17-11-15, 02:21 PM | #1 | |||||
| عيون من أفريقيا .. الايادي السود تتناقل ( سورايا) في الظلام على اصوات المدافع الرشاشه وقاذفات الهاون .. وهي فتاه صغيره لا يتجاوز عمرها الخمس سنوات فقدت والديها في الحرب الاهليه الدائره في رواندا .. وقد وصلت للتو مع مجموعه من اللاجئين في أحد المعسكرات الخاصه بالامم المتحده .. في سياره قديمه مشرعه فيها الكثير من الاطفال والنساء الثكلى .. وهي ممسكه بلعبه قديمه (عروس) سمراء مجعده الشعر قدمها لها أحد العساكر الاوربيون المنتشرين بكثره في المعسكر .. لم تكن سورايا تعي الكثير مما يدور حولها ..ا قبل ثلاثة ايام في مثل هذا الوقت كانت تنام بجوار والدتها ولم يكن يؤرقها سوى لسعات الناموس ويكفيها للتخلص من الالم مسحه حانيه من والدتها على راسها وقبله على الجبين .. وقد تتطور في بعض الاحيان الي تذمر والدها من بكاءها وعراك بالالسن والايدي بين والديها.. وحتى هذا كان ينتهي احيانا بتمتمات غريبه لم تكن تفهمها وقد يغيبا عنها قليلا ويعودا مبللين بالماء !أ وصلت سورايا الي يد احد جنود المعسكر وهو جندي قاسي القلب دميم الخلقه كان يمسكها بعنف بيد واحده كالطائر المذبوح وهي ممسكه بلعبتها بين يديها وكأنه لم يتبقى لها في الدنيا سواها .. كان لدى سورايا عينين واسعتين جميلتين جدا اعياهما الخوف والسهر في طرفيهما دمعتين تتلألأن في عينيها وكأنهما اصبحتا جزءا منهما .. كانت نظراتها تتجه نحو سيده كبيره في السن نحيله جدا لا تكاد ترى بين النساء المتكدسات في خلفية السياره كان وجه تلك السيده هو الوجه المالوف الوحيد الذي رأته طوال الثلاثة ايام الماضيه وهو وجه مخيف جدا ذو قسمات قاسيه عيناها غائرتين الى ابعد مدى حيث تبدوان في وسط راسها وانفها عريض لا يتناسب مع حجم وجهها وشفتان غليظتان تخفي خلفها فكها الذي يكاد يخلو من أي اسنان وكل ذلك يستترخلف لون بشرتها السوداء القاتمه التى لاتميز ملامحها في الظلام .. تلك السيده هي ( زينابو ) التي تقطن في الحي المجاور وتربطها علاقه اسريه بعيده بوالدة سورايا حيث كانت تزورهم من حين لآخر .. كانت سورايا تخاف جدا من تلك السيده حتى انها كانت تبكي عندما تتركها والدتها بجانب تلك السيده وتذهب الي مكان قريب .. والآن بعد ان هطلت عليها كل سحائب البكاء وطحنتها كل دواليب المراره وجف مخزون الدموع من عينيها لاشي في الدنيا يمكن ان يشعرها بالاطمئنان أكثر من وجودها بجانب تلك العجوز .. لا زالت تتجه نظراتها نحو زينابو وهي تتمرجع صعودا وهبوطا بيد ذلك الجندي اللامبالي وتبتعد وكلما زاد ابتعادها زادت قوة السهام المرسله الي زينابو وكأنها تتساءل لماذا كنت ابكي عندما كنت بجانبي واين هو البكاء الآن .. ! مرت عشرون عاما على تلك الذكرى المريره ولازالت سورايا تتذكر كل تفاصيل تلك الايام الثلاثه الماطره بالحزن والاسى لازالت تتذكر حتى لسعات الناموس الي درجة انها كانت تفرك يديها ووجها بشكل هستيري عندما تتذكر تلك الاحداث تتذكر وجوه القتلى والجرحى ورائحة الدماء وحتى لون الصندوق الخشبي الاخضر ورائحته الذي خبآها والديها تحته ولكن مالايمكن ان تنساه ابدا حتى لو اصيبت بمرض الزهايمر هو حشرجات الموت الاخيره لوالدتها عندما وقعت امامها وانهال عليها الثوار ضربا حتى الموت ..ا جلست سورايا منهكه كالعاده كآخر العاملين في المقهى الباريسي في ساحة الشانزي ليزيه .. وبعد ان القى عليها صاحب المقهى المحاضره المعتاده بانها يجب ان تتحمل ملاطفات الزبائن لها وان هذا جزء من عملها وووو الي آخر المحاضره التي تنتهي دائما بان عليها ان تقفل باب المقهى جيدا وان لاتتأخر في الذهاب .. ثم يسكت قليلا ويتامل عينيها بلهفه ويمضي ..انغمست سورايا في تفكير عميق وعلت وجهها ابتسامه نادره كانت تتذكر السيده زينابو عندما قفزت فجأه كالوحش الكاسر كالموت المفاجيء بدون سابق انذار حيث علق طرف ثوبها بأحد قبضات السياره ووقعت متعلقه ورأسها الي اسفل وهي تصرخ بصوتها الجهوري الذي يشبه صوت الرجل وتندد وترفع يديها برموز التهديد كانت تتكلم باللهجه المحليه وحرف ( الأو ) المتكرر في لغتهم يخرج كالمدافع نحو الجندي او او او ه وسط ضحكات النساء المختلطه ببعض الدموع التي لايمكن ان تسميها دموع السعاده .. حتى الجندي لم يتمالك نفسه من الضحك حيث عاد الي السيده ورفعها بقوه ووضعها في مكانها محاولا افهامها انه يريد اخذ الطفله الي مركز رعاية الايتام ثم البحث عن اهاليهم ومن لم يجدوا له أقارب سيرسل مباشرة الي باريس ..ا في هذا اليوم الماطر الذي يذكر سورايا بتلك الايام التى لاتنسى يطل ( جان- بيير ) بوجهه من خلف زجاج المقهى مع زخات المطر بشكل مضحك ليسرق ابتسامه غارقه في الاسى من وجه سورايا وهو صديقها المقرب .. ثم تقفل الباب بعنايه فائقه ! ويضمها بين جناحيه تحت شمسيته الباليه ويعطيها هديه مغلفه بورق صناعي وعندما فتحت المغلف تلألأت عينيها بدمعتين اصبحتا هما عينيها ! كانت الهديه عروس سمراء مجعدة الشعر ضمتها سورايا اليها بقوه كأنها احد أقاربها ولحفهما جان بيير بكتفيه حتى كادت سورايا ان تنام ثم ايقضها بمسحه حانيه على رأسها وقبله على الجبين .. من كتاباتي .. التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 18-11-15 الساعة 10:17 PM | |||||
17-11-15, 02:37 PM | #2 | |||||||
مشرفة وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومراسلة خاصة بأدب وأدباء في المنتدى الأدبي
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اهلا بك في وحي الاعضاء بالتوفيق ارجو منك المرور على هذا الموضوع دليل الكتاب والكاتبات الجدد وقوانين قسم قصص من وحي الأعضاء | |||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|