آخر 10 مشاركات
أجمل الأسرار (8) للكاتبة: Melanie Milburne..*كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          شعر ثائر جزائري (6) *** لص ذكي سارق عجيب *** (الكاتـب : حكواتي - )           »          تناقضاتُ عشقكَ * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : ملاك علي - )           »          219 - صديقان ...وشيئا ما - جيسيكا ستيل (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          رواية صدفة للكاتبة : bella snow *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : bella snow - )           »          خادمة القصر 2 (الكاتـب : اسماعيل موسى - )           »          رواية أحببت فارسة أكاريا (الكاتـب : الفارس الأحمر - )           »          طيف الأحلام (18) للكاتبة: Sara Craven *كاملة+روابط* (الكاتـب : nano 2009 - )           »          119 - بدر الأندلس - آن ويل - ع.ق ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : أمل بيضون - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-06-16, 03:29 AM   #41

ghada.samir

? العضوٌ??? » 363403
?  التسِجيلٌ » Jan 2016
? مشَارَ?اتْي » 283
?  نُقآطِيْ » ghada.samir has a reputation beyond reputeghada.samir has a reputation beyond reputeghada.samir has a reputation beyond reputeghada.samir has a reputation beyond reputeghada.samir has a reputation beyond reputeghada.samir has a reputation beyond reputeghada.samir has a reputation beyond reputeghada.samir has a reputation beyond reputeghada.samir has a reputation beyond reputeghada.samir has a reputation beyond reputeghada.samir has a reputation beyond repute
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله تعالى لكى منى أحلى تحيه طيبه



ghada.samir غير متواجد حالياً  
قديم 24-06-16, 09:09 PM   #42

soue

? العضوٌ??? » 188271
?  التسِجيلٌ » Jul 2011
? مشَارَ?اتْي » 650
?  نُقآطِيْ » soue is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

soue غير متواجد حالياً  
قديم 24-07-16, 12:21 PM   #43

بت البر

? العضوٌ??? » 351320
?  التسِجيلٌ » Aug 2015
? مشَارَ?اتْي » 408
?  نُقآطِيْ » بت البر has a reputation beyond reputeبت البر has a reputation beyond reputeبت البر has a reputation beyond reputeبت البر has a reputation beyond reputeبت البر has a reputation beyond reputeبت البر has a reputation beyond reputeبت البر has a reputation beyond reputeبت البر has a reputation beyond reputeبت البر has a reputation beyond reputeبت البر has a reputation beyond reputeبت البر has a reputation beyond repute
Elk

وينك اشتقنا للروايه❤❤❤❤ متى البارت

بت البر غير متواجد حالياً  
قديم 02-08-16, 05:03 PM   #44

اروى بدر

كاتبةو قاصة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية اروى بدر

? العضوٌ??? » 373310
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,370
?  مُ?إني » القاهرة
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » اروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
?? ??? ~
أنا القافلة التي سارت ولم تبالي بنباح الكلاب...
افتراضي

الفصل العاشر
كشف بعض أوراق اللعب
:
قبل سنوات .....
وضع النقيب الصاوى سماعه الهاتف بقلق واضح على وجهه ...وهو يفكر فى المصيبه التى وقعت فوق رأسه من حيث لا يدرى ..وأذا بالباب يطرق ليقطع تفكيره فقال بصلابه:
-أدخل !
دلف العسكرى وأدى التحيه العسكريه فقال له الصاورى بحزم:
-فى أيه أسماعيل ؟
رد العسكرى بأحترام :
-فى واحد بره عايز يشوف حضرتك
-واحد مين يا أسماعيل ؟
قال الصاوى بملل وهو يقلب الأوراق أمامه فاته صوت غير صوت العسكرى صوت حازم ويوحى بالقوه :
-صباح الخير يا سعاده النقيب
رفع الصاوى عين متسائله ..ليتحول التساؤل لفرح وهو يهمس بعدم تصديق:
-قصى!!!!
أبتسم الشاب الذى تخطى حاجز العشرون بسنوات قليله ..ليدلف للمكتب فأشار النقيب للعسكرى ان يخرج فأمتثل لأمره وهو يغلق الباب خلفه بينما نهض النقيب وهو يتجه لذالك الشاب وعيناه تشع فرحا فاخذه فى صدره ..وهو يهمس بشجون:
-وحشتنى يا قصى ..وحشتنى ...
ثم أبعده بطول ذراعه وهو يتأمل الملامح الرجوليه التى بدأت بالظهور وقال بصوت باكى:
-والله وكبرت يا قصى
أبتسم قصى أبتسامه زادت من وسامته ليبتعد عن أحضان صاوى وهو يؤدى التحيه العسكريه ثم قال بأليه:
-قصى محمد خالد الناجى .....ملازم أول ..فى خدمه سعادتك يا فندم
ثم أ شار بمرح للنجمتين على كتفه ...فضحك الصاوى بقوه وهو يضرب كتف قصى صائحا :
-عقبال النسر !
أبتسم له قصى فرد له صاوى الأبتسامه بأخرى أبويه وهو يشير لمقعدين متقابلين :
-تعالى بقا وأحكيلك ..عملت أيه فى الصعيد ..أنا عارف ان التدريب هناك صعب
جلس قصى وقابله صاورى فى المقعد ليقول قصى ببتسامه :
-هو شغل متعب الصراحه ...بس أهو كلها سنتين وأتنقل القاهرة
وضع عمه قدمه فوق الأخرى وهو يخرج أحدى سجائره :
-أها فعلا ...الصعيد كلها قتل وتار ..وتهريب سلاح .. بلاوى سوده
-و مخدرات يا عمى !
همسا قصى بمكر ..فنظر له عمه من خلف سيجاره وهو يبعدها زافرا دخانها :
- اممم .تمام ...بص بلاش تحور يا قصى ..أنا عارف انك مجتش النهارده عشان وحشتك ...هات اللى عندك
أبتسم قصى بأحراج وهو يريح ظهره للخلف :
-طول عمرك فهمنى يا عمى ...الصراحه أنا ...
تنهد بقوه ثم نظر لعمه بصلابه :
-انا جالى خبر انك مسكت ملف عيله الساعور
لمعت عيناى عمه بحده وقد وصله مضمون ما يدور فى خلد ابن أخيه ... ليبعد السيجار هامسا بتحذير :
-أبعد عن السكه دى يا قصى ...عيله الساعور عيله واعره ..
أحتج قصى بأندفاع :
-بس يا عمى أنا متأكد ان المره دى همسك عليهم دليل ..,دليل قوى كمان انا جتلى معلومات ان ليهم علاقه بمافيا عالميه
وضع عمه السيحار فى المطفئه ليهمس بحزم :
- لا يا قصى ...أنا له مخلص تليفون مع مكتب الوزير ..فى تعليمات شديده نزله اليومين دول ...
قاطعه قصى:
-عمى ..أنا عندى معلومات مؤكده عن ميعاد تسليم الشحنه الجاية
-حضرة الملازم قصى !
صرخ به عمه بقوه وقد أحمر وجهه بعصبيه جعلت سقر يرتخى فى مقعده بعدم رضى بينما عمه يقف قائلا :
-الموضوع ده انتهى ومش هيتفتح ...مفهوم؟
أحنى قصى رأسه:
-مفهوم يا فندم !
*******
وفى ظلمه الليل ..ووسط الغيطان الزراعيه ..كان رجل فى نهايه الثلاثينات بعبأته التى يمسك طرفها فى فمه كى يستطيع الركض ..يجرى بخفه ورشاقه بينما يدور برأسه يمينا ويسارا بخوف...حتى وصل لبيت صغير وسط الزرع ..فوقف بجوار الباب ..وطرقه بطريقه معينه ليفتح الباب ..فأسرع الرجل بالدخول .....فأتى صوت من احدى الأركان قائلا بصرامه :
-أيه أخر الأخبار يا مدبولى ...
ألتف الرجل بأيدى مرتعشه لجسد قصى الجالس على الأرض بأريحيه ..بينما يدخن سيجارته ليؤدى التحيه العسكريه :
-تمام سعدتك...النهارده سمعتهم ...وهم بيخططوا للعمليه الجديده و...
-أنجز يا مدبولى
صاح قصى بملل فجعل جسد الرجل ينتفض وهو يقول بسرعه :
-العملية الجاية بكره الساعه 9 ..على الطريق الزراعى
لمعت أعين قصى بقوه وهو يرمى السيجارة أرضا ..ووقف نافضا بنطاله ثم أقترب ببطء من مدبولى ..ولف يده حول رقبه الرجل المرتجف وهمس :
-بص بقا يا مدبولى ..وأسمع كويس أنا هقولك أيه ...
___________
خرج مدبولى من البيت الصغير ..بخوف وهو يغلق الباب خلفه ..ثم أستدار يمينا ويسارا قبل أن يقطع الغيطان الزراعيه بقدميه الواسعه وبمجرد ان وصل للطريق حتى وقف يلتقط أنفاسه وهو مازال يدور بعيناه خوف ..وكاد يسير ..ألا وقدم قد ظهرت فجأه فصدم بها ووقع أرضا ..وكاد يلتف ليشتم صاحبها لولا ان جف الدم فى عروقه ..وأتسعت عيناه بشده وهو يرى تلك الأبتسامه المتسليه ..وفوقها عينان مشتعلتان ..عينان من لهب ...عيناى سقر !
__________
اليوم التالى ....
وضع قصى مسدسه فى بنطاله من الخلف ثم عدل من وضعيه جاكتته الجلد ..وهو ينظر لنفسه فى المرآه القديمه التى تحتل جزء لا بأس منه فى الغرفه الصغيرة التى يسكنها ..فتح أحد أدراجها ليخرج ساعته ...فاذا به يصتدم بصورة قديمه مهترئه تحتها ...أبتسم بحنان وهو يزيح الساعة جانبا ..وألتقط الصورة ..صورة لفتاه بشعرها البنى الفاتح ..بينما تشع السعاده من عيناها ..أبتسم لها وبعينه وعد أن يعود ...ثم قربها من فمه ليعيدها لمكانها مره اخرى وهو يرسم ملامح الجد على وجهه ثم ترك الغرفه مغادرا
لا تؤجل الرسالة
فقد تتغير العناوين!
بمجرد ان خرج وجد عده رجال بأنتظاره ..ليشير لأحد منهم:
-الأفراد كلها جاهزه يا كمال ؟
أومأ المدعو كمال بهمنسه شديده :
-أيوا يا فندم العناصر موجوده مكان ما سيدتك أمرت ...ونصنبنا الكمين فى مكانه
-والقناصه ؟
-جاهزين فى مواقعهم يا فندم
أقترب منهم قصى وهو يقول بجزم:
-أسمعونى يا رجاله ...انتوا اكيد عارفين ان المهمه دى خطر ..وممكن من روحش بتنا تانى النهارده ..واحتمال تكون اخر مره هتشوفوا اولادكم ..وعليتكم ..
نكس بعضهم رأسه فأهتزت يد قصى رغم عنه ثم أخذ نفسا عميقا ليكمل :
-أهم حاجه ..ودعتوا امكم ووالدكم ؟
هز الجميع رأسه موافقين ...ليقول احدهم :
-أنا والدى وأمى متوفين ..رحت زرتهم فى المقابر
أقترب منه قصى وهو يربت على كتفه :
-أهم حاجه يكووا راضين عليكوا ...
تأمل الوجهوه الشابه امامه والتى تتمتلى ء بالأصرار ...ليقول بقوه :
-جاهزين يا رجاله ؟
فرد الجميع ظهرهم وصاحوا بزعيق:
-جاهزين يا فندم
تقدمهم قصى ..وتتبعوه ...بحركات رشيقه ...ليصطفوا داخل عده سيارات كانت تنتظرهم فى الخارج .....وبمجرد ان اكتمل عددهم ..راحت سياره تلو الاخرى تغادر المكان ...وهى تحمل قلوبا خائفه ...لكنها مصره ..مصره على التضحيه فى سبيل الأخرين ...وبعد مرور بعض الوقت ..وصلوا على الطريق العام بجوار كمين للشرطه ....لتقف السيارات السوداء الخمس بطريقه منظمه وفُتح اول باب ليخرج منه قصى ..وخلفه نزل جمع الرجال ...وبمجرد ان هبط أتجه نحوه أحد الظباط ليؤدى التحيه العسكريه ثم قال بصرامه :
-كله تمام يا فندم ...وذى ما حضرتك أمرت
نظر قصى فى ساعته ..ليقول :
-ناقص قد ايه عقبال ما العربيات تعدى من هنا ؟
-حوالى عشر دقايق يا فندم
لف قصى رأسه للرجال خلفه ...أمرا بصوت حاد:
-كلوا ياخد مكانه
-تمام يا فندم
أتجه الرجال ضخام الجثه بطريقه منظمه نحو أماكنهم بينما ظل ياسر يراقبهم بعين السقر حتى أومأ راضيا عن التجهيزات ليهمس بتحدى:
-أما نشوف هتروح منى فين المره دى يا ساعور!
___________
يا حبيبي ده اللي يخاف من العفريت يطلعله ينزله يقعدله المهم انك متخافش من العفريت يطلعلك ينزلك يقعدلك
أبتسم سقر على الاغنيه بأستمتاع وهو يخرج أنفاثا محمله ببخار سيجارته ...فنظر له الرجل بجاره والذى ترتعش يداه على مقود السياره الضخمه ..:
-أنا اموت واعرف البرود اللى فيك ده جايبه منين ...يعنى أنت عارف ان فى كمين فى الطريق ده ..,برضو ممشينا منه ؟
لم ينظر له سقر وهو يحملق فى الفضاء العالى امامه ومازال ينفث دخانه :
-هتفهم كل حاجه فى وقتها
ضرب الرجل بعصبيه على المقود :
-الموضوع مش هزار ..احنا لو اتقفشنا بأطنان الحشيش والمخدرات اللى معانا دى هتبقا نهيتنا فى أبو زعبل (ابو زعبل = أحدى سجون مصر )
زادت ابتسامه سقر وهو يعتدل فى جلسته المسترخيه لينظر للرجل الخائف :
-أن مش سامع الأغنيه بتقول أيه يا جابر ؟؟
رفع له جابر حاجبا بأستغراب فأبتسم سقر وهو يقول بأعين تلمع تحت ضؤ القمر:
-اللى يخاف من العفريت يطلعلوا ...عووووو
صاح سقر بحده وهو يخوف جابر بيده ..فكاد قلب الاخر أن يقف ..فأرتفعت ضحكات سقر عليه بشماته بينما أصفر وجه الاخر بخوف وصاح به :
-أيه يا سقر الهزار الرخم ده
زادت ضحكات سقر بينما شحب وجه جابر وهو يقول بأرتباك :
-الكمين ..الكمين هناك اهو
أختفت فجأه ضحكه سقر ...ليعتدل فى جلسته وهو يبتسم .....وبمجرد اقتراب الشاحنه الضخمه من رجال الشرطه ...رفع جابر يده المهتزه قائلا:
-مساء الخير يا باشا ....خير أن شاء الله ؟
رفع له قصى أعين حاده ..وهو يضرب بيده على الشاحنه وهو يشير بذقنه على العربه من الخلف :
-خير يا خويا .. العربيه دى فيها أيه ؟
بلع جابر ريقه بصعوبه وهو يرد:
-فيها ..فيها ذره يا باشا ...يعنى هيكون فيها أيه؟
رفع قصى حاجبيه :
-والله ؟ أأممم طيب ..أنزل بقا يا خفيف وافتح العربيه ..
ثم ألقى نظره خلف ظهر جابر ليقول :
-ومين اللى معاك ده ؟
كاد جابر يرد ليأتى من خلفه صوت سقر وهو يضع قدما فوقا الاخرى :
- أنزل يا جابر ..وأفتح العربيه
صك قصى على ضروسه بقوه بسبب تجاهل الاخر لسؤاله ..بينما جابر فتح الباب بيد مرتعشه وهو ينزل بجسده الضخم للخارج ..بينما قصى ..بقى ثابتا هناك يتبادل النظرات الحاده مع سقر ..ثم أقترب راميا نظره فاحصه له :
-وانت مين بقا ؟
أعتدل سقر فى جلسته وهو يمد يده لقصى عبر الباب المفتوح :
-سقر ...
نظر قصى ليده الممتده .هامسا له :
- لا ..سلام الأيد ده مينفعش ...أن شاء الله كده تشرفنا ..20 سنه كده ..وهناك نبقا نتعرف كويس
زادت أبتسامه سقر وهو يتراجع للخلف قائلا:
-لا يابشا معلش...أصل الجو عندكم فى السجن حر ..لما تبقوا تجيبوا مكيف أبقا أجيلكم أن شاء الله
كاد قصى ان يرد ليأتى الظابط من خلفه وهو يهمس بخيبه :
-ملقيناش حاجه يا فندم
ألتف له قصى بقوه وأعين زائغه :
-أيه .؟ يعنى أيه ملقتهوش حاجه ؟
أسرع قصى للعربه من الخلف بينما أسند سقر ظهره للخلف وهو يدندن بلحن ما ..وبيده سكين صغير ....وفى الخلف ..كان قصى كالمجنون يبحث بين اعواد الذره ليرميها بقوه صارخا ...بينما كان جابر يراقب الوضع ..غير مصدق لما يحدث ..اطل سقر من نافذه السياره وهو يقول بمكر :
-أيه يا باشا ..فى حاجه تانيه عايز تتأكد منها ..ولا نقدر نمشى ..أحنا لسه قدمنا سكه سفر
نظر له قصى باعين ملتهبه ليقترب منه وهو وهمس:
-أنا مش عارف انت وديت المخدرات فين ..بس صدقنى مش هتفلت منى المره الجايه
أضيقت أعين سقر وهو يبتسم :
-ربنا ما يجب مره تانيه يا ....حضره النقيب قصى
وزادت أبتسامه بينما كان قصى يغلى كالمراجل ...وكاد يفتك به فأتى أحد الظباط حاملا الهاتف :
-يا فندم ..مكالمه عشانك
نظر له قصى بحده ولم يلتقط الهاتف...ليرد له سقر الأبتسامه ..بينما جابر يركب بجواره ...وكادت العربه تتحرك ليلتف سقر له مره أخرى قائلا بملامح شامته:
-صحيح يا حضره النقيب ..أبقا سلملى على مدبولى
ثم وضع حياه باشاره الكشافه ...وغادرت الشاحنه ...ووقف قصى هناك كالتمثال ليقول له الظابط مره أخرى :
-يا فندم المكالمه
نظر له قصى باعين مشتعله ..ثم أمسك الهاتف ليرميه فى الأرض ...مكسرا أياه مئه قطعه وهو يصرخ:
-والله لأوريك يا سقر الكلب !
وهناك فى الشاحنه ...كان جابر يضحك بقوه ..بينما أخرج سقر أحدى سجائره:
- الظابط ده خد حته مقلب
وضحك مره أخرى بشده ثم قال بتسأل لسقر:
-صحيح يا سقر ..أمال المخدرات فين؟
نظر له سقر ببتسامه وهو يلاعب السكين فى يده ولم يرد !
-----------
فى أحدى موانى الأسكندريه
وقف جابر بالشاحنه الكبيره وسط المرسى...بينما كان هناك عده رجال بملابسهم السوداء ...ينتظروهم ...وبجوارهم سيارات بنفس اللون ...نزل جابر ..وخلفه سقر منفضا بنطاله الجينز المهترىء ...لتفتح احد السيارت السوداء ..ونزل منها حذاء أسود لامع ..وظهر بعده أحد الرجال الأجانب بسيجاره الفخم البنى ..أقترب من سقر مبتسما :
-سكر !
دمدم سقر بملل:
-أهلا ستيف !
-كيف أحوالك ؟..والشيخ عبد الرحمن ؟
-الجميع بخير
أشار له ستيف بسيجارة :
-هل البضاعة جاهزه ؟
أحنى سقر رأسه بملل :
-أليس من العيب ان تسأل مثل هذا السؤال ستيف ؟
ضحك الرجل بقوه وهو يقول :
-واثق جدا من نفسك ..أحببتك ..حسنا !
ثم أشار لرجاله بأصابعه:
-أنقلوا البضاعه
كاد الرجال ان يتحركوا من خلفه ليقول سقر بحده :
-أنتظر !
نظر له الرجال بأستغراب ...ليرفع سقر رأسه :
-البضاعة ليست فى الشاحنه
شحب وجه الرجال وهو يهمس بغضب مكتوم:
-ماذا تقصد ليست فى الشاحنه ؟ هل تهزء بى ؟
هز سقر رأسه أن لا ...وهو يخرج السكين الصغير من جيبه ...وأقترب من الشاحنه مدمدما :
-قلت البضاعه ليست فى الشاحنه ...ولم أقل انها لا توجد فى ...
وأنجنى بجوار أطارات الشاحنه الضخمه للغايه ..ودب السكين بها ..ليشقها بصعوبه ...فظهر المسحوق الأبيض اللون ليهمس:
-أطارها !
أتسعت أعين ستيف بدهشه ..وضحك عاليا :
-ذكى ..ذكى ..حقا لقد نجح عبد الرحمن أختارك
وقف سقر مبتسما ...وهو يرى رجال بدؤا فى فتح باقى الأطارات بينما جابر فتح عيناه بصدمة ..ليبتسم كعادته ..فقط يبتسم !
***************
الوقت الحاضر
حرك حبات السبحه بين يده بخشوع ..وهو يناظر الارض أمامه ..بينما يحمل بعض الاكياس فى يد والصحيفه تجت أبط اليد الاخرى ..زادت تمتماته بالأستغفار وهو يسمع بعض السيدات تصرخ فى بعضها فيما يعرف (بالردح) ..وصل اخيرا لبيته فدلف من الباب الخشبى القديم ..وأعتلى الدرجات بوهن حتى وصل للدور الذى يوجد فى منزله فاتجه له بخطوات بطيئه..وأولج المفتاح فى الباب ودخل وهو يقول بصوت مرتفع:
-السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أتى الرد فى هيئه سيده ممتلئه القوم وفى نهايه عقدها الخامس بوجهها البشوش وهى تمسح يدها فى منشفه لتقول ببتسامه:
-وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته يا أبو عبدالله
أخذت منه الأشياء بينما يبعث لها ببتسامه وقوره ..ليسألها وهو يبحث بعينه :
-امال هو فين ؟
أشارت السيده نحو احدى الأبواب الموجوده فى البيت البسيط:
-جوه فى أوضته
هز الشيخ رأسه ..وهو يمسك الصحيفه بيده وأتجه نحو الباب :
-أنا هدخل أشوف ..ولما تخلصى الفطار يا أم عبدالله نادى علينا
-عيونى يا حاج
طرق الباب بوقار ليأتيه الأذن بالدخول ..ففتحه وخطى للداخل وهو يقول ببتسامه:
-صباح الخير يا بنى
ألتف له وهو يترك المصحف بجواره على الفراش هامسا بسعاده:
-صباح النور يا شيخنا
جلس بجواره الشيخ وهو .يمد له الصحيفه:
-أتفضل الجرنان يا سيدى
أخذه منه بلهفه ليقول الشيخ ..:
-الخبر اللى انته عايزه موجود فى الصفحه الخامسه
أسرع بفتح الصفحه ليجد الخبر مكتوب بالخط العريض:
-أخر تحقيقات الشرطه قاتل السيده الأربعنيه ..فى اسوان
أقفل الجريده لينظر له الشيخ وهو يحك ذقنه:
-هتعمل ايه دلوقتى يا ...ياسر!
ألتف له ياسر وهو يتنهد بتعب :
-والله معرفش يا شيخنا ..معرفش
ربت الرجل على فخذ ياسر وهو يقول بأبوه:
-أسمعنى يا بنى ..أنتى لما جتلى ..ذى اللصوص ...فى نص الليل أنت والبوليس..وحكتلى على اللى سمعته ...وقفت جنبك وفتحتلك باب بيتى ..رغم انى ...
وأحنى رأسه ليكمل :
-رغم انى عارف انك مقولتش كل حاجه ...صح يا بنى؟
خفض ياسر عيناه ليشد الشيخ يده على ركبته :
-احكى لى يا ولدى ...وأنا أقسم برب العباد ان الكلام ده مش هيطلع ما بينا ويشهد الله انى فى الشهر اللى فات ده أعتبرتك ذى ابنى وأكثر
رفع له ياسر عيناه ليهمس :
-هحكيلك يا شيخ ...
.........
الحياه عباره عن طريقان ..صواب وخطاء ودائما انت فى أختبار لا يوجد منهج محدد ولا يوجد كتب دراسيه ولا حتى مدرسين ليشرحوا لك ...أنت ترمى فى هذا الاختبار وأمامك هذان الطريقان ..أختر...الأن ..الاختبار أوشك على الانتهاء ..أركض يسرعه ... الوقت ينفذ ..الوقت يسرع ..الوقت ...أنتهى!
-----
أسند يداه على المكتب أمامه وهو يلهث بقوه محاولا أخذ نفس طويل من الهواء ليقول لوجه الظابط المندهش أمامه :
-هه ..ميه...هه أرجوك
رفع الظابط حاجبيه بقوه من هذا الرجل الذى أقتحم المكان فجأه وهو يستجوب مجرمين فى قضيه سرقه محل ما فعقد الظابط حاجباه :
-انت مين ؟ وازاى تدخل كده أنت نسيت نفسك ولا ايه ؟
استرد ياسر أخيرا بعض أنفاسه :
-لا والله ياباشا مقصدش ..بس ..فى مصيبه حصلت
أرجع الظابط ظهره للخلف وهو يقول بتهكم وقد أسند وجهه على كفه يده :
-أرغى
بلع ياسر ريقه محاولا ان يرطب حلقه الجاف :
-ياباشا انا جت اتصل بـنمرة أتصلت برقم غلط
-وده بقا اللى عملى عليه الهوليله ديه كلها ؟
-لا ياباشا ..والله المشكله ان اللى ردت عليا حد قتلها
بانت ملامح الدهشه على وجه الظابط :
-والله ..؟(ثم تحولت للعصبيه الساخره ) جرا ايه يا ***** أنت جى تعملهم علينا عالمسا .. شكلك مجنون وهربان من السرايا الصفرا
-والله يابشا ..
قاطعه بصراخ :
-بس ولا كلمه بدل ما اخليك مكان اللى وقفين دول
نظر ياسر لمجرمين الواقفين و(الكلبشات ) فى يدهما . فبلع ريقه بصعوبه وهو يرجع نظره للظابط :
-أرجوك صدقنى أنا فى مصيبه
وقف الشرطى بنرفزة وكاد ان يصفع ياسر لولا الصوت الخشن الذى أتى من خلفهم :
-فى أيه يا أمين ؟
التف الظابط الذى أكتشف ان أسمه امين الان ليأدى التحيه لذالك الرجل العملاق عند الباب :
-أبدا يا فندم ده واحد باين عليه واخد حاجه وجى يعملهم علينا
تأمل الرجل نظرات ياسر ليدور خارجا من الباب وهو يقول بصوته الخشن :
-تعالا ورايا
تبع ياسر الرجل الغريب بخوف ..حتى وصلا لباب احدى الغرف ..فوقف العسكرى بجواره مؤديا التحيه ثم فتح الباب ..فدلف وخلفه ياسر ...والذى وجد الرجل يخلع جاكتته وعلقها على احدى الشماعات ..ثم فرد ظهره على الكرسى خلف المكتب ..واشار لياسر:
-أقعد
أقترب ياسر ببطىءء وهو يلاحظ الأسم المكتوب على المكتب .."الرائد قصى محمد" أبتلع ياسر ريقه بصعوبه ..وجلس بأقدام مرتعشه على المكتب ..فأسند قصى ذقنه على يديه ..وهمس:
-أنت أسمك أيه بقا ؟
بلع ياسر ريقه بصعوبه :
-ياسر ..سعدتك ..ياسر العياط
تقابلا حاجبى قصى بتفكير:
-العياط ؟؟ ..انا عارف العيله دى ..مش شيخها يبقا حمدان برضو ؟
أومأ ياسر وهو يعدل من نظارته :
-أيوا ..ده أبن عمى
-أنت شغال أيه ؟
فرك ياسر يديه بتوتر:
-دددكتور ..دددكتور عظام
-أأأمم طب أحكيلى بقا يا دكتور ياسر أيه اللى انته سمعته ؟
بلع ياسر ريقه وهو يرفع نظرات مرتبكه لقصى :
-أنا هحكيلك كل حاجه
...
رجل قصى بظهره للخلف وقد أحل ربطه عنقه وصمت قليلا ليقول بتفكير:
-أنت عارف الكلام اللى انت قولته دلوقتى ده لو طلع كذب أنا هعمل فيك أيه؟
أسرع ياسر وهو يتقطع فى كلامه:
-أقسم بالله ..ان ده اللى حصل ...وده
وفرد امامه ورقه :
-ده هو الرقم اللى اتصلت بيه
نظر قصى للرقم لتتسع عيناه بقوه ..ثم رفع نظره لياسر مره أخرى :
-أنت متأكد ان هو ده الرقم ؟
-أيوا سعادتك هو الرقم
طبق قصى الورقه بقوه فى كفه ..لقد عرفه ...بالطبع يعرفه ...انه رقم منزلها ..رقم منزل البندقيه الشعر ...انه رقمها هى ..رقم وجدان!
رفع عيناه لياسر ...ثم ألتقط سماعه الهاتف وانتظر لحظات ثم همس:
-صبرى ..تعالى على مكتبى حالا
ثم نظر لياسر:
-فى عمليه محتاجك فيها !
****************

الحنين وجع لا يحن الى وجع ..عو الوجع الذى يسببه الهواء النقى القادم من اعالى جبل بعيد وجع البحث عن فرحه سابقه وجع من نوع صحى ..لأنه يذكرنا اننا مرضى بالأمل ..وعاطفيون !
وضع فنجان الشاى وهو يتأمل معركتها البائسه فى لململه شعرها للخلف بسبب يدها المصابه..فترك الجريده وأقترب من الفراش خلفها ..وامسك يدها وكأنه يستأذنها ان تعطيه شرف ملامسه شعرها ..فتركت له الدعوه مفتوحه ...ليبدأ هو فى لملمته وعمل ضفيرة بينما هى كانت كهريره راضيه فأبتسم على هدؤها ..همست له فجأه :
-أنت أتعلمت تعمل ضفيره أزاى ؟
لو فمه وهو يقول :
-بنت عمى كانت عندها شعر ذى شعرك ده بالظبط مكنتش بترضى حد يعملها الضفيرة غيرى
أحمر وجه وجدان وهى تشد شعرها من بين يديه وألتفت له رافعه حاجبها :
-والله ؟؟؟؟ وهى عندها كام سنه دلوقتى
حاول منع ضحكته المتسليه وهو يلوى شفتاه :
-اممم على ما اظن فى نفس سنك
صكت على اسنانها بقوه وهى تفك الضفيره بيدها السليمه ليقول باندهاش:
-ليه فكتيها ..كانت حلوه
هزت راسها بعنف :
-أبقا روح لبنت عمك واعملها الضفيره ...أنا طول عمرى بحب الكعكه
ولملمت شعرها فى كعكعه خرقاء مشعته ...ليبتسم هو ..وفجأه أتته تلك الرائحه ...ليغمض عيناه هامسا :
-فرواله !
نظرت له بأعين تقدح شرا:
-ودى مين فراوله دى كمان
أبتسم وهو يقترب بانفه من شعرها بطريقه حميميه وهو يغلق عيناه :
-انتى !...ريحه شعرك فراوله
أحمرت وجنتيها وهى تحاول ان تبعد عنه ائله بارتباك :
-دى ريحه الصابون
قاطع تواصلهما صوت البب يطرق ..فوقف قصى فاردا ظهره ..قائلا بخشونه:
-أدخل
فتح الباب ليطل الشيخ علوان من خلفه وهو يبتسم :
-السلام علليكم
ردا السلام ..ليقترب من فراشها هامسا:
-أزيك يا بنتى دلوقتى أخبار صحتك؟
همست وجدان وهى تنظر لقصى طالبه حمايته :
-ااا الحمد لله
أقترب من قصى منها وهو يقدم الرجل :
-ده الشيخ علوان ...استضافنا هنا عنده
هزت راسها وهى مازالت متخوفه من زالك الرجل ...ليكمل قصى :
-أن شاء الله بكره هنكمل طريقنا يا شيخ علوان
-لا !
قاطعه الرجل وهو يرفع يده :
-قسم بالله ما ينفع ..انا فرح ابنى بعد 3 أيام ...ولازم تحضروه ..ده البكريه !
حاول قصى التملص ...لتقطع وجدان حديثهما هامسه :
- انا عمرى ما حضرت فرح نوبى قبل كده
ثم نظر لقصى :
-خلينا نقعد ..عشان خاطرى
بلع قصى ريقه بصعوبه فرفع يده :
-خلاص 3أيام ....ونمشى
صفقت وجدان بجذل بينما أبتسم الشيخ علوان :
-من بكره ان شاء الله البنات هتيجى تاخد زوجتك ..عشان الحنه
شحب وجه وجدان ..وارتبك وجه ياسر ..ليقول الرجل :
-هستأذن انا ..ألف سلامه عليكى تانى يا بنتى
-الله يسلمك
همستها بشحوب ...وما كاد الرجل يغادر لتلتف له بغضب :
-مراتك؟؟؟؟
أبتسم قصى وهو يرفع يديه :
-ماليش دعوه أنا مقلتش حاجه
أمسكت وساده بجواره وضربته بها بقوه :
-انت !!! أنت برىء ..و..وديع ..ولا عملت أى حاجه
فرد ذراعيه وهو يتتائب:
-تكرمى يا بنت الأصول ...
أقترب من الفراش ورمى جسده بقوه جعلت السرير يهتز حتى كادت تقع من عليه ...نظرت له بدهشه وهو يغمض عيناه ممثلا النوم فصرخت به:
-أيه ده؟أنت هتنام هنا ؟
فتح عيناه ونظر لها مبتسما بمكر :
-يعنى هو فى زوجه محترمه تخلى جوزها ينام على الأرض
أتسعت عيناه وهى تزيحه بيدها الصفيره:
-أنت صدقت ولا ايه..؟أتفضل نام على الأرض
سند رأسه على كفه وهو يقول :
-يا بنتى دى فيه ميه واحده تتمنى أنى أنام جنبها
رفعت حاجبيها :
-والله ؟!
هز كتفه بغرور :
-أمال ليه ..هوأحنا قليلن فى البلد يا بنتى ؟
-أها واكيد بنت عمك واحده منهم مش كده؟
أبتسم وهو ينظر لها :
-أأأم معتقدتش
-طب حيث كده بقا ...
وقفت على ركبتيها اعلى الفراش وبكل قوه دفعت جسده ليقع بثقله أرضا متأوها بشده بينما هى أطلت عليه من أعلى الفراش:
-طب تسلملى عليها لم تحلم بيها ..وانت نايم على الأرض ..تصبح على خير
ونفضت يداها ..وهى تعاود النوم .على الفراش بينما تسبه فى داخلها أم هو فأبتسم هامسا:
-آآه لو تعرفى !

