آخر 10 مشاركات
في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          بأمر الحب * مميزة & مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          ✨الصالون الأدبي لرمضان 2024 ✨ (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          هيا نجدد إيماننا 2024 (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          443 - سر الأميرة - كارا كولتر ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          كاثرين(137)للكاتبة:Lynne Graham (الجزء1من سلسلة الأخوات مارشال)كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          مواسم العشق والشوق (الكاتـب : samar hemdan - )           »          6 - موعد مع الغرام - روزمارى كارتر - ع.ج ( إعادة تنزيل )** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة

Like Tree25Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-06-16, 05:18 AM   #11

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)






الجـــزء الثـــــامــــن


يأتي ويذهب ..
يأتي حين أنفصل عن الظلال
وأنسى موعدي معه ..!!

لا نلتقي أبداً
في وقتنا خلل
ولا يلّوح عن بعدٍ ... لأتبعه ..!!

كأنه الشعر
أو ما يترك الحجل
فمن الخيال، ويغويني لأُرجعه

ما الشيء هذا الذي
يأتي ولا يصل
إلا غياباً، فأخشى أن أضيّعه ..!!

لا شيء، أحلم أحياناً
وأرتجل حلماً
يعانق حلماً كي نوسّعه

فلا أكون سوى حلمي
ولي جبل
مُلقَى على الغيم،
يدعوني لأرفعه

أعلى من الغيم إشراقاً
وبي أمل، يأتي ويذهب
لكن لن أودعه ..!!

لـ محمـود درويـش



،




شعور غريب ذلك الذي نشعر به عندما تتعلق انظارنا بوجوه لمحناها صدفة ..!!

شعور يعطيك ايماناً بأن تلك الوجوه لا تُنسى ..!!
لا تُمحى من ذاكرة القلب ..!!

شعور يغرقك في دوامة أسمها "خفقات قلب" ..!!

آآه يا عيناها ..
إن لعسلهما سحر قد انساه لذة النوم .. سحر عميق .. كأنه بئر لا قرار له ..!!

أصاحبات برك العسل لهن ذلك الصمت المهيب دوماً ..!!

أهن يحملن على الدوام هدوء يجعل من أرجاء الفؤاد ساحة صخب مجنونة ..!!

لمَ كانت صامتة ..!!
لمَ لمْ تعطه شرف سماع رنة صوتها العذب ..!!


آخ .. خفقات قلبه توجع أضلاعه .....!!!!


أخذ يناجي روحها باستجداء ..
يريد ان يلتقيها صدفة .. علّه يستطيع إخراج قلبه من وهم نسجه خياله ..!!!


أهو حقاً وهم يا يعقوب ..!!
أم حقيقة ..!!

لا يعرف، حقاً لا يعرف ...!!!!



تنهد بعمق وهو يحمل جهاز تحكم التلفاز ليغلقه .. ثم بدّل ملابسه وتعطر بكثافة قبل ان ينزل للطابق السفلي ..


خرجت والدته من المطبخ وهي تبتسم ابتسامتها الحنونة: ها حبيبي رقدت عدل ..؟؟

انحنى ابنها لـ يقبل رأسها هاتفاً بنظرة باسمة: هيه الحمدلله رقدت ..

أم يعقوب وهي تمسد ظهره بيدها الأيمن بحنان صرف: رقاد العافية يا عيون امايتك

يعقوب: ربي يعافيش يالغالية ويخليش إلنا

أم يعقوب بتساؤل: ها اشوفك لابس وكاشخ، على وين ..؟؟

أجاب وهو يلوي غترته ليلف بها رأسه امام المرأة: انا والشباب اليوم معزومين عند واحد من هل العين،
ما بتحير ان شاء الله .. بتعشى وبرد ..

عندما انزل يداه .. حدّق بـ "عصامته البيضاء" بنظرة رضا وثم استدار لوالدته ..

هزت أم يعقوب رأسها بإيجابية وقالت: الله يحفظك بحفظه، هالله هالله في الدرب ولا تسرع

يعقوب بابتسامة رجولية حنونة: إن شاء الله فديت قلبش ..
لا تمين روحش في البيت، خلي مريوم وعيالها أيون يقعدون وياش ..

أم يعقوب: فديت مريوم، أمبونها ما تقطعني وتييني كل يوم هي وفريخاتها

هتف يعقوب وهو يخرج: زين عيل، في امان الله

أم يعقوب: في أمان الكريم


.
.
.
.
.
.
.


العيـــــــن




جلست مع شقيقتها في صالة المنزل بعد أن انتهى الضجيج الذي اشتعل في ارجائه منذ الصباح الباكر ..

فأم سيف ذهبت مع والدتها ومعهن أم العنود والأطفال جميعاً للسوق ..

أما الفتيات حصة، ميرة، آمنة، العنود وشما فذهبن ليجلسن في غرفة شما ويتسامرن بأريحية وحرية تامة ..

مدّت أم سعيد فنجان القهوة لأختها .. وتنهدت بقلة حيلة ولسانها قد تغير بعفوية صرفة لـ لهجتها الحقيقية .. لهجة اهل رأس الخيمة:
يا موزة تعبت منها، كل حد اييها ترده، شو اسوي خبريني دخيلش ..!!


اجل ..
لقد نفذ صبرها من ابنتها العنيدة .. الكثير من العرسان تقدموا لخطبتها وهي لا تتوانى عن بث الإحباط في العائلة ما ان تعلن رفضها لهم بأسباب غير مقنعة البتة ..!!!

لم تبهجهم هذه الشماء سوى مرة .. مرة واحدة وذلك بعد سنين عدة من حكاية رفضها لـ سلطان والتي سبّبت جفاءاً/بروداً غير ملموسان بين عائلتي سلطان وعائلتهم .. رفض ابنتهم لـ "ذلك العزيز على قلوبهم" جعلهم بغير قصد يخمدون حقيقة انه في يوم من الأيام طرق بابهم "للقُرب" ..!!!

ابهجتهم فقط عندما قبلت مرة بـ ذلك الرجل الذي تركها فيما بعد لأجل حبيبته التي رفضت عائلته مسبقاً ارتباطه بها لأنها ليست من عشيرتهم ..
لا احد يتذكر اسم الخاطب حتى لأن الأمر مرّ عليه سنين ..!!!!

لكن الجميع حمد الله ان الرجل اظهر نواياه الخفية وفسخ الخطبة قبل موعد الزفاف بشهر ونصف ..


واعترفت انها لمحت طيف الارتياح/السرور بعينا ابنتها وكأنها لم تصدق حُسن حظها ...!!!!
حتى انها لم تغضب ولم تستاء .. الا انها ما زالت نادمة على موافقتها عليه لأنها تشعر انها انزلت من قدرها الكثير ..!!!!


اخرجتها شقيقتها موزة (أم محمد) من دوامة فكرها بأن قالت بصرامة: وانتو شحقه معطينها الخيط والمخيط يا لطيفة، اسمحيلي لجنه بوسعيد مبزنها من الخاطر، خلاص البنية اكبرت كم بتم يالسة عندكم بليا ريل ..!!!

وبتهكم امرأة عجوز اردفت بحدة بعد أن ارتشفت قهوتها: شما أول بنية من هلنا اتم لهالعمر بليا ريل، منقود عندنا يا ختيه منقود ..

أم سعيد بحزن: دبريلي صرفة موزوه، شميم عنيدة ولا ما بغت شي ما بتسويه ولا بتسمع شور أحد ..

هتفت أم محمد بسرعة وكأنها تذكرت امر ما: ما خبرتش .. ترى مخلفة عذيج شافت بنتش في عرس أمينة ودشت خاطرها .. وقالت جلام منيه مناك وفهمت انها تبا شميم حق ولدها ..

تنهدت أم سعيد وقالت بعزم أظهرته بقوة: خل يقربون، واللي فيه النصيب الله يجدمه ..

وتابعت بـ عبوس/وعيد: ولو الريال ما ينعاب يا ويلها منيه لو ردته ..



.
.



في الطابق العلوي




تحولت غرفة شما في لمح البصر من غرفة ذات أُلق أنثوي باعث للهدوء والسكينة إلى ساحة معركة هوجاء


صاحت ميره بصوت عالي غاضب معترض وهي تمسك موزة التي تضحك بصمت: قلتلج موزانه بترقد عننننديه انااااااا

حصة بذات غضب شقيقتها: موزوووه رقدت عندج المرة اللي طااااااافت .. دوري الحييييين

ميره باعتراض طفولي: مابا مابا، أصلا موزه ما تحب ترقد الا عنديه انا الشيخة ميره ..

ضحكت حصة باستهزاء: ها ها ها خفي علينا يا الملكة إليزابيث ..
قلتلج موزوه ما بترقد الا عنديه انااااااا ..


آمنة بصراخ: بسسسسسسسسسس انتي ويااااااها حشى، ميروه شلي ايدج عن البنية كسرتي ايدهااااااا

العنود بضحكة رنانة وعفوية: هههههههههههههههه موزانة لو فيها لسان جان زعجت عليكن انتن الثنتين


حل الصمت الجارف مقلتي عيني موزة التي بلعت غصة تكورت في صدرها ...

نظر الجميع للعنود ثم لموزة وقد استنتجن أن موزة قد أخذت المزاح بحساسية آلمت قلبها ...!!!!

قرصت آمنة فخذ العنود لتنبهها بما تفوهت به

تلعثمت العنود ما ان استوعبت ما قالته .. وقالت بنبرة مُحرجة/مرتبكة: أ أ أ آسفة موزانه هب قصدي والله
انا بس كنت أقووول .....

قاطعتها شما التي أمسكت يد موزه وقالت بابتسامة حلوة لتخفف الأجواء المتكهربة: موزانه لو ما فيها لسان ترى عندها ايد وتعرف تخبرنا باللي تباه ...
وتابعت بذات ابتسامتها التي اصبح اكثر رقة: موزوووووه منو اللي بيبات عند شوشو اليوووووم ...؟!!

أجبرت موزه نفسها على الابتسام كي تخفف التوتر، فهي موقنة بأن ابنة عمتها العنود لم تقصد جرحها ابداً
ولكن نفسيتها التي اتسمت بالحساسية في آخر السنين هي من تقودها للغرق في بحر الحزن أكثر فأكثر ..

أشرت بيدها لنفسها: انااااا ..


شما: واااايه يعلني افدا هالعيووووون ..

اقتربت العنود من موزه وضميرها يأنبها على لسانها الذي انفلت بغير قصد .. وقالت بحزن/أسف:
آسفة موزانة والله هب قصدي
جيه ظهرت من ثميه ..

مسكت موزة يد العنود وأشرت بابتسامة ناعمة: عادي العنود حبيبتي، ادري انه هب قصدج


زمت ميرة شفتيها بتهكم: طاعوووو .. موزوه ما تباني ولا تبا حصوه .. راحت عند حبيبة القلب شوشو

حصة بابتسامة حنونة: هيه والله ما يبونا

اجابتهم موزة بيديها وعيناها أصبحتا لامعتين ضاحكتين: ما عاش اللي ما يباكم، خلاص المرة الياية انتن ان شاء الله

أخرجت شما طرف لسانها بطفولية وقالت بنبرة ماكرة تغيظ بها بنات اخيها:
هههههههههههههاي موووتن من الغيييييظ ..


.
.
.
.
.
.
.


دبـــــــــي



دخلت مهرة المنزل بابتسامة كبيرة دليل قضائها يوم جميل وممتع لأبعد حد ..
وبنبرة عالية هتفت قبل أن تقبل رأس جدها: هاااااااي جراند باااا ..

أبا عبيد بتهكم مبحوح: اشووه جراند با هاي بعد ..!!! ارمسي شرا العرب لمرغج بالعصاا

وضعت مهرة يدها على خدها وبتفكه تمثيلي: أوووه ماي قاااااد ... شحقه يديه انته جاسي جيه ..!!

أبا عبيد بذات تهكمه: اوهووو ردت تلوي ثمها هالهرمة ... اصطلبي يا مهروووه

مهرة بضحكة شقية: هههههههههههههههه زين زين خلاص



دخل كالعاصفة المدمرة ووجهه لا يُفسر من شدة صمته ...... "المُرعب" ...!!!

قطبت مهرة حاجبيها مستغربةً من حال شقيقها
فهو منذ أن خرجوا من العين وهو صامت بشكل غريب يبعث الاضطراب والارتباك في الأجواء ..!!!

في الحقيقة، فلاح ليس بالشخص الذي يتحدث كثيراً ويمزح ويضحك مثل نهيان وحمد أشقائها، الا ان صمته يكون طبيعياً وهادئاً ...
لكن هذه المرة صمته أجوف مُريب أخفى معالم وجهه السمحة.. وكأنه ......
وكأنه غاضباً من امرٍ ما ......!!!



نادته والدته والاستغراب اجتاح عقلها هي الأخرى: فلاح وين ساير ..!!
ما بتتعشى ..!!!


رد فلاح ونظرة عينيه غدت كغيمة تشع سواداً غريباً: لا علني افداج بسير اتسبح .. وخلاف بظهر مع الشباب بنتعشى برع ..

انتهى من حديثه المقتضب وصعد درج المنزل سلمين سلمين باستعجال وبخطوات رشيقة ... مُنقضّة ..



وبعد أن أغلق باب غرفته عليه بقوة ..... قال بفحيح غاضب/مُهان: انا ينقالي جيييييييه ..!!!
فلاح بن عبيييييد ينقاله خسارة الشنب فيييييييييك ...!!!
بنية لا راحت ولا ردت تهينك يا فلااااااااااااح ..!!
منو هي عسب جيه ترمسنيييي ..!!
منووووووه ...!!!!
والله ما بيبرد افواديه يلين ماردها لج الدبل يا بنت ابووووووج ...


.
.
.
.
.
.
.


اسبانيــــا
قرطبــة




كان وحيداً يتمشى بمحاذاة النهر والبدر كقرص متوهج منير يبهر الناظرين بلؤلؤية نوره ..
كان غارقاً في أفكاره وفي حياته بماضيه وحاضره قبل ان ينقذه من غرقه صوت رنين هاتفه ..

التقطه بخفة ثم ابتسم بسمة صغيرة تخللها حنين بالغ: هلا والله بريحة بلاديه ..
هلا باللي لهم القلب يشتاااااق ويحن .. هلا بالعم الغالي بومييد ..


رد سلطان بفخامة وقد لانت تقاطيع وجهه بشكل دافئ: هلا بك زوووود يا بوهامل، ترى البلاد تصيح تباكم
وانتو تجربون غلاتكم عندهااا ..

ذياب بشجن/حنين باسم: علني افدا تراب بلاديه وداريه ومربايه ..
راديلها ان شاء الله عقب كم يوم ..

سلطان بحزم دافئ: تردون بالسلامة ان شاء الله

ذياب بنظرة باسمة: الله يسلمك من كل شر وعوق ..
وأردف قائلاً: خبرني عميه شحالكم شعلومكم .. ؟!!

سلطان: والله كلنا بخير وصحة وعافية ما نشكي باس ابد ..
انت شحالك وشحال الناعم ..؟؟

ذياب بابتسامة جذابة: انا والله طيب الحمدلله، والناعم تشقح وتنطح ما شاء الله وتصيح تبا ترد البلاد خلاص ..

سلطان بضحكة خفيفة: هههههههههههههههه شعنه ..!!! هب هي اللي تمت سنين تحن علينا تبا تسافر اسبانيا وتشوف حضارة الاندلس على قولتها ..!!!

ذياب بذات ضحكة عمه: ههههههههههههههه اونها تقول توني عرفت جيمة هوا بلاديه ..

سلطان بضحكة أقوى: ههههههههههههههههههههههههه ههه يعلج العافية يا نعوم ..

صمت ونظرته تغيمت بالشوق العاتي .. وهمس بنبرة دافئة صادقة حد الوجع: اسمينيه ولهان على خبالها


.
.
.
.
.
.
.


العيـــــــــن



فتحت جهاز التكييف وأخفضت درجة حرارته لأقل درجة، وذلك حرصاً على راحة زوجها الذي كان يعاني من مرض الإم إس "التصلب اللويحي"، فالمصابون بهذا المرض يجب أن يُهيئ لهم البيئة المناسبة لتلقّي الراحة والنوم الكافي تجنباً للأعياء والنوبات المفاجئة ..

جهزت كوب الماء والأدوية وعطرت أجواء الغرفة بمعطر الجو ذو رائحة اللافندر المنعشة ..

خرج زوجها من الحمام وهو يمسح رأسه بمنشفة صغيرة، وبنبرة باسمة لعوبة: ناقصني مساج وبيكتمل الجو المغري هذا

ضحكت العنود بخفة خجولة .. وقالت بتغنج يقطر شهداً مفعماً بالجرأة: بس مسااااااااج ..!!

اتسعت عين سيف بذهول مُضحك ثم قال: اوه اوه اوه شو هالجرأة اللي نزلت علييييج

ضحكت العنود بذات الغنج الذي يجعل من أنفاس سيف تثقل: هههههههههههههههه نتعلم منك يا استاااااذ ..

امسك سيف خصر العنود وجرها الى صدره بقوة حانية، ثم أمسك ذقنها ونظر بهيام موجع لعيناها المتفجرتان بعشق خجول:
ولهت عليج العنيدي ..


أصبحت انفاسها تجري بين قصباتها الهوائية "بثقل" .... وخفقاتها اغتنمت الفرصة ورقصت بجنون مسببةً "ارتجاجاً عنيفاً في اضلاعها ..!!!

لطالما عشقت هذا الاسم من شفتيه المثيرتين ..!!

تحبـــــه ...... وتحب عشقه الرجولي المثقل بالشغف ..!!!!


عضت شفتها السفلية بخجل مرتبك لم تستطع تمالكه ....

الا انه ازاح شفتيها عن براثن اسنانها اللؤلؤية ومسح برقة عليهما محدقاً بها بافتتان مشتعل ...

وهتف من بين نظراته الشغوفة البراقة: قولي وانا ولهت عليك يا قلب العنيدي ..

ضحكت وهي تنزل رأسها بعذوبة ... فـ سيف لا يترك عادته بأن يطلب منها ما يريد ان يسمع .. صحيح إنه رجلٌ قليل الكلام ..

ولكنه شغــــوف ..
شغــــــــوف حد اللامعقــــــــــول ...!!!

والرجل الشغوف هو من يُخرج ما في قلبه من كلمات نابضة في الأوقات الأقصى عذوبةً/شاعريةً/هياماً/سحراً ..!!

همست بخفوت خجول "يدمر بسهولة جلادة عاطفته الرجولية": وانا ولهت عليك يا قلب العنيدي ..


.
.
.
.
.
.
.



أبوظبــــــي



أشرقت شمس صباح السبت .. لتعلن للكل مـولد يوم جديـد
فيــه الخيـــر ..... وفيــه الشــر
فهكذا هي الحيــــــاة ..!! .... ببياضهـــا وســـوادهــــا



حياتها تمشي رتيبة وتدور كآلة عتيقة تدق القمح بلا توقف وهوادة ....
واليوم وعلى سبيل التغيير "الذي لا يتغير حقيقةً" .. اتصلت بإحدى صديقتها المقربات لتقتل فراغ الوقت لا أكثر

هتفت بضجر وتأفف: اف سارووه والله ملل، خطفي عليه خل نروح المارينا ..

سارة بضحكة خبيثة: هههههههههه ليش يزوي اعترفي .. تبين اطيحيلج صيده ايديدة ..!!

أليازية بابتسامة جانبية لعوبة: هههههههههه لا لا خلاص تبنا لله ..

سارة بتعجب مصطنع: يزوووووي اتّووووب ..!!!
لا لا ماصدددددق ..

أليازية بمكر باسم: تبين الصدق طحت على صيدة ما تطّوف .. وناوية أصيدها هالمرة بالحلال ههههههههههههه

سارة بدهشة عارمة: حللللللفي ..
وليش ما قلتيلي من زمااااان ..؟!!

أليازية ببسمة وقحة: خلج خلج بعيد، اخاف اذا شفتيه تخطفينه عني، اعرفج انتي ما تصدقين تشوفين ريال مزيووون ومريّش ..

ردت سارة بحقد وغيرة أخفتهما خلفة ضحكة خافتة: ههههههههههههه صدق مب هينة انتي ..
وأردفت بتساؤل: انزين ما خبرتينا منو هووو ...!!!

أليازية بنظرة ماكرة: نو نو نو ما بقوولج

سارة: افااا ليش عااد ..؟!

التمعت مقلتا أليازية بشغف وهي تتذكر عيناه اللتان افقدتاها صوابها: يوم آخذه بقولج منو هووو

لوت سارة فمها يميناً ويساراً بغيرة واضحة: انزين بنتريا شو ورانا ..

أليازية باستعجال: يلا يلا تلبسي بسرعة وخطفي عليه ..

سارة: زين يلا باي

أليازية: باااااااااي


أقفلت الخط وأخذت تفكر بخطط جديدة توقع بها ذلك القاسي العنيد الذي يقاوم جمالها الساحر
جمال هي ذاتها تدرك تأثيره الشديد على جنس آدم أجمع ..!!


لم تتوانى عن كتابة الرسالة التي أتت في بالها فجأة:
" أبا امتنع والقلب ماهو بمطواع ..متولع في حب زين الشباب"


.
.
.
.
.
.
.


العيـــــــــن



كفراشة بين حقول الورد كانت شما تمشي وتسقي الورد بعناية وحرص وكأنهن بناتها اللاتي "لم تحظى بهن" ..

أتت موزة لها باسمة وفي يديها كوبان من القهوة، أعطت شما كوب قوتها وجلست هي على العشب لترتشف قهوتها بهدوء ناعم بينما عيناها تراقبان ابنة خالة أبيها وهي تسقي الورد والنباتات ..


وضعت موزة كوبها على العشب الرطب وثم وقفت ولكزت كتف شما كي تنتبه لها ..

التفتت شما لـ موزة باستغراب باسم قبل ان تأشر الأخرى بيدها بحركة معينة .. فردت شما بحماس منتعش: تبين تسقين معااايه ..؟؟

هزت موزة رأسها بـ اجل .. وثغرها يشرق ببسمة جميلة ملؤها النشاط ..

أشرت شما بيديها لرشاش الماء القريب من المطبخ الخارجي وقالت: هاذوه هوز الماي بس لازم تبطلينه من الولف اللي صوب بيت الكهربا ..

هزت موزة رأسها .. وذهبت لتفتح الماء وقضت وقتها في سقي الورود والأشجار مع شما ..


في الحقيقة .. ما فعلته كان موجعاً لذكريات عقلها التي تدق بقسوة أبواب قلبها الصغير ..

فهي كانت معتادة في الماضي أن تخرج مع والدتها لحديقة المنزل وتسقي الزرع والأشجار كما الآن تماماً

تنهدت لتُجلي غصة خنقتها في غفلة منها ..!!!

ثم قالت لشما وهي تأشر بيديها: شما بقولج شي ..؟؟

هتفت شما بروح باسمة: قوليلي يا عيون شما

موزة ونظرتها المترددة بدأت بالوثوب بثقة تامة: البارحة قبل لا نرقد .. رمسنا عن حالتي
وعن اني ما اروح اتعالج هالفترة ..

ردت شما باهتمام وهي تضع بخاخها الذي لم يفارقها منذ سنين: هيه رمسنا عن هالشي

موزة بتردد خجول أخذت تأشر: وانا ابا ارد اتعالج .. بس عند دكتورة ثانية .. هاذي ما ارتاحلها ..

هتفت شما بابتسامة متسعة وسعادة لا توصف: حبيييبتي موزاااانه والله فرحتيني بكلامج هذاا

وأردفت وهي تحضنها بخفة ممتلئة بالعاطفة: صدقيني يا موزه الحياة حلوة، والانسان لازم يعيشها بطولها وعرضها،
رب العالمين حطج في اختبار لأنه يحبج، وصوتج راح نتيجة هالشي ..!!

لكن نحن كمؤمنين باللي كتبه ربنا عز وجل لازم نتجاوز اللي نمر فيه بروح قوية ..
دوم رددي الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك

ربنا سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم:
" وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ "

هاي الدنيا دار بلاء واختبار، ونحن لو واجهتنا مصايب لازم نواجهها ونعديها بكل عزيمة وايمان

صح كلامي يا موزة ولا انا غلطانة..؟؟!!!


ابتسمت موزة كما لم تبتسم ابداً بتلك الهالة المفعمة بالنور من قبل وأشرت: صح .. يزاج الله خير ..


.
.
.
.
.
.
.


في مكــــان بعيـــــد
جغرافيــــاً




طُرق الباب بخفة ليفتحه له حارسان أثنان ضخمان كضخامة الثور حاملان أسلحة مخيفة بين ذراعيهما .. ويلبسان واقيات ضد الرصاص على صدروهم ..


دخل وهو يعدل نظارته ذات الإطار الأخضر الفسفوري بابتسامة بلهاء تنم عن جزعه/ارتباكه حاملاً حقيبة عملية سوداء فيها أجهزته التي لا يذهب لمكان بدونها ..

وبإنجليزية تخللتها لكنة الهنود قال بارتباك: صباح الخير أيها السادة ..

حدّق به رجل ذو شعر خفيف، جسد ممتلئ وقصير القامة بنظرة ثاقبة متفحصة وقال بإنجليزية قوية تخللتها مكر متلاعب:
صباح الخير .. أهلاً بك أهلاً بك
أني أتوقع بأنك لاكشمي جانجوس الملقب بـ الشيفرة العفريت ..

رد الشاب الهندي بذات ارتباكه وهو يضحك بتكلف: اووه انه لشرف كبير لي أن رجل بمكانتك المرموقة والصيت العالي يناديني بـ لقبي الشهير ..

تابع الرجل ذو الجسد الممتلئ بابتسامة جانبية ماكرة: كيف لا أعرف إبن موكيش جانجوس صاحب أكبر شركة حديد وصلب في الهند واوروبا ..!!!

وأضاف وهو يشعل سيجارته المتينة بغطرسة شديدة: لا تنسى أيها العفريت بأني فليمون كوستوبولوس صاحب أكبر قاعدة بيانات في العالم، وأستطيع بثانية واحدة اخراج نسل عشيرة جدتك لأقدم جد لها ..


قاطعه رجل آخر بنزق ونظرته الفاحصة المستكشفة تنتقل للشاب الهندي: حسنا فلندع الأحاديث الجانبية في ركن ولندخل في صلب الموضوع ..
أومئ بأدب متقن وأضاف: أهلا بك لاكي، كنا بانتظارك ..

أردف وهو يأشر بيمينه على السادة: أحب أن أعرفك على السادة الحاضرين

فليمون بتهكم مغتاظ: اووووه أنت هكذا دائماً يا ديرفس، تحب دوماً مقاطعة بهجتي في التعريف عن مجدي العريق ..
يالكم من نزقين حاقدين أيها الأتراك ..!!!

رمق ديرفس فليمون نظرة جانبية قاسية .. قاسية كطباع الأتراك العتيقة المعروفة والذي هو منهم ..

صمت فليمون بامتعاض ليردف هو بصرامة هادئة: أعرفك يا لاكي على أندريه ديلون ذراعي الأيمن وهو رجل فرنسي بحت خُلق للمهمات الصعبة ..

أومئ آندي برأسه ونظرة خبيثة دائمة تعلو مقلتيه: أهلا بك لاكي بيننا .. يمكنك مناداتي بـ آندي ..

لاكي بابتسامة مرتبكة: اهلا بك يا آندي

وضع ديرفس رجل على رجل وأشعل هو الآخر سيجارته: فلتجلس يا لاكي لمَ أنت واقف ..؟؟

جلس لاكي بعد أن ازاح أحد الحراس الكرسي له ..

اردف ديرفس حديثه بصوته الغليظ الرنان المُخيف "رغم برودته الشديدة": حسناً .. وهذا هو السيد جون ميركن صاحب مجموعة ميركن القابضة الذي يملك أغلب المنشآت المعمارية في استراليا وجنوب افريقيا ..

أومئ لاكي برأسه احتراماً لرجل الأعمال الذي قال بدوره: مرحبا بك أيها العفريت بيننا ..

رد لاكي: مرحبا سيدي أنه شرف كبير لي تواجدي بينكم ..

تابع ديرفس وهو يأشر على الثالث بابتسامة هذه المرة: وهذا هو السيد أبومرشد، صديقنا المقرب وحليفنا الذي ينسق أمورنا في الإمارات والخليج بشكل عام ..

أبا مرشد بنظرة فاحصة ملؤها التحفظ/الحذر: أهلا بك لاكي ..

لاكي: أهلا بك سيد أبومرشد

هتف ديرفس بنبرة خشنة وهو يشرب مشروبه الروحي ببطء يبعث البرودة والتوتر في الأجواء: ولدينا شريك مصري لم يأتي بسبب الأوضاع السياسية والأمنية الحالية في بلاده ..

صمت وهو ينفث دخان سيجارته .. ثم هتف باقتضاب وهو يؤشر على الرجل السمين: أما هذا فهو السيد فليمون كما عرف بنفسه سابقاً


.
.
.
.
.
.
.



أبوظبـــــي




دخل بسرعة الصقر لغرفة عمليات المراقبة وهو يهتف بحزم شديد: ها فيصل بشر ..
شو صار ..!!
هتف فيصل وهو يعدل سماعات المراقبة وعيناه على الشاشة الضخمة التي أمامه: الامور تمام التمام وكل شي يتسجل الحينه ..
ويوم تيينا الإشارة بنحول التصوير لزاوية ثانية عسب نصور كل ويوه الموجودين

سلطان بحزم قوي: زين زين حلو يعطيك العافية

رد فيصل وهو ينسق درجة ارتفاع الأصوات والحدة والضخامة: الله يعافيك بومييد واجبنا


قطع مراقبتهم صوت رنين هاتف سلطان .. التقطه بخفة ورد بحزم مسيطر: السلام عليكم بوراشد
..
سلطان: هيه نعم الأمور كلها في السليم وقاعدين حالياً نراقب الاجتماع كله
..
سلطان بحزم: هيه أكدت على كل الأطراف ما يسوون شي بليا شوريه قبل
..
سأل سلطان باستغراب: بوراشد العميل 522 خبير أكثر في هالأمور كيف يرد البلاد هالوقت ..؟!
..
وبثقة بالغة أجاب سلطان: وانا واثق من هالشي سيدي ..
..
سلطان: على خير ان شاء الله، خلاص انا ببلغه بنفسي
..
سلطان: مع السلامة، بحفظ الرحمن ..



وبنبرة أمر لا تقبل النقاش هتف سلطان لـ فيصل: فيصل قول حق سعيد خل يحولني على رقم العميل 522

هتف فيصل بتلبية تامة: تم سيدي، الحينه بخبره


.
.
.
.
.
.
.


دبـــــــي




كان الجميع مجتمع في صالة المنزل والأحاديث تجري مجراها بأريحية وعذوبة متفجرة بجو عائلي جميل


قالت أم نهيان بنبرة حب/حنان: ناقصنا نهيان والله

مهرة بـ عبوس ملؤه الشوق: هيه والله ولهنا عليه الدب

هتف أبا نهيان بتساؤل وهو يلتفت لـ فلاح: متى قلتلي طيارة نهيان ..؟؟!!

فلاح وهو يشرب قهوته: باجر ان شاء الله الساعة 2 توقيتنا

أم نهيان بتهكم أمومي: شحقه ما خليتني ارمسه يوم اتصلبك مساعه ..؟؟!

هز فلاح كتفيه وبنبرة ثقيلة هادئة اجاب: اماية كنتي راقدة، كيف تبيني اوعيج ..؟!

تأففت أم نهيان بشوق كبير وبذات التهكم قالت: وهالولد ما يدق إلا في اوقات غلط ..؟!

مهرة بابتسامة اتسعت على مصراعيها: ياااااااااي بزهب عمريه حق الصووغه ..
(الصوغه = هدايا السفر)

وصفقت بتشوق قائلةً: إن شاء الله يايبلي شي غااااوي ..

الجد أبا عبيد وهو يلكزها بعصاته: اخخ عليييج .. تتريين الصوغه ما تتريين اخوج هااا ..!!

ضحكت مهرة بشقاوة: هههههههههههههههههه فديتني طفسه من يومي ..


نظر أبا نهيان لوالده وقال: أبويه متى ناوي تسير صوب هل العين ..؟!

أبا عبيد بصوت مبحوح: تبا الصدق باجر في خاطريه نسير ..

وألتفت لحمد .. وقال بحزم بالغ: شو الراي حمد ..!! تودينا انت ..؟!!


فز قلب حمد بعنف ........ ولا يعرف في الحقيقة لمَ ...!!
أم هو يعرف ويأبى مصارحة ذاته بـ هيامه المجنون بوضع قناع السذاجة على روحه ...!!!!


تنحنح بثقل ثم قال بنبرة حب واحترام تام: الموتر وراعي الموتر كلهم تحت أمرك يا بوعبيد ..


من جانب آخر،
فهناك شخصاً قد تجمدت أصابع رجليه بغضب وأعصاب منفلتة وهو يتذكر مالا يريد تذكره ..!!

فهو أصبح ما إن يسمع كلمة "العين"، حتى يأتي في مخيلته تلك، صاحبة اللسان الأعوج المُستفز والذي يرغب بقطعه من جذوره حتى لا يبقى له أي اثر ..!!!!

وحمد الله أن جده طلب من حمد وليس منه أن يوصلهم لهناك

أبا عبيد بحزم ظهر مع صوته المبحوح على الدوام: خلاص عيل بالباجر العصر بنحرك ان شاء الله ..


.
.
.
.
.
.
.


رأس الخيمة



كان أمام سيارته يفحصها بسرعة قبل أن يدخلها لوكالة السيارات ليعملوا لها فحص شامل ..

أتاه ابن شقيقته ذو النسخة المصغرة منه وهو يركض ويصرخ بحماس طفولي: خالييييه خالييييييييييه
خاليييييه يئكوووووب ..

ابتسم يعقوب بحنان/بتفكه ومازال رأسه مخبأ تحت غطاء السيارة الأمامي: خاليه يئكوب محد
بح اختفى ..

ضحك الولد بطفولية لذيذة وهو يعارض خاله: لا خاليه هنيه ..

أنزل يعقوب غطاء السيارة وأغلقه ثم مسح كفاه ببعضهما وقال بدفء: ها يويو شو تبا ..؟!!

يعقوب الصغير وهو يحك رأسه: اوووه نسييييت
اممممممم ماعرف خاليه يئكوب نسيت ..

حمل يعقوب ابن شقيقته وقال بضحكة خفيفة: هههههههههههه افااااا صابك الزهايمر على صغر يا بويوسف ..!!!

سأل يعقوب الصغير وهو يقطب حاجبه بتعجب: شو يعني زهايمر خاليه ..

ابتسم يعقوب الكبير ابتسامة أكبر وقال: الزهايمر هذا مرض الله يكفيك شره يالشيبه ..


دخل المنزل وهو يعض ذراع ابن شقيقته بمزاح .. ثم أنزله حيث كانت والدته جالسة تماماً
وقال: منو مطرشلي هالشيبة ..؟؟!!

أم يعقوب الصغير (مريم) ببسمة ناعمة: انا مطرشتنه، بغيتك تتصل على الدريول اييب غريضات من بيتي

يعقوب وهو يقطب حاجبه: جيه ..!! ما عندش رقمه ..؟!!
(جيه هنا تعني لماذا)

رد مريم وهو تبدل لأبنتها الكبرى ملابسها: لا والله مب مخزنه رقمه في الآيفون، مخزنتنه في البلاك بيري بس
والبلاك بيري في البيت ناستنه

يعقوب وهو يخرج هاتفه ليتصل بالسائق: اوكي بتصلبه الحينه


بعد أن هاتف السائق وأمره بجلب أغراض من منزل مريم، وضع هاتفه في جيبه وجلس بالقرب من شقيقته

وبتردد بان مع تحركه الدائم في جلسته هتف: امممممم مريم

مريم بنبرة حنونة: لبيه
يعقوب بابتسامة مرتبكة: لبيتي حايه ياربي
امممممممم بنشدش عن شي، بس حاب هالموضوع يكون بيني وبينش
(بنشدش = اريد ان اسألك)
وبقولش اياه بسرعة الحينه قبل لا ترد امايه من المطبخ

قطبت مريم حاجبها بقلق: خير يعقوب روعتني، مستوي شي انا مادريبه ..؟؟!!

هز يعقوب رأسه بـ لا وهو يطمئنها بتوتر: لا لا لا مب مستوي شي الحمدلله
بس شسمه، امممممممممم
ماعرف كيف اقولش عن الشي بصراحة ..

حدّقت به مريم بنظرة متفحصة .. ثم هتفت بهدوء كي تحثه على الحديث من غير ارتباك: قول يعقوب لا تستحي

رغماُ عنه شعر بالخجل .. الا انه تنحنح بخشونة وقال: والله ماعرف من وين ابدا لش السالفة

مريم بابتسامة دافئة مُهتمة: ابدا من المكان اللي تباه
اسمعك يلا


بدأ يعقوب يحكي لها بحذر وارتباك الموقف الذي جرى له مع الفتاة ذان العيون العسلية .. وكل ما كان يتمناه في الحقيقة، هو أن يعرف هويتها ما إذ كانت مريم تعرفها أو تعرف مكان منزلها ...


مريم بابتسامة خبيثة لعوبة: يا ووويل حالك يا يعقوووب، طحت ومحد سمى علييييك

يعقوب بابتسامة مرتبكة ببشدة: لا تفهميني غلط مريومة، أنا من شفتها وهي محتلة تفكيري وايد
خاطريه اعرف منو هي ..

هدأت مريم من وتيرة خبث بسمتها .. وقالت بنبرة اكثر تعقلاً/تفهماً: اكيد ما بظن فيك ظن السوء فديتك، اعرفك حشيم وما ترضى بالشين ابد

وأردفت وهي تفكر: اممممممم والله يا خويه ماعرف بنية في الفريج عيونها عسلية، يمكن اللي شفتها من فريج ثاني

قطب يعقوب حاجبيه بخيبة امل: ماعرف والله يا مريوم، شسوي خبريني ..؟!!

صمتت مريم وظلت تفكر وتتذكر ما إذ لمحت في يوم فتاة في نفس مواصفات التي حكى عنها شقيقها

اتسعت عيناها بدهشة وهي تتذكر: متى شفتها قلتلي ..!!!!

يعقوب وخفقات قلبه بدأت تسبب ضجيجاً في سائر جسده: الأحد اللي طاااف

مريم بـ ذهول: لا يكون اللي شفتها موووووزه ..!!

يعقوب وخفقاته في ازدياد .. واشتعال: منو موووووزه ..؟؟

مريم: موزة بنت محمد الـ....

اتسعت عيناه بدهشة: أخت حاااااااارب ..!!!

مريم: هيه أخت حارب
سيّرنا انا وامايه على أم محمد الأسبوع اللي طاف وشفناها عندهم
(سيّرنا على = ذهبنا الى)

دخلت أم يعقوب فجأة لتقطع عليهم حديثهم ..

أعطى يعقوب شقيقته نظرة حادة ذات معنى كي تصمت وتغيّر مجرى الموضوع .. فهمت مريم نظرة شقيقها وقالت بمشاكسة لطيفة: هلا والله بالغراشيب هلاااا ..

ابتسمت أم يعقوب بتهكم رقيق: اي غراشيب يا بنت الحلال، خلاص راحت علينااااا ..

قال يعقوب وهو يحضن كتفي والدته بـ ود بالغ: امبونه الزين الا من عقبش يا ام يعقوب ..

ردت أم يعقوب بضحكة مبحوحة وهي تعدل برقعها: ههههههههههههه حيها اللي بتظويك
(بتظويك بمعنى تحوز عليك/تنولك)

بتاخذلها اللي يمزر افوادها بالرمسة الغااااويه ..
(يمزر = يُملئ)


.
.
.
.
.
.
.



العيـــــــــن




كانت هادئة على غير عادتها وهو يراقب تحركاتها الرشيقة من الكرسي للسرير للتلفاز للحمام، حتى تنظيفها للغرفة أخذ مسار غير مساره المعتاد، كانت تنظف بكآبة واضحة وعيناها شاردتان لنقطة غير واضحة بتاتاً

قال وهو يقطب حاجبيه بتساؤل قلق: أمون حبيبي بلاج ؟
تعبانة ..؟؟؟

جفلت آمنة وهي تستفيق من شرودها .. وبنظرة باتت كقطعة جليد همست: لا لا ما فيّه شي

وأكملت عملها بهدوء كالسابق لكن الشك في روح بطي ازداد وقلقه تمرد عليه ..!!!

وحتى يتناسى حالة زوجته الغريبة، أمسك هاتفه وأخذ يقرأ الرسائل التي وصلته عن طريق الواتس آب

وفجأة ضحك ضحكة رنانة

التفتت إليه آمنة بحدة .. ونظرة عيناها اهتزت من الشك/التوتر .. وبنبرة تخللتها حدة غريبة هتفت: ترمس منوووو ..؟!!

رد عليها بطي غير مدركاً لحدة صوتها ومقصد ما قالته: هههههههههههههههه حسبي الله على بليسك يا أحمدوه، سمعي سمعي شو مطرش ..

"المفروض إذا واحد بيطلب أكل واللي معاه قالوا مانبا
يخليهم يوقعون تعهد
"(أقر أنا الموقع أدناه بأني لا أريد أن آكل ولن أنقنق معك)

هههههههههههههههههههههههه على فكرة هاي نغزة، ونحن صغاريه كنت دوم آكل اللي يطلبه من الدكان
سبحان الله ما ارتاح الا يوم اكل اللي هو يطلبه واطعم منه شويه ههههههههههههههههههه

ابتسمت آمنة ببرود على فكاهة زوجها وقالت: ها اسمع طمع وطفاسه ..

ما زال الضحك يلمع بعينا زوجها من الذي قرأه وظل يتصفح هاتفه إلى أن تجهم وجهه كلياً ..!!!


وقال في نفسه التي اشتعلت من الغيظ وهو يقرأ رسالة نصية اُرسلت له في الصباح:
هاي متى بتحل عن سماااااااااااي ..!!!!
افففففففففففففف ..
حسبي الله ونعم الوكيييييل ..


ألقى هاتفه على الطاولة بانفعال واضح وخرج وهو يقول: بيلس عند ابويه شوي قبل لا اروح بوظبي

خرج بينما انتقلت فجأة نظرة آمنة لهاتفه بذات برودها الذي تخلله شك وريبة ..

ولا تعرف كيف وقفت على قدميها واقتربت من الطاولة .. وامسكت هاتفه ..!!!

لا ..
ليس لها الحق ابداً بأن تتصرف بطفولية غبية وتترك الغيرة والشك المريض يتحكمان برجاحة عقلها ..!!!!

تأففت بقهر وهي تتعوذ من الشيطان علّها تزيح عن بالها وساوس لن تتركها الا تعيسة ويائسة ..!!!


وقبل أن تتراجع لتعود الى أعمال التنظيف، سمعت رنين هاتف زوجها يصدح ارجاء الغرفة، ما إن اخفضت عيناها لترى المتصل بعفوية تامة حتى تراجعت للخلف وقلبها بدأ يشتعل كالجمر ..!!!


فهي عرفت وميزت بذكاء تام الرقم المميز الذي تكرر كثيراً في هاتفه والرسائل الغرامية المرسلة إليه ..!!!

لا تعرف ماذا حل بها ..!!

أتغلق مسامعها عن رنين الهاتف وتذهب وكأن شيئاً لم يحدث ..!!

أم ترد وتكتشف بنفسها الذي يحصل وراء ظهرها ..!!

مرت الثواني وعقلها يتحرك ويترنح بأفكار مجنونة غير مفهومة إلى أن صمت الهاتف لوحده معلناً استسلام الاتصال ..!!!

تحول فجأة برودها لغضب لا تستطيع وصفه

هي غاضبة
غاضبة
غاضبة

والويل لمن يتجرأ ويلمس بكلامه طرف عقلها "المجنون حالياً" ..!!!


دخل في تلك اللحظة أطفالها خويدم وسلطان الغرفة وصراخهم العالي يضج أنحاء الغرفة

خويدم بصراخ وهو يشتكي من أخيه: ماماااااا شوفي سلطون ياكل كييييك

سلطان بخوف: ما كلت ماما يقص عليج خدوم

خويدم بغضب طفولي: لا تجذب، اللي يجذب يروح النار

قالت آمنة بحدة وهي تحاول كبح لجام غضبها: كلت يا سلطان كيك ولا ماا كلت ..؟؟!

تلعثم سلطان بجزع وهو يختبئ وراء شقيقه الكبير: كـ كـ كلت لقمة وحدة بس والله ..

آمنة بصراخ عاتٍ جعل من أرجل أطفالها ترتجف من فرط الرعب: انت شححححقه ما تسسسمع الرمسسسسة هاااااا ...!!!
قلتلك ألفففف مرة الكييييك ما يوالمك لاااااا تااااكله ..


كان سلطان يعاني من حساسية مفرطة من بياض البيض، فأي طعام فيه بياض البيض كان يسبب له طفح جلدي وصعوبة شديدة في التنفس تؤدي احياناً للاختناق ..!!


بكى سلطان خوفاً من صراخ والدته وقال بنبرة باكية مرتجفة: كـ كـ كلهم كانوا ياكلون كيك، ليش انا لااااااا

وظل يبكي خلف شقيقه الذي حاول كبح دموعه المرتعبة هو الآخر ..

وضعت آمنة يدها المرتعشة من فرط الغضب على جبهتها وهي تتعوذ من الشيطان ..

قطبت حاجبيها وقالت بنبرة حادة ولكن منخفضة: مرة ثانية ما تاكل أي شي من غير ما تخبرني ساامع يا سلطااان ..؟!!!

قال سلطان بشهقة باكية وهو يمسح دموعه بظاهر كفيه: زين ماما

تنهدت بعمق .. ولامت نفسها على انفعالها الشديد وسكب نيران توترها/اضطراب على ولدها ..

فتحت ذراعاها بنظرة تتفجر حناناً ليركض سلطان ويرتمي في احضانها .. وقالت برقة شديدة: لو اصطكيت ولا حسيت جسمك يحكك خبرني زين ..؟!
(اصطكيت = شعرت بضيق في التنفس)

قال سلطان وهو يغوص في دفئ احضان والدته: زين

أشرت آمنة لـ خويدم ليجلس بقربها وقالت بذات دفئها: خويدم ماما انت الكبير المفروض ما تخلي سلطان ياكل شي يضره
صح ولا لا حبيبي ..؟!

زم خويدم فمه وقال: ماما قلتله لا تاكل كيك بس سوالي طاااااف ..

قرصت آمنة خد سلطان ووبخته بنصف عين: امبونه هالطفس عنيد وما يسمع الرمسة ..


.
.
.
.
.
.
.


أبـوظبـي
مستشفى زايد العسكري




الأروقة باردة، وصقيع رائحة الأدوية تقتل، وآهات المرضى والموجوعين يبعث الكآبة والحزن في الروح

لطالما تمنت منذ سنون طويلة التخلص من هذا الصقيع الذي يلازمها حتى بعد أن ترجع المنزل

يلازمها في سباتها، منامها، صباحها، مساءها

شعور لازمها ولازم عائلتها منذ 15 سنة، آملين في أي لحظة انبثاق نور شمس حياتهم

ليُجلي بعيناه الدافئتان صقيع أجمد تلابيب قلوبهن الفتية

فهن ليس لهن من بعد الله عز وجل، غيره ..!!!


خرجت من المصعد ولسان حالها يدعي بتضرع ورجاء .. ثم دخلت الغرفة ونظراتها تمسح معالم وجهه الذي غزاه القليل من الشيب بحب شفاف أبدي

وصلت شفتاها عند منبت شعر رأسه وقالت بنبرة تتفجر شوق وحنين يألم قلبها الصغير:
متى بتنش يالغالي وترد لحياتنا النور ...!!!

مسدت بيديها رأسه وعيناها غائمتان بعاطفة جياشة لا توصف، ثم تنهدت بعمق وبدأت تعمل ليديه ورجليه مساج كامل،

فهي على الرغم من حرصها على التأكد من عمل الممرضات لوالدها المساج منذ سنين طويلة،
منذ أن سقط ضحية غيبوبة دماغية أُثر حادث مروري مروع ..

إلا إنها كانت تعشق لمس والدها والإحساس بأنها تفعل شيء لأجله، وأيضاً لتوصل له شعورها بأنها معه ....!!
وبقربه ..!!!
ولن تتخلى عنه
فهي ابنته المدللة شيخــــة ..


دخلت إحدى الممرضات لتغير المغذي الوريدي للرجل المُسن .. وقالت بنبرة دافئة باسمة كعادة الممرضات: كيفك اليوم يا شيخة ..؟؟

شيخة بابتسامة جميلة: انا الحمدلله طيبة، انتي شحالج لميس .؟!!

الممرضة لميس بابتسامة دافئة: انا الحمدلله بنشكر الله
وأردفت وهي تُنزل المغذي بمزاح صرف: كمان البابا اليوم بيدلع وما بدو يانا نشوف عيونو الحلوين ..؟!!

شيخة بعينان باسمتان تتلألأن شوقاً: هيه والله عم بيدلع كتير ..

الممرضة لميس بتساؤل باسم: وينا اختيك الكبيري، ما اجت من فترة لهووون ..؟؟

قطبت شيخة حاجبيها : منو ؟؟ أختي فاطمة ؟؟

الممرضة: لا لا مش أم الصبي الكربوج، بئصد الطويلي أم منخار حلو ..

ضحكت شيخة على وصف الممرضة واجابتها ببسمة رقيقة: ههههههههههه هيييه تقصدين رووضة ..

وأردفت وهي تنظر لوجه أبيها ذو التقاطيع الرجولية الهادئة: روضة سافرت من كم اسبوع اسبانيا، وبترد ان شاء الله هاليومين ..

الممرضة لميس: ايوووووا هيك لكاااااان ..

انتهت الممرضة من عملها، وقبل أن تخرج قالت للفتاة: بديك شي تاني تؤبريني ؟؟

شيخة بابتسامة هادئة: لا فديتج تسلمين

ما إن خرجت الممرضة حتى خلعت حجاب رأسها وعباءتها لتجلس بأريحية أكثر وتمدد رجليها باسترخاء على الطاولة

ثم فتحت جهازها الجالاكسي تابليت لتكمل روايتها التي بدأت بقراءتها مساء يوم أمس ..


.
.
.
.
.
.
.


العيــــــــن




دخلت منزل عمتها أم العنود بعد أن قضت يوم أمس ونهار اليوم بأكمله مع الفتيات في منزل الجد الكبير، كانت تحتاج وبشدة لتخرج من الوضع الكئيب التي يصر عقلها الباطن بإغراقها به، ولكنها الآن والحمدلله أشعلت عزيمتها الراكدة وايقظتها من سباتها ..

وقررت أن تسير بحياتها مسار آخر يعطيها الفرصة لرؤية جمال الدنيا بمنظور آخر ..!!

ولكن، هل ستتمكن حقاً في يوم أن تسترد نبضات قلبها الهاربة مع أطياف أحبابها ..!

هل ستتمكن من استرداد صوتها بكل ضحكاته ورناته ..!!

تنهدت تنهيدة كانت خليط من هواء أمل حديث العهد، وهواء ألم قديم العهد ..!!!


سمعت رنين رسالة قادمة من هاتفها المحمول، التقطته بخفة لتفتح الواتس آب وتقرأ ما به بعيناها العسليتان:
"علومه الحلو اليوم ..؟؟"

ابتسمت ابتسامتها المميزة كلما ينزل عليها طيفه الجميل، وكتبت بحب أخوي مازح:
"الحلو يقولك انت واحد ما تستحي"

رد الآخر بضحكة مستمتعة: "هههههههههههه افااااا ما استحي مرة وحدة ..!! جيييه !!"

موزة بذات ابتسامتها الجميلة: " هيه ما تستحي، عنبوه توك راد من العمرة ومخلني دهر، شو هالدورة اللي نزلت عليك فجأة واللي خلتك تهد اختك وتسير الها ..!!"

رد حارب على بـ ود باسم: " موزانه شسوي الغالية، لو ان هالدورة هب مهمة ما سرتلها وخليتج"

اجابته موزة بشقاوة: "عقاب لك تييبلي وانت راد خيوط كروشيه، اللي عنديه خلصن خلاص"

ضحك حارب على طلب شقيقته البسيط: "هههههههههههه بس خيوط كروشيه ..!!!"

موزة: "هيه بس الخيوووط"

حارب بابتسامة دافئة: "إن شاااااء الله على هالخشم فديتج"

موزة: "فديت قلبك، حارب قبل لا انسى، ترى ابويه نهيان رمس عموه عاشه وقال إنه اتصلبك بس فونك مغلق"


ضرب حارب جبهته وهو يتذكر بأنه لم يعاود اتصاله بـ حمد ابن خاله الذي اتصل بالأمس عليه، ولكن هاتفه كان مغلقاً لأن البطارية قد فرغ منها الشحن ..

رد حارب بعجلة على شقيقته: "الحينه بتصلبهم وبرمسهم"


.
.
.
.
.
.
.


العيــــــــن
يـــوم الأحـــــد
الذي لا يحبـــــه "أحـــــــــد"
خاصـــة الـطــــلاب ..

في إحدى مدارس الثانوية للبنات



بعد مرور أول نصف ساعة على الحصة الدراسية الأولى، دخلت الفتاة ذو الشامة الجذابة تحت شفتيها ووجهها يحكي قصة معاناة نفسية قضتها وهي تحاول الاستيقاظ هذا الصبح بكل جهد سحيق ..!!!


وضعت يدها على فمها وهي تتثاءب وتقول بنعاس تام: السلاااام عليييييكم ..

سمعت ردود عشوائية من صديقاتها وزميلاتها اللاتي كن متشابهات في المعاناة النفسية ..

وبابتسامة متسلية ردت المعلمة: وعليكم السلام والرحمة بـ ميرة عبدالله، جان ما ييتي الشيخة بعد ..!!!

ردت ميرة بنعاس وهي تمشي لحيث توجد طاولتها في آخر الصف بجانب الجدار: أبلة مها حمدو ربكم قدرت انش من رقاديه واييكم ..

ضحكن الطالبات لتزداد ابتسامة المعلمة مها التي عجزت منذ بداية السنة عن ترويض لسان تلك الشقية الجميلة:
هههههههههه ليش نحمد ربنا بالله، الدراسة لنا ولا لج يا الشيخة ميره ..!!!

رجعت ميرة تتثاءب وعيناها تدمعان بشدة: أبلة ييت لأن ادري الصف بلايه ماله لون ولا طعم

ضحكت المعلمة مها بنعومة ومحبة: هههههههههههه واثقة وايد انتي
وأردفت وهي تمثل الجدية: يلا ارفعي راسج ورانا درس مهم ..

ردت ميرة وهي تضع يدها على خدها بنعاس ملؤه الغيظ: اوهووو أبلة اصبحنا واصبح الملك لله، خلينا نتنصخ شوي ونسولف، لاحقين على الكراف والدراااااسة ..

قالت صديقتها التي تجلس بجانبها: صدقها أبلة عطينا هالحصة فراااااااغ ..

المعلمة مها بصرامة: لا هند ما ينفع

ونظرت لميرة الناعسة .. وهتفت بنبرة اشد صرامة: يلا ميرة صحصحي اشوف، ورانا دروس دسمة والفصل الثالث قصير يعني الهمة وعن الهياااازه ..

ميرة باستياء/تذمر: آآآآآه صبرك ياربي متى بنخلص ونفتتتتتك من هالدروس اللي ما تخلص ..


بدأت المعلمة مها بالشرح وهي تشد بنبرتها الحازمة انتباه جميع الطالبات عدا تلك المشاغبة التي بدأت بالأحاديث الجانبية مع صديقتها هن .. ناسيةً الوعود التي قطعتها على نفسها بالاجتهاد والمثابرة لنيل نسبة كبيرة تبهر نفوس عائلتها ويفخرون بها ..!!!!


.
.
.
.
.
.
.


فــي عيــادة خاصــة




انزلت ملابسها وروحها تشتعل قهراً بعد ان تلقت للتو كلمات الطبيبة بأنها حقاً حامل ..!!!!

لبست عباءتها ووضعت حجابها على رأسها بشكل عبثي متكاسل وجلست أمام الطبيبة

وبنبرة حادة لكن مُرهقة قالت: بس انا مابا الولد .. اباج تنزلينه ..
متى ترومين تسويلي العملية ..؟؟!!

حدّقت الطبيبة بها بخبث شيطاني اخفته خلف مهنية صوتها .. وقالت بصوت جائع للمال: فيي اعمليك اياها هالاسبوع لو بديك، حمليك لساتو بأولو وكل ما بكرنا كل ما كان احسن لصحتيك ..

وأردفت وهي تكتب حالتها في الملف أمامها: فيكي تئليلي عوشة مين رح يكون معيك بالعمليي ..؟!!

عوشة بصرامة حادة: انا بيي بروحي

قطبت الطبيبة حاجبيها بتساؤل خبيث: ما بديك حدن يعرف بالئصة ..!!

عوشة بذات الحدة: مالج حاية تعرفين أي شي ثاني، انتي سويلي العملية وخلاص ..

رد الطبيبة ببرود مهني: اهاا متل ما بديك ست عوشة، خلص شوفي
انا يوم الخميس الساعة 10 الصبح رح كون فاضيي، تعي ئبل موعد العمليي بنص ساعة ازا بتريدي

عوشة باستعجال وهي تغطي شعرها: اوكي اتفقنا

انزلت الغطاء على وجهها وخرجت، ما إن اقتربت من المصعد الكهربائي حتى وصل لمسامعها رنين هاتفها المحمول ليعلن قدوم اتصال ..

التقطت الهاتف ورأت بأن المتصل زوجها، وبنبرة متجهمة خافتة همست: افففففف شو يبا هذا منيه الحينه ..!!!


ردت بنبرة اظهرتها هادئة جداً: هلا بوزايد

أحمد بقلق ظهر مع نبرته الخشنة الرنانة: عوشة وينج .!!
من الصبح اتصلبج وما تشلينه ..!!

لوت عوشة شفتاها ببغض .. وردت بصقيعية صرفة: ماشي أحمد قلتلك عنديه موعد اسنان الصبح، يمكن انت اتصلت وانا داخل عند الدكتورة ..

قطب أحمد حاجباه بتذكر: هيه صح نسييييت

وأردف بخوف ينضح حباً على حبيبته: ما قلتيلي .. شو صحتج اليوم ..!!
خفت الكحة ولا ..؟!!

عوشة بسأم: هيه هيه الحمدلله أحسن اليوم
تبا شي ثاني بوزايد ..؟!!

ذبلت نظرة عيناه بخيبة مريرة وهو الذي كان متلهفاً لـ سماع همسة حب او عاطفة في صوت هذه القاسية:
لا ام زايد يا غير سلامتج فديتج ..

وأقفل الهاتف عن زوجته وهو يتنهد بحدة ويفكر بحياته الباردة التي لا يحتملها بشر ..!!!!


.
.
.
.
.
.
.


اسبانيـــا
في حافلة سياحية تضم ناعمة ورفاقها ..



كانت تحدّق في المناظر الخلابة وهي تضع يدها على ذقنها وفكرها شارد بشكل ضبابي ..

تشعر بفراغ فجأة بعد أن أكد لها شقيقها ذياب أن يوم رجوعهم للوطن سيكون بعد غد الثلاثاء ..

