آخر 10 مشاركات
ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          96 - لحظات الجمر - مارجري هيلتون - ع.ق ( مكتبة زهران ) (الكاتـب : عنووود - )           »          1014 - معا إلى الأبد - ليز فيلدينغ . د.ن ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          حقد امرأة عاشقة *مميزه ومكتملة* (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          خفايا الروح / للكاتبة أنجال مكتملة (الكاتـب : درة الاحساء - )           »          133 - وداعا يا حب - روبين دونالد (الكاتـب : حبة رمان - )           »          رهان على قلبه(131) للكاتبة:Dani Collins (الجزء الأول من سلسلة الوريث الخاطئ)*كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          طائف في رحلة أبدية *متميزه ومكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          اختلاف متشابه * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : كلبهار - )           »          انتصار الإسباني (48) للكاتبة: Daphne Clair (كاملة+روابط) (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: من هو اكثر ثنائي نجح في جذب انتباهكم بقصتهم
قاصي و تيماء 2,118 58.56%
مسك و امجد 738 20.40%
ليث و سوار 761 21.04%
المصوتون: 3617. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree999Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-02-16, 12:00 AM   #1961

ebti

مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ebti

? العضوٌ??? » 262524
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 14,201
?  نُقآطِيْ » ebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond repute
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 207 ( الأعضاء 175 والزوار 32)
‏ebti, ‏c-moon, ‏Fay~, ‏نوت2009, ‏Rivan mohammad, ‏HYUNAEXOGIRLL, ‏esraa93, ‏ليلة القمر, ‏nada yahia, ‏ToOoOmy, ‏blackangel, ‏dalloula, ‏كونتشي, ‏شاهندا 14, ‏منيتي رضاك, ‏انت عشقي, ‏Hams3, ‏flower90, ‏هيا علي, ‏Bashayer6, ‏eiman hashem, ‏monefade, ‏Engineer Esraa, ‏ليله طويله, ‏الامل هو طموحي, ‏مروة صادق, ‏عفراء الطاهر+, ‏KHAD.A, ‏احلام البكاتوشى, ‏البيضاء, ‏Nora28, ‏انجوانا, ‏khma44, ‏Indiana, ‏métallurgier, ‏mimi0000, ‏ام علي اياد, ‏اجمل غموض, ‏beau, ‏حنين مريم, ‏MS_1993, ‏houram, ‏قمر الليالى44, ‏مهرة..!, ‏خضره, ‏yaraa_charm, ‏meryamaaa, ‏لولة العسولة, ‏beauty anastasia, ‏دوسة 93, ‏sosobarra, ‏hassnaa, ‏نور محمد, ‏اميرة بيتنا, ‏ربروبة, ‏rainfall, ‏modyblue, ‏Riarika, ‏sara osama, ‏عاشقة الحرف, ‏markunda, ‏amiraa22bk, ‏نادية 25, ‏نهولة, ‏واثق الخطا, ‏summer cloud, ‏secret angel, ‏soe, ‏هرجوان, ‏احاسيس ضائعه, ‏الشوق والحب, ‏omnia saeed, ‏رهفه, ‏mouna ABD, ‏Bassantota, ‏هاجر شلبية, ‏rontii, ‏هّـمًسِـآتٌـ, ‏hawa500, ‏منى مصري, ‏ملك جاسم, ‏دلووعة2, ‏huzayma, ‏hanene**, ‏الجميلةالنائمه, ‏جرة العسل ١٨٨, ‏Alzeer78, ‏امانى منجى, ‏زهرة الاوركيدة, ‏مذكرات, ‏sasad, ‏@شمعة الجلاس@, ‏tamima nabil, ‏aya.mostafa, ‏روح هاربة, ‏cloudy9, ‏سمراء الجنوب, ‏LAMIA68, ‏sese69, ‏سوما, ‏الدمعة الحائرة, ‏علا علي, ‏elham farrag, ‏Alaaawawda, ‏حنان الرزقي, ‏yawaw, ‏dallou3a, ‏shatoma, ‏براءة الجزائرية, ‏angle2008, ‏بعثرة ذات, ‏anna dayob, ‏Mareimyehia, ‏semona, ‏safy mostafa, ‏Aya youo, ‏م غاده, ‏سنا هيت, ‏deegoo+, ‏rosetears, ‏Shsomia, ‏ذكرى تهز الروح, ‏إشتياق, ‏remasa997, ‏amany adel, ‏كتكوته زعلانه, ‏آيه ♡, ‏lolo ahmed, ‏زهرة الليلك4891, ‏nashwashosho, ‏أنا لك علي طول, ‏haya hassan, ‏almaas muhamed, ‏ghader, ‏زالاتان, ‏أم مسلم, ‏رودينة محمد, ‏camela, ‏ياسمين على احمد, ‏نبيله محمد, ‏نهى نونو, ‏sylla_queen, ‏fattoma2020, ‏la feuille blanche, ‏amira 70, ‏thebluestar, ‏maha kamal, ‏noda youssef, ‏kokaaa, ‏amatoallah, ‏ام معتوق, ‏forbescaroline, ‏ن و ا ر ى, ‏maimickey, ‏ناي محمد, ‏ثمرو, ‏mai ahmed 2020, ‏Dndn1992, ‏b3sh0, ‏DoaaHadia, ‏هينمات., ‏soumatazi, ‏رحوبه, ‏عشق القلم, ‏11_roro, ‏سارقة الظلام, ‏لين محمد, ‏mona_90, ‏Omima Hisham, ‏نور الضى


ebti غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-02-16, 12:01 AM   #1962

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

مسا الورد يا سكاكر ... انا جاية 12 بالدقيقة .... حنزل الفصل حالا ...
كنت عايزة ابلغكم اني ضميت الفصلين في فصل ضخم .... لترابط الاحداث ليس اكثر
اكرر مرة تانية حيكون فصل واحد لكن بحجم فصلين


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 14-02-16, 12:02 AM   #1963

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

أرجو الإمتناع عن التعليق لدقائق يا سكاكر
mareen likes this.

tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 14-02-16, 12:04 AM   #1964

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

الفصل الثالث :
كابوس ...
كانت تلك هي الكلمة الملائمة تماما لما عاشته خلال الساعات الضئيلة السابقة ...
لم تصدق هذا العالم الذي دخلت به فجأة .. و كأنها خرجت من العالم الواقعي الى آخر خيالي أكثر جنونا ...
ساقتها قدماها فوق السلالم صعودا دون هدف بينما صدرها يغلي بالإنفعال ...
ما عرفته الليلة كان أكبر من قدرتها على الإحتمال ...
وجدت تيماء نفسها أمام باب في نهاية السلم ... فدفعته بقوةٍ لا تعلم الى أين تتجه ....
و كم أراحها أن يصفع الهواء البارد وجهها .... و هي ترى الليل الأسود أمامها ممتدا بلا نهاية ....
و أنها قد وصلت الى سطح القصر ... أو الدار كما يقولون هنا ...
على أن هذا كان أضخم و أفخم من ان يكون مجرد دارا ....
تقدمت على السطح الرخامي الواسع و هي تضم سترتها ... و تدس كفيها في بدفىء جيبيها الى أن وصلت لسور السطح ...
ارتفعت عيناها الى السماء المظلمة ... لا تنيرها سوى بعضا من النجوم الماسية ... و التي تبدو هنا أشد وضوحا من المدينة ...
شفتيها المرتجفتين تخرجان نفسا كالبخار في هذا الجو الجليدي ....
لكنها لم تكن تشعر بالبرد حقا ....
بل كانت كل أعماقها تفور من هول هذا اليوم ...
صدماتٍ متوالية و صفعات تضربها واحدة تلو الأخرى دون هوادة ....
قاصي الذي رأته هنا بعد فراق سنوات
و أن يكون ابن عمها أيضا ؟!!!! ... فهذا هو ما لم تتخيله في أسوأ كوابيسها ....
قصة خيالية ... و جنونا لم تصدقه حتى الآن ....
ليس هذا فحسب ... بل في لمح البصر أصبح قاصي فجأة خطيب أختها !!!! ...
تأوهت تيماء بصوتٍ عالٍ و هي تخرج كفاها من جيبي سترتها لتستند بهما الى سطح السور الرخامي ...
مخفضة رأسها أمام تلك الضربة ...
تتنفس بصوتٍ مسموع و هي تستوعب ما حدث ....
تستوعب منظر قاصي وهو يمسك بكفي مسك بحنان أمام عينيها المصعوقتين ....
رفعت وجهها مجددا و هي تتأمل الليل القاتم الممتد أمامها ... و صدرها يعلو و يهبط بسرعةٍ عنيفة ....
هذا المكان ... تلك البلد الساحرة الجمال .. لم تجلب لها سوى الشقاء في المرتين الوحيدتين اللتين زارتها بهما ..
كانت المرة الأولى مجبرة عليها ... أما هذه المرة فقد أتت بقدميها بمنتهى الغباء ....
دون أن تتعظ مما حدث لها سابقا ... لكن الرغبة في التشفي بوالدها و هي تعود رافعة رأسها أمام الجميع أعمت بصيرتها عن مخاطر تلك الزيارة ....
و الآن عليها دفع الثمن .....
أن يخبرها بأنه قد انتظرها كل تلك السنوات ... و أن عليها العودة .... و الأ ....
و الا فسوف يتزوج من أختها !!!!! ...
ضربت تيماء السور الرخامي فجأة بقبضتها و هي تهتف بقوة شقت سكون الليل
( تبا لك يا تيماء ..... تبا ... تبا لغبائك ..... )
عادت لتطرق برأسها مجددا ...... و هي تلهث بعنف ... أفكارها مضطربة و قلبها ينتفض ....

الماضي كان و كأنه شريط يدور بخيالها .... و كأنه كان الأمس ... عاد بعودة قاصي الى حياتها فجأة
كيف ظنت أنها قد قصته عن حياتها ... و هل يقصى قاصي ؟!!!!
لقد كان الجزء الأكبر و الأكثر ثباتا من حياتها .....
قاصي كان دوما مرساها .....
.................................................. .................................................. .............
" منذ عشر سنوات " .......

ارتمى على مقعده بعد يوم عمل طويل شاق .....
أرجع رأسه للخلف وهو يغمض عينيه بتعب ....
يتسائل الى متى ..... الى متى سيظل يدور في حلقاتٍ مفرغةٍ من حياته بلا هدف ....
انقبضت كفاه رغما عنه على ذراعي المقعد ....
يستمع الى لحنٍ غربي عنيف ... هادر ...من مسجل الاغاني الحديث الخاص به .....
علو صوته المجسم يناسب ارتفاع و انخفاض عضلات صدره المتقافزة بتشنج ...
لكنه لم يفتح عينيه ....
كان في تلك الفترة من يومه التي يغمض بها عينيه عن العالم من حوله ... و يبقى وحيدا مع لحنٍ عاصف يشكل حاجزا أقوى بينه و بين الخارج ....
يبقى مع أمه .....
يسمع صوتها .... يشتم رائحة ثوبها الأسود القديم ....
هسيس أنفاسها المتسارعة و هي تسرع به ... ممسكة بكفه الصغير ...
من قطارٍ الى آخر ....
لا يرى منها سوى عينيها الظاهرتين من غطاء وجهها .... بهما الخوف ... و التصميم في آن واحد ...
التصميم على الهرب .....
لا يزال يتذكر تلك الرائحة الجميلة .... رائحة الأرض العالقة بثوبها .... ممتزجة بالقمح و المسك ....
كانت سيدة بسيطة جدا ... بسيطة العقل و التفكير ...
لا يذكر أنها نطقت يوما بشيء ذو أهمية .....
لكنها كانت من القوة بحيث حمته و هربت به طويلا .....
هرب لم ينتهى منذ حملها به .... و حتى مولده ... و بعدها بسنواتٍ ليست بكثيرة ....
سنوات طفولته إن كان من العدل ان تسمى طفولة ....
سنوات ما كانت سوى رحلة للهرب .. من مدينة لأخرى ... من قطارٍ لآخر ...
وهو يجري خلفها منذ تعلمت قدماه الصغيرتان المشي ... فأجبرته على الركض ممسكة بكفه ...
تحمل فوق رأسها كل ما تملكه من أمتعة ... ملتفة بشرشف أبيض متهالك معقود ....
لا يقع من فوق رأسها بمهارة مهما أسرعت الخطى ....

