آخر 10 مشاركات
بريّة أنتِ (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          الزوج المنسي (10) للكاتبة: Helen Bianchin *كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )           »          طوق نجاة (4) .. سلسلة حكايا القلوب (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          261-سحابة من الماضي - ساره كريفن ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          تريـاق قلبي (23) -غربية- للمبدعة: فتــون [مميزة] *كاملة&روابط* (الكاتـب : فُتُوْن - )           »          متزوجات و لكن ...(مميزة و مكتمله) (الكاتـب : سحابه نقيه 1 - )           »          سيدة القصر المظلم *مكتملة * (الكاتـب : CFA - )           »          236-واحة القلب -جيسيكا هارت -عبير مكتبة مدبولي (الكاتـب : Just Faith - )           »          1-لمن يسهر القمر؟-آن هامبسون -كنوز أحلام قديمة (الكاتـب : Just Faith - )           »          الضحية البريئة (24) للكاتبة: Abby Green *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-11-15, 05:37 AM   #1

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25 مُذكــرات ظفــارية ,, / للكاتب على الطائر ، فصحى عمانية مكتملة



،
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
،
نقدم لكم رواية
،مُذكــرات ظفــارية ,,
للكاتب على الطائر
،
،
قراءة ممتعة لكم جميعاً..........
،



التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 15-11-15 الساعة 12:38 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-11-15, 05:39 AM   #2

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25

رابط لتحميل المذكرات

https://www.rewity.com/forum/t334204.html#post10746095


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ظفار أو أرض اللبان، عرفت قديماً (بلاد بونت، ساكلن، أوفير)، وهي تشكل ثلث سلطنة عمان تقع محافظة ظفار في الجزء الجنوبي من سلطنة عمان وتتصل من الشرق بمحافظة الوسطى التي كانت تشكل الثلث الشرقي من ظفار ومن الجنوب الغربي في الجمهورية اليمنية أما من الجنوب فتطل على بحر العرب ومن الشمال على صحراء الربع الخالي المحايده للحدود السعودية ويسمى نجد ظفار وهي بادية ظفار. وهي أرض اللبان والبخور في الجزيرة العربية منذ القدم، وتكتسب محافظة ظفار أهمية تاريخية في التاريخ العماني، حيث أشتهرت قديما بتصدير اللبان لحضارات العالم القديم، كالحضارة الفرعونية والاشورية والفارسية والرومانية والإغريقية وتعتبر بوابة عمان الضخمة على المحيط الهندي وحلقة الوصل بينها وبين ساحل شرقي أفريقيا. ومعبر القوافل في جنوب شبه الجزيرة العربية وقد ذكرت ظفار في العديد من الروايات وكذلك ذكرت في حديث روي عن السيدة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما وأرضاهما.

وتروي هذه الحكاية...

فصولٌ من ذاكرة أيام الصِبا وأحلام الطفولة على ضفاف النهر الخالد ..
،

،
هيا نبدأ....



التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 15-11-15 الساعة 12:41 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-11-15, 05:45 AM   #3

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


شاب يُدعى " على الطائر " وصبيةٌ من أهله تدعى " دفء الشتاء" ترعرعوا معا
في حيٍ واحد وكان هو يكبرها بسنتين وكانوا أكثر الأطفال شقاوةً , يتنازعون على
كل شيء وأحيانا يتدخلون الأهل ليساوموا بينهم ويحسموا جدالهم . كان الطائر
يكرهها لشدة حبها للدراسة وغيرةً من حب الآخرين لها وكانت هي الأخرى تعتبره
صبياً لامعا إلا أنها تنفر منه لكثرة شقاوته وهروبه من المدرسة .وكان يضايقها
إذا ما تفوهت بشيءٍ عن سلوكه أمام الكبار. ولكنهم رغم اختلافهم فهناك شيئا
يربط بينهم ,, ليس الحب فحسب ..

في ريف ظفار ـ ... كانت حياة البسطاء وموطن الكرماء. طبيعة الأيام آنذاك تقوم
على السعي الدؤوب في الحرث ورعاية المواشي لمواصلة العيش والبقاء على مقومات
الحياة حتى يحل الظلام , ربما يراها البعض الآن ساعات من الملل القاتل وغير كافية
في زماننا هذا لاستنشاق سعادة الحياة في ضل ثورة التكنلوجيا واتساع التمدن, ولكن
تلك كانت حياتهم وهي كافية لتملأ كبارها أملاً وسعادةً بغدٍ مشرق , وصغارها قصصاً
وحكاياتٍ تُروى. لا يبقى في المنزل صباحاً إلا ربات البيوت اللواتي يرضعن صغارهن
والبقية يذهب كلٍ في عمله دون كللٍ أو ملل طيلة اليوم بين تناغم الوصل .. رجالٌ ونساء,
شبانٌ وأطفال بين راحة البال وتكافل اجتماعي مستدام. قلوبٌ ناصعة كالبياض وسعة صدرٍ
حتى للغرباء والدُخلاء.

الحي أو (القرية ) وهي غالباً لا تقل الأحياء السكنية فيها عن سبعة منازل يتم بناءها
بطريقة متقنة من الطوب والأخشاب ( سيقان الأشجار وأغصانها الصلبة), كان الحاضر
من الرجال يديرون شؤون القرية عن بقية الآخرين في غيابهم , وفي الأفراح والأتراح
لا تميز بين من هم أهل الشأن وبين الجيرة وأهل القرى لشدة تماسكهم وتواجدهم لحمة
واحدة , كما أن إيمانهم بوحدتهم وأُلفتهم منحتهم الكثير من الثقة وصفاء النفس تجاه
الغير واحترام مشاعر بعضهم لبعض.

كان نظام الدراسة في المناطق الريفية آنذاك على فترتين (صباح ومساء ) وذلك لقلة عدد
الطلبة في القُرى فكان لكل مقاطعة ريفية مدرسة واحدة فقط , حيث أن الأولاد يبدؤن الدراسة
منذ الصباح الباكر وحتى بعد الظهر ثم يأتي دور البنات للمدرسة من بعد الظهيرة حتى قبيل
المغرب. كان القرويين يضعون لأسماء القرى اعتبارات وحرمات وجب للآخرين احترامها واحترام
سكانها بصرف النظر عن القبائل أو الأفخاذ التي تنتمي إليها, ومن يقترف ذنباً من القرية
يتحمله الدار بأكمله وعيب الفرد وخطأه ينسب للقرية كُلها فكانت سياسة المجتمع هكذا ,
الفرد يحمل في المقام الأول اسم قريته ثم قبيلته ومن ثم اسم والده , طبعا تلك الفترة لم
تكن إمدادات الكهرباء متوفرة في الأحياء السكنية للمناطق الريفية باستثناء المرافق التابعة
للمنشآت الحكومية.

كان سعيد , ومحمد , وأحمد , ومُنى , ومسلم والطائر ودفئ الشتاء هم أكبر الأطفال سِناً
وهم جيل الحي الصاعد. كانت هناك شجرة التين قد رُبط بأعلى جذوعها المتينة حبلين للبنات
(مراجيح) والتي هي أشبه بملاهي الأطفال حتى يجنبهن ضرب الأولاد وتسلطهم عليهن , ولكن
الأولاد لشقاوتهم يحاولون الاستيلاء على تلك المراجيح رغم تواجد الكثير منها في عدد من الأشجار.

يستيقظ الأطفال قبل الشروق ويجرون إلى تلك الشجرة , وكلٌ منهما يحاول أن يسبق
الآخر إلى تلك المراجيح حيث أن الحبال المخصصة في شجرة التين لا يكفي إلا لشخصين.
وكان من نصيب أول اثنين إلى ذلك المكان هو أن يلعبوا كيفما شاءوا حتى يسمحوا لغيرهم بأخذ أماكنهم.

يوجد تلفازين في القرية , أحدهما في بيت دفئ والآخر في بيت مُنى حيث يتم تشغيله عن طريق
توصيل أسلاك معدنية وربطها بين التلفاز والبطارية (بطارية كبيرة كتلك التي تستخدم في السيارات)
ويتجمع أطفال القرية في إحدى المنزلين لمشاهدة الأفلام الكرتونية في النهار بوقت محدد ومحسوم
ولا تزيد عن مدة ساعتين يومياً.


مرت الايام والشهور وكبر الأطفال ودخلوا مرحلة ما قبل المراهقة, مرحلة ربما لا استطيع وصفها
إلا من خلال سرد ما أمكن ذكره في مقتبل الرواية .. كان قد لاحظوا الأولاد أن سعيد ومسلم بدئوا
بالانفصال نوعا ما عن بقية الأصحاب وأصبحوا صديقين مقربين وملازمين لبعضهما .وحركاتهما
توحي بأن هناك سراً يخفيانه عن الآخرين .





ذات صباح يوم من الأيام ذهبا سعيد ومسلم إلى شجرة الصبار ورفضوا اصطحاب البقية معهم .
أقترح الطائر لـ أحمد ومحمد فكرة تتبعهم لمعرفة سر تلازمهما معاً إذ يختفيان خِلصةً أغلب
الأوقات.

بدأ أحمد وكأنه متردد ولم تسره الفكرة بينما محمد تبدوا عليه علامات
الفضول لمعرفة ذلك السر المراد كشفه ولكنه يفضل في كلا الحالتين تجنب عواقب
تلك المهمة إلا ان الطائر ألح عليهم واجتهد بإقناعهم أن الأمر أصبح سهلا لمعرفته .

بدئوا الثلاثة بتنفيذ الخطة وتتبعا وجهة سعيد ومسلم إلى أن وصلا واديا تكثر فيه الطيور والوبر البري, وتحُفه أشجار التين والسدر, كما يتميز بكثرة
شجر الصبار العالية. كان الاثنان لحرصهما الشديد قد اكتشفوا أن الثلاثة يتعقبون خطواتهما ,
جلسا وشرعا في رشق شجرة الصبار التي يتدلى أغصانها بأصابع الصبار .