لا تنكر إنها مشتاقة وبشدة لهواء بلادها، وتتمنى بكل ما فيها من حنين جارف شمّ عليله والتغني برائحة ترابه العبق ..

ولكنها أيضاً ستشتاق لهذه البلاد القريبة من روحها، ستشتاق لخضرتها، لجوها العتيق الباعث للراحة والسكينة، لجبالها الشاهقة وحصونها الشامخة المنيعة ..

ستشتاق عيناها لمعالم بثت في روحها العزة وروح المجد العريق

حقاً سأشتاق لك يا أندلس المجد ..!!



أتت روضة لتوقظها من تفكيرها العميق وقالت بنبرة دافئة: بلاج نعوم حبيبتي ؟!

ناعمة بابتسامة شجن: بتوله على هالبلاد وايد ..

روضة بنبرة حزينة: اسكتي والله حتى انا بتوله عليها، على كثر ما انا ميتة ابا ارد الدار
على كثر ما ضربتني غصة يوم تذكرت ان ردتنا عقب يومين ..

نظرت ناعمة لساعتها وقالت بتساؤل: ظنج بيواحيلنا نحوط في غرناطة كلها في يوم واحد ..!!

روضة بابتسامة حماسية: هيه ان شاء الله، المشرف تكلم قبل شوي عن أهم الأماكن اللي بنزورها،
وقال قبل ما تغيب الشمس ان شاء الله بنخلص وبنرد مدريد ..

هزت ناعمة رأسها بموافقة .. وهمست بنبرة ناعسة: رواضي برقد 5 دقايق بس .. مسطله من الخاطر .. ما رقدت البارحة عدل

روضة بدفء/حنان: رقدي فديتج وقبل ما نوصل بوعيج ..
وأكملت وهي تُخرج هاتفها: وانا برمس حصيصي شوي، من زمان ما رمستها الدبة ..

ابتسمت ناعمة برقة ووضعت رأسها على حافة نافذة الحافلة واغمضت عيناها لتنتقل لعالم آخر كلياً ..


.
.
.
.
.
.
.


دبـــي
مطار دبي الدولي



أحبابنا الذين ننتظر رجوعهم بفارغ الصبر، لن نتمكن من تذوق لذة لقاءهم حقاً إلا في أرض المطار

هذه فلسفة يدرك احساسها الكثيرون، ولكن لا يعرفون حقاً كيف يعبرون عن جمالها ..!!


كان فلاح واقفاً باستقامة تنم عن سيطرة واثقة "تشوبها الغرور" من غير أن يرف رمشه بارتباك واهتزاز ..
وقفة رجل لا يعرف لغة التردد ابداً ..!!

وضع يداه في جيوب ثوبه واسند جسده الطويل على حاجز قاعة استقبال القادمون ..

ادار رأسه قليلاً ليلمح من بعيد قامة شقيقه الكبير نهيان وهو يمشي بروية وثقل "تناسب اعوامه الثلاثين" جاراً أمامه عربة حمل الحقائب ..

ابتسم بخفة وهو يهتف في قرارة نفسه بسخرية: والله يا انك ما طحت الدار لو شافك بوعبيد جيه ..
(طحت الدار = تدخل البلاد)

اقترب شقيقه بـ ابتسامة بدأت تبرز صف اسنانه اللؤلؤية .. وبنبرة رجولية بحتة قال: هلا بالغوااالي هلا

سلم فلاح على نهيان بود وحب بالغان ... وبنبرة متسلية قال: مرحبا الساع بـ هل شيشل هههههههههههه

رد نهيان بضحكة رجولية: هههههههههههههه علني افدا ثرا شيبتيه يا ربي

وأردف بود اخوي مشتاق: مرحبابك مليون ولا يسدن في ذمتيه ..

تحرك الأثنان بمحاذاة بعض وهم يكملون السلامات الترحيبية والسؤال عن الأحوال ..

حمل فلاح حقائب شقيقه ليضعها خلف السيارة،
وبعدما جلس في مقعد السائق قال بعينان ضحوكتان: متأكد انك بتحدر البيت وانت جيه ..!!!

اجابه نهيان بتفكه بالغ وهو يعدل ياقة قميصه الخفيف الذي يبرز تقاسيم جسده العريض بشكل جذاب: هيه نعم قررت اواجه الأعاصير العاتية بكافة انواعها ..

فلاح بضحكة مستمتعة: هههههههههههههه وانا لي الشرف احضر معركة استشهادك يالحبيب ..

قال نهيان بنبرة مرتعبة مصطنعة وهو يستدير برأسه للمقاعد الخلفية: لا لا جد فلووح ما عندك كندوره عاقنها منيه ولا مناك ..!!!

فلاح بذات ضحكته المستمتعة: هههههههههههههههههههههههه وينه هذا اللي يقول بيواجه الأعاصير العاتية ومستويلي طرزان ..!!

غمغم نهيان بتهكم وما زال يبحث بـ عيناه ويتلفت: خس الله عدوك، على الاقل غترة يا عمي ..


.
.
.
.
.
.
.


العيـــــــــن




دخلت غرفة ابنتها الكسولة التي لا تعرف لها عشاق سوى الأكل والنوم

وصاحت بتهكم حاد تخلله غضب وهي تشعل نور الغرفة وتزيح البطانية عنها: ميروووووووه
ميروووووووووووه ونفاد يشل بليسج ولا يرررررده ..
نشششششي بيأذن المغرب وانتي بعدج منخمده
نشي اشوف يلاااااا

تأوهت ميرة بانزعاج وهي تعيد البطانية فوق جسدها وتغطي رأسها: ياربيييييييي
امايه خليني ارقد حرام علييييج، من غبشة الله ناشة انااااااا

أم سيف بتهكم: اونه من غبشة الله ناشة، جانج متأخرة ساعة كاملة عن المدرسة وتقولين ناشة من غبشة ..!!
نشي ولا والله بحلف اشل عنج لابتوبج وتلفونج ..

غمغمت ميرة بعبوس وهي تحاول فتح عيناها: هئ هئ هئ والله حرام عليكم ابا ارقد يا نااااااس

قطبت أم سيف حاجبيها وبحدة: سود الله ويهج، نشي صلي العصر يا بنية

انتفضت ميرة بجزع: أذذذذذذن العصر !!! جيه الساعة كم أصلاااا ..!!!

أم سيف بنصف عين: قدها صارت 6 الحينه ..

قفزت ميرة من سريرها ودلفت الحمام بسرعة لتتغسل وتتوضأ وهي تهتف بارتباك:استغفر الله العظيم ياربي ..

غسلت وجهها وتوضأت ثم خرجت، رأت بأن والدتها قد خرجت من الغرفة ..

كبرت وبدأت تصلي فرضها بخشوع تام ..

بعد أن فرغت من الصلاة، غيرت ملابسها ونزلت للأسفل ..

التفتت أم سيف التي كانت تبخر المنزل لأبنتها وقالت بنبرة دافئة حنونة وكأنها قبل قليل لم تشن حرباً عليها: فديت ويه بنتيه ميرة، هيه تو ما غديتي حرمة ..

ميرة بفم مزموم: مابا امايه جاسية انتي، زعلانة منج أنا
حد يوعي عياله جييييه ..!!

ضحكت الأم بطيبة: ههههههههههههههههههههه احسن تستاهلين ..

قبلت ميرة انف أمها بغنج طفولي وقالت: ابا اشرب جاي حليب مزعفر من خدمتج عشان ارضى عليج
(خدمتج = من صنع يديكِ)

قرصت أم سيف خد ابنتها .. وهتفت بذات ضحكتها الحلوة: ههههههههههههههههههه خبلة وحدة ..
سيري سيري بتحصلين دلة الجاي عند قوم شموه وأمون خاري صوب الحديقة ..

صاحت ميره بانتعاش وهي تركض لتجلب غطاء رأسها وتخرج الى الخارج: اووووكي


ثم خرجت بعد أن احكمت غطاء رأسها

كانت تنزل من السلالم الأمامية للمنزل بسرعة غير مدركة بأن الأرض تحتها رطبة


وفجـــــــأة ..!!

صرخت بكل ما فيها من أحبال صوتية وهي تشعر بأنها الآن ستحلق في الهواء ليكون مصيرها السقوط على الأرض الصلبة لا محالة ..!!!


.
.


في تلك الأثنـــــاء



كان هو يخرج من مجلس الرجال ليرد على اتصال مهم أتاه من أحد أصدقائه المقربين

:هههههههههههههههه ليش عاده تهزبه، ما يسوى عليه تسلف موترك يومين
..
: ههههههههههههههههههه الله يغربل بليسك حمووود
..


ظل يسير وهو يتحدث باندماج وضحك واضعاً يده اليسرى في جيبه الأيسر ويحمل هاتفه بيده الأيمن ..

ثم توقف فجأة ومقلتي عيناه بدأتا بالاتساع وهو يرى فتاة تسقط من السلالم وصراخها الحاد وصل مسامعه بقوة ..

ومن غير تفكير واعٍ منه ... هرع بقلق كاسح اتجاهها .........






نهـــاية الجــــزء الثـــامــــن



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-06-16, 05:47 AM   #12

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)






الجــــزء التــــاســـــع




أيا أمي أريد حياة
سئمت تحجر الكلمات فوق جدارنا الصخري
سئمت الموت عبر حياتنا يسري
أريد حياتي الكبرى- أيا أمي- بلا سجان
بلا قبر جميع جهاته جدران
بلا سور يحز حقيقة الإنسان
أريد الحلم أصنعه بلا قضبان
أريد الحب أشعره كما الإنسان
أنا إنسان يا أمي
أنا إنسان
يا أماه..؟
يصيح بكاهلي المتعب
حنين الشوق يسكب أنهر الأحزان
ويكسر خاطري المكسور فقر الحب
أتوق إليه
أتوق لعالمي الموعود
أبغي كسر هذا الطوق
أحن لفوق
حيث يداه تنشلني لسقف الحب
ألقاه،
ونحيا الحب دون حدود
ثار الحب في قلبي من الداخل
يا أماه ..
في قلبي من الداخل



لـ قاسـم حـداد



،



اقترب المُسن صاحب الطلة المهيبة ومعه ابنه الكبير وحفيده الأصغر من باب مجلس صاحبه أبا سعيد وصوته المبحوح على الدوام يهتف بقوة: هووود هوووود يا هل الداااار هووووود ..

أبا سعيد بصوت جهوري مُرحب: هداااا يا بن عميه هداااا قربوووا قربووووا
(بن عميه ليس معناه هنا انهم أبناء عم وبينهم دم مشترك .. انما تعبيراً عن انهم من ذات القبيلة)


وانتفض المجلس بالتهليل والترحيب الرجولي الرنان بين الرجال الكبار والشباب ..


وبعد أن جلس الجميع، قال أبا سعيد بابتسامة أظهرت تجاعيد وجهه: حيي الله بـ هل دبي
حيييبهم وسهلاااا ..

أبا عبيد بنبرة باسمة رنانة: الله يحيييك ويبجيييك عنيه افدا خشمك
شعلومك يا بوسعيد .. وشو الدنيا ويااك يا خويه ..؟!!

رد أبا سعيد ببحة ظهرت مع حكمة سنين طويلة: ايييييييه يا نهيان الدنيا هي هي يا خويه ونحن هب دايمين فيها ومصيرنا التراب
والواحد ما يقول الا يالله بحسن الخااااااتمة ..

ضحك أبا عبيد مربتاً على فخذ صديق عمره ويقول: لك طولة العمر يا خويدم
عدنا شبااااااب نحن ما تعدينا الثلاثين ههههههههههههههه

أبا نهيان بابتسامة دافئة: صدقه ابويه عدكم شباااااااب
وأردف بحزم دافئ وهو يهز فنجانه للصبي: الله يواليكم الصحة والعافية


الحاضرين برد جهوري: آمين يارب العالمين ..


واستمرت الأحاديث بين الرجال والبسمة لا تفارق أعينهم التي تشع مودةً انتشرت بين زوايا جدران المجلس بهيبة وسطوة باذخة ..


ساد صمت خافت عندما رن هاتف حمد، قال مُعتذراً لأحمد الذي كان يحادثه في تلك الاثناء: اسمحليه بوزايد، دقيقة بس

أحمد بحزم دافئ: مسموح الغالي افا عليك .. خذ راحتك ..



خرج وهو يجيب على المتصل الذي لم يكن سوى من صديقه المقرب محمد


وبنبرة رجولية متسلية هتف: هلا باللي سرقوا موتره وخلوه يرد من الدوام بـ تكسي
..
ضحك ضحكة قوية لم يستطع كبحها: هههههههههههههههههههه اسمينيه نقعت من الضحك يوم سلوم خبرني السالفة
..
وبذات ضحكته الرنانة: هههههههههههههههه ليش عاده تهزبه، ما يسوى عليه تسلف موترك يومين
..
وأكمل ضحكه بأن قال: هههههههههههه الله يغربل بليسك حمووود
..



ظل يسير وهو يتحدث باندماج وضحك واضعاً يده اليسرى في جيبه الأيسر ويحمل هاتفه بيده الأيمن ..

ثم توقف فجأة ومقلتي عيناه بدأتا بالاتساع وهو يرى فتاة تسقط من السلالم وصراخها الحاد وصل مسامعه بقوة ..

ومن غير تفكير واعٍ منه ... ركض بقلق كاسح اتجاهها ..



لا يعرف لمَ شعر في لحظة لم تتجاوز سرعة الضوء بأن قلبه يعرف طيف تلك الفتاة ..!!

ارتعب والاضطراب الغريب بدأ بنهش عظامه ..!!!


يعترف بأن ذعراً شديداً قد ترك أبواب قلبه ينفتح على مصراعيه ويتأرجح بقسوة ..!!!!


اكمل سيره المضطرب إلى أن وصل للفتاة، ولكن بعد فوات الأوان وبأسوء حال ..!!!



اما هي .. فكان حالها لا يسر ابداً ..
انزلقت رجلاها وهي تنزل من السلالم بسرعة غير مدركة بأن الخادمة كانت تنظف الأرضية بالماء والصابون

وعندما سقطت .. رضخ كوعها الأيسر وأسفل ظهرها مباشرةً بـ حافة السلم الأخير ..



للحظة أصابها دوار أطاح بحواسها السمعية والبصرية أرضاً، وألم السقطة يزداد اشتعالاً في جسدها بأكمله وتأوهات خافتة ناعمة كالقطن تخرج من حنجرتها بصورة ...... "أليمة" ...


وبسبب قوة اندفاع سقطتها .. انحسرت ثيابها قليلاً لتظهر ساقيها ووجهها المحتقن باحمرار مؤلم بان بعد أن سقط غطاء وجهها التي حرصت على تغطيته تجنباً من وجود غرباء في باحة المنزل ..!!!



كان حمد واقفاً وعقله في تصنم تام


ماذا يفعل ..!!
ماذا يفعل يا إلهي ..!!

هذه ميره، هو متيقن من هذا ..!!!

ذات الشفاه المرصعة باحمرار بلوري
وذات الشامة المتفجرة بفتنة خاصة لا تليق إلا "بها" ..!!!


يالحرقة قلبه الضائع بين جنبات عيناها وهو يتلقى بوحشية تأوهاتها المؤلمة ..!!!




تنحنح بقوة وهو يشد من احبال صوته لتظهر كبحة موسيقى لآلة عتيقة، وبنبرة تحرق الوجدان همس:
ميـــــــــره




يــــا إلهـــي رحمــــاك ..!!
لم يكن يعرف بأن لحروف اسمها تلك السطوة الشرسة على اوتار ذاك القابع في يسار صدره ..!!



تنحنح بقوة أكبر وهو يزفر هياماً صرفاً: ميـــــره .. احــــم ميــــره تسمعينــــي ..!!!



كانت ميره تتأوه وما زالت مغمضة العينين ووجهها يوحي بمدى ألمها الشديد والمنتشر في كل ارجاء جسدها الضئيل،

وفجأة اجهشت بالبكاء ما إن لمحت طيف شخص بقربها،

وبنبرة خافتة تخللها شهقات دموعها التي تتساقط من عيناها المغلقتان من شدة الألم:
آآآآآآآآه عـ عـ عمميه أ أ أحمممد ألل ألححق عليييه ..


وازداد بكائها وهي تتأوه .. ولا تمتلك أي قوة لتنهض من الأرض الصلبة ..




تحولت عينا حمد لسواد مظلم بعد أن سمع تأوهات حبيبته الباكية ..


أتظنين بأني عمك يا مهجة الروح ..!!

أنا أبـــــــاك، وعمـــــــك وأخــــــــاك
فقط كفكفي دموعك ارجوكِ

لم أكن لأتحمل يا فتاة صوتك الشادي وهو يضحك، لأتحمله الآن باكياً يترنح من فرط الألم..!!
فلترحميني يا أنتي ..!!




أتت الخادمة وهي تصرخ بجزع حاملةً بين يديها سطل الماء والمكنسة، وقالت بعربية متكسرة: اووه ماي قااااد ميرررة هبييييبتي، انتي كيف يتييييه ..!!!
(يا إلهي ميرة حبيبتي، كيف طحتي ..!!)

ميرة والتي من فرط ألمها .. أصبحت شفاتها المكتنزة في حالة ارتجاف تام انبأ صاحب القلب العاشق عن حدوث انفجارات مدوية في قلبه اطاحت حصونه بنمرودية لا ترحم..!!



قالت بأنين خافت باكي ولم تدرك الى لآن من الذي حولها حقيقةً: آآآآه راشيلدا تعالي شليني والله ماروم اوقف .. آآآآآآآآآآآه ايدددددددي ..

تسمرت الخادمة راشيلدا بمكانها باهتة الوجه وهي تنظر للرجل الغريب امامها بتعجب .. واخذت تتساءل عن وجوده هنا ..!!!!


احتقن وجه حمد بغضب من بلادة الخادمة .. وسرعان ما امرها بحزم يشوبه انفعال داخلي عاتي:
شلي البنت بسرعة ودخليها داخل ..


اتسعت عينا الخادمة ببلاهة وهي تنظر للشاب ذو القامة الممشوقة وملامح وجهه البريئة الحنونة تعطيه عمراً أقل من عمره الخامس والعشرين ..

كرر ما قال بغضب أشد ونفسه بدت تضيق تماماً: يلااااااا شلييييييهاااا


ثم تراجع للخلف وهو يلتفت لميرة بقلبٍ يرقص ألماً على حالها،
ولكن ليس بيده حيله فهو ليس بمحرم لها ولا يجوز أن يقربها أكثر من ذلك ..!!!

ليتك ملكي انا فقط أيتها المجنونة
لألقنك درساً لن تنسيه على حماقتك/شغبك ..!!!


وهمس بخفوت تخلله تهكم/غضب بالغان وهو يحاكي طيفها الشجي: استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم
عميا انتي عميا ...!!!
ما تشوفين السلالم كلها خرسانة ماي وصابون ..!!!
افففففففففففف ..


ووقف في زاوية بعيدة وهو يرى الخادمة تعاون ميرة على الوقوف وتُدخلها الى داخل المنزل ..



زفر بحرقة العشق اللامتناهي وهو يدعو ربه عز وجل أن يحفظها من كل شر وسوء

أن يحفظهــا لــه هــــو ..


.
.
.
.
.
.
.



دبـــــــي




نزل من غرفته بعد أن نام سويعات قليلة اراح فيها جسده المنهك من السفر، كان يمشي ويحرك ذراعيه للوراء كرياضة بسيطة لتمديد عضلاته ..

تأوه بألم خفيف وهو يبتسم بخفة: آآآآآآه ... ههههههههههههههه يديه عاد ما ضربني بالخيزرانة الا في مكان اليرح بالضبط


وصل لحيث والدته وشقيقته جالسات بهدوء ومزاجية لا يعلى عليها ... ثم هتف بنبرة رجولية مازحة: هالو سويتي قيرلزززز

مهرة بابتسامة جميلة: هالو بيق بروووووو

قطبت أم نهيان حاجبيها باستنكار: نحن عرب يا أمة محمد


انحنى ليقبل خدها بثغرٍ باسم مع تيقنه الكامل ان حدة عيناها ستنجلي بعد قبلته بقدرة عجيبة: مسيتي بالخير والعافية يا ام نهيان ..


وكما توقع .. اختفت عقدة حاجبي والدته لتصبح نظرتها اشبه بقطرات ندية من نهر في الجنة: مسيت بالنور والسرور يا ولد عبيد .. رقدت زين ابويه ..؟!!

رد نهيان وهو يمغط ذراعه الأيمن بقوة: هيه الحمدلله رقدت وشبعت رقاد بعد ..


قامت مهرة لتجلس بقرب شقيقها الكبير وقالت بدلال حلو المذاق: نهيان راوني صور سيشل في خاطريه اشوفها من كثر ما الناس تمدح جوهااا وطبيعتهاااا ..

نهيان بحنان جارف وهو يضع ذراعه خلف رقبتها: إن شاء الله بس الكيمرة هب عنديه الحينه .. عند واحد من الربع .. عقب باخذه عنه وبراويج الصور ..

مهره: انزين .. بس اقولك .. صوغتيه وين ..؟!

اتسعت ابتسامته وهو يمط انفها الصغير .. وقال:
في الشنطة .. سيري خذيهن ..

أمسكت مهرة بعفوية ذراع شقيقها ليتأوه بخفوت ..

تراجعت بصدمة وهي تضع يدها على فمها: اووووه آسسسسفه
بعدها ايدك تعورك من خيزرانة يديه ..!!

هتفت أم نهيان بجزع وهي تضع يدها على صدرها: وابوووووييييه لا يكون كسرلك اييييدك ؟؟!!


ضحك نهيان بخفة وهو يتذكر ما حصل بعد أن دخل المنزل ظهراً




عند الظهر



بصوت جهوري متفجر بالمَرح الذي يتميز به دائماً:
السلااااااام عليييييييييكم، نهيان بن عبيد بن نهيان الحر يرحب بكم جمييييييعاً ..


تهللت الأصوات المرحبة والسعادة تملئ أعين كل العائلة بحب صافٍ وشوق أصفى ..


وسلم على الجميع، على أبيه، أمه، شقيقه حمد، شقيقته الصغيرة مهرة ..

وما إن وصل لجده الجالس في صدر صالة المنزل حتى ضربه بكل ما اوتي من قوة بعصاه الذي يتكأ عليها،

وبعصبية رجل مُسن لعب الشيب الأبيض بلحيته لعباً طويلاً:
سود الله رقاااااااااع امن يااااااابتك يا الهواااام، خربوا مذهبك بلاد الكفااااااااار وعلموك مذهب تعبان مثل ووويهك

ومسح بناظريه المشيبان قمة رأس نهيان إلى أخمص قدميه .. وتابع بازدراء/استنكار: اشوووه هااااااا، امففففف علييييييك من ووووولد امممممف ..

تأوه نهيان بألم وهو يضحك بسماحة نفس .. والجميع كان يضحك كذلك ولكن لظرافة وغرابة هذا اللقاء ..!!!


وبغضب أخذ الجد أبا عبيد يضرب ذراع حفيده الأيمن والشوق يأكل قلبه بضراوة إلى أن تخم الشوق نفسه، ولكنه غاضب من استهتار هذا الولد الذي لا يحترم عادات البلاد وتقاليدها ..

هتف بذات استنكاره الحاد: آخر مرة يا ولد عبيد اطب ذيك البلاد اللي ما وراها الا الفساد سامعنيه ..!!


أعطاه نهيان اجمل ابتساماته وأسرع بتقبيل رأسه ويديه الثمينتان ..


ياله من مُسن قوي خبيث .. يعرف كيف يسيطر على امتلاكه لجنبات قلبي دوماً ..!!!!

وبنبرة براقة اجاب: ان شاااااء الله يالغالي آخر مرة اطب بلادهم
كله ولا زعل بوعبيد عنيه هب بلااااه ..
(عنيه هب بلاه = الله لا يحرمني منه)

غمغم أبا عبيد وهو يجر نهيان ليجلسه بقربه بصرامة تخللها اشتياق واضح: ايلس ايلس يا ولد، خبرني شحوالك شعلومك ..؟؟



،



استفاق نهيان من شروده الذي مضى عليه ثواني لا تتعدى الخمس، وقال ببسمة تقطر دفئاً لوالدته: لا امايه فديتج
ما فيه الا العافية الحمدلله ..


.
.
.
.
.
.
.



اسبانيـــا
غــرنــاطـــة




وقفت بجانب الصخرة الشهيرة التي كانت آخر دليل على مداس المسلمين في الأندلس وأخذت تقرأ بخفوت مذهول:
ساسبيرو ديل مورو


نهضت وهي تسأل المرشد السياحي بإنجليزية تخللها مشاعر انبهار شديد: أهذه هي الصخرة التي بكى عندها الأمير أبوعبدالله آخر حكام المسلمين في الأندلس ..؟؟!

أجاب المرشد بابتسامة مهنية وقال: أجل يا آنسة هذه هي الصخرة


اجتمعن الطالبات وروضة والإخصائية مريم بجانب ناعمة بانجذب ومشاعرهن تشبه مشاعر ناعمة المُنبهرة ..

روضة والتساؤل بدا يغزو ناظريها: نعوم ليش صااااح ...؟؟!

الإخصائية مريم وهي تعقد ساعديها امام صدرها: مب هو يا ناعمة اللي سلّم مفاتيح غرناطة لمملكة اسبانيا ..؟!!

وضعت ناعمة ذراعها على كتف الطالبة حمدة بحنان جارف ووافقت الاخصائية مريم بما قالته ببسمة حزينة:
هيه نعم هو نفسه .. تخيلوا بعد 800 سنة من ازدهار كبير يشع من كل مكان من هالبلاد، انطفى هالنور عقب ما سلم الأمير ابوعبدالله محمد الصغير مفاتيح غرناطة للملك فرناندو والملكة ايزابيلا ..


وأشرت نحو الصخرة بشجن وعينان تتفجران آسفاً/خيبة: سلّم المفاتيح وطلع هو وعايلته وأمه عائشة الحرة من القصر ووقف هنيه على بعد 12 كيلو من غرناطة وصااااح ..
صاح صياح قوي عقب ما ندم وادرك متأخر انه ضيع المُلك بسهولة للأسبان ..

صاح على حضارة انبنت على دماء مسلمين بذلوا ارواحهم في سبيل نشر الاسلام في كل بقاع الأرض ..!!

وقالتله أمه عائشة الحرة كلمتها المشهورة وهي تشوفه يصيح .. قالتله بكل حرقة قلب: ابكي، ابكي بكاء النسااء، ملكاً لم تحفظه حفظ الرجاال


وطبعا الجواسيس الأسبان اللي انتشروا في كل غرناطة، شافوا الامير أبوعبدالله وهو يصيح في هالمكان ..
فـ سموا هالمكان بـ ساسبيرو ديل مورو يعني (بكاء العربي)

هتفت زينب بغيظ وعيناها ادمعتا بتأثر واضح: وهو ليش أصلاً يسلمهم غرناااطة ..؟!!

ابتسمت ناعمة واجابتها بحكمة: يا زينب اللي يعيش ويبني ملك لله وللمسلمين بيعيش بعزة وكرامة واسمه بينكتب بالذهب، لكن اللي يفكر بنفسه ويبني شي لمصالحه الشخصية ولمطامعه بدون ما يفكر بغيره فـ هذا صدقيني بيكون مصيره الهوان والضعف والذل على ايد ارذل خلق الله ..

والامير أبوعبدالله وأخوه وقبلهم أبوهم الأمير الغالب بالله كانوا غرقانين أصلاً في متاع الدنيا وابتعدوا عن مبادئ ديننا الحنيف اللي أسست حضارة الأندلس وثبتتها بأعمدة من التعايش والوحدة والفكر السليم، انغمسوا للأسف في صراعات ما تنتهي مع لجل السلطة والنفوذ والمال ..

وأردفت وهي تأشر بشرح مبسط: والأمير عبدالله طمع مثل غيره في غرناطة اللي كانت أصلاً مملكة ما تتقارن بالممالك الأندلسية الثانية، لكن الطمع يوم يعمي بصيرة البني آدم بينسيه أي شي ثاني يستوي حوله، والدليل إنه لهى عن الأسبان وما شاف المكايد اللي تستوي حوله منهم، بالتالي شو صار ..!!

ردت روضة عليها وهي تهز رأسها بأسف: بالتالي سلمهم غرناطة عقب ما حس إنه خلاص ضعيف وما بيقدر يواجههم، خصوصاً عقب ما اتحدت ممالك الأسبان كلها وكونوا قوة ما يستهان فيها ..

ناعمة: صح عليج رواضي



: ناااااااااااعمة، يلا الباص بيتحررررك ..


ضحكت روضة: ههههههههههههههه اخوج مغتاظ منج .. وقفتي الباص فجأة ونحن في الدرب عسب تعطينا درس تاريخ عن هالمكان ..

ناعمة بضحكة رنانة: هههههههههههههه سكتي يا ختيه زايغه مابا اشوفه ..

وأردفت وهي تحث صديقتها وطالباتها على السير: يلا يلا امشن عن يروحون عنا ..


وهي تمشي .. التفتت للوراء ونظرت نظرة أخيرة على المكان الذي شهد صورة حية لخنوع المسلمين في زمان ما .. وتذكرت بشجن شفاف .. قصيدة أبو البقاء الرندي الشهيرة والتي يرثي فيها بمرارة ضياع الاندلس الحبيبة ..


.
.
.
.
.
.
.


أبـوظبــــي




تململ بجلسته وهو يشاهد مباراة كرة القدم والغيظ يحتل نظرات عينيه من ضعف فريقه هذا الموسم والذي سيخسر في هذه المباراة على ما يبدو ..

غمغم بتهكم خشن وهو يقذف جهاز التحكم: اففففففففف النتيجة واضحه يا بويه .. انا اللي ما عنديه سالفة اللي متابعكم ..
بسويليه شي اكله ابركلي ..

نهض وهو يتصل كعادته بـ خليلة قلبه ليأخذ منها مقترحات لعمل عشاء لذيذ وبسيط ..
وبنبرة رجولية تفتن قلبها الضعيف أمامه قال: شحال حبيبي اليوم ؟!


آمنة بابتسامة لم تستطع كبحها رغم حزن قلبها: الحمدلله بوخويدم انت شحالك ؟

بطي باستغراب باسم: لا لا لا وين حبيبي وين عمري وين حياتي ..؟!!
بوخويدم هاي يعني شي فيج ..

تنفست آمنة بقوة وهي تحاول وبشدة اظهار دفئ صوتها وحبها له ..
فهي بعد تفكير عميق، استنتجت بحسن ظن صرف أن هناك سوء فهم في الموضوع، ولن تخرب علاقتها الجميلة مع زوجها باعتقادات وتكهنات غريبة بسبب غيرة عمياء ..!!


وبنبرة دافئة صادقة متفجرة بشوق غريب همست: فيّه انيه ولهانه على حبيبي بطي .. يستوي تييبلي اياه الحينه ..؟!!


ارتعش قلبه مع همسها العذب، واشتعلت رغبته بأن يضمها لصدره بقوة وينهل من منبع عسلها بكل جوع عنيف يمتلكه ..

وبنبرة ثقيلة خرجت تحت وطأة لهفة رجل تفجرت روحه "بالتوق": استغفر الله العظيم، بلاني ربيه بحرمة ما تروف بقلبي ابد ..
اقول حبيبي، ساعة ونص بالكثير وانا عندج ان شاء الله ..

انفجرت آمنة ضاحكةً على جنون زوجها، وقالت بنبرة اهتزت اغراءاً لعوباً تخلله شوق كاسح:
اترياك حبيبي لا تبطي عليه ..

قال وهو يشتم شماغه الذي سقط منه بعد أن اهتزت يداه من نبراتها "القاتلة": يلا يلا يااااي من غير شر ..


.
.
.
.
.
.
.



انتشر الضباب امام ناظراه،
وهو يمشي .. ويمشي .. ويمشي ..

أخذ يتلفت بحيرة وملامح وجهه تحكي قصة ضياع .. وشتات ..

استمر بالمشي ، واستمر
واستمــــــــر ....

وقف وهو يفكر .. في أي غرفة هو الآن ..!!

وهذا الطفل الجالس على الأرض ... من يكون ....!!

سمعه وهو يتأفف بضجر ويحاول بشتى الطرق حفظ القصيدة العربية التي سيمتحن بها غداً في المدرسة

ابتسم وهو يرى هيئته التي لم تكن الا نسخة مصغرة منه

أهذا هو يا ترى ..!!
ههههههههههههه انه هو حقاً، كان طفلاً جميلاً لا بأس به .. !!


اقترب من الطفل وهو يحاول امساكه ..... ولم يستطع لمسه

لمَ يا ترى لا يستطيع تحسسه ..!!


رآى الطفل وهو يحمل كتابه ويتهكم بصوت عالي: بروح عند بابا عشان يسمعلي، اف تعبت قسم بالله ..


ابتسم ببسمة تضج بالمشاعر الغريبة .... والثقيلة .... ثم لحق بالصغير و هو يتتبع تفاصيل المنزل المألوف ..!!!!

أهذا منزل جداه في رأس الخيمة ..!!!!
أجل هو بعينه ...!!!!

رآى الصغير وهو يدلف لغرفة هو يعرفها تماماً ..
غرفة والديه، محمد ونيلا ..


دخل وهو يسمع ضحكة والدته التي تحتضن الصغير بحب وحنان لا يوصف

أحس بغيرة شديدة تنهشه ..

وهمس: امايه ..

لم ترفع عيناها عن الصغير ابداً ..

اخذ همسه يرتفع .. الى ان اخذ يناديها بصوت مبحوح موغل بالوجع الصرف: امااااااااايه امااااااااااايه ..


لم يسمع رداً منها أيضاً ..!!

رباه .. لمَ لا تجيب على نداءه ..؟!

امي ....
انا حارب ...
انا ابنكِ ورجلكِ الثاني كما تناديني دوماً ..!!!

اجيبينــي يا جنتــــي ..


رآى والده وهو يلاعب الصغير ويقول له بنبرة أبوية حازمة: ها حفظت القصيدة ..؟؟!

رد الصغير وعيناه المشابهتان لعينا والده تنضح ثقة طفولية: هيه ابويه كلهااااااا، سمعلي يلااااااا


جلس والده امام رقعة الشطرنج وهو يناديه بخبث: لو غلبتني في هالدور بسمعلك ..

قذف الصغير ذو الاثنا عشرة سنة كتابه .. وجلس أمام والده وروح المنافسة والحماس بدأتا تظهران على ملامحه: بغلبك بغلبببكك ..


وبدأ يلعب مع والده الذي كان يبتسم له طيلة الوقت بإعجاب وهو يراه كم يحاول بجهد مجاراته باللعب ..


وبعد دقائق طويلة،

قال والده بعيناي باسمتان: اسمع حارب، خل هالشي في بالك، حاول قد ما تقدر ما تحرك الرخ والوزير إلين ما تستنفد كل وسائل الدفاع والهجوم عندك، لأن وجودهم في خط واحد يضاعف قوتك ..


وضع الصغير يده اليمنى على ذقنه بينما اسند كوعه على فخذه مقلداً بشكل عفوي جلسة أبيه .. وقال مفكراً بعمق: اممممممم انزين ..




كان هو في تلك الأثناء مسنداً ظهره على الحائط ويراقب ببسمة اشتياق وفضول الذي يجري امامه ..
فهو يرغب بشدة معرفة من الذي سيفوز ..!!


وبعد لحظات مرت في عالم لا يمت لعالم الواقع بصلة ..

صرخ الفتى بسعادة متفجرة: فزززت فززززززززت فززززززت ..

ضحك الأب بحنان وهو يمسح على رأس أبنه، وقال بابتسامة أبوية عبقة: كفوو يا ولد محمد .. أحسنت




ابتسم هو بحب تفجر حنيناً عندما اكتشف أن والده قد خسر امام الفتى الصغير بتعمد واضح ..!!!

هو هكذا دوماً، يفعل المستحيل لرسم الضحكة على شفاهنا نحن ابنائه .. ولو على حسابه ...!!



أرهف سمعه عندما قال "اباه" لـ "هو الصغير" بحزم أبوي دافئ وهو يضع ذراعه الكبيرة على كتفيه الضئيلتين: لو دارت الدنيا عليك يا حارب، وحدتك أدور وتحوم بين اسئلة مالها أجوبة ..

بتحصل اللي تباه في ها "وأشر بسبابته على رقعة الشطرنج بحزم شجن"


أخذ كلام أبيه يتردد على مسامعه كصدى صوت يتردد في مسجد من الطيبن قديم مهجور ..


لو دارت الدنيا عليك يا حارب، وحدتك أدور وتحوم بين اسئلة مالها أجوبة، بتحصل اللي تباه في ها
لو دارت الدنيا عليك يا حارب، وحدتك أدور وتحوم بين اسئلة مالها أجوبة، بتحصل اللي تباه في ها
لو دارت الدنيا عليك يا حارب، وحدتك أدور وتحوم بين اسئلة مالها أجوبة، بتحصل اللي تباه في ها
لو دارت الدنيا عليك يا حارب، وحدتك أدور وتحوم بين اسئلة مالها أجوبة، بتحصل اللي تباه في ها
لو دارت الدنيا عليك يا حارب، وحدتك أدور وتحوم بين اسئلة مالها أجوبة، بتحصل اللي تباه في ها




بدأ كل شي يستحيل لضباب، وأحس باختفاء جسده تدريجياً وسقوط اجزائه كأوراق خريف أصفر باهت اللون ..

أخذ ينادي وصوته المثقل بالوجع أصبح مرتجفاً .. متهدجاً .. محترقاً: أبوووووووووويه
امااااااااااااااايه
ما شبعت بعدني منكم
دخيلكم تموا شوي معاااايه ..


لمح طفل صغير آخر ذو أعين تتفجر براءة وجماله يذيب قلوب البشر ..
ورآه وهو يلوح بيده إليه ويصيح ببسمة اشرقت وجهه الصغير: باي باي حروب ..


انفطر قلبه بدهشة مؤلمة وهو يحاول مد يده ليتحسس ملامح الصغير بشوق "ينحر":
عبيد .. اخويه عبيد
انت عبيد
خلكم يا خويه .. دخيلكم ..
تموا شوي .... ولهان عليكم
ما شبعت منكم والله
ما شبعت ..


وبصراخ تشتت بين عالم واقعي/عالم لاواقعي: ولهاااااااااان علييييييييييكم
والله ولهاااااااااا.......



هبّ من سرير وهو يتحشرج بـ أنين خشن .. غليظ كـ غلظة مأساة روحه ..

واخذت شفاهه ترتجف بالاستغفار بينما عرقه يتصبب بغزارة وكأنه كان غارقاً في بركة مياه سحيقة العمق/الظلمة ..


بح صوته الخشن بسبب لهاثه المتواصل وتنفسه الثقيل وتمتم بنبرة مرتعشة:
لا إله إلا الله .. لا إله إلا الله
يـــــــارب
يـــــــارب ارحمنـــــي ..
الـــروح ما عــادت تتحمـــل فرقــــاهم، مـــا عــادت تتحمـــل ياللـــــه ..


قام من فراشه بثقل وهو يمسح على شعره الأسود كثيف المبلل بالعرق بإنهاك روحي تام ..
ثم دخل الحمام وقرر أن يستحم علّ زفرات صدره الموجعة تخف وتبرد بعد حلم أشعل في صدره نيران يصعب اخمادها ..!!!


.
.
.
.
.
.
.


العيــــــــن
صبــاح يـــوم جـــديد
في إحدى المواقع الإنشائية




وقف وقفته المتحفزة العملية على الدوام ونظرة عيناه الهادئة فطرياً لا توحي للناظرين بأن داخل عقل هذا الرجل آلة تعمل بعبقرية وتفكير ذكي ذو سرعة بديهية تامة، فهو يعطي انطباعاً للذين يتعاملون معه بأنه شديد الطيبة، يسهل التحايل عليه وأخذ المطلوب منه بسلاسة ..

ولكنه عكس هذا تماماً ..!!

صحيح إنه يمتلك قلباً طيباً حليماً، ولكن ليس ممن يسهل التلاعب بهم بالكلام والأفعال ابداً ..!!

وكما تقول والدته شريفة دوماً: "خافوا من الساكت" ..!!


كان واقفاً ويتناقش بهدوء مع المقاول التشطيبات الأخيرة المُراد تغييرها قليلاً في المبنى الذي هم فيه ...

شعر بدوار خفيف والشمس الحارقة فوقه تصب اشعتها القاسية الحارقة على رأسه ..


انتصب بقامته التي تتسم بطول متوسط جذاب واضعاً يده على جبهته ويهتف بحزم بالغ: مصطفى خل نكمل في المكتب عنديه .. شو الراي ..؟؟!

رد المقاول مصطفى وهو يهز رأسه بـ موافقة: زي منته عايز يا بش مهندس سيف ..

ركب الأثنان سيارة سيف وانتقلا للشركة الواقعة على بعد 3 شوارع من موقع البناء

دخل مكتبه ومعه المقاول وهو يلتفت لسكرتيرته الكبيرة في السن، وأمر بحزم شديد الاحترام: أم ابراهيم هاتيلي مخطط المبنى الايديد لو سمحتي ..

ام ابراهيم ببسمة حنونة: حاضر يا باشا، دئايئ بس

دخل الرجلان المكتب، وجلسا ليعملا بتركيز تام وفي جو هادئ ومريح ..


وبعد دقائق طويلة مرت .. استقام بجلسته وفتح احدى ادراج مكتبه ليُخرج علبة مسكن للألم .. ثم ابتلع حبة منها علّ الألم الذي يشعر به في جسده يستكين قليلاً

لم يدرك أن العرق يتصبب من وجهه حتى قال له المقاول والقلق بان من نظرة عيناه: أبوماقد بلاش تكمل شغل النهارده،
باين من وشك إنك تعبان خالص ..

هتف سيف وهو يمسح عرق جبهته بإبهامه: لازم نخلص من سالفة هالمبنى اليوم، ما عندنا وقت يا مصطفى

اخذ مصطفى المخطط من بين يدي سيف ثم طواه وهو يهتف باصرار: لأ يا راقل، صحتك عندنا أهم من الشغل والتعتير
انته ارجع لبيتك، وانا حكمل البائي ..

كان سيف سيعترض ولكن المقاول مصطفى قاطعه: ما تخفش يا بش مهندس وراك رقاله
ئولتلك انا حكمل بائي الشغل وبالشكل اللي حيرضيك بإزن الله
امشي بئى ..

هز سيف رأسه بـ عقل متشتت من الإرهاق ووقف ليهم بالخروج .. الا ان مصطفى استوقفه ليسأله باهتمام:
اوصلك البيت ولا تئدر تسوئ لوحدك ..؟!!

أجاب سيف بعينان ذبلتان: لا لا تسلم اروم اسوق


.
.
.
.
.
.
.


أبــوظبـــي



بدلع أنثوي صرف أخذت تدهن ذراعيها الناعمتين بكريم مرطب ذات رائحة تتفجر شغفاً .. من ثم أخذت زجاجة عطرها الفواحة برائحة الفل المركز وعطرت مواضع النبض في جسدها ..

بعد أن انتهت من زينتها، نزلت لتحضر القهوة التركية لها ولزوجها الحبيب ..


لمحته جالساً في الصالة الواسعة وهو يقرأ الجريدة الصباحية ونظارته المخصصة للقراءة تتكأ فوق جسر أنفه بسطوة جذابة ..

ضحكت بينها وبين نفسها وهي تتذكر كيف اقنعت زوجها بطريقتها الخاصة أن يتأخر عن عمله ليشرب القهوة الصباحية معها بجو صافٍ شاعري خاصة بهما فقط ..

دلفت المطبخ بخفة ورشاقة وبدأت تجهز القهوة والبسمة لا تفارق ثغرها ..


لطالما اجتذبت أعين البشر بجاذبية اُلقها الانثوي وطلتها البهيَّة ..

والذي يراها لا يعطيها عمراً كعمرها الأربعين ..!!!

هي في الحقيقة ابعد بكثير عن مفاهيم الكبر ..!!!
لأنها كانت ولازالت تدمن الرياضة بكافة أنواعها .. وهذا الإدمان ما جعل قوامها كقوام عارضات الأزياء
مشدوداً ومرناً بشكل مبهر ..

وتسلل شغف الرياضة لا ارادياً فيما بعد لروح ناعمة ابنة اخيها أبا ذياب عندما قررت الأخيرة ان تخفض من وزنها وتصل للوزن المثالي الذي لطالما طمحت إليه ..!!!


جفلت جزعةً عندما شعرت بذراعين حانيتين تطوقان خصرها بشغف صرف، وصوت يهمس بنعومة في أذنها:
شيطونة انتي ..


هتفت بنبرة باسمة تشع غنجاً راقياً وقلبها يعلن دقاته المغرمة: الشيطونة في خاطرها تشرب قهوة وياك الصبح،
فيها شي ..؟!!

قبّل عنقها من خلف أذنها الأيسر وهمس بنبرة رجولية مثيرة: بس اشرب قهوة ويااج ..!!!
لو قلتيلي يا مصبح فنش من شغلك بفنش وانا اضحك ..


ضحكت بخجل وهي تمسد بنعومة فك زوجها: ههههههههههههههه لا عاد حبيبي هب لهالدرجة ..


تنفس مصبح عبق رائحة محبوبته بقوة وهو يقول بهيام: ناوية تذبحيني اليوم سلامي ..!!


استدارت بجسدها الرشيق وهي ما زالت سجينة ذراعيه .. وهمست بابتسامة ظهرت وسط وجهها ذات التقاسيم الناعمة والفم الصغير: تروحت بالفل اللي تحبه ..

هز مصبح رأسه باعتراض خبيث باسم، وهمس مقرباً وجهه من وجهها باثارة تبعث في قلبها الرعشة: لا يالزينه ..
قولي الفل اللي احبه عليج انتي بسسسسس ..


ارتعشت ضحكتها خجلاً .. وهمست بخفوت غارق بالدلال: انت اللي ناوي تذبحني اليوم يا بوظاعن ..

هتف مصبح بتحذير متسلي وهو ينظر من خلف زوجته: سلامي إلحقي على القهوه ..

انتفضت سلامة بجزع .. والتفتت بسرعة لتطفئ النار وهي تصيح: اووووويه .. كله منك مصبح ..

ضحك مصبح بتسلي صرف وهو يهرب: هههههههههههههههه ما سويت شي انا، لا تتبلين عليه


وبعد دقائق معدودة ..
صبت سلامة القهوة في كوبان أبيضان ناعمان وخرجت لتجلس في الصالة مع زوجها

أخذا يتحدثان والجو المنسجم يضفي احساس رائعاً يزيد من غرام نظراتهما المثقلة بمعاني الحب العذب

وبينما هما يتسامران .. قالت سلامة بتردد: بقولك شي مصبح، وماباك تحرج ورفجه ..

قطب مصبح حاجبيه باستغراب .. قال: شو سلامة ..؟!!

همست سلامة وهي تلعب بطرف لباسها بتوتر خفيف: اممممم اوعدني اول ما تحرج وتاخذ السالفة بهداوة

عدل مصبح جلسته ليقابل وجهها هاتفاً بحزم بالغ: إن شاء الله، يلا قولي ..


قالت سلامة بعد أن تنهدت بعمق: اولة البارحة يوم ظهرت الحوي عسب ازقر البشكارة، شفت ظاعن مندس في زاوية ويدوخ ..
(البشكارة = الخادمة)


تحولت تقطيبة حاجبا مصبح من تساؤل/استغراب إلى انفعال مصدوم .. وقال: شوووه ..!!! ظاعن يدووووخ ..!!!

سلامة ونظرتها بدت حزينة ومتخاذلة: هيه ريته بعيني ..
دخيلك ماباك تحرج عليه .. ايلس وياه وتفاهموا .. انت ابوه .. وهو ما بيلاقي شرواك عون وصديج ..

زفر مصبح زفرة منفعلة حادة .. وهتف: استغفر الله العظيم .. ظاعن يدوخ ..!!
منو معلمنه على الزقاير ..!!
لا انا ولا عمامه ولا خواله ندوخ ..!!

هتفت سلامة وهي تهز كتفيها بقلة حيلة: ماعرف والله حتى انا انصدمت من الخاطر .. يمكن من ربعه يا مصبح
عسب جيه اقولك لازم تيلس وياه وتشوف حل لهالسالفة قبل لا يتعلق بالزقاير زود وما يروم خلاف يودرهم ..

أومئ مصبح برأسه هاتفاً بحزم تخلله تفكير عميق قبل ان يقف: إن شاء الله إن شاء الله .. فليل بيلسه جدامي واعرف منه كل شي ..

أضاف وهو يأخذ شماغه وعقاله: يلا عيل .. انا ساير الدوام ..


.
.
.
.
.
.
.


شركة بن خويدم – فرع أبوظبــي




وصل الشركة في تمام الساعة الحادية عشر ..
كان يمشي بين الممرات والردهات وعيناه تبثان نشوة تتفجر راحة لا توصف بعد ليلة لا تُنسى قضاها في احضان زوجته ..


يالمُكر أهدابك التي ترقص بفتنة أمام ملائكية عيناكِ يا امرأة ..!!!
كيف لهمساتك تلك القدرة على إغراقي في بحر انتِ حوريته ..!!
كيف لسكرة لمساتك ودفئه الناضح القدرة على نسياني حروف اسمي ..
وكلمات نبضي ..!!

كيف ..!!

كان هائماً ويتذكر بعشق صرف ملامح وجه محبوبته المشبع بالجمال، ولا يدرك بأن هناك عين أنثوية تتلصص به، وتتمنى سقوطه في شبائكها في أقرب فرصة متاحة ..!!


مر على سكرتيره النجيب صالح وسلم بصوت جهوري باسم: السلام عليكم

صالح باحترام ودود: وعليكم السلام ورحمة الله
شحالك يا بوخويدم ..؟!

بطي: بخير يعل ربي يعافيك ويسلمك
ومن صوبك يا صالح ..؟؟

صالح: الحمدلله ما نشكي باس

بطي: شو صحة الوالدة اليوم ..؟!!

صالح: والله الحمدلله، أحسن عن البارحة بوايد

بطي بحزم تخلله تقدير صادق: ما تشوف شر ام صالح، الله يعطيها الصحة والعافية

رد صالح شاعراً بالامتنان لـ اهتمام رئيسه بأحواله وأحوال عائلته: الشر ما ييك يا بوخويدم، تسلم ما تقصر


دخل بطي مكتبه الذي كان يطل على حديقة كبيرة ذو نافورة ضخمة ومنظرها يبعث البهجة في الروح، خصوصاً عندما تتجمع العصافير عندها وتأكل ما ينثره العامل الهندي من حبوب لهم


جلس وهو يفتح حاسوبه المحمول، ليبدأ بمراجعة شروط المناقصة التالية بتركيز ودقة ..


بعد دقائق عديدة، أتاه رنين الهاتف الذي اخرجه من تركيزه الشديد ..

إلتقط هاتف مكتبه وأجاب بحزم قوي: ألووووو

: طمعانين بعد بمناقصة البنك المصري يا بوخويدم
اشرايك تعطينا اياها ..؟!!!


قطب بطي حاجبيه والغضب بدأ يتسلل بين ملامح وجهه، ولكنه رد ببرود يجمد أوصال الجليد نفسه:
لو تقصد إن المناقصة هاييج عطيناكم اياها عطية، فهذا اعتبره مديح طوليه بعمرك ..
لأن محد يروم يلعب من ورا بوخويدم ويصرقه عيني عينك ..!!

ضحك الآخر بخبث: ههههههههههههههه بس غيرك رام عليك يا بطي ..

بطي بابتسامة جانبية لم تتجاوز عيناه اللتان اصبحتا قاسيتان وتبرقان اشمئزازاً:
غيري يبا يصعد سلالم النجاح على جتوفيه، ولا يقدر يسوي 1% من اللي سويته انا بنفسي ..
روح يا شاطر وإلعب على واحد صغير شرواك، وهب بطي اللي بتصعد انت وغيرك على حسابه
كان غيرك أشطر يا ولييييييد .. (وليد تصغير ولد)
يلا اسمحلنا وقتنا ثمين ما نقضيه في أمور تافهة ..


وأغلق الخط بقسوة باردة .. وقال بنبرة كالفحيح .. نبرة متوعدة عاصفة:
آخر مرة أخلي الأمور تفلت من ايدي ..


وبعد مرور ساعة، سمع طرقات رقيقة آتية من باب مكتبه

هتف بصوته الرنان وعيناه ما زالتا على الأوراق والملفات الكثيرة أمامه: تفضل

بصوت مشبع بالانوثة/الغنج قالت الطارقة: صبحك الله بالخير بوخويدم ..


رفع رأسه وهو يقطب حاجباه باستغراب
وما إن لمح طرف وجهها الممتلئ بالزينة المُتقنة، حتى أنزل عيناه بنزق مجيباً برسمية باردة:
صبحج الله بالنور أليازية
بغيتي شي ...!!!

تلاعبت ابتسامة جانبية ماكرة على ثغرها .. وقالت: يبت التصاميم الداخلية اللي طلبتهن البارحة ..

قال بصرامة وهو يوقع على أحدى الأوراق أمامه: أظنتي طلبت من سالم المنصوري يخلصلي التصاميم هب منج انتي

احتقن وجه أليازية حرجاً .. وقالت وهي تكتم غيظها من برودة/تصرفاته الجافة: انا حبيت اخلص التصاميم واعطيك اياهن،
وبعدين سالم اليوم ما داوم، اتصل وقال إنه تعبان ..


أشر على طاولة مكتبه وقال بحزم مهني: حطي التصاميم هنيه لو سمحتي وتفضلي ..


لم تعد تتحمل قسوة تعامله معها، ولا نظراته التي تحولت لاحتقار واشمئزاز مقيت .. اطبقت شفتيها ببعضهما وهمست من بين اسنانها: انا شو سويتلك ..؟!
ليش جيه تعاملني ..!!!


رفع بطي رأسه ولمعان الصقيع تبرق من نظرته المظلمة .. وقال بـ وعيد مرعب:
كلمة ثانية يا آنسة أليازية وبوقع ورقة استقالتج، انا حاشم أمج المسكينة، لو مب هي جان أنا من زمان مفنشنج على استهتارج وتعديج الخطوط الحمرا ..

وأردف بقسوة وهو ينزل رأسه مرة أخرى: حطي التصاميم وتوكلي لو سمحتي ..


ارتجف قلب أليازية غيظاً وغضباً لكلماته، وبخشونة لم تعتد اظهارها أمامه هو بالذات، وضعت التصاميم فوق مكتبه واغلقت الباب ورائها بحدة ..


مشت وملامح تشتعل وعيداً لـ انثى تعرضت لخدش رهيب في كبرياءها/انوثتها ..!!!!

حسناً أيها الـ بطي .. حسناً ..
سنرى من سيركع مهزوماً في النهاية ..
انا ..... ام انت ...!!!!


.
.
.
.
.
.
.


في مكان آخر




كان كالدبور الزنان يتحرك يميناً ويساراً والحقد ينهش قلبه بوحشية قبل ان يرفس الطاولة الخشبية التي أمامه


عجبـاً ..!!

ما قيمة الحياة يا هذا بلا هدف سامي ندعو له ..!!
ما قيمتها ونحن نركض بأعين معصوبة ونلهث خلف أمور نحن نجهل ماهيتها من الأساس ..!!
ما أهميتها إذا لم نكن نحن بني البشر خلفاء لله على الأرض نعمل ما أمرنا الله به وننهى عن ما نهانا عنه ..!!
ما قيمة وجودنا كأرواح خلقها الله إن لم نعمر دنيانا بالقلب الطاهر والسيرة الحسنة
ونستقبل آخرتنا بالعمل الصالح والإحسان لكل ما اهدانا اياه سبحانه من نِعَم ..!!


كان هو هكذا ولا زال، معمى البصيرة عن كل ما يجري حوله، ولا يهمه أبداً سوى نفسه وأهدافه الذي يطمح إليها، فهو منذ أن قُتل والده على يد سلطان ورجاله "كما يدعي" .. وهاجس الانتقام ينهش فؤاده/روحه ..

وكأنه كان مقرباً من والده قبل موته ليغضب كل هذا الغضب ..!!!

لأجل الانتقام فقط .. ولأجل المال كذبك .. قرر الدخول مع ابامرشد في مخططاته الشيطانية والتي تطمح لأبعد ما يطمحه هو ذاته ..!!

وحتى بعد دخوله بين تلك الجماعة ومعرفته اغلب اسرارهم، لم يهتم ....!!

فهو فقط يريد رأس سلطان
سلطـــــان لا غيـــــــر ..!!
كيف .. وبأي طريقة .. هو لا يعرف ..!!

ولكن لابد من طريقة يستطيع بها تمريغ أنفه الشامخ بين التراب
لابــــــــــــد ...!!


أتاه صوت مرزوق الفظ ليخرجه من احلام اليقظة الضائعة في وحل حقده المرير: حوووه موينع، قاعد ارمسك اناااا

هتف مانع بفظاظة مشابهة: هااا شو تبااا ..!!!

قال مرزوق بسخرية وهو يشرب من الكأس التي في يده: بتم وارم وايد يعني ..!!!
(وارم = عابس/زعلان)

وشو يعني ما حضرت الاجتماع مع بومرشد ..!!
انا بعد ما حضرت الاجتماع، ما سويت اللي سويته انت ..

هبّ مانع واقفاً وهو يصرخ بغضب لم يستطع كبحه: انا من زمااااااان متفج وياه على هالشي ..
من قبل ثلاث سنين ونحن متفجين وقلتله ابا اكون وياك في هالاتفاقية كلها وقالي تم وصاااار
شحقه الحينه غيّر رايه ..!!


صرخ مرزوق بغضب مشابه وهو يأشر بيده: لا تزاعج عليه يا موينع فاهم ..!!
(لا تزاعج = لا تصرخ)

سر تفاهم وياه شو خصني فيكم انا ..!!

وباستهزاء متفجر أردف: وبعدين انت غبي ..!!!!
قلنالك ألف مرة انت توك شارد من السجن .. يعني لازم تقر مكانك وما تطلع جدام الناس وايد ..
تبا هالمره تسااااااااافر ..!!!
السااااع نفدت من ايد سلطان وجماعته .. والله ليزخونك قبل لا اطب المطار ..
(زخوك = مسكوك) (الساع بمعنى عز الله ^^)

تأفف بحدة والضيق يملأ جنبات قلبه الأسود: افففففففففففففففف الله يلعععععـ..... واللي ياااااب .........


صمت مرزوق وهو يرى غضب مانع حقيقي ولا يستهان به ..


.
.
.
.
.
.
.


العيـــــــــن



خرجت من غرفتها وبسمتها تشرق مع اشراقة شمس الصباح الأخاذ ثم نزلت من الدرج وشعرها الطويل الأسود الذي موجته مساء أمس يتراقص خلفها بخيلاء خالص ..

استأذنت من والدتها لتذهب لمنزل شقيقها بطي وتجلس قليلاً مع آمنة ..
وبعد ان تأكدت من ثبات حجابها المنزلي الطويل الذي يغطي كامل جسدها على رأسها ..... خرجت ..

ما إن وصلت الى المنزل ودخلت، حتى سمعت من بعيد بكاء الصغيرة لطيفة الحاد تخلله صراخ متهكم من آمنة


ابتسمت ودخلت اكثر الى الداخل بخفة لا تكاد تُسمع ..