أجفل فجأة و انتفض على اهتزاز هاتفه في جيب بنطاله !! .....
كان رنينه عاليا الا أنه لم يسمعه في خلوته الصاخبة ذات الألحان العنيفة المجنونة ....
فقط الإهتزاز هو ما نبهه الى أن هناك متطفل سمج يقتحم خلوته ...
أعتدل قليلا بملل وهو يخرج هاتفه من جيب البنطال الجينز الضيق ... ثم نظر اليه ليدرك الرقم بسرعة ...
حينها عقد حاجبيه بعدم راحة ... زادته مؤخرا و كأنه كان ينقصها ....
وضع الهاتف على أذنه ليقول بجمود
( مساء الخير سيدة ثريا ....... )
وصله صوتها المرتجف بعد فترة صمت قصيرة ... خافت متردد
( قاصي !! ......... )
ازداد انعقاد حاجبيه وهو يقول بصلابة
( نعم أنا ...... إنها ليست المرة الأولى التي تتصلين فيها بي ..... )
بدت متوترة من أنفاسها المتسارعة مما جعل صبره ينفذ بقلق .... فقال بصوتٍ قوي
( سيدة ثريا .... هل حدث شيء ؟!! ... هل تحتاجين لأي شيء ؟؟!! .... )
استمر صمتها لعدة لحظات قبل أن تقول بتوتر
( تيماء ........ )
عادت لتصمت مجددا .... الا أن الاسم الغريب كان كفيلا بأن يجعل عضلات جسده تتوتر أكثر ... و هو يدرك أن هناك مشاكل قادمة و متوالية .....
ذكرى ذلك الوجه الطفولي لا تزال تتلاعب بعقله دون أن يدرك لذلك سببا ...
إنها بالفعل أكثر من أكثر الوجوه ازعاجا و تأثيرا في النفس ....
قال قاصي بصلابة
( ماذا بها تيماء ؟؟ ............ )
قالت ثريا بتردد
( لقد ..... خرجت منذ الصباح ...... و لم تعد حتى الآن ...... )
ازداد انعقاد حاجبي قاصي أكثر و أكثر وهو ينظر الي ساعة معصمه .... ليجد أنها تقارب الثامنة مساءا .... فنهض واقفا وهو يقول بصوتٍ مشتد
( الا تمتلك هاتفا ؟!! ....... )
قالت ثريا بمزيد من التوتر
( لقد تركته هنا ......... )
شتم قاصي بصوتٍ لم يأبه بأن يخفضه عن اذنها ... ثم قال بغضب
( و لماذا تأخرتِ في التصرف حتى هذه الساعة بالله عليكِ ؟!! ..... )
ردت ثريا بصوتٍ أكثر حدة
( تيماء غير قابلة للسيطرة عليها ..... إنها تخرج حين تحتاج و تستطيع حماية نفسها .... )
رفع قاصي يده بذهول محدقا للسقف بغضب ... قبل أن يسقطها ضاربا ساقه وهو يقول بقوة
( اي حماية تلك ؟!! ..... سبق و اخبرتك أنها مجرد طفلة سيدة ثريا .... )
قالت ثريا بهدوء مفاجىء
( أتظنني قد هاتفتك الآن لأنني خائفة مما قد يحدث لها ؟!! ..... )
تسمر قاصي مكانه مذهولا من مدى هدوئها المفاجىء ... و قال بصوتٍ غريب
( على ما يبدو أنكِ لستِ خائفة اطلاقا !! ........ )
قالت ثريا مصدقة على كلامه
( نعم انا لست خائفة ..... أنا أمها و أعرفها جيدا ...... تيماء تستطيع حماية نفسها جيدا و هي لا تقدم على اي تصرف متهور قد يؤذيها .... إنها تستخدم وسيلة ضغط علي كي أرضخ لطلباتها ... إنها أكثر نضجا مما تظن أو تتخيل .... انها اكثر نضجا مني أنا شخصيا , و البيت هنا قائم و معتمد عليها ... )
أوشك قاصي على أن يشد خصلات شعره الطويل ذهولا و غيظا ....
الا أن اهتماما جعله يقول بصوتٍ واقعي مدرك ...
( فهمت الآن .... سبب اتصالك هو أنكِ تريدين مني التصرف قبل أن يعرف السيد سالم بالأمر و يغضب مجددا ..... )
توتر صوتها و هي تقول
( أليست تلك هي وظيفتك التي وكلك بها سالم ؟!! ..... اسمع أنا لن أسمح لك بأن تذلني , لو لن تتحرك فأخرج أنا للبحث عنها .... لكن من فضلك انسى هذا الإتصال و لا تخبر سالم به .... )
ساد صمت متوتر بينهما قبل أن يقول قاصي بصوتٍ جامد غريب
( قلبك غريب أيتها السيدة ........ )
ردت عليه ثريا بهدوء
( لو تعرفت الى تيماء أكثر لأدركت أنني لست فاسدة القلب الى هذا الحد ...... اذن هل ستتحرك أنت أم أتحرك أنا ؟!! ...... )
.................................................. .................................................. .............
أدرك أنه محظوظ بالفعل .....
ربما كان ذكاءه جديرا بالإعجاب ... لكنه لن ينكر دور الحظ الجيد ....
لم يحتاج الى اللف الطويل .... لم يحتاج الى ساعاتٍ و ساعاتٍ من البحث ......
كل ما فعله هو انه اقتحم تفكير تلك الفتاة ... ووضع نفسه مكانها و تسائل
" لو كنت هي ... فألى أين يمكنني الذهاب كي أثير جنون جميع من حولي ؟!! .... "
ووفقا للجواب الذي طبع سريعا على حافة ذهنه دون الحاجة للتفكير ... انطلق مسرعا الى المكان المستنتج ....
لحظات وقف مكانه ... متنفسا الصعداء
مستندا بكتفه الى أحد الأعمدة الرخامية الخاصة بمحطة الحافلات ....يداه في جيبي بنطاله الجينز ...
و معطف اسود طويل يتطاير قليلا من خلفه .... يماثل تطاير شعره الطويل الذي يكاد أن يلامس كتفيه ....
يراقب جلوسها مطرقة الرأس على أحد المقاعد في الظلام ... و البشر يتجولون من حولها ... ما بين مسافرٍ و عائد .... لا أحد منهم يلحظ وجودها الوحيد الغريب في الزحام ....
بجوارها حقيبة صغيرة ... ليست حقيبة ملابس بل أصغر قليلا ... و كأنها تضم ما تحتاجه فقط من بعض الطعام و قنينة ماء ... بينما ساقيها تتأرجحان بلا اهتمام أو حماس ... كطفلة انتابها الملل في آخر ساعات نزهتها .....
لا يعلم لماذا لم يتقدم ناحيتها على الفور!! ...
لماذا يقف مكانه يراقب شرودها الساكن ... و ساقيها المتأرجحتان بيأس .....
شعور غريب بالغضب انتابه وهو يدرك أنها هذه المرة لم تلجأ اليه على الرغم من معرفتها بعنوانه ....
بل سافرت لمسافة تقتضي ثلاث ساعات ... و جلست هنا بغير هدف ...
ربما ظنت أنه سيطردها هذه المرة بغير رحمة و يلقي بها في الطريق .... ففضلت اختصار الأمر ....
هذا الإستنتاج جعله غاضبا بشدة .... غاضبا أكثر مما توقع ...
أوشك على التحرك تجاهها ... الا أنه توقف وهو يلمح رجل يبدو أربعيني العمر ..... يقترب منها الى أن جلس بجوارها على المقعد ...
انعقد حاجبي قاصي و ضيق عينيه ..... وهو يلمح نظرات الرجل التي لا تفارق تيماء بشكل يثير القلق ...
تكلم الرجل مبتسما فالتفتت اليه تيماء بلا حماس ...
أخذت تستمع اليه قليلا ... ثم نظرت الى ساعة معصمها الوردية و بدأت تشرح له شيئا ما بأصابعها مشيرة الى اللوحة الضخمة الخاصة بتوقيت الحافلات و لحظات وصولها ....
فهي خبيرة على مايبدو ...
من الواضح أنها تستطيع السفر بمهارة بين المحافظات و المدن القريبة .....
لكن قاصي لم يراقبها هي ... بل تركز نظره اكثر على الرجل الذي كان يقترب منها في المقعد ببطىء غير ملحوظ ... و عيناه تتحركان عليها كلها ...
الى أن بات لا يفصلهما شيئا ... فرفع ذراعه ليضعه على ظهر المقعد من خلفها ....
و فجأة أمسك بمعصمها وهو يتظاهر بالنظر الى ساعتها الوردية ....
حينها اندفع قاصي من مكانه تجاههما ....
عيناه لا تحيدان عن كف الرجل وهو يسرع الخطى ... ليرى كفه الأخرى التي استقرت على فخذها برفق ...
حينها لم يشعر قاصي بنفسه الا وهو يجري بعنف و معطفه يتطاير خلفه ...
و لحظتين كان قد وصل اليهما فقبض على جانبي سترة الرجل ليرفعه واقفا أمام ذهول تيماء التي انتفضت واقفة بذعر من منظر قاصي المفاجىء المرعب ... فقد بدا شديد الوحشية في تلك اللحظة وهو يهز الرجل بقسوة هادرا بصوتٍ رج أنحاء محطة الحافلات
( ماذا تريد منها ؟!! ..... لماذا كنت تضع يدك عليها ؟!! ..... )
بهت وجه الرجل حتى حاكى شحوب الاموات وهو يتطلع حوله بهلع .... قائلا بتلعثم مرتبك
( على مهلك يا رجل .... كنت أسألها فقط عن موعد الحافلة المتجهة الى ..... )
لكن قاصي لم يمهله الوقت ليتابع كلامه وهو يهزه بعنفٍ صارخا
( تسأل طفلة صغيرة عوضا عن تسأل العاملين هنا ؟!! .......... )
هتف الرجل بذعر و قد بدا الناس يلتفون من حولهم
( انها في عمر ابنتي و لم يحدث شيء ........ ابتعد من هنا أنت تثير الفضائح .... )
كان قاصي يصغر الرجل بما لا يقل عن خمسة عشر عاما أو أكثر .... و مع ذلك كان يفوقه طولا و قوة وهو يرجه كقطعة من القماش البالية ... و عيناه تقدحان شررا كافيا بشكلٍ كافيا بالقاء الرعب في أي كان ....
وهو يصرخ بوحشية
( كنت تضع يدك عليها ........ )
بينما الرجل بدا مدانا من مجرد نظرات عينيه الخائفتين من الفضائح .... وهو يقول بصوتٍ خافت
( اهدأ .... أنا .... أنت فهمت الأمر خطأ إنها مجرد طفلة صغيرة و أنا كنت أظنها تائهة .... )
هدر قاصي مجددا بشراسة
( كنت تظنها تائهة أم كنت تسألها عن موعد الحافلة ؟!! ... استقر على كذبة أيها الحقير .... )
و دون ان يسمح له بالكلام كان قد لكمه بقوةٍ جعلته يتراجع للخلف حتى سقط مرتميا على المقعد الذي انتزعه منه قاصي منذ دقائق ....
و مع ذهول المتواجدين ... و ذهول تيماء نفسها ... تحرك قاصي مندفعا لينتزع حقيبتها من على المقعد .. ثم قبض على معصمها بكف كالحديد و جرها خلفه ....
ظلت تلهث و هي تركض خلفه كي تجاري خطاه الواسعة ....
لكن ذعرها في تلك اللحظة كان أكبر من أن تتحداه ....
فهذا الذي يجرها خلفه ... لم يكن نفسه الذي أخذ يعزف على الجيتار و يرقص معها بحماقة ....
ليس نفسه الذي كان يجمع شعره في ربطةٍ مرتبة ....
بل كان مخيف العينين .... عينيه كانتا و كأنهما تشتعلان .... و كأن بهما حمما غريبة ...
شعره يتطاير من حول وجهه بحرية و همجية ....
و ملامحه بدت و كأنها قد نحتت في صخرٍ لا يلين .....
و صلا الى السيارة التي استقلتها معه المرة السابقة ... ففتح لها الباب الامامي و دفعها بفظاظة ...
فسقطت جالسة على المقعد ... قبل أن يصفق الباب بعنف أمام ذهولها الذي لم يخبو بعد ....
بينما فتح الباب الخلفي ليلقي بحقيبتها على المقعد الخلفي و يصفقه هو الآخر .....
لحظات و كان قد دار حول السيارة ليرتمي مكانه بعنف جعل السيارة تهتز ....
و تيماء كل هذا الوقت تراقبه بصمت و هي فاغرة الشفتين ... و انفاسها تخرج من بينهما لاهثة مرتجفة ....
ارتجفت حين سكن مكانه عدة لحظات و يداه على المقود .. مخفض الرأس قليلا و شعره متهدل حول وجهه يخفي عنها ملامحه الفتية الهادرة ....
لكنها استطاعت أن تلمح صدره ... كان لا يزال يعلو و يهبط بسرعةٍ و عنف .....
و كان هذا يزيد ارتجافها .... إنها المرة الأولى التي تشعر فيها بالخوف من شخص ما ....
إنها حتى لم تشعر بالخوف من ذلك الرجل الذي كان يجلس بجوارها على المقعد في المحطة ....
بل لم تدرك سر عنف قاصي ووحشيته الى هذا الحد ....
على ما يبدو ان الرجل كان سيء النوايا .... لكنها لم تشعر بذلك !! .... لم تتعرض الى موقف ذو نوايا سيئة من قبل الجنس الآخر كي تعرف ....
رفع قاصي وجهه اليها أخيرا .... أخذت عيناه تراقبانها في الصمت المظلم للسيارة .....
شعرها القصير القريب الطول من شعره ... كانت قد تركته حرا هذه المرة ... مثله تماما ...
لكنه شعرها كان مجعدا نحاسيا ... خصلاته شديدة الالتفات .....
بينما عيناها الواسعتين تنظران اليه بحذر و ترقب ...... تنتظر منه أن ينفجر بها في أي لحظة ......
لكن دهشتها تضاعفت و هي تراه هادىء الملامح .... و كأنه قد تحول فجأة و عاد الي ذلك الشاب الذي رأته في المرة الأولى ....
و دون كلام فوجئت به يمد يده تجاهها .... فتراجعت مذعورة تلتصق بالباب من خلفها و هي ترى يده تمتد تجاه جسدها ...
كانت لا تزال متأثرة بما تعرضت له للتو .... و باتت تخشى أي يد تمتد اليها ....
الا أنها رأت يده تجذب حزام الأمان من فوق كتفها بعنف دون أن يلمسها .... ليثبته على الجانب الآخر من خصرها بعد أن حفر الحزام على جسدها قويا من شدة جذبه ....
ثم قام بتشغيل السيارة و انطلق بها دون أن ينظر اليها ....
ساد الصمت بينهما طويلا .... و كانت هي تنظر الى جانب وجهه غير قادرة على ازاحة عينيه عن ملامحه المظلمة و التي تضيء فقط كلما مر عليها ضوء من أعمدة الإضاءة المتوالية ....
كان يقود بتمهل و مهارة في طرقات المدينة .... الى أن همست أخيرا مبددة حاجز الصمت بخفوت
( هلا أعدتني الى المحطة من فضلك الآن ؟؟ ......... )
نظر اليها بصمت .. نظرة أخافتها قليلا ... لكنها قالت بخفوت محاولة الثبات
( من المؤكد أنه قد رحل الآن .... هلا أعدتني كي ألحق بموعد الحافلة ؟؟ .... )
لم يجبها قاصي ... بل نظر الى الطريق و استمر في قيادته , ثم قال أخيرا بصوتٍ جامد
( لن تسافري وحدك .... و قد سبق و أنذرتك ..... )
ساد صمت متوتر بينهما قبل أن تقطعه قائلة بخفوت
( ما حدث هذه المرة كان أمرا خاصا بيني و بين أمي .... أنا لم آتي اليك .... هلا أعدتني الى المحطة الآن و لا تخبر أبي عما حدث من فضلك ..... )
أجفلت حين ضحك قاصي ضحكة مستنكرة خشنة .... قبل أن يقول ببرود
( الا تفعلين كل ذلك لجذب انتباهه ؟!!! .... لما لا أخبره اذن ؟!! ... لربما اشفق عليكِ ووافق أن تنتقلي للسكن تحت رعايته ..... )
قالت تيماء بتردد و هي تحك معصمها
( أنا لا أريد اهتمامه أو شفقته ..... لم اعد أهتم ...... )
نظر اليها قاصي أخيرا بعينين قاسيتين عنيفتين وهو يقول بحدة
( بل تريدين جذب اهتمامه ..... تتهورين علكِ تثيرين حنق كل من حولك كي يرضخون لطلباتك ... )
هتفت تيماء فجأة بقوة
( ليست لي أي طلبات ..... ثم أن هذا أمرا لا يعنيك .... أعدني الآن الى المحطة , كيف عرفت مكاني أصلا ؟!! ..... )
ابتسم ياستياء دون أن ينظر اليها .. ثم قال بخفوت قاسي
( استنتجت فقط اين يمكن لفتاة مدللة متهورة الذهاب كي تضايق الجميع و تثير استيائهم ..... و لم احتاج للكثير من التفكير .... )
لمعت عينا تيماء بغضب للمرة الأولى ... فكتفت ذراعيها و قالت بلهجةًٍ آمرة
( حسنا .... ربحت التحدي مع نفسك , هلا أعدتني الى المحطة الآن من فضلك ؟؟ .... أريد العودة )
لم يهتم بها و لم ينظر اليها ... بل هز رأسه رفضا ببساطة وهو يقول ببرود
( كان عليكِ التفكير بذلك قبل أن تعرضي نفسك للخطر ....... )
هتفت بحنق و قد اشتعل غضبها
( و من أنت كي تملي علي تصرفاتي ؟!! ..... أنت تعمل لدى والدي .... لست سوى أحد العاملين تحت إمرته ... و حين آمرك أن تعيدني فسوف تعيدني .... حالا .... )
التفت اليها قاصي بطرف عينيه دون أن يرد ..... لكن نظرته لها جعلتها تبتلع المتبقي من كلامها الوقح ... و تتراجع للخلف قليلا ... قبل ان يقول بجمود
( سأعيدك حين أجد ذلك مناسبا ... و حتى هذا الحين .... لما لا أمنحك بعض التهور الذي تطلبينه ؟!! .... )
اتسعت عيناها قليلا بقلق و عدم راحة تقافزا أضعافا ... فنظرت حولها فجأة لتجد أنهما قد بدأ يخرجان من الإزدحام الى أطراف المدينة المظلمة .... حيث الطريق السريع الأكثر ظلاما ...
حينها انتفض قلبها الصغير برعب و هي تتراجع قليلا ناظرة الى جانب وجه قاصي
جانت ملامحه في تلك اللحظة جامدة لا تحمل أي تعبير انساني ... و أدركت أنها لا تعلم شيئا عن هذا الشاب ...
فماذا إن كان يعمل لدى والدها .... يظل غريبا ....
ربما يكون سفاحا أو مجنونا .... ربما أنقذها كي ينال منها هو ..... على أنها لم تقابل مثل هذه المواقف من قبل ....
لكن مرتين في اليوم كانتا أكثر من احتمالها ...
لم تدري أنها كانت تتراجع شيئا فشيئا ... حتى لم يترك لها ظهر المقعد أي مجال آخر للتراجع ...
و أن أنفاسها قد بدأت تتسارع مجددا بعدم استقرار ... لكنها حاولت الظهور بظهر الشجاعة مجددا و هي تقول آمرة بلهجة تفوق سنوات عمرها
( الى أين تأخذني ؟!! ..... .... )
نظر اليها نصف نظرة و ظهرت على شفتيه طيب ابتسامة خبيثة أرعبتها .... قبل أن يقول بصوتٍ هادىء
( الا تظنين أنكِ قد تاخرتِ قليلا في طرح هذا السؤال ؟!! ..... )
اتسعت عيناها أكثر ... ووجدت أن قبضتيها كانتا متشبثتين بحافتي المقعد عند ساقيها بقوة ....
بينما تسارعت نبضاتها حد الرعب ... لكنها قالت بصرامة تثير الإعجاب
( أنصحك أن تستدير الآن و تعود بي الى المحطة ....... و لا تفعل ما قد تندم عليه .... )
عاد ليرمقها بنظرته الجانبية التي توترها .... بينما اتسعت ابتسامته الخبيثة أكثر وهو يقول بخفوت بدا كالهمس
( كلامك يثير اعجابي حقا ..... لكن ينقصك حسن التصرف ...... )
ابتلعت غصة مخيفة في حلقها الا أنها لم تظهر على وجهها أي أثر للرعب في داخلها و هي تقول بجمود بدا ذو نبرة ناضجة
( أتظن أنني لن أستطيع حماية نفسي ؟!! ........ )
نظر اليها طويلا هذه المرة حتى خالته قد نسي الطريق .... ثم قال بهدوء
( لم أراكِ تدافعين عن نفسك أمام هذا الحقير الذي كان يضع يده على فخذك !! ....... )
شعرت بالغثيان قليلا و توترت عضلات جسدها و هي ترى الأمر من منظوره .. و بوصفه الوقح ....
لم تشعر بالخوف من ذلك الرجل !! ... بدا طبيعيا جدا و يكبرها بالعديد من السنوات كفيلة بأن تجعله في عمر والدها ...
صوته هادىء و ناعم لدرجة اللزوجة .... و عيناه ناعستين جدا وهما تنظران اليها ببطىء
لكنها الآن تشعر بالخوف من قاصي ...
فألفاظه جارحة وقحة .... و عيناه مشتعلتان ... ووصفه للأمر أرعبها أكثر مما شعرت به هناك !! .....
قالت تيماء أخيرا بصوت فاتر حاولت جاهدة الا يظهر ارتجافها الداخلي
( ربما كنت أنت المجنون و ليس هو ..... و أنا إن كنت أجيد شيئا , فأنا أجيد التعامل مع المجانين حد الهوس ... لذا استدر و اعدني من حيث ألتقطتني بهدوء ..... قبل أن تكون كارثة لك أنت و آبائك و جدودك و جدودهم و من أنجبوهم ..... )
نظر اليها طويلا مجددا ... نظراتِ أربكتها قبل أن يضحك ضحكة قوية ... جعلتها ترتجف قليلا لكن بشكلٍ مخالف ....
كانت تنظر اليه بدهشة و هي تراه يضحك .... حيث بدا أصغر سنا .....
بدا شابا لطيفا و ليس مجرما كما كان منذ لحظات ....
لكنه نظر اليها بعد أن انتهى من الضحك ليقول ببساطة
( أنتِ شديدة الوقاحة و لسانك سليط .... أتدرين ذلك ؟!! ..... أظن أن علي تأديبك !! ..... )
فغرت شفتيها بعدم تصديق .... تأديبها !!! ....
صرخت فجأة بقوة و غضب
( أوقف هذه السيارة حالا قبل أن أفتح الباب و ألقي بنفسي منها ........ )
رفع قاصي حاجبيه وهو يقول بدهشة مفتعلة
( تلقين بنفسك و نحن على الطريق السريع ؟!! ..... كي تتدحرجين عدة مرات فوق الأسفلت .. فيسلخ جلدك عن لحمك ... و تدهسك الناقلات المسرعة من خلفنا ... فتسحق جمجمتك و تفرق أوصالك ؟!!! .... )
ارتجف بدنها بتقزز و رعب و هي تنظر الى الطريق المظلم حولهما ... قبل أن يقول قاصي بلهجة مضايفة مشيرا الى بابها
( تفضلي .... الهلاك رهن اشارتك ..... الباب غير موصد ..... )
مدت تيماء يدها تتلمس المقبض بارتجاف و هي تنظر الى الطريق السريع ... قبل أن تعود بملامحها الطفولية اليه لتقول بلهجة بدت مترجية قليلا رغما عنها
( توقف عما تفعله و أعدني ........ لا أعلم لماذا تفعل ذلك !! ... )
ابتسم قاصي بقسوة دون أن ينظر اليها , بينما قال بهدوء غريب
( الا تعرفين ؟!! ...... أمنحك بعض التهور الذي ترغبين به .... تهور على حق و ليس لعب الأطفال الذي تقومين به .... )
فغرت شفتيها المرتعشتين و همست بصوت مرتجف و هي توشك على البكاء
( ماذا تقصد ؟!! ........... )
وجدته يحرك عصا السرعة ليقول ببساطة غريبة ....
( دعينا نقترب من الموت ........ علكِ تدركين أن هناك مصيرا قد يكون أسوأ منه ...... )
و دون كلمة منه زاد من سرعة السيارة فجأة حتى طارت بهما بجنون .....
اتسعت عينا تيماء بذعر .. و ازداد تشبثها بحافتي المقعد على جانبي ساقيها و هي ترى الطريق أمامهما يتحول الى بساط الريح ... و قد تصاعدت روحها الى حلقها ....
بينما السرعة تزيد أكثر و أكثر .... ليس هذا فحسب .... بل كان قاصي يحاور الحافلات المسرعة على الطريق بسرعة جنونية كي يتجاوزها بحركاتٍ ثعبانية ....
لم تحتاج الى الكثير من الوقت و الرعب قبل أن تصرخ مذعورة
( هدىء السرعة ...... هدىء السرعة .... سنموت ...... )
الا أن ابتسامة قاصي كانت ظافرة متشفية وعيناه لا تبارحان الطريق بتركيز .... بينما فتح زجاج نافذته الجانبيه ليندفع الهواء البارد الجليدي منها كي يصفع وجههما بعنف ...
و صاح عاليا مبتسما بنشوى
( استمتعي بالتهور يا تيماء ............ )
أغمضت عينيها و أطبقتهما بقوةٍ و هي تصرخ بذعر باكية
( اكره اسم تيماااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااء ...... )
الا أنه صرخ هو الآخر بصرامة دون أن يخفف من سرعته أو حركاته الثعبانية ...
( من اليوم ستتقبلين اسمك كما هو و لن تغيريه ..... و بعد هذا الدرس قد تتحلين ببعض التعقل الذي يحتاجه منك الجميع ........ مفهوووووووووووووووم ؟؟؟ ..... )
صرخت تيماء باكية صرخة عالية مترافقة مع صيحة سؤاله الأخير و هي تطبق جفنيها اكثر ...
( مفهوووووووم ... مفهوووووووووم ..... هدىء السرعة .... هدىء السرعة .... أرجوووووووك لا أريد أن أموت ..... )
ضحك قاصي عاليا دون أن يبطىء ... ثم صرخ
( لماذا تخافين الموت ؟؟ .... إنه أكثر رحمة من أشياء أخرى ....... )
لكن تيماء كانت تشهق باكية و تصرخ في آنٍ واحد ...
( لا أريد أن أموت .... لا أريد أن أموت ..... لدي اختبار رياضيات بعد غد ..... سأرسب ان لم أحضره ... و مسابقة اللغة العربية يوم الأحد المقبل ....... )
ضحك قاصي مجددا و صاح عاليا
( آها .... لديك الكثير من الالتزامات و الإنجازات في حياتك الصغيرة .... أمر مؤسف تيماء المتهورة ... كان عليكِ التفكير بذلك قبلا ..... )
اخذت تبكي بعنف و هي تتوسله دون ان تفتح عينيها
( أرجووك توقف عن ذلك .... هدىء السرعة سنموووووووووت ...... أمي لا تستطيع الإعتماد على نفسها , إنها تعتمد علي ..... )
لم يفقد قاصي نشوى القيادة السريعة ... لكن ضحكاته خفتت وهو يلتفت اليها في لحظة خاطفة كانت كفيلة لأن يتأملها ..... مطبقة جفنيها و تبكي شاهقة كالأطفال ... بينما ارتفعت ساقيها فوق المقعد الى صدرها ...
و هي لا تزال متشبثة بحافته ....
كانت مذعورة و كان ذلك يشعره بلذة غريبة ....
اثارة الرعب في قلب تلك الطفلة المتهورة العنيدة التي تظهر نضجا يفوق عمرها .... يجعله يشعر بسعادة و انتعاش ....
لكن عبارتها الأخيرة جعلته يتأملها للحظة اطول مما يسمح بها الطريق السريع ....
تلك الفتاة هي عماد اسرتها فعلا ... اسرتها المكونة من ام و بيت من اربع جدران فقط ....
و على الرغم من نضجها المبكر الا ان بقايا طفولة بها تختلط بعناد الأنثى يجعلان منها شوكة حادة .... صلبة و لا تقهر ....
منذ المرة السابقة و قد أدرك أن تلك الفتاة قد تركت بنفسه تأثيرا اكثر مما يجب ....
أفاق من أفكاره على صوت تيماء و هي تصرخ بوهن
( أرجوك أوقف السيااااااااارة .... أشعر بالغثيان .......... أرجوووووووك .... سأقبل يدك لو أردت ... )
للحظات لم يستجب لها .... لكنه بعد فترة هدىء من سرعة السيارة بالفعل الى أن انحرف الى جانب الطريق و أوقفها ....
التفت الى تيماء التي كانت لا تزال تبكي بصوتٍ عالٍ مغمضة عينيها ... قبل أن تنخفض كما هي لتنام متكورة على المقعد كالجنين متشبثة بساقيها ....
التوى فك قاصي قليلا وهو ينظر اليها طويلا ..... شعرها المجعد يخفي ملامحها المتورمة تماما ...
بينما بكائها يتزايد حتى بات كالعويل ....
تركها تفرغ شحناتها طويلا .... و كانت تلك هي المرة الثانية التي يراها تبكي بها .... و هي المرة الثانية التي يراها بها من الأساس ... و تسائل إن كان هو السبب في بكائها فعلا أم أنه يستحث فيها طاقة البكاء كي تفرغ شحنات مراهقتها المتمردة المبكرة ....
هدأ بكائها قليلا بعد فترة طويلة .... لكن شهقاتها لم تتوقف ....
حينها قال قاصي بصرامة خافتة
( هل ستتوقفين عن تهورك ؟!! ...... لا مزيد من الهرب ؟!! .... )
ظلت تبكي بخفوت قليلا دون أن تنظر اليه قبل أن تومىء برأسها دون أن تجيب ... لكنه لم يلين , بل قال مشددا بصرامة أكبر قليلا
( لا أسمعك ....... .. )
بكائها الآن كان ناعما مرتجفا .... لكنها قالت بخفوت مختنفا
( نعم ......... )
تنفس قاصي مطمئنا قليلا قبل أن يقول بنفس الشدة
( أو ربما علي أن أسلم أمورك الى والدك .... فهذا ما كنتِ تريدينه على أية حال !! ..... )
حينها رفعت اليه وجهها الشديد الإحمرار .. بأنفها المنتفخ و شفتيها المتورمتين ... حتى حاجبيها الخفيفين كانت بشرتهما حمراء متورمة كالأطفال .... لكن عيناها كانتا بارزتي اللون و هي تقول بخفوت
( لا أرجوك .... لا تفعل ....... )
تراجع قاصي يستند الى باب الجانبي وهو يتأملها بصمت دون أن تنم ملامحه عن شيء .... ثم قال أخيرا بهدوء
( اذن ماذا تريدين ؟!! .... لماذا تفتعلين المشاكل ؟!! ..... تعرفين أن والدك لن يرضخ لطلباتك و أقصى ما سيفعله هو أن يعاقبكما بمنع دعمه المالي عنكما ...... )
استقامت تيماء لتجلس مكانها بإعياء و هي تنظر الى الطريق المظلم أمامها بصمت ... دون أن تجد ردا ... فقال قاصي بهدوء
( تريدين لفت انتباهه اليك ؟!! ......... )
ساد صمت قصير قبل أن تقول تيماء بخفوت
( حتى هذا لن أستطيعه ..... أتخيل أنه يراقبني الآن مغتاظا منفعلا و يقسم أن يضمني اليه كي يرعاني .... لكن الواقع أنني أخشى أن يعرف فيعاقب أمي ..... )
ملامحها الجانبية في تلك اللحظة بدت كلوحة من لوحات عصور القرون الوسطى ... لفتاة مراهقة شاحبة الوجه ... حزينة الملامح ... ذات عينين معبرتين .... ووجنتين مرتفعتين ...
قال قاصي بهدوء خافت
( لماذا لا تريدين البقاء مع أمك على الرغم من اعتمادها عليكِ ؟!! ..... )
ارتجفت شفتيها الحمراوين المكتنزتين قليلا ... قبل أن تتنهد بخفوت و هي تمسح وجنتيها بظاهر يدها لتقول بخفوت
( أنا احب أمي .... مضطرة لأن أحبها .. فهي أمي ..... )
صمتت مترددة ... فقال قاصي بخفوت
( اذن ؟!!!!! ........ )
همست تيماء بعد فترة
( لكنني لا أحب شخصها ..... إنها .... سلبية جدا , اتكالية ... و لا تستطيع الإعتماد على نفسها ... سرعان ما تبكي لأتفه الأسباب ... تذل نفسها لوالدي طلبا للمال بعد أن القى بها و بي ..... )
صمتت و هي تطرق بوجهها شاعرة بالندم مما تفوهت به للتو ... لكن قاصي قال بخفوت
( الا ترين أنكِ متحاملة على والدتك قليلا ؟ ..... ليس بالضرورة أن تكون بمثل هذا السوء لأن شخصيتها لا تشبه شخصيتك .... )
التفتت اليه تيماء و هتفت بحدة
( كيف ترضى على نفسها تقبل المال من أبي كل هذه السنوات بعد أن رماها ؟!! .... انها لا تتحلى بأي كرامة .... )
قال قاصي بقسوة
( و كيف تتخيلين أن تنفق عليكِ و على نفسها دون المساعدة من والدك ؟!! ..... )
هتفت تيماء بقوة و حدة
( تعمل ... حتى لو اضطرت للخدمة في البيوت على أن تحافظ على كرامتها ...... )
ضحك قاصي ضحكة مستنكرة وهو يقول بنفس القسوة
( ما أسهل الكلام !!! .... تطلبين منها الشقاء و لا تعلمين عنه شيئا ..... )
هتفت تيماء بقوةٍ و صدق
( كنت لأساعدها ..... سأعمل و أنفق على نفسي ...... )
ضحك قاصي بنبرةٍ أعلى لكن دون مرح ... قبل أن يقول بسخرية جدية
( أتشاهدين أفلاما عربية كثيرا ؟!! ....... أي عمل هذا لامرأة و صبية و كلاكما لا تحملان شهادة ... بينما الآلاف من خريجي الجامعات عاطلين لا يجدون العمل ....)
صمت قليلا وهو يتنفس بغضب ناظرا اليها قبل أن يهتف بقسوة
( تطلبين منها العمل دون المستوى ؟!! .... أنت صغيرة ... لا تعرفين الحياة و ما قد تحمله لكما دون رعاية والدك ..... )
هتفت تيماء بنفس الإصرار
( و ها أنا أطلب الذهاب اليه ..... مادام الأمر كذلك فليأخذني اذن ... اريد رعايته حقا كمسك ... و لا أحتاج لماله ..... )
عاد قاصي ليضحك ساخرا وهو يقول بخفوت ناظرا الى الطريق أمامه ...
( أنتِ حقا طفلة .......... )
هتفت تيماء بانفعال
( توقف عن تلك الكلمة ........ )
الا أنها لم تتحضر للكف التي اندفعت لتقبض على معصمها فجأة بعنف ترفعه بينهما وهو يهزها هاتفا بعينين مشتعلتين غضبا
( بل طفلة .... عنيدة و حمقاء .... و لا تحملين أي قدر من المسؤولية التي تدعينها .... )
اتسعت عينا تيماء ألما و هي تهمس
( أتركني ..... أنت تؤلمني ...... )
لكن قاصي بدا و كأنه لم يسمعها من الأساس ... بل شدد على معصمها أكثر وهو يهزها مجددا هاتفا
( أنتِ أنانية .... تريدين الذهاب الى والدك لأنه الأقوى .... تعجبك قوته و شخصيته التي لا تقهر ... و تظنين انه هو الأجدر بالحصول على ابنة مثلك ... و ليست امك الضعيفة الشخصية كما تدعين .... )
ضيق عينيه وهو ينظر الى عينيها قائلا بصوت خافت شرس متابعا ...
( لا تعلمين صعوبة تربية طفل بالنسبة لامرأة وحيدة ...... لا تعرفين ما قد تقابله في هذه الأعمال المتدنية من حثالة البشر ..... )
ارتجفت شفتي تيماء قليلا أمام القسوة البادية في عينيه و صوته , الا أنها رفعت ذقنها لتقول بفتور
( هي أحطت من قدرها بالفعل حين قبلت الزواج برجلٍ متزوج ..... و ارتضت أن تكون المستوى الثاني والأدنى بعد زوجته الأولى ...... لذا عليها تحمل الثمن , لا أن تمد يدها كل شهر كالمتسولين و تنتظر منه مالا قد يمنعه عنها مع أول تهديد ... و كأنه يحسن الينا .... )
عقد قاصي حاجبيه وهو ينظر اليها بحيرة ثم قال مذهولا
( يخيل لي أنكِ تكرهين والديك كلاهما معا ....... .. )
أخذت تيماء نفسا مرتجفا و نظرت الى الطريق المظلم .. ثم همست بخفوت
( لا أكرههما أبدا ..... حتى والدي الذي لم اره في يحاتي سوى مرة أو مرتين ..... لا أكرهه .... لكنني أكره تصرفاتهما معا ..... و لو كان الخيار لي , لاخترت الأقل سلبية و ضعفا .... )
ساد صمت طويل ... لا يقطعه سوى صفير الرياح الليلة الباردة من حولهما ... قبل أن يقول قاصي بجفاء مكررا
( أنت ِ فعلا طفلة ..... و ينقصك الكثير كي تتعلميه ..... )
نظرت اليه تيماء بصمت قبل أن تقول بخفوت
( أنت لا تعلم أمي ..... إنها لا تأخذ المال لأنها تحتاجه .... إنها تتمتع بالرفاهية ... تتمتع بجمالها ... تنفق على نفسها و جمالها الكثير .... لو كانت شديدة الإحتياج ... لو اقتصرت طلباتها على التعليم و الطعام لعذرتها ... لكنها تدهس كرامتها من أجل بعض الزينة و الملابس ... و قطعا ذهبية تظل تشكو من قلتها .... أترى كم يكون هذا ثمنا بخسا أمام كرامة الإنسان ... )
هز قاصي رأسه وهو يقول ببرود
( اذن هي تتمتع بمميزات الوضع و كمالياته ..... ما المشكلة ؟!! ..... شابة تركها زوجتها هي و طفلتها و فرض عليها الا تتزوج من جديد .... أي أن حياتها أصبحت حياة أنثى مع ايقاف التنفيذ ... هل تستكثرين عليها بعض الحلي و الزينة ؟!!!! ... بينما تبقين على مصاريف تعليمك كأمر مسلم به ؟!! .... لم أرى طفلة في عمرك أكثر أنانية !!! ...... )
هتفت تيماء كالأطفال فعلا
( لا تقل طفلة .... ثم أنني لم أكن يوما أنانية .... أنا أتمنى لها الأفضل ... اريدها ألا تذل نفسها لأبي .... كنت أتمنى أن تتزوج عوضا عن الإمتثال لأوامره الصارمة .... )
قال قاصي بقوة
( و هل الأفضل لها أن تتركيها و تختارين والدك ؟!! ........ )
ارتجفت شفتيها من جديد و هي تنظر الى عينيه المشتعلتين في عتمة السيارة التي تضمهما بعيدا عن العالم ...
لكنها قالت بخفوت و استسلام
( إنه لا يريدني ....... أنا حتى لم أحاول الذهاب اليه اليوم , لقد سلمت أنه لا يريدني .... فلماذا تؤلمني ؟!! ... )
رمش بعينيه ... و كانت هذه طفرة في حركات ملامحه ...
لم يكن من عادته أن يرمش ارتباكا في تحدي كلامي ..... لكن صوتها الخافت المستسلم ألجمه .....
نعم ... من هو ليحتجزها هنا و يحاكمها ؟!! .... ما هي الا مجرد طفلة حتى لو أخطأت في أفكارها المتمردة ..
هذا حقها ... فهي على أعتاب المراهقة ....
و جاءت الصدمة الثانية حين قالت بخفوت بائس
( هلا تركت معصمي الآن من فضلك ؟!! ..... ستترك عليه علاماتٍ زرقاء غدا !! ...... )
شحب وجه قاصي فجأة و اخفض وجهه منتفضا ... ليجد أنه لايزال قابضا على معصمها بدرجة تجعل مفاصل أصابعه بيضاء بشدة ...
انتفض و كأن عقربا قد لسعه ... ليترك معصمها هامسا بذعر
( ياللهي ......... )
أخفضت تيماء وجهها بصمت و أخذت تدلك معصمها بشرود دون أن تهتم بألمها ... فقال قاصي مذهولا
( تيماء ..... أنا لم أقصد ان أتهجم عليكِ ...... )
نظرت من نافذتها الجانبية و كأنها ترى شيئا ... هامسة بخفوت
( لا عليك ........ )
هدر قاصي بقوة
( ماذا تعنين بلا عليك ؟!!! ..... لماذا لم تصفعيني ؟!! ..... )
رفعت تيماء حاجبيها بذهول و هي تقول
( أتريد مني أن أصفعك ؟!! .......... )
هتف قاصي بعنف
( لم تكن يدك لتصل الى وجههي قبل أن أكسرها لكِ .... لكن لماذا لم تحاولي ؟!!! ..... و لماذا لم تصفعي ذلك الرجل الذي وضع يده عليكِ هناك في المحطة ؟!! ...... )
رمشت تيماء بعينيها و هي تهز كتفيها قائلة
( لم أتعرض لموقف مماثل من قبل فلم أظنه مخيفا ...... لا أرى أنني جميلة كي يتحرش بي أحد !! ... أمي هي التي تنال كل الغزل و نحن معا في الطريق .... أما أنا فمهمتي تقتصر على شتم كل من يغازلها .... )
أغمض قاصي عينيه بيأس و هو يسمع تلك الكارثة البشرية تتكلم ....
ثم فتح عينيه محاولا التكلم بهدوء قائلا
( اسمعيني جيدا .... سأعلمك شيئا .... المتحرش لا يرى الجمال أبدا .... لا يهمه شكل ملامحك و لن يتذكر لون عينيكِ ..... )
صمت قليلا وهو يتأمل لون عينيها الذي بدا أقرب الى الأزرق الداكن في الظلام ... قبل أن يهز رأسه قليلا متابعا بخشونة و قسوة
( المتحرش يتعرف على ضحيته من حركاتها ... ارتباكها ... وجهها المنخفض ... براءة ملامحها .... عدم ادراكها لما يدور حولها ..... حين يجد تلك المواصفات تحثه حواسه على الاقتراب ببطىء و التمهل .... متفحصا إن كانت على علم ووعي بمن هم حولها أم لا .... يدرس ان كانت تستطيع الدفاع عن نفسها أم لا ...... هل تفهمين ما أقوله ؟!! .... )
كانت عيناها متسعتان قليلا ... و قد بدأ خوف ضعيف يتسلل اليها .... و لم ترد لفترة , قبل أن تقول بخفوت
( و هل يجب أن أخاف منك الآن ؟!! ....... )
أجفلت ملامحه قليلا قبل أن يقول مؤكدا بقوة
( نعم .. نعم عليكِ الخوف مني , أعلمي أن كل رجل تقابليه في حياتك سيكون متهما الى أن تثبت برائته ... )
تاهت عيناها في عينيه للحظات طويلة .. جعلته يضيق عينيه و يتراجع قليلا عنها قبل ان يسمعها تقول بخفوت
( لو لم تكن اهل ثقة لما انذرتني الآن .... لا أعلم لماذا اخبرتك بكل تفاصيل حياتي الآن ..... أنها المرة الثانية التي اراك فيها .... )
اهتز فكه قليلا ... قبل ان يلتفت ناظرا امامه ليقول بخشونة ممسكا بالمقود
( لأنك طفلة .... تثقين بمشاعرك فقط دون تعقل ..... )
رفعت حاجبيها و هي تقول بتردد
( سألتحق بالأول الثانوي العام المقبل .... كيف أكون طفلة ؟!! .... )
نظر اليها قاصي ليقول بصرامة
( هذا أدعى لكي تبدأي في التفكير بنضج ... و تكفي عن ازعاج من حولك ..... هيا الآن , سأعيدك الى أمك مجددا ..... )
انحنى ليشغل محرك السيارة ... الا أنه التفت اليها قائلا فجأة بقسوة
( لو أعدتها مجددا يا تيماء فسأصفعك المرة المقبلة .... أتفهمين ؟!! ..... )
بهتت ملامحها و همست بحدة رغم اجفالها
( كيف تجرؤ ؟!! .......... )