تعالت أصواتهم فذاك يرمي ويقول للآخر انتبه انتبه ديك دييييك ديك
وكأن اللعبة تفرض عليهما حينها أن يكونا متقابلين ,, امتلئ الوادي
بضجيج مجيئهم ,, وهربت الطيور والعصافير من أوكارها ذعراً
من أصداء مرحهم وضربات الحجارة التي تتساقط لترتطم بأسفل
الجبل الصخري ,, إيقاع كالمدافع يتردد صداه أسفل الوادي.
أقبلوا الثلاثة والتحقوا بهم, فجلس محمد وأحمد يأكلون الصبار
من على الارض , أما الطائر أخذ مكانه بين الاثنين فتارة يجمع ما سقط
من حبات الصبار وتارة يستعد لضربات الآخرين حتى لا تصيبه وابل
الحجارة من كلا الاتجاهين. نفذ الحجر فتوقف الجميع عن الرمي وجمعوا
حصادهم من تلك الصبار .مسلم : (يتحدث نيابة عن سعيد) نحن يلزمنا أخذ المزيد من الصبار فقد
أوصاني بعض من الاقارب في المدينة بأن أجلب لهم كمية كبيره من الصبار
حتى يتقاسمونها هم ولجيرانهم
الطائر: (يتحدث نيابة عن محمد وأحمد) حسناً سيجمع كل منا ما يستطيع
ونحصرها في إزار أحدنا وبهذه الطريقة سنتمكن من حصاد كمية كبيرة
من الصبار وتأخذها لأهاليك .
مسلم : لا .. لا أعتقد ان هذه الشجرة سنحصل منها على القدر الذي
نريده من الصبار , فنحن سنذهب إلى واحدة خلف هذه التل وسنترك
لكم كل هذه الصبار .
قاما مسلم وسعيد ودخلوا بين الأشجار إلى أن تعذر رؤيتهم . اتسعت حلقة
الشك بين الطائر ورفاقه حول سبب ذهاب مسلم وسعيد هكذا بعيدا وضعف
الحجة التي استندا إليها . نظر كلاً من محمد وأحمد إلى الطائر وبادلهما بالنظرة ذاتها ,
محمد ,(شعر ان خيره في تجنب شر غيره) وقال : أنا سأخذ قليلا من الصبار
وأعود إلى المنزل , فقد ذهبت دون علم أمي .
ـ وأنا سأرجع أيضاً لأكتب بعض الواجبات قبل انتهاء اجازة نهاية الاسبوع.

الطائر أصبح قراره بين الطرفين وفضولُ يجره نحو الطرف الآخر...
عاد محمد وأحمد إلى القرية فما كان من الطائر إلا أن يواصل مهمته
نحو اكتشاف سـر مسلم وسعيد حيث لم يكن المكان الذي توجه إليه
الصديقان أبعد بكثير مما هو عليه الآن , غير أن الأمكنة كلها مغطية
بأغصان أشجار الصوغوت المتشابكة والممتدة مع بقية غصون الأشجار الأخرى.


لم يكن الصديقان يتوقعان أن يتتبعهم أحد فقد أوقدوا ناراً دون قدرٍ
أو إبريق شاي وهو الأمر الذي تعقبه الطائر للوصول إليهما ولكن
السؤال الذي لم يتطرق إليه أحد حينئذ
هو " من أين لهم ما يوقد به النار !! "



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-11-15, 05:46 AM   #4

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


وصل الطائر إلى زملائه واستقبله مسلم بالسؤال قائلاً :

ــ أين الاطفال الذين معك ؟ بكل تأكيد عادوا إلى أمهاتهم أليس كذلك يالطائر؟

ــ نعم .. لقد رجعوا وأنا احببت الذهاب إليكم كوني صرت وحدي ولم ارغب
في الرجوع إلى المنزل , أعرف أنكم لا تودون تواجدي بينكم .

أستأنف مسلم حديثه وهو يحاول أن يتلاعب بشخصية الطائر ويجسدها بالبطوله والرجوله
ــ ألم اقل لك يا سعيد أن الطائر ليس كمثل اؤلئك الذين يحدثون امهاتهم
بكل شي, ولا يذهبون الخلاء إلا وقد استأذنوا أُمهاتهم !!

الطائر (تتبرمج شخصيته مباشرة ويرى نفسه رجل المواقف وانه ليس من مقامه
مرافقة من ينطبق عليهم مصطلح البهائم (محمد واحمــد) ,

أستطرد مسلم الحديث وهو يخرج علبة السيجار من جيبه وعيناه تجاه سعيد ثم قال :

ـ نحن نعرف الطائر جيدا وسنثق به فقد أخطأنا حين أخفينا عنه كل هذه الايام
لاني كنت اظنه مخبر امه وخواف من ظله.

الطائر ( ليثبت انه محل ثقه ورجل المواقف) اخذ السيجار من يد سعيد ثم وضعها في فمه
واشعل أول سيجار في حياته ... وكأنه يُعلن التمرد .. وراء كل مغامرة مخاطر وهذا أول الغيث.


هتف سعيد ورحب بإنظمام الصديق وقال مقولته ــ عرش يامعرش ولا تسمع كلام المحرش ــ هههه

ابتسم جميعهم وأخذت الضحكات تتعالى وهم يشنون حملات السخرية على أحمد ومحمد .

على اختلاف شخصياتهم وتفاوت أعمارهم نسبياً جمعتهم السيجار
وهيأت لهم الأسباب لخوض روح المغامرة .وجد الطائر نفسه مختلفاً
عن الكثيرين أمثال محمد وأحمد وهو يمتلك شيئا لا يملكه إلا الكبار .
وظل معتقداً أن حياته سيصبح لها معنى آخر , تناولوا السيجار نهارهم
ذلك وقبل عودتهم ردموا النار وتقاسموا ماتبقى معهم من حبات السيجار
فيما بينهم. أخذ كل منهم حصته واقترحوا لأنفسهم أن تكون مسألة تدبير
السيجار وتوفيرها من مصروف المدرسة وعادوا إلى الدار وتوجهوا إلى
بيوتهم في الوقت الذي يباشرون به حلب أنعامهم .
أما محمد وأحمد فق
د أُسقطوا عنهم بعضاً من المهام التي تتعلق برعي الماشية وشؤونها فهم
يستعدون للإختبارت الفصلية. فكان محمد ولدٌ مجتهد في الدراسة وأحمد
متفوق في دراسته وهما متنافسان .
وفي المدرسه فور وصولهم يتوجهون
الطلاب ليشتروا فطورهم قبل الطابور فكان الطائر ومسلم وسعيد يجمعون
مصروفاتهم المدرسية ويشترون السيجار فلا يتبقى عندهم شيئا لبطونهم.
وحين يُقرع جرس الفسحة نقتنص الفرصة للتدخين في دورات المياة, بينما
الآخرين يتهافتون على المقصف , واحيانا إذا جعنا نلجأ للكرام فنطلب منهم
أنصاف عصائرهم وبقايا خبزهم وإن سألونا عن مصروفنا تظاهرنا بأننا نسيناه
في بيوتنا, هكذا كانت يومياتنا الدراسية لسنوات .
بات من الواضح انحراف مسارهم
وتغير سلوكهم وتغير وضعهم الاجتماعي إلى ما يمكن وصفه بالانطواء ,,
لا يخالطون أولاد القرية بل ويتهربون من أي تجمع عائلي ولا يتحملون
الجلوس في المنزل . أصبحت السيجار عالمهم ومتنفسهم ومصدر سعادتهم
وهي في الحقيقة لم تصل إلى درجة الإدمان ولكنها عادةٌ مدمنة فبدونها
تنفصل سعادتهم وينقطع مرحهم كما تتوقف السيارة حين ينفذ منها الوقود.

يمكنني أن أصفها بلعبة المراهقين وهي مغامرة مثيرة للمبتدئين, وقوانين
اللعبة هي أن تمارس التدخين دون أن يلاحظك أحد وإن تم التعرف عليك
مبكراً فستكون خارج اللعبة وربما تنقطع عن التدخين قبل أن تصل إلى
مرحلة تقطع فيها تذكرة الإقلاع , وتكون اللعبة أكثر حماسةً وخطورة في
آن واحد حين تُسلط عليك الشكوك فتسقطها عن نفسك وهذا هو المولد
الوحيد الذي يولد للآباء مفاجئات الأبناء فيما بعد. ليس التدخين فحسب ...

أقبل مسلم وكان الطائر وسعيد ينتظرانه بوجوهٍ شاحبه وقد نفذت سجائرهم ,,

سعيد : انتظرناك طويلا , هل لديك سيجار ؟
مسلم : لا أبداً , هل نفذت سجائركم انتم أيظاً !
سعيد : نعم , كنا على أملِ أن تكون بحال أفضل منا.
مسلم : لا عليكم سأُدبر الأمر
الطائر :
الطائر : وكيف تدبر ذلك ونحن في أيام الخميس والجمعة؟
مسلم : الأمر في غاية السهولة فقط سنتعاون على ذلك.
سعيد: يتأفف كيف سننتظر إلى السبت ...!!
مسلم : لدي فكرة ,, لماذا لا نستغل المصلين أثناء صلاتهم في المسجد
عندما يضعون سجائرهم عند أحذيتهم , ما رايكم ؟

الطائر : وإذا رآنا أحد !

سعيد: (تعجبه الفكرة ويؤيدها بعنف) لن يرانا أحد .. فسيكون المصلين حينها في المسجد.

مسلم : صحيح لن يرانا أحد .. سنأخذ السيجار ونختبئ فلن يتهمنا أحد .


كان لابد من توفير السيجار بطريقة أو بأخرى
وكانت هذه هي الطريقة الأسهل والأسلم ...
طالما لم تصوب نحوهم أصابع الاتهام
..

يشعر الأولاد الذين ترعرعوا معاً عادةً بأنهم كالأخوه ويتأثرون
ويتألمون عندما يلاحظون تميز بعض الاولاد عنهم فيما يتعلق
بالملبس والألعاب والمقتنيات البسيطة بالرغم أن كل هؤلاء الأولاد
لديهم آبائهم فمن الطبيعي أن كل أب سوف يعامل ابنه ويُدلِـله
بطريقة مختلفه عن بقية الأباء.

الطائر وسعيد بين الحسرة والتمني جالسين واضعين أيديهم على
خدودهم وعيونهم تراقبان أحمد ومحمد وهم يتسابقان على الدرجات
الهوائية.

عندما نؤمن بالمثل القائل بأن لكل مجتهد نصيب فهذا يعني أن
أحمد ومحمد قد نالا نصيبهم مثل ما وعدوهم آبائهم علاوة على درجاتهم العالية.