وهتفت بانتعاش عندما رأت آمنة جالسة في غرفة ألعاب اطفالها مع ابنها سلطان وابنتها لطيفة: السلام عليييييييييكم

رفعت آمنة رأسها وهتفت ببهجة: وعليكم السلاااااااام، هلا والله وغلاااااااااا
ثم وقفت لتسلم على صديقتها المقربة بمحبة صرفة .. بينما هتفت هتفت بنبرة شفافة دافئة: هلا غناتيه ..

وأردفت بمكر رقيق: بلاج تباغمين من صباح الله خير، شعندج ..!!!!
(تباغمين = تصرخين)

ردت آمنة وهي ترمق سلطان بنظرة توبيخ: منو غيره اللي يطلع زياريني دوم ..!!
الشيخ سلطان ما راح المدرسة اليوم، يقول اونه راسه يعوره ..

ضحكت شما وهي تسحب سلطان لتجلسه بقربها: ههههههههههههههه راسك يعورك مرة وحدة يالشيبه ..!!
شحقه عاد شو ياك بسم الله عليك ...؟!

زم سلطان فمه وقال بتهكم طفولي: عموه شوشو تعبان انا ماما ما تصدقني ..

اعطته نظرة من تحت رموشها .. وقالت بشقاوة: ليش يا ماما ما تصدقينه ..!!

قالت آمنة بنظرة نصف عين وجهتها لابنها المحتال: ماعرف من منو متعلم هاللواته يختي ..

رد سلطان باستنكار وهو يمص المصاصة ذات نكهة الفراولة: مب لوتي انا مامااااااااا
(اللوتي تُقال للشخص الذي يأخذ/يفعل ما يريد بالحيلة والتلاعب)

ابتسمت شما وهي تعبث بشعره وقالت: انزين عط عموه شوشو مصاصه

وقف سلطان وهو يهتف بحماس مرتفع: عندي كرتون كبير كلللللللللله حلاو ومصااااااص ..

هرع لغرفته ليجلب الكرتون ..
وعندما عاد، جلس بجانبها ومد إليها مصاصة كتلك التي معه ..
وبذات حماسه المُبتهج هتف:
عميه سلطان يابلي كل الحلويات اللي احبهاااااااااا


اهتزت يدها فجأة وبهت لون عيناها وهي تهمس بخفوت تخلله صدمة موجعة: عمك سلطاان ..؟!

قال سلطان الصغير وهو يعطي عمته الغالية العشرات من الحلويات الصغيرة والمصاص بسرور تام: عموه شوشو انتي بس بعطيج الباقي لااااااااااا


أخذت آمنة تراقب وجه شما الذي تغير 180 درجة واختفى لونه حتى استحال لشيء ...... ميت ...!!!!

الا انها هتفت وهي تغير مجرى الموضوع: سلطان حبيبي شل الكرتون ووده حجرتك، الحينه لطوف لو شافته بتعق الحلويات كلها على الأرض ..
يلا حبيبي نش ..

قام سلطان الصغير ليُرجع حلوياته الى غرفته .. بينما استدارت آمنة لتواجه نظرات شما التائهة والمتفجرة بآهات ليس لها نهاية ولا حدود ..!!!

تنهدت وقالت لصديقتها بحزم: يا بنت، هب حالة هاي كل محد ياب طاريه ينجلب ويهج ويغدي اصفر ..

زفرت شما زفرة حارقة عنيفة لتزيح عن عيناها ضباب التوهان البائس .. وقالت وهي تتنحنح لتبث القوة في صوتها: خلاص أمون أصلاً ما عاد لأسمه وطاريه تأثير على قلبي، نسيته ونسيت كل شي صار قبل ..

رمقتها آمنة بنظرات متفحصة علّها تستشف الصدق بين حروفها وتلمس بحق إصرار روحها في المضي قدماً بحياتها ..

هتفت شما والضيق ينال حيزاً ليس بهين بين دروب روحها: دخيلج أمون لا تشوفيني جيه، قلتلج خلاص
نسيت كل شي انا ..

قالت آمنة بهدوء من بين نظراتها المتأملة: إن شاء الله تكونين صادقة يا شما ..


بعد مرور دقائق ليس بالقليلة عليهما مع دخولهما في أحاديث متنوعة وفكاهية لإزالة الجو الكئيب الذي عم المكان منذ قليل ..

هتفت شما بمكر أنثوي شقي: أشوف ويهج منوّر اليوم ما شاء الله وغادي جيه ماعرف كيف ..
شو الساااااااااالفة ..!!!

ضحكت آمنة بخجل متوهج وقلبها يرقص فرحاً منذ الصباح، فهي قد قضت ليلة من أجمل ليالي عمرها مع بطي: ههههههههههههههه ايييييه شميمي يوزي عن حركاتج هاي ..

ضحكت شما ضحكة مسرورة وهي ترى السعادة تنضح من عينا صديقتها، وهتفت بذات شقاوتها الحلوة:
والله محد رام اييب راسج الا هالبطي ههههههههههههههههههههههههه ه

تنهدت آمنة ببسمة عشقٍ صافية وقالت بخجل اشعل الاحمرار في خدودها: آآآآآآآه فديته يا ربيه وفديت طوله وعرضه وعيووووووووونه ..

ضحكت شما ضحكة رنانة لم تستطع مقاومتها وهي تدعي بقرارة نفسها بصدق شفاف أن يحفظ الزوجان لبعضهما ويبعد عنهما العين .. والحسد ..

وفجأة، سمعن صوت أم العنود الرنان: سلام عليكم يا هل البييييت

آمنة بصوت ناعم رنان: وعليكم السلام ورحمة الله، تعالي ام عنووده نحن هنييييه ..

دخلت المرأة الكبيرة ذات الخامسة والأربعين سنة على الفتاتين وهي تزيح عن وجهها البرقع وتهتف ببسمة تتفجر حناناً صرفاً: خطفت شوي على قوم خالوه وشريفة توني، تخبرتهم وين شميمي وقالوليه مسيرة على آمنة ..
(خطفت = مررت)

شما بابتسامة ودودة: هيه من شوي يايه ..
وأردفت بنعومة: شحوالج بنت الخاله ..؟!

أم العنود بنظرة تقطر دفئاً: الحمدلله بخير ونعمة

شما: يعله حالن مديم يا ربيه
لكزتها أم العنود وهي تهتف بنظرة غامضة ذات معنى: وقلبي بعد بيغدي بخير لو سمعتي شوري وطعتيني ..

قطبت شما حاجبيها باستغراب باسم: أنتي الغالية يا ام العنود من متى انا ماسمع شورج ..؟؟!


رمقت أم العنود آمنة بنظرة مقصودة، وفهمت آمنة سريعاً بأن الاخيرة تريد أن تخلو بـ شما قليلاً ..

وقفت وقالت ببسمة شقية:
سويت كيك انما اييييه .. بتاكلن اصابعيكن وراه .. صبرن بييبه ..

ذهبت لتقوم أم العنود من مكانها وتجلس بقرب شما لتهتف بعدها بحزم رقيق: تعرفين انج غاليه عنديه شميمي صح ..!!


اجابتها شما بنظرة باسمة .... وانما تائهة: هيه اعرف ..

تنهدت أم العنود قبل ان تقول: وتعرفين اني اعدّج انتي والعنود واحد، انتي بنتيه قبل لا تكونين بنت خالتيه ..

اضطربت دقات قلبها بشكل مفاجئ مخيف .. الا انها ابتسمت بهدوء وقالت: وانتي امايتي الثانية والله، وغلاتج ماله حدود في قلبيه ..

حدّقت بها أم العنود بنظرات متفحصة وقالت بعدها بنبرة مباشرة: تتحرين ما عرف ان قلبج متعلق بـ ولد ظاعن وانج رفضتي الخطاطيب طول هالسنين عسبت هالشي ..!!


وقفت بحدة من غير احساس منها والارتباك بدأ يصعد من أسفل قدميها إلى أعلى قمة في رأسها ...!!!

صدمة تلك التي واجهتها وهي تسمع ما تفوهت به أم العنود ..


أهيَ مكشوفة للعيان لهذه الدرجة ..!!!
كيف علمت ابنة خالتها بحبها الدفين وهي التي لم تتفوه بهمسة واحدة لأحد ..!!!!
سوى آمنة التي عرفت بالصدفة البحتة ولم تصرح بهذا بشكل مباشر حتى ..!!

أحست بكهرباء يسري في جسدها وهي تحاول التفوه بتبريرات لا تستحضرها الآن ...
وتلعثمت بارتباك شديد أليم وهي تشعر ان حنجرتها أصبحت جافة .. جافة كـ جفاف قلبها منذ سنين طويلة:
أ أ أ أنـ أنتي شـ شو تقولين ..؟!!

وضحكت ضحكة قصيرة متوترة مصدومة .. وتابعت بفك يرتعش: هههههه أي ولد ظاعن وأي قلب متعلق
شـ شو هالرمسة يا ام العنود ..؟!!

اكملت وهي تبرر بشكل بائس مثير للشفقة: و و و وبعدين انتي ناسية انيه وافقت عقب ولد ظاعن على عبدالله بن راشد السراي وخذته بـ بـ بس الله ما كتب لهالعرس يتم ...


يالله .. تشعر باضطراب ساخن يغزوها حتى انعدمت سيطرتها بشكل كلي على فكها المرتعش ..


ظلت أم العنود تحدق بها قبل ان تقول بنبرة هادئة تستغلها لتمهد للموضوع الأهم بشكل صحيح:
قعدي شما حبيبتي
هدي شوي، انا ما قلت هالكلام عسب تبررين وتقولين عكس اللي تبطنينه في روحج ..
انتي صدق وافقتي على عبدالله لجنه قلبج هب معاج .. ولا مع حد ..
قلبج مع سلطان ..
وانا اكثر وحدة شافت فرحتج يوم عبدالله طلع هب كفو وشرد مع اللي كان يحبها عقب ما عطاج الطلاق ..!!

وأردفت بثقة عالية: حبج لسلطان شي مفروغ منه وأعرفه من سنين طويلة بعد، من 13 سنة
بس ما خبرت حد وتميت ساكتة ..
بس مسألة انج تهدمين حياتج واتمين عايشة على مشاعر ذبلت روحج بدال ما تحييها وتضويها فـ ها اكبر غلط ..
ولازم تعرفين ان اللي تسوين ظلم لنفسج ..

جلست شما والحزن اثقل وجدانها بقسوة .. وهمست بوجه احتقن من الانفعال جاهلةً تماماً أهي صادقة ام كاذبة: عاشه انا ماعرف كيف عرفتي بهالشي .. بسس صدقيني انا خلاص نسيته .. محيته من قلبي وعقلي
صدقيني نسيته ..

هتفت ام العنود وعيناها تشع حزم/اصرار: خلاص عيل، شي ريال يباج حليله وناوي يتجدم لج
شو رايج ..؟!!


اتسعت عيناها للحظات .. قبل ان تهتف بنبرة خالية من الإحساس: واحد يبا يتجدم .. ؟! منوو ؟!

أم العنود بحزم: هزاع ولد عذيج الله يرحمه ..


تأملت شما الفراغ امامها بنظرة جوفاء لا تُفسّر .. ثم قالت بنبرة مبحوحة اختفت بسبب "وجع الفؤاد": اللي فيه الخير الله يجدمه ..

هلت أسارير أم العنود وقالت بسرور: يعني موافقة ..!! نخليه يتوكل على الله ويخطب ..!!!

ردت شما بصرامة اخفت تحتها انين حبها المغدور: موافقة يتجدم ويرمس الرياييل بس ما بقول جلمتيه الاخيره يلين ما يتخبرون عن الريال ويعرفون معدنه وطيب اصله ..


.
.
.
.
.
.
.


أبــــــوظبـــــــي
في إحدى ضواحيها الجميلة




بمنتهى التركيز والدقة أخذت الأوراق وألصقتها بمهارة على اللوحة البيضاء التي أمامها، وبدأت ترسم العصافير والأشجار وتدندن بأنشودة للأطفال كانت قد حفظتها من سعيد ابن شقيقتها الكبرى عوشة ..


بعد أنتهت من الرسم، وقفت بقامتها القصيرة التي تعطيها عمراً أصغر بكثير من عمرها الخمسة وعشرين لولا جسدها المتفجر بالأنوثة ذو التقاسيم الكمثرية قد خالف هذا الانطباع ..


زفرت بنعومة لتهتف بابتهاج: وأخيرااا خلصته
ثم همست بتهكم رقيق: الله يهديها فطوم، ما قالتلي عن اذاعة باجر الا قبل شوي،
بس الحمدلله خلصت اللوحة خلاص ..


: حناااااااااااااااان حناااااااااااااااااااااان
تعالي يلا تفاولي ..


حنان بصياح عالٍ لتسمعها والدتها: ان شاء الله امااااااااايه ياااااااااااايه ..

دخلت الحمام لتستحم بسرعة البرق، ثم لبست ملابسها ونزلت ..


ما إن اقتربت من صالة المنزل حتى سمعت أصوات عديدة مختلطة، وقال بابتسامة وهي تلتفت: هلا والله بـ ام زايد وفريخاتهااا ..

رمقتها عوشة نظرة حادة وقالت بنزق: كم مرة اقولكم لا تزقرونيه ام زايد، اسميه عووووشة
عووووووشة وبسسسس
(تزقرونيه = تنادوني)

أم حميد بتهكم: ويدييييييه، اول مرة اشوف حرمة ما تبا حد يزقرها بولدها
(ويديييه = كلمة تُقال عند الشعور بالدهشة او الجزع، وتُستخدم غالباً من قبل النساء الكبيرات والعجائز)

عوشة بغيظ مقيت: انا جيه عاده، ازقرونيه عوشة وبس

قطبت حنان حاجبيها وحال أختها "المتذمرة على الدوام" لا يعجبها بتاتاً .. ثم هتفت بنبرة ساخرة: لا يكون بعد قايله حق قوم ريلج لا تزقرونيه ام زااايد ...!!!!

ردت عوشة بذات نزقها وعيناها تنضحان بغضاً: شو ياب طاري هاييل الحينه، خلينا رايقين ومرتاحين ..

حنان بتهكم شديد: والله انتي غريبة ..!!
عيل وحده عندها ريل مثل الذهب طيب ويحبها وهله عرب اياويد طيبين وحشام وتبغضهم ..!!!

عوشة بنظرة مستهزئة: بدت عاده حنون ودروسها الخصوصية ..

اردفت ببرود فظ وهي تشرب قهوتها: اقول ريحيني من حشرتج ..
مالي بارظ ابد لخرابيطج ..

التفتت حنان لوالدتها بنظرة مستنكرة تطلب منها وضع حد لتصرفات عوشة غير المسؤولة ..

لم تفعل والدتها سوى ان هزت رأسها بقلة حيلة .. لتقول بعدها لـ عوشة بنبرة حنونة مهتمة نصوحة:
امايه عوشة حافظي على ريلج وبيتج
الريال ما يبا من الحرمة الا الكلمة الطيبة الزينة، شعنه انتي جيه وياه فهميني ..!!!

قلبت عوشة عيناها بلامبالاة مجيبةً بنبرة كالثلج: انا جيه، ولو هو هب عايبنه يشرب من ماي البحر، ما بغير نفسي عشان حد امايه ..

وقفت حنان انزعاجاً/غيظاً للترهات اللي تخرج من فم أختها المستهترة، وهتفت بحدة وهي تذهب الى المطبخ:
ما اقول الا الله يعينك يا بوزايد بسس ..


.
.
.
.
.
.
.


في ذات المدينـــة




كانت جالسة على إحدى الكراسي المطلة على باحة المنزل الأمامية وتشرب شايها الأخضر المسائي بمزاج رائق ومسترخي ..

أتاها شقيقها الصغير حمدان وهو يتهكم بضجر: فطيم ماعرفت أحل هالمسألة

قالت باهتمام وهي تنزل كوبها: عطني خل اشوف

أعطاها الكتاب وجلس على الأرض بالقرب من قدميها بينما أخذت هي تقرأ السؤال بتمعن وعيناها تلتقط الأرقام باستجابة تامة ..

قطبت حاجبها باستغراب وهي تشعر بحركة عند قدميها، أنزلت رأسها لترى حمدان يعبث بطرف ثوبها بطفولية حلوة ..

ابتسمت لهذا الفتى وهي تدعو الله أن يحفظه بحفظه الكريم، فهو الوحيد الذي لم يتلقى الحب والحنان من صدر أمهم الراحلة

أمهم التي فارقت الحياة وقت مخاضها قبل اكثر من ثلاثة عشر سنة

أخذت تردد في قلبها بشوق صرف: الله يرحمج ويغفرلج يالغالية

ثم هتفت برقة وهي تمسد شعر شقيقها بحنان: ييب قلمك بفهمك كيف تنحل المسألة

قال حمدان بسرور: اوووونه، زين صبري القلم داخل

ركض للداخل، لتبتسم فطيم وعيناها تتغيمان بالعاطفة الجياشة ..
فهي بالرغم من شقاوتها/طبيعتها اللامبالية .. وتأففها الدائم من المسؤولية التي وقعت عليها بعد سفر ناعمة لأسبانيا ..
تظل تلك الفتاة صاحبة القلب الأبيض كالقطن .. وتحذو حذو الرجال بأفعالهم ومواقفهم الثابتة إذا تطلب الأمر ..
كـ أختها الكبيرة تماماً ..!!


أتى حمدان وبيده القلم، وجلس بقربها وأخذت الأخيرة تفهمه بشرح سلس ومبسط ..


بعدها ذهب ليكمل واجباته المدرسية وليترك شقيقته تتصل بشقيقهم الكبير ذياب وتسأل عنه وعن أحوال ناعمة ..


وقبل أن تطلب الرقم، أتتها رسالة من الواتس آب من صديقة أختها حصة وهي تقول: فطيم بتخبرج

ردت فطيم برقة: تخبريني يا بنت عبدالله *وجه يغمز بعينه*

حصة بتساؤل: متى طيارة هل اسبانيا باجر، من الصبح اكتب لأختج ولـ رواضي ومحد منهن ردت عليه ..!!

ردت فطيم: باجر ان شاء الله طيارتهن بطير من اسبانيا لين فرنسا ترانزيت، عقب من فرنسا لين هنيه
وبيوصلون البلاد بإذن الله على الساعة 9 المسا *وجه يبتسم ابتسامة كبيرة*

حصة : اهاااااااا زين عيل، يوصلون بالسلامة ان شاء الله *قلب*

فطيم: الله يسلمج حصوصة ما تقصرين *وجه يُقبل*


.
.
.
.
.
.
.


دبـــــــي



كان واقفاً أمام سيارة صديقه وقفته المُعتدة ويحادثه ..
وبعد أن ذهب صديقه ..
دخل للمنزل وهي ينزل نظارته الشمسية واضعاً اياها في جيب ثوبه الأمامي ..

سمع أصوات وهمسات آتية من غرفة والدته، فقرر أن يدخل ليسلم عليها بعد يوم كامل خارج المنزل

طرق الباب بصوت عالٍ وقال بحزم دافئ: وينج يا ام نهيان ..!!

سمع رد والدته المفعم بالحنان: تعال تعال فديتك

دخل وهو يرى شقيقته الصغيرة مهرة وهي قريبة من أذن والدتها وكأن نقاشاً سرياً يجرى بينهما ..

قال وهو يقطب حاجباه بتفكه: هب جني قاطعت اجتماع الأمم المتحدة ..!!

ضحكت أم نهيان وهي تأشر لـ فلاح بأن يجلس بقربها: هههههههههههههههههه لا فديتك هاي مهاري ام العلوم تهذرب على راسي بس ..

هتفت مهرة بحماس لم تستطع مقاومته وهي تبتسم ابتسامة واسعة: الفاااال لك ياااااارب

رفع فلاح كلتا حاجبيه بتعجب .. وقال: شو السالفة ..!! اعترفن

رمقتها والدتها بنظرة حادة/تحذيرية ولكن مهرة لم تسكت من فرط سرورها: ناويين نخطب حق نهيااااان

ضحك فلاح ضحكة قصيرة مندهشة .. ثم قال باستغراب: تخطبون حق نهياان ..!!
بتخطبون له منوو ..!!

لكزت والدته بغيظ فخذ مهره التي لا تستطيع كبح ثرثرتها: ماشي يا فلاح شفنا بنية وعيبتنا، قلت حق مهره شحقه ما نخطبها حق نهيان عقب ما نعرف رايه بالسالفة ..

مهره وهي تضع يدها على خصرها: يحصله بنت عبدالله بن خويدم ويقول لاااااااااا



لا يعرف لمَ شعر ان عاصفة ثلجية جرفته على حين غفلة منه .. عاصفة اكتسحت عضلات جسده عضلة عضلة ..


ابنة عبدالله بن خويدم ..!!!!!!



ام نهيان بحنق: اش يا بنية خلاص ..

تنحنح فلاح وقال بفضول لم يظهره للسطح: وانتو قلتوا حق نهيان عن هالسالفة ..؟!

أم نهيان وهي تهز رأسها بـ لا: لا بعدني، بشوف أبوك أول ..


صمت والصدمة المُربكة لكيانه افقدته التركيز للحظات ..


سأل بلا وعي منه ... وبنبرة تشبه طبعه الواثق الذي لا يعرف التردد: امايه، تحيدين يوم عزيمة هل العين ..!!

أم نهيان باستغراب: هيه فديتك ليش ..؟!

تنحنح قليلاً قبل ان يسأل بنبرة غامضة: البنية اللي ترمسن عنها كانت لابسة عنابي ..؟!!


اتسعت أعين أم نهيان ومهره بصدمة كاسحة ..

أم نهيان بغضب حقيقي: فلاحووووه، شعرفك انت في البنية واللي كانت لابستنه يا مسود الووويه ..!!!

فلاح بصوت واثق لم يهتز: امايه علني افداج جاوبيني، هي ما غيرها ام العنابي ولا ..!!

مهره بصوت رقيق متردد: هيه حصة الوحيدة اللي كانت لابسة عنابي هاك اليوم

وبختها والدتها وهي تقرص فخذها بتهكم غاضب: صه صه .. يا السباااله

تأوهت مهره وهي تبتعد عن قرصات والدتها الحانقة: آآآآآآآي اماااايه شو سويييييت ..!!
هو سأل وانا جاااااوبت ..


وقف فلاح بتأهب والانفعال ظهر من مقلتاه المظلمتان بقوة .. ثم هتف بصرامة قاسية: امايه لو لي قدر عندج، لا ترمسين ابويه عن سالفة الخطبة الحينه ..

وخرج كإعصار يجتر ورائه اشجار ومدن من هول انفعاله المخيف الذي لا يُفسّر ..!!!!


نظرت مهره لوالدتها فارغةً فاهها بذهول .. وقالت بعدها ببلاهة: امايه شو سااالفته هذااااا ..!!

قطبت والدتها حاجباها باستغراب هي الأخرى لترد على ابنتها ببال شارد: ماعرف يا بنتيه علمي علمج



.
.



أما عند ذلك الذي يبتسم ابتسامة لم تتجاوز عيناه، ابتسامة قاسية/متوعدة/خبيثة ..
فقد بدأت ذبذبات عقله بالركض كـ ركض المارثون وهو يهمس بخفوت حاد ونظرة عيناه تصلبت بقسوة كالفولاذ: يت لعندك يا فلاح على البارد المستريح، بنشوف ياللي اسمج حصة لو الشنب خسارة فينا ولا لا ..!!


.
.
.
.
.
.
.


العيـــــــن



قضمت قضمة كبيرة من السنكرز بنهم طفولي وهي تشعر وكأنها تغرق في بحر من الشوكولاته والبندق ..

قطبت حاجباها بألم مفاجئ وهي تمسد ذراعها الأيسر ..

أتاها صوت والدتها الحنون وهي تهتف بقلق: امايه ميره شو ايدج الحينه ..؟؟

ردت ميرة وهي تقضم قضمة أخرى من الذي في يدها: احسن الحمدلله بس بعدها تعورني شوي ..

والدتها بتهكم قلق: عيزنا البارحة معاج، قلنالج يا بنية خل نوديييج العياده، انتي ما طعتي ..

ميرة بملامح توحي بالقرف: ووووع تبيني اشم ريحة العيادات والادوية ..!!
مستحييييل ..

وأردفت وهي تطمأنها: الحمدلله خف الويع عن اول لا تحاتين فديتج ..

هزت والدتها رأسها وهي تتمتم بالحمد والشكر لله
وأردفت بتساؤل: الا حصيصي وين ..؟!!

ميرة بابتسامة: خليها حصيصي على صوب .. مستانسة الحبيبة .. باجر بيردن ربيعاتها من السفر

ابتسمت أم سيف بحنان امومي: فديتهن ناعمة وروضة، الله يردهن بالسلامة ان شاء الله

ميرة: امين يارب


أتت الخادمة لتضع أمام ميرة كوب قهوتها السوداء، وقالت بنبرة آسفة وضمير مؤنب: ميرة كيف هالك توداي .؟؟
( كيف حالك اليوم .؟؟)

ابتسمت ميرة بخفة: الحمدلله راشيلدا بخير

أم سيف بتحذير هادئ: يا راشيلدا مرة ثانية لا تغسلين مكان وتخلينه قبل ما تتأكدين أنه الصابون راح والماي نشف،
زين !!!!

راشيلدا باستياء على حال ميرة: اوكي ماما
وأردفت وهي تسأل باستغراب فضولي: ميرة مين هادا رجال كان واقف ئند انتي .؟!!
(ميرة من الرجل الذي كان واقفاً بجانبك ؟)

أم سيف بنظرة مصدومة: رياااااال ..؟؟!! اي ريال ميروووه ..!!!

ردت ميرة بشقاوة: ماي بوي فريند امايه

ام سيف: ميروه عن الاستهباااال
اي ريال تطري راشيلدا ..؟!!!

تأوهت ميرة بذات الابتسامة: امااااايه اي ريال بعد الله يهديييج ..!!
عميه احمد ماغييييير

التفتت ام سيف للخادمة راشيلدا وقالت باستغراب: وانتي شحقه تتنشدين ..!!
ماتعرفين بابا احمد يعنييي ..!!!

الخادمة بتلعثم مرتبك: بسسس ماما هاداااااا .......

قاطعتها ميرة وهي تقول باستهزاء: هاي ما تركز اصلا، روحي روحي خلاص

ذهبت الخادمة وهي تحك رأسها وتفكر
صحيح بأن الذي لمحته يأخذ قليلاً من ملامح احمد، لكنه أطول وأقل بياضاً من أحمد الذي يتميز ببياض عكس بقية أشقائه السمر ..!!
هي متأكدة بأن ذلك الرجل لم يكن أحمد ..!!!


أما الشقية تلك، فتنفست الصعداء ما إن ذهبت الخادمة معتقدةً أنها ستكشف أمام والدتها أمراً هي نفسها غير متأكدة منه !!
فهي ما زالت تظن أن الذي كان بجوارها عمها أحمد
ولكن الذي جعلها تشكك في الأمر أن عمها ما كان ليدع الخادمة تحملها ويتركها ويذهب وكأن شيئاً لم يحصل ..!!


قلب عمها أحمد أكثر القلوب رقة وطيبةً وأكثر الرجال حناناً على الاطلاق ..
ولن يتركها تتلوى ألماً إلا وهي في أحدى المستشفيات في أبسط الأحوال ..!!

طرقت دقات قلبها أبواب دماغها بقوة وأخذت تسترجع ملامح الرجل بتمعن

تسترجع صوتــه ..!!
لا ..
بل همســاته


: ميـــــــــره ... ميـــــره، احــــم ميــــره تسمعينــــي ..!!!


اقشعر بدنها قشعريرة مرت على كامل جسدها الصغير، وهي تسترجع تفجر دفئ ندائـــه


حاولت مرة أخرى تذكر وجه الرجل
ولكنها لم تستطع .!!

أيعقل انها سقطت امام رجل غريب ..!!
كيف ..!!
اذا لم يكن عمها احمد فمن يكون ..؟!!

أهو عمها بطي .؟!!
لا ..
فـ عمها بطي في أبوظبي ..

حتى أخاها سيف كان في منزله نائماً بعد أن وصلهم خبر ارهاقه المفاجئ صباحاً ..!!

أفففففففففففففف

لمَ هي دائماً تقع في مواقف لا تُحسد عليها ..!!!


.
.
.
.
.
.
.


باريــــــــس
مطــار شـــارل ديغـــــول




وضعت يدها على فمها وهي تتثاءب بكسل قبل ان تمسح من تحت عينها دمعة سقطت من أثر النعاس الشديد ..
فهم ابداً لم يتمتعوا بنوم كافي .. لأنهم خرجوا من الفندق وسط العاصمة مدريد إلى المطار بعد أن صلوا الفجر مباشرةً ..
ولم يصلوا إلى فرنسا إلا قبل ساعتان، وما عليهم الآن إلا الانتظار ساعتان أيضاً لتقلع طائرتهم من باريس إلى العاصمة ابوظبي ..


وضعت حمدة رأسها على كتف معلمتها وقالت: أبلة روضة تعبنااااا، متى بنركب الطيااااااارة ..!!!

اجابتها روضة بابتسامة ناعسة وهي تنظر لساعتها: ماعليه حبيبتي هانت، ساعتين بس وبنطير

حمدة وهي تغمض عيناها: عيل وعيني عقب ساعتين ..

ضحكت روضة بنعومة: هههههههههه انا الظاهر المنبه الرسمي لليميع
رقدي رقدي


نامت الفتاة على كتف روضة بسرعة .. بينما أخرجت الأخيرة جهازها الآيباد وبدأت تقرأ التغريدات في تويتر


جاءتها ناعمة التي كانت منذ بداية الرحلة مع شقيقها ذياب، وقالت بخفوت كي لا توقظ حمدة من نومها: رواضي ابا احوط شوي في سوق الحرة، تخاوينيه ..؟!

روضة بتساؤل: وأخوج ..؟!!

ناعمة: لا ذياب شاف واحد من ربعه هنيه في المطار وسار يسلم علي

روضه: اهاا .. زين بس حرام حمدة توها رقدت ..
سيري انتي مع مريم وشلي وياج البنات اذا يبن يحوطن ويتشرن ..
(يبن = يرغبن)


هزت ناعمة رأسها بـ حسناً وذهبت لتسأل الأخصائية والطالبات ما إذ يرغبن بالذهاب معها للتسوق

قالت الأخصائية مريم: شهد ومزون وخولة يبن الحمام

والتفتت لباقي البنات وهي تسألهن: نادية .. شروق .. زهرة .. ظبية .. مريم
تبن تسيرن مع أبلة ناعمة سوق الحرة ..!!

الطالبات ما عدا زهرة وظبية أجبن بالرفض لرغبتهن هن كذلك بالذهاب الى دورة المياه ..

زهرة وظبية أجبن بموافقة والحماس يتراقص بأعينهن: نحن بنسير مع أبلة ناعمة

الأخصائية مريم: خلاص ناعمة شلي زهرة وظبية ويوم تخلصن بنتلاقى هنيه في نفس المكان .. انزين ؟؟

ناعمة بنظرة باسمة: ان شاء الله
وهتفت للفتاتان برقة: يلا بنات تعالن ..




.
.




كان يمشي وهالته الآسرة بالمنظر الغربي البحت يضفي على سحره الرجولي مذاق آخر، كان يمشي بثقة متجاهلاً تماماً نظرات الفتيات والبائعات الأجنبيات له فـ هو آخر ما كان يهمه هو التلفت لرؤية ما قد تفعله هيمنة رجولته على قلوب الإناث ..!!


وقف أمام محل يبيع كتب ومجلات متنوعة، ولفت نظره كتاب عن الخياطة والحياكة

ابتسمت عيناه وهو يتذكر شغف شقيقته بهذه الأمور، وقرر أن يشتري الكتاب في الحال ..

بعد أن دفع ثمن الكتاب، تراجع قليلاً وهو يرد على اتصال باغته وأخرجه مما كان يفكر به

وبصوت فخم رد: مرحبا السااااع بـ بومييد ..

سلطان بفخامةٍ مشابهة: مرحبابك مليون ولا يسدن في ذمتيه ..
شالعلوم ولد محمد ..؟!

حارب: والله علومي علوم الخير، ومن صوبك طويل العمر ..؟!!

سلطان بحزم تخلله مودة عميقة: انا بخير يعلك بخير وسهالة

حارب بصوت ثقيل دافئة: مدييم مدييم عسى ..

سلطان بنبرة ودودة: ويااك يا ربيه ..
وأردف بعدها بتساؤل: ها خبرني شو الأمور ..؟!

اجابه حارب بنظرات كنظرات فهد لا يعرف سوى التحفز التام/لغة الانقضاض: كل الامور تمام وبتييك كل التقارير من اطيح الدار ان شاء الله ..

سلطان وهو يحذر صاحبه بحزم: ماوصيك حارب، ان حسيت بشي غريب منيه مناك خبرني، وانا على العموم موصي الرياييل اللي معاك انهم ما يغفلون عنك دقيقة وحدة ..

حارب بصوت خشن مثقل بالثقة الصارمة: يا سلطان انا حارب تربيتك، لا تخاف عليه ربك معايه وهو الحافظ سبحانه

سلطان موافقاً حارب بما قاله: ونعم بالله، لكن الحذر واجب بارك الله فيك ..


هز حارب رأسه وهو يستدير بكامل جسده ..

ما إن استدار حتى رأى تلك الفتاة المتسمرة امامه بـ عيناها المتسعتان بذهول لا يوصف ..!!



أما هو ..

فتوقف مكانه وقطب حاجباه قليلاً باستغراب محاولاً تذكر أين التقى مسبقاً بها ...!!!


وتبدل تساءله المُستغرب تدريجياً وخلال ثواني ....... إلى نظرة ماكرة متلاعبة ..!!

أجل .. تذكرها ....



هتف حارب بصوته الفخم محاولاً إنهاء مكالمته مع سلطان: بومييد بخليك انا الحينه

سلطان: ماشي بومحمد .. في امان الله

أجاب حارب وهو ينظر الى الفتاة التي ما زالت متسمرة امامه: في أمان الكريم


وضع هاتفه داخل جيبه ومر بجانبها بخطوات واثقة .... ثم همس بنبرة ماكرة مُتعجرفة "تشعل الوجدان": السموحة منكم .. تعدينا مرحلة الزين وخبلنابكم ..


خفضت بسرعة جفونها وخفقاتها أصبحت كـ مجراف يضرب أسفل قاع قلبها

كان يضرب رعباً .. ذهولاً .. ارتباكاً ...... وخجلاً انثوياً قاتلاً لم تعهده قط ...!!!!!



هــــو ..
هـــــو ذاتـــــــــه ..
و ...
و .......
ولكــن ..
كـ ـ ـيـ ـ ـف ...!!!!







نهـــاية الجــــزء التـــاســــع



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-06-16, 06:01 AM   #13

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)






الجــــزء العــــاشــــــر



،



دجَّنَ أفعى الحزنِ في حديقتي
فأغتسلتْ بالعطرِ أزهاري . .
صوتُكِ يا أنيستي
حَبْلٌ من النور
نشرت فوقه قميصَ أسراري . . .
وصفحةٌ ضوئيةٌ
كتبتُ في سطورها أَعَفَّ أشعاري . . .
وبُرْدَةٌ عشبيةٌ
تَدَثَّر القلبُ بها
فلم يَعُدْ يخافُ من بردٍ وإعصارِ . .
صوتُك صار ملمحاً مني
فما سمعتُهُ
إلا وأضْحَتْ غيمةً من ألقٍ داري
يُثْملني من دونما خطيئةٍ
فيسكرُ الصحو على نافذتي
يزرعني ترتيلةً في حقلِ قيثاري . . .
صوتك كان أوَّلَ الماشينَ
في جنازة اليأسِ الذي
أَثْكلَ مشواري . . .
وأوّلُ المسافرين بيْ إلى
ممالكِ الريحانِ والغارِ. . .
هَذَّبَني . . .
أقامَ جِسرَ أُلفةٍ بين فراشاتي
وبين الريحِ والنارِ . . .
زُخّي على مسامعي لحونك العذراءَ
كي تنبضَ أوتاري . . .


لـ المُبدع يحيـى السمــاوي،.



،



العيــــــــن




زقزقات العصافير كانت تتراقص قرب مسامعها بكل غنج وخيلاء، ابتسمت بدفء صرف وهي تتذكر كيف انتصرت بعد معركة طويلة خاضتها ضد محمد ابن ابنتها المشاغب، فهو كان يدعي المرض ليغيب اليوم عن المدرسة ..


ضحكت في قرارة نفسها بعاطفة جياشة ..
ذاك المشاغب اللعوب ..

أكُل محمد هكذا يهوى التذاكي ولعب دور الشقي المشاكس ..!!


تذكرت بعدما قادتها طيوف اشجانها لـ "سميّه"
محمد الكبير .. محمد العضيد ..

محمد الأب ..
قبل أن يكون الشقيق ..!!


لم يأخذ هذا الصغير أسمك فحسب ..
بل حتى تلاعبك العذب بعواطفنا ...!!!

بـ تراقص طرافتك اللذيذة على اوتار حبنا لك ..!!


مثلك تماماً ..!!
يهوى تعثرنا ونحن نحبو خلفه ... لسرقة لحظات من مرحه الذي "لا ينتهي"

بل وكأني أرى نسختك الصغيرة
بعد حارب .. !!


لا ..


حــــــــارب والمـــــــــرح ..!!!
لا والذي وضع الحنين والأسى في جوف قلبي ...!!!


هرب المرح عن عينا ذلك الشاب واختفى
كقطرة ماء مطر تبخرت أمام شمس طاغية ..!!!


آآآآآآآآهه ..
وبخفوت مبحوح ... همست بوجع: يا روووح عموتك ..



التفتت لتسمع همهمات طفولية قريبة منها، رأت منصور الصغير ذو الثلاث أعوام مفترشاً الأرض محاولاً كتابة كلمة ما على دفتره الصغير ..


ابتسمت بدفء وهي تجلس بقربه .. ثم هتفت بحب نقس: حبيبي منصور شو يسوي ؟

هتف منصور بملأ فمه المكتنز الجميل: أكتب اسمي يدوه

وضعت يدها فوق يده لتعلمه كتابة اسمه بشكل صحيح: شوف منصوري .. جيه يكتبون اسمك

هتف منصور باعتداد "طفولي بريء" وهو يقلد صوت والده سيف: ابا اكتب منصور بن سيف بن عبدالله بن خويدم الـ..



تسمرت يداها ودقات بدت تسري على كامل أوردتها .. دقات جعلتها تسرح لبعيد .. لبعيد جداً




: ابا اكتب العنود بنت سعيد بن خويدم بن زايد الـ..

هتفت ببسمة أنثوية ماكرة وهي تطعم طفلتها العنود التي لم تتجاوز عامها الثاني: وشعنه ما تكتب عاشه بنت حارب بن سمحان الـ..

ابتسم سعيد بحب عارم ... وغمس قلمه الخشبي في الحبر السائل ليشرع بالكتابة بالخط الرقعة على الورقة المخصصة للخطوط العربية: إسمج اول اسم كتبته

وضعت عائشة الملعقة واقتربت من زوجها وهي تهتف بتشوق ناعم: وين وين ابا اشووووف


توقف سعيد عن الكتابة وهو يضحك بخفة .. ثم أخذ يبحث من بين أوراقه عن الورقة التي كتب عليها اسم محبوبته

ابتسمت له عائشة بافتتان وهي تروي ناظريها بملامحه الرجولية ..


يالشغف هذا الحبيب بالأوراق والأقلام ..!!!!


أغار يا هذا ..
وكأن تلك الأوراق البيضاء، وأقلام الحبر ما هن الا زوجاتك الأخريات ..!!


قال وهو يعطيها الورقة: هاي هي

ضحكت بانبهار وهي ترى خطه المحترف الفاتن وهي يحتضن بتملك شجي حروف أسمها ..

اقتربت من زوجها وقبلته على وجنته اليسرى بحب تخلله خجل صرف، وهمست بدلع أصاب أوردة سعيد بالقشعريرة:
لا خليت من عيون اللي يتذكرني اول وحدة

همس سعيد بصوت أجش ثقيل كثقل عاطفته بعد قبلتها اليتيمة: ماغير انتي واسمج اهاذيبهم في فواديه يا بنت حارب

عضت عائشة شفتها السفلى والإحمرار يغزو وجنتاها بشدة .. بضراوة ..!!

ثم قالت محاولةً فتح حديث جديد تستنجد به من أعين زوجها اللتي تحدق بها بشكل مُربك: امممممم سعيد شو هالدفتر ؟؟

سعيد وهو يمسك الدفتر بتساؤل: هذا ..؟!!

عدلت عائشة من جلستها لتهتف: هيه .. شو ها ..؟؟!!
دوم اشوفك زاخنّه بس ما جد سألتك عنه ..

ابتسم سعيد برجولية وقال: هذا دفتر اكتب فيه مذكراتي

قطبت عائشة حاجباها باستغراب .. وتساءلت بنعومة: يعني تكتب فيه يومياتك ..؟!!

هز سعيد رأسه بابتسامة خفيفة: هيه ..



.
.



خرجت عائشة من دوامة ذكرياتها العذبة بحاجبان معقودان بحيرة ..
ثم وبصمت تام .. هرعت بخفة إلى الطابق العلوي حيث مكتب زوجها سعيد

دلفت المكتب وبدأت تبحث بشكل عشوائي .. وتبحث .. وتبحث ..
حتى وجدته اخيراً ..

الصندوق الذي يحتفظ فيه سعيد بدفاتره ومذكراته ..
ابتسمت بـ عاطفة تغرق شجناً .. ثم فتحت حتى تتنفس رائحة صدر حبيبها بين الاوراق القديمة المُصفرّة ..

تذكرت آخر دفتر دوّن فيها زوجها مذكراته قبل ان يأخذ الله روحه الى جواره .. وبدأت بالبحث عنه .. لكنها لم تجده ..

وبخفوت أخذت تغمغم باستغراب تام: ويــــنه ..!!!!!!



.
.
.
.
.
.
.



في المنزل المجاور




دخل غرفته وهو يتنفس الصعداء براحة بعد ان انتهى أخيراً من مشروعه الضخم الأخير
انه يرغب بشدة بعد هذا الانهاك ان يأخذ اجازة والسفر مع زوجته وابنائه للاستجمام والراحة ...



أخذ يلتفت بحثاً عن زوجته وطفلته الصغيرة ولم يجدهما ..


ذهب لغرفة ابنائه علّه يجدهما هناك ..

وقبل أن يدلف للغرفة سمع همسات رقيقة وضحكات مرتفعة ..


: والله لو ريلج أصمخ وأشلق فأنا اللي عنديه مجسح وكل يوم يتشكى من عظيماته
ههههههههههههههههههههه ..
هيه يختي محد مترقع في حياته
هههههههههههههههه خس الله عدوج يا منوووووي
ههههههههههههههههههههههه
(مجسح = كسيح)


تسمر بمكانه وضحكات زوجته العالية ترن كرنين سكين يدق على طاولة حديدية


صدمة تلك التي تلقاها
ذهول ..!!!!

ذهول أخذه على حين غرة ليجرح تفاصيل عشقه الأبدي لتلك التي تسمى حبيبته
قبل أن تكون زوجته ..!!

ذهول لا يستطيع وصفه وهو يسمع كلمات العنود التي تفوهت بها
بكل مبالاة معدومة
بكل احساس منصهر
بكل استهزاء تخلله احتقار صرف ....!!!

استهزاء جرحه بشدة .. مزق كبريائه إرباً ..!!
مزقه بشراسة يالعنود
بشراســـــــة ..!!


التفتت العنود للباب وهي ما تزال تضحك، استغربت بشدة عندما لم ترى أحد
فهي اعتقدت ان شخصاً كان واقفاً هناك ..

هتفت لصديقتها بمزاح: اقول بس جب جب
مالج خص في ريلي، انا بس اللي اقول عنه مجسح
علني افدا بومايد وعظيمات بومايد .. وايه فديت طووووله ..



.
.
.
.
.
.
.



باريــــــــس
مطــار شـــارل ديغـــــول




هتف حارب بصوته الفخم محاولاً إنهاء مكالمته مع سلطان: بومييد بخليك انا الحينه

سلطان: ماشي بومحمد .. في امان الله

أجاب حارب وهو ينظر الى الفتاة التي ما زالت متسمرة امامه: في أمان الكريم


وضع هاتفه داخل جيبه ومر بجانبها بخطوات واثقة .... ثم همس بنبرة ماكرة مُتعجرفة "تشعل الوجدان": السموحة منكم .. تعدينا مرحلة الزين وخبلنابكم ..


انخفضت بسرعة اهدابها وخفقاتها أصبحت كـ مجراف يضرب أسفل قاع قلبها

كان يضرب رعباً .. ذهولاً .. ارتباكاً ...... وخجلاً انثوياً قاتلاً لم تعهده قط ...!!!!!



هــــو ..
هـــــو ذاتـــــــــه ..
و ...
و .......
ولكــن ..
كـ ـ ـيـ ـ ـف ...!!!!

ذلك الرجل هندي ... وهذا عربي .. بل واماراتي يتحدث بلهجتنا نحن .....!!!!


استدارت للرجل علّها ترى اختلاف بينه وبين ذلك الهندي

ولكن وياللمفاجأة،
لم ترى الا سراباً خاوياً ..!!


همست بخفوت تخلله ذهول مُرتبك بشدة: بسم الله .. وين راح هذا ..!!

مشت وعيناها لاإرادياً تتلفت الى الخلف، وقلبها مازال ضحية مجراف خفقاتها المجنونة ..!!!!


زفرت بعمق وهي تقرر الرجوع عند الطالبتان اللتان ذهبتا لشراء العطور من محل مجاور ..


بعد مرور الدقائق الطويلة في السوق، رجعت ناعمة مع الطالبتان وهي تضحك على طرافة احاديثهن الطفولية ..


لمحت ذياب جالساً في مقعد لوحده وهو يعبث بهاتفه المحمول ...

هتفت بتفكه باسم ما ان جلست بقربه: بشو لاهيين مخاوين شما ..!!

اجابها ذياب وعيناه ما زالت على شاشة الهاتف: ماشي طفران .. احط لايكات في الانستقرام

ناعمة بذهول: يالخاين عندك انستقرام وما تخبررررني ..؟!!
وأردفت وهي تُخرج هاتفها: عطني حسابك يلا بضيفك ..

ضحك ذياب بخفة: بعطيج لكن ياويلج لو علقتي على اي صورة من صوريه

ناعمة بتهكم ظهر مع فمها المزموم: انتو يا الشباب تفكيركم ما بيتغير ابد ..
ما تبانيه اعلق عشان محد من ربعك يرز ويهه ويدش حسابيه هاااا ..!!!

رفع ذياب حاجباً واحد هاتفاً بحدة: وانتي تبينهم يدشون حسابج ويشوفون صورج مثلاً اخت ناعمة ..!!

ناعمة بنبرة تشابه نبرة شقيقها: طبعا لا يا اخ ذياب، انت تعرف اخلاقي زين مازين ...
لكن انت جيه ما تخليني اخذ راحتيه واعلق على صورك لو شفتها حلوة وتستاهل التعليق ..!!

وأردفت وهي تعدل حجابها بعصبية: والله لو ربعك ما دشوا حسابيه ففي مليون ريال يقدر يدش ويشوف ويعلق بعد
وغمغمت بتهكم: تفكيركم يالشباب يرفع الضغط قسم بالله ..

ذياب بسخرية: محد بيشوف ويعلق على صورج لو محطية حسابج على البرايفت ..


نظرت ناعمة له وعيناها الواسعتان تنضحان ثقة: كل صوريه عادية وما احط ابد شي خاص
والريال اللي يعلق اسويله طاف ما حفلتبه ..
(اسويله طاف اي لا اعطيه اهتمام) ( ما حفلتبه = لا اهتم له)

قطب ذياب حاجباه بتهكم حاد: هب كل الرياييل ينفع وياهم الطاف، انا ريال واعرف تفكير الرياييل المايل مع البنات

ناعمة وهي تغمز بمكر لشقيقها: افهم من كلامك انك شراتهم ..!!


تحول تهكم ذياب إلى ابتسامة خفيفة "موجعة" لم تتجاوز حدود عيناه ..
ثم همس بخفوت يقطر دماً محفوفاً بالحنين المصفى: لو سألتينيه هالسؤال قبل 3 سنين كنت بقولج هيه


جمُد لسان ناعمة .. وخفضت اهدابها بعد ان انتابها الألم على حال شقيقها ..

فهي اكثر من يعرف جيداً حجم نتيجة خسارته لصديق طفولته عبيد ..!!!

وهي اكثر من لاحظ تغيره الجذري بعد أن ذاق ألم فراقه ..!!!

وهي كذلك اول من رأى دموعه المُحرقة للوجدان عندما تلقى خبر وفاته ..!!

تعرف جيداً حجم ألمه ..!!
عظمة خسارته ..!!
حرقة قلبه كلما لمح وجوهاً تذكّره بوجه صديقه ..!!


هتفت بابتسامة شقية وهي تضرب كتفه بخفة راغبةً بتنحية المشاعر المُكهربة التي ظهرت فجأة في اجواء كل منهما:
الله يتمم عليك العقل والثقل يااااااااارب

ابتسم ذياب رامقاً اياها نظرة جانبية: قالولج خبل ولا مينون يالبطة ..!!

ناعمة بحنق: افففففف قلتلك يالدب انا هب بطة .. هب بطة افهم
افففففف لازم يعكر مزاجيه الحلووو ..

ذياب بضحكة رنانة: ههههههههههههه اقصد ياللي كنتي بطة

ناعمة بتهكم ناعم: حمار واحد .. لازم تذكرنيه انيه كنت في يوم من الايام دبة ..!!

ذياب بابتسامة ظهرت جلياً: بالعكس المفروض تفرحين وتفتخرين بعمرج لانج نزلتي اكثر من 20 كيلو

ناعمة بذات تهكم صوتها: انزين فرحانة انا ومفتخرة بسس لا تذكرنيه ياخي
كل ما اتذكر شكلي وانا متينة تضربنيه حالة هستيرية ..

ضحك ذياب بنشوة: ههههههههههههههههههههههههه هههههههههه

قرصت ناعمة ذياب بغيظ ووقفت: ما بتم وياك .. انت كله تعيب عليه
بروح عند رواضي ابركلي ..


ذهبت تاركةً ذياب يحاول تخفيف ضحكته التي تحولت لابتسامة أخوية دافئة متمتماً بخفوت يكاد لا يُسمع:
لا خليت منج يالبطة



اما ناعمة، فكانت تتلفت وتبحث عند المقاعد التي كانت تجلس عليها روضة والطالبة حمدة
ولكن لم تجدهما ..!!


وبخفوت هتفت: امممممممم يمكن سارن الحمام ..


اخذت تفكر وتتذكر أين الحمامات ..
مشت ..
ومشت ..
واستمرت بالمشي ..


كانت تشعر بأنفاس غريبة تلفح ظهرها بطريقة تجمد الأطراف بشكل مقزز ..
تشعر بأحد يمشي خلفها
ولكن لم تعر اهتماماً لشيء ابداً لأنها من الأساس كانت شاردة البال/الانتباه عندما وصلت لمكان تراه لأول مرة ..

همست باستغراب تخلله ارتباك خفيف: ياربي هاييل وين سارن بالذمة ..!!

تنفست بعمق وهي تستدير للخلف علّها ترجع لحيث كان شقيقها ذياب ..


ما ان التفتت حتى أحست بيد كالصخرة تمسك بحقيبتها وتجرها بخشونة جعلتها تتراجع للخلف وتترنح ..


اتسعت عيناها بصدمة وهي تحاول استيعاب الذي حصل للتو ..!!

وصرخت وهي تهرول بعد ما ادركت الذي جرى ...!!!!


استمرت تهرول خلف الرجل الذي سرق حقيبتها ودلف إحدى الممرات الضيقة المظلمة: يالحررررررررررامي
هات شنطتييييييييي ..


أخذت تصرخ في الممر الذي كان شبه خالٍ من المارة


كانت متوترة .. جزعة .. غاضبة بشدة وكأن غضبها يشبه بركان يتوق للانفجار بشكل هائل
وأخذت تتلفت وتغمغم بغضب كاسح: يالحرامي يالزفت وين رحت
ما لقيت الا انا تسرقها يا ملعون الصير ..!!
الله يغربلك ان شاء الله ..


ما إن استدارت لتخرج من الممر المظلم حتى صرخت بخوف انقض بشراسة على اوتار روحها وهي ترى السارق مرتمي امام رجليها ...... ويد سمراء تعطيها حقيبتها بقساوة ظهرت مع نبرة صوته الصارمة:
اندوج شنطتج، ومرة ثانية لا تقعدين تتمشين وتتمخترين روحج ..
هاي فرنسا هب الامارات ..


تسمرت وفمها بدأ بالتوسع وهي تحاول استيعاب القامة التي برزت امامها بسيطرة جعلت دقة من دقاتها تختفي وتتوارى ..

ما إن رأت تلك العينان الحادتان "اللتان تتوسطان اطار نظارة اخضر اللون بدرجة فاقعة مستفزة" حتى تحولت ذهولها لغضب ناري يرغب بنفث شراراته عليه هو .. هو لا غيره ..!!!

ذاك الهندي الذي تحول بشكل لا تعرفه لعربي
بل حتى اماراتي ..!!!

فهو من سخر منها منذ البداية ويجب أن تسترد كرامتها المهدورة حالاً ..!!!!


أخذت ناعمة حقيبتها منه بعنف هاتفةً بحدة تخللتها احتقار واضح: لو سمحت خلك في حالك ولا تتدخل في شي ما يخصك

وضع حارب يديه داخل جيوب بنطاله .. وهتف بسخرية بالغة: هاي كلمة شكراً اللي المفروض اسمعها ..!!


شعرت بالحرج الشديد من كلام الرجل ولكنها لن تسمح بإشعاره بالنصر ..


هتفت بنبرة باردة لامبالية وهي تتأكد من وجود جوازها ومحفظتها: اي واحد مكانك كان بيفزع لبنت بلاده، لا تتحرى روحك سوبرمان يا انت ..

تحرك جانب شفتيه باستهزاء تام وهمّ ليرد على صاحبة اللسان السليط، لكن لم يستطع وهو يتلقى ضربة اتت في وسط رأسه جعلته يترنح ويسقط بقوة ...


رفعت ناعمة رأسها وهي تشهق بصدمة شديدة/هلع اشد ..


رأت ذاك الرجل الأشقر بعيناه الحمراوتان وهو يبتسم ابتسامة صفراء مقرفة باعثة للقشعريرة
كان ذلك الرجل هو صديق السارق الأول الذي سرق حقيبة ناعمة، وجاء ليساعده وينتقم له ..!!!


صرخت ناعمة ببحة حادة وهي تركض نحو منقذها الأسمر الذي لم تعرف اسمه بعد ..!!

جمد تفكيرها وتوقف عن الجريان من الذهول ..... والحيرة ...!!!!


منقذكَ الأسمر يا ناعمة ..!!
أجننت واختل توازن عقلك الأبله ..!!


تنفست بقوة لتهدأ من انفعالات اعصابها، ثم جثت على ركبتيها امام جسده المرمي على الأرض
وقالت بنبرة مرتجفة مختنقة .. نبرة مرتعبة من الموقف بأكمله .. فهي لأول مرة في حياتها ترى دم يسيل من رأس شخص .. نعم فتلك الضربة التي تلقاها حارب كانت قوية جعلت الدم ينبثق من رأسه ويسيل لأسفل رقبته:
أخووويه .. أخوووويه تسمعني ..؟!!


ضحك الرجل الأشقر بخبث مُقرف وهو يقترب من ناعمة ونظراته تمسحان جسدها بطريقة شهوانية كالحيوان:
ههههههههههههه اووووه قاد يو ار فيري هووووت (يا إلهي انتي فاتنة جداً)


همّ بإمساك حجاب رأسها لينزعه عنها ولكن قبضة فولاذية أمسكت بتلابيبه ورفعته بخفة وكأنه معدوم الوزن ..!!

وسرعان ما رُميَ بقوة جبارة على الحائط، ليسقط الآخر كالورقة البيضاء ..

اقترب منه حارب ونظرات عيناه أصبحت كغابة محترقة من الغضب الأسود وهتف بفحيح مرعب قاسي وهو ينفض قميصه عند أعلى كتفه: كيف تجرؤ أيها القذر ..!!

وبسيطرة تامة التفت لتلك التي ترتجف بشكل لا تدرك شدته ..
فالصدمة أخذت مأخذها منها وهي تحاول استيعاب ذلك الرجل الذي حاول لمسها ونزع حجابها ..


هتف حارب بحزم صارم وهو يوجه كلامه للفتاة: يا بنية انتي بخير ..؟!!


رفعت ناعمة عيناها لحارب والخوف تسلسل لشفتاها كارتجافات خافتة لا تنتهي وهمست بتلعثم مُرتبك ..
ارتباك وتلعثم كانا غريبان على شخصيتها التي تتسم بالثبات والسيطرة،
لطالما اعتقدت وآمنت بقوة انها ذات قلب قابل لأن يتحمل اشد المواقف واعتاها رعباً
ولكن وياللصدمة، لم تتحمل الآن هذا الموقف الذي اشعرها بضعف لم تعهده من قبل ..!!
: أ أ أ أ هيه .. انا بخير

وبتردد اشرت على رأس حارب وقالت محاولةً اخفاء نبرة القلق المضطربة في صوتها: وإنت ؟؟

قطب حارب حاجباه ووضع يده خلف رأسها، ليرى الدم في أصابعه ..
ثم هتف بذات صرامته التي خرجت مع لامبالاته البالغة:
ما فيّه شي الحمدلله


انزل جسده ليلتقط نظارته التي سقطت عندما واجه الأجنبي الأشقر، وقبل ان يستقيم بطوله شعر بدوار شديد جعله يتسند على الحائط ..



لا
لا لا لا
ليس وقت الدوار هذا الآن
وليس وقت الصداع الذي يكاد يفتك بدماغه ..!!

ليس هذا بوقتهما ابداً
تباً ..!!



جلس على الأرض بثقل محاولاً فتح عيناه اللتان اخذتا بالانغلاق لا ارادياً من شدة الألم

سمع همس ناعم يقول له تحت وطأة قلق وارتباك شديدان: اخويه تسمعني
عندك حد هنيه اتصلبه عسب ايي يفازعك ..؟؟
اخويه رد عليه دخيلك ..

اسند رأسه على الحائط وهو يتنفس بقوة ليسترد وعيه الذي يريد الغياب لمكان لا يعرف مداه ..


بدأ يفتح عيناه والرؤية الضبابية تغزو ناظراه



شعر بأن الدنيا غدت كلون السماء بصفائه
بنقاوته ..

بفتنة بياض سحبه وغيومه ..!!


شعر بأنه في الجنة حقيقةً ..
امام والدته
أمه ..
نيـــــلا ..


شعر بأنه "وياللذوبان الجميل" غارقاً في بحر "نجلاء عيناها"

عيناها اللتان فتنت قبل قلبه قلب والده محمد ..


شعر بأن تلك الأهداب الطويلة المعقوفة والتي تتحرك برشاقة كأجنحة الفراشات
هي ذاتها التي كانت تجعل قلبه يرفرف .. يطير إلى أعلى نقطة في السماء
طيران لا عودة له ..!!
في زمان ما ..
زمان ليس بهذا الزمان ..!!

صف من الأهداب كصف عسكر مهيب يعرف مجرى جاذبيته الآسرة بصدق ..
"بشوق ملتاع" ..
بحنين "يقتل" ...!!!!