يتبع


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 14-02-16, 12:08 AM   #1965

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

قال قاصي بمنتهى الجدية
( أجرؤ ..... و أرني وقتها كيف ستشكين الى والدك أنني صفعتك .... )
شعرت بالبرد يلفها فضمت ذراعيها فوق صدرها و هي تنظر اليه ... الى عينيه الجديتين ... الى شعره الطويل المتطاير حول ملامحه الصلبة .... قبل أن يقول بجفاء
( خذي ارتدي هذا قبل أن تتجمدي ......... )
و قبل أن تسأل رأته يتلوى ليخرج من معطفه ... قبل ان يستدير اليها قائلا بصيغة الأمر
( هيا ... مدي ذراعك ...... )
أرادت أن تتحداه ... الا أنها كانت تشعر بالبرد يكاد أن يحولها الى قطعة ثلج .....
فمدت ذراعها لتدسها في كم معطفه الطويل ... ثم أدخلت ذراعها الأخرى .. بينما هو يساعدها قريبا منها .. و ما أن انتهى من تزرير أول زرين له ...
حتى التقت عيناه بعينيها .... عيناها بلونهما الأزرق الداكن في الظلام ... بينهما في الواقع في خضار البحر ...
شعره كان متهدلا أمام وجنتيه ... بينما عيناه تضيقان أكثر وهو يقرأ تلك الرسائل المعبرة في عينيها ..
إنها بالفعل تملك التأثير الأقوى على نفس بين الكثير من البشر ممن قابلهم خلال حياته ...
تكلمت تيماء أخيرا بخفوت و هي تتأمل وجهه
( كيف هو ؟؟ .... والدي .... شخصه و ليس شكله .... فأنا أعرف شكله ... )
تصلب قاصي مكانه قليلا ... قبل أن يقول بجمود وهو يشد جانبي ياقة المعطف كي تدفىء عنقها ...
( انه صلب .... قوي الشخصية .... لديه عيوبه و لديه مميزاته .... انسان مثل باقي البشر .... )
همست تيماء بلهفة مسكينة مترددة
( اليس مميزا .... يترك في النفس أثرا لا ينسى ؟؟ .... مثلك ؟؟ ..... )
اتسعت عينا قاصي وهو يردد مستوعبا
( مثلي ؟؟ ......... )
أومأت تيماء و هي تقول بعفويةٍ خافتة
( أنت شخص مختلف .... رغم وقاحتك و تسلطك ... لكنك تترك تأثير لا يمحى بسهولة في ذاكرة من يراك ... )
ضيق قاصي عينيه بذهول وهو يستمع الى كلامها و همس لنفسه دون ارادة منه
( غريب !! ........ )
قالت تيماء ببطىء
( ما هو الغريب ؟!! ......... )
رمش قاصي بعينيه وهو يهز رأسه قليلا كي يجلي أفكاره قبل أن يستعيد جمود ملامحه و خشونة صوته قائلا بفظاظة وهو يبتعد عنها بسرعة
( كفي عن الثرثرة .... يجب أن أعيدك الى والدتك حالا قبل أن تنهار قلقا عليكِ .... )
ابتعد عنها وهو يحرك السيارة و ينطلق بها الى الطريق مسرعا ... عيناه على الطريق و تفكيره مشتت
لقد نطقت تلك الفتاة بنفس ما كان يفكر به تجاهها ... تماما !!!!! .....
قالت تيماء بعد فترة و هي تلتحف بمعطفه و كأنه يحتضنها
( أمي لن تنهار قلقا علي ..... ربما ستنهار قلقا على نفسها .... فأنا أمها و ليس العكس .... )
زفر قاصي بقوةٍ غاضبا من نفسه .... تلك الفتاة مزعجة ... حقا مزعجة ... تحرك به اهتماما غير مرغوب به أبدا ....
.................................................. .................................................. .....................
هذه المرة حين فتحت أمها الباب ...
أوشك قاصي على ان يسلمها تيماء و ينصرف ... الا أنه فوجىء بثريا كانت منهارة من البكاء ...
ارتفع حاجبيه حين فتح الباب بعنف ليجدها أمامه متورمة الوجه ... حمراء العينين مثل تيماء حين تبكي تماما ...
لقد تعجب أنها لم تتصل به ولو لمرةٍ واحدة خلال أربع ساعات ....
و تسائل عن مدى قسوة قلب تلك المرأة ... و إن كانت تستحق لقب أم من الأساس ....
لكن منظر وجهها الآن جعله يسحب ما كان ينوى قوله قبل أن ينصرف ....
كانت تيماء هي أول من تكلم .. فقالت بصوتٍ خافت و هي ترى وجه أمها المتورم من البكاء ...
( أمي !! ........ )
انحنت ثريا دون أن ترد لتجذب تيماء الى صدرها بقوةٍ كادت أن تحطم أضلعها و هي تحتضنها بقوةٍ مغمضةٍ عينيها الباكيتين على شهقاتٍ صامتة ...
فتراجع قاصي خطوة ينوى الرحيل وهو يراقب هما بإهتمام لم يعهده في نفسه من قبل ...
لكنه تسمر مكانه وهو يرى ثريا تبتعد عن تيماء و تستقيم لترفع يدها و تصفعها فجأة بكل قوة !!! ...
هدر قاصي بعنف وهو يندفع بين ثريا و تيماء التي وقفت خلفه و يدها على وجنتها الحمراء .. تنظر الى أمها بصمت
( ماذا تفعلين ؟!!! ........ )
لكن ثريا لم ترد عليه .... بل مدت نفسها تحاول انتزاع تيماء من خلفه بقوة و ملامحها تنطق بالقهر و ال ... خوف !! ....
الا أن قاصي ثبت نفسه مكانه وهو يمد ذراعيه يحول دون وصلوها الى تيماء هادرا بقوة
( توقفي عن هذا .... لا تضربيها .... )
لكن ثريا همست من بين أسنانها
( ابتعد ...... انها طفلتي و أنا من سيربيها .... )
توحشت عينا قاصي و أقسم أنه لن يسمح لثريا بضرب تيماء ... على الرغم من أنها تستحق الضرب بالفعل ..
ربما بيده هو لو أعادتها ... لكن لن يضربها أحد آخر ... حتى لو كان هذا الآخر هي أمها !! ...
ترى أيتصرف بمنطقية ؟!! .... لا يعلم لكن ما يعلمه هو أنه هتف بقوة
( توقفي عن ذلك سيدة ثريا ..... لن أسمح لكِ بضربها ..... )
رفعت ثريا عينيها المتورمتين الغاضبتين اليه و هي تهمس بشراسة
( من أنت كي تسمح أو لا تسمح ؟!! .... ما دخلك بيني و بين طفلتي ؟!! .... )
لم يرد عليها على الفور .. للحظات تشتت تفكيره بملمس هاتين الكفين الصغيرتين اللتين استقرتا على جانبي خصره ....
دفئهما انتقل الى جذعه الصلب .. عبر قماش قميصه الأسود ...
تخبره أنها تحتمي به ... خلفه و رأسها تطل قليلا كي تراقب أمها بقلق ....
كيف له أن يخذل كفين صغيرتين دافئتين !!! .... تبا لذلك ....
رمش بعينيه قبل أن يقول بصرامة
( دخلي أنني أنا من سافرت من مدينة لأخرى كي أعيدها اليكِ مجددا... و هذه المرة كانت بناءا على طلبٍ منكِ ..... لم أقد السيارة ثلاث ساعات وصولا الى هنا كي أراكِ تصفعينها على وجهها !! .... )
هدرت ثريا بقوة و هي لا تزال تبكي
( أنا أعاقبها ...... لن أسمح لها بأن تبتعد مجددا .... )
نظر اليها قاصي نظرة أقوى منها على الرغم من سنوات عمره الأربع و العشرين ...
نظراتٍ تشتعل غضبا ... ثم قال أخيرا بصرامة
( عاقبيها لكن لا تصفعيها ...... ليس وجهها ........ )
هتفت ثريا بعنف و هي تبكي
( لا تنصحني يا ابن الأمس ..... انت لا تزال صبيا .. مغرورا .... وضعك والدها في طريقنا قسرا عوضا عن وجوده ..... ابتعد عن طريقي .... )
فتحت ثريا شفتيها تنوى الهجوم عليه .. الا أن البكاء منع الكلمات من الخروج عبر حلقها المختنق فانتهز قاصي الفرصة و قال مهددا
( لو ضربتِها مجددا فسوف أخبر والدها .... لكن ليس ليمنع عنكِ المال ... بل ليأخذ تيماء ... للأبد .... )
اتسعت عينا ثريا بخوف و هي تسمع منه هذا التهديد الجديد .... بهت وجهها فجأة ... و شحب في لحظات بينما اهتزت حدقتي عينيها , فقال قاصي متابعا دون رحمة
( ترى أتستطيعين العيش دونها سيدة ثريا ؟!! ....... أتستطيعين حتى الإعتماد على نفسك دون مساعدة منها ؟!! ..... )
ظلت ثريا تنظر اليه بذعر ... جعله يشفق عليها للحظات , لكنه لم يظهر ذرة من هذه الشفقة على ملامحه القاسية ....
و استمرت حرب النظرات بينهما الى أن شعر بالكفين الصغيرين يبتعدان عن خصره ... لتتحرك تيماء من خلفه و تتجاوزه و هي تقول بخفوت منهية هذا الصراع
( أنا آسفة أمي ....... )
رمشت ثريا بعينيها و هي تبعدهما عن عيني قاصي .. ملتفتة الى تيماء .. ترمقها بجفاء حزين قبل أن تقول بخفوت
( ادخلي غرفتك الآن .... )
تحركت تيماء تنوي الدخول مطرقة الرأس تجر حقيبتها أرضا .. الا أنها التفتت تنظر الى قاصي نظرة أخيرة ...
عيناها كانتا حزينتين ... فقدتا عنادهما للحظة ... شفتيها ترتعشان دون الكبرياء المزهو .... وجنتها حمراء ....
و ها هي تترك بداخله نقشا لنظرة لن ينساها أبدا .... يكفيه أنه لا يزال يشعر بلمسة كفيها على جانبي جسده حتى الآن .... و للحظة مجنونة رغب في ان يبتعد بها قليلا .....
ربما يعيدها الى السيارة و يقودها دون هدى ... يستفزها أو يرهبها كي تعود الى طبيعتها المستفزة ...
قطعت تيماء أفكاره بأن أبعدت وجهها عنه و دخلت تجر ساقيها بتخاذل ....
.................................................. .................................................. ...................
" متى باتت وجهة عينيه أينما حلت ؟!! .... "

متى كانت المرة الأولى التي رفضت فيها عيناه الإمتثال لاوامر عقله كي تحيدان عنها ...
هو نفسه لا يعرف ......
ربما حين أطلت على سن السادسة عشر وهو يراها بين حين و آخر خلال هاذين العامين ....
تعددت الاسباب .. و بات بيتها و أمها من مسؤوليات حياته ....
باتا يعتمدان عليه اعتمادا تزايد تدريجيا ....
وهو لم يعد يمانع مع الوقت ....
ثلاث ساعات ... هو مقدار الوقت الذي يتطلبه الوصول اليهما كي ينهى معضلة ... أو يتم مصلحة حكومية بالتوكيل الذي كلفه به والد تيماء ... ثم تبعه توكيل من ثريا نفسها بناءا على أوامر سالم ...
أو يسيطر على تهورات تيماء التي لا تنتهي ....
عاقبها مرارا بسلطة فرضها عليها بنفسه ... دون أن يوكله أحدا بها ...
و كانت بينهما حربا شعواء .....
تمردها يزداد و عنفوانها يتألق جمالا ... لكنه يزجها في الكثير من المشاكل ...
كانت قوية مثل مسك ... الا أنها تمتلك شخصية مختلفة على نحو يميزها .. أساسها التمرد ...
بينما قوة مسك يميزها الكبرياء .....