*********
حديث الحب ...أبكم!
أقفلت الباب خلفها ثم أستدارت لتجده كما هو جالس على سريره بينما يحمل الكتاب بين يديه ..وتلك النظاره تعتلى وجهه ..أرتعشت مقلتيها ..وهى تتأمل ملامحه المنصبه بكل أهتمام داخل الكتاب ..أخذت نفسا عميقا ..محاولة أستخراج ذرات الشجاعة من الهواء ..ثم أقتربت من الفراش ..أنه حتى لم يرفع عيناه ليراها ...فكرت بوجع ...وهى مازالت تقترب ...وحاولت لملمه بعض الكلمات لتقول :
-أستاذ خالد ..أجبلك كوبايه عصير تانى ؟
-لأ
زاد توترها ...من رده البارد ...لتحاول التمسك بأعتى صبر لديها وهى تكمل :
- طب تأمرنى باى حاجه ؟
أخيرا من عليها ورفع نظراته البارده لها ..ليبعد النظارات عن عيناه ونزل بنظراته _التى ترفع درجه حرارتها_ على جسدها فبلعت ريقها بصعوبه وهى تعيد سؤالها ..فما كان رده هذه المره ألا أنه سحبها بقوه مفسحا لها مكان بجواره لتسقط فى النهايه بجواره على الفراش بين أحضانه!
تصلبت بقوه بينما هو فعل حركته المحببه ..حيث فك حجابها بحركات رشيقه من أصابعه جعلت حجابها يتراجع للخلف مظهرا شعرها الأصفر الحريرى ..فدفس أصابعه بين خصلات شعرها يداعبها ...وهو يهمس بجوار أذنها بصوته المغوى :
-نامى جنبى النهارده
أتسعت عيناه بشده وحاولت الأبتعاد ليرجعها مكانه مره أخرى :
-هووووووش ....النهارده بس....من غير أسئله ..ومن غير أى أعتراض النهارده خلينا ...واحد ...وأمرأته !
أرتعش جسدها من همساته الدافئه داخل أذنها ...وليزيد البله طينا ..وهو يلاعب عنقها بانفاسه ...أغمضت عيناها وهى تشعر بالدفىء ..وبرائحته تتسلل بخفه لتنتقل من جسده لجسدها !
واصابعه تلاعب أصابعها .. أنها تشعر به حولها ...يمتلكها ...فتحت عيناه فجأه ..وهى تصحو من حاله السكر التى هى فيها ...فتصلب جسدها ..وشعر هو بذالك ...مما جعله يوقف غزوه على جسدها ...بينما أنفاسه لم تتوقف وهى تتدفىء عنقها:
-ترضاها يا خالد ؟
قالت بشحوب وهى مازالت موليه له ظهرها ...وكانت لا تنتظر منه ردا لتكمل :
-ترضاها ...أنك تلمسنى ..بعد واحد غيرك ؟
فجأه شعرت بتلك البروده تشع منه ..وتقلص جسده بعيدا عنها ...فأكلمت طعناتها :
-مش أنت قولت انك لا يمكن تلمس زباله ؟.
ألتفت له بحده عندما رأت انه لن يرد ..وصرخت به بحده لم يرها من قبل :
-مش أنت أتهمت ...وهاجمت...وحكمت ...ولا ده أستئناف فى القضيه ؟
لم يرفع حتى نظره لها لتكمل وهى تضربه بقبضتها على صدره :
-مش انت اللى أتهمتنى فى شرفى ...أتهمتنى أنى خنتك...و انى بعت نفسى لصاحبك ؟..راجع ليه تانى ...عايز أيه تانى؟....
زادت من ضرباتها وهى تصرخ به :
-أنت مفكرنى لعبه ...ترميها وقت ما انت عايز ..وتلعب بيها وقت ما تحب
لم تشعر ألا ودموع ساخنه تجرى على وجهها وهى تضربه بقوه فى صدره ..عندما رأت أنه لا يرد:
-ما تتكلم يا خالد بيه ..يا أبن الأصول..أتكلم !
لم يرد أيضا لتصرخ به بحد:
-أتكلم ...أتكلم ....رد ...رد عليا ..وأتهمنى ..أتهمنى فى شرفى أتكلم أتكلم
لم تشعر ألا ويداه الصلبه تشداها بقوه نحو صدره ليحتضن وجهها الباكى داخله ...بينما جسدها كان يهتز بقوه منتفضا :
-هشششششش أهدى ....أهدى
همس وهو يمسح على شعرها ...كأبنه له ...حتى هدأت تلك الأتفاضات فى جسدها ...وبينما كانت فى عالم الصحو ..والنوم همست بضعف:
- عارف حبيتك قد ايه؟ عارف جرحتني قد ايه؟ عارف وجعتني قد ايه؟ كنت عايزه أدعى عليك لكن مكنش هيهون عليا أنه يأذيك
ثم تابعت ببكاء مرير:
-مع انك أذتني كتيير اوووي أذتني ف قلبي و ف مشاعري و ف كرامتي
انت جرحتني كتييير و دوست عليا كتييير اوووي ، فاكر كلامك ليا لما جيت قولتلك مظلومة ؟؟؟ فاكر هنتني ازاي ؟؟ انا اكتر واحدة بتحبك و احق واحدة بيك مع ذلك فضلت تبعد عنى ...وفضلت تبنى مسافات و...
وصمت فجأه كما تكلمت فجأه...بينما هو لم يهتم بقميصه المبتل ..ولا بالوجع الذى بدأ يدك قدمه...فقط فكر فيها...وفى كلامها !
*********
وجاء يسألنى على أستحياء أن كنت أتذكره ؟
أجت: وهل المبتور ينسى جزءا منه فارقه ؟

ألقت القفازات الطبيه فى صندوق القمامه ..وألتفت له هامسه :
-كده خلصنا تقدر تفضل ..وحاسب تانى مره على أيدك من الأزاز
أبتسم لها هادى بمكر وهو يرفع يده :
-لا منا ..لو كل مره هتعالجنى دكتوره قمر كده..يبقا لازم امشى ورا الأزاز واتعور منه
ردت له ياسمين أبتسامه مصطنعه ...وهى تنظف الأدوات :
-شكرا !
وقف وهو يتجه للخارج فجذب أنظاره المفاتيح الموضوعه على المكتب بعلاقتها البنفسجيه:
-شكرا ليكِ انتِ
أقترب منها وهو يمد يده ببطاه سوداء:
-ده الكارت بتاعى لو عوزتى اى أستشاره قانونيه
أخذته منه ومازالت تبتسم ببرود:
-شكرا
أبتسم لها وكاد يخرج ليعود مره أخرى وهو يقول بمكر:
-صحيح يا دكتورة ياسمين ..هو فى دكتور تدريب هنا أسمه جاسم؟
أرتعشت يداها التى كانت تنظف الأدوات لتحاول التكلم بصوت ثابت :
-أيوا متدرب هنا
-لم تشوفيه قوليله صاحبك هادى بيسلم عليك ..أصلى بقالى كثير ما شفتهوش
-أن شاء الله
رفع يده المصابه قائلا ببتسامه لزجه:
-شكرا على الخياطه مره تانيه
بمجرد ان خرج تركت ياسمين الادوات ..وهى تزفر بتعب ..تعب ..من تجوله حولها ..فى كل مكان حتى فى كلام الأخرين ..يلاحقها ..طُرق الباب فقالت وهى تعاود تنظيم الأدوات :
-نسيت حاجه يا أستاذ هادى؟
لم تجد ردا فألتفت لتجده أنه هو يقف شاحب الوجه بأعين سوداء فهمست:
-جاسم !
أقترب مغلقا الباب خلفه وهو يرفع حاجبا بقوه :
-مين هادى ده ؟
أضيقت عيناها كانت ستقول له ما دخلك انت ..لكنها لم ترد شجارا جديدا الان فيكفيها غيرته من غسان فعادت لعملها وهى تهمس ببرود:
-مريض كان لسه هنا ...آه ..وبيسلم عليك
-الله لا يسلمه
همس بخشونه ..لترد هى ببرود:
-ليه دى باين عليه شخصيه محترم ؟
فى اللحظه التاليه كان يشدها بعنف من ذراعها بينما ظهرت الشياطين على وجهه وهو يقول أمرا أياها :
- محترم ولا مش محترم دى هتكون أخر مره تكلميه ...ملكيش علاقه بهادى ده تانى أبدا ..مفهوم؟
رفعت حاجبها وصاحت:
-وأنت دخلك أيه..؟ كنت ولى أمرى وانا معرفش
-أسف
أرخى قبضته ونطقها بهمس وهو لا يعلم هل هو أسف على قوته فى التعامل معها ام اسف على جرحه لها ! شدت يدها من بين قبضته بقوه مكمله :
-أنت أيه البجاحه اللى أنت فيها دى ؟...أنت مفكر نفسك مين عشا تدوس عليا فى لحظه وفى اللحظه التانيه ترجع وتقولى أنا أسف...؟..ياريت الأسف ليه سوق يتباع فيه ...انت مفكر ان الناس عبيد عندك ...تجرح فيهم براحتك..وبعدين تيجى تقول أوبس سورى مكنتش اقصد ....مش كل حاجه تتصلح بالأسف يا جاسم ..فهمت؟
كان مصدوما من تلك الثوره التى فرقعت فى وجهه ...تركته واقفا هناك كريشه معلقه فى الهواء ...وتجهت للباب ..وكادت تخرج لتعاود ادرجها وهى تقوله بمكر:
-أه...نسيت أقولك ان انا محتاجه محامى
ثم رفعت البطاقه السوداء التى أعطاها اياها هادى:
-وباين على الأستاذ هادى محام شاطر أوى
وأبتسمت تلك الأبتسامه الماكره ..وأغلقت الباب خلفها ..بينما هو ضرب الحائط بقدمه بقوه شاتما ببذائه ...ثم شد شعره وهو يلعن بداخله رأسها اليابس ذالك ...وقف أخيرا كثور ينهج بتعب ..ليتذكر فجأه أخر مقطع من كلامها فاتسعت عيناه ..وهو يقول بغل:
-وحياه الوالده أمى ..هقطع لسانك ابو مترين النهارده يا ياسمين
وأسرع يخرج من الغرفه باحثا عنها ..ليصتدم بذالك المستند على الحائط بظهره ..بينما يلاعب مفاتيح ذات عليقه بنفسجيه بيده ..تشنج جسد جاسم فجأه..لتتحول ملامحه للبرود التام ..وهو يضع يداه فى جيب المعطف الابيض ..وأقترب من هادى ..ثم أستند بجواره على الحائط .وصمت... بينما .كان الصوت الوحيد الذى يتردد هو صوت علاقه المفاتيح ..حينما يقدفها هادى لأعلى ثم يمسكها ..ليقطع الصمت بصوت بارد:
- اديها 8 من عشره
لم يتحرك جاسم ..ليكمل هادى:
-مش بطاله لكن متستهلش ده كله
لم يشعر هادى الا وعنقه بين يدى جاسم ..وهو يخنقه بقوه على الحائط خلفه ...بينما عيناه تنقلب للسودا التام :
-أوعى تقرب منها ..هكلك بسنانى
أبتسم هادى رغم شعوره بالأختناق ..ليهمس بحشرجه وصعوبه:
- أيه ...بـ..بـ..بتحبها هههه....والله وبقيت بتحب..يا..صاحبى
رماه جاسم أرضا وهو يهمس بشر:
- صحوبيتك دى كانت بقعه سودا ...مهما حاولت امسحها مش بتطلع ...
ثم أنحنى بجوار هادى الذى يكح بقوه على الارض وهمس:
-انا لغايه دلوقتى عامل حساب السنين اللى كنا صحاب فيها لكن
ورفع أصبع السبابه بتحذير:
-وربى ...وربى يا هادى لو أذيتها لكون دايس عليك ذى الحشره
ثم وقف وهو يعتدل و مازال ينظر له بحده بينما هادى يمسد عنقه بتعب وهو يهمس لظهر جاسم المبتعد :
-اما نشوف يا ..صاحبى !
*******
لماذا نصر دائما على معرفه الماضى ؟!
-يا ست الحاجه ...يا ست الحاجه !
قطع كلام ميسره صوت شاديه ..التى تهتف فى الخارج ماديه عليها ...فأغلقت ميسره عيناه ..وهمست لرسيل :
-معلش يا بنتى ...نكمل كلامنا بعدين
ثم ربتت على يد راسيل :
-ساعدنى أخرج ببيت اللى بتصرخى دى..,الله هتفجر دماغى من صوتها
أبتسمت لها راسيل وهى تقف لتسندها نحو الخارج ...ثم ألتفت لتقفل الباب خلفهما ..لكنها ألقت نظره أخير على الغرفه ...قبل ان تقفل بابها !
أتجهت هى وميسره للصاله لتجد شاديه والتى كانت ستنده مره أخرى ..وسكتت بمجر د رؤيتهما فأشارت لها ميسره بعصاه:
-أيه ..فى أيه يا بنت المركوب أنتِ عماله تصرخى يا حاجه يا حاجه
أحمرت الفتاه وهى تقترب ماطه شفتاه بملل :
-يا حاجه منا بقالى ساعه بنده
-المهم خلصينى عايزه أيه ؟
أندمجت ميسره مع شاديه فى حديث عن المطبخ ..بينما هى وقفت صامته :
-خلاص هشيع لحد من العيال يجبه بكره..روحى انتى دلوقتى
ذهبت شاديه فألتفت ميسره لراسيل فوجدتها سرحه لدرجه انها لم تشعر بذهاب شاديه فهزت يدها :
-راسيل يا بتى
-هه!
نظرت لها راسيل ..لترمش بعيناه عده مرات :
-أسفه يا حاجه سرحت شويه
-لا يا بنتى ولا يهمك ..معلش يا بنتى هطلب منك طلب ..
...ثم اشارت بعيناها لأعلى :
-أطلعى نادى على سقر ..هو فى أوضته
أومأت راسيل :
-خاضر يا حاجه ..هى أنى أوضه؟
-تانى واحده على الشمال
وقفت راسيل ..وأتجهت نحو السلم الرخامى الضخم بينما تلاحقها اعين ميسره والتى همست :
-رنا يجعل راحه قلبك فيها يا سقر !
....
فتحت الباب ببطء .وهى تدخل رأسها للداخل ..فوجدته يقف عاريا الصدر أمام احدى الطاولات معطيا لها ظهره ..وقد انحنى بجزعه يكتب بعض الأشياء على ورق امامه ...أقتربت بخطوات خافته حتى وصلت خلفه فتنحنت قائله :
-أأأ ..سقر ...الحاجه ...ميسره عيزاك تحت
لم يستدير لها ..بينما يبدو عليه التركيز الشديد فى الأوراق أمامه :
-حاضر !
تأملته من رأسه المبتل والذى جعل خصله تتمرد وتقع على جبهته مما زاد ملامحه الخشنه وسامه وحاجبيه المنعقدان دائما ...ونزلت بنظراتها على فكه الصلب وذقنه الخشن ...ووتجرأت عيناها لتنظر لظهره المغطى بجروح وندوب بارزه لتقف خلفه مباشره ه ..ومدت يد مرتعشه ..لتلامس تلك طررف الندوب .فشعرت بجسده ينتفض ...بينما هو ..عندما شعر بتلك اللمسه على جروحه ..وقع القلم من يده ..وقد أغلق عيناه بقوه :
-بتوجعك؟!
همستها بشفاه مرتعشه ..وقد بدأت دموعها فى السقوط ...بينما أرتفعت أنفاثه لينهج مثل الثور ..وألتف لها ..ليرى تلك الدموع التى زادت جمالها جمال .. فصدم باقترابها المبالغ فيه حتى كاد يرى خطوط عيناها فأنزل عيناه ونظر لها يلتهى بأرتوائه منها عن ألمه ..تلهيه هى عن الوجع ه ..يتوه فى تفاصيلها فينسى جزءا من متاعبه ..حتى يكتشف أن فيها كل متاعبه ..وفيها تكمن راحته!َ
أحاط خصرها الرقيق الهش ..بذراعه الصلب وهو يلصقها بصدره بينما بيده الأخرى رفع كفها الرقيق فاردا أياه فوق صدره ..ومكان قلبه ..وهمس لها وعيناه تصب داخل عيناها:
-لم بتحطى أيدك كده ...بتوجع ...أوى!
همسها بلوعه ..وهو يشاهد عيناها تتسع بينما تحاول أبعاد كفها بسرعه فأعده لمكانه مره أخرى ..وهو ينحنى..ليهمس أمام عيناها :
-طول منا عايش ..وراسى بيشم الهوا ...أوعى ...أوعى أشوف دمعه واحده تنزل من عينك ...لم اموت أبقى عيطى براحتك
شهقت رغما عنها وعيناها تذوب داخل عيناه ..المسيطره والتى رغم التعب ..ورغم ذبولها ألا أنها لم ترحمها ..وهى تغرقها داخلها حتى أنها نست ..كل ما فعله ..وكل كلامه ..كل ما رأته هو ذالك الطفل صغير الذى مازال يتوجع وحيدا !
بكت بقوه ..وهى ترفع كفها الاخر لتفرده على صدره ...فأخذهما بين يداه وهو يقربها أكثر منه ورفع أحد ياها ليقبلها فى باطنها ..بخشونه ..فحاولت هى ان تبعتد عن جاذبيته ..ألا تسقط فى هاويته لكنه همس بعذاب :
-متعيطيش !
شهقت منه بقوه وحاولت أن تبعتد قبل ان تهلك داخل عيناه لكنه ..زمجر بأعتراض ..ليلصق جسدها بصدره الصلب ...بينما حط بشفتاه على وجنتها ليمسح دموعها بقبلاته الرقيقه كرقه الفراشات ..فهمست بعذاب :
-سـ.سـ سقر !
كانت همستها الطامه ..فترك كفيها وحاوط وجهها الصغير بين يداه ..وهو ينهى عذابه بذالك الشوق الذى يجتاحه ليذوق عسل شفتاها مجددا دون اعتبار منه لأعتراضها الخفيف ..ليدسها بقوه بيده محاولا ان يدخلها داخل اضلاعه ..أن يدخلها داخله لترى ماذا تفعل به ...وهى أستسلمت لمشاعرها ...وسلمت له نفسها ..وهى لا تعرف ماذا تفعل ولا بماذا تفكر ..كانت كطفله ..تلقت موجه عارمه ..ففأجتتها الموجه مغرقه أياها بداخلها ...لا تكن قبله بل كان أستيلاء وسطو عليها بأكملها ..وهى تشعر به يشد من أحتضانه لجسدها الصغير بكلا ذراعاه ....وكأنه يخبرها ..أن هذا هو مكانك..فكفى عن أعتراضاتك ...كأنه يسحبها من كهف مشارعها ليهزها كزلزال يخبرها انك ولدتى لتوجدى هنا ...ولن تستريحى ابدا الا هنا فى موطنك ...مهما سافرتى ..وبعدتى ستعودى لتعششى بين ذراعى مجددا !
وأحتاج هو لشىء يطفى بعض من النار التى اشتعلت به حتى كادت تحرقه من داخله ..فأبتعد مطالبا بالهواء ..والذى طعنه بقوه فى صدره كأنه يعاقبه لتوقفه عن تقبيلها ...بينما هى وقع رأسها على تجويف عنقه ..ولهثت بعنف من تلك الحرب التى شنتها ...فدفست أنفها فى عنقه ..وهى تتنفس بقوه ..فدلف الهواء بداخلها محملا بعطر أنفاسه..وبعطر جسده..كأنه لم يترك لها حتى بعض الهواء النقى بعيدا عنه لتتنفسه ...نزل هو بشفتاه ليقبل جان وجهها الظاهر ..بقبلات صغيره وهمس بصوت مذبذب بالعاطفه:
-بحبك!
*******
وضع الكأس الفارغ بقوه حتى كاد يتهشم ...بينما ينهج مثل الثور ...وفكره واحده تعلو فى رأسه ..الأنتقام!
صب المزيد من الخمر فى الكأس ليرفعه مره أخرى لفمه ..وأبتلعه مره واحده ..بينما عيناه المحمرتان مصوبه على تلك المفاتيخ ذات العليقه البنفسجيه ...فقط يريد أن يبرد تلك النار المشتعله فى جوفه ..وأن ينتقم ..ينتقم لأخته ..أخته التى كنات تحب جاسم!...وأقسم على قبرها بعد انتحارها ان يذيقه كل طعم مر يوجد فى العالم منذ تلك اللحظه وقد أصبحا ألد الأعداء لبعضهما .مسح فمه بقوه وهو يتذكر ..تلك الأيام التى تلوح له الأن كجبال بعيده ..كان هو وجاسم أصدقاء منذ وعى على العالم ...كانا مثلا يحتزا به فى الصداقه ...أتسعت أبتسامه هادى وهو يتذكر ..تلك الأيام ايام الثانويه ...كان ذالك قبل موت أبى جاسم ...وكان جاسم ينحت فى الصخر حتى يرفع رأس أبيه عاليا ...قهقه هادى فجأه وهو يستعيد تلك الذكرى عندما ذهب لجاسم ..الذى نظر له بحزن مواسيا موت أخته فما كان من هادى ألا ان رفع قبضته ليهوى على جاسم ..وكادا يقتلان بعضهما لولا تدخل خالد ...ومن يومها ..وهو يحيى فقط ليعذبه ..مد هادى يده ليلامس العليقه البنفسجيه وهو يهمس بفحيح :
-والله ..ومسكت قلبك فى يدى يا جاسم
وجد شاشه هاتفه الذى يضع على الطاوله بجوار علبه سجائره يضىء فألتمعت عيناه وهو يفتح الرساله التى وصلته من رقم نفس الممرضه التى رشاها هذا الصباح فوجد عباره صغيره "الدكتوره ياسمين عندها مناوبه من الساعه 12 للساعه 7 "
ألتمعت عيناه وهو يبتسم ثم قبض بقوه على المفاتيح رافعا عيناه التى تمتلىء
بالغل :
-جه الوقت !
*******
مدي ايدك يا عـروسه.. مدي ايدك للحنة...
مدي ايدك يا عـروسه.. مدي ايدك وتحنَي...
بس الوله يجي.. بس الولة يجي...
يجي عالمحطه.. وادبحلوا بطة...
يجى عند دارنا .. وادبحلة حمامنا ، واشاورلة يجى
يجي عالتسريحة.. وأحطلوا ريحه...
يحيا أبوها يحيا.. يحيا أبوها يا جدعان...
يحيا أبوها وشنبه.. اللي ما حدش غلبه

أرتفع صوت النساء بالغناء حتى وصل لمجلس الرجال بالخارج ....والذى أمتلىء على اخره بالمدعوين...بينما وقف الشيخ فى علوان فى صادره المجلس ..يهنىء القادمين ..,بجواره العريس بعبأه بيضاء ...وسديرى ملون بالخيوط الذهبيه ...بينما قصى جلس على أحد الكراسى ..وهو يلبس احدى العبأات البيضاء ..,قد لف حول رأسه عمامه بنفس اللون ..شعر بالهاتف يهتز فى جيبه فرفعه ليجد أسم ياسر يلمع فوق الشاشه ...فنظر حوله ثم ..وقف ليبتعد عن المجلس ..ووقف خارجه رافعا الهاتف وهو يقول بجديه:
-أهلا يا ياسر
-قصى بيه !... كان فى طلب عايزه منك
همس قصى ..وهو يدور بعيناه حوله ليرى أذا كان أحد ما بجواره :
-فى أيه يا ياسر ؟
-كنت عايز أكلم أمى تانى ...
أغمض قصى عيناه وهو يهمس :
-ياسر أحنا مش بنلعب ..دلوقتى أنت حياتك فى خطر..ولو أى حد عرف مكانك ..يبقا خلاص ...
-انا عارف بس ...بس أنا امى وحشتنى ..وكمان عايز أطمن على راسيل ..انا مش مستريح وهى بيت سقر
مسح قصى وجهه بتعب ..وهو يهمس :
-ياسر ! سقر أتعهد انه هيحافظ عليها ...وأنا متأكد انه قد كلمته ..اما بمناسبه انك عايز تكلم والدتك ..هبقا أتصرف وأبعتلك أى حد بتلفون تتصل بيه
-شكرا يا قصى بيه
كاد قصى أن يغلق ليناديه ياسر بتوتر :
-قصى بيه !
-نعم يا ياسر ؟
أتى صوت ياسر خائفا وهو يقول :
- عيلتى ..مش عايز حد يأذيهم أنا يوم ما جيت لحضرتك وبلغتك بالجريمه وأم وافقت انك تاخد مكانى كان عشان أحميهم....أنا مش مهم ...بس المهم عيلتى يا قصى بيه
ألتف قصى وهو يرد عليه ليجد أمامه تلك التى تتهادى ..بثوب بككل غنج على السلم ..فأتسعت عيناه على طلتها ..ليهمس لياسر:
-أقسم لك ان كل فرد فى عيلتك مفيش شعره فى هتتأذى ..أنا لازم أقفل دلوقتى
ولم يسمع رد ياسر ..وهو يتأمل تلك الشعله التى تقترب وقد تركت شعرها منسدل بحيره على أكتافها ..وأرتدت عبأه حمراء خبيثه للغايه...فهى رغم أحتشامها ..ورغم أنها تغطى جسدها كله..ألا انها تجعلها كشعله متحركه ..بلونها الأحمر ...وخطوطها الذهبيه التى نُقشت على الصدر حتى أطرافها ..بينما ذراعها من الشيفون الشفاف الذى يظهر بياض بشرتها المختبئه تحته ..بلع ريقه ..عندما أقتربت منه وهى تنظر له بمكر أنثوى ...فبلع ريقه ريقه مره أخرى وهو يرى الأن فقط ذالك الكحل العميق حول عيناها ..وأحمر الشفاه الصارخ فوق شفاتها :
-أيه رأيك ؟
سألته وهى ترفع طرف العبأه بيديها ..فقال بخشونه ومالزال ينظر لشفتاها المغويتان:
-القمر شبهك النهارده !
أحمرت بخجل من غزله بها ...فحاولت مدراته بسؤالها :
-يعنى أنا أحلى ولا بنت عمك؟
ثم لكزته بكوعها فى خصرها فرفع يداه الأثنتان علامه الأستسلام :
-لا والله ..حرام اقول غير أنك انتِ وهى نفس الجمال بالظبط
أحمر وجهها مجددا لكن هذه المره من الغيظ ..فضرب فرفعت حاجبها بغيظ:
-والله؟!
أومأ برأسه مهمهما فكورت قبضتها بغضب ..وهى تفكر أن تسلخ جلده الأن ...فرفعت قدمها ..بالكعب العالى ..وبكل قوه هوت به على قدمه ..فتأوه وهو يمسك قدمه لتقول بحنق:
-عشان بعد كده تقول على واحده تانيه حلوه ذى
ثم أشاحت بوجهها بقوه ..وهى تعاود الصعود لأعلى بينما تركته هو جالسا على الأرض ومازال يمسك قدميه ليضرب الأرض الترابيه بيده صائحا :
-ربنا رزقنى بحب واحده مجنونه ...الرحمه يااااااارب !
*****

عذبينى كما تشائى ...فكم أحب العذاب ..من بين أصابع المحبوب !
ضغط على كفه وهو يتجه نحو باب الحمام وهتف بهدؤ:
-راسيل ..أفتحى الباب ..وخلينا نتفاهم
-لا مش هفتحه يا سقر
صرخت بعناد وهى تعاود نكس رأسها ووضعت داخل حجرها فأبتعد وهو يعض أصابعه كى لا يتهور ويحطم الباب فوق رأسها الاحمق الأن ...فبمجرد ان همس لها بحبه ..حتى شهقت عاليا وفرت بسرعه للأحتماء داخل الحمام وكأنه أخبرها أنه سيقتلها مثلا ..ومنذ ساعتان وهو يقف خلف الباب يتوسلها ان تفتحه ..حتى أنه أخبر شاديه عندما اتته تخبره ان ميسره تريده..أن تقول لها انه متعب ..,سينام فورا ..وليتكلما صباحا...ألهى ...سيجن من تلك المجنونه ..أتجه نحو الكرسى وهو يغمض عيناه بقوه ليسند رأسه وهو يتأوه بصوت مسموع...منذ لحظات كانت بين يداه مثل الحلم ....وكانا فى ملكوت أخر...ماذا حدث لتنفث فى وجهه النار بتلك الطريقه ..وتلوذ هاربه...؟ ..ألا تفهم حبه؟..ولا تشعر بتلك النيران المشتعله بداخله..ألا تعرف أنه ولأول مره فى حيتاه يشعر بقلبه يدق بتلك الطريق..وأنه هو سقر بجلاله ...لم تحرك اى أجمل النساء وأكثرهم أثاره شعره واحده فيه..ألا هى ...بتلك الشعيرات الخفيفه ..وعيناها الصغيره ...ووجهها الشاحب ..أثارت فيه زوبعه ..ضغط على نفسه بالقوه ..واتجه نحوه ..ليفرد كفه على الباب الخشبى وقال بهدؤ:
-راسيل ...يا بنتى أخرجى ...مش معقوله هتفضلى حابسه نفسك جوا !
لم ترد عليه فزفر بقوه وأغلق عيناه ثم همس مجددا :
-طب ..طب أخرجى ..وانا اوعدك مش هاجى جنبك ...ومش هتحرك من مكانى خالص..بس أنتى أخرجى أحسن تاخدى برد
لم ترد مجددا فزفر بحنق وهو يضرب الباب بقوه :
-يعنى مش هتخرجى ؟ خلاص ..أتحرقى ...أو حتى موتى ..
ثم أتجه بخطوات غاضبه يكاد يهدم الارض تحتها ..ورمى جسده على الفراش بقوه ..وعقد ذراعه هامسه بغضب:
-ماشى ..يا راسيل ...أقعدى جوا براحتك ..وأنا يهمنى أيه أساسا ..تعيا ..ولا تموت
شعر بقلبه يشتمه على كذبته هذه ...فتقلب للناحيه الأخرى ..وهو يصدر نظراته نحو باب الحمام..وأعتقد انها لن تخرج ..لكنه شعر بالباب يفتح ببطء ..لتظهر من خلفه تلك الجبانه ...وهى تنظر نحوه بخوف ....وأتجهت نحو الكرسى القريب وجلست بتوتر ..وهى ترسل له نظرات متشككه ..فقال لها:
-أيه مش هتخلعى الطرحه ..هتنامى بيها ؟
لم ترد عليه وهى تشيح بوجهها بعيدا فزفر بقوه وهى يعطيها ظهره ثم همس بسخريه:
-نامى يا راسيل وأطمنى..أنا مش وحش لدرجه دى !
شعرت بصدرها يتوجع من كلماته ..فشدت يديها حولها وهى تتأمل ظهره وقد بدأ يتنفس ببطء ..فعرفت أنه نام ...فأرخت ظهرها للخلف وهى ترمقه بحذر ..ثم أغلقت عيناها بتعب وهى تذهب فى عالم النوم !
.....
وقف سقر ..وأتجه نحو مكان نومها ..ليراها وقد سقط رأسها بشكل متعب ..فتأهوه قلبه عليها ..فأنحنى ليحملها ..بخفه ...وأتجه نحو الفراش ليضعها عليه ووقف يتأمل وجهها الشاحب ...وقد هربت بعض الخصلات الصغيره من طوق حجابها ..همس بحنق من حجابها الذى أحكمته بقوه حول رأسها فصك على أسنانه بقوه ..ثم تحولت لأبتسامه ماكره ..وهو يقترب منها ببطء!
*****
قولوا له قولوا له قولوا له الحقيقة بحبه بحبه من أول دقيقة
قولوا له بحبه ومتوهني حبه في بحوره الغريقة أبو عيون جريئة
كان مالي ما كنت في حالي متهني بقلبي الخالي
فات رمشه الجريء وندهلي وفي أجمل عيون توهني
قولوا له ندهني ليه حيرني وشغلني عليه
بالحب اللي زايد والشوق اللي آيد
من أول دقيقة أبو عيون جريئة
فات جنبي وعيونه حبايبي نسوني اللي عايشين جنبي
بصيت له قوام حبيته من فرحة عيني ناديته
قولوا له يقول لعنيه إيه آخرة دا كله إيه
يا يصحي لي قلبه يا ينسيني حبه
أبو عيون جريئة أبو عيون جريئة
طال الشوق وطال تعذيبي ولإمتى حداري لهيبي لهيبي
أوصف له غرامي دا كله وفي أول مقابلة حقول
أحلف له بليالي الشوق ونجوم السما اللي فوق
إزاي قلبي حبه والبال انشغل به
من أول دقيقة أبو عيون جريئة
سرحت عيناها فى سقف الغرفه الأبيض بينما قد فرشت شعرها الأسود على الوساده خلفها وشفتاها تدندن مع لحن الأغنيه ...وتتذكر ..فتتضحك تارة عندما تتذكر مناكشتها له ..وتعبس تارة أخرى عندما تتذكر حدته معها ..لكن فكرت بحنق أن ذالك النذل قد خصم منها أسبوعين فقط ليثير حنقخا ... تقاطع حاجبيها بقوه ...من ذالك المتعنت ...الحجر ..التمثال الذى لا يشعر بها ..ولا بحبها ...فأنقلب فكرها فجأه عندما وصلت لتلك النقطه ...لتقف متجهه للراديو بجوار المرآه وأقفلته بغل ...ثم جلست على الكرسى أمامه سانده وجهها بحزن على كفيها وهى تتنهد ...لقد تعبت من حرب المشاعر تلك ...حقا تعبت ...قطع خلوتها صوت ضرب على باب غرفتها ..والذى يبدو واضحا جدا ان احدا ما يضرب الباب بقدمه! ...فمدت يدها لحجابها الوردى ..ولفته حول رأسها لتفتح الباب بعين مستفسره ..لتجد فى وجهها صف من الكتب ...فتحت فمها ببلاهه ..ليدخل رأفت وهو يحمل تلك الكتب التى تعدت ال30 كتابا قائلا بنزق:
-بقالى ساعه بخبط على الباب ...
دخل للغرفه ليرمى الكتب الكبيره على المكتب بتعب ..ثم نظر لتلك المتصلبه على الباب وهو يقول بسخريه :
-أيه؟! .. أتصنمتى كدا ليه ؟
تحركت فجأه ووجها يحمر من الأنفعال لتشير للكتب :
-أيه ده؟!
ضرب رأفت كفه على الكتب وهو يقول بفخر:
-ده ..المنهج اللى حضرتك هتذاكريه...وهتمتحنى فيه أخر السنه ان شاء الله
أتسعت عيناها حتى كادت تخرج من ماكنها :
-نعم؟!...منهج أيه أنه مفصوله أساسا من الكليه
رفع لها سبابته :
-أه نسيت ..لحظه واحده
ثم وضع يده فى جيبها الخلفى ليخرج محفظته ..فتش فيها قليلا ثم أخرج أحد (الكارنيهات ) منها ووضعها أمام عيناها قائلا ببتسامه مغيظه:
-أحب أقدملك ..كارنيه الجامعه بتاعك الجديد
نظرت للاكرنيه ثم نظرت له بدهشه من ذالك المجنونه لتهمس بعدم تصديق:
-أزاى عملته ؟
مط شفته وهو يقول بلهجه مفتخره:
-أنا مش قليل فى البلد دى
ودعى الله بداخله ان يسامحه على تلك الكذبه ..فقد أستعان بمساعده صغيره من قبل قصى ...جلس على الكرسى عندما رأى أنها لن تتحرك ..وانها لم تفق من الصدمه بعد ..وقال بينما يفتح أحد الكتب :
-أن شاء الله هكون المدرس بتاعك ...لأن السنه دى ..مش هتنجى بس ..لا ..وبأمتياز ..ها نبدأ بأيه ..بالضرائب ..ولا المواريث ..ولا تحبى التكليفات؟
كانت متصنمه فى مكانها وهى تراه يسأله بكل عفويه ....لتهوى على المكتب امامه بقوه وهى تقول بحنق :
-رأفت ..أنا مش هرجع الكليه تانى ..ومش هسمح أنك تكون المدرس بتاعى ..وكمان لا يمكن أقعد اذاكر الكتب دى ..عشان كده ...
وأتجهت نحو الباب وفتحته لتشير بيدها للخارج :
-أتفضل ..من غير مطرود
كاد رأفت يرد عليها ..لترى والدتها أمام الباب ..وتبتسم بمكر ..,هى تنظر لها :
-أيه يا حبيبتى ..عايزه حاجه ؟..
أنزلت ريتاج يدها بسرعه وهى تقول بتوتر لأمها :
-لا يا ماما انا بس ..رأفت كان ...
قاطعتها امها وهى تدخل للغرفه :
-أه رأفت قالى انا وفاطمه أنه هيدرسلك المواد بعد كده ..عشان كده جبت لكم طبق الكنافه ده تسلوا بيه وقتكم ..وانتوا بتذاكروا
أتسعت عيناى ريتاج وهى تنظر لرأفت الذى أبتسم بشامته فيها وهو يقول لامها :
-تسلم أيدك يا خالتو
ربتت على كتفه بحنان ..ثم همست وهى تتجه نحو ريتاج :
-أم أسيبكم لوحدكم بقا ..عشان تذاكروا
ثم قرصت وجنه ريتاج بخفه:
-ركزى مع رأفت يا قلبى ها ..ومتتعبهوش
ثم خرجت وهى تقفل الباب خلفها..ألتفت والشرار يقدح من عيناها لتجد رأفت رفع احدى قطع الكنافه ويلوكها بكل أستمتاع ..فأقتربت منه وهى تصيح بينما تدب الارض بقدميها :
- عارف أنت ..أنت أنسان لا تطاق ...بتاتاً
لم يتغير شىء فى ملامحه المستمتعه بطعم الكنافه ..ليلحس أطراف أصابعه مكان عسل الكنافه ...وأشار لها لتجلس على المقعد بجواره قائلا بجديه :
-خلصتى ؟..أتفضلى أقعدى ..عشان نبدأ
كانت ستعترض وتثور لكن النظره المحذره فى عيناه جعلتها ..تجلس وهى تشيح بوجهها بعيدا ..فاقترب وهو يقول بكل جديه :
-أسمعى كويس اللى هقوله ...بعيدا عن خناقنا ..وبعيدا عن كل حاجه ...الكتب دى ..هتتذاكر يعنى هتتذاكر ...وأذا مكنش بالذوق هيبقا بالعافيه ..وفى أمتحان هعملهولك كل أسبوع..وصدقينى أذا مجبتيش فيه الـ full mark هيبقى فى عقاب ..وعقاب وحش أوى ..ريتاج يا بنت عمى عبد الرحمن ..هتنجحى السنه دى يعنى هتنجحى فاهمه؟!
وماك نا منها بعد كل هذا الكلام وتلك الثوره التى فتحها فى وجهها ألا أن تهز رأسها كالمسحوره موافقه على كلامه ...فأبتسم بفخر ...وفتح أحد الكتب :
-تمام ...هنبداء بـ أول ماده.... المواريث !
******
-أبعت بكره فاكس لنادر ..فيه اللى قولت عليه
هز السكرتير رأسه موافقا .وقال بأحترام :
-حاجه تانى يا حسن بيه ؟
-لا اتفضل انت
أخذ الرجل الملفات من امام حسن واتجه للخارج ..بينما ترك حسن المتعب يستند بوجهه على كفيه ....أنه تعب ..بل يكاد يموت من التعب ...حتى انه لم يذق النوم منذ يومان ..وعقله لا يكف ..ولا يمل من التفكير زفر بحرقه وهو يرمى نظاره القرأه بعيدا عن عينه ..بينما يمسح مكانها بأرهاق ...ثم فتح احد الرفوف فى مكتبه ..واخرج تلك الصوره ..أخر صوره تم ألتقطاها لعائلته ...مسح بأصابعه على جميع الوجوه الموجوده فى الصوره ..كانوا سعداء ..ومبتسمون!
مر بأصابعه على وجه انفال الرقيق ..ببتسامتها الرزينه بينما تجلس فى أحضان خالد ...الذى يقهقه مرحا ...بينما جاسم الصغير يجلس على الارض مربعا دماه ..وهو يضحك ...وعلى الأريكه فى المنتصف ..كانت امه ..ببتسامتها الجميله وهو يحتضنها من الخلف ..وبجوارها كان ..كان أباه .!
زفر بحده وهو يمسح على وجه ابيه ...وتذكر ...ومتى نسى من الأساس حتى يتذكر ...خانته دمعه رُسمت على وجنته فمسحها سريعا ...وهو ينهض ...مفكرا انه يجب عليه ان يشغل تفكيره بأى شىء أخر ...فأتجه كعادته لله!
خير ملجأ وخير معين ...خلع حذائه الفاخر ...وأقترب من سجاده الصلاه ..ليرفع كفه قائلا بصوت متحشرج :
-الله أكبر !
وفى سجوده ...عندما لامست جبهته الأرض ..وعندما كان فى ملكوت أخر ..ملكوت الله ..همس والدموع تغرق وجه :
-اللهم أغفر لى ذنبى ..اللهم أغفر لى ظلمى لسقر ...وأغفر لى يا الله كل ذنوبى وبرأنى منها ...أنك أنت الرحيم الغفور يا الله ..اللهم اعفو عنى وأتنى من رحمتك الواسعه اللهم أشفى أبى من غيبوبته ..وأعده لى سالماً ...اللهم لا تجعل نهايته على يد رصاصه ضربته بها ...
وتقطع صوته من البكاء ..وفقط صمت!
****
وليشهد من يشهد ....أن الحكم على.. فى غرامك ..مؤبد!
-راسيل
راسيل
تأوهت راسيل بحنق معترض على ذالك الصوت المزعج الذى يتهادى الى أذنها ..ويقلق نومها ...فزادت من دفس أنفها فى الفراش الصلب ..كمحاوله منها لأيقاف ذالك الصوت ..أبتسمت عندما صمت الصوت ...لكن بعد وهله ..شعرت بتلك الامسات ..التى تسير فوق فخذها ..فأرسلت رعشات لجسدها كلها ...فتملمت كهريره تبحث عن دفىء مالكها ..وهى تحتضن ذالك الصدر ..بقوه ..جعلت ضحكات خشنه ترتفع .بجوارها ...وشعرت بشفاه ساخنه تداعب وجهها ...فتمطأت بدلال رافضه السماح له بالأبتعاد عنها ..وكأنها تتمسك بذالك الحلم بكلا يديها ...فوضعت وجهها فى تجويف عنقه..وأصبحت تهدر أنفاس ساخنه هناك ..بينما يعلو وجهها الأحمرار ...تصلب بين ذراعيها...يقسم أن تلك الصغيره الهشه ..ستفقده صوابه يوما ما بتلك التأوهات التى تخرجها أثناء نومها كطفله تدمدم أثناء نومها ...تأمل شعرها الذى نام على أصابعه ..ووجها الشاحب دائما محمر الأن بينما شفتاها تبرزان للأمام بتكنز واضح ..ومغرى ..وتتحداه أن يقترب ..تى تلسعه! وليزيد الامر سؤا عندما ظهرت بشرته كتفها البيضاء .من عنق قميصه الواسع ..الذى تهدل عليها لكبر حجمه ...شتم ..بقوه وهو يقترب ..فقط قبله صغيره ويبتعد..ولن يؤذا أحد ...لكن بمجرد ان تذوقها ..لم يستطيع الهروب ..فغاص فى أعماقها..وهو يقسو فى قبلته ...بينما يضمها بقوه لصدره ...جعلت تلك النائمه ..ترمش بعيناها ..من تلك الاصابع التى تغزو بشرتها وتشد شعرها بخفه ...فجأه فتحت عيناه ..لتكتشف انها لا تحلم ...بل ان سقر يقبلها فعلا ..ضربت صدره بقوه ..حتى يبتعد ..فتكركها متقطع الأنفاس ..بينما هو يلهث ..وقد ساد السواد على عينيه :
-أنت أزاى تعملل كده ؟!
صرخت به بحنق وهى تحاول التخلص من ذراعه الذى يلفه كحيه حول خصرها وعندما لم تجد أجابه منه ..صرخت مره أخرى ..وهى ترفع طرفى القميص الأبيض حول صدرها المكشوف لنظراته الجائعه:
-أزاى تتجراء تخلع هدومى؟
-قولتلك اخلعى الحجاب !
قالها ببرأه ..فصرخت وهى تحاول ستر فخذها عن نظارته:
-تقوم تخلعنى هدومى ..أنت ..انت قليل الأدب ...ومش محترم ..وحيوان ..وو
أخرس باقى تلك الترهات التى تتفوه بها ...وهو يشدها بقوه أوجعتها نحو صدره ..وهمس أمام أعينها المتمرده:
-هشششش ...أسكتى...
بلعت ريقها على تلك النبره التى نطق بها ..بينما أرتفعت أصابعه ترسم شفتاها بوله :
-أنا عايز أعرف هو أنت مركبه راديو فى بوقك ؟..أنت مش بتسكتى خالص
نظرت له بتوتر ..وهى تبعد عن صدره الحار لتهمس بعنف:
-أبعد عنى ....وبعدين فين هدومى؟
كانت تبحث بعيناها بذعر فى أرجاء الغرفه ...لينحنى هو بجوار السرير ..ورفع عده قطع من الأقكشه كانت سابقا فستانها ..فشهقت بقوه وهى تعى الان انه لم يكتفى بتبديل ملابسها بل مزق فستانها ...شدت منه القطع بغل وهى تفردها أمام اعينها بغيظ:
-ســـــقر!..أنت قطعت فستانى ؟؟
-كان حلو ..وانا بحبش اى حد يشوف مراتى بحاجه حلوه غيرى !
قالها ببرأه شديده وهو يمط شفتاه بينما يقف على الأرض ..مما جعلها ..تقف على الفراش .. لتواجهه وهو واقف ..وتخصرت واضعه يداها فى وسطها ..وهى تشوح بيدها :
-أنت واحد قليل الأدب..وهمجى ..أزاى تسمح لنفسك أنك تغير هدوى لأ ..وتقطع فستانى كمان ..هروح أزاى انا دلوقتى ؟
لم تلحظ مدى أغرائها الأن ..وقد ظهرت ساقيها الرشيقه كامله امام نظراته ..عندما وقفت بل ..وتهدل القميص ليظهر ..جزء لا يستهان به من كتفها ..مما جعل عيناه تلمع بمكر ..وفى اللحظه التاليه كان منقض عليها ..لتقع على الفراش وهو فوقها بينما صرخت من المفاجأه..اطل عليها باعين مستمتعه ليقول لعينها الخائفتان:
-بالنسبه لقله الأدب ..فأنا ممكن أوريكِ قله الأدب على أصولها...وأما لموضوع هدومك...على ما أعتقد الشرع ما يحرمش ان الراجل يغير لمراته
ثم أبتعد فجأه ..وهى كانت متسعه العينان ..فى غيبوبه ..كاد يدخل الحمام ليلتف لها وهو يقول بمكر :
-آآآه صحيح بالنسبه لموضوع هتروحى أزاى ...أظن ان عبير مش هتمانع انى اخد من عندها طقم ..خاصه ..وهى عارفه أننا عرسان جداد..يعنى عادى ..موضوع الهدوم المتقطعه
ثم غمز لها وهو يدخل الحمام قائلا بصوت عالى :
-وآه صباح الخير ..يا زوجتى العزيزه!
شهقت بقوه من عدم حيأه..لتلف جسدها وهى تدفن رأسها فى الفراش صارخه بحنق:
-بكرهك يا سقر الساعورر ..بكرهك! أأأأوف
.....
-يا بنى ما كنت قعدت فطرت معانا !
همست ميسره بعتاب ..لسقر الذى وقف وهو يحيط راسيل الحانقه منه بشده والتى تشعر بأستنفار كبير من ملابسها لانها تخص عبير ..أبتسم سقر لميسره :
-معلش يا حاجه ..أن شاء الله المره الجايه ..أقعد أسبوع بحاله
أبتسمت ميسره ..وهى تنظر لراسيل :
-أيوا انا مسمحش بأقل من أسبوع عشان أقعد مع عروستك القمر دى
ردت لها راسيل الأبتسامه وهى تنحنى مقبله يدها :
-تسلمى يا حاجه
-يالله فى أمان الله يا حبايبى
قبل خروجهم للسياره لم تنسى راسيل ان تبعث نظرات حارقه لعبير المرتبكه ...وبمجرد ان أقتربا من السياره أنحنى عليها سقر بعدما لاحظ نظراتها ليهمس بخشونه أنتفض لها جسدها:
-على فكره الهدوم دى جديده !
رفعت له نظرات مشككه فابتسم وهو يرد لها النظرات بأخرى رجوليه وهو يرفع كف يدها ليقبلها بداخله :
-أن مسمحش لمرات سقر أنها تلبس هدوم "مرّه" تانيه ...أنا جسم مراتى يلبس الجديد بس
وتركها تستوعب كلماته ببطء وهو يبتعد عنها ليفتح لها الباب ..فدخلت للسياره ..وأعينها متسعه على أخرها بينما قلبها يدق كطبول الحرب !
****
وعدتك الا احبك ثم امام القرار الكبير جبنت
وعدتك الا اعود وعودت والا اموت اشتياقا وموت
وعدت بي اشياء اكبر مني فماذا بنفسي فعلت
لقد كنت اكذب من شدة الصدق
والحمدلله الحمدلله اني كذبت الحمدلله
وعدتك الا اكون اسيرت ضعفي وكنت
والا اقولى لعينيك شعر وقولت
وعدتك الا اسيرت ضعفي وكنت
ولا اقولى لعيناك شعر وقولت
وعدت بالا والا والا
فكيف واين وفي اي يوم تراني وعدت
لقد كنت اكذب من شدة الصدق
والحمدلله الحمدلله اني كذبت الحمدلله
وعدتك الا اصيد المحار
بشطان عيناك طيلت عام
فكيف اقول كلام غريب كهذا الكلام
وعيناك داري ودار السلام
وانت البدايه في كل شيء
ومسك الختام مسك الختام مسك الختاك