ذهب سعيد إلى والدته فيبكي بكاءا شديداً ويطالب أمه أن تشتري له
دراجة هوائية أُسوة بزملائه محمد وأحمد. والطائر بدأ يعشعش الشيطان
في راسه ويقلب الأفكار واصبح غاية تستدعي التخطيط لها. أما مسلم
فهو وحيد أبيه وسيوفر له ما اراد فضلاَ على أنه أول من يروج في الريف
ما هو جديد على الساحة المحلية.
وبعد عدة أيام ظهر سعيد منافسا لأحمد
ومحمد في سباق الدراجات الهوائية. وكان الطائر لا يملك حيلة سوى إصلاح
دراجة مسلم القديمة, والتي صدأ هيكله وتصلبت سلسلته الحديدية إلا أن الأمر
لم يجلب له سوى مذلةً وسخرية الآخرين منه, ففي كل جولة يقوم بها تتعطل
عجلاته فيرجع الطائر ماشيا لا راكباً.
رجع الطائر إلى البيت وتوسل إلى والدته
أن تكلم والده ,, فقيل له : إذا اردت أن يكون لك مثل ماعند الآخرين فعليك
أولا أن تجتهد في دروسك وتتفوق في درجاتك. قال الطائر
(وهو عاقد العزم على قبول الرهان ) : حسناً سأجتهد وأتفوق وسأطلب ما أريد
ثم انصرف لصيانة دراجته المتهالكة.

بينما كان يثبت عجلة دراجته
مرت به دفء الشتاء تحمل صحناً من
العصيدة وتفيض منها السمن ليتخلل بين أناملها البيضاء وسألها
عن صديقيه مسلم وسعيد عما إذا كانوا يشاهدون التلفاز عند بيتها
فأخبرته أنهم قد ذهبا إلى وادياً يُعرف بأُم الصبيان .
كل ما يعرفه
هؤلاء الصبية عن ذلك الأمر أنها امرأة تنبثق من ذلك الوادي وقت
الشروق والمغيب وتضرب الأطفال ضرباً مبرحاً حالما تراهم بعيداً عن
البيوت بمفردهم أو أثناء فترة الختان. وهي في الحقيقة أشنع من ذلك,
ولكن يتم إخفاء هذه الحقائق حتى لا يدب الذعر بين الأطفال منذ صِغرهم
أو يتغلغل الخوف في أفئدتهم من مخلوقات هذه الطبيعة لتصبح فيما بعد
حكاياتٍ من الأساطير. ربما هو سبباً كافياً يُفسر شجاعة القرويين والتكيف
بين تلك الغابات والهضاب الحالكة ذوات المناطق الميتة رغم تعرضهم للمخاطر
إلا ان الخوف بطبيعته في قاموس الريف يظل مسمى مرادف للخشية وبعيداً عن الرعب.

........................... لم ننتهي فقط تابعونا ,,,,





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-11-15, 05:50 AM   #5

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


قبل سويعات من الغروب قرر الطائر أن يلحق بصديقيه وتوجه
جنوباً بحثاً عن مسلم وسعيد الذين تظاهروا أمام أحمد ومحمد
بأنهم سيذهبان إلى وادي أم الصبيان , وذلك لكي يثنيهم عن فكرة
اللحاق بهم فحسب.

أثناء عبوره بين الأشجار والمنحدرات تراءى له الخطر المحدق به , دخان يتصاعد من تحت الأشجار ,
ولكنه ربط الدخان بتواجد أصدقائه وحين تقدم قليلاً رأى امرأة
بهيكلها الأنثوي وثوبها الظفاري لكنه مقصر قليلاً فتدفعه غريزة
الفضول لمعرفة تفاصيل الأمور
, امرأة تبدو وكأنها على عجلة
من أمرها وهي تقوم بالتقاط شيئا ما من على الأرض , تنحني
ثم تتمتم واقفة وتكمل عملها بخفة متناهية ولا تلبث طويلا حتى
تعود لعملها ... وظل الطائر يراقبها قرابة الساعة وهو بين الحيرة
والشك في أمرها حيث كانت تدير ظهرها ناحيته فلم يتعرف إلى
وجهها ولم تكن هي الأخرى تدرك أنها مُراقبه.

*********************************

تأخر الطائر عن القرية وولدته تبحث عنه فسألت الجيران , وقد قيل
لها أنه ذهب مع سعيد ومسلم , إلا أن الاثنان قد عادا ولم يظهر ولدها.
وحين سألتهم عن صديقهم نفوا ذهابه معهم. جاءت دفء موجهة السؤال لسعيد :

ــ ألم تذهبوا إلى وادي أُم الصبيان ؟ــ أُم الصبيان ..!!
ــ هل جُننتِ ,, ومن قال لكـِ ذلك !
ـ سمعتكم تذكرون ذلك , وقد سألني الطائر عن وجهتكم وأخبرته بما سمعت.
ــ تدخلت الجليلة متسائلة :ــ وهل يمكن أن يكون قد توجه الطائر إلى ذلك الوادي ؟
ــ من المرجح , فقد انصرف حالا حين أخبرته,
ومن المحتمل انه توجه إلى وادي أٌم الصبيان.
ــ ليس كعادته أن يتأخر هكذا في هذا الوقت ,
أتمنى يا بنيتي أن تذهبي وتسألي عنه في بيت
مُنى أنتِ وسعيد , لعله كان يشاهد معهم التلفاز.

************************
أتخذ الطائر طريقا موازي للمرأة ليسمع عن قُرب ما كانت
تهمهم به, فمر بمغارة صغيرة وطارت منه سربٌ من الحمام
وأحدثت صوت يلفت الانتباه , فما كان من المرأة إلا أن تمثلت
له بطريقة مهذبه في جلوسها على صخرة وكأنها امرأة من القرية.
لم تترك له مجالاً للشك ولا حتى للتفكير ولكنها لاطفته بابتسامة قائلة :

ــ هل أنتم أيضاً تبحثون عن مواشيكم , يا لشقاء هذه الأنعام التي لا تلد في حظيرتها ,,
ــ لا .. بل كنت أبحث عن ... عن .. هل رأيتِ مسلم وسعيد ؟
ــ آه نحن أيضاً كانت لدينا بقرة على وشك الولادة وحين تخلفت
عن القطيع خشيت لصغيرها من الذئاب فخرجت أتعقب أثرها,
وقد طلبت من سعيد ومسلم الذين التقيت بهم هنا أن يساعداني
في البحث عنها وتأخرا ولكنهم حتما سيعودان بعد قليل,
تعال ننتظرهما هنا حالما يعودان .

أستجاب الطائر لحديثها وشرع في القيام بواجبه والبحث
عن ضالتها في المكان المحيط به ولكنه تفاجأ بتنقلها السريع
بلمح البصر إذ أصبحت متربعة على بعد أمتار منه.

وأردفت قائلة :
ــ لا تبتعد عني كثيراً دعني أستأنس بك, فربما كان الأولاد قد
ابتعدوا قليلاً في بحثهم ولابد لنا أن ننتظرهم هنا ونترقب مجيئهم.
ــ سألقي نظرة بداخل تلك ا
لمغارة وأرجع لكـِ , لعلها تكون هناك .
ــ أنتظر .. أنتظر عندك , ألم ترى الليل يحين دخوله والشمس
قد أعلنت زوالها يا ولدي , إليك مني.

لم تكن المرأة قريبة منه ولكنها مسافة تكفي للتواصل الشفهي
في ظل السكون الذي يحيط بالوادي. فكان الطائر قد شعر
بشيء في غير طبيعته فالمرأة خرجت عن طورها نوعا ما
وانسلخت من هدوءها , والوقت أخذ يداهمه من جانب فتكتسي
الدنيا أمامه رداء الظلام شيئا فشيئاً , ولعله يبحث عن مخرج
آمن بعد ما فقد مصداقية قصة المرأة التي جلبت لنفسها الشك بتتبعها له.

ــ أراك تبتعد وقد راودك الخوف يـا الطائر , ثكلتك أُمك .(هكذا سمعها وكأنها تتوعده وتولول).

وجد الطائر نفسه أما منحدرٍ صخري مسدود ولا بد من الصعود
حتى يلوذ بالفرار. وليس هناك منفذ يعرفه غير الذي تحرسه أُم
الصبيان إذ أن الرجعة من ذلك الطريق منسية ومستبعده بل هو
الموت بعينه.

ما كان ليفلت منها ـ لو لا لطف الله بعباده ـ وهو كل ما حاول الجري
بكل ما أمكنته أطرافه من قوة وسرعة يشعر بها بين الفينة والأخرى
وهي توشك أن تمسك بذراعه حتى أُطلق النار في الفضاء لترويع العدو
وإنقاذ ما يمكن إنقاذه .كانت العادة أن تٌطلق النار في الهواء وهي
إشارة للاستعداد للنجدة وإشعار الطرف الأخر بأن النجدة في طريقها,
كما أن توالي الطلقات إلى ثلاث تنذر بحالة وفاة وما زاد على ذلك دليلٌ
لرفع درجة التأهب. اختفت المرأة على اثر دوي الطلقات وواصل طريقه
نحو الجهة الأخرى من الوادي إلى أن وجده طريحاً مُلقى على الأرض وقد
تدحرجت به الصخور ولا يزال على وعيه فأخذه إلى البيت.





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-11-15, 05:53 AM   #6

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


حاول أن يقص عليهم قصته فلم يصدقه أحد , واكتفوا بأن ما
حصل له مجرد تعثره في ذلك الوادي بحثاً عن أصدقائه.
لم يتعبه عدم تصديق الأهل لِما حدث له, ولم يكن يفكر كثيراً
في استذكار ذلك الحدث فما زالت فكرة الدراجة الهوائية تسيطر
على جزء كبير من يومياته
حاول قدر المستطاع ان يتفوق في دراسته ولكن التغيير
لا يأتي بين ليلة وضحاها. الاصدقاء لم يعتادوا مكوث الطائر
اثناء الاختبارات في المنزل والصحبة تنادي بخروجه للتدخين
ثم يسترسلون الأحاديث ويتبدد الوقت وهكذا طيلة الأيام إلى
ان ينتهي الفصل والنتيجة دون تغيير يُلحظ .
كانت فرحة الطلاب
لحظة ختام الدراسة يعجز الرسام عن رسم ملامحها فخير دليلٍ
لها منظر تطاير الكُمات على الساحة المدرسية كما يفعل خريجي
الماستر في الجامعات الاوروبية فور استلامهم (درجة الماجستير).
أسابيع مضت والأولاد ينعمون بالمرح وقضاء أفضل الأوقات مع دراجاتهم
الهوائية والطائر يدرك تماماً أنه سيخسر الرهان ولم يتبقى سوى أيام
قلائل لموعد استلام الشهادات. فكر بالأمر ملياً وحاول ان يبتكر
حيلة ليتدارك الأمر ويكسب الرهان ليحصل على غايته .
وفي اليوم المحدد
لاستلام الشهادات , استيقظ مبكراً وذهب إلى المدرسة وقلبه يزداد خفقاناً
كلما اقترب من سور المدرسة.

