيش هسيب البيت ولا لأ
قالت "ناهد" :
- لأ طبعاً ملحقناش نتكلم فى حاجه
ثم زفرت بضيق :
- كنت حسه بإحساس بشع وانا بسألها عن اسمها .. عروسة ابنى ومعرفش حتى اسمها
قالت "نرمين" بحده :
- سي "مراد" هو السبب .. حد يعمل عملته دى .. ولا كأن له أهل
نظرت اليها "ناهد" محذره اياها :
- "نرمين" مش عايزين مشاكل من أولها .. أنا ما صدقت ان "مراد" اتجوز .. مش عايزه أى حاجة تعكرله مزاجه فاهمة
قالت "نرمين" بتبرم :
- طيب أنا مالى هو أنا اللى اتجوزت ولا هو .. هو حر

استيقظ "مراد" على ضوء الشمس الذى يلفح وجهه .. اعتدل فى الجلوس وهو يشعر بألام بالغة فى ظهره .. نهض ودخل الغرفة فوقع نظره على "مريم" النائمة بكامل ثيابها على ذراع الأريكة .. فتح الدولاب وأخرج ملابسه وتوجه الى الحمام .. استيقظت "مريم" على صوت الدش .. قامت فزعة تنظر حولها بإستغراب وهى تتساءل أين هى .. ثم تذكرت فتنهدت بأسى .. توجهت الى حقيبتها التى وضعها "مراد" بالأمس بجوار الدولاب وأخرجت ملابسها وانتظرت خروجه .. خرج "مراد" وهو يرتدى حلة أنيقة .. تلاقت نظراتهما فى صمت ثم توجه الى باب الغرفة مغادراً اياها .

استقبلته "سارة" بالأسفل قائله بإبتسامه :
- حمدالله على السلامة يا أبيه والف مبروك
قالت "نرمين" :
- مبروك يا أبيه
رد "مراد" بإقتضاب :
- الله يبارك فيكم
قالت "ناهد" مبتسمه :
- أمال فين عروستك
قال وهو عابس :
- نازله كمان شوية
ابتسمت "ناهد" قائله :
- توقعت انك تتأخر فى النوم رجعتوا امبارح متأخر بعد سفر طويل
قال "مراد" وهو ينظر الى ساعته ويهم بالإنصراف :
- لا مضطر أخرج عشان عندى شغل
هتفت "ناهد" بدهشة :
- شغل ايه يا "مراد" .. ده انت مبقالكش يومين متجوز
قال "مراد" بضيق :
- وأقول للعملا ايه يعني معلش استنونى أصلى عريس جديد
قالت "ناهد" بضيق :
- يعني هتسيب عروستك وتنزل الشغل
قال وهو ينصرف :
- هى عارفه طبيعة شغلى متشغليش بالك .. مع السلامة
زفرت "ناهد" بضيق واستغرقت فى التفكير .. قالت "نرمين" بسخرية :
- وأنا اللى كنت فاكرة الجواز هيغيره .. لا الحمد لله كده اطمنت عليه
قالت "سارة" بإستغراب :
- ده غريب أوى .. ده حتى مش باين عليه انه مبسوط
قالت "ناهد" بشرود :
- يا خوفى يكون اتجوزها بس عشان يخلص من زنى عليه فى موضوع الجواز .. لو عمل كده يبقى بيظلم نفسه وبيظلمها معاه
نهضت وقالت وهى تغادر :
- أما أطلع أشوفها
خرجت "مريم" من الحمام لتسمع طرقات "ناهد" على الباب وهى تقول :
- "مريم" انتى صاحية ؟
قامت بسرعة بوضع الغطاء والوسادة فوق السرير وفتحت الباب .. ابتسمت لها "ناهد" قائله :
- صباح الخير
ابتسمت "مريم" :
- صباح النور
نظرت "ناهد" الى الطعام الذى لم يمسسه أحد وقالت بعتاب :
- ايه ده مكلتيش ليه يا "مريم"
- معلش مكنتش جعانه
- طيب يا حبيبتى انزلى يلا عشان نفطر سوا
أومأت "مريم" برأسها .. خرجت خلفها وتوجهت للأسفل .. قامت الفتاتان لاستقبالها .. ابتسمت لها "سارة" مرحبه :
- أهلا بيكي يا "مريم" ألف مبروك
قالت "نرمين" وهى تتفحصها :
- مبروك يا "مريم"
ابتسمت "مريم" وأومأت برأسها .. التف الجميع حول طاولة الطعام .. نظرت "مريم" الى الفتاتان فى محاولة ايجاد تشابه بينهما وبين "ماجد" .. قالت "ناهد" :
- مبتكليش ليه يا "مريم"
التفتت اليها "مريم" قائله :
- باكل يا طنط
قالت "ناهد" وهى تمعن النظر اليها :
- معلش هو "مراد" كدة بيحب شغله جداً وعلى طول مشغول .. فمتضايقيش انه سابك وراح الشغل
ابتسمت "مريم" فى نفسها بسخريه والتفتت الى المرأة قائله :
- لا أبداً أنا مقدره ان عنده شغل
ابتسمت "سارة" وقالت :
- شكلك عاقلة أوى أنا لو منك كنت زعلت
قالت "نرمين" وهى تتفحص "مريم" بنظراتها :
- أنا بأه لو منك كنت قومت الدنيا ما أعدتهاش
التفتت "ناهد" الى الفتاتان قائله :
- فى ايه يا بنات .. عندكوا كلمة حلوة قولوها .. مفيش يبقى اسكتوا
التفتت "ناهد" الى "مريم" قائله :
- برافو يا "مريم" الراجل يحب الست العاقلة اللى بتقدر ظروفه .. ربنا يبارك فيكي يا بنتى
ثم نظرت "ناهد" شزراً الى الفتاتان فأكملا طعامهما فى صمت

**********************************

توجه "مراد" الى شركته وانغمس فى عمله ليصرف تفكيره عن تلك الفتاة القابعة فى عقر داره والتى تحمل اسمه رغماً عنه .. فى منتصف اليوم سمع طرقات على الباب ثم انفتح الباب ليدخل "طارق" هاتفاً :
- ايه ده يا "مراد" يعني أعرف من بره انك جيت .. مهنش عليك تديني تليفون حتى
قام "مراد" وسلم عليه قائلاً :
- معلش يا "طارق" رجعت امبارح الفجر وأول ما جيت الشركة اتلخمت فى الشغل
جلس "طارق" قبالته وقال :
- ايه التأخير ده كله من قولت يومين وهترجع
زفر "مراد" بضيق وألقى القلم من يده بعصبيه .. نظر اليه "طارق" متفحصاً وقال :
- مالك فى ايه يا "مراد"
تنهد "مراد" بضيق وقال :
- وقعت فى مصيبة يا "طارق"
قال "طارق" بهلع :
- مصيبة ايه يا "مراد"
نظر اليه "مراد" قائلاً بحده :
- اتجوزت
نظر اليه "طارق" بدهشة مردداً :
- اتجوزت !
قال "مراد" بعصبية :
- أيوة .. اتجوزت جوازه ما يعلم بيها الا ربنا
قال له "طارق" بإستغراب :
- احكيلي يا "مراد" مش فاهم حاجه
تنهد "مراد" وقال بحده :
- اختصار الكلام كان فى مشاكل بين عيلتى وعيلتها وتار ودم وقتل والحل الوحيد كان جوازى منها
قال "طارق" بدهشة :
- وبعدين؟
قال "مراد" بحنق :
- وبعدين ايه هو أنا بحكى حدوته .. جبتها معايا هنا لحد ما عمتى ترجع من الصعيد وتشوفلى حل فى المشكلة دى هى قالتلى الوضع ده مش هيستمر كتير .. وهى لو متصرفتش أنا اللى هتصرف .. أنا معنديش استعداد أبداً استمر فى جوازه بالطريقة دى
قاطعهم طرقات السكرتيرة على الباب ودلفت تقول :
- أستاذ "سامر" بره وعايز يقابل حضرتك يا فندم
- خليه يتفضل
دخل "سامر "وسلم على الرجلين ثم جلس قبالتهما قائلاً :
- ايه يا جماعة الشغل متعطل ليه كل ده
قال "مراد" معتذراً :
- معلش يا "سامر" كنت مسافر
قال "سامر" بضيق :
- المشكلة ان التأخير ده عملنا مشاكل جامده
قال "مراد" بإهتمام :
- ايه اللى حصل ؟
قال "سامر" بغضب :
- الزفت اللى اسمه "حامد" .. سرق كل الشغل اللى كنا عاملينه .. اللوجو والبروشورز وكل حاجه وغير بس اسم الشركة وسماها بإسم شركته ودخل شريك مع اتنين رجال أعمال وبينفذ نفس مشروعنا
صاح "طارق" بغضب :
- ابن التيييييييييت
زفر "مراد" قائلاً :
- أهو ده اللى كان ناقص
قال "سامر" :
- طبعاً هنتعطل تانى لحد ما الشغل ده كله يتعمل من أول وجديد يعني مش أقل من اسبوعين
التفت "مراد" الى "طارق" قائله :
- حالا يا "طارق" تكلم شركة الدعاية يبدأوا الشغل من جديد وهعد أنا وانت نشوف التفاصيل الجديدة وتبلغهالهم
قال "طارق" بيأس :
- الديزاينر بتاعة حملتنا مختفية
قال "مراد" بحده :
- يعني ايه مختفية ؟
- يعني محدش عارف يوصلها ولا حتى صاحبتها .. تليفونها مقفول ومبتدخلش ايميل الشركة
قال "سامر" بسرعة :
- خلاص نشوف حد غيرها
قال "مراد" و "طارق" فى نفس واحد :
- لأ
مع اختلاف أسباب كل منهما .. نظر اليهما "سامر" قائلاً :
- ليه لأ
قال "مراد" شارحاً :
- الشغل اللى سرقه "حامد" مننا كان ممتاز وأنا عايز شغل فى نفس المستوى وأعلى كمان .. ومفيش ديزاينر غيرها بيطلعلى شغل مظبوط كده زى ما أنا عايز بالظبط .. ده غير انها بتنجز الشغل فى وقت قياسي واحنا أى تأخير مش فى صالحنا أبداً
قال "طارق" مؤكدا كلام "مراد" :
- معاك يا "مراد" فى كلامك وأنا هوصلها متقلقش
خرج "طارق" و تركهما .. كان "مراد" يغلى من الغضب لفعلة "حامد" الخاليه من الأخلاق .. والتى ستتسبب فى تعطيل أعمالهم .

*******************************************

كانت "مريم" تتمشى فى حديقة الفيلا بمفردها .. كانت الطبيعة حولها ساحرة خلابة جلست على أحد المقاعد تتأمل الخضرة حولها .. ظلت ساكنه فى مكانها لفترة طويلة .. سرقها الوقت فهى معتاه على البقاء بمفردها دائماً .. سمعت صوتاُ خلفها يقول :
- أعدة لوحدك ليه .. دورت عليكي كتير
التفتت "مريم" الى "سارة" قائله بحرج :
- معلش محستش بنفسي
جلست "سارة" بجوارها وقالت مبتسمه :
- ولا يهمك .. أنا كمان بحب أعد فى الجنينة هنا وبنفسي نفسي فيها .. بحب الهدوء زيك
نظرت اليها "مريم" قائله بإهتمام :
- انتوا التلاته اخوات من نفس الأم والأب ؟
نظرت اليها "سارة" بإستغراب قائله :
- أيوة
قالت "مريم" بلهفة :
- يعني اسمك "سارة خيري الهواري" .. و"نرمين" كمان ؟
قالت "سارة" وهى مازالت تشعر بالدهشة :
- أيوة
نظرت اليها "مريم" بتأثر شديد .. لم تصدق أنها جالسه مع أخت "ماجد" .. جزء منه .. أقرب الأشخاص فى هذا الكون اليه .. اغرورقت عيناها بالعبرات رغماً عنها .. قالت لها "سارة" بدهشة :
- "مريم" انتى بتعيطى ليه
نظرت اليها "مريم" بشوق وكأنها ترى "ماجد" أمامها وقالت وهى تحاول التحكم فى بكائها :
- مفيش .. حسه بس ان فى ناس وحشونى
ابتسمت "سارة" بحزن قائله :
- تقصدى أهلك
قالت لها "مريم" والعبرات تتساقط من عينيها :
- دول أكتر من أهلى .. دول جزء منى .. وحشونى أوى .. حسه انى محتجالهم أوى جمبي .. حسه انى ضايعة من غيرهم .. بجد وحشونى أوى
كانت تقصد "ماجد" بكلامها .. بثت ما فى نفسها من كلمات محبوسة داخل صدرها .. أجهشت فى البكاء وتعالت شهقاتها .. تركتها "سارة" تفرغ ما بداخلها من شحنات عاطفية .. اقتربت منها وربتت على كتفها وقالت برقة :
- متقلقيش احنا برده خلاص نعتبر أهلك .. وانا و "نرمين" اخواتك .. مش كده ولا ايه
توقفت "مريم" عن البكاء ونظرت الى "سارة" وقالت بحنان :
- انتوا أكتر من اخواتى يا "سارة"
ابتسمت "سارة" قائله :
- خلاص يبقى متعيطيش طالما هتعتبرينا اخواتك
ابتسمت "مريم" وهى تمسح دموعها وتنظر الى "سارة" لا تريد مفارقتها .. كانت تشعر بسعادة بالغة وهى جالسه معها تنظر اليها .. لأنها أخته .. أخت "ماجد" .

******************************************

- "سامر" قولتلك ميت مرة أنا مبروحش بيت حد
قال "سامر" بضيق وهو يوقف سيارته على جانب الطريق :
- ليه يا "سهى" .. ايه المشكلة يعنى .. ايه الفرق بين البيت وأى مكان تانى بنعد فيه مع بعض
قالت "سهى" بحده :
- ازاى يعنى ايه الفرق .. طبعا فى فرق .. ازاى يعني أدخل بيتك كده .. وبأى صفه وكمان هتقول لأهلك ايه
قال "سامر" بنفاذ صبر :
- أنا أصلا مش آعد مع أهلى أنا ليا شقة منفصله فى عمارة بابا
قالت "سهى" بضيق :
- وكمان عايزنى أروح شقتك اللى آعد فيها لوحدك
التفت اليها "سامر" قائلاً :
- "سهى" .. انتى مبتحبنيش يا "سهى"
اغرورقت عيناها بالعبرات وقالت :
- والله العظيم بحبك يا "سامر" بس مش عايزة أعمل حاجه غلط
قال "سامر" برقه مقترباً منها :
- يا حبيبتى هو فين الغط ده .. ايه المشكلة يعني لما نعد نتكلم شوية .. اعتبرى نفسك فى أى مكان تانى مش فى البيت .. وأعدين بنتكلم زى ما بنتكلم فى أى كافى .. الفرق بس اننا هنكون على راحتنا ومحدش يضايقنا ويرخم علينا زى ما حصل آخر مرة
قالت "سهى" بعتاب :
- ما آخر مرة فعلاً زودناها يا "سامر" وكان شكلنا مش لطيف
قال "سامر" ببرود :
- والله أنا محدش له حاجه عندى .. اللى ليه حاجه ياخدها .. أنا وحبيبتى حرين مع بعض محدش يقولى يصح وميصحش
ثم أمسك يدها مقبلاً اياها وقال :
- مش انتى برده حبيبتى
ابتسمت قائله :
- طبعا يا "سامر" وانت كمان حبيبى
اقترب منها مقبلاً اياها .. وجدا فجأة طرقات على زجاج السيارة وأحد الرجال يصيح :
- اتقوا الله دى حتى لو مراتك ميصحش كدة فى الشارع
ثم رحل الرجل وهو يتمتم فى غضب .. فإغتاظ "سامر" وصاح :
- راجل قليل الأدب صحيح وهو ماله هو أعمل اللى يعجبنى
قالت "سهى" بتوتر :
- طيب يلا يا "سامر" نمشى من هنا أحسن
التفت اليها قائلاً بغضب :
- عرفتى بأه قولتلك ليه نروح البيت أحسن .. عشان الأشكال المتخلفة دى
ثم انطلق بسيارته فى ضيق.

********************************************

دخل "سباعى" الى غرفة "بهيرة" للإطمئنان عليها فوجدها ساكنة شاردة فقال :
- كيفك دلوجيت يا بنت بوى
التفتت اليه قائله بضعف :
- امنيحه يا "سباعى"
جلس على المقعد بجوار الفراش قائلاً :
- مالك يا "بهيرة" مش عجبانى واصل
تنهدت "بهيرة" فى أسى وقالت :
- حيرانه يا "سباعى" حيرانه .. معرفش أعمل اييه .. أخبر "مراد" بكل حاجه ولا أسيبه اكده ميعرفش حاجه واصل
قال "سباعى" بحده :
- انتى ليه بتدورى على المشاكل يا "بهيرة" ليه عايزه تفتحى فى الدفاتر الجديمة
قالت "بهيرة" بحده :
- "مريم" كانت مرت "ماجد" يا "سباعى" .. "ماجد" أخو "مراد"
صاح "سباعى" بدهشة :
- بتجولى اييه ؟ .. مرته
قالت "بهيرة" بحزن :
- ايوة كانت مرته .. ومات من سنة .. كان مرضان ومات
قال "سباعى" بأسى :
- لا حول ولا قوة الا بالله .. ربنا يرحمه هو وأبوه
التفت الى "بهيرة" وسأل بإهتمام :
- و "زهرة" لساتها عايشه
نظرت اليه قائله :
- مخبرش .. آنى معرفتش أتكلم معها امنيح .. مستنية الدنيا تهدى اهنه وبعدين أسافرلها وأفهم منها كل حاجه .. وساعتها هقرر أذا كنت هجول لـ "مراد" كل حاجة ولا لأ
صمتت قليلاً ثم قالت وهى شارده :
- "مريم" في يدها الخيوط كلياتها .. وهى الوحيدة اللى تجدر توصلهم ببعض


********************************************

كانت "مريم" جالسه مع "سارة" و "ناهد" فى غرفة المعيشة يتبادلون المزاح والضحكات .. أقبلت "نرمين" وجلست معهم فالتفتت اليها "مريم" مبتسمه :
- انتى عندك كام سنة يا "نرمين"
قالت "نرمين" بلا مبالاة :
- 22 سنة
ابتسمت "مريم" بحزن وقالت :
- لو أختى الله يرحمها كانت لسه عايشة كانت هتكون أدك بالظبط
نظرت اليها "ناهد" بحنان قائله :
- حبيبتى انتى اختك اتوفت
نظرت اليها "مريم" وقالت بإبتسامه حزينه :
- أيوة اتوفت فى حادثة
ثم قالت :
- مع ماما وبابا
قالت "ناهد" بأسى وقد ظهر عليها التأثر :
- لا حول ولا قوة الا بالله .. ربنا يصبرك
قالت "سارة" وقد شعرت بالحزن لأجلها :
- الله يرحمهم يا "مريم"
ابتسمت لهم "مريم" قائله :
- اللهم آمين
قالت "نرمين" وهى تعبث بهاتفها :
- قوليلنا بأه عرفتى "مراد" ازاى واتجوزتوا بالسرعة دى ازاى
بلعت "مريم" ريقها وقد شعرت بالإضطراب قالت بخفوت :
- العيلتين عارفين بعض وهما اللى رتبوا الجوازه
قالت "نرمين" بسخرية وهى تنظر اليها :
- يعني مشفتوش بعض ولا أعجبتوا ببعض قبل الجواز
قالت "مريم" بإرتباك :
- لأ شوفنا بعض مرة
قالت "نرمين" بشك :
- مرة واحدة بس ؟ .. ومن مرة عرفتى ان "مراد" هو فتى أحلامك و "مراد" عرف انك فتاة أحلامه
نظرت اليها "ناهد" بعتاب قائله :
- "نرمين"
قالت "مريم" مبتسمه بتوتر :
- نصيب .. ربنا قدرلنا كده
نظرت "نرمين" الى هاتفها الذى يضئ ويطفئ فى صمت وقالت بلهفه :
- بعد اذنكوا
صعدت "نرمين" الى غرفتها وأغلقت الباب وردت برقه ممزوجه بالخجل :
- ألو
- وحشتيني
ابتسمت قائله :
- ما انت لسه شايفنى امبارح
- ونفسي أشوفك كل يوم وكل ساعة
صمتت فقال :
- "نرمين" عايز أشوفك تانى
- مش هينفع
- ليه مش هينفع امبارح ملحقتش أعد معاكى سبتيني ومشيتي على طول
قالت بأسف :
- أنا أسفة اضطريت أمشى بسرعة عشان متأخرش
- لو ليا غلاوة عندك عايز أشوفك
- قولتلك مش هينفع
- طيب اقفلى عشان هبعتلك هدية على موبايلك
قالت "نرمين" بشك :
- هدية ايه
- اقفلى بس وهى توصلك
أنهت المكالمة .. لحظات وسمعت صوت نغمة الرسائل .. لاحت ابتسامه صغيره على شفتيها عندما رأت صورة لـ "حامد" ومكتوب تحتها "عشان أفضل معاكى على طول" .. كانت تشعر بسعادة غامرة .. وضعت الصورة فى أحد الملفات بالموبايل وأغلقته بباسوورد .. ونزلت الى الأسفل وكأن شيئاً لم يكن .

***********************************

عاد "مراد" الى البيت فى المساء .. فتح الباب وأرهف أذنيه فلم يسمع صوتاً .. لحظات وتعالت الضحكات من غرفة المعيشة .. أخذته قدماه الى هناك وأخذ يتطلع الى "مريم" و "سارة" الجالستان على أرض الغرفة وأمامهما لعبة بازل يحاولان جمعها .. كانتا منهمكتان فلم تلاحظان دخوله .. قال بصوت رخيم :
- مساء الخير
شعرت "مريم" بالفزع مبجرد أن رأته أمامها وهبت واقفه .. نظرت الى حجابها الملقى على الأريكة ودت لو امتدت له يداها لتغطى به رأسها .. لكنها لم تكن لتفعل ذلك تحت أنظار "سارة" حتى لا تثير شكوكها .. وعلى الرغم من احتشام ملابسها إلا أنها شعرت بدون حجابها وكأنها عاريه .. قالت "سارة" وهى ماتزال جالسه فى وضعها :
- مساء النور يا أبيه
قال "مراد" لـ "سارة" بهدوء :
- فين ماما و "نرمين"
قالت "سارة" مبتسمه :
- ماما فى المطبخ و "نرمين" فى أوضتها كالعادة
أومأ برأسه ثم غادر متجاهلاً "مريم" تماماً .. شعرت "مريم" بالتوتر .. قالت "سارة" :
- لو عايزة تطلعيله اطلعى ونبقى نكمل بعدين
التفتت اليها "مريم" ورسمت ابتسامة على شفتيها قائله :
- لأ هو أكيد هيغير هدومة وينزل .. تعالى نكمل
جلست بجوارها مرة أخرى .. لكن هيهات .. فالشعور بالمرح انتهى بمجرد أن رأته أمامها.

