31-01-16, 05:26 PM | #1 | |||||||
قلم برونزي برسائل أنثى
| سلسلة "رسائل لن تصل..." عندما تدّق ساعة الفراق نتعجل الرحيل نسارع بإلقاء كلمات الوداع و ننسحب و في قلوبنا خيبة لم تحكى و في عيوننا دمعة لم تبكى و في أعيننا جرح لم و لن يشفى عندما يأبى الكبرياء أن يمنحنا فرصة ثانية لنعوض ما فاتنا لنقول كلماتنا لنأبنا قصتنا عندما نُجبَر على أن نغصّ بكلمات كان يجب أن تقال على أن نهرب من عيون من نحبّ لأنّ وجعنا لا يُحتمل على أن نقبر بأيدينا حبّا، وليدا و لكنّ فرحتنا به لم تكتمل عندها فقط نفسح المجال للورقة و القلم ففي كوارث الحبّ فقط نعي أنّ الكتابة ترياق الألم هي رسائل عشّاق خانتهم أصواتهم في لحظة الفراق رسائل ..... كتب لها أن لا تصل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أعزائي روّاد شبكة روايتي، لقد أردت أن أشارككم إحدى كتاباتي و هي تحت عنوان "رسائل لن تصل.."، و هي كما خمنتم مجموعة من الرسائل التّي خطّت في لحظات الألم، و ليس هدفها أن ترسل إلى المعنيّ بها بقدر ما يسعى أصحابها إلى إزاحة عبئ الخيبات من على أعتاقهم بعضها من نسج الخيال و بعضها الآخر من الواقع | |||||||
31-01-16, 05:32 PM | #2 | |||||||
قلم برونزي برسائل أنثى
| الرسالة الأولى منها ..إليه : بعنوان كتبتُك و نسيت إليكَ عامان.. مرّ عامان على ذلك اللّقاء الحزين في ذلك المقهى الذّي هجرته بعدك، بل و هجرت كلّ مكان يذكرني بكَ، و كلّ عادة أدمنتها معكَ. عانيتُ كثيرا حتى أتخلص من روتيني اليومي، أن لا يكون صوتكَ أوّل ما أسمع، أن لا تكون صورتكَ أوّل ما أرى، أن لا أنتظركَ عند مفترق الطريق الغربيّ أين إعتدنا اللّقاء كلّ صباح. أتذكر يومها أنّك تأخرت ثلاثا و عشرين دقيقة و ألفا و سبعمائة و خمس و عشرين دقّة قلب لا تدهش ممّا أقول، فقد دأبتُ على أن أعدّ دقائق غيابك عنّي بدقّات قلبي، هو تقويم سخيف أعلم، ولكنّه الأبلغُ و الأقدرُ على تحديد ما أشعر به من حبّ لك..لك وحدك. لقد كنتَ من الأهميّة بحيث عجزت تقويمات العالم على إستعاب مكانتكَ في قلبي، فإخترعتُ لك تقويما، وبعدا جديدا يرفعكَ فوق كلّ البشر ..و لكن يبدو بأنّني أنزلتك مكانا لم أستطع فيما بعد أن أرتقي إليه.ففردتَ جناحيكَ و حلّقتَ بعيدا بينما قبعتُ خلفكَ في القاع. أسميتَ لقاؤنا يومها "وضعا للنقاط على الأحرف"، كدأبكَ دائما في تسمية الأشياء بغير مسمياتها، فالموت سفر، و القبح إختلاف، و الوحدة سلام. لا أعلم من أين أتيتَ بتلك القناعة الغريبة، بأنّنا إن إستعملنا مفردات ألطف نجرّد المعاني من قسوتها؟! فلقاؤنا لم يكن سوى فراقا، لم أخطئه في إضطراب أنفاسك، في إرتجاف صوتك و في إنطفاء لهفة الحبّ في عينيك. يا الله كم هو قاس و حزين ذلك اللّقاء الأخير، لم أوّد يوما أن نختم قصّتنا الخرافية بتلك النهاية المخيبة للآمال، و لا أصدّق الآن بأنّنا فعلنا لا أنكر بأنّني أدركت بإحساس الأنثى بأنّ حبّنا لم يعد كما كان، و بأنّك كنتَ تبتعد عنّي في كلّ ثانية أكثر إلى وقفت الدنيا بما فيها و من فيها بيننا، فعزّ لقاؤنا و عدنا غربين كما بدأنا. رفعنا الأعلام البيضاء و لم نكلّف أنفسنا المحاولة حتى، ماذا لو كنّا قاتلنا لأجل ما كان بيننا؟ ماذا لو أنّنا تنازلنا قليلا و لم نسر في ركب المكابرة ؟ و لكن ما كان كان، أجبرتك الظروف و أخرسني الكبرياء و إفترقنا و سار كلّ منّا في إتجاه. عامان طويلان، جرّبت فيهما كلّ فنون النسيان، فملّني النوم، و نفذت دوني الكتب، و لفظتني الكتابة. كلّ طريق أسلكه في الهرب منكَ يعيدني إليكَ. أراكَ في أحلامي، و بين سطور قراء اتي، و في كلّ حرف من كتاباتي. أطارد ملامحك في وجوه العابرين، و لا أجده، فأدرك بأنّنا قد إنتهينا و بأنّك لن تعود. قيل لي يا ... لا أعلم ما أسميكَ، لا أنت بالحبيب و لا الصديق و لا حتى الغريب، لقد تجاوزت وجودك الماديّ كإنسان لتغدو حالة نفسيّة تؤرقني منذ ذلك اللّقاء الأخير. قيل لي أن أكتب حتى أنساك، و لكنّي كتبتك كثيرا فما زادتني الكتابة إلّا تعلقا بك، فكان الجواب أن لا أكتبكَ بل أن أكتب إليك.. إن أردت الشفاء منك عليّ مواجهتك و لو كتابة، عليّ أن أخبركَ ما كتمته يومها. عيبنا أنّنا ككتّابنا نظلم القصّة بأن نختمها بنهاية متسرعة و مخيّبة، لا منطقيّة تقوض كلّ ما بنيناه من تفاصيل مبهرة.. متجاهلين بأنّ النهاية وحدها من ترافق القارئ إلى عتبة الكتاب. و أنا و أنتَ لم نكن إستثناء، قضينا سنوات في نسج الحبكات الدقيقة، و رسم التفاصيل الجميلة و لكنّنا أسأنا إختيار خاتمتنا. لذلك تناولت قلمي اليوم بعد طول هجر، و إنكببت على أوراقي رغم مشّقة الذكرى، أكتب إليكَ رسالة لن تصلك يوما، و لكنّها ستفي بالغرض.. ستمكنني من إنهاء مسألة الفراق العالقة بيننا منذ عامين. اليوم كتبتكَ و نسيت ....الوداع | |||||||
09-02-16, 05:41 PM | #4 | |||||||
قلم برونزي برسائل أنثى
| الرسالة الثانية: منه.. إليها بعنوان إلى خائنة إلى التّي خانت لا أعلم إن كنتِ لا زلتِ تذكرينَ ذلك المسكين الذّي رحلتِ و تركتهِ يتجرّع في صمت مرارة الخيانة. ذلكَ المغدور الذّي طعنته في أغلى ما يملك .. رجولتهُ. ذلك الشّاب الساذج الذّي آمنَ بحبّكِ رغم كلّ خطاياكِ في حقّهِ و إلتمس لكِ الأعذار لكبائرَ دونها الرحيل، ذلك الذّي تخلّى عن الدّنيا و ما فيها من أجل عينيكِ فكنتِ وحدكِ أمنيّةَ أعياده كلّ سنةٍ، و إبتهالات صلواته كلّ يوم، و تردّد أنفاسه كلّ حين و نور قلبه الذّي إن فقده تاه ضريرا بلا دليل. رجل أحبّكِ فلوّن حياتك بألوان قوس قزح، و أطلق الفراشات في دروبها و أحيا لك أمسيات الشعر كلّ ليلة..و لم يطمع سوى بإبتسامة من شفتيكِ، بنظرة أو حتّى إلتفافة رضى من عينيكِ .. و لكن بما كافأتني؟ أحببتُكِ، فكرهتني.. إهتممت بك، فأهملتني.. إخترتكِ، فتخليتِ عني.. دافعتُ عنكِ، فخذلتنيِ.. وفيتُ لكِ، فخنتني.. أحييتكِ قلبكِ، فإغتلتِ في المقابل قلبي.. بدّم بارد. أصابكِ الغرور و تعاليتِ لمّا وجدتني قيد يمينك، و تأكدتِ بأنّني أهواك أكثر من نفسي. و بأنّني لا أرجو من الدّنيا سوى رضاك .. كنتِ دوما في أحلامي الأميرة الساحرة و كنتُ فارسكِ الحامي. و لم أدرك بأنّك حولتني إلى مهّرج حقير في بلاطك الذّي يعجّ بالفرسان. و جلستِ على عرشك العظيم تراقبينَ رقصاتي البلهاء، و تبتسمين في شفقة و تعالي، بينما أقفز كالمجنون، و أزحف على بطني كدودة حقيرة، علّني أنالُ رضاكِ. ثمّ أنسحبُ بعد كلّ عرض مذلولا وسط ضحكاتِ الجمهور و سخرياتهم المريرة، فترمينني بوردة حمراء في يدكِ أهداكِ إيّاه أحد العشّاق فتخدش أشواكها وجنتي فتدميها، كما أدميت قلبي و خدشت كبريائي و تتسابق على خديّ قطرتان ...