كل الظروف تضافرت كي يصير من أعمدة هذه الأسرة الصغيرة من فردين فقط ....
وهما باتا يعتبرانه الثالث ....
لكنه يصر على البقاء متباعدا ... فظا .... رسميا دون مشاعر ....
فالإندماج معهمها أسهل مما يحب .... اكثر لذة مما يرغب ....
متى رآها أنثى للمرة الأولى بحياتها ؟!! ......
هل يسمح للخزي بداخله أن يعترف صاغرا ؟!!.... أن يقر بأنه كان يختلس النظر اليها بطرف عينيه وهو يرى انوثتها تثمر سريعا جدا .... و جسدها يزداد طولا و انحناءا دون رحمة ....
حتى شعرها المجعد القصير الذي تتركه كهالة مجنونة حول وجهها بات يجعلها كفنانة تشكيلية ...
مجنونة و غير مقيدة .... تماما كما يحب نساؤه !!!
نساؤه !!! ......
تلك الحادثة التي عرته أمامها .... لا يزال يتذكرها بكل تفاصيلها الصغيرة .....

حين كان بردهة شقتهما ... يطلب من ثريا التوقيع على الأوراق الخاصة لنقل حساب خاص لتيماء و تكون هي المتصرفة به ....
كان ينتظرها كي تأتي معه للمصرف .... و يديه في جيب بنطاله ....
مطرق الرأس ... بينما أذناه تلتقطان صوت تيماء يدندن من بعيد ....
تجرأ على رفع نظره الى باب المطبخ المفتوح ... حيث كانت تيماء تقف أمام الحوض تغسل بعض الاطباق و قد تعودت وجوده في البيت بأريحية ....
كانت السماعات في أذنها ... بينما ترتدي بنطال جينز قصير جدا لا يكاد أن يغطي نصف ساقيها ....
جسدها الذي طال و امتلأ خلال العام الماضي ... بانت ملامحه و هي تتمايل متراقصة ....
ضاقت عيناه وهما تغدران بسيطرته و ضميره للحظات ....
شعرها المجعد يتألق لونه يوما بعد يوم .... و قد هذبته ليبدو و كأنه من صنع مصفف متخصص في التجعيد ...
بينما تلك الأقراط اللعينة التي بدأت في وضعها بأذنها تتراقص مع تمايلها ...
وحده الخف البيتي على شكل بطتين هو الرابط الوحيد بينها و بين الطفولة ....
حين دق جرس الباب أثناء وقوفه انتظارا يراقبها دون أن تلحظه .... كانت قد رفعت السماعات عن اذنيها و سمعته فنادت بقوة
( أنا سأفتح يا أمي ..... لقد وصل معتز .... )
تحركت جريا عبر المطبخ مرورا بالردهة حيث وقف قاصي .... فابتسمت له ملوحة .... و حاولت تجاوزه الا أنه أمسك ذراعها دون أن يدرك ... ثم قال بخشونة
( من معتز ؟!! ......... )
رفعت اليه عينيها الفيروزيتين الواسعتين لتقول بحيرة و هي تبعد خصلة مجعدة مستعصية خلف أذنها
( انه ابن جارتنا ..... هذا موعده كي اشرح له درسا في الرياضيات ...... )
عقدت حاجبيها حين اشتدت كفه على ذراعها .... و نظرت الى عينيه فوجدتهما غاضبتين ... بشدة ...
فهمست بقلق
(ماذا هناك يا قاصي ؟!! ........ )
رد عليها بقسوة
( ماهذا الذي ترتدينه و أنتِ تفتحين لصبي مراهق ؟!! .....ألم أطلب منكِ أن تهتمي بتصرفاتك ؟!! .... )
أخفضت تيماء عينيها الى ساقيها الظاهرتين من البنطال الجينز القصير جدا .....
ثم رفعتهما لتقول بهدوء
( نعم طلبت .............. )
قال بصرامةٍ أقسى و قد استفزه هدوءها أكثر ....
( و حذرتك من عنادي مجددا يا تيماء ......... فماذا تحاولين ؟!! ... استفزازي أكثر كي أظهر أسوأ ما بي ؟!! ........ لأنني لن أتوانى عن ذلك , قبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه .... أظنك بتِ تعلمين أنه لا طائل من محاربتي .... )
كانت تنظر اليه ببراءة و بعينين متسعتين صادقتين .... قبل أن تقول بهدوء
( و اظنك بت تعلم أنني لن أكف عن محاربتك يا قاصي .... فأنا لا أخضع لتسلط و لا أقبل بسجانٍ من حولي ..... )
اشتعلت عيناه بنظرات صامتة .. بدت اكثر جفاءا و تسلطا و قسوة ....
و كانت هذه النظرات تؤلمها ... لكنها رفعت ذقنها بشجاعة تتحداه و لا تقبل بأن تخفض عينيها عن مستوى عينيه ....
حينها قال بصوتٍ مهدد
( اذهبي و بدلي ملابسك يا تيماء ........ )
رفعت احدى حاجبيها و هي تضع يديها في خصرها ببطىء أمام ناظريه الحادين و هي تقول متحدية
( أو ماذا ؟!! ........ )
لم يتمالك نفسه من الإمساك بكلتا ذراعيها بقبضتيه وهو يهدر بصوتٍ خافت يهزها قليلا
( تيماء ..... لم تعودي طفلة ..... )
ظل التحدي بين أعينهما طويلا و هي تشعر بثقل كفيه على ذراعيها .... بينما جرس الباب يستمر في الرنين من خلفهما ... مصاحبا لصوت أمها تنادي من الداخل
( لما لا تفتحين الباب يا تيماء ؟!!! ....... )
لم يجبها أي منهما وهما ينظران الى بعضهما .... قبل أن يصمت رنين الباب و يعلن عن رحيل المتطفل عليهما .... فقالت تيماء أخيرا بهدوء خافت
( لقد رحل ......... )
ضاقت عينا قاصي قليلا بعدم تركيز و كأنها قد انتزعته من عالم بعيد .... فقالت تيماء مبتسمة بخبث
( لقد حققت غايتك و رحل ضيفي ........ )
تصلب فك قاصي وهو يبعد كفيه عنها ليقول بخشونةٍ خافتة
( لقد أنقذ نفسه ........... )
كان كلامه غريبا ... ككل شيء يخصه .... فراقبته وهو يبتعد عنها بصمت ... مكفهر الملامح على الرغم من جمودها .... فقالت أخيرا بصوت خاففت
( قاصي .... لماذا تغيرت معي مؤخرا ؟!! ...... )
صمت للحظات دون أن يلتفت اليها قبل أن يقول بصوتٍ جامد ... مدرك قصدها
( ماذا تعنين ؟!! ........)
عضت على شفتها بغيظ الا أنها قالت متحدية
( أنت تبتعد عني .... تعاملني بجفاء ..... كلامك لي أصبح يقتصر على الأوامر ..... ماذا فعلت كي تبتعد عني بهذا الشكل ؟!! .....)
زفر نفسا خشنا وهو يغرز أصابعه في خصلات شعره ليعيده للخلف بتوتر ....

كيف يشرح لها ؟!! ..... و الأصعب كيف يشرح لنفسه أمرا غريبا لم يكن بحسابه قبلا .....
كيف يخبرها أنها صارت تحتل مكانة بحياته لم تحتلها امرأة أخرى سوى ..... امه !! .....
كيف يخبرها أنه خلال عامين ... ترك لنفسه حرية الإنسياق خلف الإنجذاب لها ...
لتمردها .... لكيانها المستقل .... لشخصيتها الفريدة ....
لابتسامة ثغرها التي تقتنصها عيناه ....
لغمازتي وجنتيها و التي لم يرى أكثر منهما حلاوة من قبل !! .....
كان يترك لنفسه حرية الاستمتاع بكل تفاصيل روحها الشقية التي تحاصره في كل مكان .....
لكن ما لم يحسب له حسابا ... هو أن يكون لرغباته الذكورية حساباتٍ أخرى مؤخرا !! .....
هل يخبرها أنه كان ينتهز الفرص كي يختلس النظر اليها ؟!! ....
كيف يلمح لها أنها باتت مصدر ازعاج جسدي غير مشرف له ؟!! .....
ما السبيل لإخبار مراهقة بأن لها تأثير على رجولته يفوق ادراك سنوات عمرها الفتية !! .....
اختصر كل هذه التساؤلات و قال بصوتٍ جامد خافت
( أين الإبتعاد و انا هنا ..... لا يفصلني عنكِ سوى خطوتين .....)
زمت تيماء شفتيها و هي تنظر اليه بتحدي لا يقبل باستغفالها .... فقالت بثقة
( أنت تعلم ما أقصد يا قاصي ..... أنت لم تعد أنت ...... لم تعد تسمعني ألحان جيتارك ....)
قال قاصي بخفوت وهو يتظاهر بالنظر بعيدا الى شيء وهمي
( أنا لم أعد أجد الوقت كي أعزف عليه ........ البركة بكِ أنتِ و أختك .... لو اشتريتما عبدا لما كان رهين طلباتكما كما أفعل أنا ..... )
قالت تيماء بغيرة طفولية
( و على الرغم من هذا تعامل مسك بطريقة أفضل مني ...... و كأنها صديقتك .....)
قال قاصي بنفاذ صبر متخاذل
( لأنني أعرفها قبلك ......... )
قالت تيماء بنبرة غريبة
( و ماذا لو أردت أن أحل محلها ؟!!! ......)
استدار قاصي اليها رافعا حاجبيه بتوجس ... ثم قال بحذر
( ماذا تقصدين ؟!! ..... انتهينا من قصة انتقالك الى والدك منذ زمن ؟!! ......)
تقدمت منه باصرار و هي تقول بتحدي و جرأة
( انتهينا من الانتقال الى أبي .... هيا لديها أبي .... لذا من العدل أن أحصل أنا عليك .... )
أجفل قاصي فجأة ... و تسمر مكانه وهو يردد بعدم راحة و تشنج
( تحصلين علي !! ........ )
قالت تيماء و هي تقترب منه أكثر
( نعم ..... لا يهمني أنك تعرفها قبلي , لكنك صديقي أنا .... أريد أن أكون أقرب لك .... تفضلني عنها .... )
زفر قاصي بخشونة و خيبة أمل غريبة ... قبل أن يقول بنفاذ صبر وهو يحك جبهته بيده .. يريد الهروب منها بأقصى سرعة ...
( توقفي عن طفوليتك يا تيماء .... أنا لا آتي الى هنا كي ألعب معك , أنتِ و أمك جزء من عملي .... أتقاضى عليه أجرا من والدك ...... )
قالت تيماء بعناد
( لكن أنا أريدك أن تلعب معي ....... )
ياللهي !! .....
إما أنها مدركة لما تقول حد الوقاحة ... و إما أنها لا تزال حمقاء كطفلةٍ في الخامسة من عمرها .....
لكن بالنسبة له كلتا الحالتين لا تفيدان في تهدئة النيران التي أشعلتها بداخله ....
قال قاصي بخشونة مهتزة
( اذهبي و نادي أمك ..... إنها ترتدي ملابسها منذ دهر .... سيغلق المصرف أبوابه .... )
قالت تيماء بخفوت
( قاصي أنا أفتقدك ....... جدا ...... أنت أصبحت شخص مهم جدا بحياتي ... على الرغم من أنك الأكثر فظاظة و تعنتا و عنادا أشد من الحجر .... لكنني لا أعرف لماذا تغيرت تجاههي بهذا الشكل .... )
كانت كلماتها تشعلان بداخله طوفان من الجنون ..... لا يعلم ما الذي يفعله هنا !!!
لديه في حياته ما هو أهم ... حياته نفسها عبارة عن مأساة سوداء مرة الطعم كالعلقم ولم يظن أن تحليها طفلة !! .....
قال قاصي أخيرا بجمود ميت زيفا
( تيماء ...... اذهبي ....... )
حينها انتابها اليأس و الإحساس بالكرامة المهانة ... فهي لم تتوسل أحدا قبلا ....
فقالت بصوتٍ جليدي به نبرة قهر طفولية
( لا بأس .... لا تشغل بالك ....... أعتذر إن كنت قد أرهقتك بمطالبي الطفولية .... أدرك أنني لا أماثل مسك روعة .... لا وجه للمقارنة من الأساس , فإن كان أبي بحد ذاته قد اختارها هي .... فلماذا أتوقع منك شيئا مختلفا ؟!! ...... )
أغمض قاصي عينيه وهو يصلب من فكه بقوة .... بينما تابعت هي بحدة
( أنا لا أمتلك ذرة من جمالها و جاذبيتها ....... لكنني لم أظن أن الصداقة تعتمد على الجمال أبدا .... فلماذا ترفض الإعتراف حتى الآن بأنك تحبها ؟!! ....... )
لم يسمع سؤالها الأخير .... ربما لو كان قد سمعه لوبخها و شدد من لهجته القاسية كي تتأدب ....
لكنه لم يسمعه .... فكل ذهنه كان شاردا وهو يقول بخفوت هامس دون أن يستدير اليها .. مستنكرا ظلمها لنفسها
" تيمائي المهلكة ...... "
وقفت أمامه لتقول بصدمة و غضب منفعلة
( تعرف بأنني لا أحب معنى اسمي .... فلماذا تزيد من كرهي له .!! ... )
حينها استدار اليها .... ينظر الى عينيها مباشرة وهو يقول بكلماتٍ لم تنساها يوما
( أنتِ أرض أينعت جمالا .... فأهلكت الأعين بسحرها .... )
شعرت و كأن الهواء قد تجمد بينهما فترة .... و اختفت أصوات زحام الطريق الأتية من الشرفة ....
ففغرت شفتيها بعدم فهم ... بينما الرجفة في داخلها كانت تجعل أطرافها تهتز بقوةٍ و تهدد بسقوطها ...
لا تعلم ما الذي حدث ؟!!! ....
عبارة لم تفهمها .... لكن لماذا ينتفض كيانها كلها بهذا الشكل المرعب , إن كانت لم تفهمها حقا ؟!! ....
و ماذا عن جرمتي النار في عينيه المشتعلتين في تلك اللحظة !! ....
ابتلعت ريقها بصعوبة ... الا أن قاصي أبعد وجهه وهو يقول بخشونة جافة
( اذهبي و نادي أمك ......... )
أطرقت برأسها قليلا و ابتعدت .... الا أنها بعد عدة خطوات استدارت اليه و همست من فوق أكتافها
( معتز الذي كنت سأشرح له بعض الرياضيات ..... في السابعة من عمره ...... )
استدار قاصي اليها .... ينظر الى عينيها بترقب , بينما كانت عيناه تحملان معانٍ أكبر من أن تستطيع فك شفرتها .... فتابعت تقول بخفوت
( أنا لا أرتدي تلك الملابس أمام رجلٍ سواك ...... )
اجربت نفسها على متابعة سيرها ... الا أن صوته قصف بصرامةٍ من خلفها و بقوة سمرتها
( أنا قبل الجميع يا تيماء .... )
عبارته تلك كانت تحتمل العديد من المعاني .... الا أنها كانت أضعف من محاولة الفهم حاليا ... فأسرعت الخطا جريا أمامه .... هربا منه ......


يتبع


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 14-02-16, 12:11 AM   #1966

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

.................................................. .................................................. ............
" أول اعتراف منها بال ..... الحب ؟؟؟!! .... "

يومها كانت قد أتمت السابعة عشر ... بعد عام كامل من النظرات المختلسة من طرفه ... و التي تغيرت تماما عن العام الذي سبقه ....
نظرات اشعلت بها أنوثة لم تكن مدركة لها من قبل ....
لذا بدأت تتفنن في جذب اهتمامه لها .... اشعال الجمر بتلك النظرات المختلسة عن قصد ...
في البداية لم تكن تريد سوى تغذية ذلك الشعور المتقد بأنوثتها ...
كانت كمراهقة عديمة التجارب مع الجنس الآخر ... تشعر بالتلذذ و هي ترى نظرات الإعجاب التي صدمتها من رجلٍ كقاصي !!..
مجرد شابا في السابعة و العشرين ... الا أنه بالنسبة لها في ذلك الوقت كان رجلا .. يكبرها بعشر سنواتٍ كاملة ...
و ينظر اليها بنظراتٍ تعبت كثيرا الى أن ترجمتها أخيرا ....
تيمائي المهلكة !!.... كانت هي مفتاح الصندوق الأسود لانجذابه لها ...
هذه العبارة القصيرة التي فضحته أمامها ....
لكن و من بعدها .... تغير كل شيء ....
و بدأ شعور غريب تجاهه في التكون داخلها ... باتت ترتبك في قربه ...
تحمر وجنتاها لنظراته ... تتعرق يداها ما أن يصافحها في تلك المرات النادرة الى أن توقف ذات يوم عن مصافحتها ....
لم يعد بالنسبة اليها مجرد قاصي الذي تعرفه و اعتادت على رؤيته و استفزازه .... بل بات شخص آخر يثير الرجفة في قلبها و يقلب كيانها كله ......
و مع مرور الأيام ... و يأسها من أن يتقدم قاصي بأي خطوة أو اعتراف من جانبه ....
قررت هي الهجوم !! .....