********************************
توجه "مراد" الى غرفته وأخذ شاور وغير ملابسه .. تطلع الى حقيبة "مريم" التى مازالت بجوار الدولاب .. نزل ليتقابل مع والدته فى آخر السلم ابتسمت قائله :
- "مراد" انت جيت امتى
قبلها قائلاً :
- من شوية
ابتسمت قائله بمرح :
- طيب كويس تعالى احنا لسه متعشيناش .. تعالى نتعشى كلنا سوا
دخلا غرفة المعيشة فوجد "مريم" جالسه كما كانت بجوار "سارة" لكنها هذه المرة مرتدية حجابها .. قالت لها "ناهد" :
- يا حبيبتى قولتك مفيش راجل غريب هنا .. حتى كل اللى بيشتغلوا هنا ستات "مراد" مبيخليش راجل يدخل هنا خالص
شعرت "مريم" بالتوتر ورسمت ابتسامة على شفتيها قائله :
- لأ أنا لبسته عشان حسيت بالبرد وكسلت أطلع أجيب حاجه ألبسها
نادت "ناهد" الخادمة لتحضر شالاً من غرفتها لـ "مريم" .. أحضرت الخادمة الشال .. ألبستها اياه قائله بإبتسامه :
- لو لسه بردانه روحى البسى حاجة أتقل
ابتسمت "مريم" واغرورقت عيناها بالدموع بسبب تلك المعاملة الحانية التى افتقدتها منذ أن رحل أبواها وأختها .. لكم أمضت الليالى مريضة فى فراشها لا تقوى على النهوض لإحضار كوب ماء .. لكم أمضت الليالى ساهرة من ألم فى رأسها دون أن تجرؤ على النزول ليلاُ لإحضار الدواء .. أبعدت "مريم" عينيها بسرعة حتى لا يرى أحداً عبراتها التى تجمعت داخل عينيها مهددة بالإنهمار
تجمعت الأسرة حول مائدة الطعام .. جلس "مراد" على رأس الطاولة و "ناهد" قبالته و "نرمين" على يمينه و "سارة" على يساره .. همت "مريم" بالجلوس بجوار "نرمين" فقالت "ناهد" :
- "نرمين" بدلي الكرسى بتاعك مع "مريم"
قامت "نرمين" متبرمة وأجلست "مريم" مكانها .. شعرت "مريم" بالحرج والضيق لجلوسها بجوار "مراد" الذى لم يعيرها أى انتباه .. نظرت "سارة" الى "مراد" قائله بمرح :
- أخيراً لقيت حد مدمن البازل زيي .. بس "مريم" ايه ما شاء الله عليها حريفه
ابتسمت "مريم" ..فالتفتت اليها "سارة" قائله بتهكم :
- اللى أعرفه ان البازل دى لعبة أطفال
ابتسمت لها "مريم" قائله :
- لا فيها درجات صعوبة عالية متنفعش للأطفال
أومأت "نرمين" برأسها ببرود ثم عادت لتكمل طعامها .. قالت "ناهد" بمرح :
- أنا بأه مليش روح للبازل ده .. بس عارفه يا "مريم" هوايتي المفضلة ايه
نظرت اليها مبتسمه وقالت :
- ايه يا طنط
ضحكت "ناهد" قائله :
- لعبة الشطرنج .. عارفه انها لعبة رجالى بس أعمل ايه جوزى الله يرحمه خلانى أدمنها .. و "مراد" الله يسامحه بأه على طول مشغول ومحدش من البنات بيعرف يلعبها
قالت "مريم" بمرح :
- على فكرة بأه أنا كمان بموت فيها
قالت "ناهد" بدهشة :
- بجد
- أيوة بابا الله يرحمه علمهالى وكنت بلعبها معاه
قالت "ناهد"بمرح وهى تنظر الى "مراد" :
- ولا الحوجه ليك يا سى "مراد" خلاص معدتش هترجاج تلاعبنى شطرنج تانى
ثم نظرت الى "مريم" قائله :
- خلاص يبأ هطلعها بكرة من الدولاب وتورينى شطارتك .. بس خلى بالك حماتك جامدة أوى أنا بحذرك أهو
ضحكت "مريم" قائله :
- أكيد طبعاً يا طنط مش هاجى جمب حضرتك حاجه
نهض "مراد" فجأة وقال بوجوم :
- تصبحوا على خير
خرج من الغرفة وتتبعته عيون الجميع بإستثناء "مريم" .. نظرت "ناهد" الى "مريم" قائله :
- حبيبتى قومى شوفى جوزك ماله ..شكله مضايق من حاجه
استثقلت "مريم" المهمة بشدة .. ودت لو قالت لها أن آخر شئ يريده ابنك الآن هو أن يرانى .. لكن ما باليد حيلة لا يمكن اخبارها بذلك .. صعدت "مريم" وهى تقدم رجلاً وتؤخر الأخرى .. طرقت "مريم" على الباب طرقات صغيرة .. ثم أتاها صوته آذناً اياها بالدخول .. فتحت الباب ببطء ودخلت على استحياء . كان "مراد" جالساً على فراشه ويدت ملامحه جامده .. دخلت وأغلقت الباب وجلست على الأريكة لا تدرى ماذا تقول وماذا تفعل .. لحظات والتفت ينظر اليها قائلاً بحده :
- أولا شنطة هدومك بتعمل ايه جمب الدولاب
نظرت الي حقيبتها ثم نظرت اليه قائله :
- أمال أحطها فين ؟
قال ببرود :
- تفضى لنفسك مكان فى الدولاب وتحطى هدومك فيه .. لو ماما دخلت الأوضة وشافت شنطتك كده هتقول ايه
أومأت برأسها قائله بإقتضاب :
- حاضر هفضيها بكرة
قال بتهكم :
- ثانياً الحجاب اللى انتى لبساه ده أسميه ايه بالظبط .. فى واحدة تلبس حجاب فى بيت المفروض انه مفيهوش راجل الا جوزها
شعرت بالتوتر وأشاحت بوجهها فقال بغلظة :
- بلاش تمثيل واقلعى حجابك ده
نظرت "مريم" اليه بحده قائله :
- أنا مش بمثل
قال "مراد" بسخرية :
- عايزة تفهميني انك مكسوفه تقلعيه أدامى يعني
أشاحت بوجهها وهى تحاول كظم غيظها فأكمل بغلظة :
- ثالثاً بأه اذا كنتى فاكرة ان بقربك من ماما واخواتى ده ممكن يأثر عليا ويخلى جوازنا يستمر تبقى غلطانه مش أنا اللى أتحط أدام الأمر الواقع
هبت واقفة وقالت :
- قصدك ايه ؟
وقف هو الآخر فى مواجهتها .. زاد فرق الطول بينهما من شعورها بضألتها أمامه .. كان كالأسد المهيمن على من حوله مجبراَ اياهم على الخضوع لسطوته .. قال بقسوة وهو ينظر الى أعماق عينيها :
- يعني جوازى منك انقاذ للموقف بس .. مش أكتر من كدة .. ولا فى يوم من الأيام هيكون أكتر من كدة .. مهما كان السلاح اللى هتستخدميه .. فمصيره الفشل .. أنا ابتديت أفهمك كويس .. وأفهم انتى بتخططى لايه .. واللى فى دماغك ده مش هيحصل ابداً .. طلاقك أمر مفروغ منه .. بمجرد ما تيجي عمتى وأتأكد ان المشكلة اتحلت هتلمى هدومك وتسيبى البيت ده وتنسى انك دخلتيه أصلاً
واجته "مريم" بنظراتها .. كان مصراً على اذلالها واشعارها بالمهانة فقالت له بثقه :
- على فكرة اليوم اللى هطلق فيه منك وأسيب البيت ده هيكون يوم عيد بالنسبة لى
قالت ذلك ثم غادرت الغرفة وأغلقت الباب خلفها بهدوء.
نزلت الدرج فقابلت "سارة" التى قالت لها :
- نزله ليه يا "مريم" .. عايزة حاجه
قالت "مريم" بتوتر :
- لا مفيش .. هروح المطبخ أشرب
ثم قالت :
- طنط و "نرمين" تحت ؟
ابتسمت "سارة" قائله :
- لأ طلعوا يناموا وأنا كمان طالعه أهو
ابتسمت "مريم" قائله :
- طيب يا حبيبتى تصبحى على خير
- وانتى من أهل الخير
توجهت "مريم" للأسفل دخلت غرفة المعيشة التى لا ينيرها الا ضوء القمر المتسلل من الشرفة .. فتحت الشرفة وخرجت الى الحديقة ومشيت قليلاً ثم جلست على المقعد الذى جلست عليه فى الصباح .. أحاطت جسدها بذراعيها تلتمس الدفء .. لا تدرى الى كم من الوقت بقيت جالسه هكذا دون حراك .. شعرت بالنعاس لكنها كرهت الصعود الى غرفة "مراد" والنوم أمامه .. تمددت على المقعد وتوسدت ذراعها وأحاطت نفسها جيداً بالشال وأغمضت عينيها واستسلمت للنوم .
استيقظ "مراد" على صوت منبه الموبايل منبهاً اياه لصلاة الفجر .. قام فلم يجد "مريم" على الأريكة فتوضأ وصلى .. هم بأن ينزل ليبحث عنها لكنه عزف عن ذلك .. فبالتأكيد اختارت النوم فى أى غرفة أخرى بالمنزل .. سيتركها اليوم تنام حيث تريد ثم سيلفت نظرها فى الصباح الى ضرورة النوم داخل الغرفة حتى لا يشك أحداً بأمرهما .. واستسلم للنوم مرة أخرى على فراشه الوثير .

***********************************
فى صباح اليوم التالى استيقظ "مراد" على صوت هاتفه .. رد على "طارق" قائلاً :
- السلام عليكم أيوة يا "طارق"
- وعليكم السلام .. انت نايم ولا ايه
قال "مراد" وهو يحاول أن يفيق :
- أيوة لسه صاحى
قال "طارق"بعجاله :
- طيب أنا هعدى عليك دلوقتى عشان فى ورق مهم لازم يتمضى قبل ما أطلع على الجمارك
قال "مراد" وهو يجلس فى فراشه :
- طيب مستنيك
قام "مراد" ونظر الى الأريكة الفارغة والى الحقيبة التى مازالت بجوار الدولاب ثم زفر بضيق .
اتصل "طارق" بـ "مى" التى ردت قائله :
- السلام عليكم
قال "طارق" بلهفه :
- وعليكم السلام أخيراً فتحتى الموبايل
قالت بدهشة :
- مين معايا
- أنا "طارق" .. "طارق عبد العزيز"
خفق قلبها وشعرت بالتوتر وقالت :
- أيوة يا أستاذ "طارق"
- بكلمك بقالى يومين موبايلك مقفول حتى الشركة قالولى واخده أجازة
قالت بصوت خافت :
- معلش كان عندى ظروف وكنت أفله الموبايل
قال "طارق" :
- مش خير ان شاء الله
- أيوة خير مفيش حاجة
قال "طارق" بإهتمام :
- أنا بتصل بـ "مريم" كتير أوى بس موبايلها على طول مقفول
- أنا كمان بحاول كتير بس مش عارفة أوصلها
- طيب قوليلى اسمها بالكامل أنا ليا واحد صحبى من عيلة كبيرة فى الصعيد .. أنا رايحله دلوقتى وان شاء الله هيساعدنى أوصلها لاننا كمان محتاجينها فى شغل مهم جداً خاص بشركتنا
- اسمها "مريم خيرى عبد الرحمن السمري"
ابتسم قائلاً :
- ما شاء الله حافظه اسم صحبتك رباعى
قالت بصوت خافت :
- احنا صحاب من زمان
ابتسم قائلاً :
- ربنا يخليكوا لبعض .. ومتشكر أوى
- العفو

فى الأسفل استيقظت "مريم" على صوت العصافير التى تغرد على الشجر .. قامت واعتدلت فى جلستها وهى تشعر بألم فى كل أنحاء جسدها وبوغز كالشوك فى حلقها .. وقفت بصعوبة وأحكمت لف الشال حولها .. توجهت الى شرفة غرفة المعيشة فوجدتها مغلقة فلم تستطع الدخول .. فدارت حول الفيلا لتدخل من الباب الأمامى .. وجدت "مراد" واقف مع رجل آخر فأخفضت بصرها .. لكنها عندما اقتربت منهما رفعت رأسها فإرتطمت نظراتها بنظرات "طارق" .. وقفت تحدق فيه بدهشة .. وبادلها هو الآخر نظراتها المندهشة التى كانت أضعاف دهشتها .. كان يبحث عنها فى كل مكان ولم يتخيل أن يجدها فى بيت صديقه .. وقف كلاهما ينظر الى الآخر فى دهشة و "مراد" يراقب نظرات الإثنان لبعضهما البعض .. لم ينطق "طارق" إلا بكملة واحدة :
- "مريم" !
تمتمت بصوت خافت :
- أهلا بحضرتك يا أستاذ "طارق"
اقترب "مراد" من "طارق" وقال وهو ينقل نظره من "مريم" اليه :
- انتوا تعرفوا بعض ؟
قال "طارق" مبتسماً وهو يشعر بالسعادة لعثوره عليها أخيراً :
- أيوة طبعاً .. دى الآنسة "مريم" الديزاينر بتاعة حملتنا
صُدم "مراد" لما سمع والتفت بحدة ينظر الى "مريم" بدهشة .. اقترب "طارق" من "مريم" قائلاً :
- كنتى فين قلقتيني عليكي وموبايلك مقفول على طول .. حتى "مى" مش عارفه توصلك
قالت بصوت مضطرب :
- كان عندى ظروف
ابتسم "طارق" قائلاً :
- المهم انك كويسه
بدا وكأنه انتبه لوجودها فى آخر مكان كان يتوقع أن يجدها فيه .. فقال بإستغراب شديد :
- بس انتى بتعملى ايه هنا ؟
جاءت الإجابة من "مراد" الواقف خلفه :
- مراتى
التفت "طارق" الى "مراد" بحده وقال له :
- ايه ؟
ردد "مراد" ما قاله ببرود :
- مراتى
نظر "طارق" الى "مريم" وهو لا يصدق ما يسمع .. نظر اليها وكأنه يرجوها أن تكذب ما قاله "مراد" .. كانا الرجلين ينظران الى "مريم" بدهشة .. "طارق" مصدوم من كونها أصبحت زوجة لأعز أصدقائه .. و "مراد" مصدوم من كونها ديزاينر حملته الإعلانية .. شعرت بالخجل من نظرات الرجلين اليها فأخفضت بصرها وقالت بصوت خافت :
- عن اذنكوا
صعدت الدرج وهى لا تدرى أن الرجلين فى الأسفل كانت أعينهما متعلقتان بها تتابعانها فى صمت .



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-10-15, 03:04 PM   #17

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 15 )


- مراتى
نظر "طارق" الى "مريم" وهو لا يصدق ما يسمع .. نظر اليها وكأنه يرجوها أن تكذب ما قاله "مراد" .. كانا الرجلين ينظران الى "مريم" بدهشة .. "طارق" مصدوم من كونها أصبحت زوجة لأعز أصدقائه .. و "مراد" مصدوم من كونها ديزاينر حملته الإعلانية .. شعرت بالخجل من نظرات الرجلين اليها فأخفضت بصرها وقالت بصوت خافت :
- عن اذنكوا
صعدت الدرج وهى لا تدرى أن الرجلين فى الأسفل كانت أعينهما متعلقتان بها تتابعانها فى صمت .
ران الصمت عليهما وكل منهما يحاول استيعاب صدمته .. أول من فاق من صدمته هو "طارق" الذى التفت الى "مراد" ينظر اليه بحده وهو يقول :
- انت مكنتش تعرف ان "مريم" ديزاينر حملتنا وانى بدور عليها ؟
التفت اليه "مراد" الذى بدا شارداً وقال له :
- وهعرف منين انها الديزاينر اللى بندور عليها .. أنا معرفش هى بتشتغل ايه أصلاً .. ولا أعرف أى حاجه عنها
نظر اليه "طارق" بحده وزفر وهو يحاول أن يكظم غيظه وقال :
- انت قولتلى امبارح ان جوازك منها كان انقاذ للموقف وانك مستنى عمتك عشان تطلقها .. مش كدة ؟
أومأ "مراد" برأسه بصمت .. فانفعل "طارق" قائلاً :
- حرام عليك يا "مراد" حرام عليك
نظر اليه "مراد" بدهشة .. فأكمل "طارق" بغضب :
- يعنى حضرتك متجوزها عشان تقضيلك معاها يومين وبعدين ترميها وتطلقها اتقى الله يا "مراد" ترضى يحصل لواحده من اخواتك كده .. أى ان كان سبب جوازك منها حرام تطلقها وتتحسب عليها جوازه
نظر اليه "مراد" بغضب وقال :
- ايه اللى انت بتقوله ده .. انت فاهم الموضوع غلط يا "طارق" .. أنا قولتلك امبارح انى اضطريت أتجوزها عشان الدم اللى كان هيسيل .. وأنا مش معتبرها مراتى اصلاً دى مجرد واحدة أعده فترة مؤقته وهتمشى تروح لحالها وأنا معرفها كدة ومتفق معاها على كدة يعني مخدعتش حد
صمت "طارق" وهو يفكر فى كلام "مراد" ثم قال :
- يعنى هى عارفه انك هتطلقها ؟
قال "مراد" بحده :
- ايوة طبعا عارفه وده كان اتفاقى مع عمتو من الأول أكتب عليها عشان المشاكل مش أكتر من كده
- تقصد انكوا عايشين منفصلين ؟
قال "مراد" بحده :
- أيوة أنا مش طايق أشوفها أصلاً .. كل اللى حصل انى كتبت عليها وجبتها هنا لحد ما عمتو تتأكد ان الأمور هديت ساعتها هطلقها
هدأ "طارق" قليلاً .. فتفرس فيه "مراد" قائلاً :
- وانت ايه يهمك أصلاً فى الموضوع ده .. مالك انت أظلمها لا مظلمهاش
حاول "طارق" التحكم فى أعصابه وقال ببرود :
- لانى اتعاملت معاها كتير فى الشغل والبنت كويسة جداً فصعب عليا انها تتظلم كده بس بعد ما انت شرحت الوضع .. فكده الموضوع أهون شوية
نظر اليه "مراد" وقال بإهتمام :
- انت تعرف ايه عنها بالظبط ؟
نظر "طارق" الى ساعته ثم قال ببرود :
- أنا مضطر أمشى دلوقتى عشان الحق الجمارك
لم ينتظر رداً من "مراد" وتوجه الى سيارته وانطلق بها تحت نظرات "مراد" المتمعنه.
انطلق "طارق" بسيارته بعصبيه وهو يشعر بغضب كبير بداخله لتلك العادات المتخلفة التى أجبرت "مريم" على الزواج من "مراد" .. "مراد" الذى يعلم جيداً بالظروف النفسية العصيبة التى مر بها والتى ستجعله بالتأكيد أن يكون قاسياً مع "مريم" ضرب المقود بيده بعصبيه وهو يتخيل المعاناة التى تشعر بها "مريم" فى بيت "مراد" الذى من الواضح من كلامه عنها أمس واليوم أنه لا يطيق وجودها فى حياته

توجهت "مريم" الى غرفتها وهى تشعر بالدوار .. لحظات وسمعت طرقات على الباب فتحت لتجد "سارة" مبتسمه وهى تقول :
- صباح الخير يا "مريم" يلا عشان نفطر سوا
ابتسمت "مريم" بتعب وقالت :
- ماشى هغير هدومى وأنزل
نظرت "سارة" بإستغراب الى ملابس "مريم" والتى كانت نفس ما ارتدته ليلة أمس .. فقالت بدهشة :
- انتى نمتى كده
قالت "مريم" بإضطراب وهى تحاول تجنب الكذب :
- كنت الصبح فى الجنينة
أومأت "سارة" برأسها قائله وهى تنصرف :
- خلاص منتظرينك ان شاء الله
بدلت "مريم" ملابسها بصعوبة وهى تشعر بالوهن فى كل عضلة فى جسدها .. توضأت وصلت الفجر الذى فاتها وهى تشعر بالضيق الشديد لأنها لم تصليه فى ميعاده .. لم ترتدى حجابها لئلا تسمع تعنيفاً آخر من "مراد" .. عقصت شعرها للخلف وارتدت عباءة استقبال محتشمة .. فتحت الباب لتخرج لكنها فزعت عندما وجدت "مراد" أمامها كان يهم بطرق الباب .. ابتعدت لتفسح له الطريق للدخول .. همت بالخروج من الغرفة لكن "مراد" قال لها بحزم :
- استنى عايزك
أغلقت الباب ووقفت خلفه .. وقف "مراد" فى مواجهتا وهو يتفحص وجهها شعرت بالخجل فأشاحت بوجهها الى أن قال :
- انتى تعرفى "طارق" من زمان ؟
قالت "مريم" بهدوء :
- أستاذ "طارق" عميل فى شركتنا
- شركة ايه ؟
- اسمها رؤية للدعاية والإعلان
صمت "مراد" وهو مازال ينظر اليها بإمعان .. ثم قال :
- كنتى عارفه ان الحملة اللى انتى مسكاها هى حملة شركتى ؟
نظرت اليه "مريم" بدهشة وقالت :
- حملة شركتك ؟.. لا معرفش أنا افتكرتها شركة أستاذ "طارق"
أخجلها تفحصه فيها فأشاحت بوجهها مرة أخرى وقالت بإرتباك :
- أنا هنزل عشان مستنيينى تحت
قال ببرود :
- اتفضلى
خرجت من الغرفة وتبعها "مراد" .. توجها الى حجرة الطعام وجلس كل منهما فى مكانه .. ابتسمت "مريم" قائله :
- صباح الخير
قالت "ناهد" بمرح :
- صباح النور .. النهاردة صحيتى بدرى
قالت "مريم" وهى تشعر بوخز كالإبر فى حلقها :
- أنا متعودة أصحى بدرى .. بس امبارح اتأخرت لانى كنت تعبانه من السفر
قالت "سارة" التى كانت تجلس فى مواجهتها بمرح :
- قوليلي صحيح يا "مريم" انتى بتشتغلى
ابتسمت "مريم" قائله :
- أيوة بشتغل ديزاينر فى شركة دعاية
قالت "ناهد :
- بتعرفى ترسمى كويس ؟
- أيوة يا طنط
قالت "ناهد" بمرح :
- كويس أوى عشان ترسميني
قالت "مريم" بتوتر :
- معلش يا طنط أنا أسفه مش برسم أشخاص أو أى حاجه فيها روح
قالت "ناهد" بهدوء :
- ليه ؟
أجابت "مريم" :
- عشان حرام .. رسم حاجه فيها روح حرام
ألقى "مراد" نظرة عليها ثم عاد يكمل طعامه بصمت .. ابتسمت "ناهد" قائله :
- مكنتش أعرف انه حرام
قالت "مريم" بأسى :
- اوعى تكونى زعلتى منى يا طنط
طمأنتها "ناهد" قائله :
- لا يا حبيبتى أبداً .. انتى صح .. طالما حرام يبأه ربنا يباركلك انك مبتعمليهوش
عادت "مريم" لتكمل طعامها عندنا قالت "نرمين" :
- انسى بأه موضوع الشغل ده خالص لان "مراد" مستحيل يسمحلك انك تشتغلى
قالت "ناهد" :
- دى حاجة متخصكيش يا "نرمين"
بدا "مراد" لا مبالياً وكأن الحوار الدائر لا يعنيه فقالت "مريم" بهدوء :
- أنا اتفقت مع مديري انى أشتغل عن طريق النت ويحولى مرتبي على البنك يعنى مش محتاجة أروح الشركة
نهض "مراد" وقال :
- أستأذن أنا عشان اتأخرت
رحل دون أن يلتفت ل "مريم" التى كانت "ناهد" ترمقها بأسى وهى تشعر بالحنق من معاملة ابنها لزوجته .

**********************************

لم يستطع "مراد" التركيز على عمله .. كانت هناك أسئلة كثيرة تشغل باله لخصوص "مريم" .. اتصل بـ "طارق" وأخبره بضرورة الحضور الى مكتبه .. بعد عدة ساعات حضر "طارق" الذى بدا عليه الوجوم جلس قباله "مراد" دون أن يوجه له كلمة .. سأله "مراد" :
- ايه الأخبار
- كله تمام الحاجة فى الطريق
أومأ "مريم" برأسه وقام ودار حول المكتب ليجلس فى المقعد المواجه لـ "طارق" .. نظر اليه قائلاً :
- انت اتعاملت مع "مريم" كتير ؟
قال له "طارق" بحده :
- مش فاهم السؤال
قال "مراد"ببرود :
- أقصد كنت بتشوفها كتير لما بتروح الشركة
قال "طارق" بهدوء :
- تعاملى كان معاها هى بس يا "مراد" يعني مكنتش بتعامل فى الشركة مع حد غيرها لانها المسؤلة عن شغلنا
أومأ "مراد" برأسه ثم نظر اليه قائلاً :
- متعرفش عنها حاجه .. يعني أمور شخصية
قال له "طارق" بنفاذ صبر :
- لأ معرفش
ثم نهض قائلاً أنا مضطر أمشى دلوقتى عشان عندى معاد مهم
خرج "طارق" وترك "مراد" غارقاً فى شروده

**********************************

كانت "مريم" تشعر خلال النهار بتعب شديد لكنها كعادتها كانت تتظاهر بالتماسك .. ظنت أنه برد من نومها ليلة أمس فى الحديقة طلبت من دادة "أمينة" دواء للبرد أخذته وأمضت نهارها بصحبة "سارة" و "نرمين" .. أما "ناهد" فقد خرجت فى ذلك اليوم لزيارة أختها .. فى المساء كان التعب قد أخذ منها مبلغه توجهت الى دادة "أمينة" مرة أخرى وأخذت منها دواء للبرد مرة أخرى .. ثم توجهت الى الفتاتان فى غرفة المعيشة قائله :
- أنا هطلع أنام يا بنات .. تصبحوا على خير
هتفت "سارة" :
- هتنامى بدرى كدة
قالت "مريم" بوهن :
- أيوة معلش .. هشوفكوا بكرة ان شاء الله
قالت "سارة" بإهتمام :
- طيب مش هتتعشى ؟ .. لو مش عايزة تستنى "مراد" خلاص نتعشى سوا أنا وانتى و "نرمين"
قالت "مريم" وهى بالكاد تستطيع الوقوف على قدميها :
- لا مليش نفس .. تصبحوا على خير
- وانتى من أهل الخير
توجهت "مريم" الى غرفة "مراد" .. حاولت أن تستبدل ملابسها بملابس أكثر راحة لكن أقل حركة كانت تشعرها بالألم الشديد فنامت كما هى على الأريكة ودثرت نفسها جيداً واستسلمت للنوم العميق

قالت "سارة" ل "نرمين" بعتاب :
- ليه حساكى بارده مع "مريم" ؟
التفتت اليها "نرمين" التى كانت تعبث بهاتفها قائله :
- مش بارده ولا حاجه
أصرت "سارة" :
- لأ بارده
قالت "نرمين" بنفاذ صبر :
- بصراحة حساها خنيقة أوى .. مشفتيش لبسها عامل ازاى .. فى عروسة جديدة تلبس اللى هى لابساه ده
قالت "سارة" بحده :
- وانتى مالك هو انتى جوزها .. هى حرة .. وبعدين يمكن عشان لسه مخدتش علينا وهى أصلاً شكلها بتتكسف
هزت "نرمين" كتفيها بلا مبالاة قائله :
- هى حرة على رأيك أنا مش جوزها
قالت "سارة" :
- ابقى اتعاملى معاها كويس يا "نرمين" .. حرام دى يتيمة وكمان طيبة أوى
قالت "نرمين" :
- طيب مع انى حساها جد أوى وكئيبة أوى زيادة عن اللزوم وأنا بتخنق من كده أوى
قالت "سارة" بعتاب :
- والله حرام عليكي دى عسولة أوى
قالت "نرمين" بتهكم :
- يختى مالك طالعه بيها السما كده .. أنا شايفاها عادية جدا مش عارفه "مراد" أعجب بيها ليه .. ده ان كان أعجب بيها اصلا .. بصراحة هى وأخوكى لايقين على بعض الاتنين عينة واحدة
قالت ذلك ثم نهضت وتوجهت الى غرفتها وأغلقت الباب جيداً وجلست على فراشها وهى تنظر الى صورة "حامد" على هاتفها وتبتسم لها .