ابتسم من بين عقله شبه الغائب بسمةً تكاد تدوي المكان انفجاراً من الحنين الملتهب بشكل مجنون/مؤلم ..
وهمس بخفوت ثقيل: أميـــــــــــــه



تسمرت ناعمة بمكانها وخفقات وجدانها بدأت بالدوي هي أيضاً ..!!

يا إلهي ..!!

إنه يهذي من قوة الضربة على رأسه ..!!

أينتهي بها المطاف لتكون أم هذا الرجل ذو الجسد الضخم ..!!

يا إلهي .. أيعقل إنه فقد ذاكرته من أثر الضربة ..!!


قطبت حاجباها السوداوان بقلق مُرتبك وهي تخرج مجموعة مناديل من حقيبتها لتمدها لـ حارب: اخويه حط هالكلنكس على راسك عشان يوقف الدم ..


كان ما زال يبتسم بذات الحنين المؤلم وهو يتأمل عينا ناعمة اللتان لم تكونا الا نسخة مصغرة من عينا والدته نيلا ..!!

ذات العينان الدائريتان الواسعتان "السوداوان كماس أسود" تماماً ..!!

عينان ترجف الأطراف
ترجفـــــه ..
ترجفــــــه حـــــد اللامعقـــــول ..!!




بدأ تدريجياً يسترد وعيه عندما وصل لمسامعه الغائبة صوت الفتاة المرتعش ...

هز رأسه بخفة وهو يلتقط المناديل من غير اعتراض ..


تنحنح وهو يقف بثقل وعقله المشوش بدأ بالحديث مع نفسه بشكل شفاف "مموّه"

إلهي .. رحماك ...
لم يكن ليصدق أن لعينا والدته توأماً هرب من مهده منذ الأزل .!!!


هتف بحزم أخفى خلفه كل احساس يتسم بالضعف و"الاختناق": ختيه سيري عند هلج اكيد يدورونج الحينه

هزت ناعمة رأسها بـ موافقة ونظرتها القلقة ما زالت تتربص ملامح وجه منقذها الأسمر بتردد ..


وضع حارب المناديل على رأسه، وهمّ بالاتصال بأحد رجاله المنتشرين في المطار
وبعد أن اتفق معه أن يأتي، التفت علّه يتمكن مرة أخرى بأمل موجع من تأمل عينا والدته في "تلك" ..!!!


ولكن يالخيبة الأمل، لم يرى إلا سراباً ..!!
وخاتمــــاً ..!!



.
.
.
.
.
.
.



أبــوظبــــي




كان واقفاً أمام النافورة المصممة بشكل جذاب وفخم في الحديقة التي تواجه شركته تماماً ويدردش بضحك مع زوجته آمنة متبادلاً معها الأحاديث بشتى أنواعها ..

هتف بشكل مفاجئ ونبرة الاستغراب الشديد تعلو ناظراه: شوووو !!
منو ناوي يتجدم حق شميم ..؟!!

آمنة: تقول ام العنود هزاع ولد عذيج الله يرحمه

بطي باستنكار تام: هزاااااع ..!!!
هزاع ماغير يبا ياخذ ختيه اناااااا ..!!

قطبت بذهول متسائل: ليش بلاه الريال
تشوف عليه شي بطي ..؟!!

كتم بطي استنكاره الذي تحول لحنق شديد: قلو الرياييل اعطي ختيه حق هزاع ..!!

وأردف وهو يحك حاجبه: على العموم انا بتصرف ..

آمنة باستنكار ناعم: شو تتصرف يا بطي، نحن ما صدقنا البنية لانت وطاعت

بطي بحزم صارم: انا ما بيوز ختيه الا للي يستاهلها يا آمنة ..


انفجرت آمنة بغضب لم تستطع تحمله، فتلك الفتاة صديقتها، صديقتها التي عانت منذ سنين خلف حب لم يتركها الا وهي حفنة من رماد تناثر مع رياح الخريف: وشو خذت من اللي يستاهلونها يا بطي !!
شو خذت خبرني ..!!!!
دخيلك يا بطي خل البنية تشوف نصيبها، ترى العمر يخطف وهي ما عادت صغيرة،
شما دشت الثلاثين لو انت ما تعرف ..

احتد فم بطي والغضب قد غزا ناظريه بشدة، وهتف بحدة: آمنة لا اطولين حسج عليه ..

وأردف بنبرة ساخرة حانقة وهو يعلم ان زوجته لا تقصد سوى رجل واحد فقط .. واحد فقط وليس غيره: وبعدين ربيعتج اللي رفست النعمة وهي عند ريولها ..
عيل بذمتج حد يرد سلطان ..!!
سلطان اللي تفزله الميالس بكبيرها وصغيرها
ماتخبريني بذمتج شعنه ردته عقب ما قربنابه !!!
(قربنابه = وافقنا على خطبته)


شخر بغضب حقيقي لم يخف حتى مع مرور سنين طويلة .. واكمل: وهو اللي كان شاري نسبنا بمال قارون

آمنة وهي تحاول كتم جماح حنقها: انت تقول جيه لأنه ربيعك وما ترضى عليه

بطي باستنكار حاد هدر: حلفتج بالله يا آمنة، شما يوم انها ردت سلطان
قالتلج السبب ..!!!

تلعثمت آمنة بارتباك: أ أ أ اممممم هيه ..
قالتليه

بطي بذات حدة صوته: وشو كان السبب ..!!

آمنة بذات ارتباكها: ماروم اقولك بطي، البنية حلفتني مارمس عن اللي صار لأي مخلوق

زفر بطي بغضب تفجر الاستياء.. غضب كان مكتوماً في روحه منذ سنين
هو حقاً غاضب .. غاضب من شما لأنها لم تصبح زوجة أعز رفيق إليه ..
وغاضب من الحياة التي تعيشها لتصل في آخر المطاف لتتزوج من شخص لا يصل/لن يصل لمستوى رجولة سلطان وأخلاقه العالية التي يمتدحها القاصي والداني ..

ألا يكفيها انها قبلت مرة بـ رجل وغد لم يكن كفؤاً لها ...!!!!!

رجل لم يهواها ويعرف قيمتها كـ سلطان ...!!!!


أجل ...
يعلم جيداً ان سلطان يهوى شقيقته شما .. كيف لا يعلم وهو الذي عاش معه اغلب سنين عمره الأربعين ...!!!!


هتف بطي باستياء: آمنة خل نصك السالفة .. خلاص اللي صار صار ماشي فايده نرمس عنه ..

تنهدت آمنة بأسف ... ثم همست برقة: آسفة طولت حسيه عليك بس والله من حرقة فواديه على شميمي

عقد حاجباه وهو يقلد صوت آمنة الناعم بسخرية باسمة: شميييييييمي ..!!
زين زين قبلنا اعتذارج



.
.
.
.
.
.
.



رأس الخيـــــمة



خرج من منزله وهو يائـــــس
والأمل في قلبه يـــذوي ..!!

ليته لم يصارح والدته .. وليته لم يعرف ما كان يجهله ...!!!!
لا يعرف ماذا يفعل حقاً ...!!!
قلبه معلق بـ ذات بركة العسل .. بل قلبه غارق فيها .. غارق ولا نجاة بعدها ..!!!!
أكانت والدته على حق في كل الذي تفوهت به ..!!
أتلك التي تعلق بها اوتار روحه
بكماااااااء ..!!

أحقاً أصبحت بكماء بعد مقتل أمها على يد أبيها ..!!
وأباها قتلها وهو فاقداً لوعيه أثر مخدر لعين ..!!

يا إلهي ..
وكأنه في فلم هندي طويل لا ينتهي ..!!

ولكن ........ ما ذنبه هو !!
ما ذنبه ..!!

أسيتزوج أهلها أم يتزوجها هي ..

استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم
يجب الصبر .. الصبر يا يعقوب .... والتحمل ..
ليس كل ما نهواه نملكه بسهولة ..

وهي ليست سهلة المنال
ليست بسهلة المنال ابداً ..!!

ليت أمه فقط تسمع قلبه الذي ينبض بحروف أسمها وتترك عنها أسبابها الواهية والتي تستخدمها كي تقنعه بأن الفتاة لا تناسبه ....


أغمض عيناه وهو يأخذ نفساً طويلاً .. نفساً بدأ يغرق في بحر الهوى، يغرق في بحر شاسع ..
والبحـر بـ شسعه .... غدار ....
وبهمس ثقيل كثقل انفعالاته المختنقة:
مـ ـ ـوزه ..



.
.
.
.
.
.
.



أبــــوظبـــــي
مستشفى زايد العسكري



تنهد بضيق شديد وهو يتمتم بالاستغفار علّ رب العزة يفرج عنه الحياة البائسة التي يعيشها ..
يشعر بضيق صرف ..
ولكنه ممتن، وممتن كثيراً لأن الله انعم عليه بأولاد كأقرطة الذهب .. يحبهم وحبهم في قلبه يهلك أوردته بشدة

يحب أولاده ولا يريد لهم إلا مستقبلاً واعداً .. بعيداً عن أي منغصات وأي مشاكل تتعب أرواحهم الصغيرة ..

يحبهم ولا يريد لهم الا كل خير .. كل حب وعطاء
يحبهم ولا يريد الا ابعاد "تلك" عنهم .. فهي لم تجلب لهم الا التعاسة والحزن ..!!!!

أهناك أم تساوم على فلذات أكبادها في سبيل حفنة من مال ..!!

أكان بهذا الغباء الأعمى ليقبل بها زوجةً منذ البداية ..!!

ما عساه يفعل وتلك الحرباء تحفر من تحته رافضةً التخلي عن طمعها المستمر ..!!

طمع مقزز يثير في روحه الاشمئزاز ..


وقف أمام المنظرة الطويلة قاطباً حاجباه باستياء ينضح من عيناه البنيتان ..

لم يكن يملك وسامة خشنة شديدة الشراسة
وانما جذاب بشكل خاص .. وجاذبيته تكمن بوجهه الباسم على الدوام .. وبعيناه ذات الأُلق الضحوك ..
اُلق برئ يبعث الراحة في النفس ..


دخلت الممرضة المصرية وهي تتنفس بقوة: السلام عليكو دكتور ناصر

ابتسم الدكتور ناصر بمهنية تخللها احترام مهذب: وعليكم السلام أم محمد

وضعت الممرضة أم محمد الملفات على الطاولة بعنف وهي مازالت تتنفس بقوة، وبتهكم نسائي هتفت:
دي الأصنصيرات بتبوز بسرعة كده ليه ..!!
تعبت اوي وانا راكبة السلم و شايلة الملفات دي كلها ..

ضحك الدكتور ناصر ضحكة قصيرة ثم تساءل: شنو ذي كله أم محمد ..؟!!

وضعت أم محمد يدها على صدرها بذهول: يالهوي انت نسيت ولا ايه يا دكتور ..!!
مش انته طلبت مني امبارح اقيبلك كل ملفات العيانين اللي حتشرف على حالتهم الأسبوع ده ..؟!!

ضرب الدكتور ناصر جبهته بخفة وهو يتذكر: اووووه اي والله صج نسيييييت


قطبت أم محمد حاجباها بمداعبة ساخرة .. وقالت: دماغك مش عندنا يا سيدي، نسيتو في ئطر (ئطر = قطر)

ضحك الدكتور ناصر بجاذبية وقال بنبرة دافئة: ههههههههههههههه دماغي بس ..!!
قولي دماغي وقلبي وروحي كله ..
انا وصلت بوظبي من أربعة ايام بس وماتحملت
اشتقت لـ الدوحة ولـ الأهل والعيال ..

الممرضة أم محمد بابتسامة حنونة: باين عليك متعلئ بولادك اوي يا دكتور ناصر

ابتسمت عينا الدكتور ناصر بشوق جارف وهتف: على انهم شياطين ويسندرون راس الواحد بس ماصبر عنهم
(يسندرون = يزعجون/يصدعون)

وأردف بدفئ: يلا كلها اسبوعين وراجع قطر ان شاء الله

أم محمد بذات ابتسامتها: ربنا يخليهملك يا دكتور
وأردفت وهي تمشي للخارج: عاوز حاقة تانية حضرتك ..؟!!

الدكتور ناصر بحزم ودود: تسلمين يا ام محمد .. لا بغيت شي باقولج

زفر بعمق وهو يجلس على طرف طاولة مكتبه .. ثم فتح أول ملف من الملفات المتراصة ..
وهمس بخفوت وهو يقرأ اسم المريض ببطء شديد: خليفة جابر الـ..



.
.
.
.
.
.
.



أبــوظبـــي
في إحدى جامعاتهــا الشهيـــرة



: شيــــخة خليــــفة جــــابر الـ..

وقفت شيخة بارتباك مترقب وهي تدعو ربها بكل تسول أن تحوز هذه المرة على درجة جيدة في الامتحان علّها تعوض عن رسوبها في الأمتحان السابق ..

إلتقطت الورقة لتقرأ ما فيها بجزع،
ثم هتفت باستنكار حاد: دكتور ليش حطيتلي سي ماينس ..!!!!

اجابها الاستاذ وهو ينظر إليها من تحت نظارته الطبية: راجعي أجوبتج آنسة شيخة عقب سألي ليش حطيتلج سي

هتفت شيخة باستياء ونظرة من التهكم علت ناظريها: بس دكتور انا كتبت نفس الاجوبة اللي في ورقة المراجعة ..

ارجع الدكتور ناظريه للأوراق التي أمامه وهتف بشكل مقتضب: قلتلكم مابا اجوبة مختصرة، ابا تعليل وتوضيح لكل اجابة ..
وانتي ما فصلتي اجوبتج بالشكل الصحيح يا شيخة ..

تأففت شيخة بشكل مسموع لتهتف بضيق: عن اذنك دكتور

وهرعت للخارج وشياطين الضيق والاستياء تحوم فوقها بشكل مستفز بغيض ..

كيف بحق الله ستتفوق وتتخرج من هذه الجامعة وكل درجاتها في انخفاض مستمر ..!!

أففففففففففف لكَم تريد تحطيم كل الأشياء حولها من فرط القهر في روحها ..


وصل لمسامعها رنة هاتفها وهو يعلن عن اتصال قادم ..

التقطت هاتفها بضيق لتهتف بعدها بنبرة مقتضبة: ألووووو

: اماية شيخة بشري، كم يبتي في الامتحان ..؟!

شيخة والدموع بدت تتجمع في مقلتيها: امايه دخيلج لا تيبيلي طاري هالامتحان الزفت

أم شيخة بدهشة: شحقه ..!!
كم عطاج الدكتور ..؟!!

شيخة وهي تحرك شفتيها باستياء: سي ماينس

أم شيخة بعدم فهم: يعني كم شيخووووه ..!!

شيخة: يعني علامتي في أول السبعينات امااايه

أم شيخة بحنق مُتهكم: وابوووي .. جيييييه ..!!

شيخة بانزعاج شديد: ماعرف اماية تحريت حالّه عدل .. ثره هو ما يبا اجوبة مختصرة .. لازم اوضح واشرح أكثر فيهن ..

تنهدت أم شيخة بأسف قبل ان تهتف بحنان مُحاولةً بث الأمل في روح ابنتها: ماعليه فديتج بتعوضينها في الامتحان الياي

وضعت شيخة اصابعها على جبهتها بخيبة أمل وقالت: أي امتحان ثاني امايه، ها آخر امتحان في هالمادة عقبها بقعد اشتغل في البروجكت النهائي ..

أم شيخة بحزم: خلاص عيل شدي حيلج في البروجكت وبترفعين معدلج ان شاء الله

هزت شيخة رأسها بإيجابية لتهتف بخفوت: ان شاء الله

تنهدت بعمق ثم أردفت بتساؤل: ما سرتي لأبويه اليوم ..!!

أم شيخة: لا والله ما سرت، يتني اليوم خالتج منى ولهيت معاها بالسوالف

شيخة بنبرة رقيقة: فديتها خالوه منى، من زمان ما شفتها ..

أم شيخة: انتي الله يهديج ما تيلسين ويانا مول .. كله راسج في هالكتب تذاكرين

تنهدت شيخة مرة أخرى لتهتف بخفوت: الله يعدي هالكورس على خير بس
ادعيلي امايه والله محتايه دعاويج ..

أم شيخة بحنان يقطر شهداً مصفى: الله يوفقج وايسر امرج يا بنتيه وتخلصين هالجامعة وانتي رافعة راسي وراس ابوج الغالي ..

حينها اختنق صوت أم شيخة والآسى انتشر في احبالها الصوتية بضراوة جعل قلب شيخة يتفطر

قالت شيخة بنبرة ثابتة مبطنة بشوق شفاف موجع: الله يقومه لنا بالسلامة

أردفت وهي تنظر لساعتها: خلاص عيل انا بسير الحينه عنده .. سمعت البارحة الممرضة أم محمد تقول ان شي استشاري مخ واعصاب مشهور ياي من قطر عسب يكشف على حالته ..

أم شيخة: هيه قالي الدكتور صبحي عنه من اسبوع ..
خلاص من توصلين المستشفى اتصليبي طمنيني عليج ..

شيخة بابتسامة دافئة: ان شاء الله فديتج



.
.
.
.
.
.
.



أبــوظبــــي




طرق باب مكتب أبيه طرقات قوية قصيرة، ثم دخل بعد أن أذن له الآخر بالدخول ..

جلس ليهتف بصوته الخشن ذو السبعة عشرة عاماً بكل أدب : لبيه أبويه، امايه قالت انك تباني ..

رفع الأب رأسه ليرى ابنه من تحت نظارته الطبية ثم قال بحزم: هيه نعم اباك في سالفة ..

اعتدل الرجل "الصغير" بجلسته وقال بذات النبرة التي تنم عن الادب الجم: وانا اسمعك ..


خلع الأب نظارته ثم هتف وهو ينظر مباشرةً لعينا ابنه الكبير: ظاعن امك قالتلي شي عنك ..
وبغيت ارمسك عنه البارحة لجني شفتك راد من المدرسة وتعبان وايد، فأجلت السالفة شوي ..

قطب ظاعن حاجباه بعدم فهم ثم هتف: خير ابويه شو مستوي ..!!

أبا ظاعن "مصبح" وهو يتنهد محاولاً السيطرة على نبرات صوته: ظاعن انت ادوخ ..!!

ارتبك ظاعن واهتزت نظرات عيناه بشكل مباغت، تلعثم بعد صمت لم يدم الا ثوانٍ قليلة وقال: أ أ أ شسمه
ابويه لا .. اقصد .. شسمه .. أبويه انا بس كنت ايرب زقارة زقارتين ..
(ايرب = اجرب)

قطب أبا ظاعن حاجباه باستنكار حاد وهتف: ابويه ظاعن، الزقارة والزقارتين عقبهن علبة وعلبتين..
انت لو ما تهتم بصحتك ترى نحن نهتم ابها ..

نكس ظاعن رأسه بخجل وهتف بذات ارتباكه: أبويه السموحة ..
انا بس بغيت ايرب يوم شفت ربعي يدوخون ..

هز أبا ظاعن رأسه باستياء: انا قلت انه من ربعك الله يهديهم .. لان لا انا ولا حد من عمامك وخوالك وحتى عيالهم ندوخ

وقف بعدها وأخذ يسير نحوه إلى ان جلس في الكرسي الذي يقابله: ظاعن ابويه، ترى المريلة عمرها ما يت بالزقاير
الريال الكفو والسنافي هو اللي يحافظ على دينه وبيته وعرضه ونفسه ويخاف الله فيهم في السر والعلن ..
هب كل من نفخله نفختين زقارة قال انا ريال ..!!
صدق كلامي يا ظاعن ولا انا غلطان ..؟!!

هز ظاعن رأس بإيجابية تفجرت بالخجل والحرج من الذات .. ومن أبيه: صدق ابويه

وضع أبا ظاعن يده بحزم على كتف أبنه .. بكره ..
بكره الذي كان أول فرحة تُراقص قلبه برقصة السعادة العظمى منذ أن رآه يفتح عيناه الصغيرتان في المهد .. ابنه الرجل الذي لطالما تمناه: ظاعن، أباك نعم السند يا ولديه، انا هب دايم لك ولامك واخوانك ..
انت ريال البيت، اباك سند لأمك واخوانك ..
سند وعون لـ مزنة اختك .. ولـ عبدالرحمن ونهيان اخوانك ..
وأردف بصرامة تخللها دفء عبق: وأمك يا ظاعن .. امك ثم امك ثم امك .. لا تنسى هالشي

هز ظاعن رأسه وروح المسؤولية/الالتزام بدأت تنمو بشكل مبهر في روحه، ثم هتف بنبرة رجولية مبكرة تخللها تهذيب شديد:
يعلك تبطي حي يالغالي
(يعلك تبطي حي = دعاء لطول العمر)

ابشر باللي تباه ابويه، والزقاير امره ما بطب ثميه ابد


ربت أبا ظاعن على كتفه ببسمة فخورة: وها عشميه فيك والله
وأردف بعد أن تنهد بعمق: امك وين ..!!

ما ان انتهى من جملته حتى دخلت أم ظاعن (سلامة) غرفة المكتب وابتسامة جميلة مرسومة على محياها البهي:
امه ادور عليكم .. وثركم هنيه مندسين
(مندسين = مختبئين)



.
.
.
.
.
.
.



اسبـانيــــا



كان واقفاً أمام بحيرة تتوسط بشكل جذاب حديقة احدى قصوره المنتشرة في اغلب مدن العالم ..

استدار ببطء شديد للذي وقف بجانبه بسترته السوداء الأنيقة التي توحي بعتمة خبث عيناه المصقولتان بلونٍ رمادي يبعث القشعريرة في الأجساد ..

هتف الآخر بثقل وهو يستند بساعديه على طرف الشرفة ذات الطابع الأوروبي الصرف: بماذا تفكر يا أبا مرشد، فلتشاركني ما يجول في عقلك الآن ..؟!!

نفث أبا مرشد دخان سيجارته وهتف بعينان غائمتان بغموض لا ينقشع: أفكر بأمور كثيرة لن تصيب رأسك الفذ الا بصداع لا ينتهي يا ديرفس ..

ابتسم ديرفس ابتسامة جانبية خبيثة وهتف بخفوت: أمن ضمن تلك الأمور لاكي .. الشاب الهندي ..؟!!

رفع أبا مرشد حاجباه بسخرية: كنت يجب أن أعرف بأنك أكثر من يقرأ عقول البشر بدهاء تام ..

اختفت ابتسامة ديرفس لتحل محلها نظرة غامضة "داهية": لا تقلق يا صديقي، ما كنت لاُدخل لاكي هذا بيننا إن لم اكن متقيناً وبشدة من أن مساعدته لنا لن تجلب الا النجاح والأموال قبل كل شيء ..
ومن جانب آخر، صيته وصيت أباه يكفيان لأن تجعل لمنظمتنا وزن وسمعة تبهران كل من يعرفنا أكثر بكثير من ذي قبل ..

قطب أبا مرشد حاجباه باستنكار حاد: ألم نكن كافيين بنظرك لنصنع من منظمتنا اسم وسمعة ترجف اوصال رجال الطبقة المخملية جميعاً ..!!!

ابتسم ديرفس بمكر هاتفاً بتبرير لم ينقص من حزمه: بلى لقد صنعنا لمنظمتنا اسم ذو صيت عالي يرجف الأوصال كما قلت انت، ولكن امممممم ....
لأقل بصراحة أن وجود هذا الشاب سيمنحنا قوة ايجابية من نواحي عديدة أهمها الناحية التقنية والأمنية ..
فـ هو قبل كل شيء شاب عبقري فذ في مجاله ..

التفت بنظرة صقيعية خالية من الاحساس للبحيرة الزرقاء، وهمس بخشونة: صدقني يا أبا مرشد سنستفيد منه كثيراً

أبا مرشد وهو يطفئ سيجارته: أأنت تضمن ولائه لهذه الدرجة ..؟!!

اجابه ديرفس بينما هو يدلف الفلة ويداه في جيوب سترته الأنيقة: بالطبع لا يا عزيزي ..

وقبل أن يدلف .. ادار وجهه بشكل جانبي ليقول بمكر صرف يبعث الجمود في الحواس:
لهـــذا سيجــري عليــه مــا جــرى عليكــم تمامـــاً ..



.
.
.
.
.
.
.



أبـــــوظبــــــي



ركب سيارته بفخامة لا تليق الا بـ رونق حضوره .. فـ هو سلطان ..!!
والسلاطين استثنائيين ..
استثنائيين بكل ما في الكلمة من معاني آسرة ..!!



ما إن تحرك حتى أتته مكالمة من رقم غريب .. رقم مميز تماماً ..

قطب حاجباه باستغراب وهو يلتقطه بخفة ثم هتف بصوت ممتلئ بالثقل:
مرحبا ..


: عميه سلطااااااااااااان


ابتسم سلطان ابتسامةً عذبة "كعذوبة حنانه الذي يطل من عيناه" ما ان تعرف على صوت الصغير .. وهتف:
هلا أبووووي هلا ..

بطفولية متهكمة هتف الولد الصغير: عميه سلطان وينك ياخي ما نشوفك ..؟!!

ضحك سلطان ضحكة رنانة تخللها سعادة لسماع صوت هذا الطفل الغالي على قلبه ..

هذا الطفل الذي يجوز له ما لا يجوز لغيره ..!!

أليس هو من سُميَ عليه وكانت سماوته منه أن تُذبح الذبائح سبع ليالٍ بأكملها ..!!
واعطائه في مهده شيك من المال وقدره رقم واحد بجانبه عدة أصفار تبرق كالماس ..!!

هذا سلطانه الصغير ..
طفله الذي لم يُرزق بـ جيناته ... ودمه ..!!
طفله الذي لم ينمو بأحشاء محبوبته القاسية ..


هتف بأنفاس دافئة صافية: يا عين عمك انته .. ما اييكم العين لأن عنديه شغل وايد حبيبي ..
سلطان الصغير متذمراً بملأ فمه الصغير: تعال عميه ودنا الألعاب .. بابا كله مشغول ما يودينا مكان

ضحك سلطان بخفة قبل ان يهتف بحنان متفجر: ان شاء الله فديتك يوم اخلص من الشغل بييك العين وبشلك انت وخويدم ولطيفة .. اتفقنا ..؟!!

صاح سلطان الصغير بحماس طفولي: اتفقناااااا


وبشكل مفاجئ تماماً ..

ذُهلت مسامعه كما ذُهل قلبه الهائم في بحر سحيق الى ما لانهاية ..


سمعهـــا ..
سمع ذبذبات صوتها الموغل بالنعومة ..

سمعها وهو موقن أن ذلك الصوت لم يكن الا صوتها هي ..


أتاه صوتها وهي تهتف بحنق رقيق: سلطااااان .. منو سمحلك يا حلو تاخذ تلفونيه ..!!!!
استأذنت قبل ...!!!!!

هتف سلطان الصغير بخوف: عموه شوشو ما سويت شي فيه بس دقيت حق .....


لم تدعه يكمل وهي تأخذ الهاتف منه لتهتف بعدها بذهول مرتبك: اووويه انت على منوو داق يا ولد ..!!
لا يكون على وحدة من ربيعاتيه ..!! .. يبالك ضرب يا سليطييين ..
اف منك افففف ..




أما ذلك على الخط الآخر .. فكان مذهــــول .. مذهــــول ..
مذهـــــول ..!!!


يارب البشرية الرحمة ...
ماذا فعل ليصاب بمرض حبها هكذا ..!!!

مالذي اقترفته يداه ليصاب بارتعاشات حمى مخيفة .. ملتهبة .. كارتعاشاته الآن تماماً ..!!


أهــــي حــــقاً ذاتـــــها "شجــــن القلــــب" ..!!
لــــؤلـــــؤته .. وهذيــــانـــه الســـــرمدي ..!!


آآآآآآآآههه ..
فلتفنى النساء جميعاً ..
فلتفنى كل أنثى على وجه الخليقة ..
لو وجد منهن من تمتلك طغيان طيفها المثقل بالعذوبة عليه ..!!
طيفها الجبار ... الطاغي ... الذي لم يفارقه اثنا عشرة عاماً ...!!!!!!

طيفها الذي افقده الحروف .... افقده اللغة ....
وياللسخرية افقده ابجديات الهوى لغير شخصها الكريم ..!!
آآه وآآهه ..


كان سلطان في حالة غريبة لا تصف من فرط ألمه .. ألم هو خليط من حنين .. شوق .. توق ..
عشــــق وصـــل حـــــد الثمـــــالة ..




هتفت شما وهي لا تعلم مالذي اصاب "ذلك" من شرارة جوى وصلت لأوردة وجدانه بشراسة صرفة:
ألوو ... منو ويااايه ..!!!



لم تسمع صوتاً ابداً، كررت والارتباك غزا صوتها العذب: ألووووو



لحظــــة صمــــت .. صمــــت تخلله انفــــاس ..
انفـــــاس ثقيلــــة ..
ثقيلــــة حد الإنفجــــار ..

جمدت أوصالها وهي تستشعر تلك الأنفاس .. انفاساً تشعر بأنها ذات يوم كانت قريبةً منها
انفاساً كانت وما زالت تزور منامها وتؤرقه بشجن مجنون ..


ارتجف قلبها وهو تحاول استيعاب المشاعر التي تجول في خاطرها الأن ..

كررت مرة ثالثة ودقات قلبها تخونها .. تخونها بشكل تعرف ايقاعاته تماماً: ألووووو



وكأن الزمن قد توقف .. وكأن تلك الأنفاس هي من أوقفته بكل رجولة صرفة ..


تكاد تقسم أن لتلك الأنفاس هيبةً تعرف مصدرها .. هيبة تدرك هيمنتها المثقلة بالقوة ..

هيبــة تشعــل فــي أنوثتــها اللهـــب .. !


قطع سلطان الصغير أفكارها المشوشة المرتبكة بصراخه: هذا عميه سلطااااااااااان



الزمن الذي توقف قد اُزيل تماماً .. اُزيل ولم يبقى منه الا ذرات رمل تتطاير في الهواء الخاوي
هواء خاوي من كل نفس .. من كل همس .. من كل حركة ..!


قلبها الذي كان يرتجف قد فقد للحظات دقاته وهرب مع الزمن .. هرب ولم تظنه سيعود ..!!


وبكل صدمة تمتلكها .. وبكل جمود اخنق تحركها لثوانٍ فائتة .. رمت الهاتف بحدة/برعب تام على سلطان الصغير وتراجعت للخلف ببطء لـ صدمتها الكاسحة المخيفة بجميع المقاييس ..!



وصعدت لغرفتها تركض بأنفاس متلاحقة وكأنها تسابق الزمن الذي عاد مع وعيها الهارب منذ ثواني قصيرة ..



التقط سلطان الصغير الهاتف بفم مزموم وهو لا يعلم أثر الذي فعله في العاشقان أبداً:
ألووو عميه سلطاااان
عميه سلطاااااااااااان ..



كان سلطان في حالة مبهمة .... مفرطة بالانفعالات الغريبة ..!!!


كان واضعاً رأسه على مقود السيارة وانفاسه الثقيلة .. المختنقة .. الساخنة ...... في حالة تشبه حالة من أمسك بقربة ماء
بعد ضياع وتوهان في صحراء قاحلة .. صحراء جدباء ميتة تجلب الجنون في العقول ..
ويريد شربه كاملاً من غير تردد .. من غير تفكير ..!!
حالته كانت أشبه بذاك التائه الذي شرب الماء ليعيش .. ثم مات بعد أن سقى جسده الذي جف وانتهى
ولكنه لم يمت ..!!
لم يمت ..

لا .. لقد مات ..
لقد مات ومات ومات

مات منذ أن سمع ترانيم صوتها العذب ..

مات منذ أن سمع بحات قطعت الوتين فيه .. الوتين يا كل عشقٍ معجون بالوجع ...

مــــات .. مـــــات
ويا ليت والدته لا تعرف بموته الآن ..!!!!



كان يتنفس بقوة ..
لا لا ..
بــل يلهــث ..

يلهث لهاثاً ثقيلاً .. مرتعشاً .. مختنقاً حد الموت ..

ما إن يشهق شهقة حتى تلاها بزفرة قاسية .. زفرة لن ينسى من الذي سبب بقساوتها بتلك الطريقة ..
زفرة كانت تخدش روحه بشكل ضــاري .. عنيــــف ..
زفرة "تقتل" ..!!


كان غائب الوعي ويده مازالت تقبض الهاتف بشدة في أذنه ...
قطب حاجباه بوعي غائب تماماً وهو يرهف السمع على أصوات عالية
تصل إليه من كل مكان .. من كل حدب وصوب ..!!

أصواتاً تشوش عقله الغائب .. "المشوش أساساً" ..!!!



رفع رأسه بعيناه الغائمتان وهو يدرك أخيراً إنه واقف بسيارته أمام اشارة المرور، والاشارة الخضراء قد ظهرت منذ ثواني لا يعلم مقدارها ..


حرك سيارته ووعيه مازال مشلولاً ..

ثم أوقفها جانب الطريق ليتنفس بعمق علّه يخرج من سيطرة خفقات داهمته كمداهمة عساكر مدججين بالأسلحة ..

وأخذ هاتفه ليرى أن الاتصال قد قُطِع ..!!


تنفس مرة أخرى بعمق يكاد يفتك مجراه التنفسي قبل يلتقط قارورة ماء صغيرة ليشرب كل ما فيها دفعةً واحدة

شرب وهو يدعو ربه أن تطفئ تلك المياه ما استعر في وجدانه من لهيب ...
لهيب حارق سببه "وياللجنون الموغل بالجوى" همسات "تلك" ..



.
.
.
.
.
.
.



فـرنســـــا
بـاريـس



كان يمشي في أروقة المدينة ببال شارد تماماً مسترجعاً في عقله ما صرح به سلطان له قبل سفره


: ايلس يا حارب واسمعني زين .. ما اباك تنفعل وتعصب قبل لا اخلص رمستيه كلها

جلس حارب بترقب شديد .... ليهتف بعدها بحزم: ان شاء الله بومييد، قول اللي عندك، اسمعك


تنهد سلطان بعمق وهتف: اللي نحن نلاحقه يا حارب واحد خطير .. واحد ما نقدر نتساهل في موضوعه ابد ..
تقدر تقول ان بومرشد ورا أغلب البلاوي اللي تستوي في بلادنا وفي دول الخليج بعد ..
وموينع واللي وياه ولاشي صوبه ..


حارب والانفعال بدأ يموج فوق ناظراه بقسوة: وهو اللي ورا سالفة ابويه ..


ابتسم سلطان بسخريةٍ تنم عن غضب لم يظهره بتاتاً: هو ورا سالفة ابوك ..
وهو ورا سالفة سعيد بن خويدم ..
وهو ورا سالفة الحريجة الكبيرة اللي استوت في مصانع دبي قبل 5 سنين لو متذكر ..
وورا سالفة اضراب العمال بالشهور في الشارجة وعيمان من سنتين ..
وهو بعد ورا سالفة اختطاف الطيارة البحرينية
وهو وهو وهو ..
لو بعدد مصايب بومرشد مابسكت إلين باجر صدقني ..


قطب حارب حاجباه بذهول شديد واسم واحد اخترق عقله بشكل مباغت: سالفة سعيد بن خويدم ..!!
جيه شو سالفته مع بومرشد ..!!


أخذ سلطان يطرق بخفوت طاولة مكتبه بقلمه المرصع بماسات بيضاء فخمة تأبى الانتماء لغير اصابعه، وهتف بعدها بنظرة حذرة صارمة .. نظرة صقرية يقظة خالصة:
سعيد انجتل يا حارب
واللي جتلوه جماعة بومرشد ..


وقف حارب والصدمة قد باغتت عقله بشكل عنيف، وصاح بذهول .. باستنكار حاد:
شوووووووووووه ..!!!!
عميه سعييييد انجتتتل ..!!!!!

هتف سلطان بصرامة شديدة وهو يأشر لـ حارب بالجلوس: حارب قلتلك من البداية ما اباك تنفعل، هد وخلني اكمل لك السالفة كلها

زمجر حارب بانفعال حقيقي قوي: يا سلطان انت شو تقوووول ..!!
ريل عمتيه مات مجتووول وانا توني ادري ..!!!

وقف سلطان والقسوة بدت تغزو ناظريه هذه المرة .. ليهتف بصوت فولاذي: يا حارب ايلس قلتلك وخلني اكمل رمستيه ..

جلس حارب وعيناه توحيان بذهول ما زال يضرب عروق عقله المشوش ..

تحرك سلطان من مكانه ليقف قريباً من حارب هاتفاً بغموض ضبابي:
محد يعرف بهالسالفة أصلاً يا حارب ..
ولا حد يعرف حتى ابوه واخوانه عبدالله وبطي وأحمد .. بس نحن ..

قطب حارب حاجباه والذهول من الذي يسمعه قد وصل لأقصاه

أيقتل رجلاً بمثل سعيد ولا أحد يعلم بهذا ..!!
ولكن كيــــــف ..!!
كيــــف يالله ..!!!!


هتف حارب بأسئلته التي تدور في نفسه بانفعال: كيـف صار هالشي ..!!
وشو خص عميه سعيد في سالفة أبويه ..!!!


هز سلطان كتفاه مجيباً بنبرة حازمة تخللها قهر مخفي: شو صار وكيف مات سعيد فـ ها اللي نبا نعرف اجابته ..
أما شو يخصه في سالفة أبوك .. فهو الأساس ومن سعيد بدت مصايب أبوك اللي تعافدت عليه من جماعة بومرشد
(تعافدت = تقافزت أو ركبت)

حارب بتشوش/عدم فهم: سلطان يطولي بعمرك شوي شوي عليه ... يعني تبا تقولي ان سعيد هو السبب في اللي صار لـ بويه ..!!

هز سلطان رأسه بـ لا وقال بخفوت غامض: لا يا حارب سعيد ماله ذنب في شي ..
السالفة بدت يوم هو وافق على ...........


قطع عليه سلسة أفكاره الموغلة بالعمق صراخ وهتافات عالية، رفع رأسه وهو يرى جماعة كبيرة من الشباب والفتيات ذوي الاعمار المقاربة لسنه وأصغر في مظاهرة تندد بالأعمال غير الشرعية التي تقوم بها الحكومة الفرنسية ..


تراجع للخلف كي يُخرج نفسه من هذه المعمعة .. فهو لم يكن ليفوت طائرته المتوجهة لبلاده الا عندما هاتفه
ديرفس ليبلغه بأنه يجب أن يلاقي شاباً من طرفه ليعطيه ظرفاً بالغ الأهمية في باريس ..


وبعد أن اتفق معه على مكان تواجد ذلك الشاب، اتصل لـ سلطان ليبلغه عن التغيرات التي حصلت فجأة ..

وبعد عدة توصيات وتحذيرات من سلطان، اقفل عنه الخط ليخرج من المطار متوجهاً لمكان الموعد ..


ما إن تراجع اكثر حتى سمع ضربات أرجل ضخمة كثيرة سريعة الخطى آتية من خلفه ..


وبلمح البصر كان بين أيدي رجال ملثمين متشحين من رؤوسهم إلى أقدامهم بالسواد الحالك ..

وبدأ هؤلاء الرجال ذاتهم بضرب المتظاهرين وجرّهم جميعاً لسيارات سوداء لا ارقام عليها ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



دبــــــــــي



بعد انتهاء صلاة العصـر، خرج الأشقاء الثلاث من المسجد وكل واحد منهم يسلم على من يقابله بدفء وود رجولي ..

كانوا الثلاثة متشابهين ... متشابهين بصورة مختلفة متفردة ...!!!!
لكل واحد منهم هالته الرجولية الخاصة ... وصورته الجذابة الخاصة به وحده ...!!!!

التفت أصغرهم لـ أكبرهم وهو يهتف بنظرة باسمة: نهيان الحينه تبا تقنعني انك اشتريت صدق نص اسهم معرض سيايير الـ... ..؟!!

أعطاه نهيان نظرة باسمة يعلوها تعجب ساخر: وشحقه ما تقتنع يا ولد عبيد ..؟!!

حمد بصراحة مازحة لا تعرف اللف والدوران: اسمحليه ياخي بس ما تحريتك تهتم لهالسوالف ابد .. انت كله مطيّح خاري البلاد .. ومادّاني الشغل ولا الالتزامات ..
(مادّاني = لا تحب)

تحدث أوسطهم فلاح بعد صمت ليقول بحاجب مرفوع ساخر: انت لو عندك وظيفة ثابتة وفي مكان قوي وحلو ما كان افود لك من التسليف من ابويه كل راس شهر ..!!!

حرك نهيان فمه بتهكم/ضجر: انتو تعرفون انيه ماداني اشتغل في مكتب واتفيزر من الصبح إلين العصر فيه .. احب اشتغل اعمال حرة محد يحاسبني متى وصلت الشغل ومتى طلعت ..

فلاح بذات نبرته الساخرة: بنشوف يا الشيخ نهيان اعمالك الحرة ..

رد نهيان وهو يتثاءب بقوة ويحك سكسوكته الجذابة: خلكم انتو عاده .. واحد في الشرطة وزاماته ما تخلص .. والثاني مدير التخطيط المالي في بنك .... الإسلامي وكارفينه كراف اليهد ..

حمد بنبرة حازمة واثقة "فخورة": الانسان يا نهيان المفروض يطمح لشي ويسعاله بغض النظر عن السلبيات والعقبات اللي بيواجهها ..
انا طموحي كان اني ارتقي في شغلي واستوي مدير تخطيط مالي .. وارتقيت الحمدلله واطمح للأكثر عن جيه بعد ..

هتف فلاح بحزم وهو يفتح باب المنزل ليدلف الثلاثة: وشغل الشرطة لو ما تعرف تراه بحد ذاته فخر ..
يسد انك تشتغل لجل امن البلاد وامانها .. بلادنا اللي هي اعز شي نملكه ..

ضحك نهيان ضحكة رنانة ليهتف بمرح: ياخي انت وياه لازم تحسسوني انيه انسان بلا هدف في الحياه ..!!
خلاص بنشتغل بنشتغل ولا يهمكم ..


قطع كلامه رنين هاتفه، والتقطه باستغراب متسائلاً عن صاحب الرقم الغريب ..

تراجع بخفة ليرد بنبرة حازمة: ألوووووو

: ألوووو .. نهيان ..؟!!

قطب نهيان حاجباه وهو يستوعب الصوت الأنثوي الذي دخل مسامعه للتو

هتف باستغراب تام: هيه نعم نهيان .. منو ويايه ..؟!!


هتفت الفتاة بنبرة مهتزة .. مترددة .. خائفة: أ أ أ نـ نـ نهيان ..
أنا ميسون .. ماعرفتني ..!!!






نهـــاية الجــــزء العـــاشــــــر


sira sira likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-06-16, 06:06 AM   #14

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)






الجــــزء الحــــادي عشــــر



،



عيْناك ليالٍ صيفيّة،
ورؤىً وقصائدُ وردية
ورسائلُ حُبٍّ هاربة،
من كتُبِ الشوق المنسيَّهْ
مَنْ أنْتَ ؟
زرعتَ بنقر خطاكَ،
الدَّرب وروُداً جُوريّهْ ..!
كالضوء مررت..
كخفق العِطرِ،
كهزجِ أغانٍ شعبيّهْ ..
ومضيتَ شراعاً .. يحملُني
كِقصيدة شمسٍ بَحريَّهْ ..
لِوُعُودٍ راحَتْ ترسُمُها،
أحلام فتاةٍ شرقيّهْ ..!
مَنْ أنتَ ؟
وسِحرٌ في عَيْنيْكَ
يَزفُ العُمر لأغنيَّهْ ..
لكأنّك .. مِن قمرٍ تأتي
من نجمةِ صُبح .. ذهبيَّهْ!
مِنْ أرضٍ .. فيها شمسُ الحُبّ
تعانِقُ وَجْه الحريّهْ ..
وأنا .. في العُمر مسافِرة
ومَعي .. عيْناكَ وأُغنيّهْ ..!


لـ أنــور سلمـــان ،.



،



ليت الألم يُحكى ..
لأنطقه بكل حروف الدنيا ..
بكل ابجديات الضياع
بكل معاني الوجع الملبوس
فوق أنفاسك الرجولية ..!!!

ليت لـ حرقة الهوى أجنحة ..
أجنحة أركبها .. وأحلق لمكان لا يبصرني فيه عين ..
مكان أكون فيه أنا فقط .. وهـواي الذي انصهر منتصباً .. رافعَ الرأس ..
شامخَ الأنف ..!!

ليتني يا هذا ابتعد ..
ابتعــد فقط عن شراراتك التي تحرقني
تلهبني ..
تذيقني الترمد الذي وصل في جوفي حد الطغيان ..!!!

لـــمَ تفعـــل بــي هـــذا ...؟!!
لـــمَ ..؟!!

أبعد الجرح الذي تلقيته منك ما زلت تمشي بخيلاء صرف
على روحي المثقلة بهوى روحك المتغطرسة ..؟!!

أبعد أن قررت بكل عزيمة أن اتجاوزك، وأعيش عمري الباقي
مع شخص لا/لن يملكني روحياً ..!!
مع شخص لم يرغمني على تذوق
طعـم يشبه بمرارته مرارة حنظلة رُميَت على الأرض
وأصبحت مداس أقدام العابرين ..!!

وكأن الحنظلة المسكينة .. ما كانت إلا قلبي أنا ..
الذي رُمي على يديك أنت ......... أيها السلطان ..!!

قلبي الذي لم يكن ليهواك وهو يعرف
بعجرفة هيمنتك على وتيني ..!!
بازدرائك لـ شخصي ..!!

بخداعـــك ........ أجــل ..
خداعــــــــك ..!!!



أمسكت بجهاز تحكم التلفاز الموضوع بجانب وسادتها ورمته بعنف .... بكل كبرياء مجروح ..
كبرياء لأنثى لا تملك الا الشمم من الطباع ..
والعُلي من الزهو بالذات ..
أنثى من فرط سمو اعتدادها بشخصها كانت تبعث للناس رسالات
مبطنة .. بـ "ممنوع الاقتراب" ..!!

صرخت بكل حدة حارقة .. ملتهبة .. ملتاعة ..
حرقة أنثى اُذيق حبها طعم الرفض والازدراء:
لييييييييييييش ..!!!
لييييييييييش خبررررني لييييييييييش .. !!
لييييييييييييييشششش ...!!!


وفجأة ..
ومن غير مقاومة تُذكر ..
أجهشت ببكاء يقطع الأفئدة من فرط وجعه .. من فرط مرارته السوداء ..

بكت وكلمة "ليش" كانت كالافا .. تخرج من شفتيها وتسكب حممها على صدرها المنتفض ..
بكت كما لم تبكِ من قبل .. وأشد مما بكت في السابق ..
عندما اكتشفت قبل سنين طويلة .. أن سلطان لم يكن راغباً بها ..
لم يكن لـ يريدها زوجة .. ولا حبيبة ..!!
لم يكن يريد .. إلا اللهـو فقط ..
اللهو والسخرية على من أهدته الفؤاد والوجدان ..!!


بكت شما حتى أحست بلهيب يمشي في حنايا صدرها ..
وجفاف قاحل يفتك بأحبالها الصوتية ..
لا تسمع الا لهاث .. لهاث وصل لأقصى حد من الاختناق ..

لهاث كان في السابق
لا ينطق إلا بما قالته نوره الحوشان بكل اصطبار يتأوه من نار الشوق/اللوعة:
"اللي يبينا عيّت النفس تبغيه، واللي نبيه عيّا البخت لا يجيبه"


أما الآن ..
لم يبقَ من لهاثها إلا رماداً متبقي من نار الجوى
الجـــوى يا سلطـــان ..!!!!

وليس غير الجوى ما فعل بـ وجدانها ما فعله بكل جبروت صرف ..!!


بدأت أنفاسها الثقيلة بالانخفاض .. وبدأت تسترد وعيها الذي غاب من أثر صدمتها
من سماعها "ذبذبات أنفاسه" ..!!!


تنفست مرة اخرى بعمق أليم محاولةً استرداد صوتها المختنق حد الزوال .. ووقفت لتواجه مرآتها الطويلة كـ طول قامتها المفعمة بالفتنة ..

ثم همست ببحة مختنقة بعد صمت مهيب متأملةً عيناها المتورمتان من أثر البكاء الشديد:
سمعتي نصخه وجيه استوابج يالخبلة ..
عيل لو لمحتي طرف كندورته شو بتسوين ..!!
أشهد إن حالتج صعيبة يا بنت خويدم ..



.
.
.
.
.
.
.



ضحك نهيان ضحكة رنانة ليهتف بمرح: ياخي انت وياه لازم تحسسوني انيه انسان بلا هدف في الحياه ..!!
خلاص بنشتغل بنشتغل ولا يهمكم ..


قطع كلامه رنين هاتفه، والتقطه باستغراب متسائلاً عن صاحب الرقم الغريب ..

تراجع بخفة ليرد بنبرة حازمة: ألوووووو

: ألوووو .. نهيان ..؟!!

قطب نهيان حاجباه وهو يستوعب الصوت الأنثوي الذي دخل مسامعه للتو

هتف باستغراب تام: هيه نعم نهيان .. منو ويايه ..؟!!

هتفت الفتاة بنبرة مهتزة .. مترددة .. خائفة: أ أ أ نـ نـ نهيان ..
أنا ميسون .. ماعرفتني .!!!

قطب نهيان حاجباه باستغراب وهو يهتف بتساؤل: ميسون ..!!
منو ميسون ..؟!



أتاه ذات الصوت ولكن هذه المرة ظهرت كـ نبرة ساخرة .. نبرة انقلبت من العربية إلى الفرنسية بكل غضب مكتوم:
لم أكن لتفاجئ بحقيقة نسيانك لي .. فـ انت نهيان .!!
نهيان الذي يصاحب عشرة فتيات في وقت واحد ..

استدار نهيان بجسده رافعاً كلتا حاجبيه باستنكار بدأ يظهر .. وهتف بعربية ثابتة باردة رغم إنه يتقن التحدث بالفرنسية باحترافية سلسة:
بتقولين انتي منو ولا ابند الخط ..!!!

ابتسمت المرأة المسماة ميسون ابتسامة ساخرة وهتفت هذه المرة بـ عربية .. تحديداً بـ لهجة أهل لبنان:
شو يا خواجة نهيان، نسيت ميسون .. وليالي باغي مع ميسون .. !!

بدأت عيناه السوداوان تحتدان كـ احتداد نصل السكين، والقسوة اعتلت ضباب مقلتاه بغضب وازدراء متذكراً اخيراً صوت الفتاة المغلف بنعومة الأفعى ..
هتف بحزم جامد قاسي .. قاسي كالحديد: الآدمية اللي تطرينها اندثرت تحت التراب ..

ميسون والحقد في صوتها وصل لمسامعه بشكل علني .. وحاد حد الوقاحة: بتئصود الادميي اللي كبيتا بالشارع هي وابنا بلا بيت ومصاري بعد ما شبعت منا ومن اللعب معا فوء التخت .. ما يا خواجة نهيان ..!!!

قبض نهيان يداه كاتماً انفعالات عاصفة لا يريد اظهارها، خاصة أمام هذه الحقيرة معدومة الاخلاق ..

نهيان بنبرة حادة ساخرة لأقصى حد ممكن مقلداً لهجتها بخبث تام: كنا نلعب فوء التخت على سنة الله ورسوله ما شيغي ..
(ما شيغي = يا حلوتي/يا عزيزتي بالفرنسية)

احتقن وجهها غضباً/خجلاً من جرأة كلماته .. وقالت من بين اسنانها: ليكَكْ عرفتني يخزي العين

قاطعها بقسوة مغلفة بالنفور/البغض: شو تبين ميسون، اظنتي اللي بينا انتهى من خمس سنين ..
شو ذكرج فيه عقب هالفترة كلها ..!!

ميسون بنبرة غامضة أظهرتها بنعومة صوتها الذي كان يطيح بـ سيطرة عقله في وقت مضى:
تلفنتلك لئلك ئشي وسكر ..

نهيان بنزق ملؤه الجفاء: قولي اللي عندج خلصيني ..

ميسون بصوت ثابت: ابنك بدو ياك نهيان

تسمر نهيان بمكانه وعيناه بدأتا بالاتساع تدريجياً قبل ان يهتف بصدمة حادة:
شوووه ...!!!
ولدددي ...!!!!



.
.
.
.
.
.
.



أبـــــوظبـــــــي



تقدمت وهي تدخل رواق القسم الذي يوجد فيه غرفة والدها بينما اصابعها تكتب بسرعة رسالة نصية لأختها الوسطى تسألها ما إذ حطت طائرتهم أم بعد ..

وضعت هاتفها داخل حقيبتها واستمرت بالمشي إلى أن لمحت أمام غرفة والدها طفلة صغيرة تحمل بيدها دبدوب وردي اللون جميل وتبكي بشكل يفطر القلب حزناً ..

اقتربت منها بقلق، ثم جثت على ركبتيها وهي تهتف بنعومة تقطر حناناً/طيبةً: حبيبي ليش تصيحين ..!!!

لم تجب الطفلة بل اشتد بكاءها وازدادت شهقاتها الرقيقة ..

التمعت عينا شيخة بتأثر شديد وكررت سؤالها وهي تمسد شعر الطفلة: يا قلبي ليش تصيحين ..!!
وين ابوج وامج ..!!

أنزلت الطفلة كفيها الصغيرين عن عيناها لتقول بصوت طفولي يتقطع من البكاء: ما ما ما ما ادري

وأخذت تبكي من جديد والخوف ينضح من نظراتها البريئة ...

وقفت شيخة وهي تتلفت علّها تجد أحد اقارب الطفلة المسكينة ..


رجعت تجثو على ركبتيها لتهتف بحنان صرف: انزين حبيبي خلاص لا تصيحين ..
الحينه بنروح عندهم ..

ردت الطفلة وصوتها المتقطع ما زال يتخلل كلماتها الصغيرة: ماما تامي قالتلي تمي هنيه وبييج بسرعة ..
بس ما يت ..

احتضنت شيخة الطفلة بنعومة تبعث السكينة في الصدور لتهتف بتساؤل حاني: منو ماما تامي حبيبي ..؟!

قالت الطفلة بنبرة بريئة للغاية: ماماتي تامي ..

ابتسمت شيخة بعذوبة وهي تمسح دموع الطفلة .. ثم قالت: شو اسمج يا عسولة ..؟!!

وضعت الطفلة أصبعها السبابة بين شفتيها ... واجابت بخجل شديد: اسمي شيخة

ضربت شيخة الكبيرة كفيها ببعضهما بخفة/بمرح ... لتقول بعدها بابتسامة جميلة: وااااااو شرات اسمي .. انا بعد اسمي شيخة ..

ابتسمت الطفلة ابتسامة كبيرة ناسيةً موضوع ضياعها عن أهلها قبل ان تقف شيخة وتمد يدها إليها وتقول ببسمة مطمئنة:
يلا تعالي معايه عشان ندور على ماماتج ..

أعطت الصغيرة يدها لـ شيخة وسارت معها في جميع أروقة القسم ..

بحثت شيخة عن والدة الطفلة ولكن من غير جدوى ..


توقفت فجأة ما إن سمعت صوت الطفلة العالي وهي تنادي احدهم بسعادة: دكتور نااااااااااصر

استدار الدكتور ناصر وهو يرفع حاجبه الأيمن باستغراب، ثم ما لبث أن ارتسمت عيناه بابتسامة أبوية حنونة ..

تقدم من الفتاتان بخطوات رزينة ثابتة .. ونظرته التي تلتمع بلون القهوة كانت كافية في إضفاء سحره الرجولي الخاص على هيئته بحلة الأطباء المتعارف عليه ..

جثى على ركبتيه وهو يهتف بنظرة شديدة الدفء: شواخي الحلوة اهني ..!!
يا هلا يا هلا ..

ارتمت الطفلة شيخة في احضان الدكتور لتقول بحزن بملء فمها الوردي الصغير:
دكتور بابا وماما خلوني وراحوا ..

الدكتور ناصر بتساؤل: وين راحوا عنج بابا ..؟!!


أخذت دموع الطفلة شيخة بالتساقط مجدداً وهي تقول: ماعرف، ماما قالت حق ماما تامي توديني الكفتيريا عشان اشتري عصير وكاكاو ..
بس ماما تامي ودتني مكان ماعرفه مب الكفتيريا ..
قالتلي تمي وبييج
بس ما يت ..

الدكتور ناصر باستنكار خفيف: وشله امج ما ودتج الكفتيريا بنفسها، من يأمن على الخدم ذي الايام ..!!
الله يهديها بس ..
(وشله = لماذا)

وأخذ يمسح دموع الطفلة وعيناه تنضحان حنان جارف يبعث القشعريرة بشكل يصعب وصفه ..



كانت شيخة الكبيرة في تلك الأثناء تشعر بأنها في مسرحية ودورها ليس الا كومبارس غير ذي أهمية مطلقاً ..

تعترف ان حرجاً شديداً انتابها من غرابة الموقف التي هي فيه بمجمله ..!!
ولكن، بين شعور الخجل والارتباك، لم يغفل قلبها عن الاحساس بفيضانات الدفء والحنان الأبوي التي تدفقت على رأس الطفلة من الطبيب ..

هذا الطبيب الذي أسر "بفتنة نبرات صوته العميقة وقلقه الحاني" دقات قلبها الجائعة لـ حنان أب فقدت روحه المُحبة منذ سنين طويلة ..

كان قلبها يدق لـ جمال ما تشهده بشكل لم تفقه له ابداً ..!!


رفع الطبيب رأسه مدركاً اخيراً وجود مخلوق انثى بجانب الطفلة ..

ما إن لمح طرف وجه شيخة التي لا تغطيه عادةً بخلاف شقيقتاها الكبيرتان، حتى غض بصره ليهتف بنبرة ثقيلة مهذبة: اختي السموحة منج ..
بس انتي شتصيرين لـ شيخة ..!!



تنبأ عقلها لأمر استوعبته بينما الطبيب يتحدث ..
فـ لهجة حديثه لم تكن اماراتية، انما وإن لم يخب ظنها قطرية ..!!!


تنحنحت شيخة بخجل فطري لتهتف بنبرة ناعمة خافتة: ما اقرب للصغيرونة ..
شفتها تصيح جدام حجرة الوالد وشليتها عشان ندور على هلها ..

وأردفت وهي تهز كتفيها: بس ما حصلنا حد ..


وقف ناصر وهو يرتب هندامه الذي لم يكن يحتاج لترتيب من الأساس،
انما هو فقط كان يحاول عدم التشتت بقوله وفعله .. عدم التشتت بثباته الذي يتميز به وهو يسمع ذبذبات همس الفتاة المثقل بالعذوبة والخجل المُرتبك ..


أمسك بيد شيخة الصغيرة محاولاً عدم النظر لكفوف الفتاة الشابة البيضاء الا ان نظرته لا ارادياً تنجر لجمالهما الناعم بأصابعها الضعيفة الطويلة وأظافرها المقلمة بشكل أنيق ..
بشكل فاق الأناقة بحد ذاتها بنظره هو ..!!


زجر نفسه مستنكراً افكاره المُراهقة التي لا تناسب ابداً عمره السادسة والثلاثين ..!!

تنحنح بثقل وهو يهتف بنبرة خشنة لم يتعمدها ابداً: خلاص مشكورة الشيخة،
انا الدكتور المشرف على حالة خال شيخة المرقد اهني، واعرف ابوها عدل ..
فـ تقدرين تخلينها معاي ..