كان من المفترض أن يقلها ذاك اليوم الى حفلة يوم مولدها ....
خرجت من باب بنايتها تتهادى بفستانها الشيفون الطويل الذي تهفهف تنورته حول ساقيها ...
كان أنثويا و بسيطا و مصمما خصيصا كي يناسب فتاة في مثل عمرها ... مرحة و طفولية ...
الا أنه لم يخفي الكثير من جسدها الناضج حديثا ... بقماشه الخفيف ... خاصة ان تنورته الداخلية قصيرة و بالكاد تلامس ركبتيها تحت التنورة الشيفون الطويلة ....
و كما اعتادت أن تراه .... كان يقف مستندا الى السيارة بإهمال و يداه في جيبي بنطاله .. ينظر بعيدا بشرود كعادته دائما ...
أخذت تعد الخطوات المتعثرة في حذائها ذو الكعب العالي لأول مرة و هي تنتظر منه أن يرفع رأسه و يراها ..
و قد فعل ....
رفع وجهه اليها بلا اهتمام ... الى أن استوعب أنها هي بالفعل !! ...
للحظات تعثرت أكثر من مرة ازاء نظرته التي اشتعلت فجاة ... و شفتيه اللتين توترتا قبل أن يفغرهما مصدوما ...
وصلت اليه أخيرا و هي تقول بلهجةٍ مرحة زائفة ...
( هل تأخرت عليك؟!! .... اعذرني يا قاصي .... لقد استغرقت زينتي وقتا طويلا .... )
حاولت جاهدة أن تضفي الأنوثة الى صوتها الطبيعي ... ثم تمكنت من الإبتسام بإغراء و هي تقول
( ما رأيك بمظهري ؟؟ ....... )
و كي تستعرض سؤالها .... دارت حول نفسها مما جعل الفستان يرفرف حول قدها المكتنز ... مع نسيم الليل ....
بينما شعرها المجعد النحاسي القصير .. كانت قد سيطرت عليه بصعوبة في عقدة مشعثة ... تتناثر من حولها الخصلات السلكية المجعدة ...
المرة الأولى التي تتزين بها .... مستخدمة أدوات والدتها ... و كان هذا من أجله هو .... قاصي ...
حين أنهت استدارتها الكاملة ... لم تستطع الإتزان فوق كعبي حذائيها .. فتعثرت و كادت أن تسقط ..
لولا ان استقبلها صدره الرحب و هي تقع عليه !!! ....
لا تزال حتى الآن تتذكر عطره .... و هي تغمض عينيها مبعدة خصلات شعرها المنفلتة عن وجنتها كي تنعم بتلك اللحظة الصادمة و التي جعلت كيانها كله ينقلب ....
و مما زاد جنونها أنها قد امسك بها تلقائيا ... لكنه لم يبعدها على الفور ...
سمعته صوت نفسه الأجش ...قبل أن تشعر بملمس كفه الدافئة على ظهرها برفق ... و حرارته تنتقل اليها عبر قماش فستانها الخفيف فتحرقها ببطىء ...
اتسعت عيناها قليلا دون أن تجرؤ على رفعهما اليه
لقد خافت من نظراته قبل أن تراها بالفعل .... فهي تعرف عينيه جيدا ...
سمعت صوته يزمجرٍ بهمسٍ خشن في أذنها
( هل أنتِ بخير ؟!! .... هل لويتِ كاحلك ؟؟ ..... )
أغمضت عينيها لعدة لحظات ... تتمنى لو بإمكانها الكذب عليه , عله يضمها الى صدره لفترة أطول ....
لكنها استنشقت عبيره الرجولي في دفعة قوية قبل أن ترفع رأسها مرغمة و هي تبتسم بارتباك هامسة
( لا ..... أنا بخير ..... بأفضل حال ..... )
ظلت مطرقة بوجهها المشتعل المبتسم لعدة لحظات قبل أن تسمعه يقول بعدم تركيز و بنبرةٍ خشنة
( إنه ذلك الحذاء المضحك ....... سيتسبب في كسر عنقك ..... )
تجرأت حينها على رفع وجهها المحمر اليه .... حتى التقت أعينهما في الظلام و هالها أن تضيء عيناه الليل الحالك من حولهما .... بذلك الإشتعال بهما .... فهمست مرتجفة
( اذن عليكِ أن تكون ممتنا له ..... فسيخلصك من إزعاجي ....... ستكون حرا أخيرا ..... )
عقد حاجبيه قليلا وهو يتأملها طويلا .... بينما حركة صدره غير ثابتة ... متزعزعة و متسارعة ....
ثم قال أخيرا
( لا تكوني حمقاء ..... اصعدي و بدلي هذا الحذاء ... و الفستان ........ )
ارتفع حاجبيها و هتفت قبل أن يتابع المزيد من تسلطه
( الا الفستان ..... على جثتي ...... لا تبدأ في تعنتك يا قاصي , ..... )
زمجر قاصي بخشونةٍ قائلا
( تيماء تبدين ............... )
صمت فجأة حين خفتت أحرف كلماته و اختفت ..... بينما لم تتوقف عيناه عن السفر فوق ملامح وجهها و قوامها ... فارتجفت طويلا الا أنه أبعد عينيه عنها ليقول بصرامة خافتة
( اصعدي و بدلي ثيابك يا تيماء ...... أنتِ مسؤوليتي و لن أقبل أن ينظر أحدهم اليكِ كما ..... )
قاطعته تيماء فجأة بمنتهى الهدوء
( كما نظرت الي للتو ؟!! ............. )
برقت عيناه ببريق أخافها و توقعت منه عقابا على كلامها الوقح ... الا أنه قال بلهجةٍ صادمة
( نعم ..... كما نظرت اليكِ للتو , لن تستطيعن منع جائع ,من التهام ما تعرضين بسخاء ...... )
هل كان يتكلم عن نفسه ؟!!!!
أم انها احد دروس التوعية التي يغمر أذنيها بها لسنوات .....
أرادت أن تتحداه علها تحصل منه على المزيد من الإعترافات ... الا أنها أرغمت نفسها على التركيز في الخطوات المحسوبة .... لذا همست بتوسل
( قاصي أرجوك لا تفتعل شجارا الآن .... حفلة يوم مولدي على وشك أن تبدأ قبل وصولي .... لا تفسد أول حفل لي أرجوك ..... )
كان اول احتفال لها بالفعل ... لم تهتم يوما بمثل هذه الإحتفالات .... و لم يتذكر احدهم يوم مولدها من الأساس
حتى قاصي !! ..... و كان هذه يؤلمها على نحو خاص من بين جميع الأفراد محدودي العدد في حياتها ....
لكن الليلة ستعلمه الا ينسى يوم مولدها أبدا .......
عليه الا يتحدى فتاة نشأت على شاطىء البحر مطلقا ..... حتى لو كانت جذوره في أرضه أكثر صلابة ....
رأت فكه يتصلب برفض و عدم اقتناع .... فمدت يدها تمسك بكفه قائلة بصدق
( أرجوك ....... أوصلني الى حفلي ...... )
و من يستطيع مقاومة تلك العينين الواسعتين و غمازتين لا تختفيان مع التوسل .......
الكحل الأسود كان ثقيلا و شديد التناقض مع لون عينيها الفيروزي ... مما جعلهما كاملتين الجمال ....
كلوحةٍ لبحرٍ هادر .....
أخذ قاصي نفسا متخاذلا قبل أن يقول بفظاظة مبعدا تفكيره الأحمق عن تلك الصورة ....
( ادخلي الى السيارة ......... )
في طريقهما ... كان قلبها يخفق بعنف , لم تكن المرة الأولى التي تجلس بجواره في السيارة .....
لكن هذه المرة كانت مختلفة .... كانت تشعر أنه يطير بها في عالمٍ خاص بهما وحدهما ...
من كان يظن أن يكون قاصي هو الفارس الذي ستحلم به يوما ؟!!! ....
هي نفسها فوجئت بتحول مشاعرها على نحوٍ غريب مؤخرا تجاهه .....
إنه الأكثر استفزازا لها على الإطلاق .... إنه الوحيد الذي يمتلك القدرة على اقتحام حياتها و التحكم بها بوقاحة تفوق تخصص عمله و الأجر الذي يتقاضاه ... و تشك أن يكون والدها قد منحه كل هذه الصلاحيات ....
رفعت اصبعيها تستند بذقنها اليهما و هي تطلع الى ليل المدينة المبتهج بابتسامة حالمة ...
لم تدري انه كان يختلس النظر اليها بين الحين و الآخر .... الى أن فضح نفسه أخيرا قائلا بخفوت
( لما تضحكين ؟!! ........ )
التفتت تنظر اليه و ابتسامتها لا تزال تلون ثغرها بأجمل الألوان .... تتأمل جانب وجهه الصلب .. و شعره المتطاير حول عظام وجنتيه الشبيهتين بتكوين قرصان ....
به شيء يجعله أكثر مرارة مع الأيام .... يفقد الطفولة بداخله شيئا فشيئا عن أول يوم رأته به ...
أو ربما .... بداخله لا يزال يقبع طفل منطوي يتقوقع بعيدا عن الجميع ...
تعرف ان حياته تحمل الكثير من الأسرار القاتمة يرفض أن يبوح بها لمخلوق .... حتى هي ...
لكن هذا على وشكِ أن يتغير .....
قالت أخيرا بجزءٍ من الحقيقة
( أشعر بالحماس لحفل يوم مولدي الأول ........ )
ابتسم قاصي رغم عنه بحنان كاد أن يسقطها على أرض السيارة ... قبل أن يقول بخفوت
( لم أظن أن السيدة الشابة الذكية .... تهتم بهذه الحفلات و الا لكنت أعددت لكِ حفلا مناسبا .... )
فغرت شفتيها قليلا بأمل كبرعم صغير مزدهر قبل أن تهمس مباشرة
( و هل كنت تتذكر يوم مولدي كل عام ؟!! .......... )
ارتبك قليلا .... و كم أسعدها ذلك و جعل ابتسامتها تتسع و هي تراقبه .... الا أنه حين تكلم قال بخفوت جاف
( أعرف يوم مولدك بالطبع ...... ألم آخذك لإستخراج بطاقة هويتك و العديد من الأوراق الخاصة بكِ من قبل ؟!! ...... )
مطت شفتيها بخيبة أمل و هي تستدير لتنظر من النافذة من جديد قائلة بفتور و امتعاض
( نعم ...... صحيح ...... )
نظر اليها نظرة جانبية ..... و هي تعود لتسند وجهها شاردة الى أصبعيها ....
فقال مبددا الصمت بينهما
( اذن ... متى تدبرتِ الإعداد لهذا الحفل دون علمي ؟!! ..... )
تنهدت قليلا دون أن تستدير اليه ... ثم قالت بخفوت
( اخترت المكان من حاسوبي ... و قمت بالحجز ..... ثم دعوت أصدقائي .... )
نظر اليها نظرة جانبية قبل أن يعيد عينيه الى الطريق سائلا بطريقة طبيعية
( أصدقاء أم صديقات ؟!! ......... )
نظرت اليه مجددا بعينين براقتين حائرتين .... ترى هل تتجرأ و تفسر تصرفاته على أنها ... غيرة ؟!! ....
فهمست تلقائيا
( أصدقاء و صديقات ....... )
رأت أصابعه تشتد على المقود قليلا و ملامحه تزيد صلابة ... أم تراها تتوهم ؟!! .....
قال قاصي أخيرا بنبرة عادية لا تنم عن شيء
( هل لديك صديق خاص ؟!! ........ )
اتسعت عيناها بذهول و هي تهمس بعدم فهم و بريق سعادة يتلاعب بمعدتها
( عفوا ؟!! ........ )
كانت ملامحه أقرب الى الرمادية دون اظهار مشاعر معينة .... لكنه قال بهدوء ثلجي
( هل لديك صديق خاص ؟!! .... مراهق في سنك معجب بكِ .... أحد زملاء دراستك مثلا !! ..... و لهذا تعدين هذا الحفل للمرة الأولى ...... )
حسنا لقد اقترب من منتصف الحقيقة .... لكنها رفضت أن تريحه , فقالت باهتمام
( و ماذا لو أجبتك أن هذا صحيح ؟!! ...... )
رأت رأسه يلتفت اليها مندفعا كالرصاصة .... و عيناه تحترقان بلهيب غاضب وهو يهدر قائلا
( أريد ردا قاطعا ..... هل هذا صحيح أم لا ؟!! ..... )
كانت تتنفس بسرعة و هي ترى بدء شرارات غضبه لكنها قالت باصرار و شجاعة
( أخبرني أولا ...... ماذا ستكون ردة فعلك ؟!! ...... )
هدر بقوةٍ أعلى و دون تردد ....
( سأهشم رأسه .........و أكسر أطرافه للتجرأ على الإقتراب منكِ ...... )
لا مجال للشك بعد الآن .....
أنها تطير فوق غيمة مسرعة نحو الأحلام و السعادة النارية ذات المفرقعات الملونة المتوهجة ....
كل ما حولها يشدو بلحنٍ مجنونٍ صاخب ....
فبرقت ابتسامتها ذات اللون العنابي الداكن .... و ازداد عمق غمازتيها , قبل أن يراها قاصي فزداد جنونه وهو يصرخ
( أريد جوابا قاطعا يا تيماء ........ )
انحنت ابتسامتها بحنان ... لتهمس أخيرا كي تريحه المسكين الضخم ذو القلب المنطوي المتباعد
( اطمئن ..... لم يكن لي يوما صديقا خاصا ....... لست من هواة خوض العلاقات الطفولية ثم البكاء على أطلالها ...... )
رأت عضلات حلقه تتحرك بصعوبة ..... و أنفاسه تترد قليلا , قبل أن يقول بجفاء و هو يركز نظره على الطريق
( حسنا ...... هذا مريح , كدتِ أن تنالين صفعة على وقاحتك .... لكنك أنقذتِ نفسك ..... )
لم تغضب منه ..... لن تسمح له بإغضابها ككل مرة ....لكنها قالت مبتسمة برقة
( أنت تتمادى كثيرا في كلامك معي يا قاصي ....... )
لم يظهر عليه الحرج ..... بل قال بخشونة دون أن ينظر اليها .....
( اصرفيني من العمل اذن ...... و سأكون ممتنا لكِ ...... )
ذكرتها عبارته بمثيلتها ..... سمعته يقولها لمسك في أول لقاء لهما ....... كان يمازحها بخشونة ....
و ها هي تحتل مكان مسك و تنال بعضا من عبارتهما المازحة الخاصة ....
و كم أسعدها ذلك ..... إنها تتقدم
لذا ردت بمزاحٍ مماثل أكثر مداعبة
( ليتني أستطيع ..... من غيري لديها حارس خاص !! .... أنا مرفهة ..... )
نظر اليها نظرته الجانبية التي اعتادتها ... ثم اعاد عينيه الى الطريق قائلا بنبرةٍ غريبة
( حارس خاص !! ........... )
انتفض قلبها بقوةٍ مرتجا بين أضلعها و هي تقول بخفوت
( ألست حارسي الخاص يا قاصي ؟!! ........ )
لم يرد .... كم تمنته ان يجيبها بكل تأكيد ..... لكنه لم يرد , تنهدت بإحباط و هي تنظر أمامها , الا أنه على الأقل لم ينفي كلامها و لم يسخر منه ..... و هذا يدعو للتفائل نوعا ما ....
حين وصلا الى المكان أخيرا .. سارعت تيماء للخروج من السيارة بساقين ترتجفان بعدم ثقة فجأة ....
كان الهواء البارد يلفح جسدها و يطير قماش الرقيق من حولها .... و تتداخل خصلات شعرها مع ملامحها و تلتصق بحمرة شقتيها العنابيتين ....
تقدمت لتصعد عدة درجات و هي تعلم أنه خلفها ... لكن شيئا ما جعلها تستدير و هي على درجات السلم ...
فوجدته لا يزال واقفا عند السيارة .... ينظر اليها .... مبهورا !! .... فقط من نظرات عينيه المتفرسة أدركت أنه يأملها مبهورا ....
قالت تيماء بشجاعة
( هيا يا قاصي ........... لماذا تقف عندك ؟!! ..... )
لم يرد على الفور وهو ينظر اليها طويلا قبل أن يقول بهدوء بعيد ....
( أوصلتك الى حفلك و انتهت مهمتي ..... علي الرحيل ..... )
شعرت بقلبها يسقط بين قدميها ... فهتفت بقوة
( لا يا قاصي لا تتركني ..... .... )
رأت عيناه تضيقان قليلا قبل أن يقول بنفس الهدوء المتباعد و الذي بدا ..... حزينا
( إنه حفلك ........ اذهبي و امرحي ..... .... كوني أميرة الليلة ..... )
لن أكون أميرة لسواك !!
لكنها أمسكت لسانها عن النطق بعبارتها المجنونة .... و قالت باصرار يكاد أن يكون توسلا ....
( لا تتركني يا قاصي ......... أنا خائفة ....... )
ضحك ضحكة بدت حزينة لعينيها .... قبل أن يقول
( خائفة !! ...... منذ طفولتك و أنا أجري خلفك عند طرق الحافلات و احضرك من مدينة لأخرى !! .... )
ابتسمت ابتسامة جميلة ... أشعلت نار الإفتتان بعينيه و هي تقول بهدوء
( لكنني أخاف البهرجة و الإحتفالات ...... أنا أحتاجك ...... )
لم تحتاج الى قول المزيد ..... فلقد نطقت بالكلمة السحرية , لتجده يغلق السيارة و يتبعها .... عيناه عليها لا تحيدان ....
بريقهما يزداد سطوعا مع كل خطوة يقتربها .... الى أن وصل اليها .... فأخفض وجهه لينظر الى عينيها طويلا قبل أن يقول بخفوت
( سأكون بجوارك ........... اذهبي و تمتعي و لا تخافي شيئا ..... أنا هنا ...... )
و ستظل هنا للأبد .... بجواري ....
و للمرة الثانية امتنعت عن النطق بما يجول في رأسها و قلبها ..... فسارعت تستدير و تدخل قبل أن تفضحها عيناها أكثر فيهرب منها قبل أن تحقق مرادها .....
دخلا الى المكان الهادىء بألحانه الرومانسية الرقيقة ....
لقد تعبت كثيرا الى أن اختارته .... و قد كان جميلا بالفعل .....
تأملته بسعادة ووجل ... فقال قاصي بخفوت وهو ينحني اليها
( أين هم أصدقائك ؟!! ......... )
عضت شفتيها معا قبل أن ترفع عينيها اليه مبتسمة و همست
( سأجدهم ....... لا تقلق ....... )
وصل اليهما النادل و ما أخبرته بحجزها حتى قادهما الى طاولة جميلة ... معدة بشكل رائع في أحد الزوايا البعيدة ....
انتظرت تيماء الى أن ابتعد النادل .... فمسحت الإبتسامة عن وجهها سريعا و احنت عينيها بألم مدروس و هي ترفع وجهها لقاصي هامسة بوجع
( لم يحضر أحد يا قاصي !! .............. )
نظر قاصي مقطبا الى الطاولة الخالية تماما الا من عددٍ من كراسي أنيقة فارغة ..... قبل أن يقول بخشونة وهو ينظر الى ساعة معصمه
( ربما لم يحن الوقت بعد ...... انتظريهم قليلا ...... )
هزت تيماء برأسها يأسا و هي تقول بخفوت
( لقد وصلت أنا بعد الموعد بوقت ليس بقليل ..... لم يأتي ولو فرد واحد ممن قمت بدعوتهم ...... )
أظلمت عينا قاصي وهو ينظر الى وجهها الطفولي الجميل الحزين ..... و شعر بقبضةٍ جليدية تطبق على صدره .... قبل أن يقول بخشونة مزمجرة
( تعالي اجلسي و انتظريهم ..... لا تتسرعي ........ )
سارت منخفضة الكتفين بقصد و جلست .... و حين وجدته واقفا مكانه ... رفعت وجهها اليه لتقول بخفوت
( اجلس يا قاصي ..... لا تتركني ...... منظري محرج بما فيه الكفاية ....... )
بدا قاصي مترددا ... عاقدا حاجبيه .... بدا مرتبكا , مما جعل قلبها يفيض بالحنان تجاهه .... خاصة حين قال بخفوت
( قد يصل أصدقائك بأي وقت يا تيماء ....... أنا لا أناسبهم عمرا أو شكلا ...... )
استدعت أجمل ابتساماتها حتى بدت غمازتيها كحفرتين عميقتين و هي تقول برقة
( أنت رائع .......... )
الآن لقد اربكته أكثر .... و التهمتها عيناه و كأنها قطعة حلوة شهية .....
عيناه صديقتيها , حليفتيها ....تخونانه و تتآمران عليه معها ....... فتفضحان سره
اقترب منها ليسحب كرسيا و يجلس مقابلا لها ..... فمدت كفيها تشبكهما فوق سطح الطاولة بارتباك و هي تراقبه بلهفة من تحت ستار رموشها الكثيفة ..... بينما هو يتجنب النظر اليها عن قصد ...
فقالت كي تهدم جدار الصمت بينهما
( لم تخبرني إن كنت أعجبك ؟؟ ............ )
رفع وجهه اليها مجفلا قبل أن يقول بصوتٍ واهٍ
( ماذا ؟!! ........... )
ابتسمت و همست
( شكلي ....... هل أعجبتك ؟؟ ........ )
انحدرت عيناه عليها ببطىء ... قبل أن يبعد وجهه عنها ناظرا الى المكان .... فزمت شفتيها بغيظ و هي تقول
( على الأقل احترم أن هناك سيدة تجلس معك على طاولة واحدة و قم بالإطراء على شكلها ..... )
نظر اليها بعينين مداعبتين عرفتهما منذ سنوات وهو يقول ساخرا
( سيدة !!! ........ تيمائي يا تيمائي ....... لم تغادري مقاعد الدراسة المدرسية بعد .... )
" تيمائي يا تيمائي !!...... "
هل ياء الملكية تمنحه هذا الحق الحصري ؟!! ......
أخذت نفسا مبتهجا و هي تقول
( مجرد أشهرا قليلة و ألتحق بالجامعة ........ )
قال قاصي مرحبا بتغيير الموضوع
( كيف حال الدراسة معك ؟!! ...... أتوقع منكِ مجموع عالٍ كما هو مستواكِ دائما ...... )
زمت شفتيها بغيظ و هي تراه يتهرب منها بكل قوته ....
فأبعدت وجهها عنه و هي تقول بايجاز مبهم
( الدراسة أمر مفروغ منه في حياتي .... لا تقلق ...... )
عاد الصمت ليسود بينهما ... الى أن اقتربت منهما نادلة غاية في الجمال و الجاذبية ... ترتدي تنورة سوداء قصيرة ضيقة ... تحتها جوارب سوداء زادتها جاذبية ...
ابتسمت لقاصي و هي تقول برقة
( مرحبا ..... هل أبدأ بتنزيل قالب الحلوى الآن ؟!! .... أم تبدآن بالعشاء .... )
كان قاصي يرمقها باعجاب .... دون أن يبتسم .... مما جعل تيماء تكاد أن تجن بمشاعر غريبة عليها ... أقرب الى الرغبة في القتل ....
سارعت تيماء لتقول بفظاظة
( ليس الآن من فضلك .......... )
أومأت النادلة برأسها تهذيبا ثم غادرت فقالت تيماء بشراسة و هي تميل الى سطح الطاولة
( توقف عن هذه التصرفات يا قاصي ..... عيناك تلتهمانها .... )
ارتد اليها مجفلا وهو يقول مصدوما
( عيناي ماذا ؟!! ..... تلتهمان من ؟!! ....... )
قالت تيماء بقسوة
( النادلة ....... لم أكن أعلم أنك ممن يسيل لعابهم لمرآى الفتيات المثيرات ... )
ارتفع حاجبي قاصي بذهول .... قبل أن تندفع حمم الغضب في عينيه ليقول هادرا رغم صوته الخافت
( اخرسي .......... )
ارتبكت أمام عنفه الخافت الا انها لم تستسلم فتابعت بقوة
( لا تتكلم معي بهذا الشكل ....... كنت تأكلها بعينيك .... )
هذه المرة كان صوته أكثر سطوة على الرغم من عدم ارتفاعه وهو يهدر قائلا بصوتٍ خافت
( اخرسي يا قليلة الأدب ..... و أقسم ... كلمة وقحة أخرى منكِ وسوف أرحل من هنا على الفور ... لكن ليس قبل أن أصفعك ...... )
ارتجفت شفتيها كالأطفال ... و ظهرت دموعٍ حارقة في عينيها .. فتراجعت و هي ترمش بعينيها كي لا تبكي ....
لقد فشلت الليلة فشلا ذريعا قبل أن تبدأ ......
شعرت بوخز الدموع التي تحاول منع تساقطها يلسع عينيها ..... و ذعرت حين أحست بأول حباتها تتساقط
فأسرعت بمسحها بظاهر كفها بحرص كي لا تفسد زينة وجهها ....
ساد صمت غريب ... و هي تنظر بعيدا بقلبٍ مثقل , قبل أن تسمع صوته القوي عميق النبرة يقول آمرا بخفوت حنون
( لا تبكي يا تيماء ....... )
ارتجفت بقوة و هي تسمع منه تلك النبرة التي احتوت كيانها كله ... قبل أن ترفع وجهها اليه ...
تلك النبرة كانت كفيلة بجعل دموعها تنفجر دون أن تستطيع السيطرة عليها .... فأفلتت منها شهقة باكية و هي ترفع ظاهر كفها الى فمها مغمضة عينيها بقوة .... حينها تأوه قاصي بعنف وهو ينهض من مكانه ...
ليجلس على الكرسي بجوارها ... واضعا ذراعه على ظهر مقعدها بينما هي منحنية الكتفين ...
تبكي بخفوت و بصوتٍ مكتوم .....
أخرج قاصي منديلا من جيبه ليمسك بذقنها يرفع وجهها اليه ... فوجد زينة عينيها السواء قد سالت و رسمت خطوطا سوداء على وجنتيها ....
فأفلتت منه صيحة استنكار خافتة ... ليمد يده و يمسح وجنتيها بحنان قبل أن يهمس قائلا بخشونة
( لما كل هذا ؟!! ..... كل هذا البكاء و هذه الوقاحة ...... لماذا يا تيماء الصغيرة ؟؟!! ..... )
نظرت اليه بعينيها الغارقتين في بركتين من الإحمرار مختلطا بخضرة عينيها .... فقالت بخفوت بائس
( لم يتذكر أحد يوم مولدي ....... و رغبت أن تكون هذه الليلة مميزة ... )
شتم قاصي بصوتٍ هامس و هو يبعد عينيه عنها .... لو يستطيع لدار على بيوت أصدقائها واحدا تلو الآخر و لسحقهم ضربا على عدم اهتمامهم بالحضور الى حفلها الذي أعدت له .....
نظر اليها مجددا حين همست بصوتٍ ضائع
( كل عام كنت أنتظر أن يتذكر أبي .... أو مسك .... أو أمي ..... )
صمتت قليلا و هي تشعر باختناق مريع ... قبل أن ترفع عينيها الى عينيه لتهمس
( أو حتى أنت ......... )
تراجع وجهه قليلا و ازداد انعقاد حاجبيه بشدة .... قبل أن يقول بخفوت شديد
( هل تلومينني الآن ؟!! ......... )
أغمضت عينيها يأسا و ي تهز رأسها قائلة
( لا ...... لا ..... لا ألومك ..... انا فقط ........... )
صمتت حين أعجزها الكلام .... فهمست محنية رأسها بالقرب من عنقه
( أنت قاسي معي جدا يا قاصي ...... جدا .... )
كان قربها منه يهلكه .... يريمه في الصحاري المفقرة عطِشا ....
لكنه همس بصوتٍ أجش ساخر ... وهو يحني شفتيه بالقرب من أذنها
( أنا قاسي معك يا تيماء ؟!! ..... لم أعرف الرفق الا في تعاملي معك ...... )
هزت رأسها نفيا بقوة دون أن ترفع وجهها اليه .... و همست بصوتٍ باكي
( أنت تبتعد عني ..... تتهرب مني ........ )
كانت ملامحه متعقدة ألما من قربها .... يستنشق عطرها .... بشرة فكه الخشن تخدشها أسلاك شعرها النحاسي .... فتثير به زوابع من الجنون ....
رفعت تيماء وجهها اليه ... فتسمر لمرآى عينيها الباكيتين بتعبيرهما الصادم .... تعبير يذيب أعتى القلوب تحجرا ....
فقالت بخفوت أخيرا ....
( كم مرة أحببت يا قاصي ؟؟ ........ )
اتسعت عيناه لسؤالها المفاجىء .... لكنه قال بخفوت جاف و أصابعه على ظهر مقعدها تتحركان بتوتر .. تريدان ملامسة كتفيها ....
( لم أحب من قبل ........... )
لكن تيماء كانت مصرة ... فقالت بعناد يائس
( هل عرفت فتيات من قبل ؟؟ ...... هل كانت لك علاقاتِ بأي منهن ؟!! ..... )
ضاقت عيناه و شعر أنه يخوض منطقة خطرة .... و هي لا ترحمه بقربها و أسئلتها المجنونة .....
لكنه قال بإيجاز متوتر
( طبيعي .............. )
كلمة واحدة كانت كفيلة بأن تضرب صدرها بعنف ... ضربة موجعة ...
لا ليس طبيعي ..... ليس طبيعي أبدا ........ ليس عدلا ....
فهتفت بصوتٍ خافت حارق
( الى أين وصلت حدود علاقتك بهن ؟!! ........ )
اتسعت عيناه بذعر وهو يهتف بذهول
( رباه ............ )
ابعد ذراعه عن ظهر مقعدها و كأنها لسعته ... بينما أرجع شعره للخلف بقوةٍ و عنف ...
ثم لم يلبث أن استدار اليها بكامل جسده وهو يقول بصوتٍ خافت شرس
( ما بالك اليوم ؟!! ..... ما تلك الوقاحة فيكِ ؟!! ..... هل جننتِ ؟!! ...... )
التخيلات و الصور كانت تقتلها ....
حين تسمعه خلسة يهاتف احداهن .... حين تسمع صوت ضحكته الرجولية الغير مبالية في الهاتف لفتاة على الجانب الآخر .... يضرب معها موعدا دون اهتمام حقيقي ....
تحسدها .... تمقتها لأنها تنال منه هذا الإهتمام الرجولي .....
و تتخيل كيف يكون شعورها لو منحها نفس الإهتمام ... لو ضحك لها ضحكة مغوية أو حتى لامسها ....
كيف سيكون شعورها ؟!! .... و كانت تشعر بالجنون في داخلها ......
همست تيماء بقسوة و اختناق في آنٍ واحد ......
( تعبت ..... تعبت يا قاصي ........ )
هز رأسه بقوة وهو يهتف قائلا
( مما تعبتِ ؟!! .......... ما الذي أصابك و بدل تهذيبك الى تلك الوقاحة ؟!! ..... )
هتفت بقوة
( تعبت من تخيلك مع صديقاتك ..... كل الفتيات اللاتي تعرفهن و تخرج معهن ..... كيف تنظر لكل واحدة و كيف تلامس..... )
قاطعها هادرا بقوةٍ منتفضة ....
( اخرسي ...... اخرسي ...... تبا لك ..... )
صمتت تيماء مبتلعة ذهولها من نفسها .... لقد انفجر كل شيء .... انفجر كل كبتها خلال العام الماضي ....
كان مظهر قاصي في تلك الحظة مخيفا ... يتنفس بقوة و عنف وهو يحاول السيطرة على غضبه ....
عيناه بديتا كحريق مستعر أسود اللون .....
و حين تكلم .... قال أخيرا بصوتٍ مرتجف
( أنت تحتاجين لرجلٍ يصفعك يا تيماء .......... )
ابتلعت قسوة كلماته قبل أن تقول بخفوت
( كاذب ...... لقد هددت أمي ذات يوم من أن تعيدها ...... )
الا أن نظرته لعينيها في تلك اللحظة بدت صادقة وهو يقول بقوة هادرة
( ليست أمك لا ....... أنت تحتاجين لصفعة رجل بحياتك ...... كي تهذب من تهورك ووقاحة أخلاقك ..... )
رمشت بعينيها الباكيتين و همست بضعف غريب عليها
( لا أصدقك ......... لو كنت تريد أن تستخدم العنف معي لفعلت ...... )
عقد حاجبيه بذهول وهو يقول بصوتٍ جامد لا حياة به
( أنتِ ابنة الرجل الذي أعمل لديه ....... سبق و اخبرتك ... أنا اتقاضى أجرا ..... )
كانت هي من هتفت هذه المرة بقوةٍ تقاطعه ...
( كاااااااذب ......... )
تسمر مكانه وهو ينظر الى ثورة غضبها و شراسة عينيها .... فأجفل متشنجا بكل عضلة في جسده المتحفز ...
كاذب ؟!! ..... نعم كاذب ..... متى تحول العمل الى علاقةٍ شخصية ؟!! ......
متى أدركت كذبه ؟!! ..... و متى كبرت لتلك الدرجة ؟!! ......
همست تيماء مجددا بضعف
( لماذا لم تحضر لي هدية يوما ؟!! ....... أرفض تصديق أنك بخيل الى هذا الحد ..... )
توترت ملامحه ألما .... لكنه قال بصوتٍ ساخر أوجعها
( أنا لا اتقاضى من والدك أجرا كي أنفقه في شراء الهدايا لكِ ........ )
هذه المرة قالتها همسا و الدموع تنساب من عينيها الرائعتين فتزيد من جمالهما
( كاذب ...... كاذب يا قاصي ..... سأظل أرددها ولو لمئة عام ........ )
هذه المرة لم يستطع الرد .....
كان تواصل أعينهما أقوى من أن يحاول الرد و كسر تلك اللغة الآسرة ....
أغمضت تيماء عينيها بأسى .... لقد سلمت ... سلمت بالهزيمة .....
ثم همست بخفوت
( أرجوك أعدني الى البيت ...... لقد فشل الحفل و انتهى قبل أن يبدأ ..... )
ساد صمت طويل مرير ..... لم تجرؤ فيه على النظر الى عيني قاصي ....
الى أن تكلم أخيرا قائلا بخفوت وهو يلمس ذقنها باصبعه ....
( لا ..... لم ينتهي , لا زلت هنا معك ......لا حاجة بكِ للآخرين ... )
الآخرين !!! .....
ألم تخبره بعد أنها لم تدعو غيره ؟!! ....
أنها أعدت هذا الحفل لأجل عينيه المشتعلتين دون غيرهما ........
لم تخبره .... و لن تفعل , فقد فسد كل شيء ..... هو لا يريدها .... و لم يرى بها يوما سوى مجرد طفلة مرهقة .... القيت على عاتقه مسؤوليتها هي و أمها ....
همست بصوتٍ ضائع
( لن أعطلك أكثر .......... لقد أذللت نفسي بما فيه الكفاية ...... )
شعرت به يتحرك من مكانه ... فرفعت وجهها اليه , لتجده يرفع كفيه خلف عنقه ....
يخلع السلسال الفضي الذي يضعه حول عنقه دائما منذ اليوم الأول الذي رأته به .....
كان سلسالا به بطاقة من الفضة .... كتلك التي يضعها الجنود لحفظ هوياتهم ....
سبيكة فضية ... عليها اسمه محفورا على واجهتها ....
" قاصي الحكيم " ......
تكلم بخفوت قائلا بصوت غريب
( خذي هذا السلسال هدية لكِ ......لم أخلعه منذ سنوات, أريدك أن تضعيه حول عنقك دائما ... و لا تخلعيه أبدا ..... )
كانت تنظر اليه بصمت و هو يمد لها بالسلسال البراق .... لكنها كانت صامتة ... فاغرة الشفتين قليلا ...
قوة غريبة جعلتها تمد كلتا يديها .... لا لأن تأخذ منه السلسال .... بل لتمسك قبضته برفق و رقة ....
و امام عينيه المستعرتين .... وجدها تفتح أصابعه بنعومةٍ أثارت به الرجفة ...
لتمسك بسبيكته الفضية .... و تنظر اليها بذهول قبل أن ترفعها و تضمها الى صدرها ... تراقب عينيه ... ملامح وجهه .......
فماتت الكلمات .... و ذابت كل الشكوك من ذهنها المشتت ......
و لم تصدر عنها سوى تنهيدة مبتسمة بعد تعبٍ مضني ...... قبل أن ترفع وجهها اليه ...
عيناها مختلفتان .... ترسمان للنجوم دروبا .....
و همست بصدق يراه الأعمى ... و يسمعه الأصم ....
( أحبك ....... أنا أحبك يا قاصي ......... )
فعلى وجه السبيكة الآخر .... كانت هناك عبارة أخرى محفورة بخطٍ زغرفي
لم يخدعها قلبها ...... و لم يضل دليلها
" تيمائي المهلكة ...أرض أينعت جمالا .... فأهلكت الأعين بسحرها "