*********************************

عاد "مراد" فى المساء وجلس على طاولة الطعام مع "ناهد" و " سارة" و "نرمين" .. بدأ الجميع فى تناول الطعام .. قالت "ناهد" :
- خالتك زعلانه منك أوى يا "مراد" عشان مبتسألش عليها انت والبنات
نظر اليها "مراد" قائلاً :
- خلاص تعالوا نروحلها آخر الإسبوع ونقضى اليوم معاها
قالت "ناهد" :
- أنا فعلاً اتفقت معاها على كده و كمان عشان تتعرف على "مريم"
حانت من "مراد" التفاته الى المقعد الفارغ بجواره .. ثم عاد ليكمل طعامه مرة أخرى .. قالت "نرمين" :
- أبيه نفسنا نخرج .. ما تاخودنا بكرة أى حته
قالت "ناهد" بسرعة :
- أيوة يا "مراد" ياريت تفضى نفسك يوم ونطلع كلنا أى مكان بصراحة أنا كمان عايزة أغير جو
أومأ "مراد" برأسه قائلاً :
- ان شاء الله أحاول أفضى نفسي يوم الإسبوع ده أو الاسبوع الجاى
قالت "سارة" بمرح :
- كويس أوى .. بحب أوى الخروجة اللى بنكون فيها كلنا مع بعض
نظرت اليها "نرمين" بغيظ قائله :
- على أساس اننا بنخرج لوحدنا يعني .. فالتغيير اننا نخرج مع بعض
حانت من "مراد" التفاته أخرى الى المقعد الفارغ بجواره .. ثم سأل وهو يتناول طعامه وكأن الأمر لا يعنيه :
- هى "مريم" فين ؟
قالت "ناهد" :
- رجعت لقيت البنات بيقولولى انها نامت بدرى النهاردة
أومأ برأسه ونهض قائلاً :
- انا داخل المكتب شوية
قالت "ناهد" :
- ماشى يا حبيبى
رحل "مراد" فالتفتت اليهم "نرمين" قائله بسخريه :
- ده حالهم ولسه مكملوش اسبوع جواز أمال بعد سنة هيحصل ايه
قالت "ناهد" بنبرة محذرة :
- "نرمين" لو سمحتى متدخليش فى خصوصيات "مراد"

دخل "مراد" مكتبه وحمل أحد الكتب من المكتبة ثم توجه الى أحد المقاعد الوثيرة وأخذ يقرأ الى أن سرقه الوقت .. بعد عدة ساعات توجه الى غرفته .. طرق على الباب بخفة ثم فتحه ببطء .. استطاع أن يرى "مريم" فى ظلام الغرفة نائمة على الأريكة متدثرة بغطائها .. دخل وأغلق الباب بدل ملابسه وهم بأن يتوجه الى فراشه عندما سمع صوت أنين .. التفت الى "مريم" فوجدها تأن بصوت خافت وبدت ملامحها كما لو كانت تعانى من خطب ما .. اقترب منها فرآى حبات العرق تنبت على جبينها سمعها تهمس بشئ ما .. فاقترب منها قائلاً :
- بتقولى حاجه
فتحت عينيها بصعوبة شديدة بدت وكأنها فى عالم آخر تمتمت بصوت متحشرج :
- عايزة "ماجد"
اقترب "مراد" منها أكثر وأرهف سمعه قائلاً :
- بتقولى ايه ؟
أغمضت عينيها قليلا ثم فتحتهما ببطء ونظرت اليه تتطلع الى وجهه قائله بصوت مبحوح :
- انت "ماجد" ؟
سألها بإهتمام :
- "ماجد" مين ؟
أبعدت وجهها واستسلمت للنوم مرة أخرى .. وضع "مراد" يده على جبينها ووجههاً ليجد حرارتها مرتفعه للغاية .. حاول ايقاظها :
- "مريم" .. "مريم"
التفتت اليه ببطء وبدا وكأنها لا تستطيع فتح عينيها .. نزل مسرعاً الى الأسفل ونادى دادة "أمينة" وأخبرها بأن حرارة "مريم" مرتفعة توجهت معه الى غرفتها وتحسستها ثم قالت :
- يا حبيبتى دى قايده نار .. شكلها خدت دور جامد .. انا افتكرته برد عادى لما طلبت منى الدوا
قال لها "مراد" بإهتمام وهو يلقى نظرة على "مريم" :
- هى طلبت منك دوا
قالت "أمينة" بأسى :
- أيوة قالتلى جسمها واجعها وخدت برد فادتلها دوا أنفلونزا .. لو كانت قالتى حرارتها عاليه كنت ادتلها خافض حرارة كمان
توجه "مراد" الى هاتفه واتصل بأحد الأرقام .. لم يجب فعاود الاتصال مرات ومرات الى أن أجاب الطرف الأخر :
- ألو
قال "مراد" بإهتمام :
- أيوة يا "أحمد" أنا "مراد"
قال "أحمد" بصوت ناعس :
-أيوة يا "مراد" خير فى حاجة خالتى والبنات كويسين
- أيوة بس مراتى تعبانة شوية حرارتها مرتفعة جداَ ومش عارف أعمل ايه
قال "أحمد" وقد أفاق :
- طيب متقلقش أنا هلبس وأجيلك حالاً
جلست "أمينة" بجوار "مريم" تقوم بعمل كمادات لها علها تخفض حرارتها .. كانت "مريم" مازالت فى عالم آخر لا تعى ما يدور حولها .. قالت "أمينة " :
- هروح أعملها كوباية لمون دافيه وآجى
توجهت للأسفل .. كانت "مريم" تتمتم بكلمات غير مفهومة .. اقترب منها متفحصاً اياها .. سمعها تقول :
- "ماجد" .. "ماجد"
ظلت تردد الإسم كل فترة وأخرى .. الى أن حضر "أحمد" ابن أخت "ناهد" .. فإستيقظت "ناهد" على صوت سيارته .. نظرت "ناهد" الى "مريم" بعطف واقتربت منها لتتحسس وجهها وقالت :
- دى سخنة أوى
أخرج "أحمد" سماعته واقترب منها متفحصاً اياها .. وجد "مراد" نفسه وقد شعر بالضيق عندما تكشف جزء من جسدها ليستطيع "أحمد" وضع سماعتها ليتفحص رئتيها .. تعجب من هذا الشعور الذى راوده وهو الذى لا يهمه أمرها على الإطلاق ويعتبرها مجرد ضيفة فى بيته .. قال "أحمد" :
- شكلها خدت برد جامد .. عايزكوا تحطوها زى ما هى كده تحت الدش عشان الحرارة تنزل شوية
وأخذ يكتب الأدوية المطلوبه وأعطى الروشته الى "مراد" وأخرج حقنة من حقيبته قائلاً :
- الدوا ده تاخده هو والحقنة دى وان شاء الله الصبح هتكون أحسن
شكره "مراد" وتوجه معه الى سيارته مودعاً .. ثم اتصل "مراد" بالصيدلية وطلب منهم احضار الدواء .. عاد الى الغرفة ليجد "أمينة" و "ناهد" قد أخذا "مريم" ووضعاها تحت الدش كما أمرهم الطبيب عادا بها الى الداخل وشرعت "ناهد" فى تغيير ملابسها فإلتفتت "ناهد" له قائله :
- ساعدنى يا "مراد"
فتنحنح "مراد" وقال وهو يغادر الغرفة مسرعاً :
- هروح أشوف الدوا
بعد نصف ساعة تسلم "مراد" الدواء وصعد به الى غرفته ليجد "ناهد" جالسه بجوار "مريم" النائمة فى فراشه وتحتسى شيئاً ساخناً .. أخرج الدواء وقرأ الروشته ثم التفت الى أمه وأعطاها التعليمات .. قالت "مريم" وهى تشعر بالحرج لوجودها فى فراش "مراد" :
- أنا أسفه يا طنط تعبتك معايا
ابتست لها "ناهد" قائله :
- لأ أبداً يا حبيبتى لا تعب ولا حاجه بس قلقتينا عليكي أوى ليه مقولتيش انك تعبانه
تمتمت "مريم" بصوت خافت :
- أنا قولت شوية برد وخلاص
أعطتها "ناهد" الدواء .. ثم نهضت قائله :
- الحمد لله شكل الحقنة ريحتك كتير .. نامى واتدفى وان شاء الله تكونى بكرة أحسن .. لو احتجتى حاجه خلى "مراد" يناديلى
قالت "مريم" بتأثر :
- شكراً يا طنط
خرجت "ناهد" من الغرفة وتابعتها "مريم" بنظرها الى أن أغلقت الباب خلفها فأسرعت "مريم" بإزاحة الغطاء ونهضت من الفراش تحت أنظار "مراد" التى تراقبها وأخذت أحد الأغطية ووسادة فقال لها "مراد" :
- مفيش مشكلة خليكي نايمة هنا النهاردة
لم ترد "مريم" ولم تلتفت اليه وتوجهت الى الأريكة ونامت عليها ودثرت نفسها وأشاحت بوجهها عنه .. جلس "مراد" على فراشه يتطلع اليها بين الحين والآخر .. الى أن شعر بأنها استسلمت للنوم .. فتمدد على فراشه وظل يفكر فى صاحب الإسم الذى كانت تتفوه به أثناء مرضها الى أن شعر بالإرهاق فألقى نظرة عليها قبل أن يستسلم للنوم هو الآخر .

**********************************

استيقظ "مراد" من نومه فجراً كعادته أطفأ المنبه وما كادت قدماه تطأن الأرض حتى وقع نظره على "مريم" الساجدة فى أحد أركان الغرفة .. ظل ينظر اليها للحظات ثم توجه الى الحمام توضأ وخرج ليجدها وقد أنهت صلاتها وتوجهت الى الأريكة لتعاود النوم .. ألقى عليها نظرة قبل أن يخرج .. صلى فى أحد المساجد القريبه وعاد ليجدها تغط فى النوم .. جلس على فراشه وظل يتأملها بإستغراب .. شعر بأن هذه الفتاة كاللغز الذى يكبر كل يوم شيئاً فشيئاً .. نفض تلك الأفكار من رأسه واستسلم للنوم .
فى الصباح استيقظ "مراد" على صوت الباب وهو يُغلق .. نهض وهو يلقى نظرة على الأريكة الفارغة .. نزلت "مريم" لتجد "ناهد" و "سارة" جالستان معا أمام التلفاز .. قامت "سارة" وتوجهت نحوها قائله بلهفة :
- "مريم" عاملة
قالت "ناهد" بإهتمام :
- قمتى ليه يا حبيبتى خليكى مرتاحه النهاردة
ابتسمت "مريم" وقد سعدت لهذا الإهتمام منهما :
- الحمد لله أنا كويسة جداً
ثم التفتت الى "ناهد" وقالت بتأثر :
- متشكره جدا يا طنط على تعبك معايا امبارح
أشارت لها "ناهد" لتجلس بجوارها .. ربتت على ظهرها قائله :
- انتى دلوقتى عندى زى "نرمين" و "سارة" بالظبط فمتقوليش كده تانى
قالت "سارة" وهى تنصرف :
- هقول لدادة تحضرلك الفطار
التقت بـ "مراد" الذى كان متوجهاً اليهم فقالت له مبتسمه :
- صباح الخير يا أبيه كويس انك صحيت عشان "مريم" متفطرش لوحدها
قال "مراد" :
- صباح النور يا "سارة" .. هى فين ؟
أشارت "سارة" الى غرفة المعيشة وقالت :
- مع ماما بتتفرج على التى فى
دخل "مراد" الغرفة قائلاً :
- صباح الخير
ابتسمت له "ناهد" قائله :
- صباح النور يا "مراد"
ألقى "مراد" نظرة على "مريم" التى بدت أفضل حالاً قبل أن يجلس على أحد المقاعد .. لم تلتفت اليه "مريم" وظلت تتظاهر بمتابعتها للتلفاز .. قالت "ناهد" فجأة وهى تضحك :
- ايه ده "مراد" ملبسك الدبلة فى اليمين
اضطربت "مريم" وهى تنظر الى دبلتها .. تطلع "مراد" الى يدها فى صمت .. قامت "ناهد" بنزع الدبلة من يدها اليمنى ووضعتها فى اليسرى قائله بمرح :
- أيوة كدة بدل ما الناس تضحك علينا
شعرت "مريم" بالتوتر وهى ترمق دبلتها التى أصبحت فى يدها اليسرى .. دقائق وحضرت "سارة" لتخبرهما بأن فطورهما معداً .. قالت "مريم" وهى تشعر بالضيق :
- أنا شبعانه على فكرة .. شوية ولو جعت هاكل
قالت "ناهد" بإصرار :
- لا يا حبيبتى انتى تعبانه وبتاخدى دوا تعالى على نفسك معلش .. وبعدين "مراد" هيفطر معاكى عشان يفتح نفسك للأكل
سخرت "مريم" فى نفسها .. واضطرت مرغمة للتوجه خلفه الى غرفة الطعام .. ران عليهما الصمت .. الى أن قطعه "مراد" فجأة :
- انتى مش المفروض كنتى متجوزة ؟
صمتت "مريم" قليلاً ثم قالت دون أن تنظر اليه :
- كان مكتوب كتابى
طال صمته وبدا عليه التفكير .. ثم قال فجأة :
- مين "ماجد" ؟
خفق قلب "مريم" بشدة وهى تنظر اليه بدهشة .. فنظر اليها قائلاً ببرود :
- كنتى امبارح عماله تقولى اسمه طول الليل
توترت "مريم" وعادت الى اكمال طعامها دون ان تجيب .. فأعاد سؤاله بتهكم :
- مين "ماجد" ؟ .. ويا ترى ده قبل "جمال" ولا بعده ؟ .. مظنش انه بعده ملحقتيش يا دوبك عرفتى "جمال" من هنا واتدبستى فيا من هنا
نظرت اليه "مريم" وقالت بتحدى :
- وهتفرق معاك ايه عرفته قبل "جمال" ولا بعد "جمال" .. ولا حتى عرفته وأنا عارفه "جمال" .. ما هو اللى معندهاش أخلاق لدرجة انها تسمح لنفسها انها تعمل علاقة مع راجل غريب مش هيفرق معاها لو عملت علاقة مع راجلين فى نفس الوقت
ثم نهضت بعصبية وفتحت باب الشرفة ووقفت فيها .. كانت تغلى من الغضب .. ظل جالساً فى مكانه للحظات ثم توجه الى الخارج .. نظرت اليه "مريم" و هو يفتح باب سيارته ويهم بالركوب .. حانت منه التفاته فتلاقت نظراتهما للحظات قبل أن تتوجه "مريم" الى الداخل .

************************************

- وحشتيني ونفسى أشوفك
تسللت تلك العبارة عبر الهاتف الى أذن "نرمين" فردت بضيق :
- أنا مش فاهمة انت عايز ايه بالظبط
قال "حامد" بهيام :
- نفسي أشوفك تانى يا "نرمين" بجد وحشتيني
قالت "نرمين" بحده :
- انت مش شايف ان الحكاية سخفت أوى .. قولتلى عايز أقابلك مرة عشان محرجش نفسي مع أخوكى .. وقابلتك رغم ان دى أول مرة أعمل حاجه زى كده وبجد انت مش متصور أنا حسه بايه دلوقتى .. حسه انى مضايقة أوى من نفسي
قال "حامد" ببرود :
- انت معملتيش حاجه غلط احنا أعدنا فى مكان عام حتى مطولناش
قالت "نرمين" بضيق :
- بس أنا مش كده .. أنا مش بقابل حد ومش يتكلم مع حد .. ولو "مراد" عرف انت مش متصور ممكن يعمل فيا ايه .. انت متعرفش "مراد"
قال "حامد" بسخرية :
- لا عارفه كويس .. عقليه متخلفة
قالت "نرمين" بغضب :
- لو سمحت مسمحلكش تقول على أخويا كده .. "مراد" مش متخلف "مراد" راجل وبيخاف علينا
قال "حامد" بسرعة :
- حبيبتى أنا مش قصدى أنا بس من ضيقي قولت كده
قالت "نرمين" بحزم :
- بص يا "حامد" .. أنا مش هقدر أتكلم معاك فى التليفون تانى .. لو انت فعلاً زى ما بتقول عايز تتقدملى خلاص عندك أخويا اتكلم معاه
قال "حامد" :
- طيب عايز أطلب منك طلب واحد بس
- ايه هو
- انتى عندك ايميل ؟
قالت وهى تشعر بريبه :
- أيوة
قال "حامد" :
- طيب تعالى نتكلم على الميل وافتحى الكام
قالت "نرمين" بعصبية :
- لأ مش هفتح الكام ومش هكلمك على الميل
قال "حامد" بإصرار :
- عشان خاطرى مرة واحدة بس
قالت "نرمين" فى حنق :
- قولت لأ .. ومعلش لو سمحت مضطرة أقفل
أنهى "حامد" المكالمة و قد اغتاظ مما فعلت فتمتم لنفسه :
- مش "حامد" اللى يتقاله لأ

*****************************************

جلس "طارق" واجماً فى مكتبه .. يشعر بالحزن والأسى .. يحاول أن يبحث عن مخرج لـ "مريم" من تلك الورطة .. امتدت يده الى هاتفه واتصل بـ "مى" .. اضطربت "مى" عندما رأت رقمه وخرجت من غرفتها وتوجهت الى أمها فى المطبخ وقالت :
- ماما أستاذ "طارق" بيتصل
التفتت الها أمها وقالت :
- طيب ردى عليه
وقبل أن تتحدث "مى" أخذت منها أمها الهاتف وردت بدلاً منها أمام نظرات "مى" المندهشة :
- السلام عليكم
رد "طارق" بإستغراب :
- وعليكم السلام .. ممكن أكلم الآنسه "مى"
قالت أمها :
- حضرتك الأستاذ "طارق" مش كده ؟ .. أنا مامتها
قال "طارق" بحرج :
- أهلا بحضرتك
قالت والدة "مى" :
- لحظة واحدة
أعطت الهاتف لـ "مى" المندهشة فقالت :
- ألو
قال "طارق" :
- أيوة يا آنسه "مى" .. آسف لو كنت أزعجتك
- لا اتفضل
قال بحزن :
- انا عرفت مكان "مريم" وحبيت أطمنك عليها
قالت "مى" بلهفة :
- هى فين ؟
- هى فى مشكلة وبما انك صحبتها فأكيد محتجاكى جمبها أنا مش هقولك على تفاصيل هسيبها هى تحكيلك .. بس أرجوكى خليكي جمبها .. ده رقم البيت اللى هيا فيه ..........
دونت "مى" الرقم وشكرته قائله :
- متشكره أوى
تمتم بخفوت :
- العفو .. خلى بالك منها .. مع السلامه
أنهت "مى" المكالمة ونظرت الى أمها قائله بإستغراب :
- انتى ليه رديتي قبلى ؟
قالت أمها وهى تحضر الطعام :
- عشان يعرف انك مبتخبيش حاجه عن أهلك وبتقوليلهم كل حاجه مهما كانت صغيره
ابتسمت "مى" فقالت أمها :
- كلمى "مريم" بأه وطمنينى عليها عشان البنت دى قلقانى أوى

اتصلت "مى" الرقم الذى أعطاها اياه "طارق" جاءها صوت أنثوى يقول :
- ألو
قالت "مى" :
- السلام عليكم .. لو سمحتى ممكن أكلم "مريم"
- طيب ثوانى
لحظات وردت "مريم" على الهاتف وهى تشعر بالريبة فهتفت "مى" :
- انتى فين يا بنتى كنت هموت من القلق عليكي
قالت "مريم" بإستغراب :
- عرفتى رقم البيت ده منين
قالت "مى" :
- من الاستاذ "طارق"
قالت "مريم" بدهشة :
- واداهولك ليه
قالت "مى" :
- قالى انك فى مشكلة ومحتجانى جميك .. خير يا "مريم" طمنينيى عليكي
قالت "مريم" بأسى :
- مش هعرف أكلمك دلوقتى يا "مى" ولا حتى هعرف أشوفك مع انك وحشانى أوى .. بالليل ان شاء الله هنتكلم سوا براحتنا هفتح موبايلي وأتصل بيكي على موبايلك ماشى ؟
تمتمت "مى" :
- ماشى يا حبيبتى منتظرة اتصالك

************************************************

- "بهيرة" يا "مراد"
تفوه "سباعى" بهذه العبارة عبر الهاتف فقال "مراد" :
- ملها عمتو
صاح "سباعى" بغضب :
- مصره تسافرلك بكرة على مصر .. والدكاتره منعينها من أجل حركه خد كلمها اهى يمكن تسمع كلامك
قالت "بهيرة" بصوت متعب :
- اييوه يا "مراد" يا ولدى
قال "مراد"بقلق :
- انتى عاملة ايه دلوقتى يا عمتو
قالت بضعف :
- امنيحه يا ولدى امنيحه جوى وان شاء الله بكره هكون عندك فى مصر
قال "مراد" بإصرار :
- عمتو متجيش الا لما الدكاتره يسمحولك بالسفر ولما يسماحولك أنا بنفسى هاجى آخدك
- لازمن آجى يا ولدى فى حاجات كتير لازمن أعملها
قال "مراد" :
- كل حاجه تتأجل عشان صحتك يا عمتو .. وأى حاجه محتجاها تتعمل هنا قوليلى وأنا اعملها
قالت "بهيرة" بصوت ضعيف :
- كيفها "مريم" امنيحه يا ولدى؟
تمتم "مراد" :
- أيوة كويسة
قالت "بهيرة" :
- خلى بالك منيها .. البنية مظلوكة .. ولد عمك هو اللى افترى عليهايا ولدى متصدجش كلام "جمال" .. دى حكاية جديمة هبجى أحكيلك عليها لما آجى وأتكلم مع "مريم" .. أهم حاجة عندى دلوجيت متظلمش البنيه الظلم وحش يا ولدى وآخرته سوده اسألنى آنى
قال "مراد" بضيق :
- مش فاهم ليه انتى الوحيدة اللى مقتنعه انها مظلومة على الرغم من ان فى شهود وعلى الرغم من كلام "جمال" نفسه
قالت "بهيرة" بحزم :
- آنى حلفتها تجولى الحج وجالتلى انها مظلومة
قال "مراد" ساخراً :
- قالوا للحرامى احلف
قالت "بهيرة" بحدة :
- آنى مش بنت امبارح يا "مراد" آنى أعرف امنيح اذا كان اللى جدامى بيكذب عليا ولا بيجول الحج
ثم تمتمت بضعف :
- آنى هجفل دلوجيت يا ولدى وهبجى أكلمك بعدين
قال "مراد" بقلق :
- انتى كويسه يا عمتو
قالت وهى تجاهد ليخرج صوتها متوازناً :
- ايوة امنيحه .. لو مش عايزنى آجى الا لما صحتى تتحسن يبجى تخلى بالك من "مريم" امنيح وتحطها جوه عنيك .. سامعنى يا ولدى
قال "مراد" ببرود :
- متقلقيش يا عمتو هى كويسة ومش بتأخر عنها فى حاجه
- ربنا يبارك فيك يا ولدى .. فى حفظ الله .. أشوفك بخير

***************************************
فتح "سامر" باب بيته وأشار الى "سهى" قائلاً ك
- منورة البيت اتفضلى
دخلت "سهى" البيت وهى تبتسم بتوتر .. أشار "سامر" الى أحد الأرائك قائلاً :
- ادخلى يا بنتى مالك متخشبة كده
دخلت "سهى" وجلست .. ذهب "سامر" الى المطبخ وأحضر كوبين عصير .. وجلس بجوارها قائلاً :
- ياه أخيراً مخك لان ورضيتي تيجي
قالت "سهى" بتوتر :
- بصراحة أنا كنت مرعوبة كنت خايفة ان حد يشوفنى وأنا طالعة العمارة
ضحك "سامر" قائلاً :
- يا بنتى جمدى قلبك متبقيش خفيفة كدة
مسك الريموت وأخذ يقلب فى الفنوات قائلاً :
- ها تحبي نتفرج على ايه
توقف عند احدى المحطات قائلاً :
- الفيلم ده كويس هيعجبك أوى
ابتسمت "سهى" وقد بدأ يقل توترها .. قال "سامر" :
- نطلب بأه الأكل عشان منضطرش ننزل
بعد قرابة الساعتين من الكلام والضحك والمزاح نظرت "سهى" الى ساعتها وهبت واقفه وقالت :
- ياااه اتاخرت أوى يا حبيبى .. همشى بأه
وقف "سامر" قائلاً وعلامات الحزن على وجه :
- حبيبتى خليكي شوية كمان
قالت بأسف :
- معلش يا حبيبى بجد اتأخرت أوى
ابتسم لها قائلاً :
- طيب بس دى متعتبرش زيارة مستنيكي تانى بكرة
قالت بحيرة :
- بكرة
قال "سامر" بمتسماً :
- اديكي شوفتى أهو .. اعادنا هنا أحلى كتير من بره .. أعدين براحتنا ومحدش بيضايقنا .. ولا أنا عملت حاجه تضايقك ؟
قالت بسرعة :
- لا يا حبيبى أبداً
- طيب يبقى تيجى بكرة به ان شاء الله وهكون محضر كام فيلم حلوين نشوفهم سوا
ابتسمت قائله :
- خلاص اتفقنا .. يلا سلام
قبلها على الباب مودعاً .. خرجت "سهى" وركبت الأسانسير .. خرجت منه لتجد امرأة فى وجهها ظلت تتفحصها وتنظر اليها بإحتقار .. نظرت اليها "سهى" ببرود ثم غادرت المبنى .. صعدت المرأة الى شقة "سامر" وضربت الجرس .. فتح "سامر" قائلاً:
- ماما
قالت المرأة بحده :
- ميت مرة قولتلك متجبش الأشكال دى بيتك بطل الأرف ده يا "سامر" متنجسش بيتك يا ابنى
قال "سامر" بنفاذ صبر :
- ماما بقولك ايه مش عايز عكننه .. روحى شقتك يلا
قالت أمه بغضب :
- يا ابنى اتقى ربنا بدل ما ربنا يبتليك بمرض
قال "سامر" وهى يخرج ويغلق الباب بعنف :
- سايبهالك مخضرة
نزل وعين أمه تتابعانه بأسى وهى تدعو له بالهداية .

********************************************

عاد "مراد" الى بيته فى وقت متأخر .. لم يسمع صوتاً قى البيت فصعد الى غرفته .. طرق الباب طرقات خفيفه ثم دخل .. لم يجد "مريم" فى الغرفة .. هم بأخذ ملابسه من الدولاب عندما سمع صوتاً قادماً من الشرفة .. اتجه الى الشرفة وأزاح الستارة قليلاً ليرى "مريم" واقفه تستند الى السور وتتحدث فى الهاتف .. فتح باب الشرفة قليلاً .. فسمعها تقول بعصبيه :
- بقولك كل حاجه حصلت بسرعة طبعا ملحقتش أصرخ .. لما حضنى أصلا اتخضيت لانى كنت فاكرة انى واقفه فى المكان ده لوحدى ولما حاولت أزقه لقيت فجأة رجاله حوليا وهو طلع يجري وأعدوا يسألونى انتى بنت مين
ثم أكملت بحده :
- يعني لو أنا واحدة وحشة أكيد مكنتش هقولهم أنا مين وكنت سيبتهم وجريت .. لكن أنا كنت مصدومة ولما عرفوا اسمى لقيتهم فجأة بيزعقوا جريت وروحت البيت وجم ورايا وحصل اللى حصل
- ---------------------
- تفتكرى .. لا طبعاً مكانوش هيسيبونى أهرب واحتمال كانوا موتونى ..
ثم قالت "مريم" بأسى :
- صعب أوى ما "مى" لما تحسي انك مظلومة والناس عماله تقطع فيكي بلسانها ومحدش مصدق انك بريئة .. أكتر حاجة وجعتنى لما قالى فى العربية متتكلميش كتير مع اخواتى دول بنات محترمة ومتربيين حسسنى كأنى واحدة من الشارع حسيت انى عايزة أعيط بس مسكت نفسي بالعافية عشان ميشمتش فيا
- ---------------------
- أعمل ايه مضطرة أتحمل لحد ما عمتو تيجي وتخلصنى منه هى وعدتنى انها هتخليه يطلقنى
ثم قالت بصوت كمن يوشك على البكاء :
- أول امبارح سمعنى كلام زى السم عشان كنت بتكلم وأضحك مع مامته واخواته فكرنى بعمل كده عشان ميطلقنيش .. قالى كلام صعب أوى خلانى نزلت أنام فى الجنينة مكنتش طايقة أنام معاه فى نفس الأوضة لحد ما تعبت وسخنت أوى
ثم أكملت بصوت مرتجف وأعين دامعه :
- تعرفى أكتر حاجه بتوجع هى انك تبقى عايشة مع حد يحسسك كل شوية انك واحده مش محترمة ورخيصة ودايرة على حل شعرك
أجهشت فى البكاء قائله :
- بيقولى كلام وحش أوى يا "مى" عمر ما حد أهانى كده
وضعت "مريم" كفها على فمها تكتمه حتى لا يصل صوت بكائها لأحد فى المنزل .. كان "مراد" يراقبها من خلف الزجاج ويستمع الى بكائها وقد عقد ما بين حاجبيه .. وقف الى أن سكنت وهدأ بكائها ثم التفت وغادر الغرفة وتوجه الى مكتبه بالأسفل جلس شارداً يسترجع كلماتها التى بثتها منذ قليل وهو يشعر بمزيج من الحيرة والأسى.



