آخر 10 مشاركات
رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          سمراء الغجرى..تكتبها مايا مختار "متميزة" , " مكتملة " (الكاتـب : مايا مختار - )           »          رواية : بريق الماس من تأليفى "مكتملة" (الكاتـب : medowill1982 - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          أخطأت وأحببتك (60) للكاتبة: لين غراهام ..كاملهــ.. ‏ (الكاتـب : Dalyia - )           »          110 قل..متى ستحبني - اليكس ستيفال ع.ج (كتابة /كاملة )** (الكاتـب : Just Faith - )           »          ذنوب مُقيدة بالنسيان *مكتملة* (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          الوصــــــيِّــــــة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : البارونة - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

Like Tree13Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-10-15, 12:56 PM   #1

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25 قيد القمر. / للكاتبة نهى طلبة ، فصحى مكتملة








بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


نقدم لكم رواية منقولة
قيد القمر
للكاتبة / نهى طلبة.
،


قراءة ممتعة لكم جميعاً.....


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-10-15, 06:57 PM   #2

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

رابط لتحميل الرواية



انطلق بوق السيارة أكثر من مرة وبإلحاح دفع صميده البواب إلى الهرولة رغم سنواته الستون
حتى يفتح البوابة الضخمة التي تفصل قصر "عبد الرءوف الجي ا زوي" عن الخارج..
فتح صميده بوابة القصر ليجد سيارة رؤوف تدلف داخل القصر بسرعة شديدة..
رؤوف هو الحفيد الذكر الوحيد ل"عبد الرؤوف الجي ا زوي", والذي سُمي تيمناً باسم الجد ولكن
تحول الاسم مع الأيام إلى رؤوف.. هو شاب غاية في النشاط والإلت ا زم, من يعرفه لا
يصدق أنه على أبواب الحادية والعشرين فهو شديد الجدية والص ا رمة لا تكاد التقطيبة تفارق
جبهته.. حاجباه متعاقدان دائماً وكأن مطلوب منه حل مشاكل الشرق كلها.. ولكن من
يعرف الجد معرفة وثيقة لا يتعجب من ذلك.. فرؤوف تم تنشئته وتوجيهه بين يدي الجد
حتى أصبح نسخة مصغرة منه تقريباً.. يعتنق نفس أ ا رئه وينتهج نفس أسلوبه الحازم..
اسم العائلة ومصلحتها لها الأولوية دائماً حتى على مصلحة بعض أف ا رد تلك العائلة أو
سعادتهم!!!..
ولكن هذا لا يمنع من الاعت ا رف أن رؤوف شاب غاية في الوسامة والجاذبية فبطوله الفارع
وكتفيه العريضين مع ملامحه الداكنة شديدة الرجولة هو حلم لنصف م ا رهقات البلدة
وفتياتها, ولكنه بحكم تربيته وتفكيره لا يلتفت لتلك التفاهات كما يسميها..
فهو وُلِدَ رجل كما لقنه جده والرجل الحق لا يلتفت لتفاهات الغ ا رم والنساء بل تلك الأمور
تكون فقط للصبية والم ا رهقين..
ترجع قوة تأثير الجد في نفس حفيده بسبب قيامه برعايته بعد وفاة والده عبد الله ووالدته
زينب في حادث سيارة منذ خمسة عشر عاماً.. وكان رؤوف تخطى عامه الخامس حين
قيد القمر
4
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
وجد نفسه يتيم الأبوين وحل جده مكانهما في حياته وقلبه.. لذا وبعكس اندفاعه المحموم
للولوج إلى القصر تحرك بتثاقل نحو غرفة جده وهو لا يعلم كيف يمكنه نقل الخبر الأسود
إليه..
طرق باب غرفة جده ثم فتح الباب ليجد جده غارق في خشوعه وهو يتلو بعض آيات الذكر
الحكيم.. فوقف رؤوف بهدوء ظاهري عكس ما يعتمل داخله وهو في انتظار أن ينتبه جده
لوجوده... وهو ما حدث بعد عدة دقائق.... حيث التفت الجد إلى حفيده:
ماذا و ا رءك يا رؤوف؟.. لما أتيت في هذا الوقت من النهار؟..
تقدم رؤوف من جده وجثى بجانبه وهو يقبل ظاهر يده:
صباح الخير يا جدي.. كيف حالك؟.
تعجب الجد ورمق حفيده بنظرة متفحصة وهو يقول بحدة:
ماذا بك يا رؤوف؟ هل تركت الشركة في ذلك الوقت من النهار لتسألني عن أحوالي؟..
ازدرد رؤوف ريقه بعصبية فهو غير معتاد على تقريع الجد له:
جدي.. أمممم.. جدي...
صاح الجد بغضب وهو ينهض من كرسيه:
رؤوف.. هات ما عندك.. فلا وقت لدي أو لديك لهذا التردد.
وجد رؤوف أن المواجهه هي أفضل حل.. فنظر في عيني جده وهو يقول:
جدي إنك رجلٌ مؤمن.. ولم تعترض يوماً على قضاء الله..
قاطعه جده:
قيد القمر
5
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
هل الأمر يتعلق بعمك عبد الرحمن؟.. هل هو مريض؟.. أم..
ترك سؤاله معلق فلسانه لم يطاوعه لينطق الكلمة..
تعجب رؤوف من ف ا رسة جده, وروحه الشفافة التي استشفت الكارثة رغم عدم وجود مقدمات
لها, فنكس أ رسه ليخفي بضع دمعات ترقرقت في عينيه:
البقاء لله.
ترنح الجد في وقفته فتحرك رؤوف مسرعاً ليدعمه وهو ي ا رفقه ليعود إلى مجلسه.. سأله الجد
بصوت خفيض مكسور يسمعه للمرة الأولى:
ماذا؟.. كيف؟..
أدرك أن جده يطالبه بالتفاصيل فحاول أن ي ا روغه:
جدي يجب أن ترتاح.. دعني اتصل بالطبيب ثم..
قاطعه الجد بش ا رسة:
أخبرني يا رؤوف.. كيف؟.. هل كان حادث سيارة آخر؟..
تنهد رؤوف وهو يجيب جده:
كلا يا جدي.. لقد كنا معاً في المصنع عندما شعر عمي بألم شديد في كتفه الأيسر..
حاولت أن أقنعه بأخذه إلى المشفى لكنه رفض.. ثم طلب الذهاب إلى المنزل.. و... و..
قبل أن نصل...
صمت ولم يجد ما يضيفه...
قيد القمر
6
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ساد الصمت لعدة دقائق ورؤوف يتأمل جده يحاول تبين تلك القوة التي يتمتع بها الرجل..
فقد علم للتو بأنه فقد ابن ثانٍ ومع ذلك يبدو في غاية الثبات...
ثم سمع جده يهمس في صمت وكأنه كان بداخل عقله يق أ ر أفكاره:
"إنما الصبر عند الصدمة الأولى"..
فأجابه رؤوف:
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم تنحنح ليجلي صوته:
جدي..
عاد جده لمقاطعته:
رؤوف يا بني.. إنني أعتمد عليك اليوم.. حاول أن تنهي جميع الإج ا رءات قبل غروب
الشمس... أنت تعلم أن عمك عبد السلام لا قِبل له بمواجهة المصائب.
تقدم رؤوف منه وهو يجيبه:
حسناً... يا جدي.. لا تقلق, سأُنهي كافة الأمور.. ولكن هل أنت متأكد أنك لا تحتاج إلى
طبيب؟..
أجاب الرجل المسن:
كلا يا رؤوف.. فقط استدعي عمتك قمر.
بالطبع يا جدي.
*********************
قيد القمر
7
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أنهى رؤوف كافة الإج ا رءات المطلوبة لدفن عمه.. وكلف رجاله بإقامة س ا ردق ضخم للع ا زء,
يليق بعائلة الجي ا زوي أكبر عائلات تلك المحافظة في جنوب مصر..
أذهل "عبد الرؤوف" الجميع كالعادة بصلابته وقوة إيمانه وهو يرفع التابوت الذي يحتوي
على جثمان ابنه مع الرجال ويصر على ذلك, رغم محاولة رؤوف لمنعه.. ولكن الرجل
المسن تمسك بالتابوت وكأنه يريد أن يحتفظ بآخر لحظاته مع ابنه قبل أن يواريه الت ا رب..
عاد الجميع إلى قصر الجي ا زوي.. وذلك لتناول الغذاء كما تقتضي العادات.. وكانت مأدبة
كبيرة تولت قمر الإعداد لها بمساعدة العديد من النساء اللذين قام رؤوف باستئجارهن
لمساعدة عمته... كما حضرت لتقديم المساعدة شموس زوجة عبد السلام الابن الأصغر
لعبد الرؤوف هي وبناتها الثلاث.. سهير, وقمر, ونادية.. اللاتي كن في حالة ذهول وخوف
مما يرينه حولهن من مظاهر البكاء والنحيب..
فقالت قمر لزوجة أخيها:
شموس.. فلتصعد الفتيات إلى الطابق العلوي الآن حتى لا تصبن بالهلع..
أجابتها شموس:
أنتِ تعلمين أن نعمات زوجة المرحوم عبد الرحمن نائمة في الطابق العلوي بعد أن حقنها
الطبيب بذلك الxxxx المهدئ بعد انهيارها في المقابر, وأخشى أن يزعجنها.
ترقرقت الدموع في عيني قمر وهي تقول:
نعم.. لقد انهارت المسكينة تماماً..
ثم عادت تقول لشموس:
ولكنكِ أيضاً بحاجة إلى ال ا رحة.. فأنتِ حامل والاجهاد ليس في صالحك..
قيد القمر
8
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
وأردفت وهي تقول بلهجة ذات معنى:
إن شاء الله يكون ولد هذه المرة.. فبناتكِ بحاجة إلى أخ ليكون سند لهن.
تمتمت شموس:
إن شاء الله.
أخذت شموس بناتها الثلاثة وخرجت من المطبخ حتى لا تسمع المزيد.. فهي تعلم أنها لم
تنجب لزوجها إلا البنات وجميع من في العائلة ينتظر جنينها بلهفة هذه المرة عله يكون
الولد المنتظر...
لا تدري لم يُركز الجميع عليها وخاصة قمر التي دائماً ما ترمي بمثل هذه التعليقات.. لما لا
تجدها تُسمع نعمات مثل تلك التعليقات فهي لم تنجب من الأساس لا بنات ولا بنين.. لقد
مات عبد الرحمن رحمه الله بدون أن يترك أي ذرية...
انتبهت شموس تلك اللحظة أن عائلة الجي ا زوي كبرى عائلات وجه قبلي وأكثرها ث ا رء, لا
وريث لها إلا رؤوف و.... الطفل الذي يقبع في أحشائها.... إذا كان ذك ا رً..
***************************
وقف رؤوف بجانب جده وعمه بداخل س ا ردق الع ا زء المهول, ورغم أنه أقيم على عجل إلا
أن ذلك لم يمنع من ظهور إما ا رت ث ا رء ونفوذ عائلة الجي ا زوي, بدء من المقرئ الذي يتردد
اسمه في القنوات الفضائية والذي تم استدعائه من القاهرة إلى المعزيين أنفسهم وهم من كبار
رجال المحافظة والمسئولين واللذين قدموا لتقديم واجب الع ا زء في الفقيد الشاب, فعبد الرحمن
مات قبل أن يبلغ الأربعين..
كانت تلك المعلومة هي ما يتهامس به الجميع.. رجالاً كانوا أم نساءً.. ولكن عند النساء
كانت الحوا ا رت تزيد عن الهمس.. فمنهن من كانت تتحسر على شبابه, ومنهن من كانت
قيد القمر
9
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
تهمس بموته دون وريث أو ذرية.. ومنهن من كانت تتحسر على عائلة الجي ا زوي نفسها..
فيبدو أن أبنائها يموتون في شرخ شبابهم.. فكما مات عبد الله الابن الأكبر منذ خمسة عشر
عاماً وكان شاباً في عشريناته.. ها هو أخاه عبد الرحمن يلحق به.
بدأت بعض النسوة في التساؤل إذا ما كان مصير عبد السلام آخر الأبناء وأصغرهم سيكون
مماثلاً!!.
كانت الصغيرة قمر كعادتها الفضولية تتسلل لتكون بجانب عمتها قمر.. فالصغيرة قمر.. أو
نور القمر وهذا اسمها.. هي المفضلة عند العمة.. ودائماً تخبرها أنها تشبهها, ليس في
الشكل ولكن في الطباع والقوة.. ولكن نور القمر بسنواتها الثمانية لم تكن تفهم تماماً ما
الذي تقصده عمتها... بقولها.. إن قلبها يحدثها أن مصير عائلة الجي ا زوي مرهون بنور
القمر..
بينما كانت تتحرك الصغيرة قمر بين النساء باحثةً عن عمتها بدأت تلك الهمسات تصل إلى
أذنيها, وبدأ عقلها الصغير يستوعب أنهن يتنبأن بوفاة والدها... فت وجهت قمر بكل قوتها
نحو تلك السيدة التي تتنبأ بوفاة عبد السلام, لتنهال عليها بقبضتها الصغيرة:
أنتِ كاذبة.. أبي لن يموت, هو لن يتركني.. أنتِ شريرة.
استمرت قمر بضرب السيدة التي حاولت تفادي القبضة الصغيرة وهي تقول:
توقفي يا فتاة, توقفي يا بنت شموس.. صحيح قليلة أدب..
صاحت الصغيرة:
لست قليلة أدب, ولا تناديني بنت شموس, أنا ابنة عبد السلام وحفيدة عبد الرؤوف
الجي ا زوي.
قيد القمر
10
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ثم داست على قدم السيدة المذهولة وانطلقت مسرعة إلى حديقة القصر تبحث عن والدها
قبل أن يختطفه الموت منها...
في تلك الأثناء كان الجد شعر بتوعك خفيف فعرض رؤوف عليه أن يقوم بايصاله لغرفته
ولكنه رفض بصلابة وطلب من حفيده أن يذهب لإحضار دوائه من غرفته.. وبالفعل كان
رؤوف في طريقه ليلبي طلب جده عندما اصطدم بتلك الفتاة المسرعة كالسهم...
فأوقف قمر وثبتها من كتفيها وهي تتلوى تحت يديه القويتين:
ماذا بكِ يا فتاة؟.. إلى أين أنتِ ذاهبة يا قمر؟..
دعني.. دعني.. أريد الذهاب إلى والدي.
صاح بها في غضب:
هل جُننتِ يا فتاة؟.. كيف تريدين الذهاب إلى مجلس الرجال؟.. اذهبي إلى الداخل فو ا رً.
انفجرت قمر بالبكاء مما صدم رؤوف الذي نظر إلى وجهها وقد أغرقته الدموع, فعاد
يسألها:
ماذا بكِ؟.. لم تبكين؟....
ارتمت الصغيرة على ساقي رءوف فقد كانت صغيرة الحجم وتبدو أقل من عمرها, و ا زد
بكائها وهي تسأله:
رءوف.. هل صحيح أن والدي سيموت هو الآخر مثل عمي عبد الرحمن؟..
رفعها رءوف على كتفه فهي كانت خفيفة الوزن للغاية وهو يسألها بانزعاج:
من أخبركِ بتلك السخافات؟.
قيد القمر
11
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أخبرته من وسط دموعها:
النساء في الداخل يقلن ذلك.. لم يقلن مثل ذلك الكلام البشع؟.
ربت على شعرها وهو يقول:
إنها سخافات مثل ما أخبرتكِ.. لا ترددي مثل ذلك الحديث مرة أخرى, والا سيغضب منكِ
الجد.. هل تريدين إغضابه؟..
هزت أ رسها بالنفي.. فقال لها:
حسناً.. سأصطحبكِ الآن للعمة قمر.. فكُفي عن البكاء.
مسحت قمر دموعها بظاهر يدها, وحاولت أن تمسك دموعها وهي تنفذ كلام رؤوف الذي
سلمها لعمته قمر التي أتت مهرولة بحثاً عن الصغيرة بعد أن أعلمتها النساء بالداخل عن
تصرف قمر, فأخبرها رؤوف بما سمعته الصغيرة حتى تبعدها هي وأخواتها عن مثل تلك
السخافات.
***************
وصل رؤوف إلى جده وناوله دواءه وطلب منه الجلوس ليرتاح قليلاً.. فاستجاب له الجد
وجلس ليستعيد ذكريات يوم مماثل مر عليه أكثر من خمسة عشر عاماً.. وذلك حين أبلغوه
بوفاة ولده الأكبر عبد الله هو وزوجته في حادث سيارة تاركين خلفهما حفيده الوحيد رؤوف
الذي تولى رعايته وتربيته ليكون الرجل القادر على تولي أمور العائلة من بعده هو وعبد
الرحمن...
لكن عبد الرحمن الآن توفى.. ولم يبقَ سوى رؤوف حفيده وعبد السلام ولده والذي لا يمكنه
الاعتماد عليه في تولي أبسط الأمور.. حمداً لله على وجود رؤوف فهو الوحيد الذي يمكن
الاعتماد عليه في الوقت ال ا رهن..
قيد القمر
12
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
عادت تداهمه ذكريات دفن ولديه مرة ثانية.. فمن كان يصدق أنه من سيقوم بدفن أبنائه
وليس العكس.. هل كتب عليه أن يتمتع بالثروة الطائلة والنفوذ ويُحرم من وجود أبنائه
حوله.. يا الله.. إن الفطرة الطبيعية تحتم أن يكون الولد هو من يقوم بدفن أبيه وتلقي الع ا زء
فيه, وليس العكس...
عاد ليستغفر الله, فتفكيره هذا اعت ا رض على قضائه.. واستمر في التسبيح والاستغفار عله
يتغلب على لحظة الضعف التي أصابته ولكنه بدأ يشعر بالآلام تهاجمه.. وتزداد عليه
وصعب عليه إلتقاط أنفاسه وفكر أنه أخي ا رً سيلحق بولديه...
لمح رءوف حبات العرق تتلألأ على جبين جده فتحرك نحوه مسرعاً:
جدي.. جدي..
******************
نقل الحاج عبد الرؤوف إلى المشفى إثر أزمة قلبية طفيفة و ا رفقه ابنه عبد السلام وظل
رؤوف في س ا ردق الع ا زء.. فهذا واجبه, وبرغم القلق الذي يعصف به على وضع جده
الصحي إلا أنه ظل ينتقل بين المعزيين ثم أشرف على تقديم العشاء لمن لم يلحق مأدبة
الغذاء فتلك تقاليد لابد من اتباعها وتنفيذها وذلك ما يريده جده منه بالتأكيد.. وظل يؤدي
واجبه المفترض حتى رحل آخر المُعزيين..
وصل رؤوف إلى المشفى وهناك أخبروه أن حالة جده بدأت تستقر ولكن يجب أن يظل
تحت الملاحظة لعدة أيام...
*************
قيد القمر
13
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
كانت نعمات شاردة وسط بحر أح ا زنها وهي جالسة في غرفتها بقصر الجي ا زوي, تتساءل عن
مصيرها الآن وقد مر على وفاة عبد الرحمن أكثر من ثلاثة أشهر, وبقي من عدتها شهر
وبضعة أيام.. فهل ستستمر في الإقامة في القصر؟.. وبأي صفة؟..
صحيح أن الحاج عبد الرؤوف سيتمسك بوجودها في القصر, ولكن كيف تبقى وبأي
صفة؟.. خاصة وهي أرملة الآن والقصر يسكنه رؤوف مع جده.. وهي وعبد الرحمن لم
يُرزقا بأي أبناء رغم محاولاتهما العديدة, وهي برغم تعجبها من كبير العائلة الذي لم يحرجها
أو يزعجها بكلمة تجرحها لتأخرها في الإنجاب إلا أنها ممتنة لذلك, فهي تدرك أهمية وجود
ذرية ووريث لرجل بمثل ذلك الث ا رء وخاصة إذا كان صعيدي..
إذاً لا شيء يربطها بتلك العائلة الآن ويجب عليها الذهاب.. ولكن كيف تذهب؟.. والى
أين؟.. فعائلتها لم يتبقَ منها أحياء تقريباً وكان عبد الرحمن هو كل من بقي لها.. والآن
بعد ذهابه فأين سترسو بها الحياة؟..
**********
أغلق رؤوف الهاتف مع المحامي وهو يحاول أن يقرر إذا ما كان سيخبر جده بتلك
المصيبة أم لا؟... ولكن كيف لا؟.. وهو يحاول إيجاد حل لتلك الكا رثة منذ أن سمع بها أي
منذ أسبوع كامل ولكنه عجز أن يجد مخرج كما عجز المحامي أيضاً..
أخي ا رً حسم أمره وقرر إبلاغ جده, فهو الوحيد القادر على إخ ا رجهم من ذلك المأزق.
*****************
دخل عبد السلام على والده وتقدم ليقبل يده وهو يقول:
السلام عليكم, يا أبي كيف حالك اليوم؟..
قيد القمر
14
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
رمقه عبد الرؤوف بنظرة متفحصة وهو يحاول تصور رد فعله على ما سيخبره به, ما
سيطلبه منه:
أنا بخير يا عبد السلام, كيف حال شموس والبنات؟.
أجابه عبد السلام:
بخير حال يا حاج.. لقد أبلغني رؤوف أنك تريد رؤيتي بصفة عاجلة..
عاد عبد الرؤوف يتفحصه مرة أخرى بصمت.. وهو يفكر.. إنه وسيم حقاً.. أوسم رجال
عائلة الجي ا زوي, ببشرته الفاتحة وشعره بسواده الفاحم ونعومته التي تحسده عليها النساء..
عيناه فقط هي العامل المشترك بينه وبين رجال الجي ا زوي, تلك العينان الخضروان برموشهما
الكثيفة وان كانت نظ ا رته تتميز بالوداعة على عكس نظ ا رت ابنيه رحمهما الله أو رؤوف
حفيده مثلاً الذي يتميز بنظ ا رت متحفظة قوية وعند الحاجة تتحول إلى الش ا رسة والعنفوان...
طال صمت عبد الرءوف مما دفع عبد السلام للقول:
ماذا في الأمر يا أبي؟.. هل أنت مريض مرة أخرى؟.. إن صمتك هذا يسبب لي القلق.
أجابه عبد الرؤوف:
اجلس يا عبد السلام, واطمئن فالمرض لم يعاودني مرة أخرى.. كما أن نعمات تحرص
على اعطائي الدواء في مواعيده وت ا رعي أنواع الأطعمة الصحية في غذائي, ج ا زها الله كل
خير.. إنها جوهرة غالية.
لم يفهم عبد السلام سبب ذكر نعمات في المحادثة ولم يجد ما يقوله سوى:
ج ا زها الله خي ا رً, يا والدي.
فاجئه الرجل المسن بسؤال مباشر:
قيد القمر
15
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ما أ ريك في نعمات يا عبد السلام؟..
ماذا تقصد يا أبي؟.. إن نعمات هي زوجة أخي رحمه الله.
أدرك عبد الرؤوف أن ابنه يفهم ما يدور في ذهنه ولكنه يتعمد اظهار سوء الفهم, فقرر
مصارحته بالحقيقة كاملة:
عبد السلام.. أنت تعلم أن عبد الرحمن هو من كان يتولى إدارة شئون العائلة والأعمال في
الفترة الأخيرة..
أجابه عبد السلام:
نعم يا أبي.. لكني لا أدري ما علاقة ذلك بكلامك عن نعمات؟..
رد الأب بنفاذ صبر:
كُف عن مقاطعتي يا عبد السلام.. والآن.. ماذا كنت أقول؟.. آه.. نتيجة لتولي عبد
الرحمن كل أعمالنا قمت بعمل توكيل شامل له.. ولكن...
صمت الرجل قليلاً كأنه يجد صعوبة في التلفظ بالكلمات..
عبد الرحمن احتاج لطلب قرض كبير ليقوم ببناء مدينة صناعية كبرى باسم العائلة.. لذا
قام بضم جميع الأملاك وباعها بيع رسمي لنفسه.. وأصبحت كل أموال وأملاك العائلة ملكاً
له ليقدمها كضمان لذلك القرض.
وضع عبد السلام وجهه بين يديه وهو يقول:
يا إلهي.. هل أضاع عبد الرحمن جميع ما نملك؟..
صاح الأب بغضب:
قيد القمر
16
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
بالطبع لا.. ألم تسمع كلمة مما قلت؟.. إن الأملاك باسم عبد الرحمن والبنك أوقف
إج ا رءات القرض الآن في انتظار الورثة ليستكملوا باقي الإج ا رءات أو لا.. فأو ا رق القرض لم
تكن انتهت تماماً..
تمتم عبد السلام وقد بدأ يفهم ما يرمي إليه والده:
الورثة؟!!... أنت تقصد.....؟.
أجابه الأب دون مواربة:
نعم.. أقصد.. أقصد أن نصيب نعمات الآن من مي ا رث عبد الرحمن الذي هو كل
-
أملاكنا سيتسبب في أزمة مالية لنا في السوق.. ولا نستطيع فصل الأملاك أو تحديد ما
-
يفترض أن يكون لها..
صمت قليلاً ثم أضاف:
لذا.. يتوجب عليك يا عبد السلام أن تتزوج من نعمات.. أرملة أخيك!!.




التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 21-10-15 الساعة 12:27 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-10-15, 07:03 PM   #3