أغلق الكتاب بحنق ...وهو يستدير لتلك التى تلملم الاطباق محاوله عدم أصدار أى صوت ...أستدار ..تذكر هذا الصباح عندما أستيقظ ووجد الفراش بجانبه خالى منها ...بينما بقيت رائحتها هناك تعذبه حتى الصباح ..ثم بكل برود دخلت منذ قليل تقدم له الأفطار وكأن شىء من الأمس لم يكن ...حتى عندما امرها بأن تعيد الطعام للمطبخ فهو سيفطر اليوم مع الجميع على السفره الكبيره لم تنطق سوى بحاضر..حاضر؟! صرخ بداخله بقوه وهو يستعيد تلك الكلمه البارده التى نطقتها ..ردا على كلامه ..نقر بأصابعه بتوتر على ذراع كرسيه المتحرك وهو يراقبها ..بعينى صقر ..أنها حتى لا ترمش ..هل هى تتنفس حتى ؟!كان عقله سينفجر من كثره التفكير..ومن برودها وكأنه لا يؤثر فيها بمقدار قليل حتى
بينما تلك البارده كانت تشتعل ...وهى تحاول التمسك بكل جهد حتى لا تنحنى وتنظر له ...بلعت ريقها بصعوبه ..وقد ظهر بعد الارتعاش فى يديها...بالأمس ..أستيقظت لتجد نفسها هناك ..بين ذراعيه ..وصدره ..بينما يسند ذقنه فوق رأسها بكل أرياحيه ...فالواقع هى جلست بعض الوقت تتأمل فى خضونه ذقنه الخفيق ..وفى عيناه المغلقتان..وحاجبيه المنعقدان حتى فى نومه ..لكنها فى النهايه ...أنسحب ببطء من جواره ..لتذهب لغرفتها ...بجوار ابنها ..لتستمد بعض القوه منه ..علها تقدر على مواجهه أبااه!تذكرت أيضا الخبطات على بابها ..والتى ايقظتها فى الفجر نحت عن رأسها تلك الأفكار ..فهى قررت ان تمسح ليله امس بممحاه ..فعاملته بكل برود...وهى تريد أيصال رساله واضحه أنه لا يأثر بها
زفرت براحه بعدما انتهت من نقل الطعام على العربه ..وكادت تخرج ليوقفها صوته وهو يقول بأمر :
-سيبى الأكل هاله تاخده ..وتعالى نزلينى للسفره
أغلقت عيناه بقوه ..وهى تأخذ نفسا عميقا ثم تركت يد العربه الصغيره ..وأستدارت ...لتقترب منه وهى ترد على نظراته المترقبه بنظرات اخرى بارده ...أمسكت بمقعد منه الخله ...وهى تدفع للأمام وهمست بداخلها"ناوى على أيه يا خالد!"
----
وفى الأسفل كانت هاله ترص الأطباق بأيدى مرتعشه ...بينما كامله تقف على رأسها تراقبها بأعين متربصه ..زادت من توترها ...فُتح باب المنزل ليدلف سقر وهو يحيط بخصر راسيل ليقول بخشونه وبصوت مرتفع :
-صباح الخير ..يا أهل الدار
ردت هاله التحيه بأحترام بينما قالتها كامله بصوت منخفض ...أقترب سقر م السفره ..ليقترب مقبلا رأس كامله :
-صباح الخير يا حاجه
دمدمت برد مبهم عليه فأقترب من صدر الطاوله وجلس ..ثم أشار لراسيل للكرسى بجواره وهمس:
-تعالى أقعدى
أقتربت راسيل ببطء وجلست بجواره بحركه هادئه :
-صباح الخير
همست أنفال بصوت منخفض ...وهى تدخل عليهم فرد لها الجميع السلام بينما سقر أستغرب من الحجاب الذى تحكمه حول رأسه لكنه فضل الصمت رفع سقر أعين مستغربه وسأل كامله :
-امال فين جاسم ؟
-نايم ومرضاش ينزل
فى هذه اللحظه كانت رحمه تدفع الكرسى وكادت تدخل للغرفه وهى تسمع سؤال سقر فأرتعشت يداها ..وهى تدعو بداخلها ان يمر هذا الصباح على خير ..قطع دخول خالد ورحمه كلام كامله ..والتى شع وجهها بفرحه ..عندما رأت خالد يطل عليها فأقتربت منه وهى تقبل رأسه :
-صباح النور يا قلب أمك
رد لها خالد التحيه بخفوت بينما أبتسم سقر بسخريه من المشهد أمامه ..وأكتفت راسيل بالمشاهده ...أشارت كامله لرحمه أن تغادر هى ..وبالفعل كادت تغادر ليوقفها صوت خالد وهو يقول بحده:
-أسنى يا رحمه !
تيبست الاخرى فى مكانها ..بينما نظرت كامله بأستغراب لوجهه فقال :
-انا نازل افطر معاكوا النهارده يا أمى عشان مسافر بكره ...مش هينفع أسيب الشركه أكثر من كده ...
كادت كامله تعترض ...فأكمل :
-وكمان فى حاجه كنت عايز أقولها
كان سقر يلوك بعض الطعام فى فمه بكل هدؤ ..بينما أنفال كانت كالحاضر الغائب ...وراسيل أيضا أكتفت بمراقبه زوجها الذى أبدى برود تام ناحيه كلام خالد الذى أكمل :
-فى حاجه كنت مخبيها عنكم من زمان ...كنت مسنى الوقت المناسب اللى أقولك فيه يا أمى
أتسعت أعين رحمه ..من كلام خالد ..وهى تهز رأسها وهى تدعو أن لا يكون ما فى باله صحيح ...لكن خالد قضى على أمنيتها وهو يمد يده ليمسك كفها ..و سحبها لتقف بجواره قائلا لأمه بأعين تلمع:
-أحب أقدملك رحمه ...مراتى !
وبعد نهايه جملته البطيئه ..أتسعت عين ..ورُسمت أبتسامه خبيثه ...وأرتفع صوت شهقه..وأرتعشت يد !
****
وها قد بدأنا نكتب قصه حبنا ...
رمت القلم بحده ..وهى تشتم مما جعل وجه مها يحمر ..بينما هى حتى لم تعيرها انتباه..بينما تلعنه بداخلها ...كانت محمره العينان ..والهالات السوداء تحيط عيناها فأسندت راسها على يدها ..وهى تشعر بانه لحظه ..وسيقع أرضا ..من ثقله:
-آآآه عايزه سرير
همست متوجعه وهى ترمى بخدها على سطح المكتب بينما مها تراقبها بخوف من حالتها وهيأتها فهى تبدو كالزومبى الان ..وهى لن تخاطر لتكلمها حتى لا تفقد حياتها ..تأوهت ريتاج مره أخرى ..وهى تتذكر انها لم تنم سوى ساعتان ..ساعتان المجرم ...بينما هو تلذذ بنوم هانء على فراشها ...وقد حذرها انه فى الصباح سيستلم الواجب كاملا لا ينقصه حرف ..وتركها هى تشد شعرها طوال الليل محاوله حل المسائل قبل ان يستيقظ الباشا :
-حسبى الله ونعم الوكيل
صاحت بها بحده جعلت مها تنتفض وهى تتدعو ان يعود رأفت بسرعه من مشواره فهو أوصل ريتاج هذا الصباح ثم غادر ..لتأتى هذه وهى تبدو كالمجرمين ..والذى يبحث عن أحد يقتله ...بلعت مها ريقها..وهى ترى ان فى ساعتها ان الان حان وقت رحيلها للمنزل ..فزفرت بأرتياح ..ولملمت حقيبتها ..وملفاتها وقالت بسرعه وهى تركض للخارج:
- انا ماشيه ريتاج أشوفك بكرا ..سلام !
زفرت ريتاج بقوه ..وهى تقف بصعوبه ..لتمد يدها قابضه على حقيبتها :
-أشوف فيك يوم يا أبن فاطمه...أشوفك كده متقطع ميه حته ..ومحدش عارف يلمك يا أبن فاطمه أأأأوف
خرجت من المكتب لتجد هانى فى وجهها والذى تيبست عندما رأى تلك الهيئه التى عليها ..فأبتعد عنها ...عندما سارت بجواره متجهه للخارج ...نزلت السلالم بصعوبه ..وهى تكاد لا تقدر على تحريك قدماها ...بينما تدعى ..وتسب فى رأفت ...حتى وصلت لمكان العربات وهى تتذكر انه اليوم ..وصلها حتى المكتب ثم قال ببرود:
-انزلى ..انا ورايا مشوار..لو اتأخرت خدى عربيه عموميه ..مش تاكس وروحى فاهمه ؟
أغلقت عيناها بتعب وهى ترى أخيرا أحدى العربات قد اتت فأشارت لها لتقف لكنها ..تجاهلتها بكل وقاحه..فزفرت بقوه ..وهى تضرب الأرض ..بالتأكيد لا يوجد ما هو اسؤ من هذا ...فى نفس اللحظه مرت أحدى السيارت ..بسرعه حاده ..حتى أطارت الماء ليقع على عبأتها فاغمضت عيناها بقوه وهى تقول من بين ضروسها :
-لأ ..فى أسؤ !
----
أدخلت المفاتح فى الباب بتعب ..,هى تحلو الان بأن تدخل على فراشها ..دون مقاطعه ثم تنااااااااااام ..زفرت بحنق بمجرد ان فتحت الباب ..فيبدو ان الله لم يستجب دعوتها ..فقد وجدت فاطمه ...تجلس بجوار الباب كأنها كانت بأنتظارها ..فأغلقت الباب بحده ...وأتجهت للداخل ..بدون ألقاء السلام حتى ..فأوقفها صوت فاطمه الساخر :
-أيه يا بت الأصول ..داخله على يهود..ده حتى السلام بتاع ربنا
كورت ريتاج قبضتها ..وهى ترسم أبتسامه ماكره..فقد وجدت طريقه لتنفيس عن غضبها ..وهل يوجد طريقه أحسن من فاطمه؟ألتفت لها وهى تقول بحده:
-أديكى قولتيها السلام بتاع ربنا ..وأنتى واحده متعرفهوش ..يبقا أقولهولك ليه ؟
ضربت فاطمه فخذها بقوه وهى تصرخ بها :
-بتردى عليا يا بنت جابر؟
-وماله جابر..؟ أحسن..واشرف منك ..ومن عيلتك كلها
وقفت فاطمه بحده ..وهى تتجه نحو ريتاج لترفع يدها بتحدى:
-لمى لسانك يا بنت جابر ..وألا أقسم بالله لم يجى رأفت لأقوله على قله أدبك ديه مش كفايه مستحمل واحده مش عارفه هى مرته ..ولا اخته ومعرفش أيه
رفعت ريتاج حاجبها بأستخفاف ..وهى تمط شفتاها :
-والله؟ ..أخاف ..ولا أرتعش ..يا فاطمه ..ولدك ده .بليه وأشربى ميته ..ولا يهز شعره فيا
-السلام عليكم
قطع مشادتهم دخول منى ..وهى تحمل بعض الأكياس البلاستكيه لترى أبنتها تصارخ فى وجه فاطمه ..فوضعت الأكياس وهى تدخل لتسألهم بخوف:
-فى أيه يا ريتاج ؟
أشاحت ريتاج رأسها بعيدا ..فنظرت منى لفاطمه:
-فى أيه يا فاطمه ؟
صاحت فاطمه وهى تضرب بكفيها :
-فى أن بينتك...داخله وعامله ذى المجنين ..بسأله فيه أيه طلعت فيا وكان ناقص تاكلنى بنت جابر
ألتفت لها ريتاج وهى تصرخ:
-أكلك ..وأرمى لحمك للكلاب كمان...طالما انك لسانك طويل ..ولا يهمنى حد
-ريـــــــــــتاج !
صرخه رجوليه ..جعلت جسدها ينتفض مث ل الريشه ..لتتسع عيناها وهى تبصر رأفت يقف بجوار باب البيت ...ولا يبدو فى حال أحسن منها ..بينما عيناه كانت تطلق نيران مشتعله ...فأقترب منها وهو يشدها من ذراعها بقوه :
-عيدى كده كلامك تانى ؟
رفعت نظرها له بتحدى ..فهز ذراعها بقوه وهو يصبح فوجهها :
-أنطقى؟
-رأفت يا بنى !
حاولت أمها التدخل بلطف ..لكن ريتاج لم تهتز وهى تراه يصرخ بوحشيه..كأنه قد وصل لأخر مرحله فى صبره:
-أنطقى وعيدى الكلام اللى قولتيه لأمى يا ريتاج ؟
-أنا قولت الحقيقه
-حقيقه أيه ؟
صرخ رأفت بقوه ..بينما كانت فاطمه التى حاولت التدخل هذه المره :
-خلاص يا رأفت
ألتفت لها ريتاج بقوه وهمست بوحشيه:
-ملكيش دخل أنتِ ..واحد ومراته وبيكلموا
هزها رأفت بقوه :
-أياكِ تكلمى أمى بالطريقه دى تانى فاهمه ؟
-هتعمل أيه يا رأفت قولى ...هتضربنى؟
-وأكسر رأسك ....لو محترمتهاش
ضربت فخذها بقوه وهى تصيح بأنفعال .وغير أتزان :
-عايز تعرف كنت بقول أيه يا رأفت ؟
سألته وردت على سؤالها :
-كنت بقولها أنك بالنسبه ليا ولا حاجه..وأنى ولا بخاف منك ..ولا من عشره زيك ...عايز تسمع كمان..؟..كنت بقولها ..ان الحياه معاك جحيم حتى راسيل بمجرد ..ما اطلقت منك أتجوزت سقر ألى تتطيق العمى ..ولا تطيقه
قاطعها بقوه وهو يشد شعرها وجز على ضروسه ولم تشعر ألا بسخونه على وجهها ..وشهقه أمها ترتفع هى وفاطمه ..بينما عيناى رأفت تحمر بقوه كالشيطان ..أتسعت عينا ريتاج بقوه ...وهى ترفع يدها لتحط على مكان صفعته ..وتسمرت فى مكانها ..بعض لحظات..ثم هوت بيدها لتضربه بقوه ..وهى تحاول ان تخربش وجهه بيدها ..وهى تصرخ بانفعال:
-والله لأوريك ..يا رأفت ...أنا ..ريتاج ..تضربنى
لم تشعر به ألا وهو يرفعها ليحملها على كتفه بالمقلوب ..ثم خطى لخارج الشقه ..بينما أسرعت أمها تركض خلفه هى وفاطمه:
-رأفت يا بنى ..واخد البت فين..أهدى يا رافت
أبعدهم بقسوه..وهو يفتح الباب ..بينما لم يهتم ..بضربات ريتاج لظهره ....وهو يصعد درجات السلم برشاقه ..بينما ريتاج تعضه.من عنقه ...وحاولت الأفلات منه بكل الوائل..أقترب من باب ..ليفتح بسهوله ..ثم أدخلها وهو يتجه لغرفه ما ففتحها بقوه ..ثم أقترب من الفراش ...وهو يرميها بقسوه جعلتها تتأوه..نظرت لها وهى تصرخ:
-أنت جايبنى فين؟؟..أنت مفكر ..انى هسكت ..أنا ..
صرخ بها رأفت وهو يشد شعرها بقوه :
-مش عايز أسمع ولا كلمه ...عندك بره المساحه والجردل ..عرفاهم؟..هرجع ألاقى الشقه بتلمع...وأبدأى من الأوضه دى ..عشان هبقا راجع عايز أنام
أتسعت عيناه وهى تشد الملائمه بقوه كادت تقطعها :
-أنت أتجننت ؟؟لا يمكن اعمل كده؟أنا مش خدامه؟
لم يعير كلامها اى أنتباه ..وهو يكمل :
-مفيش تلفونات..ولا نت ..ولا تلفزيون..لو خطيتى خطوه بره الشقه هعمل حاجه مش هتعجبك..أما نشوف مين هيربى التانى يا ريتاج
ثم خرج بخطوات تدك الأرض دكا ..وضرب الباب بقسوه جعلتها ترتعش..رفعت عيناها لتتأمل المكان حولها ..فشهقت ..بقوه متراجعه للخلف ..وهى تنتبه الأن أن أتى بها ..أتى بها لشقته هو وراسيل !
أتسعت عيناه وهى تركض لباب الشقه ...لا ..لا لن تستطيع الجلوس هنا للحظه ..لا ستجن..حاولت فتح الباب لتجده مغلق ..فضربته بقوه وهى تصرخ...لكن لا مجيب لها...ضربت الباب ..حتى ألمتها يداها ..لتمسح الباب بجسدها ..وهى تهبط على الأرض ببطء..بينما جسدها ملصق بالباب ..وعيناها متسعتان على أخرهما دون أن ترمش!
****
نظرت بملل للساعه فى يدها ...لتجدها تشير لمنتصف الليل ..فعادت ترتب المستندات وملفات المرضى مجددا حسنا هى تعترف أنها غيرت مواعيد نوباتها الليله ..لانها متأكده أن جاسم سيلصق بها لانه يعلم مواعيد مناوبتها ..فأخذت أحدى مناوبات مريم حسنا هى تعترف بهروبها منه ...تنهدت براحه وهى تقفل الخزنه ثم وقفت وهى تدندن لحنا ما ...وأتجهت نحو مكتبها تحاول ان تجد ما يشغل بالها عن التفكير فيه ...فيبدو ان لا مرضى اليوم ...ولا يوجد سوى بعض الأطباء فى الطابق العلوى ..والحارس .. حتى الممرضات ذهبن لبيوتهم ...أذا لا مفر من الملل ...رفعت هاتفها وبعثت لخالها رساله تفى بانها سترجع متأخره بسبب العمل وستعود على السابعه صباحا ..ثم تركت االهاتف وهى تتنهد براحه ..فخالها وزوجته أميمه ... لا يتدخلوا فى حياتها مطلقا ...وهذه نعمه كبيره أمن الله عليها بها...فلا يوجد سوى ميرا التى تزن فوق رأسها مثل ذبابه حشريه الطباع ...لتعرف كل شىء حتى بعد سفرها الغريب لأهل والدتها ..وصراحه هى أخفت عنها وجود جاسم حتى ترحم نفسها من صداع صديقتها وأسئلتها ..تنهدت وهى ترجع برأسها على المقعد ...فـ شتى الطرق تصل بعقلها للتفكير فيه ... أنها تكاد تجن وهى تتخيله يقف الأن مستندا على حافه مكتبها ببتسامته المستفزه بينما يقول لها أن كل الطرق الأخرى مسدوده عزيزتى لا يوجد سوى طريق واحد فقط .وهو الطريق المؤدى لى .... جسدها كان منهكا وقلبها منهكا ..وعقلها أكثر من منهك !.لم تنم امس وهى تطوى أرض غرفتها مجيا وذهابا مفكرة بماذا هى فاعله حتى كادت تلافيف دماغها ستنفجر ..ضربت رأسها بكفها وهى ترجها بقوه صارخه :
-أخرج بقا ..أخرج !
فجأه أنقطع النور من حولها ففتحت عيناها وحاجبيها تتقاطعان بقوه ..فحسست بيدها على سطح المكتب حتى وصلت لهاتفها ..ففتحته لتبدد بعض الظلام ..وأتجهت للخارج بينما تصنع طريق لنفسها بكشاف الهاتف ..فهذه ليست المره الأولى التى تقطع فيها الكهرباء..فعندما اتت لم تكن تتخيل أن الخدمات هنا سيئه لدرجه أن تقطع الكهرباء فى مستشفى !
تنهدت وهى تخطى بحذر فى الممر الواصل بين جميع الغرف وهى تصرخ منادية على الحارس:
-عم أيوب ...عم أيوب!
كان الصمت هو الرد الوحيد الذى تتلقاه على ندائها ...فسارت بقدميها الخائفتين من الأصتدام بشىء ما ..لتصتدم قدميها فعلا بطرف شىء حاد جعلها تتأوه بقوه بينما الهاتف يقع من يدها فأصبح الظلام حالكا فأنحنت أرضا ومازالت الضربه تؤلمها ...وبدأت تتحسس على الارض بيدها مفتشه عن مكان الهاتف ...بينما تشتم بداخلها الكهرباء وأصحابها ...زفرت براحه عندما وجدت الهاتف وكادت ترفعه لتشعر بتلك اليد القاسيه تحيط بأصابعها الرقيقه فشهقت بقوه وهى تتراجع واقعه على الأرض بشده علت نبضاتها حتى كادت تصم أذنها وهى لا تبصر أى شىء حولها سوى صوت تلك الأنفاس الهادره التى تشاركها الهواء ..كانت أنفاس قويه هادره كأنه أسد ظل متربصا كثيرا ليصتاد غزالته ..فزحفت للخلف بخوف وهى تهمس بشفتان مرتجفتان :
-مين ..ممممين هناك ؟
لم تتلق أجابه سوى تلك الخطوات المدروسه تقترب منها أكثر لتجيب هى عنها بأبتعادها بقوه للخلف ..بذعر طفله صغيره من القادم ...وكلما زاد قربه ..زادت ضربات قلبها ...حتى شهقت بقوه وهى تشعر بالحائط خلفها ليستغل هذا الشخص أجفالها ..وهو يقترب فجأه ليحمله بقسوه على كتفه كما الشوال بينما قدميها المتدليتان ..كانتا تضربانه بقوه وهى تضرب ظهره من الخلف بقبضتيها صارخه علها تجد النجده:
-ســــبنى ...أبعد عنى ..ألحقونى !
لم تهتز له شعره حتى شعرت بأنه فتح أحدى الأبواب ...وأغلقه خلفه مما جعلها تنزل بأسنانها على رقبته ..وعضته بقوه كادت تقطع لحمه ..مما جعله يتأوه وهو يرميها أرضا ..فتكومت على الأرض بألم من السقطه ..سمعته وهو يشتم بقوه صائحا بها :
-أنا تعضينى يا بنت### وحياه أمك لوريك ..
مرت لحظه لم تشعر بما حدث ألا وثقله فوق جسدها بينما هى تصلبت كلوح خشب ...ثم فجأه بدأت ترفسه بقدميها وهى تصرخ ..وقد وعت لما يفعله ..أنه يغتصبها !
صرخت بأقوى ما تستطيع بينما تلكمه فى صدره بقبضتها ..وهو فقط كان يضحك ..يضحك متشفيا فيها ...فصرخت :
-لاااااا سيبنى ..سيبنى ...أرجوك لأ
كانت يداه قاسيه وتجذبها بقسوه ..لماسته قذره وحشيه ..وكريهه حاولت أن تبعد رأسها يمينا وشمالا عن هجومه دون فائده ترجى ..حتى أستطاع أن يقيد يديها فوق رأسها وهو يهمس بجوار أعينها المغلقه بأنفاس كريهه :
-تؤ تؤ تؤ ...أنا عيزك تفتحى عنيكى ...عيزك تفتكرى كل حاجه عشان تحكى بالتفصيل لجاسم ....من غير ما تنسى تفصيله ..
أتعست عيناه وجسدها يتصلب بقوه تحت يداه ..لترفع عيناها لوجهه فلاحظت حدود ملامحه من الضؤ الخفيف القادم من النافذه ...همست بصوت باكى :
-أرجوك ...أنت مش هتستفيد حاجه من كده... هادى ارجوك ...أنا..أنا ..أنا ذى أختك
ضحك بقوه وهو يرفع رأسه عاليا كالذئب ...ثم نظر لها وهو يسير بطرف أنفه على وجهها الذى تشيحه بعيدا :
-أختى؟!..تقصدى اختى اللى أنتحرت بحسرتها ..بعد ما جاسم كسر قلبها ولا أختى المهندسه اللى البلد كلها كانت بتحلف بيها ..وجاسم نسفها فى لحظه
-جاسم لا يمكن يعمل حاجه ذى دى
همستها بضعف وبغير تصديق ..فهوى هادى بكفه العملاق فوق وجهها وهو يصرخ:
-مش مصدقانى ؟!!! ..أنا هخليكى تصدقى لما أرميكى لجاسم وأحرق قلبه ساعتها هتصدقى
ونزل بوجهه يكمل أفتراسه لتلك التى تصلبت كدميه يلعب بها كيفما يشاء ..وعلى وجنتها ..هناك أنزلقت دمعه لتصل ملوحتها لفمهها الشاحب ...دمعه غسلت أخر نقطه بيضاء بها ..وفقط بقى صوت لاهثه القذر ...وأناتها المتوجعه ..ورعد شق السماء..وغطاء ماطر أسدلته السحب ليغسل الشوارع من قذراتها وليغسل مع أغلى ما تملك ...ليغسل شرفها !
وفى الخارج ..كان هاتفها المرمى على الأرض الرخاميه ..يضىء ..وقد ظهر أسم على شاشته ..أسم نقل توتر صاحبه ...أسم جاسم!