الأولى دمعة مالحة و الثانية دمّ قانٍ. إحساسي بأنّني هامش مهمل في زاوية من دفتر حياتك، مجرّد صفر على الشمال بكشف حساباتك ..يؤرقني، و يمزقني. كان عذابا يفوق صبري و ألما عجزتْ عن إخراسه كلّ المسكنات. خيانتكِ كانت جمرة متقدّة وسمت قلبي بالألم، و روحي بالعذاب، و رجولتي بالعار الأبديّ.. أضعتُ نفسي في رحلة الوصول إليكِ، و بتُ رجلا آخر غريبا عنّي، كقلعة خاوية خربة في أرض قاحلة بعيدة محاطة بتعاويذ السحر الأسود، تستوطنها الغربان و الأفاعي و شتى أصناف الهوام. خيبتي فيكي جعلتني غير قابل للعيش أو التعايش، أستنشق الألم و أزفر الخيبة و كما كنتِ من بدأ الحكاية، فقد أصريّتِ أن تكوني أنتِ من ينهيها، و إنتقيتِ أسوء النهاياتِ و أقساها. الخيانة.. غادرتِ و لم تكلفي نفسكِ التبرير أو التفسير، و كأنّني لا أستحّق منكِ إجابة لسؤال نطقته عيناي قبل شفتاي "لماذا خنتي يا غاليتي؟" "لماذا أنهيتِ حكايتنا بمأساة؟" أثرتِ السلامة و إلتزمتي بتعليمات الكتيبات التّي تطالعينها بأن أغرقتني بعبارات المواساة، و الإبتسامات و بالتأكيد لم تنسي تلك الكلمات المشهورة التّي تلوكها شخصيات أفلامك الرومانسية المفضّلة في مثل هذه المناسبات؛ "أنت شخص رائع و تستحق الأفضل"، "ليس الذنب ذنبكَ"، و إختتمتِ التبريرات السخيفة ب" دعنا نكن أصدقاء". أصدقاء؟؟ .. بعد الذّي كان؟!!.. لا أعتقد. مضحكة هي قصتنا حدّ البكاء، فلا نحن أحببّنا و لا بقينا أصدقاء.. ضعنا في متاهة المشاعر و إنتهينا إلى أغرب السبل و أكثرها وعورة، فلا أنتِ أرضاكِ حبّي و لا أنا إكتفيتُ بصداقتكِ.. و مأساتنا معا أنّنا لم نحسم الأمرَ منذ البداية كما يجب. أكتب إليكِ اليوم و أنا أتعفى من جرحكِ لي، و ألملم ما تبقى لكِ عندي من مشاعر لأصفّفها في صناديق التجاهل و أرميها في متاهة النسيان إلى الأبد. و لكن كان لابدّ لي قبلا أن أكتب رسالة وداع صغيرة أُأَبن بها حبّنا أو أيّا كان ما جمعنا قبل أنّ أدفنه. فبالرغم من أنّكِ مزّقتي بخيانتك قلبي لم يهن عليّ أن أرحل دون وداع. سخيف أنا لازلتُ .. و قاسية أنت كما كنتِ. و كم كانت متعبة الكاتبة إليكِ فقد وجدتُ نفسي جالسا لساعات أمام ورقة فارغة لا يعكّر بياضها الناصع حرف أو نقطة حبر حتى. أ إلى هاته الدرجة لم يكن في قصّتنا ما يستحقّ الذكر؟ لم أكن أتوقع أن تتدفق كلماتي بسهولة و سلاسة و لم أكن أنتظر ملحمة رومانسية، فلستُ بالمراهق الذّي تستهويه قصص العشق الشرقيّة ذات النهايات المثاليّة، فأنا أعلم بأنّها لا تحقّق في واقعنا إلاّ بمعجزة إلاهيّة، و ما أندر المعجزات في زمننا. و لكنّني لم أتوقع أيضا أن تجفّ منابع كلماتي فأعجز على ترتيب أحرفي و نظم مشاعري في رسالة بسيطة إليكِ. و لكنّني لم أتوقف عن المحاولة، و لم أرمي قلمي مستسلما ككلّ مرّة بعد أن تخونني أحاسيسي و عباراتي. لقد أصريّتُ اليوم أن أتحدّى طيفكِ القابع في ذاكرتي .. أن أرمي آخر أوراقي الرابحة في وجهكِ، أن أجتثَ هذا الورم الذّي علّ جسدي، و لوّث روحي لسنوات طويلة. أن أتنفس لأوّل مرّة منذ دهر هواء لا يشوبه عبق عطركِ المستفزّ، أن أبتسم دون أن يمّر إسمكِ بعقلي، فتذبل إبتسامتي و تتحوّل في النهاية إلى دمعة أجاهد نفسي حبسها حتّى لا يفتضح الجرح الذّي لم يندمل. لأوّل مرّة منذ أزمنة لا تعدّ أدرك معنى أن يكون المرئ حرّا، بلا إنتظارات، بلا توقعات، بلا خيبات، بلا حبّ، بلا وجع... بلا قيود. ملاحظة: بعض التجارب تمنحنا القوّة، بعضها يمنحنا الحكمة و البعض الآخر يمنحنا الألم و لا شئ سواه، فحريّ بنا عندها أن نتسّم بالحكمة لنفرق بينها و أن نتحلى بالقوّة لنتجاوز الألم. اليوم بإمكاني القول بأنّني تجاوزتُ ألمي معكِ... | |||||||
21-02-16, 10:52 PM | #5 | |||||||
قلم برونزي برسائل أنثى
| الرسالة الثالثة منه .. إليها : بعنوان أنا الشرقيّ كنتِ قبل اليوم سرّا مخبأ بين أضلاعي آثرت كتمانه، لأننّي يا غاليتي رجل شرقيّ أؤمن بالخوارق فخفت أن تمتدّ أعين الشرور إلى سعادتنا. .خفت أن أفقدك في "حادث حسد" خطير، فطوقتك بالتعاويذ و القراء ات، و حصنتك بالكتمان و الصمت. .لم أحدث عنكِ أحدا، و لم أتباهى بكِ أمام أحد فظننتي ظلما أننّي لم أحبّ أحببتك يا سمرائي، و كنت في حبّي صادقا إلى النهاية . كنت حادّة كالسيف، فقطعت حبال الوصل بيننا بكلّ قسوة، و أغلقتِ دوني مدنكِ الساحرة و لفظتني في منفى الهجر و الفراق بلا أمل في العودة يوما إلى حضن قلبك. أحرقتِ في لحظة ثورة رعناء جنتّنا الموعودة و وقفتِ في كبرياء تشاهدين ألسنة نيرانك المستعرة تأكل الأخضر و اليابس. و لكن ما ذنبي يا سمراء، و قد ولدتُ هنا، في شرق ينصب المشانق للمحبيّن؟ ما ذنبي في وطن يستحل دماء العاشقين و له في كل ركن عيون و حرس و مخبرين؟ وطن ينتفض و ينفر منه العرق لحمرة العشق تعلو وجنة سمراء حلوة تحتال للوصل كما يحتال القاتل للكمين! و ليس ذنبك بالتأكيد أنّ الشرق محكوم دوما بمنطق "الحريم"، و أننّا مهما إدعينا التحضّر نبقى دوما نزن بمكيالين ليس ذنبكِ يا سمرائي بأننّي شرقيّ العُقدِ و التفكير،.. بأننّي أحلّ لنفسي ما أحرمه عليكِ أتجاهل أخطائي لأنصب لكِ محاكم التفتيش، أكون فيها الخصم و الحكم و الجلاّد و كلّ الأطراف أنا الشّرقي العالق في منتصف الطريق، لا إلى الغرب أصل و لا إلى الشرق أعود مزّقت أجنحتي، فلم أعد أحلم بالطيران .. أُجتثت جذوري، و تُركت في العراء للغربانِ أنا الشرقيّ أضعتُ بوصلتي، فلا أعلم من أين أتيتُ و لا إلى أين المسير! رجل مهزوم، ضاعت ملاحمي، و أنتهكت أرضي و سقطت عواصمي و لم يبقى لي من البطولاتِ سوى غزو قلوب الحسانِ، فتارة أنتصر و طورا أنسحب مثخنا بالجراحاتِ ألوّح بسيفي الورقيّ، في وجوه الخيالاتِ و طواحين الهواء ... أنشد الخلاص في قلب سمراء و لم أعلم بأن قلبها من شجن، لحظيُّ السعادة أبديُّ الحُزن.. | |||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|