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثاني

انتفض عبد السلام عند سماعه طلب أبيه بالزواج من أرملة أخيه:
كيف يا أبي؟.. إنها أرملة أخي؟!.. كما أنني متزوج بالفعل.. ماذا سأقول لشموس
والبنات؟..
رد الأب بص ا رمة:
هذا واجبك يا عبد السلام.. فيجب أن تحافظ على أرملة أخيك, كذلك لا يمكن أن أسمح
بتفتت أملاك العائلة, ونعمات ما ا زلت شابة وستجد العش ا رت ممن يطلبون زواجها, فهل
فكرت في مصير ممتلكات العائلة لو حدث هذا؟..
عاد عبد السلام يجادل والده:
إنني أعلم كل ذلك يا أبي, ولكن كيف يمكنني؟.. كيف؟.. وشموس والبنات و...
قاطعه والده بعنف:
ألن تكُف عن ضعفك هذا؟.. متى ستكون على مستوى المسئولية؟.. أنا أخبرك بالكارثة
التي ستحيق بالعائلة, وأنت تخشى على مشاعر زوجتك!!.. إن تلك الزيجة ضرورة وليست
رفاهية.. لقد مات أخواك, ولم يبقَ سواك لتحمل مسئولية العائلة.. أنا لا أطلب منك, ولكني
آمرك بالزواج من نعمات وعليك طاعتي..
بُهت عبد السلام من العنف الواضح في كلام والده, وأدرك عمق المشكلة المُلقاة على
عاتقه.. فأمر الزواج حُسم بالفعل في عقل والده وهو عليه التنفيذ.. لكن شموس لن توافق
أبداً على زواجه من أخرى, كيف سيخبرها؟.. فشموس ليست مجرد زوجة إنها حبيبته وابنة
عمه, وهي تغار بشدة.. كيف تهون عليه عِشرة السنين, ويخبرها بأنه على وشك الارتباط
بأخرى تشاركها حقها فيه؟.. لن يكون الأمر سهلاً أبداً..
قيد القمر
18
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
فليحاول مع أبيه مرة أخرى...
قال بهدوء:
إنني بالطبع مدرك لحجم تلك الكارثة, لكن هل زواجي من نعمات هو الحل الوحيد؟..
والأهم هل ستوافق نعمات على تلك الزيجة؟..
عاد الأب يرمقه بتلك النظ ا رت المتفحصة وكأنه يريد أن يتأكد من غرضه من السؤال عن
موافقة نعمات, وأجابه:
أترك أمر نعمات الآن, إنها شابة وبالتأكيد تطمح للأمومة وهذا كفيل بموافقتها..
فغر عبد السلام فاه وقال بتعجب:
الأمومة!!!.. أي أمومة؟.. لقد ظننت أن نعمات لا تنجب..
صاح به الأب:
ومن قال لك هذا؟..
تعجب عبد السلام من غضب والده, فتلعثم وهو يقول:
حسناً يا أبي.. لا داعي لكل ذلك الغضب.. لقد كان مجرد ظن... فقط..
قاطعه الأب:
إن نعمات ام أ رة أصيلة و ا رئعة.. فهي تحملت اللم ا زت والظنون حول عقمها لسنوات.. ولكن
أخاك رحمه الله أخبرني أنه صاحب المشكلة وكان يخضع للعلاج, لكن...
- -
وصمت قليلاً.. ثم أردف:
قيد القمر
19
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
حسناً يا بني.. أنت تفهم الآن ضرورة زواجك من نعمات... عسى الله أن يرزقك منها
بالولد الذي طال شوقك له.
أجاب عبد السلام بقوة:
إن الله أنعم علي بثلاث بنات والحمد لله, وشموس حامل يا أبي, ولعل الله يكرمنا بالولد
الذي تشتاقون إليه ولكني أحمد الله على بناتي ولا أستبدلهن بكل ذكور الدنيا.
نهره الأب بقوة:
هل ت ا رددني يا ولد؟!!.. أنت تعلم أني أحب حفيداتي جداً, ولم أفرق في المعاملة يوماً بين
أولادي الذكور وبين قمر ابنتي, وأنت خير من يعلم بمكانة قمر في قلبي, لكني أتكلم عن
ال ولد كحامل لاسمك واسم العائلة من بعدك, فهل تفهم ما أقول؟..
أجابه عبد السلام وهو مُنكس ال أ رس:
أعتذر عن إغضابك يا والدي, لكن كما سبق وقلت أن شموس حامل و..
عاد والده يقاطعه بقوة:
لقد أخبرتك أن موضوع الزواج نهائي ولا يوجد مجال للت ا رجع حتى لو أنجبت لك شموس
ابناً, فلابد لنا من السيطرة على أملاكنا, إنني أتكلم عن مصلحة العائلة الآن... هل
فهمت؟..
ثم أردف:
اذهب وأبلغ زوجتك بق ا رري, ودعني لأستريح قليلاً..
تحرك عبد السلام متوجهاً خارج الغرفة وهو يتمتم:
أمرك يا والدي.
قيد القمر
20
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ولكنه كان يعلم صعوبة ما هو مقدم عليه..
*********************
مشكلة.. أزمة.. صعوبة.. استحالة.. كارثة..
كلمات لا تفي موقف عبد السلام أمام شموس وما أثارته من عاصفة من البكاء والص ا رخ
في مواجهة خبر زواجه من نعمات.. حاول أن يجعلها تدرك صعوبة الموقف المالي الذي
تواجهه العائلة بعد وفاة عبد الرحمن, ولكن كان ردها الوحيد هو المزيد من الص ا رخ والنحيب
وهي تقول:
تريد.. الزواج.. مرة أخرى؟.. أنا أعلم.. أنك.. تريد الولد.. الوريث الذكر.. الذي سيحمل
الشعلة.. من بعدك.. أليس كذلك؟..
ربت على كتفها يريدها أن تهدئ, فما تفعله خطر عليها وعلى جنينها:
اذكري الله يا شموس, لقد أخبرتك بالسبب الحقيقي و ا رء تلك الزيجة, ثم أي ولد؟.. وأي
وريث؟.. فأنتِ حامل بالفعل..
قاطعته وكأنها اكتشفت للتو أنها حامل:
حامل!!.. أنا حامل هذا صحيح, ونعمات لم تنجب لأخيك أي ذرية.. إذاً ما سبب زواجك
منها؟..
وارتفع صوتها ونحيبها يزداد:
إنك تحبها... أليس كذلك؟.. بالطبع تحبها فهي جميلة للغاية.. ولم يتشوه جسدها بالحمل
والإنجاب, أليس كذلك؟..
ربت عبد السلام على كتفها مهدئاً:
قيد القمر
21
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ما هذا الكلام؟.. أنتِ تعلمين مقدار معزتكِ وحبكِ في قلبي, فما الداعي لتلك الترهات؟..
لقد أخبرتكِ أكثر من مرة السبب و ا رء تلك الزيجة.. إنه في أحسن الأحوال زواج مصلحة.
رفعت كلماته من مؤشر غضبها بدلاً من أن تخفضه فارتفع صوتها:
مصلحة!!.. أي مصلحة؟.. وهل من مصلحتي أنا وبناتي وجود ام أ رة أخرى في حياتك؟..
شعر عبد السلام أنه يتعرض للضغط من كل الأط ا رف, فصاح بنفاذ صبر:
ماذا أفعل؟.. كيف أتصرف؟.. أخبريني.. هل تريدينني أن أعصى والدي؟.. هل تبغين
ضياع ممتلكات العائلة وتشتتها في كل صوب؟.. أخبريني بالحل الصحيح؟.. أشيري عليّ
بمخرج يحل المشكلة يا أم البنات؟..
بدا أن شموس لم تستمع سوى لكلمته الأخيرة فتجاهلت كل أسئلته وهي تقول:
هل تعايرني بإنجاب البنات يا عبد السلام؟!..
مسح عبد السلام وجهه بكفيه ثم ضربهما ببعض وهو يقول بيأس:
لا حول ولا قوة إلا بالله.. ألم تسمعي حرف مما أخبرتكِ به يا شموس؟.. هل هذا هو ما
تظنينه بي بعد سنين العِشرة؟.. هل تعتقدين أنه سهل عليّ وقوفي أمامكِ الآن لأستمع كل
تلك الاتهامات, والتي تدركين مثلي تماماً عدم صحتها؟.. ولكنكِ تحتاجين لتفريغ غضبكِ
وحزنكِ, وأنا مدرك لذلك.. لكن لكل إنسان قدرة على الاحتمال, وأنا نلت ما يكفيني منكِ
ومن أبي..
تهدج صوتها وهي تجاوبه:
لا تتوقع أن تسمع مني موافقة صريحة يا عبد السلام, ولكن افعل ما شئت.
قيد القمر
22
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
انطلقت إلى غرفتها لتفرغ كل دموعها, وبداخلها أمل ضئيل أن يقف عبد السلام في وجه
والده ويرفض تلك الزيجة, أو يظهر أي حل سحري لتعود أملاك العائلة بدون أن تضطر
لمشاركة زوجها مع ام أ رة أخرى... وأي ام أ رة...
إن نعمات ام أ رة خلابة الأنوثة والجمال فنعمات رغم أعوامها الخمس والثلاث ون إلا أنها لا
تبدو إلا في الخامسة والعشرين, فكرت شموس بحنق يقترب من الحسد في جمال نعمات
ذات العيون البندقية الواسعة والشعر البني ذو اللمعة الحم ا رء الطبيعية بالإضافة لقوام رشيق
أهيف لم تشوهه علامات حمل أو انجاب.. وعبد السلام رجل, مثله مثل كل الرجال..
صحيح هي موقنة من حبه, ولكنه بالطبع سيخضع لسلطان الجمال بخاصة لو كان هذ
الجمال ملكه وحلاله, ولحظتها ستموت شموس, ستموت من حسرتها.
*********************
توجهت قمر نحو والدها وعلى وجهها ابتسامة حب وتناولت يده لتقبلها وهي تحييه:
صباح الخير يا حاج؟.. كيف حالك؟..
ا رتسمت ابتسامة واسعة على وجه عبد الرؤوف لم أ رى ابنته الوحيدة, فأشار إلى المقعد
الخالي بجواره وهو يقول:
الآن أصبحت في خير حال بعد أن أ ريتكِ يا قرة عين أبيكِ.. ستتناولين الغذاء معي اليوم.
ضحكت قمر بسعادة:
أنا تحت تصرفك يا والدي, ولكن هل يرضيك أن يتضور أولادي ووالدهم جوعاً؟!... فكما
تعلم أن أنور لا يأكل إلا من طعامي, وكذلك الأولاد.
ضحك الأب وهو يقول بغضب مصطنع:
قيد القمر
23
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
تباً له ذلك الأنور الذي سلبني ابنتي الوحيدة وقرة عيني ونور منزلي الوضاء.. من يكون
ذلك الرجل الطيب الذي قام بتزويجك له؟..
ضحكت قمر بدورها وهي تجاوبه:
من زوجني له هو قرة عيني أنا, وكلامه سيف فوق رقبتي.. لذلك لم أستطع رفض الزواج
من ذلك الأنور.
ارتسمت ابتسامة حزينة على وجه عبد الرؤوف عند سماعه لكلمات ابنته وقال لها:
كم أتمنى أن أسمع تلك الكلمات بلسان أخيكِ.
ترددت قمر قليلاً ثم قالت بتلعثم:
إممممم.. لقد.. إممم..
قاطعها والدها وهو يقول بف ا رسة:
لما تترددين يا قمر؟.. لم أعهدكِ هكذا يا ابنتي, من اتصل بكِ منهما وطلب منكِ
الوساطة؟.. عبد السلام أم شموس؟..
أجابت قمر بسرعة:
شموس.. إنها شبه منهارة يا أبي, وهي حامل كما تعلم وكل تلك الانفعالات ليست في
صالحها.. هل نستطيع تأجيل الموضوع لفترة, حتى تنهي حملها على خير و...
قاطعها والدها للمرة الثانية:
وماذا يا قمر؟.. هل سيتغير أ ريها؟.. لا أعتقد.. ثم أن عدة نعمات أوشكت على الانتهاء,
وأخشى أن تطلب الرحيل عن القصر.
قيد القمر
24
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
قمر بصدمة:
الرحيل؟!!!.. إلى أين؟..
أجابها والدها بغموض:
إلى القاهرة.. فلها خالة تعيش هناك, ولكنها لم تكن على علاقة وثيقة بها.. أنا أعلم أن
نعمات أصيلة وعلى د ا رية تامة بتقاليدنا ولكني لا أضمن الظروف فقد تقرر الرحيل وعدم
المكوث في منزل يعيش به والد زوجها المتوفي وأيضاً ابن أخيه الشاب, فأنتِ تدركين جيداً
أنني لن أتركها تعيش في بيت عبد الرحمن بمفردها.
صمت قليلاً.. ثم أردف:
دعي لي شموس.. فهي ابنة أخي وأنا أدري كيف أتعامل معها.
*********************
كان الصمت هو سيد الموقف في منزل عبد السلام.. فهو صامت ينتظر من شموس أي
ردة فعل ليجيب طلب أو بالأحرى أمر أبيه, وهي صامتة تبتهل في صمت أن تأتي آخر
محاولاتها بنتيجة.. فهي قد توسلت لقمر أخت زوجها أن تتدخل لإيقاف تلك الزيجة, وقد
بدت قمر غير مقتنعة بالتدخل فهي قبل كل شيء ابنة أبيها, وتعلم حتمية تلك الزيجة.. لكن
بعد توسلات وافقت قمر على التدخل خوفاً على صحة شموس وما تحمله في أحشائها فقد
يكون الصبي المُنتظر.. وشموس الآن تعيش على الأمل في انتظار أن تأتي تلك المحاولة
بنتيجة لصالحها.
لكن ذلك الأمل مات في مهده عندما لمحت من نافذة المطبخ سيارة عمها الفارهة تدلف إلى
فناء منزلها وهو يترجل منها ويتحرك بتثاقل نحو بابها.. فعلمت أن محاولة قمر قد مُنيت
بالفشل الأكيد.
قيد القمر
25
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
هرولت نحو غرفة الضيوف منزلها لترحب بعمها بعد أن نادها زوجها فهو لا يخرج من
- -
قصره ليزورهم كل يوم, فوجدته جالساً في صدر المجلس وانحنت على يده لتقبلها:
مرحباً بك ياعمي, لقد حلت البركة على بيتي بتشريفك له.
ربت عبد الرؤوف على أ رسها:
بارك الله فيكِ يا ابنة أخي وزوجة ابني.. تعالي واجلسي بجانبي هنا, هيه ماذا لديكم على
الغذاء؟.. فقد قررت أن أتناول غذائي معكم اليوم..
قالت شموس بلهفة:
سوف أذهب الآن لأطهو لك جميع ما تحبه من أطعمة شهية.. وحلويات أيضاً.
ضحك الرجل العجوز وهو يمنعها من النهوض:
حسناً.. انتظري قليلاً..
ثم التفت إلى ابنه:
وأنت يا عبد السلام, ألا ترغب في إحضار حفيداتي حتى يسلمنَ على جدهن؟..
أجابه عبد السلام بتلعثم:
نعم... بالطبع.. أكيد يا أبي, سأذهب الآن لأحضرهن.
ذهب عبد السلام بالرغم من التضرع الواضح في عيني زوجته بأن يبقى ولا يتركها وحيدة
في مواجهة كبير عائلة الجي ا زوي, الذي التفت ناحيتها وهو يقول بتمهل:
شموس.. أنتِ تدركين مكانتكِ عندي ومعزتكِ في قلبي, فأنتِ مثل قمر ابنتي تماماً..
أجابته بتلعثم:
قيد القمر
26
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
نعم يا عمي.. أنا..
قاطعها عبد الرؤوف قائلاً:
وما دُمتِ تعلمين ذلك, فلماذا تسوقين الوسطاء بيننا؟..
ا زد تلعثمها ولم تستطع الرد.. فأردف:
أعلم أن عبد السلام أوضح لكِ السبب الذي من أجله طالبته بالزواج من نعمات, وأعلم أن
معارضتكِ هي شيء طبيعي ولا يمكنكِ التحكم فيه, لكني أريدكِ أن تفكري بعقلكِ قليلاً..
وتضعي مصلحة العائلة أمام عينيكِ, هل تريدين ضياع أملاككِ أنتِ وأولادكِ؟.. هل تريدين
أن تتشتت أملاكنا ونفاجئ بشركاء الله أعلم بهويتهم؟.. أنا أدرك أن ما أطلبه صعب على
أي ام أ رة, ولكنكِ لست أي واحدة, فأنا من ربيتكِ وكبرتِ تحت ناظري, وأدرك مدى قوتكِ
وثقتكِ بنفسكِ التي لن تهتز بسبب زيجة تتم من أجل العائلة أولاً وأخي ا رً..
ساد صمت رهيب بعد أن انتهى عبد الرؤوف من كلامه, وشموس لا تدري بما تجيبه!!...
وما هو التصرف السليم؟..
تشعر بآلام رهيبة تهاجم قلبها وتسيطر عليه, هل أتى عمها ليضع مصير عائلتهم بين
يديها؟... هل يريد أن يسمع موافقتها على تلك المهزلة؟.. ماذا يريد منها؟.. ولما هذا
العذاب؟..
إذا أ ا رد أن يزوج ابنه بأخرى, فليفعل ولا داعي لتلك التمثيلية التي تقام من أجل التظاهر بأن
ما حدث كان بموافقتها وا ا ردتها, إنه يخبرها بأن معزتها تماثل معزة قمر!!.. فهل كان يقبل
أن يتزوج أنور على قمر؟... أبد اً.. إنها متأكدة إنه كان ليدفنه حياً, لمجرد التفكير في
ذلك.. فلم..
قاطع عبد الرؤوف سريان أفكارها:
قيد القمر
27
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
صدقيني يا ابنتي لو كانت قمر من في يدها حل المشكلة, لكانت وافقت على أي حل في
مصلحة العائلة, حتى بدون ذهابي إليها لأقنعها, فهي ابنتي وأنا أدرى الناس بتفكيرها.. كما
أنني أعلم أنكِ ستتخذين الق ا رر الصائب.
بدأت شموس تشعر بالآلام تهاجم كل خلية في جسدها وحاولت الرد على عمها ولكنها لم
تستطع إصدار أي صوت, فأدارت وجهها عنه تخفي دموعها التي هطلت لتُغرق وجهها
وهي تحاول الوصول لق ا رر صائب أو خاطيء.. أي ق ا رر, ولكنها شعرت بأن الغرفة بدأت
بالدو ا رن ببطء أولاً ثم ا زد دو ا رنها مع ازدياد دقات قلب شموس وهي تشعر بآلام رهيبة في
أسفل ظهرها مما سبب لها الفزع وحاولت التقاط أنفاسها بلا جدوى..
تحركت تحاول التمسك بأي شيء ثابت فهي تشعر بأن العالم كله يدور الآن وهي تدور
معه.. وتدور.. ليختفي ويتلاشى ببطء, جعلها تظن أنها تحلم أو تهذي.. لكن ما أكد لها
واقعية ما يحدث هو السائل الدافئ الذي أخذ ينساب ببطء بين فخذيها لينبأها بضياع حلمها
في إنجاب الصبي...
*********************
رحلة سريعة إلى المشفى لمحاولة إنقاذ شموس وطفلها.. حركة سريعة من الأطباء وطاقم
التمريض.. الحالة خطيرة.. نحتاج توقيعك للتدخل الج ا رحي السريع.. كلمة تتردد بكثرة..
تسمم حمل.. تسمم حمل.. الوضع لا يسمح بانقاذ الجنين.. خروج الطبيب سريعاً يريد
موافقته لإج ا رء ما يلزم في سبيل إنقاذ شموس..
كل تلك الأحداث كانت تمر أمام عيني عبد السلام كشريط سينمائي أداره أحدهم ونسي أن
يوقفه.. فظل يتأمل غرفة العمليات التي اختفى الطبيب بها منذ.. منذ.. هو لا يدري منذ
متى!!.. ولكنه يشعر بالوقت لا يكاد يمر.. وفجأة فُتح باب الغرفة ليخرج الطبيب وملامحه
متجمدة ليخبره بأن العملية تمت بنجاح, وان كانت مرحلة الخطر لم تمر بعد..
قيد القمر
28
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
تردد عبد السلام في السؤال وانعقد لسانه ليجد والده الذي لا يعلم متى وصل بجانبه يسأل
الطبيب:
والطفل يا بني هل نجا؟..
نكس الطبيب أ رسه ليخبرهم:
آسف... الجنين لم يتمكن من النجاة..
ولكن كان هناك الأسوأ شعر عبد السلام بذلك من نبرة الطبيب فنظر إليه ليحثه على إكمال
حديثه, فتنحنح الطبيب محاولاً إجلاء صوته:
برغم تمكننا من إخ ا رج الجنين بسرعة لكن النزيف استمر واستمر ولم نتمكن من إيقافه
نهائياً فكان لابد من... استئصال الرحم...
استئصال الرحم.. استئصال الرحم.. استئصال الرحم!!.
تلك الجملة ظلت تتردد في ذهن عبد السلام آلاف الم ا رت... وهو يحاول استجماع شتات
نفسه ويرمق والده بنظ ا رت كلها لوم, يتمنى لو كان يملك ما يكفي من القوة ليقف في وجهه
ويرفض موضوع الزواج من البداية..
كان رؤوف يتبادل حديثاً هامساً مع الطبيب حين لمح نظ ا رت عمه اللائمة وهو يوجهها نحو
جده فأيقن أن العم في صدمة وقد يتفوه بما هو جارح أو حتى مدمر لصحة الجد الهشة,
فتحرك مسرعاً نحو عمه واقترب منه بهدوء ليشد على كتفه بمؤازرة خفية:
عمي يجب أن تتماسك, فبالتأكيد ستحتاجك زوجتك عندما تستفيق, وأنا سأتولى كافة
الأمور لا تقلق.
نظر العم بعدم فهم إليه ليسأله:
قيد القمر
29
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أية أمور تلك؟..
ازدرد رؤوف لعابه بضيق, فيبدو أن عمه واقع تحت تأثير الصدمة بقوة ولن يستفيق
بسهولة:
عمي أنت تعلم أن الطفل ولد بعد الشهر السادس لذلك يجب...
سكت رؤوف ولم يعرف كيف يكمل جملته التي استوعبها عمه فأكمل عنه:
يجب دفنه.. نعم لقد فهمت الآن طبيعة تلك الأمور, اذهب يا رؤوف.. بارك الله فيك يا
بني.
تحرك رؤوف بسرعة من أمام عمه ولكن صوت جده استوقفه من جديد:
رؤوف..
نعم يا جدي.
سأل الجد بتردد وهو ينظر إلى ابنه:
هل أخبرك الطبيب بنوع المولود؟..
تردد رؤوف بوضوح وهو يقول لجده:
جدي.. ليس هناك من داعٍ لذلك الآن.
لكن الجد عاود النداء بص ا رمة:
رؤوف..
نظر رؤوف إلى عمه بأسف:
لقد كان صبياً.. أنا آسف يا عمي.
قيد القمر
30
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ورحل مسرعاً في حين التفت عبد السلام لأبيه وهو يقول بجمود قاتل:
أبي إنني لن أتزوج من نعمات أبداً, حتى ولو أفرغت جميع ما تملك من أسلحة في أ رسي.
*********************
بعد عدة أسابيع........
دخلت قمر إلى قصر الجي ا زوي بهدوء لتصادف رؤوف الذي كان يتوجه خارجاً..
كيف حال أبي الآن يا رؤوف؟..
أجابها رؤوف بأسى:
صحياً إنه بخير, تبعاً لكلام الطبيب.. لكني أرى أنه مدمر نفسياً, حتى بعد حضور عمي
عبد السلام للاعتذار له بل وت وسله السماح أيضاً, لكني أعتقد أن جدي يحمل على عاتقه
ما حدث لخالتي شموس, ولا يستطيع مسامحة نفسه حتى أنه غير قادر على مفاتحة عمي
مرة أخرى في موضوع الزواج.
ربتت قمر على كتفه وهي ترمقه بإحدى نظ ا رتها المتفحصة والتي تجعلها أقرب شبهاً بجده
وهي تقول:
حسناً.. لا تقلق يا رؤوف, إن عمتك قمر وصلت وسوف تجد حلاً لجميع تلك المشاكل.
تركته لتتوجه إلى غرفة والدها وقد ارتسم على وجهها نظرة عجيبة تترجم ما كان يدور في
عقلها من مخطط رهيب لحل مشكلة العائلة وأملاكها, تلك الخطة التي ما أن سمعها عبد
الرؤوف حتى انتفض ا رفضاً بشدة.. ولكن قمر استطاعت بكل دهاء الأنثى الطبيعي
-
والذكاء المتوارث في جينات الجي ا زوي والذي نالت منه قمر نصيباً واف ا رً أن تقنع والدها
-
قيد القمر
31
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
بذلك الحل الشيطاني للحفاظ على اسم العائلة وممتلكاتها.. واضطر كبير العائلة للموافقة
على الحل وهو يشعر بم ا ررته في جوفه!!!..



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-10-15, 07:10 PM   #4

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثالث
ربتت قمر على كتف والدها برقة:
أرجوك يا أبي.. لا داعي لكل ذلك الحزن, أنت تعلم أنه الحل الوحيد المُتاح أمامنا الآن,
هل تظن أنني سعيدة أو مرتاحة لذلك؟.. ولكن لا مفر..
نكس الرجل المسن أ رسه بأسى وهو يهمس:
نعم.. لا مفر, لقد أجبرتنا الظروف على ذلك.. ولكنني تمنيت أن يختار ذلك اليتيم زوجته
بنفسه, فقد ظلمته الحياة كثي ا رً.. وها هي الظروف تضطرنا لإجباره على الزواج ومن ام أ رة
تكبره بخمسة عشر سنة!.
ثم وضع وجهه بين كفيه وهو يقول:
رحماك يا الله.
ركعت قمر بجوار كرسي والدها وهي تتوسله:
أرجوك يا أبي.. ارحم نفسك قليلاً, فرؤوف شاب عاقل ومُدرك تماماً لأهمية ذلك الموضوع,
كما أن نعمات ما ا زلت في ريعان شبابها ولا يبدو عليها سنها الحقيقي أبداً, فهي كانت دائمة
الاعتناء بنفسها.
تمتم والدها بشرود:
فليفعل الله ما فيه الخير..
*********************
توجهت قمر من فورها إلى غرفة نعمات ودخلت إليها بعد أن طرقت الباب:
قيد القمر
33

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

صباح الخير يا نعمات.. هيه, ماذا تفعلين؟..
أجابتها نعمات برقة فقد كانت تكن لقمر معزة خاصة:
أهلاً بقمر الزمان.. أنا كما ترين لا أفعل شيء سوى المكوث بحجرتي طوال اليوم, من
الجيد أنكِ هنا, فلتبقِ معي اليوم.. أرجوكِ يا قمر فأنا أشعر بملل رهيب.
جلست قمر بجوارها على الف ا رش وهي ترمقها بتفحص وتقول:
إذاً يجب علينا أن نجد حلاً لذلك الملل, حل نهائي!!.
ضحكت نعمات وهي تسألها:
آه.. قمر تتحدث بالألغاز, كعادتها عندما تريد شيئاً ما..
بادلتها قمر الضحك وهي تقول:
لكن هذه المرة أنتِ من تريدين, ولست أنا..
قطبت نعمات حاجبيها وهي تقول:
أنا التي تريد!!!... أنا لا أفهمكِ يا قمر.
أجابتها قمر بخبث:
لا تخبريني أنكِ لم تبتهلي ليلاً ونها ا رً ليكون لكِ طفلاً يناديكِ بأمي, ومازلتِ تحلمين بذلك..
هل أنا مخطئة؟..
بهتت نعمات وتغير وجهها وهي تلوم قمر بقولها:
قيد القمر
34

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

ما الداعي لهذا الحديث الآن يا قمر؟.. لقد احترمت فيكِ دائماً بعدكِ عن تلك اللم ا زت
والتعليقات بشأن إنجابي أنا وعبد الرحمن رحمه الله, فكيف تسأليني الآن بعد وفاته مثل تلك
الأسئلة؟..
عاد المكر ليرتسم فوق ملامح قمر وهي تمسح بعض دمعات تساقطت على وجنتي نعمات
الناعمتين:
لما البكاء يا نعمات؟.. أنا لم أكن أريد جرحكِ.. فأنا أعلم جيداً أن عدم الإنجاب كان
مشكلة عبد الرحمن.
تفاجأت نعمات وهي تسمع ذلك الاعت ا رف من قمر وسألتها:
كي.. كيف تعلمين؟..
نهضت قمر من الف ا رش فقد شعرت أنها لا تستطيع المكوث في بقعة واحدة بدون أن تتحرك
وقالت لنعمات:
دعكِ من هذا الآن... وأجيبي سؤالي أولاً هل تتوقين لابن أو ابنة؟..
نظرت إليها نعمات بأسى وهي تقول:
وهل تحتاجين لإجابة يا قمر؟.. هل توجد ام أ رة طبيعية لا تتوق للأمومة!!.. لكن يجب
علي أن أنسى ذلك الحُلم وأواريه الت ا رب مع عبد الرحمن رحمه الله.
قالت قمر وهي ترسم خطتها بذكاء:
رحمك الله يا أخي, لكن يا نعمات حرمانكِ من الإنجاب ظلمٌ بيّن, والله لا يرضى بذلك...
ولا أعتقد أن المرحوم أخي كان سيرغب في ترككِ وحيدة في الحياة بدون ابن أو ابنة يكن
لكِ ونيس وسند.
قيد القمر
35

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

سألتها نعمات بحيرة:
ما معنى كلامكِ هذا يا قمر؟.. هل تحاولين إخباري بشىء ما, رسالة ربما, من الحاج عبد
الرؤوف؟.. هل معنى كلامكِ هذا أنه لن يعارض إذا ما فكرت في الزواج مرة أخرى؟..
عاجلتها قمر بالسؤال:
وهل تفكرين؟.. هل ترغبين بالزواج ثانية؟..
ا زدت حيرة نعمات ولم تفهم هدف قمر من كل تلك الأسئلة, ونفذت قدرتها على تحمل
تلاعب قمر بها فصاحت:
قمر... أتوسل إليكِ أنا لا أحتمل تلك الألغاز.. لما لا تخبريني مباشرة إلى ماذا تهدفين؟.
عادت قمر للجلوس على الف ا رش بمواجهة نعمات ونظرت في عينيها مباشرة:
حسناً يا نعمات.. لنتكلم بص ا رحة, أنتِ ما ا زلتِ صغيرة وشابة ومن حقكِ أن تكوني أم مثل
كل ام أ رة, هذا حق لا يستطيع أحد أن ينكره عليكِ, لكنكِ تدركين جيداً عاداتنا وتقاليدنا
وتفكير الناس هنا في البلدة الذي سيُحرم عليكِ فكرة الزواج من خارج العائلة, لذا لقد أتيت
لأعرض عليكِ الحل المناسب, ولا أخفي عليكِ س ا رً إن شبابكِ وجمالكِ لن يكونا في صالحكِ
إذا قررتِ البقاء بدون زواج, في حين إذا وافقتِ على..
قاطعتها نعمات بغضب:
قمر.. أقسم بالله أنني لا أفهم إلى ماذا تهدفين؟.. أنتِ تتكلمين عن زواجي ثانية وكأنه أمر
واقع لا محالة, فمتى أخبرتكِ أنني أرغب في الزواج أو حتى أفكر به؟.. إن زوجي والذي
هو شقيقكِ, توفي منذ أربعة أشهر فقط.. إنني لا أ ا زل في عدتي ولم أخرج منها, عن أي
زواج تتحدثين؟!!!...
قيد القمر
36

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

أخذت قمر تتفحصها لعدة دقائق وكأنها تفكر في طريقة لابلاغها بما تريد:
نعمات.. أنا أتكلم عن سُنة الحياة, عن فِطرة الخلق.. أنا أعلم أنكِ مازلتِ في أيام عدتكِ,
كما أعلم أيضاً أنكِ على مشارف الخامسة والثلاثين, الوقت يجري وفرصكِ في الإنجاب
تتضاءل.. وزواجكِ لابد منه, فام أ رة في جمالكِ لن يتركها الناس وشأنها خاصة في مجتمعنا
الضيق بأفكاره العتيقة.. لذا المصلحة تحتم زواجكِ فور انتهاء عدتكِ, مصلحتكِ ومصلحتنا.
شعرت نعمات بأنها تغرق.. تغرق وسط دوامة من الأفكار زرعتها قمر في أ رسها, فعادت
تسأل بحيرة:
ماذا تعنين يا قمر؟.. أنا لا أفهم مصلحتي؟.. ومصلحتكم؟... هل يريد عمي الحاج
إخ ا رجي من المنزل؟.. هل أرسلكِ لتبلغيني بهذا؟..
صاحت قمر بتعجب:
إخ ا رجكِ من المنزل؟.. من قال هذا؟.. هل تعتقدين أن الحاج عبد الرؤوف يمكن أن يفكر
بتلك الطريقة؟!!!..
سألتها نعمات وقد عجزت كلياً عن فهم ما تريده قمر:
أخبريني بص ا رحة يا قمر.. ما هو الموضوع إذاً؟..
ردت قمر بتأني:
الموضوع ببساطة.. أن الحاج لا يرغب في أن ي ا ركِ خارج العائلة, فهو يقدركِ كثي ا رً لذا
اختاركِ لتكوني زوجة لأفضل رجال العائلة..
نعمات بصدمة:
ماذا؟!!!..
قيد القمر
37

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

ردت قمر بهدوء مستفز:
لما كل هذه الصدمة؟.. أنتِ تدركين معزتكِ في قلب والدي, وهو لم يرغب أن ي ا ركِ زوجة
لأحد من خارج العائلة.
أجابتها نعمات وهي تحاول استيعاب ما تخبرها به قمر:
هل تعنين أن والدكِ يرغب في تزويجي من عبد السلام؟.. يا إلهي!!.. هل يريدني أن
أرتبط بأخ زوجي المتزوج؟!!.. وشموس؟.. هل وافقت على تلك المهزلة؟.
ثم اتسعت عيناها برعب وهي تقول:
لهذا حدث ما حدث لشموس؟.. هل أنا السبب؟ يا إلهي!!.. يا إلهي!!..
أُسقط في يد قمر, فهي لم تفكر في أن نعمات يمكن أن تربط الأحداث ببعضها.. لذلك
سارعت بمصارحتها بدون مرواغة قائلة:
وما شأن عبد السلام بموضوع زواجكِ؟.. أنا لم أقل أن أبي يرغب بتزويجكِ منه.. إن
والدي يريدكِ زوجة لرؤوف ابن أخي عبد الله..
صرخت نعمات بذهول:
ماذا؟.. ما هذا الجنون؟!..
رمقتها قمر بغضب مستعر:
من تقصدين بالمجنون؟.. أبي؟.. أم أنا؟..
تلعثمت نعمات في ردها:
أنا.. لم.. أقصد.. أنا..
قيد القمر
38

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

قاطعتها قمر بحزم:
إن رؤوف رجل يُعتمد عليه, ووالدي يعده منذ زمن ليحل محله في كل شيء, وأنتِ ترغبين
في الأطفال, ولن يُسمح لكِ بالزواج من خارج العائلة, وأنتِ تدركين ذلك جيداً.. إذاً.. ما
المشكلة؟.. في إتمام الزيجة؟.. إن رؤوف بلا شك سيرغب في المحافظة على بيت عمه
وزوجته من ذئاب البشر, فهو رجل بحق كما أخبرتكِ.. فكري جيداً.. ولا تضيعي فرصتكِ
الوحيدة لتكوني أم, فالعمر يجري كما تعلمين..
تأملتها نعمات بصدمة, وقد أدركت جدية الأمر, ولم تعلم بما تجبها إلا بما هو واضح
وضوح الشمس ولكن قمر تتجاهله بب ا رعة:
قمر إن رؤوف في العشرين من عمره.. إنني أكبره بحوالي خمسة عشر عاماً.. هل تدركين
ما معنى ذلك؟..
أجابتها قمر بثبات:
واذا كان هو لن يهتم, فلما تثيرين أنتِ الموضوع؟... ثم إن رؤوف سيبلغ الحادية والعشرين
بعد أيام قليلة.
صُعقت نعمات من منطق قمر, ففغرت فاهها غير قادرة على مواصلة ذلك الحديث
المجنون.. ولكنها يجب أن تحاول إيصال وجهة نظرها إلى قمر, بل إلى والد قمر الذي
أرسل ابنته لاتمام تلك المهمة العجيبة والمستحيلة...
فأخذت نفس عميق ثم حاولت مرة أخرى:
إن رؤوف بالنسبة لي.. ابن أخ زوجي, أ ا ره كشاب صغير.. لن أبالغ وأقول طفل, ولكني
بالفعل عاصرت أيام من طفولته, كيف بالله عليكِ أفكر في الزواج منه؟.. حتى لو كان
فرصتي الوحيدة كما تقولين!!!..
قيد القمر
39

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

نظرت قمر في عينيها وسألتها بتمعن:
هل ترغبين أن تكوني زوجة ثانية لعبد السلام؟..
حاولت نعمات الحديث, لكن قمر منعتها بإشارة من يدها وأردفت:
أنا أعلم أنكِ لن ترغبي في ذلك.. فكري جيداً في رؤوف, فهو لم يكن أبداً طفل حتى وهو
طفل, إن والدي يعامله كرجل منذ أن تولى رعايته ورؤوف اعتاد على ذلك فهو يتصرف
ويتعامل كرجل مسئول, فلا تجعلي فارق تلك السنين عقبة في تحقيق أمنيتك.
حاولت نعمات الكلام مرة أخرى ولكن للمرة الثانية تقوم قمر بإيقافها, وتنهض من على
الف ا رش لتقبلها مودعة وتهمس لها:
أبي في انتظار موافقتكِ.
*********************
رغم اعت ا رض عبد الرؤوف الخفي على تلك الزيجة العجيبة, إلا أنه يتفق مع ابنته قمر بأنها
السبيل الوحيد المُتاح للحفاظ على أملاك وهيبة العائلة.. وكان يدرك أن طريقه مع رؤوف
أيسر بكثير من طريق قمر مع نعمات, فرؤوف سيكفيه توضيح سريع للموقف وطلب حازم
من جده ليفهم أن تلك الزيجة واجبة التنفيذ, ولا مجال للاعت ا رض فمصلحة العائلة لها
الأولوية على كل شيء وأي شخص.
لذا بعد أن تناولا العشاء على غير العادة, حاول أكثر من مرة مفاتحته في الموضوع, لكنه
كان في كل مرة يجد غُصة في حلقه فرؤوف ليس حفيده فحسب بل هو كابن ا ربع له, وعلى
ال رغم من أنه لا يندم على طريقته الصارمة في تنشئته إلا أنه يلوم نفسه أحياناً عندما يدرك
أنه لم يعش طفولته وصباه مثل أي طفل آخر.
قيد القمر
40

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

وها هو الآن يوشك أن يسلبه شبابه بسؤاله الزواج من أرملة عمه, لكن ليس أمامه سبيل
آخر فلا مجال لطلب ذلك من عبد السلام فهو لا يستطيع حتى تلك اللحظة مواجهة عينيه
بعدما خسر ابنه من قبل حتى أن ي ا ره, ومن أدرى منك يا عبد الرؤوف بخسارة الضنى؟..
قاطع أفكاره صوت رؤوف وهو يسأله:
جدي هل أنت بخير؟.. إني آ ا رك شارد الليلة؟.. إلى أين ذهبت بأفكارك يا جدي؟..
رمقه جده للحظات ثم قال:
رؤوف.. ساعدني لنذهب إلى المكتب, فأنا أريدك في أمر هام.
ساعد رؤوف جده حتى وصلا إلى المكتب الذي طلب الجد من حفيده إغلاقه خلفهما, ثم
اضطجع على مقعد وثير وأمر رؤوف بالجلوس أمامه على الأريكة... وتنحنح ليجلي صوته
ثم قال:
رؤوف.. الموضوع يخص ثروة عمك التي آلت بطرفة عين إلى زوجته.. أنت أدرى الناس
بصعوبة فصل الأملاك ومحاولة إعادة كل شيء إلى أصله قبل أن يقوم عمك بطلب
القرض, وحتى إن حاولنا فلن أسمح بخروج ما ستتملكه نعمات خارج حدود العائلة, لن
أرواغ معك يا بني, فذلك ليس أسلوبي, لن يتمكن عمك عبد السلام من الزواج منها, لذا
فليس أمامي سواك الآن, رؤوف.. يجب عليك الزواج بنعمات.
لن ينسى عبد الرؤوف ذلك التعبير الذي ارتسم على وجه حفيده, خليط من ذهول وتعجب
ورفض واستنكار لما يسمعه ولكن ما ذبحه حقاً تلك النظرة الكسيرة التي ظهرت في عينيه
للحظات.. ثم أخفض بصره أرضاً وهو يخفي عينيه عن جده ويقول بصعوبة:
أمرك يا جدي.. أنا موافق على ما تريد.
ربت الجد على كتف حفيده وهو يقول له:
قيد القمر
41

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

بارك الله فيك يا ولدي, لقد صحت تربيتي لك.
نهض رؤوف من على الأريكة وتوجه إلى جده وانحنى على يده ليقبلها قائلاً:
أنت الخير والبركة يا جدي, وكل ما تريده أمر واجب عليّ تنفيذه.
ازدرد الجد لعابه بقوة وقال:
سيكون زواج متكامل الأركان يا ولدي, فعائلة الجي ا زوي بحاجة إلى وريث من بعدك.. أنت
تفهمني جيداً وتفهم واجبك, لن أسمح أن يختفي اسم الجي ا زوي من بعدي كأنه لم يكن.. أريد
أحفاد يا رؤوف... أريد أن أرى هؤلاء الأحفاد قبل وفاتي.
أشاح رؤوف ب وجهه بعيداً عن جده, فبرغم كل شيء كان كلام جده محرجاً له, فهو لم يصل
بتفكيره لما يعنيه الزواج حتى ذكر له جده الأحفاد... وقال بهمس:
أطال الله عمرك يا جدي..
وسكت قليلاً ثم أردف:
معذرة يا جدي سأصعد إلى غرفتي لأستريح قليلاً, هل تأمر بشيء آخر؟.. هل أساعدك
للذهاب إلى غرفتك؟..
ربت الجد على كتفه مرة أخرى وقال:
كلا يا بني.. اذهب أنت لتستريح الآن, وبالمناسية سيكون الزواج في نهاية الشهر.
توقف رؤوف عن الحركة وهو يقول:
وهل وافقت خال.. أقصد هل وافقت بالفعل؟..
قيد القمر
42

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

رمقه الجد بنظرة متفحصة, وهو يفكر أنه حتى عاجز عن تسميتها فكيف بحق الله سيتمكن
من..
أعاد رؤوف سؤاله:
هل وافقت؟..
أجاب الجد بهدوئه المعتاد:
لا تقلق, وأعد كل شيء لاتمام الزواج
*****************



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-10-15, 07:11 PM   #5

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الرابع
،
،
أعلنت نعمات بتردد عن موافقتها.. وكان ذلك بعد أن كادت تصاب بالجنون من التفكير,

فإنذار قمر كان واضحاً..
"إذا أ ا ردت أطفال, أو حتى حياة عائلية هادئة فستكون عبر العائلة.. عبر رؤوف فقط".