أستلم شهادته المتواضعة ووقف خلف الاستاذ الذي يوزع الشهادات
وحين نودي بـ اسم فلان الذي يُعرف عن تفوقه لطلاب صفه كان
قد رصد مجموع علاماته النهائية , وأخذ نفسه من الجموع وغادر
فناء المدرسة ثم دخل بقالة وأشترى ملف شفاف ووضع بداخلها
الشهادة وخبئها بين بطنه وإزاره مثبتة بحزامه وطلب مُزيل
الحبر الجاف وقلم أزرق مطابق لقلم الأستاذ وعلبة سيجار وقداحة وخرج.
توجه الطائر إلى الطريق العام وانتظر حتى عبرت سيارة وأشر
لها وتوقفت له. ركب الطائر وسارت السيارة إلى أن وصل المفترق
الذي يؤدي إلى قريته فنبه السائق للتوقف ونزل منها . مضت
السيارة في طريقها وانعطف الطائر عن الطريق المعبد ثم ركن إلى
شجره لا يراهُ فيها عابري الطريق. أخرج الطائر شهادته ووضعها
أمامه وأشعل حبة سيجار وظل يهندس على شهادته بطريقة حسابية
وشرع كأنه يفكر في حل مسألة رياضية , كان لابد له أن يغير من درجات
المواد بالإضافة الغير ملحوظة حتى يحصل على المجموع الذي يريده
وهو أقل تقدير من مجموع فلان بثلاث درجات لكي يحقق بذلك المركز الثاني.
أخذ القلم وغير ما يلزم وترك المُزيل للحالات الرقمية المستعصية.
راجع الأرقام بعد التعديل ودقق في الناتج وتمت العملية بنجاح .
لملم الطائر أدواته وخبئ سيجارته وتخلص من القلم والمُزيل ,
ثم أكمل طريقه متوجها نحو البيت مشهراً شهادته بكل فخرٍ واعتزاز .

كان الأطفال والأمهات يتجمعن في ظل شجرة التين كالمعتاد
ولكن هذه المرة يترقبن وصول الأولاد بشهاداتهم وينتظرن أخبارهم ,
أقبل الطائر قبل الآخرين رغم انه لا يحمل أخبارهم إلا أنه لديه ما هو
جدير بالاكتفاء به.

ــ السلام عليكم ــ وعليكم السلام خبور
ــ خبور خر .. لم يتقدم لي فلان بن فلان إلا ببضع درجات وأنا الثاني
وهذه شهادتي وناولها للسيدات رغم انهن لا يفقهن شيئا في القراءة .
ــ نجف عيديد (وهي مبتسمة بهذا الخبر المبهج ), بارك الله فيك يا ولدي ,,
ونذرت له ببقرة فلان أن تكون من نصيبه .
ــ أمي أنا لا أريد أبقاراً ,,
أريد دراجة هوائية جديدة فحسب.
ــ أين اخوانك ألم تقابلهم ! لماذا لا ترجعون مع بعض ؟
ــ تركتهم مع زملائهم يا خالتي, فأنا جئت قبلهم واستلمت شهادتي وعدت.



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-11-15, 06:02 AM   #7

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


وصلت الشهادة إلى متناول يد دفء الشتاء وهي تبتسم ابتسامتها الصفراء معلقةً عليها ..
ــ درجات عالية في جميع المواد , حتى الرياضيات ... ونظرت إلى الطائر ورد عليها بنظرة متباهية.
ــ وهل استلموا شهادة سعيد ؟ فهو لم يخبرني انه يوم استلام الشهادات وكأنه لم يذهب.
ــ لا تقلقي يا خالة سيستمر تسليم الشهادات لثلاثة أيام متتالية
وبإمكانه أن يذهب غداً فقد سمعت استاذهم يقول ان جميع الطلاب ناجحين إلى من أبى.

جاء أحمد ومحمد وشهاداتهم الناصعة بصدق مضمونها وشرف ترتيبها
بين المتميزين , كما انهم جلبوا معهم شهادات مسلم وسعيد المتواضعة.
ف
ذهب الطائر إلى سعيد وهو يتراءى له أحلام دراجته الجديدة ويقفز من
شده السعادة وتعلوا به أمانيه المضنية. جلسا معا بعض يدخنان
وينتظران عودة مسلم من المدينة لتكتمل عودة أوقاتهم السعيدة ,,,,

ولكن خيبة الأمل تظهر من جديد ,, حين رجع الطائر إلى البيت
ووجد الناس قد علموا انه احتال عليهم وزور الدرجات .
لومٌ وتأني سينهال عليه كعاصفة ممطرة فكان أشد مما لو ترجل
بالحقيقة والوضوح. أي عذر سيحميه واي مخرج بعد ذلك سيعفيه !!
هفوة لم ينتبه لها الطائر فحين عدل الناتج بالأرقام فقد كان الناتج
مكتوب بالحروف أيضا وهي التي أوقعت به وفشلت حيلته وفقد
مصداقيته وضاع حلمة الصغير ,,
قال لنفسه"" تعثر الامل فلم يمت
وغداً ترتبه الايام ويكتمل ,,,
فهاجس الدراجة لم يفارق ذهنه فهو
لازال مصر لنيله بأي طريقة مهما كلفه الثمن.

ظل الليل يفكر كيف السبيل لحلمه وبعض الناس لا تشعر بألمه ؟؟,,
يخاطب ذاته متسائلا والشيطان يجيبه ,, ليس من حقي أعيش
هكذا محروما فما عندي ,, نعم وغيري يقتني الاشياء من عدمِ ,,
كن كالرجال ودبر الامر لنفسك ولا يثنيك عن عزمِ ,,
تسلل شعاع
الشروق من بين فتحات السقف الخشبي فتظاهر
بالنوم فلم يكلمه احداً وحين انشغل الناس لمواشيهم . قام ولبس
دشداشته السوداء , تلك التي يتباها بها من العيد إلى العيد الذي
يليه ,وتوجه إلى المدينة وظل يجوب بين البيوت وفي الأزقة كالعسس.
درس المنطقة جيداً, ورسم إحداثياتها ووضع عينه على احدى البيوت
المركون بأسفل درجها دراجة هوائية مناسبة والتي لا يحدها بيت
ولا سور وعاد من حيث اتى ,, وفي صبيحة اليوم التالي فز من منامه
مع صياح الديك وأنتظر الرجل الذي يقوم بتوصيل الحليب إلى المدينة ..
قصد البيت المخطط لها وامسك الدراجة الهوائية وأصحاب البيت لايزالون
في سباتهم العميق ثم ركب الدراجة وانطلق بها دون توقف إلى البيت.

الطائر يدخل الدار بدراجته المزينة بالملصقات الملونة ويفاجئ
بها والدته وحين سألت عن مصدرها قال أعطتني عمتي
عشرون ريالا وابتعت هذه الدراجة المستعملة من أحد أبناء
المدينة , وانصرف عنها إلى أصدقائه متباهيا بدراجته
ويستعرض قيادته ويستفزهم للسباق. هكذا تحقق الحلم
وأشرقت الابتسامة , السعادة بريئة من دوافعها والحافز
الأول والأخير هو أن يكون له ما عند الآخرين.

*****************************************




الأجواء هادئة بين العصر والمغرب والجيران يجتمعون كعادتهم
النساء والأطفال تحت ظل شجرة التين التي تتوسط البيوت ,
يتناقلون أخبار الحي ورجاله وعن المستجدات الاجتماعية من
هنا وهناك. الأطفال منتظرين الهدايا التي ستجلبها لهم دفء
حين عودتها من المدرسة.. أقبلت دفء الشتاء كعادتها مبتهجةً
حاملة حقيبتها المدرسية وقابلوها الأطفال يستبقون أيهم يصل
إليها أولاً ليأخذ نصيبه مما جلبته لهم . دفئ الشتاء وهي محاطة
بالأطفال , منهم من يجر حقيبتها ومنهم من يسألها ويتوصل
إليها لأخذ النعناع والبعض يرافق خطواتها ويتتبعها فرحين بقدومها.

وصلت دفئ إلى محيط الاهل حول شجر التين وفتحت حقيبتها
لتخرج منها بعضا من أكياس النعناع والشوكولاتة والبسكويت
ودفاتر للرسم والوان وإلخ .. واخذت توزعها على الأطفال,
ثم جلست مكانها بين الاهل بجانب أمها وأخذت تتحدث
عن صديقاتها ومدرساتها والجميع يضحكون من حماسها
وشدة بهجتها.. تعالت اصوات الأطفال وحركة تفاعل الاهل
مع تلك الاشياء الجديدة .
ــ أمي سأذهب البيت أكتب واجباتي وانظف غرفتي وأرتب أغراضي.
الاختبارات على الأبواب.
ــ حسناَ , بارك الله فيك يا بنيتي.. أستعدي جيداً ولا تشغلي نفسك بـ شيئا آخر غير الدراسة .
ــ سأفعل إن شاء الله وسأبذل ما في وسعي للتفوق (وهي تلملم أدواتها المدرسية).
ــ وأنت يا الطائر نريد أن نفرح بك ونراك تتفوق في دراستك لتلتحق بالجامعة .. لم يتبقى أمامك سوى بضعة أشهر .
ــ سأدع الجامعة لـ دفئ الشتاء , ثم ذهب إلى البيت وأخذ نفسه بعيداً عن الموضوع.

ــ يا أم الشتاء , لا تتعبي نفسك بالحديث مع هذا الولد , لقد مللنا حثه على
الدراسة وكلما ذكرنا له المدرسة أو نصحناه بالمذاكرة أقام علينا الدنيا واسقطها وفر من المنزل.
ــ يا جليلة ولدك إن كان لا تهمه الدراسة فهو حريصٌ على مساعدة والدية في مواشيهم
وشؤنهم ليس كـ ولدي مسلم الذي لا نراه إلا ذاهباً إلى المدرسة وعائداً منها ولا يستمع إلينا إطلاقاً.
ــ وكذلك ولدي سعيد .. حسبي الله على هذا الولد , لم ينفع معه ترهيب ولا ترغيب,
وأخشى ان يكون قد بدأ يتعلم السيجار, فقد بدأت أشتم منه رائحة التبغ .