نهايه الفصل 10


اروى بدر غير متواجد حالياً  
قديم 02-08-16, 05:08 PM   #45

اروى بدر

كاتبةو قاصة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية اروى بدر

? العضوٌ??? » 373310
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,370
?  مُ?إني » القاهرة
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » اروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
?? ??? ~
أنا القافلة التي سارت ولم تبالي بنباح الكلاب...
افتراضي

الفصل الحادى عشر
سَأخُذ نفسا عميقًا
أنى أغرق ...!
قبل يوم من الأحداث السابقه
ابعد الهاتف وهو يشتم ..تلك المجنونه التى تتجاهل مكالماته..جز على ضروسه بقوه ..وهو يرمى الهاتف على الفراش ...ليشد شعره بقوه ..من تلك العنيده ...ماذا يفعل حتى ينال الرضى ؟...زفر بحنق وهو ينهض من على الفراش ليتجه نحو أحد الأدراج ..ليخرج علبه سجائره ..مشعلا واحده بين شفتاه ...أخرج دخانها ببطءء..وكأن الدخان يخرج حاملاً معه التوتر بداخله ....أستند على حافه المكتب ...وهو يتأمل الأرض أمامه بنظرات زائغه ...يشعر بنار تشتعل فى داخله ..وتشويه على نار هادئه ...نار تسمى ياسمين !..دهس السيجاره فى المطفأه ..وهو يزفر بتعب ..لقد قرر بأنه سيأخذها غصب ..ولا مجال للنقاش..غدا سيتوجه مباشرة لبيت خالها ..ويطلبها منه ..نعم هذا هو القرار الصحيح..فهو لا يضمن شر هادى ..وأكثر مكان سيكون مرتاح فيه على راسيل هو بجواره !
آآآآآآه ...تأوه بداخله ..وهو يضرب بقبضته على المكتب حتى كاد يتكسر أثر قبضته ...فهادى هذا موضع أخر ...أتجه بأرجل مثقله نحو الكرسى ليرمى نفسه بحده عليه ...وهو يغلق عيناه متذكرا ..متذكرا ..تلك الايام..فى أثناء حياه والده ..وقبل ان تنقلب حياتهم هكذا يتذكر ..هادى الشاب المدلل..وصديقه المفضل :
-آآآآه يا هادى
قالها بخفوت ..وغطى عيناه بذراعه ..ليحاول كبح جموح الذكريات ..لكنه رغم ذالك تذكرالفستان الوردى..وصاحبته التى تتدارى خلف الحائط بضفائرها ..تتلصص عليه ..وهو يشرح شىء ما لهادى...وهادى كعادته يمرح..ويمزح...وتذكر أيضا ..ذالك اليوم..حينما دخلت عليه غرفه هادى ..بقميص نوم كان يبدو انه لوالدتها ..بينما تضع بعض المكياج ...جعل تلك الطفله ذات مظهر مضحك...وتذكر القبله التى أعطتها أياها بالغصب ..وهى ترتمى فوقه تخبره بحبها ..وعشقها ..وكان رده ..ان هزها بقوه وابعدها بقسوه..وهو يصرخ بها أنه لا يحبها ولن يفعل ابدا ..يتذكر دموعها الساخنه التى جرت بصمت فوق وجنتها .وركضها ..وهى تشهق بقوه وقلب مكسور ..كان سيلحقها ..ثم...ثم من أعلى بيتهم ..أوقعت نفسها ...وهى تكتب بخط مكسر ..أنها ماتت فداءا للمحبوب ....فتح عيناه بقوه ..وهو يصل لتلك المرحله ..تلك المرحله السيئه ..حيث لكمه هادى ..وشنت الحرب بين العائلتان ...واتهامه ..بأغتصابها ..لذالك أنتحرت ..من أجل العار ..أبتسم بسخريه ...ليرن
...فجأه هاتفه يعلن وصول رساله ...فخفق قلبه بقوه وهو يدعى بكل جوراحه أن تكون الرساله من معللته !
أسرع أتجاه الهاتف ..وأمسكه ليفتح الرساله فوجدها منها بالفعل ..شقت الأبتسامه المرحه وجهه ..وهو يفتح الرساله ..لتجرى عيناه بشوق فوق الأحرف ..والكلمات ...وفجأه تحولت اللهفه ..لغضب خام ...ولم يشعر ألا وهو يرمى الهاتف بعنف على الرض راكضا للخارج...وهو يشعر بأن روحه تختنق ببطء
*****
أحكمت الفراش على جسد أبنها ..ثم مالت لتقبله على رأسه ..لتعيده لمكانه السابق بين ذراعيها ...وبدأت رحله جديده فى تأمل سقف الغرفه...فهى تكاد تقسم أن جسدها مازال يحمل حراره جسده ..وحتى أن رائحته علقت بها ..من مجرد الساعات القليله التى غفتها بين أحضانه...شعرت بأن الهواء نفسه محمل بعطره ..فكلما أخذت نفسا تجول بداخلها ..وهو يحمل ذراته ...وما هى النهايه؟
رن هذا السؤال فجأه فى عقلها ..كجرس أنذار يحذرها من الغوص فى دوامه أخرى ...أبعدت أبنها ..وأراحت رأسه على الوساده ..لتحتضن نفسها ..وهى تتخذ وضع الجنين ...خائفه هى من المستقبل المبهم ...وضائعه وسط الحياه التى تضربها من كل حد وصوب وتتقاذفها بين أمواجها كأنها ورقه خريف مشرده ... ألتفت لترى وجه صغيرها النائم وهو لا يعلم هول ما حوله .,.,هو فقط ما يهم فليفعل بها خالد ما يريد لكن طفلها ...لا وألف لا ..أتفر من هنا وتذهب بعيدا كما غعلت من قبل ؟ نعم هذا هو الحل..اشتعلت عيناها فجأه وبدأت تفكر فعلا فى الهروب ...الشعله فى عيناها اختفت على من تضحك ؟ هى تعلم جيدا ان خالد لن يتركها هذه المره ولن يسمح لها أن تفلت من بين مخالبه ...أذا ما العمل؟
شعرت بالدموع تترقرق فى عيناها ..هى كعصفور محبوس ..لن يستطيع الطيران أبدا ...أبتعدت عن الفراش...لينتفض جسدها من نسمه هواء بارده أتت من النافذه ...والتى أتجهت نحوها ..وهى تمسح ذراعيها ..محاوله ان تدفىء جسدها ..سندت رأسها على أطار النافذه ..ورفعت أعين دامعه للسماء..ودعت بكل جوارحها :
-ياااارب!
فقط كلمه واحده حملت كل خوفها ...فقط كلمه واحده مرتعشه أخترقت سبع سموات .. فجأه قطع تواصلها مع السماء صوت طرقات خفيفه على بابها..أنتفض جسدها بخوف..هل خالد أستيقظ بتلك السرعه واكتشف هروبها من فراشه؟..أسرعت ..بلبس روبها ووضعت حجابها ..وبجسد ضعيف فتحت الباب بيد تنتفض رعبا ...طلت برأسها وهى تتوقع أن ترى أعين خالد الغاضبه الان لكنها رأت أخر وجه تخيلته يدق على بابها فى ساعه كتلك همست ..وهى تترك الباب بذهول :
-جاسم!
-----
فتحت الباب ..لتخرج وهى تبحث عنه بعيناها ..لتجده جالساً على الأرض بجوار الباب بنفس الوجوم ..والتوهان الذى كان عليهما عند فتحها الباب له ليهمس لها بضياع أنه يريد مساعده...كان يجلس بصمت تام ..وكأنه فلاح خسر أرضه ..وكان قميصه عليه بضع قطرات الدم ..وعينه بنفس لون الدم .وشعره فى حاله فوضويه ..بل هو كله كان فى حاله فوضويه !..لم يلحظ خروجها حتى ...فأقتربت منه مربته على كتفه ببطء..رفع لها رأسه ببطء شديد ..ناظرا لها باعين ضائعه تسألها سؤلا واحدا ..همست له بوجوم مجيبه على ذالك السؤال الواضح فى عيناه :
- متخفش هى بخير ...بس ..
خفضت عيناها وهى تكمل :
- أنا عايزه أعرف أيه اللى حصل ..البنت ..البنت فى حد أعتدى عليها يا جاسم
لم يتحرك منه سوى تلك العضله المتصلبه عند فكه فهمست مره أخرى وهى تهزه بقوه وبصوت غاضب:
-مين دى يا جاسم ومين اللى عمل فيها كده..؟
لم يرد مره أخرى ..لتتأمل هى وجهه الصامت ..وشهقت بأستدراك:
-أنت..أنت ..اللى ..؟
بمجرد نطقها لتلك الكلمتين شعرت بفتيل غضبه يشتعل وهو ينحى يدها بقسوه شديده ..وهمس بصوت ميت:
-عايزه تعرفى مين دى ؟
ولم ينتظر حتى أجابتها ليكمل :
-اللى جوا دى تبقا ياسمين
شهقت بقوه وهى تتراجع للخلف مما جعله يقف بحده ..وبدأ صوته يعلو :
-عايزه تعرفى مين السبب فى اللى هى فيه..؟...
وأيضا لم ينتظر ردها بل أنفجر فى وجهها كبركان طفح ..وماعاد يمكن السيطره عليه:
-السبب أنا..أنا يا رحمه بسببى أذاها ..عشان ينتقم منى
شدته بقوه من أطراف قميصه الملطخ وصرخت به:
- تقصد أيه يا جاسم .؟ هه ...رد عليا ..يعنى أيه أنت السبب فى حالتها دى؟ أنت ..؟
وتركت باقى سؤالها الحاد معلق فى الهواء ..نكس رأسه..وهمس بخفوت:
-أيه يا ياسمين أنتِ مفكرانى أنا للى أعتديت عليها ؟...أستريحى مش أنا
ألتف لها ..ليمسك يدها التى تشد ياقه قميصه..وأبعدها قائلاً بعين تقدح نار:
-بس وحياه أمى..مش هتطلع عليه شمس اللى عمل كده
ودون كلمه أخرى ..أزاحها بقوه ..خارجا وهو يرسم أبشع الخطط لذالك المأفون..هادى!
******
أرتفعت رنات الكؤوس ممزوجه بالضحكات الخليعه ..وقد صدحت موسيقى شعبيه وقفت بعض من النساء يتراقصن عليها فى المنتصف ...وحولهم الرجال يصفقون بسكره ...أثر الخمر..وقد غطت الأضاءه الحمراء المكان والدخان يرتفع
..فتح الباب الخشبى ..ليدخل جاسم بجسده الضخم بينما يبحث بعينى صقر عند جسد شخص معين...شعر بتلك اليد الناعمه التى تلتف على ذراعه ..وكانت لأحدى الفتيات ولتى همست له بوقاحه:
-أيه يا عسل...أى خدمة
رشقها بأعين غامضه ثم أخرج ورقه نقديه من جيبه ليضعها فى فتحه ثوبها الواسعه عند الصدر ..وهمس:
-قوليلى ألاقى هادى فين ؟
أمسكت الفتاه المال بلهفه ..وأشارت نحو أحد الأبواب ..فأتجه بخطى فهد نحو الباب المنشود ..ولم يطرقه حتى بل ..ضربه بكل قوه بقدميه لينكسر فورا فسمع صرخه فتاه فى الداخل وحاولت مدراه جسدها بالفراش ..بينما ..هادى العارى الجسد بوجه شاحب همس :
-جاسم !
.توقف الجميع عما كان يفعله ..وهم يشاهدون بفضول الشجار الذى سيحدث ..كان جاسم يقترب ممسكا بقوه بهادى ..وصرخ بزمجره:
-لا ملك الموت يا روح أمك..
وضربه بقدمه فى بطنه ..مما جعل الاخر يتأوه بعمق...شده جاسم من شعره ..ليرميه خارج الغرفه ومازال يلكمه بقدمه ...ولم يهتم بالمتفرجون الذين يعلموا جيدا ان هذا شجار أحد أفراد عائله الساعور ..فلن يتدخل احد..جرجره جاسم من ذراعه خارج البيت باكمله ..وسحله على أسفلت الشارع بينما هادى وللعجب لا يصرخ أو يتأوه بل يضحك!
ويضحك بشده عاليه ..جعلت دماء جاسم تغلى فى عروقه...رمى جسده بقوه على أحدى الشجرات وأخرج مسدسا من جيبه الخلفى وصوبه نحوه فتأوه هادى وهو يعتدل فى جلسته ثم أبتسم بنصر..ناظرا بعيناه المكدمتان نحو جاسم ..وهمس بتسليه رغم تعبه من الضرب المبرح:
-أنت مفكر أنك بكده هتستفيد حاجه ؟..هه ..أسف ..وصلت متأخر يا بن الساعور .ذى ما أنا وصلت متأخر ..وملحقتش أختى سلمى قبل ما تموت..خلاص جسمها بقا بتاعى ..ولو ضربتنى من هنا لبكره..أو حتى قتلتنى ..مش هتقدر تمسح فكره أن أنا أول واحد لمستها ..أنا!
صرخها هادى بقوه ..وقد زاغت عينه ..بجنون ...بينما أرتعد جسد جاسم من وقع كلمات هادى وثقلت انفاسه بينما بدأ العرق يتصبب من جسده ..لم يشعر ألا وهو ينحنى على ركبتيه ..ثم أقترب من أذن هادى الملقى كالمهملات على الأرض بجوار الشجره..وهمس بهدؤ:
-أنت مفكر أن قيمه ياسمين ..بجسمها اللى انت فرحان أنك أغتصبته يا ##؟
ياسمين بالنسبه لياا أطهر ..وأعلى بكثير ..من أن واحد حيوان زيك ينجسها يعنى كل اللى عملته مكنش منه فايده
أتسعت عيناى هادى ..وهمس كالمجانين بينما ينظر للأرض:
-يعنى اللى عملته ولا همك ؟؟...مكنش منه فايده ؟؟
ضحك هادى بقوه ..وهو يضرب التراب على الأرض بقبضته هامسا بوجوم وكأنه ما زال يستوعب الكلمه:
-مكنش منه فايده ..مكنش منه فايده ..مكنش منه فايده
بدأ صوته يعلو ثم أصبح صراخا وهو ينظر للسماء صائحاً:
-مكنش منه فايده ..سامعه يا سلمى ..مكنش منه فايده ..ههههههه ...مكنش منه فايده ..
فجأه توقف هادى عن الكلام ..وهو يلهث ليرفع أعين مجنونه لجاسم :
-يلا أقتلنى..أقتلنى يا جاسم
رفع جاسم حاجبه من حاله هادى والذى يبدو عليه أنه جن ..فأخفض فوه المسدس نحو الأرض قائلا بتعب:
-أنت قولتها"أنا مش هغير حاجه لو قتلتك "..رغم ان جوايا نار هتتطفى بس بقتلك ...لكن لأ...أنا هبقا بكده برحمك
نظر له هادى صارخا :
-يعنى أيه؟..مش هتقتلنى؟
لم يرد عليه جاسم وهو يراقب نوبه صراخ هادى والذى صاح:
-بعد ده كله مش هتقتلنى ..؟؟ أزاى هه ؟
لم يرد جاسم على هادى الذى أسرع بشد المسدس منه بحركه فاجأته...ثم وبدون تأخير..وضع المسدس فوق قلبه ..ونظر نحو جاسم المنصدم هامسا بخفوت:
- طالما معرفتش أخد حق أختى...يبقا ألحقها
وبدون لحظه تأخير ضغط على زناد المسدس ..فأرتد جسده للخلف من أثر الرصاصه ...ثم تراخى جسده عندما فارقته الروح ...ويده الممسكه بالمسدس تقع ارضا بجوار حذاء جاسم المتيبس فى مكانه بذهول !
*****
الوقت الحاضر
أتسعت عيناى رحمه بقوه ..وأرتعش كفها الكامن داخل يد خالد ..بينما أبتسم سقر بخباثه وهو يرمى أحدى حبات الزيتون الأسود داخل فمه ..بينما كانت الشهقه من نصيب كامله التى ضربت صدرها بقوه وهى تصيح بأستنكار:
-مراتك؟
رفع لها عين واثقه ..وهو يشد على يد تلك المذعوره بجواره والتى تريد الهرب :
-أيوا مراتى ..ومن 12 سنه كمان
شعرت كامله ..وكأن الصوره تهتز أمامها لتمسك رأسها بتعب وأستندت بيدها على طرف المائده فأسرعت أنفال تسندها بنحو الكرسى لتجلس كامله وهى تقول بتعب :
-أنت يا خالد..أنت؟؟ تتجوز من ورا ظهرى ..
ثم رفعت عينان متسألتان له :
-ووو..والواد الصغير يبقا...
قاطعها خالد بحده :
-أبنى!
هنا ترك سقر الطعام ..,هو ينظر نحوه بذهول شاركته فيه رحمه التى رفعت رأسها بحده نحوه..وسؤال واحد فقط يرن فى رأسها هل عرف الحقيقه ؟
شهقت كامله بقوه وهى تضرب فخذها صارخه:
-وليه..ليه خبيت عنى ..هوأنت قولت عايز تتجوز وأنا قولت لأ يا خالد؟
أخيرا ترك يد تلك المذعوره بجواره ..وأتجه نجو أمه ليمسك يدها هامسا:
-الموضوع ده بقاله سنين يا أمى...والحاج الله يرحمه مكنش راضى أنى أتجوز من بره العيله ...أنا جبتها هنا عشان تتعرفى عليها..قبل ما أسافر تانى
أرتعد جسد كامله على سيره زوجها ..وصمتت تماما ..فتشارك معها الجميع فى الصمت .همس أخيرا بضعف وهى تشير لأنفال وقد تجاهلت وجود خالد :
-خدينى لأوضتى يا بنتى ...خدينى
أتجهت أنفال وأسندتها بهدؤ للخارج ..بينما رفعت راسيل أعين محتاره نحو سقر المبتسم ...بفرح!...أندهشت من هدؤه البالغ وكأن خالد كان يخبره بنشره الأذاعه ..وليس زواجه..بل ..وأنجابه أيضا من 12 عاما ..قطع صمتهم دخول هاله المسرعه وهى تقول بخوف :
-يا شيخ سقر ..يا شيخ
رفع لها سقر أعين متسائله لتقول بسرعه وأرتباك:
-الظابط اللى كان فى القسم ساعه ست أنفال..موجود بره ..وبيقول انه عايز جنابك
-دخليه المكتب ...وأنا جاى
تنحنح سقر..,هو يعدل عبأته ثم وقف وهو يتجه نحو غرفه المكتب...بينما ترك راسيل تنظر لخالد المتجمد بصلابه ..ورحمه الواقفه بجسد مرتعش .وبؤبؤ عيناها يتحرك فى جميع الأتجاهات ...للحظه أشفقت على تلك الصغير من ذالك الوحش الجالس على الكرسى ...بلعت ريقها وهى تشعر بأن وحودها زائد عن الحاجه...فوقفت وهى تقول بدون تفكير:
-أنا..هطلع لأوضتى ..
ثم دون أكمال جمله مفيده ..أتجهت نحو الخارج ..وهى تشيع لرحمه نظرات مشجعه..وبمجرد خروجها من حدود الغرفه ..زفرت براحه ..وهى تدعو الله ان يعين تلك الصغيره رحمه ..فنظراتها تشع بالضعف ..كادت تستلق درجات السلم نحو غرفتها..فوجدت هاله تتجه نحو غرفه المكتب مجمجمه بغضب فأوقفتها متسأله:
-فى أيه يا هاله؟
-مفيش حاجه..فى ضيف كده أسمه رأفت جاى لسقر بيه
شعرت راسيل كمن لدغتها عقربه ..فأسرعت بنزول درجات السلم التى صعدتها ..وقالت لهاله بخوف:
-هو فين ؟
رفعت هاله حاجبيها وأشارت نحو باب البيت المفتوح :
-بره على الباب
أمسكت راسيل يد هاله بسرعه وهمست:
-طيب هقابله أنا...وأوعى تقولى لسقر انه جه فاهمه ؟
بلعت هاله ريقها بخوف فصرخت بها راسيل :
-فاهمه؟
هزت هاله رأسها بخوف ...مما سيحدث لو عرف الشيخ ان زوجته قابلت رجلا غريبا بدلا منه !
*****
أشار سقر نحو الكرسى :
- أتفضل يا أدهم بيه أقعد
جلس أدهم..وقال مباشره :
- أنا جايلك بخصوص موضوعين النهارده يا سقر بيه
قاطعه سقر:
-لا الأول تشرب ايه ؟
همس أدهم بصلابه ..وهو ينظر لسقر المبستم:
- أقولك اللى عندى الأول وبعدين أبقا أضايف ذى ما تحب يا سقر بيه
أراح سقر ظهره للخلف وهمس:
-تمام ..أتفضل
أستدار أدهم ونظر له بصلابه :
- أولا موضوع مدام أنفال أخت حضرتك خلص ...قبضنا على شويه عيال من بتوع الجبل ...كانوا هم القتله...مطلوب بس من المدام أنفال تيجى بكره القسم عشان تتعرف على أنى واحد فيهم بالظبط اللى ضرب النار
هز سقر رأسه متسائلا:
-الموضوع لازم يعنى ؟
همس أدهم بصرامه وبشده:
-أيوا يا سقر بيه لازم ..لأن رغم ان كلهم سوابق ..لكن برضو دى جريمه قتل
-تمام..والموضوع التانى ؟
دار أدهم بعيناه فى الغرفه فهمس له سقر:
-أتكلم يا أدهم بيه متقلقش الحيطان هنا عازله للصوت
شد أدهم على جاكتته الجلد وهو يقول بجديه تامه بينما اضيقت عيناه البنيتان :
-ستيف كربتيا !
رفع سقر حاجبه بشده وأستند بكوعه على المكتب:
-ماله؟
-جاتنا أخبار أمبارح ..من محقين الأمير ويليام
لمعت عين سقر بشده ثم أبتسم بمكر وتسأل ببرأه:
-موضوع انه قرب ميعاد الشحنه ؟؟
صك أدهم على ضروسه بقوه وهمس بغضب:
-حضرتك كنت عارف؟؟؟..سقر بيه احنا لم أتفقنا أنا وقصى اننا نتعاون معاك فى المهمه دى..مكناش بنهزر ..ونتعاون ..هنا بمعنى..أن أى معلومات تجيلك المفروض تقولنا عليها
وضع سقر قدمه فوق الأخرى..بينما سحب أحدى سجائره ليشعلها ببطء مدروس..وأخذ نفسا منها :
-أدهم بيه..يعنى بسم الله ما شاء الله ..اللهم لا حسد ..أنا أعرف أنك خريج كليات عالميه...ومن القوات الخاصه..والاول على دفعتك لأربع سنوات..ده غير شهادات الدكتوره من لندن وأمريكا...
ثم رمى فتات السيجاره المشتعله فى المطفأه الكريستاليه..وأخذ نفسا مره أخرى ليقول بعده ببرود يعلم أنه هكذا يستفز أدهم:
-و بعد ده كله ..حضرتك مكنتش مش متوقع أن واحد ذى ستيف يغير ميعاد الشحنه ؟
أخذ أدهم نفسا عميقاً ثم فتح عيناه ليحاول التكلم بهدؤ فهو منذ البدايه لم يوافق قصى على موضوع أشراك مجرم معهم فى قضيه دوليه:
-أستاذ سقر..أحنا مش بنلعب هنا ...أحنا بنتعامل مع مافيا عالمية ...وأكيد أنت عارف يعنى أيه مافيا...لو مكنتش قد اللعب..يبقا متلعبش
ضرب قصى المكتب بقبضته بحده وصاح فى وجه أدهم:
- اللعبه اللى أنت بتتكلم عنها دى ..عامله ذى الخاتم ده
ورفع أصابعه الملتفه حولها خاتم فضى ثم أكمل بتهديد واضح:
- ومن غيرى ولا كنتوا هتعرفوا تتواصلوا مع ستيف..ولا حتى تتحركوا من مكانكم خطوه
أشتعلت عيناى أدهم بقوه وغيظ ..فسقر رغم كلامه الحاد ..على حق..فهو أساس اللعبه ...وقف سقر وهو يقول بقوه:
-شرفتنا بزيارتك يا أدهم بيه...أن شاء الله أختى هتكون عندكم بكره
ثم مد يده ليصافحه...فنظر أدهم نحوها بقرف ..ثم غادر دون أن يعطيه وجه
رمى سقر جسده بقوه على الكرسى خلفه ..فكاد يسقط من كبر وزنه..زفر بقوه ..وهو يشعر بالصداع يهاجبه فصرخ مناديا:
-هاله...يا هاله !
انفتح الباب بسرعه وأقتربت هاله بخوف :
-أمرك يا شيخ سقر
دعك سقر جبينه بتعب:
-أعمليلى كوبايه قهوه ..ونادى الست راسيل
أتسعت أعين هاله ..وبدأ جسدها فالأرتعاش فنظر لها بحده :
-أتصنمتى كده ليه..روحى بسرعه أعملى اللى قولتلك عليه
بلعت ريقها بصعوبه بالغه..وأقتربت منه قائله :
-أصل ..أصل
صرخ بها بقوه :
-أخلصى يا هاله ..منقصاش وجع دماغ
-أصل الست راسيل عندها ضيف
رفع حاجب بحده وهو يهمس بنبره حاده:
-وضيف مين ده بقا يا هاله ؟
بلعت هاله ريقها بصعوبه وهى تنظر للأرض فصرخ بها :
-أنطقى!
-واحد كده أسمه رافت
قالتها بسرعه بالغه وهى تتشاهد بداخلها ..عندما رفع سقر لها أعين جمدتها فى مكانها !
********
افتكرت فضلت اضحك والدموع
نزلت اوي وجريت اوى وحشتني ايامك اوي
ما تقلي هو مفيش طريقه
فيها انساك اوي
ومقلش اه
حبيبي قول كده
ضاعت كل الاماني
وانا مش هستنى تاني
واطفيلي النار كفايه
نار الفرقه بتوجع
حبيبي قول كده
ومفيش دموع فعيني
بسمع اسمك بدمّع
كل وقت انا روح و ادور في اللي كان
واستفدت انا ايه بصوره من زمان
منا شفتها اللي سبتها
يا ريتني شيلتك منّها
او كنت حتى ما شفش فيها
احلى ايام عشتها


بعدما خلت الصاله ألا منهما كنت ماتزال تقف هناك بقدمان متصلبتان وهى تناظر الفراغ أمامها..همست رحمه بصوت غير مستوعب لم يحدث:
-ليه ؟..ليه قولتلهم ؟
-عشان كده أو كده كانوا هيعرفوا
-هيعرفوا أيه ؟
صرخت به بحده وهى تقف أمامه ليرفع عيناه البردتان لها وهو يقول :
-أنك مراتى
-لا مش مراتك يا خالد..مش مراتك ..من 10 سنين..ومن ساعه ما سيبتك
-تقصدى لم هربتى منى !
أرتعش جسدها وهى تنظر له ..ثم وصمتت قليلا لتقول بهدؤ :
-وأنا يعنى كنت هربت ليه مش بسبب ظلمك ليا
شخر بسخريه وهو يبتسم ليقول بتهكم:
-ظلمى؟؟وليكى ؟؟هههههههه لا لا أنتِ أكيد يتهزرى
أمسكها بقوه من كفها لدرجه أوجعتها وهمس :
-تقصدى بسبب خيانتك ليا مع الحقير التانى وكمان جايه ومعاك أبنه
أتسعت عيناه وهى تنظر له لتقول بعدم فهم:
-أبنه؟؟..أمال كلامك قدام أهلك ده كان أيه ؟
-معتقدتش ان أمى هتفرح أوى لم تعرف أن مراتى كانت بتخونى ..لا وخلفت كمان ..ووأوعى تفكرى أن عملت كده عشانك تؤ ..ابدا ..ده عشان الطفل الصغير اللى ملهوش اى ذنب أن عنده أم نجسه ذيك
كان جسدها ينتفض من كلامه الموجع لكنه لم يصمت بل أكمل وهو بسخريته اللازعه :
-حضرى نفسك يا هانم عشان هننزل القاهره بكره ..وصدقينى هتكون رحله ممتعه جدا
-ومين قالك أن هرضى أروح معاك فى حته ..مش ممكن أهرب؟
أرتفعت زاويه فمه وهو ينظر لها بأعين مرعبه:
-أنت ِ عارفه كويس أنك لو هربتى هعرف اجيبك ..ومش معنى أن ال10 سنين اللى فاتت سييبك براحتك ..يبا تفكرى ان مكنتش قادر أجيبك..هه ..لا يا ماما ..أنا بأشاره من صباع أيدى كنت أقدر اجيبك لغايه عندى
أحتضنت جسدها المرتعش بيدها وهى تهمس بضعف:
-ليه بتعمل ده كله ..هتستفيد أيه
-هستفيد أن أذوقك نفس الكاس اللى شربته ..هستفيد أن نار قلبي هتهدى بعد ما اسمع صريخك..وهو بيقولك أرحمنى ..هستفيد أن أخلى واحده زيك تندم على اليوم اللى فكرت فيه بس تخون خالد الساعور ...عرفتى بقا هستفيد أيه .؟ ..
كان جسدها ينتفض بقوه وهى تنظر للأرض فقال بحده :
-بكرا عايزك جاهزه للسفر
ثم وبدون أن ينظر لجسدها المرتعش حتى ..أدار عجلات كرسيه ليخرج .من الغرفه غير مهتم بتلك التى بدأت موعها تنزل بكل صمت على وجهها
......................
وداعاً يا من كنت حبيبى !
أغمض عيناه على تلك النسمه البارده التى هبت من خلال الهضاب من حوله ...شعر بها تلمس كل جلده..تُرخى من شده لأعصابه ..لم يهتم حتى بوضع جاكتته فوق جسده الذى تتضاربه النسمات البارده مره ..بعد مره..تأوه بتعب..وهو يفرد جسده المنهك ..على وجه سيارته ..الذى يجلس عليه..فوق أحدى الهضاب العاليه التى تطل على البلده بأكمله...كان يراقب السيارت التى تمر منذ قليل..لكنه لأن ..ينظر نحو السماء...يتأمل فى كل نجمه وحدها...يتأملنورها المشع ...محاولاً التخفيف من كميه الأفكار التى تهاجمه..فهو لا يعلم أيفكر فى تلك المصيبه المسماه زوجته..والتى ولأول مره فى حياته يمد يده على أمراه فتكون هى !أم فى زيارته هذا الصباح ..أغلق عيناه بقسوه ..وهو يذهب للوراء بشع ساعات ..لصباح اليوم..فبعد ان أوصل ريتاج للمكتب ..ذهب لها!
.......
نظر رأفت للبخار المتصاعد من القهوه ..التى وضعتها أمامه هاله..بينما عقله فى مكان أخر ..هل تراه يراها ولو صدفه ؟..سأل نفسه بامل متمنيا أن يلمح ولو طرف فستانها ..كان ذاهبا بكل عقله داخل الفنجان ..ولم يلحظ الباب الذى يفتح..لتدلف وهى تعدل نقابها بطريقه واهيه ..ثم أقتربت منه تتأمل بفضول ملامحه التى تغيرت قليلاً .من ذقنه الطويله وقصه شعره .وعندما رأت أنه لم يلحظ دخولها بينما عيناه تسرح داخل الفنجان أمامه حمحمت قائله بصوت هادىء:
-السلام عليكم
رفع رأسه فجأه من الصوت الذى أتاه غير مصدق أن تمنياته تحققت ..وعندما رأها هناك وقف بأرتباك شديد حتى كاد يوقع الطاوله :
-راسيل!
أحمرت وجنتها تحت النقاب ..وحمدت الله انه لا يرى وجهها أقتربت بتوتر وهى تنظر له :
- أزيك يا رأفت ؟
مازال لم يفق من صدمته ليمسح رأسه وهو يهرب بعيناه بعيدا:
-الحمد لله بببخير !
أشارت له للكرسى وهى تجلس:
- أتفضل أقعد
جلس وهو مازال ينظرلها غير مصدق أنه رأها ..وهى عندما رأت تأمله لها وأنه لم يتكلم حاولت فتح أى موضوع :
- أأ أنت عامل أيه وو ماما وريتاج؟
- الحمد لله كلهم بخير ..متقلقيش هم عندى فى الشقه
زفرت براحه وهى تضع يديها على صدرها:
- الحمد لله أنا كنت خايفه حمدان يعملهم حاجه
نظرلها رأفت ثم جمع قواه ليقول :
- وأنتِ أخبارك أيه هنا ؟
- بخير
ردت بوجوم وهى تنظر له بشك من توتره وملامحه المشدوده ثم قالت بحده:
- بس السؤال اللى المفروض أسأله أنت جاى لسقر ليه ؟
كاد يرد عليها لولا الباب الذى فتح بقوه شديده حتى كاد يخلع من مكانه ليظهر سقر بطوله الفارع .وعيناه التى تعبق بالشر والنار تخرج من بينهما ..لكن ورغم ذالك أقترب بخطواتهادئه نحوهما وهو يبتسم لرافت :
-أهلا أهلا ..أستاذ رأفت بجلاله قدره مشرفنا
أمتقع وجه رأفت وهو يقف لسقر قائلا بوجوم:
-الله يخليك يا شيخ
أقترب سقر من تلك المنكمشه على نفسها بخوف ليحيط خصرها بتملك وهو يجذبها نحو صدره ...بينما هى كانت أنفاسها تختنق من ذالك القرب بينهما ..لا بل وبوجود رأفت أيضا ..خفضت رأسها باحراج بالغ وهى تهمس لسقر بصوت لا يسمعه سواه:
-شيل أيدك!
أبتسم سقر بشيطانيه فهى قد أتاحت له الفرصه ليصنع مشهدا رائعا بحضور رأفت ..نزل بشفتاه بجوار أذنها وهو يهمس بفحيح:
- لو شلتها حطها على مكان مش هيعجبك ..حسابك معايا فوق يا رورو !
أنقلب وجهها للأحمرار التام بينما رفع سقر عينان تشع أنتصارا لرأفت الذى وقف متجهما منمنظر تهامسهما مع بعضهما أمامه ..أشار له سقر للجلوس وهو مازال يحتضن خصرها:
- تحب أجبلك قهوه بدل اللى بردت
رفع له رأفت أعين محمره وهو يضغط بيده على الكرسى :
- شكرا يا شيخ ...اللى أهم من القهوه موضوعنا ياشيخ سقر
نظر سقر لراسيل وكاد يأمرها بالخروج ليسرع رأفت :
- ومتقلقش راسيل عارفه كل حاجه ..ولازم تقعد بما أنه موضوع يخص أخوها
أسود وجه سقر تماما وهو يسمعه ينطق بأسمها بكل أريحيه ..بينما راسيل تأوهت من قبضه حول خصرها والتى أشتدت بقوه ألمتها فنظرت لعيناه متفاجــأه من أحمرارهما ..دمدم سقر بغضب:
- أتفضلى أخرجى بره !
خفضت رأسها وهى تقف متأسفه له ثم أتجهت للخارج و لم تنظر نحوه حتى...متى كانت راسيل هكذا ؟؟تسائل داخله باستغراب .. نظر سقر له بحده وهو يخرج سيجاره وبدأ فى تدخينها :
- أتفضل يا أستاذ رافت عايز ايه؟
أخرج رأفت بعض الأوراق من حقيبه بجواره ووضعها امام أعين سقر وبجديه قال:
-دى المعلومات اللى أنت كنت طالبها ...ياسر قالى أجبهالك....الملف فيه مواعيد خروج كل السفن ودخولها و الطرق المتفرعه ..اللى ممكن يهربوا من خلالها
نظر سقر للملف ثم رفع نظرات فارغه لرأفت وهو يسأله:
- وأزاى جبت المعلومات دى بقا يا أستاذ رافت
- متقلقش من غير شوشره بتاتا ..محدش يعرف أن حد سأل عن المعلومات دى من الأساس
-ده مش الرد على سؤالى ..
أسود وجه رأفت وغمغم بحده:
-تقدر تقول سر المهنه يا شيخ ...
-تمام ..كده أنت خلص دورك فى اللعبه
رفع رأفت حاجبيه بتفكير وهو يرفع نظره جديه لسقر:
-أقدر أعرف بقا راسيل هتقعد عندك قد أيه ؟
أشتعلت عيناى سقر بلهيب حارق ولم يشعر برماد السيجار الذى أحرق يده..لقد نطق أسمها مجددا ..لقد تعدى على أمرأته ونطق بحروف تخصه وحده ..دهس السيجاره بقوه داخل المطفئه الكريستال :
- ده دورى أنا !
-لكن دى بنت خالى و..
-ومراتى!
صاح سقر بحده مقاطعاً رأفت ...وتلك النار تغلى بداخله ليحاول القول بكل هدؤ لديه:
-حقيقه أننا أتفقنا بأنى أحميها ..ميلغيش موضوع أنها مراتى بالشرع...والقانون كمان!
نظرله رأفت بأستغراب:
-تقصد أيه يا سقر؟
-قصدى واضح يا رأفت بيه ....بعيدا عن قصى وياسر ..وكل حاجه ..راسيل مراتى ...وده موضوع قائم بحد ذاته ..ملهوش أى علاقه بكل اللى فات
-معتقدش ياسر هيرضى بالكلام ده
أخذ سقر نفسا بطيئا من السيجار قائلا ببرود:
-ده حاجه بينى وبين أخو مراتى ..وملكش دعوه بيه
لم يشعر رأفت بنفسه ألا وهو يمسك بمقدمه قميص سقر بحده وهو يصرخ فى وجهه:
-تقصد أيه ؟
أبتسم سقر بأستفزاز شديد وهو ينظ لرأفت الغاضب:
-يعنى ..أنسى موضوع ان راسيل ممكن فى يوم ترجع على ذمتك ...وأحمد ربنا ان راعيت شعورها ..وومقلتلهاش عى جوازك بريتاج..
شحب وجه رأفت ويداه ترتخى عن عنق سقر الذى أزاحه بحده وهو يعدل ياقه قميص قائلا بوجوم:
-شكرا على الزياره يا أستاذ رأفت ..شرفتنا !
نظر له رأفت بغل ثم سحب حقيبته الجلديه بحده مغادر ا وهو يخرج أنفاسا متلهبه ..وبمجرد خروجه من الغرفه تحولت عيناى سقر للهلب خام للغايه وهو يشعر بخنقه فى عنقه مفكرا هل يمكن بعد كل تلك المشقات أن يخسرها أخذ نفسا عميقا وهو يفتح زر عبأته العلويه ..وأتجه للخارج !
............
خرج أدهم وهو يشعر بالغضب يأكله من الداخل ليرفع الهاتف وهو يتصل برقم معين ..وسرعان ما أتاه الرد ليقول بعصبيه :
-ذى ما كنت متوقع طع عارف ان الشحنه هتتأجل ؟
أته الصوت الهاى من الناحيه الأخرى :
-متعرفش أزاى ؟
-أكيد ليه زدان هناك ..وبعدين متنساش أنه بيتعامل مع ستيف كربتيا من زمان ..وأكيد فاهم طريقه شغله
-ذى ما كنت متوقع
-وهنعمل أيه دلوقتى يا قصى ؟
-هنكمل الخطه عادى جدا ..ومن غير شوشره .
صاح أدهم بتعجب:
-نعم؟! بقولك أن سقر الساعور خبى علينا أنهم قربوا معاد الشحنه ..وانه فى أي لحظه ممكن يغدر بينا تقولى نكمل الخطه؟؟أنت عايز تثق فى اللى أسمه سقر ده ؟
غمغم قصى بهدؤ:
-أيوا ..هثق فيه...متقلقش انا متأكد أنه مش هيغدر بينا
زفر أدهم بقوه وهو يركل حقه امامه:
-ماشى براحتك ..المهم لسه معرفتش مين القاتل ؟
-لا ..لسه بكرا هروح للشيخ همام ..هو ده اللى هيقولنا كل حاجه
-ربنا معاك
-ومعاك
أنهى ادهم المكالمه وهو يتأوه بتعب..وكاد يتجه لبوابه ...لكن شىء ما جعله يستدير وهو ينظر لأعلى ..لشرفه معينه ..فلمعت عيناه وهو يراها هناك ..تجلسى أماما الشرفه بهدؤ تام مثل الصنم وهى تنظر أمامه حتى انها لم تلحظه ..فأخذ يتأملها ..من عيناها التى تشع حزنا..لبشرتها الباهته ..لا يعلم لكن تلك المسماه أنفال تجذبه أليها ..مثل النار التى تشد الفراشه ..يشعر وكأن ذالك الحزن فى عيناها محبط عميق .زلو غاص فيه سيغرق..داعبت الرياح وجهها فتقبلتها أنفال وهى تغلق عيناها ..لكن ما صدم أدهم فعلا عندما ابعدت هذه الرياح الوشاح الاسود الرقيق عن راسها ..كان شعرها محلوقا من جذوره!
أتسعت عيناى أدهم وهو يرى رأسها الملىء بالجروح كان المنظر بشعا لكنه لم يغمض عيناه حتى وهو يقف منصدما من مظهرها ..ولم يفق على على أهتزاز الهاتف فى يده ..ليرفعه على أذنه دون أن ينطق ..لكن الكلمات التى صبت داخل أذنه كانت ذات مفعول قوى ليهمس بحده:
-بتقول أيه ...خلاص أقفل دلوقتى !
ثم ألقى نظره أخيره على فتاه الشباك ..وهو يسرع بخطوات سريعه للداخل !
...............
وضع قصى الحقيبه على ظهره بيد ..وباليد الأخرى أمسك كف وجدان التى أحمر وجهها بلون شهى للغايه وتبادلا نظرات خفيه بينهما قبل أن يتنحنح الشيخ علوان وهو يقول :
-توصلوا بالسلامه أن شاء الله الرجاله هيوصلكم لغايه عزب الشيخ همام
هز قصى رأسه قائلا:
-تشكر يا شيخ علوان
-العفو يا بيه ..والله انتوا نورتونا ..أنت والمدام
غطى الأحمرار وجه وجدان وكادت تختنق لتتسع أبتسامه قصى وهو يشد على كفها التى بين يده ليقول للشيخ علوان :
-ده من كرمك يا شيخ علوان ..يالله هنتكل على الله أحنا
-بألف سلامه
ثم هم هو ووجدان ناحيه العربه ليركبا فى الخف ..وبمجرد ما بدات فى السير ألتفت له وجدان بغضب وهى ترفع حاجبها :
-أفهم ليه بقا حضرتك مقولتلش الحقيقه ؟
نظر لها بأستفزاز وسألها ببرود :
-مقولتش أيه ؟
- أن انا مش مراتك يا ياسر؟
زادت أبسامته وهو يرفع كتفيه قائلا ببرأه زائفه :
-والله هم فكروا كده ..وأنا مش فاضى أقعد أفهم كل واحد الحقيقه ..وبعدين لو ده حقيقه هيضايق يعنى ؟
مرت جميع الألوان على وجهها ..وتراجعت بجسدها للخلف لينكمش جسدها فى المقعد وهى تغمغم بكلمات غير مفهومه ..فأبتسم قصى وهو ينظر لها رافعا حاجبا واحدا :
-مش بفهم انا لغه العصافير دى ..بس هتعبر أن فى قبول يعنى
أشاحت رأسها للنافذه وهى تضع يدها على وجهها الأحمر ..فقهقه قصى بقوه وهو ينظر للنافذه مقررا انه اكتفي من احراجها!
........
بعد بضع ساعات ..
نظر لرأسها النائم على كتفه كل أريحيه ..بينما على صوت منخفض من فمها وكأنها تتنهد ...كانت مثل الأطفال ..بوجهها المنتفخ ..وعلامات الأرهاق تبدو عليه ..فبمجرد مرور ساعه شعر برأسها يقع فوق كتفه لينظر لها فوجدها نائمه ولم تستيقظ حتى على هاتفه عندما اتصل أدهم به منذ قليل ..وبعد أن توقف السائق عند أحدى الأستراحات ..للراحه ..جلس هو ينظر لوجهها المنتفخ اثر النوم ..ولم يقدر على أيقاظها ...شعر بها تتململ وبدأت فى تحريك جفنيها ..فاسرع بأخفاء ملامح وجهه الولاهانه ..وهو يقول بهدؤ:
-وجدان ..وجدان
فتحت عيناها الناعستان وهى تفركهما ..لتبعد وجهها المحمر من النوم فقال لها بحزم تمثيلى:
-أيه باندا نايمه؟..بقالى ساعه بصحى فيكِ
قالت ومازال النعاس واضح فى صوتها :
-أيه ؟..أحنا وصلنا ولا لسه
-لا يا ستى أحنا وقفنا عشان ناخد break
فركت عيناها بكسل وهى تتاءب لتقول بدلال طبيعى أطار عقله :
-أووف هوو ناقص كثير ؟
-حوالى ساعتين كده ...أعدلى شعرك ويلا عشان ننزل
أومأت موافقه وهى تربت على شعرها قبل أن تفتح باب العربه ..وتنزل .للتمطأ بتكاسل ووجع من كثره الجلوس فى السياره ..دخلا للمطعم البسيط الموجود على جانب الطريق وجلسا على أحدى الطاولات ليقول قصى:
-ها هتكلى ايه ؟
كنت تغمض عيناها بنعاس وهى ترمى رأسها للخلف لتقول بصوت نائم:
-أى حاجه ..انا هروح اغسل وشى ...وأطلب أنت
وبدون أنتظارها لرده أتجهت نحو اللوحه المكتوب عليها الحمام..ودخلت وعندما عادت بعدما غسلت وجهها وجمعت شعرها للخلف على هيئه ذيل حصان كان الطعام قد وصل بالفعل ..لتجلس بأنتعاش وهى تفرك يدها بجوع ناظره للطعام :
-أنتِ وديتى وجدان فين ؟
سئلها قصى بسخريه لاذعه فاجابت بحنق:
-هيهيه ..ظريف أوى ..ده على أساس أنك أول ما بتصحى من النوم بتبقى شبه توم كروز ..متخليش الواحد يتكلم
رفع كفيه بأستسلام:
-أسفين يا أبو صلاح ..أتفضلى يا ختى كلى
أمسكت الخبز وبدأت بألتهام الفول بنهم شديد بينما هو أبتسم على جوعها الواضح ليمسك الخيز ووضع به بعض الفلافل "الطعميه" وفوقها حلقات الطماطم ..وبطاطس ..و وملعقه فول ..وبدأ فى تناوله .ولم يلحظ ملامح وجدان الشاحبه التى راقبته بوجوم وقد أعادت اللقمه التى بين يدها للطاوله مره أخرى بلع قصى الطعام الموجود فى حلقه ليسألها :
-فى أيه ؟..
-لا مفيش حاجه ..بس شبعت
رفع حاجبا وهو ينظر للـ اللقمه الموجود على الطاوله ليقول :
شبعتى أيه هو أنتِ كنتِ كلتِ حاجه أساسا
خفض نظرها لتقول :
-بصراحه..أصل حركتك دى فكرتنى بحد أعرفه
ترك طعامه قائلا :
-حركه أيه ؟
أبتسمت بشحوب وهى تشير لطعامه:
-أنك تحط الطعميه على البطاطس والفول وتكلها كلها
أرتبكت ملامحه لكنه حاول عدم أظهار هذا وهو يسالها :
-مين ده بقا ؟
-فاكر أبن عمى اللى قولتلك عليه مره؟..هو ده
-غريبه أنك لسه فكراه لغايه دلوقتى
-تقدر تقول كده أنه كان الحب الاول فى حياتى..وكان نصى التانى
رفع حاجبيه بشده ليهمس بغيره منأنها ماتزال تحمل مشاعر لشخص أخر ..حتى ولو كان الشخص الاخر هذا يكون هو لكن فى صغره :
-والله ؟..وأسمه أيه بقا أبن عمك ده؟
-أسمه قصى !
مطقصى شفتاه وهو يلوك الطعام :
-اممم مش بطال
ضحكت وجدان على الغيره الواضحه على وجهه وهى تلتقط أحدى الطماطم :
-أنت عارفلا أنا مشفتهوش من أمتى؟.
-من امتى ؟
سألها بملل لترد :
-من حوالى 14 سنه..من أيام ما كنت فى كجى تو ..ده حتى ملامحه مش فكراها
قالت أخر جملتين بحزن بالغ ليصمت هو تماما وهو يراها تريد اكمال كلامها :
-تعرف انه فى 14 سنه اللي فاتوا متصلش حتي يطمن عليا ..حتى يوم موت بابا ..مجاش حاولت انا أدور عليه ..بس كل اللى عرفته أن بعد ما سافر لندن عشان يدرس ..رجع مصر ودخل الشرطه
-ممكن تكونى ظلماه
-ظلماه ؟؟
صاحت وجدان بحده وهى تتضرب الطاوله حتى أن بعض الأعين ألتفت لهما فهمست بمراره :
-على العموم معدتش تفرق..حتى لو ميت ..أنا خلاص مش مسنيه سؤال من واحد ذيه
ثم أكملت الطعام ولم تنطق بكلمه واحده..وقرر هو مشاركتها فى هذا الصمت حتى انتهيا من العام ليعودا للسياره مره أخرى لكن هذه المره لم تنم ..بل نظرت للنافذه ..وبدت وكـأنها تتذكر ذكريات غير سعيده ..وكان هو فى الناحيه الأخرى ليس بأحسن حالا منها وهو يعود بذاكرته للوراء ..لذالك اليوم حينما انتهى من دراسته الثانويه ..كان سعيد جدا فها هو سيعود للوطن ..بعد سنوات طويله من الغربه..سيعود لأهل ..للدفىء سيعود من اجلها !
كان يجلس قصى فى كرسى الطائره ..بنفس ملامحه ..لكن أصغر سنا ..وبشعر أطول كان يبتسم ببلاهه وهو يخرج تلك الصوره المهترئه من جيب بنطاله الكحلى ..ليمسح بأصبعه على ملامحها المبتسمه ..قبل الصوره بحب وهو يهمس لها بذالك الوعد أنه سيعود يوما للوطن ليتوج حبهما وليجعلها ملكه بمعنى الكلمه ..مازال هناك أربع سناوت مده دراسته الجامعيه قبل أن يتقدم لها ..لكن لا سوف يتقدم لها الان وبمجرد وصوله ..تأوه بقوه وهو ينظر للسحاب خارج الطياره ..ترى كيف أصبحت الأن يا وجدانى ؟هل أستتطال شعرك الناعم..وهل بدأت مفاتنك فى الظهور لتزيدك جمالا ؟؟أم ترى لون عيناكِ الزيتونى قد تغير ؟ ..تأوه بقوه من خيالاته التى كانت سببا فى عجم نومه لليالى كثيرا ..لكن أكثر ما يشغله هل مازالت صغيرته تحبه؟..شعر بطعنه فى قلبه ..وذالك الخوف يسرى فى دمه ..الخوف من أجابه ذالك السؤال..فهو قادر على مقاتله العالم مجرد اليدين من أجلها ..لكن ماذا أذا كانت هى لا تحبه ..ضغط على عيناه بقوه ..فقد مرت أعوام كثيره منذ أخر رساله أرسلها لها..وكان هذا بناءاً على أم من عمه الذى أرسل له رساله مفادها أنه يأمره بالتوقف عن مراسله وجدان لأنه لاحظ تعلقها الشديد براسائله مما يضر بها وبحياتها فهى لا تأكل ولا تشرب وتحبس نفسها بداخل الغرفه أذا تأخرت رسالته يوما واحدا فقط ..يعلم أن عمه تكلم من أتجاه خوفه الأبوى ..وهذا من حقه ..لكن لم يكن من حقه أن يقطع عنه سبب حياته ..سببه فى الأستمرار فى الحياه ..لكن كل هذا سينتهى عندما يصل ..كل هذا الشوق سينتهى اليوم !
........
عبر قصى البوابه الألكتروانيه وهو يدفع عربه الحقائب الخاصه به أمامه بينما يبحث بعينان متلهفتان عن احد يعرف ..لتقع عيناه على اللوحه المرفوعه عاليا وتحمل أسمه فاسرع بفرحه يدفع عربته وهو يتجه نحوها ..ليجد عمه يقف هناك..ورغم ان الشيب قد بدى فى شعره الأبيض وشاربه الذى رباه ..لكن مازالت ملامحه كما هى أسرع ببتسامه متسعه نحوه :
-عـــــمى !
عندما راه الصاوى ترك اللافته وهو يسرع بأحتضانه بقوه ..وقد شعت من عيناه سعاده بالغه :
-عامل أيه يا بطل ؟؟
أبتسم له قصى وهو يرب صدره بفخر :
-بألف خير ياعمى
ثم نظر حوله بعين متسائله:
-أمال فين وجدان..؟؟ ومرات عمى ؟
أرتبكت ملامح الصاوى لكنه لم يوضح ذالك وهو يحتضن قصى من الخلف :
-هتشوفهم متقلقش ..لكن دلوقتى عندنا مشوار مهم جدا لازم نروحه
أحتدت عيناى قصى وهو يشعر بأرتباك عمه ..لكنه فضل الصمت حتى يري ما سيحدث ..أشارعمه لأحد العساكر اللذين أتوا معه ليجر العربه ..بينما هو بدأ حديثا مع قصى حتى يلهيه عن السؤال مره أخرى !
.......
لم يمضوا نصف ساعه فى السياره حتى وقفت أمام بيت عملاق للغايه يبدو على سكانه انهم فاحشوا الثراء ..فتقاطع حاجبى قصى وهو ينظر نحو عمه :
- أيه القصر ده يا عمى؟وأحنا جينا هنا ليه ؟
بلع الصاوى ريقه بصعوبه ليربت على كتفه مطمئنا:
-متقلقش..أنزل وهتفهم كل حاجه
أمتثل قصى لأمره وهو ينزل من السياره رافعا عيناه لذالك المبنى الضخم ..كان آيه من الجمال ..بتلك العواميد اليونانيه من الرخام..وتلك الحدائق الشاسعه حوله ..بينما طغى الثراء الفاحش على كل ركن فى هذا القصر ..ربت عمه على كتفه وهو يحثه على السير ليتجها نحو الوابه الخشبيه الضخمه للبيت والذى وقف أحد الخدام أمامها ..وأنحنا لهما بأحترام قبل أن يدير المقبض الحديدى الضخم للبوابه ليفتحها ..نظر لعمه بقلق لكنه أبتسم له وهو يحثه على الدخول ..وبمجرد دخوله ..غاصت قدمه فى السجاد الاحمر الفخم الذى يغطى الأريه الخسبيه اللامعه ..ولم يكن القصر يقل فخامه فى الداخل ..فقد تدلت الثرايات الفخمه ذات الكريستالات اللامعه من السقف ..وقد علقت عده رسومات زيتيه على الجدران ..لم يخفى قصى ذهوله وأندهاشه من كميه الفخامه المنتشره حوله ..بل كان يشاهد كل شىء بأندهاش بالغ وقف أمام أحدى اللوحات الزيتيه ..لرجل وأمرأه ..لكن الملفت كانت ملامح الرجل ..فهو يشبه بدرجه كبيره ..وقف عمه خلفه وتأمل معه اللوحه ليسأله قصى :
-أيه المكان ده ياعمى ؟
خفض عمه عيناه وهمس :
-هتعرف كل حاجه متقلقش
صمت قصى وهو مازال يحدق لعيناى الرجل أمامه فى اللوحه:
-شبهك صح؟
قاطعه هذا الصوت الخشن ولكنه لم يخص عمه ..فألتف قصى ناظرا خلفه ليجد أمرأه مسنه للغايه تجلس على كرسي متحرك نظر لها بأستغراب لتشير للخادمه خلفها ..فدفعت كرسيها للأمام لتقترب من جسد قصى الشاب :
-عارف مين ده يا قصى؟
سألته وأبتسامه حنونه تظهر على شفتاها ..جعلته يعقد حاجبيه :
-أنتِ عرفتِ أسمى أزاى؟
سالها بأستغراب وزادت أبتسامتها وهى تنظر لعمه الواقف خلفه ..فنظر له قصى أيضا وهو يسأله :
-عمى ..مين دى؟؟..وأيه اللى جبنا هنا ؟
مط الصاوى شفتاه بتوتر وعيناه تتدوران فى كل مكان ..لتبتسم السيده العحجوز وهى ترفع يدها ذات التجاعيد لتلامس وجه قصى:
-سبحان الله ..أنت نسخه منه الله يرحمه
نظر لها قصى هذه المره بغضب بالغ وهو يسأل بحده:
-هو مين ده اللى انا شبهه ؟؟ ..أن مش فاهم حاجه
فى هذه اللحظه طغى عطر نسائى باهظ على المكان وصوت كعب عالى يقترب منهم فاتجهت الأنظار نحو الصوت ليرى قصى سيده فى نهايات الأربعينات لكنها ورغم ذالك تحتفظ بجمالها ..هذه المرآه ..فكر قصى قبل أن يتذكر أن هذه المرآه هى الموجوده فى اللوجه خلفه ..رفع ذقنه وهو يرسل لها نظرات متشككه بينما أقتربت منهم وهى تقول ببتسامه زائفه:
-أيه المفجأه دى....أزى حضرتك يا سياده النقيب .
خفض عمه عيناه للارض بينما نقلت تلك السيده نظرها نحوه هو لترتعش ابتسامتها قائله :
-وده يبقى ...؟
تركت سؤالها معلق وهى تنظر نحو عمه والعجوز التى قد بدت الملامح الجاده على ملامحها المسنه وعندما لم تجد السيده ردا نظرت لعمه:
-مين ده يا حضره النقيب
لم يرد عمه على سؤالها فنظرت للجده وسألتها مجددا فرتعشت يدها على المقعد ..لكنها قالت بصلابه وقوه فى نهايه :
-أحب أقدملك يا شهرزاد ..قصى محمد المنصورى ..حفيدى ..وأبن محمد الله يرحمه !
لتتسع عيناى قصى بقوه ..بينما خرجت شهقه قويه من بين شفتاى شهرزاد المطليتان باللون الأحمر!