ومن هي حتى تعاند وتعارض أمر أصدره عبد الرؤوف الجي ا زوي!!.. ولكنها رغم ذلك لم
ترضخ بسهولة, بل حاولت محاولة أخيرة للهرب من فخ تلك الزيجة, ف ا رسلت خالتها في
القاهرة تسألها العون, ولكن بالطبع وقفت سطوة عائلة الجي ا زوي كحائل قوي دون تلك
المعونة.

وبالرغم من علمها بالموقف المالي الذي نشأ عنه وفاة عبد الرحمن, إلا أن ذلك لن يفيدها
في شيء.. فكما يقولون أحبال المحاكم طويلة وهي ستكون خاسرة مثل عائلة الجي ا زوي
تماماً, إذا فكرت في اللجوء إليها.. ستخسر سنيناً لم تعد تملكها, عم ا رً يتسرب من بين
أصابعها..
"تباً لكِ يا قمر, لقد أشعلتِ حنيناً دُفن منذ زمن وأحييتِ أملاً أنطفأ منذ دهور... لما داعبتِ
حلم الأمومة بداخلي؟... آه... آه.. كم أريد ذلك الطفل الذي وعدتني به كلماتكِ.. سأبتذل
نفسي وأهين ك ا رمتي قرباناً لتلك الكلمة السحرية.. أمي...."

ذلك ما كانت تحادث به نعمات نفسها وهي تفكر في زواجها من رؤوف, والذي لم يتبقَ
عليه سوى أيام..

حاولت تصور رؤوف كزوج لها, ولكنها فشلت بقوة, ففارق السن غير مستساغ فهي
عاصرت رؤوف كطفل.. هنا.. توقفت بتفكيرها.. كلا هي لا تتذكره كطفل أبداً, حاولت..

وحاولت.. ولكنه كان دائماً صارم الملامح وجاد القسمات.

 
 
 
 
لا.. لم تفكر به كطفل أبداً, أو حتى كرجل في ريعان شبابه.. يا إلهي, كم هو جاد
وحازم... كيف ستتعامل معه؟... كيف؟... تحمد الله في داخلها على موافقته على الإقامة
في بيتها القديم, بيت عمه.. ورغم دهشتها من تلك الموافقة إلا أنها لم تتوقف أمام أسبابها.

بعكس عبد الرؤوف الذي صدمه موافقة رؤوف على الإقامة في بيت عمه.. وللمرة الأولى
ترتسم الدهشة على معالم وجه كبير العائلة عندما سمع تلك الموافقة, تلك الدهشة التي
رسمت على شفتي رؤوف ابتسامة ساخرة نجح في إخفائها سريعاً وهو يحادث نفسه:
"تتعجب يا جدي من موافقتي على الإقامة في بيت عمي, ولم تدهشك موافقتي على أخذ
زوجته!!"..

هز أ رسه بعجب ليقول بصوت عالٍ:

نعم يا جدي.. دع خال... دعها تقيم في بيتها, فالمسألة لا تهم.

فكان أن أمر كبير العائلة ببعض التصلحيات والتجديدات به, وكان على أ رسها بالطبع
تغيير غرفة النوم تغيير شامل, لتخفي معالمها القديمة وتستعد لإستقبال الزوج الشاب الذي
عقدت عليه الآمال لتوفير وريث لعائلة الجي ا زوي...
*********************
بالفعل كُتب الكتاب بعد انتهاء عدة نعمات بأسبوع.. ولم يكن ضمن الحضور سوى عبد
الرؤوف وعبد السلام اللذان شهدا على العقد وأنور زوج قمر...

لم تحضر شموس ولا بناتها وتعذرت بحالتها الصحية.. ولكنها كانت مجروحة منهم جميعاً,

كما أنها كانت غاضبة بشدة لتوريطهم رؤوف في تلك الزيجة المشوهة..

تباً لكل الأموال والأملاك التي ستتسبب في دفن شباب رؤوف بين أحضان زوجة عمه,

التي لا تدري كيف وافقت على استبدال العم بابن أخيه!.

 
 
 
*********************
دخل رؤوف إلى البهو وهو يتقدم نعمات التي كانت تنظر إلى الأسفل ولم ترفع أ رسها حتى
بعد أن سمعته يقول:

تفضلي..

ثم أغلق الباب بعد أن دخلت هي, لتنظر إلى الباب بفزع وكأنها لم تستوعب بعد أنها
ستكون معه.. وحيدة.. في بيتها القديم..

حاول رؤوف الكلام أو حتى افتعال أي حوار مهذب, ولكنه لم يجد ما يتفوه به.. فما كان
منه إلا أن توجه إلى غرفة المكتب وهو يتمتم بكلام لم يعلم إن كانت فهمته أم لا...

سأ ا رجع بعض الأو ا رق المتعلقة بالعمل قبل أن آوي إلى الف ا رش.

ثم تحرك مسرعاً داخل غرفة المكتب ليغلق بابها خلفه, ويستند عليه وهو يلهث وكأن كلمة
ف ا رش قد ذكرته بما هو مطالب به في تلك الزيجة.. حاول تهدئة أنفاسه وهو يتمتم:
"اهدأ يا رؤوف.. اهدأ.. ما بك؟.. ألست رجلاً بما يكفي أم ماذا؟"..

وضع وجهه بين كفيه يحاول استرجاع هدوءه, ليخرج إلى زوجته ويحاول اصطناع ثقة لا
يشعر بها ولكنه عليه أن يتقنها, بدلاً من هروبه من أمامها كطفل صغير, أوقف أفكاره
ومحاولاته الواهية صوت باب يغلق فأدرك أنها صعدت لغرفتها لتنام وتعفيه من حرج
الموقف.

أما نعمات فقد فوجئت باختفاء رؤوف من أمامها وهو يتمتم بكلمات عن العمل, ثم يتركها
وحيدة في بهو منزلها.. تلفتت حولها قليلاً, لتدرك أن زوجها الشاب فضل اللجوء إلى عمله
عوضاً عن أحضانها, فتحركت ببطء لتصل إلى غرفتها الجديدة وتغلق بابها بصوتٍ مسموع
وبداخلها هي شاكرة لهروب رؤوف منها..

 
 
 
*********************
استيقظ رءوف مع أول ضوء للشمس وهو يشعر بتصلب في جميع أنحاء جسده ليكتشف أنه
قضى الليلة على الأريكة في غرفة المكتب مثل كل ليلة من االشهر الذي مضى منذ
زفافه... حرك جسده قليلاً ليتمكن من النهوض.. ليأخذ حماماً سريعاً ينشط به نفسه ثم
يخرج متوجهاً إلى الشركة..

بينما وقفت نعمات ت ا رقبه من خلف نافذتها كعادتها يومياً... فكان هذا روتينها اليومي منذ
أن تزوجا, واستيقظت في اليوم التالي لزفافهما لتفاجئ باختفاء زوجها من منزلهما, وظلت
في حيرة تتساءل عن مكان وجوده حتى سمعت صوت سيارته يعلن عن وصوله إلى الفيلا
وكان ذلك قرب نهاية المساء..

دخل بهدوء ليفاجئ بها في انتظاره, جفل قليلاً وقال:

مساء الخير..

أجابته بهدوء:

مساء الخير..

ظلا يتبادلان النظ ا رت لفترة وكلا منهما حائر.. ما هي الخطوة التالية!!!... وأخي ا رً تحرك
رؤوف نحو الدرج وهو يقول:

أنا مرهق للغاية.. وأشعر بالحاجة إلى حمام دافيء..

أما نعمات وجدت نفسها تسأله بحدة لامت نفسها عليها لاحقاً:

لم تشعر بالتعب؟.. أين كنت طوال اليوم؟..

تنحنح ليجلي صوته وهو يجيبها ويخفي تعجبه من سؤالها:

 
 
 
في الشركة..

أجابته بدهشة:

ذهبت للعمل!!!..

ذكرته ملامح التعجب المرتسمة على وجهها بملامح عمه وزوج عمته وكل من قابله اليوم
في الشركة, وهم يناظرونه كما لو كان نبت له أ رس آخر, أو ظهرت له عين ثالثة.. وذلك
لحضوره إلى العمل في الصباح التالي للزفافه.. ولكنهم كتموا أسئلتهم داخل صدروهم ولم
يذكر أي منهم ما يدور في ذهنه, فالجميع يعلم الطبيعة الشائكة لهذا الزفاف.. ولكن هذا لم
يمنع من صدور بعض التعليقات من غالبية العاملين بالشركة والتي بالطبع وصل معظمها
إلى أذنيه إما عن عمد أو لا..

هو لا يهتم.. فهو لم ولن يبرر تصرفاته لأحد, أما الآن وهي تلقي إليه بتلك النظ ا رت العاتبة
انتابته رغبة غريبة في الإعتذار لها فقد أدرك الآن فقط أنه أساء إليها بتصرفه ذاك.. خاصة
وأن الأقاويل تتناثر بالفعل حول زواجهما..

أتاه صوتها وهي تسأله لتحبط أي محاولة منه للإعتذار:

هل أعد لك الطعام؟..

أجابها بتلعثم:

أنا جائع بالفعل, فلم يدخل معدتي سوى القهوة والشاي طوال الي وم.

أجابته برقة:

يا إلهي!!.. لابد أنك تتضور جوعاً, سأعد الطعام فو ا رً.

 
 
 
أكل في صمت وسرعة غير مبال بما سيكون عليه أ ريها في طريقته لتناول الطعام, فهو كان
يريد أن ينفرد بنفسه قليلاً حتى يرتب أفكاره, فهو تعمد إغ ا رق نفسه بالعمل طوال اليوم هرباً
من الأفكار التي ت ا روده بخصوص زواجه.. وما هو منتظر منه.. والذي تبين صعوبة تقبله
له.. فما بالك بالتنفيذ!!...

دلف مباشرة إلى مكتبه بعد انتهائه من تناول طعامه بعد أن اعتذر منها بكلمات مبهمة..

وظل هذا روتينهما اليومي طوال الشهر المنصرم.. يختفي صباحاً في عمله ويعود ليأكل
ويتبادل معها بضع كلمات وهو يتهرب من عينيها, ثم يختفي في مكتبه حتى الصباح التالي
لت ا رقب هي انص ا رفه لعمله من و ا رء نافذتها..

رنين الهاتف هو ما جعل نعمات تتحرك من خلف نافذتها لتلتقط السماعة وتجيب على
المتصل الذي تبين أنه قمر, التي تخبرها بحضورها إليها ومعها بعض جا ا رتها اللاتي يردن
تقديم التهنئة لها.. حاولت نعمات التملص من تلك الزيارة بكل الطرق, إلا أن قمر كانت
حددت الموعد بالفعل وكان اتصالها لإبلاغ نعمات فقط..

كانت الزيارة كما توقعت نعمات تماماً.. بضعة من النساء اللاتي أتين لمشاهدة الم أ رة التي
تزوجت بابن أخي زوجها والذي يصغرها في السن وأتخذن التهنئة كذريعة ليغتلنها بهم ا زتهن
ولم ا زتهن.. وتنوعت الكلمات ولكن كان المعنى كله واحد.. فبادرتها السيدة الأولى:

نعمات.. تبدين جميلة.. يبدو أن صحتك تحسنت بعد الزواج..

وترد عليها أخرى:

نعم فهذه ميزة الزوج الشاب القادر.. يعيد للم أ رة أنوثتها..

وتسألها أخرى بوقاحة:

هاه؟.. هل تنتظرين حادث سعيد يا عزيزتي؟.. أم ما ا زل الوقت مبكر على ذلك؟..

 
 
 
لتهمس لها السيدة الجالسة بجوارها:

أي سؤال هذا!!.. إنها لا تنجب.. هل نسيتِ؟.

ثم يرتفع صوت إحدى السيدات بسخرية واضحة:

لقد سمعت أن رؤوف يذهب إلى عمله يومياً, هل سأم الزواج بتلك السرعة؟..

وظلت الأحاديث تتوالى وتدور حول نفس الموضوع طوال مدة الزيارة.. حتى أستأذنّ
للخروج.. وعندها تنفست نعمات الصعداء.. فأخي ا رً ستعتق من جلد سياط ألسنتهن.. فإذا
كانت تلك حوارتهن في وجودها, فما هي الأحاديث التي يتداولنها من خلف ظهرها...

أغلقت خلفهن باب الفيلا والتفتت لتجد قمر ما ا زلت جالسة ولم تخرج معهن وأخذت تنظر لها
بتمعن.. ثم فاجأتها بسؤال عجيب:

هل تستقبلين رؤوف كل يوم بهذه الهيئة؟..

تعجبت نعمات من السؤال وتأملت ملابسها المتمثلة في جلباب فضفاض أنيق لونه أزرق
داكن مطرز بخيوط فضية وذهبية وحجاب متماثل معه..

سألتها نعمات بدهشة:

ما بها ملابسي؟..

ردت قمر بلهجة ساخرة نوعاً ما:

ليس بها شيء, وتلك هي المشكلة!!..

ازداد تعجب نعمات وهي تسألها:

ماذا تعنين يا قمر؟..

 
 
 
أجابتها قمر بحدة:

نعمات.. أنتِ كنتِ زوجة من قبل, وتعلمين ما الذي يجذب عين الرجل.

شهقت نعمات بقوة, ولكن قمر أكملت:

لما كل هذه الدهشة؟!!.. هل ضايقتكِ كلمات تلك النساء منذ قليل؟..

قاطعتها نعمات بذهول:

قمر.. هل تعمدتِ إحضار هؤلاء النسوة لكي تجرحيني؟!!.

أجابتها قمر بسرعة:

كلا بالطبع, لم يكن هذا هدفي.. لقد أتيت بهن حتى تسمعي بأذنيك الأقاويل والشائعات
المتداولة عنكِ وعن رؤوف.. لا تظني أنني سعيدة بما حدث.. فذلك اللغو يمس العائلة قبل
كل شيء, ولكني أردت أن أفهمكِ أن الشائعات وكلام الناس لم ولن ينتهي.. فسيظل
زواجكما هو حديث مجتمعنا الصغير لفترة, ولكن ليس معنى هذا أن نعلق تلك الزيجة أو
نوقفها..

حاولت نعمات مقاطعتها, فأسكتتها قمر بإشارة من يدها وهي تقول:

أعلم أنهن سببن لكِ الضيق, وأنكِ ترغبين في إسكاتهن وقطع ألسنتهن.. ولكن هذا لن
يحدث إلا بعد أن تنجبي الولد فيبلع الجميع كلماته.. وهذا لن يحدث بالطبع إذا كان رؤوف
يأتي كل مساء ليجد زوجة عمه هي التي تستقبله..

ارتفع صوت قمر قليلاً وهي تقول بنبرة خاصة:

 
 
 
يجب أن يجد زوجة في انتظاره, ام أ رة جميلة مستعدة له.. هل تفهميني يا نعمات؟.. إن
كلام الناس لن ينتهي, ولكن أس ا رر البيوت وغرف النوم لا يجب أن تخرج عن الزوجين..

وتذكري المثل الذي يقول "من يخجل من ابنة عمه, لا يستطيع الإنجاب منها".

أجابتها نعمات ساخرة:

لكن المثل يقول ابنه عمه, وليست زوجة عمه!!.

ردت قمر بسرعة:

فلتنجب هي منه إذاً..

سألتها نعمات بذهول:

قمر.. ماذا.. هل... ماذا تقولين؟..

رفعت قمر حاجب واحد وهي تقول:

أقول أنه لا خجل بين الزوجين..

نهضت قمر من جلستها وربتت على كتف نعمات المذهولة لدرجة انعقاد لسانها عن الرد
على قمر.. فانحنت قمر لتهمس في أذنها:

سأتركك لتستعدي لزوجك.. واخلعي هذا الوشاح عن أ رسك..

وخرجت قمر من الفيلا تاركة نعمات غارقة في دهشتها, وكلمات قمر تدور في عقلها..

وهي تتخيل نفسها تتزين كزوجة لرؤوف..

أخرجت الأفكار من أ رسها على الفور فهي لن تقوم بإغ ا رء زوجها.. زوجها.. ترددت الكلمة
في عقلها عدة م ا رت.. هل أصبحت تنظر لرؤوف كزوج الآن؟.. هي لا تنكر أنها أصبحت
تجده جذاب نوعاً ما كرجل, وليس كشاب عاصرت م ا رحل نموه..

 
 
 
ابتسمت بخفة وهي تتذكر ملامحه المذهولة من تصرفها في صباح أحد الأيام عندما وجدت
نفسها تعدل وضع ا ربطة عنقه, وكيف سكن جسده عن الحركة وحتى التنفس تحت تحركات
أناملها وهي تنتهي من ظبط ال ا ربطة وتمسد على كتفي بذلته بصورة عفوية..

أغمضت عينيها بألم لتبعد تلك الصورة عن ذهنها لكنها فوجئت بصورة ذهنية لها اخترعها
خيالها الخصب وهي تتزين وتتغنج لرؤوف.. نفضت أ رسها بقوة لتمحي تلك الصورة لكنها
وجدت كلمات قمر تعاد في ذهنها مرة أخرى مختلطة بلم ا زت النساء اللاتي كن في زيارتها..

كاد التفكير في التصرف الصحيح أن يفتت لها عقلها من الصداع.. هل تتزين وتغير من
ملابسها؟.. أو تظل كما هي؟.. طال بها الوقت وأخي ا رً اكتفت بملابسها التي ترتديها ولم تقم
بتغييرها, فهي لم تخبر قمر أنها تستقبل رؤوف بملابس أقل أناقة من التي كانت ترتديها..

فهي كانت ترتدي أمامه دائماً ملابس عادية وغير متكلفة.. وعبائتها المزركشة تلك تعد
تغيير ولو بسيط, وقررت أنها ستتخذ ق ا ررها في تعديل سلوكها نحوه بناء على ردة فعله حول
ذلك التغيير...

وحان المساء وقت عودة رؤوف, فأعدت المائدة كالعادة, وانتظرته في البهو.. وبعد عدة
دقائق سمعت صوت الباب يغلق معلناً عن وصوله... ليدخل ويلقي تحية المساء ويتجه
نحو المائدة قائلاً:

أنا جائع للغاية, سآكل أولاً.. ثم سأغتسل بعد ذلك.

وجلس يتناول طعامه في سرعة كعادته.. حتى انتهى وتوجه مسرعاً إلى الأعلى ليغتسل
بدون أن يبدي أي ملاحظة على مظهر نعمات التي كانت تتميز غيظاً منه ومن تجاهله
لمظهرها.. فنزعت الوشاح من فوق أ رسها بحركة عنيفة.. وحركت أ رسها بقوة لتنفض
خصلاتها الحم ا رء وتحررها لتنسدل على كتيفيها, وتحركت نحو الطابق الأعلى ودقات قلبها
تكاد تصم أذنيها..

 
 
 
خرج رؤوف من حمام الغرفة بعد أن أخذ حمام سريع, ليفاجيء بدخول نعمات في نفس
اللحظة.. فتوقف عن تجفيف شعره بالمنشفة وهو يحدق بها وهي واقفة على العتبة لا
تتحرك.. ولكنها تتنفس بسرعة شديدة ولكن ما لفت نظره هو شعرها.. فخرجت الكلمات من
فمه قبل أن يفكر:

شعرك!!..

سألته وهي تتحسس خصلاتها:

ماذا به؟..

فأجاب ببلاهة:

أحمر!!..

حدقت فيه بتعجب وبادرته بالسؤال:

نعم.. إنه أحمر كما كان طوال حياتي.. ألا تحب الشعر الأحمر؟!!..

حدق بها بتعجب ولم يعرف بما يرد عليها.. فهل لون الشعر قابل للحب؟.. ما هذا اله ا رء..

كيف للرجل أن يحب لون الشعر؟!!!.. ما الذي يفرق لون عن غيره؟!!.. نظر إليها فوجد
أنها ما ا زلت تنتظر اجابته.. فنطق بكلمات لم يتبين غبائها إلا بعد أن سمعها:

هاه.. لا أعرف.. لم أفكر في ذلك.. فأنا لم أر إلا شعر أمي وكان لونه أسود.

شهقت بدهشة:

ماذا؟!!.. والدتك!!.

شعر بغ ا ربة الموقف, وأ ا رد تلطيف الجو قليلاً, فقال بسرعة:

 
 
 
ولكن اللون الأحمر جيد.. إنه جيد..

تمتمت بخيبة أمل:

جيد!

تحرك رؤوف س ريعاً منهياً الموقف المحرج الذي وجد نفسه عالقاً به, واعتذر متعللاً بعمله
للمرة الألف..

أما نعمات فكانت تعصف بها مشاعر شتى.. من الإح ا رج والغضب والخجل.. وسعادة خفية
لأنها استطاعت أن تخطو خطوة نحو زوجها, حتى وان لم تلاقِ النجاح الذي آملته, ولكنها
تعتقد أنها البداية لشيء ما, فإذا كان التفت إلى لون شعرها فهي يجب أن تطرق الحديد وهو
ساخن وتستغل دفقة الشجاعة التي تسري في عروقها الآن.. فبدلت عباءتها الفضفاضة
بفستان ذو مظهر خادع فهو يبدو أنيق ومحتشم ولكنه يرسم ملامحها الأنثوية بوضوح...

واتجهت إلى غرفة المكتب حيث وجدت رؤوف يضغط على أ رسه بقوة محاولاً التحكم في ألم
أ رسه..

وصله صوتها هامساً:

ماذا بك؟.. يبدو على ملامحك الألم..

سؤال بسيط.. يحتاج لإجابة بسيطة, ولكنه عاجز عن الرد.. ظل يحدق فيها بدون أن
يصدر أي استجابة تدل على أنه يفهم ما تقول, فعقله كله انتقل إلى عينيه اللاتين كانتا
تحدقان فيها بذهول.. فهو لأول مرة منذ زواجهما ي ا رها بتلك الثياب التي تفسر ولا تخفي..

ولم يعجبه الإحساس الذي سرى في جسده.. إحساس غريزي بحت.. من رجل نحو ام أ رة..

ام أ رة تحاول لفت نظره إليها..

أعادت نعمات سؤالها مرة أخرى:

 
 
 
رؤوف.. هل تشعر بالألم؟..

حدق بها ببلاهة عدة لحظات.. ثم وجد صوته بعد لحظات:

أشعر بصداع شديد..

وجاء ردها:

بالطبع تشعر بالصداع, فأنت تعمل بلا إنقطاع.. ونومك على الأريكة كل ليلة يزيد من
تشنج عضلاتك..

وتحركت لتقف خلف كرسي مكتبه وهي تقول:

هيا.. سوف أقوم بعمل تدليك لعضلات عنقك سيساعدك على الاسترخاء..

وأقرنت قولها بتحريك يديها على كتفيه وهي تمسد له عضلات كتفيه وعنقه.. وأخذت
أصابعها تتحرك في حركة دائرية رتيبة.. وعندما بدأ يشعر بقليل من ال ا رحة سمعها تهمس:

إن عضلاتك متشنجة جداً, الأفضل أن تصعد إلى الغرفة حتى تتمدد جيداً, وأتمكن من
تدليك عضلاتك كما يجب..

تمسكت بيده فوقف معها وصعدا معاً إلى غرفة نومهما..

وهناك أشارت للف ا رش قائلة:

هيا تمدد حتى أستطيع منحك تدليك كما يجب..

استلقى رؤوف على بطنه وشعر بحركة أناملها تتجول على ظهره لفترة, ولكن سرعان ما
جاء صوتها هامساً بحرج:

أعتقد أنه سيكون من الأسهل لو خلعت قميصك!!..

 
 
 
نفذ رؤوف ما طلبته منه في صمت وهو مدرك أن الأمر يتخطى التدليك البسيط.. وعادت
نعمات لتجلس بجوار رؤوف وبدأت في تمسيد ظهره بنعومة ورقة..

شعر رؤوف بحركة أناملها البطيئة تتجول على ظهره لتمنح عضلاته المرهقة ال ا رحة
المنشودة.. وبدأت عضلاته تسترخي رويداً رويدا تحت ضغط أناملها..

فأطلق تنهيدة ا رحة من أعماق صدره, وسمعها تسأله:

هل آلمتك؟..

رد عليها بسرعة:

لا.. لا.. لا تتوقفي.. فأنا أشعر ب ا رحة كبيرة..

ابتسمت ولم تجبه وهي تتأمل عضلاته البارزة التي توحي بقوة ورجولة بدأت تشعر بتأثيرها
عليها فتغيرت لمساتها لتصبح أكثر رقة.. واغواء.. شعر هو بتغيير لمساتها وبدأت قط ا رت
خفيفة من العرق تنضح على جسده فتوقفت نعمات عن تمسيد عضلاته عندما أدركت أنه
شعر بما انتابها, فسألها بصوت مكتوم:

لم توقفتِ؟.

لم يسمع ردها ولكنه شعر بعد لحظات بشفتيها تلامس ضهره برقة.. فانتفض بقوة وانقلب
على ظهره وعينيه تواجه عينيها التي ظهر بها رغبتها في إتمام زواجهما.. وتأكد من ذلك
عنما شعر بأصابعها تداعب خصلات شعره برقه وهي تميل ب أ رسها لتقبله على شفتيه قبلة
رقيقة.. شعر بها كهمسة خفيفة.. فتحركت يده خلف عنقها ليجذب أ رسها إليه ويعمق من
قبلتهما.. وهي تزيد في احتضانه تخبره بلمساتها أنها مستعدة لتبدأ حياتها الجديدة معه...
*********************
 
 
فتح رؤوف عينيه متململاً من آشعة شمس الصباح, ولكنه وجد محيطاً مختلفاً عما يقابله
كل صباح.. فأخذ يرمش بجفنيه محاولاً استيعاب مكان تواجده, ورفع أ رسه قليلا ليتبين أنه
كان يتوسد صدر نعمات التي كانت نائمة بين ذ ا رعيه في هدوء.. فتوجهت أنظاره إلى جسده
الذي كان عارياً تماماً, فأصابه الذعر مما رآه وقفز من الف ا رش بسرعة وهو يبحث عن
ملابسه ويرتديها كيفما كان..

كان انتهى من ارتداء سرواله, عندما واجهته عيني نعمات وابتسامة محرجة على وجهها..

وهي تقول بهمس:

صباح الخير..

جلس رؤوف على حافة الف ا رش بتهالك وهو ينظر إليها ويهمس لها معتذ ا رً:

أنا.. أنا.. آسف.. أنا..

تحركت نعمات على الف ا رش وهي تلف مفرش السرير حولها لتضع أصابعها على شفتيه:

لا تعتذر.. أنت زوجي الآن.. وهذه حياتنا معاً ويجب أن نبدأها كما يجب...

واقتربت أكثر وهي تضمه إليها.. وتطبع شفتيها على شفتيه في قبلة طويلة.. استجاب لها
جسده على الفور...




التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 18-10-15 الساعة 10:24 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-10-15, 07:51 PM   #6

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الخامس

دخلت شموس إلى الغرفة بهدوء ظاهري لا يعكس الانفعالات التي تموج بداخلها.. ففي
النهاية هما ضيفتان في بيتها, ومن الواجب عليها الترحيب بهما...
قالت بهدوء وهي تحيي قمر رغم الغصة في حلقها:
مرحباً.. أهلاً بكِ يا قمر..
وتوجهت لنعمات لترحب بها بالمثل:
أهلاً بكِ..
كانت تعرف أنه ترحيب فاتر ولكنها لم تستطع أن تفعل أكثر من ذلك.. فكيف يمكنها
الترحيب بها وهي ستكون...
ابتلعت غصتها بضيق وهي تدعوهما إلى الجلوس وتسألهما عما تودان تناوله وتلقي كلمات
الترحيب المعتادة.. ولكن كان ذلك يتطلب منها مجهوداً فوق طاقتها ويبدو أن قمر
استشعرت ذلك فبادرت بالسؤال:
كيف حالك يا شموس؟.. وما هي أخبار البنات؟..
أجابت شموس باقتضاب:
بخير..
عادت قمر تحاول صبغ بعض الودية على الحديث:
وكيف حال أخي, هل تواجهه أي مشاكل في العمل؟..
أجابت شموس باختصار:
قيد القمر
59
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
كل الأمور على خير ما ي ا رم.
ارتأت قمر الدخول في الموضوع مباشرة بعد ردود شموس المقتضبة:
أين العروس؟..
أجابتها شموس بغضب مكتوم:
موجودة.. ستأتي حالاً..
قالت جملتها وهي ترمق نعمات بقهر عجزت عن اخفائه, فهي رفضت أن تكون نعمات
زوجة ثانية لعبد السلام لتدور xxxxب الزمن خمسة عشر عاماً وتصبح نور القمر ابنتها
زوجة ثانية لرؤوف زوج نعمات.. آه.. إن الغيظ والقهر يقتلانها قتلاً..
كانت لتكون أسعد أم على وجه الأرض لو جاء رؤوف خاطباً لابنتها.. ولكن بدون تلك
الزوجة التي تكبره بخمسة عشر عاماً وتكبر ابنتها هي بخمسة وعشرين عاماً أو أكثر..
إن نعمات في عمر يكفي لتكون أم لنور القمر وليس ضرة لها.. أي منطق هذا؟.. وكيف
ستتعامل ابنتها مع ذلك الوضع الغير طبيعي بالمرة..
لكِ الله يا نو ا ر يا ابنتي.
هذا كان تفكير شموس بينما كانت نعمات صامتة في وجوم.. فما المفترض بها قوله وهي
ذاهبة لكي تخطب لزوجها!!!... ولكنها وجدت أن سكوتها هذا سيؤخذ عليها خاصة مع
نظ ا رت شموس المسمومة نحوها..
فتنحنحت كي تجلي صوتها وهي تخاطب شموس:
أعتقد أنكِ تملكين فكرة جيدة عن سبب وجودنا الآن.. فلا داعي للمقدمات.. فنحن يسعدنا
التقدم بطلب يد الآنسة نور القمر ابنتك.. لرؤوف...
قيد القمر
60
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
صمتت قليلاً ثم أردفت:
زوجي..
قاطعتها قمر بحسم:
ابن عمها... نحن نطلب يد قمر الصغيرة.. لرؤوف ابن عمها...
صمتت شموس بقهر وهي تستعيد في ذاكرتها ما حدث منذ عدة أيام ودخول عبد السلام
عليها وملامحه ترتسم عليها تعبي ا رت ذكرتها بأحداث مضى عليها خمسة عشر عاماً..
وهو يطلب منها في خفوت أن تصطحبه لحجرتهما ويزف إليها خبر كان من الممكن أن
يسعدها لو اختلفت الظروف والأحداث.. وهو طلب رؤوف الزواج من نور القمر ابنته
الوسطى..
كان وقع الخبر صاعق على شموس التي عقدت الدهشة لسانها عن التفوه بأي كلمة..
فأردف عبد السلام:
لقد فاتحني أبي اليوم في الموضوع.. وأبلغني برغبة رؤوف في الزواج من نور القمر.
صمت قليلاً يتأمل وقع الخبر على شموس التي لم تتفوه بكلمة حتى هذه اللحظة.. فاستطرد
بخفوت:
ستأتي أختي قمر مع نعمات لمقابلتك بعد يومين..
هنا انطلقت صرخة شموس بلا إ ا ردة منها:
ماذا؟!!!... نعمات!!!!... هل سيبقيها على ذمته؟.
رمقها عبد السلام بعتاب وهو يقول:
قيد القمر
61
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
وهل نطالبه بطلاقها بعد كل تلك السنوات؟!.. هل عهدتِ الخسة في تصرفات رجال
الجي ا زوي؟..
تهالكت شموس على أقرب مقعد وهي تقول بحيرة:
أنا لا أفهم... لا أفهم.. ماذا يحدث يا عبد السلام؟.. لماذا يطلب رؤوف الزواج من نور
القمر ابنتي؟...
صمت عبد السلام للحظات سمح فيها لشموس بتأمل ملامحه التي تعشقها والتي أخبرتها
بوضوح ما يعجز لسانه عن البوح به.. فقالت بلهجة تقريرية:
إن عمي ما ا زل يبحث عن وريث لعائلة الجي ا زوي.. والمطلوب من ابنتي الآن تقديم ذلك
الوريث, بل القبول برجل متزوج لتنجب منه ذلك الوريث..
زفرت بضيق شاركها إياه عبد السلام وهي تضيف:
أي ظالم أنت يا عمي!!.. ألن تكف عن التلاعب بمصائر الجميع؟..
نهرها عبد السلام بتخاذل:
شموس!!.. لا تتج أ ري على والدي.. لن أسمح بهذا أبداً.. كما أن رؤوف رجل لا غبار
عليه.. وزوج تتمناه أي فتاة.
ردت عليه شموس بسرعة:
تقصد رجل متزوج لا غبار عليه..
تجاهل عبد السلام كلامها وهو يقول:
استدعي نور القمر حتى أبلغها بخطبتها لابن عمها..
قيد القمر
62
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
رمقته شموس بدهشة, فكرر طلبه بلهجة حازمة لم تعتدها منه:
استدعها الآن...
عادت من زحمة ذكرياتها على صوت نعمات وهي تسأل بتململ:
لقد تأخرت العروس حقاً..
ثم أردفت بأمل:
هل هي معترضة على الزواج؟..
فأجابتها قمر بسرعة بدون أن تترك فرصة لشموس للرد:
كلا بالطبع.. ما هذا الكلام يا نعمات؟!!.. وهل ترد إحدى بنات الجي ا زوي ابن عمها؟!!.
ابتلعت نعمات غصتها وهي ترمق قمر بقهر.. قمر التي أقنعتها منذ خمسة عشر عاماً
بالزواج من رؤوف.. وطاوعتها نعمات جرياً و ا رء حلم تبين فيما بعد أنه س ا رب..
خضعت وامتهنت ك ا رمتها حتى تشبع رغبتها في الأمومة وتنجب الابن الذي تنتظره عائلة
الجي ا زوي بأكملها... ولكن الحلم لم يتحقق.. أو بمعنى أشمل لم يتحقق لنعمات سوى جزء
بسيط من حلمها.. فهي أشبعت رغبتها الدفينة بالأمومة.. ولكن وجهت أمومتها لرؤوف..
فمنحته حنانها كزوجة وأسبغت عليه عاطفتها كأم..
أغرقته بحنانها وحبها وعطفها حتى تعلق بها بشدة.. وتكاد تجزم أن لها مكاناً في قلبه..
رغم أنه لم يصرح بذلك.. وهي لا تعتقد أنه ممكن أن يصرح بعواطفه لأياً كان, فهو ربيب
عبد الرؤوف الجي ا زوي الذي لا يؤمن بتلك النوعية من العواطف.. ورؤوف هو نسخة مصغرة
من جده.. في الأفكار والتصرفات والمعتقدات وكل شيء.. إنه ابنه أكثر من كونه حفيده..
قيد القمر
63
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
عادت تتأمل قمر.. تلك الداهية العبقرية التي أقنعتها بالقدوم معها لتطلبا يد نور القمر
الصغيرة للزواج من رؤوف.. مخبرة إياها أن ذلك يحسن العلاقات ويكسر التوتر مستقبلاً..
وهي اقتنعت بكلامها.. أو أوهمت نفسها بذلك.. فهي أتت في المقام الأول لتتأمل غريمتها
الصغيرة.. لتنظر في عينيها وتخبرها بالنظ ا رت قبل الكلمات..
أن رؤوف مِلكاً لها ولن تتنازل عنه أبداً.. حتى لابنة عمه الصغيرة.. وحتى لو أنجبت تلك
الصغيرة الحفيد المنتظر.. فمن ينتظره هو عبد الرؤوف كبير العائلة.. لكن رؤوف سيتزوج
من نور القمر استجابة لطلب جده فقط.. هي فهمت منه ذلك... رغم عدم تصريحه
بكلمات كثيرة.. فرؤوف قليل الكلام دائماً وأبداً لا يصرح إلا بالقليل الذي يدور في عقله وبما
يكفي لاقناع من أمامه بما يريد...
آه يا رؤوف.. هي لا تدري لما اختار نور القمر, رغم أنها الوسطى وليست كبرى بنات عبد
السلام.. ولكنها تحمد الله على ذلك فهي لا تحتمل اختياره لسهير.. تلك الشق ا رء ا رئعة
القوام.. هي لن تستطيع منافستها أبداً.. أما نور القمر فهي أقل جمالاً من شقيقتها..
فهي سم ا رء صغيرة الجسم.. بالإضافة إلى لسانها الذي لا يسكت أبداً وقد يطول في أحيان
كثيرة, وتلك صفة يمقتها رؤوف بشدة ولكنه طبعاً لا يعرفها عن ابنة عمه الصغيرة.. وهي
حرصت على ألا يعرفها حتى تظل لها هي الأفضلية التي تمنحها لها رقتها وحلاوة لسانها
وهدوئها معه وعدم مجادلته في أي شيء.. لا تتذكر أنهما اختلفا أو تشاج ا ر على مدار
سنوات زواجهما الخمسة عشر.. فقد حرصت على توفير بيئة هادئة ناعمة له.. تشعر في
أعماقها أنها تعوضه عن زواجه منها والذي لم يثمر الوريث الذي ضحى من أجله باختيار
الزوجة التي تناسبه على الأقل عمرياً...
أفاقت نعمات من شرودها على تحرك شموس وهي تتمتم أنها ستذهب لكي تأتي بنور
القمر...
قيد القمر
64
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
طرقت شموس باب غرفة نور القمر أو نو ا ر كما تحب أن يدعونها:
نو ا ر.. حبيبتي.. افتحي الباب.. هذا لا يصح.. أنتِ تحبسين نفسكِ في غرفتكِ منذ يومين..
يجب أن تخرجي الآن لعمتكِ و...
فتحت نو ا ر الباب بقوة وهي تقول:
ومن يا أمي؟.. وخالتي نعمات.. أو هل أقول ضرتي؟..
فجأة ظهر من خلفها عبد السلام ودفع ابنته لداخل غرفتها وهو يحاول التحكم في غضبه
منها فهي وعلى غير عادتها لم تنبس بكلمة منذ أن أخبرها بطلب رؤوف, بل حبست نفسها
في غرفتها ا رفضة التحدث في الموضوع مع أي شخص أو إبداء أ ريها حول الموضوع وحتى
عمتها قمر التي تعشقها لم تستطع الدخول إليها أو إج ا رء أي حوار معها..
ماذا تنوين أن تفعلي يا ابنة شموس؟.
صرخت بحنق:
أبي..
قاطعها:
نعم.. ابنة شموس.. فابنة عبد السلام لا تحرجه ولا تخفض أ رسه في الت ا رب أمام أبيه..
قالت بغيظ:
وهل قبولي بأن أك ون الزوجة الثانية يرفع من أ رسك يا أبي؟..
بل تفضيلكِ لمصلحة العائلة يا نور القمر.. وقبولكِ طلب ابن عمكِ.
قيد القمر
65
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
علمت نو ا ر أن والدها غاضب بشدة فهو يناديها نور القمر فقط عندما يغضب منها..
فحاولت استرضائه قليلاً:
أبي.. إن جدي هو من أمر رؤوف بذلك.. أنت تعلم ذلك كما أعلمه أنا..
أمسك عبد السلام بيدي ابنته وجذبها لتجلس على الأريكة بجانبه:
حبيبتي.. لقد فات الوقت الذي كان يستجيب فيه رؤوف لأوامر جده بلا نقاش.. إن كنتِ
تخشين أن يكون الزواج منكِ مفروض على رؤوف.. فلا تفكري بذلك.. لأنه لو كان صحيح
لكان طلب سهير لأنها الكبرى.. أليس كذلك؟.. سأترككِ لتستعدي وتخرجي لضيوفكِ..
وجدت نو ا ر نفسها تستعد مثلما طلب منها والدها الذي لا تستطيع كسر هيبته ووقاره في بيته
وترفض مقابلة ضيوفه ولكنها ظلت تفكر في كلامه والذي كان يشغل بالها على مدار
اليومين الاخريين.. لماذا طلب رؤوف الزواج منها وليس من سهير؟..
هل يعقل أنه يعلم بالحب المتبادل بين سهير ومنذر ابن عمتها قمر؟.. ولهذا ابتعد عن
سهير.. ربما.. رغم أنها تشك في أن يكون على معرفة بتلك الأمور الأرضية السخيفة...
فهو يبدو دائماً متباعداً عن الجميع, مشغولاً بأعمال العائلة على الدوام فلا يجد وقتاً
للإطلاع على شئون أف ا ردها.. لكن لعل منذر أسر إليه بحبه لسهير.. لكن كيف ومتى؟..
كل شيء ممكن..
أكملت استعدادها وما ا زل تفكيرها معلق به.. إنهم يلتقون برؤوف بالطبع في التجمعات
العائلية.. ولكن لا يختلطون معه كثي ا رً.. فهو يدور في دائرة الأعمال مع جدها ووالدها أكثر
من اختلاطه بباقي شباب العائلة.. لذا لم يكن احتكاكها به عميقاً.. فهو كان دائماً حلم بعيد
المنال ولكنها لا تستطيع نسيان ذكرى عينين خض ا روين اظلمتا بشدة للحظة واحدة وهما
تتأملانها عن قرب.. هل يمكن؟ هل..؟..
قيد القمر
66
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
دخلت عليها أمها تستعجلها.. فوجدتها ارتدت ثوباً بسيط اً ومحتشماً للغاية.. ولم تضع أي
مساحيق تجميل على وجهها كما أنها جمعت شعرها الأسود الغجري الطويل في كعكة كبيرة
خلف أ رسها...
فصاحت بها شموس:
ما هذا؟.. لماذا لم تتزيني؟.. أو..
قالت نو ا ر بصوت مكتوم:
أمي.. أرجوكِ.. هيا لننتهِ من تلك المسرحية..
رمقتها أمها بتفهم وهي تسأل نفسها:
ماذا تدبرين يا ابنة الجي ا زوي؟... تلك النظرة المجنونة في عينيكِ لا تريحني على
الإطلاق..
دخلت شموس الغرفة وهي تسحب نو ا ر خلفها.. فرفعت نعمات عينيها على الفور لتتأمل
غريمتها في هدوء.. فتاة صغيرة الحجم أشبه بالدمية الصغيرة, شعرها الأسود الطويل والذي
تعلم نعمات إنه يصل إلى نهاية ظهرها جمعته في ص ا رمة خلف أ رسها.. وجهها صغير ككل
شيء فيها.. تتمتع بشرتها بلون برونزي جذاب وعينيها وهما أكبر ملامحها عينين
- -
ذهبيتين أو لهما لون العسل لم تستطع التحديد.. لكنهما تشعان بالتحدي والتمرد.. كانت نور
القمر مثل الروح المتمردة.. الروح الشابة..
فكرت نعمات للحظة.. إنها كانت تخدع نفسها بظنها أنها أقل جمالاً من شقيقتها الشق ا رء..
إنها جميلة بطريقة أخرى.. جمال شرقي متفرد..
قطع تأملها صيحة قمر المبتهجة وهي تسحب نو ا ر لأحضانها وتعاتبها بلطف:
قيد القمر
67
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
هل تتغلين علينا يا نو ا ر؟... أم هو حياء العروس؟..
ضحكت نو ا ر بخفة وهي تحتضن عمتها:
لقد افتقدتكِ كثي ا رً يا عمتي..
ثم مالت لتهمس في أذنها:
آسفة لأنني لم أستقبلكِ بالأمس, ولكن كان ينبغي عليّ التفكير بدون تدخل قد ا رتكِ الفائقة
على الاقناع..
ربتت قمر على كتف بنت أخيها بحب وهي تقول:
أتمنى أن تكوني وصلتِ للق ا رر السليم..
ارتفع صوت نعمات وهي تقول:
مرحباً بالعروس.. ألن تسلمي عليّ؟.
تحركت أ رس نو ا ر ببطء لتلتقي عينيها بعيني نعمات.. تبادلتا النظ ا رت لفترة.. قد تكون ثوانٍ..
أو دقائق ولكنهما شعرتا بها سنوات.. ظهر التحدي في نظ ا رت نعمات.. ربما رغماً عنها
ولكنها كانت طريقتها في مهاجمة غريمتها لتخبرها بصمت أنها لن تتنازل أو تترك لها
الساحة لتتنعم بالسعادة مع رؤوف.. وبدورها استقبلت نو ا ر تلك النظ ا رت باستخفاف أجادت
تزييفه وكأنها تصرح بعدم اهتمامها الخوض في تلك الحرب التي تدعوها لها نظ ا رت نعمات
أو ربما تترفع عن خوضها لثقتها في الفوز.. وخاصة إذا كانت ستحمل الوريث بين
أحشائها..
برغم أن نعمات هي من بدأت تحدي النظ ا رت إلا إنها كانت البادئة في خفض نظرها وكأنها
أدركت فجأة ضعف موقفها أمام نظ ا رت غريمتها الشابة والتي تضج بالحياة والتمرد..
قيد القمر
68
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
بعد أن كسرت نعمات حبل النظ ا رت الممتد.. حيتها نو ا ر في هدوء ثم اختارت أقرب كرسي
للباب وجلست عليه وهي تحاول التركيز على الحوار الدائر بين النسوة الثلاثة, وكان
المجهود المبذول للحفاظ على ودية الحوار ملحوظاً وبشدة.. حتى بدأت عمتها قمر تصل
للموضوع الرئيسي والغرض من تلك الزيارة فقالت لشموس بلهجة تقريرية:
سيأتي أبي ورؤوف لمقابلة عبد السلام رسمياً ليحددوا موعد الزفاف..
فانتفضت نو ا ر في مكانها وكأنما لدغها ثعبان سام, لتخرج الكلمات منها بسرعة وبدون
تفكير:
ولكنني لم أوافق بعد..
سقطت العبارة عليهن جميعاً كالصاعقة ولكنها كانت صاعقة مبهجة لنعمات التي ظنت أنها
تخلصت من تلك السم ا رء الصغيرة صاحبة العيون بلون العسل الذائب والتي يت ا رقص التمرد
والتحدي فيهما.. لكنها شعرت بالروح تنسحب منها عندما أكملت نو ا ر بثقة:
أعني.. أنني أريد الحديث مع رؤوف حتى نسوي بعض الأمور, قبل أن أعلن عن أ ريي..
*********************
كان رؤوف ينفث دخان سيجارته بعصبية وهو ينظر في ساعته للمرة المليون بتلك الليلة
منتظ ا رً عودة نعمات مع عمته.. ما الذي يؤخرهما هكذا؟.. إنها زيارة ودية فحسب.. فكل
الأمور سيسويها هو مع عمه وجده..
لا يعلم لماذا ا رفقت نعمات عمته قمر في تلك الزيارة.. لكنها أخبرته أنها تفعل ذلك حتى
تكسر حدة التوتر وتظهر لنور القمر الترحيب بها داخل أسرتهما الصغيرة.. وأنها لا تمانع
على الإطلاق في كونها ستشاركها زوجها لأنها تتفهم حتمية زواج رؤوف مرة أخرى.. ورغم
كل كلامها ذاك.. إلا أنه شعر بجرحها العميق الذي تحاول اخفائه تحت ستار قوة واهية..
قيد القمر
69
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
إنه لا يريد جرحها أو ايذائها.. وقد حاول حمايتها كثي ا رً على مدى السنين الماضية من
التعرض لنفس المعاناة التي مرت بها سابقاً مع عمه.. فجده يسعى لاقناعه بالزواج مرة
أخرى منذ سنوات..
فبرغم كل شيء لم يرزق رؤوف بأطفال منها... مع أن التحاليل الطبية أثبت قدرتهما على
الإنجاب إلا أنه لم يحدث.. ورغم كل محاولات العلاج المستمرة.. والأدوية التي تناولتها
نعمات مع علمها بعدم وجود أي عيب بها ولكنها لم تمانع في المرور بسلسلة طويلة من
العلاجات والنظم الغذائية أملاً في انجاب الوريث.. وعندما قر ا ر أخي ا رً اللجوء للوسائل
الصناعية كان الآوان قد فات..
والآن.. بعد خمسة عشر عاماً وبعد ان استحال على نعمات توفير الوريث... دارت الدوائر
لتعود القصة من البداية.. ورحلة البحث عن وريث يحمل الشعلة من بعده ويكون وجوده
كفيلاً باستم ا رر اسم الجي ا زوي.. تلك الرحلة الذي أخذ يؤجلها لسنوات رغم تأكده من حتميتها
فهو لا يختلف مع جده في تلك النقطة, إلا أنه قاومه على مدى السنين الماضية محاولاً
تأجيل المحتوم..
لكنه خضع أخي ا رً بعد أن داعب جده هاجس خفي داخله.. شيطان يوسوس له في بعض
الأحيان.. بأن الموت قد يكون قريباً.. متربصاً به.. لتنتهي سيرته في الحياة شاباً مثل أبيه
وعمه.. هذا الهاجس الذي كان يهاجمه كثي ا رً في الآونة الأخيرة لقرب بلوغه الخامسة
والثلاثين..
تحرك ليقف قرب النافذة بتململ وهو يتناول لفافة أخرى ليشعلها ويتأمل دخانها.. ليعود
بتفكيره لحواره مع جده:
رؤوف.. يا بني.. إلى متى ستتهرب من ذلك الموضوع؟.. لقد سأمت م ا روغتك..
إنني لا أ ا روغ يا جدي.. ولكني أفضل أن أؤخر تلك الخطوة قليلاً..
قيد القمر
70
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
رمقه جده بتفحص فهو يعلم طريقه تفكير حفيده الذي نضج ونضج معه تفكيره وقدرته على
التلاعب بجده كما يظن.. وهو متأكد من أنه سي ا روغه كالعادة ولن يحسم الأمر أو يتخذ
ق ا رر, فقرر أن يقسو عليه وليكن ما يكون.. ورغم بغضه لما سيقول ولكن هذا لمصلحته:
تؤخرها إلى متى؟.. ألا ترغب أن ترى أبنائك حولك؟.. وهل تضمن الحياة وتقلباتها؟.. أم
تفضل أن يأتي ابنك ولا يجدك حوله؟..
كانت جملة الجد كلكمة قاسية وغادرة في نفس الوقت.. صوبها بدقة إلى أقسى مخاوف
رؤوف.. فرمق جده بعتاب وهو يقول:
الأعمار بيد الله يا جدي..
ونعم بالله يا بني.. ولكن لماذا تحارب المحتوم.. زواجك مرة أخرى موضوع محسوم.. لماذا
التأجيل؟..
لم يجد رؤوف إجابة مقنعة يرد بها على جده.. فرد عليه بم ا روغة:
حتى لو وافقت.. فمن تلك التي ستوافق على رجل متزوج؟.. يجب أن يكون سبق لها
الزواج من قبل..
ثار جده في وجه بقوة:
ما هذا الكلام الفارغ؟.. لماذا تبخس نفسك حقها؟.. أنت رؤوف الجي ا زوي.. أي فتاة في
مدينتنا تتمناك زوجاً لها.. أم أنت تهدف من ذلك المحافظة على مشاعر زوجتك؟.. حتى لا
تكون للزوجة الجديدة ميزة إضافية عليها؟..
تململ رؤوف بضيق من الاتجاه الذي بدأ يتخذه الحوار فنهض يتحرك بعصبية في الغرفة
وهو يقول:
قيد القمر
71
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
كلا يا جدي.. ولكني.. سأعرض من سأتزوجها للظلم والمعاناة.. فليس من العدل أن تبدأ
أي فتاة صغيرة حياتها بص ا رع مع زوجة أخرى... لا أشعر بالرضا عن ذلك..
قاطعه جده بحزم:
رؤوف.. توقف عن الم ا روغة.. إننا لن نخدع أي فتاة ونزيف وضعك.. فمن ستوافق ستكون
على د ا رية تامة بكل شيء.. في الواقع.. أنا أفكر في إحدى بنات عمك.. فهن أحق بك..
أنت بكل تأكيد ستحافظ علي من تختارها منهن..
بنات عمه!!!... كانت الفكرة صادمة ل رؤوف.. هل اختار جده بالفعل؟!!.. ورغم كل
اعت ا رضاته على الزواج من فتاة في مقتبل العمر يقرر جده عنه مرة أخرى.. ومن؟!.. واحدة
من بنات عمه!!!..
وجد لسانه يردد بلا وعي:
بنات عمي!!!.
نعم.. فكر.. وقرر.. أيهن تريد.. سهير أم نور القمر؟.
نور القمر.. ومضت في عقله ذكرى خاطفة لعاصفة منطلقة من الشعر الأسود الغجري
تحتوي جسداً ضئيلاً كاد أن يتهاوى على درجات السلم الداخلي لبيت عمه لولا سرعة بديهته
بالإمساك بها قبل أن تسقط.. لتلتقي عينيه بعيون ذهبية.. نارية النظ ا رت وتفلت من بين
ذ ا رعيه في لحظة ملتفة حول نفسها مما جعل عاصفة الشعر المعطرة ب ا رئحة التوت البري
ترتطم بوجهه بعنف محبب.. جعله يغمض عينيه لثانية واحدة اختفت فيها تلك النارية
المتوهجة من أمامه ولم يسمع سوى صوت صياحها من بعيد وهي تخاطب إحدى شقيقاتها
بحدة..
نور القمر!!!!.
قيد القمر
72
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
سمع صوت جده يسأله:
هل هذا سؤال أم ق ا رر؟..
انتبه إلى جده فقال:
ماذا؟!.
لقد قلت نور القمر ولكن بنبرة غريبة.. فلم أتبين إن كنت قررت أن تتخذها زوجة أم
تسألني أ ريي؟.
عادت ذكرى تلك العيون المتلألئة والشعر الغجري تداعبه فقال بثقة:
بل نور القمر من أريدها زوجة..
انتشل رؤوف نفسه من ذكرياته بصعوبة بعد أن سقط رماد لفافة السجائر على أصابعه
فأحرقها.. نفض الرماد بسرعة وهو يسخر من نفسه متسائلاً إذا كان قد أشعل حرباً بق ا رره
الزوج من نور القمر!!!... وهل سيعرف منزله الهدوء بوجود تلك النارية بين جنباته؟... وهل
يستطيع التفسير إذا ما سُئل لما اختار الوسطى بينما الكبرى لم تتزوج بعد؟!.. إنه يحمد ربه
أن جده اكتفى بموافقته على الزواج ولم يسأله لم وقع اختياره عليها.. فهو لا يستطيع
التفسير لنفسه, فكيف بحق الله يمكنه أن يفسر لجده؟..
أنقذه من التفكير دخول نعمات عليه المكتب, وتعجب من عدم ملاحظته لوصولها رغم
وقوفه بالنافذة المطلة على مدخل المنزل.. فبادرها متسائلاً:
مساء الخير يا عزيزتي.. لما كل هذا التأخير؟..
رمقته بقهر وهي ترد:
وهل قلقت عليّ؟.. أم تريد الرد على طلبك؟..
قيد القمر
73
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
اقترب منها في هدوء ليحتضنها برقة ممسداً بأصابعه على وجنتها:
هل هذه غيرة؟..
ا روغته بإجابتها فهي لن تصرح بغيرتها أو عواطفها مادام هو يخفي مشاعره ويحيطها بسياج
صلب:
وهل يجب أن أغار؟.
ا زد من احتضانها وهو يطبع قبلة رقيقة على شفتيها:
لا داعي للغيرة.. فأنتِ تعرفين معزتكِ وقدركِ لدي..
ابتعدت عنه قليلاً وهي تفكر بحزن.. آه يا رؤوف.. هل أنت لا تعترف بالحب فعلاً فلا
تصرح به.. أم أنت ببساطة لا تستشعره تجاهي؟...
ردت نعمات وهي تداري حزنها:
نعم أعلم.
إذاً.. لما كان التأخير؟.
أجابته بغيظ لم تستطع إخفائه:
تأخرنا بسبب انتظارنا ل"ست الحسن" حتى تتكرم علينا وتخرج من غرفتها.
نظر إليها مصدوماً.. فتداركت نفسها وهي تغتصب ضحكة مفتعلة وتقول:
إنني أمزح فحسب.. لا تهتم.. ولكنك تدرك.. عروس وتتدلل..
ثم استطردت بحنق:
من حقها.. واذا كنت تنتظر رداً حاسماً.. فآسفة..
قيد القمر
74
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
قاطعها ببرود وهو يهمس من بين أسنانه:
هل رفضت؟..
رمقته للحظة وهي تحاول أن تستكشف ما الذي يدور في ذهنه خلف ذلك القناع البارد.. ثم
سألته:
وهل تغضب إن رفضت؟..
صرخ بها بغضب فقد سأم م ا روغتها:
نعماااات...
أجفلت من صوته العالي فقالت بسرعة:
لقد طلبت محادثتك أولاً.. قبل أن تعلن عن أ ريها..
نظر إليها بقلق.. فهو يخشى أن تطلب منه الانفصال عن نعمات.. وسمع نعمات تردف
بسخرية كأنها تردد مخاوفه:

يبدو أن الع روس الصغيرة لديها بعض الشروط...