خفق قلب شيخة عندما ناداها بـ "الشيخة" ظناً منها إنه يناديها بأسمها الحقيقي ..!!
ثم استوعبت مقصد كلمته العفوية ..

قالت شيخة بتردد منخفض الصوت وهي تنظر لـ شيخة الصغيرة: بسسسس دكتور ...



: شيــــــخة


التفتت شيخة الكبيرة ومعها الصغيرة لا إرادياً للصوت المنادي لتهتف الكبيرة بعفوية: هلاااااا

اقتربت المرأة المغطاة بأكملها بالسواد لتهتف باستغراب لـ شيخة الكبيرة: شيخة وينج من متى نترياج عند ابويه ..!!

قطب ناصر حاجبيه وبسمة متلاعبة اعتلت ناظراه بشكل طفيف ..

أسمكِ شيخة إذن ...!!!


شيخة بتلعثم تخلله ارتباك واضح: أ أ أ يايه الحينه، ترييني دقيقة ..

نظرت شقيقتها أم محمد لـ ساعة يدها بعدم صبر وهتفت بخفوت مستعجل: يلا انزين لا تتحيرين ..
ورانا سيره للمطار عشان اختج ولا نسيتي ..!!!

هزت شيخة رأسها وهي ترد بسرعة: ان شاء الله ان شاء الله دقيقة بس ..

ثم التفتت لـ شيخة الصغيرة متحاشيةً النظر للطبيب لسبب تجهله تماماً ..!!
لم تعرف أهو خجل ..!!
ارتباك ..!!
خوف من مشاعر تجهلها ..!!
أم نفور من انقباضات تدب في معدتها كلما لمحت طرف عيناه اللامعتان ..!!
لا تعرف ..
تتمنى فقط أن تخرج من نطاق رجولته الدافئة الجاذبة لها بشكل مؤذي ..!!

ولكن ..... وياللعجب ..
تتمنى في الوقت ذاته الغرق ببحر صوته العميق .. العميق حد اللانهاية .. بحنانه .... وبكمية السكينة فيه ...!!!


وبخت شيخة نفسها محاولةً الهرب من حصار مشاعر غريبة كل الاغتراب على جدران قلبها الجائع للإحتواء ..!!
الجائع لكلمة عذبة .. المتعطش لـ حضن شجي رحوم يغنيه عن كل حضن ..!!


قالت أخيراً للطفلة وهي تميل جسدها الى الامام وتنخفض حتى يصبح وجههاً مقابلاً لوجهها الصغير: حبيبتي شيخة، انا بخليج الحين ..
بس قبلها توعديني ما تصيحين ..!!

تعلقت شيخة الصغيرة بـ رقبة شيخة الكبيرة هاتفةً بصوت طفولي مستاء: ليش تروحين شيخة ..!!

همست شيخة قرب اذن الصغيرة بحنان جم: حبيبي باباتي يباني انا بعد، تأخرت عليه وايد ..


وبحركة لم تفهم ماهيتها بتاتاً ..
رأت الطفلة وهي تقترب من ناصر لتوشوش في أذنه اليسرى بكلمات قليلة ..

ثم رأت ناصر وهو يهز رأسه بابتسامة خفيفة .. ابتسامة لم تكن بريئة ابداً في الحقيقة .. ليهتف بعدها بدفء متدفق:
ايه حبيبي عادي


رجعت شيخة الصغيرة للكبيرة وهي تبتسم بخجل طفولي، ثم مدت دبدوبها الصغير إليها لتهتف بنعومة:
خلي هالدبدوب عندج ..

قطبت شيخة الكبيرة حاجباها بابتسامة مستغربة ثم قالت برقة: ليش غناتي، دبدوبج هذا ..!!

وضعت الصغيرة سبابتها على شفتها السفلى بخجل اشد وقالت: بس جيه .. عشان انا استويت احبج

تأوهت شيخة بتأثر تفجر بالبهجة .. وهتفت بصوت عذب لم تستطع التحكم برناته شبه العالية: واااايه انا فديت اللي يحبوووني ..

واحتضنت الطفلة بعد أن قبلت خداها الممتلئتان، ثم أكملت بابتسامة تضج بالفتنة: وانا احبج حبيبي وايد ..

وبعدها اخذت الدبدوب من الصغيرة لتهمس قرب اذنها بنظرة تلألأت جذلاً: واستويت احب هالدبدوب بعد،
شكرا شواخي ..

قبلتها مرة أخرى ثم وقفت وهي تمسد شعرها بعينان باسمتان قبل ان ترفعهما للطبيب ..

قالت بصوت انثوي رزين ونظراتها تقع على كل شيء امامها عداه:
دكتور حط بالك عليها ..

التمعت عينا ناصر ببريق غريب .. بريق يقول بأن لقائه بهذه الفتاة لن يكون الأول والأخير ... ثم هتف بصوت واثق متزن: إن شاء الله، لا توصين ..

استدارت شيخة بعد أن قالت برقة: مع السلامة ..

رد ناصر بخفوت عميق: مع السلامة يا ....... شيخة ..


أحست شيخة بماء بارد ينسكب على رأسها، وشعرت بأن سيطرتها على خطواتها الثابتة ستنفلت لا محالة ..!!


يـا إلهـــي ..!!
ما هذا الاحساس الذي يشعرني بأني واقفة على هلام ..!!

استفيقي يا فتاة ..!!
هو فقط نطق بـ أسمك يا شيخة .. فقط نطق بـ اسمك ..

فلتركزي الآن على خطواتك قبل أن تسقطي على وجهك ذو التعابير البلهاء ..!!!!



.
.
.
.
.
.
.



مطار أبــــوظبي الـــدولي



الوطـن
ما هو الوطن ..!!
سوى فرحة طفلة تتغنى تحت المطر

الوطن
ما هو الوطـن ..!!
سوى وفاء عجوز تنتظر حبيبها على كرسي خريف العمر ..!!!

الوطـن
ما هو الوطن ..!!
سوى انتماء قطيطات لـ صدر أمهم ... والمواء شبعاً بين احضانها ...!!!


الوطـن
ما هو الوطن ..!!

سوى تقبيل ترابك المسك ....... يا الامارات ...!!!!



نزلت من الطائرة وهي تتنفس حرارة هواء العاصمة بسعادة منتشية ..

ابتسمت ابتسامة عذبة .. ناعمة .. مليئة بالحب لتهتف لـ شقيقها ذياب:
فديت داري ومرباي .. اسميني ولهت على بوظبي يا ذياااااااااااب ..

ذياب بنظرة باسمة: هيه والله انا بعد ..
ههههههههههه ما صدقت انيه في الدار الا يوم لفحتني اللواهيب ..
(اللواهيب = الهواء الحار)

ضحكت ناعمة بخفة لتقول بـ جذل: هاذي علامة الجودة أصلاً

وأردفت وهي تتساءل: ذياب منو بيشلنا من المطار ..!!!

ذياب وهو ينظر لـ ساعته: عميه سلطان

ابتسمت ناعمة بـ شوق لا ينضب:
فديــــــت الطــــــاري ياربــــــي ..


صمتت للحظة عندما سمعت نداء صديقتها روضة لها .. وتحركت إليها مسرعةً قبل ان يدخلوا المطار الداخلي ..

ناعمة: هلا رواضي حبيبتي

روضة وهي تتألم من أثر صداع داهمها: نعوم فديتج ابا بندول .. عندج ..!!

ناعمة بذهول/بقلق: اووويه رواضي شعنه عيونج حمر جيه ..!!

وضعت روضة يدها على رأسها لتهتف بإرهاق/ألم واضحان: ما رقدت نعوم من يومين ..
والصداع بيذبحني ..

ناعمة باهتمام مستغرب: ما رقدتي في الطيارة ..؟!

تنهدت روضة بشكل غريب لتهتف بذات صوتها المُرهق: لا ما رمت ارقد ..

ناعمة: لييييش ..؟!!

صمتت روضة باستياء تخلله ارتباك عارم ..


ماذا أقول لكِ يا صديقتي ..!!
أأقول بأن طيف "ذاك" لا يفارقني منذ أن سقطت عيناي اسيرة عيناه ..!!

أأقول لكِ أن خيبة أملي "بـ حب صغير قد نما بشكل غريب" بدأت تزداد ما ان شممت هواء بلادي ..!!

ماذا أقول يا صديقتي ماذا أقول ..!!

أحببته .. يالحظ قلبي البكر ..!!
أحببته يا ناعمة ..
أحببتــــــه ..!!
وحبه الشرس ما يجلب لي بكل قسوة السهاد ..!!


تنهدت بعد صمت شفاف، لتهتف فيما بعد باقتضاب: ماعرف نعوم .. عندج بندول ولا ..؟!!

ناعمة: لا ما عنديه .. تريي بدورلج عند البنات ..

دخل جميع القادمين لمطار أبوظبي الداخلي وبينهم القادمين من فرنسا ..

كانت ناعمة في تلك الأثناء تبحث عن مسكن للألم لـ روضة المُرهقة .. وبينما هي تبحث وتسأل الفتيات، أخذت تلمس أصبعها الأوسط من كفها الأيمن ..
فـ هي عندما تقلق تحرك بشكل لاإرادي خاتمها صعوداً ونزولاً ..!!

ولكن .... وياللصدمة التي افقدتها التفكير لثواني ....... لم تجد خاتمها ..!!


الخـــــاتم ..!!
أيـــن هــــــو ..!!



قطبت حاجبيها بصدمة/بجزع وهي تحاول تذكر أين وضعت خاتمها ...!!!!

أخذت تبحث في حقيبتها عنه علّها تجده مرمي هنا أو هناك ..!!

ولكن لم تجده ..


يا ربي ...... إلا هذا الخاتم ..
إلا هو ..!!
أرجوك يارب ..
لم يبقَ لي من رائحة أمي إلا هذا الخاتم يالله ..!!


أحست بقلبها يعتصر وهي تقف بحزن أليم محاولةً تذكر ما اذ سقط منها في مكان ما ...

مرّت طيوف ذلك الموقف المُرعب بشكل مموه في بالها، ليهتف عقلها بذهول باغتها ..

أيعقل إنه سقط من أصبعها عندما حدث لها ما حدث في مطار باريس ..!!!!


ترقرقت دموع خفيفة في مقلتيها السوداوين لتهتف بحزن/خيبة أمل شديدة:
ياربي كيف طاح مني كييييييييف ..!!!!


أتتها الطالبة ظبية وهي تهتف بصوت شبه عالي: أبلة أبلة .. هاذوه بندول ..

أخذت ناعمة من الفتاة المسكن وشكرتها بشكل مقتضب يوحي بمزاجها المستاء تماماً ..

ثم ذهبت الى روضة لتعطيها اياه ..

قالت ناعمة بعد ان ابتلعت روضة المسكن وشربت الماء: اجر وعافية يا قلبي

روضة وهي تتنهد بشكل خافت: الله يعافيج ويسلمج فديتج

وأردفت وهي تلاحظ شحوب وجه ناعمة الذي كان متورداً منذ لحظات فقط: نعوم بلاج ..!!
شو مستوي ..!!

لم تحتمل ناعمة أن تكتم ما بقرارة نفسها من حزن، خاصةً عندما سمعت صوت روضة القلق ..
خانتها دمعة يتيمة من عيناها، وهمست بحزن صافي: رواضي هب محصله خاتميه ...
ماعرف وين طاح عني ..!!!

روضة بصدمة: ويييينه ..!!!!


مسحت ناعمة دمعتها الحزينة، وهتفت باستياء صرف .... وبتردد فـ هي لا ترغب الآن وهنا بإخبار روضة ما الذي حصل لها في مطار باريس: ماعرف يا روضة ماعرف ..

ظلت روضة تواسي ناعمة وتهدأ من انفعالها .. فـ هي أكثر من يعرف حجم مكانة هذا الخاتم بالذات في قلب ناعمة ..

فهذا الخاتم في الأصل هي هدية جدها لـ والدتها نوره ...

كان خاتماً عليه قلب من ذهب مرصعاً بماسات صغيرة براقة .. وهذا القلب مجوف بحروف منقوشة بـ اسمها هي ..
نـــاعمـــــة ..

لأن اسم ناعمة ما كان جدها ينادي ابنته بـه حباً وتدللاً وشغفاً
فـ هو كان يرغب منذ أن حملها بين يديه أن يسميها بهذا الاسم، الا ان زوجته أصرت بشدة ان تسمي ابنتها نوره على اسم والدتها ..!!
ولم يرغب أن يخذل زوجته وهو الذي احبها بكل قلب ينبض، فـ ما كان منه إلا أن ينادي ابنته نوره بينه وبينها بإسم "ناعمة" ..

وعندما شعرت نورة بـ دنو أجلها ..

أعطت ابنتها التي اسمتها ناعمة تحقيقاً لرغبة والدها العزيز هذا الخاتم الغالي على قلبها ..



.
.
.
.
.
.
.



دلف صالة استقبال المسافرين وهو يعدل نسفة غترته بفخامة مهيبة .. وبشكل لا ارادي .. انتقلت انظار البشر من كل جنس ولون إليه منجذبين لـ حضوره الاستثنائي ...

ظل واقفاً عاقداً ساعداه القويان امام صدره الرَحب منتظراً خروج أحباء قلبه الذين أخذوا نسائم الوطن العليل معهم ..

خاصةً تلك ..
تلك التي وضعت محبتها في لب قلبه منذ أن حدّقت به اول مرة "بـ عيناها الواسعتان المستديرتان ببراءة غارقة في اللذة" وهي في مهدها ..
منذ ما يقارب خمسة وعشرين سنة ..

أصبح الأب، العم، الحامي والصدر الحنون لها منذ أن كان في الخامسة عشر من عمره ..!!

لم يكد يخرج من خيالاته الأبوية المشتاقة حتى شعر بارتطام جسد أنثوي رقيق على صدره ...
وسمع غمغمات رقيقة تقطر شوقاً تخرج من فمٍ غارق في لُجات حضنه المفعم بالدفء: ولهت عليك سلطووووووون


استوعب اخيرا صوت الفتاة ليهتف بضحكة رجولية مجلجلة وهو يضرب بخفة كتفها محتضناً اياه بقوة حانية:
هههههههههههههههه سود الله ويهج .. اخترب مذهبج من سرتي اسبانيا يا نعوم ..

رفعت ناعمة ذقنها لتقبل صدر عمها، فهي لن تستطيع ابداً بطول قامتها المتوسط أن ترفع جسدها لتقبل خده ..
ثم هتفت بابتسامة تتفجر شوقاً جارفاً قوياً: فديت ريحتك يالغالي، والله ولهت عليك يا بومييد ..

ابتسم سلطان ابتسامة ابوية شجية وقبّل رأسها وهو يتمتم بخشونة دافئة: والله وانا اكثر يا عيون بومييد ..


سمع الأثنان صوت ذياب الساخر: خلوا حقيه شوي من الأحظان والرمسة الغاوية ..

تنحت ناعمة قليلاً عن الرجلان ليسلما على بعضهما سلاماً رجولياً بحتاً تخلله اشتياق واضح من الطرفين ..

هتف ذياب وهو يضرب كتف عمه بدعابة محبوبة: يلعن بليسك يالعم ..
احلويت عن اول، شو سويت من ورايه اعترف .. !!!

قطب سلطان حاجبيه باستنكار ظهر مع ابتسامته الثقيلة المتهكمة: هب هباك الله ...
اشووه بعد احلويت، شايفني بنية يالسبااااال ..؟!!

ضحك ذياب ضحكة رنانة لتهتف ناعمة بشقاوة وهي تتأبط ذراع عمها القوي:
امبونه بومييد عنيه افداه حلو ومزيون ..
(امبونه = من الأساس/في الأصل)

سلطان ببسمة ساخرة: طاعو هاي بعد، حووووه انتي وياه، صخوا لأمرغكم بالعقال ..

تقدم وهو يدفع عربة الحقائب ويكمل: امشوا امشوا جدامي يلا ..



.
.
.
.
.
.
.



العيــــــــن



كان تتحرك بتوتر تام وهي تضرب كفها الأيسر بقبضة كفها الأيمن، متوترة بشدة وخائفة ..

فـ هي منذ الصباح تحاول الاتصال بـ زوجها ولكنه لا يرد، وبعد عشرات من الاتصالات،
سمعت الصوت الآلي يقول بكل برود صرف أن هاتف زوجها مغلق .!!!


أيـــن أنـــت يا سيـــــف ..!!
مالذي يجعلك لهذا الوقت خارج المنزل ..!!
لمَ لا ترد على اتصالاتي القلقة .. لمَ ..!!


كانت تتنفس بشدة ووسوسة الشيطان قد بدأت تصل لأقصاها في قلبها وعقلها ..

مرتعبة هي من فكرة أن زوجها قد أصابه أحد نوباته المرضية في عمله
أو أصابه خلل في اتزانه وهو يقود السيارة ..!!

يا إلهــــي ..
لا أحتمل فكرة أن يصيبه شيء ..
أحفظه لي ولأولادنا يا رب .. احفظه لنا يا رحمن ..!!!


كانت في حالة شبه هستيرية من القلق والارتباك محاولةً للمرة المئة أن تتصل به علّه في هذه المرة يجيب ..


توقفت مكانها فجأة عندما سمعت باب غرفتهم يُفتح لترى وجه زوجها المُحبب لقلبها العاشق أمامها ..

تهللت أساريرها بشكل لا يوصف وهي تركض نحوه لتنغرس بأكملها في حضنه الصلب الحاني ..

هتفت بصوت يرتجف من القلق/الانفعال: حبيبي وينك ..!!!
ما رديت البيت من وقت مثل ما قلتلي .. ولا ترد عليه يوم اتصلبك ..
روعتني عليك واااايد سيف ..


شعرت بماء بارد يُسكب على رأسها ذهولاً ما ان شعرت بقبضة سيف القوية .... القاسية حد الصقيع على ذراعها مٌبعداً إياها عنه بصمت شديد ....

لم ينطق بكلمة .. ولم يعطها أي نظرة توصف بأنها "نظرة" ..!!!
بل لم يُحرك ابدا تعابير وجهه الجامدة "بشكل يبعث الريبة في النفوس" ..

اكمل سيره اتجاه غرفة الملابس لينزع عنه ثوبه وغترته ..


تشنج تفكير العنود للحظات محاولةً استيعاب صمت سيف الغريب، وتصرفه الأغرب ..!!

ذهبت خلفه حيث غرفة الملابس لتسأله باضطراب: حبيبي بلاك ..!!
تعبان ..!!!
تانس شي .. يعورك شي ..!!!
خبرني دخيلك ..


لم يرد سيف ابداً على كلامها ..
بل اعطاها ظهره الطويل المشوب بـ سمرة طالما ابهرت انفاسها وخدشت لبها اثارةً ..

ثم دخل الحمام بكل هدوء .. هدوء مرعب لا يشبر بالخير ابداً .....!!!!


ارتعدت خفقات العنود خوفاً/ارتباكاً قد وصلا لأعلى درجاتهما في قلبها ..

ما الذي حل بـ سيف يا ترى ..!!
لمَ تشعر بأن هدوئه ما هو الا اعصار سيفتك بها حالما تصل لـ ذروتها المدمرة ..!!

همست بخفوت قلق: الله يستر بس .. شبلاه الريال منجلب جيه ...!!



بعد دقائق قصيرة ..


خرج سيف من الحمام وليس عليه الا ازاره الذي يغطي الجزء السفلي من جسده،
وبذات الهدوء الباعث للارتباك، لبس ثوبه الأبيض ..
ثم بدأ يصلي وتره بخشوع تام ..


كانت العنود في تلك الأثناء جالسة على إحدى أرائك الغرفة الوثيرة، وتراقب تحركات زوجها المريبة ..!!


انتهى من صلاته ثم استقام ..

كانت تحركاته خافتة .. عديمة الصوت كلياً ..
حتى عيناه كانتا كـ غشاء مظلم مموه يخفي خلفهما مشاعر تموج وتتراقص بكل غموض داخل طيات روحه العميقة ..

هتفت العنود بعد أن زفرت زفرة ارتباك صرفة: سيف شحقه ساكت ..!! .. وترتني قسم بالله ..
لو في خاطرك شي تبا تقوله قوله ..

لم يرد سيف على ما تفوهت به، بل اتجه لفراشهم وتمدد فوقه ..
ثم غطى كامل جسده باللحاف ..
ونام ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



فتَح عيناه ببطء شاعراً بآلام تضرب رأسه وجسده كله وكأنها ضربات مطرقة ..

يشعر بـ صداع يفتك كل جزء من أجزاء رأسه والضباب قد تسيّد ناظراه بعجرفة كامنة ..!!



أيـ ـ ـن هـ ـ ـو ...!!!

ما كل تلك الأصوات والصراخ والضجيج ...!!
آآآآآه ..
يكاد يموت من شدة عوار رأسه ..!!

آه .. ما هذه الروائح النتنة النفاذة ..!! ... يشعر بأنه في مكب نفايات ..!!


آآآآآآه ..
أحس مع شعوره بالألم الفظيع بسيلان عرقه الذي ازال تقريباً البودرة التي وضعها بوجهه لغرض التنكر كاشفاً عن ندبته التي بدأت بإخراج قيح لزج شفاف اللون ..


إلهــي، لم يعد يستطيع تنفس الأكسجين ..!!
وكأنه في قمقم منذ سنين لا يعلم بعدتها ..


حاول بشكل مضني فتح عيناه .. ولكن ..
وكـ ما فقد وعيه في المرة الأولى .. !!

فقده مرة أخرى .... فقده وهو يتمنى
بكل رجاء الى الله .. أنه ليس الا في كابوس ..
وسيصحو منه قريباً ......!!!



.
.
.
.
.
.
.



بعد مضي يومــــان
بالتحديد .. يـــوم الخميــــس ..



تشـعر بأنها على صفيح من جمر ملتهب .. لا تستطيع الأكل ولا تستطيع التفكير
فـ شقيقها الوحيد لا يرد على رسائلها في الهاتف ولا يرد على اتصالاته المستمرة ..!!!


حكت لـ عمتها عما يؤرقها ولكن عمتها استمرت بتهدأها معللةً أن تلك الأنواع من الدورات تتطلب تركيز حارب التام ..
وإنه بإذن الله سيتصل بهم حالما يجد الوقت المناسب ..

تعترف أم العنود أن هناك قلقاً عارماً بدأ يغزوها منذ أن قطع حارب اتصالاته بهم ..!!
لكن لا بد ان تحافظ على رباطة جأشها لكي لا تجزع موزة وتنتكس حالتها النفسية أكثر مما هي منتكسة ..!!


كانت موزة مع ام العنود وابنتها العنود يجلسن في الجلسة التي كانت بطابع اوروبي بمقاعدها وطاولاتها المطلية بطلاء أبيض مدمج بألوان فاتحة زاهية على حوافها يناسب جو الهواء العليل وأشعة الشمس التي بدأت تشتد ولكن بشكل معقول غير مزعج ...

بينما كن الثلاثة يتناقشن بأحاديث نسائية عامة، سمعن صوت زمور سيارة وقفت أمام باب المنزل الكبير ..


قطبت أم العنود حاجبها بتساءل: منو اللي ياينا الحينه ..!!
التفتت لـ موزة لتهتف بحزم دافئ: امايه موزه سيري طاعي منو ..

هزت موزة رأسها بـ حسناً ثم غطت وجهها بطرف غطاءها وذهبت لترى عن كثب هوية صاحب السيارة ..

لمحت بطرف عيناها رجلاً بقامة مهيبة تبعث الخوف في الوجدان، كان مولياً إليها ظهره فـ لم تستطع معرفة هويته ..!!

رجعت موزة لـ عمتها وابنة عمتها لتأشر بارتباك: عموه ماعرفته .. واحد طويل وايد يزيغ شكله ..

ضحكت ام العنود بينما ابتسمت العنود بخفة لتقول هي بالمقابل: قعدي موزانه انا بسير اشوف منوه ..

غطت العنود طرف وجهها هي الأخرى وذهبت لترى من الشخص الغريب ...


وعندما لمحت طول قامته جزعت كما جزعت موزة تماماً، الا انها تنحنحت بخفوت لتصفي صوتها وتقول بحزم انثوي بالغ:
آمر اخويه بغيت شي ..؟!!

استدار الرجل ذو القامة المهيبة ليهتف بحزم صارم تخلله تهذيب رجولي صرف: ختيه ما عليج اماره بغيت أم العنود يطوليه بعمرها برمسة ..

قطبت العنود حاجبيها باستغراب وهي تقول بخفوت: منو اقولها ..؟!!

الرجل بصوت غليظ رنان: قوليلها سلطان بن ظاعن ..



اتسعت عينا العنود بالذهول وهي تتعرف على الرجل بسرعة من اسمه ..
كيف لا تعرف من صيته العالي قد وصل مسامع الكبير والصغير في البلاد ..!!
كيف لا تعرف الشخص الذي اخرج العشرات من الناس من ازمات كثيرة داخل البلاد وخارجها ..!!
الرجل الذي كان خطب شما عمتها في السابق ورفضته فيما بعد لأسباب يجهلها الجميع ..!!!


العنود بحزم خافت هتفت: ان شاء الله يا بومييد دقيقة بس ..

ذهبت العنود لحيث والدتها وابنة خالها موزة لتقول بصوت يلهث من أثر الارتباك/الرهبة: امايه امايه ..
هذا سلطان بن ظاعن ..
يقول يباج برمسة ..

وقفت ام العنود باستنكار حاد وبحمية كـ حمية الرجال تماماً: ويديييييييه، سلطان هنيه ومخلينه مصطن جدام الباااااااااب ..!!!
(مصطن = واقف)
امف علييييييكن ..

عدلت أم العنود من برقعها الذي يلتمع بلون ذهبي مخضر ينافس اشعة الشمس بلمعانه ..
وخرجت لـ سلطان الذي انتصب بقامته ما إن لمح أم العنود تقف أمامه ..

أم العنود بحزم خرج مع صوتها المُرحب العالي: مرحبا السااااااع مرحبا السااااااااااع بـ ولد ظاعن
في ذمتيه ذمه تو ما انورت الداااااار ...

رد سلطان بصوته الرجولي الرنان والموغل بالود/الاحترام: الله يرحبج على فضله يا ام العنود ..
النور نوركم علنيه هب بلاكم يالغوالي ..
(علنيه هب بلاكم = الله لا يحرمني منكم)

أم العنود: اشحاالك يا سلطان واشحال الوالده والأهل .. !!
ربكم الا بخير وسهالة ...!!!

سلطان: ربيه يحفظج ويسلمج يا بنت حارب كلنا بخير وسهالة ما نشكي باس ..
ومن صووبكم ..؟!

أم العنود: الحمدلله رب العالمين كلنا بصحة وعافية ..


تنحنح سلطان محاولاً إزاحة التردد عن صوته ليستطيع إيصال حديثه مباشرةً/بلين لأم العنود من غير انفعالات ممكن أن تحدث من ناحيتها:
طويلة العمر بغيتج برمسة خفيفة وبسير .. ما بطول عليج ان شاء الله ..

أم العنود باستنكار حاد: رمسة هنيه يا سلطاااان ..!!!
جرب جرب الميلس، ولا عايبتنك الوقفة تحت الشمس ..!!

رد سلطان ووجهه يوحي بحرجٍ يموج فوق مقلتيه: جريب جريب يا بنت الايواد يا غير السموحة منج ما عنديه وقت لازم ارد بوظبي بسرعة ورايه شغل هناك .. هن رمستين بعقهن وبسير ..
(بعقهن = سأرميهن)

شعرت أم العنود بحرج سلطان من أن يدخل مجلس المنزل من غير وجود رجل،
لكنها هتفت بحزم مُستنكر: منقود يا ولد ظاعن ما نقهويك وانت ضارب خط يلين دارنا ..
جرب وانا الحينه بزقرلك عميه بوسعيد ..

سلطان بـ رفض حازم: لا يا ام العنود مابا حد يعرف باللي بقولج عنه ..

قالت أم العنود والقلق بدأ يدب في اوصالها: بديت تروعني يا سلطان .. خير شو مستوي ..!!!


زفر سلطان بقوة معرباً عن توتر لا يعرف ابداً التعامل معه .. !!
فهو منذ أن كبر واشرب وجهه بالشعر ونضجت فيه الرجولة نسي معاني التوتر والارتباك وتمكن بكل هيمنة بشخصيته الفذة من التعامل مع كل موقف يواجهه بكل حزم ورباطة جأش يُحسد عليهما ..!!!

لكن هذا التوتر الذي يصاحب تعامله مع امرأة ... لا يعرفه ابداً .... يجهله في الحقيقة ..!!!

هتف بصرامة تامة: هب مستوي شي ان شاء الله .. بقولج هنيه اللي ابا اقوله وبتوكل ..



.
.
.
.
.
.
.



دبـــــــــي



كان يتمشى على شارع جميرا وباله شارد كل الشرود لتلك المكالمة المشؤومة قبل يومين ..

ما هذه المصيبة التي حلت على رأسه ..!!!
لم يكن ليعتقد مجرد اعتقاد أن تلك الوقحة في ذلك اليوم كذبت عليه وهي تدّعي بأنها تحمل بأحشائها طفل ليس منه ..!!!

بماذا تغمغم يا نهيان ..!!
أصدقت الترهات التي تفوهت بها تلك المجنونة ..!!

أيكون ذلك الطفل طفلك حقاً وأنت آخر من يعلم ..!!

كيـــف ..!!

أليس هو ابن ذلك النتن الذي خانتك معه والذي بسببه رميت ميسون وكل ذكرياتك معها في قمامة الماضي ..!!

لا ..
لا تكن غبياً وتنخدع للمرة الثانية يا نهيان من تلك المخادعة ..

احذر يا نهيان .. احذر ..!!


خرج صوت من باطن عقله ليهتف بعاطفة جياشة:
واذا كان ابنك حقاً ..!!
اتدعه اكثر من ذلك بين يدي تلك المخادعة المنحرفة ..!!
أيهون عليك قطعة من روحك أن تكبر وتنمو بعيداً عن ناظريك ..!!
بعيداً عن أهله وموطنه ..!!
لا .. لا ..



مسد باضطراب تام رأسه محاولاً ايجاد طريقة لحل الأزمة التي وقعت على كتفيه ..

أتاه اتصال ليخرجه من تفكيره العميق .. ورد بنبرة خشنة مبحوحة: السلام عليكم ..

: وعليكم السلام والرحمة ..

هتف نهيان وهو يعود لسيارته التي اوقفها في نهاية الشارع ليمشي قليلاً في الهواء المنعش رغم حرورته الخفيفة:
هلا ابويه اشحالك ..؟!!

أبا نهيان بنبرة حازمة: بخير ربي يعافيك ..
وين دارك ..!!

نهيان وهو يحرك سيارته: انا في جميرا ..
تباني في حايه فديتك ..!!!

أبا نهيان بصرامة قاسية تخللها تهكم حاد: وانت هاي علومك بسس ..!!!
تحوط وتهوم بليا شغل ولا مشغله ..!!!
متى بتغدي ريال وتتحمل المسؤولية ..!!!

تنهد نهيان بانزعاج تمكن من اخفاءه خلف صوته الهادئ: ابويه الله يهداك قلتلك تراني اشتغل

أبا نهيان بذات حدة صوته: شو تشتغل خبرني بالله عليك .. مرة تقولي استورد اجهزة واصدرهم بالغالي برع البلاد..
ومرة تقولي داخل شراكة مع ربيعي في سلسلة مطاعم في دبي ..
ومرة تقولي شاري نص اسهم معرض سيايير ..

أردف بصوت أكثر حدة من فرط غضبه من استهتار ابنه الكبير: انت شو سالفتك بالضبط خبرني ..!!!

نهيان بذات ثبات صوته الهادئ: ابويه فديتك انا احب اشتغل اعمال حرة لا تطلب مني اشتغل شغل مكاتب ..

رد أبا نهيان بنبرة أهدأ من ذي قبل ظهرت كموجات سأم/خيبة أمل/تهكم صرف: عيزت منك انا يا ولد ..
عيزت والله ..
برايك سوا اللي تباه مالي شغل فيك ..

اقفل والده ليتنهد نهيان مرة أخرى شاعراً بإحساس كبير بالفشل ..
الفشل في حياته الشخصية لا حياته العملية ..!!!

شاعراً بالتخاذل وهو يرى خيبة والده فيه وغضبه المستمر منه ....!!!

ليس باليد حيلة يا ابا نهيان ..!!
الظروف تحتم علي ذلك .....!!!!



.
.
.
.
.
.
.



أبـــــوظبــــــي



كانت تلبس بكل نشاط ملابسها الخاصة بالرياضة وهي تدندن بأنشودة قديمة ...

أخذت تتأمل جسدها الرشيق امام المرآة بابتسامة تتقد اشراقاً: يا خطيرة يا نعوووووومة، والله سفرة اسبانيا خلتج اضعف واحلى ..
ههههههههههاي فديتني ياربي ..

استدارت بخفة وفتحت ستائر غرفتها لتسمح لأشعة الشمس بالدخول وملأ ارجاء المكان نوراً ..

عادت لمرآتها قف لتربط شعرها ذو العتمة الشديدة .. عتمة عقيق يماني اسود يسحر نظر من يقع عينه عليه ..!!

من يرى شعرها وهو يتحرر من أسره، يظنه شعر فتاة سليلة غجريات من أب وجد ..!!!
كان يصل لأسفل ظهرها بتموجاته الغزيرة وانحناءاته الكثيرة المفعمة بالحياة ..

دخلت شقيقتها الصغرى الغرفة وعيناها تنضحان شوقاً ضارياً ..

وبكل طفولية منها قفزت على ظهر ناعمة واحتضنتها من الخلف لتهتف بسعادة عارمة:
تولهت عليييييج يا حماااااااااارة ...

ضحكت ناعمة بذات سعادة شقيقتها لتهتف بنعومة نقية: وانا والله تولهت عليج فطفوط

وأردفت باستغراب باسم: غريبة .. شعنه هب مداومه اليوم ..!!!

هتفت فطيم بشقاوة وهي تتمدد على سرير شقيقتها: خذت اجازة حقي عشان اقعد معاج الويكند كله مع الخميس ..
أردفت وهي تغمز بعينيها: شرايج فيه ذكية صح ..!!

رمقتها ناعمة بنصف عين وقالت: لوتيه وحدة ..
غرتي يوم عرفتي انيه مأجزة اليوم هااااه ...!!

ضحكت فطيم بانتعاش وهي تتلوى فوق السرير ذو الغطاء الوثير الناعم: هههههههههههههههه هيه غرت ليش الجذب ..!!

ابتسمت ناعمة .. ثم قالت وهي تخرج من الغرفة: انزين يلا خلينا ننزل نيلس عند يدوه ..
والتفتت لـ شقيقتها وهي تكمل بخبث باسم: وتزهبي لأن عقب شوي بنروح الجيم ..

فطيم بصياح متبرم: لااااااااااا ماباااااااااااااااا



.
.
.
.
.
.
.



كان في طريقه إلى العاصمة بعد أن انتهى من مهمته المستعجلة في العين ..

قام باتصال سريع وعقله في حالة شرود تام .. عقله الذي امتلئ بمشاكل كثيرة لا حصر لها .. اتصل وهو يتأمل بأن الذي فعله قبل قليل لن يرتد عليهم بنتيجة معاكسة ..

أتاه صوت الرجل الأكبر سناً وهو يهتف بحزم مترقب: ها سلطان
سويت اللي وصيتك عليه ..!!!

تنهد سلطان بعمق وهو يعدل نظارته الشمسية ذات الطراز الكلاسيكي الملائم لتقاطيع وجهه وفكه المغطى بلحية رجولية خفيفة أنيقة:
هيه نعم بوراشد رمست عاشه بنت حارب بالسالفة ووصيتها تسوي اللي قلتلها عنه ..

هز أبوراشد رأسه وهو يهتف بذات حزمه: ها احسن حل يلين ما نقدر نحل المشكلة اللي نحن فيها ..
بنت حارب حرمة عن ألف ريال ما كنت بقولك خبرها الا وانا متأكد انها بتساعدنا بدون ما تستوي شوشرة حول السالفة

سلطان: اشوفك واثق من هالشي ..!!!

ابتسمت عينا أبوراشد بلمعان يوحي بالتيقظ/المعرفة التامة: لو انت ناسي يا سلطان ..
عاشه بنت حارب معروفة بين الطبقة النسائية الاماراتية وكانت عضوة فعالة في الاتحاد النسائي، وهي ما شاء الله عليها تعرف توزن الامور بعقلانية من غير عواطف وحساسية ..
وعاونتنا وايد من غير ما تعرف ان نحد من تعقد وتشعب الجماعات الخارجة عن القانون في بلادنا ..

هز سلطان رأسه موافقاً حديث أبا راشد: هيه نعم، يزاها الله خير قدرت بأسلوبها وتعاملها الطيب ان تحل المشاكل العائلية في بيوت الشباب والمراهقين وتعرف المشاكل اللي حدتهم على فعل الشغب والخراب في مناطق الدولة ..
وأردف وهو ينزل نافذته أمام السوبر ماركت ليطلب قنينة ماء: انزين شعنه ما خليتني ارمس بوسعيد ولا على الاقل حد من عياله ..

أبوراشد بصوت غليظ مبحوح لا تفارق سنه الخمسة والخمسين: هب مصلحتنا يا سلطان نكبر السالفة ونخبر الرياييل باللي صار .. بنت حارب وعقب ما قلتلها انت اللي لازم تسويه، بتساعدنا نكتم على الموضوع بدون ما يكبر ..

تمتم سلطان وهو يتأمل نجاح الخطة التي وضعوها: ان شاء الله



.
.
.
.
.
.
.



أبـــــوظبـــي
العصــر



نزلت بكامل اناقتها الأنثوية الخلابة بثوبٍ عربي أزرق، ضيق عند الخصر يبرز رشاقة جسدها الغض بطوله المتوسط الجذاب ..

كانت تتحدث بكل دفء وود مع صديقتها حصة وهي تضحك بين الفينة والأخرى على حكاياتها الظريفة: ههههههههههههههههههههههههه صدق ويهج لوح يا حصوه
يعني فوق ما الريال استسمح منج واعتذر، ترمسينه بنفس خااااايسة ....!!!

حصة بتهكم ظهر مع ارتفاع حاجبها الأيمن: حبيبتي محد قاله يستهبل عليه ..
الشنطة انا شفتها وعيبتني قبل البنت هاييج، قلتله سايرة محل وراده ..
شحقه يبيعها للبنية اللي يت عقبي ..!!!
في ذمتج رواضي هب شي يقهر ..!!

كتمت روضة ضحكتها وهي تتخيل منظر البائع وهو يتلقى الكلمات الحادة السامة من حصة، فـ حصة كما يعرفها المقربون منها، شديدة العصبية بلسان حاد كالسكين عند الضرورة، ولا ترضى الا بأخذ حقها كاملاً مكملاً وهذا الطبع نما بداخلها منذ أن كانت طفلة صغيرة ..
ولكن رغم عصبيتها ولسانها الحاد، فهي تهدأ بسرعة البرق وترجع لطبيعتها اللطيفة المتسمة بالرقة ..

هتفت بنبرة باسمة متعقلة: صدقج الشي يقهر والله .. بس عاده حبيبتي حصة مب كل ما استوتلج سالفة مع ريال مديتي لسانج عليه ولعنتي صيره ..
انتي بأسلوبج هذا اطيحين بدون ما تدرين بمواقف مب حلوة ..

زمت حصة فمها بامتعاض طفولي لتهتف برقة: شسوي يختي احاول وايد ايود اعصابي بين الناس لكن ماروم .. لساني ينفلت روحه ..



وبعد دقائق قليلة ..


اقفلت الهاتف وعلى وجهها ابتسامة شجية وهي سعيدة بعودتها الى بلادها وأهلها واصدقائها ..

أخذت تتلفت يمنةً ويسرة باحثةً بأعينها عن أمها وأختها شيخة ..

وضعت غطاء على رأسها لونه سكري ومزخرف بدانتيلات زرقاء على حوافه بشكل راقي جميل ..... واستدارت لتخرج ..

وقبل أن تخرج من باب المنزل للباحة، أتتها شيخة بوجهها الباسم حاملةً كوب من القهوة وهي تهتف بصوت عاليِ:
وين وين وين .. ما صدقنا رديتي البلاد .. وين تبين تشردين ..!!!

ضحكت روضة بخفة قائلةً بخبث: افهم من كلامج ان البيت ما كان يسوى بلايه ..!!
(بلايه أي من غيري)

وضعت شيخة يدها على خصرها مجيبةً بنظرة من تحت رموشها الفاتنة: مشكلة اللي مصدقين عمارهم على فكرة ..

ثم أمسكت بذراع روضة لتجرها للصالة مضيفةً ببهجة/بغبطة: تعالي تعالي .. اباج تقوليلي كل السوالف اللي استوتلج في اسبانيا ..
كلها روضوووووه ..



.
.
.
.
.
.
.



العيــــــــن



دخلت السيارة وهي تترنح بإعياء تام، ما كان يجب أن تخرج من العيادة بعد العملية ..
ولكن لابد أن تصل للمنزل قبل أن يعلم احمد بخروجها ودخولها ...!!!!

حمدت الله بكل بغض يملأ قلبها، ان احمد ذهب لـ دبي اليوم لحل أمور تخص عمله ..

فـ لو كان في المنزل، لما استطاعت الهرب من اسئلته وتحقيقاته التي لا تنتهي من وجهة نظرها ..!!


قالت بصوت مرتجف من أثر الارهاق: أيوب حرّك حرّك بسرعة ردني البيت

أيوب السائق وهو يهز رأسه بـ حسناً: ان شاء الله ماما


كانت عرقها يتساقط من غير أن تشعر ..
تأففت بكل سأم .. بكل روح تزفر ضميراً "ميتاً" ..!!!

تخلصت اخيراً من الجنين الذي كان حملاً على كاهلها ...... لكن ...
متى ستتخلص من والده البغيض ذاك ..؟!!!!



.
.
.
.
.
.
.



بـاريــس
في إحدى أزقتـــها الضيقــة الرطبـــــة ببقايـــا قطــــرات المطـــــر



أدخل يديه في جيوبه وهو يشعر بأن زمام الأمور بدأت تنفلت من بين أيديهم ..

أتاه رجلاً متشح بملابس سوداء أنيقة وهو يهتف بخفوت خشن: خلفان شو صار معاك ..
قدرت تعرف حارب وين ...!!!

هز خلفان رأسه بقلة حيلة والقهر ظهر في صوته حاد كـ حدة سكين منصول: لا ما عرفت ..
انا حاس ان عيال الكـ.... ورا السالفة ..

أردف بعد ان اشعل سيجارته ونفث دخانه الضبابي: ابراهيم خبرت الجماعة في بوظبي عن اللي صار ..!!!

زفر ابراهيم بقوة ليهتف من بين عيناه الغائمتان بقهر هو الآخر: هيه مخبرنهم من البارحة ..
وسلطان قوّم الدنيا وقعدها ومتحلف بنا من الخاطر ..

خلفان بصرامة وهو يلوم انفسهم لـ استغفال أعينهم عن حارب: معاه حق يعصب، نحن ما كان المفروض نخلي حارب بليا مراقبة قبل لا نتأكد انه حدر الطيارة ...

قطب ابراهيم حاجباه باستنكار: بس نحن ما كنا نعرف أن الخطة تغيرت وانه طلع من المطار عشان مهمة وكلها اياه هذاك اللي ينقاله ديرفس ..

زفر خلفان بانفعال .. وغمغم بخشونة: ماعرف يا ابراهيم، الله يستر بس ..
الله يحفظك يا حارب وين ما تكون ..






نهـــاية الجــــزء الحـــادي عشـــر


sira sira likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-06-16, 06:08 AM   #15

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)







الجــــزء الثـــــاني عشــــر



،



لو سيل أهل الهوى من بعد موتهم
هل فرجت عنكم مذ متم الكرب
لقال صادِقُهُمْ أنْ قد بَلِي جَسَدي
لكن نار الهوى في القلب تلتهب
جفت مدامع عين الجسم حين بكى
وإن بالدمع عين الروح تنسكب



لـ قيس بن الملوح



،



ها هي شمس يوم الجمعة بدأت بالغروب بخجل تتوارى عن أعين البشر بعد رحمة مهداة رافقت نورها منذ الفجر البديع ..

أخذت تمشي بخطوات خافتة ولسان حالها يتمتم بداخلها بكل قلب مثقل بالعاطفة .. بكل ايمان موقنةً أن ربها عز وجل لن يترك قلبها معلقاً على حبائل اللوعة/الحرمان:

ربي ها أنت ترى مكاني و تسمع كلامي وأنت أعلم من عبادك بحالي
ربي شكواي لك لا لأحد من خلقك، فاقبلني في رحابك في هذه الساعة المباركة،
ربي إني طرقت بابك فافتح لي أبواب سماواتك و أجرني من عظيم بلائك ..

اللهم يا مسخر القوي للضعيف ومسخر الشياطين لنبينا سليمان ومسخر الطير والحديد لنبينا داود ومسخر النار لنبينا ابراهيم سخر لي عبادك الطيبين من حولي،
ربي بحولك وقوتك وعزتك وقدرتك أنت القادر على ذلك وحدك لا شريك لك
اللهم إني أسألك بخوفي من عظمتك وطمعي برحمتك أن ترزقني ما كان خيرا لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري عاجله واجله ..
اللهم إني أسألك أن تصرف عني شتات العقل والأمر والتفكير،
ربي اثرني و لا تؤثر علي، ربي انصرني و لا تنصر علي ..
إلهي ارحم ضعفي وفرج همي واجبر كسري وامن خوفي وامطرني برزق من عندك لا حد له،
وفرج من عندك لا مد له، وخير من عندك لا عدد له ..

اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله وإن كان في الأرض فأخرجه وإن كان بعيداً فقربه وإن كان قريباً فيسره وإن كان قليلا فكثره وإن كان كثيرا فبارك لي فيه يا رب ..


مسحت وجهها بكلتا كفيها، وتنهدت بعمق علّ الدمعات الطفيفة التي اظهرت لمعان عسل مقلتاها تختفي وتزول ..

ثم أخذها تفكيرها القلق لذاك الذي اختفى بشكل مفاجئ من غير اتصال ولا رسالة ..

تشعر بوجع مثقل يخطو خطوات ثقيلة عنيفة على سطح قلبها الصغير

يا رب .. اقسم اني اكاد أُجن من فرط ألمي ..
أين انت يا حارب .. اين انت ..!!!

أكُتِب علي اعيش مدى العمر على شفى صخرة من الشجن والمرارة ...... والحرمان ...!!

لماذا يا إلهي لماذا ..!!!

استغفرك ربي واتوب إليك ..

اللهم اغفرلي خطيئتي وجهلي واسرافي في امري ..
ربي احفظ لي أغلى ما املك .. ربي ارجوك
احفظ لي شقيقي آخر إرثي في هذه الدنيا ..

اللهم احفظه أينما كان ورده إلينا سالماً معافى
يارب .. يا أرحم الراحمين ..

ارحم قلبي يالله .. قلبي لم يعد يتحمل .. لم يعد يملك القوة لـ فقدان شخص آخر ..
يارب ..



"الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر .."

ردتت في قرارة نفسها: اشهد ان لا اله الا الله

تنهدت بعمق وهي تدلف المنزل بهدوء ..

هذا المنزل الذي آواها واحتواها بكنفه الدافئ بعد الحادثة الشنيعة التي حدثت في منزلهم بـ أبوظبي .. هذا المنزل الذي لم يكن ليكون بديل منزل عائلتها .. ولكنه أصبح الملاذ الوحيد كلما رغبت بالابتعاد عن كل شخص يذكرها بمأساتها تلك ..

هذا منزل الذي اصرت عمتها ان تعيش فيه معها بعد ان توفي اباها وشقيقها عبيد ... وبعد ان اعتزل حارب الجميع وأصبح في حالة أقل ما توصف بالجمود والقسوة الروح الميتة ....!!!!

رفضت ام العنود ان تبقى موزة لوحدها في ذاك المنزل الضخم وهي ترى مدى تباعد حارب وقلة تواجده حول شقيقته ..!!!

لم تعاتبه ولم تلمه، فهو كان في حالة تبكي الحجر من شدة صعوبة وقعها على النفس البشرية ..

وبالطبع لم تستطع ارسال موزة للعيش في مسقط رأسها رأس الخيمة عند جداها المُسنان وهي في تلك الحالة المًزرية من الصدمة والانفعال النفسي المًغلق على نفسه ...... لم تستطع وهي ترى كم كانت موزة تتلوى عذاباً كل ليلة وهي ترى الكوابيس وتأن بكل حرقةٍ في الوجدان ..

فـ ما كان منها الا ان تجلبها لمنزلها لتعيش معها وتبقى تحت أنظارها دوماً ..



أتاها صوت عمتها الحاني: موزانه أذن ..!!!

هزت موزة رأسها بـ أجل .. قبل ان تردف عمتها بعينان تنضحان حناناً جياشاً .. حناناً تخلله وجع على حال هذه الفتاة المسكينة:
يلا عيل امايه خل نسير نصلي ..

هزت موزة مرة أخرى رأسها ثم صعدت لغرفتها ..


تنهدت أم العنود بعمق وهي تهمس بخفوت مؤلم: ربي يعيني على اللي بسويه ..

ثم دلفت غرفتها وهي تسترجع للمرة العاشرة الحوار الذي جرى بينها وبين سلطان صباح يوم الخميس ..



.
.
.
.
.
.



أبـــوظبـــي



: هههههههههههههههههه اقول صخي صخي لا اخبرهم عن طيحتج صوب النهر في حديقة مدريد

هتفت فطيم بتشوق مستمتع: اوووووويه نعوم طحتيييي ..!!!

وقفت ناعمة بسرعة لتقترب من شقيقها ذياب واضعةً يدها على فمه بقوة: يا وووويلك لو خبرتهم ذيووووب

أبا ذياب بثغر باسم: قول قول ذياب ..

عارضت ناعمة بعبس/بحرج وهي ما تزال تمنع ذياب بيدها من التفوه بكلمة: ماشي ماشي أصلا ماصار شي ..
ذياب يخرط عليكم ..

عض ذياب يد ناعمة بخفة قبل ان يضحك: هههههههههههههههههههه لا بقولهم ما عليه منج

تأوهت ناعمة بتوجع ثم هددته بغضب رقيق: لو خبرتهم بخبرهم عن قطوة الفرنسية اللي سوتها على ثبانك
(ثبانك = حضنك)

اتسعت أعين الجميع بلمعان ضحوك، ثم سمعوا ضحكة ذياب قبل ان يهتف بصوت رجولي جذاب:
هههههههههههههه لا لا الا هالسالفة .. خلاص شو رايج نسوي هدنة .. لا انا برمس ولا انتي بترمسين

التمعت عينا ناعمة بخبث شقي وقالت: هيه جيه اباك اصطلب



قهقه الجميع على ما قالته ناعمة بينما امسك ذياب أحد الوسائد الارائك الصغيرة ليضرب بها وجهها ..

لم تكد الضربة تصل لوجهها الجميل حتى توقفت في نصف الطريق مترنحةً في الهواء، وصوت حازم باسم يهتف بقوة: حدك عاده الذيب، الشيوخ ما ينضربون فديتك ..

اتسعت ابتسامة ناعمة بحب تخلله شقاوة صبيانية: هلااا والله بذمتيه بشيووخ قلبي ..


ثم وقفت على الاريكة لتسلم على عمها بالأنف بحركة فخورة قبل ان تضيف بضحكة ناعمة كـ "هي": اسمحلنا عاده بليا الكنبة ما نروم نوصلك ..

ضحك سلطان بخفة على شقاوة ابنة اخيه .. ثم اقترب من والدته وأخيه الكبير ليسلم عليهما ..

بعدها توجه لذياب الذي وقف برجولية تامة ليستقبل سلام عمه بالأنف .. ليجلس أخيراً بجانب الفتاتان ناعمة وفطيم ..

هتفت فطيم وهي تقبل خد عمها بدلع خجول: عميه سلطان تولهت عليك، وينك ما تنشاف ..!!!

رمقها سلطان بنصف عين وقال: انا اللي ما انشاف ولا انتي اللي مندسة في حجرتج صبح وليل ..!!!!

أردف وهي يأخذ فنجان القهوة من يد ناعمة: شو مسويه في المذاكرة ..!!

هتفت فطيم بضجر شديد: دخيلك بومييد لا تييب طاري المدرسة والمذاكرة، امرررره باغضتنهم ..

سلطان بنبرة حازمة نصوحة: ودري هالرمسة الفاضية، انتي هالسنة ثانوية عامة اباج تشدين حيلج وتييبيلنا هاييج النسبة اللي ترفع الرااااس ..

زمت فطيم فمها وهي تهز رأسها: ان شاء الله

التفت سلطان لـ حمدان الذي كان يعبث بهاتفه الخاص: وانت حمدان شو مسوي في المدرسة ..؟!!

حمدان بابتسامة واسعة: الحمدلله عميه علاماتي توب التوب حتى اسأل ابويه ..

أبا هامل بنظرة حنونة باسمة: هيه علني افدا خشمه، امسات مرمس انا اساتذته وقالولي كل شي طيب عنه ..

ربت سلطان على كتف حمدان ببسمة فخورة ثم قال بدفء: ريال حمدان ريال ..

هتف سلطان لـ ذياب الذي يحدث بشاشة هاتفه بحاجبان معقودان يوحيان بانفعالات تموج داخله: بلاك ذياب ..!!

زفر ذياب بقوة وهو يغمس اصابعه في خصلات شعره الأسود الغليظ: من طحت الدار وانا احاول اتصل بـ حارب بس يظهرلي مغلق ..

انزل سلطان عيناه محاولاً ألا يكذب: امممممم يمكن مسافر ولا شي

ذياب بقلق: ظنك ..!!!

هز سلطان رأسه بـ نعم، وهو في الحقيقة لم يخفف بهذا قلق ابن أخيه ذياب ..
ذياب الذي لم يقطع علاقته بـ شقيق صديق عمره عبيد حتى بعد وفاته .. فـ حارب بالنسبة له طيف حي يرى خلاله ذلك الذي فارقه وجعل من الحياة خاوية من بعده ..

عزيزٌ هو حارب على قلبه .. عزيز جداً .....


تنهد بعمق محاولاً الخروج من نطاق الانفعال السلبي ..... حسناً لمَ هو قلق هكذا ..!!
من الممكن أن توقع عمه صحيح وهو مسافر للخارج ..!!!


خرج من سرحانه على صوت جدته وهي تسأل لناعمة بذهول: نعوووم خاتمج وييييين ...!!!!

وضعت ناعمة كفها الايسر على كفها الايمن وهي تتلعثم بخوف/ارتباك/استياء شديد: أ أ أ ماعرف وينه يدووه ..

فطيم بذهول: لا يكون ضاااااع ..!!!

زمت ناعمة فمها بضيق شديد وهي تجيب بعبوس: ماعرف وين طاح عنيه .. ما عرفت انه مختفي الا يوم طحنا مطار بوظبي ..

الجدة أم هامل بعتاب: الله يهداج يا نعوم، قلتلج لا تشلينه وياج في السفر انتي ما طعتي ..
لو مخلتنه في التجوري عنديه جان اخير ..

زفرت ناعمة ضيقها الخانق بـ قهر أليم ...

لا تزيدي عليَ وجعي يا جدتي كي لا انفجر بالبكاء قهراً ....!!!!



.
.
.
.
.
.
.



كانت ممددةً جسدها فوق سرير شقيقتها الصغيرة وهي تأكل المصاصة ذات اللون الأحمر بكل لذة/نهم وتضحك على التغريدات المضحكة في تويتر ..


أتاها صياح ميرة من داخل الحمام: حصوووووووووووه

هتفت حصة بصوت عالي باندماج تام وهي ما تزال تقرأ وتضحك: ههههههههههههه هاااااااااااااه ...

ميرة برجاء ظهر مع صياحها المرتفع: حصيصي دخيلج دقي حق مهاري الحين الحين وسأليها عن مقاس ريل منور بنت خالتها

قطبت حصة حاجبيها بضجر: اوهووو طلعي من الحمام واتصليبها انتي ..

ميرة برجاء اشد: دخيلج حصوه دخيلج .. ما عنديه وقت عقب ما اتسبح بروح المول سيده ..

حصة بتهكم: وانتي شحقه تتخبرين عن مقاس ريل منيرة بنت خالتها ..؟!!

هتفت ميرة بصوت بدأ يختفي تحت رشاش الماء: في خاطريه اشتريلها شوز هدية ..

وقفت حصة أمام باب الحمام لتهتف بصوت عالي: انزين عطيني رقمها

اعطتها ميرة رقم مهرة وهي تمسح عن وجهها الماء المخلوط بالشامبو:
0503666...


ادخلت حصة الرقم وضغطت على زر الاتصال ..



.
.
.
.
.
.
.



كانت مهرة تجلس على الأرض في غرفة شقيقها حمد وامامها الكثير من الصور المنثورة في حضنها وبجانبها ..

: ههههههههههههه حموووود شو هالصورة ..!!
من سنة سكتوووو هههههههههههههههه
(من سنة سكتو تُقال للسخرية من الأشياء القديمة)

حمد بابتسامة واسعة: اشوف اشوف ..

أخذ الصورة من اخته مهرة وانفجر بعدها ضاحكاً: هههههههههههههههههههه ابويه اللي صورنا في هالصورة
هههههههههههههههههه طاعي فلاح شقى راسه كان عود هههههههههههههههههه

شعر بضربة قوية على كتفيه وصوت باسم متهكم يقول: راس ولدك العود يالسباااال ..
على الاقل كنت رشيق هب انت يالدراااام ....

مهرة وهي تضحك على إحدى الصور: هههههههههههههههههه ياربييييه والله اشكالكم نككككتة ...
فلاح شوووف نهيان مع كشته اليابسة ههههههههههههههههههههه

فلاح بابتسامة خفيفة: حليلك يا نهيان، ايام يوم كان يربي كشته ..

حمد بسخرية: الحينه قرعته تصووولق ما شاء الله ههههههههههههههههههههههههه ه
(تصولق = تلمع)


صمت الثلاثة عندما أعلن هاتف مهره وصول اتصال ..
التقطت مهره هاتفها لتلمح رقماً غريباً قبل ان تمده باستغراب الى فلاح: فلاح شوف منو متصل، رقم ماعرفه ..

امسك بهاتفها ليجيب بصوت خشن لم يتعمده: ألوو

ارتبكت حصة للوهلة الاولى وهي تسمع الصوت الرجولي من الطرف الأخر .. الا انها ردت بصوت حاولت إخراجه ثابتاً مسيطراً: ألوووو

فلاح بعد ان ادرك ان الصوت انثوي لا ذكوري: هلا

حصة بذات صوتها المسيطر الناعم: منو ويايه ..!!

رد فلاح بنبرة هادئة ساخرة: ختيه انتي اللي داقة .. انتي منو ..!!

شعرت حصة بحرج تخلله غيظ طفيف من سخريته الا انها هتفت بثقة: بغيت مهره لو سمحت ..



مرّ خيال خفيف الظل أمامه ينبهه بشكل مموه ان صوت هذه الفتاة مألوف ..... مألوف وبشكل كبير لمسامعه ..
يعرف هذه النبرة .. يعرفها ..!!!


وبتصرف لم يتوقعه هو نفسه ..... هتف بنبرة حازمة .. نبرة ابطنها بخبث مظلم: منو اخبرها ..!!