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-10-15, 03:16 PM   #18

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 16 )


استيقظ "مراد" قبل الفجر بنصف ساعة ليجد الأريكة فارغة .. توضأ وأرتدى ملابسه وخرج يبحث عن "مريم" .. ظن انها فعلت كما فعلت من قبل ونامت فى الحديقة .. نزل الى الأسفل ليسمع تمتمه من غرفة المعيشة .. اقترب ببطء فرآى "مريم" تصلى حاملة مصحفها .. لم يصدر صوتاُ خشية من أن تنتبه اليه وتفقد تركيزها وخشوعها .. لا يدرى لما ظل ينظر اليها وشعور بالراحة والسكينة يغمر نفسه .. ظل دقائق واقفاً يراقبها .. ثم انصرف وغادر المنزل الى المسجد القريب .. أنهت "مريم" صلاة القيام قبل الفجر بلحظات ثم صلت الفجر وصعدت الى الدور العلوى طرقت باب غرفة "سارة" طرقات خفيفة .. فلم تجد استجابة فطرقته بقوة أكبر فتحت "سارة" الناعسة وهى تقول :
- فى حاجه يا "مريم"
ابتسمت "مريم" قائله :
- أيوة الفجر أذن قومى صلى يلا
فركت "سارة" عينيها وقالت :
- ماشى يا حبيبتى كويس انك صحتيني بقالى كتير مش بصليه
قالت "مريم" :
- بس اوعى تنامى تانى
ابتسمت "سارة" ابتسامه ضعيفه وهى تقول :
- لا فوقت خلاص
فعلت "مريم" المثل مع "نرمين" التى أجابت بحده قائله :
- كنت نايمة ربنا يسامحك
قالت "مريم" مبتسمه :
- صلى وكملى نوم
قالت "نرمين" بضيق :
- لما بصحى مبعرفش أنام تانى
ابتسمت "مريم" :
- أصلاً الافضل انك متنميش تانى البركة بتبقى فى الوقت ده .. يلا متكسليش وصلى
أومأت "نرمين" برأسها فى تبرم .. توجهت "مريم" الى غرفة "ناهد" فى تردد وطرقت الباب .. رأتها "سارة" وهى خارجة من غرفتها فإبتسمت قائله :
- لا متتعبيش نفسك ماما على طول بتصلى الفجر فى معاده
فتحت "ناهد" وهى مرتدية إسدال الصلاة وابتسمت وهى تنظر الى "مريم" و "سارة" قائله :
- ايه ده البيت كله صاحى ولا ايه
قالت "سارة" :
- آه "مريم" صحتنا عشان نصلى الفجر
قالت "ناهد" بعتاب :
- أخيراً .. طيب الحمد لله يا ست "سارة" ان فى حد قدر عليكي انتى و "نرمين" أنا فقدت فيكوا الأمل من زمان
ابتسمت "مريم" قائله :
- خلاص يا طنط سيبى صحيانهم عليا وأهو أخد ثواب من وراهم
قالت "ناهد" بمرح :
- ماشى يا قطة هعتمد عليكي فى الموضوع ده ربنا يعينك عليهم
عاد "مراد" من الخارج ليجد الثلاثة واقفين يتحدثون معاً فقال بإستغراب :
- فى حاجه
توترت "مريم" لرؤيتها اياه .. رؤياه دائماً تشعرها بالتوتر والإرتباك .. فقالت بصوت خافت :
- تصبحوا على خير
وهربت الى .. غرفته .. شعرت بالحنق .. فلا مهرب منه الا اليه .. قالت "ناهد" مبتسمه :
- مراتك ربنا يباركلها كانت بتصحينا عشان نصلى الفجر .. يلا روح نام بأه معدش الا كام ساعة وتقوم لشغلك
تمتم "مراد" :
- تصبحى على خير
- وانت من أهل الخير
دخل "مراد" غرفته .. حيث كانت "مريم" واقفة فى الشرفة يداعب وجهها نسمات الصباح الباردة .. وقفت شاردة تنظرالى الحديقة وما حولها .. فتح "مراد" باب الشرفة وقال لها بلهجة آمره :
- ادخلى
التفتت "مريم" التى فوجئت بوجوده .. نظرت اليه دون حراك فنظر اليها وأعاد ما قال :
- ادخلى
امتثلت لكلامه وتوجهت الى اريكتها أغلق "مراد" الشرفة بإحكام وأحكم غلق الستارة جيداً .. ثم توجه الى فراشه .. نامت "مريم" وقد أولته ظهرها .. أما "مراد" فقد غرق فى تفكير عميق .

**********************************

كان "مراد" غارقاً فى أعماله عندما وجد "طارق" أمامه .. شعر "مراد" بتغير صديقه فقال وهو ينظر اليه :
- مش عاجبنى على فكرة
قال "طارق"بتهكم :
- ليه بأه
ترك "مراد" القلم من يده ورجع بظهره الى الخلف ونظر الى صديقه متفحصاً وقال :
- حسك متغير .. معرفش ليه .. فى حاجة مضيقاك يا "طارق"
زفر "طارق" بضيق ثم قال بعصبيه وهو يتحاشى النظر الى عيني "مراد" :
- لا أبداً بس يمكن ضغط الشغل تعبلى أعصابي شوية
ابتسم "مراد" قائلاً :
- ماشى هحاول أقنع نفسي بكده
أمسك "مراد" قلمه مرة أخرى وعاود تفحص أوراقه عندما نظر اليه "طارق" وقال بشئ من التردد :
- انت بأه أخبارك ايه ؟
قال "مراد" دون أن يرفع رأسه :
- الحمد لله
قال "طارق" بصوت حاول أن يبدو عادياً :
- وأخبار عمتك ايه متعرفش هترجع امتى
رفع "مراد" رأسه ونظر الى "طارق" بتمعن وقال :
- لأ هى تعبانه شوية ومش هتقدر تيجي دلوقتى
قال "طارق" بشئ من الضيق :
- أنا مش عارف انت ليه مستنيها أصلاً يعني هى اللى هتطلق ولا انت .. طالما المشاكل فى الصعيد مش هنا خلاص طلقها وسيبها تشوف نصيبها
قال "مراد" بحزم :
- مستنى أتأكد ان المشاكل انتهت وان الطلاق مش هيسبب مشاكل تانية .. وبعدين لو سمحت يا "طارق" أنا مش حابب اسلوبك فى الكلام عن الموضوع ده
قال "طارق" وهو يحاول التحكم فى أعصابه :
- معلش يا "مراد" بس البنت فعلاً صعبانه عليا وحاسسها اتظلمت
قال "مراد" بهدوء :
- سألتك انت تعرف عنها ايه قولتلى متعرفش حاجه
قال "طارق" وهو ينهض :
- أيوة معرفش غير انها كان مكتوب كتابها وخطيبها مات
سأل "مراد" بإهتمام :
- اسمه ايه ؟
قال "طارق" بتهكم وهو يغادر الغرفة :
- معرفش اسألها

***********************************

قال "سامر" لـ "سهى" وهما جالسان معاً فى بيته ..
- حبيبتى ايه رأيك نسافر اسبوع مع بعض
قالت "سهى" بحنق :
- انت بتستهبل يا "سامر" وأقولهم ايه فى البيت
قال "سامر" ببساطة :
- قوليلهم طالعة رحلة مع صحابك
قالت "سهى" بعصبية :
- لا طبعا مستحيل يوافقوا انى أبات بره .. أسافر ماشى لكن من غير بيات
قبلها وابتسم قائلاً :
- خلاص يبأه نروح تقضى يوم فى أى مكان أنا وانت وبس يا جميل
نظرت اليه "سهى" قائله :
- وبعدين يا "سامر"
قال بدهشة :
- وبعدين ايه
قالت بأسى :
- وبعدين اخرة اللى احنا فيه ده .. مش ناوى تاخد خطوة بأه
قلبها قائلاً :
- أنا عايز آخد خطوات مش خطوة واحدة
أبعدته عنها قائله :
- "سامر" لو سمحت أنا بتكلم بجد
زفر "سامر" بضيق واعتدل فى جلسته قائلاً :
- مش فاهم قصدك يا "سهى"
قالت بعصبيه :
- ايه اللى يمنع ان ارتباطنا يبقى رسمى يا "سامر" .. احنا الاتنين بنحب بعض ومفيش بينا مشاكل وانت ظروفك كويسة قولى بأه ايه يمنع
قال وهو يخرج سيجارة ويشعلها :
- للأسف يا حبيبتى مضطرين نأجل الموضوع ده شوية
قالت بحده :
- ليه يا "سامر" نأجله ليه
قال وهو ينظر اليها ويمرر أصابعه فى خصلات شعرها :
- عشان فى مشاكل دلوقتى فى البيت وعندنا حالة وفاة وطبعا مينفعش أخطب دلوقتى
قالت "سهى" بحزن :
- بس أنا نفسي ارتباطنا يبقى رسمى يا "سامر" .. نفسي ما أحسش انى بعمل حاجه غلط
اقترب منها أكثر وقبلها قائلاً :
- حبيبتى انتى مبتعمليش حاجه غلط وهو انتى مع واحد غريب انتى معايا انا ..
"سامر" اللى بكرة يبقى جوزك وتبقى مراته
قالت بلهفه :
- نفسي بأه يا "سامر" ده يحصل
عانقها قائلاً :
- هيحصل يا حبيبتى وقريب أوى بس مش طالب منك أكتر من انك تتحمليني شوية وتتحملى ظروفى لحد ما أقدر أتكلم معاهم فى البيت
ابتسمت قائله :
- ماشى يا حبيبى ولا يهمك
نظر اليها قائلاً :
- يعني هتقفى جمبي ومش هتتخلى عنى أبداً
قالت :
- أيوة طبعا يا حبيبى
ابتسم ونظر اليها بهيام قائلاً :
- طيب أنا عايز أطلب منك طلب والطلب ده هيثبت اذا كنتى فعلاً بتحبينى ومقدرة ظروفى ولا لاء
قالت له :
- اطلب يا حبيبى
قال "سامر" وهى ينظر اليها بخبث :
- تقبلى تتجوزيني
ضحكت بسعادة قائله :
- طبعاً موافقة
قال "سامر" :
- طيب قولى ورايا زوجتك نفسي على سنة الله ورسوله
ضحكت "سهى" بمرح وقالت :
- زوجتك نفسي على سنة الله ورسوله
قال "سامر" بخبث :
- وأنا قبلت زواجك
ثم قال :
- على فكرة احنا كدة خلاص يعتبر اتجوزنا
صاحت "سهى" :
- نعم .. لأ طبعا
قال "سامر" بثقه :
- لأ يعتبر اتجوزنا لأن الجواز عرض وقبول وانتى جوزتيني نفسك وأنا قبلت
قالت "سهى" بقلق وهى تبتعد عنه :
- انت بتهزر صح
- لأ طبعاً مبهزرش ده الكلام اللى بيقوله أى مأذون لما بييج يجوز اتنين لبعض واحنا قولناه يبقى خلاص متجوزين
هبت "سهى" واقفه وقالت بحده :
- انت بتستهبل يا "سامر" لا طبعا فى حاجات كتير ناقصة
جذبها من يدها وأعدها الى جواره ووضع ذراعه على كتفها وقال :
- طيب قوليلى ايه اللى ناقص
قالت بحيرة :
- ناقص ان يبقى فى مأذون وقسيمة جوازويبقى فى شهود
قال "سامر" :
- حبيبتى أولا تقدرى تقوليلى الناس زمان كانت بتتجوز ازاى .. قبل ما يكون فى مأذون وقبل ما يعملوا السجل المدنى .. هاا يعني ايام الرسول كان فى سجل مدنى ؟ طبعا لا .. كان فى مأذون .. طبعا لا .. كانت الناس بتتجوز بطريقتنا دى وبيكتبوا ورقة بينهم وبيبقى فى شهود وبيمضوا عليها كمان
صاحت "سهى" بحده :
- جواز عرفى ؟
قال "سامر" :
- الناس هى اللى أطلقت عليه الاسم ده لكن ده جواز طبيعى جدا
قالت "سهى" :
- لا طبعا مش طبيعى
قال "سامر" :
- يعني عايزه تفهميني ان كل الناس اللى كانت بتتجوز من قبل ما بخترعوا السجل المدنى كل دول جوازهم باطل ؟
صمتت "سهى" فى حيرة وهى لا تدرى ما تقول فأكمل قائلاً :
- لا طبعا .. ليه .. لان الجواز هو اللى احنا عملناه دلوقتى واحدة بتعرض نفسها وواحد بيقبل وربنا بيكون شاهد عليهم .. وعشان حقوق الطرفين بيكتبوا ورقة ويعملوا منها نسختين وبيكون عليها شهود وده اللى احنا هنعمله بالظبط
قالت "سهى" بأسى :
- وليه منتجوزش طبيعى زى ما كل الناس بتتجوز ونفرح أهلك وأهلى
قال "سامر" وهو يعانقها :
- حبيبتى أنا نفسي فى ده أكتر منك بس أعمل ايه فى الظروف اللى مضطرين نستحملها احنا الاتنين .. وقريب أوى المشاكل اللى عندى فى البيت هتتحل
نظر الى وجهها قائلاً :
- هااا يا حبيبتى ايه رأيك .. أنا فكرت فى كده لما لقيتك بتضايقي من وجودك هنا من غير ما يكون فى بينا حاجه رسمى .. جوازنا هيقلل احساسك بالذنب لانك مش هتبقى بتعملى حاجه غلط .. هتكون فى بيت جوزك يعني فى بيتك
نظرت اليه "سهى" بحيرة وصراع نفسي كبير بداخلها .. فأكمل "سامر" بهمس :
- أنا لو مكنتش بحبك مكنتش أصلا دخلتك البيت ده .. البيت ده مفيش أى واحدة بتدخله .. انتى الوحيدة اللى دخلته .. عارفه ليه .. لان ده بيتك يا "سهى" .. بيتك انتى وأنا جوزك انتى
نظرت "سهى" حولها تتطلع الى البيت ومازالت الحيرة فى عينيها فأكمل قائلاً :
- لو تحبي أنا ممكن أتصل بصحابي حالاً ييجوا ويشهدوا على جوازنا
قالت "سهى " بصوت خافت :
- لا يا "سامر" مش هينفع .. نستنى أحسن لما مشاكلك فى البيت تتحل
ابتعد "سامر" عنها ببرود وهب واقفاً وقال :
- يلا عشان عندى شغل ومضطر أمشى دلوقتى
وقفت ونظرت اليه بأسى اقتربت منه وحاولت أن تلمس ذراعه فنفضه بعيداً عنها توجه الى باب البيت وفتحه فى انتظار خروجها اقتربت منه "سهى" وقالت بأسى :
- "سامر" عشان خاطرى متزعلش منى .. بس مش هقدر بجد
قال ببرود دون أن ينظر اليها :
- يلا يا "سهى" لو سمحتى عايز أغير هدومى عشان ألحق معادى
قالت "سهى" بصوت حزين :
- طيب هنتقابل تانى امتى
قال ببرود :
- معرفش على حسب ظروفى
- طيب هكلمك أول ما أروح
لم يجيبها .. خرجت "سهى" وهى تشعر بالحزن والأسى.

***********************************
- قولتلك متتصلش بيا تانى لو سمحت
هتفت "نرمين" بهذه العبارة وهى تتحدث الى "حامد" عبر الهاتف فقال "حامد" بشئ من الحده :
- متبقيش عنيدة يا حبيبتى
قالت بحزم :
- بقولك متتصلش تانى .. ومقابلة مستحيل أقابلك .. بجد أنا مش فاهمة ازى كنت غبية كدة .. أنا اطمنتلك لما عرفت انك صاحب "مراد" ومتخيلتش أبداً انك ممكن تلعب بيا لأنك أكيد هتعمل حساب لأخويا .. بس بجد مش عارفه أقولك ايه أنا بجد بحتقرك أوى وبحتقر نفسي قبل منك لانى سمحتلك انك تتمادى معايا كده .. بجد لو سمحت كفاية كدة ومتتصلش بيا تانى
قال "حامد" بغلظة :
- ماشى يا "نرمين" .. مش هتصل تانى .. بس انتى اللى هتتصلى .. سلام
أنهت المكاملة وهى تشعر بتوتر بالغ .. جلست على فراشها مهمومة وحزينه .. طرقت "مريم" باب غرفتها ففتحت قائله :
- أيوة يا "مريم" فى حاجه
ابتسمت لها "مريم" قائله :
- أعده لوحدك ليه .. كلنا أعدين تحت تعالى اعدى معانا
قالت "نرمين" شارداه :
- لا مش عايزة
نظرت اليها "مريم" وقالت بقلق :
- مالك يا "نرمين" فى حاجة تعباكى
قالت "نرمين" بسرعة :
- لا مفيش حاجه مصدعة بس
قالت "مريم" بحنان :
- طيب يا حبيتبى هنزل أجبلك حاجه للصداع
قالت "نرمين" بسرعة :
- لا أنا أخدت خلاص شكرا يا "مريم" بس عايزة أنام شوية
- ماشى يا حبيبتى
أغلقت "نرمين" الباب ورمت بنفسها على فراشها وهى تشعر بالهموم تثقل كتفيها

بعد ما يرقب من ربع ساعة وجدت رسالة من "حامد" على هاتفها فتحتها وهبت من على فراشها واقفة وهى تردد :
- يا مصيبتي
سمعت بعدها صوت نغمة رسائل متتتالية .. كانت الصور تجمعها بـ "حامد" يوم أن تقابلا .. لكن الصور كانت معدلة أو بمعنى آخر محرفة .. فظهرت "نرمين" فى احدى الصورة و "حامد" ممسكاً بيدها عندما كانا جالسان معاً فى المطعم .. وفى صورة أخرى تُظهر "حامد" وكأنه يهم بتقبيلها .. وصورة التاكسى وهو يميل برأسه من الشباك لتقبيلها .. شعرت بقلبها يقفز من مكانه من شدة الفزع .. أتصلت به بأصابع مرتجفة .. لم يجيب من أول مرة ولا ثانى مرة أجاب فى الثالثه وقال بمرح :
- حبيبة قلبي .. كنت عارف انى مش ههون عليكي تحرمينى منك
قالت بصوت مرتجف :
- ايه الصور دى .. انت ازاى عملت فى الصور كده
قال "حامد" بمرح :
- دى صورى أنا وانتى يا حبيبتى لأول مقابلة بينا لحقتى تنسيها يا "نرمين"
قالت بصوت أوشك على البكاء :
- بس اللى فى الصور ده محصلش .. انت عملت ايه فى الصور .. وازاى صورتها أصلا
قال "حامد" ضاحكاً :
- ازاى صورتها فدى استعنت فيها بصديق .. أما ايه اللى عملته فى الصور فأنا ضفت عليها لمساتى .. ايه رأيك مش كدة أحلى .. آه صحيح يا "نرمين" كنت عايز أسألك تفتكرى هتعجب "مراد"
أجهشت فى البكاء قائله :
- حرام عليك .. أرجوك امسحهم لو "مراد" شافهم هيقتلنى
قال "حامد" :
- اسمعى كلامى وأنا أمسحهم
قالت من بين شهقاتها :
- مستحيل أقابلك أبدا مش هيحصل
قال "حامد" :
- وأنا مطلبتش أقابلك يا "نرمين" .. عايز منك حاجه تانية
توقفت عن البكاء وقالت بريبه :
- عايز ايه ؟
قال "حامد" :
- مش دلوقتى .. هقولك بعدين .. سلام يا حبي
أنهى المكالمة .. حاولت الاتصال به مرة أخرى لكنه لم يرد .. ألقت بنفسها على فراشها وقد أجهشت فى بكاء مرير

***********************************
عاد "مراد" من عمله ليجد أمه فى استقباله وهى تشير الى غرفة المعيشة قائله بحزم :
- عايزاك يا "مراد"
شعر "مراد" بالقلق ولحق بها قائلاً :
- فى حاجه يا ماما .. البنات كويسين ؟
وقفت أمه فى مواجهته وقد عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بغضب:
- ملقتش الا بنت الراجل اللى قهر أبوك وتتجوزها يا "مراد"
صمت "مراد" قليلاً ثم قال :
- هى قالتلك
صاحت "ناهد" بغضب :
- هتقولى ازاى وانتوا من الواضح انكوا اتفقتوا مع بعض ان محدش يجبلى سيرة .. اكنى مكنتش هعرف فى يوم من الأيام
قال "مراد" بإستغراب :
- أمال عرفتى منين ؟
قالت "ناهد" بحده :
- اتصلت أطمن على عمتك .. مراة "سباعى" ردت عليا ولقتها بتقولى ربنا يكون فى عونك ازاى مستحملة بنت الراجل اللى جوزك اتظلم بسببه
نظر اليها "مراد" وقال مستفهماً :
- قالتلك حاجه تانى ؟
قالت "ناهد" ببرود :
- لا قالت كده بس واضطريت انى أعمل قدامها أكنى كنت عارفه ماهو مش معقول أحسسها انى آخر من يعلم ومش عارفه مين البنت اللى دخلت بيتي
شعر "مراد" بالراحة لأن أمه لم تعلم طريقة زوجه من "مريم" .. قال لها بهدوء :
- هى ملهاش ذنب فى اللى أبوها عمله زمان .. ربنا بيقول {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} وحضرتك عارفه كده كويس
نزلت "مريم" الدرج وهمت بان تتوجه الى غرفة المعيشة عندما سمعت "ناهد" تقول بضيق :
- أيوة عارفه كده .. بس كنت اتمنى أعرف ده منك بدل ما أعرف من بره .. وكمان مش متخيلة ان مفيش بنت عجبتك فى البلد غيرها ده انا ياما جبتلك عرايس وتروح فى الآخر تتجوز بنت راجل زى ده
شعرت "مريم" بالألم وهى تستمع الى تلك الكلمات .. وتوجهت مسرعة الى غرفة "مراد" .. جلست على الأريكة وهى تستغفر الله عز وجل والدموع فى عينيها وتتمتم لنفسها :
- يا ربي أول ما بدأت أحس انى فى حد حنين عليا تتقلب الدنيا كده
تنهدت "مريم" بعمق وهى تحاول أن تتخيل معاملة "ناهد" لها بعدما علمت بمن تكون .. كان تلاقى من "مراد" الأمرين .. شعرت بأن أعصابها لن تتحمل ضغوطاً أخرى .. جلست تستغفر الله عز وجل عله يفرج كربها .. دقائق ورأت "مراد" يدخل الغرفة بعدما طرق الباب .. أغلق الباب خلفه فهبت واقفة وقالت :
- لو سمحت .. أنا عايزة أروح أعد فى شقتى
نظر اليها "مراد" صامتاً .. ثم قال :
- ليه ؟
قالت دون أن تنظر اليها :
- أنا غصب عنى سمعت جزء من كلام طنط "ناهد" .. مكنش قصدى أسمع .. وأنا شايفه ان معدش ينفع أستنى هنا
اقترب منها "مراد" فرفعت وجهها وابتعدت للخلف .. كان ينظر اليها بحده وقال بجديه بالغة :
- طول ما فى ورقة جواز بينا مش هسمحلك تسيبي البيت ده
علمت من نظراته ونبرة صوته أن الموضوع منتهى بالنسبة له .. قالت بحنق :
- طيب أنا كدة كدة لازم أروح هناك لانى محتاجة حاجات ليا فهروح بكرة ان شاء الله
قال "مراد" ببرود :
- مفيش مشكلة هروح معاكى
نظرت اليه قائله :
- لا مفيش مشكلة هروح لوحدى
قال بإصرار :
- قولت هروح معاكى .. جهزى نفسك على الضهر هرجع من المكتب أخدك

**********************************

فى الصباح حاولت "مريم" تجنب ملاقاة "ناهد" الى أن حضر "مراد" بسيارته وانطلقا معاً الى بيتها .. صعد "مراد" خلفها الدرجات المتهالكة .. توقفت أحد الأبواب التى يبدو عليها القدم .. دلفا معاً الى الداخل .. شعرت "مريم" بالتوتر الشديد لوجود "مراد" معها فى هذا المكان الخاص .. الذى يحوى ذكرياتها مع أسرتها .. أغلقت "مريم" الباب وقالت بتوتر :
- هخلص بسرعة
توجهت الى غرفتها و اخذت حقيبة من تحت الفراش وأخذت فى جمع ما أرادته .. فوجئت بـ "مراد" واقفاً أمام باب الغرفة المفتوح .. شعرت بالإضطراب .. نفس الإضطراب الذى يراودها كلما نظرت اليه .. أخذت عينا "مراد" تدوران فى الغرفة كعين الصقر .. يتفحص كل ما فيها .. وقع نظرة على الفراشين المتجاورين .. فنظر الى "مريم" قائلاً :
- انتى عندك اخوات
مرت سحابة حزن أمام عينيها قالت وهى تكمل حزم أشيائها :
- أيوة .. بس متوفية
لانت ملامح "مراد" قليلاً وهو ينظر اليها .. صمت قليلاً ثم قال :
- هى مامتك فى الصعيد مع أهل باباكى ولا عايشة هنا فى القاهرة ؟
بلعت "مريم" ريقها بصعوبة .. تباً لذلك لماذا يذكرها بكل ما فقدت .. قالت بصوت مرتجف دون أن تنظر اليه :
- اتوفت
قال "مراد" وهو يمعن النظر اليها :
- مامتك كمان متوفيه
أومأت برأسها فنظر اليها متفرساً :
- وانتى كنتى عايشة هنا ولا فى الصعيد ؟
- هنا
قال "مراد" بإستغراب :
- انتى كنتى عايشة هنا لوحدك
التفتت تنظر اليه وقالت بنفاذ صبر :
- أيوة أهلى كلهم ماتوا فى حادثة وأنا كنت عايشة لوحدى .. طبعا زمانك دلوقتى بتفكر ان أكيد كل الحاجات اللى سمعتها عنى صح وانى عملت اسوأ منها كمان .. ما هو مفيش واحدة عايشة لوحدها تبقى محترمة وعارفة ربنا
قالت ذلك ثم التفتت مرة أخرى توضب أغراضها .. ظلت نظرات "مراد" معلقة بها وشعور غريب يراوده .. أنهت ما تقوم به ثم التفت اليه قائله ببرود :
- خلصت
سبقها الى الخارج .. أثناء نزولهما فتحت احدى الجارات الباب وقالت :
- ايه ده مش معقول "مريم" .. فينك يا بنتى قلقتيني عليكى
اقتربت "مريم" من المرأة وقبلتها قائله :
- ازيك يا طنط وحشانى أوى
قالت المرأة بطيبة :
- وانتى كمان يا بنتى وحشتينى أوى انتى قولتى هتتصلى تطمنينى عليكي ولا اتصلتى ولا حاجه
قالت "مريم" بأسف :
- معلش يا طنط والله حصلت ظروف واتلبخت
ألقت المرأة نظرة على "مراد" الواقف خلف "مريم" .. ثم قالت لـ "مريم" :
- مين الأستاذ ؟
اضطربت "مريم" وشعرت بالتوتر .. لم يطاوعها لسانها على قول "زوجى" حاولت النطق بها لكنها لم تستطع .. تمتمت بصوت خافت :
- قريبي
ابتسمت له المرأة قائله :
- اتفضل يا ابنى تعالوا ادخلوا شوية
قالت "مريم" بسرعة :
- معلش يا طنط عشان مستعجلين هاجى لحضرتك تانى ان شاء الله
قالت المرأة بطيبة :
- طيب يا حبيبتى ربنا يوفقك .. زى ما قولتلك لو مش هتحتاجى الشقة عرفيني وأنا عندى اللى ياخدها
قالت "مريم" بهدوء :
- لا يا طنط محتجهاها أنا هرجع تانى بعد فترة ان شاء الله
قالت المرأة بحزن :
- ليه يا بنتى مرتحتيش مع أهل أبوكى ولا ايه
قالت "مريم" بأسى :
- يعني حصلت ظروف وهضطر أرجع تانى .. بس شوية كدة
ثم قبلت المرأة وعانقتها قائله :
- ان شاء الله هتصل أطمن عليكي .. مع السلامة
ودعتها جارتها قائله :
- مع السلامة يا حبيبتى خلى بالك من نفسك .. مع السلامة يا أستاذ
أومأ "مراد" برأسه وهو ينزل الدرجات خلف "مريم" .. انطلق "مراد" بسيارته ساد الصمت لدقائق الى أن قطعه قائلاً :
- كانت "جوزى" هتكون أفضل من "قريبي" خاصة وهى شيفانا نزلين مع بعض من شقتك
اضطربت "مريم" وخفق قلبها بشدة .. فتمتمت بصوت مضطرب :
- كدة أحسن عشان لما أرجع مضطرش أشرحلها ليه اتجوزت وليه اطلقت
ألقى نظرة عليها ثم عاود النظر الى أمامه مرة أخرى .. أوصلها "مراد" الى البيت ثم عاد الى مكتبه مرة أخرى .