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-10-15, 10:40 PM   #7

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السادس
،
،
اتكئت نو ا ر على سريرها وهي تحتضن وسادتها الصغيرة وعقلها مغيب تماماً عن هذر
شقيقتيها من حولها تفكر في الق ا رر الذي اتخذته ومدى صحته.. واللقاء القادم مع رؤوف
واذا كان سيستجيب لطلبها أم لا...
انتابها القلق والتوتر.. ماذا إن رفض؟.. هل ستستطيع المضي قدماً في ذلك الارتباط؟..
وهل تجرؤ على الرفض ومواجهة غضب جدها وأبيها؟.. وهل من الممكن أن تتهرب من
تلك الزيجة بدون أن تثير زوبعة داخل العائلة؟.. والسؤال الأهم هل تريد أن تتهرب فعلاً من
الزواج برؤوف؟...
كم تود أن تسأله لم اختارها هي؟.. ولكن بأي منطق تذهب وتسأله لم اخترتني ولم تختر
شقيقتي الشق ا رء الأكبر والأجمل مني؟.. لابد أن تكون مجنونة لتفعل ذلك!!.
أفاقت من شرودها على صوت صفير, فالتفتت بعنف لتجد سهير تبتسم بسخرية وهي تقول:
إلى أين ذهبتِ بأفكاركِ؟.. هل تفكرين في زوجكِ المحترم الذي أرسل زوجته لتطلب يدكِ؟.
تمثلت إجابة نو ا ر في وسادة طائرة ارتطمت بوجه سهير بعنف:
توقفي عن السخافات يا سهير.. فم ا زجي لا يحتمل الم ا زح..
تحركت سهير لتقف أمام المرآة وأخذت تمشط شعرها الأشقر الطويل وتخاطب صورة
شقيقتها المنعكسة أمامها:
لا تقلقي.. لا أعتقد أن رؤوف ممكن أن يسيء إليكِ.. ولا حتى خالتي نعمات.. فنحن
نعرفها منذ طفولتنا.. وهي كانت دائماً طيبة معنا..
صمتت قليلاً وهي تضع حرف المشط قرب أسنانها.. ثم أردفت:
قيد القمر
76
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
صحيح.. هل ستناديها خالتي نعمات.. أم نعمات فقط.. أم..؟.
قاطعتها ن و ا ر بحنق:
أرى أنكِ تسلين نفسك على حسابي.. طبعاً.. فأنتِ سعيدة أنكِ فلتِ من الفخ.. ولكن يجب
على حبيب القلب أن يتحرك سريعاً.. فلن تفلتي المرة القادمة.
أجابتها سهير بغيظ:
من منا التي تسلي نفسها الآن؟!!.. ولكني بلا شك أحمد الله أن رؤوف طلبكِ أنتِ.. إن
هذا غريب فعلاً.. هل تظنين أنه يعلم بأمري أنا ومنذر؟..
ابتسمت نو ا ر بسخرية:
نعم.. صحيح!..
ارتسمت الحيرة على ملامح سهير وهي تسألها:
إذاً لماذا أنتِ؟..
أجابتها نو ا ر بغضب:
وكيف لي أن أعرف؟!!..
اقتربت منها سهير لتربت على كتفيها وهي تسألها بتردد:
لماذا تريدين مقابلته؟..
جاء صوت والدهما ليباغتهما معاً وهو يقول:
نعم.. يا نو ا ر.. لماذا تريدين مقابلة رؤوف؟.. ولماذا لم تخبريني بذلك عندما تكلمنا سوياً؟..
قيد القمر
77
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
رفعت نو ا ر أ رسها لوالدها ثم وقفت على الفور احت ا رماً لوجوده داخل غرفتها وأخذت تفرك
يديها معاً.. وهي تخاطبه بتردد.. فهو طالما كان هادئاً وليناً معهن.. ما عدا في موضوع
رؤوف.. فهو يظهر عصبية شديدة:
أبي.. أنا آسفة.. أعلم أنه كان ينبغي علي أن أخبرك.. بطلبي.. ولكن..
صمتت قليلاً.. ثم قالت:
أنت تثق بي يا أبي.. أليس كذلك؟..
تكلمي يا نور القمر...
أبي...
وقالت نور القمر كل ما عندها....
*********************
هيا يا نو ا ر.. أسرعي.. رؤوف منتظر منذ نصف ساعة.
حالاً يا أمي..
نزلت نو ا ر السلم بتمهل.. فها هو الزوج المنتظر وافق وجاء ليستمع إلى وجهة نظرها.. وبقي
فقط.. أن تستطيع هي أن تركب بعض الجمل المفيدة التي تعبر بها عن نفسها..
اصطحبها والدها إلى غرفة الضيوف لتفاجئ بوجود جدها يجلس في صدر المجلس ولم تكن
دهشتها بأقل من دهشة رؤوف عندما وجد جده يدخل من باب الغرفة منذ دقائق وهو يحييه
ببساطة ويتصدر المجلس.. فابتلع دهشته وغضبه وهو يسلم على جده ويجلس بجواره.. أما نوار فكانت ردة فعلها مختلفة حيث ت ا رقصت السخرية في عينيها رغماً عنها وهي تنظر

لرؤوف بجانب عينيها وكأنها تسأله:
هل أتيت بجدي لتحتمي خلفه؟!!..
وكأن رؤوف فهم ما ترمي إليه نظ ا رتها فاضطجع في مقعده بثقة وكاد أن يضع ساقاً فوق
الأخرى لولا أنه تذكر وجود جده وعمه..
قطع جدهما سيل التحدي المتبادل والذي التقطه بسهولة:
حسناً يا عبد السلام... ها قد أتيت بالعروس.. فهل تأمر لنا بالقهوة؟..
أجاب عبد السلام بهدوء وقد فهم إشارة والده:
حسناً يا أبي..
التفت الجد نحو نو ا ر بعد أن خرج والدها ليسألها:
وأنتِ يا صغيرتي.. ألا تريدين تحية جدكِ؟..
تحركت نو ا ر بتردد لتتوجه نحو جدها وتقبل يده وتحيه هامسة:
مرحباً يا جدي.. شرفت البيت بوجودك..
ربت الجد على أ رسها وهو يقول:
بارك الله فيكِ.. ها نحن هنا لنستمع لشروطكِ.. ماذا تريدين يا ابنة شموس؟.
رفعت نو ا ر أ رسها بغضب وهي تقول:
جدي!!!..
ضحك الجد وقد أفلحت جملته في إخ ا رج نو ا ر من خجلها وتوترها فقال بهدوء:
حسناً.. حسناً.. لا داعي لإطلاق طبعكِ الناري الآن.. لا نريد أن إخافة رؤوف..
قيد القمر 79
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
جاء الدور على رؤوف لينظر لجده بحنق.. فما الذي يمكن أن يخيفه من تلك الدمية
الصغيرة.. ألا يكفي حضور جده المفاجيء الذي أعطاها إيحاء بأنه يهاب تلك المقابلة,
حتى يُلقي بمثل تلك الملاحظة!!..
قاطع صوت جده الصمت وهو يقول:
أخبرينا بشروطكِ يا... حفيدة الجي ا زوي.
ابتسمت نو ا ر برقة لعلمها بأن جدها ي ا رضيها بتلك الجملة:
إنها ليست شروط بالمعنى المفهوم يا جدي.. هي..
قاطع الجد جملتها كعادته مع أولاده وأحفاده:
أظن أن السؤال المطروح هو.. هل تتضمن تلك الشروط طلاق نعمات من ابن عمكِ
رؤوف؟..
ارتفعت أ رس نو ا ر بحدة أكبر وهي ترد على جدها بقوة وقد لمع التمرد والش ا رسة في عينيها
وهي تواجه رؤوف بجوابها:
أعتقد يا جدي أن ابن عمي طلبني للزواج لأنه يعلم أن تربيتي وأخلاقي تمنعني من مجرد
التفكير في طلب كهذا.. ولو كان هو الرجل الذي يستجيب لي لو طلبت ذلك.. ما وافقت
على تلك الزيجة.
ارتفعت أ رس رؤوف بسرعة ليتأمل تلك القذيفة المنطلقة.. وقد أخذ وقته في تأمل العينين
اللامعتين باللون الذهب.. والأنف الصغير والمرتفع بكبرياء والشفتين اللاتين ترتعشان برغم
الثقة التي تبدو عليها.. وارتسم في عينيه التقدير الكامل لما يرى ويسمع من تلك الصغيرة..
وسمع جده يعبر عن ذلك التقدير:
قيد القمر
80
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لقد أحسنت شموس التربية.
وجاء ردها صاعقاً:
نعم يا جدي.. لقد أحسنت شموس تربية بناتها رغم عدم تمكنها من إنجاب ال ولد.
تكهرب الجو واشتد التوتر بعد جملتها تلك واستشعر رؤوف ضيق جده.. فقد صمت تماماً
وكأنه ما ا زل يحمل نفسه ذنب ما حدث لابن شموس وعبد السلام, فقرر رؤوف الدخول في
الموضوع مباشرة وأجل أمر تأديب تلك الدمية لما بعد.. حين يمتلك الحق بذلك, فبرغم كل
شيء لا يصح أن تجابه جدها بمثل تلك الصفاقة حتى لو كانت محقة....
عدل جلسته حتى يواجهها وهو يسألها:
حسناً.. أخبريني ما هي طلباتكِ؟.. أنا هنا لأسمعكِ..
رفعت نو ا ر عينيها لتواجه عينيه للحظات قليلة ثم أخفضتهما وقد تلونت وجنتيها بلون وردي
محبب وأخذت تفرك يديها بشدة وهي تضغط على شفتيها بقوة مع محاولتها لابتلاع لعابها
وهي حركة مصاحبة لها دائماً عند شعورها بالتوتر الشديد.. لكنها لم تدرك أنها تعطيها
لمحة حسية مميزة..
حاولت تحريك شفتيها أكثر من مرة لتجيب على سؤاله ولكنها لم تفلح في إخ ا رج كلمات ذات
معنى.. حتى سمعته يستعجلها بنبرة ظهر فيها نفاذ صبره:
حسناً..
أجابت بتلعثم وبكلمات مبعثرة:
أنا.. أنا ..
قيد القمر
81
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
عادت لتصمت وقد عقد لسانها عن الكلام على غير عادتها.. أخذت تحث نفسها على
إخ ا رج الكلمات ولكنها كانت محرجة وخجلة جداً وكأن مواجهتها مع جدها قد استنفذت كل
مخزونها من القوة والشجاعة..
عاد صوته يستحثها بنرفزة:
أنتِ ماذا؟.
أغاظتها نبرته وكأنه يحادث طفلاً صغي ا رً فانطلقت كلماتها بدون حساب:
أنا لا أريد أن أقيم في منزلكِ الحالي.. أعني أنه ليس لك حقاً.. أعني..
قاطعها بإشارة من يده:
حسناً لقد فهمت.. يجب أن تعلمي أنني انتهيت بالفعل من تأثيث بيت آخر خاص بي..
إنه قريب نسبياً من بيت عمتي قمر.. ماذا أيضاً؟.
تنفست الصعداء, فكان مجرد تفكيرها في الإقامة في منزل الخالة نعمات يسبب لها قلقاً
عميقاً.. فهي بذلك تسلب كل حقوق سيدة المنزل.. و..
انتبهت إلى نظ ا رته المتسائلة فهي لم تجب على سؤاله ولكن استجابته لطلبها الأول منحها
بعض الثقة فقالت بخفوت:
آه.. أنا.. أريد حفل زفاف كبير.
صاح بها في دهشة:
ماذا؟..
أجابته بهدوء:
قيد القمر
82
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أنا لا أريد أن يقال أنني.. أنني أخذت رجل من زوجته.. وأنني خجلة من نفسي.. لذا أريد
حفل زفاف لائق.
تعجب رؤوف من تفكيرها ولم يدري إذا كان طلبها ينم عن ذكاء أم عن تفكير سطحي..
ولكنها أضافت:
كما لا أريد لأبي أو أمي أن يسمعا كلمة تؤذيهما.. خاصة وأنا أول من ستتزوج من بناتهما
ومن حقهما أن يستشع ا ر الفرح لذلك وليس الحرج.
حسناً.. لقد حسمت الموضوع بتلك الإضافة.. فقال لها:
ليكن.. لن اعترض على هذا.
ربت جده على كتفه وهو يقول:
بارك الله فيك يا بني.. فابنة عبد السلام وشموس تستحق أكثر من ذلك.
أجابه رؤوف بثقة:
بالطبع يا جدي..
ثم توجه لنو ا ر بالسؤال:
لكني أتساءل.. فقط لماذا لم تطلبي من عمي أن يسألني عن تلك الأمور, فهذا هو
المتعارف عليه؟!!.
تأملته للحظات لمح فيها التماع نظ ا رت نارية من بين أجفانها وهي تنظر لجدها بتردد
وتقول:
لأن طلبي الأخير وهو الأهم.. وهو ما كان أبي سيرفضه.. ولكني مصرة عليه..
قيد القمر
83
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
سأل بقلق:
وماذا يكون؟.
عادت تتردد وتتلعثم في كلماتها وهي تقوم بتلك الحركة بشفتيها والتي فتنته وشتت ذهنه
للحظة:
حسن اً.. أنني لن... لن أقبل أن تتزوج أخرى, إذا لم أستطع الإنجاب فسيكون عليك تطليقي
إذا رغبت الزواج للمرة الثالثة.
كان دخول والدها إلى الغرفة في تلك اللحظة هو ما أنقذها من صفعة قوية على مؤخرتها..
وهو الرد الذي تستحقه على طلبها الأحمق.. كان هذا تفكير رؤوف وهو يرمقها بغضب
شديد عجز عن احتوائه للحظات.. ماذا تظنه؟.. رجل يجري و ا رء رغباته مطارداً النساء..
وهل تطالبه بالطلاق قبل أن يتزوجا؟.. صب ا رً أيتها المتبجحة الصغيرة.. سوف أقص هذا
اللسان وأجعلكِ تعتذرين على كلماتكِ الحمقاء..
جالت نظ ا رت عبد السلام بين وجوه الثلاثة من رؤوف المتحفز وابنته ذات الوجه الممتقع
وأخي ا رً ويا للغ ا ربة والده والذي كان يبدو متسلياً للغاية وبادره بالسؤال:
أين قهوتي يا عبد السلام؟.. ألا تريد زوجتك تقديم واجب الضيافة؟.
بوغت عبد السلام بكلام والده وانشغل بالرد عليه عن متابعة المشهد أمامه:
هاه.. لا.. كلا بالطبع يا أبي.. ولكنها فكرت أن تقوم نو ا ر بإعدادها, فهي تعرف حبك
للقهوة من يد نو ا ر..
ضحك الجد بقوة وهو يقول:
نعم.. فنو ا ر تعد قهوة مثالية.. حتى عمتها قمر لا تستطيع إعدادها مثلها..
قيد القمر
84
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ثم توجه لنو ا ر وهو يسألها:
هل انتهت طلباتكِ يا حفيدتي الصغيرة؟.. أعتقد أن رؤوف وافق عليها جميعاً.. أليس كذلك
يا رؤوف؟..
ثم نظر لرؤوف ولمحت نو ا ر لمحة تفاهم خفية بينهما.. كأنما يتكلمان لغة لا يفهمها
سواهما.. فأجاب رؤوف بلهجة ساخرة قليلاً أو هذا ما بدا لها:
وهل أستطيع الرفض؟.. طلباتكِ أوامر يا ابنة عمي..
إحساس قوي بداخلها أخبرها أنه يسخر منها.. وتيقنت من ذلك عندما سأله جدها:
وأنت يا رؤوف هل توجد لديكِ أي طلبات أو شروط؟..
وكان رده:
إن طلباتي كلها سأعلمها بها بعد الزواج..
هنا انطلقت ضحكات الجد مما جعل اللون الوردي يصبغ وجنتيها بوضوح وهمست بخفوت:
الوقح!!..
سألها جدها بتسلية:
ألن تعدي القهوة يا نو ا ر؟..
وتوجه لرؤوف قائلاً:
يجب عليك أن تتذوق قهوتها يا رؤوف..
قال رؤوف بهدوء:
قيد القمر
85
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
حسناً يا جدي لنتذوق تلك القهوة الشهيرة لعلها تنال إعجابي.. إني أشربها بسكر خفيف
جداً...
قبل أن تبدي أي اعت ا رض على تنفيذ ما يريد.. سمعت صوت والدها يأم رها بإعداد القهوة..
فتحركت بخطوات تشبه الركض الخفيف هرباً من ذلك الوقح المتعجرف الذي سيصبح
زوجها عما قريب وهي تشعر أن طلبها الأخير هو ما أثار استف ا ززه لتلك الدرجة..
عادت بالقهوة وهي ما ا زلت متأثرة بغضبه اللامرئي.. ولكنها تمسكت بواجهة رزينة وهي تقدم
القهوة لجدها ثم لأبيها ولكن عندما جاء دوره وناولته قدحه سمعته يهمس لها:
كلامكِ الأخير لم يكن مقبولاً على الإطلاق.. أظنكِ فهمتِ ذلك.. وسنتفاهم لاحقاً.
*********************
تحدد موعد الزفاف بالفعل.. ودخلت نو ا ر في دوامة من الاستعدادات المتلاحقة والتي لم تترك
لها لحظة للانف ا رد بنفسها والتفكير في جملته الأخيرة والتي بدت في أذنيها كتهديد خفي..
كانت عمتها قمر تلازمها على مدار اليوم متغنية بممي ا زت رؤوف وفضائله.. وطيبة نعمات
التي لم ترها نو ا ر مرة أخرى وحمدت الله على ذلك فهي لم تجد طريقة ملائمة للتعاطي معها
بعد.. فبعد أن كانت ت ا رها كسيدة ا رقية وطيبة الخلق أصبحت تخافها وتخشى من تأثيرها
على حياتها المقبلة.. فهي لم تنسَ نظ ا رتها المهاجمة في تلك الليلة.
لقد منحتها بعض العذر في ذلك.. لكنها لن تكون ضحية أو شهيدة في تلك الزيجة.. ولن
تسكت عن أي إهانة تلحقها, وكانت تدعو ربها أن يخمد تلك المشاعر الشبيهة بالغيرة التي
بدأت تشتعل بداخلها وخاصة مع تعدد زيا ا رت رؤوف لمنزلهم ورغم أن زيا ا رته لم تحمل
معنى شخصي فكان يجلس مع والدها معظم الوقت يتناقشا أمور العمل, وكان حواره معها
مقتضباً لا يتعدى السؤال الرسمي عن أحوالها..
قيد القمر
86
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
تعجبت هي لذلك وكأن الوجه الوقح المستفز الذي أظهره لها في حوارهما الأول اختفى
للأبد.. فكانت مع نهاية كل زيارة ومعرفتها إنه سيذهب إلى بيته حيث توجد نعمات تجد تلك
الغيرة بدأت تموج بداخلها وكانت تحاول مغالبتها بشدة فهي لا تريد البدء في ص ا رع
الزوجات وتمنت أن تكون حياتها مع رؤوف هادئة برغم نظ ا رت نعمات المقلقة..
لقد تيقنت من نية نعمات على إثارة المتاعب عندما علمت أن المنزل الذي حدثها عنه
رؤوف لن يكون لهما فقط بل ستشاركهما نعمات فيه وستغلق منزلها القديم إلى الأبد..
ثارت ثائرتها يوم علمت بذلك وتعالى ص ا رخها في المنزل بأنها لا تريد إتمام الز واج أبداً..
وأن ابن عمها العزيز خدعها بمنزله الجديد والذي ستشاركها فيه زوجته الأولى.. ورفضت
حتى الذهاب لرؤية المنزل وتأثيث جناحها الجديد فيه ولم يهتم رؤوف بذلك وأخبرها أنه أعد
المنزل بالفعل ولا داعي لتغيير الأثاث فهو جديد لم يمسسه أحد.. وتعالى صياحها مرة
أخرى أمام أمها وأبيها الذي أسكتها بجملة واحدة:
أنتِ طلبتِ منزلاً جديداً.. وليس منزلاً منفصلاً عن زوجته.
عارضته بقوة:
ولكن...
قاطعها:
لا يوجد لكن.. انتهى الموضوع.
لم تملك سوى أن تصمت فهي ظنت إنه فهمها جيداً بل كانت متأكدة من أنه فهم إنها تريد
منزلاً مستقلاً ولكنه تعمد سوء الفهم.. لتقطن هي في النهاية مع ضرتها في منزل واحد..
منزل قد يكون غاية في الاتساع ولكنه لا يحتمل زوجتين متناحرتين على رجل واحد..
*********************
قيد القمر
87
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
كانت نو ا ر في غرفتها تنهي استعداتها حين دخلت عليها شقيقتيها اللتان شهقتا بسعادة..
وهما تتأملان أختهما في ثوبهاالأبيض الذي التصق نصفه الأعلى بجسدها ليظهر بوضوح
خصرها الرقيق ووركيها الدقيقين... ثم يتسع في سحابة متماوجة من القماش الأبيض الناعم
والمطرز برقة بماسات صغيرة ب ا رقة وينتهي بتخريمات مميزة ومزينة بدورها بلآلئ صغيرة..
زين صدر الثوب بخر ا زت ماسية رقيقة توزعت بدقة على كس ا رت القماش الذي احتضن
صدرها برقة وكانت تلك الماسات تتماثل مع الموجودة على طرحتها والتي غطت خصلات
شعرها الكثيفة والذي صفف في تسريحة رقيقة تاركة بعض خصلاته حرة خلف ظهرها..
كانت تبدو مثل الملاك الناعم وهذا ما عبرت عنه شقيقتها نادية:
أنتِ تبدين كالملاك..
كانت نو ا ر في أقصى حالات توترها وهي تفرك يديها ببعضهما وترد على شقيقتها:
شك ا رً لكِ يا صغيرتي..
اقتربت منها سهير لتحتضنها بقوة وتقول له:
إنها محقة.. أنتِ ا رئعة..
ثم همست لها بصوت خافت:
لقد وصل رؤوف بالفعل.. ولقد أرسلنا والدي لنستعجلكِ..
همست نو ا ر:
وهل أتت معه؟..
فهمت سهير من تقصد, فقالت:
كلا, هي لن تأتِ.. لقد أخبرتنا عمتي قمر بذلك.
قيد القمر
88
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
تنفست نو ا ر الصعداء فهي في غاية التوتر ولن تحتمل أن تأتي نعمات إلى حفل زفافها,
فيكفي حضورها الأسبوع الماضي كله إلى الحنة.. مما وضع نو ا ر تحت ضغط كبير.. وكان
ما يثير حنقها تلك النسوة اللاتي يبتسمن في وجهها ويخبرنها أنها التعويض الذي أرسله الله
إلى رؤوف.. ثم ما أن توليهن ظهرها حتى يذهبن لنعمات ليواسينها على الابتلاء الذي
أصابها بزواج رؤوف من تلك الصغيرة خاطفة الرجال والتي لا حياء عندها..
تلك الأقاويل التي تكررت في حفل الزفاف الكبير والذي أقامه رؤوف بناء على طلبها والذي
استمر إلى ساعات الصباح الأولى وحضره كبار المسئولين بمدينتهم كما حضره معارف
رؤوف من كبار رجال الأعمال.. لم تهتم نو ا ر بكل الأسماء الكبيرة التي حضرت زفافها, فكل
ما كان يهمها هي تلك الفرحة المرتسمة في عيون والديها وهما يريانها متعلقة بذ ا رع زوجها
والذي أقام لها زفاف الأحلام..
*********************
وقفت نعمات في شرفة غرفتها في الطابق الثاني بمنزل رؤوف ت ا رقب وصول العروسين
وسط جمع صاخب من سيا ا رت العائلة, التي ترجلت شموس وسهير من إحداهما ليساعدا
نو ا ر على الترجل بدورها من السيارة, لكن رؤوف اعترض طريقهما ليفتح لها الباب ماداً لها
يده يساعدها على الخروج بنفسه من سيارته, وما أن خرجت ولمحت أمها حتى ارتمت في
أحضانها تودعها وسط سيل من دموع شموس الغزيرة.
سلمت نو ا ر على والدها وجدها وتوالت كلمات التهنئة والتمنيات بالسعادة.. ا رقبت نعمات كل
ذلك بمشاعر مجمدة تقريباً فهي لا تعلم ماذا ستكون ردة فعل رؤوف إذا علم بوجودها الليلة
هنا, فهو اتفق معها أن تؤجل انتقالها لأسبوع حتى تكون العروس الصغيرة استقرت, ولكنها
لم تطق تنفيذ ذلك فيكفيها إنه قرر عنها عدم حضور الزفاف, فخالفت ما اتفقا عليه ولأول
قيد القمر
89
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
مرة منذ زواجهما قررت أن تنتقل لمنزله الجديد مع دخول العروس الجديدة, بل وسبقتها
أيضاً..
لمحت رؤوف يتأبط ذ ا رع عروسه ويتجه بها نحو باب المنزل وحاولت شموس اللحاق بهما
استجابة لإشارة خفية من نو ا ر إلا أن ذ ا رع عبد السلام أوقفتها بينما استمر رؤوف يتحرك
بنو ا ر حتى دخل بها إلى المنزل ولوحا مودعين للجميع وأغلق الباب من خلفهما..
ظلت نو ا ر واقفة في مكانها تنظر للأسفل وتفرك يديها بقوة محاولة تجنب النظر إلى وجهه
مباشرة حتى سمعته يقول وهو يمسك يديها ويفك اشتباكهما:
مبروك يا عروسي.. نورتِ منزلكِ.
أجابته بخفوت وصوتها يكاد يسمع بينما كانت يديها ترتعش بين يديه:
شك ا رً..
عاد ليسألها:
هل أعجبكِ المنزل؟.
حاولت استعادة يديها ولكنه شد عليهما وشبك أصابعه بأصابعها مما جعل رعشة يديها تنتقل
إلى جسدها وأجابته بصوت أشد خفوتاً:
إنه جميل..
أجفلت عندما ضحك وقال:
وكيف تعرفين وأنتِ لم تأتِ لتريه؟.. ولم ترفعي أ رسكِ حتى الآن؟.. هل أعجبتكِ بلاطات
الأرض؟..
قيد القمر
90
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
تباً إنه يسخر منها.. وهي حتى غير قادرة على رفع أ رسها ومواجهته, تخشى مواجهة تلك
النظرة في عينيه والتي لمحتها عندما رآها في ثوبها للمرة الأولى تلك الليلة.. كانت نظ رته
وكأنها تتلمسها.. تتحسس كل جزء فيها وتقدر الجمال السخي الذي يبرزه الثوب الخيالي..
لقد أسكرتها تلك النظرة وسمرتها في مكانها وهو يقترب بهدوء طابعاً قبلة رقيقة على
جبينها.. حينها فقط خرجت من ثمالتها بنظرته ليرتعش جسدها خوفاً مع تغيير النظرة في
عينيه التي تغير لونهما ليتحول إلى الأسود تقريباً.. وهي كانت واثقة من وجود تلك النظرة
الآن..
ازداد ضغط أصابعه وهو يسألها:
لن تجيبي؟.. حسناً.. فلنذهب إلى غرفتنا.. لعلها تعجبكِ أكثر.
يا إلهي.. هل تستطيع الالتفاف والهرب الآن أم فات الآوان؟!!..
شعرت به يتحرك ويسحبها خلفه حتى وصلا إلى باب مغلق في نفس الطابق السفلي فتحه
وادخلها قائلاً:
حسناً.. هذه هي غرفتكِ.. إنه جناح كما ترين و...
لم تكن تستمع إليه فقد صدمتها فكرة أن تكون غرفتها في الطابق السفلي.. إن المنزل مكون
من طابقين.. فلماذا لم تكن غرفتها بالأعلى.. آه يا نو ا ر.. إنكِ تدفعين ثمن غبائكِ, فأنتِ من
رفضتِ الحضور لرؤية المنزل واختيار غرفتكِ.. أنى لكِ الاعت ا رض الآن؟..
حسناً.. إن كان يظن أنها ستسكت على تلك الإهانة فهو واهم.. لن تكون نو ا ر بنت الجي ا زوي
إن لم تجعله هو بنفسه يطلب منها الانتقال إلى الطابق العلوي والذي بكل تأكيد انفردت به
نعمات كنوع من التأكيد على أنها سيدة المنزل..
قيد القمر
91
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
حسناً لقد كانت تملك كل النوايا الطيبة للتعامل معها ولكنها تصر على استف ا ززها ودفعها
نحو زواية تدافع فيها عن وجودها داخل هذا المنزل..
انتبهت فجأة لتجده قريباً منها جداً فت ا رجعت للخلف تلقائياً.. بينما ابتسم هو قليلاً وهو
يطمئنها:
لا تقلقي.. فأنا لا آكل الفتيات الصغي ا رت!!.
ضيقت عينيها بغيظ وهي ترمقه بصمت.. بينما أكمل هو:
في البداية أريد أن أطلب منكِ بعض الأشياء.. هي لن تكلفكِ شيئاً ولكنها ستجعل الحياة
في البيت أسهل على الجميع..
ظلت صامتة تنتظره أن ينتهي من كلامه فأردف بهدوء:
أنا أريد منكِ معاملة نعمات كأخت كبرى لكِ.. فتحترمي أ ريها.. ووجودها في ذلك المنزل..
كما لا أريد حروب أو ص ا رعات من أي نوع.. إنها سيدة طيبة وذات قلب كبير...
أخذت نو ا ر تسمعه يعدد ممي ا زت نعمات والغيظ يتآكلها.. هل هذا ما يريد أن يبدأ به حياتهما
قصائد من الشعر في مدح زوجته الأولى!!.. جالت بعينيها في الغرفة محاولة كظم غيظها
حتى لا تنطلق منها كلمات تندم عليها لاحقاً.. فلمحت مزهرية كبيرة في ركن الغرفة فظلت
تتخيل نفسها تنهال بها على أ رسه ضرباً حتى يكف عن مدح تلك السيدة التي سيضعها في
مصاف القديسين قريباً.
هل سمعتِ كلمة مما قلته؟.
التفتت إليه وقد انتبهت أنه ينتظر جوابها بنفاذ صبر:
نعم لقد كنت تعدد ممي ا زت القديسة.
قيد القمر
92
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أ رت الغضب في عينيه فأدركت أن لسانها تحرك بدون تفكير كعادتها ليوقع بها في مشكلة
جديدة, فتحركت للخلف خوفاً من الغضب الظاهر على ملامحه لكنه أمسكها من ذ ا رعيها
يجذبها نحوه:
هذا بالضبط ما كنت أتكلم عنه.. تلك الكلمات التي تنطلق منكِ بدون تفكير والتي قد
تسبب العديد من المشاكل في هذا المنزل..
أجابته بحدة:
أنا لا أفعل هذا.
بل تفعلين.. فلقد أ ريت كيف صدمتِ جدي بكلامكِ في تلك المرة.. هل تذكرين؟..
جذبت ذ ا رعيها بحدة من بين يديه وهي تقول بلهجة مبطنة:
حسناً.. لا يوجد شخص كامل.. وأنا لست قديسة.
تنفس بعنف وهو يقول:
يا إلهي!!..
ابتعد عنها يتحرك في الغرفة بدون هدف فقط يحاول أن ينفض عنه ذلك الغضب.. ما بها؟
لماذا لا تطعه فحسب؟.. هل يجب أن تناقش في كل شيء؟!.. لماذا لا تدع الأمور تمر
ببساطة وهدوء؟!..
كانت نو ا ر ت ا رقبه وهو يتحرك في الغرفة وتلوم نفسها على إثارة غضبه.. وتعود للومه هو
لاختياره ذلك الوقت حتى يعدد م ا زيا زوجته.. لقد أفسد ليلة زفافها.. وأفسد أي ذكرى حلوة قد
ت ا رودها حول تلك الليلة...
*********************
قيد القمر
93
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
وهناك بالأعلى كانت نعمات في غرفتها تتميز غيظاً وقه ا رً وغضباً.. تتماوج بداخلها مشاعر
سوداء لم تظن أنها تمتلكها وكرهت نفسها بشدة لأنها تشعر بتلك الطريقة.. ولكن م ا رقبتها له
وهو يتعامل مع نو ا ر بتلك الطريقة في مدخل البيت, طريقته البسيطة في الم ا زح معها حتى
تطمئن وسؤالها عن أ ريها في المنزل.. إمساكه ليدها وتشبيك أصابعهما معاً...
كل هذا فوق احتمالها, اشتعل بركان من نار في جوفها وهي غير قادرة على إخماد تلك
النار.. تلوم نفسها لاست ا رقها السمع بتلك الطريقة.. وفي نفس الوقت تشعر بالحقد والغيظ
عندما تتذكر ليلة زفافها عليه وهروبه من أمامها في ثواني معدودة...
لم تحتمل كل تلك المشاعر وبدأت ت ا رودها صور لرؤوف مع تلك السم ا رء الصغيرة.. وأخذت
تتخيل ما يمكن أن يحدث بينهما والمقارنة التي سيعقدها رؤوف بينهما والتي ستخسرها هي
بلا شك.. وجدت قدميها تتحرك بدون إ ا ردة منها لتنطلق هابطة درجات السلم وتتوجه نحو
غرفتهما وتطرق الباب بشدة..
*********************
سيطر رؤوف على غضبه بقوة فهو لا يريد إخافتها, كما أنه يجب أن يفكر في صغر سنها
الذي يدفعها إلى تهورها ذاك.. واذا كان يريد تقويم تصرفاتها فذلك لن يتم في يوم وليلة..
تحرك نحوها بخفة ولاحظ اضط ا ربها عندما لمحت تقدمه.. فاقترب منها بهدوء وهو يمسك
يديها ويلمح ارتعاشهما.. لقد نسي خوفها الطبيعي من ليلة زفافها.. هي أنسته ذلك بعنادها
ومظاهر الثقة التي تبدو عليها ويفضح ارتعاشها أنها ثقة ا زئفة..
قال بهدوء:
هل أخبرتكِ أنكِ تبدين مذهلة.. جميلة جداً.
قيد القمر
94
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
رفعت عينيها إليه بذهول وهي لا تكاد تصدق أنها سمعت تلك الكلمات من شفتيه.. ولم
تعرف بماذا ترد عليه.. فحرك هو يديه ببساطة ليرفع الطرحة من فوق أ رسها ويحرر
خصلات شعرها من محبسه.. وأخذ يتخلله بأصابعه بسعادة.. وهو يقترب ليطبع قبلة رقيقة
على جبينها قائلاً:
اذهبي للوضوء حتى نصلي معاً ركعتين..
وقبل أن ترد بالإيجاب سمعا طرقاً قوياً على الباب وصوت نعمات ينادي بنفاذ صبر:
رؤوف!!!.
تحركت نو ا ر بغضب أعمى وهي تكاد تصرخ من الغيظ:
لا أصدق.. هل كانت موجودة طوال الوقت؟.. هل طلبت منها الحضور إلى المنزل في
ليلة زفافنا؟!!..
شتم رؤوف بخفوت فهو لا يصدق أن نعمات خالفت ما اتفقا عليه.. هل قررت التمرد هي
الأخرى؟..
توجه رؤوف بدون أن يتفوه بكلمة ليفتح باب الجناح الخارجي وهو يواجه نعمات بغضب
مكتوم:
نعمات!!.. هل هذا ما اتفقنا عليه؟..
رفعت نعمات إليه عيون مغرورقة بالدموع وبدأت تتكلم بطريقة شبه هيستيرية تقريباً:
رؤوف.. آسفة.. آسفة لم أستطع.. أشعر أني سأموت.. إنك كل ما تبقي لي.. أرجوك..
أرجوك.. لا تتركني..
هدأ غضب رؤوف بعدما تبين حالتها التي تقترب من الانهيار.. فربت على كتفها بهدوء:
قيد القمر
95
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ما هذا الكلام؟.. من أين أتيتِ بتلك الأفكار؟..
توسلته نعمات:
أرجوك يا رؤوف.. تعالى معي.. أشعر أني سأموت..
وقع رؤوف في حيرة شديدة.. كيف يتصرف؟.. نعمات تبدو في حالة يرثى لها.. ونور القمر
بالداخل.. عروس في ليلة زفافها..
عاد صوت نعمات يتردد:
أرجوك رؤوف.. أحتاج إلى وجودك حقاً..
وكانت نو ا ر قد اقتربت بما يكفي لتسمع الجملة الأخيرة, فلم تتمالك لسانها الذي انطلق
كعادتها:
الليلة.. يا عمدة..
فرمقها رؤوف بنظرة نارية وخرج من الغرفة مغلقاً الباب خلفه ومصطحباً نعمات إلى

غرفتها..