********
فتحت هاله الباب لتجد أدهم مجددا فى وجهها ..ولم ينتظر سؤاله ..ليزجها من أمامه بقوه وهو يدخل قائلا بحده:
-أدخلى نادى على الشيخ سقر بسرعه
أسرعت هاله بخوف للمتب بينما وقفت راسيل التى كانت تجلس فى صاله البيت لم تمر لحظات ليخرج سقر بحاجبيان معقوداين ولم ينتظر أدهم ليقول له بسرعه:
-الأستاذ جاسم متهم فى قضيه قتل
شهقت راسيل بصدمه بينما ضربت هاله صدرها بقوه وهى تولول :
-أزاى يعنى متهم فى قضيه قتل ؟؟ قتل مين ؟
-هادى
صمت سقر قليلا ثم أمر هاله بحده:
-أطلعى شوفى جاسم فوق ولا لأ ..ولو فوقه قوليله ينزل حالا
ثم نظر لأدهم وهو يفكر فى تلك المصيبه التى وقعت فوق رأسه !
*****
خلي الدموع دي لعيني وخلي سهدي لجفوني
يا روحي يصعب عليٌ تصبح شجونك شجوني
يا ريتني حبيت لوحدي من غير ما تدري اللي بي
وفضلت غرقان في وجدي من غير ما تاخدي بأيدي
الحزن مخلوق لقلبي والحب قلبي ولساني
وأخاف تبادلني حبي تقاسي من اللي ضناني
سبيني أنادم همومي واشكي غرامك لحالي
وأشوف شقاي ونعيمي ما بين آلامي وآمالي
كان يضع وجهه بين كفيه وهو فى عالم اخر كان هناك مئه سؤال يدور فى رأسه ..وألف خطه ..ولم ينم من الأمس وحتى لم يغادر غرفته بعدما تركته رحمه عندما عاد بعد مقتل هادى ..فقط دخل الغرفه ..وجلس على الكرسى بكل هدؤ ..وبقى هناك حتى الأن ..يرفع نظره بين الحين والاخر ينظر بتجاه باب غرفه نومه ينتظر تلك النائمه فى الداخل ...وهو يتوقع ثورتها عمدما تستيقظ ..تنهد مره أخرى وهو يعاود أغلاق عيناه ...لكن رفع رأسه بحده عندما سمع باب غرفه النوم يفتح بهدؤ ليراها هناك ..وقف بصدمه من مظهرها ..فقد كانت شاحبه الوجه وزائغه العينان وقد كان هناك عده جروح على وجهها وعنقها ..وقد أنسدل على جسدها احدى عبئات رحمه البيتيه ...أتجه نحوها بلهفه وهو ينزل بعيناه على جسدها ليرى أى أصابه فيه:
-ياسمين!!!
كان يناديها بستنجاد ..كان يناديها وهو يدعو أن ترد عليه لتخبره أن كل ماحدث مزحه ثقيله الظل...أوأن تصرخ ضاربه أياه ..يريد أن تُخرج النار التى بداخله ..يريد أن تقتله الان لكن فقط همسه صغيره خرجت من شفتاها المتشققتان دون ان تنظر له :
-عايز أروح
أتسعت عيناه وهو يقترب منها بيد حذره :
-أهدى أنت وأنا هعملك كل حاجه ..أرجعى للسرير أنت تعبانه
لم تحرك عيناها حتى وهى تعيد عليه همستها الضعيفه :
-عايزه أروح
شعر كمن يلكمه بوه فى جميع انحاء جسده فهو توقع ان تثور او تغضب تكسر او تحرق..لكن هذا الهدؤ يقتله قتلا بطيئا ...هز رأسه بأنصياع:
-حاضر ..حاضر هروحك ..
شد جاسم شعره بقوه وهو ينظر لها ..كانت كدميه أليه تنظر فقط للامام ولا ترمش بجفنيها حتى! ..كما أنها تردد كلمه واحده فقط ..زفر بقوه وهو يتجه نحو الباب لينادى على رحمه فهى من ستقدر على التعامل معها الأن ..لكنه عندما فتح الباب وجد هاله فى وجهه لتقول بخوف :
-سى جاسم ..الشيخ سقر عايزك تحت .والبوليس موجود و..
قطعت كلامها وهى تنظر لياسمين الواقفه فى الخلف ليقول جاسم بحزم:
-أنا نازل ..روحى نادى على رحمه ..وقوللها تيجى أوضتى فاهمه
أنتفض جسد هاله وهى تومأ بالموافقه لتسرع لأسفل بينما جاسم لف نظره لتلك المتصلبه فى وقفتها ثم تنهد بقوه وهو يغلق الباب خلفه !
....
رفع سقر عيناه لينظر لرأس جاسم المنحنى امامه وهو يفكر بعمق..فبعد أثبات ان هادى قد انتحر بنفسه حسب شهاده الناس ..بقيت معضله واحده الا وهى السلاح الخاص بجاسم ..والذى قتل هادى نفسه به ..يعلم جيدا ان هذا الموضوع لن يمر مر الكرام ..فعائله هادى لن تصمت ..وهذا يزيد من مشاكله فقد تنازلوا عن المحضر ..وقالوا بهدؤ انهم يردون دفن ابنهم ..فأكرام الميت دفنه لكن على من ..هو يعلم جيدا انهم سيردون الثأر لأبنهم ..أخذ نفسا عميقا ثم أنحنى ليقترب من جاسم المنكس الرأس وهمس كى لا يسمعه غيره:
-أنا عايز شرح وبالتفصيل عن كله حاجه يا جاسم فاهم؟
لم يرفع جاسم رأسه فقط هزها موافقا بينما عاد لتأمله للأرض بينما سحب سقر نفسه للخلف وهو يراقبه بأعين غير راضيه ..لمح بطرف عيناه أدهم يقترب منهما فوقف ليلتقيه وعندما وصل أدهم له قال بمهنيه:
-تقدر دلوقتى تروح يا شيخ ..ولو احتاجنا جاسم هنبقا نتصل بيك
-شكرا يا ادهم بيه
-وعايزين مدام انفال بكره متنساش
هز سقر رأسه موافقا وهو ينظر لأخيه ليقول :
-يلا يا جاسم !
فوقف الأخير برأس منكس وهو يسير مع سقر للخارج !
......
وفى البيت ..بمجرد ما اخبرتها هاله بموضوع جاسم شحب وجهها واسرعت لأعلى ..بينما راسيل تبعتها وهى تسائلها عم حدث ..وبمجرد دخولهما غرفه جاسم تصلب جسديهما عند الباب ..فقد رأيا ياسمين تجلس فى منتصف الغرفه على الأرض وقد ربعت رجليها ..بينما تمسح بيدها على شعرها الطويل ..أقتربت رحمه ببطء منها وهى تأمر راسيل المتصمنمه عند الباب:
-أقفلى الباب يا راسيل
فعلت راسيل ذالك ووقفت هناك تراقب اقتراب رحمه بخوف لياسمين وهى تهمس:
-ياسمين حبيبتى ..أنت بخير ؟
لم ترد عليها ياسمين وهى ماتزال تمسح خصلات شعرها ..فنظرت رحمه لراسيل كأنها تستمد منها الشجاعه ..ثم وضعت كفها على كتف ياسمين :
-ياسمين؟؟..حبيبتى
كان رد ياسمين أنها رفعت عيناها لرحمه ببطء ونطقت :
-عايز أروح
بلعت رحمه ريقها ثم جلست على الارض بجوارها وحاولت تلطيف الجو :
-حاضر هروحك ..بس خلينى اطمن على جرحك الأول
ثم أمسكت ذراعها لترفع كم العباه الخضراء ..فظهر جرح عميق فى يدها ..جعل رحمه تنظر لراسيل وهى تأمرها :
-راسيل روحى الاوضه اللى عالشمال هتلاقى علبه اسعافات ..هتيها لو سمحتى
هزت راسيل الصامته رأسها موافقه وهى تأجل فضولها لوقت أخر !
وبمجرد خروج راسيل ألتفت رحمه لياسمين الهادئه كقطه وديعه لتهمس بحذر :
-طيب ممكن تقومى من على الأرض
لم ترد ياسمين وهى ماتزال تمسح شعرها فلوت رحمه شفتاها بيأس ..فُتح الباب لتدخل راسيل مع علبه الأسعافات وهى تسرع نحوهما فشكرتها وبدأت فى اخراج الأدوات لتطبيب الجرح بينما وقفت راسيل فوق رأسهما وهمست بفضول لم تستطيع التحكم به:
- هو انت تعرفى هادى الجوارحى ؟
أنتفض جسد ياسمين بين يدى رحمه فرفعت رحمه نظرها بسرعه نحو راسيل علامه ان أوقفى الكلام ..لكن الأسم وصل لياسمين وأنتهى الأمر ..ياسمين التى أتسعت عيناها وذالك الهمس يتردد لها مره أخرى ..ذالك الهمس البشع الذى صبه فى أذنها وهو ينهشها ..همسه بأسمه ..همسه بأنها يجب ان توشم أسمه فى ذاكرتها ولا تنسه أبدا ولتتذكر دائما ان صاحب ذالك الأسم هو من أغتصب عرضها ....شهقت رحمه بخوف وهى تتراجع للخلف عندما أبعدتها ياسمين بحركه حاده ...صارخه بعنف ..بينما تكاد تصلق وجهها فى الأرض من شده أنحنائها ..ويديها تغطى أذنها ..فقط هى لا تريد أن تسمع ..فقط تريد لذالك الصدى الذى يتردد فى أذنها ان يتوقف ..فهى تصرخ ...وتصرخ لكنه لا يصمت ..بل يكاد يدق فى راسها ..حاولت رحمه أن تحتضنها لكى تصمت لكن محاولاتها فشلت بسبب يدى ياسمين اللتان يضربان كل شى أمامها ومازال صراخها يعلو...يعلو بألم ..يعلو بحرقه!
*****
ببساطه التجاهل هو فن راقى جدًا من الأنتقام !
فتح الباب ببطء وبتعب..فقد مر على عمته وامه قبل صعوده ..وتحمل كل عويلها وبكأها ورجاها له لكى يرحم ريتاج وينزلها للأسفل وأنها مجرد طفله سليطه اللسان .. لكن فى نهايه الامر هدأت بعدما وعدها انه لن يؤذيها فقط وكما يقال..سـ"يربيها "لبعض الوقت حتى تتهذب قليلا ووافقت !.رغم الحزن البادى على وجههاورغم الدموع فى عيناها هكذا هى عمته دائما سلبيه الرأى !.. بينما أمه فاطمه ..لم تتكلم ابدا ..واخذت ركنا بعيدا تشاهد منه الأحداث ولم تتدخل ...زفر رأفت فمازال أمامه تلك الشرسه الصغيره ..بحث بعيناه عنها فى أرجاء الصاله الخاليه من الأثاث ..فقد باعه بعد الطلاق فقط ترك أريكه وطاوله وبعض الكرسى ..فحينما يشعر بضيق كان يهرب ألى هنا ارتفع حاجبه بشده عندما رأى حاله الأرض الفوضويه فقد انتشر الماء فى جميع الأنحاء نتيجه "مسحها " للأرض أخذ نفسا عميقا وهو يتجه بخطواته نحو باب الغرفه وفتحه بهدؤ ليطل للداخل برأسه ..لتتسع عيناه بقوه وهو يراها تتكور على نفسها بجانب الحائط وقد دفنت رأسها داخل ركبتيها ..شعر بقلبه يسقط بين قدميه ليهرع نحوها راميا الحقائب البلاستكيه فى الأرض هاتفا بخوف :
-ريتاج ..ريتاج !
رفعت له وجها محمرا اثر النوم لتهمس بنزق:
-أيه فى أيه صحتنى !
كاد يرمى نفسه على الأرض بجوارها من تلك الراحه التى حلت عليه لكنه عقد حاجبيه بغلاظه :
-أنتِ نايمه فى الأرض كده ليه مش عندك سرير قدامك ولا أتعميتى ؟
رفعت له عينان مشتعلتان رغم هاله النعاس حولهما وهى تصك على ضروسها :
-سرير ؟؟أنى سرير ده اللى بتتكلم عليه ..لو تقصد حته الخشب اللى وراك دى واللى مليانه حشرات ..فـ sorry أنا مش حيوان عندك
كاد يرد لتنظر خلفه وهى تركض نحو الأكياس البلاستكيه على الأرض قائله بلهفه:
-أنت جبت أكل؟؟أنا جعانه أووى
لكن ملامحها السعيده لم تستمر طويلا وهى ترفع عينان متسائلتان له:
-أيه ده فين الأكل؟
نظر نحوها ببتسامه شامته قائلا بسخريه:
-المفروض ده السؤال اللى هسأله لحضرتك بعد..
ثم رفع ساعته ليكمل بتهكم :
-بعد ساعه ..
أحمر وجهها لتقول متسائله بغضب:
-أنت عايزنى أطبخ ؟؟؟
-لا عايزك تخدى حبه الخضار دول وترقيهم من العين....أحنا هنستعبط.؟؟؟
-لا ده أنت بتحلم يا بابا
رفع حاجبه ليقول بتحذير :
- ريتاج!...أتقى شرى أنا فيا اللى مكفينى
وضعت يدها على خصرها وهى ترفع اعين حاده له :
-أعلى ما فخيلك ..أركبه !
-طــــيب !
فجأه ألتمعت عيناه وهو يحملها بشكل معكوس فوق كتفه لتتسع عيناها من طريقته البربريه فى حملها ..ولكمته فى ظهرها بيديها محاوله التملص من بين يديه:
-أنت أتجننت ؟؟نازلنى ..بقولك نازلنى ...
لم يهتم بأمر ضربها له وهو يتجه بخطوات رشيقه نحو المطبخ ..وكأنه يحمل ريشه فوق كتفه ..ولم يعبأ بصراخها الذى صم أذنه ..وأكمل الطريق ثم فجأه تأوه وهو يتلقى منها عضه فوق كتفه وكادت تفلت من بين يديه لكنه أستحملها ..ليدلف للمطبخ ورفعها بيديه الأثنتان ..ثم وضعها فوق الثلاجه المرتفعه ووقف أمامها قائلا بشماته:
-ورينى بقى هتنزلى أزاى يا قطه ...والأكل لو متعملش خلال نص ساعه ...صدقينى هنيمك جوا البوتجاز النهارده
ثم وبدون ان يضيف كلمه أخرى تركها هناك فوق الثلاجه المرتفعه والتى لا يجاورها شىء بأمكانها النزول عليه بوجهها المحمر من الغيظ والقهر .. لتصرخ حتى كادت أحبالها الصوتيه تنقطع ..فأبتسم رأفت وهو يرمى بجسده المنهك فوق الأريكه بينما يتخيل مظهرها فوق الثلاجه كقطه صغيره لا تستطيع الفرار أزدات أبتسامته وهو يسمع صراخها باسمه ولسانها القذر يشتمه ..فرفع احدى وسادات الأريكه ووضعها فوق وجهه بينما يهمس بشيطانيه متلذذه :
تصبحى على خير يا قطة!
وبالفعل تركها هناك تضرب سقف الثلاجه بغل وهى تتوعده بأقذر أنتقام!
*****
من أنت؟!
لف قصى بنظره نحو تلك الشارده بجواره ليتأوه باخله فهو يريد أن يمحى تلك النظره التى تحتل عيناها ..والتى وياللعحب هو المتسبب بها ..كم يريد الأن ان يجذبها بقوه لاحضانه ويهمس لها أن كل شىء بخير ..وأنه أسف جدا على كل لحظه مرت بها فى حياتها بدونه .وكل دمعه نزلت من عيناه ولم تكن يداه هى من تمسحها .أن يخبرها ان هذا لم يكن بيده .. زفر بقوه وهو يعاود النظر للنافذه ..وقد أوشك الشمس على الأختفاء خلف جبال الرمال ..وفى الجانب الأخر لم تكن أحسن منه حالا..فكانت عيناها تغوص فى زجاج النافذه..تتذكر رسائل ذالك المهاجر التى أنقطعت فجأه..تتذكر والدها الذى دلف لغرفتها الورديه يوما ما ليجلس بجوارها على الفراش وأخبرها بهدؤ انه لن يعود ..أنه ذهب لأهله ولمكانه الأصلى..سؤال واحد فقط سألته يومها لنفسها ..أُلم تكن من أهله ؟؟؟ ورغم يأس والدها وأمها من عودته كانت هى تقف كل يوم بجوار باب البيت ..تمسك بالعروسه القماشيه التى صنعها لها..وتنتظره بأعين مليئه بالأمل ..لكن يوم وراء يوم انحسر الأمل عن عيناها ..وكان اخر خبر سمعته عنه أنه رحل للصعيد ليؤدى فتره خدمته فبدأت تتنساه ..وتتناسى كل ما يخصه :
-وجدان ..وجدان !
-هه
نظرت له بأعين شارده ليرفع حاجبه :
-أنا بقال ساعه بكلمك !
-أسفه سرحت شويه بس ..كنت عاوز حاجه؟
رفع قصى علبه العصير قائلا ببتسامه خفيفه:
-كنت بعزمك على عصير
هزت رأسها وهى تتلقى منه العلبه :
-شكراً
أبتسم لها وهو يمص العصير من علبته ثم قال :
-باين عليكِ لسه بتفكرى فى موضوع أبن عمك
لوت شفتاه وهى تبعد العصير عن فمها الذى بدا له مثير للغايه وهى تضمه لتشرب العصير :
-أها ..فعلا ..كنت بس بفكر يا ترى هو عامل أيه دلوقت
-أكيد بخير !
-وأنت أيش عرفك ؟
سألته بدعابه وهى تعاود شرب عصيرها بتلك الطريقه المستفزه لأعصابه ..فشد شعره للخلف وهو ينظر فى كل أتجاه عادى أتجاه شفتاها :
-مجرد تخمين
هزت رأسها قائله بشرود :
-ياريت يطلع حقيقى
تغيرت ملامح قصى المسترخيه عندما شعر بسرعه السياره تقل ثم توقفت تماما ليسأل السائق:
-فى حاجه ولاأيه ؟
لف الرجل وجهه قائلا بأرتباك:
-فى كمين أدامنا يا بيه
وأذا كان السائق مرتبكا ..فقد كان قصى مرتبكا أضعاف أضعافه مما جعل وجدان تنظر له بخوف:
-ياسر ...هنعمل أيه ؟
تصلبت ملامحه وهو ينظر لها قائلا بتصلب:
-متقلقيش..أهدى ..ومتبينيش أى حاجه على وشك تمام ؟
هز راسها برعب وهى تقترب منه ملتمسه الأمان ليسرع هو باخذ يدها بن كفه يده وضغط باصابعه على بشره يدها البيضاء المرتجفه ..توقفت العربه تماما بجوار رجل الشرطه الذى أنحنى على النافذه وبأعين قناص بدأ فى تفحصها وهو يأمره :
-رخصك !
أسرع السائق بأخراج رخصته وهو يبلع ريقه :
-أتفضل يا بيه
نظر بها الظابط ثم سأله وهو مازال ينظر لعيناى قصى:
-رايح على فين كده ان شاء الله؟
-رايح لعزب الشيخ همام ..أوصله ضيوف من مصر
رمى الظابط نظره أخرى على قصى ثم أمر العسكرى خلفه :
-فتشلى شنطه العربيه يا بنى
ثم ضرب على السياره من فوق وهو يأمر السائق:
-أفتح الشنطه !
أسرع العسكرى للخلف بينما فتح السائق العربه من الخلف من خلال الزر أمامه:
-فى سلاح يا سعاده البيه
صاح بها العسكرى من خلف وهو يرفع احدى البندقيات فأبتسم الظابط لعيناى السائق المذعور :
-الله ! ..سلاح ..أتفضل أركن على جنب يا حبيبى ده أنت ليلتك قشطا
-يابيه والله ما بتاعنا منعرفش جيه منين ده
ضرب الظابط سقف السياره وهو يصرخ:
-أنت هتبرطم معايا أخلص
كاد السائق يتكلم فأتى صوت قصى الحاد ليقول وهو يزيد من الضغط على يد وجدان المرتعشه :
- أركن على جانب يا سطى
نظر له الظابط ببتسامه تهكميه :
-ده انت طلعت كيوت أهو ..فزااااااع
نادى على العسكرى ليسرع له فأمره وهو ما زال ينظر نحوهما :
-فتش العربيه دى كلها أما للحلوين دول خدهم عالقسم
-حاضر يا فندم
..........
فى قسم الشرطه ...
دفست أنفها فى صدره لينحنى على أذنها هامسا:
-متقلقيش !
أرتعش جسدها وهى تنظر له بأعين دامعه فأبتسم لها وهو يزيد من أحتضانه لها:
-أوعى تخافى وأنتِ جانبى
..أقترب منهما الظابط المتهكم مره أخرى ليقطع حوارهما :
-قوم يا حبيبى أنت وهى
وقف قصى وهو ما زال يحتضنها ويهمس لها ألا تخاف وأتجه خلف الظابط فى الممر الطويل ليدخلا فى أحدى الغرف بعدما طرقها الظابط وسُمح له بالدخول ..فأبعدها قليلا ولكن أحتفظ بيده حول خصرها وهو يقف أمام الرجل المسن امامه والذى كان ينظر لبعض الأوراق أمامه ليقول الظابط:
-جبت اللى لقينا معاهك السلاح فى العربيه ذى ما أمرت سيادتك
همهم الرجل :
-ماشى يا سيف ..
ورفع عيناه من على الاوراق بتمهل ليتصلبا بقوه وهو يهمس بعدم تصديق عندما رأى ملامح الواقف امامه:
-قصى؟!!
أبعد قصى وجدان وهو يرفع يداه على جبهته بأشاره التحيه :
-تحت أمرك ... يا فندم
وقف الرجل ذو الرتبه العاليه:
-أنا مش مصدق قصى محمد فى مكتبى!
قالها بدهشه عارمه وهو يتجه مقتربا منه فتصلب وجه قصى وهو يسمع الشهقه التى صدرت من الواقف بجواره والتى فتحت فمها وقد أتسعت عيناها على أخرهما لتقول بصدمه:
-ققـ..ـقـصى؟!
لم يرمش بعيناه حتى وهو يهمس بتصلب :
-أيوا !
ولم ترد ..ولم يسمع منها أجابه على تأكيد هويته لكنه شعر بجسدها يضعف ويتراخى بعدما تصلب بقوه فى مكانه ..كان قلبه يتقطع وهو يلمح من جانب عيناه ذعرها ودهشتها بينما تنظر لجانب وجهه المتصلب صك فكه بقوه عندما رأى تلك الدمعه الفاره على وجهها بينما تجرى بعيناه على ملامحه ..ثم تلى ذالك الأندهاش البالغ صوت جسدها الرقيق وهو يقع أرضا ليصرخ وهو يسرع ليتلقفه بين يداه بفزع حقيقى :
-وجــــــــدان !
*****
وضعت الحاجه ميسره سبحتها على الأريكه بجوارها وهى تكمل التسبيح بدونها وقد رفعت قدميها من تحت الأخرى لتعتدل فى جلستها ببطء وهى تأن من وجع مفاصلها أقتربت منها شاديه بكأس الماء وحبايه الدواء لتقول :
-معاد الدوا يا ستى
أخذت منها ميسره الكأس بيد مرتعشه متمته بعدم رضى:
-انا عارفه أيه ياختى فايده العلاج ديه ..والله ملهوش لازمه
لم ترد شاديه فهذا معتاد بالنسبه لها ..وبعد أنتهاءها من الماء همست برضى:
-الحمد لله
-بالشفا أن شاء الله يا ستى
نظرت لها ميسره لتقول بحزم :
-خلصتى تنظيف الأوض ؟
-أه يا ستى منقصش غير أو ضه سقر بيه المقفوله
هزت راسها وهى تصرفها بيدها :
-خلاص روحى كملى شغلك انت ..انا هطلع أنام وصحينى على المغرب
هزت شاديه رأسها موافقه وهى تعاود الذهاب للمطبخ بينما زفرت ميسره وهى تقف بصعوبه ومازالت تسبح بهمسات منخفضه ..أتجهت نحو السلم لكن أوقفها باب الغرفه المغلقه لتتجه نحوها وهى تلتمس مقبضه بيدها المرتعشه ثم أخرجت المفتاح من سلسله حول رقبتها وفتحته ببططء لتدلف ومدت يدها لتفتح الأضاءه فانتشرت سريعا فى أرجاء الغرفه ..رفعت عيناها تتأمل الحوائط امامها والتى أمتلئت عن أخرها بصور عديده ..أقفلت ميسره الباب خلفها وأستندت عليه بثقل جسدها وبدأت على تهمل تدقق النظر فى كل صوره ..وكل صوره بألم ..صوره للملجأ وهو يحترق من أحدى الجرائد ..صوره للرجلان وهى تعلم جيدا من هما ..صوره له حينما دخل السجن لأول مره ...وصوره وصوره ..وبعضها عايه فى البشاعه .الصوره الوحيده الجيده هى الصوره الكبيره فى المنتصف الخاصه بــ براسيل!
.تصلبت عيناها على صوره معينه لتقترب منها ومدت أطراف أصابعها لتلامس حدود الصوره ..كانت الصوره الوحيده التى رضى أن يتصورها فى حياته كلها وكان فيها كالنمر المفترس ..بعيناه المتوهجه ..تتذكر جيدا متى كان هذا ....كان عندما تعرف على راسيل أغلقت عيناها وبدأت تتذكر !
*****
ضربت كامله على صدرها بقوه وهى تسمع صوت الصراخ والعويل والتكسير الذى ياتى من جناح جاسم فأسرعت بترك القهوه ولتسرع ناحيه السلالم ..فرات انعام تقف امام باب الجناح بفضول وقد شعرت أيضا بهاله خلفها ..لم تنتظر كثيرا لتسرع فاتحه الباب وهى تصرخ :
-فى أيه للعوايل ده كله ؟!
اتسعت عيناها على المشهد امامها فالغرفه أصبحت مهرجان من الأشياء المكسره على الأرض ..بينما راسيل تقف بخوف وهى تحاول مسانده رحمه الواقعه أرضا وياسمين كانت مازالت تصرخ وهى تضرب الأرض وترمى كل ما يأتى تحت يديها فسالت كامله بحده:
-مين دى؟؟
لم تنطق رحمه ولا راسيل بينما مازالت صراخات ياسمين تعلو فصرخت كامله وهى تشعر أنها سيغشى عليها:
-أنخرستوا أنتوا ولا أيه؟؟مين المجنونه ديه ؟
-ياسمين !
لم تكن تلك اجابه على سؤال كامله بل همسه خائفه خرجت من صدر جاسم الذى أسرع بالركض نحو جسد ياسمين فظهر من خلفه سقر بوجهه الغير معلوم الملامح كالعاده ..طوق جاسم جسد ياسمن بصعوبه وهو يتلقى تلك الضربات القاسيه منها والتى ألمته لكنه لم يهتم ..ولم يهتم أيضا بصراخها وخربشاتها لجلده كل ما كان يهمه أن يشعر برأسها المستكين على صدره ..أسرعت رحمه بالأقتراب وهى تنظر لجاسم بعلامات من عيناها وأشارت له نحو الحقنه فأمسك ذراع ياسمين بصعوبه وأسرعت رحمه بغرز الحقنه فى جلده ..وبعد وقت هدأت ياسمين بالفعل وهى تخر كالذبيحه بين يدى جاسم الذى أمتلىء بالعرق ثم وبكل هدؤ عندما شعر برأسها الثقيل رفعها بخفه ليتجه نحو الغرفه الداخليه ووضع جسدها برقه على الفراش ثم غطاها ليهمس:
-أرجوك سامحينى !
وبكل قوه خرج للذين يقفوا بالخارج بوجه صلب فوجد ان الجميع غادر ولم يتبقى سوى أمه وسقر فكان أول من تلقاه هى أمه التى صرخت :
-حد يفهمنى أيه اللى بيحصل فى بيتى ؟!
أغمض جاسم عيناه ثم نظر لسقر الواقف عند الباب ليشجعه بنظره قويه من عيناه ليقول ما أتفقا عليه أثنا مجيئهما فنظر لأمه وقال :
-البنت دى تبقا دكتوره هنا فى المستوصف الطبى أسمها ياسمين و..و كانت معايا فى الكليه
-ده مش جاواب برضو على سؤالى ..يا ولد الساعور !
أخفض جاسم رأسه ليأخذ عده أنفاث ملتهبه ..بينما الجميع يناظره منتظرين أجابته أقتربت منه كامله وهى تصرخ:
-رد عليا يا ولد بطنى ..البت دى بتعمل أيه هنا فى بيتى ؟
-ياسمين عملت حادثه مع قطاع الطرق ...وأنا انقذتها وجبتها على هنا..والسلاح بتاعى وقع منى ..وواحد من قطاع الطرق خده وقتل بيه حد لكن المحضر اتقفل خلاص
رد ومازال رأسه منخفضا فرفعت كامله حاجبا بعد تصديق :
- والله؟! أذا كان كده يبقا خلاص نسوف دار البنيه ونروحها لأهلها
-فى حاجه تانى يا أمى
أوقف جاسم أمه التى أستدارت لتغادر فألتفت له وهى تسأل بتوجس:
-أيه تانى؟
أخذ جاسم نفسا عميقا للغايه لينظر لأمه باعين قويه وهمس بهدؤ:
- انا هتجوز ياسمين !
وقطع أتساعه عيناى كامله دخول هاله المتسرعه وهى تصرخ بفرحه عارمه كادت تجعلها تقع أرضا من سرعتها :
-يا ست كامله يا ست كامله سى حسن رجع!