ذهبت دفء إلى غرفتها ... وكانت تحتفظ بمذكرة لها تدون فيها كل ما يتعلق
بها ومحيطها منذ سنوات وهي متعلقة بها كما تتشبث التوأم بقرينتها
" فتلك المذكرة " الخاصة بها كانت المتنفس الأمين لها , تدون فيها
حكاياتها وأسرارها وتلون في صفحاتها ملامح الطفولة ونشأته ورغم
صغر حجم أوراقها إلا أنها كانت تتسع لعالمها الأنثوي وسماءها العذري
وفضاء أحلامها تلك التي لا حدود لها إلى السماء. وكانت قد أخذت
معها تلك المذكرة إلى المدرسة لتمنح إحدى صديقاتها صفحة منها
لتكتب فيها شيئا يعبر عن مدى صداقتهن وإخلاصهن وبعضا من المشاعر
حتى توضع محل ذكرى لأيام ربما يُنسى فيها من كان بالأمس رفيقاً حنوناً.

وأثناء عودتها سقطت المذكرة من حقيبتها قبل أن تركب حافلة المدرسة
ودون أن تشعر بها.
عندما وصلت إلى البيت بعد العصر وقبل ان تكتب
واجباتها فتشت عن المذكرة فلم تجدها واكتشفت في حقيبة المدرسة أن
المخبأ الذي وضعت فيه المذكرة قد تمزق جزءا منه فأدركت حينها أن
المذكرة قد سقطت ...هنا زاد توترها وارتباكها ودارت بها الدنيا فلم
تستطع الحراك مذهولة من أمرها لا تدري كيف السبيل وأسرارها بين
أوراقها قد ذهبت أدراج الرياح وربما تصبح مكشوفة على الملأ , على
المجتمع الذي تسوده سرعة انتشار أخبار فلان بنت فلان .... لا ملجأ
من محنتها سوى الدموع والبكاء بحرقة.

ليس لها أخوان تستطيع الاعتماد عليهم حينها, فهم صغاراً, أصبحت على المحك, فهي تخشى أن تواجه
لوم أُمها وشدة لهجتها وخوفها من أبيها أشد وأعظم من أن تبوح له بذلك.
بعدما أفرغت دموعها خطرت عليها فكرة فخرجت مسرعة إلى شجرة التين دون أن تتوقع
أسئلة النساء والصبية عن حال أمرها ...

ــ ما ورائكـِ يا دفئ ؟

دفئ بنظرة خاطفة حول النساء والصِبية وأكملت الجري دون أن تتوقف...
ــ انتبهي يا بنتي, على رسلك لا تتعثري ستجدين الطائر, ستجدينه. لا أدري كيف أصفهم الطائر ودفئ الشتاء.
ــ هكذا هم منذ صغرهم, تجدهم يتعاركون الصباح وفي المساء إذا جاعوا يصنعون
خبزهم ثم يتقاسمون فلا يرضون بقسمة كل منهم للآخر.

دفئ تجري حافية القدمين تكفكف أدمعها , تبحث عن الطائر ..
دخلت منزله فلم تجده. خرجت واليأس يتربص بها فذكرتها
الطفولة أين يمكن أن يكون حينها, فرأته جالساً تحت ظل شجرة
خلف البيوت وحده متكئاً على ظهره و قد أوقد ناراً صغيرة فذهبت
نحوه فقابلته بعيون ترقرق بالدموع .
على الطائر مذهولاً من تلك
الدموع التي تصارع السقوط ,فقد مضى وقتاً طويلا دون أن يرى
عبراتها تلك التي لطالما كان هو السبب في بكاءها.

ــ ما بِكِـ يا دفئ ! من الذي توفى ... ماذا حدث ؟
ــ لا ... لا شيء , فقط أضعت مذكرتي في فناء المدرسة وأتمنى أن تذهب للبحث
عنها قبل أن تقع في يد الأولاد و..... (توقفت عن الكلام وبكت) .. فقط أرجوك
أرجوك أذهب وابحث عنها أريدها ياااااااااارب ياااااارب لا أحد يأخذها .


كان يظن أن الأمر أشد من ذلك فلم يستدعي قلقة فكل ما في الأمر انه يحاول
صرف نظرها عن السيجار

ــ طيب طيب , وماذا إذا وجدها أحد الأولاد وأخذها وقرأ اسمك عليها وأعادها إليك غداً !

ازدادت حرقتها وخيبة أملها من برود أعصابه وعدم اكتراثه للموضوع كما كانت تتمنى وصرخت تستنكر ردة فعله ..
ــ ماذا إذا وجدها أحد !! يا غبي .. يا بليد .. أسراري كلها في هذه المذكرة ..
ساعدني .. أرجوك .. سأعطيك كاميرتي والله .. فقط أذهب وفتش عنها أرجوك ,,
هذه كل آمالي وعظمة كبريائي.

ــ حسناً حسناً سأذهب وابحث عنها , في المرة المقبلة انتبهي لأغراضك.

تنفست دفئ تنفسا تمخض عنه بصيصاً من الأمل ..


ــ سأخبرك أين يمكن أن تكون قد سقطت , اعتقد اني اضعتها على رصيف
الممشى بين الأشجار على الطريق المؤدي إلى مواقف حافلات المدرسة.
أذهب هيا أسرع , أنا سأنتظر مجيئك . أرجوك لا تعد قبل أن تجدها.

ــ حسناَ عودي إلى المنزل , وأنا سأذهب لأبحث عنها ولكن لا تنتظريني
سأذهب بعدها إلى المركز(مركز قوات الفرق) ربما أتأخر هناك بعض الشي
مع رفاقي.
ــ المهم أن تجدها .. هيا أرجوك أسرع لا تتأخر ,, أبحث عنها جيداً ..
تذكر انها اسرار صديقاتي ,, لا تخبر احداً ... (وهي تعود ادراجها بـ بطئ إلى الوراء من حيث أتت ).


ذهب الطائر وهي تنظر إلى الوراء بين الفينة والأخرى تراقب طريقه
إلى أن يختفي عن الأنظار . وعادت إلى غرفتها تصلي وتدعي ان لا يجدها
احد قبل الطائر وان لا تنكشف اسرارها .
أخذت تقلب أفكارها وتضع الاحتمالات
وتقيمها , تبلور الاسئلة وتجيب عليها :" أتمنى أن يجدها ممزقة قد عبثت بها الأبقار
أو ابتلعت جزء منها . نعم أو وجدها عامل النظافة فوضعها في
قمامته ليحرقها . من المؤكد أنها ستقع في يد أحد وسيقرأها
وسيقرأ أسراري .. تلك التي لا تُباح ,, أحداثي .. مواقفي
تلك التي لا تُرى وحكاياتي الصريحة تلك التي لا تُروى .
آآآآآآآآهآآآآآح ويلي أنا ماذا فعلت ,, لو افترضنا جدلا أن
الطائر وجد المذكرة وسلمت من الآخرين ,, أليس هو أحداً
من الذين ستقع أسرارك بين يديه !! هذا أهون بكثير ولكن
ليس لي خياراً آخر .. نعم هو تربى معي ويعرفني كثيرا ..
ويفهمني جيداَ فلا بأس أن يكون اسراري معه ومحجوبة
عن غيره . ماذا لو قرأ هامش الصفحات !! ليتني قلت
له مذكرة صديقتي .. وهل كان سيعيرها اهتماما لو
قلت ذلك ... سأنتظر عودة الطائر بها وربما بدونها
وبعدها ألفاً من الأحاديث ستُحكى ولكل حديث أيامٌ
وليالي قسوة .. وعنوانها إما أنا أكون وأتراءى واظل
بين الناس أو أسراري تحل محلي وأتوارى أنا عن الناس ".

................... لم ننتهي لازال في الحديث بقية ..................


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-11-15, 06:06 AM   #8

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


ماذا لو قرأ هامش الصفحات !! ليتني قلت له مذكرة صديقتي .. وهل كان سيعيرها اهتماما لو قلت ذلك ...
سأنتظر عودة الطائر بها وربما بدونها وبعدها ألفاً من الأحاديث ستُحكى ولكل حديث أيامٌ وليالي قسوى ..
وعنوانها إما أنا أكون وأتراءى واظل بين الناس أو أسراري تحل محلي وأتوارى أنا عن الناس ".

ــ العشاء جاهز يا أولاد . أين دفئ ؟ يا دفئ تعالي كلي مع أخوانك قبل أن يبرد العشاء
ــ هل أحضر لك كأسا من الحليب ؟.

ــ لا .. لا أريد أن أتعشى ولا أريد شيئاً, سأنهي واجباتي وأخلد إلى النوم.

ـ مسكينة بنتي .. منهمكة على واجباتها .

تعشى الأولاد وأمهم وشربوا الحليب وخلد الصغار إلى النوم ودفئ لم تتعشى ولم تخرج
من غرفتها وظلت على هواجيس انتظار الطائر على أحر من الجمر . تراقب من نافذتها
طول الطريق وتتفقد العابرين , عل وعسى أن يكون الطائر ومعه المذكرة الضائعة.

بعد طول انتظار أقبل الطائر ورصدته عيون دفئ الساهرة وهو يقترب شيئاً فشيئاً
بينما هي تحاول أن ترى عما إذا كان قي يديه شيئا يوحي بالمذكرة .. ولكن ليس هناك ظاهرا
يقول انه جلب المذكرة . تراخت أطرافها وفقدت توازنها وجلست تنتظره يقول لها لم أجدها .


ــ السلام عليكم ...

دفئ الشتاء صامتة ( تصارع دمعها) فلم ترد عليه السلااام .

ــ ما لكـِ لا تردين السلام !

ــ أخشى أن تكون نسيت ما ذهبت إليه ... المذكرة ..

ــ ماذا فيها المذكرة حتى توليها كل هذا الاهتمام ؟

ــ بها ما فيها .. قل لي .. ألم تجدها !

ــ وإذا قلت لكـِ أضعتها بعد أن وجدتها ...

ضربت بيدها على جبهتها وكادت أن تغمى عليها ..
ثم رفع الطائر قميصه وأخرج
كُتيب وردي اللون ..

ــ هل هذا الذي أضعتيه ؟

فنهضت على الفور والتقطته من يده وحضنت أسرارها رافعةَ رأسها إلى السماء وتردد
" حمداً لك يارب حمداً لك يارب " وأبتلت رموشها بالدموع .
ابتسم منها وأخرج حبة السيجار
فكشف عن أول أسراره أمامها ,
وهي بين الصدمة والسرور ..

ــ قد قرأت أسراري وتريد الآن أن تكشف سر أمرك أمامي لترضيني وتقنعني أنها واحدة بواحدة. ثم خطرت عليها فكرة .
وواصلت الحديث :

ــ ما رأيك أن نتعاهد عهد الأصدقاء أمام الله أن لا نفشي أسرارنا أمام أحدٌ أياً كان
ومهما كان أبداً ما حيَينا.
فكر الطائر أن يستقل الموقف لكونه مدخن متخفي, فربما
يكون هذا من صالحه ..