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-10-15, 10:48 PM   #8

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السابع
،
،
عاد رؤوف لعمله بعد زفافه بأسبوع.. أسبوع ازدحم فيه منزله بالمهنئين وأف ا رد عائلته وعائلة
نو ا ر, التي لم يستطع الانف ا رد بها للحظة واحدة طوال ذلك الأسبوع.. فهو كان ينتقل من
دوامة المهنئين إلى هيستيريا نعمات التي تظهر في أي لحظة تشعر به يتحرك ليذهب إلى
عروسه..
لقد أصبح موقناً أنها تفتعل تلك النوبات مؤخ ا رً.. لكنه لم يستطع إدارة ظهره لها بعد كل تلك
السنوات.. وفي نفس الوقت يدرك بأن نو ا ر عروس صغيرة ولا ينبغي عليه إهمالها أكثر من
ذلك.. فهو لم ينسَ نظ ا رتها له وهي تستقبل أهلها في اليوم الثاني لزفافها.. وخاصة حين
ظهرت نعمات متقمصة دور سيدة المنزل ترحب بالضيوف والمهنئين وبعائلة عمه.. وتقدم
لهم واجب الضيافة وكأنهم أتوا في زيارة عادية وليس ليزوروا ابنتهم العروس ويهنئونها..
التمعت حينها عينيّ نو ا ر بنظرة عجز عن تفسيرها فهي بدت كنظرة ضياع وتشتت ثم عادت
لتلتمع بنظرة مشاكسة وانتقامية وظل يدعو الله ألا تنطق بإحدى عبا ا رتها المستفزة وتسبب
أزمة هو في غنى عنها حالياً..
يدرك أنه بدأ معها بطريقة خاطئة, وهو نادم على ذلك بالفعل فلقد أعماه غضبه من تعليقها
المستفز.. وتركها بمفردها في ليلة زفافها ليذهب مع زوجته الأولى, ولا يحتاج لكثير من
الذكاء ليدرك أن نو ا ر تظنه نام بأحضان نعمات... بينما ما حدث عكس ذلك تماماً..
فنعمات ظلت تبكي بهيسترية طوال ساعات الليل تقريباً.. واستطاع تهدئتها بعد وقت وجهد
طويل.. ليسقط نائماً من الإرهاق والتعب..
ظل بالطبع مذنباً في عينيّ عروسه.. والتي والحق يقال لم تقم بأي تصرف مستفز.. كما
- -
كان يتوقع منها.. بل التزمت الصمت تجاه استف ا ز ا زت نعمات لها وكان آخرها منذ قليل
عندما جلسوا جميعاً على مائدة الغذاء لأول مرة وكان ذلك بناء على إص ا رره.. والذي ندم
قيد القمر
97
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
عليه لاحقاً بعد محاولة فاشلة من نعمات لاستف ا زز نو ا ر حين حاولت التغنج مع رؤوف
واطعامه بيدها:
حبيبي.. تذوق الدجاج, لقد طهوته كما تحبه تماماً يا "بودي"!!!..
بينما صُدم بشدة من طريقة نعمات في تصغير اسمه, غصت نو ا ر بطعامها, مما سبب
سعادة وقتية لنعمات سرعان ما انمحت عندما تبين أن نو ا ر غصت لمحاولتها كتم ضحكاتها
التي تعالت لأول مرة, وبدا أن رؤوف قد فُتن بتلك الضحكة.. وما أن لمحت نعمات نظرته
حتى اشتعلت نارها ولكن قيام نو ا ر من على المائدة هو ما أنقذ الموقف..
توجهت نو ا ر إلى غرفتها وهي تتظاهر بضحكات ساخرة في حين أنها كانت تكاد تشتعل ذاتياً
من ضرتها المتصابية.. إنها تلتزم الصمت فقط لأنها تدرك أن إطلاق العنان للسانها
سيكلفها الكثير.. كما لاحظت أن صمتها أمام استف ا ز ا زت نعمات المستمرة يزيد من غضبها
لذلك اتقنت رسم ابتسامة ساخرة على وجهها تواجه بها تصرفات نعمات المصممة على
إخ ا رجها عن طورها..
كانت تلك نصيحة عمتها قمر صبيحة زفافها.. وهي قررت إتباعها بعد ما كلفها لسانها
رحيل رؤوف عنها وذهابه مع نعمات في ليلة الزفاف... أسوأ ليلة قضتها في عمرها كله..
وهي تتخيل الرجل الذي زُفت إليه تواً يقضي ليلته بين أحضان ام أ رة غيرها.. وارتسم ذلك
الشعور في عينيها بوضوح وهي تلتقي بعينيه عند استقبالهما لأهلها في اليوم التالي, ولكن
نظرة الشفقة التي أ رتها في عينيه جعلتها تعود لطبيعتها المشاكسة سريعاً.. إلا وأنها رغم كل
شيء لم تستطع خداع أمها التي شكت في صحة كل ما أخبرتها به نو ا ر بأن الأمور على
خير ما ي ا رم بينها وبين رؤوف..
قاطع أفكار نو ا ر صوت رنين هاتفها وكانت سهير شقيقتها تهتف بسعادة:
هنئيني يا أحلى نو ا ر.. لقد وافق أبي على خطوبتي أنا ومنذر.
قيد القمر
98
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
صاحت نو ا ر بفرحة:
ألف مبروك يا حبيبتي.. أنا سعيدة جداً من أجلكِ.
ثم أردفت بلهجة مازحة:
ولكن.. متى تقدم فارسكِ الهمام لطلب يدكِ؟.. أنتِ لم تخبريني...
ضحكت سهير بخجل وقالت:
يبدو أنه فعل ذلك في ليلة زفافكِ.. واليوم أعطينا الموافقة لعمتي.. آه يا نو ا ر كم أتمنى
وجودكِ معي الآن..
أجابتها نو ا ر:
وأنا أيضاً.. ولكن ماذا نفعل في تقاليدنا العريقة يا عزيزتي؟.. ما أ ريكِ لو تأتين أنتِ ونادية
غداً حتى نستطيع أن نتكلم ونحتفل سوياً.
أجابتها سهير بتردد:
ولكن...
ليس هناك لكن.. سأنتظركما غداً لنتناول الغذاء سوياً.
أغلقت نو ا ر الهاتف وقد أدخلت أخبار شقيقتها بعض السعادة إلى نفسها وتمتمت بهدوء..
"أرجو أن تعثر إحدانا على السعادة يا شقيقتي".
*********************
وقف رؤوف أمام نافذته ينفث دخان سيجارته وهو ي ا رقب النافذة المقابلة لنافذة مكتبه, وكانت
تظهر منها نو ا ر وهي تتحرك بخفة ونعومة.. ابتسم قليلاً.. فهي كانت ترقص ولا تدري عن
قيد القمر
99
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
م ا رقبته لها.. قطع عليه تأمله لحركاتها الرشيقة دخول نعمات عليه فجذب ستارة النافذة
بهدوء والتفت اليها:
ماذا هناك؟.. هل أعد الطعام؟.
اقتربت منه بهدوء وهي تحاول التحكم في نبرة صوتها حتى لا تبدو كمن أتى ليفتعل مشكلة:
هاه.. بالطبع الطعام جاهز.. ولكن على ما يبدو أننا سنتناوله أنا وأنت فقط.. فقد طلبت
نو ا ر طعام الغذاء من أحد مطاعم الوجبات السريعة..
سألها بدهشة:
ولماذا؟..
أجابته بتردد:
ربما غضبت من كلامي لك أمس على الغذاء.
هتف بحزم:
اطلبي من الخدم وضع الغذاء لنا جميعاً..
قال كلمته وتوجه نحو جناح نو ا ر ودخل بسرعة بدون أن يطرق الباب, فانتفضت سهير
ونادية بقوة مما سبب له قليلاً من الارتباك ولكنه تغلب عليه سريعاً وهو يرحب بهما ويلتفت
لنو ا ر التي كانت ترقص لحظة دخوله ولكنها تجمدت تماماً تحت نظ ا رته التي تخبرها بأنه
على وشك قتلها ولا تدري لماذا.. لذا فسارعت بالقول:
ألن تهنئ سهير.. لقد وافق أبي على خطبتها لمنذر.
التفت لسهير وقال وهو يبتسم:
قيد القمر
100
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
تهانئتي.. إن منذر رجلٌ محظوظ.
أجابته بخجل:
شك ا رً لك..
ثم سحبت شقيقتها نادية المتسمرة في مكانها وقالت:
سنذهب لنلقي التحية على خالتي نعمات.. فهي كانت نائمة عندما وصلنا.
بعد أن خرجتا.. التفت رؤوف لنو ا ر وسألها مباشرة:
ألم أخبرك أننا سنتناول الطعام سوياً.
أجابته بهدوء:
نعم...
سألها بغيظ:
إذاً لماذا طلبتِ طعاماً جاه ا زً؟..
لم تصدق نو ا ر أنه قد يكون غاضباً لهذا السبب التافه, فأجابته بصبر:
لقد فعلت ذلك لوجود شقيقتاي, حتى آتناول طعامي معهما.. الموضوع لا يستحق كل هذا
الغضب!.
كان يعلم ذلك.. الموضوع بسيط بالفعل.. ولكنه كان غاضباً بالفعل.. كان غاضباً منها ومن
نفسه ومن نعمات.. لا يدري ما به... فقط يشعر بالغضب وترجم هذا عندما قبض على
ذ ا رعها وهو يتهمها:
أنت تتعمدين مخالفة ما أطلبه منكِ.
قيد القمر
101
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
سحبت ذ ا رعها منه وهي تقول:
كلا.. أنا لا أفعل.. لما أنت غاضب هكذا؟!!.
خرج منه الكلام بدون إ ا ردة:
لما كنتِ ترقصين؟..
تلون خداها باللون الوردي وهي تتمتم:
لقد أخبرتك.. كنا نحتفل بخطبة سهير..
قربها منه قليلاً وهو يقول:
لكني لا أحب أن ي ا ركِ أحداً وأنتِ ترقصين.
ردت بعفوية:
إنهما سهير ونادية فقط.. لقد أ رتاني وأنا أرقص م ا ر ا رً.
ابتسم بهدوء وهو يسألها:
هل يجب أن تجادلي في كل شيء؟.. ألم تسمعي بكلمة.. حاضر.
أجابته بخفوت وهي تشعر بيديه تقربانها إليه أكثر:
حاضر..
كانت متوترة بشدة من حركة يديه حول جسدها فابتلعت ريقها بتوتر وهي تضغط على
شفتيها, تلك الحركة التي فتنت رؤوف من قبل.. فاقترب أكثر ليطبع قبلة رقيقة على جبينها,
حاولت الابتعاد إلا أنه منعها لتشعر بشفتيه تتحركان على وجهها الساخن فأغمضت عينيها
لتحط شفتاه على جفونها المغلقة.. وأنفاسه السريعة تضرب وجهها وشفتيه تواصلا طريقهما
قيد القمر
102
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
عبر صدغها ووجنتها.. ارتعد جسدها بقوة استجابة لحركته البطيئة وهو يقترب من شفتيها
يداعبهما برقة ويمنحها قبلتها الأولى.. بدت قبلته رقيقة وهو يحاول السيطرة على مشاعره
حتى لا يخيفها.. ولكن ما أن تلامست شفاهما حتى خرجت سيطرته عن عقالها فألصقها به
وهو يغرز إحدى يديه بشعرها يبعثره في عبث ويعمق قبلته التي سحبتهما من عالم الواقع
فلم يشع ا ر بسهير وهي تفتح باب الغرفة, ولكن شهقتها الخجولة أبعدتهما عن بعض وهي
تقول بخجل شديد:
آسفة.. أن..ا.... آس..ف..ة... إررر... لقد كنت أبحث عن حقيبتي... عفواً سأذهب.
تحرك رؤوف بعيداً عن نو ا ر بعد أن طبع قبلة رقيقة على مقدمة أ رسها وخرج من الغرفة وهو
يتمتم:
كلا.. ابقي مع نو ا ر... ومرة أخرى تهنئتي..
التفتت سهير إلى شقيقتها بعد خروجه من الغرفة فبادرتها نو ا ر وأنفاسها ما ا زلت متسارعة:
ولا كلمة.. لا أريد أن أسمع أي كلمة.
*********************
توجه رؤوف إلى مكتبه مباشرة بعد أن اعتذر لنعمات عن تناول الطعام مما جعلها تتعجب
ولكنها التزمت الصمت.. أما هو فحاول أن يدفن اضط ا ربه وأحاسيسه التي أشعلتها قبلته
لنو ا ر بالانغماس في العمل وتجاهل الصوت الذي يهتف به أن يذهب ويلقي بشقيقتيها خارج
جناحهما ليبدأ معها حياتهما كما ينبغي..
بعد عدة محاولات فاشلة منه لق ا رءة إحدى الملفات ألقاه بعيداً وتوجه نحو أحد الأد ا رج
الموصدة في مكتبه ليفتحه ويخرج دفت ا رً كبي ا رً مخصصاً للرسم لينغمس في هوايته التي يلجأ
قيد القمر
103
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لها كلما تشتت عقله وتبعثرت أفكاره.. فهو كان يجد في هوايته لفن الكاريكاتير والقصص
الهزلية متنفساً لضيقه كلما ا زدت حوله المشاكل..
كان يسخر من نفسه بنفسه.. يشكي حاله للورق والألوان, يحاول معرفة ما الخطأ وكيف
يوازن أموره ويصحح أخطائه.. انغمس في رسمه لساعات وهو يخط ما يمر به من مواقف
وأزمات بصور هزلية مضحكة.. يهرب بها من مشاكل الواقع الذي يحيط به ليعيش مع
هوايته التي تمنى يوماً أن يحترفها وتكون مهنته, ولكن الواقع عانده عندما ظهرت مها ا رته
في حقل الأعمال والتجارة وكان من المحتم أن يتناسى أمنيته ويتفرغ لأعمال العائلة.. فهو
يتذكر جيداً كلام جده له عندما لمح دفتر رسومه..
"شخبطات جيدة يا رؤوف.. هواية مسلية.. ما دامت ستظل في إطار الهواية والتسلية..
لكنك تعلم أن مكانك الحقيقي موجود في شركات الجي ا زوي".
كان تحذير وتنبيه فهمه رؤوف جيداً رغم أنه كان في الثانية عشر فقط..
انتبه على جواله يدق ويظهر رقم نعمات على شاشته.. وكعادة كل ليلة كانت تبكي وتنوح
وتطلب منه ألا يبتعد عنها.. فأغلق الخط وتوجه إلى غرفتها.. عله يستطيع أن يصل لحل
معها..
أما نو ا ر فبعد ذهاب شقيقتيها اللاتين لاحظتا غياب ذهنها الكلي ظلت تترقب خطوات رؤوف
وتنتظر عودته إليها خاصة بعد ما حدث بينهما عصر اليوم, ولكن لمفاجأتها سمعت
خطواته تتجه بسرعة إلى الأعلى نحو غرفة نعمات.. كادت تنفجر من الغيظ والغضب..
إلى متى ستتحمل تلك الأوضاع المقلوبة؟..
إنها هي العروس.. هي من يجب عليه الإس ا رع ليكون معها.. استبد بها الغضب وهي تذ رع
غرفتها ذهاباً واياباً.. ولم تتمالك نفسها وهي تتجه نحو باب غرفتها لتفتحه وتتجه نحو
الطابق العلوي هي الأخرى..
قيد القمر
104
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لم تعلم ماذا تهدف من تصرفها ذاك؟.. أو ما الذي ستفعله؟. لكنها تحركت بدون تفكير
حتى وصلت إلى باب غرفة نعمات.. وقبل أن تمسك بمقبض الباب سمعت صوت نحيب
نعمات وبكائها الهيستيري وهي تتوسل رؤوف ألا يتركها.. أو يغدر بها..
تجمدت نو ا ر لوهلة وهي تستمع لهذيان نعمات.. وعادت أد ا رجها إلى جناحها في الطابق
السفلي مرة أخرى وهي تحاول تحليل ما سمعته.. للحظة بسيطة شعرت بالأسى عليها..
لكنها سرعان ما نفضت ذلك الشعور.. فلا يوجد مبرر لإصابة نعمات بتلك الهيستريا في
ساعات الليل فقط.. بينما تكون في قمة هدوءها بل وغنجها أثناء النهار!!.. إلا أنها طريقة
للاستحواذ على اهتمام رؤوف.. أشعرها ذلك بالنفور من تفكير الم أ رة الأكبر سناً والتي تصر
على إعلان حرب غير مرئية بينهما..
غلبها النوم أخي ا رً وهي ما ا زلت تفكر في وضعها وحياتها الجديدة وتتساءل إذا ما كانت
أخطأت في الموافقة على تلك الزيجة واقحام نفسها في علاقة ثلاثية الأط ا رف.. أما أحلامها
فكانت كلها تدور حول مشاعر جديدة عليها شعرت بها اليوم فقط وهي بين ذ ا رعي رؤوف..
*********************
استلقت سهير على ف ا رشها وهي تستمع لكلمات منذر المسكرة لحواسها وهو يحادثها هاتفياً:
أخي ا رً يا سهير.. سيجمعنا بيتاً واحداً.
ظلت سهير صامتة ولم يجاوبه إلا صوت أنفاسها.. فأردف:
أنتِ تعلمين يا حبيبتي أنني كنت أتمنى أن أقدم لكِ بيتكِ الخاص, ولكن بعد زواج
شقيقتكِ .. خشيت أن يسبقني إليكِ شخصاً آخر..
همست له:
قيد القمر
105
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أعلم.. أنت لا تحتاج أن تبرر نفسك لي.. وأنا موافقة على السكن مع عمتي قمر..
صدقني.. لست منزعجة أبداً.
فاجأها بقوله:
أحبك..
نهرته بضعف:
منذر.
همس مرة أخرى:
أحبك.. أحبك.. ألن أسمعها منكِ؟.
همست:
تصبح على خير.
ضحك بسعادة وهو يقول:
تهربين؟.. حسناً.. لم يبقَ سوى شهر واحد ولن تجدي لكِ مهرباً مني.
عادت تهمس والخجل يذبحها:
ليلة سعيدة.
أجابها بنفس همسها:
ليلة سعيدة يا عمري..
قيد القمر
106
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أغلقت سهير الهاتف وظلت تحتضنه لفترة.. تكاد تطير من سعادتها.. فأخي ا رً سيضمها بيت
واحد مع حلم طفولتها وفارس صباها.. منذر.. تنهدت بح ا ررة وهي تسترجع صورته في
خيالها.. بوسامته الخشنة التي تعشقها..
أخذت تعبث بخصلاتها الشق ا رء وهي تتذكر كلماته الرقيقة وغزله الناعم.. وتعد الساعات
حتى تكون معه رغم المشاعر الغامضة التي تنتابها وتسبب انقباضة قلبها..
*********************
اشتعلت حيرة نو ا ر بعد مكالمة هاتفية سريعة مع سهير والتي توسلتها أن تجد طريقة حتى
تصطحبها في جولاتها الش ا رئية.. فعمتها وأمها أصابتاها بالجنون وهي أصابتهما بالانزعاج
من شدة تذمرها.. وكانت سهير تستغيث فعلياً بنو ا ر كعامل مهدئ بين الجميع..
وأخي ا رً قررت نو ا ر استئذان رؤوف لت ا رفق سهير.. فلابد أنه سيقدر رغبتها في مساعدة أختها
ويتغاضى عن تلك العادات والتقاليد التي تلزمها بالمكوث في منزل زوجها لتقابل المهنئين
خاصة ونعمات لم تقصر في إظهار نفسها كصاحبة البيت وسيدته.. وبرغم أنها لم تكن تود
أن تكون البادئة في الذهاب إليه, ولكن ليس أمامها خيار آخر.. فسهير بدت في حالة
يائسة..
اتجهت نو ا ر إلى المطبخ لتعد له القهوة التي يعشقها.. وهناك فوجئت بوجود نعمات فحاولت
تجاهلها قدر ما تستطيع وأخذت تعد القهوة.. ثم خطر في بالها طريقة ترد بها على
استف ا ز ا زت نعمات لها.. فبدأت بالغناء كما اعتادت في منزل أبيها.. وكان اختيارها للأغنية
هو ما اشعل ني ا رن نعمات التي انعقد لسانها وهي تستمع لصوت نو ا ر الرقيق:
"جالت لي بريدك يا ولد عمي.. تعا دوج العسل سايل على فمي.. على مهلك علي ما بحمل
الضمة.. على مهلك علي.. ده أنا حيلة أب وووي وأمي".
قيد القمر
107
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أرفقت نو ا ر غنائها بحركات ا رقصة خفيفة وهي ترمق نعمات بنظ ا رت ذات مغزى.. ثم أخذت
قدح القهوة وتوجهت نحو مكتب رؤوف الذي فوجئ بدخولها عليه وهي تحيه ببساطة:
مساء الخير.. لقد أعددت لك القهوة كما تحبها.
لم يستطع إخفاء دهشته.. وطار عقله ليظن أنها اشتاقت إليه.. ولكنه نهر نفسه بسخرية:
"لتكف عن جنونك, لابد أنها تحتاج منك شيئاً وجاءت مقدمة القهوة كعربون سلام". ابتلع
سؤاله عن سبب مجيئها إليه.. فقد توقع أن تختفي من أمام ناظريه كعقاب له على بقائه كل
ليلة بجوار نعمات وخاصة ليلة أمس بعد قبلتهما.. عندما وصل به تفكيره إلى تلك القبلة
اتجهت نظ ا رته إلى شفتيها بدون إ ا ردة منه.. ولاحظت هي ذلك فازداد توترها وأخذت تفرك
بيديها وهي تضغط شفتيها معاً.. لاحظ رؤوف توترها ذاك.. فحاول أن يرد بهدوء:
شك ا رً على القهوة..
لاحظ ترددها في الخروج من المكتب.. فأيقن أن تفكيره كان صائباً وأنها تريد شيئاً...
فأردف:
هل أردتِ شيئاً؟..
أجابته بتردد:
نعم.. أنا أريد الخروج مع سهير لش ا رء بعض احتياجاتها.
وأخذت تقص عليه مكالمة سهير.. لم يدري لما أصيب بالإحباط.. فهو عندما لمحها تدخل
عليه تمنى أن تكون قد جاءت لرؤيته لأنها اشتاقت إليه.. أو أن تكون قبلتهما قد أثرت
فيها.. لذا عندما أخبرته بسبب حضورها واعدادها لقهوته أصيب بالإحباط بل بالغضب..
ووجد نفسه يعبر عن ذلك برفضه لطلبها:
قيد القمر
108
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
كلا.. أنتِ تعلمين أنه لا يصح أن تخرجي الآن ولم يمر على زواجنا عشرة أيام..
صاحت بنزق:
أنت لا تؤمن حقاً بهذه الخزعبلات!!!.
أجابها بهدوء:
يجب احت ا رم تقاليد مجتمعنا.. وحتى لو مدينتنا لا تقع داخل الصعيد فعلياً بكل عاداته.. إلا
أننا دائماً ما اتبعنا التقاليد.. لن يضير سهير الانتظار لعدة أيام أخرى.. كما أن معها عمتي
وخالتي شموس..
وصمت قليلاً .. ثم قال:
ونعمات موجودة أيضاً.. لو احتاجت إليها.
لم تتمالك نو ا ر نفسها وقالت بسخرية:
وهل أجلس أنا في البيت وأترك مساعدة أختي للسيدة نعمات!!!.
تعجب من قولها:
السيدة نعمات!!.. هل تدعينها بالسيدة نعمات؟!!.
سألته بسرعة:
وكيف تريدني أن أدعوها؟.
تدعينها كما اعتدت دائماً.
صاحت بتعجب:
هل تريدني أن أدعوها.. خالتي نعمات؟!!!.
قيد القمر
109
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
نعم.. إذا كنتِ اعتدتِ على ذلك.. فلم يتغير شيء.
رمقته بنظرة ذات مغزى ولم تقاوم نفسها وهي تقول:
نعم.. لا شيء تغير.
فهم إلى ماذا تشير بكلامها فتقدم منها بغضب لمحته يظهر في عينيه فت ا رجعت فو ا رً.. ولكن
دخول نعمات قطع ثورة الغضب المتوقعة.. حيث دخلت لتقول:
هل أعجبتك قهوة نو ا ر؟.. فأنت اعتدت على تناول القهوة التي أعدها.. إذا لم تعجبك..
سأعد غيرها..
انطلقت الكلمات من نو ا ر على الفور بدون أن تتمعن فيها:
لقد أعجبته قهوتي جداً.. فلقد آن الآوان ليتذوق القهوة بنكهة جديدة.. لا تقلقي نفسك يا
خالتي...
واتجهت للباب لتخرج وهي تلقي بنظ ا رت قاتلة لرؤوف.. بينما جمدت نعمات في مكانها
وظهر الغضب على وجهها وهي تتمتم بحرقة:
خالتي!!.
بينما التمعت المشاكسة في عيني نو ا ر وهي تلقي بنظرة أخيرة إلى رؤوف كأنها تخبره:
"ألم أقل لك؟!!!".
*********************
رغم السعادة التي شعرت بها نو ا ر لم ا رفقة شقيقتها لاختيار ثوب زفافها, إلا إن القلق كان
يعصف بها من ردة فعل رؤوف على خروجها بالرغم من اعت ا رضه السابق, ولكنها لم
قيد القمر
110
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
تستطع أن تصل معه لنقطة تفاهم خاصة بعد أن تعمد تغيير الموضوع بب ا رعة ليبعدها عن
طلبها الأساسي.. ويشغلها بقضية فرعية لا تهمها في شيء..
وما أشعل غيظها هو دخول نعمات عليهما مما اضطرها للخروج بدون الحصول على إجابة
شافية.. ثم خروجه بعد ذلك بدون أن تستطيع إكمال نقاشهما.. جعلها تتخذ ق ا ررها بالخروج
مع سهير مع اكتفائها بإرسال رسالة له تخبره فيها بذلك.. لأنها عندما اتصلت به على هاتفه
وجدته مغلقاً..
بعد انتهاء جولتها الش ا رئية برفقة سهير وصلتا إلى منزل والدهما لتفاجئ نو ا ر بوجود رؤوف
بانتظارها برفقة والدها.. ونظرة واحدة إلى عينيه أدركت مدى الغضب الذي يعصف به
ومدى تحكمه في نفسه حتى لا يظهره أمام والدها الذي أصر على بقائهما لتناول العشاء مع
الأسرة.. واضطر رؤوف للموافقة أمام إص ا رر عمه وتوسل شموس لتجلس مع ابنتها قليلاً..
كان العشاء مسلياً بخلاف توقع رؤوف.. فاكتشف أن نادية الشقيقة الصغرى لنو ا ر تمتلك
حس فكاهي نادر وسرعان ما ظهر ذلك على مائدة العشاء وهي تتذمر من ترك أختيها لها
وهما تختا ا رن ثوب الزفاف وكأنه سر حربي.. ومع تذم ا رت نادية لاحظ لمعان نظرة حالمة
في عيني سهير وكأنها لا تشاركهما الواقع, بل تطفو على سحابتها الوردية مما جعله يظن
أن ارتباطها بمنذر يحمل أكثر من ارتباط عائلي..
حاول على قدر استطاعته تجنب النظر إلى حمقائه الصغيرة حتى لا يظهر غضبه منها
على الملأ, لكن رغماً عنه كانت عيناه تتجه إليها وهو يلاحظ توترها وقلقها.. كما لمح نظرة
تشبه خيبة الأمل عندما رن صوت سهير الرقيق وهي تتحدث عن تجهي ا زت زواجها وموعد
زفافها المتوقع.. مما دفع بالشياطين لتوسوس له ليظن بأن نو ا ر كانت معجبة بمنذر أو
الأسوأ تحبه.. دفعه ذلك الظن إلى إنهاء العشاء بسرعة والاستئذان لينطلقا إلى منزلهما..
قيد القمر
111
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ساد صمت تام بينهما في السيارة, حاولت نو ا ر كسر ذلك الصمت أكثر من مرة والحديث
معه بهدوء إلا أنه كان يقابل محاولاتها بنظرة نارية تسكتها على الفور...
وصلا أخي ا رً إلى المنزل.. فنزلت مسرعة من السيارة إلا إنه لحقها ليمسك بذ ا رعها ويدخل
معها إلى البهو ووجد نعمات ساهرة بانتظاره ولمح كالعادة قط ا رت الدموع تتلألأ في مقلتيها..
لكنه كان في حالة من الغضب الشديد فتجاهل النداء الصامت بعينيها وهو يقول لها:
ليلة سعيدة يا نعمات.
ثم استمر في سحب نو ا ر خلفه ليدخلها إلى جناحها ويغلق الباب خلفهما.. فقررت أن تبدأ
بمهاجمته:
كيف تجرؤ...
قاطعها بهدوء يخفي غضب عاصف من خلفه:
هل كان منذر معكما وأنتما تختا ا رن الثوب؟.
فوجئت نو ا ر بسؤاله لكنها أجابته بتعجب:
كلا بالطبع.. كانت معنا عمتي قمر والسائق الخاص بجدي..
ثم أردفت:
لماذا تسأل؟..
رد بسرعة:
لا شيء.. لماذا خالفت طلبي وخرجت بدون إذن؟..
تلعثمت وهي تجاوبه:
قيد القمر
112
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
إننا لم ننهه نقاشنا.. كما أنك أغلقت هاتفك... لم يكن أمامي إلا إرسال رسالة لك..
صاح بغضب:
وقررتِ من نفسكِ رمي كل ما تكلمنا فيه.. وخرجت من المنزل بدون إذن.. وحتى بدون
إخبار نعمات عن وجهتكِ.. لقد اتصلت بي قلقة لأنها لم تجدكِ في غرفتكِ..
صاحت مشدوهة:
هي اتصلت بك؟..
نعم.. ألم أخبركِ أن تعامليها باحت ا رم؟.. لماذا لم تبلغيها بخروجكِ؟.
أجابته بنزق:
ولماذا أخبرها؟.. هل تزوجت منها بدون أن أدري؟..
صاح بغضب:
نو ا ر!!!.
أجابته وقد خرجت عن طورها:
ماذا؟!!.. نعمات!!.. نعمات!!... اسأليها.. بلغيها.. هل أنجب منها الوريث اللعين
أيضاً؟..
عرفت أنها تخطت الخطوط الحم ا رء عندما أ رت ش ا ر ا رت الغضب تتطاير من عينيه وهو
يخطو نحوها بسرعة ويجذبها من ذ ا رعها ليلصقها به وهو يهمس بغضب:
ألن تتعلمي التحكم في كلماتكِ؟.. حسناً.. سأعلمكِ ممن ستنجبين الوريث.
قيد القمر
113
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
انقض على شفتيها بقوة ينفس عن غضبه ويخرج كل الشياطين التي استوطنت أفكاره وهو
يظنها كانت تتمنى غيره.. ف ا زد من ضغطه على شفتيها حتى أجبرها أن تفرقهما ليعمق قبلته
بينما إحدى يديه تتحسس جسدها وتستكشفه بجنون والأخرى تجذب شعرها بقوة لتثبت أ رسها
وتجبرها على تلقي قبلاته العنيفة..
حاولت نو ا ر الابتعاد عنه إلا أنه كان يحبط جميع محاولاتها بفاعلية تامة وهو مستمر في
تقبيلها ولكنها تمكنت أخي ا رً أن تبعده عنها قليلاً لتستنشق بعض الهواء وتهمس له:
هل هكذا تريد بدء حياتنا يا رؤوف؟.. بالإجبار يا ابن عمي!!!.
هدأت كلماتها من غضبه وحدت من اندفاعه فقربها منه برقة وهو يهمس أمام شفتيها:
هل اذهب يا بنت عمي؟.. هل اذهب يا قمري؟..
اغمضت عينيها وهي تجاوبه بهمس مماثل:
كلا...
فأخفض أ رسه يلتقط شفتيها ويعاود تقبيلها ولكن برقة أذابتهما معاً...