يتبع


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 14-02-16, 12:14 AM   #1967

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

عادت تيماء الى وقفتها الحالية .....
على سطح قصر الرفاعية .... حيث تقف في ظلام الليل الحالك .... الهواء الجليدي يلفح وجهها .... بينما كفيها قد تجمدا على السطح الرخامي و قد تاهت في ذكرياتها ....
لم تدرك أن الدموع تغرق وجهها ... و تتجمد على بشرتها التي تماثل الرخام برودة ....
منذ ليلة يوم مولدها السابع عشر و كل شيء قد تغير بلمح البصر ....
كاد اعترافها البسيط بالحب أن يذهب عقله وهو ينظر اليها بذهول ....
هل كان هو من نطق باسمها .... أم هي من همست باسمه .....
لا تتذكر ... من بين كل تلك التفاصيل المتداخلة لم تتذكر سوى ذراعاه و هي تجذبانها الى صدره ....
وقفها على قدميها ... و يقودها الى مكان مخصص للرقص .....
لم تعترض ... و على ما يبدو أنه كان أضعف من أن يمتلك المزيد من السيطرة .....
وجدت نفسها تميل على صدره .... ... يدها على قلبه , و ذراعه تلفها ......
أنفاسه تلامس جبهتها ..... بسخونةٍ مهلكة ......
وجهه منحني اليها و عيناه شبه مغمضتين ....
كفه تحرق ظهرها ... و هي لا تمانع .... و الأغنية المنبعثة لا تساعدها على استجماع استيعابها
" غرباء في الليل ...... "
الكلمات و اللحن كانا يذهبان بعقلها ... بينما قلبها يصرخ غير مصدقا لما يحدث ...
هل هي هنا بالفعل و قاصي يراقصها ؟!! .....
هل استسلم و اعترف ؟!!! ....
لكنه لم يعترف بعد !! ..... أم أنه فعل ؟!! .......
لا تزال تتذكر أول عبارة نطق بها .... بصوتٍ عميق جدا كبحرٍ قاتم ... هادىء هدوء الليل
( تعرفين أن كل شيء سيتغير من اليوم .... أليس كذلك ؟؟...... )
هل كان يريد اخافتها ؟!! .... لكن كيف تخاف منه ؟!! .....
أغمضت عينيها و تنهدت و هي تهمس رقة
( أعرف ........ أصمت الآن ....... )
يضمها الى صدره .... و يقول بخفوت في أذنها
( لا أقبل بأقل من الملكية الحصرية ......... )
ابتسمت دون أن تفتح عينيها .... و همست برقة تريد سماع اللحن ....
( أعرف ..... اصمت الآن ....... )
و ضمها اليه أكثر وهو يدور بها .... قبل أن يقول بخفوت مثير للرجفة
( من أين ظهرتِ لي ؟!! ...... ليس وقتك و لست أنا أهلا لكِ ..... )
ابتسمت أكثر باستياء حنون هذه المرة قبل أن تهمس بخفوت
( بل أنا أرضك و أهلك .... هشششششش لا مزيد من الكلمات الآن , فقط راقصني ....)
كان ضربا من الجنون .... لم تدركه يومها .... و لم يدركه هو أيضا ....
كانت ليلة مجنونة .... لم تظن أن تسلم له قلبها لفظيا بكل هذه السهولة .... و لم تظن أن يتقبله بسهولةٍ أكبر منها و كأنه كان متلهفا لها ......
بعد سنة كاملة مضنية من النظرات المختلسة .... الاهتمام المقيد .... اللهفة المتداعية شوقا .....
كانا و كأنهما انتظرا هذا اليوم منذ سنواتٍ طويلة دون حتى أن يدركا ......
.................................................. .................................................. ..............
شهقت تيماء شهقة بكاءٍ أعلى و هي تضع يدها على فمها .....
كانت قد أوهمت نفسها أنها نسيت ....
أجبرت نفسها قسرا على افتعال النسيان .... لكن من تملك ذرة من روحٍ و تنساه .....
فغرت شفتيها فجأة و هي تسمع صوت صهيل فرس ...
فمدت نفسها من فوق السور ... لتراه ...
لترى قاصي يخرج منطلقا كالريح على ظهر فرسٍ جامحة الى خارج أبواب القصر .....
هتفت فجأة بقوة و قلبها ينتفض
( قاااااااااااااااااااااصي ....... )
لكن لم يكن هناك من يسمعها ..... بل ضاع صوتها مع صوت صفير الرياح ......
لا تريده أن يرحل .... لا تريده أن يبتعد عن ناظريها
حتى لو كانت تبغضه في تلك اللحظة .... لكنها تدري بأي حالٍ هو .....
تدري انه قد فتح منذ ساعة جرحا مليئا بالقيح و الصديد ....
جرحا متورما عاش على ألمه سنوات شبابه كلها ......
و هي زادت من جرحه اليوم .... حين قالت أنه يقرفها ....
لم تقصد ما تفوهت به تماما .... لكن ماذا كان عليها القول بعد أن رأته يمسك بكفي مسك ؟؟ ....
تحركت تيماء عن السور مبتعدة ... عليها أن تواجه جدها ....
عليها أن تفعل أي شيء ...
اندفعت تنزل السلالم الداخلية الى أن وصلت للبهو السفلي ..... تدير وجهها بكل مكان بحثا عن جدها
الى أن وجدت ام سعيد .... تتحرك حاملة صينية ضخمة الحجم ... تتراص عليها أقداح القهوة .... برائحتها القوية النفاذة ...
أمسكت تيماء بذراعها و هي تقول بلهفة
( أين جدي يا أم سعيد ؟!! ............ أين الحاج سليمان الرافعي ؟؟ .... )
رفعت أم سعيد اليها وجهها قلقا في أول بادرة انسانية منها .... ثم قالت بصوتٍ غير مرتاح
( الحاج سليمان قرر الإختلاء في جناحه ..... لن يرى أحدا الليلة .... حتى أنه صرف المأدبة الضخمة التي نعدها و أمر بصعود الطعام الى الغرف .... هذه المرة الأولى التي يتصرف فيها الحاج بهذه الطريقة في المأدبة ..... أخشى أن يكون .... مريضا حفظه الله من كل سوء .... )
شحب وجه تيماء و هي تستمع اليها بتوتر .... نعم .... جدها قد تقدم سنه ووهنت قواه على الرغم من الهيبة التي لا تزال تحيط به ... و من المؤكد أن صحته لا تتحمل مثل هذا الضغط العصبي الذي تعرض له ....
فقالت بقوة و هي تشد على ذراع أم سعيد
( أريد أن أقابله .... هل يمكنني الصعود الى جناحه ؟!! ...... )
رفعت أم سعيد حاجبيها بهلع و هي ترفع ذقنها قائلة برهبة
( من رابع المستحيلات .... حين يقرر الحاج سليمان أنه يريد الخلوة في جناحه فلا أحد يتجرأ على اقتحام هذه الخلوة ..... )
هتفت تيماء برجاء
( ماذا لو كان متعبا ؟!! ...... ماذا لو كان يحتاج الى مساعدة دون أن ندري ..... )
قالت أم سعيد بإصرار عنيد دون أن تهتز بها شعرة
( من المستحيل ...... أوامر الحاج لا تناقش ..... اقتصري الشر و اصعدي الى جناحك مع أختك ... لقد تم اعداد الغرفة التي ستتشاركانها ..... )
أخفضت تيماء كفها بتعب
هل ستتشارك الغرفة مع مسك ؟!! .... هذا ما كان ينقصها !! ..... إنها أضعف من ان تواجهها الآن ...
و لمدة ليلة كاملة !! .... أما آن لها أن تصحو من هذا الكابوس المضني ؟!! ......
تحركت تيماء تجر ساقيها بتعب تجاه السلم .... متخاذلة القوى ... منحنية الكتفين .....
نادت أم سعيد من خلفها
( هل ستصعدين الى غرفتك من الآن ؟!! ..... أنتظري حتى أضع الصينية و أرشدك اليها ..... )
استدارت اليها تيماء بتعب و همست بلا حياة
( فقط أخبريني أين هي .......... )
قالت أم سعيد
( انها في الطابق الثالث ..... رابع غرفة يمينية .... ... )
أومأت تيماء برأسها دون أن ترد .... ثم جرت قدميها صعودا .....
وصلت الى الغرفة و هي تتمنى لو قررت مسك الهرب و العودة من حيث أتت ....
أو على الأقل الا تصعد الى الغرفة قبل أن تنام هي ....
أمسكت تيماء بمقبض باب الغرفة و هي تضحك بمرارة مقهورة , ثم همست
" تنامين ؟!! ..... إنها أكبر خدعة متدنية يا تيماء .... توقعت منكِ الأفضل ... "
فتحت الباب و دخلت ... الا أنها تسمرت حين وجدت مسك مستلقية على سرير خشبي ضخم .... مزغرف بالأرابيسك .....
كانت مغمضة عينيها و على ما يبدو أنها قد راحت في سباتٍ عميق بملابسها ....
وقفت تيماء مكانها تتنفس بسرعة .... راغبة في الهرب من هنا قبل أن تنتبه لها ...... فهي لا تريد رؤيتها أو سماع صوتها حاليا ....
وقفت مكانها مرتبكة قليلا تنوى الإستدارة و الرحيل ... الا أن مسك تكلمت أخيرا بهدوء دون أن تفتح عينيها
( هل تنوين البقاء عندك طويلا ؟!! ... أدخلي و أغلقي الباب , لا تخشين شيئا فأنا لن أقتلك و انت نائمة ... )
تشنجت تيماء مكانها و أرادت صفق الباب و الذهاب ..... الا انها آثرت تمرير تلك الليلة العجيبة دون المزيد من الكوارث ... فقد فقدت قواها حقا ....
دخلت و أغلقت الباب خلفها بهدوء ... قبل أن تقف في منتصف الغرفة لا تدري كيف تتصرف ....
نظرت حولها تتأمل كمال تلك الغرفة الشرقية الفخمة .... و القديمة الطراز جدا .... و كأنها تحمل نفس عراقة المكان ككل جزء به .....
حينها فتحت مسك عينيها تنظر اليها أخيرا لتقول بهدوء دون أن تتحرك
( ماذا بكِ ؟!! ....... تبدين أكثر صدمة مني , و على وشك السقوط ... على الرغم من أنني أنا من خطبت دون اذنها ..... )
اشتعلت عينا تيماء ببريق قوي منفعل قبل أن تندفع لتجلس على حافة سريرها الآخر المفترض ... ثم مالت للأمام قائلة بقوة و حدة
( اذن كيف ستتصرفين يا مسك ؟!! ....... )
مالت مسك على جانبها ببطىء و نعومة ٍ كقطة بيضاء لتواجهها .. ثم قالت بخفوت
( ماذا تقصدين ؟! .......... )
ازداد غضب تيماء و أوشك على أن يكون جنونا منفجرا .... الا أنها اخذت نفسا عميقا و هي تعد للعشر بداخلها قبل أن تقول بصبرٍ واهٍ ...
قالت تيماء بقوة
( كيف ستفرين من تلك الخطبة ؟!! ....... )
رفعت مسك حاجبيها و هي تقول بصوتٍ خافت أنثوي
( من قال أنني أفر من أي شيء ؟!! ............ )
تراجعت تيماء في جلستها للخلف و هي تنظر اليها بذهولا .... طويلا جدا .... قبل أن تقول أخيرا بصوتٍ ميت .... غير مدرك
( ما بالكما أنتما الإثنان ؟!!! ...... أنتما تكرران نفس الكلام , ما اللعبة التي تلعبانها معي ؟!! .... )
ارتفع حاجب مسك و هي ترمق تيماء بتمعن قبل أن تقول بصوتٍ هادىء ... ساخر قليلا
( نلعب معكِ لعبة ؟!! .... أنتِ فعلا لا تزالين صغيرة السن .... )
صمتت و هي تتمدد مجددا على ظهرها ناظرة الى السقف ... ثم تابعت ببرود
( ما حدث لا يمكن وصفه باللعب يا تيماء ..... لا شيء هنا يخضع للعب ... بل يخضع لقانون العائلة ... )
كانت تيماء تتنفس بسرعة و توتر مختنق
( لكنك كنت شديدة الغضب منذ ساعة ...... الآن تبدين ..... تبدين هادئة تماما ... هل أنتِ موافقة على .... )
رمشت بعينيها غير قادرة على المتابعة .... كان الإعتراف أشد ألما من أن تنطقه ....
فنظرت اليها مسك بعينين بريئتين و هي تساعدها في الكلام قائلة
( موافقة على الزواج من قاصي ؟!! ..... هل هذا هو ما تقصدينه ؟!! ....... حسنا موافقتي أو عدمها ليست هي المعضلة الآن ...... )
شعرت تيماء بغصة مسننة حادة في حلقها .... تكاد أن تشتطر أنفاسها قبل أن تغادر شفتيها ....
بينما تابعت مسك قائلة بهدوء
( المعضلة هي أن يغير جدك رأيه ............ )
شعرت تيماء بأنها على وشك الإغماء .... لكنها تمكنت من القول بإعياء
( و ماذا لو لم يغير رأيه ؟!! ..... هل سترضخين ؟؟؟؟!! ..... )
نظرت مسك اليها طويلا قبل أن تقول بخفوت
( هذا أمر سابق لأوانه ..... من المفترض أنني أهدىء من غضبي حاليا و أنت لا تقدمين العون هنا .... )
شعرت تيماء بغثيان قوي و أن أنفاسها متحشرجة في حلقها ....
فقامت من مكانها قبل أن تنهار ... تريد الحصول على بعض الهواء ....
تقدمت الى المرآة المذهبة الضخمة وسارعت الى فك حجابها بأصابعٍ مرتجفة خرقاء ... حتى وقع شالها أرضا .... و تبعته بدبابيس شعرها الكثيرة التي كادت أن تمزق رأسها بعد هذا اليوم الطويل المضني ....
أخذ شعرها في التساقط تدريجيا و ليس دفعة واحدة .....
كانت خصلاته المجعدة تتشابك و تلتوي و هي تتحرر ببطىء متساقطة بكل ثقلها فوق ظهرها ....
انتهت أخيرا ... فرفعت أصابع كفيها لتدلك بهما جانبي جبهتها متأوهة بألم ... موجع ... موجع ....
أشد وجعا من اي شيء آخر .....
أخفضت تيماء وجهها و هي تستند بكفيها الى طاولة الزينة .... بينما لم ترى مسك من خلفها و هي تنظر منبهرة بشعرها النحاسي شديد التجعد و التمرد و الذي وصل طوله الى .... خصرها ؟!!
لم يكن شعرها ناعما ..... لكن منظره كان يخطف الأنظار من شدة تجعيداته و انكسارته ....
و اطالته لهذه الدرجة جعلت منها لوحة غريبة الشكل ....
شردت عينا مسك في شعر تيماء طويلا .... بينما كانت أصابعها تتلاعب بخصلةٍ ناعمة كالحرير من خصلات شعرها الواصل الى حدود كتفها ....
و تذكرت يوما كان شعرها يفوق شعر تيماء طولا .....
رمشت مسك بعينيها ترفض أي مظهر من مظاهر الرثاء على الذات ... بل على العكس عليها أن تكون ممتنة جدا ... و هي بالفعل شديدة الإمتنان ... و الحمد ....
اليست محاربة ؟!!!
تنحنحت مسك لتقول بهدوء بطيء
( علمت أنكِ ستُدرِسين في جامعتك ....... مبارك لكِ ...... )
رفعت تيماء وجهها الشاحب لتنظر الى وجه مسك في المرآة .... بعينين جامدتين تشعران بالنفور ...
و كان هذا رغما عنها .... ربما لم تكن مسك مدانة في شيء ....
لكن تيماء في هذه اللحظة كانت تشعر بنفور هو أقرب للغثيان .... و هدوء مسك حيال الأمر يزيد من هذا الغثيان بقوة .....
ردت تيماء أخيرا بصوتٍ جامد ... يكاد أن يكون قاسيا قليلا
( ليس بعد ..... أنتظر نيل درجة الدكتوراة من الخارج ........ )
رفعت مسك حاجبيها و هي تقول بصدق
( رائع ..... هذا ممتاز تماما ...... لكن ماذا عن ؟!! ....... )
صمتت قليلا و هي تتراجع عما كانت تنوي قوله .... الا أن تيماء استدارت اليها و استندت الى طاولة الزينة من خلفها
فساقيها لا تقويان على حملها ابدا ....ثم قالت بفتور باهت
( ماذا عن ؟!! ...... تابعي ما كنتِ تنوين قوله ......... )
فتحت مسك شفتيها للحظة قبل أن تقول بهدوء
( خطبتك .... من المقرر أن تخطبين لأحد ابناء اعمامك ..... )
استقامت تيماء واقفة و هي تقول مندفعة بشراسة
( هذا ما لن يكون أبدا ....... )
ارتفع حاجبي مسك و هي تقول بشك
( حقا ؟!! ..... اذن سأسألك نفس سؤالك .....الذي ظننته سهلا ... كيف ستتصرفين ؟!! ... أو الأصح كيف ستفرين ؟!! ...... )
نظرت تيماء اليها بصمت طويلا ... قبل أن تقول ببرود
( لا أحتاج للفرار يا مسك .... أنا وضعي يختلف عنكم , أنا لا أخضع لقوانين تلك العائلة ...فأنا لا أدين لها بشيء .... و لا أحمل لها أي امتنان ..... )
قالت مسك و هي تؤرجح ساقا فوق الأخرى
( حتى جدك ؟!! ...... ظننتك ممتنة له , هكذا ظهرت و انت متشبثة بكفه الليلة .... يستند عليك مثل عصاه .... )
اهتزت حدقتي تيماء و هي تستمع الى كلام مسك البسيط الهادىء ....
نعم ... هي مدينة لسليمان الرافعي بالكثير .... أو ربما بشيء واحد فقط .... هو بالنسبة لها الحياة كلها ...
مدينة له بحياتها ......
استدارت تيماء تنظر الى نفسها في المرآة مطولا .....
هيئتها توحي بالتمرد ..... بدئا من قامتها المتحفزة دائما ... و شعرها الذي لا يخضع للسيطرة مثلها ...
لكن عيناها كانتا قصة أخرى ....
كانتا ضعيفتين بفعل كلام مسك ....
وحادتي الغيرة .... و عاشقتين !!! ......
سارعت بأخفاض وجهها و هي تهمس بذهول و صدمة
" تبا ...... تبا يا تيماء .... أنتِ تسقطين في رمالٍ متحركة ..... اهربي بنفسك قبل فوات الأوان ... "
تنهدت مسك بنفاذ صبر و هي ترجع رأسها للخلف محدقة بالسقف ....
و تتسائل لماذا لا تشعر بالهيستيرية مثل تيماء ؟!! ...
هل فقدت اهتمامها بكل شيء ؟!! .... حتى بات قاصي كغيره ؟!! .....
أم أن كل الأمور تضائلت أهميتها أمام فرصتها الثانية في الحياة ؟!!! ......
أفاقت من أفكارها على صوت رنين في هاتفها يعلن عن وصول بريد الكتروني ....
فعقدت حاجبيها و هي تفتح الرسالة .... لتفاجأ بأنها رسالة من الشركة حيث كانت اليوم ....
يطلبها رئيسها المباشر للمجيء غدا لإجتماع هام !!.....
استقامت جالسة بعنف و هي تقول بحدة
( ماذا ؟!! ...... أي اجتماع هذا ؟!! ...... )
زمت شفتيها و هي تشعر بالغضب من تلك الفوضى التي لا تطيقها هنا في البلاد ... و التي يستحيل أن تجد مثلها حيث كانت تعمل في الخارج ....
أخذت تضرب الحروف بعملية سريعة ... حيث ردت برسالة رسمية ... تعتذر بها عن حضور اجتماع لم تبلغ به قبلا ... فهي الآن ليست في المدينة ....
رمت الهاتف جانبا ... و هي تتأفف بغيظ ... لكن بعد عدة دقائق وصلتها رسالة أخرى
كانت رسالة عملية من سكرتيرة الشركة ... تخبرها عن اصرار السيد أمجد الحسيني على استلامها العمل غدا ...
فلا أحد يعتذر عن اجتماع استلام العمل .... حيث أن هناك ما يجب مناقشته قبل أن تستلم ....
اتسعت عينا مسك و هي تقرأ الرسالة التي رأتها وقحة ... بل شديدة الوقاحة ....
فهدرت نفسا ساخنا مشتعلا .... قبل أن تقول من بين أسنانها
( أمجد الحسيني ... ها !! ....... حسنا ما دمت أجبن من أن تهاتفني ..... معي رقمك يا هذا ..... )
بحثت في ذاكرة هاتفها عن الرقم الذي سجلته اليوم صباحا ....لأنه من ستتعامل معه مباشرة ...
ثم طلبت الرقم بلا تردد ....
.................................................. .................................................. ..............
انحنى أمجد ليرفع قدمي والدته برفق فوق الأريكة ... بينما بدأ يدلكهما لها ببطىء مبتسما ....
يستمد الراحة من ابتسامتها الحانية له .... و كأنها تراه .....
بينما عينيها جامدتين .... و رغم ثبوت حدقتيها , الا أنهما كانا بالنسبة له نبع الحنان كله ....
قالت أمه برفق و الإبتسامة تزين وجهها الأبيض الشديد الطيبة ...
( كبرت يا أمجد على فعل ذلك يا حبيبي ...... أنت أكبر عمرا و مقاما يا ولدي .... )
عقد أمجد حاجبيه وهو يقول بلهجة عتاب ....
( أم أمجد !!! ..... تصرين على اغضابي منكِ يا حبيبة !! ....... )
مدت يدها أمامها ببطىء غير مبصرة ... و دون أن تفقد ابتسامتها و هي تهمس برفق
( ليتني أموت قبل أن أغضبك يا حبيب أمك ...... )
زفر أمجد بعنف وهو يسرع لتناول كفها من الهواء ... و يقبل راحتها قبل أن يضعها على وجنته حيث لحيته الشقراء و هي ما كانت تبحث عنه ... لتربت عليها كما تحب دائما ...
لكن أمجد كان غاضبا بحق وهو يقول
( ها أنتِ تفعلينها مجددا ياأم أمجد .... بدأت أظن أنكِ لا تحفلين بألمي ..... )
شهقت أمه و هي تقول منكرة
( أنا يا حبيبي !! .... ليتني كنت ..... )
رفع أمجد كف يده ليضعها على فم والدته كي لا تكمل قائلا بحزم
( أمي توقفي عن الدعاء على نفسك مع كل كلمة .... هذا ليس اظهارا للحب .... أتعرفين أنني افقد سعادتي الوحيدة بكلامك هذا ...أيرضيكِ ؟!!. )
ابتسمت أمه تلك الإبتسامة التي يعشقها قبل ان تقول بخفوت و طيبة ....
( لا يرضيني سوى رؤيتك معافى ... و متزوج ... و أسمع أصوات أطفالك من حولي ..... )
ابتسم امجد وهو يربت على ظاهر كفها قائلا بحنان
( الا تكفيكِ قبيلة الجياع و جيوش التتار أطفال مهجة ؟!!! ...... ظننتك اكتفيتِ !! .... )
عقدت امه حاجبيها و هي تهتف
( هل جننت ؟!! ...... اطفال من ؟!! .... و هل هناك مقارنة بين اطفالك و اطفال مهجة ؟!! ... انت عماد البيت يا روح امك .... و اطفالك سيكونون قرة عيني .... )
ضحك امجد وقال بمرح
( لا تدعين مهجة تسمعك ..... فهي لا تزال تغار كالأطفال .....و دائما تشكو بأنكِ تفضلينني عنها ... )
قالت امه بثقة و عفوية
( و هذا حقيقي يا قلب امك ..... الحب لكم واحد .... لكن انت المفضل بلا منافسة ..... )
ابتسم امجد وهو يقول بحنان .....
( و أنتِ المفضلة عندي كذلك .... من بين نساء الأرض جميعا ..... )
تنهدت أمه و قد ظهر الحزن على ملامحها الشفافة ... فقال أمجد بتعب
( ماذا الآن يا أمي ؟!! ..... أين ذهبت أفكارك ؟!! ...... و لما الحزن في عينيك ؟!! ..... )
قالت أمه تتنهد مجددا ....
( لو كان أخاك فقط ............ )
قاطعها أمجد ليقول بخشونة
( توقفي الآن يا أمي رجاءا ..... لا أريد الكلام عنه ..... )
همست أمه مترجية ....
( حاول معه مرة أخرى يا أمجد ... بل اثنتين ... و ثلاث ... و ابد الدهر .... لا تيأس من أخيك أبدا .... إنه ابنك أكثر من شقيقك .... و من سيكون له في هذه الحياة بعد موتي سواك ؟!! ..... )
تأوه أمجد وهو يقول مجددا بصوتٍ خشن .. محذرا
( أمي ......... )
الا أن دموع امه قد غالبتها .... فرفعت اصابعها المرتجفة تمسح دمعة علقت على شفتيها بحافة شالها ....
أوشك على ضمها الى صدره مطمئنا ... الا أن رنين هاتفه تعالى فجأة ...
فعقد حاجبيه وهو ينظر الى الشاشة حيث وجد رقما غريبا ... فقرر تجاهله ....
الا أن أمه قالت بخفوت
( رد يا ابني .... ربما كان أمرا هاما ....... )
قال أمجد مبتسما بهدوء
( لو كان أمرا هاما لكنت تعرفت الى الرقم .... لا تشغلي بالك .... )
قالت أمه مصرة
( رد يا أمجد ... ربما كان خيرا لك ...... )
ابتسم أمجد وهو يقول ممازحا
( أتظنين ذلك ؟!! ..... ماذا لو كان مبلغا ضخما أو ثروة وقعت فوق رأسي .... )
ابتسمت أمه و قالت بمحبة