نهايه الفصل 11


اروى بدر غير متواجد حالياً  
قديم 29-11-16, 01:00 AM   #46

اروى بدر

كاتبةو قاصة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية اروى بدر

? العضوٌ??? » 373310
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,370
?  مُ?إني » القاهرة
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » اروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
?? ??? ~
أنا القافلة التي سارت ولم تبالي بنباح الكلاب...
افتراضي

الفصل الثانى عشر
مشاعر جديدة
حتى يلتئم جرحك عليك فقط التوقف عن ملامسته !
عقد حاجبيه بشده من الزحام المرورى أمامه لم يكن زحام مرورى بالمعنى المعروف بل كان عباره عن قطيع من الماعز والخرفان تقطع الطريق ويبدو على السيده الكبيره _برداءها الفلاحى _أنها فقدت السيطره على خط سيرهم ...ففتح باب عربته ليترجل منها وأقترب من السيده العجوز ليكلمها بلطف:
-السلام عليكم يا حاجه ..محتاجه مساعده ؟
نظرت المراه المسنه له بتعجب وعدم تصديق فمظهره يدل أنه من أبناء المدينه ..فمطت شفتاها بتعجب:
- الله يخليك يا بيه ..بس مش عايزه أوسخلك بدلتك
زادت أبتسامته الرزينه وهو يخلع سترته ووضعها على مقدمه السياره .وبدأ فى طى أكمام قميصه الأبيض وهو يقول للسيده:
- بدله أيه بس يا حاجه ..ولا يهمك
وبدأ بالفعل فى جر الماعز والخرفان ليمر بهم للمناحيه الأخرى من الطريق الترابى بينما المرأه تراقبه بدهشه من براعته فى الامر فلم تمر دقائق وقد نقل جميع المواشى للناحيه الأخرى وعندما انتهى أقترب منها وهو ينفض التراب عن بذلته ليقول ببتسامته الدائمه:
-أدينى عدتهم ..تؤمرى بحاجه تانيه يا حاجه ؟
رفعت له عين مندهشه وأبتسامه طيبه لتقول بصدق:
-تسلم يبنى ...صحيح ولد مين أنت ؟
تجهم وجهه قليلا ليحاول الأبتسام :
-ولد الساعور ...
أتسعت عيناها بعدم تصديق لتقول بشكك:
-أنا اعرف عيله الساعور كلها مين أنت فيهم؟
-حسن الساعور
قالها بهدؤ لتنشرح ملامح المرأه وهى لا تصدق ما يقول فهتفت:
-واه واه واه ..حسن ؟؟ كِيفك يا ولد ..وكِيف أخبارك ؟ بقالك زمان مهاجر ..يجيلك 10 سنين ..والله كبرت وصرت راجل ملو هدومه
بلع الغضه التى علقت فى حلقه ليحاول الهدؤ والرد على السيده:
- الله يخليكِ يا حاجه
حاولت التمسك به ليأتى معها ليتذوق بعض الفطير والعسل لزوم اليافه لكنه تملص منها معتذرا ليعود فى النهايه لسيارته وبدأ فى قيادته مره أخرى نحو وجهته ...وكان ينهر نفسه ...مابك يا حسن أذا كان بضعه كلمات من سيده عجوز زلزلت كيانك وأرتبكت كتلميذ نسى الاجابه ..فماذا ستفعل حينما تقابل اهلك ؟؟؟أغلق عيناه وهو يشده شعره للخلف لم يذق طعم النوم منذ أيام وهو يضع جميع التوقعات لم سيحدث ...وكيف سيكون اللقاء بعد عشر سنوات من الفراق ..وبم سيجيبهم ؟...زفر بحرقه مستقبلا تلك الصفعات الخفيفه من الهواء ...شعر بذالك الثقل على صدره يعاوده مره اخرى فمد أصابعه لمشغل الأسطوانات ..وببعض ضغطات كان صوت رقيق يتلو أيات من القرآن ..أيات نزلت على صدره كـ ماء بارد ...يثلج به قلبه
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } : الزمر
هل سيغفر الله ذنبه ؟ تسأل بخوف بدخله ذالك السؤال الذى من الممكن أن يقلق مضجع الملك ..ومضجع الفقير..ذالك السؤال الأعظم الذى ولو كل شخص يسأله لنفسه لم عصى ربه ...أغلق عيناه للحظه محاولا تصفيه باله ..والتفكير فى الطريق من حوله ..فقد تغيرت القريه عم كانت عليه منذ سنين ..فظهرت ملامح التمدن عليها وقد علت بعض المبانى بالطوب الأحمر وسط المبانى الطينيه ..ومدوا طريقا من الأسفلت بدلا من الطرق الوعره القديمه ..ويبدو ايضا انهم ردموا تلك الترعه التى كانت على مدخل القريه ..أبتسم بحنين لأيام طفولته فمهما غاب الطير يأتى يوما ويعود لأحضان وطنه ابتسم بصدر مثلج من نسائم الهواء المحمله برائحه الأرض ...أبتسم وتك الكلمات العذبه تسقط داخل اذنه لتزيده خشوعا وهدؤا ..تقاطع حاجبيه بأستغراب عندما لمح على ناصيه الطريق امرأه ويبدو على ملامحها الأرهاق وهى تشير لكل العربات والتى كان ردها ان تتركها بكل وقاحه غير عابئه بها ...خفف من سرعته لتتضح له الرؤيه اكثر لتلك المرأه والتى تبدو انها ليست من هنا فبجوارها أستمانت حقيبه سفر ..فعقد حاجبيه وقرر المساعده فأوقف السياره بجوارها مباشره وانزل زجاج النافذه :
-السلام عليكم ..أى خدمه يا أنسه ؟
أنحنت على النافذه لتظهر له ملامحها الرقيقه ببشرتها المخمليه والتى عبث بها العرق فجعل بعض خصلات شعرها الثائره عن الحجاب تلتصق بمقدمه رأسها ..بينما تشققت شفتاها الصغيرتان :
- شكرا ربنا يخليك..بس متعرفش حضرتك أقرب موقف يودى لنجع الوادى فين؟
قالت برقه وصوت هامس من التعب ليرد بجديه وهو يستغفر الله بداخله من تأملاته لشفتاها :
- الموقف بعد 25 كيلو من هنا !
تغضن جبينها بعبوس من بعد المسافه فاسرع يعرض بشهامه:
-أنا طريقى من هناك ممكن أوصلك
أتسعت عيناها بامل سرعان ما أختفى وهى تمط شفتاها :
-لا شكرا ..أنا هستنى أى تاكسى يوصلنى
- حضرتك مفيش تاكسى بيعدى من هنا ده طريق سفر
أزاد أنعقاد حاجبيها وهى تقلب شفتاها بطريقه جعلته يشيح بنظره بعيدا وهو يشتم نفسه بداخله وحاول ان يقول بأتزان:
-تقدرى حضرتك تركبى ورا وأعتبرينى سواق التاكسى يا ستى
أحمرت وجنتها وهى ما تزال تقلب الأمر فى عقلها لتتأمله بأعين متشككه يبدو أنه من الناس الملتزمه والذين يخافون الله ..أستراح قلبها لصوت القران المنبعث بهدؤ من السياره وملامحه البشوشه فقالت على أستحياء:
- موافقه ...معلش هتعب حضرتك معايا
هز رأسه بنفر :
-لا أبدا تعبك راحه
حملت حقيبتها الصغيره نسبيا وهى تفتح الباب الخلفى لتدعو الله بداخلها بخوف لكنها سمت بالله وأقفلت الباب خلفها بعدما اعتدلت فى جلستها ووضعت الحقيبه أسفل قدميها ..بعدما لصقت بباب السياره بقلق وحذر منه فأبتسم من حركتها التى لاحظها فى المرآه الأماميه وأدار المقود ليكمل السير بهدؤ ..كان الصمت هو سيد الموقف وقد قاطعه صوت الشيخ الوقور المنبعث بكلمات عذبه جعلتها تستريح فى جلستها وقد أستراح قلبها وبين اللحظه والأخرى كان يرفع عيناه لينظر لملامحها الهادئه والتى تنظر نحو النافذه فيستغفر الله ويذكر نفسه أنها اعراض ناس وان الفتاه قد أستئمنته على نفسها ...فينظر نحو الطريق مجددا وهو يلاعب اصابعه على المقود بأرتباك وخنقه من ذالك الجو :
-هو حضرتك ساكن هنا ؟
كاد المقوج ان يفلت من بين يداه من تلك النبره التى أرتفعت فجأه فقاطعت حبل أفكاره :
-أه ..لأ ..أقصد أه ولأ...
رأى تقاطع حاجبيها الرقيقان على صفحه وجهها فسارع بالشرح:
-أنا أساسا من هنا ..س أتنقلت للقاهره من 10 سنين وأول مره أنزل بعد السنين دى كلها ..وأنت؟
لم يستطيع كبح السؤال الذى خرج منه بسرعه فقالت بهدؤ وبتلك لأبتسامه الصغيره :
-لأ انا أول مره ازور البلد دى ...ليا صاحبه هنا عند عيله كبيره وجايه أزورها
رفع حاجبيه وقد بدأ الشك يدب فى صدره فهمس:
-تعرفى أسم العيله أيه ؟
تغضن وجهها بحيره وحاولت ان تتذكر
اممم مش فاكره عيله سعرو ..سعار ..أأأه الساعور أسمها عيله الساعور
كاد يفقد سيطرته على السياره ليحاول أخذ نفسا عميق فسألته عندما لاحظت شحوبه :
- هو أنا قلت حاجه غلط ؟
هز رأسه نافيا وهو يبعد ياقه القميص عن عنقه :
-لا لا ...بس معلش أن فضولى شويه ..ًصاحبتك تقرب أيه لعيله الساعور ؟
-لا هى مش من العيله هى شغاله ممرضه لحد فيهم
ساد الشخوب وجهه تماما فهو يعرف جيدا من هذا الشخص ..هذا الشخص هو خالد !..وقع الأسم على قلبه كما الصاعقه ..خالد يستعين بممرضه ..خالد الذى كان الجميع يحلف بقوته وحضوره الطاغى ..اأن هو قعيد والمتسبب فى هذا يكون ..هو!
-هو حضرتك تعرف العيله دي؟
سألت بخوف فقد مر على صديقتها مع تلك العائله ولم تتصل بها كما وعدتتها ولم يأتى أى خبر عنها وياتى هذا الغريب ليشحب وجهه بعدما تذكر أسم العائله:
-أنا نسيت أعرفك بنفسى ..انا حسن ..حسن الساعور
-وأنا عبيــ...
قطعت كلامها وهى تنظر له بذهول وقد استوعبت أسمه فقالت بذهول :
-أنت من عيله الساعور ؟؟؟
لم تلحظ ابتسامه السخريه على فمه وهو يقول بخفوت اقرب للندم :
-ايوا ..الأبن الكبير ..أبقا أخو خالد اللى صاحبتك شاغله عنده
هزت رأسها بشرود تحاول ان تفك طلاسم ما قال ليسرع هو قائلا مجددا :
- يبقا كده طريقنا واحد صح ؟
-هاا....أيه ؟
قالت بشرود من قطع افكارها فأعاد أقتراحه مره أخرى ..لتقول بخجل من نظراته الموجهه نحوها :
- لا ربنا يخليك كفايه تعبتك معايا لغايه كده ..نزلنى الموقف وهاخد اى عربيه
-لا يمكن ..وبعدين أنا مصدقت لقيت حد يسلينى فى الطريق..بدل الملل ..وهلاقى أيه احسن من الكلام مع واحده زيك
أحمرت وجنتها خجا وهى تخفض رأسها ...وتلك الرعشه بدأت تدب فى أوصال جسدها حتى وصلت فى قلبها ..بينما هو لم يترك ملامحها تغيب عن عينه مراقبا أياها فى المرآه!
****************
أخذت تسير مجددا فى الصاله كما تفعل منذ الصباح وهى تضرب فخذها بقوه وتندب حظها فما بيدها حيله غير هذا فزوجها خرج هو للبحث عنها :
- يارب جيب العواقب سليمه يارب
وعندما شعرت اخيرا ان لقدميها عليها حق وأنها يجب ان تجلس أتجهت نحو الكرسى لترمى جسدها وهى ماتزال تندب وتولول ..وتشتم فى حظهم العسير..قاطع وصله حزنها وعويلها صوت جرس الباب ..فرفعت عيناها بأمل وأتجهت نحو الباب صارخه:
-طيب ..طيب جايه أهو
وبالفعل أستجاب الله لدعواتها فبمجرد فتحها لباب وجدت من كانت السبب فكل هذا التوتر وقد استندت على يد أمراه ما فأسرعت بأخذها فى أحضانها وهى تصرخ :
-يــــــــاسمين !...الحمد لله الحمد لله
كانت تقبل رأسها بلهفه وخوف ولم تلحظ شحوب وجهها ولا تلك الحاله التى تبدو عليها ألا عندما شعرت بها متصلبه بين يديها ولا تبدى أى رده فعل فأبعدتها قليلا وهى ترى أخيرا ملامحها فصرخت وهى تضرب صدرها :
-يالهوى ..أيه اللى حصل؟...وكنت فين من أمبارح خالك وانا اتجننا عليكِ؟
لم ترد فأسرعت المراه التى كانت تسندها والتى لم تكن سوى راسيل :
-معلش يا حاجه ياسمين تعبانه دلوقتى ممكن تدخليها تستريح واحنا هنشرحلك كل حاجه ..
نظرت لها بشك وريبه فاسرعت راسيل :
-ده يبقا العمده وانا مراته
نظرت لها أميمه بتفكير فرأت على مظهرها البساطه ورأت أيضا خلفها ذالك الضخم بعيناها المتصلبه فهزت رأسها بقله حيله وهى تسند ياسمين نحو غرفتها قائله :
-أتفضلوا أتفضلوا ..اعتبروا البيت بيتكم
دلفت راسيل أولاو خلفها ذالك الوطواط الذى يتجول بعيناه فى جميع أنحاء المنزل البسيط ...أتجها نحو الأريكه المتواضعه ليجلسا فأحتل سقر الجز الأكبر بينما هى خاولت الانكماش حول نفسها كى لا تتلامس مع جسده ...وهو كان يبتسم بأستمتاع من أرتبكها هذا لينحنى على اذنها هامسا :
-بس حلوه جمله العمده ومراته دى
ألتفت له بأعين غاضبه من خلال النقاب لتزازد ابتسامته وهو يرى السيده اميمه تقتربل منهما وعلى أذنها الهاتف:
-أيوا يا فايز ..أيوا رجعت ...خلاص ماشى مستنياك
أغلقت الهاتف وهى تسير نحوهما لتسألهما بلطف:
-فايز جوزى على وصول ..ها تشربوا أيه ..قهوه ولا شاى ؟
-شاى !
أسرعت راسيل تقاطع سقر فهى تعرف أنه كان سيحرج المرأه بالتأكيد ..وعندما أبتعدت للمطبخ ألتفت له فرأت تلك الأبتسامه على فمه فأشاحت بوجهها بعيدا عنه بأحراج ..فكلما نظرت له تتذكر ما حدث فى بيت ميسره ...ولكن بالفعل لك يتأخر فايز فلم تمر الربع ساعه وقد أنشغلوا بشرب الشاى ..ألا وقد فُتح الباب ليدلف الرجل بوجه شاحب غزير العرق وهو يبحث عن زوجته التى وقفت بمجرد دخوله أتجه فايز نحوهم :
-السلام عليكم
ردوا السلام جميعا ليقول لسقر بوجه المرتبك:
-زارنا النبى والله يا حضره العمده ...البيت منور
-بنورك يا حاج فايز
قالها سقر بأتزان وهو مايزال جالسا فسأل فايز زوجته:
-هى ياسمين فين ؟
-جوه فى أوضتها ..نايمه
-ليه هى فيها حاجه ؟ أنا هخش أشوفها وأفهم منها كل حاجه
سألها فايز بخوف فاسرع سقر قائلا:
- أسنى يا حاج فايز ..أنا هشرحلك كل حاجه
تقاطع حاجبى فايز وهو يرجع لمكانه مره أخرى ..لأمر زوجته :
-أعملنا كوبيتين شاى يا حاجه
-حاضر
أسرعت أميمه للمطبخ ليجلس فايز فى الكرسى المقابل لسقر :
-أتفضل يا حضره العمده
مسح سقر ذقنه الخفيف ليقول بثقه وبظهر صلب :
-أمبارح الدكتوره ياسمين وهى خارجه من المستشفى حصلتلها حادثه بالعربيه ..وأخويا الصغير الدكتور جاسم ..زميلها فى الشغل ..أخدها وجه بيها على البيت ..
كان يبدو على فايز عدم الأقتناع فأكمل بهدؤ :
-لكن ده مش الموضوع الأساسى اللى جاى عشانه ياحج فايز ..
-خير يا حضره العمده
-كل خير يا حاج ..أنا يشرفنى أنى أطلب أيد الأنسه ياسمين لاخويا جاسم..هو كلمنى فى الموضوع من فتره ..ودلوقتى أنا شايف أنه أنسب وقت
بدى على فايز الدهشه والفرحه فى أن واحده ..فطغت تلك المشاعر على قلقه وشكه ليهز رأسه بسرعه:
- طبعا يا حضره العمده ده شرف لينا والله ..ومش هنلاقى حد أحسن من أخوك لبنتنا
-الله يكرم أصلك يا حاج ..لكن الصراحه انا حابب الموضوع يكون بسرعه ..لأن جاسم هيسافر بأذن الله عشان يشتغل فى الشكره اللى فى القاهره
-طبعا ..طبعا ..وكمان خير البر عاجله ...أحنا بأذن الله نقعد المره الجايه نقرا الفاتحه ونتفق على باقى الحاجات
-طب ورأى العروسه ؟
تدخلت راسيل باعتراض حانق من سرعتهم ..وأقرارهم لكل شىء وكأنها نعجه تساق للمذبح فرمقها سقر بنظره حاده قابلتها باخرى متحديه فقال فايز :
- يا مدام أحنا.معندناش بنات يتاخد شورها فى جواز
كادت تتكلم فأمسك سقر يدها بحده أوجعتها ..ليقول بعدها بهدؤ يخفى تحته غضب جامح:
- خلاص يا حاج فايز باذن الله بكرا نيجى ونقعد عشان نتفق على كل حاجه ..استأذنك عشان نمشى احنا وألف سلامه على ياسمين
ووقف يشد تلك الحانقه بجواره فأسرع فايز قائلا :
-طب الشاى يا حضره العمده
كان قد أقتربا من الباب :
-ان شاء الله نشربه بكرا ..ويكون شربات
-بأذن الله ..أنست ونورت يا حضره العمده
وبعد توديع فايز لهما شدها بقوه ناحيه الخارج وهو يدمدم بغضب جامح:
- والله يا راسيل لسانك ده هقطعه
سحبت يدها منه بالقوه وهى تعقد حاجبيها قائله بغضب واحتجاج :
-ليه أن شاء الله ؟؟ مش كفايه انى سكت على شكل البنت المسكينه دى واللى معرفش حتى أخوك عمل فيها أيه ..وجايبنى هنا كمان عشان تكذب على أهلها
ضغط على ضروسه بقوه مغمضا لعيناه ثم ألتف لها بقوه كادت توقعها أرضا ليمسكها هو من رسغها قائلا بكل ذره هدؤ يمتلكها :
-أسمعى الكلمتين دول يا بنت الحلال ..عشان أنا فيا اللى مكفينى ..لسانك اللى هيكون قطعه على أيدى أن شاء الله ...مش عوزه يتدخل فى حاجه متخصهوش ...ويخليه فى حاله ...وأذا كنتِ بتفكري بعقلك اللى قد حبه السمسمه ده "وضرب مقدمه جبينها بطرف سبابته" أن صبرى هيطول ..يبقا بيضحك عليكِ
كادت تفتح فمها الأحمق لترد عليه لكنه لم ينظر لها بل نظر نحو اتجاه معين وعيناه تحتد بالشك لتتسع فجأه وهو يرى اللمعان البعيد ..فأسرع دافعا أياها على الأرض بحده جعلتها تتأوه وهى ترفع عين غاضبه له :
-أنت أتجننت؟
صرخت بحده وهى ترفع رأسها..لكن خرجت منها شهقه كبيره وهى ترى جسده يرتد للخلف بعنف ..وتلك البقعه الحمراء عند كتفه تتسع ..فلم تشعر بنفسها ألا وهى تهرع لجسده الذى بدأ فى التخاذل صارخه :
-ســـــــقر!
**********
وقف حسن مفتربا من الطبيب الذى خرج من عند والدته وخلفه هاله ليقول :
-خير يا دكتور طمنى ؟
-أن شاءء الله خير يا شيخ حسن ..الحاجه الوالده ضغطها أرتفع فجأه نتيجه لصدمه معينه..بس طبعا ده مش كويس للى فى حالتها ..انا أدتها حقنه مهدئه وكمان عشان تعدل ضغطها والروشته دى فيها حبوب ..ياريت تنتظم عليها ..وكالعاده لازم الراحه التامه
شكر حسن الطبيب وهو يشد شعره للخلف بحنق الغ ..فأذا كان يظن الوضع سيكون سىء عندما يعود فقد خاب ظنه لأن الوضع لا يحتمل هنا ...نظر لأخيه خالد المتجهم والذى كان هادىء جدا لدرجه الغيظ ...والذى أكتشف أنه متزوج..ومن من ؟ ..من تلك الفتاه الرقيقه خلفه صاحبه الوجه الشاحب ..والتى يصادف انها صديقه عبير ..نظر لأخيه جاسم بعيناه الحمراء وراسه المنحنى للأرض وكأنه يحمل هم الجبال ...والذى أكتشف انه سيتزوج قريبا ..وهذا سبب ضغط امه المرتفع ..وزاد الطين بله رجوعه فجأه ...لم يا سقر أردت عودتى الأن لم ؟...مسح وجهه بهم بالغ بينما خالد اخبر رحمه بشىء جعلها تغادر الغرفه ثم أرتفع صوته الحاد وهو ينقل بصره بين جاسم وحسن :
- والله وأتلم شمل عليتنا تانى يا ولاد ابوى
نظر له حسن بنظرات حارقه من كلامه الساخر فلم يتوقف خالد وهو يتقدم بكرسيه منه ومازال يتكلم بنبرته الساخره:
-أزيك يا ولد أبوى ..أخبارك ؟؟ تصدق والله كنت قربت أنسى ان لنا اخ من الأساس
أنكس حسن رأسه بخجل من أخيه ليتجه خالد نحو جاسم :
-وأنت يا باشا ...جاى من بقرفك ..مش كفايه فاشل فى كليتك ..لأ وجاى ببنت منعرفش هى مين أساسا ..وتقول أتفضلوا انا هتجوز دى
أبتعد بكرسيه ليقف بينهما هم الاثنان ليصرخ بحده وهو يضرب بقبضته على الكرسى :
- واحد فاشل ..والتانى هربان من عشر سنين ..وسيبن ابن الحرام يتمرمغ فى فلوسنا وعزنا
-خرج سقر من الموضوع يا خالد
قالها حسن بهدوء مضاد لملامح وجهه المحتقنه بغضب فصاح به خالد:
-لا سقر هو أصل الموضوع ...ولا أنت نسيت أنه هو اللى قتل أبونا ..وهو اللى فرق عيلتنا هو السبب اللى خلانى عاجز أذا كنت نسيت فأنا عمرى ما نسيت
-بس بس ...
صرخ فيه حسن وهو يقترب منه لينحنى أمام وجهه قائلا بوجهه الأحمر من دمه الذى يغلى فى عروقه:
- كفاية تظلمه ..أنت متعرفش حاجه ..متعرفش أى حاجه!
صرخ فى أخر جمله بصوت مرتفع يصم الأذن فصرخ خالد بالمثل:
- أنت بتدافع عنه كمان ؟؟
ليضرب حسن الحائط بقبضته بقوه :
- أيوا بدافع عنه ...أرجوك يا خالد ..ده مش وقت نرجع فيه للماضى...خلينا فى اللى احنا فيه دلوقتى ..وبعدديها ..نبقى نتعاتب !
أبتسم خالد بسخريه وهو ينظر لظهر حسن المشدود كالوتر ..ورأس جاسم المنكس بحزن بالغ ليهتف:
- بجد يا خساره أسم الساعور فيكم ..يا خساره !
ثم حرك عجلات كرسيه ليتجه للخارج بوجه مسود وعندما غادر رفع جاسم رأسه أخيرا لحسن ليهمس بشحوب:
- ليه مقلتلهوش على الحقيقه ؟
زفر حسن وهو يمسح وجهه بتعب :
-سقر فيه اللى مكفيه دلوقتى ..وبعدين هم كده كده هيعرفوا ..
ثم ألتف للنافذه يرمى بصره لسواد الليل أمامه بحزن بالغ وبعد تنهيده حاره قال:
-يا ترى ساعتها مين اللى هيكون الشيطان؟!
************
أقفلت رحمه الباب وهى تستدير لعبير الجالسه على الأريكه وتمسح على راس خالد الصغير الغافى فى أحضانها أقتربت منها لتنحنى مقبله خالد على رأسه ثم نظرت لترد عل ىعلى عيناها القلقه :
-هنيمه على السرير وأرجعلك عشان نتكلم
هزت عبير رأسها موافقه لتسحب رحمه الصغير برفق ونقلته للفراش وبعدما تأكدت من أحكام الفراش حلوه عادت لعبير لتجلس بجوارها على الأريكه متأوهه بتعب من ذالك اليوم العصيب فقالت عبير بحواجب متقاطعه:
- ممكن بقا تفهمينى أيه اللى بيحصل فى البيت الغريب ده؟
مسدت رحمه جبينها بأرهاق وهى ترمى رأسها للخلف قائله بخفوت:
- صدقينى يا عبير لو حكتلك مش هتصدقى
- وأيه اللى جابرك على كده ؟أذا كان على الشغلانه تروح فى ستين داهيه ..
رفعت رحمه طرف شفتاها بأستهزاءء لتنظر لصديقتها بأعينها الدامعه :
- ياريتها جت عل ىالشغلانه ..صدقينى كنت مشيت من زمان
-وأيه اللى يجبرك غير كده؟
سألتها عبير بأستغراب فعاودت رحمه أغماض عيناها وقالت بهدؤ:
-خالد!
-ماله خالد ؟؟ ماهو ذى الفل
أعتدلت رحمه فى جلستها ونظرت لعينى عبير مباشره لتقول بكل برود:
-خالد جوزى يا عبير
شحب وجه عبير لتقول وهى تدعو أن لا يكو نما فى بالها صحيح:
- أنتِ شوفتيه ؟
هزت رحمه بـ "لا" صغيره وقالت :
-لا أنا شغاله عنده
أذا كان وجه عبير قد شحب فـ الأن أصبح يحاكى الموتى لتقول بعجم تصديق:
-أيه ؟؟شغاله عنده ..أأ نا مش فاهمه
-خالد طلع هو المريض المشلول اللى محتاج ممرضه
- طب ..طب ..هو عرف اللى حصل ؟
هزت رحمه رأسها بـ"لا" مجددا ومدت يدها لتنزع الحذاء من قدميها ثم رفعتهما عن الأرض بألم :
- ومش هقوله
-ليــــه؟!
سألتها عبير بأستنكار فردت رحمه وهى تمسد أصابع قدميها :
- لأنه محولش يعرف الحقيقه صدق اللى اتقال وبس...
-خلاص يبقا نرجع بكرا مصر على أول قطر
هزت رحمه رأسها رافه وهى تنظر نحو الفراش:
- لأ يا عبير مش هرب تانى ..وكفايه لغايه كده ...وكمان انا فكرت فيها أنا حتى لو هربت هو هيقدر يجبنى من سابع ارض ..وأنا عايزه أبنى يعيش عيشه حلوه يا عبير كفايه مرمطه
ربتت عبير على كتفها هامسه بندم:
-أنا أسفه يا رحمه لو جيت فى وقت غلط ..بس أنا قلقت عليكِ لم حاولت أتصل بيكِ وموبيلك كان مغلق حتى مدير المستشفى قال أنه مسمعش عنك أى حاجه
أبتسمت لها رحمه بحب وهى تربت على يدها الموضوعه فوق كتفها :
- بالعكس أنت جيتى فى وقتك ..بجد حاسه أنى مش هقدر أوجهه تانى ..وكثر خيرك أنك سألتى عليا ..صحيح أنت سبتى مامتك لوحدها؟
سالتها بأستدراك والخوف فى عيناها فأبتسمت لها عبير وهى تفك حجابها :
- لا يا ستى ..ماما عقبالنا كده كلنا سافرت عمره
-بجد؟؟ ألف مبروك
-الله يبارك فيكِ ..بس الأهم من كده يا رحمه ..أنتِ ناويه على أيه دلوقتى ؟
وقفت رحمه وهى تتجه نحو المرآه لتعدل حجابها الذى تبهذل من المجهود الذى فعلته اليوم:
-المفروض ننزل مصر بكرا ...لكن باين كده أنه هيسنى لغايه فرح أخوه لم يخلص
وقفت عبير وهى تتجه نحوها لتقف خلفها مباشره قائله بصدق:
- رحمه ..هو ضربك؟!
أغلقت رحمه عيناها بقوه ..ياليته يضربها ولا يعذبها بتلك الطريقه ياليته يهوى على جسدها بالسوط ..ولا اأن يهينها بكلماته وأتهامته ..فتحت عيناها وهى تبلع الغضه فى حنقها لتهمس:
-لأ ..مضربنيش !
ربتت عبير على كتفها لتهمس:
- للأسف مفيش حاجه بأيدى أساعدك بيها ..
أبتسمت لها رحمه برقه وهى تلتف لها واضعه يديها على كتفها وقالت بمحبه لتلك الصديقه :
-كفايه مجيك لغايه هنا ..ووقوفك معايا ...صدقينى يا عبير ..أنت جمايلك مغرقانى
-متقوليش كده يا رحمه ..أنت صاحبتى ..وأختى ...
-عبير أرجوك أقعدى هنا معايا لغايه ما أرجع مصر..أنا حاسه أن هضعف ..ومش هقدر اقف فى وش خالد تانى
أحتضنتها عبير وهى تهمس لها بقوه:
-لا يا رحمه اللى خلاكى تستحملى الظلم ده كله ..هيخلكى تقفى فى وشه وتدافعى عن حقك
رمت رحمه رأسها المتعب على كتف عبير وهى تهمس بوجع :
-المشكله فـ قلبى يا عبير ..قلبى بيوجعنى أوى !
مسحت عبير على رأسها وهى تهدهدا كطفل رضيع :
- كل مشكله وليها حل ...متقلقيش
أبعدت رحمه رأسها وهى تمسح الدمعتين من على وجهها لتبتعد بسرعه :
-أنا لازم أروح دلوقتى ..ممكن يكون محتاج حاجه ..خلى بالك من خالد
هزت عبير رأسها لتطمئنها وفخرجت رحمه لتقابل الوحش الكامن بغضب فى غرفته ..بينما عبير نظرت للنافذه المفتوحه وهى تهمس بعدم تصديق وذهول:
-أزاى المتوحش ده يبقا أخو المحترم اللى قابلته ؟! عجايب
********

بيحن للنغم الوتر .. وبيحن للشمس القمر .. وبيحن لليل السهر
و انا مش قادر حن لك
فيه حب بقلبي إنكسر فيه جرح وتارك أثر روحي تركتك للقدر
مش قادر أكتر قلك


انت ايه مش كفاية عليك تجرحني حرام عليك انت ايه
انت ليه دموعي حبيبي تهون عليك
طب وليه انا راضية انك تجرحني ورحي فيك طب وليه
يعني راضية بعذابي بين ايديك

شو بينفعني عيونك تدمع وتقولي ندمانه .. لا تناديني مش راح إسمع
و إنسيلي عنواني
و إنسيلي لو بدي إرجع ... من زمان رجعتلك

لو كان ده حب يا ويلي منه
لو كان ده ذنبي ما اتوب عنه
لو كان نصيبي اعيش في جراح .. حاعيش في جراح

بيحن للأرض المطر .. بيحن للعين النظر .. بيحن يتسلى الضجر
و أنا مش قادر حنلك
شو تعبت وقلبي نطر .. تـ يوصل منك خبر .. و اليوم رميت الصور
مش حرام مش حرام انك تخدعني في حبي ليك مش حرام
الغرام وسنين حيتاي وعشقي ليك
ضاع قوام ولا كان لعبة في حياتك بتداويك ضاع قوام
الحنان وحضن قلبي واملي فيك

كيف بدك بعيونك إحلم وسرقتي أحلامي .. خليني على الماضي إندم وسنيني و أيامي
وإنسيني لو بدي إرجع..