ــ أنا لا أملك أسرارٌ حتى أعاهدك عليها ولكن هو وعدٌ أمنحك إياه أن لا أفشي سر من أسرارك
ولا شيئا تصرين على كتمانه .

ــ وأنا أيضاً لك ذلك ولكن تبقى شيئا واحداً .
ــ ماذا تقصدين ؟

ــ أن تعاهدني بأن لا يكذب أحدنا على الآخر مهما كانت تلك الحقيقة مؤلمة .

ــ لا أستغني عن الكذب فهو ملح الرجال ولكن قبلت العهد .

دفئ تقهقه ضحكا وقد ذاقت حلاوة الانتصار ..

ــ حسناً سنبدأ تفعيل العهد وتوثيقه .. فماذا قرأت من مذكراتي؟

الطائر يشتم رائحة مكر النساء ويشعر بأنه مُغَفل ليس لصعوبة السؤال فحسب,
بل ما ينتظره في الأيام المقبلة لو كان حقا سيوفي بعهده ..

ــ لا .. لا أبداً .. لم أقرأ شيئاً من ذلك

لم تصدقه أبداَ ولكنها حصلت على مذكرتها وكسبت ثقته على أقل تقدير

ــ تذكر أن الوعد كالأمانة في عنق صاحبها

سكت لبرهة وهي تتفحص عيناه .. ثم أشاح بوجهه عنها وقال :

ــ أنتِ لستِ أنتِ هنا .. بل أنتِ فتاة أخرى هناك .
ــ إذاً قرأتِ أسراري كلها ..
ــ بل بعضاً من أفكارك , وقليلاً من وجوه العاشقين في القرية.
ــ وما يهمك أنت ..! كان الأجدر بك ألا تفتحه منذ البداية أصلاً.
ــ بل كان الأجدر بك أن لا تخرج مذكرتك من البيت إطلاقا.

أومت برأسها وهي تتفحص مذكرتها ..
ــ على كل حال , جميلك يستحق الشكر

ــ هكذا إذاً .. تصبحين على خير.

نادته وهو يآخذ نفسه للخروج من بيتها ..
ــ الطائر .. ما ذنب والدتك ... ألم تكتفي من المتاعب ألن تتغير .

بملامح القلق والاستغراب في وجهه ..

ــ وماذا فعلت ! ماذا حصل ؟
ــ لا شيء .. أمزح معك وتطلق إبتسامتها الصفراء .
ــ يا دفء ابتسامتك هذه أتشاءم منها فعادة لا يعقبها ....
"
قاطعته وأكملت ..
ــ لا يعقبها إلا العافية إن شاء الله , ودخلت غرفتها .

أخذ يفرقع أصابعه ويمسح يديه من الارتباك وظل صامتا ينتظر بماذا ستعود
به دفئ من أخبار ...
خرجت دفئ من غرفتها, وفي يدها ورقة بيضاء وهي
تناوله ورقة بيضاء ..

ــ هذه ورقة من والدتك طلبت مني أن أقرأ لها محتواها.

الطائر تتسع حدقات عينية ويقربها من الفانوس لتتضح قراءتها
" رسالة إلى ولي أمر الطالب ... يفصل الطائر فصلاً نهائيا من المدرسة
ولن يدخل اختبارات الثانوية العامة إلا بورقة من المديرية العامة للتربية "

ــ وماذا قلتِ لوالدتي ؟ ومن جلب لها هذه الورقة !! (قالها بنبره شاحبة).
ــ قلت لها أن ذلك دعوة لحضور اجتماع مجلس الآباء .
ــ
كنت قد حصلت على إنذارين بسبب الهروب ويبدو أن هذه المرة أرسلوا هذا القرار مع أحد أخواني الصغار .
ــ وماذا ستفعل الآن ؟
ــ لا أدري .. ولكن ... لابد من مخرج.
ــ تستاهل .. ترددت كثيرا في الإخفاء عن أمك هذا القرار فيا ليتهم علموا وفاتحوك بالموضوع .

أخذ
ورقته وكأنه يأخذ قرار إعدامه ورجع إلى منزلهم فأوصدت دفئ الباب,
ودبر عودته التي تكون في أغلب الأحيان خِلصةً في حين أن البقية نائمون
حتى يتجنب الأسئلة المعتادة واللوم المحرج.

في صبيحة اليوم التالي قرر الطائر أن يتجاهل الأمر ويذهب مع الطلاب في
حافلة المدرسة ليتعرف على الطلاب الذين شملهم قرار الفصل . حين وصل
إلى المدرسة أخبر سعيد بالموضوع ولم يكن سعيد ضمن قائمة المفصولين
ولكن شمله الإنذار الأخير .
جاء مسلم وسأله الطائر ..

ــ هل جلب لك أحداً قرار فصلك؟
ــ ومن قال لك أني مفصول ؟ لماذا تسأل !

الطائر وهو يتمنى لو كان أحدا من رفاقه قد تورط معه في الأمر..

ــ أنا تم فصلي من المدرسة لأني كنت أهرب معك , فكيف يتم فصلي وأنت لا يتم فصلك ؟ أم انه تم إنذارك وتتظاهر بخلاف ذلك؟
ــ ليس بالضرورة حين أتواجد معك أن أكون قد هربت , حتى وإن لم أحضر بعض الحصص , فأنا أدبر حيلة وأستأذن وأنت تهرب.



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-11-15, 06:07 AM   #9

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الطائر يستوعب شيئا واحداً خلال كل هذه السنين , رن جرس الطابور
وشاهد أن عدداً من الطلاب الذين يكثر تواجدهم خارج المدرسة قد أحضروا
معهم أولياء أمورهم للتعهد.
دخل مسلم وسعيد إلى طابور المدرسة وظل الطائر
لا يُسمح له بالدخول مالم يحضر على الأقل ولي أمره. قرر أن يتجه إلى المديرية ,
والتي تبعد مسافتها عن المدرسة ما يفوق المائة كيلومترات.

ذهبت الطائر إلى سائق باص كان ينقل المدرسين من سكناتهم إلى المدرسة وسأله
عما إذا كان سيتوجه إلى أقرب مقر من المديرية فأذهب معه ,وكان من حسن الحظ
أنه ذاهب إلى المكان الذي يقصده فقد كان بانتظاره بعض الموجهين هناك ليأخذهم
إلى إحدى المدارس.

حين وصل الطائر إلى المديرية نزل ودخل المبنى وأبتلعته متاهات الممرات وكثره
الأبواب وتشابهها. لم يكن معتادا على الوزارات , فكلما اقترب من مكتب ينتابه قلق
من السؤال المحتمل " أين ولي أمرك " تدور في ذهنه عشرات الحِيل ولم يثق بنجاح
أي منها ومراده هو ان لا يخرج من المبنى إلا ومعه ما يقابل به مدير المدرسة ...

طال تجواله بين الواقع والمرجو إلى أن مر برجل مُسن فلاحت له فرج كربته في
وقار لحية ذلك الرجل وحاجبيه, توقف الطائر وألتفت خلفه فناداه نداءً حنونا.

الشيخ وقد أشاح بوجهه الكريم قائلاً:
ـ أكنت تناديني يا بُني ؟
ــ
نعم .. ياعماه , أنا طالب تم فصلي من المدرسة بسبب الغياب المتكرر وكان والدي
ولازال خارج البلد وتعلم جيداً يا عماه ظروف القرويين..

ــ من أين أنت ؟ (قالها تبُسماً )
ــ من ريف ظفــار ,

يعرف جيداً تلك المناطق والمقاطعات فإن لم يكن قد زارها في ريعان شبابه فحتما
قد مرت عليه كل هذه الأسماء وتلك الأرياف والقرى.

رافقه الشيخ نحو المكتب المعني بتعهدات طلبة المدارس وهو يأخذ بيده وأطلق عليه السؤال المتعارف عليه ..

ــ إلى أي القبائل تنتمي ؟
ــ أنتسب إلى الريف.

دخل الشيخ وخلفه الطائر إلى أحد المكاتب وهناك قابلوا موظف وبدأ الشيخ بالحديث :
" هذا الفتى ابني وتم فصله من المدرسة وهو أكبر أبنائي وكان هناك بعض الظروف
التي تواجهه فيضطر للخروج من المدرسة والتغيب أحيانا ولكننا سنحاول قدر
المستطاع تغطية هذه الأمور ونتعهد بالالتزام رحم الله والديكم" .

وبعد أن استمع الموظف للشيخ بكل خضوع ووقار أخذ قرار الفصل من الطائر واخرج
نموذج التعهد من الدرج وكتب فيها ما كتب ثم أخرج قطعة معدنية مربعة مملوه بحبر
البصمات وقال للشيخ ضع يدك في هذا ووقع هنا. لم يتردد الشيخ إطلاقاً رغم انه لم
يعرف الطائر ولا أباه ولا يعلم ما في الورقة التي قد تعهد الموقع أدناه بما كُتِب أعلاه.


اخذ الشيخ ورقة التعهد مختومة بختم المديرية ومشفوعة بتوقيع ولي الأمر وخرج
من المكتب والطائر خلفه.
أخذ الشيخ بيد الطائر إلى أن وصلا البوابة المبني الرئيسية ,
وهناك أثناء خروجهما أودعه عقدٌ بكلماتٍ من ذهب .. ناول الطائر تعهده وقال :

ــ يا بُني ... لا تضيع مستقبلك وتهدر حياتك ثم تندم على شبابك في زمن لن ينفع فيه الندم أبداً ..
نحن عاشرنا الجهل وكافحنا من أجل لقمة العيش وأنجبناكم في زمن فيه الفرص وأخواتها آتيةٌ
على طبق من ذهب .. أُتيح لكم مالم يُتاح لنا في أحلامنا وأحيانا نحسدكم عليها ... وسيأتيك يوما
يخذلك فيه كل النداء إلا نداءك إذا ناديت يا مالي ".

أومأ الطائر برأسه لكنه لم يستوعب بما فيه الكفاية ولم يقدر قيمة هذا العقد ,
ومضى كل منهما في طريقه.
اتجه الطائر نحو الطريق ينتظر سيارة تقف له
وتأخذه حتى يتمكن من الوصول قبل الواحدة ظهراً . وكلما أقبلت سيارة أجره
أدبر عنها وتجاهلها وأنتظر غيرها .. تمر به العديد من السيارات فيلوح بيده
ولكن دون جدوى. انتظر قرابة الساعة دون أن يقف له أحد .. على رصيف
الحضارة المتنامية بات من الواضح للطائر اختلاف الملامح وسُبل العبور
بين المُدن والقرى ومن الصعب ممارسة الحياة ذاتها ...