دخلت "مريم" الفيلا وهمت بالصعود الى غرفتها عندما استوقفتها "ناهد" قائله :
- "مريم" عايزاكى لو سمحتى
توترت "مريم" وسارت خلفها حتى التفتت اليها "ناهد" قائله :
- بصى يا بنتى انتى دخلتى البيت ده وأنا مكنتش أعرف انتى مين يمكن لو كنت عرفت من الأول كان هيبقى رد فعلى معاكى مختلف .. بس أنا عرفتك وحبيتك يا "مريم" .. وبجد لما بقولك انى مش بفرقك عن "نرمين" و "سارة" فتأكدى انى بقول الحيقة
اغرورقت عينا "مريم" بالعبرات وحمدت الله فى سرها فأكملت "ناهد" مبتسمه :
- معلش اعذريني امبارح كنت منفعله واللى زود انفعالى انكوا خبيتوا عليا .. يعني كنت مضايقة جدا لان مراة "سباعى" عرفتنى انتى مين وأنا اللى عايشة معاكى فى بيت واحد معرفش
قالت "مريم" بسرعة :
- معاكى حق يا طنط انك تزعلى وتضايقى
ابتسم "ناهد" وربتت على ذراعها قائله :
- أنا أهم حاجه عندى سعادة "مراد" وأنا شايفاكى بنت مؤدية ومحترمة وطيبة ومش هلاقى لـ "مراد" أحسن منك
اتسعت ابتسامت "مريم" ومسحت العبرات التى تساقطت من عينيها رغماً عنها .. شعرت "ناهد" بالتاثر لمرآى عبراتها فعانقتها .. أغمضت "مريم" عينيها ودموعها تنهمر كالشلال .. كانت تخشى أن تعاملها "ناهد" بقسوة بعدما عرفت من تكون .. كانت "مريم" تشعر بإفتقادها لهذا الحضن الحانى الذى يحتويها برقه .. رفعت "ناهد" رأسها وقد اغرورقت عيناها قائله :
- بقولك ايه أنا مبحبش العياط ماشى
ابتسمت "مريم" وهى تمسح عبراتها قائله :
- ماشى
ربتت على ظهرها قائله :
- يلا يا حبيبتى اطلعى غيري هدومى عشان تاكلى انتى خرجتى من غير ما تفطرى
أومأت "مريم" برأسها وصعدت الى غرفتها وعينا "ناهد" تتابعانها فى حنو.

***********************************
- هتروح الجاليري بتاع "سامر"
تفوه "طارق" بهذه العبارة وهو فى مكتب "مراد" الذى قال :
- أيوة هروح عشان ميزعلش شدد عليا أوى
قال "طارق" متكاسلاً :
- مع انى مليش فى الرسم والمعارض بس مضطر أنا كمان أروح
نظر اليه "مراد" قائلاً :
- أيوة ضرورى تيجي ده أول معرض له وشدد علينا فعلاً
- طيب خلاص نتقابل هناك
أومأ "مراد" برأسه وعاد الى عمله .

فى المساء توجه "مراد" الى منزله وصعد الى غرفته وارتدى حلة أنيقة لحضور الجاليري .. أثناء نزوله توجه الى غرفة المعيشة .. فقالت "سارة" بمرح :
- ايه الشياكه دى يا أبيه
التفتت "مريم" بدون قصد الى حيث تنظر "سارة" فالتقت نظراتها بنظرات "مراد" فأشاحت بوجهها بسرعة .. قالت "ناهد" بدهشة :
- رايح فين يا "مراد" ؟
قال "مراد" بهدوء :
- فى واحد شريكى بيفتتح الجاليري بتاعه النهاردة و عزمنى عليه .. يلا مع السلامة
التفت ليغادر فأوقفته "ناهد" قائله :
- "مراد"
التفت ينظر اليها فاكملت بحزم :
- ومراتك يعنى ملهاش نفس تخرج
شعرت "مريم" بالحرج فأسرعت تقول :
- لا يا طنط أنا حبه أعد معاكوا
لم تلتفت اليها "ناهد" بل أكملت وهى تنظر الى "مراد" :
- استناها لحد ما تلبس وخدها معاك
قال "مراد" بضيق :
- أنا مستعجل يا ماما
قالت "مريم" بحرج شديد :
- أنا فعلا مش عايزه أروح يا طنط أصلا معرفش حد هناك
قالت "ناهد" :
- تتعرفى لو متعرفيش حد تتعرفى وكفاية انك راحه مع جوزك مينفعش مناسبة زى دى يروح لوحده .. يلا قومى البسى
ثم التفتت الى "مراد" قائله :
- استناها مفيهاش حاجه لو اتاخرت شوية
التفت "مراد" الى "مريم" وقال بهدوء :
- يلا وحاولى متتأخريش
شعرت "مريم" بالضيق لوقوعها فى هذا المأذق .. نهضت متثاقله وارتدت ملابسها .. نزلت لتجد "مراد" ينتظرها فى البهو فقالت له بصوت خافت :
- أنا أسفة
لم يجيبها "مراد" ركبت بجواره وهى تشعر بالحنق والضيق الشديد لأن "ناهد" دون أن تدرى فرضتها عليه فرضاَ .

أخذ "سامر يرحب بضيوفه خاصة أولئك الذى أشادوا بلوحاته .. فجأة وجد يداً تربت على كتفه من الخلف التفت مبتسماً ثم تلاشت ابتسامته عندما وجد "سهى" أمامه .. قالت مبتسمه :
- مبروك يا "سامر"
قال "ببرود :
- الله يبارك فيكي
قالت بعتاب :
- ليه مبتردش عليا بتصل بيك كتير يا "سامر"
قال ببرود وهو يتحاشى النظر اليها :
- كنت مشغول
- يعني مشغول لدرجة انك متردش عليا ولا حتى تتصل بيا .. دى مش عادتك يا "سامر"
التقت اليها قائلاً بغلظة :
- اتعودى على كدة من هنا ورايح .. مش انت معتبرانى واحد غريب عنك .. خلاص خلينا أغراب كده
قال ذلك ثم تركها وتوجه الى احدى الفتيات ولف ذراعه حول خصرها وأخذ يهمس لها شيئاً بأذنها فانفجرت الفتاة ضاحكة .. ألقى "سامر" نظرة خبيثة على "سهى" التى وقفت تنظر اليهما وعلامات الاسى على وجهها .. اقترت منهما فى عصبية وقالت لـ "سامر" :
- لو سمحت يا "سامر" عايزه أتكلم معاك شوية
ترك "سامر" الفتاة متلكئاً ثم وقف أما "سهى" ينظر اليها دون أن يتحدث فقالت بحزن :
- ليه بتعمل فيا كده
قال "سامر" :
- انتى اللى عايزه كده .. مش انتى عايزة ميكنش فى حاجة بينا الا لما أتقدملك رسمى وتعاملينى زى ما بتعاملى أى راجل غريب خلاص خلينا كدة بأه لحد ما الظروف تتحسن
قالت "سهى" بعتاب :
- أنا ما قولتش نبعد عن بعض .. انا قولت نفضل مع بعض بس من غير الجواز ده
قال "سامر" بحده :
- ما هو مش بمزاجك يا "سهى" .. يا نقرب يا نبعد معنديش حلول وسط
قالت "سهى" والدموع فى عينيها :
- انت ليه بتعمل كده
-عشان انتى لحد دلوقتى مش عارفه تحبيني يا "سهى" ولا عارفه تثقى فيا .. انا أدامى مليون بنت لكن اخترتك انتى وانتى مش مقدرة ده
قالت برجاء :
- والله يا حبيبي مقدرة .. بس أنا...
بسط كفه أمامها وقاطعها قائلاً :
- كلمة واحدة .. عايزة تكونى معايا ولا لأ ؟
نظرت الى كفه الممدودة ثم اليه .. صمتت فحثها قائلا :
- كلمة واحدة عايزها منك .. آه ولا لأ
حسمت أمرها بعد حيرة ومدت كفها لتتشابك أيديهما قائله :
- أه .. آه عايزة أكون معاك
ابتسم لها "سامر" مقبلاً يدها .. فى تلك اللحظة لمح "مراد" وهو يدخل من الباب بصحبة "مريم" التى كانت تشعر بالحرج وهى تسير بجواره توجه "سامر" بصحبة "سهى" تجاه "مراد" لكنه توقف فجأة عندما رآى "مريم" بصحبته ونظر اليها بدهشة .. كانت دهشة "مريم" كبيرة عندما رأت "سهى" بصحبة "سامر" فقالت بدهشة :
- سهى !
قالت "سهى" بدهشة وهى تتطلع من "مريم" الى "مراد" :
- "مريم" !
قال "سامر" :
- ازيك يا "مراد" منور .. كنت هزعل منك أوى لو مكنتش جيت
ثم وجه حديثه الى "مريم" قائلاً :
- ازيك يا آنسه "مريم" ؟
نظر "مراد" الى "سامر" بحدة ثم نقل نظرة الى "مريم" قائلاً :
- انتوا تعرفوا بعض ؟
قال "سامر" بمرح :
- أيوة طبعاً دى الآنسة "مريم" ديزاينر حملتنا
قال "مراد" بسخرية :
- اظاهر ان الناس كلها عارفه انها ديزاينر حملتنا الا أنا
كان تركيز "مريم" مع "سهى" التى كانت ملابسها ملتصقة بجسدها بشدة .. وقد صبغت وجهها بالمكياج الصارخ ولا يخلو الأمر من ظهور جزء كبير من شعرها مع تساقط العديد من الخصلات على وجهها .. قالت "مريم" :
- "سهى" لو سمحتى عايزاكى شوية
انزوت الفتاتان فى أحد الجوانب وعينا "مراد" تتابعانهما .. نظر "مراد" الى "سامر " قائلاً بصرامة :
- انت عرفها من زمان ؟
قال "سامر" بلا مبالاة :
- روحت مكتبهم مرة مع "طارق"
ثم ابتسم بخبث قائلاً :
- بصراحة كنت رايح أظبطها لما شوفت شغلها قولت أكيد دى فنانة
ازدادت حدة نظرات "مراد" فأكمل "سامر" وهو يمط شفتيه :
- بس بصراحة ملقتهاش استايلى خالص
قال "مراد" وهو ينظر اليه بإمعان :
- يعنى ايه ؟
قال "سامر" متهكماً :
- جد أوى زيادة عن اللزوم .. متكلمتش فى كلمة واحدة بره الشغل حتى مكنش هاين عليها بتتسم فى وشنا
ثم وكزه "سامر" بكوعه بخفه وهو يغمز له بعينيه ويبتسم بخبث قائلاً :
- بس انت طلعت أسد .. عرفت توقعها .. انا كنت حاسس انك مش سهل
كانت نظرات "مراد" معلقة بـ "مريم" وقد شعر بشئ غريب يسيطر على كيانه كله .. كانت "مريم" تتحدث الى "سهى" قائله :
- ازاى يا "سهى" تخرجى معاه
قالت "سهى" بتأفف :
- "مريم" مش عايزة مواعظ الله يخليكي أنا اللى فيا مكفيني .. كل الحكاية انى جيت أباركله على الجاليري
قالت "مريم" :
- لما دخلت شوفتك ماسكة ايده يا "سهى" .. بس براحتك انتى أدرى بمصلحتك .. بس أحب أقولك عشان أكون خلصت ضميري أدام ربنا .. ان الراجل ده من ساعة ما شوفته قلبي اتقبض منه ومرتحتلوش أبداً فخلى بالك من نفسك
قالت "سهى" بنفاذ صبر :
- قولى لنفسك الكلام ده ما انتى داخله مع صحبك
قالت "مريم" بصرامة :
- ده مش صحبى .. ده جوزى
نظرت اليها "سهى" بدهشة وقالت :
- انتى اتجوزتى
أومأت "مريم" برأسها .. فقالت "سهى" بحدة وعصبية :
- طيب يلا عشان اتاخرنا عليهم
عادت الفتاتان .. وجه "سامر" حديثه الى "مريم" قائلاً بإبتسامه :
- "طارق" كان بيدور عليكي وقلب الدنيا عليكي كنتى مختفية فين ؟
لم يترك لها "مراد" فرصة للرد وأمسكها من ذراعها قائلاً لـ "سامر" :
- عن اذنك يا "سامر"
شعرت "مريم" بالحرج فنزعت ذراعها بهدوء من يده .. وقفا أمام احدى الصور .. تطلعت اليها "مريم" .. فى حين كان "مراد" يتطلع الى "مريم" .. التفتت "مريم" فتلاقت نظراتهما .. كان ينظر اليها متفحصاً كما يتفحص رواد الجاليرى اللوحات المعروضة أمامهم بأعين متفحصة .. أشاحت بوجهها خجلاً .. رن هاتفه فسمعته يقول :
- ماشى يا "طارق" خلاص هقوله .. لا أكيد مش هيضايق طالما الموضوع كده .. خلاص أشوفك بكرة فى المكتب
نظر "مراد" الى "مريم" قائلاً :
- خليكي هنا راجعلك
أومأت برأسها .. ذهب "مراد" ليخبر "سامر" بإعتذار "طارق" عن الحضور
اقترب أحد الرجال من "مريم" التى كانت تتفحص احدى اللوحات وقال لها :
- عجبتنى أنا كمان .. رقيقة أوى مش كدة
نظرت اليه "مريم" وتمتمت بخفوت :
- بعد اذنك
تركته ووقفت أمام لوحة أخرى وهى لا تدرى بأن عينا "مراد" كانت تراقب سكناتها قبل حركاتها .


عادا الى المنزل فى وقت متأخر لم يتحدثا معاً لا فى الحفلة ولا فى السيارة .. كان "مراد" يبدو شارداً متسغرقاً فى التفكير .. صعدا الى الغرفة فتوجهت الى الحمام وغيرت ملابسها وخرجت ليتبادلا الأدوار .. نامت "مريم"و تدثرت بغطائها وأولته ظهرها حاوت اغماض عينيها لكن النوم جفاها .. بدا على "مراد" أيضاً عدم الرغبة فى النوم .. أزاح الغطاء وجلس على فراشه يرمق "مريم" وقد بدا عليه التفكير العميق .. شعرت "مريم" بحركته فالتفتت لتراه جالسا على فراشه يتطلع اليها .. شعرت بالخجل فجلست فى مكانها .. التفت اليها "مراد" قائلاً بحزم :
- احكيليى اللى حصل فى الصعيد
نظرت اليه "مريم" بدهشة ثم قالت بسخرية:
- ليه مش حضرتك عارف كل حاجه .. كنت على علاقة بإبن عمك لحد ما الناس شافتنا سوا
ازدادت حدة نظرات "مراد" وقال بلهجة آمرة :
- مبحبش أكرر كلامى مرتين .. قولت احكيلى اللى حصل فى الصعيد
بلعت "مريم" ريقها وهى لا تفهم سبب طلبه لذلك وما الفائدة ان كان لن يصدقها أبداً .. تحاشت النظر اليه وقصت عليه ما حدث من أول خروجها مع "صباح" حتى قدوم الرجال الى بيت جدها .. مرت لحظات صمت من كليهما .. نهض "مراد" فجأة وأمسك بمصحفها الموضوع على الطاولة أمام الأريكة .. جلس على الطاولة وبدا قريباً منها .. ازداد خجلها واعتدلت فى جلستها أكثر .. أخذ "مراد" يفر صفحات المصحف ونظراته مركزة على "مريم" كنظرات أسد يتفحص فريسته قبل الإنقضاض عليها .. قال بصوت رخيم :
- تعرفى ايه عقاب اللى يحلف بالله كذب
نقلت "مريم" نظرها من المصحف فى يده اليه دون أن تتكلم .. فأكمل وهو مازال ينظر اليها نظرات بدت وكأنها تخترقها وتنفذ الى أعماقها :
- ده يبقى اسمه يمين غموس .. وده يمين كاذبه فاجرة .. وده من الكبائر وملوش كفاره .. تعرفى ليه اسمه يمين غموس ؟
لم يرف لـ "مريم" رمش نظرت فى عمق عيناه بثبات فأكمل قائلاً :
- لان صاحبه بيبقى مغموس فى الإثم .. ويوم القيامة بيتغمس فى النار بسببه .. ربنا بيقول فى سورة آل عمران { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم }
ظلت تنظر اليه بثبات فأكمل "مراد" بهدوء و بحزم :
- احلفى ان اللى قولتيه دلوقتى هو الحقيقة وانك مكدبتيش فى حرف واحد
صمتت "مريم" لحظات وكلاهما يتطلع الى الآخر بثبات ثم قالت بثقه شديدة :
- والله العظيم ما كدبت فى حرف واحد ومفيش حاجه حصلت أكتر من اللى حكيتها دلوقتى .. ولو كنت كدبت فى حرف واحد يارب أتغمس فى نار الدنيا قبل ما أتغمس فى نار الآخره
ظلت عينا "مراد" تنظرات فى عينيها والى تعبيرات وجهها بتمعن .. ثم أخفض بصره وقال :
- ليه "جمال" عمل كده .. يعني لو كان عايز يتجوزك ليه ميروحش يتقدم لأهلك
قالت "مريم" بحماس وقد شعرت بأنه بدأ يصدقها :
- أصلاً هو ميعرفنيش عشان يتقدملى .. أنا واثقه انه كان قاصد ان ده كله يحصل
نظر اليها "مراد" قائلاً وهو يفكر :
- يمكن شافك وعجبتيه وخاف يتقدم أهلك يرفضوه عشان المشاكل بين العيلتين
أزاحت "مريم" الغطاء وأنزلت قدماها على الأرض فقد كانت تشعر بالخجل من جلوسها أمامه بهذا الوضع ثم قالت بحزم :
- أصلاً أنا مروحتش الصعيد الا قبل المشكلة دى بكام يوم لحق فين شافنى وعجبته واتعلق بيا لدرجة انه يعمل كل الفيلم ده عشان يتجوزنى
قال "مراد" وهو يمعن التفكير:
- يبأه زى ما عمتو قالتلى .. حساب قديم كان بيصفيه
قالت "مريم" بدهشة :
- حساب ايه
قال "مراد" بحزم :
- مش عارف .. بس هعرف .. لازم أكلم عمتو وأفهم منها كل حاجه
أومأت "مريم" برأسها وشردت قليلاً .. نظرت الى "مراد" فوجدته يتطلع اليها بنظراته فاحمرت وجنتاها واشاحت بوجهها .. نهض "مراد" قائلاً :
- نامى دلوقتى وأنا بكرة ان شاء الله هكلم عمتو
توسد كل منهما وسادته وكل منهما يفكر فى هذا الوضع الذى وصلا اليه .. ترُى ماذا ستكون نهاية المطاف ؟!


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-10-15, 05:45 PM   #19

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 17 )



استيقظت "مريم" فجراً وتوضأت وارتدت اسدالها .. نظرت الى "مراد" النائم فى حيرة .. أتوقظه أم لا .. اقتربت منه .. يا الله ما أشد الشبه بينه وبين "ماجد" .. لم تكن لتجرؤ على النظر اليه وهو مستيقظ خشية أن يسئ تفسير نظراتها كما فعل من قبل .. لكنها الآن تتفرس فى ملامحه التى طالما أحبتها وعشقتها .. كان لديها عشرات الصور لـ "ماجد" لكن الصورة التى أمامها الآن حية تتنفس وتتحرك .. أخذت تتطلع الى ملامحه وهى تستعيد ذكرياتها مع "ماجد" .. وقفت دقائق عدة الى أن انفتحت تلك العينان لتنظران اليها فى ظلام الغرفة .. فزعت وانتفض جسدها ورجعت خطوة للخلف .. جلس "مراد" على فراشه وهو مازال ينظر اليها .. كانت تشعر بإضطراب وتوتر بالغ قالت بصوت مضطرب للغاية :
- الفجر .. وانت كنت نايم
كانت تتلعثم بشدة .. هربت من أمام ناظريه وخرجت من الغرفة وهى مغتاظه من نفسها بشدة .. صلت فى حجرة المعيشة وأيقظت البنات وأسرعت بالعودة الى الغرفة والتظاهر بالنوم قبل أن يعود "مراد" من المسجد

*********************************************
جلس "سامر" فى حجرة الإجتماعات فى انتظار حضور "مراد" و "طارق" .. دخل "طارق" واقترب من "سامر" قائلاً :
- ألف مبروك يا "سامر" وآسف جداً انى معرفتش آجى امبارح
جلس "طارق" قبالته فابتسم "سامر" قائلاً :
- ولا يهمك يا "طارق" .. "مراد" قالى امبارح
فتح "طارق" أحد الملفات التى أمامه وقال :
- ها ايه الأخبار بعت كام لوحة
ضحك "سامر" قائلاً:
- معظم اللوحات اللى كانت معروضة امبارح اتباعت
ضحك "طارق" قائلاً :
- كويس انى مجتش كان زمانك فلستنى .. أصلاً رسمك كتير بيعجبنى لو كنت جيت كنت خدتهم كلهم
قال "سامر" بخبث :
- سيبك انت من اللوح .. هو ايه اللى بيحصل بالظبط .. المزة بتاعتك لقيتها جايه امبارح مع "مراد"
قال "طارق" بإستغراب :
- مزة مين
ابتسم "سامر" وهو يغمز بعينه قائلاً :
- الديزاينر بتاعتنا اللى كل شوية تتحجج وتروح الشركة تشوفها
أغلق "طارق" الملف بعنف وهتف بـ "سامر" :
- انت قولت لـ "مراد" ايه ؟
قال "سامر" :
- ما قولتلوش حاجه عنك قولتله بس انى كنت رايح أظبطها وبعدين معجبتنيش
شعر "طارق" الضيق وهتف به :
- مكنش لازم تنطق أصلاً .. ممكن دلوقتى ياخد عنها فكرة غلط
قال "سامر" وهو يضيق عيناه :
- هى ايه الحكاية بالظبط
قال "طارق" بضيق :
- الحكاية ان "مراد" اتجوزها
هتف "سامر" بدهشة :
- ايه .. اتجوزها .. أنا كنت فاكرها صحبته
نظر اليه "طارق" بغيظ قائلاً :
- ليه من امتى كان "مراد" بيصاحب يعني .. انت مش عارف طبعه ولا ايه
قال "سامر" :
- ده أنا عكيت الدنيا آخر عك .. عشان كده حسيته غار لما قولته انى كنت رايح أظبطها
سأله "طارق" بإهتمام :
- غار ازاى يعني
قال "سامر" :
- مرضاش يخليها تتكلم معايا ولا حتى رضى يقف معايا وطول الوقت وهو واقف فى جمب معاها كإنه بيحرسها .. ولما حاولت أوجهلها كلام تانى استأذن وخدها ومشى
كان "طارق" يمعن التفكير فيما سمعه من "سامر"
كان "مراد" فى مكتبه وعلامات الالم على وجهه .. كان يشعر بألم شديد فى ساقه .. طوال الأيام الماضية لم يخلع ساقه الصناعية أبداً وذلك بسبب مشاركة "مريم" اياه غرفته .. لم يكن ليجرؤ على أن يظهر اعاقته أمامها .. كان يتحمل الألم أثناء نومه إلى أن اشتد به وأصبح لا يطاق .. فإضطر الى خلعها فى مكتبه .. وأمر السكرتيرة بإحضار "طارق" و "سامر" الى مكتبه .. بعد قليل حضر الاثنان فقال "مراد" محاولاً تجاهل الألم فى ساقه :
- خلونا نتكلم هنا
جلس الإثنان وقال "سامر" :
- طيب يا جماعة نتكلم الأول فى الماركة الجديدة والمشروع اللى متعطل ده
قال "طارق" موجهاً حديثه لـ "مراد" :
- "مريم" هتبتدى الشغل امتى الوقت مش فى صالحنا
اندهش "مراد" من شعور الضيق الذى راوده وهو يسمع اسم "مريم" من "طارق" بلا ألقاب .. ظهرت علامات الضيق على وجهه وتظاهر بالإطلاع على الملف الذى أمامه وهو يقول بجدية وحزم :
- اسمها "مدام" مريم
نظر اليه "طارق" بتمعن .. وظهر عليه الضيق هو الآخر .. فقال "سامر" :
- طيب هتبتدى الشغل امتى ؟
قال "مراد" وهو ينظر اليه :
- هتفق معاها النهاردة ان شاء الله
قال "سامر" :
- طيب تمام .. يبقى نجتمع معاها فى أقرب وقت ويفضل يكون بكرة عشان تبتدى هى الشغل من بكرة أو بعده بالكتير
نظر اليه "مراد" بحده وقال بحزم :
- مفيش داعى تيجى الإجتماع .. نتفق احنا التلاته على اللى احنا عايزينه وأنا هبلغها
قال "سامر" بتوتر :
- طيب تمام زى ما تحب أنا مكنش قصدى حاجه
تابع "طارق" "مراد" بعينيه والذى كان يبدو عليه العصبية ثم قال بهدوء :
- خلاص يا "مراد" زى ما انت قولت .. وعامة زى ما انت عارف ذوقى وذوقك واحد يعنى اتفق معاها انت على اللى انت شايفه وان شاء الله أنا و "سامر" مفيش اعتراض بالنسبة لنا
أومأ "مراد" برأسه دون أن ينظر اليهما .. وانتهى الإجتماع .. خرج "سامر" أولاً وقبل أن يخرج "طارق" بدا عليه التردد ثم التفت الى "مراد" قائلاً :
- اسمه "ماجد"
رفع "مراد" رأسه بحده ونظر الى "طارق" .. فأكمل "طارق" بهدوء :
- عامة هتلاقى عندك فى قسيمة الجواز كل بياناته لازم المأذون يكون كاتبها
قال ذلك ثم انصرف وترك "مراد" شارداً .. اذن فالإسم الذى كانت تردده "مريم" أثناء مرضها كان اسم زوجها .. تُرى أأحبته لدرجة أن تذكر اسمه فى مرضها وهو الذى توفى منذ أكثر من عام ! .. أيعقل انها مازالت تحبه حتى الآن ؟! .. أخذت الأسئلة تلاحقه دون أن بجد لها أى اجابه ..