اتسعت عينا حصة باستنكار لترد بحدة ساخطة لم تستطع التحكم بها: اخويه عطني مهره بلا رمسه زايده

التمعت عينا فلاح بعد ان تيقن ان هذه الفتاة ماهي الا "تلك" ..
تلك صاحبة اللسان السليط ...!!
أينسى بسهولة ذبذبات نعومة صوتها وهي التي ارشقته بوابل من كلمات سامة قصيرة ..!!!


وقف فجأة بشكل مُريب وهو يأشر لـ مهره بأصابعه بأنه سيرجع في الحال ..

قطبت مهره حاجبيها بذهول وهي تنظر لـ حمد، بينما حمد اكتفى بهز كتفيه باستغراب ..


خرج فلاح وابتسامة لم تتجاوز عيناه .. ابتسامة جامدة قاسية ....!!!

هتف بهمس متلاعب ... شديد العمق ... وهو يمشي في الصالة العلوية: يا لابس العنابي ترفق ..
اعصابك غالية علينا ..

اتسعت عينا حصة بذهول والغضب بدأ يغزو ناظريها بشكل كامل .... وهتفت بحدة شبه عالية: نعممممممم ....!!

رفع فلاح حاجبه الأيسر بنظرة سوداء تتدفق خبثاً: نعم الله عليج ياااااا .... حصـــــة

تسمرت بمكانها والانفعال المذهول اخذ يموج ويمور بمجمله على سطح وجهها الجذاب بلونه القمحي المخملي .. وشعرت بخفقات قلبها تصل لأعلى قمة في رأسها، خفقات داهمت عقلها لتنبأها ان هذا الصوت لـ رجل تحتقره تماماً ..!!
بل رجل احتقرته بالفعل قولاً وفعلاً ..!!!
والذي جعلها متيقنةً من معرفتها لصاحب الصوت، هو ان الذي يحادثها على الطرف الآخر، لابد وان يكون أحد اشقاء مهرة ..!!!
فمن غير اشقائها له الحق ان يجيب على مكالماتها ..؟!!

وهي ويالسوء حظها العاثر، قابلت أحدهم والذي اشعل في جوفها البغض والاحتقار لتكبره وخلقه السيئة بنظرها ..!!!

هو ذاك الرجل ..
انا متأكدة من ذلك ..


صمتت ثواني لم تتجاوز الخمس ثم هتفت بزمجرة لبوة غاضبة .. غاضبة حد الغليان الغارق بالازدراء،

فـ هي حصة ..!!!!
والويل لمن يفكر بمس نيران لسان حصة ...!!!!!
: يااا ....... روووح ...... احسسسن لك ..



ثم اقفلت الهاتف بعد ان قذفت سمومها عليه بكل غضب اعمى ..!!



أما فلاح .. فـ ليس هناك أي وصف ممكن أن يقال عن حالته من شدة وقع الصدمة على روحه المعتدة بذاتها ..
وقبل كل شي، على "رجولته الأبية" ..!!!!

دمــار ..!!!!
يشعــــر بدمـــار يضــــرب دواخـــل نفســــه بجنــون ..
اجتــــاحه غضــــب مجنــــون .. غضــــب مدمــــر ..!!!!

يكاد يرى قلبه الخفاق يخرج من بين اضلعه بكل جبروت من هول غليان دمه العاتي ..!!
من غير أن يشعر، ومن غير سابق تفكير، وتحت تأثير عقله المغشى بلهيب اسود ..!!
بدأ يكتب رسالة لـ تلـــــك ..



.
.



حصة كانت تمشي بحنق شديد والشتائم تخرج من لسانها كتيارات كهربائية قاتلة ...
ولم تكد تخرج من غرفة شقيقتها حتى وصلتها رسالة من هاتفها ..

حركت شفتيها بامتعاض وهي تفتح الرسالة
اتسعت عيناها وخفقات قلبها المضطربة تكاد تُرى قبل أن تُسمع من شدة بريق التوعد المتشح بسواد الغيظ ..!!

"واللي رفع هالسما بليا عمد يا بنت عبدالله ينج بتتمنين الخلاص على ايديه ولا بتنولينه"



.
.
.
.
.
.



أبــــوظبـــــي



دخلت المركز التجاري المعروف في أبوظبي ورائحة العطور تسبقها لآخر نقطة في المكان كله، كانت تمشي ونظرة الزهو والغطرسة تحومان حول مقلتاها بكل هيمنة تامة ...

ابتسمت بإغراء ساخر وهي تلاحظ نظرات الرجال والشباب الجائعة إليها، وكادت تسقط ضاحكةً عندما سمعت أحدهم وهو يرمي على مسامعها رقمه الخاص ..

قذفت الشاب بنظرة ازدراء مُحتقرة وهي تهمس بخفوت مسموع: روح يا بابا انا ما اتعامل مع اشكالك

تسمر الشاب بغضب حقيقي ما إن تلقى اهانتها القوية، اما هي، فأكملت سيرها إلى أن وصلت لمقهى مشهور بعلامته التجارية المشهورة جداً ..

أخذت تتلفت باحثةً بعيناها "المغريتان المرسومتان بالكحل السائل" عن صديقاتها ..
صديقات لا يبالين أبداً بشيء يسمى بآداب الاماكن العامة .. وقبلها بـ أخلاق ديننا الحنيف ..
فـ هن بأصواتهن العالية وضحكاتهن التي وصلت لكل شخص يمر ويمشي قد تعدين كل حدود ممكنة ..!!

أما هي ..... فلا تهتم .. مثلهن تماماً .. أم هذا ما تؤمن به الآن على الأقل ..!!!
بعد أن تذوقت طعم مرارة فقد الأب، والفقر، والحاجة ..!!

اعترفت في قرارة نفسها بكل سخرية مريرة أنها لم تكن بهذه الحرية الأخلاقية والمعيشية قبل بضعة سنين فقط ..
بل لم تكن تحمل هذا التفكير المنحرف الذي تؤمن بكل اركانه الآن ..!!
لا تعرف كيف انقلبت حياتها .. ولا تعرف حقاً لم جعلت من ذاتها عبدةً للانحراف ..!!

ولكن الذي تعرفه ...
هو إنها بهذا الامر ستحمي نفسها من كل عطبة عاطفية وأزمة نفسية أخرى ..!!
فهي تعبت .. تعبت في الماضي كثيراً .. ولا تريد التزود بـ الهم أكثر من ذلك ..!!

ستعيش حياتها كما تريد، وبالشكل الذي تهواه،
وأيضاً مع الشخص الذي تفضله ......... مع "ذلك" ..

ستفعل المستحيل لعيش أجمل لحظات حياتها بـ "مزاجها الذي يروقه لها" .. رغم أنف كل من يعترض ..!!


سمعت إحدى صديقاتها وهي تهتف بصوت عالي غير مكترثةً لنظرات الرجال الجائعة/الخبيثة: يزووووووي ..
تعالي نحن هنييييه ..

تحركت أليازية باتجاه الفتيات بذات هالة التعالي التي تحوم حولها .... وما ان اقتربت منهن حتى هتفت بإنجليزية مثقلة بالدلع المبالغ فيه:
هلو قيرلز ..

أجبن الفتيات بذات الدلع المصطنع: هلووووو



.
.
.
.
.
.
.



العيــــــــن



كان مجلس الرجال في حلة صاخبة من أصوات الرجال القوية الخشنة وأصوات الصغار الذين توسدوا الأرض ليلعبوا ورقة "الأونو" بحماس وبهجة جمة ..


قال خويدم بسخرية وهو يدفع ابن عمه زايد المقارب لسنه الثامن: اسكت اسكت انت اصلا غشاش ما تعرف تلعب صح

زايد بغضب طفولي وهي يرمي اوراقه: انت كله تقولي غشاش .. ول عني مابا ألعب معاك

هتف بطي بصرامة لـ ابنه: خويدم .. قلتلك ألف مرة ايدك ما تمدها على حد .. شعنه ما تسمع الرمسه ..!!

خويدم بفم مزموم متبرم: ابويه شوف زايد يغش

زايد باعتراض مبرراً: لا عميه قسم بالله ما غشيت، انا ما كنت ادري ان تحتي اوراق اصلاً

هتف مايد ابن ابن عمهم سيف بنظرة ماكرة وعيناه على اوراقه: زيود يلا ألعب ياخي ..
ناوي اشقكم شق الحينه خخخخخخخخخ ..

التفت بطي لـ سيف "الصامت بشكل يثير التساؤل" .. فـ صمته دام مدة طويلة منذ ان اجتمعت العائلة بأسرها على غداء يوم الجمعة ..!!
ثم ضحك هاتفاً بنبرة ساخرة: ههههههههههه ولدك هذا مصدق روحه

ضحك أحمد بخفة وقال بدوره: هيه من الخاطر هههههههههه

ابتسم سيف ابتسامة لم تتجاوز عيناه وهو يلتفت لأبنه ..

ابنه الذي أخذ من أمه أجمل فتنة فيها ..
نعس عيناها ..!!!!


زفر بداخله زفرة ملتهبة .. مجروحة وهو يضحك على نفسه بسخرية مريرة ..

عيناها اللتان تسخران منك ومن عجزك أيها االكسيح الأبله ..!!!


جمع زايد اوراقه المرمية بتهكم غاضب وهو يأشر بأنفه على خويدم: قول حق هذا يسكت

هتف سلطان شقيق خويدم هو ينظر بترقب صقري لملامح ابناء عمومته وعيناه توحيان بانتصار حتمي:
يلا كملوا لعب ..



ابتسم الجد أبا سعيد ابتسامة ذات معنى متأملاً وجه سلطان الصغير، ثم هتف لـ بطي ببحة دافئة: لو خويك سلطان ياب ولد .. ماظنتي بيشابهه شرا سلطان ولدك ..

ابتسم ابنه أبا سيف وهو يوافقه الرأي: هيه والله يا بطي، سبحان اللي خلقه .. خذا كل طبايع بومييد .. حتى حركاته ورمسته وهو ياهل ..

ثم وجه حديثه لـ والده أبا سعيد ببسمة خفيفة: تحيد ابويه سلطان يوم كان ياهل ..!!!
(تحيد = تتذكر)


هز أبا سعيد رأسه بـ أجل: هيه نعم جيف ماحيد ..!!
كان شيطان خبيث ما يسوي حايه الا وهو يدري انه بيفلح فيها
(جيف = كيف)

بطي ببسمة براقة: انا اللي بعدني احيد خيازرينك وهي ترقص رقيص على ظهريه .. ولا سلطان كان العزيز الغالي امرره محد يروم يقرب صووبه ..

أبا سعيد بنبرة مبحوحة تخللها حب شديد لذلك السلطان: والله ان غلات بومييد في افواديه ماله مثيل ..

تنهد بعمق وهو ينزل عيناه لعصاه الذي يتكئ عليه: لجنه ودرنا وودر ميلسنا من سنييييين
(لجنه = لكنه) (ودر = ترك)

صمت الجميع عدا الأطفال الذي يلعبون بصخب جاهلين الذي يجري حولهم ..


أبا سيف بنبرة حاول ان تكون هادئة قدر المستطاع كي لا يضايق أباه: الله يهدي اللي كان السبب

رمقه بطي بنظرة لوم خفيفة قبل ان يهتف بحزم: شو سبب ما سبب، ما صار الا كل خير يا بوسيف ..

أضاف وهو يوجه حديثه الى والده: وسلطان تراه دوم مشغول .. لا تنسى يا ابويه ان وظيفته هب سهلة ..
عنده مسؤوليات ما تخلص على ظهره ..

ابتسم بوسعيد بشجن وهو يهز رأسه بالنفي: الولد شايل بقلبه يا بطي ..
شايل بقلبه علينا وايد ..

هتف احمد بعد صمت بنبرة هادئة حازمة: ابويه طوليه بعمرك السالفة مرت عليها سنيييين ..
شو ذكرك فيها الحينه ..!!!

اجابه أبا سعيد بذات البحة المثقلة بالحزن .. المثقلة بوجع لا يفقهه أحد: ومنو قالك نسيتها يا ولديه ...!!!


أكمل حديثه الشجي المؤلم داخله وخفقاته تفور حزناً .... وحباً ..
حباً يتصارع ما بين ابنته حبيبته .... وبين ذلك الشاب الذي تمكن وبقوة من السيطرة على مكانته الغالية في قلبه ووجدانه ..

كيف لا وهو ابن الغالي ظاعن صديقه وعضيد روحه ..!!!

رحمك الله يا ظاعن رحمةً واسعة ...

ماذا كنت ستفعل لو انك شهدت ما شهدته قبل سنين مضت ..!!
ماذا كنت ستتقول لو انك رأيت بـ عيناك ما فعلته بـ أبنك ..!!!

آآآآآه أيها السلطان ..
أقسم بأني لم أكن لأدعك تخرج من مجلسي وانت موطئ العين مثقل الانفاس بحمم القهـر ..
حمم قهرك تلك قد لامست روحي الأبية قبل ان تلامس ملامح وجهك الغالي ..
لامست روحي وتمكنت مني وبضراوة ما ان التمعت عينا ابنتي برفضك وتفوهت به بالقول ..!!

رفض كان كالسكين الناصل على شخصك المعتد ..!!
أفهمك ..
أفهمك يا بني .. وافهم ألمك ..!!



سار فوق سحب الذكريات لذلك اليوم ..
قبل اثنا عشرة سنة ..!!



هتف سعيد بحزم بالغ وهو يوجه حديثه لـ اخته الصغرى شما: شما .. سلطان بن ظاعن هنيه
قولي اللي في خاطرج ولا تستحين ..

تنحنح سلطان بخشونة وقال بذات حزم سعيد: آمري يا بنت خويدم .. اسمعج


مر فوق غيوم عينا شما بريق غريب/مريب ... وهتفت بجمود قاسي .. قاسي كالصخر: بـومييـد

انتصب ظهر سلطان الذي كان واقفاً بجانب سعيد وبطي ويقابل أبا سعيد الذي كان يخفي اغلب جسد ابنته عنه ..... ثم هتف بصوت يرن بالحمية/النخوة الرجولية: لبيييه

شما بنبرة مقتضبة جافة: لبيت حاي يا بن ظاعن ..

صمتت قليلاً لتردف بنظرة سوداء قاسية مُرعبة:
لولوةْ خويدم بن زايد منقايه من الزين وهب كل وقى ايوزلها ..
(لولوة أي لؤلؤة) .. (وقى = غطاء من القماش/القطن) (ايوزلها = يناسبها)


تسمرت أعين الرجال بالذهول الكاسح بينما رفع سلطان حاجبه الأيسر وهو يرص عيناه بشك/عدم فهم ..

هتف بطي بغيظ كتمه قدر المستطاع تحت نبرته الحازمة: شو القصد من رمستج يا بنت ابويه ..!!!

رفعت شما رأسها باعتداد عاتي وهي تستدير حتى وقفت بشكل جانبي .. ثم ادارت وجهها بخفة الى سلطان وتلاقت نظراتهم ...!!!
نظرات يقسم الجميع ان لها عشرات المعاني كالشهب المعتمة الملتهبة من فرط غموضها ..!!!!


كررت شما جملتها بذات قسوة نظرتها والتي نضحت ازدراءاً عاصفاً نقياً:
هب كل وقى ايوز لـ بنت خويدم يا بومييد ..


تصلبت قامة سلطان بشكل مُريب ..... بشكل مُقشعر للأبدان من هول هيبته ..

حدّق الاشقاء الأربع بوجه سلطان والغيظ الشديد من شقيقتهم الصغيرة قد تمكن من ارواحهم بشكل مؤذي ..

بينما تسمرت قبضة يد أبا سعيد على عصاته ليطرقها بشكل متواصل مُرتبك على الأرض ..


عرف الجميع مقصد كلمات شما ..!!!

الرفــــض ..
هــذا مقصدهــا مــن غيــر شــك ..!!
إنهــا تــرفض سلطــان ..!!


حلّ الصمت المجلس كـ صمت قلعة خاوية من ارواح الانس والجن ....

لم يتفوه أحداً بكلمة .. ليس وسلطان يبعث بصمته المُريب رسائل مبطنة بـ "عدم الكلام" ..
بـ "عدم التنفس" ..!!!!


اخيراً .... هتف بصوت غليظ/جامد حد الصقيع القطبي .. صوت اخرجه قدر الامكان بثبات ورنة حازمة متزنة:
وصل اللي تبينه يا بنت الايواد ..


استدار ليخرج من المجلس .. الا انه ترك مسافة بين شفتيه ليقول كلمات أخيرة .. كلمات احرقت وجدان ذلك المُسن:
السموحة جان ياكم منا قصور ..



.
.



افاق من شروده وهو يسمع هتاف أحمد المرح: ابويه اسمع اسمع هالقصيدة

أطال احمد من صوت التلفاز ليسمع الجميع الرجل وهو يلقي قصيدة غزلية ساخرة في حق محبوبته

أبا سعيد باستنكار حاد: عنبوووه ذا الشيفة، اسميك مودر علوم الرياييل والمذهب ..
امفففففففف ..

ضحك الجميع على تعليق الجد، ثم قال أبا سيف بنبرة باسمة ساخرة: مصدق روحه شاعر ..
يفدا ولد محمد ويفدا طوايفه، حافظ عليه وعلى قصيده اللي يرد الروح ..

ابتسم أبا سعيد لسماع اسم ذلك الفتى الغالي: عنيه افدا حارب ومنطوقه ..
وأردف بحنق طفيف مثقل بالاشتياق: الا يا عيال ما تعرفون هالولد وين غاااط ..!!
امرررره محد يشوفه ..
(غاط = مختفي)

هتف سيف بعد صمت طويل بنبرة هادئة متزنة: البارحة نشدت عمتيه عاشه عنه وقالتلي مسافر

بطي باستغراب: مسافر ..!!
ماحيد حارب يسافر جيه بليا سلام وجلام ..

هز سيف كتفيه بعدم معرفة: والله هاللي عرفته ..

أبا سيف بتساؤل حازم: انزين وين سافر ..!!

اجابه سيف وهو يمسد رقبته: تقول عموه عنده مؤتمر في فرنسا ويمكن يطول هناك ..

هتف أبا سعيد ببحة حزينة: الله ايوفجه وايسر امره .. هالولد من توفوا هله وحالته لا تسر عدو ولا صديج ..

أردف وهو يمسح وجهه بكفوف السمراء المتجعدة: اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين

ردد الجميع خلفه بـ "آميـــــــن" ..


تنهد المُسن بشجن صرف .. بشجن خرج مهرولاً مع طيف انسان فارق عيناه بكل فجيعة يتصورها البشر ..

همس بخفوت أليم .. خفوت ذاق طعم الفقد بكل انواعه: وعسى ربيه يرحمك يا سعيد .... يا عين ابوك ..



هذا كان حال أبا سعيد .. رجلاً فقد والداه منذ الصغر ..
ثم فقد صديقه ظاعن في الشباب ..
ليتلقى رصاصة فقد ابنه البكر في الكبر ..!!!


أخذ يتمتم في قرارة نفسه:
الحمدلله على كل حال مهما كان الحال ..


رفع عيناه شبه المغلقتان وهو يسمع ما يقوله ابنه أبا سيف ..

أبا سيف وهو يضع ذراعه الأيمن على رجله المطوية امام صدره: ابويه الحرْمَات خبرنّي ان قوم عذيج رحمة الله عليه بيقربون صوبنا هاليومين ..
(حرمات اي الحريم = النساء)

أردف وهو يتنهد بخفة: ناويين يخطبون شما ..

أحمد بتساؤل: حق منوه ..!!!

أبا سيف بحزم هادئ: حق هزاع ولدهم العود ..

وضع أبوسعيد ذقنه على حافة عصاه وهو يمعن التفكير لأمور لا يعلم بها أحد ..!!


هتف بطي بنبرة مُستنكرة وهو يلتفت لأباه: ابويه شو رايك انت ..!!!

أبا سعيد ببحة عميقة .. بحة لا تفارق أحباله الصوتية: هزاع ريال طيب من ناسٍ طيبين ..
خوي شما قايم في بيته وهله ..

احتد بطي فمه بقهر لم يظهره ثم قال بنبرة سيطر على حدتها بقوة: يعني انت موافق ابويه ...!!

نظر أبا سعيد إلى بطي وقال بصوت هادئ مستكين: وشعنه ما وافق .. شو من عذروب في ولد عذيج .!!
(عذروب = عيب)

اتسعت محاجر أبا سيف بذهول تخلله سرور وهو يكاد لا يصدق ما يسمعه ..
فـ أباه بالعادة لا يعطي انطباعات ايجابية سواء بالقول أو بالفعل لأي رجل يتقدم لخطبة شما، هو فقط يصمت وينتظر ما ستكون اجابة ابنته المدللة ..!!!!

دوماً والده كان هكذا .... وصمته المستمر وجعْل زمام الأمور بيد شما هو ما يثير الحنق الشديد في روح أبا سيف ..
فـ أبا سيف ... صاحب عقلية قديمة منقرضة .. لا يعرف الا قانون "شور البنية عند هلها" ...!!!

لم يكن أبا سيف يتعامل مع الفتيات برقة وصبر كـ تعامل أباه وسعيد رحمه الله معهن ..

دائما ما يشعر أن الفتيات حملاً ثقيلاً على كاهل عائلاتهن ويجب عليهن الزواج ما إن يبلغن سن الزواج ..
ليس وكأنه يكره ابنتاه حصة وميرة !! .. فـ هن أعز ما يملك ومحبتهن في قلبه تزداد مع مرور عمره ..
ولكن عقليته القديمة تحتم عليه التعامل معهن بشكل يرونه هن قاسياً وغير منصفاً ..!!


تساءل أبا سيف بنبرة متلهفة: ولو شما ما طاعت ..!!

انزل أبا سعيد عيناه وهو يقول باقتضاب صقيعي: لا تحاتي بطيع هالمره ..



ولكن على الجانب الآخر ..!!

زفر بطي بقوة حادة ....... زفرة مستاءة لأبعد حد ..!!


لطالما عاش اوقاتاً سببت الأرق في روحه ما ان كان الامر يتعلق بـ شما وزواجها ..!!

هو شقيقها الكبير .. ويحبها حباً ينطق الحجر من فرط شدته ..
ولأنه يحبها بشدة ... لا يريدها الا زوجة لـ رفيق دربه ..!!

ولكن هذا من الصعب حدوثه على ما يبدو .. فـ سلطان بعد الذي حدث لن يفكر بخطبتها مرة أخرى .. حتى لو كان حب شما في قلبه قد وصل مواصل الدم في العروق ..!!!


يعرف سلطان ويعرف ضخامة كبرياءه العتيد ..!!!!!

غير أن ولنفترض خطبها مرة أخرى .. أيضمن هو شقيقها ان لا ترميه في ذات الموقف المرير مرة أخرى ..!!
أيضمن ان لا ترفض صديقه مرة أخرى كما رفضته سابقاً ..!!
اففففففففففففف ..
لمَ يصعب عليه تجاوز افكاره وجعل كل واحد منهما يعيش حياته كما يريدها ..!!
إنه النصيب .. النصيب يا بطي فلتفهم ذلك بكل رضا تام ..!!

هذه هي الحياة يا رجل .... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ..!!!

رفع عيناه لأبيه وهو يقول بنبرة غامضة قوية: بس خطبة على خطبة ما ايوز ..!!!



رفع الجميع رؤوسهم ونظرات الذهول والاستغراب تنضح من ملامحهم ..

زفر بطي زفرةً غير مسموعة ليهتف بعدها بنظرة جامدة: سلطان رد خطب شما منيه ..



.
.
.
.
.
.
.



في ذات المنزل



بعد ان انتهى الجميع من وجبة العشاء، دلف كل واحد غرفته ليخلو بنفسه ..
فالذي يريد النوم ينام .. والذي يريد التعبد يتعبد ..
والذي يريد اغراق نفسه في عالم خاص به .. يغرق وبكل شفافية تامة ..!!!


دخل جناحه الخاص بعائلته الصغيرة متأملاً حدوث معجزة تجعل من ملامح زوجته تلين وتبتسم بكل صدق صافي ..

زفر كل ما يعتمل روحه من حب مُعذب وهو يشتم رائحة مسكرة جعل التخبط في روحه المضطربة يزداد بازدياد شوقه لأحضانها .. أحضان "تلك" الناعمة الدافئة ....


سخر من نفسه بمرارة .. حسناً يا أحمد كن صادقاً مع ذاتك ..

الدفء هو ما تتعطش إليه كلما حظيت بقليل من أحضانها ..!!
ونعومة القلب والنظرات هو ما تتجوع لهما كلما أثقلت احاديثكما بغزلك الصريح بجمالها الفاتن ..!!


تسمر بمكانه ما إن لمحها واقفة بكل هالة مُشعة أمام النافذة، وأخذت عيناه تمشطان جسدها المثير بقميص نومها الأسود البارز لبياض نحرها المعطر ..!!

اختلج قلبه بخفقاته والتي وصلت لأذنيه من فرط هيجانها ...!!!!
يالله .. كم هو رجل بائس مُحتاج ..
انفعالاتٍ من كل نوع ولون تموج وتضرب على اوتار دفاعاته بضراوة ...!!!!!


اقترب منها محاولاً السيطرة على اتزان تنفسه المضطرب ..
التفت إليها بخفة قبل أن يلمح ابتسامة مُغرية ترتسم بسحر تام على شفتاها البراقتان بلون أحمر زاد من هيجان مشاعره المتعطشة ..

همست عوشة وهي تدخل اصابعها في شعرها الناعم المصبوغ بلون كستنائي جذاب: حبيبي ييت ..!!!

التمعت عينا أحمد وهو يتأمل ملامح وجهها الجميل، ثم هتف بصوت أجش "غير مُصدق" خرج مع تنفسه الثقيل: حبيبي ..!!!

اتسعت ابتسامة عوشة لتهتف بخبث أنثوي جرئ: هيه بوزايد .. انت حبيبي ..


اقترب أكثر ووقف أمامها بجسده المستنفر وهو يهمس بخفوت مشتاق: فديت حبيبي من بين شفايفج
وبهيجان عاطفة بحتة لم يستطع التحكم بها .. انزل قامته إليها والتقط شفتيها بكل جوع يعتمل في جوفه ..!!


لحظات مرت وهو يسقي وجدانه من رحيقها العذب ..
لم يكن ليبتعد انش واحد لو انه لم يشعر بيديها الناعمتين تلمسان صدره المتهيج لتبعده عنها ..

قابل الاثنان بعضهما بعضا واللهاث القوي هو ما يتوسطهما بكل عجرفة تامة ..

همس بصوت اثقله العاطفة المتهيجة: اشتقتلج عوشة .. اشتقتلج وايد ..

همست عوشة بابتسامة جريئة من بين انفاسها القوية: وايد اشتقتليه أحمد ..!!!

هز أحمد رأسه بشوق ملتاع: وايد حبيبي وايد

اقترب ليتذوق مرة أخرى رحيقها العذب بكل استجداء، ولكن يدها هي ما منعته ..

تابعت همسها من بين ضحكاتها الخافتة الماكرة: هههه حبيبي لا

اجابها بنبرة ثقيلة تواقة خرجت مع لمعان مقلتا عيناه السوداوان: ليش عوشه ليش ..؟!!!

عوشة بنبرة باسمة متلاعبة: حبيبي ما ينفع الحينه ... اممممم يتني ..


هاج على صفحة وجهه موجة خذلان واستياء جعلته يتراجع ببطء ويقول بخفوت تخلله ضيق شديد:
هاي كم ودية تييج في الشهر ..!!!
(ودية = مرة)

ضحكت عوشة غير مبالية بمشاعره المضطربة ... وقالت بنبرة ناعمة مُغرية لأبعد حد: حبيبي شو اسوي بعد ..!!!

قال باقتضاب باطنه استياء/خيبة عارمان قبل ان يدلف الحمام: لا تسوين شي ..


ما إن دلف حتى التمع شعاع شيطاني على عيناها .. وغمغمت بكل ما فيها من بغض/ازدراء وهي تمسح شفتيها: غبي ..


أخذت تبحث عن هاتفها حتى وجدته فوق المنضدة، أمسكته بتردد والأفكار تتراقص في مخيلتها رقصة لا هوادة فيها ..



بدأت تدريجياً بكتابة رسالة ما ........ لشخص ما ..

شخص تؤمن كثيراً إنه سيتمكن من فعل ما تطمح إليه ....



.
.
.
.
.
.



دبـــــــي



دخل غرفته بعد أن انتهى من تناول وجبة العشاء مع عائلته، ما إن اقترب من الباب حتى أتته مكالمة من شقيقه الأصغر مصبح ..

التقط هاتفه ذو الطراز القديم غير المواكب لتطور الهواتف الذكية في وقتنا الحالي وهتف بنبرة حازمة ثقيلة:
ألووو ..

اعتدل مصبح بجلسته وهو يرد على شقيقه الأكبر بدفء أخوي تخلله احترام جم: سلام عليك بونهيان

أبا نهيان بنبرة ودودة: وعليك السلام بوظاعن، حي هالصوت وراعيه ..

ابتسم مصبح بصفاء ليهتف برنة رجولية: حي نباك يا بونهيان
شحالك وشحال أبويه واليميع ..؟!!

أبا نهيان بذات نبرته الودودة: كلنا بخير وعافية ما نشكي باس، ومن صوبكم الغالي ..؟!!

مصبح بحزم هادئ: عساااااه مديم ياربي .. والله الحمدلله عايشين بخير ونعمة ..

أبا نهيان: والعيال شخبارهم في الدراسة ..؟!!

ابتسم مصبح بخفة: المدرسين حادرين البيت وظاهرين حق الشيخ ظاعن، ومزنة ما شاء الله عليها ما عليها خوف شاطرة والاولى على مدرستها دوم .. اما هاييل الطفوس عبدالرحمن ونهيان فـ خلهم ..
أربع وعشرين ساعة مجابليلي هالسقم اللي يسمونه آيباد ومودرين الاكل والدراسة ..

ضحك أبا نهيان بفخامة ثم هتف: هههههههههههه الله ايوفجهم ويسهل عليهم كلهم ..

مصبح: آمين يارب أجمعين ..

أردف وهو يعدل نظارته الطبية فاتحاً أمامه كتب ومجلدات عديدة تخص القضاء وقوانينه: بونهيان طوليه بعمرك بغيت اتنشدك عن شي ..

رد أبا نهيان وهو يجلس على الاريكة الوثيرة: آمرني فديتك

مصبح: ما يامر عليك عدو ولا صديج ..
امممممم بونهيان بما ان لك خبرة طويلة في محكمة النقض، يقدر القاضي في حال ..........

وأخذ مصبح يسأل شقيقه ذو الباع الطويل في مجال القضاء عن أمور يريد التأكد منها، فهو بالرغم من ذكائه وخبرته في مجاله، الا انه لا يستغني عن سؤال واستشارة من هم أخبر منه وأعلم ..!!!


بعد دقائق من النقاش المتشعب، هتف مصبح بعد تنهيدة ارتياح: يزااااك الله خير يا بونهيان .. لا خلينا من نفعتك ..

أبا نهيان بود دافئ: افا عليك بوظاعن ما سوينا شي .. بس ما قلتلي ... هالحالة اللي رمستني عنها عندك ولا شو السالفة ..!!!

التمعت عينا مصبح بلمعان غامض ثم أجاب: لا لا هذا مجرد استفسار .. حبيت اتأكد من معلوماتي بس ..

أبا نهيان: هييييه زين عيل

أخذ مصبح يضرب قلمه بخفة على الكتاب الذي أمامه، ثم هتف بتردد: بونهيان بتخبرك ..
تحيد آخر قضية مسكها سعيد بن خويدم يعل ربي يرحمه ..؟!!

قطب أبا نهيان حاجباه باستغراب شديد: هيه احيد .. قضية وزير الـ .... السابق ..
شو ياب الطاري ..؟؟!!

مصبح بحزم هادئ الرنة: بخبرك خلاف ..

اردف وهو يتنقل بناظريه على الاوراق والكتب امامه: انزين هو عقب هالقضية ما مسك أي قضية ثانية بالشهور يلين يوم وفاته الله يرحمه صح ...!!!

هز أبا نهيان رأٍسه بإيجابية: هيه نعم 9 شهور تقريباً ..

رص مصبح على عيناه ليقول بتساؤل متوجس: ظنك شو السبب ...!!!

هز أبا نهيان كتفاه مجيباً باستغراب: سألت هالسؤال حق نفسي قبلك .. ويوم سألته شخصياً قال إنه حاب يعلق شغله شوي ويفضي عمره حق بعض القضاة المتدربين .. كان في هاك الوقت هو المشرف عليهم ويوجههم ..

مصبح والتوجس لا يفارق مقلتاه: بس كان يقدر يمارس وظيفته ويدربهم في نفس الوقت ..!!

أبا نهيان واستغرابه من حديث شقيقه بدأ بالازياد: ماعرف هاللي قالي عنه ..
مصبح مستوي شي ..!!!

مصبح: لا لا مب مستوي شي .. انا بس حبيت اتأكد من كمن شغله قريتها في ملفات سعيد وبوحارب ..

اتسعت عينا أبا نهيان بدهشة: شحقه تقرا ملفات سعيد وبوحارب ..!!!

زفر مصبح بإرهاق وهو يحك عيناه من تحت نظارته: بوعبدالله طلبهن منيه قبل فترة ..

قطب أبا نهيان حاجباه والتوجس قد وصله كما وصل شقيقه: وشحقه يطلبهن ..!!!

هز مصبح كتفاه بعد معرفة: علمي علمك ..

أردف محاولاً تغيير مجرى حديثهم: خلاص يا بونهيان تسلم ما تقصر

أبا نهيان: ولا يهمك مصبح نحن في الخدمة


أقفل الهاتف عن شقيقه وهو يتنهد بعمق، أتاه صوت خطوات زوجته وهي تهتف بقلق: عبيد فديتك ما شوفك تعشيت ..

أبا نهيان بنبرة حازمة ثقيلة: لا عذبه تعشيت وشبعت الحمدلله

أم نهيان بدفء/اهتمام: شو اللي مخلنك جيه مويم ومالك خاطر تسولف ..!!
حد مزعلنك الغالي ..!!
(مويم = صامت)

أبا نهيان بصوت مبحوح وغضبٌ بدأ يظهر منه: ولدج نهيان يخلي الواحد يرتاح ويهدا باله ..!!!

تنهدت ام نهيان بعمق قبل ان ترد عليه بصوت رقيق هادئ: فديتك انت اشعليك منه .. نهيان غدا ريال ويعرف مصلحته زين ما زين .. لا تستهم عليه وخله يشتغل الشغله اللي يباها ..

قطب حاجباه بغيظ شديد .. وقال: شو يعرف مصلحته ما مصلحته .. تبين الصدق انا حاس ان وراه سالفة هالولد

أم نهيان بجزع: وابوووويه شو سالفته بعد .. تعرف شي انا ماعرفه عبيييييد ...!!

أخذ أبا نهيان يبدل ملابسه وهو يهتف بتهكم: بلاج يا حرمة زغتي .. اقولج حاس حاس ..

أم نهيان بقلق: يعني شو ما فهمت ..!!

تحرك أبا نهيان لحيث يوجد مصحفه، التقطه قبل ان يفتح أحدى صفحاته الطاهرة: ماشي ماشي



سمع الاثنان طرقات آتية من باب غرفتهم .. وصوت حازم يهتف: يا هل الدار وينكم ..!!

ابتسمت أم نهيان بحنان جارف وهي تجيب بصوت رنان: تعال تعال فديتك ..

أدخل فلاح رأسه قليلاً ليقول بذات نبرته الحازمة: لا فديت قلبج .. خلي ابويه يرتاح وتعالي شويه ما عليج اماره ..
اباج في رمسه ..

أبا نهيان بحزم دافئ وهو يضع المصحف بجانبه: احدر فلاح انا هب راقد


دخل فلاح غرفة والديه بخطوات ثابتة .. ثابتة بشكل صارم .. ولكنه وياللعجب ....
شعر بوخزات من التردد/الارتباك ..

زفر في قرارة نفسه وهو يستجمع كل ثقته ... ثم هتف بقوة: أبويه اسمحليه ادري هب وقت سوالف الحينه

أشر أبا نهيان لأبنه ليجلس بقربه: ماعليه ولديه تعال .. خبرني شو فيك ..!!!

جلس فلاح بجانب أبيه وهو ينظر لوالدته التي تترقب حديث بلهفة ...
زفر بسرعة قبل ان يقول بنبرة واثقة مباشرة:
ابويه ابا اعرس



.
.
.
.
.
.
.



في مكان بعيد ..
بعيد كل البعد عن مظاهر المشاعر الانسانية ..!!



فتح عيناه ببطء ثقيل .. ثقيل حد الهلاك .. ثقيل كثقل جسده المرمي على الأرض كجثة هامدة ..
كثقل انفاسه المهلكة من الضياع ..

أخذ يتلفت وينظر للمكان حوله بـ ضباب عيناه وروحه في انقباض مستعر من فرط انفعالاته الداخلية ..


مكان في قمة القذارة ...!!

هذا ما ردده بداخله ..


أخذ يتأمل بنفس مُشمئزة، الجدران الطينية هي ما كانت تحوط جنبات المكان ..

المخلفات المقرفة "أعزكم الله" في زاوية تسمى وياللسخرية ...... مرحاض ..!!

بقايا قاذورات مرمية هنا وهناك ..!!

سرير متهالك يكاد يتحطم من فرط قدمه ورداءة صنعه ..



وضع كفه على أنفه ليمتنع عن شم الرائحة النفاذة الكريهة ..


السؤال الذي يدور في خلده الآن ..!!


أيـــن هـــو ..!!!!!
أيـــن أنـــت يـــا حـــارب ..!!!


زفر بقوة محاولاً الوقوف على قدميه مستنداً على الحائط الأسود الرطب بجانبه ..
ثم أخذ يمسح بقميصه، المتلطخ بالدماء من أثر ضربات لا يعلم مِمن تلقاها، عرق وجهه المخلوط ببقايا دم جاف ..

لمس بأصابعه السمراء الطويلة ندبته وهو يتأوه بداخله ..


زفر بقوة وللمرة العاشرة وهو يدخل أصابعه داخل شعره الكثيف الذي أصبح اكثر طولاً بعد فترة طويلة من عدم قصه ..

تقدم بثقل متعث حتى مسك بقبضة يداه القضبان الحديدية التي امامه ...

رآى من بعيد عسكري ذو جسد ضخم حاملاً سلاحاً وراء ظهره ..

صاح بانجليزية وصوته الغليظ خرج كـ بحات غير متزنة: أنت .. يا هذاااا ...

التفت العسكري بحاجب مرفوع ونظرة شيطانية تعلو مقلتاه: أووووه أصحوت أخيراً من سباتك أيها الكسول ..!!

زمجر حارب بغلظة تخللها قهر/ضياع/ارهاق تام: أين أنا يا هذااااااا ..!!!

اقترب العسكري منه وثغره يبتسم ابتسامة بغيضة تبعث الاشمئزاز في الوجدان، وأجابه بكل برود شيطاني صرف وهو ينطق كلماته بتأني شديد:
أهلا بك في سجن لاسانتيه يا عزيزي ..



.
.
.
.
.
.
.



في مكان لا يقل عن الذي قبله بانعدام انسانيته ..!!



هتف بصوت جبروتي غاضب: شاهين .. أدبه إلين ما يعرف ان مب بومرشد اللي ينلعب من ورا ظهره ..

قام أحد رجاله ذوي الأجساد الضخمة والمسمى بـ شاهين بحمل ذلك المرمي على الأرض كأحد الاشياء معدومة القيمة، وأغرق رأسه بماء بارد حتى يصل مرحلة الاختناق ..!!!

أخرج شاهين ذلك المُتعذب من بركة الماء مزمجراً بقسوة جبارة: بتقول منو مطرشنك عندنا ولا شوووو ...!!!

أخذ الرجل المختنق يلهث بشكل حاد سحيق وهو يستجدي الهواء بكل ضعف/انهاك، لم يكد يخرج زفيره حتى ادخله شاهين مرة أخرى للماء ..

وظل الاثنان على هذا الحال، رجل يغرق رجلاً معدوم الحيلة، وآخر يتلقى ضربات الماء وولوجها قصباته الهوائية ولوجاً يقتل ..

توقف عندما سمع شهيقاً قوياً من الرجل وهو يصرخ بصراخ اهتز معه جسده الصلب القوي: الله يلعـ..... كلكم .. لو تذبحوني في مقصب ما بقووووولكم يا كلاااااااااب ..

وبشكل مباغت تماماً، بصق الرجل على أبا مرشد الذي كان جالساً أمامه واضعاً رجل على رجل ..

احتنق وجه أبا مرشد بغضب اعصاري عاتي ..

وقف بسرعة ليمسك بقطعة حديدية بقربه ويضرب بها رأس الرجل ..


سقط الرجل مغشياً عليه ...... أو هذا ما توقعوه على أقل تقدير ..!!
فالضربة كانت قاتلة بحق ..!!

أبا مرشد وهو يمسح ثوبه بكل احتقار/غطرسة: الله يلعـ.... ما شفت واحد شراته عنيد ..

مرزوق بابتسامة ساخرة: هالصنف من الرياييل معروفين بعنادهم اللي ما يلين ..
واضح منو اللي طرشه ودخله بينا جاسوس ..
سلطان بن ظاعن ماغير ..
سلطان ما يختار الا الرياييل الكفو لمهماته ..

زمجر أبا مرشد بغضب شديد: اعرف انه سلطان لا تتذاكى علي انت بعد ..
بس بغيت اير الاعتراف عنه بالحرف عشان اكون على بينة لا اكثر ..

زفر بعنف وهو يستدير ليشعل سيجارته بنظرات بدأت بالتحول للازدراء التام: خبرني منوع وين ..!!!
ما يعرف اني رديت البلاد ولا شو ..!!!!

هز مرزوق كتفيه بعدم اكتراث: اتصلتبه وقلتله انك وصلت، مادري عاده ليش ما يه ..

صمت الجميع ما إن سمعوا صوت سيارة تتوقف بقوة أمام باب الفيلا الضخم ..

خرج أبا مرشد من قبو منزله الذي كان مسرحاً مناسباً لتعذيب ضحاياه .. وما إن دخل صالة منزله حتى رآى قامة وهيئة يعرفها تمام المعرفة ..!!

وبدهشة شديدة هتف: آندي ..!!!

التمعت عينا آندي بخبث لا يفارقه بتاتاً ليجيب بعربية ركيكة متلاعبة: أجل سديكي آندي..
كيف هالك أبو مرشد ..!!

قطب أبا مرشد حاجبيه: انا بخير .. انت شو يايبنك الامارات ..!!!

ضحك آندي ضحكة رنانة ليهتف بعدها بانجليزية ساخرة: لا تخف لم أأتي لمهمة رسمية تخص العمل ..
إنما فقط كنت اتجول في مدينتي المفضلة دبي، وفكرت بأن واجب الصداقة يحتم علي المرور لأبوظبي وإلقاء السلام عليك ..

ابتسم أبا مرشد ابتسامة ساخرة ليقول بانجليزية هو الآخر: من الجميل سماع ذلك يا رجل ..

أشر بيديه ليجلس: فلتتفضل حتى نكرمك بشكل يليق بك عزيزي ..

جلس آندي وهو يضع رجلاً على رجل ويشعل سيجارته التي تحمل إشارة افخر أنواع السيجار الكوبي:
شكرا لك صديقي
وأضاف بعربية ركيكة خبيثة: ألم تئرف بئد ..!!!
(ألم تعرف بعد ..!!)


قطب أبا مرشد حاجباه بتساؤل ليهتف بالعربية: شو ..؟!!

ضحك آندي باستهزاء قائلاً: أرسلنا الشاب الجميل إلى مهمته الاولى ههههههههههههههههه

فهم أبا مرشد مقصد آندي ليهتف بنظرة ساخرة لأبعد حد: اووووه المسكين .. ظنك هالرخو بيتحمل ...؟!!!
(الرخو = الضعيف/الذي لا يتحمل شيئاً)


ضحك آندي الفاهم للغة العربية بكل لهجاتها، فهو العقل المركزي الذي يعتمدون عليه عند أحلك الظروف، واستطاع تسيد مركزه بجانب زعيم منظمتهم بقوة عقليته الشيطانية وقوة بدنه الصلبة ...... اجتمعت لديه صفات العقل والجسد معاً ..
فـ ما كان من ديرفس الا ان يجعله يده اليمنى التي يعتمد عليها في المهمات الصعبة ..!!!!

اجاب وهو ينفث دخان سيجارته: ههههه لا تخف ئليه، فقط سيتذوك كليلاً من الارهاق واللهم النتن ويشم الروائه الكريهة هههههههههههه
(لا تخف عليه، فقط سيتذوق قليلاً من الارهاق واللحم النتن ويشم الروائح الكريهة)


أبا مرشد بتساؤل: بس اكيد أبوه بيسأل عنه ..
لا تنسى انه ولد موكيش جانجوس ..!!!

آندي بنظرة باردة غيرمبالية وهو يقلب لسانه الى الانجليزية: لقد ارسلنا لأبيه رسالة إلكترونية من حساب ابنه وقلنا له أن لاكي سيخدم لعدة أشهر في البلاط البريطاني، لذا فإنه حتماً لن يقلق على ولده ولن يبحث عنه .. فـ هو بنظره الآن مجرد شاب مشغول ويكافح لأجل مستقبله ..



.
.
.
.
.
.
.



دخل مكتبه كعاصفة هوجاء ترعد أوصال كل من لمح ظلالها المريعة المخيفة ..

يكاد يقسم أن الغضب قد وصل درجته الألف في أسلاك دماغه المثقلة بالأفكار والهموم المتراكمة ..

هموماً كثيرة تتساقط على نحوٍ متناغم على كاهليه ولا يلقى من يساعده قليلاً بالحِمل ..!!


اللهم ارزقني الصبر .. الصبر فقط يا رب الكون ..
أأتلقى كل الأخبار كالقنابل المدوية في نفس الوقت والساعة ...!!!

حارب في سجن يعد من أخطر وأقذر سجون العالم كافة ..!!
وابا مرشد ....... ذلك الحقير ..
استطاع اكتشاف حسن، الرجل الذي زرعته وسط منظمتهم ..


اتصل بسرعة برقم معين وعيناه تشتعلان غيظ/قهر على الذي يحدث ..!!!!


هتف بزمجرة غاضبة كل الغضب: سعيييييد، اتصل بـ خلفان وابراهيم وقولهم يرجعووون على اجرب طيارة ..
بسرعة يا سعيد الحين تتصلبهم الحييييين ..


اقفل هاتفه بعد أن سمع رد سعيد المُرتجف بالذهول/الجزع من غضبه الحاد ..
فـ رجاله لم يتعودوا على رؤية الجانب المنفعل من رئيسهم، لأنه لطالما كان ذو نفس صبورة وبال وسيع ..
وقبل كل شيء .. ذو عين جليدية لا تهتز نظرتها حتى في أحلك الظروف ..!!!!


ولكن هذه المرة قد دخل حارب في الصورة ..!!
ولا أحد يعرف ما هو حارب بالنسبة لـ سلطان ..!!
حارب الذي تمكن بشكل عجيب من السيطرة على كل المشاعر الأخوية و"الأبوية" لديه ..

يكن لهذا الفتى الكثير من الحب والمودة ويشعر بالمسؤولية الكبيرة اتجاهه ..!!!!







نهـــاية الجــــزء الثـــــاني عشـــــر


sira sira likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-06-16, 06:52 AM   #16

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)






الجــــزء الثـــــالث عشــــر



،



خذيني أطر في أعالي السماء
صدى غنوة كركرات سحابة
خذيني فإن صخور الكآبة
تشد بروحي إلى قاع بحر بعيد القرار
خذيني أكن في دجاك الضياء
ولا تتركيني لليل القفار
إذا شئت أن لا تكوني لناري
وقودا فكوني حريقا
إذا شئت أن تخلصي من إساري
فلا تتركيني طليقا
خذيني إلى صدرك المثقل
بهمّ السنين
خذيني فإني حزين
ولا تتركيني على الدرب وحدي أسير إلى المجهل
وكانت دروبي خيوط اشتياق
ووجد وحب ..



لـ بــدر شــاكر السيــاب



،



صبـاح يـوم جديـد



تشعر بالكآبة تقتلها .. تريد أن تخرج .. أن تسافر .. أن تبتعد عن هذه الأجواء ولو قليلاً ..
تشعر أنها وصلت بمشاعرها النفسية حد اللامعقول ..

أهذا كله يا بلهاء بسببه ..!!!
لمَ هو دوماً يجعل منك محط سخرية أمام ذاتك التي لا تنثني بسهولة ..!!
لمَ ..!!
ويح هذا القلب الذي جعلك السلطان عليه .. ويحه ..!!



تأففت وهي تمسد جبهتها علّها بهذا تزيح بعض الكآبة/الضيق/الخيبة من ذاتها ..


استقامت بطولها الجميل ثم هتفت وهي تنظر لنفسها بالمرآة بنبرة اخرجتها قوية، واثقة، بعيدة كل البعد عن معالم الضعف:
شميم ودري عنج السخااافة .. محد درابج أصلاً .. اضحكي وشقي الحلج .. وسوي اكبر طااااااااااف ..

زفرت بقوة وهي تبتسم ابتسامة كبيرة مصطنعة .... ثم بدأت بوضع القليل من الزينة على وجهها الذي لا يحتاج لإضافات تجميلية أبداً .. ولكنها مكتئبة ..... وهي عندما تكتئب إما ترسم أو تنزل لـ حديقتها ..

الا انها الآن ليست بمزاج يسمح لها بولوج العالم الأول ولا الثاني، فلتتزين إذن ..!!!!


بعد أن وضعت القليل من الكحل، بودرة الخد ذو اللون الخوخي، وملمع الشفتين شفاف رقيق، قبّلت وجهها العاكس بالمرآة بانتعاش باسم ثم خرجت ..


نزلت وهي تتلفت بعيناها المثقلان بسواد بدوي فاتن، وسرعان ما سمعت أصوات ضحك وصراخ آتية من صالة المنزل الكبيرة ...


عندما وصلت رأت موزة ومن حولها تجمعن حصة، ميرة، لطيفة الصغيرة ابنة شقيقها بطي، وفاطمة ابنة ابن شقيقها سيف ..

كان المكان أقل ما يقال عنه بأنه مسبح من الخيوط والابر المتناثرة، والخرز الملون المنثورة في كل مكان ..


اتسعت عيناها بذهول: ايييييييه شو تسووون .. شحقه جيه المكان خراااااابه ..!!!

صاحت حصة بصوت عالي غاضب وهي تحذر فاطمة الصغيرة: فوفو هدي الابر يا الشيطااااااانة ..

ثم إلتفتت لـ شما مضيفةً برجاء: شميمي فديتج خلي فوفو شوي عندج .. لعوزتنا والله ..


حملت شما فاطمة الصغيرة ثم نفضت من يديها بعض الخرز الملون التي كادت تأكلها ..

ثم اخذت تحدق بهم بتعجب ....
اولاً بـ حصة ذات الوجه العابس بتركيز تام وهي تعطي موزة عملها لتعطيها رأيها ... ثم بـ ميرة برأسها الغارق بين الخيوط محاولةً اتمام أخر قطعة في يدها وتتذمر بشكل مضحك .... ومن ثم بـ لطيفة التي تقلد ما تفعلن بنات عمها بـ طفولية بريئة ..

وفجأة .. ضحكت بصوت عالي حتى كادت تدمع ..


ارتفعت انظار الفتيات إليها باستغراب/ذهول وكأنهن للتو قد افقن من سباتهن الفكري والعقلي ..


قالت ميرة بنظرة بلهاء: بلاج عموه بسم الله عليج ..

ما زالت شما تضحك بقوة متمتمةً من بين ضحكاتها: شكلكن ههههههههههههههه شكلكن يضضضحكككك ههههههههههههههه

وضعت حصة يدها على خاصرتها وقالت بتهكم: ليش شيختيه .. اول مرة تشوفين طالبات علم يتعلمن جدامج ..!!!

ابتسمت موزة وهي تستمع لضحكات شما الرنانة والتي قالت فيما بعد بثغرها الضاحك: آآخ وافواديييه .. يعلكن العافية ياربي ... اسميييكن انتن سواااالف هههههههههههههههههههه ..

هتفت ميرة وهي ترقص حاجبيها وكأنها تريد اغاضة عمتها شما: طاعي طاعي اشكر فنج يالمير ..

ثم إلتفتت لموزة وهي تقول بحماس مُبتهج: موزاااااااانه شوفي مالي محلااااااااااه ...


امسكت موزة بالقبعة التي صنعتها ميرة بابتهاج صرف وأخذت تأشر بنعومة:
رووووعة .... تعلمتي بسرعة ما شاء الله عليج

فهمت ميرة اشارات موزة البسيطة ثم رفعت أنفها بزهو باسم: هيييييه اميييه .. شو تتحرينيه عيل ..
دنا ميرة والاقر على الله ..

جلست شما بقرب موزة وهي تقول بفم مزموم مُتهكم: يا الخاينات انا بعد ابا اتعلم الكروشيه ..

أشرت موزة بحماس: صدق تبين ..!!!

هزت شما رأسها بـ نعم: هيه والله من متى في خاطريه اتعلمه ..


وضعت موزة خيوط الكروشيه والابرة امام شما وهتفت لها باشارات متتالية بسيطة: يلا يودي .. وسوي شرات ما اسوي جدامج .. زين ..!!!
شما بابتسامة واسعة: زين



.
.
.
.
.
.
.



في ذات المنزل
في إحدى غرفه الكثيرة



قطبت حاجبيها هاتفةً باستنكار خافت: اشوووه ..!! جيه ما تبا الرياييل يقربون ..!!

جلس أبا سعيد أمام زوجته الغاضبة، لا يلومها على غضبها واستعالجها في تزويج ابنتها ..

فالناس كما تقول هي .. قد بدأوا يتحدثون ويثرثرون بشأن تأخر زواج ابنتهم ... وهو كثيراً ما كان ينصحها بعدم الاستماع لما يقولونه ..
لأن هذه حياتها .. وهي من يجب عليها بنائها كما تبتغي وليس كما يبتغي الناس ..!!!!
وحديث الناس ما هي الا دوامة ضخمة لا تجلب الا الانزعاج/تعكير صفو البال ..

الا انه يتفهم في الحقيقة انها أم .. وام تريد رؤية هالة حُسن العروس على وجه وحيدتها .. تريد رؤيتها زوجةً وأم فانية كباقي نساء عائلتهم .. تريد رؤيتها وهي تحمل طفلها البكر ....
تربيه .... وتعلمه .... وتطعمه ..

لا يلوم زوجته على مشاعر فطرية تقبع بداخلها وتنمو بكل أمل سامي .. لا يلومها البتة ....!!!!



أجاب بعد ان تنهد تنهيدة عميقة: هيه لطيفة .. البنية هب للعرس الحينه ..

هتفت أم سعيد بكل يأس/حرقة قلب/خيبة: جييييه .. البنية وافقت وعاشه بنفسها يتني وخبرتني
(جيه = ليش)

أبا سعيد بنبرة صارمة لا تقبل النقاش بعدها: قلتلج يا حرمة خلاص، خبري العرب ان ما عندنا بنيات للعرس ..

ضربت أم سعيد رجلها بكل غضب/استياء وهي تتمتم بضيق يأكل وجدانها: لا حول ولا قوة الا بالله، ما غير انته وبنتك اللي بتجتلوني من الغيظ ..

رمت كلماتها وخرجت بسرعة من الغرفة ولسان حالها يتذمر بضيق وهم ..



زفر أبوسعيد بحدة متأملاً أن الذي فعله من مصلحة كل الأطراف ..
فهو لا يستطيع التقدم بأي خطوة بعد الذي تفوه به ابنه بطي ..!!


أحقاً يا سلطان تريد ابنتي بعد كل الذي حدث ..!!!!



.
.
.
.
.
.
.



أبــــوظبـــــــي



كانتا في طريقهما للمستشفى لرؤية والدهما ولمعرفة ما سيقوله الاستشاري القطري عن حالته ...

لم تكن تشعر روضة بأنها في مزاج حسن، خاصة وهي مدركةٌ تماماً أن غداً ستستأنف عملها مع ناعمة كمعلمتين ..


هتفت بنظرة ضجرة مستاءة: شيخوه خلي محرم يوقف عند كوستا دام انه جريب منا، ابا كوفي لاتيه يعدل مودي المضروب

شيخة بهمس خافت: ان شاء الله ..
واردفت بحزم: محرم اخطف على كوستا أول عقب المستشفى ..


وصلتا للمقهى الذي لم يتجمع أمامه الا عدد قليل جداً من السيارات .. وهذا ما تحبه روضة بهذا المقهى في هذه المنطقة بالذات لعدم تواجد تجمعات الرجال فيه عكس المقاهي الأخرى التي تقبع في وسط العاصمة ..


عندما ترجلتا من السيارة، أشرت شيخة بشكل مفاجئ على إحدى السيارات الفارهة لتهتف بنبرة متسلية: رواضي طاعي، حبيب قلبج فراري ههههههههههههه

تلألأت عينا روضة ومزاجها السيء على ما يبدو بدأ بالتحسن: وااااااو حي الشيوخ حيهممممم

ضحكت شيخة على تعليق روضة ثم فتحت باب المقهى لتدلف اولاً ثم اختها ..


كان المقهى وكما ظنت روضة منذ البداية خالٍ الا من فتاتين اجنبيتين وبعض الاطفال مع خادمتهم يأكلون الحلوى والبوظة، وشخص آخر يجلس بعيداً عنهم في زاوية لا تُظهر الا ظهره العريض الطويل ..


التفتت روضة للبائع وقالت بنبرة حازمة ناعمة: اسكيوزمي، ون كوفي لاتيه آند وننننن ..
(لو سمحت واحد كوفي لاتيه وواحد ...)

ثم سألت شيخة: شيخوه شو تبين ما قلتيلي ..!!!

شيخة بتفكير: امممممم اباااااا اممممممم .. خلاص طلبيلي شراتج ..

تابعت روضة وهي تلتفت للبائع مرة أخرى: تو كوفي لاتيه بليز ..
(اثنان من الكوفي لاتيه من فضلك)

ابتسم البائع وهز رأسه بمهنية تامة ثم دعاهن للجلوس حتى الانتهاء من الطلبية ..

أخذتا تبحثان عن طاولة مناسبة للجلوس عليها قبل ان تهتف روضة وهي تأشر برأسها: هكي طاولة تعالي نيلس

جلستا على المقاعد وبدأتا تتحدثان قليلاً ليقتلا الوقت حتى وصول قهوتهما ..

اقتربت روضة برأسها لتهتف بخفوت: رواضي وين غشوتج .. غريبة ما يبتيها ..!!

روضة بذات النبرة الخافتة وهي تنزل طرف غطاء رأسها عن وجهها: نسيتها البارحة في موتر قوم فطوم
*فاطمة هي شقيقتهن الكبرى أم محمد*


في هذه اللحظة، شعرت روضة بخفقات تقرع كالطبول ما إن أحست بقامة شخص آتٍ نحوهم ..

لم تكن لترفع رأسها لترى من الشخص، ولكنها شعرت بمشاعر رهيبة غامضة اجتاحتها على حين غرة ... مشاعر انبأتها باقتراب أحدهم من منطقة خطرة في أعمق قاع في قلبها ..