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-10-15, 10:56 PM   #9

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثامن
،
،
نار.. نار حارقة تكوي جوف نعمات, فما كانت تحاول جاهدة لتأجيله في الأيام السابقة..
قد وقع.. كل محاولاتها لإبعاد رؤوف عن نو ا ر فشلت فشلاً ذريعاً.. حتى مكالمتها التليفونية
له وهي تدعي قلقها على العروس الصغيرة التي لم تجدها بغرفتها..
رمت كذبتها وأتقنت إدعاء القلق في صوتها وهي تعرف أي جنون سينتاب رؤوف لخروج
نو ا ر بدون إخباره.. كانت تظن أنها بذلك تزيد من اتساع الهوة بين نو ا ر ورؤوف.. ولكن يبدو
أن العكس هو ما حدث.. وكانت فعلتها تلك.. سبباً للتقريب بينهما..
زفرت بقوة وهي تشعر بالإشمئ ا زز من نفسها ومن تصرفاتها في الفترة الأخيرة.. تشعر بأنها
تحولت إلى ام أ رة أخرى.. ام أ رة حاقدة وشريرة.. مليئة بالم ا ررة والخوف.. نعم الخوف من
هج ا رن رؤوف لها.. الخوف من فقدها الزوج الذي عاملها بحنان ورقة لم تشعر بهما مع
عمه.. رغم حب ذلك الأخير لها.. لكن رؤوف كان يعاملها بنوع من القدسية.. منحها هالة
من الملائكية تشعر بالرعب الآن من أنها فقدتها في عينيه.. لكن أكثر ما يخيفها أن تفقد
الإحساس ال ا رئع الذي يمنحه وجود رؤوف في حياتها.. الإحساس بأن هناك من يحتاجها..
بأن وجودها هام وحي وي لشخص ما..
إحساس قريب من الأمومة لحد ما.. نعم .. فوجود رؤوف في حياتها عوضها عن إحساس
أمومتها المفقود.. وخاصة مع انعدام فرصها في الإنجاب ومع الفارق العمري بينهما والذي
حولته لفيض غامر من الحنان والعناية والرعاية الموجهه نحوه.. إن نعمات لا تخاف فقط
فقدان الزوج, بل تخاف فقدان الابن الذي منحته كل حنانها ومشاعرها...
*********************
إحساس ا رئع بالدفء والأمان... إحساس بالسكينة والحماية هو ما شعرت به نو ا ر وهي
تستيقظ بين ذ ا رعي زوجها.. زوجها!!!.. ومضت أحداث الليلة الماضية في عقلها مما جلب
قيد القمر
115
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ابتسامة خجولة على شفتيها عندما تذكرت العاطفة المحمومة التي غمرها بها رؤوف الذي
لم تتصوره أبداً بتلك الح ا ررة والشغف.. فبعد اندفاعه العنيف نحوها أمس.. رقت لمساته
نتيجة همسها له وتحولت قبلاته الغازية إلى قبلات حارة مغوية.. أذابت كل مقاومتها
وأضاعت عقلها تماماً فاستجابت له بعفوية بريئة.. ا زدت من جنونه بها وهو ينثر قبلاته
على كل خلية بجسدها.. ويصحبها معه إلى عالم العشق... والجنون.. وهو يهمس في كل
لحظة.. ب"قمري".. اسمها الذي يخصه هو فقط..
شعرت بأنفاسه تتسارع ودقات قلبه تزيد تحت وجنتها فأدركت أنه استيقظ من نومه وأنه
يتأمل ملامحها, فاحمرت وجنتاها على الفور واستمرت في إغلاق عينيها بشدة.. مما دفعه
للابتسام وهو يهمس بجوار أذنها:
هل ستفتحين عينيكِ الآن؟.. أم ستستمرين في إدعاء النوم؟..
أجابته وهي ما ا زلت مستمرة في إغلاق عينيها:
أنا لا أدعي شيئاً.. أنا نائمة بالفعل!!.
ضحك بقوة وهو يزيد من ضمها ويده تعبث بخصلاتها المنتشرة على وسادته:
حسناً أيتها النائمة بالفعل.. أنا أملك فكرة جيدة عن كيفية إيقاظكِ!!!.
وأعقب قوله بقبلة قوية على شفتيها وهو يلفها بذ ا رعيه أكثر, فوجئت نو ا ر بحركته السريعة ولم
تستطع الابتعاد عنه بالسرعة الكافية فأحكم ذ ا رعيه حولها وهو يهمس أمام شفتيها:
مبروك يا قمري..
أجابته بنفس الهمس:
لماذا تانديني بقمر؟..
قيد القمر
116
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لم تسمع إجابته حيث أنه دفن أ رسه في عنقها الناعم وبدأ يغمره بالقبلات اللاهبة التي
أشعلت جسدها بأكمله فحركت ذ ا رعيها لتلتف حوله ليضمها إليه أكثر وهو يلتهم شفتيها في
قبلة حارة أذابتهما سوياً.....
*********************
مرت الأيام التالية على نو ا ر وهي تعيش فوق سحابتها الوردية.. فعلاقتها مع رؤوف في قمة
تناغمها, لم تتوقع أن تجد نفسها قريبة منه إلى تلك الدرجة.. تشعر به قد تغلغل بداخل
روحها.. كما تحب أن تعتقد أنها لمست شيئاً بداخله..
أسعدها بشدة أنها وجدته إنسان رقيق.. حنون وشغوف.. بطريقة لم تتوقعها... فكان يغمرها
دائماً بعاطفة حارة تدخلها إلى عوالم جديدة عليها كليةً.. وكان هو دليلها إلى تلك العوالم
ال ا رئعة.. لكن سعادتها كانت ناقصة على الدوام.. فكانت الليالي التي يقضيها رؤوف مع
نعمات بمثابة ح ا رئق لاهبة تندلع في كيانها..
لم تدرك أنها يمكن أن تشعر بتلك الكمية الرهيبة من الغضب إلا عندما أ رت رؤوف بعد أن
قضي الليلة برفقة نعمات.. لم تعرف أنها تملك القدرة على القتل إلا بعدما أ رت نعمات
تتهادى على الدرج وعلى وجهها ترتسم ابتسامة قطة قد التهمت طنجرة كاملة من اللبن كامل
الدسم..
وقتها شعرت أنها تريد مسح الابتسامة من على وجه نعمات, وأن تعيد تشكيل ملامح وجهها
المبتسم.. فآثرت السلامة وتحركت متجهة إلى غرفتها قبل أن تطاوع شيطانها.. وتمزق
عيني نعمات..
يومها لحقها رؤوف إلى غرفتها.. ووجدها واقفة بنافذتها تنظر إلى الف ا رغ.. تأملها لعدة دقائق
ولكنه ظل صامتاً عالماً بأنها أدركت وجوده بالغرفة معها.. ولكنها ببساطة تتجاهله..
قيد القمر
117
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أجلى صوته وهو يقول بهدوء:
صباح الخير..
ظلت نو ا ر صامتة.. ولم تستطع أن ترد تحيته.. فقد كانت دموعها تنهمر بغ ا زرة..
اقترب منها بهدوء حتى وقف خلفها تماماً.. يكاد يكون ملتصقاً بها, ووضع يديه على كتفيها
يديرها إليه.. ففوجئ.. بالدموع تغرق وجهها.. ضمها إليه بهدوء, وضغط أ رسها إلى صدره
وهو يملس خصلاتها بنعومة.. حتى هدأت قليلاً...
ظلا على هذا الوضع لفترة لم يشعر بها كلاهما... وأخي ا رً أبعدها عنه قليلاً.. ومسح دموعها
بأصابعه ثم طبع قبلة دافئة على جبهتها.. وخرج بهدوء مثلما دخل..
ظلت نو ا ر مسمرة في مكانها لفترة بعد خروجه, ثم ألقت بنفسها على الف ا رش وهي تجهش
بالبكاء...
بعد تلك المرة تعلمت نو ا ر أن تتحكم في أعصابها وتعبي ا رت وجهها, فلا تفضح غيرتها
الشديدة على ر ؤوف وخاصة أمام نعمات.. ولكن ذلك لم يمنعها من إظهار غضبها أمامه
في نوبات عصبية.. ولكنه كان يمتص غضبها بقبلاته ولمساته المذيبة لها فيسحبها إلى
عالمه الذي يفتح ذ ا رعيه مرحباً بها..
كان أكثر ما يغيظها هو اهتمام رؤوف ال ا زئد بنعمات بعد كل ليلة يقضيها معها هي حتى
أنها بدأت تعتقد إنه يشعر بالذنب لمشاركتها عواطفه الحارة.. لكنها حاولت تجاهل ذلك حتى
تستطيع المضي في حياتها التي تريدها أن تستقر بعيداً عن الضغائن والمنغصات.. وكان
لاقت ا رب زفاف سهير أثره الكبير في رفع روحها المعنوية وخاصة بعد موافقة رؤوف على
م ا رفقتها لسهير في رحلاتها الش ا رئية.. ومساعدتها في تجهي ا زت الزفاف وتأثيث الجناح
الخاص بسهير في منزل عمتها قمر, ولكن أثار تعجبها تأكيده المستمر على عدم تواجد
قيد القمر
118
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
منذر في تلك الرحلات.. وحاولت سؤاله أكثر من مرة عن السبب ولكنه لم يمنحها إجابة
واضحة كعادته كلما أ ا رد الم ا روغة حول شيء ما...
كانت تلك الليلة التي تسبق الزفاف.. وكانت الاحتفالات في بيت عبد السلام على أشدها..
حين وصلت سيارة رؤوف وهو يقل نعمات التي تعمدت الجلوس بجواره, ونو ا ر الجالسة في
الخلف تبرم شفتيها في حنق.. حيث أن الليلة هي ليلة الحنة لشقيقتها ورغم ذلك لم تتنازل
نعمات وتمكث في المنزل, بل قررت الحضور لمشاركتهم الاحتفال, والأدهى من ذلك أنها
احتلت المقعد الأمامي فوصلت نو ا ر إلى منزل والدها وقد وصل غضبها لآخره وكادت
أعصابها أن تخونها وتفلت منها.. لتوجه إلى نعمات كل ما بداخلها من قهر وحنق..
حين وصل رؤوف إلى باب المنزل الأمامي.. ترجلت نعمات وهي ترسل التحية لرؤوف,
وحين حاولت نو ا ر الترجل بدورها فوجئت بأن رؤوف قد أوصد الباب بجوارها, فسألته وهي
تحاول فتح الباب:
رؤوف ما به باب السيارة؟.. أريد النزول..
التفت ليواجهها وهو يمسكها من ذ ا رعها حتى تكف عن محاولة فتح الباب:
اتركي الباب.. سأفتحه حالاً.. فقط أريد منكِ شيئاً.
أجابته بقلق:
ماذا هناك يا رؤوف؟..
أجابها في سرعة:
أريدك أن تعديني ألا ترقصي..
قاطعته بأمل:
قيد القمر
119
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لكن..
ليس هناك.. لكن.. أعتقد أن ذلك حقي.. فأنا لا أرغب أن ي ا ركِ الجميع وأنتِ ترقصين..
أعتقد أنني أخبرتكِ بذلك من قبل.
أجابته في حزن:
حسناً..
ترك ذ ا رعها ليرفع ذقنها بأصابعه:
أنا أخاف عليكِ.. أعتقد أن هذا شيء لا يسبب الحزن.
ابتسمت قليلاً وهي تردد مرة أخرى:
حسناً..
تحركت أصابعه ببطء ليتحسس شفتيها المكتنزتين ويضغطهما برفق:
لا تغضبي.. وابتسمي ابتسامة حقيقية.. وعندما نرجع إلى المنزل.. سأخبركِ بمفاجأة سوف
تسعدكِ كثي ا رً.
اتسعت ابتسامتها وهي تقول:
هل تحاول رشوتي الآن؟..
ضحك بدوره عندما لمس تحسن م ا زجها ونظر إلى شفتيها بخبث وهو يقول:
لا أعتقد أنني أحتاج لذلك!!.
أ ا زحت أصابعه وهي تقول بغضب مصطنع:
مغرور.
قيد القمر
120
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ضحك مرة أخرى وهي يفتح أبوب السيارة:
هيا انزلي يا طويلة اللسان وأبلغي تحياتي وتهنئتي لخالتي شموس ولسهير..
تحركت نو ا ر لتنزل من السيارة بينما كانت نعمات ترمقهما بنظ ا رت نارية وهي ت ا رقب الحوار
المتبادل بينهما والذي لم تتمكن من سماعه ولكنها استطاعت ملاحظة تبدل ملامح
وجهيهما.. وكادت عينيها أن تخرجا من محجريهما وهي ترى أصابع رؤوف تتحسس شفتي
نو ا ر وهو يرمقها بتلك النظ ا رت المشتاقة.. وهتفت في داخلها:
"لقد جُن ولا شك.. هذا ليس رؤوف المتحفظ البارد, الذي لا يظهر انفعالاته أبداً أمام
الناس.. لقد أفقدته عقله ابنة شموس".
تحركت نو ا ر لتصطحب نعمات ليدخلا معاً إلى منزل والدها... وكان مشهد دخولهما معاً..
لا ينسى حقاً.. فكان كتلاقي ربيع العمر مع خريفه.. كانت الروعة ونضارة الشباب جنباً إلى
جنب مع الوقار والكهولة.. كانتا كابنة وأمها.. وذلك ما تردد بقوة من النساء الحاض ا رت
ووصل إلى مسامع نعمات كخناجر سامة تزيد من جروح كبريائها...
لاحظت نو ا ر تلك الهمسات السامة وتأثيرها على نعمات التي ارتعش جسدها وهي تستمع
إلى المقارنات التي تعقدها النساء بينها وبين شباب وجمال نو ا ر.. مما أشعر نو ا ر بالشفقة
عليها فطلبت منها الصعود إلى غرفة العروس.. لكن نعمات ترددت في إبداء موافقتها..
وفضلت أن تتواجد بالأسفل حيث كانت النساء متجمعات معاً يغنين الأغاني الخاصة
بالأف ا رح..
كان بعضهن يتبادلن الأحاديث والأخبار.. بينما كانت صواني الشربات الأحمر تلف على
الموجودات تنبأ عن الفرحة والسعادة.. بينما امتدت الموائد تحمل كل ما لذ وطاب من أجود
أنواع الأطعمة.. في انتظار جموع السيدات لتتقدمن وتتناولن عشائهن, ولكن ذلك لم يمنع
ت ا رشق النظ ا رت حول نعمات ونو ا ر..
قيد القمر
121
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لذلك بعد أن جلستا قليلا مع الموجودات في البهو تحركتا للذهاب إلى غرفة سهير التي
كانت تمتلأ بحشد من الفتيات اللاتي كن يرددن الأغاني وكانت بعضهن يتمايلن ا رقصات..
بينما كانت في ركن الغرفة مائدة صغيرة وضعت عليها صينية دائرية بها مجموعة من
الشموع وضعن في شكل دائري حول طنجرة كبيرة امتلأت بالحنة.. وكانت الورود منثورة
بروعة على المائدة تحيط بالصينية في مشهد رومانسي هادئ...
أخذت نو ا ر تبحث بعينيها عن سهير التي ما أن لمحت شقيقتها حتى ارتمت بين ذ ا رعيها
وهي تلومها على التأخير ولكنها ابتلعت كلماتها وهي تلمح نعمات خلف نو ا ر, فنظرت إلى
شقيقتها بعجب.. فكانت إجابة نو ا ر ضغطة خفيفة على يد سهير حتى تنبهها لتسلم على
نعمات كما يجب.
اصطحبتها سهير إلى أحد أركان الغرفة وهي تسألها:
لماذا صعدت معكِ إلى هنا؟..
أجابتها نو ا ر:
السيدات في الأسفل يرمين بكلام كالسهام السامة... تلك العادة المقيتة لا يتخلين عنها أبداً
سواء كان التجمع فرح أو ع ا زء.. هل تذكرين ع ا زء عمي عبد الرحمن؟..
نظرت إليها سهير بعجب وهي تقول بنبرة ذات مغزى:
وهل هذا وقت مناسب لتتذكري ذلك؟.. أم لأنه يحمل لديكِ ذكرى خاصة.. أيتها العاشقة..
ماذا حدث لكِ؟.. أرى عينيكِ تلمعان بشدة.. بل ماذا فعلتِ برؤوف؟.. إن منذر يقول أنه
تغير قليلاً, بل لقد أمسك به مرة وهو يغني في خفوت!!..
ضحكت نو ا ر بسعادة وهي تضع يديها في خصرها:
آه.. ومادام منذر قال ذلك فهو صحيح مائة بالمائة.. أليس كذلك؟..
قيد القمر
122
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
احمرت وجنتا سهير وهي تبتسم في خجل وتمسك بيدي نو ا ر:
توقفي عن السخرية.. وبالطبع كل كلام منذر صحيح..
ثم تغيرت نبرتها وقد شحب وجهها قليلاً وهي تقول:
نو ا ر.. أنا أشعر برعب شديد.. لا أستطيع أن أتخيل...
قطع كلامها هجوم مجموعة من الفتيات عليهما وهن يحثهن على الاندماج في الرقص
والاحتفال معهن, وبدأن بالفعل في جذب سهير التي استجابت لهن وأخذت تتمايل وكأنها
تحاول تناسي مخاوفها عبر اندماجها مع الموسيقى.. وسرعان ما حاولن جذب نو ا ر حتى
تشاركها, ولكن نو ا ر تمنعت وهي تتذكر وعدها لرؤوف.. إلا أن سهير ا زدت من جذبها لها..
فنهضت نو ا ر بجوار سهير ولم تنتبه لهاتف نعمات الحديث الذي كان يلتقط بعدسة كاميرته
ما يدور..
*********************
بحثت شموس عن نو ا ر بين المدعوات فهي تريد الحديث معها قليلاً حتى تطمئن عليها
وتحاول إسدائها بعض النصح.. وأخي ا رً وجدتها واقفة ثابتة بجوار سهير التي تتمايل ا رقصة
بسعادة ومعها الصغيرة نادية بينما اكتفت نو ا ر بالتصفيق لهما بحماسة..
أشارت شموس لابنتها فخرجت لها نو ا ر على الفور:
ماذا هناك يا أمي؟.. هل وصل رؤوف؟..
ابتسمت شموس وهي تربت على وجنة ابنتها:
كلا يا حبيبتي.. ولكني أردت الاطمئنان عليكِ قليلاً.. هل تمانعين؟.
قيد القمر
123
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ابتسمت نو ا ر برقة وهي تمشي في الرواق بجوار أمها حتى دخلتا إلى غرفة شموس وأغلقتها
شموس خلفهما.. وعادت لنو ا ر تسألها:
نو ا ر.. حبيبتي.. أريد الاطمئنان عليكِ.. صحيح أنني أرى لمعة في عينيكِ .. ولكني أشعر
أن سعادتكِ غير كاملة..
تنهدت نو ا ر وهي تقول لأمها:
وهل توجد سعادة كاملة وخالصة تماماً يا أمي.. أنا ا رضية والحمد لله.. سعيدة تقريباً..
فرؤوف إنسان ا رئع بحق... ووالدي كان على حق.. هو رجل تتمناه أي فتاة..
ثم صمتت قليلاً وارتعش صوتها بعض الشيء:
ولكنكِ كنتِ على حق أيضاً.. هو رجل متزوج..
احتضنتها شموس بحنان:
هل تزعجكِ كثي ا رً؟..
أجابتها نو ا ر:
كما هو متوقع.. لقد تزوجت زوجها.. يا أمي.. أنا ألتمس لها العذر نوعاً ما.. وخاصة..
قطعت نو ا ر كلامها وقد أدركت أنها كانت على وشك شرح مشاعرها لأمها في الليالي التي
يتركها فيها رؤوف ليكون مع نعمات.. فاحمر وجهها خجلاً.. وأردفت:
لقد تمت الزيجة.. وأخي ا رً منح جدي أبي رضاه الكامل.. والكل فائز.. فلما التساؤل الآن؟..
رفعت شموس ذقن نو ا ر بحزم:
قيد القمر
124
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
نعم زواجك برؤوف أعاد علاقة الود بين أبيكِ وجدكِ.. ورؤوف فاز بزوجة جميلة
وصغيرة.. ستنجب له بمشيئة الرحمن الذرية التي يبتغيها.. كما أن نعمات لم تطرد من حياة
زوجها وحتى لو لم تر ذلك فهي ليست بخاسرة.. فضرتها على الرغم من شبابها وحيويتها
إلا أنها لم تحاول أذيتها أو إقصائها من حياة رؤوف, بل تلتمس لها العذر في تصرفاتها
الأنانية المزعجة!!!.. ولكن ماذا ربحتِ أنتِ يا نو ا ر؟.. لا تكذبي على نفسكِ يا ابنة
شموس!!.
أخفضت نو ا ر عينيها عن والدتها وأغلقت أهدابها الطويلة وهي تسأل أمها:
ماذا تعنين يا أمي؟..
أجابتها شموس بنبرة ذات مغزى:
أعني أن رؤوف رجل ا رئع.. ولكنه ليس الوحيد.. ولو كنتِ رفضتيه ل وقف والدكِ بجواركِ
ولم يكن ليجبركِ على الزواج منه.. حبيبتي.. صارحي نفسكِ بسبب موافقتكِ عليه.. حتى لا
تحصري نفسكِ في دور الضحية فتتحول سعادتكِ الناقصة إلى تعاسة تامة.. وافهمي طبيعة
زوجكِ.. فهو لم يعرف الحب.. حتى يتعرف على مشاعره ويدركها الآن.. سوف أسألكِ
سؤالاً واحداً ولا أريد سماع جوابه, لكني أريد منكِ أن تجاوبي نفسكِ عليه وبص ا رحة.. هل
تحبين زوجكِ؟.. هل تحبين رؤوف؟..
نظرت لها نو ا ر ودموعها تترقرق في عينيها.. و أ رسها تتحرك بالموافقة بدون إ ا ردة منها..
فعاودت شموس احتضانها وهي تهمس:
لا عيب في ذلك يا حبيبتي.. ولا حاجة للبكاء.. فأنا موقنة أن رؤوف يشعر بالمثل..
صدقيني.. صدقي أمكِ.. وامنحيه الفرصة ليتعرف على مشاعر لم يعرفها من قبل, بل لم
يكن يعترف بوجودها من الأساس..
قيد القمر
125
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
صمتت قليلاً لتردف:
أنتِ تعرفين أسلوب جدكِ الصارم في الحياة, وهذا هو كل ما عرفه رؤوف.. فقط امنحيه
المساحة ليعيش سنوات سلبت منه, وهو سيكون طوع بنانك..
كانت كلمات أمها تتردد في عقلها وهي جالسة في سيارة رؤوف في المقعد الأمامي تلك
المرة.. ولكنها كانت تشعر بنظ ا رت نعمات تأتيها من المقعد الخلفي كالرصاصات فعلى ما
يبدو أن رؤوف هو صاحب فكرة جلوسها بجواره تلك المرة وابعاد نعمات إلى المقعد
الخلفي.. كانت تصلها كلمات متناثرة عن الاحتفال بالحنة وفرحة العروس وصديقاتها.. إلا
أن ما جذب انتباهها كلمات نعمات حول مقطع فيديو التقطته لسهير وهي ترقص برفقة
نو ا ر, وأنها كانت تتمنى عرضه على رؤوف وأضافت ضاحكة.. إنها لا تظن أن منذر
سيرضى بذلك..
كانت السيارة قد وصلت للحديقة الأمامية لبيت رؤوف مع نهاية كلمات نعمات, فأوقف
السيارة بغتة مما جعل نو ا ر تصطدم بالزجاج الأمامي, ولكنها تحركت بسرعة لتترجل من
السيارة قبل أن تقتل تلك السيدة في الخلف.. فهي تكذب وبصفاقة منتهزة فرصة استحالة
عرض الفيديو على رؤوف..
لذلك تحركت بخطوات غاضبة نحو غرفتها ولكنها ما أن دلفت إليها حتى فوجئت برؤوف
خلفها يجذبها من ذ ا رعها ليلفها إليه وهو يصرخ بها:
لا أدري ماذا أفعل حتى تنفذي ما أقول؟.. هل امتثالكِ لطلب بسيط يمثل لكِ تلك
الصعوبة؟.. لماذا تعاندين وتتمردين على أبسط الأمور؟..
صاحت به بدورها وهي تلمح نعمات واقفة ت ا رقب المشهد:
أنا أخبركِ الآن.. أنا لم أرقص.. لقد نفذت ما طلبته مني.. وكف عن الص ا رخ بوجهي..
قيد القمر
126
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
وتهدج صوتها وهي ترمي نعمات بنظرة تحاول أن تفهمه ألا يصرخ بها أمام نعمات:
لماذا يجب أن تصيح؟.. ألا تستطيع أن تتفاهم بصوت هادئ؟.
فهم تلميحها.. وأزعجه أنه فقد أعصابه عليها أمام نعمات.. ولام نفسه على عصبيته
واندفاعه.. لمحت نظ ا رته التي بدأ يخف غضبها قليلاً مع رؤيته لدموعها تلتمع في حدقتيها
وهمس:
لا تبكِ.. أرجوكِ يا قمر لا تبكِ..
عندما سمعته يناديها بقمر شعرت بأنه يرغب في تصديقها وانهاء الموضوع, ولكنها لم
ترغب في ذلك فلقد ركبتها كل شياطينها وقررت تلقينه درساً.. حتى يتوقف عن اندفاعه
الأعمى في تصديق كل ما تخبره به نعمات.. فنزعت ذ ا رعها من يده وأ ا زحته جانباً..
وتحركت بسرعة نحو نعمات وجذبت منها حقيبتها الصغيرة لتسحب الهاتف بسرعة وتعود
إلى غرفتها وقبل أن تغلق الباب قالت لنعمات:
عفواً.. سوف أستعير هاتفكِ قليلاً.. وسأعيده لكِ في الصباح, تصبحين على خير.. يا
خالتي..
ثم أغلقت الباب بقوة والتفت لرؤوف الذي كان يتأملها بقلق:
نو ا ر.. ماذا يحدث؟..
كانت أصابعها تعبث بالهاتف في سرعة حتى وصلت إلى الفيديو الذي تدعي نعمات
برقصها فيه وكان حين جذبتها سهير فوقفت بجوارها لتصفق فقط بينما سهير هي من كانت
ترقص..
مدت يدها إليه بالهاتف, فنظر إليها بعدم فهم:
قيد القمر
127
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
نو ا ر.. تعلمين أن شقيقتكِ.. إن منذر..
كانت جملته متقطعة ولكنها فهمت ما أ ا رده فأجابته بسخرية:
هل تظن أنني سأعرض عليك رقص شقيقتي.. تفضل وانظر بنفسك فأنا سأغطي صورتها
بأصابعي..
أشار لها بيده وهو يقول لها:
كفى يا نو ا ر.. انتهى الموضوع..
وضعت يدها في خصرها وهي تشير له بالهاتف:
وهل انتهى الموضوع لأن سموك أعلنت ذلك؟.. أم أنك تعطفت وتكرمت وصدقت ما
أخبرتك به؟.. أم يا ترى أعملت عقلك وقررت أن تتروى قليلاً قبل أن تهاجم مثل الدب
الشرس؟..
صرخ بها:
نو ا ر!!.. انتبهي لألفاظك.. لقد أخبرتكِ أن الموضوع انتهى واعتذرت بالفعل..
صرخت بسخرية:
اعتذرت!!!!.. متى أيها السيد؟.. ثم أن الموضوع لم ينتهِ.. أنا مصرة أن ترى مقطع
الفيديو الموجود في هاتف نعمات..
جذب منها الهاتف بقوة وألقاه نحو الحائط فسقط متحطماً لعدة قطع.. والتفت لها:
لقد انتهى الموضوع الآن..
ثم أردف بلهجة أقل عنفاً:
قيد القمر
128
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أنا آسف.. أرجو فقط أن تقدري أنني.... أخاف عليكِ.
نظرت إليه قليلاً وما ا زل الغضب يتملكها, كانت نظ ا رته تتجاوب مع تأملها له وكانت تلتمع
عينيه بنظرة أدركتها.. وبدأت تفهم أنه يرغبها الآن.. لذلك يحاول التغاضي عن الموضوع..
فقررت تلقينه الدرس لنهايته, خلعت الشال الذي تلف به كتفيها.. فظهر فستانها ال ا رئع ذو
اللون الخمري.. فستان ناعم من الحرير مزموم عند صدرها بف ا رشة ماسية ا رئعة ثم ينسدل
بروعة ليلامس جسدها بنعومة.. فيظهر روعة وجمال قدها الرقيق الذي أشعل جسد رؤوف
وهو ي ا رها تمسك شالها وتلفه حول خصرها بهدوء ثم تتحرك لتذهب إلى مشغل
الاسطوانات.. وتضع أغنية أم كلثوم "ألف ليلة".. ثم تتمايل بجسدها على نغمات
الموسيقى... حتى وصلت إليه فدفعته على صدره ليسقط على الأريكة خلفه وهي تهمس:
بما أنك حطمت الهاتف.. فسأريك كيف يكون الرقص!!.. حقاً..
استمرت في تمايلها مع نغمات العبقري "بليغ حمدي" حتى اقتربت من باب غرفة النوم
فتحرك هو سريعاً ليمسك بها وقد أدرك نيتها, لكنها كانت أس رع منه وهي تغلق باب الغرفة
بينهما بقوة قبل أن توصده بالمفتاح وهي تقول:
ليلة سعيدة.. انتهى العرض.
حاول فتح مقبض الباب أكثر من مرة وهو يناديها:
نو ا ر.. افتحي الباب.. لقد اعتذرت بالفعل.. صدقيني إن غضبي ينبع من.. من.. خوفي
عليكِ.
للمرة الثانية تشعر به يتردد أمام كلمة خوفي.. هل يقصد أنه يغار؟...
عاد صوته يدوي مرة أخرى:
افتحي الباب يا قمري..
قيد القمر
129
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أدركت أنه يستخدم اسمها الذي يناديها به في لحظاتهما الحميمة حتى يؤثر عليها, وللعجب
ا زد ذلك من عنادها.. فقالت له بج أ رة:
اذهب لنعمات.. وحاول إيجاد تفسير مقنع لتحطيمك هاتفها..
سمعت صوت أنفاسه الغاضبة من خلف الباب وهو يهتف بغضب:
نو ا ر.. ما تفعلينه هو خطأ..
ثم تردد قليلاً وهو يردف:
أنتِ هكذا تمنعينني عن حقي.. وستلعنكِ الملائكة.. و..
توقف عن الكلام وهو يضرب أ رسه بباب الغرفة بقوة.. حتى أن نو ا ر سمعت صوت ارتطام
أ رسه بالباب.. ولكن كلامه كان أطار ما تبقى من هدوئها.. ففتحت الباب بعنف وهي
تحملق فيه وعينيها متسعتين من الغضب..
تأملها قليلاً بوجهها المحمر من الغضب والش ا ر ا رت النارية تتطاير من عينيها اللاتين
أصبحتا في لون الذهب السائل واختفى لون العسل منهما.. وشفتيها اللاتين كانت تبرمهما
في حنق من كلامه..
كانت صورتها مدمرة لمشاعره التي أشعلتها برقصتها المغوية.. وكانت واقفة أمامه بمنتهى
التحدي بأن يتقدم ويأخذ ما هو حقه.. اقترب قليلاً منها فغمرته ا رئحة عطرها والتي دمرت
ما تبقى من سيطرته على نفسه, مد يده ليلفها بذ ا رعه ويطبق على شفتيها بقبلة قوية لم
تستجب لها في البداية, ولكن سرعان ما بدأ يشعر ببداية استجابتها.. وهي تبادله قبلته..
كانت بين ذ ا رعيه.. دافئة.. ومغرية.. و ا رغبة في مجا ا رته وتنفيذ رغباته.. لكنه أدرك أنه لو
استمر.. فإنها قد تكرهه وتكره نفسها بعد ذلك..
ابتعد عنها قليلاً وهو يتنفس بصع وبة وهمس لها:
قيد القمر
130
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أنتِ لا تدركين مدى روعتكِ الآن.. ولكني لن أفرض نفسي عليكِ أبداً.
تركها وخرج من جناحهما وهي واقفة مذهولة مما حدث, ففي ثانية كانت تحترق غضباً منه
ولكنه سرعان ما أذاب غضبها كالعادة بعاطفته ثم.. ثم تركها وخرج عندما بدأت تتجاوب
معه!!...
هل ذهب إلى نعمات كما طلبت منه من قبل؟.. ستقتله.. ستقتله إن فعل.. ظلت تجوب
الغرفة ذهابا.. واياباً.. وهي تفكر فيما حدث..
أعادت في أ رسها ما حدث منذ بداية الليلة.. وحاولت أن تفهم ما الذي دهاه ليكون بمثل تلك
العصبية التي ظنت أنها شفته منها.. لتعود جملته لتتكرر في ذهنها..
"أخاف عليكِ.. خوفي عليكِ"..
هل يقصد بخوفه.. غيرته؟.. هل يغار عليها بالفعل؟.. هل يحاول إفهامها أنه فقد أعصابه
نتيجة للغيرة؟!!..هل ما قالته أمها صحيح.. وهو يكن لها مشاعر بالفعل, ولكنه غير قادر
على التصريح بما يشعر به؟.. أو غير قادر على إد ا رك تلك المشاعر وتفسيرها..
أرهقها التفكير.. وأتعبتها حيرتها... وكادت تبكي كلما تصورته وهو يصعد ليقضي ليلته مع
نعمات.. وظلت تلوم نفسها بشدة لإتاحة الفرصة للعجوز لتشمت بها.. وتفسد وقتها مع
رؤوف..
كانت تصيح بنفسها:
"غبية.. أنتِ غبية.. غبية".
في أثناء انغماسها في تقريع نفسها لمحت ضوء خافت من نافذة مكتبه المواجهة لنافذتها..
كان ذلك الضوء الخافت بمثابة منارة في وسط ظلمات حي ا رتها.. لإد ا ركها أنه ذهب إلى
مكتبه ولم يذهب لنعمات.. لذلك قررت أن لا تدعه يبيت الليلة وهما على خصام...
قيد القمر
131
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أسرعت وارتدت قميص نوم لونه يشبه الشيكولاتة الذائبة.. كان قصي ا رً يصل إلى ركبتيها
بالكاد.. وله فتحة صدر واسعة.. تكشف عن بشرتها السم ا رء الجذابة.. ثم ارتدت الروب
الذي يتناغم مع القميص واتجهت إلى مكتبه في إص ا رر..
أما نعمات فكانت ت ا رقب باب جناح نو ا ر بإص ا رر وما أن لمحت رؤوف يخرج من الجناح
ويتجه إلى مكتبه حتى أسرعت لغرفتها.. وبدأت في البحث وسط خ ا زنتها حتى وجدت إحدى
الغلالات التي كان يفضلها رؤوف فسارعت بارتدائها وأعادت زينة وجهها استعداداً لتذهب

إليه وتقدم مواستها ودعمها له..