أنت أيــــــــــــه....؟

... من زمان رجعتلك!
-أخلعى!
رفعت يدها لتلامس صدرها الرمتجف من الألم فقد أتت لتعطيه الدواء مثل كل مساء ليأمرها بالأقتراب منه وملامحه السودويه تزداد قتامه وعندما أقتربت مستفسره مما يريد صارحها بتلك الكلمه الوقحه بل نزل بيده ليبعد قميصه عن جسده فهمست بصوت مختنق:
-أأ نت ..أنت عايز ..
وكأن الألم سيطر على صدرها وشل لسانها فلم تقدر على تكمله الكلمه فقال بصوت لا يحمل ذره أنسانيه:
- أه أنت عايزانى أعيد تانى..خلاص ماشى ...أخلعى هدومك يا رحمه ..هنا قدامى
تراجعت للخلف وهى تتشنج بينما فمها انفتح برجفه غير مصدقه :
-خـخـ ...ـالد ..أررجوك بلاش الهزار ده
رفع حاجبه وهو يقترب منها كأنها فريسته لليله :
-وأنا مش بهزر يا زوجتى العزيزه
كانت قد وصلت للحائط فلصقت به كفأر مذعور وهى تهمس بترجى:
-أرجوك ...بلاش اللى انت بتعمله ده ..
أبتسم بمكر وهو يقترب أكثر :
-هو أنا لسه عملت حاجه ...فى حاجات كثيره لسه هعملها
أرتجف جسدها والعرق يتصبب منها ..وقد وصل أمامها مباشره وقبل أن تهرب كانت يده الصلبه تمسك بذراعها الصغير جدا بالنسبه له ليوقعها فوق قدميه فصرخت به وهو ينهش لحم عنقها:
-خخالد أرجوك ...أرجوك ...والله هتندم
أبتعد عنها ليتوقف عن أفتراسها وضحكته الساخره تعلو بينما جسدها يرتجف فى أحضانه فهمس بجوار أذنها وقد أبعد عنها الحجاب لينهمر شلال شعرها :
- أنت خايفه بجد؟! وكأنها أول مره يعنى
ثم مد يده ليسير بها على جسدها مكملا بشرود غاضب:
-وكأنك خضره الشريفه ...وكأنك عشتى السنين اللى فاتت بشرفك
أوجعتها كلمته حتى الصميم فأنلقت دموعها التى كانت تحبسها وهى تهمس بخنوع :
-صدقنى هيجى يوم وتندم ..وساعتها عمرى ما هسامحك
-هه ...طب خلى كل حاجه لوقتها
شعرت به يحرك الكرسى حتى توقف ليمد يده وهو يرفعها بسهوله ثم بكل خفه رماها على الفراش ورفع جسده ليصبح فوقها وهمس لعيناها المفزوعتان كقطه مبلله:
-تصدقى أنت تنفعى ممثله شاطره أوى
ومد يده يلامس خصرها فأرتعش ليهمسس ببتسامه :
-حتى حركاتك ...بجد مبدعه
-أتقى الله
همستها رحمه بشفاه مرتعشه ..بشفاه ملوثه بدموعها ..فهمس غاضبا وبصوت حاد:
-وأنت تعرفى ربنا عشان تتكلمى عنه
ثم وبدون اى سابق انذار كان يمد ويجذب مقدمه فستانها بقوه ألمتها وفجأه أرتفع صوت التمزق ..تمزق فستانها ..فصرخت رحمه وهى تحاول اخفاء جسدها عن عيناها الشطيطانيه لكنها لم تفلح فقد رفع يديها فوق رأسها بيد واحده بينما يقع بجسده الثقيل فوقها فحاولت التلوى كحيه بعيدا عنه ونجحت بالفعل بالهروب ..ليسحبها من قدميها بسهوله وهو يعيدها مره أخرى أسفل جسده ..وقد بدأ فى أنتزاع باقى الفستان عنها بأبشع الطرق ...حاولت التلوى والتقوس على نفسها علها تنجو لكن لا فائده فقد كان جسده مهول الحجم بالنسبه لها ..ورغم ان هناك صوت منخفض أرتفع فى عقلها بأنها ليس أول مره لها معه ..فلتستلمى وأستريحى ...لكنها لم توقف صرخاتها ...فلم يكن هذا خالد الذى تعرفه ..بل كان وحش ..وحش مملؤ ..كانت تضربه بيديها حتى وصلت ضربتها لمكان موجع له فـتأوه وهو يبتعد قليلا وكادت تلوذ بالفرار ليسحبها بكل سهوله وهو يقول بصراخ:
- بطلى تمثيل ...وأوعى تفكرى انك هتخدعينى ..بدمعتين
-أرجوك أرجوك..يا خالد ..أنت مش طبيعى ...أهدى ..أرجوك
قالت متوسله بضعف فعلت ضحكاته وهو يرفع رأسه كالذئب ثم خفضه بعين ساخره:
-انت جايه تمثلى عليا أنا ؟؟ ..واحده زيك الله أعلم كنت عايشه أزاى ..وكنت بجيبى فلوسك منين .. بتخاف !
أنتفض جسدها تحته بألم من كلامه الحاد فأكمل :
-بطلى تمثيل ..على الأقل مش قدامى ..أنا واحد عارف كل قذارتك ...واحده خاينه ..وبتبيع جسمها عشان الفلوس
هزت راسها بتشنج وهى تقول بضعف:
-ده اللى انت عايز تصدقه ...فبراحتك ..لكن أنا أشرف من أنك تجيب اسمى على لسانك
لمعت عيناها بقوه وهو يقترب منها :
-قلتلك بطلى تمثيل ..وأذا كنت هتستمرى فى التمثليه الهبله دى ..فعيونى حاضر ..هكملها معاكى ..لأنك بالنسبه ليا حته قماشه متوسخه ..كل اللى رايح واللى جاى يمسح وساخته فيها
تصلب جسدها من جملته بينما هو عاد لينهش من جسدها ولكن هذه المره هى لم تقاوم ..ولم تتكلم ..فقط عرت عن ألمها بلغه أخرى ..لغه البكاء..لغه البكاء الصامته! فقط أنات متوجعه .
********
فتحت عيناها بصعوبه من ذالك الضؤ القوى فعقد حاجبيها بحنق من ذالك الضؤ لكنها فى النهايه وبعد عده محاولات نجحت فى فتحهما لتقابل السقف الأبيض أمامها عقدت حاجبيها بأستغراب وهى تحاول جاهده أنتتذكر ما حدث ,,ليضىء عقلها فجأه من أخر ما تتذكره ...أكانت تحلم أم ما حدث كان حقيقاً رفعت رأسها الثقيل ..فتأوهت وهى تشعر بألم فى ذراعها فنظرت نحوها فأذا بأبره محلول موصله بذراعها ..عقدت حاجبيها ..وهى تتأمل المكان حولها ..ماذا تفعل فى المشفى ؟؟ عدلت جسدها بصعوبه لتفاجأ بالباب يُفتح ودلفت أحدى الممرضات فأبتسمت بفرحه عندما رأتها قد أستيقظت:
-الحمد لله على السلامه أخيرا صحيتى
رمشت بعيناها عده مرات لتقول بصوت مبحوح :
-ممـ..يه ..ميه !
أقتربت الممرضه لتمد لها كأس من الماء وساعدتها لأرتشاف بعض الماء قبل ان تبعد الكأس:
- كفايه كده ..
ساعدتها الممرضه بوضعيه الوسادات خلفها قبل ان تقول ببتسامه بشوشه :
- ده كله نوم ...والله قلقتينى انا ذات نفسى عليكِ
تغضن جبينها وهى تسالها:
-ليه؟؟ أنا هنا من أمتى ؟
-أممم من حوالى أسبوع
أتسعت عيناى وجدان بقوه وهى تشهق:
-أسبوع !
هزت الممرضه رأسها :
-أيوا من ساعه ما جابك الأستاذ اللى معاكى ..وانتِ دخلتى فى غيبوبه
رفعت رأسها للممرضه:
-هو فين اللى جابنى هنا ؟
أشارت الممره بأصبعها خلفها :
-نايم هناك أهو
ألتفت وجدان بحده فوجدته بالفعل نائم على الأريكه الصغير بجسده الضخم ..وكانت رأسه متدليه بحركه مؤلمه وأتاها صوت الممرضه خلفها:
-ده مخرجش من الأوضه دى من ساعه ما جيتى هنا ..ويعتبر مش بينام
تجمعت الدموع فى عيناى وجدان وهى تشيح عيناها بعيدا عنه لتقول بصوت باكى للممرضه:
-عايزه أعمل مكالمه ضرورى..فى هنا موبيل ؟
هزت المرأه رأسها سريعا وهى تخرج هاتف من جيب بدلتها:
-أتفضلى ..تليفونى أهو
-شكرا
همستها بشحوب وهى تأخذ الهاتف منها لتدق لأحدى الأرقام ..وهى تحبس أنفاسها من الرنين الذى طل ثم قُطع فجأه فقالت بتوتر:
-ألو ..هيثم ..أنا وجدان!
******
تلونت السماءء بالبرق القوى لثوانى معدوده ثم أختفى ..لتنهمر الأمطار بغزاره ..تغسل الطرقات والبيوت لتعلن بدايه فصل الشتاء..الرياح البارده جعلت قشعريره تمر فى جسدها فشدت الستره لها بقوه وهى تغلق النافذه بصعوبه وتعود للداخل ..لما لم يعد بعد؟..ألتفت للمنزل خلفها والذى مرت خمسه أيام تلمع وتنظف فيه حتى أصبح يبرق من النظافه ...وآه من الخمس ايام الماضيه فهو لم يرحمها ..وجعلها تقوم بجميع الاعمال من طبخ وتنظيف وكنس ومسح ..هى التى لم تقلى اللبيض أبدا لنفسها ..اصبحت مثل الخادمه عنده..رفعت يديها الصغيرتان وقد تشققا فعل مسحوق الغسيل ..والأتربه والعمل الشاق ..من يراها الان لن يصدق انها نفسها ريتاج جابر ..المدلعه ..ومدلله أبيها وأمها ..تأوهت بحنق وهى تتجه نحو المطبخ لتحضر العشاء..فهى لن تخاطر كمساء أمس بعدم تحضير الطعام له ..وكان العقاب قاسيا ..مسدت مؤخرتها بوجع ....فقد عقابها كما الأطفال الصغار ..لا ولم يكتفى بهذا بل أنه يعاملها كحيوان به وباء..فلا يجلس معها ولا يكلمها ألا لضروره قسوه ..زفرت بجنق وهى توزع الأطباق بحده على الطاوله ..فهو لم يكتفى بحبسها ..لا بل يستعمل كل ما يملك ليذلها ...توقف قلبها لولهه عندما سمعت باب البيت يفُتح ..وكم كل يوم ..سيدخل الأن بخطوات مكتومه ..تختلط بصوت الأكياس البلاستكيه التى تضم لائحه الطعام الخاصه بالغد..يقترب من الطاوله الصغيره ..يضعها عليها ..يلقى السلام بصوت هادىء وبارد:
-السلام عليكم
فتتجهله هى كم كل مساء...فيشد رحاله لغرفته التى منعها حتى من النوم فيها ..وتبذها لتلك الأريكه الصلبه ...يقفل الباب وبعد دقائق يخرج ببنطاله الكحلى وقميصه الأبيض ليجلس كما الطاووس على المائده ويبدأ فى التعليق على طعامها السىء ..وطبخها الأسواء أبتسمت عندما تذكرت ذالك اليوم فقد أهان طعامها مره فما كان منها ألا أن سحبت الأطباق من أمامه وأمام عينه ألقتها فى المهملات وبالفعل تلقت أحدى عقابته الذى يتفنن بها , أبتسمت عندما فعل ما فكرت فيه تماما وسمعت صوت باب الغرفه يغلق ..أتجهت للأكياس بخطوات بطيئه لتسحبها وكادت تدخل المطبخ لولا أسترعى أنتباها شىء ما فرفعت حاجبها بشده لأعلى ووجهها يتحول لطماطم ناضجه ولم تشعر بنفسها ألا وهى ترمى الأكياس لتصرخ :
-رررررررررررررررررأفت !
لم تمر ثانيه ألا وهو يقف أمامه بصدره العارى وعيناه التى تجول حولها بخوف أن يكون مكروها قد أذاها :
-أيه فى أيه ؟
ضربت الأرض بدمها وهى تشير للطين الذى أنتشر فى كل مكان:
-أيه ده؟؟..انت مفكر نفسك فى زريبه عشان تخش بجزمتك المتوسخه كده؟
رفع حاجبه وقد ظن أنها جرحت نفسها أو حرقت المنزل كم كان سيحدث منذ عده أيام:
- حضرتك بتصرخى وكأن القيامه قامت ..وجيبانى مفزوع عشان شويه طينه ؟
وضعت يدها فى خصرها فالتصقت العبأه البيتيه بها محدده مفاتنها أمام عيناها بينما تقول بغضب :
- أنت بتتكلم عادى كده ..وكأن حماره هى اللى قعدت تمسح فى الشقه دى لغايه ما ظهرها أتكسر عشان جنابك تيجى وتوسخها ...تقدر تقولى مين بقا اللى هينظف القرف ده ؟
أقترب منها وهو يقول تحدى:
-أكيد حضرتك
-ليه أن شاء الله ..أنا مش خدامه جيبها تمرمطها تحت رجل جنابك ...أنا بنت عمتك وكمان مراتك فاهم يعنى أيه ...؟
أقترب منها بشده أجفلتها وكادت تتراجع لولا يده التى منعتها ليهمس أمام وجهها:
- أيوا ..انا عارف كويس ده معناه أيه ...لكن باين عليكِ أنتِ اللى متعرفيش معنى الكلمه دى ..لأنى لغايه دلوقتى مشوفتش شعرك حتى
أتسعت عيناها بهلع عندما أكتشف أن أصابعه فكت حجابها ليقع أرضا ..وأكملت أصابعه عملها بأن فكت شعرها الملموم بأحدى "الدبابيس" لينهمر الشلال الأسود حولها ..فكانت كقمر وحوله الليل الأسود..! رأت أتساعه عيناه وتفاحه آدم عنده ترتفع وتنزل بتوتر وتأثر من مظهرها ليقترب..كفراشه ترى نارا فلا تقدر على الذهاب بعيدا ...حتى وأن أحترقت بالنار ..وأنكوت بها ..تعود لها مره أخرى ..كان هكذا هو ..عندما أقترب من بشره عنقها الشديده البيضاء ليدمغها بفمه وذقنه الخشنه بينما يداه تشيع العبث فى انحاء جسدها ...ولم تشعر ألا والدموع تتجمع فى عيناها أثر لمساته الوقحه ..وكأنها عبده لديه ..جاريه أمتلكها ..لتخدمه ..وهذا الذى يحدث الأن يؤكد هذا :
-أنت أنسان حقير ...أزاى تسمح لنفسك تلمس واحده هى مش عيزاك؟
قالت هذه الكلمات بهدؤ تام وهى ساكنه بين ذراعيه ليتوقف عم كان يفعله وجسده مشتد أبتعد ناظرا لعيناها المحمره والتى فلتت منها دمعه ساخنه ..أرتعشت هى عندما رأت عيناه ..ألهى ! شهقت بقوه من بشاعه عيناه كانت سوداء ..وكأنه سيقتل احدا..لم تراها بتلك البشاعه والقسوه من قبل ..حاولت الأفلات منه وهى تهمس بذعر:
-رأفت أبعد عنى ..رأفت ..سيبنى ..رأفـــــت !
لم تشعر ألا ويده ترتفع لتهبط على وجهها الأبيض بصفعه قاسيه مؤلمه ..لبشرتها الحريره ..صفعه تركت عليها أثرا جسديا وروحيا ..فقد تصلبت مكانها كشمعدان بينما هو أبعدها باستحقار مدمدما بكره:
- أنا عمرى ما مديت أيدى على واحده ست ..ويوم ما أمد أيدى يكون بسببك ...أنت بطلعى أسؤ ما فيا
كانت ثابته ولم تتحرك سوى يدها التى أرتفعت لتحط مكان صفعته المؤلمه بينما هو شد شعره ليصرخ بها :
-لسانك الحقير ده أنا اللى هقطعه ...ولا يا ريتاج أنت غلطانه ..مش رأفت اللى يجبر نفسه على واحده ست ..حتى وأن كانت مراته فاهمه ؟؟؟
أنتفض جسدها ليصرخ :
-أتفضلى ..عايز الأكل يكون جاهز خلال خمس دقايق..وألا صدقينى يا ريتاج مش بس هضربك بالقلم...انا هعمل حجات اسؤ من كده بكثير
ثم تراجع للخلف ليتدارى فى غرفته وقد أغلق الباب خلفه بعنف كاد به ان يقتلع الباب من مكانه ..بمجرد أن أغلق الباب حتى ضرب الحائط بيده بقوه ..وهو يسب بلفظ نابى ..ما بك يا رأفت ...لم تفقد أعصابك مع تلك الطفله ..أين مبادئك..وأين رافت من الأساس؟..شد شعره بقوه للخلف متجها نحو الفراش ليمسك علبه السجائر مشعلا واحده...لقد بدأ يفقد أعصابه فعلا مع تلك الطفله ... لا بل أسؤ لقد بدأ يشتهى الأقتراب منها ! فكر بذهول وهو ياخذ أنفاسا غاضبه من السيجار ..ألهى الرحمه فلم يعد يستطيع كبح نفسه ..هو لن يكذب عله نفسه فهو يتهرب منها ..يتهرب من عيناها من رائحتها من شفتاها ...كل يوم يلوذ بالفرار لغرفته ويقفل على نفسه ..ويدارى مشاعره الجديده بكلامه الجلف معها ..وكم تؤلمه شفتاها حينما ترتجف أو حينما تقطعها بأسنانها بغيظ..حينها يود لو يمسكها ويخبرها ان أرحمينى من ذالك العذاب السادى
"تيشششششششششششششش"
أنتفض جسده على صوت الكسر المرتفع جدا ليسرع راميا السيجاره بهلع وهو يركض للخارج هلى أذت نفسها تلك الصغيره ؟ كان وخلال ثانيتن يحتل المطبخ بجسده الضخم وعيناه تبحث عنها ليجدها هناك ..كهريره تلتم حول نفسها لتلعق جروحها ..فتنزوى بعيدا ..كانت تجلس القرفصاء على الأرض وقد تناثر الزجاج حولها فى كل مكان وقد بدأت فى تجميعه بيد وتضعه فى اليد الأخرى وبسبب رأسها المنكس والذى تدارى خلف شعرها الأسود الطويل والكثيف لم يقدر على رؤيه ملامحها :
-أيه اللى حصل ؟
سأل محاولا ان يهدء ضربات قلبه ولكنه فشل فى عدم أظهار لهفته فقالت بصوت متحشرج وماتزال تنظر تجمع الزجاج:
-أسفه !
رفع حاجبه بحده على صوتها المتحشرج ..وردها الغريب ليأمرها:
-خلاص سيبى الأزاز ..وانا انظفه
لم ترد عليه وتابعت عملها فرفع حاجبه من سكونها لكنه لاحظ انتفاضات جسدها الخفيفه ..ألهى ! صرخ به قلبه عندما لاحظ بعض الدماء تخرج من اسفل فستانها ..الغبيه جرحت نفسها صرخ بها :
-ريتاج قولت خلاص سيبى الأزاز
لم ترد ايضا وأكلمت عملها ..فأسرع نحوها متجنبا قطع الزجاج ليصل لها وأمسكها من ذراعها بقوه ليجعلها تقف :
-أنا مش قولت كلمه ..
قطع كلامه وجهها المنتفح ببشاعه من البكاء والأحمرار البالغ به مما جعله يشعر وكأن احدا امسك بنصل حاد ودبه فى قلبه لم يتكلم بل أنحنى وبكل سهوله حملها على يديه وكأنها ريشه ..فتكورت هى حول نفسها بين أحضانه ..تجنب الزجاج حتى خرجا بسلام ليجلس على الأرض وهى ماتزال داخل صدره وكانها طفله صغيره ...أبعد الفستان عن قدميها الصغيره وقلبها بين يديه الكبيره فرأى ذالك الجرح الصغير فى قدمها رفع له أعين غاضبه :
-مش قولتلك سيبى الأزاز شفتى حصلك أيه من ورا راسك التخينه دى؟
لم ترد عليه ولم يرى ملامحها بسبب شعرها ..فحاول الهدؤ قليلا قبل أن يمد يده ليزيح شعرها بعيدا فظهر له وجهها الصغير وكأنها طفله خائفه ..قشعر قلبه بحنان وتلهف ليحتضنها ..لمنه قال بهدؤ :
-متعيطيش!
وكأنه أمرها بالعكس فأنفجرت ببكاء وعويل مرتفع وكانت تمسح وجهها كطفل صغير ...,جلس هو دون أن ينطق بحرف واحد ..يراقبها بهدؤ بينما يربت على ظهرها بخفوت وكأنه يهدهد طفل صغير ..وكان يهمس فى أذنها بكلمات تخفف عنها :
-خلاص بس..بس خلاص
أرتفعت شهتها أكبر وهى تصرخ به بانفال:
-لا مش خلاص..وأبعد عنى ..أبعد عنى
حاولت التملص منه لكنه أحكم عليها بذراعه فبدأت تضربه بقبضتيها فتقبلها هو براحه صدر وهو يحتضنها حتى هدأت تماما ودفنت رأسها فى صدره تستنشق عطره الممزوج بالعرق ..وشعرات صدره تتداعب أنفها همس بغل وصوت مكتوم:
-أنا بكرهك ..بكرهك أوى
-عارف ..عارف
همس بهدؤ وهو يمسح على شعرها فأكلمت وصوتها يتقطع من البكاء كطفل صغير:
-أنت عذبتنى كثير ..ومرمطنى ..
-عارف
-ووو وكمان انا تعبانه ...حتى أيدى باظت ..
ورفعت يديها أمام عينه بحنق فأخذهما بيد واحده ليقبل كل أصبح بدلال بالغ وبتمهل ليقول:
-عارف
ضربت صدره مره أخرى :
-وانت ..انت بتسبنى هنا ..لوحدى..أنا ..أنا بخاف !
ضمها اكثر وهو يقبل راسها فأكملت :
-وبعدين انا مش بحب المطبخ
-عارف
-وأنا أنا ....
لكن هذه المره لم يرد بـ"عارف " بل رفع راسها بأطراف أصابعه وبتمهل بالغ أقترب منها أمام نظرها كأنها يقول لها..ها أنا ساقبلك..ولتفعلى ما فى وسهك لكنها لم تعترض بل أراحت جسدها على صدره بأستكانه تامه منتظره منه أن يقترب أكثر..ولم يخب أملها أبدا..فتملك شفتاها برقه بالغه ..عكس قبلته السابقه ..كان رقيق معها وكأنه يرتشف ماء زمزم ..فيتذوق كل قطره منه ...وصدرت كلمه منها وسط قبلاتهما ..كلمه بهمس خفيف ..كلمه بحبك!
*******





اروى بدر غير متواجد حالياً  
قديم 29-11-16, 01:03 AM   #47

اروى بدر

كاتبةو قاصة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية اروى بدر

? العضوٌ??? » 373310
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,370
?  مُ?إني » القاهرة
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » اروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond reputeاروى بدر has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
?? ??? ~
أنا القافلة التي سارت ولم تبالي بنباح الكلاب...
افتراضي

الجزء الثانى من الفصل الثانى عشر
أسندت رأسها بتعب على الرخام الأبيض خلفها وهى تأن بتعب من كثر التفكير وعيناها لا تعكس سوا الخواء الذى بداخلها ..بينما وقف ذالك الحسن بعيناها الصلبتان وجسده الطويل بينما شفتاه لا تتوقف عن التسبيح والدعاء كان قد قدم نفسه على أنه أخو الملقى بالداخل حقا هى حتى لا تعرف عدد أخوته ..بل تكاد لا تعرف عنه شيئا فكرت بسخريه مريره لتغمض عيناها وهى تعاود رمى رأسها للخلف محاوله أن تجمع ما حدث فى الساعتين السابقتين لتكون صوره واضحه أخر ما تتذكره عندما سمعت ذالك الصوت يخترق الهواء حولها ويدب فى صدره
فأسرع الرجال بالبدلات السوداء بالظهور من كل مكان _وكأنهم كانوا مستعدين لذالك الموقف " مقتربين منهم بينما بعضهم أسرعوا برد الرصاص لذالك القناص ..بينما هى ...شعرت بذالك الألم يقبض على قلبها وهى تتلقى رأسه فى أحضانها ليقعا معا على الأرض :
-لا لا سقر لا لا ...أوعى تموت ..سامعنى أوعى تموت
أبتسم بسخريه لعيناها المغطاه بالدموع فأمسكت وجهه بقوه صارخه:
-سقر ..أرجوك
-مش قولتلك قبل كده متعيطيش! أنتِِ مبتسمعيش الكلام له؟
قالها بصوت مخنوق من الألم فهزت رأسها وهى تبكى وتبكى وتتمنى ان تبكى دما بدلا من الدموع :
- مش هعيط تانى ..بس أنت قوم ..أرجوك!
أتسعت أبتسامتها وهو يريح رأسه فى حضنها وأغمض عيناه لتتسع عيناها وهى تصرخ به بينما تهز رأسه :
-لا ..لا متموتش أرجوك..لا
فتح عيناها وملامحه حانقه قائلا بأنزعاج:
- طبله ودنى اتخرمت .. وبعددين بطلى تهزى راسى هتموتينى بالشكل ده
أذا كان يظن نفسه خفيف الظل ..فهو ليس كذالك بتاتا بل هو مجرد احمق ..وغبى يتفوه بكلام أغبى ثبتت رأسه فى أحضانها وهى تصرخ به:
-بس!..ولا كلمه ..مطنطقش خالص
وبالفعل أمتثل لأمرها الحازم بان لا يتكلم ..لكنه فعل ما هو أكثر فالعيون لها كلام أخر.. ..وكلام العيون مصرح به هنا!
لكنها شعرت بثقل جسده وعرفت أنه هذه المره لا يمزح فنادته :
-سقر ؟! ..سقر !
لم تتلقى أجابه سوى صوت تنفسه الذى توقفه فصرخت فمن حولها :
-أسعــــــــــاف بسرعه!
....
نظرت حولها بذهول للحوائط الرخاميه البيضاء ...تكاد لا تعرف متى وكيف وصلت لهنا أو ماحدث ..كل ما تعرفه أنها منذ دخل بجسده الملقى فوق النقاله ..خلف هذا الباب وهى تجلس أمامه دون ان تتحرك ..فقط تستغل خروج ممرضه أو دكتور لتسأله بلهفه عن الملقى فى الداخل ...ظلت هكذا ساعات طويله وأتى العديد فادى وجاسم الذى مر ليجلس قليلا ثم غادر وكأنه يحمل هموم جبال فوق كتفه ...كم جلست تقريبا ..لا تعلم ساعه ..ساعتان ...وعندما رُفع أذان الفجر فُتح باب الغرفه ليخرج الطبط مبعدا الكمامه عن فمه ليقول بمهنيه شديده :
- الحمد لله أتخطينا مرحله الخطر الرصاصه كانت فى منطقه حساسه جدا...لكن ربنا ستر
- يعنى هو كويس دلوقتى يا دكتور؟
سأل حسن بجديه فهز الدكتور رأسه مطمئنا :
-أيوا ..الشيخ سقر بخير دلوقتى خلال ساه هيتنقل للأوضه
- أقدر أشوفه ؟
خرج هذا السؤال من راسيل الواقفه خلف حسن فأشاح الدكتور عينه للأرض بأحترام وهمس :
-أول ما يتنقل للأوضه تقدروا تشفوه
-شكرا يا دكتور
-العفو
غادر الطبيب بينما ألقت راسيل بجسدها المتعب على الكرسى وهى تحمد الله ليتجه نحوها حسن هامسا بأحترام:
- تقدر تروحى دلوقتى وأنا هقعد معاه هنا
رفعت رأسها بسرعه قائله بحده:
-لا !...أنا مش هتحرك من هنا
-لكن ..
قاطعته :
-أرجوك ..أنا كده مستريحه
زفر حسن بتعب وهو يتجه نحو أحد الرجال اللمسلحين ببذلتهم السوداء ليتمتم لهم ببعض الأوامر فهزوا رأسهم ..عاد لها مره أخرى قائلا:
-أنا هروج أصلى الفجر فى المسجد لو عوزتى أى حاجه ..الحراس موجودين
هزت رأسها موافقه ليبتعد هو متجها للخارج ...فزفرت بتعب وهى تنظر للحائط أمامها ...وسؤال واحد فقط يرن فى عقلها ..لم؟؟ لم كانت تشعر بذالك الخواء وتلك البروده عندما تخيلت أن مكروها سيصيبه ؟؟؟لم تهتم من الأساس ؟؟ بعد مرور بضع دقائق مرت بجوارها ممرضه فأسرعت نحوها هامسه :
-لو سمحت ..هم ناقلوا الشيخ سر لأنى أوضه؟
-أوضه رقم 324 ..هتلاقيها فى أخر الطرقه يمين
هزت راسيل رأسها شاكره وهى تتجه نحو الغرفه لتشعر بالحوائط البشريه المسماه حراس يتبعونها فى صمت وصلت بعد عناء للغرفه فوجدت فادى بالغعل يجلس أمامها وكادت تفتح الباب ليخرج الطبيب قائلا أن سقر أصبح بخير وواعى لكل شىء لكنه طالب بأحضار فادى ..تضايقت؟؟ لا غضبت ؟؟ نعم ! ...أتجهت نحو الكراسى لتجلس وهى تهز قدمها بعصبيه ..هل طلب أن يرى فادى ..ولم يطلب رؤيتها ؟؟؟ شعرت بنار تكوى قلبها وكادت تدمى شفتاها من كثر نهشمهما ...
دلف فادى ليقترب من الفراش حزين على شكل جسد سقر المحاط بالعديد من الأجهزه أقترب ليهمسك بيده :
-ألف حمدلله على السلامة يا شيخ
هز سقر رأسه بلا معنى وهمس بصعوبه :
- ررراسيــ..ل
هز فادى رأسه بعدم فهم :
-راسيل بره ..لو عايزه أندهلها
هز سقر رأسه بأجهاد وبصوت ضعيف :
-لا ...دلوقتى فى حاجه أهم ....."بلع ريقه ليكم" دى مش أخر مره هيعملوها ..أحجز أربع تذاكر ..هروح البيت بتاعى ...مش عايز حد يعرف يا فادى مين اللى عمل كده ...لفق القضيه ضد مجهول
هز فادى رأسه موافقا لكنه قال:
-ياشيخ ..كده أنت هتتسرع أوى
هز رأسه رافضا :
-لا مش تسرع ..لو نسيت شويه جايز ينجحوا فى قتلها ..لازم أحميها ... وبالتوكيل اللى معاك أعمل اللى أتفقنا عليه قبل كده
هز فادى رأسه موافقا :
-متقلقش أنا هتصرف فى كل حاجه
-أبعتلى راسيل
-حاضر !
خرج فادى ليقترب من راسيل هامسا :
-الشيخ عايز يشوف حضرتك
هزت راسها بوهن وهى تقف بصعوبه للتجه نحو الباب برهبه وفتحت الباب ببطء شديد وخطت خطوه للداخل ..لتشهق بقوه من الجسد المرمى على الفراش بضعف ..من يصدق أن هذا هو الشيخ سقر الذى أذا ذكر اسمه فى مجلس فز القوم رعبا ..من يصدق أن هذا الضعيف الشاحب يرعبها ؟؟؟ أقتربت بأقدام مرتعشه نحو الفراش محاوله عدم البكاء وقبل عده خطوات من الفراش توقفت دون القدره على اكمال الطريق نحوه فوقفت تتأمله بأعين دامعه :
-تعالى !
أنتفض جسدها على النبره الضعيفه لكنها رغم ذالك أتت خشنه فأشعرت جسدها ..وكأنه أخبرها بكلمه سحريه أتربت من الفراش وعيناها متصلبتان على كميه الشاش الملفوف حول جزعه الأعلى بأكمله ..أقتربت بلا وعى ممسكه بيده البارده:
-عامل أيه دلوقت ؟
همست ليبتسم بهدؤ وهو يقول بصوته الضعيف :
-أكيد بخير ...بعد ما شوفتك
عضت شفتاها لتحاول التهرب من عيناه التى ورغم مرضه مازالت تملك ذالك السحر والسيطره عليها :
- أنت عامله أيه ؟
همسها برقه وعيناه تلمع بحنان بالغ فكتمت شاهقه تكاد تخرج منها لكنها لم تقدر ..همست شاهقه من بين دموعها :
-أنا بخير ....أنا بـ..س
أنفجرت وهى تحتضن صدره :
-لا أنا مش بخير !
تألم من أحتضامها لمنه لم ينطق وقلبه يدق بسرعه من قربها هذا فمد يده قابضا على جسدها أنتفضت وهى تستوعب ما فعلته لتسرع مبتعده وهى تدخل يدها تحت النقاب ماسحه وجهها :
-مين اللى عمل كده ؟
سألت وهى تحاول ان تغير دفه الحديث فأبتسم ملاحظا ذالك ليسايرها فى الموضوع :
-بالتأكيد حد من مقاطيع الجبل
لم تقنعها الأجابه لكنها خافت أن ترهقه فعدلت الفراش حول جسده بحركه واهيه :
-أنا هسيبك تستريح
وكادت تقف ليمسكها بيده الضعيفه هامسا :
-لا أقعدى ...أنا راحتي لم تبقى موجوده جنبى
أختنقت أنفاسها وكادت تعترض فتابع مقاطعا لها :
-فى موضوع مهم لازم أقولك عليه
عاودت الجلوس بأهتمام لحديثه فتابع بعد عده أنفاس:
- فادى هيعمل شويه أجراءات وافقى على كل حاجه هيقولها تمام؟
رفعت حاجبها وهى تهز رأسها بـ"لا:
-لا مش تمام ..أيه هى الأجراءات دى ؟
اغمض عيناه من عنادها الشديد ليزفر بتعب:
-هيكتب حاجات بأسمك
أنقلبت ملامحها للغضب وهى تهمس بحده :
-حاجات أيه ؟...وليه ؟
زفر هو هذه المره بقوه وارتفع صوته :
- حاجات يا راسيل...وافقى وخلاص
-لا مش هوافق يا سقر أنا مس عايزه أى حاجه منك
-يا بنت الحلال ...ده عشان مصلحتك ..أنا لو حصلى حاجه ميه كلب هينهشوا لحمك
ربت السرير بقبضتها وأرتفع صوتها وقد سالت من عينها الدموع:
-الفلوس مش هى اللى هتحمينى منهم ...لو عاوز تحمينى أفضل عايش ..
أغمض عينها بألم من صوت بكأها لتلين ملامحه ..فهى خائفه ..خائفه كطفله ستفقد أباها ...رفع نقابها بيده فرأى وجهها المتورم من البكاء فأن قلبه بوجع :
-تعالى
همسها بخشونه فاتحا يده السليمه فأسرعت برمى جسدها فى حضنه وهى تجهش بالبكاء ..كتم تأوه كاد يخرج منه وهو يمسح على رأسها :
-هششش ..خلاص مش هسيبك ..أقوم أنط أقدامك عشان تصدقى أن بخير
لم تستمع له وهى تزيزد من دفن نفسها داخل ضلوعه وهى تهمس:
-أرجوك متسبنيش ...أنا .أنا ..لو روحت الكل هيقف ضدى ..وو مش هعرف أعمل أيه
قاطعت كلامها وهى تجهش بالبكاءء مره أخرى فأبتسمن بتلاعب هامسا :
-المفروض انك دلوقتى بتدينى أمل صح ؟
-أخرس !
همستها بغل من مزاحه حتى فى أسواء الأحوال فأرتفعت ضحكاته وهو يضمها بقوه ضعيفه وألمتها رغم ذالك ليهمس :
-أنا عمرى.. ما هسيبك ..حتى ...لو مت... هيطلعلك شبحى ..ويطاردك... طول حياتك ...
صمت وقد أتعبه كثره الكلام وبعد لحظات رفعت رأسها فوجدته نائم بتأثير المخدر ..فكادت تبتعد ليضمها له وهو يهمس بثقل أثر المخدر :
-أوعى ..تسبينى
أبتسمت على تمتماته وهو غير واعى فقبلت جبينه هامسه له بجوار أذنه:
-عمرى ما هسيبك
-وعد؟
همس بخفوت بالغ لا يكاد يُسمع ثم شعرت به قد نام بالفعل فأبتسمت برقه وهمست بشجون:
-وعد!
***********
صفحات مما مضى .....
-شاديه ..شاديه ..أنتِ يا بنت !
-نعم يا ستى
ظهرت شاديه واللهفه والخوف يبدو على ملامحها ..فنظرت لها ميسره بنظرات ممتعضه من تحت نظارتها الخاصه بالقراءه :
-ايه أطرشتى مش سامعه الباب ؟
- معلش يا ستى ..أسفه والله
-يلا أتجرى روحى شوفى مين بيخبط
هزت شاديه رأسها موافقه وهى تركض ناحيه الباب لتفتحه بينما تهمس ميسره بغيظ :
-يا جمال مجايبك يا سقر ...
-السلام عليكم
وصلها صوته لتتسع أبتسامتها قائله بفرح:
- أبن حلال يا ولدى ...كنت لسه بفكر فيك والله
أبتسم سقر وهو يقترب منها ووضع بعض الأكياس على الأرض لينحنى مقبلا يدها ورأسها بمحبه قائلا :
-بالخير ولا بالشر بقا ؟
-بكل خير يا حبيبى والله
جلس تحت قدميها على ألأرض وهو ينزع بدله جاكتته فهو اتى من المطار على هنا ثم ألقى راسه فى أحضانها وهو يطوق وسطها لتمسح على شعره قائله بلؤم:
-أممم شكلك كده مبسوط ..يارب يكون خير
رفع رأسه من أحضانها ليبتسم أبتسامه لم تراها من قبل على شفتاها قبل أن يقول بأعين حالمه :
-وكل خير يا حاجه ميسره
تهللت ملامحها وهى ترفع رأسه بيديها :
-خير يا قلب ميسره ..أحكيلى ...
نظر بعيناه الناعسه يسارا ويمينا قبل أن يقول:
-فين عبير؟
أعادت وجهه للأمام مره أخرى وهى تلح :
-بلاش تتهرب منى ..و عموما عبير راحت لعند الجيران عشان حنه صحبتها ...نرجع للمهم .. أحكيلى !
أبتسم وهو يرمى وجهه داخل "حجرها " كطفل صغير يخجل من مصارحه أمه ..وكأنه مراهق لعوب ..أبتسمت ميسره وهى تمسح على راسه بحنان فهمس :
- مش عارف يا ميسره ..بس لم شفتها حسيت أن بـ قلبى ..حسيت أن فعلا عندى قلب ..لا وبيدق كمان
أبتسمت ميسره بفرح لصغيرها وصمتت بتات لتسمعه يكمل :
- قبلتها فى سفريتى الأخيره شىء فوق الخيال يا ميسره ..عيناها ...عـــــذاب!
كادت ميسره تبكى من مظهر سقر المتلهف الذى كان يبدو كطفل يصف أمه ..فلا يجد شىء بمثل جمالها ...أحتضنت وجهه بكفيها لتهمس لعيناه الملتمعه بفرحه:
-أسمها أيه ؟
-أسمها ...أسمها راسيل !
همسها بشجون وكأنه يقرا قرآن فيخشى أن يخطىء فى تهجئته ...فأتسعت أبتسامتها وكادت تتكلم لتخبره أنها فى التو واللحظه ستذهب لتزوجه من تلك الفتاه التى كسرت الجليد من حوله أو حتى نجخت فى الطرق على جليده
لكن صوت باب البيت الذى فُتح لتدلف عبير بهدؤها المعتاد وهى تلقى التحيه برتابه:
-السلام عليكم ...
وكادت تسير نحو السلالم لتوقف وهى تلحظ ذالك القابع تحت قدمى أمها فتحولت ملامحها الهادئه لأخرى تشع سعاده وهى تسرع فى خطواتها نحوهما هامسه بعدم تصديق وفرحه:
-سقر !!
أبتسم سقر أبتسامه خفيفه وهو يقف عادلا من ملبسه لتقترب منه وهى تلتهمه كله بعيناها البنيتان :
-أنت رجعت أمتى ؟
سألت بلهفه فرد بهدؤ وقد أنمحت ملامحه السلبقه:
-لسه راجع من المطار
-جبتلى أيه بقا معاك ؟
سألت وهى تصفق بيديها كطفل ينتظر عديته فنهرتها أبمها :
-بنت!
أبتسم يقر وهو يشير لمسيره:
-سبيها يا حاجه وبعدين هو أنا لو مجبتش ليها هجيب لمين ؟
أتجه للأكياس الموضوع: وع على الأرض ليرفع واحده معينه ذات ماركه معروفه وهو يمد يده لها :
-أتفضلى يا ستى حاجه كنت عايزاها من زمان
أخذت الحقيبه بسرعه وعلى وجهها أبتسامه من الاذن للأذن وفتحتها لتشهق وهى ترفع عينان غير مصدقه :
-أيه ده ؟؟
أخرجت ما فى الحقيبه لتظهر كاميرا عاليه الجوده لا يستهان بسعرها ...وتفحصتها بعدم أستيعاب وهى تهمس :
-أنا مش مصدقه أنا كنت هموت وأجيب واحده
أبتسم سقر وهو ينظر لميسره المبتسمه :
-يالا يا ستى مش حارمك من حاجه أهو
ربتت ميسره على يده قائله بحنان:
-ربنا يخليك يا حبيبى
بينما عبير أقتربت منه لتقول بأستحياء:
-شكرا ..على الهديه حلوه أوى
-يالا يا ستى عايزك تبقى أحسن مصوره فى البلد كلها
وضعت رباط الكاميرا حول عنقها وهى تقول بحماس:
-يلا ناخد صوره ليك بقا
تجهم وجهه فجأه بينما نظرت ميسره لأبنتها بتأنيب لتمسح على ظهره وهى تنهرها بنبره مهدده:
- مش لازم يا عبير ....
مطت عبير شفتاها بحزن وهى تتراجع للخلف فقبض سقر على أطراف أصابعه بقوه وهو يحاول القول بهدؤ:
- موافق !
أتسعت عيناى ميسره وعبير من موافقته وكادت ميسره تتكلم لتقفز عبير بفرحه وهى تشاور له نحو ركن معين :
-أوقف هناك الأضأه أحسن
أتجه بخطواته القويه للمكان الذى أشارت له ليقف منتصبا الظهر مبتسما وهو يتذكر تلك العينان السوداتان فأتسعت أبتسامته وتلك اللامعه تمر فى عيناه وهو يفكر بداخله أن هذه الصوره لها ..فقط لها ! سطع ضؤ الكاميرا لتقول عبير بفرحه وهى تشير بعلامه "اللايك" :
-تمام يا عمده !
..........
مسحت ميسره دموعها وهى تمسح على الصوره المعلقه بأطراف أصابعها هامسه:
-بتدور على راحه قلوب الناس...وناسى قلبك ...
أخذت نفسا عميقا وألقت نظره أخيره على الصوره لتستند على عكازها وهى تستدير مغلقه الأضواء وأغلقت الباب خلفها ببطء!
*********