************************************************

طرقت "ناهد" باب غرفة "نرمين" فتحت "نرمين" فى وجوم فقالت "ناهد" وهى تنظر اليها بإمعان :
- "نرمين" مالك .. بقالك يومين أعدة فى أوضتك ومش راضية تنزلى تعدى معانا .. فى ايه
قالت "نرمين" محاولة اخفاء ما تشعر به :
- مفيش يا ماما .. مصدعة شوية
اقتربت منها "ناهد" وتفحصت حرارتها وقالت :
- حرارتك عادية .. أمال من ايه الصداع اللى بقاله يومين ده
قالت "نرمين" بنفاذ صبر :
- خلاص يا ماما شوية وهيروح أنا هنام دلوقتى
قالت "ناهد" بحنان :
- طيب يا حبيبتى ولما "مراد" ييجى هخليه ياخدلنا معاد من الدكتورة ونشوف سبب الصداع ده ايه
قالت "نرمين" :
- ماما مفيش داعى أنا كويسة
قالت "ناهد" بإصرار :
- حبيبتى لازم نعرف سبب الصداع ده ايه ده بقاله يومين مش بيروح .. يلا نامى دلوقتى ولما ييجى "مراد" هصحيكى
دخلت "نرمين" وألقت بنفسها على الفراش وتركت لعبراتها العنان وهى تعلم جيداً أنه لا يوجد دواء فى العالم بإستطاعته أن يريحها ويشفى ما ألم بها .

************************************************

- كيفك يا ابنيتي وكيف جوزك
تلقت "مريم" اتصالاً من جدها وجدتها فكانت سعادتها غامرة وقالت :
- الحمد لله بخير يا جدو ازيك وازى تيته .. وعمو أخباره ايه دلوقتى
قال "عبد الرحمن" :
- امنيح يا بنيتي لا تجلجى .. من آخر اتصال بيناتنا وهو عم يتحسن يوم بعد يوم الحمد والشكر ليك يا رب
قالت "مريم" بتأثر :
- وحشتنى أوى يا جدو انت وتيته .. وازى "صباح" عاملة ايه
قال "عبد الرحمن " :
- امنييحه الحمده لله .. وانتى يا بنيتي وحشانا كتير ربنا يطمنا عليكي دايماً
اغرورقت عينا "مريم" بالعبرات بعدما أنهت المكالمة .. لكم اشتاقت اليهما بشدة ..

قال "عبد الرحمن" لزوجته :
- الحمد لله اطمنا عليها
قالت "زوجته: بأسى :
- وحشتنى جوى جوى يا حاج .. ياريت نبجى نروح نزورها جريب .. احنا علينا ليها حج بردك
قال "عبد الرحمن" وهو يتنهد بحسره :
- حج ليها ولأبوها .. ظلمته كتير جوى .. لولا ظلمى ليه كان زمانى عارفها من زمان .. ياريتنى كنت حوطت على "خيري" ولدى زى ما "سباعى" و "بهيرة" حوطوا على "خيري الهواري" .. كان زمانى متحرمتش منه ومن ولاده
قالت زوجته بحزن :
- ياما جولتلك يا حاج .. "خيري" راجل ويعرف ربنا بلاش تجسى عليه .. بس انت مكنتش بتسمع لحدا واصل
قال "عبد الرحمن" بأسى :
- كان الغضب والشك عميني .. والكلام اللى كنت عم بسمعه مكنش جليل .. كان لازمن أعرف انه بجه راجل وادرى بصالحه .. كان لازمن أبجى واثج فيه أكتر من اكده
قالت زوجته :
- خلاص يا حاج اللى فات مات .. ربنا يسامحنا كلياتنا .. كلياتنا أسأنا الظن فيه .. ربنا يجدرنا ونعوض بنته عن اللى عيميلناه فى أبوها الله يرحمه

**********************************************
دخل "سباعى" حجرة "جمال" بالمشفى وهتف قائلاً :
- كيفك دلوجيت يا ولدى
قالت زوجته الجالسه بجوار "جمال" تطعمه بيدها :
- امنييح يا حاج .. الحمد لله
قال "جمال" مبتسماً :
- امنييح يا بوى .. بس الوكل اللى عم توكلنى اياه أماى هو اللى هيجصف عمرى عن جريب
هتفت أمه فى عتاب :
- اكده يا "جمال" ده آنى عملالك الوكل ده بيدي ومرضيتيش حد يمد يده فيه غيري
قال "جمال" :
- تسلم يدك يا أماى
التفت "جمال" الى والده وقال :
- لسه مليجيوش اللى عيمل اكده يا بوى
قال "سباعى" وهو يجلس على أحد المقاعد :
- آنى لسه جاى من الجسم دلوجيت .. وعرفت انهم ليجيو سلاح مرمى فى صندوج الزبالة اللى جمب البيت .. عم يدوروا دلوجيت السلاح ده بتاع مين وبيجولوا هيبعتوه المعمل الجنائي عشان يعرفوا الرصاصة انطخت منيه ولا لا
قال "جمال" بغل :
- آه لو أعرف مين اللى طخنى كنت جتلته بيدي
قال "سباعى" نحذراً :
- سيب الحكومة تتصرف يا ولدى هما أدرى بشغلهم .. ولما يعرفوا اللى طخك هما اللى هيجيبولك حجك منييه محناش عايشين فى غابة عاد
صمت "جمال" وهو يفكر بالتوعد لمن جرؤ وأطلق عليه النار يوم عرسه

************************************************** *

عاد "مراد" فى المساء حاملاً أحد الملفات فتح الباب وتوجه أولاً الى مكتبه .. وضع الملف على المكتب وأخذ فى البحث عن قسيمة الزواج التى وضعها فى أحد أدراج المكتب .. قاطعه فجأة اتصال هاتفى ينبئه بخبر زرفت له عيناه الدموع .. وبكى قلبه ألماً وحسرة ... موت عمته "بهيرة"
شعر "مراد" بالأمل فى قلبه وروحه لقد افتقد حضناً حانياً لا تقل محبته لها عن محبة "ناهد" .. استرجع وقال :
- انا لله وانا اليه راجعون اللهم اجرنى فى مصيبتى واخلف لى خيراً منها
قال "سباعى" بصوت باكى :
- الله يرحمها كانت ست مشفتش زييها .. الله يغفرلها ويرزقها الجنة
قال "مراد" وهو يحاول أن يفيق من صدمته :
- هجيلكوا حالا يا عمى
قال "سباعى" :
- بلاش تيجي يا ولدى .. عيلة المنفلوطي هيكون عينيهم مصحصحه لانهم هيبجوا عارفين ان أكيد "خيري" أو ولاده هيكونوا فى الدفنه
قال "مراد" بحزم :
- لازم أحضر دفنة عمتى يا عمى .. أنا جاى حالا
أغلق "مراد" الهاتف وهو يشعر بالحزن والأسى .. حملته قدماه بصعوبة الى أن توجه الى غرفة المعيشة حيث اجتمع الجميع وأنبأهم بهذا الخبر .. فتعالت الشهقات بالبكاء المرير .. كانت "مريم" تبكى تلك السيدة الطيبة من أعماق قلبها فلقد أحبتها ليس فقط لكونها أنقذتها من الزواج من "جمال" بل لأنها عمة "ماجد" لمست طيبتها وحنيتها فشعرت وكأنها افتقدت أمها للمرة الثانية .. أصرت "ناهد" على السفر مع "مراد" .. على الباب وقفت "سارة" تودعهما فالتفت "مراد" الى "سارة" الباكية قائلاً :
- مش هنتأخر يا "سارة" ان شاء الله هنرجع بكرة بالليل .. خلى بالك من أختك
صمت قليلا ثم قال :
- ومن "مريم"
أومأت "سارة" برأسها والدموع تنهمر من عينيها ..


دخلت "مريم" غرفة "مراد" وانهارت على الأريكة .. كانت تبكى "بهيرة" وتبكى الوضع الذى أصبحت فيه بمفردها .. فها هى منقذتها من هذا الزواج قد رحلت عن الدنيا .. جلست تسترجع وتدعو لها بالرحمة والمغفرة .. لم تشعر "مريم" بمضى الوقت وهى جالسه على الأريكة تحتضن قدميها الى صدرها .. أمسكت هاتفها الموضوع بجواها ونظرت الى الساعة التى تشير الى الثانية عشر الا خمس دقائق .. ياااه كم هى الآن فى أمس الحاجة لكلمة واحدة من كلمات "ماجد" .. تلك الكلمات التى تبث فيها الأمل وتحثها على الصبر وتطيب جروح روحها .. نظرت بلهفة الى تلك الأرقام وهى تتبدل كل دقيقة الى أن أتت اللحظة المنشودة .. قامت بلهفة وتوجهت الى الحقيبة الصغيرة التى تخفيها بين ملابسها فى الرف المخصص لها بالدولاب .. بحثت عن الخطاب الذى يحمل الرقم التالى .. أخذته بلهفة وجلست على الأريكة تحتضنه بين كفيها وتتعلق به كالغريق الذى يتعلق بقشة فى وسط بحر عميق مظلم .. همت بفتح الخطاب .. لكن يداها توقفت فجأة وتسمرت مكانها عندما وقع نظرها على الدبلة التى نقلتها "ناهد" من يدها اليمنى الى يدها اليسرة .. رفعت نظرها لتنظر الى فراش "مراد" وكأنها تنظر الى "مراد" نفسه .. توقف عقلها عن العمل للحظات ثم عاد ليعمل بسرعة جنونية .. أمن حقها أن تفتح هذا الخطاب ؟ .. هل هذا أمر صحيح ؟ .. أتعد هذه خيانة ؟ .. كيف خيانة وهذا ليس بزواج طبيعى ؟ .. حتى ولو لم يكن زواج طبيعى فهذا زواج أمام الله عز وجل ؟ .. هل لـ "مراد" عليها حقوق الزوج أم لا ؟ .. أليس من حق الزوج أن تحفظه فى نفسها ؟ .. أيصح أن تكون متزوجة من رجل وتقرأ خطابات رجل آخر ؟ .. هل هذه خيانة ؟ .. ظلت الأسئلة تقفز الى عقلها بسرعة لدرجة لم تستطع معها الإجابة على أى منها .. كيف لا تقرأ خطابات "ماجد" ؟ كيف تحرم منها ؟ .. تلك الخطابات هى سلواها الوحيدة فى هذه الدنيا؟ .. كيف تستطيع منع نفسها من فتح هذا الخطاب ومعرفة ما بثها اياه "ماجد" ؟ .. كيف تمنع نفسها من الشئ الوحيد الذى أبقاها محتفظة بعقلها بعدما آلم بها من مصائب ؟ .. كيف تمنع نفسها من الشئ الوحيد الذى يجعلها تتواصل مع "ماجد" كما لو أنه مازال حيا ؟ .. لكن كيف تخون "مراد" أمام الله إن كانت هذه بالفعل تعد خيانة ؟ .. أهذا فعلا محرم ؟ .. أهذه خيانة ؟ .. لا ولم ولن تكون خائنة .. تلك الكلمة القاسية لن تسمح بأن تنحدر لمستواها يوماً .. ظلت تحتضن الخطاب بين كفيها وفى عينيها ألم وحيرة كبيرة .. تقافزت العبرات من عينيها كل عبرة تصارع الأخرى لتسقط قبلها .. ظلت جالسه تحتضن الخطاب وهى لا تدرى ماذا تفعل .. وأخيرا حسمت أمرها ونهضت وأعادت الخطاب مرة أخرى الى الحقيبة بأيدٍ مرتعشة دون أن تقرأه .. أغلقت الدولاب ووقفت أمامه تسند جبينها اليه وقلبها يعتصر ألماً وقهراً وهو يقول : آسفة حبيبى لم يعد يحل لى قراءة خطاباتك الآن لأننى أصبحت زوجة لآخر .

دُفنت "بهيرة" وقد زرفت عليها دموع الرجال والنساء .. كانت "بهيرة" تتمتع بالحكمة ورجاحة العقل والطيبة وكان لها شعبية كبيرة وسط القبيلة .. صلى الجميع صلاة الجنازة وشيعوا جثمانها .. شارك "مراد" فى دفن عمته وقلبه يبكى قبل عيناه .. ظل يدعو لها ويستغفر لها الى أن حثه "سباعى" على مغادرة المقبرة .. توجه الجميع الى بيت "سباعى" كبير عائلة الهواري .. قدم "عبد الرحمن" واجب العزاء وجميع أفراد عائلة السمري الذين أحزنهم فقد تلك المرأة .. تجمعت النساء أيضاً فى بيت "سباعى" وقامت زوجته بواجب الضيافه .. بكت الكثير من النساء لفقدها فكل منهن تتذكر موقفاً طيباً من تلك المرأة فلكم ساعدت المحتاجين ورفقت بحال المظلومين ونصرت المستضعفين فكانت مثالاً للمرأة الصالحة .. فانهالت الدعوات لها بالرحمة والمغفرة

*************************************

أمضت "مريم" ليلها ساهرة وقد جفاها النوم .. خرجت فى الصباح لتجد "نرمين" و "سارة" جالستان فى الحديقة فلحقت بهما .. وجلست بجوارهما .. قالت "نرمين" بصوت باكى :
- مش قادرة أصدق انها ماتت واننا مش هنشوفها تانى
تمتمت "سارة" باكية :
- ربنا يرحمها
قالت "مريم" بتأثر :
- اللهم آمين .. بجد كانت ست طيبة أوى
ثم التفتت الى الفتاتان قائله :
- لازم تعملولها صدقة جارية يا بنات .. هو ده اللى هينفعها دلوقتى
أومأت الفتاتان برأسيهما فى صمت .. قالت "مريم" :
- بتصل بطنط "ناهد" كتير موبايلها مقفول .. هقوم أتصل بجدو وأشوف الأخبار ايه
قالت "سارة" :
- اتصلى بـ "مراد"
نظرت اليها "مريم" وأومأت برأسها بتوتر .. فهى لا تعلم رقم "مراد" وحتى لو علمت فما كانت ستجرؤ على الإتصال به .. اتصلت بجدها وعرفت منه أنهم انتهوا من دفنها .. لحظات واتصل "مراد" بـ "سارة" واخبرها أنهم سيضطرون للمبيت وسيحضرون فى الغد .. واتصل بمكتبه وأخبر سكرتيرته بسفره اليوم وبأن تعمل على الغاء كل مواعيده واجتماعاته لهذا اليوم ..

**************************************

- البقاء لله يا حبيبتى
قال "حامد" ذلك على الهاتف فهتفت "نرمين" بغضب وهى تغلق باب غرفتها جيداً :
- أفندم عايز ايه
قال "حامد" :
- تؤ تؤ اتكلمى معايا بإسلوب أحسن من كدة وإلا انتى عارفه كويس ايه اللى ممكن يحصل
أجهشت "نرمين" فى البكاء وقالت :
- انت عايز منى ايه حرام عليك .. "مراد" لو عرف هيقتلنى ويقتلك
قال "حامد" :
- وعشان ميعرفش هتعملى اللى هقولك عليه دلوقتى خاصة ان "مراد" مسافر يعني هتقدرى تتحركى بحرية
قالت بريبه :
- اعمل ايه
قال "حامد" :
- هتدخلى زى الشاطرة مكتب أخوكى هتلاقى عليه ملف اسمه "دراسات مصنع الملابس" هتجبيلى الملف وهكون مستنيكي فى العربية ادام الفيلا تيجي تسلميني الملف وامسح أدامك الصور ولا من شاف ولا من درى
قالت "نرمين" وهى تعاود البكاء :
- انت عاوزنى اسرق اخويا
- تؤ تؤ عيب عليكي دى مش سرقة
قالت "نرمين" بحده :
- لو لقى الملف مش موجود هيسألنا كلنا
قال "حامد" :
- متقلقيش يا قلبي انا هاخد منه نسخه وأرجعهولك تانى
قالت "نرمين" باكية :
- مش هقدر اعمل كده
قال "حامد" بغضب :
- طيب حلو اوى سلام بأه عشان عايز ابعت رسالة مهمة لاخوكى تجيبه من الصعيد على ملى وشه
هتفت "نرمين" بلهفه :
- لا استنى ارجوك اوعى تبعت حاجه لـ "مراد" ده هيموتنى
قال "حامد" ببرود :
- هستناكى ادام باب الفيلا الساعة خمسة .. خمسة ودقيقة هبعت صورك لاخوكى .. سلام يا حبي
أجهشت "نرمين" فى البكاء وهى لا تدرى ماذا تفعل اتلبي طلبه منها .. أم تخاطر بأه يرى "مراد" تلك الصور التى تم التلاعب بها والتى بالتأكيد ستثير جنونه ؟!

******************************************
فى الخامسة الا ربع فوجئت "نرمين" برسالة من "حامد" يذكرها بموعدهما أمام الفيلا .. وأرفق مع الرسالة احدى الصور التى تم التلاعب بها فأجهشت فى البكاء وهى تقول :
- حسبي الله ونعم الوكيل
كان خوفها من رد فعل اخيها أكبر من حذرها وأكبر من قدرتها على التفكير بوضوح .. فدخلت المكتب وأخذت تبحث عن الملف المطلوب .. لم تستغرق وقتاً فى البحث فقد كان الملف موضوعاً فوق المكتب وهو أول ما وقعت عليها عيناها .. أخذت الملف بأيدٍ مرتجفة .. وغادرت الفيلا دون أن يراها أحد .. مشيت فى اتجاه البوابة وقدماها تصطكان ببعضهما من شدة الخوف .. كانت تعلم بأنها تضيف الى رصيد أخطائها خطأ جديداً لكنها كانت تشعر بأنه ليس فى يديها حيلة فهى لن تخاطر بأن ينفذ "حامد" تهديده ويرسل الصور لـ "مراد" .. خرجت من البوابة لتجده قد اصطف سيارته على بعد أمتار جالساً أمام المقود وينظر اليها مبنتسماً .. شعرت بالكره الشديد له .. وانقلبت كل ذرة اعجاب له فى قلبها الى احتقار .. توجهت الى السيارة وهى تنظر حولها خشية ان يراها أحد ثم فتحت باب السيارة ومدت يدها بالملف .. أمرها قائلاً :
- اركبي لحد يشوفك
قالت له بتوتر :
- لا خد الملف وامسح الصور
أخرج هاتفه وقال :
- اركبي هتخلى الناس تاخد بالها مننا
نظرت حولها وركبت خشية ان يراها أحد فى مثل هذا الوقت .. بمجرد ان دخلت السيارة أحكم اغلاق الأبواب آلياً .. فزعت "نرمين" وحاولت فتح الباب ففشلت نظرت اليه برعب فضحك قائلاً :
- وقعت فى المصيدة يا جميل
أجهشت "نرمين" فى البكاء وهى تحاول فتح الباب قائله :
- افتح الباب .. ارجوك افتح الباب
قال "حامد" وهو يخرج من جيبة قطعة قماش مغمورة بسائل مخدر :
- أخوكى خسرنى صفقة بالملايين كل ده عشان بوست موظفه عنده طيب يشوف بأه اللى هيحصل فى أخته .. أخته الحلوة اللى أنا واثق انها هتخاف تفتح بقها بكلمة واحدة
كانت كلماته مفعمة بالكرة والبغض .. أخذت "نرمين" بالصراخ لكن قبل أن تصل صرخاتها الى أحد أطبق على فمها وأنفها بالمخدر ففقدت وعيها .. أدار السيارة وانطلق بها ...
لم تسير السيارة الا عدة أمتار ليضطر "حامد" الى الضغط على المكابح بعدما ظهرت أمامه "مريم" تمنعه من التحرك بسيارته وتضرب بيدها على السيارة من أمام وتصرخ مستنجدة بالناس .. لم يستطع التحرك الى الأمام فحاول الرجوع الى الخلف لكن صرخات "مريم" قد لفتت انتباه أحد المارة فأقبل على السيارة من الخلف فصرخت به قائله وهى تشعر بالإنهيار التام :
- أرجوك الحقنى .. الراجل ده خاطف اختى
انضم اليهما أحد المارة فلم يستطع "حامد" التحرك بسيارته .. فبحركة سريعة فتح الباب ودفع "نرمين" منه فتحركت "مريم" من مكانها أمام السيارة وأخذت تبعد "نرمين" عن عجلات السيارة فإنطلق "حامد" بأقصى سرعة .. جلست "مريم" بجوار "نرمين" تحمل راسها وهى تبكى :
- "نرمين" .. انتى كويسة .. ردى عليا عمل فيكي ايه
قال الرجل :
- شكلها اغمى عليها
حاولت "مريم" افاقتها ففشلت .. ساعدها الرجل على حملها داخل الفيلا شكرته وصرفته سريعاً .. فزعت "سارة" لرؤية "نرمين" فى هذه الحالة :
- "نرمين" .. ايه اللى حصل يا "مريم" .. أغمى عليها ولا ايه ؟
قالت "مريم" بلهجة آمرة :
- خليكي معاها هقفل البوابة وأرجعلك
خرجت "مريم" مسرعة وتأكدت من غلق البوابة جيداً ثم عادت ادراجها .. قالت لـ "سارة" :
- الدكتور اللى جالى يوم ما تعبت ده قريبكوا مش كدة
قالت "سارة" وهى تبكى :
- أيوة قريبنا ده "أحمد" ابن خالتى
قالت "مريم" لهفة :
- بسرعة اطلبيه خليه ييجى
بعد فترة بدأت "نرمين" فى الإفاقه نظرت الى ما حولها بفزع وأخذت تصرخ وتبكى أخذتها "مريم" فى حضنها قائله :
- متخفيش يا حبيبتى انتى فى البيت
قالت "سارة" بإستغراب :
- هى ملها مفزوعة كدة
قالت "مريم" :
- "سارة" روحى هاتيلها كوباية ماية لو سمحتى
تعلقت "نرمين" بـ "مريم" وكأنها تخشى عودة "حامد" من جديد .. هدأت "مريم" من روعها وقالت :
- الدكتور قريبكوا جاى دلوقتى .. هنقوله ان اغمى عليكي .. ماشى .. متجبيش سيرة عن اللى حصل لحد ما أفهم منك الموضوع
أومات "نرمين" برأسها .. بعد نصف ساعة حضر "أحمد" .. كان شاباً فى الخامسة والعشرين متوسط الطول ابيض البشرة ذو عينين رمادتين .. قالت له "مريم" :
- عايزين بس نطمن عليها لانها تعبت شوية واغمى عليها
نظر "أحمد" الى "نرمين" التى يبدو عليها آثار البكاء فشرحت له "مريم" قائله :
- هى زعلانه على موت عمتها الله يرحمها
أجهشت "نرمين" فى بكاء حار فجلست "مريم" بجوارها وعانقتها .. فقال "أحمد" :
- متقلقيش هى بس تريح نفسها وتاخد الدوا ده وان شاء الله هترتاح كتير
أخذت "مريم" منه الروشته وشكرته .. فقال :
- هو "مراد" لسه فى الصعيد مش كدة
أومأت برأسها فقال :
- لو تحبوا أستنى معاكوا هنا .. لولا ان ماما تعبانه ونايمة فى السرير كنت كلمتها تيجي تعد معاكوا
قالت "مريم" بسرعة :
- لا مفيش داعى وكمان بلاش تقلق طنط .. هى "نرمين" شوية وهتبقى كويسة
أومأ برأسه ونظر الى "نرمين" بقلق ثم قال :
- طيب لو احتجتونى فى أى وقت كلمونى
قالت "مريم" :
- شكراً
أوصلته للبوابة وأغلقتها خلفه جيداً .. وعادت الى "نرمين" .. كانت "سارة" بجوارها جلست "مريم" أمام "نرمين" وهما يتبادلان النظرات .. قالت "مريم" بهدوء :
- احكيلى اللى حصل بالظبط
نظرت اليها "نرمين" قائله بصوت مضطرب :
- انتى شوفتيني ؟
قالت "مريم" :
- كنت واقفة فى البلكونة وشوفتك وانتى خارجة من البوابة ولقيتك بتركبي العربية معاه جريت ساعتها عشان أشوف مين ده اللى خرجتي تركبي معاه ومن غير ما تقولى لحد انك خارجة .. اول ما خرجت من البوابة شوفته وهو بيخدرك فجريت على العربية واعدت اصرخ لحد ما اتنين كانوا مشيين جم وساعتها هو خاف ورماكى من العربية
شهقت "سارة" وهى تقول :
- الكلام ده صح يا "نرمين" ؟
اجهشت "نرمين" فى البكاء وهى تقول :
- انا فى مصيبة .. "مراد" هيقتلنى
جلست "مريم" بجواها وعانقها قائله :
- حبيبتى اهدى واحكيلى كل حاجة عشان نقدر نتصرف
قصت عليهما "نرمين" كل شئ بالتفصيل من اول مكالمات "حامد" وخروجها معه الى ابتزازه لها بالصور .. ثم أضافت باكية :
- والله العظيم اللى فى الصور ده محصلش .. انا معرفش هو ازاى عمل كدة
قالت "مريم" بإهتمام :
- وريني الصور كدة
قالت "نرمين" :
- مسحتها
ثم قالت فجاة :
- لأ استنى آخر صورة اللى بعتهالى النهاردة ممسحتهاش
أخذت "مريم" تنظر الى الصورة جيداً بنظرات خبيرة ثم قالت بحزم :
- على فكرة واضح جداً انها متفبركة ده شغل فوتوشوب وشغل هواه كمان مش بروفيشنال
قالت "نرمين" وقد شعرت بالأمل :
- بجد يعني واضح انها مش حقيقية ؟
قالت "مريم" بثقه :
- ايوة لو دققتى فيها هتعرفى انها مش طبيعية .. وكمان انتى نسيتى ان أنا ديزاينر يعني اقدر بسهولة اميز الفرق بين الصورة الأصلى واللى داخل عليها تعديلات
قالت "نرمين" باسى :
- بس "مراد" لو شافها مستحيل يصدق انها متعدلة
قالت "مريم" بحزم :
- انتى ليه فكرتى بالشكل ده يا "نرمين" .. ليه فكرتى انه هيقتلك وليه فكرتى انه مش هيصدق .. أظن اخوكى عارفك كويس وعارف اخلاقك .. ايوة انتى غلطتى وكان المفروض تعترفى بالغلط ده بدل ما تصلحى الغلط بغلط اكبر .. الراجل ده كان هيفضل يبتزك طول عمرك ومكنش هيقف عند حده أبداً .. عارفه ليه ؟ .. لانه عرف واتأكد انك ضعيفة وجبانة ونقطة ضعفك هى خوفك من أخوكى .. عشان كدة قدر يستغل نقطة ضعفك دى كويس .. أما لو كنتى من البداية لما عرفتى انك غلطتى جيتى لـ "مراد" واعترفتيله بكل حاجة مكنش الراجل ده قدر يبتزك وكان "مراد" قدر يوقفه عند حده .. لكن للاسف انتى بضعفك وبخوفك سمحتيله انه يتحكم فيكي .. الحل كان فى انك تعترفى بغلطك وستتحملى عقاب اخوكى ساعتها .. كان الموضوع هيكون أسهل بكتير أوى من كل اللى حصل ده ..
قالت "نرمين" بأسى :
- انا كنت خايفة .. كنت خايفة "مراد" يعرف
قالت "مريم" بحزم :
- وخوفك ده خلاه يتحكم فيكي أكتر وطلباته تزيد أكتر وخلاكى تسرقى ملف من مكتب اخوكى وخلاكى تروحى تقابليه أدام الفيلا وتركبي جمبه فى العربية .. وأظن انتى عرفتى دلوقتى ايه اللى كان ناوى يعمله .. ولو كان ده حصل كان هيفضل برده يبتزك لانه عرف انك ضعيفة وهتخافى تحكى لاخوكى وكنتى هتفضلى فى الدوامة دى طول عمرك .. يبأه ايه الأسهل ..؟؟ انك تعترفى بغلط صغير وتتحملى عقابلك عليه .. ولا تتمادى وتصلحى كل غلطة بغلطة أكبر وأكبر ؟؟ وتضيعي نفسك وحياتك وتسمحى لواحد حقير زى دة انه يتحكم فيكي ؟؟
قالت "سارة" بقلق :
- طيب والحل دلوقتى
قالت "مريم" بحزم :
- لازم اخوكوا يعرف .. محدش هيوقفوا عند حده غيره
قالت "نرمين" باكية :
- طيب نحاول نحل الموضوع مع بعض وانتى يا "مريم" ممكن تتصلى بـ "حامد" وتهدديه
قالت "مريم" بصرامة :
- اللى زى ده عايز راجل يقفله .. لو أنا اتصلت هيعرف ان أنا كمان خايفة من "مراد" .. وهيعرف انه قدر يلمس نقطة ضعفنا كلنا .. ومستحيل هيتراجع .. وحتى لو تراجع .. اللى زى ده لازم يتربى .. لازم يعرف ان مش من الساهل انه يتعدى على حرمة غيره .. مينفعش واحد زى ده نسكت عليه .. لازم يتربي ويتعلم الادب
نظرت الى "نرمين" قائله :
- نامى دلوقتى وبكرة لما "مراد" ييجى انتى بنفسك هتحكيله كل حاجه
قالت "نرمين" بضعف :
- مش هقدر احكيله .. قوليله انتى يا "مريم"
نظرت اليها "مريم" وقالت بإصرار :
- لا يا "نرمين" انتى اللى هتحكيله .. يسمع منك احسن ما يسمع منى أو من أى حد تانى
دثرتها "مريم" وبقيت بجوارها الى ان نامت .. ودخلت غرفة "مراد" وهى تفكر فى هذا المأذق الذى وقعت فيه "نرمين" .