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-10-15, 11:02 PM   #10

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل التاسع
،
،
ضغط رؤوف على مفتاح نور المكتب الجانبي فسبحت الغرفة في ظلام لم يكسره إلا ضوء
القمر المنبعث من النافذة وأخذ يدور بكرسي مكتبه يمنة ويسرة.. يحاول أن يفرغ أ رسه من
الأفكار التي تدور بها.. يشعر أنه دخل بقدميه في دوامة ولا يعرف الطريق للخروج منها..
لطالما تجاهل حديث المشاعر والأحاسيس وظنه للم ا رهقين والصبية أو لمن يريدون التسلية
فحسب, لكنه وجد نفسه الآن يتساءل عن صحه تفكيره.. وهل ما يربطه بنو ا ر هو عقد زواج
تم بناء على تفكير عقلي فحسب؟.. سخر من نفسه أي عقل وأي تفكير؟.. لقد انطلق
اسمها على لسانه بدون أي إ ا ردة من عقله عندما عرض جده عليه الأمر؟.. هل هذا هو
الحب الذي لطالما سخر منه؟.. أنه لا يدري.. فقط يعلم أن حياته تغيرت من اللحظة التي
ارتبط فيها بها.. أصبح لحياته نكهة مختلفة.. نكهة يكاد يجزم أنه أدمن عليها مثل إدمانه
على ا رئحة التوت البري التي تنبعث من شعرها أو إدمانه لرؤية توترها الذي يدفعها لتقوم
بتلك الحركة الفاتنة بشفتيها.. بل أنه يدفعها للعصبية أحياناً حتى تقوم بتلك الحركة فقط..
كما اكتشف أنه يهوى صوت الموسيقى الذي ينبعث مع ضحكاتها.. والطريقة التي تغني بها
وهي تدور مثل الف ا رشة في المنزل وخاصة عند اعدادها للقهوة التي أضحى يدمنها من
يديها..
مسح وجهه بكفيه.. وهو يدرك أنه يغرق أكثر وأكثر.. يغرق في بحور لم يعرفها من قبل..
ينغمس في أحاسيس كان يظن نفسه لا يمتلكها.. فحياته مع جده ومن بعده نعمات لم تؤهله
ليتعامل مع فيض هذه المشاعر.. لقد عاش لسنوات حياة أشبه بمياه هادئة لم تؤثر فيها أي
رياح أو أعاصير.. باستثناء المحاولات الحثيثة للإنجاب إذا اعتبرت تلك المحاولات أزمات
من أزمات الحياة.. أما بخلاف ذلك فكانت حياة روتينية هادئة لم تعترضها أي عواصف..
حاول أن يخرج ما بنفسه في صور هزلية كعادته ولكن لأول مرة تفشل الأو ا رق والألوان في
مساعدته على تصفية أفكاره التي تعصف بشدة..
قيد القمر
133
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
رمق دفتر الرسم الكبير على المكتب وكأنه يناجيه.. يتوسله أن يفسر له ماذا يجري معه؟..
ما تلك الأحاسيس والمشاعر التي تموج بداخله؟.. لأول مرة يشعر أنه فاقد السيطرة على ما
يدور حوله.. فاقد للسيطرة على أفكاره وأحاسيسه ومشاعره.. إنه يفقد أعصابه وينطلق
غضبه بسرعة شديدة وخاصة عليها.. على نو ا ر.. كلا ليست نو ا ر.. إنها قمر.. قمره هو..
نهر نفسه بغضب.. ما هذا اللغو الذي تتفوه به؟.. إنها فتاة متمردة لا تستطيع تنفيذ ما
يطلب منها.. تتعمد دائماً إثارة غضبه وفعل كل ما يثير الحنق..
عاد يرمق دفتره مرة أخرى وهو يتساءل عن أ ريها في هوايته تلك.. لقد رفض جده الإعت ا رف
بها تماماً مبدياً أ ريه أنها مجرد شخبطات... أما نعمات فثارت ثائرتها عندما لمحتها وظنته
يسخر منها.. ولم تستطع استيعاب أهمية تلك الهواية في حياته فهي ت ا رها سخرية وقحة من
البشر...
ترى ماذا يكون أ ريك يا قمري؟... هل ستعتبرينها شخبطة أم وقاحة؟.. أم ربما يكون أ ريك
اقسى من ذلك؟..
أرجع أ رسه للخلف وأغمض عينيه يحاول تجميع شتات نفسه.. وظل على هذا الوضع لفترة
وهو يسترجع ذوبانها بين يديه منذ قليل.. لقد استجابت له ولعاطفته ب رغم غضبها منه.. وهو
كان مستعد للإستم ا رر رغم إد ا ركه لذلك الغضب.. لقد احتاج سيطرة عنيفة على مشاعره
حتى يبتعد عنها.. فهو لم يصدق لسانه الذي اندفع ليخبرها أنها تحرمه من حقوقه.. وأن
الملائكة ستلعنها.. لم يصدق أنه وصل لهذه الدرجة من اليأس حتى يقنعها بأن تفتح له
بابها وذ ا رعيها...
فتح عينيه ورمق الأريكة القابعة أمامه.. وابتسم بسخرية من نفسه.. يست رجع ليالي طويلة
قضاها على أريكة مماثلة في بداية زواجه من نعمات..
قيد القمر
134
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
نعمات.. إنه في حاجة إلى حوار مطول مع نعمات.. قد يستوعب الغيرة النسائية العادية
بينهما.. وليس بخافي عليه محاولات نعمات لاستف ا زز قمر, ولكن ما حدث الي وم كان أكبر
مما يتوقع..فهو لم يتخيل ام أ رة في عقلها ورصانتها تسجل حفل لفتيات صغي ا رت ثم طريقتها
في إخباره عن ما حدث كانت كفيلة باخ ا رجه عن شعوره.. وكاد أن يفعل بالفعل لولا دموع
نو ا ر التي لمعت في مآقيها ومنحته شعور بالعجز أمامها..... تباً إن أفكاره تعود به إليها
دائماً.. ترى ماذا تفعل الآن؟..
لف بصره ناحية نافذة المكتب المواجهة لنافذة جناحها لعله يلمح أي ما تفعله.. ولكن
وياللعجب لمح طيف يحاول الدخول عبر نافذة مكتبه.. أغمض عينيه وفتحها مرة أخرى في
محاولة منه لإجلاء نظره, إلا أن الشبح الذي يحاول اقتحام النافذة كان قد أدخل نفسه
بالفعل داخل الغرفة..
انتفض رؤوف وهو يصيح:
من؟... من أنت؟..
جاءه صوت نو ا ر وهي تهمس:
من تعتقد؟... أنا نو ا ر.. إن الحديقة الداخلية بين نافذتينا مغلقة.. فمن تنتظر أن يأتي عبر
النافذة؟.
قال لها وهو يبتسم:
صحيح.. مَن مِن الممكن أن يتصرف بهذه الطريقة المجنونة سواكِ؟!!
وضعت يديها في خصرها كعادتها وهي تقول بغضب:
ماذا تقصد بمجنونة؟..
قيد القمر
135
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أجابها وما ا زلت الابتسامة معلقة على شفتيه وهو يشير للباب:
لماذا لم تستخدمي الباب؟..
أخذت ترمقه بمكر ثم دارت حول نفسها وهي تتمسك بأط ا رف الروب السفلية وتفردها حولها
مثل جناحين:
لقد خشيت أن يلمحني أحد وأنا بمثل ذلك الرداء؟..
لم يتمالك نفسه فتعالت ضحكاته.. فتوقفت هي عن الدو ا رن وهي تحكم لف نفسها بالرداء..
فأبرز تفاصيلها الأنثوية الخلابة.. فتوقفت ضحكاته بينما أظلمت نظ ا رته وهي تتأملها....
وحين لمحت هي تغيير نظ ا رته ابتسمت بب ا رءة وهي تسأله:
ما الذي كنت تفعله؟..
أجاب بسرعة:
كنت أ ا رجع بعض أو ا رق العمل المتأخر
ابتسمت بسخرية:
في الظلام!!!
أعاد اجابته:
أعني أنني انتهيت من م ا رجعتهم بالفعل..
عادت تبتسم له بب ا رءة وهي ترفرف بأهدابها:
وماذا كنت تنوي أن تفعل بعد ذلك؟..
تنهد بح ا ررة وهو يقول:
قيد القمر
136
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
حسناً يا قمر.. فلنكف عن الادعاء.. أنا لم أكن أعمل.. وأنتِ؟.. لم أنتِ هنا؟..
علمت أنه متأثر بها مهما حاول ادعاء اللامبالاة فهو يناديها بقمر ثانية.. اقت ربت منه بهدوء
وهي ترفع عينيها متسائلة:
قمر؟...
شدها إليه يلصقها به وهمس لها:
نو ا ر.. ماذا تريدين؟..
أجابته بخفوت:
أنت!
سألها مشدوهاً:
أنا!!!
تملصت من بين ذ ا رعيه برقة وهي تتجول في الغرفة وتقول:
أنت أخبرتني في السيارة أنك تعد لي مفاجأة, ولم تخبرني ما هي؟..
نظر إليها مصدوماً بينما ظلت ترمقه بب ا رءة وهي تكمل جولتها في الغرفة حتى وصلت إلى
مصباح المكتب فضغط على مفتاحه لينير الغرفة ضوء خافت عكس ظلاله على ردائها مما
ا زدها روعة وهي تجلس على كرسي مكتبه فتغوص فيه..
فكر في نفسه أنها أكبر من الدمية بقليل.. كيف يتركها تتلاعب به هكذا؟..
لمحها وهي تمد يدها لدفتره.. وبدأت تتصفحه بالفعل.. فتحرك ليسترده منها.. إلا أن عينيها
كانتا لمحتا واحدة من رسوماته.. والتي تمثل ليلة زفافهما بالذات..
قيد القمر
137
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
حيث رسم نو ا ر بثوب زفافها وهي تركله ككرة القدم خارج جناحهما إلى ذ ا رعي نعمات التي
عبر عنها كحارس للمرمى وهي تتلقاه وتسحبه خلفها وهي تلقي بالتحية لنو ا ر!
كان ي ا رقبها وهو يشعر بنفسه مثل التلميذ الذي ضبط بالجرم.. وكان ذلك يشعره بالغضب..
لكنها أخذت تتأمل الرسمة للحظة... ثم تعالت ضحكاتها تلك ذات الجرس الموسيقي الذي
يطربه..
وقالت من وسط ضحكاتها:
رؤوف إنك تذهلني!!
سألها بقلق:
ماذا تعنين؟..
أجابته بص ا رحة:
أعني.. أنني لم أظن أنك تهوى الفن الساخر.. إنك حقاً ملئ بالمفاجآت..
ثم تحركت من على الكرسي لتواجهه:
إنك تمتلك موهبة ا رئعة.. أتعجب كيف لم تحاول د ا رسة الفنون لتصقل تلك الموهبة!!
أمسك كفيها برقة وهو يسألها:
هل هذا ما تظنينه حقاً؟.. ألا تشعرين بالغضب من عرضي لذلك الموقف بتلك الطريقة؟
ابتسمت وهي تجاوبه بهدوء:
حسناً.. من الممكن أن يغضبني ذلك.. ولكن قليلاً فقط.. لكني لا أستطيع أن أخدع
نفسي.. إن الموقف كان مضحكاً فعلاً.
قيد القمر
138
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ثم سألته بغضب مصطنع:
إذاً هذا ما تفعله في مكتبك طوال الوقت, وأنا التي تظن أنك مطحون بأعمال العائلة!!..
جذبها لصدره بحسم وهو يقول:
قمر.. لماذا أتيتِ الآن؟.. لقد ابتعدت حتى لا أفرض عليكِ وضعاً لا ترغبينه.. فلما تزيدين
من صعوبة الوضع علي؟..
رفعت ذ ا رعيها لتعقدهما حول عنقه وهي تهمس:
بالعكس.. أنا لا أفعل.. أنا لا أزيد الوضع صعوبة.. لقد ابتعدت أنت, وأنا جئت إليك..
أعتقد أن هذا يوضح كل شيء..
بعد سماعه لكلامها لم يستطع إلا أن يضمها بقوة وهو يرفعها عن الأرض حتى يستطيع
بثها قبلاته كما يرغب.. همست أمام شفتيه:
أنت تعلم أنني كنت لأقتلك لو كنت صعدت للطابق الأعلى!!
سألها بهمس:
هل تغارين يا قمري؟..
أجابته وعينيها تنضح هياماً:
بجنون.. أغار بجنون.
عاد ليتناول شفتيها مرة أخرى وهو يضغطها بقوة لجسده ويديه تتحرك بسرعة ليخلصها من
الروب الذي يخفي جسدها عنه ولكنها كانت عاقدة لذ ا رعيها خلف عنقه, تسند نفسها إليه فلم
يجد بديل عن تمزيق الروب الذي استجاب نسيجه الرقيق لجذب رؤوف له فتمزق إلى
قطعتين ألقاهما بعيداً ليرفعها بين ذ ا رعيه ويتجه إلى الأريكة وهي ما ا زلت بين أحضانه
قيد القمر
139
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
تبادله جنون بجنون.. وتوق بتوق.. فلم يشع ا ر بالباب الذي فتحته نعمات بهدوء شديد وهي
تظن أن رؤوف وحيداً في الغرفة, فأ ا ردت أن تفاجئه بدخولها عليه... ولكن كانت المفاجأة
من نصيبها هي... وهي ترى نو ا ر بين ذ ا رعي رؤوف على الأريكة يتبادلان القبل وهما
غائبان عن ما حولهما..
استدارت نعمات لتعود من حيث أتت, فيبدو أن الصغيرة هي من كسبت معركة الليلة على
أي حال.. ويجب عليها الإعت ا رف بالهزيمة أمامها.. إلا أن شيطانها أبى عليها أن تتركهما
بدون أن تترك ظلالا رمادية على سهرتهما, فعادت لتدخل الغرفة وهي ترمق الجسدان
الملتحمان بحقد, ثم أغلقت الباب بقوة فأصدر صوتٍ عالٍ انتفض على إثره رؤوف بينما
تجمدت نو ا ر بين ذ ا رعيه.. وهي تسمعه يصيح بغضب:
ما هذااااااااا!!
تظاهرت نعمات بالأسف وهي تقول بحرج مفتعل:
آسفة.. لقد ظننتك وحيداً.. ويبدو أن الباب أفلت من يدي فأُغلق بصوت عالٍ
رمقها رؤوف بعدم تصديق وهو يحرك جسده بسرعة كي تحتمي نو ا ر خلفه ويمد يده ليلتقط
ثوب نومها من على الأرض ويعطيه لها.. ثم رفع بصره لنعمات وهو يسألها بغضب
واضح:
حسناً لقد أتيتِ لهنا وتأكدتِ أنني لست وحيداً.. فهل تحتاجين شيئاً؟..
لاحظت نعمات لهجته العدوانية والطريقة الغاضبة التي يحدثها بها للمرة الأ ولى فهمست
بصوت مجروح:
رؤوف!!
قيد القمر
140
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
همسها المجروح أشعل غضب نو ا ر التي كانت ارتدت ثوبها وأخذت ترمقها من تحت أهدابها
بغيظ وهي تركتز على كتف رؤوف من الخلف.. فهبت واقفة فجأة مما لفت انتباه رؤوف
فقال لها بصوت مسموع:
معذرة يا نو ا ر.. اذهبي الآن وسوف ألحق بكِ بعد قليل..
رمقته بغضب قاتل, فرفع يده ليمسد وجنتها وهو يقول برقة:
لن أتأخر.. فقط أريد نعمات في حديث قصير..
تحركت نو ا ر باتجاه الباب لتعود إلى حجرتها إلا أنها عندما وصلت بالقرب من نعمات
التفتت لرؤوف وهي تقول:
رو ؤف.. لقد نسيت الروب.. هل تتذكر أين ألقيت به؟..
كتم رؤوف ضحكته بصعوبة وهو يتناول سترة بذلته من على ظهر كرسي المكتب ويقترب
منها ليلفها بها وهو يقول:
أعتقد أن هذه ستفي بالغرض.. والآن اذهبي..
تحركت نو ا ر بخفة لتذهب إلا أنه استوقفها:
نو ا ر.. أعدي نفسك للسفر إلى الاسكندرية بعد زواج سهير..
رمقته نو ا ر بعدم تصديق وهي تنظر لنعمات بتساؤل.. ففهم ما تريد قوله وأردف:
نحن الاثنان فقط..
قفزت نو ا ر بسعادة وهي تعود لتلقي نفسها بين ذ ا رعي رؤوف وتصرخ بابتهاج.. بينما تجمدت
نعمات تماماً وهي ترى المشهد أمامها وتتساءل
قيد القمر
141
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
"وماذا بعد يا رؤوف؟... هل تعمدت ذكر ذلك أمامي كي تعاقبني؟.. أم حتى أصمت ولا
أعترض؟"...
انتبهت أنها اصبحت بمفردها مع رؤوف الذي كان يغلق أز ا رر قميصه بتكاسل, فقررت
الهجوم مباشرة:
لماذا ستصطحبها إلى الأسكندرية؟..
أجاب رؤوف سؤالها بسؤال:
ولماذا لا أصطحبها؟.. لقد ذهبتِ معي م ا ر ا رً..
أجابته بتلعثم:
نعم.. ولكن ألن يكون هناك الكثير من الأعمال التي عليك متابعتها في الش ركة, وخاصة
الآن بعد زواج منذر؟..
أجابها في هدوء:
نعم.. وهناك بعض الصفقات التي يجب عقدها بالأسكندرية لذا.. سأضرب عصفورين
بحجر واحد..
كم ستغيب؟..
رد بحزم:
نعمات.. ليس هذا ما أردت الحديث معكِ بشأنه.. وأنتِ تعلمين ذلك..
قاطعته بتوسل:
رؤوف..
قيد القمر
142
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أسكتها بإشارة من يده وهو يقول:
أنتِ تعلمين جيداً أنه ما كان يصح أن تسجلي ما يحدث في جلسة كلها فتيات وسيدات
على هاتفك... تلك أشياء بديهية ولست في حاجة للفت نظرك إليها.
سألته بذهول:
هل أ ريت مقطع الفيديو؟
أجاب بحدة:
وهل هذا يهم؟... أم أنه كان من الممكن أن يشاهده أي شخص غيري.. أوحتى أي واحدة
من الخدم.. أنتِ أخطأتِ بشدة.. لقد كنتِ ضيفة في بيتهم وهم استأمنوكِ, وأنتِ صورتِ ما
يحدث بدون أن تخبريهم, أين كان عقلك؟
كم تمنت أن تصرخ في وجهه..
" كان عقلي معك.. أنت وأحوالك التي تبدلت... ومشاعرك التي أصبحت تجرفك نحو ابنه
عمك الصغيرة لتجعلك تفقد احساسك بالمكان والزمان لتتبادل معها المشاعر في غرفة
مكتبك حيث من الممكن أن يفاجئكما أي شخص.. يا إلهي كم تغيرت في غضون أسابيع
قليلة.. لقد أصبحت أشعر أنك غريب أعرفه للمرة الأولى وليس زوجي للخمسة عشر سنة
الماضية"
عادت من حديثها لنفسها على صوته وهو ينهي الحوار:
أرجو أن تنتهي تلك المشاحنات والمشاكسات بينك وبين نو ا ر.. أريد أن يعم الهدوء مرة
أخرى... تصبحين على خير..
قيد القمر
143
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ثم خرج وتركها وحدها.. تحترق وسط غيرتها وغضبها من تلك الصغيرة اللعوب الذي
استطاعت طويه تحت جناحها في غضون أسابيع قليلة..
********************
دخل إلى جناح نو ا ر التي كانت تذرع الغرفة جيئة وذهاباً.. قلقة أن يتسبب احساسه بالذنب
الدائم نحو نعمات لأن يصعد معها.. ويتركها هي.. وعند سماعها لصوت باب الجناح
الخارجي يغلق.. التفتت بسرعة لتواجهه وهي تهمس:
لقد أتيت!..
رمقها بدهشة:
بالطبع.. لقد أخبرتك أنني سوف ألحق بكِ
كانت تفرك بيديها كعادتها عندما تتوتر... فتقدم منها ليمسك بهما ويرفع ذ ا رعيها حول عنقه
وهو يضمها:
والآن.. ماذا كنا نقول قبل أن يتم مقاطعتنا!!
وافقته:
نعم.. قوطعنا بوقاحة..
تمتم بقلة حيلة وهو يميل ليقبلها:
لا حل في لسانك أبد اً
*******************
قيد القمر
144
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لم يكن حفل زفاف سهير أقل روعة وفخامة عن زفاف نو ا ر.. وكانت العروس كالملاك
الناعم بزينتها الهادئة التي تتناسب مع فتنتها الطبيعية وثوب زفافها المذهل بتنورته الواسعة
جداً التي تناثرت عليها اللآلئ والماسات الصغيرة في تناغم فني بديع.. وكانت تبدو في أوج
سعادتها وهي متعلقة بذ ا رع منذر الذي كان الحب والعشق ينساب مع نظ ا رته لها..
أخذت شموس تتمتم بآيات من القرآن خوفاً عليهما من العين والحسد.. وكذلك قمر وهي
ترمق ابنها الأصغر وهو يجلس بجوار عروسه الفاتنة.. فجاءت نو ا ر من خلفهما وهي تقول:
ماذا تفعل أجمل سيدتين في الحفل؟..
التفتت لها عمتها قمر وهي تقول:
نو ا ر.. هل أشرفتِ على كل شيء في جناح العروسين؟
طمأنتها نو ا ر وهي تقول:
لا تقلقي.. لقد رتبت كل شيء تبعاً لأوامرك وأوامر أمي..
تحركت شموس وهي تقول:
يبدو أن سهير تشير لي.. سأذهب لها
تحركت نو ا ر لتذهب مع أمها.. فأوقفتها يد عمتها:
انتظري يا نو ا ر..
سألتها نو ا ر:
هل تحتاجين شيئاً يا عمتي؟..
أجابتها عمتها وهي ترمق معدتها بنظرة ذات مغزى:
قيد القمر
145
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
هل من أخبار سعيدة؟
توردت وجنتي نو ا ر:
عمتي!!!
سألتها عمتها بتعجب:
لماذا الخجل... إن نظ ا رت ابن أخي تأكلك أكلاً.. وأنتِ أيضاً عينيكِ تتبعانه طوال الحفل..
فمن الطبيعي أن أسأل!!
برمت نو ا ر شفتيها وهي تقول:
عمتي.. ليس هذا وقته.. إنه زفاف منذر وسهير
تحركت عمتها لتذهب لولدها ولكنها همست لها قبل ذهابها:
إذا كنتِ تحملين لابن أخي مشاعر قوية, فلا تترددي في إخباره.. كوني أنتِ البادئة..
أشعريه أنه محبوب لذاته.. لنفسه.. ليس لأنه رجل العائلة اللامع في إدارة شئونها.. وليس
لأنه سيحقق حلم ام أ رة لتكون أماً.. أو من سيوفر وريث للعائلة.. تعلمي من أمك يا ابنة
شموس.. إن أباكِ وقف لأول مرة في حياته أمام جدك ورفض تنفيذ أمره من أجل عشقه
لأمك... تعلمي كيف تمتلكين مشاعر زوجك..
ثم أردفت وهي تمط شفتيها:
أتمنى أن تكون شقيقتك في مثل بلاهتك والا ستستحوذ على ولدي الحبيب منذر!!!
بعد أن تركتها عمتها تسمرت نو ا ر في مكانها وهي مذهولة مما سمعته منها..
وأخذت تتمتم:
قيد القمر
146
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ما بهم جميعاً يلقوم بنصائحهم فوق أ رسي!!!
التفتت لتذهب لسهير ولكنها التقت بعينين يتأملانها بخبث.. فتعرفت على قاسم ابن عمتها
قمر وشقيق منذر الأكبر.. الذي شعرت بعينيه تتابعنها منذ بداية الحفل.. أصابتها نظ ا رته
بالقشعريرة والخوف فتحركت عينيها تلقائياً تبحث عن رؤوف حتى وجدته بجانب جدهما..
فتوجهت نحوه مسرعة تحتمي بوجوده بجانبها من تلك النظ ا رت الشريرة..
أحاطها رؤوف بذ ا رعه ما أن خطت بجواره.. فنهره جده بحزم:
رؤوف.. إنك في مكان عام ولست في غرفة نومك!!
كادت نو ا ر أن تلقي ملاحظة لاذعة عن تفكير جدها العتيق إلا أن ذ ا رع رؤوف التي اشتدت
حول خصرها قبل أن تتركه حذرتها بأن تحتفظ بلسانها داخل فمها.. فابتلعت كلماتها وآثرت
الصمت وهي تسمعه يهمس:
سوف نضطر للسفر بعد الزفاف مباش رة..
سألته بدهشة:
مباشرة!!.. لقد ظننت أننا سنسافر غداً مساء
لقد تغيرت بعض الظروف.. سأخبرك بها لاحق اً
سكتت على مضض لوجود جدهما بجوارهما وهي تقول:
حسن اً
********************
قيد القمر
147
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أخذت سهير ترتجف بشدة وهي تودع نو ا ر أمام منزل عمتها قمر.. وأمسكت نو ا ر بكفي
شقيقتها فوجدتهما قطعتين من الثلج.. فأخذت تفركهما بشدة حتى يسري بعض الدفء فيهما
وهي تطمئنها:
ما بكِ يا سهير؟.. اطمئني.. إن منذر يحبك بصدق.. إنه لن يؤذيك أو يضايقك..
أخذت سهير ترتجف بشدة وهي تردد:
إنكِ لا تعلمين شيئاً.. لا تعلمين شيئ اً
ذعرت نو ا ر من كلام شقيقتها:
ماذا بكِ يا سهير؟.. ما الأمر
جاء منذر من خلفهما وهو يقول لعروسه:
ألم تكتفي من وداع نو ا ر.. هيا بنا يا حبيبتي
وصعدا معاً درجات السلم وهما يشي ا ر للجميع حتى وصلا إلى باب جناحهما فرفعها منذر
بين ذ ا رعيه وهو يقول بسعادة:
تذك ري أن زوجك قد حملك فوق عتبة جناحك
ابتسمت بارتعاش.. وأخفضت أ رسها بخجل.. فدخل منذر إلى جناحهما وهو يحملها.. ثم
أنزلها برفق وهو يقول:
أخي ا رً.. أخي ا رً يا سهير.. أنتِ بين يدي
كانت الرجفة ما ا زلت تتملك جسد سهير وهي بين يدي منذر, فلاحظ هو ذلك وحاول
طمئنتها:
قيد القمر
148
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لا تخافي.. أنتِ تعلمين كم أحبك.. وأنني لن أؤذيكِ أبد اً
وأخذ يمسد يديها برقة.. فهدأت قليلاً..
حاول منذر أن يقربها منه فابتعدت بخوف.. فقال بهدوء:
اهدئي.. اهدئي يا حبيبتي..
ثم قال بهمس عاشق:
أنا أحبك.. لقد أحببتك منذ اللحظة الأولى التي أ ريتك فيها وأنتِ طفلة رضيعة بين يدي
خالتي شموس.. لقد أخبرت أمي يومها أن خالتي شموس أنجبت شمساً صغيرة.. لها
خصلات ذهبية وعينان بلون البحر..
هدأت كلمات منذر من ارتجاف سهير فسكن جسدها قليلاً مما أمكنه أن يقترب منها ويطبع
على شفتيها قبلة رقيقة.. عاد ارتجافها للحظة ولكنه ضمها لصدره وهو يهمس لها بكلمات
العشق والغزل, فاستسلمت له تماماً حتى حملها بين ذ ا رعيه ليضعها برفق على الف ا رش..
وهما غائبان في حبهما.. حتى شعرت سهير بيدي منذر تحاول خلع ثوبها عنها.. فلم تشعر
بنفسها وهي تصرخ بهيستريا:

كلا.. كلا.. لا تؤذيني.. لا.. تؤذيني...


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:49 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.