انهيارك من الداخل افضل بكثير من توسل شفقه الآخرين عليك
أقفلت أميمه الباب خلفها وملامحها حزينه فرفع فايز عيناه من على التلفاز قائلا بحاجبينا متقطعان :
-مرضتش تاكل برضو؟
هزت أميمه راسها الحزين أن "لا" فنفخ فايز أوداجه بغضب ووقف يذهب لها فأمسكت ذ اعه وهى تهز راسها رافضه:
-سيبها لوحدها يا فايز ...
-يعنى أيه أسيبها لوحدها ؟؟عايزانى أسيبها لغايه ما تموت ؟
همست بصوت تحاول أن تهدىء به من روع زوجها:
- ممكن تكون قلقانه من موضوع الجواز ..دى حاجه نفهما أحنا الستات
زفر فايز بقوه وهو يرمى جسده على الأريكه فمطت أميمه شفتاها بأرتياح وهى تنظر ناحيه الباب بقلق وخوفا من حالتها فبعض الحمام الطوويل خرجت كما ولدتها امها ولم ترد بحرف على شهقاتها او تسأولاتها أو حتى عندما اخبرتها بخبر خطبتها من جاسم فقط حركت عيناها ثم عادت للنظ للامام ونامت على السرير كما الأموات فغطتها بأحدى الشراشف وأغلقت الشرفه وقد دب الخوف فى صدرها ..زفرت بقوه ..لتحمل صينيه الطعام للمطبخ وهى تدعى الله ان يكشف عنهم الغمه !
وفى الداخل كانت هى على السرير بوضعيه الجنين ...عاريه ألا من الشرشف الحريري الأبيض على جسدها وهى تنظر للفراغ امامها ..ساكنه للغايه من الخارج بينما داخاله تقوم ثورات وتنفجر براكين ....فقط عيناها من تعكس داخلها ..عيناها المتصلبتان رغم كثره الدموع الخارجه منها ...ضربت رياح قويه المكان ففتحت النافذه على مصرعيها بصوت مفزع بينما تمر الرياح عبر جسدها الرطب فينتفض من البرد لكن عيناها لم تتحرك بعيدا عن الفراغ أمامها ...ولم توقف الرياح دموعها ....
-جاسم الساعور تقدم للزواج بكِ
تذكرت همس أميمه لها بفرحه فضحكت وهى تضم نفسها أكثر ..ضحكت رغم وجهها الملوث بالدموع ..ضحكت وقد أسودت حياتها التى رسمتها بألوان زاهيه
فقط ضحكت,,,بوجع!
فى الأسفل كان جاسم مستند على سيارته يدخن السيجاره تلو الأخرى حتى أنهى علبه بأكملها ...يقف تحت نافذتها بعدما أطمئن على سقر ...يهفو بروحه لها ..يقفز قلبه ترقبا عندما تشتعل أضواء غرفتها ..ويعبس جبينه عندما تغلق...سمع بعض صوت أغلاق الشباك فشعر كمن قطع حبل أتصاله مع حبيبته ..وكاد يتهور ويصعد لها باى طريقه لكن الله رحمه وأرسل تلك الرياح ليعاود انفتاح النافذه مره أخرى ...رمى السيجاره بتعب وهو يدهسها بحذائه وأخرج واحده من العلبه الجديده ... عقله يركض فى جميع النواحى لا يعرفما ردها على موضوع الزواج ... فهو تخيل أنها ستثور ستصرخ لكن فقط الصمت والهدؤ ...زفر بقوه وهو يشد شعره للخلف ..وتلك النار تكاد تحرق قلبه ليقاطع تأمله للنافذه صوت رنين الهاتف فرفعه بسرعه هامسا:
-أيوا ...عرفت تجيب الرقم؟؟؟ تمام
أقفل مع الرجل وهو يرفع نظره للنافذه مره أخرى ثم أتاه صوت وصول رساله بالرقم ففتحها وأسرع بالأتصال ليصله ذالك الرنين الطويل وقطعه صوت ناعس ليقول بسرعه:
-ميرا ؟!...أنا جاسم
*******

لم أقع ى الحب ..بل مشيت أليه فى خطى واثقة...
ظلت كثيرا فى مكانها بعد خروجه العاصف ..تلك البقعه الموجوده فى زاويه الغرفه ...تلف نفسها بغطاء السرير وكأنها تتمسك بحبل نجاتها ..عيناها متورمتان من كثره البكاء..وجسدها كل عظمه فيه تأن من الألم الشديد ...كانت لا تبالى بذاالك الصداع المسيطر على رأسها وهى تنظر ناحيه الحئط أمامها بعيناها الحمراء...كانت فقط تأن كقطه صغيره تزوم ...ورأسها الصغير يتأرجح للأمام والخلف بحركه رتيبه ...شدت يدها المجتضنه لوركيها زهى تستند بذنها عليهما ..هل ما حدث منذ ساعات كان حقيقا أم أنه كابوس ؟..هل لمسها خالد بتلك القوه ..هل ترك كل تلك العلامات على جسدها فعلا ان أنها تتوهم هذا ؟ هل فعلا خالد كان كالحيوان الذى بمجرد أن أنتهى من فريسته تركها كقماشه باليه لتزحف بسرعه نحو الركن المظلم هذا بينما هو يسحب الكرسى المتحرك نحوه أم هذا كله لم سىء ؟ ..أنتفضت بقوه حينما شعرت بباب الحمام يفتح الذى أختفى خلفه لتسمع بعدها صوت تكسير وماء ينهمر ..تكورت على نفسها أكثر عندما سمعت الصوت المزعج لعجلات كرسيه ...أدارت وجهها بهلع نحو الباب ليظهر من أضأته جسد خالد على الكرسى فأكتشفت أنها كانت تجلس فى ظلام حالك
حبست أنفاسها وكأنها بهذه الطريقه سترتدى عبأه الأخفاء ولن يراها ...لكنها فشلت ..فبعدما وقف قليلا بوجه متصلب أتجه بكرسيه نحوها فألتصقت بالجدار خلفها ...كأ،ها طفله تختبأ من الوحش ...ظل يقترب نحوها بذالك الصوت المزعج لعجلات كرسيه وهى تأن على الأرض الخشبيه ..حتى وقف فوقها مباشره كالطود ..ليغرقها ظله فى الظلام مجددا نظر لها من علوه بنظرات لا تظهر فيها أيه مشاعر نحو أنتفاضتها الواضحه ..تكلم أخيرا بصوت ذاد من أرتجافه بدنها:
-تعرفى أنك بتمثلى حلو أوى..؟
لم ترد عليه سوى بانتفاضه من جسدها جعلته ينحنى على الكرسى ليصل وجهه لمقدمه رأسها المرتعش ليقول بهدؤ يحمل أسفله كثيرا من البراكين :
- وكأنها أول مره لينا
سقطت دمعه من عيناها بسرعه وهى تبتلع تلك الغضه فى حلقها وهى تتراجع للخلف أكثر بينما تشد الغطاء لتقول بصوت غير صوتها :
-أرجوك...سبنى أمشى ..أنت هتستفاد أيه من كل ده؟
ضحك ..بل قهقه بالضحكات وهو يرجع رأسه للخلف بصوت جعلها ترتعش أكثر بخوف وهو يعاود النظر لها ببتسامه مستمعه:
-تمشى؟!...تؤ تؤ تؤ ..أنت لحقتى تزهقى منى يا ...مراتى !
أختفت ملامح السخريه تماما ووجهه يتحول لقالب من الصلب وهو يمد يده قابضا على خصلات شعرها بقوه رافعا أياها نحوه فأنت بوجع ..أقترب من أذنها ليهمس بغل:
- ده أحنى لسه بنقول يا هادى ...
وبأصبع من اليد الأخرى شار على بشره ذراعها التى أنكشفت من تحت الغطاء :
- و كمان تبقى عيبه فى حقك خالد الساعور لم يسيب مراته مشتاقه لحد يلمسها ..وميقومش بالواجب ؟!
ترك خصلاته بقسوه وهو يرميها تحت قدميه ليجر العجلات للخلف متجها نحو باب الغرفه ورمى كلماته بقوه لتلك المرميه على الأرض:
-فرح أخويا يوم الأربع تانى يوم هننزل مصر ..ومفيش خروج من الأوضه
ثم وبدون حرف زائد خرج ضاربا باب الغرفه بقوه لترمى رحمه بجسدها كله على الأرض الصلبه وهى تشهق بقوه .وقد فقدت أخر أمل فى الهروب .وبين دموعها صرخت بألم:
-يــــارب...مليش غيرك...يـــارب
*******

وأتمادى وأحبك فوق الحب ..أكثر!
رمت المجله متأففه بملل بجانب أخواتها على الأرض بجوار الفراش ...الفراش الذى تخلى عنه رأفت لها بحسن نيه بعد حادث المطبخ حادث المطبخ الذى أعترفت بين أحضانه بحبها بكل غباء زفرت بقوه مفكره ...حسنا لقد مرت ثلاثه أيام على تلك الحادثه ومن يومها وتقدر أن تقول أن علاقتهما تحسنت نوعا ما فبعد حمله لها حتى الفراش وتضميده لجرحها ...فى صباح اليوم التالى عاد رأفت لطبعه القديم ..عاد رأفت الرجل الشهم فقد تخلى لها عن الفراش بدون أبداء أى أعتراض ...بل وأخبرها انه لا داعى للطهو بعد الأن ..وأصبح يحضر الطعام كل يوم معه ..تقاطعه حاجبيها بحزن وهى تفكر أنه رغم رقته معها فأنه بعيد ...وبعيد للغايه ..قبل هذا ورغم عصبيته وصراخه وقسوته ألا أنها كانت تشعر به ..تشعر به هنا بجوارها ..لكنها تشعر أنه يتهرب منها هذه الأيام..يغلق الغرفه الأخرى على نفسه طوال اليوم وتكاد لا تراه الا عندما يطرق عليها الباب ليعطيها الطعام ثم بعد ذالك يختفى فى غرفته ذات الأريكه القاسيه والتى حاولت تجربه النوم عليها ففشلت بسبب قسوتها الشديده ..سحبت خصله شعرها المنتشر حول الوساده بملل حقيقى وهى تفخ وجنتها بينما تتأمل السقف الأبيض ...حسنا بعد أعفأه لها من مهام سيده الخدامه أصبح يومها بأكلمله فارغ ..وملل مجرد تلك المجلات القديمه المهترئه ..والنافذه التى تطل على الشارع..ترى أذا علم ياسر ما يفعله أبن خالهم بها سيصمت ؟.....تبلدت مشاعرها عندما تذكرت أمها..وراسيل ...وأصحابها ..لا أحد أتصل ولا أحد سأل عنها ..حتى أمها!! ..أغلقت عيناها بقهر وهى تشعر بالدموع الساخنه تجرى على وجهها ..هل تراها رخيصه لتلك الدرحه عندهم ؟ فقط هى ورافت ..ذالك الثور الجلف الذى لا تعرف لماذا تحبه مسحت وجهها بباطن وجهها وهى تهمس باصرار :
-والله لهوريك يا بن فاطمه ...أنا ريتاج العياط يعمل فيا كده ؟
وقفت أمام النافذه وهى تنظر للنافذه المجاوره لها والتى تطل على صاله المنزل لتهمس بغل وقد تبلورت فكره طفوليه للغايه فى عقلها :
-والله ووقعت فى أيدى يا بن فاطمة!
وبدأت فى حساب المسافه وبدأت خطتها !
.......
وفى وقت متأخر
كان رأفت يركن عربته بهدؤ بجوار المنزل وبعد أن أطفأها تناول المظله من الخلف هى والأكياس الطعام وهو يعدل الجاكت الثقيل حول جسده ...فتح الباب ثم أخرج المظله ليفتحها وخرج محتميا بها من المطر الشديد ..دخل بسرعه للبيت ليغلق المظله ثم أتجه نحو باب الشقه ليطرق بخف وسرعان ما أنفتح لتظهر أمه :
-السلام عليكم
-وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته
ردت أمه بفرح وهى تربت على وجسده بمحبه ...أغلقت الباب بينماا هو ينزع حذائه المبتل ليسألها باحثا بعينه فى أرجاء الصاله:
-أمال فين عمتى ؟
مطت امه شفتاها وهى تشير ناحيه الغرفه :
-كالعاده ..فى أوضه المحروسه مراتك
أغلق رافت عيناه ليترك الأكياس على الطاوله وهو يدلف للداخل قائلا لأمه :
-أنا هدخل أشوفها يا أمى
وبعدما اختفى الطرقه أسرعت فاطمه لتفتح الأكياس البلاستكيه ووجدت بها طعام كالعاده لتلوى فمها وهى تقول بتهكم وغضب:
-عينى عليك يا قلب أمك...وعلى جوزاتك السوده ... بتجوعك بنت جابر !
وفى الداخل طرق على الباب ليصله صوت عمته ففتح الباب وهو يبتسم لها :
-تقبل الله
وقفت عمته وهى تحمل سجاده الصلاه مبتسمه بحزن :
-منا ومنكم يا حبيبى
أقترب رأفت ليقبل رأسها وهو يسألها بحنان:
-عامله أيه يا عمتى ؟
ربتت على صدره قائله بمحبه :
-الحمد لله يا حبيبى نحمده
-لو عوزتى أى حاجه يا عمتى قولى أنا تحت أمرك ؟
أبعدت ساميه عيناها وقالت بتردد :
-أنا عندى طلب واحد يا بنى
أعتدل رأفت فى وقفته فهو يعرف ما ستطلبه لكنه ورغم ذالك قال:
-أؤمرى
-ريتاج يا رأفت ...أنا عارفه أنها لسانها طويل ..وأنها غلطت ...لكن معلش سامحها المره دى عشان خاطرى
أقترب متنهدا وهو يمسك وجهها بين كفيه ليهمس برقه:
-عمتى ..أنت تعرفى عنى أن ممكن أذى ريتاج فى يوم من الايام ؟
هزت رأسها أن "لا " فسألها مره أخرى :
- طيب انا عمرى هعمل حاجه تضرها ؟
هزت رأسها بـ"لا " مره أخرى فابتسم وهو يقول بجديه:
-يبقا متقلقيش على ريتاج ..ريتاج فى الأول أو الأخر مراتى ..وكمان بنت عمتى لا وأخت أعز صحابى ..يعنى أنا لا يمكن أذيها أنا بس بأقرص ودانها
أبتسمت له عمته لتقول بسرعه:
-صحيح ياسر بقا له يومين مكلمنيش ..هو بيكلمك ؟
أبعد رأفت يداه زافر :
-اه ..لسه مكلمنى الصبح هو بس مشغول اليومين دول فى المستشفى متقلقيش انت يا عمتى ...ولو أحتجتى أى فلوس غير اللى بيبعتها قوليلى
أبتسمت وهى تقبل وجنته:
-تسلملى يا حبيبى !
وبعد لقأه مع عمته خرج لأمه التى شهقت عندما رأت زر قميصه مقطوع فأسرعت تخبره كالعاده المحروسه لم تخيطه لك ..تعال يا حبيب قلب أمك أخيطه أنا...لا تطعمك تعال لأمك يا عيناها! وهى تشتم وتسب فى ريتاج الزوجه الفاشله على رأيها ..زفر رأفت بقوه وهو يسحب قدماه بثقل على السلال ليصعد لتلك الاخرى ...يعرف أنه منذ حادثه الزجاج وهو يتهرب بل يكاد يفر من أمامها كأنها شبح .فعقله منذ ذالك اليوم مشوش! فبعدما وصلته همستها الرقيقه للغايه تصلب بين يديها :
-بحبك!
نفض رأسه بقوه مخرسا ذالك الرنين فى عقله محاولا مخرجا أياها من داخله فقد تسللت لخلايا جسده خلسه دون أن يدرى وكأنها صداع لم يكتشفوا له بنادول ..حقا لا يعرف ماذا يفعل فقرر ان ياخذ أستراحه قليلا وينأى بنفسه بعيد ا عنها عل تلك المشاعر التى أشتعلت في داخله أن تهدىء أخرج المفاتيح بتعب وهو يفتح الباب ..يقسم أنه لم ينم منذ أمس ..وأفكاره ترميه مره يمينا ومره يسارا ..هل يترك لقلبه اللجام ..ويتبع مشاعره نحوه ريتاج ويستمتع بذالك الشعور اللذيذ أم يلتزم بجانب راسيل ..أصبح فى حيره هو ..لا يعرف أيحب ريتاج أن راسيل ...راسيل ؟ نطق الأسم بداخله ببطء مضيقا عيناه فهو يكاد لا يذكر حتى أى شىء عنها ..وكلمها حاول التذكر تقفز ريتاج أمامه برائحتها ..بأبتسامتها ..بصوتها وكأنها تمنعه من أن يفكر بغيرها ..نزع حذائه ببطء وتعب ووضع المفتاح فى مكانه متأملا الظلام الدامس بأستغراب ليتجه نحو غرفتها لاحظ نافذه الصاله المفتوحه على مصرعيها فغير أتجاهه وهو يقفلها مستألا عن سبب فتحها ..توجه بعدها نحو غرفتها مثل كل يوم ليطرقه بخفه مناديا:
-ريتاج!
لم يأتى له رد لثوانى فأعاد الكره مره أخرى بصوت أعلى :
-ريـــتاج
تقاطع حاجبيه بقوه وهو يسمع تلك الأقدام تسرع ناحيه الباب ليأتيه صوتها الصارخ وهى تبكى مستنجده:
-رأفـــــت !
رمى الأكياس بقوه ليضرب الباب صارخا :
-ريتاج فى أيه .؟ أيه اللى حصل ؟
-أرجوك أفتح الباب حرام عليك ...أنا عملتك أيه ؟
صرخ بقوه وعينان متسعتان :
-أنا؟؟؟ أنا عملتك أيه؟
صاحت وصوتها مجروح من كثره البكاء:
-حرام عليك حابسنى هنا طول اليوم ..وقفلت النور ..وأنت عارف انى بخاف
أتسعت عيناه وهو يفتح الباب بقوه:
-أنا معملتش أى حاجه من دى
وكاد يكمل لكنه شعر بالب مغلق بالفعل والمفتاح فيه من الخارج فأسرع يفتحه ليتلقى بين يديه جسدها المرتعش بخوف ووجها المتورم من البكاء وهى تصرخ به :
-حيوان ..قذر ..متوحش ..أنت مش أنسان
شد شعره بقوه وكاد يصرخ بها أن تتوف عن هذا المزاح ليهزها بقوه :
-أنا معملتش حاجه
رفعت له عينان متقرحتان من كثره البكاء لتهمس ببكاء وتمثل الشهقات :
-أمال مين يعنى .؟؟أنا ؟! ..طب أزاى هقفل الباب من بره ومفتاح النور ؟..وليه؟
صمتت كأنها تنتظر جوبه لتهمس ببكاء:
-أنا... أنا حتى مش هعرف أنط من الشباك ..حرام عليك أنا عملتلك أيه ؟..أنا عمر ما حد عمل فيا كده
وأنتفض جسدها بين يده فصرخ بداخل ياللهول هل فعل هذا بها فعلا ؟! بدأ يشك فى نفسه ..أسرع بحملها بخفه ليتجه نحو أقرب كرسى هاتفا بلوعه:
- ثانيه واحده متتحركيش
غاب عن أنظارها لدقائق معدوده فظهرت أبتسامه الانتصار على فمها وهى تتذكر كيف قفزت من النافذه للأخرى بعدما أغلقت الباب من الخارج ومفتاح الأضأه ثم عادت للغرفه لتمثل باقى الخطه بأتقان ..أنتشرت الأضأه لتعاود تمثيل البكاء ..عندما ظهر وهو يحمل علبه من العصير وفتحها ليمدها بلهفه فأسرعت باخذها منه مكمله باقى التمثليه وأخذت ترتشف العصير بسرعه ألمت قلبه وهو يشعر كأن أحد ضربه بقوه فيه من مظهرها ...ألهى كيف شعرت تلك الصغيره فى تلك الغرفه المظلمه لوحده ؟؟ تأوه بقوه وهو يقترب محاولاً ان يربت على شعرها فأسرعت تبعده بحده ليرجع يده لمكانها بينما ينكس رأسه وهو يجلس تحت قدميها :
-ريتاج أنا..أنا أسف بجد ..أنا مش عارف الباب اتقفل أزاى
أشحت بعيناها بعيدا وهى تمسك ضحكاتها بصعوبه بالغه وكادت ترتمى على ظهرها ضاحكه على ملامحه المذنب فهمست بغنج:
-مفيش مشكله بس..أرجوك يا رأفت متعملش كده تانى عشان أنا بخاف من الظلمه أوى !
فلتت منها أبتسامه هذه المره عندما رأت ملامحه المتألمه لكنها تداركت نفسها عندما رفع رأسها ليضمها بقوه وهو يمسح على شعرها الحريرى:
-حاضر ..ياعيون رأفت ...أوعدك مش هيحصل تانى
أحمرت وجنتها بخجل من دفىء أحضانه وكادت تصرخ بسعاده لمنها تماسكت وهى تلاعب زره قميصه باغراء هامسه بدلع:
-رأفت !
شعرت بدقات قلبه تتسارع تحت يدها وقد تشنج جسده ليهمس بصوت متحشرج بعد بضع ثوانى:
-نعم؟!
رفعت له عينان متسعتان وهى تتغنج فى أحضانه:
-عايزه أشوف ماما ..وحشتنى أوى يا رأفت
كاد يع على قدميه من طريه نطقها لأسمه ..وكيف يرفض لها طلب وهى تطلبه بتلك الطريقه ؟؟ فهمس بصعوبه وهو يبتلع ريقه:
-حاضر بكره هنزلك تشوفيها
أبتعدت مصفقه بجدل مثل الأطفال لكنها شعرت بدوار بسيط جعلها تتأرجح فاسرع يضمها له بلهفه:
-أنتِ بخير؟
رفعت يدها لرأسها متأوه لتقول :
-بخير ..بس حسيت بدوخه ..ممكن عشان مكلتش من الصبح
أسرع بحملها نحو الغرفه ليضعها على الفراش ثم قال وهو يخرج:
-ثوانى وهجبلك الأكل متتحركيش
تمطأت ريتاج على السري كهريره مدللة وهى تهمس بعش واضح:
-بحبك يا بن فاطمه ..بحبك !
*******
شعر بحركه حوله فى الغرفه ففتح عيناه بنعاس بالغ ليراها منحنيه ببنطالها الجينز وبلوزتها الحمراء الشيفون بينما جمعت شعرها بجدليه خلف ظهرها ..تقطاع حاجبيه ..متى أستيقظت ؟؟لا بل وماذا تفعل ؟؟ وقف وهو يهمس بخشونه أثر النوم :
-وجدان ؟؟ أنتِ بتعملى أيه ؟
لم تلتف له لتقول بعمليه وهى تكمل ما فى يدها :
-بحضر شنطتى
أقترب منها رافعا حاجبه بقوه :
-ممكن أسأل ..ليـــه؟
ألتفت له بحده وهى تعقد يديها أمامها فرفع وجهه أعجابا بمظهرها لتقول بحده قاطعت أعجابه:
-أنا كلمت هيثم وفهمته كل حاجه وهو جاى ياخدنى دلوقتى
تصلب وجهه بطريقه أخافتها وعيناها تنقلب للسواد التام ..ليهمس وهو يقترب منها :
-نعم يا ختى ؟!
رفعت وجهها بتحدى بنما ظهرت أرتجافه جسدها :
-اللى سمعته ...أنا مش هكمل مع واحد غشاش ..وأذا كان على القضيه أنا هروح لأقرب قسم وأعترف بكل اللى أعرف
أبتسم بطريقه دبت الخوف فى صدرها ليهمس:
-جميل ..جميل ..كلام ذى الفل..لكن للأسف ..مش هيحصل
قالها وهو يمثل مشاعر الأسف ففكت عقده يديها وهى تقول بحده:
-ليه أن شاء الله؟
بلحظه واحده كان يقبض على ذراعها بين يده وهو يقربها منه بشده حتى لامست أنفاسه صفحه وجهها وهمس بكل حده :
-عشان أنتِ مش هتتحركى خطوه وحده من هنا من غير أذنى ..
-ليه أن شاءء الله كنت ولى أمرى وأنا معرفش؟
صرخت بقوه ليصرخ بها هو أيضا:
-أنا قلت كلمه ...ومحدش يكسر كلمتى لا أنتِ ..ولا المخنث أبن خالك ده
ضربته بقوه وهى تحاول الفكاك منه بينما تصرخ وقد بدأت فى البكاء:
-أنت فاكر نفسك مين؟؟ ها ؟؟ ابويا ولا حتى أخويا ..عشان تقعد تتؤمرنى ..أنت ..أنت مجرد حيوان وحمار ..أنا بكرهك ..سيبنى ..أبعد عنى
هزها بقوه وهو يمسك بيدها التى تضربه فأصبح يمسكها من كلتا ذراعيها :
-بس!...أهدى
أنفجرت بالبكاء ليقربها منه ببطء وهو يدفن جسدها أعتراضها الخفيف فى الأرض ..مسح على شعرها وبعدما هدأت من بكأها ألا من بعض التشنجات قالت بصوت مجروح:
- كفايه ..كفايه اللى عملته لغايه دلوقتى يا ..
سكتت قليلا لتكمل :
-أنا حتى مش عارفه أنت مين ..الصحفى نادر ..ولا ياسر الدكتور ..ولا قصى ابن عمى ...
هذه المره سمح لها بالأبتعاد لتمسح وجهها الباكى وهى ترفع كتفها :
-أنا ..أنا مش عارفه أعمل أيه ..أصرخ فيك عشان أنت كذبت عليا ..وطلع ده كله وهم..ولا أصرخ فيك عشان أتخليت عنى ..وسبتنى فى أكثر أوقات كنت محتاجه حد جانبى
هزت رأسها المحمر وهى ترفع يداها علامه عدم المعرفه:
-قولى أعمل أيه ؟؟
طرق الباب ليقطع حديثهما ظهور هيثهم المبتسم بلزاجه وهو ينظر لهما :
-حبيبتى أنتِ بخير؟
قالهما بتمثيل بالغ الوضوح وهو يحتضن جسد وجدان المتشنج تحت أنظار قصى القابض على كفيه بقوه ..وعيناه مشتعلتان ..أبتعد هيثم لينظر لقصى هامسا بسخريه:
-أزيك يا ..حضره الصحفى
ألتف لوجدان هامساً :
-يلا بينا يا حبيبتى
حاولت وجدان الابتسام وهى تهمس :
-معلش يا هيثم لحظه واحده
هز هيثم رأسه وهو يحمل الحقيبه الصغيره خاصتها ليرمى قصى بنظرات هازئه وأتجه للخارج ..فأقتربت وجدان من الأخر وهى تهمس بكل ذره تماسك عندها:
-صدقنى ..أنا محدش وجعنى زيك..ومحدش ضحك عليا قدك...أرجوك سيبنى فى حالى ..أبعد وروح مكان ما كنت ..وأنسى أن تعرف حنه واحده أسمها وجدان ..وأنا هحاول انى أسامح كل خدعك وغشك
وكادت تغادر ليمسك يدها بقوه فلم تلتف له ليهمس:
-أنا أسف
أبتسمت بسخريه وهى تسحب يداها من يده فأنسحب منها الأسوره لتقع فى يده وهى تغادر :
-هه ..ياريت الأسف ينفع ..يا أبن العم !
لم يسمع سوى باب الغرفه يغلق ..وذالك الظلام ينتشر حوله بطريقه كئيبه ..هل ذهبت فعلا ؟..ألن يراها مجددا ؟..أسيفقدها هى أيضا مثلما فقط كل شىء؟
رفع الأسوار نحو عيناه ليهمس بأصرار:
-وحياه حبى ليكِ يا وجدان ...عمرى ما هـ بعد عنك!
*****
رفع ساعته وهو يزفر .لينظر لبوابه الفندق بحنق من تأخرها فبعد اتصاله بها بالأمس أخبرته أنه ستكون عنده صباح اليوم ...لاحظها أخيرا تقترب لكن هذه المره شعرها الاحمر الامع كان تحت حجاب أبيض رقيق فتأهب فى وقفته وعندما وصلت له أخيرا كاد يتكلم لتصيح فيه بحده:
-عملت أيه فى ياسمين يا حقير ؟
كانت تصيح به بحده جعلت بعض الناس ينظرون لها ليهمس بخفوت:
-ميرا أرجوك أنا جبتك عشان تحسنى الوضع مش تزديه سؤ
-أحسن الوضع ؟؟
صرخت بأستنكار لتكمل بنفس صراخها :
-ده أنا هوريك النجوم فى عز الظهر لو حصل لياسمين حاجه
زفر بقوه من تلك النمره المستعله وحاول امساك أعصابه فهو من أتصل بها ليخبرها أن تأتى من الأسكندريه حالا لأن ياسمين فى مصيبه ..وأن زواجهما الأسبوع القادم كاد يتكلم فقاطعته وهى ترفع أصبع سبابتها قائله بتهديد:
- أنا بحذرك ..أنت أيه مفكر البلد سايبه مفيهاش حكومه
أحمر وجهه بغيظ منها وكاد يتكلم ليقاطعه صوت خشن من رجل خلفها قائلا بهدؤ وأتزان :
-ميرا ! ممكن تهدى ..المهم انك تطمنى على صاحبتك
عقدت يديها بعدم أقتناع وغضب بالغ بينما جاسم نظر للرجل الطويل والمكسو بالعضلات ..ويبدو عليه أنه ليس طيباً وأن تحت هدؤه هذا يخفى الكثير ...فبكل تأكيد من يقدر على أسكات نمره شرسه مثل ميرا يجب أن يكون وحش هو الأخر أقترب الرجل قائلا ببتسامه دبلوماسيه:
-ضرغام القيصر
مد جاسم يده ليصافحه :
-جاسم الساعور
مر بريق لامع فى عيناى ضرغام جعل جاسم يضيق عيناه بشك لكنه صمت فقاطعت تعارفهما تلك الشرسه :
-لو خلصتوا تعارف ممكن نمشى ؟
مد جاسم يده ناحيه السياره :
-أتفضلوا !
فتحت ميرا الباب الخلفى لتقفله بحنق بالغ بينما احتل ضرغام المقعد الأمامى بجوار جاسم ..الذى كان لاهيا عن أعين ضرغام المتصلبه والذى كان يفكر فى شىء واحد فقط ..أن هذا الجاسم يقرب لسقر الساعور !
*****

نهاية الفصل الثانى عشر


اروى بدر غير متواجد حالياً  
قديم 06-02-17, 01:19 PM   #48

um soso

مشرفة وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومراسلة خاصة بأدب وأدباء في المنتدى الأدبي

alkap ~
 
الصورة الرمزية um soso

? العضوٌ??? » 90020
?  التسِجيلٌ » May 2009
? مشَارَ?اتْي » 33,769
?  مُ?إني » العراق
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » um soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond repute
افتراضي

* قانون غلق الروايات غير المكتملة والمتروكة *

سيقوم فريق الاشراف بغلق الروايات (الطويلة) غير المكتملة اذا مرت فترة نحددها ادناه دون تنزيل فصول جديدة من قبل الكاتبـ/ة ...

(1) تغلق الرواية التي لم ينزل منها الا مقدمة او فصل اول بعد مرور عشرة ايام على تركها دون انزال جديد.

(2) تغلق الرواية التي نزل منها اقل من 5 فصول بعد مرور ثلاثة اسابيع على تركها دون انزال جديد .

(3) تغلق الرواية التي نزل منها 5 - 9 فصول بعد مرور شهر على تركها دون انزال جديد .

(4) تغلق الرواية التي نزل منها 10 فصول فما فوق بعد مرور شهرين على تركها دون انزال جديد .




تغلق الروايه بسبب التأخير


um soso غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الاولى وبياض ثوبك يشهدُ

https://www.rewity.com/forum/t406572.html#post13143524

روايتي الثانيه والروح اذا جرحت
https://www.rewity.com/forum/t450008.html





موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:57 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.