( رزقك الله بكل الخير من أوسع باب ..... )
ابتسم أمجد و رفع الهاتف الى أذنه وهو يقول بهدوء
( السلام عليكم ........ )
وصله صوتا موسيقيا أنيقا .... يقول بهدوء مماثل
( و عليكم السلام و رحمة الله ..... السيد أمجد الحسيني ؟!! ....... )
للحظات لم يرد ... ارتفع حاجبه و مالت زاوية شفتيه و قد راقه نبرة هذا الصوت الأنيق الراقي ....
لكنه قال بهدوء
( نعم أنا ..... من معي ؟!! ...... )
ردت عليه صاحبة الصوت بفخامة تقول
( أنا مسك سالم الرافعي ......... )
للحظات تسمر مكانه ... و ضاقت عيناه ....
مسك !!! ..... اسم لا ينسى .....
لكن أن تكون مسك سالم الرافعي ؟!!! .... هل هذا معقول ؟!!
هل ابنة سالم الرافعي هي نفسها ؟!!! .... مسك !!! ....
اتسعت عيناه بصدمة ....
كان قد صمت طويلا ... قبل أن يصله الصوت مجددا
( سيد أمجد ... هل لا تزال معي ؟؟ ..... )
رمش بعينيه قبل أن يقول بصوتٍ رجولي مهذب
( نعم .... عذرا , كنت أتحقق من الاسم فقط ...... )
جاءه الصوت الموسيقي بنفس رقيه الا أنه حمل نبرة من الإستياء الخفيف ....
( الا تعلم اسمي ؟!! ......لقد وصلتني رسالة من سكرتيرة الشركة باسمي ... و طلبت مني الحضور لاجتماع عام غدا . )
ابتسم أمجد بتسلية وهو يقول
( أعرف بالطبع ..... اعذريني , لم يتم ابلاغي باستلامك العمل الا اليوم ... فوصلني ان ابنة السيد سالم الرافعي هي من ستتولى المنصب .... و لم يكن لدي علم باسمك بعد .... )
ساد الصمت لفترة ... و كان صمتا مشحونا ... و كأن اهانته المستترة قد وصلتها بوضوح ...
أنها ليست سوى ابنة سالم الرافعي .... فقالت بترفع بدا ظاهرا ... مشوها لجمال نبرة صوتها
( معك مسك ... سالم الرافعي مديرة قسم التوريد الجديدة .... من تريد عقد الإجتماع معها غدا ..... )
اتسعت ابتسامته اكثر قليلا بتسلية ... بينما ينظر الى امه التي كانت تستمع الى المكالمة بفضول و اهتمام ....
فقال بلهجة مهذبة
( تشرفت بمعرفتك ..... مسك ..... )
ساد الصمت مجددا .... قبل ان تقول بترفع اعلى بدا اغرب للتعالي
( أستاذة مسك .... أو سيدة .... أو أي لقب تفضله ...... )
ارتفع حاجبيه وهو يتراجع بظهره للخلف بأريحية ... معدلا احدى وسادات الأريكة خلفه وهو يقول بهدوء
( اذن يا " أستاذة " ... مسك .... بما أنك تفضلين الألقاب الرسمية , هل تعرفين كم الساعة الآن ؟!! .... )
قالت مسك ببرود
( إنها العاشرة ..... هل هذا وقت متأخر بالنسبة لسيادتك ؟!! ...... على أن الرسالة وصلتني في نفس الوقت تقريبا ..... )
رد أمجد بهدوء قائلا بنبرةٍ أكثر ترفعا من نبرتها ...
( من متطلبات عملنا ... ارسال البريد الالكتروني باي وقت في اليوم ... اما اتصالك فهو في خارج اوقات العمل الرسمية ..... لذا اعذريني لن اتقيد بالألقاب .... كيف يمكنني أن أخدمك يا ... مسك ؟؟ ..... )
سمعها تسحب نفسا حادا .... فاتسعت ابتسامته .... و مال فمه متسليا .... قبل أن تقول بصوت بدا أنها تسيطر عليه بأعجوبة
( اجتماع الغد .... لم أبلغ به قبلا ... و أنا الآن لست في المدينة .....فما العمل ؟!! .... )
قال أمجد براحة
( هل أنت في منطقة قريبة ؟!! ...... )
سمع صوت نفسها مجددا ..... الا أنها قالت ببرود هادىء
( ابعد عنك مسافة تقدر بمئات الكيلومترات......... )
ضيق عينيه محاولا استنتاج مكانها ... الا أنه قال بتهذيب
( هذا من سوء حظي بالتأكيد ..... حسنا يمكنني تأجيل الإجتماع بعد الغد ... و هذا أقصى موعد أستطيع تحديده نظرا لظروفك الخاصة .... )
سمعها تهمس من بين اسنانها
" ظروفي الخاصة ؟!! ...... "
فابتسم أكثر ....... الا أنها قالت بحدة
( كان من المقرر ان أعود بعد ثلاث أيام .... لست جاهزة بعد ..... )
قال أمجد بنبرة جدية هذه المرة و متصلبة
( بعد غد يا مسك .... هذا أقصى موعد يمكنني تحديده لكِ , أنت على وشك استلام منصب خالي حتى الآن ... و العمل لا ينتظر ... الآن لو سمحتِ لي فأنت أخذت الكثير من وقتي العائلي الخاص .... )
أغلق الهاتف دون انتظار سماع ردها ... ثم نظر الى والدته ليقول بمحبة
( موعد دوائك .... تأخرنا به نصف ساعة كاملة ...... )
قالت أمه بحزن
( كنت شديد القسوة مع الفتاة المسكينة ..... لقد أحرجتها جدا .... )
أخرج أمجد الدواء وهو يقول شاردا و قد بدا نوعا ما .... نادما .... لم يعتد التصرف تجاه أحد بناءا على انطباع الآخرين .... لكنها كانت مستفزة غاية الإستفزاز ....
( نعم كنت ..... اليس كذلك ؟!! ....... )
أعطى الدواء لوالدته بصمت ... قبل أن يسمع صوت رسالة تصله على هاتفه ... ففتحها مقطبا ... ليقرأ بها
" أمجد .... أحتاج أن أشرح لك ..... أحتاج الى الكلام معك جدا ..... لا تكن قاسيا في حكمك علي , ليس هذا من طبعك .... "
أغلق أمجد الهاتف ووضعه بجواره بإهمال بينما اشتدت ملامحه بصلابة و بأس ... فسألته أمه تقول
( من كان هذا الآن ؟!! ........ )
رد أمجد بعد فترة صمت
( لا أحد ..... رسالة فارغة .. من رقم مجهول ...... )
.................................................. .................................................. ...............
كانت مسك لا تزال على حالها .... و هي تنظر اليه بذهول ... قبل أن تقول
( لقد أغلق الخط !!! ...... لقد أغلق الخط !! ....... )
أمسكت هاتفها و رمته جانبا بقوة و هي تهتف بحدة بينما عيناها تشتعلان
( تبا ..... لقد أغلق الخط و أنا أتكلم .... من يظن نفسه ؟!! .... )
تكلمت تيماء من خلفها بتوتر
( هل أنتِ بخير ؟!! ..... من هو هذا الذي أغلق الخط بوجهك ؟!! ...... )
انتفضت مسك و هي تستدير الى تيماء التي كانت قد ارتدت منامتها التي اخرجتها من حقيبتها و استلقت على سريرها ..... فقالت مسك بفظاظة و عنف
( الازلتِ هنا ؟!! ........... )
رفعت تيماء حاجبيها و هي تقول بخفوت
( اين اذهب ؟!! .......... )
قالت مسك و هي تزفر بقوة
( حسنا نامي الآن ............. تبدين متعبة )
قالت تيماء بصوتٍ اكثر خفوتا
( و انتِ كذلك ......... )
ابعدت مسك وجهها عنها و هي تقول بصلابة
( أنا بخير ..... لقد تعودت الصدمات , اما انتِ فتبدين كمن على وشك الإنهيار عصبيا ..... )
نظرت تيماء الى سقف غرفتها دون ان ترد .... نعم كانت متعبة و تعرف أنها حين تصل الى هذه الدرجة من التعب الجسدي و الذهني تصبح على حافة الإنهيار .... و الإنهيار الآن لن يساعدها أبدا ....
ضيقت عينيها تنظر الى سقف الغرفة ..... لتجد أنها ترى عينيه .... فمه ... فكه القوي ....
ملامح وجهه تأبى أن تغادرها أبدا .... بينما كل كيانها يصرخ متسائلا عن حاله الآن ....
هل هو بخير ؟!!! ...... قاصي ليس بخير ... و قلبها يخبرها ذلك
ألم يكن قلبها دليلها دائما ؟!!! ......
سمعت صوت رنين هاتف مسك مجددا .... قبل أن تسمع صوتها يرد بخفوت و لطف
( نعم يا قاصي ........ )
اندفع رأس تيماء و هي تنظر بعنف الى مسك التي استلقت على جانبها ... توليها ظهرها و الهاتف على أذنها لتقول بصوتٍ حنون لم تسمعه منها قبلا ...
( أنا بخير ...... لا تخف , كنت شديدة الحدة معك .... اعذرني .... لكن الصدمة كانت قوية .... )
فغرت تيماء شفتيها و الألم ينحر صدرها بوحشية ....
كانت تسأل عن حاله للتو .... قلقة عليه .... و قلبها يخبرها بأنه ليس بخير و أنه يحتاجها .....
بينما هو يتصل بمسك ليطمئن عليها !!! .....
لو كان نصل خنجرٍ بارد قد غرس في قلبها .... لما آلمها أكثر .....
تابعت مسك كلامها همسا
( امممم نعم بخير .... على الأقل لا حركات هيستيرية .... فأنا لا أتحملها ...... كم أنت غريب يا قاصي , الا تهتم بنفسك .... كيف يمكنك أن تفكر بغيرك في تلك اللحظة ؟!! .... لا بأس من البكاء يا قاصي .... )
كانت تيماء لا تزال ناظرة الى السقف و هي تستمع الى صوت مسك الذي يذوب حنانا ... مخاطبة قاصي ....
قاصي .... قاصيها هي ....
هي من عليها أن تكون بجواره .... هي من كانت تمتص غضبه و عنفه دائما ....
هي كانت حضنه الدافىء كلما احتدت مشاعره و قسوة ما يحسه .....
قالت مسك تقاطع أفكارها بخفوت حنون
( لا حبيبي ...... أنت لست بخير ......... )
شهقت تيماء بقوة الا أن يدها ارتفعت الى فمها تمنع شهقتها من الخروج لتشق هذا الظلام الصامت ... بينما اتسعت عيناها حد الذهول و الصدمة ...
رفعت كفها الأخرى أيضا كي تكتم شهقتها تماما ..... بينما اندفعت الدموع الغزيرة من عينيها بعنف و هي تستمع الى مسك تقول بلهجة عفوية بسيطة ....
( ابق وحدك ...... و لا تخشى من اظهار مشاعرك يا قاصي , ليس هناك ما يعيبك ..... و تذكر أنك اليوم قد انتصرت ...... )
همست مسك بصوت اكثر خفوتا
( اذهب الآن ..... سأكون مستيقظة طوال الليل لو احتجت ان تهاتفني ..... )
ساد صمت قليل قبل ان تهمس برقة
( سنحلها ..... سنحلها ...... اهتم فقط بنفسك الآن ..... حسنا هي تحت انظاري لا تخف ..... )
سمعت تيماء مسك و هي تضع الهاتف جانبا فوق منضدة جانبية .....
فاستدارت بسرعة على جانبها الاخر .... تدفن وجهها في وسادتها و تغمض عينيها لتبكي .... تبكي بعنف ....
اكثر انواع البكاء عذابا ... هو ذلك الذي تكتم صوت شهقاته .....
كان جسدها يرتج بقوة ... و الام يعتصر جسدها الصغير .... حتى ان الضغط على جانبي عينيها زاد حتى شعرت بالدوار من شدة ما بكت و كتمت شهقاتها .....
سمعت صوت طرق خافت على الباب .... فنهضت مسك من مكانها كي تفتح الباب ....
و سمعت تيماء بعض الجلبة .... قبل ان تغلق مسك الباب ثانية .....
اقتربت من سرير تيماء بخفة .... حتى انحنت اليها و ربتت على كتفها و هي تهمس
( تيماء ..... لقد وصل الطعام ..... ألن تأكلي ؟؟ ..... تيماء ..... )
كم كانت معجزة ان تتقن دورها ... و تتفنن في كبت اهتزازات جسدها المنتفض ... الى أن استقامت مسك و ابتعدت عنها .......
حينها تمكنت من التنفس .... قبل الإغماء و الرحيل بعيدا عن هذا العالم الموجع .....
.................................................. .................................................. ....................
وصل الى بيته بعد جري طويل ..... طويل .... على ظهر حصانه .....
كان يجري به منطلقا .... وهو يود لو يمنحه الطيران بفرسه بعضا من النسيان ......
كان البيت ساكنا ..... على غير عادته .... و كان هذا اعظم ما تمناه في تلك اللحظة ....
اقترب مثقل الكتفين .... متعب الجسد من السلم .... واضعا يده على حاجزه و كأنه مسن يحتاج الى المساعدة
على الرغم من أنه قطع الأراضي كلها نهبا بفرسه دون أن يكل أو يتعب .....
وضع قدمه على الدرجة الأولى .... الا أنه توقف مكانه حين سمع صوتها من خلفه يقول بنعومة
( مساء الخير يا ليث ......... )
لم يكن يريد أن يراها الآن .... و لا يشعر بتأنيب الضمير وهو يفكر بهذا ....
كانت آخر من يتمنى رؤيته في هذه اللحظة بالذات .....
لذا قال بصوتٍ قاتم موجز
( مساء الخير ميسرة ..... اعذريني سأذهب للنوم مباشرة , فأنا أشعر بتوعك و عدم الرغبة في الكلام .... )
أمل أن تغضب .... و تتراجع .... و تجرحها كرامتها , الا أنها خيبت ظنه و قالت بصوتٍ رائق متسلي
( اتشعر بعدم الرغبة في النظر الي كذلك ؟!! .......... )
اغمض عينيه للحظة قبل ان يقول بجمود و تأكيد
( نعم ..... أحسنتِ , لا أشعر بالرغبة في النظر اليك ...... )
سمع صوت خطواتها تقترب منه ببطىء ... الى أن وقفت خلفه تماما , لتقول بنبرةٍ مطاطة ناعمة
( لكن أنا أرغب في النظر اليك ..... فما رأيك ؟!! ....... )
قال ليث بصرامة و قوة
( اذهبي الى غرفتك يا ميسرة ..... الآن ...... )
لكنها لم تتحرك .... بل قالت ببرود
( هل كنت عندها ؟!! ......... )
الان اضطر الى ان يراها مرغما وهو يستدير بعنف قائلا بصيغة تهديد حذرة ... بينما ملامحه الرجولية تنطق بالشر
( من تقصدين ؟!! ........ )
هزت كتفيها و هي تقول ببساطة مقصودة
( ابنة عمتك المصون ........... )
اندفع الدم في رأسه يغلي قبل ان يصرخ بقوة
( ميسرة ...... كلامك تطير له الرقاب ..... )
لم ترتجف .... ليس عن شجاعة , فهو يعرفها جيدا , بل عن نقص احساس و اخلاق .....
فقدت التسلية المزيفة على وجهها .... قبل ان تصرخ قائلة ....
( لماذا ؟!! ..... لأنني أقول الحقيقة ؟!! ..... الم تكن في ارض الرافعية ؟! .... لمن كنت ذاهبا ؟!! .... لا تخبرني انك كنت تزور جدها الذي رفض طلبك قديما ...... )
اندفع ليث نازلا الدرجة التي صعدها ليطبق بكفه على ذراعها وهو يهزها بعنف هادرا
( ماذا أفعل لأربيكِ ؟!! ..... ماذا ؟!! .... أخبريني بالله عليكِ ..... ضرب و ضربتك ... هجر في الفراش و هجرتك بعد سنواتٍ من المحاولة بالمعروف ..... ماذا .... اخبريني ماذا علي أن أفعل كي تتقي الله في غيرك ؟!! ..... )
ضربت الأرض بقدميها و هي تصرخ بشراسة
( هل تدينني لأنني أغار على زوجي ؟!! ......... )
هزها مجددا بعنف وهو يصرخ قائلا
( لا تصفي مشاعرك بالغيرة .... من يغار يمتلك القدرة على الحب و انت لن تعرفي الحب ابدا ..... ما ترتكبينه كفر ... كفر ..... )
هتفت ميسرة بحقد
( لا تدخل الامور ببعضها يا ليث ...... انا احدثك عن سوااا...... )
شدد قبضته على ذراعها حتى كاد الدم ان ينقطع عنها فاتسعت عيناها و شهقت الما ... قبل ان يقول ليث بصوتٍ خافت مهددا
( لا تذكري اسمها ..... مطلقا ........ )
كانت تتطلع الى عينيه بتحدٍ رغم الألم الذي تشعر به ... لكنها قالت بصوتٍ بدا في اذنه اكثر شرا من اي شيء آخر
( انها تسحر لك ..... و انت ترفض التصديق ..... )
ابتسم .... ابتسم فعلا ابتسامة كارهة .... لا تحمل أي أثر للمرح وهو يقول بقسوةٍ جليدية
( لماذا ؟!! .... أتظنين أنها مثلك ؟!! .... تسير حياتها كلها بالسحر الأسود ؟!! ..... )
ظلت تنظر اليه قليلا بنظراتٍ حارقة ... قبل أن تقول بجمود
( لقد توقفت عن ذلك ..... لقد قطعت لك وعدا ........ )
ظل ينظر اليها بتقزز .... قبل أن يقول بلا تردد
( لا أصدقك ........... الغضب الأسود مرتسم على ملامحك , يقتل بكِ أي جمال .... بالله عليكِ كنت تسحرين لأختى الوحيدة .... و أشقائي ... حتى والدتي كنت تسحرين لها ...... كيف يمكن وصفك بالإنسانة المثقفة ؟!! ..... كيف يمكن تبرير جهلك ؟!! ...... )
صمتت .... أخيرا صمتت ... و كان هذا هو ما يريده .... أن تصمت و تبتعد عن عينيه في تلك اللحظة ....
ابعد يده عن ذراعها مشمئزا ... قبل أن يقول متنفسا بتعب
( اذهبي الى غرفتك يا ميسرة ...... تطهري و حاولي الإمساك بمصحفك المهجور ..... لعله يبعد عنكِ شرور نفسك ...... )
برقت عينا ميسرة و هي تراه يستدير ليوليها ظهره صاعدا السلم الى غرفته .....
و ما أن اختفى حتى همست بشر
( أعرف ما تفعلينه يا بنت وهدة .... فلا يفهم السحر الا ساحر ...... حسنا , تدخلين معي بتحدي فأنت الخاسرة ...... )
ابتعدت بعنف و هي تجر عبائتها الفخمة من حولها .... مسرعة الى غرفتها ....
حيث سيكون لها حوارا آخر هناك ... و لتنتظر منها بنت وهدة أياما أشد ظلاما من ليلٍ بلا قمر ....
.................................................. .................................................. ............
تمطت بدلال في فراشها الوثير .... و رمشت بعينيها عدة مرات قبل أن تفتحهما تماما على مرآى شعاع الشروق الرمادي ينبعث من نافذة غرفتها ..... ظلت ساكنة عدة لحظات قبل أن تبتسم أخيرا و هي تنظر الى وسادته الخالية بجوار وجهها ...
لقد ذهب ليصلي الفجر في الجامع .... لقد أيقظها ساعة الأذان و تركها ..... لكنها نامت مجددا بعد أن صلت صلاة الفجر ....
انقلبت على معدتها و هي تتلمس وسادته بشرود ... حيث كان رأسه قابعا طوال الليل ....
ثم ابتسمت أكثر ..... انها تشعر بالراحة .....
تشعر بالإستقرار ..... تشعر أنها أصبحت تنتمي اليه أخيرا كما ينبغي أن يكون مكانها ....
سليم .... ذلك الوجه الصبوح .... و القلب الذي لم تعرف بنقائه قلبا من قبل .....
أصبحت زوجته فعلا .... و تمنت من كل قلبها أن تكون قد منحته السعادة التي يستحقها .......
و مع الوقت لن يكون صعبا أبدا أن تقع في غرامه .... هي فقط تحتاج الى الوقت .....
ابتسمت سوار برقة و هي تنهض من السرير .... لتنفض خصلات شعرها الطويلة الندية خلف ظهرها ....
و اقتربت من المرآه كي تهذب من شكلها ..... تمشيط شعرها أصبح مزعجا جدا ... الا أنها لن تقصه ...
هكذا كانت تحبه أمها .... و هكذا ستظل ......
كانت شاردة ... ناظرة الى المرآة مبتسمة بحزن .... و هي تلتقط ذكرياتٍ عديدةٍ لها مع أمها .....
الى أن سمعت صوت الباب يفتح ..... و دخل سليم مبتسما ....
كم بدا راضيا .... طيبا ..... جميلا .....
اقترب منها ببطىء ناظرا الى عينيها .... الى أن وصل اليها , فأمسك بجانبي وجهها برفق ... و سبحته لا تزال بين أصابعه ..... انحنى ليقبل جبهتها برفق ... قبلة طويلة ....
جعلتها ترغب في البكاء ..... قبل أن يرفع رأسه قائلا ببشاشة
( صباحية مباركة يا عروس ........ )
ابتسمت له سوار بملامح محمرة خجلا ..... قبل أن تقول بصوتها القوي الناعم
( صباحية مباركة يا أغلى الناس ........ )
ظل سليم ينظر اليها طويلا ..... يتأمل جمالها ... و بهاء حسنها .... قبل أن يقول بهدوء راضٍ
( ماذا فعلت كي تمنحيني هدية الأمس ؟!! ........ )
ظلت تنظر اليه مبتسمة قبل ان ترفع يدها تتلمس وجنته برفق لتقول بصدق
( فعلت انك كنت انت ..... سليم ...... النعمه التي اهداني بها القدر لتربت على احزاني .... و تحميني )
ربت سليم على وجنتها برقة ..... قبل ان يقول سعيدا منشرحا
( أمام هذا الكلام الجميل .... لكِ أن تطلبي ما تشائين اليوم .... و سأنفذه لكِ ..... )
ابتسمت سوار بطفولية .... رغم سنوات عمرها الثمانية و العشرين ..... لتقول بسعادة حقيقية ....
( اي شيء ؟!! ......... )
رد سليم بثقةٍ و تأكيد
( أي شيء .......... )
قالت سوار بلهفة
( أريد زيارة المدينة ....... اشتقت للخروج و ارتداء الملابس العصرية ..... أريد التنزه و الشراء .... اشتقت الى كل تلك الأشياء ...... )
كان سليم ينظر الى سعادتها البادية على ملامحها منتشيا ... قبل أن يقول موافقا
( لكِ هذا .... ستكون رحلة طويلة ..... ستخرجين فيها لكل مكان تتمنينه ... و ترتدين كل ما تحبين من ملابسك الجميلة التي سجنتها في خزانتك منذ سنوات ...... )
عاد ليربت على وجنتها المتوردة ..... قبل ان يقول بحنان
( لكن الى ان يتم ترتيب تلك الزيارة .... اطلبي ما تشائين اليوم ....... )
ابتسمت سوار بملامح متألقة وهي تفكر مجددا قبل أن تقول متلهفة
( الخيل ..... منذ أن علمتني ركوب الخيل في الخفاء .... لم أخرج معك في نزهة على ظهرها .... أريد الخروج اليوم ...... )
اتسعت عينا سليم بمرح وهو يقول
( هل أنتِ متأكدة من طلبك ؟!! ............. )
هتفت سوار بثقة و سعادة ....
( متأكدة جدا .......... )
اتسعت ابتسامة سليم .... قبل ان يتركها متجها الى دولابه ... و اخرج منه احد عبائاته الرجالية .... و عمة و شال خاصين به .....
وضعهما على السرير ... ليقول بمكر
( اذن ارتدي هذه الملابس .... و اسرعي قبل ان تكتظ الأرض بمزارعيها .... )
.................................................. .................................................. ....................
وقف بحصانه أمام تلك الأرض الواسعة ....
في ساعات الشروق الأولى , متغزلا بسحرها .... مستنشقا مسك طميها ......
كانت هذه الساعة من كل يوم كفيلة بأن تجعله يرغب الحياة من جديد .....
مزارع النخيل الممتدة على مرمى البصر ... و الجبال الأبية من خلفها ......
تلك اللوحة كانت جزءا من عشقه القديم ..... و مجيئه الى هناك يجعل قلبه لا يزال ينبض بالحياة ......
صهل حصانه و التوى عنقه قليلا ... فلجمه ليث .... قبل أن يلفت انتباهه ... فرسين مقبلين على الطريق المنحدر .....
كان سليم .. و معه شاب آخر ..... فوق الخيل .... يتضاحكان بمرح و سعادة .....
شعر ليث في تلك اللحظة بالراحة لرؤية سليم مجددا .... بعد ليلة أمس و كلامه المقبض ....
كان يتمنى لو ان يراه مجددا في أسرع وقت ...... خوفا من أن تكون شفافية سليم في محلها ....
اخفض ليث وجهه وهو يتعيذ بالله .... ثم حرك حصانه كي ينزل اليهما .....
الا ان نظرة واحدة لعيني الشاب المتلفح بالوشاح المخفي لوجهه .....
جعلته يتسمر مكانه .....
عينان لن تخفيها ملابس رجال العالم .... عينان بلون العسل الذائب ......