تنهدت تنهيدة ارتياح لا تعرف مصدرها عندما مر الرجل .. لم تنتبه بمن حولها إلا عند سماعها صوت شيخة المتفجر بالحالمية الطفولية: يا وووويل حاليه وووويلاااااااه .... يخرب بيته محلاااااااااااه ....

قطبت روضة حاجبيها بحنق قبل ان تضرب يدها: اشششش صخي فضحتينا، لو حد سمعج شو بيقول عنج يا الطفسة ..!!!

تأوهت شيخة بضحكة خافتة: الله جميل يحب الجمال يا ختيه ..
بس قسم بالله طافج .. أول مرة اشوف واحد اقرع بهالحلااااااااه .. ما شاء الله عليه الله يحفظه لأمه ههههههههههههههههه


انتفض قلبها وكادت عيناها تذرفان الدمع من فرط شوقها ....
أيكون هو ..!!!
أيكون هو يا روضة وأنتِ لم تلمحيه ..!!!

لا .. ليس هو ..!!
ما الذي سيجلبه الى هنا ..!!!

ليس وكأنك تملكين الحظ الوافر يا صاحبة الحظوظ النائمة ..!!!


هتفت وهي تجهل ان صوتها اصبح يرن يأساً/حزناً: هاذوه الريال يزقرنا .. خل نشل طلبيتنا ونروح ..

هتفت شيخة بخفوت وهي ترى وجه روضة الذي امتقع فجأة بعد انسدل الغطاء عن وجهها من غير احساس منها:
بلاج رواضي بسم الله

تنهدت روضة بعمق لتهتف بعدها وهي تقف: ماشي شيخوه يلا نشي ..


لم تكد تستدير لتعدل غطاء وجهها حتى رأت أمامها من لم تتوقع أبداً رؤيته حتى في أحلامها ..


تسمرت بـ مكانها والذهول قد أخذ من لون وجهها الزاهي مأخذه بشراسة ..


هــــو .. هـــــو يا إلهــــي ....



لمحت، بعد أن مشطت بناظريها قامته وهيئته التي حاربت سهادها ليالي طويلة، طيف ابتسامته الرجولية التي تفعل فعلها القاتل على دقات قلبها الصغيرة ..

يا إلهي ارحمني .. ارحم قلبي الضعيف ..
ارحمه يالله ..


جفلت عندما أحست بيد شقيقتها وهي تسحبها بحزم وتسير بها لحيث مكان الدفع، قالت شيخة باستنكار رقيق:
بلاج يالهبلة تيبستي جدام الريال جيه ..!!!

لم تكن روضة تسمعها، بل لم تكن تسمع شيئاً مطلقاً عدا دقات قلبها العنيفة والتي تنبض في كل ارجاء جسدها الغض ..


مسكت بشكل لا إرادي بذراع شيخة وهي تطلب منها بنظراتها المستجدية ان تساعدها على الوقوف بعد ان احست بخلل كبير يجري على طول اتزان قامتها وساقيها ..


يالله .. ما الذي يحل بها ..!!
لا تستطيع حتى الوقوف ...!!!!


امسكت بها شيخة والدهشة والاستغراب قد اعتلا ناظريها بقوة، دفعت الاخيرة ثمن الطلبية ثم امسكت بشقيقتها وخرجن لحيث توجد سيارتهن ..


بعد أن جلستا في الداخل .. امسكت شيخة علبة ماء صغيرة كانت امامها ورشت القليل منه على وجه روضة الذي بهت لونه بشكل مُريب .....

ثم هتفت بقلق حقيقي: بسم الله عليج الرحمن الرحيم .. روضوه حبيبتي شياج بسم الله .. منو هالريال ..!!
ليش جيه تيبستي يوم شفتيه ..!!!

بدأت روضة تدريجياً بالتقاط انفاسها الهاربة، وأخذت تمسح بكفوفها المرتعشة وجهها وهي تتمتم بخفوت بكلمة
"يا رب" ....



بعد لحظات لم تدم طويلاً، قالت بنبرة مرتجفة .. مرتجفة حد الصميم: محرم تحرك يلا ....


حرك السائق السيارة بسرعة بطيئة لضيق المكان أمام المقهى، لا تعرف حينها ما الذي جعلها تستدير بقلبها المشتاق الملتاع ...

هي فقط تتأمل رؤيته لمرة أخرى .. مرة أخيرة فقط ..!!!
ورأتـــــــــه ..!!!!!


لمحته واقفاً وقفةً كسولة وانما واثقة فخورة امام سيارته "الفيراري" .... وعلى ثغره ابتسامة براقة/لعوبة ....


كان يراها ..
اجــــل يراهـــــا ..!!!

تقسم انها رأت مقلتاه وهما تبرقان بلمعان غريب .. لمعان يعدها بأشياء وأشياء ...!!!



.
.



أما هو، لم يكن يتوقع أبداً أن الفتاة التي مارست اشد انواع التعذيب بعينيها عليه في الايام المنصرمة، قد تصل إليه هكذا على طبق من ذهب ..

الحمدلله انه نسيَ هاتفه المحمول في المقهى ليعود ويراها أمامه متجسدة كالملاك برقته وهالته الساحرة ..


ابتسم ابتسامة كبيرة عندما تذكر ردة فعلها المصدومة ما إن رأته ..


آآآآآآآآآآه يا أنتِ ..
أعدك أن لنا لقاء آخر يا جميلتي .. أعدك ..

هذا ما تفوه به قلبه عندما لمح نظرة عيناها المترددة/الخجولة/اليائسة من خلف نافذة السيارة ..
ابتسم مودعاً اياها بهذا الوعد النابض بـ لهفة الروح ..



.
.
.
.
.
.
.



العيــــــــن



خرج زوجها من الغرفة غير مدرك بالعاصفة المدمرة الذي أحدثها في روحها المثقلة بالحقد والضغينة ..

قبضت على يديها بقوة شاعرةً بحلقها الجاف قد تضخم وأصبح بحبة فاكهة تقف على مجرى تنفسها الثقيل ..


لا ترى شيئاً أمامها غير ضباب فاحم من القهر، الغضب، والهيجان الشديد ..



كيــــــــف ..!!
كيــــف يخطبهــــا بعد الـــذي حـــــدث ..!!

كيـــــــف ..!!


لا .. لا هذا كذب .. مجرد كذب ..
إنك تكذب يا أحمد تكذب ..


تحولت عيناها لشيء انبثق من دوامة روحٍ هائجة مجنونة ...!!

لا تصدق الذي سمعته ..
لا تريد أن تتخيل مجرد تخيل أن سلطان سيأخذ شما بعد أن تزوجت هي ..!!!!


لا .. لن تأخذها أيها المتكبر ...... لن تأخذها ..

سيحدث هذا على جثتي ..!!

أنــــت لـــــــي .. وستظل لـــــــي ..!!
شئت أم أبيت ..!!
أنــــــت لـــــــــي ..!!

لن تنعم أخرى بحضن لم أنعم به أنا ..!!


لن يحدث هذا أبداً ...
ابــــــــــداً ..!!



خانتها صور ذاكرتها لتتخبط ببعضها وتدور مع سنون طويلة مضت .. سنون مضت على وهم غرقت في بحره وسبحت مع أمواجه الخادعة ....



كانت فتاة جميلة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، بعيناها الصغيرتان الحادتان اللتان تبرقان على الدوام ببريق الشقاوة الخبيثة ..

عمرها الثلاثة عشرة حينها لم يكن ليجعلها كباقي الفتيات من بنات سنها يحملن اللعب والعرائس ببراءة وبياض قلبً صافي ..

لا .. كانت مختلفة كثيراً .. واختلافها هذا ما نما وكبر بشكل منحرف منذ أن خرجت على الدنيا ورأت كيف أن والدها يدللها كل الدلال المنبعث في الكون ...
كان يجلب لها الشيء قبل أن تفكر به .. وهي كلما حنقت وتمردت، كان يرضيها بأن يفعل لها ما تتمناه كل فتاة صغيرة حالمة ..

كانت بحق مترفة بالدلال ..

ولم تكن لتدع والدها يذيق غيرها هذه الرفاهية .. حتى مع شقيقتها الصغرى حنان وشقيقها حميد ..!!!
عاشت هكذا إلى أن جاء ذلك اليوم الذي تعلق بها قلبها بـ "ذلك" ..

كانت إحدى ليالي الشتاء الباردة، ليلة صقيعية تجمد الأطراف وتلون الشفاه بالشحوب والازرقاق بسبب برودتها ..


دخل باحة البيت بكل ما فيه من شباب نابض ورجولة بدأت بالنضوج بعمره العشرين، ثم وقف أمام باب المنزل ليهتف بنبرة خشنة حازمة:
هووود هوووود


لم يسمع رد يأذنه بالدخول، ظل واقفاً ينتظر من يأتيه، ولكن دون جدوى ..

قام بطرق باب المنزل بقوة وهو يعيد هتافه بنبرة أٌقوى: هووود يا هل البييييت


هي في تلك الأثناء كانت تلعب بالخارج مع بنات الجيران، أتت راكضة غير مدركة بأن أبن عمها أمام باب المنزل ..

عندما اقتربت .. استوعبت وجود رجل أمامها بقامته الطويلة الشاهقة، علت نظرة عيناها ذلك الشعاع المتعالي المتكبر لتهتف بنبرة خلت من التهذيب تماماً مع "معرفتها التامة بشخصيته": حوووه انت، منو تباااا ..!!!

التفت سلطان بحاجب واحد مرفوع مُستنكراً الصوت الذي يهينه بأسلوب حديثه، ولمح تلك الفتاة الصغيرة بنظرتها البراقة المتعالية، لم يفعل شيئاً وانما فقط ابتسم ابتسامة صغيرة ساخرة لأبعد حد .. فـ هو يعرف عوشة ويعرف انعدام التهذيب في حديثها ..

ثم قال وهو يستدير باحثاً في الرواق بعينيه متجاهلاً تماماً الفتاة بشكل وقح: يا بنت سيري ازقري ابوج، قوليله عميه ظاعن يباك في ميلسه ..
احتقن وجه الفتاة بغضب شديد وهي ترى بأم أعينها التجاهل الذي لم تتخيل صورته أبداً، قالت بنبرة طفولية حادة: انته حوووه لا تيلس تتأمر عليه، هب بشكارة ابوك انا

التفت إليها واتساع عيناه انبأها بغيظه من الذي تفوهت به ..
ارتعدت أوصالها بشدة لكنها لم تتراجع بل أضافت بذات نظرة التكبر الحادة "المهتزة بالحقيقة": لا اطالعنيه جيه هب خايفة منك انا ..

اقترب سلطان من عوشة وهو يكز على اسنانه بغيظ مكتوم: بتسيرين تزقرين أبوج ولا شووو ..!!


انخرس لسانها وهي ترى بهذا القرب كم أن هذا الرجل ما هو الا تجسيد حقيقي لمعنى الوسامة الرجولية الخشنة ....

فـ هي منذ سنين لم ترى سلطان، لأنه عندما بدأ دراسته الثانوية، انعزل عن الجميع ووضع كل وقته وجهده في دراسته، ثم بعد ذلك ذهب لمدينة العين ليدرس في جامعة الامارات وفي تلك السنوات زاد انشغاله كلياً ...

ولكن، ولغرابة حظها، فقد رأته اليوم بالصدفة ..!!!


ظلت متسمرة بمكانها وعيناها تمشطان تقاطيع وجهه بعقل مسلوب ..
وبفعل السحر التام .. أصابها حالة من الارتجاف نتجت عن مشاعر بدأت تدب في روحها بشكل مبهم غريب .. مشاعر لم تعهدها من قبل .. كيف تعهدها وهي صغيرة على هذه الأمور ..!!

تملكها حينها ذلك الشعور بالتملك المرَضي اتجاه هذا الشخص .. تملك لم تُشفى منه أبداً ..!!!!

وصل لمسامع الاثنان صوت أم سلطان وهي تهتف بمكر باسم: شعنه يا سلطان تزاعج على حرمتك ..!!

التفتت عوشة بحدة لزوجة عمها والذهول المُدمج مع خفقات قلبها الصغيرة قد اعتلى ناظريها بوضوح ..


سمعت سلطان وهو يقول بازدراء قاسي غير مبالي: هاي حرمتيه ..!! تبطي والله ما خذتها أم لسان ..

زمت عوشة فمها بغضب ازال كل الذهول والخجل من وجهها: اللي يقول عاده انا اللي بحب القاع عسب اخذك ..

ضحكت أم سلطان بنعومة وهي تسحب عوشة لداخل المنزل وتهتف بدفء لأبنها: ابويه سلطان .. انا بروح مع خالتك أم حميد عند عمتك غبيشة ..

استدار سلطان ليذهب بينما بدأ البرود الجامد باسترداد مكانه العتيد في نظرته المعتمة: انزين .. امايه ما عليج اماره فديتج وصي حد يزقر عميه زايد ويخبره أن ابويه يباه ..

هزت أم سلطان رأسها بـ نعم وقالت: ان شاء الله .. سلطان تعشى فديتك لا اتم بـ يوعك ..

ثم استدارت أمه بعد أن سمعت رده المقتضب ساحبةً خلفها عوشة التي تتلوى من فرط غيظها .. ومن فرط ألم كبريائها الذي انخدش وهي تطعم مذاق التجاهل والرفض من ذلك السلطان ..!!


ولكن .... وبعد هذا الموقف .. أصبح هو هاجسها وضيف منامها ..
هو لا غير ..!!!!



.
.



استفاقت من تلك الذكرى بقلب ينبض وجعاً .. وجعاً يجعل من مشاعرها تمرض .. وتمرض .. وتمرض ..!!

وبتدريجية تامة، التمعت شرارات ملتهبة مجنونة في كل جسدها وهي تتحرك بعشوائية حول الغرفة وتفكر كيف تهدم هذه الخطبة التي لم تتم بعد ..

كيف تهدمها كما هدمتها في السابق ..!!!!

ابتسمت ابتسامة شيطانية ناضحة بالجنون المخيف .. ثم همست بفحيح أفعى خافت: فكري العوش فكري .. ما يغلبج شي انتي ..



.
.
.
.
.
.
.



دبــــــي



طرقت بنعومة باب غرفته لتسمع بعدها صوته الحازم يأذنها بالدخول ..
دخلت وهي تشعر بكافة انواع الخجل والحياء الفطري، ولكن لن تدع هذا الحياء يمنعها من التأكد مما سمعته من والدتها قبل قليل ..

فـ هي قد أصابها الذهول التام عندما علمت أن أخيها طلب أن يتقدم ليخطب حصة شقيقة صديقتها المقربة ..


كيـــف ..!!
هي لا تتخيل فلاح شقيقها يتزوج بـ حصة ..!!

كلاهما يحمل تركيبات جينية معقدة تخولهما لفتح أبواب عشرات المعارك بينهما في المستقبل ..!!

فلاح مختلف .. مختلف جداً .. ليس كباقي أشقائها ..!!
مختلف كما اختلاف شخصية حصة القوية المُسيطرة ..!!
واختلاف فلاح لا يلائم في الحقيقة قوة حصة وصرامة طبعها ..!!

السؤال هنا هو ..!! .... لمَ اختار حصة بالذات ..!!


وقفت أمام شقيقها وهي تبتسم ابتسامة مترددة .. ثم سمعته وهو يقول لها بحزم تخلله كما لاحظت ذبذبات غضب مكتوم: هلا مهاري شو تبين ..!!!

تلعثمت مهرة وهي تقول بخفوت: اممممممم فلاح انت صدق ناوي تخطب بنت عبدالله الـ ...


لم يرفع رأسه ولا عينه عن جهازه المحمول، بل قال بنبرة هادئة كهدوء سطح مياه راكد: هيه نعم ناوي اخطبها، فيها شي ...!!!

أجابت مهرة بارتباك، فهي حقاً ترتبك عندما تتحدث مع فلاح عن مواضيع حساسة كهذه: ا ا ا ا بس فلاح حصة ما توالمك ..



هنا .. رفع رأسه بحدة وقال بنظرة قاسية ملتهبة: شو تقولين ..!!!! شو بعد هاي ما توالمني ...!!!!


تراجعت بجزع ما إن رأت انفعاله الغاضب، لكنها يجب أن تعلمه بالذي تشعر به من هذا الموضوع برمته: فلاح فديتك لا تفهمني غلط .. أقصد اممممممممم أقصد شخصياتكم انتو الاثنينه ما توالم بعض .. انت غير وهي غير ..

ابتسم حينها فلاح ابتسامة ساخرة لم تتجاوز حدود عيناه ليهتف بعدها بصرامة: ما عندنا نحن سوالف شخصية ما شخصية، البنية دخلت خاطريه واباها .. ما عنديه رمسة زايده اقولها ..

زمت مهرة فمها باستياء ثم هتفت بخفوت: على راحتك فلاح، انا بغيت اوضحلك رايي قبل لا تسوي اي شي ..

ثم استدارت لتخرج ما إن رأته ينزل رأسه ليكمل عمله على جهازه المحمول ..


مشت على طول الممر الطويل الذي يتوسط جميع غرف النوم العلوية .. كانت شاردة الفكر عندما رأت حمد شقيقها آتٍ من الطابق السفلي حاملاً معه أكياس من الشطائر والبيتزا وعلى وجهه ترتسم أمارات الجوع الشديد ..

هتف حمد ببسمة اخوية جذابة: ها الحب تاكلين معايه ..!!

مهرة بدهشة: وابوويه .. ها غدا ولا عشا الحينه ..!!!
حمد: ههههههههههههههههههههههه الاثنينه ..
مهرة بذات دهشتها: من متى هب ماااكل ..!!!!
حمد بنظرة مرحة لا تناسب وجهه الأصفر الذي بهت من الجوع: من البارحة
هتفت مهرة بانفعال: مينون انته ..!! ليييييش ..!!

تثائب حمد بإرهاق تام ليهتف بعدها بصوت خشن: كنت سهران إلين الفير على اوراق مهمة تخص الدوام، عقب صليت ورقدت وما نشيت الا على صلاة الظهر .. ويوم صليت وقدني بنزل اكل شي اتصلبيه واحد من الربع طايح في مشكله ويباني افازعه، عاده توني خلصت من عنده وييت ..

حملت مهرة الاكياس عنه ونظرة عيناها تذبل بحنية بالغة .. وقالت: فديييتك حمد تعال تعال بمدلك السماط عسب تاكل ..
ضحك حمد مستمتعاً بتدليل شقيقته الصغرى له قبل ان ينزل معها للأسفل ..
رتبت مهرة مائدة الطعام لشقيقها وبدأ يأكل بشراهة بينما جلست امامه لتتحدث معه وتدردش قليلاً ..

حمد وهو يبلع لقمته: امايه وين ..!!

مهرة: اماية سارت عند قوم علي بن أحمد بنتهم مربي حليلها
(مربي = ولدت)

حمد: ما شاء الله .. زين زين

أخذت مهرة تفكر بتردد ما اذ عليها ان تصرح له بما يجول في خاطرها ام تصمت ...
لا تعرف حقاً ما هو الصواب ..!!

لكن لمَ هي متشائمة بهذا الشكل ...!!!!
ربما هي فقط تضخم الأمور وتعطيها اكبر من حجمها ....

فليتزوج فلاح حصة .... ما دخلها هي ....!!!

حكت رأسها بخفة وهي تزم فمها بتهكم .. وفكرت مرة أخرى ..

حصة لا تناسبه .. لا تناسب رجلاً كـ فلاح ابداً ..!!
تعجز عن تصور الاثنان واقفان قبالة بعضهما بتناغم ومودة ..!!
بل هي لا ترى الا خيالات من معارك ولكمات تتقاذف من كلا الطرفين ..!!

يا إلهي ..
كفاكِ خيالات بلهاء يا مهرة .. كفاكِ ..


وبنبرة مترددة هتفت: حمد .. عرفت ان فلاح ناوي يخطب بنت عبدالله بن خويدم ..!!!

وبشكل مفاجئ، شرق حمد وهو يشرب العصير وأخذ يسعل بقوة وبصوت عالٍ حاد وكأن روحه تكاد تخرج من عيناه ..

وقفت مهرة بهلع لتقترب من شقيقها وتضربه بقوة على ظهره الصلب، استمر بالسعال القوي حتى احمرت عيناه وغدت كحبات فراولة من فرط احمرارها ..

هتفت مهرة بجزع شديد: حمد بسم الله عليييك شبلااااااك ..

أخذت تضرب ظهره حتى هدأ السعال واستطاع التمكن من أخذ انفاسه الهاربة ..

ارتجفت اوصالها حقاً وهي ترى ملامح وجه شقيقها المختنق .. وقالت بنبرة مرتجفة مُرتعبة: حمد فديتك خبرني انت بخير ..!!!!

هز حمد رأسه بثقل قبل أن يتنحنح بخشونة ويهتف بنبرة مصدومة تخللها بحة مرتجفة: بنت عبدالله بن خويدم ..!!!!

قطبت مهرة حاجبها باستغراب ..
أكان الذي حل بـ حمد هو تفاجئه بالخبر لا أكثر ..!!

أجابت فيما بعد بخفوت متوجس: هيه بنت عميه عبدالله

تنحنح مرة أخرى بخشونة أقوى ليقول بنبرة أخرجها هذه المرة شبه متزنة تتفجر بالترقب الخفي: منو ..!!!!

اجابته بنظرة بريئة متعجبة: شو منو ..!!

قال بنبرة حادة مثقلة بالصبر المنعدم: منو من بنات عبدالله بيخطب يا مهرة ..!!

تلعثمت مهرة لتجيب بارتباك: أ أ أ يبا حصة بنته العوده

زفر حمد بحدة خرجت من بئر سحيق المدى ماسداً كفه الأيمن على شعره الناعم القصير ..


يا إلهي .. كاد قلبه يخرج من بين أضلعه ..
الحمدلله إنها ليست ميرة .. الحمدلله رب العالمين ..


تنحنح للمرة العاشرة بقوة ليهتف بصوت حازم: اهاا زين زين .. الله يجدم اللي فيه الخير

وقبل أن تنطق مهرة بتساؤلاتها المذهولة، وقف وذهب ليغتسل بالحمام ..

في الحقيقة هو هرب .. يعرف أن شقيقته الفضولية لن تتركه حتى يفسر لها انفعاله المفاجئ من حديثها ..



.
.
.
.
.
.
.



على طريق العين – أبوظبي



أمسك بهاتفه ومشاعر التردد/الندم/الإحراج بدأت تدب في روحه بشكل جعله يعجز عن التفكير ...


ما الذي حلّ به ليقول ما قاله بحق الله ..!!
أجنّ وأختل توازن تفكيره ..!!
يكــــــذب ..!!
يكذب على والده وأشقائه ويقول أن سلطان قد خطب شما مرة أخرى منه ..!!!!


ضرب جبهته وهو يتخيل منظره المخزي عندما يعلم الجميع بأمر كذبته ..!!


يالك من معتوه يا بطي .. حقاً أنت معتوه ..!!
ولكن .. حسناً ..
لمَ لا يكمل ما بدأه ..!!

لا لا .. ماذا سيكون موقفه عندما يعلم سلطان بما فعله ..!!
لا لا .. لن تفعل شيئاً يا أنت .. بل ستتصل بأبيك الآن وتخبره بالحقيقة ..

يا إلهي لا يستطيع ..
لن يحتمل نظرته واشقائه بعدها ..!!

أنت مجنون يا رجل .. كل الذي حدث بسبب رغبة سخيفة نمت بداخلك منذ سنين ..

أففففففف ..

حسناً فلتفكر بعقلانية الآن ولا تستعجل .. فقط خذ الامور بروية يا بطي ..!!


بدأ يفكر .. ويفكر .. حتى توكل على الله وبدأ بفعل ما يشعر بأنه لمصلحة الموقف، وقبل كل شيء، لمصلحة المعتوهان الأثنان بنظره أيضاً ..
سلطان وشما ..


أخذ هاتفه وطلب رقم يعرفه تمام المعرفة، وبعد ثواني لم تتجاوز الثلاث، رد الآخر بحزم ودود: هلا والله بالعضيد ..

هتف بطي بعد أن زفر زفرة خفيفة مضطربة: هلا سلطان اشحالك ..؟!!



.
.
.
.
.
.
.



أبوظبـــــــي



كانت تجلس مع شقيقتها الوسطى في غرفة والدهن .. وابتسمت بسعادة وهي تحدق بوجهها ..


جميل هو ذلك الشعور عندما يرجع عزيز لك من السفر .. تشعر بأن هناك نبضات أمان قد رجعت لقلبك بعد غياب فترة من الزمن .. تشعر بأن الشخص هذا قد سافر وحمل معه حقيبةً من نبضات قلبك أنت .. بعض من ذبذبات وجدانك انت ..!!

أخذت تتمتم بالحمد والشكر لله على رجوع أختها بالسلامة، فهي حقاً لا تريد أن تتجرع وجع فراق أحد من عائلتها ...

يكفيها ذلك الغائب الحاضر المستلقي على فراشه منذ سنين طويلة ..


تنهدت ووجهها الباسم بتقاطيعه الناعمة القمحية يبعث في المكان هالة أنثوية فريدة من نوعها، ثم همّت بإعادة ترتيب حجابها بإحكام لتستدير بعد أن قالت لأختها إنها ستذهب للحمام قليلاً ريثما يأتي الطبيب ومعه الاستشاري ..

أغلقت الباب بعد أن خرجت، ولكنها تسمرت بمكانها عندما رأت آخر رجل تريد أن تلتقي به ..!!!!!


ارتسم على عيناها ذلك اللمعان الخليط من خوف/ارتباك/نفور وهتفت بنبرة مرتجفة من أثر كبح الانفعال: هلا عميه مبارك ..

وقف الرجل وملامح وجهه الحديدية بنظراته الخبيثة التي لا تريحها عادةً قد أنبأتها أن مجيئه الى هنا ليس لغرض بريء ولا حسن ..!!

هتف بخشونة ساخرة: ها سمعنا اختج المصون ردت من هياتتها ..!!

زمت فمها باستنكار غاضب، فـ هي تكره بشدة تسلطه عليها وعلى شقيقاتها واحتقاره لأخلاقهن التي لا تشوبها شائبة ..

اجابته بغيظ مكتوم: عميه لو سمحت اختيه ما سارت تهيت، سافرت مع مدرستها وردت .. لا سوت المنكر ولا المنقود عسب تقول هياتتها ..

ابتسم ابتسامة ساخرة وهو يحرك مسباحه بشكل يوتر الاجواء "المتوترة أساساً" ثم هتف بغلظة: اقولج سيري سويلي درب بحدر على ابوج ..

تراجعت شيخة لتفتح لعمها الباب وتهتف باقتضاب: حياك عميه ما من غريب ..


دخل عمها ثم دخلت خلفه وهي تبحث بعينيها عن أختها بخوف وقلق .. فـ هي خائفة أن تسمع روضة كلمة قوية أو جارحة من عمها وتنزعج ..
وصلت لحيث كانت تجلس لتقف بجانبها بتحفز متوتر ..

وقفت روضة بتأهب ما إن رأت عمها ورسمت على وجهها كل معالم الصرامة، الثقة والقوة ..
وقررت في قرارة نفسها أن تتماسك في حال تلقت قذائف من الشتائم والازدراء منه..

هي تعرفه وتعرفه اكثر من اي شخص ..
لطالما عرفت طباعه الشيطانية .. لطالما عرفت جشعه وطمعه بأموال والدها، وبالطبع هي تدرك مدى نفاقه وكذبه ليسيطر عليهن ويستغفلهن ..
فقط .. "من أجل المال" ..

هي ليست بغبية ولا شخص يمكن استغفاله ..
فهي رغم طيبة قلبها ورقته التي تقطر ثلجاً نقياً، تصبح شخصاً مختلفاً كلياً عندما تمس ايادي مريبة حدود عائلتها وبيتها، وتظهر تلك اللبوة التي تحمي أطفالها بأعتى أسلحة لديها ...... عائلتها هم أطفالها ....... هم أغلى ما تملك ..
ابتداءاً من والديها جنانها، إلى شقيقتيها الزمردتان ..!!


هتفت بنبرة قوية رنانة ما إن رأت عمها يقف أمامها: مرحبا عميه مبارك قرب قرب ..

تقدمت منه قبل أن تسلم عليه وتتراجع للخلف .. سمعته يقول بنظرة حادة غير مُريحة: هلا هلا بـ عرب اسبانيا، الحمدلله على السلامة شيختنا ..

رسمت على ثغرها ابتسامة باردة مسيطرة لتجيب بنبرة هادئة: المهلي ما يولي .. هلا بك زوود فديتك والله يسلمك من الشر ..

ثم اردفت بعد أن قرّبت منه كرسي: حياك عميه استريح ..

جلس العم مبارك بعد أن رفع حاجباً بسخرية تخللها غيظ واضح ظهر مع حدة صوته: ما علموج المذهب يا بنت خليفة .!!

التفتت روضة لشقيقتها شيخة ذات التعابير القلقة المترقبة، لترجع وتواجه عينا عمها بسيطرة كاملة: علموني اياه من وانا في حشا امايه ..

رفع جانب فمه باستهزاء غاضب: واضح علمووج، اشوفج ترى اتصلتي بعمج وخبرتيه عن سفرتج ..!!

قطبت روضة حاجبيها بذهول مُستنكر: انا ما اتصلت ..!!!
الا حرقت تلفونك حراق وما رديت عليه، اسبوعين وانا احاول اتصلبك وانت مطنشني، في الاخير اتصلت بحرمتك ووصيتها تخبرك ..

تحول سواد عيناها للون مليء بالسخرية التامة وتابعت: بس الظاهر من زود حبها لك ما بغت تحشرك بسوالف بليا معنى .. ما يخفى عليك يا الغالي انا نحن من كبيرنا لصغيرنا مالنا معنى عند حرمتك ..

وضع العم مبارك رجل على رجل بشكل متعجرف ليهتف ببرود غير مكترث لجملة روضة الأخيرة: ها مب عذر يخليج تسافرين بليا شوري ..



تنهدت بضيق عميق داخلها ..

آآآآآآه ..
لو ان لها أباً بـ كامل وعيه وصحته، أو شقيقاً يكون لها ولأمها وشقيقاتها الجدار المانع الحامي، ما كانت الآن واقفةً أمام هذا العم وتتلقَ منه تلك الكلمات التي تشعرها وكأنها وشقيقاتها أحدى ممتلكاته العتيقة الرخيصة ....!!!!

ما كانت لتقف هنا وتبرر له اي أمر يخصها ..!!
وقبلها .. ما كانت لتضطر لفعل أمور هي لا تجوز، كسفرها بلا محرم ..!!

آآآآآه .. استغفرك ربي وأتوب إليك ..



شبكت كفوفها ببعضها البعض بقوة لتُهدأ من انفعالها، ثم هتفت بنبرة مقتضبة: عاده هاللي صار يا بوخالد .. اسمحلنا فديتك ..

التفت العم لشقيقه وأمارات الغموض المُريب تنضح من ناظراه بشكل مبهم، لم يرد على ما هتفت به روضة فهي وشقيقاتها آخر ما يهمه، هو آتٍ لغرض ما، وسيحققه برضىً منهن أو باعتراضهن .. !!!


أخذ يحرك مسباحه بصمت يقشعر له الأبدان، ثم هتف بنبرة هادئة غامضة: روضوه بتخبرج .. مزرعة أبوج اللي في الذيد منو ماسكنها ..!!

التمع ناقوس الخطر في مقلتا عين روضة، ثم اجابت بذات نبرتها المقتضبة "المتوجسة": البيدار ..
(البيدار = من يقوم بالاشراف على المزرعة)

هتف عمها بحدة/عدم صبر: منو انزين .. !!!

أجابت مرة آخرى بنظرة أكثر توجساً: اسماعيل ..

اتسعت عينا العم أبا خالد باستنكار: اسماعيلوه الحرامي رد يشتغل في المزرعة ..!!!

زفرت روضة بخفوت ونفسها بدأت تضيق حد اللامعقول، ها هي الآن مضطرة للمرة الثانية لشرح موضوع سيجعل من عمها في نقطة أقوى .. نقطة تكون ضدهن وضد ارادتهن المستقلة ..!!

اجابت بنبرة هادئة مسيطرة: الريال تاب وما بغينا نقطع رزقه الفقير ..

وقف بغضب كاسح: اشوووه ...!! شو تاب بعد هاي .. اللي يسرق ربيه اليوم باجر بيسرقله ربيتين وثلاث ..
(ربيه = درهم)

هزت كتفيها بهدوء: قلتلك الريال تاب والحينه ما شاء الله قايم في المزرعة قومه .. ولا تخاف غانم ريل فاطمة يجيك على كل شي وراه ..
(يجيك = يراجع/يفحص)

زمجر بحنق ساخر تخلله وقاحة صرفة: غانم ..!!!
والقفعه .. مادري عاده منو ها غانم ..
(والقَفْعَة أصلها تعني قُلة التمر اي الخوص المستدير التي يوضع فيه التمر والرطب، والقفعة دعوة بأن تسقط عليك قُلة ثقيلة من التمر، وفي هذه الجملة دعى عليه بالقفعة مع التحقير والازدراء بـ شخصه)

أردف وهو يأشر بيديه بحدة محتقرة: نشي نشي جدامي خل نسير بيتكم، اباج تعطيني كل الاوراق اللي تخص المزرعة والعمال ..

أمسكت شيخة بكتف روضة بقوة محاولةً تهدئة غضب شقيقتها التي بدأ بالخروج عن سيطرتها الكاملة، ولكن روضة ما كانت لتدع شيخة تقف هنا وتشهد أكثر مهازل عمها التي لا تنتهي ..!!

في الحقيقة، ما كانت لتدع شيخة ترى المزيد من قبح وجه عمها الآخر .. وجهه "الجشع" ..!!

يكفي هي وما رأت منه .. وما ستراه ..!!!!


هتفت روضة بنبرة حادة ولكن مسيطرة لـ شيخة: شيخة اظهري .. خليني مع عميه شويه ..

ردت شيخة بنبرة خائفة مهتزة وقد تجمعت دموع طفيفة في مقلتي عينيها: بسسس .....

قاطعتها روضة بحدة: شيخة لو سمحتي ..

تراجعت شيخة بخيبة تخللها قلق حقيقي على ما سيؤول إليه هذا النقاش بين أختها وعمها .. وما ستؤول إليه قرارات عمها المتسلطة الخبيثة ..!!

نعم، هي أيضاً على علم تام بطمع عمها ولهاثه البغيض الكريه وراء اموالهن ..!! .. هي ليس بعمياء البصر ولا البصيرة ..!!

خرجت وهي تخفض رأسها بيأس تام، تذكرت حينها رغبتها السابقة بالذهاب للحمام ..!!

حسناً فلتذهب، علّها بعد أن ترجع ترى عمها وقد اختفى من الغرفة تماماً ..

تباً لمجيئه الذي يجلب الشؤم دائماً، حتى ان الاستشاري قد تأخر ولم يأتي ليطمئنهن على حالة والدها وآخر تطورات صحته ..!!


دلفت شيخة الى الحمام شاردة الفكر، وبعد دقائق قليلة خرجت وهي تربت على عباءتها بخفة ترتب تجعداتها الخفيفة ..

لم تكد ترفع رأسها حتى جاءها ذاك الصوت الفريد من نوعه، صوت برنة رجولية سحرتها من قبل، وها هي تسحرها الآن بلا حول ولا قوة من قلبها الصغير: السلام عليكم ..

ارتفعت عيناها ببطء تام لتبصر الاقدام الطويلة الى الصدر الصلب القاسي، الى أنف طويل حاد منتهيةً تأملها حيث عينان بنيتان تشتعلان داخل حلقة سوداء مظلمة ...

تلعثمت وهي تتراجع للخلف وتيارات من المشاعر المتوترة المُرتبكة الخجلة قد اصابت طرف لسانها بشراسة: آ آ آ هلا دكتور وعليكم السلام ..


ابتسمت عينا الدكتور ناصر بنشوة روح لا يعرف لمَ تخرج بقوة ما إن يرى هذه الفتاة، ولكنه سيطر على ما فيه من احاسيس وهو يقول بصوته القوي "المهني": عفوا اختي شيخة بس ابي اتأكد لو انتي تقربين لـ خليفة جابر الـ .. المرقد في الغرفة رقم .....

هزت شيخة رأسها بعفوية بعد أن خفق قلبها بقسوة .. بقسوة افقدتها توازنها العقلي للحظات ..!!

أما زال يتذكر أسمها ..!!!!


تسلحت بالدعاء وهي ترجو الله ان يخفف جنون خفقاتها والتي تشك انها لم تصل لمسامع هذا الواقف بكل رجولية بذخة امامها ..!!!!

أففففففف ...

ولكن ..!!!
كيف جاءه ذلك الالهام الذي اخبره انها ربما تكون احدى أقارب والدها ...!!!!!


هتفت شيخة بنبرة مرتبكة خافتة بعد أن خرجت من دوامة انفعالاتها الداخلية: هيه نعم اقربله .. انا بنته ..

زادت ابتسامة عينا ناصر وهو يرى براءة حركات شيخة العفوية ومدة خجلها الذي استعمر وجهها على شكل تدرجات من اللون الأحمر ..

وعيناها .. آه من عيناها .. يكاد يقسم أنه لم يرى من قبل عينان كهاتين تنضحان رقة كرقة نسيم الربيع ..!!
ومقلتان مثقلتان ببراءة كبراءة ثرثرة طفل في حضن أمه ..!!

بحق الله .. ماذا يفعل هذا الكائن الصغير بجدران قلبه الموصدة ..!!


غض بصره بـ عفويه منه قبل ان يتنحنح ليبعد عنه أفكاره "الصبيانية" .. ثم رد يهتف بمهنية أشد:
اهااا .. انزين لو سمحتي ممكن تجون مع الوالدة مكتبي عشان اشرحلكم حالة الوالد بالتفصيل ..!!


هزت شيخة رأسها بسرعة محاولةً بهذا التخلص من قرب الطبيب الجالب لكل انواع الانقباضات المعوية والقلبية: ان شاء الله ..

وسارت مبتعدةً عنه الى أن توارت عن نطاق نظراته المُربكة .... ثم وبشكل تدريجي بدأت تفتح عيناها بصدمة شديدة مستوعبةً أخيراً امر لم يخطر ببالها وهي تتلقى جملة الطبيب الأخيرة ..!!!

أهذا هو الاستشاري القطري الذي يشرف حالياً على حالة أبيها ...!!!!
يالغبائها ..... كيف لم تربط الامور ببعضها حتى الآن ..!!


عضت شيخة على شفتها السفلى بذات صدمتها المشبعة بارتباك حقيقي وانفعالات لا تعرف ماهيتها أبداً ..!!

ثم أكملت سيرها اتجاه غرفة والدها وبالها المسلوب كلياً لم يكن حاضراً ليفكر بأي شيء آخر .. لم يكن يفكر بشيء عدا بـ ذو العيون القابعة خلف جبال من لون حبيبات قهوة ....!!!
عيون تشع بـ نور تشعر بها تنير بشكل ما ..... دهاليز قلبها المعتم .. السجين .. المثقل بالفراغ ..!!!





أما ذلك .. فـ اتسعت ابتسامة عيناه لتشمل ملامح وجهه وثغره ما إن رآها تتخبط بمشيتها خجلاً/ارتباكاً ....
وهتف في قرارة نفسه بجذل يتراقص بين اضلعه وهو يتذكر كيف استطاع بذكاء تخمين صلة قرابة خليفة بـ شيخة ..!!

كيف لا يخمن وهو ما ان رأى صورة خليفة الشخصية في سجله الطبي حتى اكتشف بسرعة مدى تشابه عيناه بعينا تلك المتفردة برونقها ..!!!
عيناها اللتان تشبهان عينا والدها بحاجبيها المقرونين بجسر خفيف من الشعر فوق محاجر تلمعان بتناقض كتمرد الشمس ورضوخ الياسمين ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



العيـــــــــن



أفكار مجنونة تلك التي تموج وتتراقص بأغطية شيطانية داخل بالها القلق على حال زوجها المتغير ..

هي متأكد وواثقة كل الثقة إنها لم تفعل أو تقول شيئاً يجعله بهذه الحالة الغامضة الصامتة كصمت جدران سجن مقيت ..!!

فهي منذ سنين قد تعلمت بعد توجيه قاسي من والدتها كيف تمسك لسانها الذي ينفلت من وقت لآخر .. لسانها الذي كثيراً ما تحرر جماحه ليجرح من غير قصد قلب شخص ما او يُزعجه ....

هي لا تقصد المضايقة .. لكن هذا هو طبعها عند الحديث والثرثرة ... وكما يقول المثل الشعبي: "اللي في قلبه على لسانه" ..

وكثيراً ما واجهت انتقادات بشأن هذا الموضوع .. لذا قررت ان تسيطر على هذا العيب من شخصيتها، ولكن حقاً تأتيها اوقات لا تستطيع السيطرة على نفسها ..

أما تعاملها مع سيف زوجها، فتعاملها يكون خاص تماماً، فبعد أن علموا بمرضه قبل 3 سنين، وبعد أن ادركت أن حالته النفسية يجب أن تكون على أفضل ما يرام ولا يجب المساس بها، قررت وبصرامة في قرارة نفسها ان لا تزعج تفكيره ولا تضيق من نفسيته التي تصبح في تدهور ما ان تصيبه احد نوباته ..
استطاعت بشجاعة وعزيمة ان تقف بجانبه وتشعره بقيمته كـ زوج، وكـ أب، وكـ حامي لها ولأبنائها وأمها جوهرتها الثمينة ..
وقبل كل شيء قيمته الحقيقية كـ أب لها، كأبٍ بديل لذلك الذي حُرمت منه منذ أربعة سنين مضت ..!!

استطاعت أن تجعل من زوجها الرجل الذي لا يمكن لأحد اشعاره بالنقص .. وتؤمن إنها فعلت ما طمحت إليه وانتصرت على مساوئها ..
فلمَ هو الآن يشعرها انها أمام ذنب شنيع اقترفته بلا علم منها ..!!!
لم تفعل شيء يزعجه .... لم تفعل يالله ..!!


وتحت وطأة انفعالها القلق ومشاعر الحب والاحتياج، أخذت تبكي بصمت موجع مثقل بألم يجرح اوردتها بقسوة ..
فهي تكره تعامله الغامض هذا .. تكرهه لأنه يُخرج وجهه الآخر الذي لا تحب، وجه بعيد تماماً عن طبيعته المحبوبة الحانية الوديعة ..


أخذت تشهق بخفوت واصابعها الناعمة تمسح مع رجفة تصاحبهن دموعها المتساقطة ..

تنفست بقوة علّ روحها القلقة المضطربة تهدأ، ثم دخلت للحمام لتغسل وجهها المُحمر من أثر البكاء ..


خرجت من الحمام قبل أن تتسمر بمكانها ما إن لمحت قامته المهيبة أمامها تقف بكل صمت مظلم كظلمة قاع بئر مهجور في وسط الصحراء ..

تنحنحت بقوة وهي تدير وجهها لكي لا تريه وجهها الأحمر الباكي ... ثم همست برقة وهي تدّعي ترتيبها لمفرش السرير: مسا الورد حبيبي ..


مرت لحظات أكدت لـ العنود ان الصمت الباعث للريبة/الربكة لن يبرح لسان زوجها .....

ابتلعت بقوة غصة كانت مركونة وسط حنجرتها محاولةً السيطرة على انفعالاتها المضطربة ..

وبعد ثواني ... خفق قلبها بسرور ما إن سمعت صوته الخشن الصارم وهو يقول باقتضاب: وين العيال ..!!

التفتت إليه العنود بوجه مُشرق كإشراقة وجه طفل تلقى للتو هدية العيد، وأجابت: يلعبون عند عموه شما ..

هز رأسه بذات اقتضابه ثم استدار ليخلع عقاله وغترته ثم ثوبه ..

وقفت بجانبه بتردد وخجل لتسأله باهتمام ناعم: سيف تعشيت ..؟!

أجاب سيف بنبرة خشنة باردة كالصقيع: لا ..

استدارت برشاقة وهي تهتف بحنية بالغة: دقايق بس وبييك العشى يا عمري

الا انها توقفت عندما تلقت اعتراضه الجاف البارد: لا مابا اتعشى .. هب مشتهي ..


قطبت حاجبيها بقلق .. وهمست استنكار خفيف: سيف لازم تتعشى، كيف بتاخذ دواك عيل ..!!!


التفت لزوجته والتمعت في مقلتا عيناه موجات صقيعية الملمس ولكن احشائها النارية خرجت كشرارات من سخرية مرة كالعلقم .. وقال: تخافين ما اخذ دوايه عسب ما اطيح عليج واغدي هم على قلبج زود ما انا هم ..!!

تراجعت بجزع مذهولةً من هجومه المفاجئ الحاد ..

كيف يفكر هذا المجنون بهذه الطريقة .. كيف ..!!


قالت بنبرة مرتجفة/مذهولة/غاضبة: أ أ أ انت شو تقوووول شو تخربط ...!!!
انا حرمتك وام عيالك كيف تظن فيه جيه يا سيف ..!!!


لم ينطق بكلمة بعد جملتها، بل اشاح بوجهه وحمل اوراقاً وملفات تخص عمله وخرج من الغرفة مخلفاً وراءه صدى حفيف تيار حضوره الجليدي والذي وصل حد مرحلة قتل الأعصاب ..!!

وهنا .... لم تتمالك نفسها ولم تتحمل صدمتها من جمود زوجها القاسي وكلماته الأقسى .. كلماته التي اشعرتها بمدى شكه بأخلاقها وتفكيرها ....... وقبل كل شيء بحبها له ..

ارتمت على السرير بقوة ودخلت مرة أخرى بنوبة بكاء مُشبعة بالألم ..



.
.
.
.
.
.
.



على طريق أبوظبي – دبي



كان قد انتهى من اعماله المستعجلة في أبوظبي والتي دامت يوم ونصف اليوم ..
كان يجب أن ينهي تلك الاعمال حتى يتفرغ قليلاً للمأزق الذي هو واقعٌ فيه .. يجب عليه أن يقابل ميسون ويتأكد من صدق حديثها الذي تفوهت به في الهاتف منذ أيام ..


ولكن كيف ..!!


وبعد تفكير عميق، قرر الاتصال بها شاعراً بانزعاج وضيق يجلسان على روحه بثقل كريه، فهو يبغض هذه المخلوقة ويحتقرها بشدة، لا يحبها ولا يحب أن يقترب من أي ذكرى تخصها ..!!

ولكنه مضطر .... ليس من أجله ولا من أجلها، بل من أجل الطفل الذي من الممكن أن يكون ابنه هو ..


زفر وهو يمسد رأسه ... ولمعة عيناه الذئبيتان تتبدلان للمعان غريب يخفي خلفه الكثير من الانفعالات الغامضة التي ليس لها تفسير ..

اعاد الاتصال بالرقم الذي اتصلت منه تلك الميسون بوجه جامد الملامح، ثم هتف بغلظة مقتضبة ما إن رفعت الأخرى السماعة وتساءلت عن المتصل: وينج ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



أبـــوظبـــــــي
في إحدى مطاعمها الفخمة الراقية



جلس بسطوة مَهيبة بعد أن حّرك له النادل بأدب ورقي تام الكرسي له ..

وضع هاتفاه الاثنان الشخصي والذي يخص عمله ومفتاح سيارته على الطاولة قبل أن يعيد ترتيب غترته ذات اللون الأبيض الناصع على رأسه ..

أخذ يدق بأصابعه الطويلة على سطح الطاولة وتفكيره في الحقيقة ليس بقربه ابداً ..!!

بل بقرب ذلك القابع بلا حول ولا قوة خلف قضبان حديدية في بلاد غريبة بعيدة .. شد على قبضة يديه وقلقه المتزايد قد حرمه لذة النوم والزاد ..

كيف ينام ويشبع بحق الله وحارب في مكان كريه كـ ذلك المكان ..!!!!

في سجن لاسانتيه الذي يعد من أخطر سجون العالم ... سجن يقبع بداخله أشرس المجرمين واعتى السفاحين الذين لم يتمكن أحدهم للآن من الهرب منه لمنعة حصونه وصعوبة تصميمه الداخلي الذي من المستحيل ايجاد منفذ خارجي من خلاله ..!!


زفر بعدم ارتياح كلياً وهو يفكر بطريقة لتخليص حارب من أسره ..
تعمق بالتفكير الى ان أغرقه وعزله عن العالم الخارجي تماماً حتى انه نسيَ لمَ هو في هذا المطعم الآن ..!!


خرج من محيط فكره اللانهائي وهو يرفع عيناه ليرى الشخص الذي يهتف بإسمه ..

وقف وملامح وجهه الصارمة بدأت تلين وترتخي بـ دفء ما ان لمحت عيناه صديقه المقرب ..

هتف بترحيب رجولي باسم: حي الله بـ بوخويدم، حي الله بـ شيوخ العين كلهم ..

ابتسم بطي بخفة تخللها توتر حاول قدر المستطاع اخفائه بسيطرة صوته الرنان وهو يجيب على ترحيب صديقه بترحيب أقوى بينما هو يقترب منه ليسلم عليه ....
ثم جلس بمقابله وهو يدعو الله ان لا يلاحظ الأخير معالم التوتر فيه ..

وبالرغم من رؤية سلطان لملامح وجه بطي المتغيرة، إلا انه هتف بنبرة حازمة دافئة: واشحاالهم ..!! ربهم الا يخير ..!!

بطي بهدوء مبطن بشرارات تردد: بخير يعلك الخير والعافيه .. ومن جداك خوينا ..!!


وضع سلطان كلتا ذراعيه على الطاولة مستنداً إليها وهو يقترب قليلاً بوجهه الذي كان شاحباً: والله الحمدلله رب العالمين ما نشكي باس ..

قطب بطي حاجباه بتساؤل قلق: شـ منه جيه ويهك سلطان ..!! جنك الا هب راقد من دهر ..
(شـ منه = من ماذا)

ضحك سلطان بخفة وهو يهز رأسه مؤكداً حديث صديقه: صارلي يومين هب راقد هههههههههه

بطي بذهول: افاااااا شعنه ..!!

حك سلطان عيناه ببسمة مرهقة وهتف: والله شو اقولك، مشاكل الشغل ما تخلص ..


لم يستطع ان يقول لصديقه عن حارب ولا عن المشاكل التي هو في خضمها الآن، فعمله يحتم عليه السرية التامة .. فإذا كان قد اخبر أم العنود بموضوع حارب فذلك لأنها خير من يستطيع معاونته بخفاء ومن غير ان يعلم أحد ..


هتف بطي بحنق لعدم مبالاة سلطان بصحته وراحته: الله يصلحك يا بومييد، انا اظنتي لو يودونك الدختر بيطلعون فيك الف عوق وانت هب عارف ..

ابتسمت عينا سلطان بمرح ليقول ساخراً: انت الحينه تفاول عليه الله يهديك ..

أردف قبل أن يشرب الماء الذي سُكب داخل كأسه الزجاجي بلمعان بلوري من قبل النادل الآن: ما فيه شي الحمدلله خل عنك بس ..
ما خبرتني شو السالفة بوخويدم ..!! قلتلي تبانيه في رمسة ..


اعتدل بطي في جلسته وهو يتأهب لقول ما يجب قوله بحزم وثبات: هيه نعم .. واباك تسمعني إلين الاخير يا سلطان ولا تقاطعني ..

اسند سلطان ظهره على مقعده بحواس متيقظة قبل ان يقول بنبرة رجولية قوية: قول يا خويه اسمعك ..


زفر بعمق مردداً بداخله الكلمات التي هو بصدد التفوه بها، ثم نظر مباشرةً لعينا صديقه قبل ان يهتف بحزم ثابت لا اهتزاز فيه: يا بومييد انا شاري نسبك .....






نهـــاية الجــــزء الثـــــالث عشـــــر



sira sira likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-06-16, 06:56 AM   #17

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)






الجــــزء الرابــــع عشــــر



،



من قربه يتناسل البعدُ
وببعده يتكاثف الودُّ
فكأنني نور يكللهُ
عتمٌ وعتمٌ نوره وجدُ
أسعى لهُ ولَهَاً فيأخذني
في رحلتي خلف الرؤى الحمدُ
يمتدُّ بي بصري فلا جهةٌ
تغتاله .. يعمى فأمتدُّ
أنا حيرةٌ حلَّ اليقينُ بها
فكأن ناري وهجها بردُ
وكأن بي صحراء قاحلة
وكأنني يغشاني الوردُ
وكأنني في الغيب أغنيةٌ
وكأنني أبدو ولا أبدو
وقتي تعانقه مشانقهُ
وعلى حروفي ينهض الخلدُ
سري يكبلني فأطلقه
فكأنما أفقي هو القيدُ
أرتدُّ من قلق إلى قلق
أغفو على قلقي فيشتدُّ
أسري تغيبني نوافذُهُ
والغيب بي بالكشف يرتدُّ
في الريح أقرأ ما ينازعني
وأراود الأسرار إذ تعدو
فيعيدني صمتي لعزلته
فكأنه لمسافتي غمدُ
أفضي لخافيتي مدى تعبي
ونوافذ الأحلام تنسدُّ
فتجيبني لا تحزني ودعي
تلك الرؤى من غيبها تبدو
فأذوب في رؤياي من وله
يسعى فليس من الهوى بدُّ
وأهيم في الأسرار حائرةً
والحائران : القربُ والبعدُ
في داخلي ضدان ما ائتلفا
والمقلقان : الحزن ُ والسعدُ
لا ينجلي حسن بمفرده
فالنور في الأعماق يسوّدُ
والشهد في أعماقه مرٌّ
والمرُّ في أعماقه شهدُ
كلٌ تكامل في تناقضه
والشاهدان : المهدُ واللحدُ
كلٌ تباين في تكامله
فالضد يُكملُ سره الضدُ



لـ بهيجة مصري إدلبي



،



أبوظبـــــي



انزلت نافذة السيارة وهي تتنفس الهواء المُنعش رغم حرورته الخفيفة ووجهها الأسمر الخمري مُبتهج يعلوه بسمة صافية لا تشوبها شائبة ... التفتت لجدتها وهي تهتف بنبرة ناعمة كـ أسمها الحريري تماماً: يدوه رمستي خالوه ام حميد قبل لا نظهر ..؟!
أخاف الا عندها خطار ولا ظاهره منيه مناك ؟!!
(خطار = ضيوف) (منيه مناك = هنا او هناك)

أجابت الجدة أم هامل وهي تعدل برقعها اللامع تحت ضوء مصابيح الشارع الليلية: هيه رمستها وخبرتها ان نحن يايات ..

أردفت بتهكم طفيف: الا فطيم السباله شحقه ما رابعتنا ..؟!

ناعمة: تقول عندها كويز باجر ..

رصت الجدة على عيناها المتجعدتان بتهكم أكبر وعدم فهم: اشوووه ها كويز بعد .؟!!

ابتسمت ناعمة لتظهر صف اسنانها اللؤلؤية وقالت: يدوه اقصد امتحان صغيروني ..

ضربت الجدة كفها الأيمن على الأيسر وقالت باستنكار العجائز: يوم انه على قولتج امتحان صغيرون، شعنه ماذاكرته قبل ويت ..

وأشرت بيدها بحنق: الا هي مودره المذهب وما تبا تسيّر على الأهل والعربان .. امفففففف ... عيال آخر زممممن ..
(مودره المذهب = تركت الادب/العادات والواجبات)

وأخذت ناعمة تستمع لتذمر جدتها المحبوب بابتسامة صامتة إلى أن وصلتا إلى بيت العم أبا حميد شقيق أبا سلطان الأصغر ..

دخلت السيارة عبر الباب الخارجي الضخم وتوقفت امام الباب الداخلي الكبير، بعدها خرجت ناعمة قبل جدتها لتدور حول السيارة وتفتح لها الباب وتساعدها على الوقوف والسير ..

وعند اقترابهما من باب البيت رأتا أم حميد تنتظر في صدر الباب وتحمل المبخرة بين يدها وترحب بهن بصوت عالي رنان ينضح حباً صرفاً وألفة حانية ...

اقتربت ناعمة اكثر وهي تمسك بجدتها الى ان وصلتا الى المرأة وألقتا السلام عليها بذات ترحيبها الانثوي الرنان ..

دخلت النسوة الى الداخل، وامضين الوقت بالسلام والكلام، والسؤال عن الحال والأحوال ..

هتفت أم حميد من بين أحاديثها: ام هامل عنيه افداج شعنه تعبتي روحج وييتي، والله انيه امسات قايلة حق حنون انيه بالسبت المسا بخطف جدا ام هامل بسلم عليها وعلى ناعمة ..
( بخطف جدا = اذهب إلى/أمُر على)

هتفت ناعمة باستنكار رقيق ودود: افا بس خالوه شوه هالرمسه .؟!! ... انا اييج يلين عندج واسلم فديت قلبج ...

مسدت أم حميد كتف ناعمة بحنان بالغ وهي تهتف بعينان باسمتان: واايه عنيه افداج يا بنت هامل .. اسميج الا راعيه مذهب وما يلحقج المنقود .. حي من بياخذ دانةٍ شرواج ..

كتمت بقوة بسمة خجولة كادت تهز من صلابتها .. بسمة ناضحة بمشاعر غريبة لا تُفسّر ...
مشاعر استغربت منها تماماً ..!!

فهي لطالما نفرت من فكرة زواجها بالرغم من بلوغها للتو عامها الخامسة والعشرين ... لطالما كانت فكرة ان ترتبط بأحدهم بعيدة كل البعد عن مسار تفكيرها الطبيعي اليومي .. وهي تؤمن تمام الايمان بأن الذي تشعر به من نفور ما هو الا غريب عن فطرتها كفتاة عادية تحلم مثل غيرها من بنات جنسها بالحب والزواج والأطفال ..
ولكنها كما قالت لصديقتها روضة في السفر .. هي تلغي معنى أهمية الزواج لارتباطها العاطفي الكلي بأمور تراها هي الأهم ... كالعلم والتدريس .. كذلك تفكيرها الجدي في اكمال دراستها واخذ شهادة الماجستير والتي ستكون متمحورة بالتأكيد في التاريخ وعلمه الذي لا ينضب بكافة مجالاته وانواعه ..!!!

وقبل كل تلك الأسباب، هي حقاً لم ترى شبيهاً لرجالها، أباها، عمها، وأخاها ..

لم ترى حقاً شبيهاً إلاااااااااا .......


جفلت نبضة من قلبها ذعراً ما إن تذكرت خيال شخص اقتحم بكل عجرفة رجولية تفكيرها المُرتبك الخجول ..

من هذا الذي جعلكِ تقولين "إلاااااا" يا أنتِ ..!!
مـــن ..!!

لا .. فلتعقلي يا ناعمة ولتدركي بأن خفقات قلبك الآن ما ان تذكرتي ذاك الرجل ماهي الا خفقات تهوى اللعب قليلاً بارتجافاتك الجسدية ..!!
فقط يا ناعمة .. هذا كل ما في الموضوع ..!!


امسكت لا إرادياً بأصبعها الذي فارق منذ ايام خاتماً كان قريناً له لسنين طويلة، وهامت على ساحبة ذكرى كانت بالرغم من قوة وقعها المهيب على روحها ... الا ان .... وياللغرابة ما تشعر .... تجده في قمة العذوبة .... في قمة الاثارة ..!!


لم تخرج من تلك الذكرى الا على صوت جدتها ام هامل وهي ترحب ببحة باسمة عميقة بالتي دخلت للتو عليهم:
مرحبا مرحبا بـ العوش مرحبا الساااااع ..