******************************************

فى اليوم التالى اتصل "مراد" بـ "سارة" ليخبرها بأنه و "ناهد" فى طريقه الى القاهرة .. ظلت "نرمين" تبكى طوال الوقت "وسارة" و "مريم" بجوارها يهدؤنها .. انتفضت بفزع عندما سمعت صوت سيارة "مراد" .. نزلت "مريم" وفتحت البوابة التى تغلقها طول الوقت بإحكام .. توقف "مراد" بسيارته ونظر اليها قائلاً :
- قافلين البوابة بالنهار ليه
قالت "مريم" وهى تتحاشى النظر اليه :
- عادى
سبقها "مراد" بسيارته التى اوقفها أمام باب الفيلا نزلت "ناهد" وسلمت عليها "مريم" قال "مراد" وهو يعود لركوب سيارته :
- انا راجع المكتب يا ماما
لفت "مريم" بسرعة حول السيارة وقالت له :
- لا .. لو سمحت فى حاجه لازم نتكلم فيها
تركتهما "ناهد" يتحدثان معاً وصعدت الى غرفتها .. نظر اليها "مراد" بقلق وقال :
- فى ايه
بلعت "مريم" ريقها بصعوبة كانت تخشى تلك المواجهة ولكنها تعلم أنها شئ لابد منه .. قالت بهدوء :
- ممكن نتكلم فى مكتبك لو سمحت
نزل "مراد" من السيارة وهو يرمقها بنظرات متفحصه .. سبقها الى المكتب فقالت :
- ثوانى وراجعه
لم يتكلم "مراد" بل سدد اليها نظرات تريد اختراقها لتصل الى معرفة ما يحدث .. صعدت "مريم" الى غرفة "نرمين" وقالت :
- يلا يا "نرمين" .. أخوكى مستنينا فى المكتب
قالت "نرمين" بفزع :
- قولتيله حاجه
قالت "مريم" وهى تنظر اليها بشفقة :
- لا يا حبيبتى قولتلك الاحسن انتى اللى تحكيله بنفسك
امسكتها من يدها وسحبتها ورائها .. كانت "نرمين" تشعر بأن قبلها على وشك التوقف من شدة الرعب .. دخلتا الى غرفة المكتب وأغلقته "مريم" خلفها .. نظرت "مريم" الى "مراد" الذى وقف وقد شبك يديه خلف ظهره وأخذ ينقل نظره بينهما فشعرت بالرعب هى الاخرى وعذرت "نرمين" فى خوفها .. لم تعد قدما "نرمين" قادرتان على حملها فجلست .. قال "مراد" بصرامة :
- فى ايه .. ايه اللى بيحصل بالظبط
اقتربت منه "مريم" وقالت بهدوء وهى تحاول أن تخفى توترها :
- "نرمين" عايزة تقولك حاجه .. بس لو سمحت خليك هادى واسمع كل كلامها للآخر .. هى هتحكيلك بنفسها .. يعني محدش فتنلك عليها .. لا .. هى اللى جتلك تتكلم بنفسها
التفتت "مريم" لتنصرف فنادتها "نرمين" قائله بصوت باكى :
- لا يا "مريم" عشان خاطرى متمشيش
اعادت "مريم" ادراجها .. نظر "مراد" الى "نرمين" وقال بقلق :
- فى ايه يا "نرمين"
نظرت "نرمين" الى "مريم" التى أومات برأسها تشجعها على الكلام .. فاخذت نفساً عميقاً وهى تحاول التماسك .. واخذت تقص عليه كل شئ بصوت مرتجف مبحوح من كثرة البكاء .. انتهت من كلامها وران الصمت فى الغرفة لا يسمع فيها الا صوت xxxxب ساعة الحائط .. ما هى الا لحظات من السكون قبل أن تهب العاصفة .. صاح "مراد" وهو يمسكها من ذراعها ليوقفها بقوة :
- بتقولى ايه .. ايه اللى انتى بتقوليه ده
اسرعت "مريم" تحاول نزع ذراعها من يده وهى تقول بلهفه :
- براحة عليا .. هى غلطت ومعترفه بده وجت حكيتلك بنفسها
بدا وكأن "مراد" لم يسمع كلمة مما قالتها "مريم" واشتدت قبضته على ذراع "نرمين" الى ان صرخت وبكت من الألم وهو يصرخ قائلاً :
- دى التربية اللى انت اتربتيها .. دى الاخلاق اللى علمنهالك .. مش مكفيكى مقابلتك له راحه كمان تركبي معاه العربية .. افرضى كان قدر الحقير ده انه يخطفك .. عارفه كان هيحصل فيكي ايه يا "نرمين"
بدا وكأنه سيهم بضربها .. بكت "مريم" وهى تحاول تخليصها من قبضته وهى تقول :
- "مراد" لا يا "مراد" عشان خاطرى .. هى غلطت بس عشان خاطرى متضربهاش .. هى جت اعترفتلك هى لو كانت وحشة مكنتش اتكلمت .. سيبها بأه عشان خاطرى
كانت نيران الغضب تشتعل داخل عيناه ..دفعته "مريم" بقدر ما استطاعت وخلصت "نرمين" من قبضته وقالت لها بلهفه :
- بسرعة اطلعى على أوضتك
خرجت "نرمين" مسرعة وهى تبكى استقبلتها "سارة" بالخارج وأصعدتها الى غرفتها .. وقفت "مراد" وبدا وكأنه يوشك على الفتك بشخص ما .. قالت له "مريم" وهى تتحدث بسرعة :
- فكر قبل ما تعمل اى حاجه .. ما تأذيش نفسك مامتك واخواتك ملهمش غيرك .. لو اشتكيته انا هشهد عليه ودول كذا قضية فى بعض خطف وابتزاز يعني هيورح فى داهية ان شاء الله
بدا وكأنه لم يسمع كلمة مما قالت .. كانت تعبيرات وجهه تشع غضبا ويضم قبضتى يده بقوة .. ثم خرج مسرعاً متوجهاً للخارج .. شعرت "مريم" بالفزع .. خشت أن يتهور ويقتل "حامد" .. أسرعت خلفه بعدما أخذت طرحة لها كانت تركتها فى غرفة الجلوس لفت بها شعرها ونزلت مسرعة وفتحت باب السيارة وركبت بسرعة قبل أن ينطلق .. كانت عيناه تشعان غضباً بدا وكأنه لا يشعر حتى بوجودها معه .. خرج من البوابه وانطلق بسيارته كالسهم .. توقف بالسيارة أمام شركة "حامد" هم بالنزول فامسكته "مريم" من ذراعه قائله :
- فكر قبل ما تعمل اى حاجه تندم عليها
نظر اليها وبدا وكأنه يريد الفتك بها وصرخ فيها بغضب :
- اخرسى خالص .. ومتتحركيش من العربية .. لو نزلتى منها هموتك
خرج "مراد" من السيارة بعدما أحكم اغلاق ابوابها .. ظلت "مريم" تدعو وتستغفر ربها .. وهى تشعر بالقلق والخوف

صعد "مراد" الى الشركة وتوجه الى مكتب "حامد" كالثور الهائج الذى لا يستطيع أي شئ ايقافه .. قامت السكرتيرة تقول :
- لو سمحت يا فندم .. ساعات العمل النهاردة انتهت
لم يتلفت اليها "مراد" بل لم يسمعها اصلاً اقتحم مكتب "حامد" الذى فزع عندما رآه .. أطبق "مراد" بقبضتيه على ملابسه ونزعه من الكرسي نزعاً ولكمه الى ان سقط ارضاً .. قال "حامد" للسكرتيرة بفزع :
- اطلبي السيكيوريتى بســـ ........
لم يكمل كلامه فقد أوقفته لكمة أخرى من "مراد" جعلت الدماء تنفجر من فمه وأنفه لتسيل على ملابسه .. لم يكد يفيق من اللكمة حتى أعقبه "مراد" بالأخرى وأطبق على ملابسه ليسدد له ركله بركبته اليسرى فى بطنه جعلت "حامد" يحبس أنفاسه من شدة الألم ويسقط أرضاً أمام قدمى "مراد" .. قال "مراد" وهو يقبض بأصابعه على شعره ويرفع رأسه :
- بتتعدى على أختى يا تييييييييييييييييت فاكرنى هسكتلك .. ليه مش شايفني راجل أدامك .. ده أنا هموتك بايدي .. أنا هربيك يا تيييييييييييييت من أول وجديد
أعقب كلامه بلكمة اخرى ألقت بـ "حامد" على الارض فى وضع الجنين وهو لا يقوى حتى على الصراخ من شدة الألم كان يتنفس بصعوبة وبجواره بركة من الدماء التى اتفجرت من فمه بعدما فقد بعضاَ من أسنانه .. اخذ "مراد" يكيل له الركلات حتى حضر السيكيوريتي وأبعدوا "مراد" عنه بالقوة .. خلص "مراد" نفسه من قبضتهم ثم اقترب من "حامد" وصرخ قائلاً :
- والله ما هسيبك يا تيييييييييييييييت .. وهطلع حالاً اعملك محضر فى القسم
حاول رجلى الأمن مساعدة "حامد" واتصل أحدهما بالإسعاف أما "مراد" ثم توجه الى المكتب وحمل حاسوبه وألقاه أرضاَ وحطمه تحطيماً ثم أخذ هاتفته الموضوع على مكتبه واخرج الميمورى ثم ألقى بالهاتف من النافذة ليسقطت متهشماً على الأسفلت بعدما عبرت احدى السيارات فوقه
التفت أحد رجال الأمن يحاول الإمساك بـ "مراد" فصرخ به "مراد" قائلاً :
- هتعمل ايه هتسلمنى للبوليس انا اصلا اللى رايح أبلغ دلوقتى عن التييييييييييييييت ده وهقول فى المحضر انى ضربته
نظر رجل الأمن الى "مراد" بشئ من القلق .. فقد كانت من الواضح من فرق الطول والحجم أنه إن دخل مع "مراد" فى معركة فسيخرج وحاله ليس بأفضل من "حامد" .. نزع "مراد" نفسه من يده وخرج من الشركة التى كانت خالية من الموظفين فى مثل هذا الوقت.

******************************************

قاد "سامر" سيارته حتى وصل الى المرفأ .. نزل وبصحبته "سهى" التى أحاط كتفيها بذراعه .. سارا حتى وصلا الى أحد اللانشات .. كان مجهزاً من الداخل كما لو كان يشبه منزل على الطراز الحديث .. كانت "سهى" منبهرة بجماله وقالت له :
- روعة يا "سامر"
ابتسم لها معانقاً اياها وقال :
- ده مكانى المفضل باخده واطلع بيه وانسى الدنيا كلها
ابتسمت قائله :
- حلو اوى بجد
أعاد ترتيب خصلات شعرها التى عبثت بها الرياح ونظر اليها قائلاً بهيام :
- هاا ايه رايك .. أجيب صحابي ؟
بدا عليه التردد فحثها قائلاً :
- حابب ان المكان ده هو اللى يكون شاهد على حبنا .. وعلى جوازى منك يا "سهى"
صمتت والحيرة والتردد فى عينيها فقال لها هامساً :
- انا بحبك اوى ومقدرش أعيش من غيرك .. احنا خلاص بقينا روح واحدة يا "سهى" ومش ممكن نبعد عن بعض أبداً .. يا ترى انتى بتحبينى زى ما بحبك ؟
أومات برأسها قائله :
- طبعاً بحبك يا "سامر"
قبل يدها وأخرج هاتفه واتصل بصديقين له ثم التفت اليها قائلاً :
- حالا وهيكونوا هنا
وبالفعل كما لو كان قد اتفق معهما مسبقاً .. لم يمضى الكثير من الوقت حتى أتى صديقاه .. ليشهدان على ما أسموه زواجاً .. وتركا الإثنين لينعمان بليلتهما الأولى فى هذا الزواج الباطل والذى افتقد شرطين مهمين من شروط الزواج الصحيح .. الشرط الاول هو الاشهار بين الناس والذى لم يتحقق فى هذا الزواج السري الذى اخفياه عن أعين الجميع .. وأما الشرط الثاني هو اذن الولى .. فلا يجوز للمرأة ان تزوج نفسها بنفسها فلابد لها من ولى كأب أو أخ أو عم أو خال حتى ولو كانت المرأة بالغة .. فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل ) كررها ثلاث مرات .. وقال الله عز وجل فى سورة النساء (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) .. لم يكن الشيطان ثالثهما فحسب .. بل كان الشيطان
متوغلاً فى أعماق كل منهما يزين لهما المعصية فتتحول النار الى جنة .. والخطأ الى صواب .. والحرام الى حلال .. والقذرارة الى لذة

*****************************************
أوقف "مراد" السيارة أمام قسم الشرطة تحت انظار "مريم" التى أخذت تنظر الى ملابسه الممزقة الدامية وهى لا تدرى اهذه دمائه أم دماء "حامد" .. كانت تشعر بالفزع لكنها خشيت الحديث معه وهو فى هذه الحاله .. خرج من السيارة دون أن يلتفت اليها وأحكم اغلاق السيارة .. ظلت قابعه فى السيارة لأكثر من ساعة الى أن رأته يعود أدراجه بعدما قدم البلاغ .. سار بالسيارة فى صمت .. التفتت تنظر اليه بدا أهدأ وان كانت مازالت علامات الغضب على وجهه .. توقف بالسيارة فى مكان خالى تجهله .. ساد الصمت .. لم تحاول قطع هذا الصمت .. نزل من السيارة ووقف يستند على مقدمتها وقد أولاها ظهره .. تركته لفترة طويلة واقفاً هكذا .. ثم نزلت من السيارة وتقدمت منه ببطء وحذر .. وقفت بجواره .. ثم قالت بصوت هادئ :
- انت كويس
لم يجيبها ولم يلتفت اليها .. فقالت :
- ممكن لو سمحت موبايلك أطمنهم علينا زمانهم قلقانين
بدا وكأنه لم يسمعها .. ثم بعد لحظات .. أخرج هاتفه من جيبه وأعطاه لها دون أن ينظر اليها .. أخذت الهاتف وبحثت فى سجل المكلمات الصادرة فقد تذكرت انه اتصل بـ "سارة" وهو على الطريق .. ثم ابتعدت قليلاً واتصلت بها :
- أيوة يا "سارة"
- ................
- أنا معاه
- ................
- ايوة كويس
-.................
- راح للراجل ده وبعدين راح القسم قدم بلاغ
- ................
- طيب ماشى لو فى جديد هبلغكوا .. بس طمنى طنط "ناهد" زمانها قلقانه
- ................
- ماشى .. مع السلامة
أنهت "مريم" المكالمة وعادت لـ "مراد" مدت يدها بالهاتف .. فلم يلتفت اليها .. أعادت يدها الممدودة وهى تتطلع اليه .. كانت تعلم بأنه يشعر بشعور قاسى للغاية .. صدمته فى تصرفات أخته و فى تصرفات هذا الرجل الذى يقول أنه صديق "مراد" .. بالتاكيد لم يكن ليتخيل ان يصدر منه شئ كهذا .. ثم خوفه وفزعه على اخته وما كان سيحدث لها لولا ان نجاها الله وحفظها .. ظلت واقفه بجواره ساكنه للحظات .. ثم تركته وعادت الى السيارة وهى تشعر بالوهن والإرهاق من تلك الاحداث المتلاحقة .. امضى عدة دقائق واقفاً ساكناً .. ثم رأته يلتف ويركب بجوارها .. ظنت بأنه سينطلق بالسيارة .. لكنه نظر اليها وتطلع الى ملابسها قائلاً بصوت هادئ :
- انت ازاى خرجتى كدة ؟
نظرت "مريم" بإضطراب الى ملابسها .. فقد كانت ترتدى عباءة استقبال داكنة اللون .. تصلح لأن ترتديها أمام الناس لولا أنها مخصرة قليلاً فأبرزت القليل من تفاصيل جسدها الأنثوى .. قالت بتوتر :
- دى عباية .. يعني فى ناس بتلبسها عادى
قاطعها "مراد" قائلاً :
- ضيقة متخرجيش بيها تانى
تلاقت نظراتهما .. لمحت نظرة غريبة فى عيناه لم تألفها من قبل .. أشاحت بوجهها بسرعة وهى تشعر بقلبها تتعالى دقاته .. فعل المثل وأشاح بوجهه ونظر أمامه وانطلق فى طريقه الى البيت.


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-10-15, 07:41 PM   #20

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 18 )



- ضيقة متخرجيش بيها تانى
تلاقت نظراتهما .. لمحت نظرة غريبة فى عيناه لم تألفها من قبل .. أشاحت بوجهها بسرعة وهى تشعر بقلبها تتعالى دقاته .. فعل المثل وأشاح بوجهه ونظر أمامه وانطلق فى طريقه الى البيت.
سبقته الى الداخل .. استقبلتها "ناهد" قائله بلهفه :
- ايه اللى حصل يا "مريم"
قالت "مريم" وقد بدا عليها الإرهاق :
- تعالى نطلع فوق يا طنط وهحكيلك انتى والبنات
دخل "مراد" البيت ودون أن يتفوه بكلمة دخل مكتبه وأغلق الباب خلفه .. صعدتا الى غرفة "نرمين" حيث كانت "سارة" جالسة بجوارها على الفراش .. قالت "نرمين" بلهفه :
- ايه اللى حصل يا "مريم"
جلست "مريم" على أحد المقاعد وقالت :
- خرج من هنا وهو تعصب جداً كنت خايفة يتهور أو يعمل حاجة غلط .. معرفش لقيت نفسي بجرى وراه وبركب معاه العربية .. راح للراجل ورجع بعد فترة وهدومة مبهدلة وعليها دم بس أعتقد ده دم الراجل مش دمه هو
حثتها "ناهد" قائله :
- هااا وبعدين
قالت "مريم" :
- راح بعدها القسم يعني أكيد قدم بلاغ فيه
قالت "ناهد" بحرقه :
- حسبي الله ونعم الوكيل فيه .. أنا مش عارفه "مراد" عرف الأشكال دى منين
قالت "سارة" :
- ما هو يا ماما الراجل ده يبان محترم وابن ناس .."مراد" هيعرف منين يعني ان أخلاقه كده .. أنا واثقه لو "مراد" كان عرف مكنش اتعامل معاه أبداً
التفتت "ناهد" الى "نرمين" قائله بأسى :
- آخر حاجه كنت أتوقعها يا "نرمين" هى انك تعملى كده وتخونى ثقتنا فيكي بالشكل ده
انفجرت "نرمين" باكية وهى تقول :
- والله معرفش عملت كده ازاى .. أنا فعلا غلطت جامد .. عشان خاطرى متزعليش منى يا ماما مش هيبقى انتى كمان كفايه "مراد"
اقتربت منها "ناهد" وأخذتها فى حضنها قائله :
- المهم انك تكونى عرفتى غلطتك يا "نرمين" ومهما حصل متكرريهاش تانى أبداً .. أنا عارفه ان "مراد" شديد عليكوا بس ده لمصلحتكوا يا بنتى .. الدنيا معدتش أمان .. ودلوقتى متقدريش تميزى بسهولة بين الكويس والوحش .. ربنا يحفظكوا يا بنتى انتوا وبنات السلمين
رفعت "نرمين" رأسها وقالت بأعين دامعه :
- "مراد" عمره ما هيسامحنى أبداً
ربتت "ناهد" على رأسها وهى تقول :
- اصبري عليه اكيد اللى حصل مكنش سهل عليه
قامت "مريم" لتتوجه الى غرفة "مراد" .. ما كادت تدخل الغرفة حتى انتبهت أنها مازالت تحمل هاتف "مراد" فى يدها .. فتركته فوق الكودينو .. ودخلت لتأخذ دشاً علها تريح أعصابها قليلاً .. خرجت وهى تفكر فى الأحداث التلاحقة التى حدثت فى اليومين الماضيين .. توقفت أمام هاتف "مراد" الذى يضئ ويطفئ فى صمت .. ترددت للحظة ثم أمسكته وتوجهت الى الأسفل .. طرقت الباب بهدوء .. لم تسمع صوتاً .. همت بالمغادرة عندما فتح الباب .. نظرت اليه كانت تبدو علامات التعب واضحة جلية على وجهه .. وكأن هماً كبيراً يؤرقه .. قالت بصوت خافت وهى تمد يدها بالهاتف :
- موبايلك
أخذه "مراد" منها وقال وهو يفسح لها الطريق :
- ادخلى عايزك
توجست خيفه ودخلت وهى تشعر بالتوتر .. سبقها وجلس الى أحد الأرائك آمراً اياها أن تغلق الباب .. فعلت فأشار لها بالجلوس على مقعد أمامه ففعلت وهى تشعر بالتوتر .. نظر اليها قائله :
- عايز أسمع منك اللى حصل بالتفصيل
قالت "مريم" :
- "نرمين" قالت كل حاجه
قال بحزم :
- عايز أسمع منك انتى
تحدثت "مريم" وروت له كل ما حدث وكل ما أخبرتها به "نرمين" .. ساد الصمت بينهما الى أن قال :
- انتى واثقه انه معملهاش حاجه
قالت "مريم" بسرعة :
- أيوة واثقه أنا كنت شيفاهم من فوق .. وأول ما لقيتها خرجت من الفيلا وبتفتح باب العربية نزلت جري .. وأول ما خرجت من البوابة شوفته وهو بيخدرها وساعتها جريت وقفت أدام العربية وصرخت لحد ما فى اتنين كانوا ماشيين ساعدونى
كان "مراد" يستمع اليها وهو يمعن النظر اليها .. ثم قال وكأنه يلوم نفسه :
- دى غلطتى انى مش حاطط سيكيوريتي على البوابة
قالت "مريم" :
- قدر الله وما شاء فعل .. الحمد لله ان الموضوع جه على أد كده
أومأ "مراد" برأسه فقالت "مريم" بشئ من التردد :
- تسمحلى أقول حاجة
نظر اليها وأومأ برأسه .. فقالت :
- أنا معاك ان "نرمين" غلطت وغلطت جامد كمان .. بس ده ميمنعش انك مشترك معاها فى الغلط ده حتى لو كان بنسبه بسيطة
عقد "مراد" ما بين حاجبيه قائلاً :
- ازاى يعني ؟
قالت "مريم" بثبات :
- أنا عارفه انك بتخاف على اخواتك البنات ومعاك حق فى كدة .. بس مبتصاحبهمش ليه بدل ما تخليهم يخافوا منك بالشكل ده .. "نرمين" كانت مرعوبة منك وخايفه انك تموتها .. أيوة لازم تخاف منك وتحترمك بس مش لدرجة الرعب اللى هى عايشة فيه ده .. انت لو كنت صاحبتها كانت حكتلك ومخافتش أوى من رد فعلك .. كانت هتحس انك هتتفهمها وتعرفها غلطها .. انت بتتعامل مع اخواتك بطريقة ناشفة أوى .. هما بنات وتقدر تكسبهم بسهولة لو بقيت لين شوية معاهم
انهت كلامها وهى تشعر بالتوتر غير قادرة على تنبؤ ردة فعله .. بدا وكأنه يفكر فيما تقول .. فأضافت :
- أنا اسفه لو كنت اتدخلت فى حاجه متخصنيش .. بس أنا بحب "سارة" و "نرمين" جداً ويهمنى مصلحتهم
قال فجأة وهو ينظر اليها ويضيق عيناه :
- ليه ؟
قالت بدهشة :
- ليه ايه ؟
قال "مراد" :
- ليه بتحبيهم أوى كدة لدرجة انك تعملى كل ده عشان "نرمين" ؟
قالت "مريم" بصدق :
- لانى بحس انهم اخواتى فعلا .. وبعدين أنا معملتش حاجه .. أى حد مكانى كان اتصرف كده
أسند "مراد" ذراعيه الى قدميه وأمال بجسده مقتربا منها ناظراً اليها بتمعن قائلاً :
- أيوة كان أى حد هيتصرف زيك لو شاف "نرمين" واحد بيخطفها .. لكن أنا مش بتكلم عن كده .. أنا بتكلم عن انك دريتي عليها أدام "أحمد" وفهمتيه انها أغمى عليها .. واهتميتي بإنها تحكيلى بنفسها اللى حصل عشان عقابها يكون أقل وعشان وقع الأمر عليا يكون أخف لما أسمعه منها هى
صمتت ولم تدرى ما تقول فأكمل :
- معقول حبتيهم الحب ده كله وخوفتى عليهم كده وانتى مبقالكيش اسبوع فى البيت ده .. ده غير ان المعاملة اللى عاملتهالك كانت ممكن تخليكي تتصرفى العكس عشان تبينيلى ان أختى مش محترمة زى ما كنت فاكر
قالت "مريم" بحماس :
- "نرمين" محترمة فعلاً .. هى غلطت أيوة بس عرفت غلطها واتراجعت عنه . بلاش تقسى عليها
لمحت فى عيناه نفس النظرة التى رأتها فى السيارة فأشاحت بوجهها بسرعة .. لحظات وقال بصوت هادئ :
- اطلعى نامى انتى تعبتى النهاردة
خرجت "مريم" من الغرفة وعينا "مراد" تتابعانها الى أن أغلقت الباب .. قضى "مراد" ليلته ساهراً فى غرفة المكتب الى أن حان موعد صلاة الفجر فصلى وصعد الى غرفته .. كانت "مريم" قد أنهت صلاتها وجلست فى الشرفة تقرأ وردها .. سمعت صوت خلفها فإلتفتت لتجد "مراد" حاملاُ ملف فى يده وهو يقول :
- لقيت الملف ده على السرير
قالت "مريم" :
- أيوة دة الملف اللى "نرمين" خدته من مكتبك
قال بإستغراب :
- مش "حامد" خده منها ؟
نهضت ووقفت قبالته قائله :
- لأ لما زقها من العربية الملف كان معاها ووقع منها .. ولما فاقت وحكتلى على اللى حصل قولت أكيد الملف ده مهم فنزلت جبته والحمد لله كان لسه على الأرض محدش أخده
لمحت "مريم" شيئاً لم تعتاد رؤيته من "مراد" .. رأت شبح ابتسامه على شفتيه .. ترى هل يبتسم لها حقاً أم خُيل لها .. لم ينطق بشئ .. توجه الى الداخل وأخذ دشاً وغير ملابسه وخرج متوجهاً الى سيارته تابعته "مريم" بعيناها وهو ينطلق بسيارته وهى تشعر بشئ غريب يراودها .. شئ جعلها تعقد ما بين حاجبيها فى ضيق.