أستسلم أخيراً وأقبلت سيارة أجره فوقفت له وركب دون أن يسأل عن ثمن الأجرة .
ــ أربط الحزام فالشرطة هذه الأيام تخالف السائقين على عدم تقيد الركاب بربط الحزام ... إلى أين تريد الذهاب ؟
ــ سأذهب معك في طريقك هكذا .. إلى أين أنت ذاهب ؟

السائق (يكبح الفرامل ببطء) ــ هل أنت مجنون ! أنا أسألك وأنت ترد بالسؤال ذاته !

وشرع يذكر أسماء الشوارع والتجمعات السكنية في المدينة , حتى يحدد له الوجهة المقصودة.
ــ لكني لا أريد الذهاب إلى تلك التي ذكرتها , ولست معتاد على هنا .. فقط أخرجني شرقا من هذه
المدينة وأنا أحدد لك حين نقترب من المكان الذي أريده.

السائق يقود سيارته ويظن أنه قد ربح مشواراً سيضاعف له مما أعتاد عليه من الأجر..
ــ حسناً .. ولكن المشوار من هنا نأخذ عليه ريالاً واحداً عن كل راكب فلا نذهب ما لم
تكن السيارة قد اكتمل عدد ركابها.

الطائر ينظر من نافذة السيارة , ويلقح الأفكار لعلها تلد حلا سريعا ينقذه من أسر الأٌجرة ..
ليس هناك خياراً أمامه فهو لا يملك في جيبه إلا قلم وقداحة..

ــ هل ترى ذلك المتجر الشعبي أنزلني عنده
خفف السائق السرعة, وانعطف يمينا
وتقدم نحو المتجر
ــ هل تقصد هنا ؟
ــ نعم .. توقف عندك ,, سأشتري بطاريات
للكشاف الضوئي واصرف نقودي وسأعود لك لتقلني إلى حيث اتفقنا . انتظرني
سأعود حالاً.

توقفت السيارة ونزل الطائر كأنه على عجلة من أمره حتى لا يتأخر للسائق وقبل أن يدخل
المتجر نظر خلفه ليتأكد من مدى مشروبا غازيا وسأله عن شرابه المفضل ولكن السائق
رفض ذلك إلا أن العرض أشعره بشيءٍ من الطمأنينة.
طال انتظار السائق عودة الراكب
وهو يراقب باب المتجر الذي دخل منه الراكب فلم يخرج. وعندما مل من الانتظار ترجل
من سيارته ودخل يبحث عنه في المتجر ولكنه سرعان ما أكتشف أن المتجر له بابٌ خلفي
قد أستخدمه الراكب محتالاً ومن المحال اقتفاء أثره ,,

تمكن الطائر من الوصول إلى المدرسة قي الوقت الذي يخشى فواته وسلم تعهده إلى
إدارة المدرسة إلا أنه لم يدخل الصف , فقط اكتفى بمراقبة الطلاب وهم يساعدون
مدرس التربية الفنية في إعداد لوحاته الزيتية وأدواته الخشبية وكان من بينهم صديقه مسلم .
تبادلا نظرات ربما عتاب .. أو دعوة انتقام أو ربما انتهاء عهد الصداقة ولكنها تبقى إيحاءات
صامته لم يفهم الآخرين ماذا وراءها .. وخرج الطائر من ساحة المدرسة وتوجه إلى موضع
كتبه وأخذهم وعاد مبكراً إلى البيت فقد شارفت الدراسة في المدرسة على الإنتهاء.



كانت دفئ تتناول الجريدة المحلية وتتفحص الأسماء فوقع بصرها على اسمها وقد تم قبولها في كلية الطب,
وأسرعت لتبشر والديها وتخبرهم بقبولها وهي تقفز في الهواء تيهاً وفرحاً,ثم تابعت البحث عن زميلاتها فوجدت
الكثير تحت مضلة كلية الآداب والتربية.

ــ يا بُنيَتي, الأفضل لك أن تقبلي بكلية التربية , وتظلي قريبة منا , وستصبحين مدرسة جيدة, يناسبك ذلك يا بنتي.
ــ لا يا أمي العزيزة, لن أكون مدرسة وقد تم قبولي في كلية الطب.

ــ ألا تدركين الحماقة التي ارتكبتيها, كان لكِ أن تضعي كلية التربية ضمن أولويات اختيارك.
ــ ولكن الطب أفضل من التربية يا أمي.
ـ اسمعي يابنت .. لن تذهبي وحدك إلى العاصمة, ولن نسمح بذلك ,
كيف ستدبرين أمرك بين الرجال وأنتِ فتاة !ماذا سيقول الناس عنا !

دفئ تدافع عن حلمها بكل ما يمكنها حتى الدموع بدأت تذرفها عل وعسى أن يفيدها في سبيل ذلك.

تدخل الأب وقال:
ــ يا حبيبتي, مالذي تريدينه من كلية الطب ؟ لماذا لا تودين أن تكوني معلمة كما كان اختيار زميلاتك ؟
ــ قلبي متعلق بكلية الطب, وهو حلمي الوحيد, فهل يرضيك يا أبتي أن تقدمني لرجل يشخص مرضي
ويتفحصني بيده أمام ناظرك وأنا أمانة في يديك ؟

ــ لا .. طبعاً, فهل يرضيكـِ يبنتي أن يُقال فيكـِ ما يمكن أن ينتكس له رأس أبيكـ وسمعته الشامخة؟
ــ لا .. إلا هذا فحاشاك يا أبتاه, ولكن إن كنت أنت الذي ربيتني فانظرني وأعرف ماذا فعلت يداك,
وإن كنت تخشى من القول ناقله فقد قيل في أطهَرُ الناس أشنعُ ما يُقالُ.

يتحدثون عن المستقبل وقد شدوا مآزرهم نحو اللحاق بالركب وتخلف عنهم من لم يؤمن بهذا الحديث إطلاقاً ,,
التحق محمد بكلية التربية وأحمد بكلية الهندسة والتحقت دفء بكلية الطب بعد إصرار منها لنيل طموحها
رغم معارضة الأُم لها وتوسلها بأن تقبل بكلية التربية لتضل قريبة منها إلا أن ذلك لم يثنيها عن عزمها
لتحقيق الحلم الذي يكبر معها كلما كبرت,غير مدركة أن المرء غالباً ما يدفع ثمن أحلامه.

بينما أكتفت منى بشهادتها الثانوية وفضلت البقاء في المنزل بجوار أُمها. أما سعيد فقد التحق بالكتيبة
العسكرية الخاصة, ومسلم كان قد أراد له والده أن يتولى إدارة شركته المتوسطة, الطائر وهو الفتى
البائس كانت أعلى الخيارات المتاحه له هو أن يلتحق بقوات الفرق ولكنه رغب عنها فلم تكن تلك الوظيفة
, في رأيه , جديرة بالاحترام بما فيه الكفاية بين أوساط المجتمع المحلي.


كانت دفئ الشتاء جالسة بجوار والدها, يلفها الصمت, ويبث ذهنها صورٌ من حديث أُهلها ووداعها فتتوقف
الأحداث في مخيلتها على رؤية دموع أُمها .. إنها صامتة وقد طرحت رأسها بما فيه من أفكار على زجاج
النافذة, إلا أنها كلما مرت على مدينةُ أو محافظة, اتسعت آفاقها واستبشرت بمستقبل واعد. أشترى لها والدها
هاتف خلوي وشريحة رقمية, وأوصاهما ببعض. وبدأت تشعر بشيئاً من المسؤولية تجاه آراءها وبعضاً من
الاستقلالية في طبيعة حياتها..

أصبح الطائر يشعر بالوحدة نوعاً ما فلم يعد في الحي من الزملاء ما يمكن استرسال الحديث معه
, حتى منى , وهي الفتاة العشرينية التي أينعت كورد الربيع , لم تعد تتحكم بوقتها كما كانت.

........................ مفترق الحياة ... ومازلنا لم ننتهي .......................فابقوا معنا ..............



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-11-15, 06:09 AM   #10

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


أصبح الطائر يشعر بالوحدة نوعاً ما فلم يعد في الحي من الزملاء ما يمكن استرسال الحديث معه,
حتى منى , وهي الفتاة العشرينية التي أينعت كورد الربيع , لم تعد تتحكم بوقتها كما كانت
.
.................................................. ...........

الزيارات العابرة هي عادة ولف عليها القرويين منذ مئات السنين فكانت البيوت مفتوحةٌ أبوابها كرماً
لمن يحترم الأعراف السائدة في المنطقة , لاشك أن طبيعة الحياة في الماضي قد هيأت كثيرا من
الأمور حتى أصبحت من البديهيات في وقتنا الحاضر . التنقلات الموسمية للقرويين, وتلاحم صلة
العلاقات الأسرية والقبلية, والتكافل الاجتماعي بين قبائل المنطقة, وحب الإطلاع على مجريات الأُمور
وتوسعة نطاق العلاقات المعرفية . كل ذلك يشكل ممراً واسعاً ومكفولاً للتزاور المستدام بين مختلف
جهات المجتمع .
على أرصفة هذه الممرات, تتهافت فئة كبيرة من المجتمع للمرور, إذ يتطلب عملية
التوازن للعبور فبدونها السقوط نتيجة حتمية لا محال, يُعتبر الزائر مُرحب به دائما ولكن السؤال الوحيد
الذي يدرك من خلاله انه غير مرغوبٌ به هو أن يوجه له السؤال المباشر " ما الذي أتى بك ! " ,
وهو السؤال الأقل استعمالاً في المناسبة, بينما الأمر الذي لا يدركه غالبية هذه الفئة ولن يدركوه أبداً ,
هو أنهم يشكلون عبئا ثقيلاً بزياراتهم تلك, ورغم ذلك يُقدم لهم الموائد بما فيها من طعام تلك الأُسر
بطريقة تُشعِر الضيف أن هناك ما يكفي من الطبخ لأفراد الأسرة. ليس الطعام فحسب بل زياراتهم المتتالية .

تتكون عائلة مُنى من خمسة أفراد بالإضافة إلى والديها ويعيشون في غرفتين وصالة كما هو الحال لدى
معظم بقية الاُسر القروية, فكانوا أخوانها الصغار ينامون في غرفة واحدة, ووالديها في غرفة أُخرى بينما
تنام هي في الصالة, وتستيقظ فجراً كل يوم لترتب جدول أولوياتها اليومية وتفُضِ الصالة كما كانت.