انتهى الفصل الثالث ... قراءة سعيدة


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 14-02-16, 12:16 AM   #1968

هاجر شلبية

? العضوٌ??? » 311603
?  التسِجيلٌ » Feb 2014
? مشَارَ?اتْي » 356
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي tunis
?  نُقآطِيْ » هاجر شلبية has a reputation beyond reputeهاجر شلبية has a reputation beyond reputeهاجر شلبية has a reputation beyond reputeهاجر شلبية has a reputation beyond reputeهاجر شلبية has a reputation beyond reputeهاجر شلبية has a reputation beyond reputeهاجر شلبية has a reputation beyond reputeهاجر شلبية has a reputation beyond reputeهاجر شلبية has a reputation beyond reputeهاجر شلبية has a reputation beyond reputeهاجر شلبية has a reputation beyond repute
افتراضي

تسجييييييييييييييييييل حضوووووووووووووووووووووور
يلا يا تيمو انا جاني النوم


هاجر شلبية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-02-16, 12:20 AM   #1969

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

بنات نزل الفصل .... أكرر أنا ضميت الفصلين بفصل واحد كبير

tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 14-02-16, 12:23 AM   #1970

رشه عطر
alkap ~
 
الصورة الرمزية رشه عطر

? العضوٌ??? » 341755
?  التسِجيلٌ » Apr 2015
? مشَارَ?اتْي » 386
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » رشه عطر is on a distinguished road
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

نورتى ياتيمو
جارى قراه الفصل


رشه عطر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:05 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.