***********************************

داعبت نسمات الهواء شعر "سهى" الواقفة على ظهر اللانش .. فاقترب منها "سامر" وأحاطها بذراعيه .. ابتسمت مجاملة له .. لكن كان فى قلبها حيرة وخوف وقلق ليس له مثيل .. كانت تظن أنها ستنعم بالراحة والسعادة عندما تتزوج من تحب .. لكن الله نزع البركة من هذا الزواج الذى يغضبه .. فكانت السعادة والراحة أبعد ما يكون عنها .. نظرت الى "سامر" الذى تشى تعبيرات وجهه بسعادة تفتقدها .. التفتت اليه قائله :
- "سامر" امتى هتيجي تتقدملى ؟
تغيرت ملامح وجهه فى لحظة .. من السعادة الى الضيق والحنق وأجاب بحده :
- "سهى" فى ايه .. ده موضوع تفتحيه على الصبح كده فى أول يوم جوازنا
نظرت اليه بقلق قائلاً :
- أنا خايفة أوى يا "سامر"
اقترب اليها قائلاً :
- حبيبتى ازاى تخافى وأنا معاكى .. مش عايزك تخافى من أى حاجة طول ما أنا جمبك
قالت له بلهفه :
- بجد يا "سامر" .. يعني مش هتبعد عنى أبداً
قبلها قائلاً :
- حد يقدر يبعد عن روحه .. انتى روحى يا "سهى"
ابتسمت له وهى تكذب شعور القلق الذى يخفق به قلبها وهى تحاول أن تفرض على قلبها السعادة فرضاَ.

**********************************

- السلاح اللى تم استخدامه فى الجريمة مرخص بإسمك يا حاج "عبد الرحمن"
قال وكيل النيابة هذه العبارة فى مكتبه .. فقال "عبد الرحمن" بفزع :
- كيف يعني .. كيف حوصل اكده
قال وكيل النيابة :
- ده اللى أثبته المعمل الجنائي .. الرصاصة اللى انطخ بيها "جمال" كانت من مسدسك اللى لجيناه مرمي فى صفيحة زبالة جمب البيت
قال "عبد الرحمن" بغضب :
- لا حول ولا قوة الا بالله .. كيف يعني .. آنى مستخدتش السلاح ده واصل .. ولا أعرف كيف وصل لصفيحة الزبالة زى ما بتجول يا حضرة الظابط
قال وكيل النيابة :
- ياريت تقول كل اللى تعرفه يا حاج عبد الرحمن .. انت بتعرف امنيح ان حاجه زى اكده ممكن توجع العيلتين فى بعض ويبجى الدم للركب
هتفت "عبد الرحمن" :
- يمين بالله مخبرش كيف ده حوصل .. السلاح ده كان فى بيتي .. ومفيش راجل غريب هوب حدانا .. كيف يعني ده حوصل
قال وكيل النيابة :
- يبجى ابنك "عثمان" هو اللى طخ "جمال"
صاح "عبد الرحمن" قائلاً :
- كيف يعني .. وجت ما "جمال" انطخ كان "عثمان" جمبه .. كيف يعني هيطخه وسط الخلج دى كلياتها ومحدش هيشوفه
قال وكيل النيابة :
- الشهود بيجولوا انك أول ما اجه المأذون وجبل ما ينطخ جمال سبتهم ومشيت ..روحت فين يا حاج "عبد الرحمن"
قال "عبد الرحمن بسرعة :
- روحت آخد موافجة العروسة .. بنت ولدى
قال وكيل النيابة :
- فى شهود على اكده
قال "عبد الرحمن" بحيره :
- مخبرش .. مخبرش حدا شافنى وآنى داخل البيت ولا لا .. بس ملحجتش أطلع حدا الحريم .. وسمعت ضرب النار فرجعت تانى ولجيت "جمال" غارج بدمه
قال وكيل النيابة :
- للأسف هنضطر نحجزك عندنا يا حاج "عبد الرحمن" لحد ما نخلص تحجيج
هتف " عبد الرحمن" :
- لا حول ولا قوة الا بالله
أمر وكيل النيابة بحبس "عبد الرحمن" على زمة التحقيق .. وقع هذا الخبر كالصاعقة على رؤوس العائلتين .. وتأكدت شكوك الكثير من رجال عائلة الهواري بأن الفاعل من بيت السمري ..

- يا مصيبتى
تفوهت "صباح" بتلك العبارة بعدما علمت بخبر القبض على والدها .. أخذت والدتها تصرخ وتنوح .. كانت "صباح" تشعر بالرعب والفزع .. لم تتخيل أن يحدث هذا لوالدها .. ظلت تبكى وتنوح وتضرب رأسها بكفيها .. أسرعت بالتوجه الى غرفتها وأغلقت عليها الباب وجلست على فراشها تبكى وتقول :
- أعمل اييه بس يا ربي أعمل اييه

**********************************

صاح "جمال" بغضب بعدما علم الخبر من والدته :
- ولد التيييييييييييت وعامل فيها شيخ ومصلح
قالت والدته بغل :
- حسبي الله ونعم الوكيل فيه هو وابنه وعيلته كلياتها .. كانوا عايزين يئهرونى على ولدى .. بس ربنا نجاه ووجعهم فى شر أعمالهم
قال "سباعى" بثقه :
- آنى متأكد ان "عبد الرحمن" ملوش يد فى الموضوع هاد
صاحت زوجته بحنق :
- أمال مين اللى له يد .. اذا كان الحكومة بذات نفسيها هى اللى جالت اكده .. هتعرف أكتر من الحكومة ولا اييه
قال "سباعى" بحزم :
- "عبد الرحمن" عاجل ميعملش اكده واصل .. وبعدين ايه اللى يخليه يطخ "جمال" .. طالما "جمال" كان وافج يتجوز حفيدته .. اييه مصلحته يعني انه يجتله جبل ما يكتب عليها
قالت زوجته بحقد :
- لانهم بيكرهوا ولدى .. وبدهم يجتلوه ..جبر يلمهم كلياتهم
صمت "سباعى" وهو يفكر فى كيفية الخروج من هذا المأذق والذى سيتسبب فى نشوب حرب ضروس بين العائلتين

**********************************
عاد "مراد" وقت الغداء على غير العادة .. فسعدت "ناهد" لرؤيته وقالت :
- ايه ده مش متعودين نشوفك فى الوقت ده يعني
قال "مراد" :
- سهرت طول الليل فقولت آجى أريح شوية
ربتت "ناهد" على كتفه قائله :
- طيب كويس عشان نتغدى سوا
دخل "مراد" مكتبه .. أمرت "ناهد" بتجهيز الطعام . ثم نادت لـ "مراد" .. توجه "مراد" الى غرفة الطعام ليجد "سارة" فقط الجالسه .. جلس قبالة "ناهد" .. ثم ألقى نظرة على المقعدين الفارغين بجواره .. ونظر الى أمه قائلاً :
- طبعاً "نرمين" مش قادرة توريني وشها
قالت "ناهد" :
- أيوة .. بتقولى مش عارفه ازاى هحطى عيني فى عينه بعد كده
قال "مراد" بحزم وهو يبدأ فى تناول طعامه :
- أحسن خليها تتربي
صمت قليلاً ثم قال وهو يتحدث بلا مبالاة وكأن الأمر لا يعنيه :
- فين "مريم" ؟
قالت "سارة" :
- بتتغدى مع "نرمين" فى أوضتها عشان متاكلش لوحدها
عاد "مراد" الى اكمال طعامه ويبدو عليه التفكير والشرود

فى غرفة "نرمين" .. قالت بأسف :
- "مريم" لو تحبي تنزلى تتغدى معاهم انزلى
ابتسمت "مريم" قائله :
- لا بالعكس أنا مبسوطة كدة .. عشان أعرف آكل براحتى
قالت "نرمين" بإستغراب :
- بس مفيش حد غريب تحت
ثم قالت :
- ولا انتى لسه معتبرانى أنا وماما و "سارة" أغراب
شعرت "مريم" بالتوتر ودت لو قالت لها .. أخوكى هو الغريب بالنسبة لى وليس أنتن .. لكنها قالت :
- لا طبعاً أنا بحس معاكوا انى بين عيلتى .. ومش حساكوا غرب أبداً
ابتسمت "نرمين" قائله :
- "مريم" لو كنت عملت أى حاجه تزعلك منى قبل كدة ياريت تسامحيني عليها
ابتسمت لها "مريم" وقالت :
- لا أبداً يا حبيبتى معملتيش أى حاجة ضايقتنى
قالت "نرمين" وهى تنظر اليها بإعجاب :
- بجد يا "مريم" أنا بحبك أوى .. وقفتى جمبي ولا كأنك أختى بجد .. دى لو كانت "سارة" مكنتش هتعرف تتصرف زيك كدة وتخرجنى من المشكلة دى
قالت "مريم" مبتسمه :
- معملتش حاجة .. انتى أختى يا "نرمين" انتى و "سارة" وبجد بحبكوا أوى
نظرت اليها "مريم" بحنان ودت لو قالت لها يكفيني أنكِ أخت "ماجد" لأعتبرك أنتى وأختكِ أختاى من دمى ولحمى .. وأخاف عليكما مثلما أخاف على نفسي .. تحولت نظرات "مريم" الى الآسى وهى تتذكر أنها لن تلبث أن تضطر الى مغادرة هذا البيت .. والإبتعاد عن تلك الأسرة التى تشعر بأنهم أهلها وبأنها واحدة منهم .

************************************
بعد الغداء .. جلس "مراد" مع "ناهد" و "سارة" فى الشرفة يحتسون الشاى الساخن .. بدا على "مراد" شئ من القلق .. ثم قال وهو يرشف من فنجانه :
- هى "نرمين" ناوية تزنب "مريم" جمبها ولا ايه
قالت "ناهد" لـ "سارة" :
- اطلعى شوفيها يا "سارة" وخليها تنزل تشرب الشاى معانا
نهض "مراد" وهو يترك فنجانه قائلاً :
- لا خليكي أنا أصلاً طالع
صعد "مراد" للطابق العلوى .. هم بأن يطرق باب غرفة "نرمين" لكنه عزف عن ذلك وتوجه الى غرفته ليجد الشرفة مفتوحة .. اقترب منها ليجد "مريم" جالسة مستغرقة فى قراءة أحد الكتب حتى أنها لم تنتبه لوجوده خلفها .. كانت تضع بجوارها على المقعد الكبير كتاباً آخر .. انتفضت عندما رأت يد "مراد" تمتد لتمسك بالكتاب الموضوع بجوارها وأخذ يتفحص الغلاف .. لحظات .. ثم رفع نظره اليها قائلاً :
- أجاثا كريستى !
أشاحت "مريم" بوجهها وقد شعرت بالإرتباك .. فأكمل قائلاً :
- اختيار موفق .. أصلاً تشبهيها كتير
التفتت ورفعت رأسها تنظر اليه بتحدى قائله :
- تقصد انى عقلية اجرامية ؟
ضحك "مراد" حتى بدت نواجزه .. كانت تلك المرة الأولى التى تراه فيها ضاحكاً وتسمع فيها صوت ضحكاته فبدا لها مشهداً غريباً فظلت تتطلع اليه .. انتهت ضحكته بإبتسامه صغيره وهو ينظر اليها قائلاً :
- لا أقصد غامضة ومليانه أسرار
خفضت بصرها وأعادت النظر الى الكتاب بيدها .. ظل واقفاَ خلفها .. شعرت بتوتر بالغ .. حاولت التظاهر بأنه غير موجود .. لكن عيناها كانتا تمر على السطور دون أن تقرأها .. قال فجأة :
- خطيبك كان اسمه "ماجد" مش كده ؟
التفتت تنظر اليه وقد شعرت بخفقات قلبها المتسارعه .. أومأت برأسها بصمت .. فسألها قائلاً :
- انتى قولتيلى اتوفى من سنة مش كدة ؟
أومأت برأسها مرة أخرى وهى لا تدرى سر اهتمامه بمعرفة ذلك .. فسألها :
- و أهلك اتوفوا امتى ؟
نظرت "مريم" أمامها وقد ظهر فى عينيها سحابة حزن .. قالت بصوت خافت :
- من 3 سنين
ظهر شئ من الحنان فى صوته وهو ينظر اليها قائلاً :
- ليه عيشتى لوحدك ؟ .. ليه ماعيشتيش مع أهلك فى الصعيد ؟
قالت "مريم" وهى تنظر اليه :
- مكنتش أعرفهم ومكانوش يعرفونى .. لا عمرنا زورناهم ولا عمرهم زارونا
قال "مراد" بإستغراب :
- ليه ؟
ردت بحيرة :
- معرفش
أومأ برأسه وترك الكتاب بجوارها كما كان وخرج من الشرفة ليتركها غارقة فى بحور ذكرياتها .

**********************************

عادت "سهى" الى منزلها ودخلت غرفتها وألقت بنفسها على الفراش وانفجرت باكية .. كانت تشعر بمشاعر كثيرة متضاربة .. لكن شعورها الأكبر والطاغى كان الخوف .. كانت تشعر بأنها أجرمت فى حق نفسها .. حاولت كثيراً اخماد صوت الضمير بداخلها والذى تنجح دائماً فى اسكاته .. لكن هذه المرة فشلت فى اسكاته .. بل تعالى صوته أكثر فأكثر يشعرها بمدى جرمها فى حق ربها وحق نفسها وحق أهلها .. تعالى صوت هاتفها معلناً عن اتصال من "سامر" .. كانت تشعر بأنها لا تطيق مجرد سماع صوته .. لا تعلم كيف تولد هذا الكره والحقد اتجاهه بداخلها .. كيف وهى بالأمس كانت بين ذراعيه .. أغلقت هاتفها وجلست على فراشها تبكى كما لم تبكى من قبل .


**********************************

عاد " عثمان" من النيابة فإستقبلته والدته و "صباح" بلهفه .. قالت "صباح" :
- طمنى يا خوى .. بوى كيفه .. هيخرج امتى
قال "عثمان" وهو يجلس بتعب ويضع يده على مكان جرحه :
- معرفش هيخرج امتى .. ومانعيين زيارته .. أنا سيبتله اللبس والوكل مع عسكري وجالى هيوصلهمله
هتفت أمه بحسرة :
- كان مستخبيلنا ده كله فين .. اييه العمل دلوجيت يا ربي
قال "عثمان" بغيظ :
- أموت وأعرف كيف يعني "جمال" ينطخ بطبنجة أبوى .. كيف اللى طخ "جمال" جدر يدخل بيتنا وياخد الطبنجة منييه
ثم قال :
- كلمت المحامى .. بيجول انهم دلوجيت خدوا بصمات بوى وهيشوفوا هيا اللى كانت على الطبنجة ولا لا .. وخدوا بصماتى آنى كمان .. وخدوا بصمات ناس كتير من عيلتنا وعيلة الهواري
قالت أمه بحرقه :
- أشوف فيه يوم اللى عيمل اكده ولبسها للراجل الغلبان ده .. ده راجل حجانى ويعرف ربنا يترمى فى التخشيبة اكده .. حسبي الله ونعم الوكيل
قامت "صباح" مسرعة وتوجهت الى غرفتها وهى تشعر بالخوف والحيرة

**********************************

دخلت "ناهد" مكتب "مراد" وجلست أمامه قائله بجدية :
- "مراد" عايزين نتكلم شوية
أمال على المكتب ونظر اليها بإمعان قائلاً :
- خير يا ماما
صمتت "ناهد" قليلاً وأخذت تنقر على المكتب بأصابعها بعصبيه ثم نظرت اليه قائله :
- أنا عرفت انت اتجوزت "مريم" ليه يا "مراد"
رجع "مراد" بظهره الى الخلف وقال ببرود :
- ليه ؟
هتفت "ناهد" بتوتر :
- عشان موضوعها هى و "جمال" .. والمشكلة اللى كانت هتحصل بين العيلتين
بدا عليه التفكير ثم نظر اليها قائلاً بثقه :
- كل اللى سمعتيه ده مش مظبوط
قالت "ناهد" بإستغراب :
- ازاى يعني
قال "مراد" بحزم :
- يعني الكلام اللى اتقال على "مريم" مش مظبوط .. دى لعبة من "جمال"
هتفت "ناهد" بدهشة :
- لعبة ازاى يعني .. وهيستفاد ايه من كدة
قال "مراد" بضيق :
- معرفش .. بس عمتو قالتلى كدة .. وللأسف الله يرحمها ماتت قبل ما أعرف منها كل حاجه
فكرت "ناهد" قليلاً ثم قالت :
- بس انت وهى مش متجوزين برضاكم .. مش كدة يا "مراد" ؟
قال "مراد" بهدوء :
- أيوة احنا الاتنين اضطرينا نتجوز عشان المشاكل اللى كانت هتحصل
تفرست أمه فيه قائله :
- دلوقتى بدأت أفهم
قال "مراد" بدهشة :
- تفهمى ايه ؟
قالت أمه بضيق :
- أفهم ليه انت ومراتك بعيد عن بعض .. وبتتعامل معاك بحذر أكنك واحد غريب عنها .. وانت بتتعامل معاها أكنها واحدة متخصكش
ثم أضافت بعصبية :
- وناويين بأه التمثيلية دى تستمر لحد امتى ؟
زفر "مراد" بضيق وقال بنفاذ صبر :
- ماما مش وقت الكلام ده دلوقتى .. لو سمحتى نأجل الكلام ده بعدين .. أنا اللى فيا مكفيني
قالت "ناهد" وهى تنهض :
- ماشى يا "مراد" براحتك .. مش عارفه هلاقيها منك ولا من اخواتك
قال "مراد" يوفقها :
- ماما
التفتت "ناهد" فقال "مراد" بتعبيرات جامدة :
- "مريم" متعرفش بموضوع رجلى
تجمدت "ناهد" فى مكانها وهى تنظر اليه .. فأكمل قائلاً بحزم شديد :
- ومش عايزها تعرف .. أبداً
أومأت برأسها بحزن والدموع تتلألأ فى عينيها .. خرجت وتركت "مراد" غارقاً فى التفكير .

******************************************

قامت "مريم" من على الفراش فى حجرة "نرمين" قائله بصوت ناعس :
- أنا هدخل أنام بأه
قالت "نرمين" برجاء :
- خليكي شوية يا "مريم"
قالت "مريم" وهى تفتح عينيها بصعوبة :
- بجد خلاص جبت أخرى أول مرة أسهر كدة
ثم أضافت ضاحكة :
- يلا تصبحى على خير أشوفك بكرة أحسن شكلى هنام زى الحصان وأنا واقفة
ابتسمت "نرمين" قائلا :
- وانتى من أهل الخير
توجهت "مريم" الى غرفة "مراد" .. رأت الضوء يتسرب من تحت الباب فطرقت الباب الى أن أذن لها بالدخول .. دخلت "مريم" وأغلقت الباب خلفها لتجده جالساً مكانها على الأريكة يقرأ أحد الكتب فى يده .. وقفت مكانها وهى فى حيرة من أمرها .. رفع رأسه ونظر اليها قائلاً :
- ازى "نرمين" دلوقتى ؟
قالت "مريم" :
- كويسة الحمد لله .. أحسن كتير
أومأ برأسها ثم عاد ينظر الى كتابه متجاهلاً اياها تماماً .. قالت "مريم" :
- على فكرة فى حاجه جت فى بالى النهاردة
رفع عينه اليها يحثها على الكلام فأكملت :
- اللى اسمه "حامد" ده .. ايه اللى خلاه يعرف انك مسافر الصعيد فى اليوم ده الذات .. وكمان الملف اللى طلبه من "نرمين" عرف منين ان الملف ده فى البيت مش فى الشركة
بدا على "مراد" التفكير ثم نظر اليها قائلاً :
- تقصدى ايه ؟
قالت "مريم" :
- أظن والله أعلم فى حد بيساعده وبينقله أخبارك
قال "مراد" شارداً :
- والأغرب من كده ان الملف ده بالذات جبته معايا البيت فى آخر يوم كنت فيه فى الشركة قبل ما أسافر
قالت "مريم" بحماس :
- كده يبقى أكيد فى حد بيساعده
أومأ "مراد" برأسه وقد بدا عليه أنه اقتنع بكلامها وقال :
- بكرة هشوف الموضوع ده
عاد ينظر الى كتابه وكأن شيئاً لم يكن .. قالت بتوتر :
- فى حاجه تانية كنت عايزة أتكلم فيها
رفع نظره اليها مرة أخرى .. فقالت "مريم" بثبات :
- دلوقتى عمتو "بهيرة" الله يرحمها .. هى اللى كانت هتحل مشكلتنا دى .. وأنا كنت منتظرة انها ترجع القاهرة عشان الموضوع ده يتحل .. أقصد يعني الوضع اللى احنا فيه ده
بدا وجهه خالياً من أى تعبير فأكملت قائله بتوتر :
- أنا شايفه ان خلاص كده .. نخلص من الموضوع ده .. من غير ما حد من أهالينا فى الصعيد يعرف حاجه .. وأرجع بكرة على بيتي
ظلت نظرات "مراد" اليها جامدة .. احتارت فى تفسير معناها .. وأخيراً تحدث قائلاً :
- لا لسه شوية
قالت بحزم :
- لا مفيش داعى نستنى أكتر من كدة .. وطالما أهالينا مش هيعرفوا حاجة يبقى خلاص مفيش مشاكل
قال "مراد" وهى يعاود النظر الى كتابه :
- لا مش دلوقتى لما أتأكد ان مفيش مشاكل هتحصل
قالت بحماس :
- مفيش مشاكل هتحصل .. طالما محدش منهم هيعرف حاجه
قال "مراد" بحزم وهو ينظر اليها :
- قولتلك مش دلوقتى أنا مش هخاطر ان مشكلة تحصل .. الأفضل نأجل الموضوع ده شوية
تنهدت "مريم" بضيق .. تابعها "مراد" بنظراته المتفحصه .. قالت "مريم" بحده :
- طيب لو سمحت عايزة أنام
ظهر المرح فى عيني "مراد" وقال بخبث :
- عايزانى أنيمك يعني ؟
نظرت اليه بدهشة وقد احمرت وجنتاها خجلاً وهتفت قائله :
- أقصد الكنبة .. انت آعد على الكنبة
اختفى المرح من عينيه وقال ببرود وهو ينظر الى كتابه :
- نامى على السرير
نظرت الى السرير بدهشه ثم عادت تنظر اليه هاتفه بحده :
- لأ
قال "مراد" بإصرار :
- قولتلك نامى على السرير
شعرت "مريم" بالإضطراب والتوتر كيف بإمكانها النوم في فراشه .. شعرت بالضيق فحملت أحد كتبها ودخلت الى الشرفة تحت أنظار "مراد" التى تتبعها .. جلست على المقعد الكبير بالشرفة ورفعت قدميها بجوارها وأسندت رأسها الى ذراع المقعد وهى تقرأ كتابها .. لا تدرى كم مر عليها من الوقت قبل أن يغلبها النعاس وتغط فى نوم عميق .. نهض "مراد" من مكانه وتوجه الى الشرفة ليجد "مريم" نائمة وهى تحتضن الكتاب المفتوح .. اقترب منها بحذر وأخذ الكتاب من بين يديها برفق شديد .. كانت "ناهد" تهم بغلق نافذة غرفتها عندما رأت "مراد" داخلاً الشرفة وهو يحمل غطائه وغطاء "مريم" وأخذ يدثرها بهما جيداً وبرفق خشية ايقاظها .. أحكم وضع الغطاء عليها وهو يرمقها بنظرات حانيه .. أزاح بأصابعه خصلة من شعرها سقطت على وجهها بنعومة .. ثم أرجع ظهره للخلف يستند به على سور الشرفة وظل ينظر اليها ويتأملها نائمه .. اغرورقت عينا "ناهد" بالعبرات .. وهى ترى ابنها يعامل "مريم" بتلك الرقه التى تنافى طباعه الجامدة الصارمة .. كانت تشعر بالصراع الكبير الذى يشعر به ابنها بداخله .. كانت تعلم أن بداخله خوف كبير .. خوف من الحب .. خوف من الرفض .. خوف من أظهار اعاقته .. خوف من أن تتخلى عنه حبيبته مرة أخرى .. خوف من أن يُجرح فؤاده مرة أخرى .. خوف من أن يسمح للحب بدخول قلبه .. حتى لا يتألم عندما يحين وقت الخسارة .



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:44 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.