"تعالي حبيبتي مُنى, تودين مشاهدة الصقر والرهى أليس كذلك ؟ " (أم الشتاء وقد قامت لتشغل التلفاز).
ــ بلى , يا عمتي
ــ هل كان عندكم أحد ؟
ــ نعم, شُبان لم أعرفهم بالرغم من أن ملامحهم مألوفة , تركت أمي عندهم تخيط صنعتها وأخذت نفسي
لكي يتسنى لي مشاهدة المسلسل الذي أتابعة دون مقاطعه.
أم الشتاء وهي تهز رأسها ...

ــ لم تكن خياطة الأقمشة وتطريزها هواية لها أبداً , ولكن يسعى المرء دائما لتغطية الفوارق , ما هو أخبار أخاكِ في الكلية ؟
ــ لا خوفٌ عليه (وهي تقاوم ابتسامتها ), سيكون سعيداً بها كما أن والدي قد أشترى له هاتفٌ خلوي ووعدني بأن
يشتري لي مثله حالما يتمكن من ذلك.

********************************************

عاد سعيد بعد عدة أشهر من الأكاديمية العسكرية وقد أسمر وجهه ونحل جسمه وبات من الواضح أنه
لا ينوي أن يضيع دقيقة واحدة لشدة شوقه للقرية وتوجده, فقد كانت الساعات التي قضاها في الأكاديمية
تعادل أيام, والأيام تعادل أشهراً مما يعُدون.
خرج سعيد من بيته متجهاً إلى بيت الطائر وحين دخل انفجر
الطائر ضحكاً ولكنهم تصافحا وتلامست خديهما.
سعيد وهو يعدل عمامته وقد خالطه بعض الخجل من منظره ..

ــ ألم تتغير أنت يا هذا هههه كيف هي أخباركم , هل التحقت بقوات الفرق ؟
ــ لا أبدا .. لم التحق بها, الأخبار ولله الحمد ساكنه وموحِشةٌ بدونكم. ماذا عملت بك الأكاديمية لتصبح هكذا ..!
ــ دعك من هذا , لنخرج قليلاً وحدثني عن مستجدات القرية وأهلها.
ــ لا شيء يُذكر, (وهو يناوله حبة من السيجار ..), ظننتك قد أقلعت عنها.
ــ هل تعرف لمن هذه السيارات ؟ (وعيونه مصوبة نحو بيت مُنى )
ــ لستُ متأكداً تماماً , ولكن ربما تكون ذات الدفع الرفاعي لـ سهيل ابن عمها.

قام سعيد وربط عمامته وبدا متوجهاً نحو البيت الذي يثير فضوله.

ـ ولكني متأكدا أن مُنى ليست هناك.
توقف سعيد وأدار له وجهه, وهو يبتسم ...
ــ وأين يمكن أن تكون ؟
ـ حتما ستكون الآن في بيت دفئ.
ــ وما أدراك بكونها أنت ؟
ــ أعرف أنها تتابع مسلسلاً بدوياً بعد الظهر تحت عنوان " الصقر والرهى" وهي قصة حب عفيف
في إطار العروبة الشامية , على أوتار الربابة , والشعر البدوي الأصيل. فكانت تذهب إلى بيت
دفئ لمتابعة المسلسل إذا صادف ذلك الوقت وجود زوار في بيتها.
أكمل سعيد وجهته إلى بيت مُنى ...

وأستطرد الطائر حديثه قائلا:

ــ بالمناسبة , أصبحت أم مُنى تبيع المصرات ذات التطريز الريفي , يمكنك شراء لنفسك واحدة, فهي على الأقل أفضل من تلك التي فوق رأسك.

أخذ سعيد يفكر, وهو في طريقه نحو بيت مُنى, عن طبيعة هؤلاء الشبان الذين سيقابلهم
إثر دخوله, مظهره ينبيك عن العسكرية وحديثه يشعرك بالفكاهة, وقلبه يخفق بالهوى ..
فما هو الأمر الذي سيحاول أن يخفيه.

ــ ياحي وسهلا بخيرة الشباب, تستاهل السلامة والعافية, (أم مُنى ترحب به)
سلم سعيد على أهل البيت ومن بينهم أربعة شُبان, قد تجاوز أعمارهم سن الثلاثين,
وكل واحدٍ منهم يتباهى بهاتفة الذي يُعد آخر صيحة من الموضة. تحولت دائرة الحوار
بين سعيد وأم مُنى عن الأكاديمية ونحوها, وظل البقية يستمعون إلى حوارهما.
لم يلبث
الحال حتى أقبلت مُنى, وجلست بجانب أُمها التي كانت تنظف آلة الخياطة وتتفحص
أدواتها.
استعادوا الشُبان فاكهة الحوار فيما بينهم وتجاذبت الأحاديث وأطرافها من هنا
وهناك, ومنبهات الرسائل بنغماتها المتنوعة تشعرك بأهميتهم ومدى اتصال الآخرين بهم.

كانت مُنى قد أمرت أخيها الصغير بأن يقوم بإعادة دلة الشاي والفناجين الصغيرة إليها
من أمام الرجال, وذهبت تغسلها وتعيد طبخ الشاي, وبعد أن نضج دخلت الصالة وفي
يديها الدلة والفناجين على صحن معدني صغير. هَموا اثنين من الشُبان بالنهوض لكي
يمسكوا عنها الدلة من مُتناول يديها, ولكن ابن العم دائما أسبق وهو الأولى بذلك.

عادت مُنى واتخذت مكانها كما كانت, لكنها شعرت أن العيون مازالت مصوبةٌ نحوها,
فما كان منها إلا أن أخذت قطعة من القماش وبدأت تخيطها وتعبث بها كوسيلة تخفي
بها أعينها عن التحديق في أعين الشُبان.

ــ "كم هي جميلة تلك المصرات ! لديكـِ موهبة فائقة في ذلك يا مُنى" (قالها أحد الشُبان ).
مُنى (تقلب ما بين يديها وهي تقاوم ابتسامتها):
ــ شكرا على مجاملتك اللطيفة.
ــ لا أبداً .. فأنا لا أجامل إطلاقا ولا أحب المجاملات, فقط أعجبني شكل هذا التطريز, هل هو للبيع ؟
تدخلت الأم سريعا وقالت ..
ـ
ـ نعم , فالواحدة منهن يُباع في السوق بعشرون ريالا عمانياً , ولكن لك سيكون السعر بخمسة عشر ريالا.
ــ حسنا, أريد واحدة (وهو يتفحص محفظته وقد أفرغ منها آخر ما تبقى وهو سعر الشماغ).

ــ وأنا أريد واحدة ولكن ليست بهذا التطريز,هذا إن كان بإمكانك أن تلبي ذوقي.

ــ بالطبع, يا سهيل يمكنك أن تخبرنا بالألوان,والنقشات,والحركات التي تخطر في بالك ونحن نشكلها لك بالطريقة
التي تتمناها.حيث ذلك سيكلفك أكثر مما لو كنت ستقبل بأُخرى جاهزة كالتي أُخذت.

ــ لا أكترث للمال بقدر ما ألبي ما خطر على بالي(وعيونه تسترق النظر إلى بنت عمه مُنى)
, أريدكِـ فقط أن تجعلي تطريزها يتحدث عن صاحبها

.
"لا يجب أن أتألم بلا ألم أوأتندم من عدم, طالما أن هناك عيون في الخفاء تنظر
بقلوبها لا بجفاء, وتنصت للصمت بأحاسيسها" (سعيد بين حديث النفس )

وبعدها قام وخرج من البيت ليتفقد أوضاع القرية ويملئه شغف ليعرف مزيداً من الأحداث,
خاصة تلك التي يخشى أنها حدثت في غيابه
وبعد عدة أيام ...

ــ عندي لك مفاجئة يالطاير, ماذا تتوقع أن تكون ؟
ــ وماذا سيكون جديدك يا سعيد غير السجائر التي تفاجئني بأشكالها وأنواعها كل يوم !
ــ لا .. لا .. هذه المرة مفاجئة نادرة ... ما رأيك بهذا ؟
ــ سعيد .. هل هو لي ! مؤكد أنك تمزح ..
ــ بالطبع هو لك , أحببت أن يكون لك ما عندي.

الطائر يقلب جهازه الجديد ويعاينه , ويدقدق نغماته وهو مسرور بما في يديه وقد عجز عن
الشكر وتبعثرت الكلمات في فمه وأخذ باله في السرحان .. وبدأت فرحته تتقلص شيئا فشياً
وأحس بقصور ذاتي فاختلطت معه المشاعر.

فتح سعيد جواله واتصل على رقم الطائر الذي اصبح مهيأ للإستعمال وشريحته أصبحت مفعلة.
رن الهاتف والطائر يرى في شاشة جواله الذي بين يديه " .. يتصل بك
" ونظر إلى سعيد وقد
أيقظه الرنين من سرحانه.لم يجب على المكالمة ولم يفهم شيء , وخُيل إليه أن هاتف سعيد كان في يده.

ــ من الآن فصاعداً هذا هو رقم الطائر والذي يتصل بك هو سعيد. هل يدور في بالك احد وتريد الاتصال به ؟
.
ــ سأتصل بـ دفئ , أريد أن أُفاجئها , لن تتعرف على صوتي.
ــ ولكني لا أعرف رقم جوالها .. ؟
ــ سنسأل عنه مُنى , وسنشترك في التحايل على دفئ لنعرف ردة فعلها.
ــ مُنى ..! وهل هي أيضاً أصبح لديها هاتف ؟
ـ توقعتك أول من يعلم ..

سكت سعيد لبرهة .. ثم أطرق الطائر قائلا :
ــ هناك شائعات تقول أن مُنى ستتزوج ابن عمها عما قريب .
ــ مستحيل .. أنا أيضاً ابن عمها ...
ــ ولكن سهيل أقرب إليها منك ..
ــ الحب سيد الموقف ..
ــ صحيح ولكن أبناء العمومة هو من ترجح لهم كفة الميزان .
ـ أعرف رأيها وعليه سأخطبها ..
ــ ليس وقتها .. فإن اعترض عليك ابن عمها فسينتهي أمركما.
ـ ماذا إذاً ..

ـ جدد الحب الذي بينكما ..
ـ وهل للحب مدة وتنتهي صلاحيته !
ــ المرء متقلب ومن غاب عن العين سلاه القلب أحياناً
ـ بين الظهر والعصر .. لعلي أستشف شيئا من بوح صمتها.
ــ سعيد .. شكرا لك على هذا , فأنت الوحيد الذي تذكرني وفكر أن يسعدني.
ذهب سعيد ولم يدري إلى أين يتجه ولكنه تقدم ومشى ...



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:39 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.