استدارت ناعمة برأسها لحيث الفتاة التي لطالما احست بالنفور منها بسبب ما تبعثه من نظرات وابتسامات غير مطمئنة تجعل من ناعمة تظن دوماً أن رأس "تلك" لا يتوقف عن عمل خطط شريرة خبيثة كخبث حدة عيناها السوداوان الصغيران ..

اغتصبت ابتسامة جامدة وهي تقف لتتلقف سلام عوشة التي ارتسم على محياها تلك الهالة الغامضة المُنفرة ..

جلست عوشة وهي تهتف لناعمة بنبرة باسمة مُبطنة "بخبث وبُغض" .. تبغض هذه الناعمة وتبغض ثقتها وقوة شخصيتها المثيرة للإستفزاز: الحمدلله على السلامة ناعمة ..

رفعت ناعمة بنعومة شعرها الذي انسدل بكل غنج على عيناها وهي تهتف ببسمة باردة: الله يسلمج ويسلم غاليج من الشر ..

أردفت بهدوء متحفظ: اشحالج عوشة يعلح الا بخير ..؟!

عوشة ببسمة ظهرت مع لمعان عينها الخبيثة: انا بخير وسهالة ربي يسلمج

وجهت عوشة نظراتها لوالدتها عندما سمعتها تتساءل بدفء: امايه عوشة .. ريلج وعيالج وينهم ..؟!!

أجابت عوشة بابتسامة باردة: العيال تموا مع عيال عمهم في العين، واحمد كان ياي بوظبي عسب يخلص كمن شغله وقلتله نزلني بيت ابويه في دربك .. عاده نزلني وسار .. مستعيل هو ..

هزت أم حميد رأسها بتفهم: هييييييه زين ..

التفتت عندها عوشة لأم هامل وأخذت ترحب بها بكلامها المعسول "المُتزلف".. فهي تعرف تماماً كم ام هامل تحبها ولطالما ارادتها لإبنها سلطان من قبل ..

ولكن تلك الشماء هي من دخلت حياتها وهدمت بكل غطرسة ودهاء ارتباطها المستقبلي بـ حبيبها ..

أجل حبيبي ..!!
أنت حبيبي يا هذا .. وستظل حبيبي وملكي حتى لو اضطررت بأن اذبح بيدي كل من يفكر بأخذك مني ..!!
أتسمـــــع ..!!


حركت ناعمة جانب فمها بامتعاض صرف وهي ترى الكذب والتزلف بكلام عوشة، ثم التفتت لأم حميد وهتفت لها بخفوت ناعم: حنون فديتها وين ..؟!!

اجابتها ام حميد: حنون فوق، الحينه بخلي البشكارة تزقرها

ناعمة وهي تأشر بيدها بـ "لا": لا فديتج خلج مستريحة انا بسيرلها حجرتها ..

وقفت وهي تستأذن الجميع بأنها ستصعد للطابق العلوي لترى حنان التي في الحقيقة هي تحبها وتفضلها كثيراً على عوشة المتكبرة .... فحنان هذه اسم على مسمى .... وتحمل في روحها شخصية رحبة مثقلة بالطيبة والأخلاق العالية المُرهفة .... وترى ناعمة أنها تتقاسم مع حنان الكثير من الميول في الحياة سواء من حيث التفكير او السلوك العام ..

بينما ناعمة تصعد الدرجات الطويلة، رأت حميد ابن عم عمها سلطان، ابتسمت له بدفء حاني يشع صفاءاً .. فهذا الولد ذو العمر المقارب لعمر شقيقها الصغير حمدان ذو قلب طيب ونفس سموحة على غرار سماحة وجه شقيقته حنان ..
قالت بنعومة بعد ان ألقت السلام عليه: اشحالك حميد ..؟!!

اجاب حميد بوجه احتقن من الخجل وبنبرة اخرجها خشنة تنضح رجولة مبكرة: بخير ربي يعافيج، وانتي اشحالج ناعمة ..؟!!

مالت ناعمة رأسها بغنج فطري وهي تمسد رأسه وردت: انا الحمدلله بخير فديتك ..

أردفت وهي تكمل سيرها: اختك حنان في حجرتها صح ..؟!!

هز حميد رأسه بـ "نعم": هيه .
.
رمقت الفتى نظرة باسمة أخيرة وذهبت ..

عندما وصلت، طرقت باب غرفة حنان ودخلت ما إن سمعت الإذن بالدخول ..

هتفت بنبرة مُبتهجة عالية: هاااااااي ...

صرخت حنان وهي تقذف الكتب التي امامها بصدمة تخللها سعادة بحتة: نعوووووووووووم ..

هرولت نحو ابنة اخ ابن عمها سلطان واحتضنتها بقوة قبل ان تهتف بسرور عارم يسري داخله ذبذبات اشتياق حقيقي: ولهت عليج يا حمااااااااااارة ..



.
.
.
.
.
.
.



رأس الخيـــــمة



كان ممداً جسده على طول الأريكة وهو يشاهد إحدى مباريات المهمة على قناة الجزيرة الرياضية بكل أعصاب مشدودة متذمراً بين الفينة والفينة على الحكم وقراراته الجائرة بنظره ..

قطب حاجباه باستنكار على من يتصل به الآن ليقطع عليه مباراته الثمينة ... التقط هاتفه وهو يقول بخشونة لم يتعمدها: ألووو ..

: وييييييووووووو شقيناكم شششششق .. روح روووح إلقط ويهك يا عمممممي ههههههههههههاي ..

رد بضحكة رنانة: ههههههههههههههههههه جب جب بعدها المباراة ما خلصت لا تقعد تتفلسف عليّيه ..

اجابه صديقه: ههههههههههههههههه صدقني يعقوبوه غالبينكم يعني غالبينكم ..

رفع يعقوب حاجباه باستهزاء باسم: وايد واثق الاخ، نحن الغالبين ان شاء الله .. من يضحك اولاً يبكي اخيراً

أخذ يدردش قليلاً مع صديقه ويضحك على احاديثه المرحة قبل أن تدخل شقيقته مريم ومعها ابنتها الكبرى نهلة ..

ودّع صديقه واقفل الخط .. ثم وقف ليسلم على الآتيتان بدفء رجولي أخوي وقال: وين يعقوب وعبود ..؟!!

خلعت مريم حجابها وعباءتها وهي تجيبه: ساروا مع عيال عمهم السينما ..

حمل يعقوب نهلة وهو يضغط على خدها بقبلة كبيرة: وهالعسل شحقه ما راحت معاهم ..؟!!

زمت نهلة فمها بحنق مُستاء لتهتف: امايه ما طاعت اونه عندي امتحان باجر ولازم اذاكر ..

لمح يعقوب الكتاب الذي تحمله نهلة ليقول بنظرة خبيثة: وطبعا محد بيدرس الشيخة نهلة الا الجرندايزر يعقوب هااه ..!!

جلست شقيقته مريم وهي تهتف من بين ضحكاتها: ههههههههههههههه شسوي يا خويه، انا مووليه مافطن شي في الرياضيات .. يبتها عسب ادرسها وتفهمها ..
(مافطن = لا افهم) (موليه/مول = أبداً)

يعقوب وهو يجلس بجانب أخته: عاده ييتن في وقت غلط .. قاعد اشوف مباراه ..

ثم هتف لـ نهلة برقة رجولية: بترتيين يا حلوة إلين ما تخلص المباراة ولا ..!!
(بترتيين = هل ستنتظرين ..؟)

هزت نهلة رأسها بابتسامة كبيرة: هيه هيه عادي، اصلا انا فاهمة كل شي بس في مسألتين ما فهمتهن ..

يعقوب: زين عيل ..


أتت أم يعقوب في تلك الاثناء لتلمح ابنها وابنتها فلذات أكبادها أمامها ..
ابتسمت وهي ترى كم أن الاثنان كبرا وأصبحا في أقصى مراحل النضوج .. فابنتها من بضعة سنوات تزوجت واستقرت في منزلها .. والآن هي تجر خلفها فتاة جميلة وولدان كقطع السكر ..

التفتت لولدها قطعة قلبها .. هنا اختفت ابتسامتها الجميلة لتحل محلها تنهيدة ضيقة لم تصل لمسامع أي واحداً منهم ..
قلبها ينفطر .. فهي لم تعتد ان ترفض لأبنها طلباً .. بل لم تعتد ان ترسم على وجهه الحبيب معالم الضيق او الحزن مطلقاً ..

ولكن موضوع تلك الفتاة والزواج منها ترفضه ...!!
ترفضه وبشدة ..!!

نعم .. فابنها منذ أيام وهو يحاول اقناعها بقريبتهم موزة .. ولكنها لا تتقبل ان تزوّج ابنها الوحيد من فتاة بكماء لا تتكلم، بل فتاة عاشت في كنف عائلة واجهت مشاكل ومصائب كثيرة ...!!!!

بالتأكيد هي فقدت نطقها بعد صدمة نفسية عظيمة .. فكيف بحق الله تزوّج ابنها من فتاة تعيش في دوامة مرض نفسي الله وحده يعلم ما هي نتائجه عليه وعلى حياتهم المستقبلية ..

لطالما احبت موزة منذ ان كانت صغيرة، وتعتبرها مثل ابنتها مريم .. ولكن موضوع زواج ابنها منها وهي بتلك الحالة حساس لدرجة اللامعقول ..
باختصار هي لا تستطيع تقبل ارتباطهم .. حقاً لا تستطيع ..!!
فهذا هو ولدها الذي خرجت منه في الدنيا بعد وفاة زوجها الغالي ..!!
أليس من حقه عليها ان تمنعه من فعل ما قد يضر بمستقبله ..!!
أليس من حقه عليها ان تزوجه للتي تراها مناسبةً له ولحياته المقبلة ولأولادهم الذي سيأتون لاحقاً بإذن الله ..!!!


تنهدت هذه المرة بقوة وبشكل مسموع ليلتفت إليها كلا ابنائها .. اُنير وجه مريم بابتسامة جميلة وهي تقترب من والدتها لتسلم عليها بينما تحولت ملامح وجه يعقوب للون هو خليط من خيبة/خذلان/حزن ..

فهو يريد صاحبة بركة العسل .. يريدها حد الرمق الأخير ..!!

ولكن كيف ينال شرف قربها ووالدته رافضة هذا القرب .. بل لا تعطيه اقل مجال ليحاول اقناعها بجدوى هذا الزواج ..!!

الا ترى أمه حبه الناضح وقلبه المعلق بأهداب "تلك" العذبة ...؟!!
ألا تستطيع فقط تصفية نظرة عيناها ورؤية ما يريده هو .. لا ما تريده هي ومن زاويتها هي ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



جلسن الأربعة أمام الاستشاري بعد أن وقف بكل أدب وتهذيب رجولي وسلم عليهن بكل مهنية مطلقة ..

كانت هي مطرقةً رأسها وهي تشعر ان قلبها قد تشكل بداخله كافة انواع الانفعالات .. انفعالات خليطة من خجل/ارتباك/حيرة/خوف/قلق ..

فهي منذ ان رجعت لشقيقتها التي كانت في احتدام حاد في النقاش مع عمهم مبارك، وهي في وضع نفسي غريب بين خوفها العاطفي من دقات تتمرد بمجرد رؤية هذا الطبيب، وبين دقات تتمرد جزعاً من مخططات عمها التي لا تنتهي ضدهن ..!!!

خائفة .. خائفة حد رغبتها الشديدة بالهروب .. تريد أن تهرب .. تريد ان تبتعد عن هذه الحياة المليئة بالأطماع والشرور ..

تريد ان ترفع غطاء سرير أبيها وتنزوي بين احضانه الدافئة وتنام مثله ..

تنام الى ان تختفي تلك الشرور من عالمها الوردي ..

تفتقد الحنان، بل تتعطشه وتجوعه وتبكي عليه ألماً ..

هي لا تتحمل .. قلبها "الذي ينمو ببطء لفقر العاطفة في الدم" لا يتحمل هذه الحياة القاحلة ..!!

هي تعشق أمها وشقيقاتها، فهن من بذلن الجهد لكي لا تشعرنّها بالوحدة والنقص العاطفي، ولطالما قدّرت واحترمت هذا الشيء بكل قدسية روحية، ولكن الرجل في حياة الانثى أمر مختلف ..

الاب في حياة ابنته أمر مختلف .. مختلفٌ تماماً ..!!

آآآآآآآآآآه يا أبي، ليتك معي واقفاً قربي لأملئ رئتي بأنفاس قربك العودي ..
ليتك معي لأشكو لك كما كنت طفلة عن الذي يجري في قلبي من ضيق وألم ..!!
ليتك معنا انا وشقيقاتي ونحن نواجه أخاك الذي يريد ابتلاع حقوقنا بغير وجه حق ..!!


قطع تسلسل عاطفتها المُتعذبة وهي تسمع تنحنح الطبيب الذي هتف بنبرة حازمة مهنية: ام فاطمة اول شي خليني اشرحلج الوضع الصحي الحالي لـ خليفة .. خليفة مثل ما تعرفون كلكم ما يشتكي من مشاكل عضوية ابداً، واللي اكتشفته بعد ما شفت الاشعة والتحاليل ان خالي تماماً من اي مشاكل في الاعصاب والدماغ، اتوقع الدكتور صبحي قالكم عن هالموضوع ..

أومأت أم فاطمة رأسها بخفة واجابته بحزم: هيه نعم خبرنا عن حالته كلها ..

طرق الدكتور ناصر بخفة طرف قلمه بأصابعه الطويلة وهتف بنظرة عميقة: الوالد يعاني من أزمة نفسية تمنعه من الاستجابة للمحيط الخارجي ..

اتسعت أعين الفتيات ومعهن والدتهن التي قالت باندهاش يفطر الوجدان: أزمة نفسية ..؟!!
أزمة شو دكتووور ..؟!

أجاب الدكتور ناصر بحزم هادئ محاولاً عدم بث الجزع في أنفس النسوة: أم فاطمة ممكن شوي تسمعوني ..

أردف بعد أن لاحظ التركيز التام الموجه إليه من أعينهم القلقة حد الموت: على حد علمي ان خليفة دخل الغيبوية من حادث صارله .. في البداية كان هذا السبب ويوم تلقى العلاج كان المفروض تدريجياً يستجيب للمؤثرات الخارجية المُحفزة للدماغ لأن العوامل المُسببة للجلطة خلاص ما عادت موجودة، بس عقله الباطن ما استجاب وهذا دليل قوي ان الوالد ما يبي يقوم ..

حك الدكتور جانب حاجبه بتفكير وتابع: وخلوني اكون صادق معاكم، أتوقع والله وحده اعلم ان الوالد تعرض لأزمة وايد كانت كبيرة عليه قبل لا يصيرله الحادث .. والحادث ما كان الا حافز له انه يبتعد عن الواقع اللي كان عايشنه ..

هتفت روضة ونبرتها الخافتة توضح ما ينتابها من خوف/قلق: يعني دكتور هو يقدر ينش من غيبوبته لو قدرنا نعرف من شو هو يشتكي نفسياً وساعدناه عسب يتخطاها ..؟!!

أجاب الطبيب بحزم مطمئن: اي بيقدر بعون الله بمساعدة نفسه وبمساعدتكم .. لكن هالموضوع يبيله صبر وطولة بال يا جماعة، لأن الظاهر انتو ما تعرفون اهو من شنو يعاني ..

قالت فاطمة "ام محمد" بنظرة تحمل في طياتها القلق العاصف: لا والله يا دكتور ما نعرف ..

وجه الطبيب حديثه لوالدتهن أم فاطمة: ام فاطمة يمكن انتي تعرفين اهو من شنو جذي ..

هزت أم فاطمة رأسها بـ لا وقالت بنبرة يغلفها الألم/الاحباط: خليفة ما شاء الله عليه كان ريال مؤمن مصلي ذاكرٍ ربه .. وكان يلزم القرآن والاذكار دوم لو تضايج ولا زعل من شي كبير .. وكان أصلا ايي عندي ويرمسني باللي في خاطره يوم يتضايج .. بس انه يعاني من أزمة نفسية تخليه ما يبا ينش من غيبوبته ...!!!! *هنا ارتجف صوتها وامتلئ بالعبرات الأليمة واكملت*
ماعرف ماعرف .. الله يخليك دكتور شوف حل لهالسالفة .. نحن متجلين على الله سبحانه ثم عليك ..
(متجلين = متوكلين)

وقفت شيخة لا إرادياً لتقترب من والدتها وتحتضنها بخفة وهي تهمس بكلمات مطمئنة تضج بالايمان/اليقين: امايه علني افداج هدي ... ابويه بإذن الله بينش بالسلامة .. بإذن الله .. هدي فديت قلبج خلاص ..

مسحت ام فاطمة دموعها من تحت غطاء وجهها الطويل لتهتف بخفوت: لا اله الا الله محمد رسول الله ..

أردفت وهي تمسد يد شيخة المحيطة بكتفيها: امايه شيخة هاتيلي ماي ..

قالت شيخة بسرعة: ان شاء الله ..

وقبل ان تخرج، قال لها الطبيب بنبرة حازمة موغل بدفء غريب: الشيخة ما يحتاج، عندي ماي ..

تسمرت بمكانها وكهرباء اخذ يسير على طول فقرات ظهرها عندما سمعت للمرة الثانية كلمة "الشيخة"


أيتها المجنونة، إنها كلمة تخرج من باب الذوق العام، فلتتركي عنك رجفاتكِ الحمقاء هذه ..!!

التفتت إليه ورأته وهو يقف ليخرج من ثلاجته الخاص قنينتين صغيرتين من الماء، وضع القنينتين أمام أم فاطمة لتبادر هي وتقول بصوت امومي عطوف: مشكور ولديه ..

ابتسمت عيناه بحنان عندما سمع كلمتها العفوية "ولديه" .. وتذكر بشكل شجي والدته الراحلة رحمها الله ....

هتف بعد ان لمح طيف "تلك" تجلس بخجل/ارتباك: الوالد بإذن الله سبحانه وبمساعدتكم بيقوم بالسلامة وبيرجع لكم بكامل صحته وعافيته .. لكن هالموضوع مثل ما قلت يتطلب صبر وتحمل ..

تنهدت فاطمة تنهيدة غير مسموعة لتهتف بعدها بحزم: ان شاء الله دكتور ..

قلب الدكتور الأوراق التي امامه هاتفاً بنبرة حازمة: على العموم انا باكون على اطلاع على حالة الوالد حتى لو رجعت قطر، بتم ان شاء الله على تواصل مع الدكتور صبحي وبيزودني بأي شي يستجد في حالته ..


لا تعرف شيخة لمَ سرت فيها رجفة حادة ... رجفة مؤلمة حد الوجع وهي تسمع ما تفوه به الدكتور ناصر للتو ..!!
شعرت بغصة كبيرة تتكور في حنجرتها لم تتمكن حتى من ابتلاعها بسهولة، انزلت عيناها الى الأرض محاولةً السيطرة على تعابير وجهها الذي غدا شاحباً ....

سمعت أختها الكبرى روضة وهي تقول برسمية للطبيب: توصل بالسلامة دكتور .. وتسلم على تعبك معانا ..

أجاب الطبيب برجولية بحتة: الله يسلمج من كل شر اختي، لا تعب ولا شي هذا واجبي وحقكم علي كـ طبيب ..


وبعد ان تلقّين عدة نصائح توجيهية من الطبيب ناصر، خرجن الأربعة وأملهن يتجدد في ان رب عائلتهن سيستيقظ قريباً ... وانهن سيتجاوزن هذه المحنة بعون الله تعالى .....

غير ان قلب واحد من قلوبهن المشحونة بالأماني النقية قد وصل حد الاعياء العاطفي ....
فهذا القلب ........ ويالتعقد نبضاته الطفولية ..
قــد تعلـــق "بأحـــدهم" ..!!!!



.
.
.
.
.
.
.



أردف قبل أن يشرب الماء الذي سُكب داخل كأسه الزجاجي بلمعان بلوري من قبل النادل الآن: ما فيه شي الحمدلله خل عنك بس ..
ما خبرتني شو السالفة بوخويدم .. قلتلي تبانيه في رمسة ..


اعتدل بطي في جلسته وهو يتأهب لقول ما يجب قوله بحزم وثبات: هيه نعم .. واباك تسمعني إلين الاخير يا سلطان ولا تقاطعني ..

اعتدل سلطان بدوره في جلسته ليقول بنبرة رجولية قوية: قول يا خويه اسمعك ..

زفر بعمق مردداً بداخله الكلمات الذي هو بصدد التفوه بها، ثم نظر مباشرةً لعينا سلطان قبل ان يهتف بحزم ثابت لا اهتزاز فيه: يا بومييد انا شاري نسبك .....

رفع سلطان حاجباه بدهشة ارتسمت بشكل ظريف على محياه وقال: شاري نسبيه !! ... ما فهمت ..
ناوي على الثانية بطوي ..!!!

ابتسم بطي بخفة محاولاً ارخاء حبل انفعالاته قليلاً، ثم أكمل حديثه بنظرة مرحة: لا ابويه اللي عنديه تسد ...

امسك بطرف كأسه ليحركه ببطء ثم هتف بنبرة حازمة مباشرة: سلطان ... بغيتك يا خويه تكون الظهر والسند لـ هليه عقب رب العالمين ثم عقبنا ..

تنحنح بخشونة ما إن رآى معالم التصنم على تقاطيع وجه سلطان الذي بحق لم يستوعب ما سمعه .... ثم أضاف بصوت أخرجه اكثر صرامةً وثقة: ما بحصل ريال مثلك وشرواك اعطيه الصغيرونه ..
(الصغيرونه هنا يقصد به أخته الصغرى)


رفع بطي عيناه ليرى ردة فعل سلطان، وارتبك داخله اشد الارتباك عندما رآى سحب عظيمة سوداء تموج وتمور في محاجر "ذلك" ..

سحب مبهمة اللون .. مثقلة بغموض غريب ليس له شكل ولا هيئة .. سحب تفضح صدمته العاتية ..

لم يستطع بطي التراجع بالرغم من جمود سلطان وصمته المُربك للأعصاب، بل تنحنح مرة أخرى ورنة هتافه الحازم تخللها توتر اخفاه بمهارة: ادريبك منصدم من رمستيه .. بس يا سلطان انت اخويه .. نحن عشنا عمر رباعه .. انا ماعرفك من يوم ولا يومين ..
(رباعه = مع بعض)

نحن رابيين ويه بعض وتخاوينا من نحن صغاريه في الزين والشين .. على الخير والشر .. واللي وايهته منا قبل سنين ما نسيته يا الغالي ولا قد فارقنيه القهر منه .. واللي زرع غلاتك في الروح ان اللي صار لا انا وخوانيه وبويه رضينا به .. لجنه قدر الله وما شاء فعل .. عسب جيه انا الحينه جدامك ناوي اعوضك واردلك حقك .. شو قلت ..؟!!!

انزل سلطان عيناه الضبابيتان محدقاً بـ كل الأشياء، بـ كل التفاصيل، بـ كل حركة .. عدا وجه صديقه الذي جعل من قلبه مسرحاً مجيشاً بأشرس الخفقات واشدها وطأة على روحه الأبية .. خفقات لم تستوعب ضربة حديث صديقه القاضية ..!!!


مالذي تقوله يا بطي بالله عليك .. مالذي تقوله ..!!
أتعرض عليَ الزواج بــ أختك ..!!!! ..... بـ بـ بـ .....


لم يستطع نطق اسمها الخرافي حتى في قرارة نفسه ..
اسمها الذي يحكي ألف حكاية خرافية تنبأ بحدوث جرائم لا تُغتفر بدواخل وتينه ..!!


أخذ سلطان نفساً ليزفره بعدها بسرعة ... وبحدة .... زفرة جامدة الجزيئات كـ تفكيره المُجمّد تماماً ..!!

ولكن ليس سلطان من يجعل من صديقه الغالي يعيش لحظات التوتر أكثر من ذلك .... نعم .. هو يرى بطي ويرى توتره الذي يحاول اخفائه بقوة يُحسَد عليها ...!!


تنحنح بقوة ليهتف بنبرة خرجت خشنة/جامدة/صارمة: بس يا بوخويدم انت تعرف من زمان راي بنتكم على هالخطبة ..

اقترب بطي من سلطان ونظرة عيناه تتغير اثر مشاعر خليطة من غموض/خبث/ذكاء: خبرني سلطان واصدق ويايه ..

نكز بسبابته أيسر صدر سلطان وهتف بخفوت مراقباً وجه صديقه: هذا شو يبا ..!!!


انزل سلطان عيناه لحيث أشر بطي ........ وصمت ..
لم يتفوه بكلمة ..
إلى ان رفع جانب شفتيه بسخرية علقمية وابتسامته الجامدة تحكي اكثر مما يحكيه حروف لسانه: هب مهم القلب شو يبا .. المهم العقل شو يقول يا بطي .. والعقل يقول انهم ما يبونّا ..


يعترف بطي انه شعر بالسكاكين تقطع اوردته وهو يرى صديقه بهذه الحالة المريرة الموجعة، ولكنه لن يستسلم ولن يتراجع، فهذه فرصته الوحيدة ليجمع هذا المجنون بمحبوبته .. وهذه فرصته أيضا ليكفر عن ذنبه عما واجهه صديقه من اهانة وقهر فيما مضى ..

هتف بذات نظرته البراقة الخبيثة محاولاً استفزاز صديقه: افا يا ذا العلم، يغلبونك يا بومييد ..!!!!

استقام سلطان بجلسته بسرعة البرق وهتف بحدة عاتية وعلامات الغضب/الاستنكار/الاعتداد بذاته تصل لأقصى نقطة في دماغه:
انـا ولـدك يا ظـاعن ..
ما يغلبونا رياييل بشنباتهم ولحاهم عسب ننغلب الحينه من حريم يا بن خويدم ..

ابتسم بطي ابتسامة ذات معنى ليهتف بنبرة رجولية رنانة: يعل يمين من رباك الجنة ..
سلطان .. خل اعيد رمستيه عليك ..

أشر بأنفه على أيسر صدر سلطان وكرر بخفوت: هذا شو يبا ..!!
شو اللي في خاطر قلبك ..؟!

احتد فم سلطان وانفعالات كثيرة .. انفعالات محتشدة ليس لها عدد تغزو روحه بكل ضراوة ..


ماذا تريد يا قلب ...!! ماذا تريد ..
انطق ..!!


يالله يا بطي .. لمَ تفعل بي هذا ..!!
لمَ ..!!

أتنبش قبراً دُفن تحته قلباً بكل قسوة وتوارت خفقاته المجروحة خلف جنح الليل ولم تعد تُبصَر ولا تُلمس حتى في وضح النهار ..!!!!

أتحاول بأسلحتك التي اشهرتها للتو، أن تنسيني ما تذوقته من علقم الكبرياء المُهان .. الكبرياء الغارق ببحر الذل ..!!
الكبرياء الذي هُدر كـ سيل جارف من دم قاني معتم على طرقات عشقها ..!!!!

لا .. لا أظنك تستطيع يا صديقي .. حتى لو حققت ما تريده .. !!


ما يريده ..!!!
ههههههه ما يريده هو أم ما تريده أنت يا سلطان ..!!!

آآآآخ ... ما الذي يحدث له الآن بحق الله .. !!!!


وجّه سلطان تدريجياً نظراته حتى تُواجه عيون بطي السوداء ..

عيون لم تكن الا نسخة مكبرة رجولية من عيون تلك النمرودية ...!!!!


هتف بنبرة حديدية صقيعية مبهمة .. مبهمة حد تجاوز خطوط ادراك الزمان/المكان:
هل الطيب والناموس ما ينردون يا بوخويدم ..


صمت للحظات .. ليردف بعدها بنظرة مُظلمة: اللي فيه الخير ربك يجدمه ..



.
.
.
.
.
.
.



في ذات المدينة التي تحمل بطياتها اسراراً لا تُحصى ..!!



جلس على الاريكة متحدثاً الى الرجل على الخط الآخر بنبرة متعجرفة خبيثة: 10 ملايين ..

: 10 ملايييييين .!!!
ليش يا عبدالوهاب انا ولد عمك واخوك ..

رفع أبا مرشد جانب فمه باستهزاء تام وهو يقول: والله المصايب ما اتيي الا من القرايب .. انت لك عين تفتح ثمك وانت كل يوم طايحلنا في مصيبة كبر راسك الطبر ..!! .. لازم نستفيد من وراك جانك تبانا نرابعلك يمين ويسار ..
(نرابعلك = نسعى لك)

هتف ابن عم أبا مرشد بنبرة استجداء تخلله بغض حقيقي لهذا الرجل: ياخي ذليت عارنا .. قلتلك ما كنت ادري اني موقع على اوراق بهالبنود التعجيزية .. واللي يرحملي والديك طلعني منها قبل لا انفضح ..

ضحك أبا مرشد بسخرية وصلت حدها الاقصى: ابويه انت مفضوووح وخالص .. سمعتك في البلاد راحت فيها من زمااااااان ..
من ايام اللي بالي بالك هههههههههههههههههههههه

احتد فم ابن عمه محاولاً كتم بغضه وغضبه لكي لا يرمي الشتائم عليه .. فقط كي يُخرجه من مشكلته الحالية ..
هتف بنبرة كره حاد: انت السبب .. لو اني من الاساس ما طاوعتك باللي سويته جان انا يلين الحين الوزير اللي كل يحلف براسه ويطريه بالخير .. جان يلين الحينه اسم سهيل الـ.. يرن بين ميالس الرياييل والشيوخ ..

هتف أبا مرشد بذات سخريته المَقيتة: اقول بس صخ صخ .. لا تعق اللوم عليه .. بغينا مصلحتك وانت ما تستاهل .. لو انك رمت يالبغام تخش الاوراق اللي زخوها عليك ولا عرفت من زمان ان الجلب حمود سكرتيرك يتصوخ على تلفوناتك جان انت الحينه تلعب في البيزات لعب ..
(بغام = غبي) (يتصوخ = يتسمع) (البيزات = أموال)


اشتدت قبضة يد سهيل ابن عم أبا مرشد بقهر شديد ظهر مع احتقان وجهه وهتافه الفحيحي الغاضب: على اني ظهرت من الحكم براءة مرتين، لكن بعدني مغتاااااااااااااظ .. مغتاااااااااااظ يا عبدالوهاب ..

أخذ أبا مرشد يتأمل اظافره بنظرات باردة صقيعية وقال: شو تبا زود عن نفاد سكرتيك وفوقه سعيد بن خويدم ومحمد بن حارب ..!!!!
(نفاد = موت/هلاك)



.
.
.
.
.
.
.



دبـــــــي



دلف المطعم وهالته الرجولية الخاصة به هو قد انتصرت باجتذاب الأعين المنتشرة حوله بكل اعجاب وانبهار ... متفردٌ هو في طريقة سيره ووقوفه ونظراته .... ويصعب على أحد تشبيهه بـ رجلٍ آخر ..!!

فـ الوسامــة وسامتـــه .. والطلــة طلتــه وحـــــده ..!!


ارتسم على ملامح وجهه ذلك التعبير القاسي البارد "المُحتقر حد النهاية" بشكل لا ارادي ما إن رآها جالسةً في إحدى الطاولات المركونة في زاوية المطعم ..

اكمل سيره لحيث الطاولة، وقبل ان ترفع المرأة عيناها إليه .. جلس بثقل بالغ وقال بصرامة كصرامة السيف:
وين الولد ...!!!!

جفلت المرأة جزعاً من خروجه المفاجئ امام وجهها .... ثم سرعان ان اشتعلت اشعة من خبث أنثوي/سخرية بالغة على ملامحها ... وقالت: ولووو مسيو نهيان، مافي السلام عليكم او على الئليلي بونسوار ...؟!!
ما انا ميسون حبيبتك ئبل ماكون ام ابنك ..؟!!


وضع نهيان رجلاً على رجل بطريقة رجولية خشنة فظة وقال بنبرة غليظة قاسية "صقيعية": هليه ما علموني اعق السلام على حثالة .. ها اولاً .. ثانياً قلتلج ان اللي ترمسين عنها مندثرة تحت التراب من سنين .. ثالثاً *تحولت نبرته لسخرية نزقة* خل نتأكد اول ان ها ولديه ..
(اعق = ارمي)

ارتفع جانب فمه باحتقار تام وأضاف مقلداً لهجتها اللبنانية: ولوو تؤبريني .. لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين ..!!!

اطبقت ميسون شفتيها على بعضهما بغضب مكتوم بعد ان تلقفت اهانة نهيان الواضحة .... وقالت من بين اسنانها: شو ئصدك نهيان ..؟؟!!

ئصدك اني كزيبي وبخدعك ..!!! شو مصلحتي اكزوب عليك انا ئلي ..!!!!

اتسعت مقلتا نهيان بسخرية متصنعة متمكنة: اوووه حاشى لله تجذبين .. انتي تجذبين ..؟!!!
لا لا لا اللي اعرفه انج حمامة المسيد ..
(حمامة المسيد "حمامة المسجد" تُقال للشخص العاقل الخلوق التقي)


وأردف بقسوة بعد ان تغيرت نبرته من السخرية للجدية المرعبة: انتي المفروض تنجبين وتلمين ثمج .. انا اللي هنيه ارمس واقولج اللي لازم تسوينه ..
(تنجبين = تصمتين) (تلمين ثمج = تغلقين فمك)

طرق على طاولته عدة طرقات بأصبعه ثم قال بحزم مثقل بالحدة البالغة: باجر اتيبين الولد وبنسير نسوي فحص الدي إن ايه .. ولو الولد ما ظهر ولديه *التمعت شرارات وعيد فحيحي في مقلتيه واكمل*
اقسم بالله العظيم لأظهر ساعتها حرة سواياج الخاااااااايسة كلهااا على راااسج ..
(سواياج = افعالكِ)

ثم ابتسم ابتسامة لم تتجاوز عيناه .. ابتسامة ماردية مليئة بالكره والبغض ثم وقف ..

فتح محفظته قبل ان يخرج عملة ورقة ذو قيمة كبيرة وقذفها على الطاولة بغطرسة بالغة .... وذهب ..

بينما انتشرت كل مشاعر الغل، الذل، الغضب الشديد على وجه ميسون، مع توعدها الشديد باسترداد كرامتها المبعثرة منه حتى لو كان اخر يوم في عمرها ..!!!!



.
.
.
.
.
.
.



العيــــــــن
يـوم جـديد لبـداية أسبـوع جـديد



استدارت بخفة وغنج باذخ، تحسدان عليها الكثيرات من صديقاتها وزميلاتها في المدرسة، الى واجهة بوابة المدرسة الداخلية لتتأمل وجهها وترتب هيئتها قبل أن تدلف الى داخل ...

تلفتت بعيناها وابتسامة شقية ترتسم على شفتاها الكرزية وتُنير بطريقها شامتها الفاتنة ..

فتحت حقيبتها المدرسية لتُخرج قلم الكحل، الماسكرا، ومرطب الشفاه ..
وبدأت بسرعة وحذر بوضع القليل من هذا وذاك على وجهها قبل أن تخرج إحدى المعلمات أو المشرفات لتراها .. ثم ابتسمت لنفسها بكل رضا تام وتحركت للداخل .. الا انها زمت فمها وهي تتذكر بضجر أن الحصة الأولى ماهي الا مادة الفيزياء التي تكرهه ..

ولتصدُق مع نفسها، فهي تكره كل المواد العلمية ..!!

هي منذ البداية لم تكن لتدخل القسم العلمي لو ان صديقتها مهرة لم تدخلها ... لطالما هي تقول وتفعل ما تتفوه به مهرة وتفعله، فهي بالنسبة لها المثل الأعلى ولا تعرف لماذا ..!!

من المحتمل لأن مهره بشخصيتها وطبيعتها العاقلة كانت النقيض لطبيعتها هي الفوضوية، فترسخ بعقلها لا إرادياً أن الذي تسلكه مهره بحياتها ما هو الا الصحيح حتماً ..!! وهو الموجّه لها كعقلية تُصعَب عليها اختيار ما هو بصالحها بسهولة ..!!!

ومادامت مهرة دخلت القسم العلمي، فلمَ لا تدخله هي ايضاً .. وليعينها الله على بُغضها لدروسها المُعقدة الصعبة ..!!!


حسناً، يجب الآن تحمل كلمات المعلمة الشابة الجديدة .. فهي متأخرة عن الحصة أربعون دقيقة ..
ليس ذنبها ..!! إنما النوم سلطان يا عرب ..!!!!!!


طرقت الباب بخفة، لتدخل بسرعة ملقيةً السلامة باقتضاب وتمشي لحيث مقعدها الخلفي ...

وقفت المعلمة عن الكتابة على اللوح الأبيض لتهتف بنبرة هادئة تخللها نظرات لم تُبعث الراحة أبداً في قلب ميرة: ليش متأخرة يا ميرة ..!!!

زفرت ميرة زفرة لم تتجاوز مسامعها هي ... زفرة حملت الضيق حقاً .. فهذه المعلمة الشابة لا تريحها بنظراتها وتحديقها الدائم لها .. وميرة بطبيعتها المَرحة الصاخبة في الصف لا تعرف معنى الركود والصمت الا في حضور هذه المعلمة..
ليس وكأنها تخاف منها أو تحترمها بشدة .. لكنها فقط غير مطمئنة للأجواء التي تسود هذه الحصة بالذات ..


هتفت بهدوء مُقتَضب وعيناها على كتابها: ظروف مس ..

ضحكن الطالبات لاعتقادهن أن ميرة تلقي احدى كلماتها المَرحة الساخرة بينما رفعت المعلمة جانب فمها باستهزاء .. وقالت: ظرووف ..!! وشو هاي الظروف اخت ميرة ..!!!

حاولت ميرة أن لا تبين ما يعتمل في خاطرها من ضيق .... لذا هتفت بابتسامة باردة ورصت على كلماتها لكي تفهم المعلمة أنه ليس من حقها ان تتدخل بأمور لا تعنيها: ظروووووف يا مس شمسة ..

رفعت المعلمة شمسة كلتا حاجبيها بذهول ساخر، ثم قالت وهي تستدير لتكمل شرحها: اوكي يا آنسة ظروف، بعيد المسألة من ايديد يا ليت تركزين وتنتبهين ..

تنهدت ميرة بخفة وهي تزيح عن جبهتها بعض من خصلات شعرها الناعمة .... تنهدت وهي لا تدري ان طيف ابتسامة أقل ما يُقال عنها بالشيطانية تطايرت فوق مقلتا عين المعلمة ..



.
.
.
.
.
.
.



أبـــوظبــــي
في إحدى رياض الأطفال



وبرقة كرقة نسيم البحر أخذت تقص على "أطفالها" الحكاية، وختمتها في الاخير بصوت منتعش وهي ترفع عيناها الباسمة وتحدق بجميع طلابها الصغار: وبعد أن مرت السنين الطويلة، رجع التاجر الأمين لوطنه محملاً بكل البضائع التي سُرقت منه بغير وجه حق، وعاش بعدها في كنف عائلته مرتاح البال مطمئن النفس ..
تووتة توووتة ..
صاح الأطفال بصوت عالٍ صياحاً مسروراً مُتحمساً: خلصت الحدووووووتة ..

ضحكت برقة وهي ترى الضوضاء التي عمّت بالمكان ما إن انتهت القصة، صفقت بقوة وهي تهتف بابتسامة: الحين يا عسولين، بكتب جملة في السبورة، والشاطر اللي بيقدر ينسخ الجملة صح في دفتره .. اتفقنااااا ..!!!!

قفز الأطفال بوجوه مُبتهجة مُنيرة كـ نور قلوبهم النقية مرددين بقوة: اتفقناااااااااااا ...


ابتسمت قبل ان تستدير للوحة الكبيرة البيضاء وتكتب .... الا انها استدارت بجزع وهي تسمع بكاء أحد الصغار ...

وضعت القلم وذهبت إليه وملامح وجهها الناعمة تتغير للحزن: حبيبي عبدالله بلاك ..؟! شي يعورك ..؟!!

لم يُجب الطفل عبدالله وانما استمر بالبكاء الذي قطع اوردة فؤادها الصغير، وبينما هي تحاول ايقافه لتتمكن من سؤاله بشكل افضل، شمت رائحة بول "اعزكم الله" ..

علمت عندها ان عبدالله يبكي حرجاً وخوفاً لأنه فعلها في الصف ....
لانت تقاطيع وجهها المشدودة وقالت بعاطفة جياشة وهي تقبل رأسه: لا تخاف حبيبي .. الحين انا وانته بنروح الحمام وبغسلك وببدلك زين قلبي ..؟!!

استمر الولد بالبكاء بينما ظل الأطفال الباقيين يراقبون الذي يحدث ببراءة وفضول، حملت الطفل غير مكترثةً أبداً ما اذ ستتسخ ملابسها ام لا ... فـ هي لا تحتمل ابداً رؤية طفل صغير يبكي من غير ان تُسكته بقبلة أو بحضن دافء ..


احتضنته بقوة وخرجت للخارج حيث العيادة المخصّصة في الروضة ..

وضعت الطفل بعد أن طمأنته بصوتها العذب انها سترجع في الحال وانه يجب عليه ان يهدأ لأنه "رجل كبير" ..

"الرجل الكبير" هي الكلمة السحرية للأولاد الصغار، وهي من تعطيهم الحافز والتشجيع النفسي لكي يبرهنوا بشتى الطرق انهم بالفعل "رجال" ..


دلفت الإدارة وهي تضع يديها على خدها بإحراج باسم وتهمس: ياربيه عليج يا حنون، الحينه لو حد شمج شو بتسوين ..!!
هههههههههههههههههه خبله انتي والله ..

قررت أن تذهب للمشرفة الاجتماعية التي هي بالأساس صديقتها المقربة، فاللجوء إليها وهي بتلك الحالة أٌقل وقعاً واحراجاً من اللجوء لزميلاتها الأخريات ..

قالت برجاء ما ان دخلت عليها: ملاك حبيبتي بغيتج في خدمة صغيرونه ..

اقتربت ملاك من حنان بقلق: خير حنان شو فيج ..!!

ابتعدت حنان بضحكة مُحرجة: لا تقربين منيه ريحتيه عزج الله بول ههههههههههههههه

اتسعت عينا ملاك بذهول: لييييش شو مستوي ..؟!!

حكت حنان ما جرى لملاك وطلبت منها ان تتصل بوالدة الطفل أو والده لكي يُرجعوا الطفل للمنزل، أو ان يجلبوا على الاقل الغيارات اللازمة له ..

جلست ملاك على كرسيها وهي تهتف بأسف: يا حنان لازم نيلس مع هل الولد، اليهال ما يسوونها عزج الله في مكانهم الا اذا يواجهون مشاكل نفسية في بيوتهم ..

هزت حنان رأسها تأكيداً على كلام المشرفة ملاك: معاج حق والله، لازم نعرف الولد من شو يشتكي، اكيد هو عايش في خوف وقلق من شي ..


هاتفت المشرفة أهل الطفل وطلبت منهم المجيئ، وبعد أن اغلقت الهاتف، رفعت رأسها لتقول بنبرة باسمة لحنان: اظنتي يا حلوة لازم تردين البيت وتغيرين ملابسج ..

ضحكت حنان بخفة تنم عن حرجها البالغ واجابت الأخيرة برقة: هيه يا ختيه، يلا بترخص عنج .. قولي حق المديرة السالفة عسب تتفهم وضعي ..

ابتسمت ملاك بتفهم وقالت: ولا يهمج فديتج ..

هتفت حنان وهي تستدير لتخرج: يلا مع السلامة ..

ملاك بذات ابتسامتها: خالفتج السهالة غناتي



.
.
.
.
.
.
.



في القسم السابع من سجن لاسانتيه ..



انتفضت عيناه الغائمتان بضباب سهاد لازمه منذ أن وطأة قدماه هذا المكان القذر الذي لا يوصف بأقل من أنه مسرح اجرامي يدمي الأعين من فرط بشاعته وقبح مناظره القاسية على النفس البشرية ..

وبكل ما يعتمل صدره من لهاث غاضب .. غاضب حد القتل والنحر ....

وقف بسرعة هجومية وهو يضرب بكعب رجليه فك السجين الذي أمامه .....
ومن غير حتى ان يفكر ....
خلع قميصه المهترئ كاشفاً عن صدره العريض ومنكبيه ذو العضلات الصلبة البالغة القوة .... "قوة جسدية نُحِتت بتفصيل دقيق مع تدريبات مستمرة دامت لسنوات" ..

ثم لف قميصه بعين حمراء تزمجر جبروتاً/قسوةً عدة مرات بسرعة كسرعة الفهد وانقض بها على رقبة السجين الذي استفز بشدة صبره وانفعالاته المكتومة ..

رص على اسنانه بغضب اسود حقيقي وهو يسمع صوت الرجل واختناقاته المتوسلة له بتركه ... لكن هيهات ان يتركه قبل ان يرى رجلاه الضخمتان تلتفان ببعضهما مع خروج روحه الحقيرة النجسة ..

تحولت نظرتا حارب لشيء وصل حد الجنون .... كيف لا يصل لحد الجنون وهو يسمع هذا الشيطان السافل وهو يتبجح بكل تكبر وزهو حيواني كيف انه قتل بدم بارد اخته الحامل بعد ان اغتصبها امام والدته .... والدته الذي اقتلع عيناها اقتلاعاً وهي تدافع عن ابنتها وتحميها من براثن ابنها ...... ويا ليته شبع من شهواته الشيطانية ..!!!!

بل اغتصب بنات اخته المقتولة وباعهن بعد ان شبع منهن لرجل يملك نادٍ للعري وقد قبض بعدها مبلغاً بخساً صرفه على لهوه واعمالها القذرة ..


حارب بصراخ مرعب يشعل الرماد من فرط غضبه: والله ثم والله ما يسدني الا دمك يالكاااااااااااافر ..



وهذا ماحصل، فـ حارب لم يترك السجين الا وهو جثةً ميتة متعفنة كتعفن ما تفوه به على مسامعه ..


وفجأة .... تراجع حارب بقوة متقيئً كل ما في جوفه الخالي وهو يتذكر ما سمعه بالتفصيل من ذلك الحقير الذي اصبح الآن في عداد الأموات ..

تقيئ غضباً، تقيئ اشمئزازاً/تقززاً، تقيئ مرارةً على حاله الذي اوقعه في اتعس وارذل المواقف والمصائب ..

تقيــــأ الغصـــــة والألـــــم المضـــــني القـــــابع فـــي روحــــــه الشــــــامخة ..


التفت لجثة السجين وهو يستند بذراعه الأيسر على الحائط الرطب الكريه هامساً بغلظة محتقرة قاسية بُحّت من بين انفاسه المشدودة: جهنم وبئس المصير يالحيواااان ....


ظل على لهاثه المُرتجف من فرط انفعاله وهو يتذكر اللحظة التي وضعوا السجين في زنزانته المظلمة، لعن ألف مرة في قرارة نفسه كل من في السجن وكل من تسبب له بوجوده هنا، ثم وقف وهو يأخذ دفعة اكسجين متسخة بهواء المكان الذي يشبه القبر ..

حقاً انه قبر، كيف يصف هذا المكان غير إنه قبر يحمل في جوفه شياطين مُلبسة بأغلفة أنسية يحملون قلوباً ميتة معدومة الأيمان بأي شيء في هذه الدنيا ..!!!


زفر كل ما يعتمل روحه من قهر وغيظ اسود وهو يتمتم بالاستغفار ثم قال بهمس خافت موجع: اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام ..


حدق بطرف عيناه بـ جثة الرجل ثم اردف بنبرة مقززة تخللها كره صافياً: شو بسوي الحينه في هالملعون ..؟!!

صمت قليلاً ثم هتف بسخرية مريرة وهو يرفع جانب فمه: يا عمي هي خربانه خربانه ...


وقف أمام القضبان الحديدية وهو يصيح بإنجليزية عالية قاسية "صقيعية": أيها العسكري، تعال هنا واخرج هذا القذر من زنزانتي ..

سمع عندها صوت امرأة سجينة تصرخ بلغة غير مفهومة وتستنجد ببكاء موجع بكل ما فيها من ضياع وذل .. استمر صراخها الحاد حتى اختفى خلف شهقاتٍ مكتومة ..


وبعد مرور دقائق معدودة، رآى حارب العسكري آتٍ عنده وهو يغلق ببطء شديد سحاب بنطاله وابتسامة صفراء/خبيثة/قذرة تعلو ملامح وجهه التي كانت وكأنها التهمت للتو وجبة كبيرة دسمة ..


لمح حارب الدم الذي تلطخ بكثرة فوق بنطال العسكري واستوعب عندها ما الذي حدث للمرأة المستنجدة ...!!!!


تراجع للخلف واستند ظهره على الحائط ثم أغمض عيناه بقهر كـ قهر صخر وسط بركان فائر هاتفاً بصوت يناجي فيه ربه بكل تضرع ورجاء .. صوت حمل كل بحات الكون ألماً:
صبـــــرك يـــــا رب .. صبــــــــرك ..



.
.
.
.
.
.
.



شركة بن خويدم - أبوظبي



وقفت وهي تصلح هندامها بنظرة واثقة لامعة .. ثم تحركت وهي تحمل بين ذراعيها المخطوطات التي ستريها للمدير ..

لم تكن تحتاج لتريه عملها في الحقيقة، فهناك من يرأسها وتستطيع ان تسأله وتستشيره، ولكنها لن ترتاح ولن يهدأ بالها حتى تتمكن من السيطرة على ثبات وصبر ذلك الـ "بطي" ..!!!
حتى تتمكن من نيل حبه والزواج منه ...!!!!


عندما وصلت لمكتب السكرتير، لم تجد أحد، أخذت تتلفت بأعينها المرسومتان بالكحل بطريقة محترفة جذابة مغرية الا ان لمحت باب مكتب المدير شبه المفتوح ..

ابتسمت عيناها بتلاعب شيطاني ثم اقتربت اكثر من باب المكتب وطرقته عدة طرقات ناعمة خفيفة، لكنها لم تسمع رد يأذنها بالدخول ..!!


عقدت حاجبيها باستغراب وهي تُدخل رأسها قليلاً ...... وياللغرابة لم ترى بطي جالساً كالعادة وراء مكتبه ..!!


تأففت بحدة مغتاظةً من حظها التعيس، فهي تأملت وبقوة رؤيته واشباع ناظريها بوجهه الوسيم ..

وبوقاحة منها، دلفت اكثر المكتب وهي تمشي بغنج وتبتسم بغرور بالغ مؤمنةً بكل ثقة ان هذه الشركة بأكملها ستغدو ملكها لو انها في المستقبل تزوجت بطي ..

ههههههههههههههههه ستكون لك يا أليازية ..
ستكون لك وفوقها صاحبها ..
فقط اصبري وتمكني بأنوثتك وجمالك من امساك ذلك الـ بطي من رقبته ..


جفلت بخوف عندما سمعت صوت رنين هاتف محمول قابع فوق طاولة المكتب، اقتربت بفضول وقرأت الاسم ..
"أمونتي" ..


زمت فمها بغيظ صرف وكره جعل عيناها تحمر وتصبح اكثر عتمة ....

عرفت هوية المتصل ..
كيف لا تعرف اسم من تشارك الذي تحبه الفراش ..!!!!

لم تكن لتعرف باسمها لولا موظفة تعمل هنا في الشركة، فتلك الموظفة كانت ابنة عم إحدى صديقات آمنة، ومن بين احاديثها وثرثرتها اليومية مع أليازية، ذكرت الموظفة اسم زوجة المدير ومن تكون ..


اشتعلت فكرة شيطانية في عقل أليازية وقررت العمل بها بسرعة البرق قبل ان يأتي أحد ويراها ..


اقتربت وضغطت على الزر الأخضر للهاتف ..



.
.



على الجانب الآخر ..



قطبت آمنة حاجبيها باستغراب لتأخر بطي في الرد على هاتفه، وبعد رنات عديدة أجاب ..

ابتسمت وهي تهم بالترحيب بحبيبها الذي ما ان يذهب لأبوظبي حتى يوقد تحت قلبها نار الشوق "المُتّقد أساساً" ..


ولكنها تجمدت بأكملها وهي تسمع الصوت الأنثوي من الطرف الآخر ..

: آآآآآه حبيبي بطي .. أحببببببك .. أحببببببك واموووت فييك .. خلك معايه دووووم لا ترد العين ..
آآآه فديييتك اناااااااا ..


سقط قلب آمنة في اسفل قاع في جوفها وهي تستمع للتأوهات الأنثوية والمناجاة الغرامية بين زوجها والفتاة التي لا تعرف من هي ..!!!


تجمدت ونار جوفها المتقدة تلونت بكل ألوان الصدمة/الألم المنصهر/الشحوب الميت/التقزز البالغ أقصاه ....

شعرت انها تحت كتل من الجمر ..
لا لا لا ..
بل لم تكن تشعر بالجمر بقدر احساسها المرير بالمرض .. مرض غريب اصاب اطرافها بالخمول .. واصاب قلبها بالاختناق المُهلك .. مرض جعل كل حواسها تحت تأثير إعصار الفاجعة ..!!
كانـــت فاجعــــة بحـــق ..!!


لم تشعر بذاتها وهي تنزل الهاتف ويسقط فجأة من بين أصابعها القمحية بكل ما في الوجوم من ....... موت ...



.
.
.
.
.
.
.



دخل المركز الطبي الخاص بعد ان هاتف تلك الميسون في الصباح الباكر ودلها على مكان اللقاء .. فـ هو عرف بعد ان عمل اتصالات قليلة كل شيئاً عنها منذ أن تركها خمس سنين مضت .. وعرف بأنها مقيمةً حديثة في دبي ..

مقيمةً وحيدة مع ابنها بلا رجل او عائل معهما ..!!!


رآها واقفة أمام إحدى الأقسام المتخصصة وهي تحمل بذراعيها طفلاً لا يتجاوز عامه الرابع وبضعة شهور ..

لم تفته لمعان عيناها الناضحة بالإعجاب والاثارة .. ابتسم بسخرية بالغة .. سخرية تخللها ثقة عالية المستوى ..
فلطالما كان هو مثار فتنة الفتيات .. ليس غبياً ليدرك عكس ذلك .. وليس بـ مغروراً ليتبجح بذلك أيضاً ..!!!

وإنما هذا الواقع الذي يراه أمامه ..!!!!


وأكبر دليل هذه الـ ميسون التي بالرغم من بغضها له وحقدها عليه .. ما زالت تقع بسهولة تحت تأثير سحره الرجولي ..

هتف بـ صرامة ثلجية اخفى خلفه انبهاره الشديد بمدى شبه الصغير بـ شقيقته مهرة: جاهزين ..؟!!

هتفت ميسون بنبرة هادئة: ما بدك تسلم على كرم وتحاكيه ..؟!

رمق نهيان الطفل ذو المحيا الجميل ولم ينبس ببنت شفه ... ثم هتف وهو يتقدمهما ببرود "ظاهري" صرف: يلا خل نستعيل ما عنديه وقت انا ..

التفت بخفة وهتف باستهزاء قاتل عميق: لو ظهر هذا ولديه اول شي بسويه اغير اسمه ..


رصت ميسون على فمها محاولةً كتم غيظها من برودته وسخريته المستمرة، وتحركت خلفه بعد ان فضلت عدم التعليق على تصرفات النزقة "المُحتقرة" ..

وبعد دقائق ليست بالقصيرة، خرج الثلاثة من غرفة الفحص بعد ان سحبت الممرضة من نهيان والطفل عينات من دمهم ..


لانت ملامحه وهو يرى الطفل يبكي ويشهق بعد ان عاش تجربة مرعبة "مع الحقنة" ..


ومن غير تفكير مسبق ..

اقترب من ميسون وأخذ عنها الطفل بـ حنية تقطر دفئاً، وهمس بـ ود نقي له: الرياييل ما يصيحون كرم .. صح ..؟!!

توقف الطفل عن البكاء وكأنه تذوق السحر من نظرة نهيان الأبوية ..

كرر للطفل بصوت اعمق/أرق: صح الرياييل ما يصيحون ..؟!!

هز الطفل رأسه بخجل جم وأخذ يتلمس بطفولية "سكسوكة" نهيان ..

اتسعت ابتسامة نهيان الجذابة وقبّل رأس الفتى .... ثم سأله: شو تحب تاكل ..؟!!


تدخلت ميسون وهتفت بحدة بسبب تجاهل نهيان لوجودها: كرم ما بيحب ياكول حي الله أكل ..

لم يكترث نهيان بما قالته ميسون بتاتاً بل اعاد على الفتى السؤال: شو تحب تاكل بابا ..؟!

وضع الفتى أصبعه بفمه والتفت لـ والدته خائفاً من ردة فعلها ..

قال نهيان بنبرة مُشجعة: يلا قول حبيبي ..

أجاب الطفل بصوت طفولي متقطع: ماك ..


ابتسم نهيان بخفة ذات معنى ..
لو كان هذا الطفل ابنه، فـ على ما يبدو جينات شقيقته مهره لم تكتفِ بسحب ملامح الوجه لصالحها ... بل حتى نوع الطعام التي تعشق ...!!!


هتف بنظرة باسمة دافئة: فالك طيب ..

وقف وهو يوجه كلامه لـ ميسون الحانقة .. حانقة لأنه يتحكم بالطفل منذ الآن .. وهذه دلالة واضحة على انه سيتدخل كثيراً في المستقبل في تربيتها لـ طفلها ..!!
: يلا امشوا ويايه .. بغدي الولد ..

ومن غير ان يسمع ردها، امسك بيد الفتى وجره بحنية ..

وللمرة الثانية، انقادت وراءه الى ان خرجوا من المركز الطبي ...


لمحت بطرف عيناها نهيان وهو يفتح سيارته بجهاز التحكم عن بعد، وبعفوية تامة سألت: ايمتين اخدت فراري ..؟!!

أجاب بـ فرنسية سلسلة "صقيعية حد الموت": هذا ليس من شأنك ..



.
.
.
.
.
.
.



عندمـــا حـــلّ المســاء ..



اتسعت ثلاث ازواج من الأعين بصدمة حقيقية وهن يتلقين للتو الخبر الأشد قوة على ادمغتهن ذوات الاستيعاب المعقول ..!!

خبر غير ملامحهن المتوردة وجعلهن كالثلج الجامد بينما ارتسمت كل معالم الصرامة والسيطرة المتقنة على وجه ذلك الذي قذف للتو قنبلته على رؤوس نسائه العذبات، والدته، توأمه وابنة اخيه ..

وقف بثبات وقوة كامنة واردف بكلمة اخيرة غير قابلة ابداً للنقاش والمجادلة: رمست انا هامل والاسبوع الياي ان شاء الله بنسير نخطب بنت العرب ..

وكما دخل كالإعصار الرمادي العاتي، خرج مع ذات ريح اعصاره .. مخلّفاً ورائه آلاف الافكار والتساؤلات المتطايرة داخل عقول الثلاثة ..

التفتت سلامة لأمها وابنة اخاها وقالت بمحاجر متسعة وذهول شاسع: سمعتن اللي سمعته ولا انا غديت خبله واتووهم ..!!!

هزت ناعمة رأسها بـ "نعم" عاقدةً حاجبيها باستغراب صرف، فهي تعلم بالأمور التي حدثت من قبل عندما كانت فتاة صغيرة لا يتجاوز عمرها الثلاث عشرة سنة، ولكن في الحقيقة هي تجهل التفاصيل وتجهل للآن ما الذي حصل وجعل سلطان يفسخ خطبته من شما ..

ثم التفتت لجدتها وقالت بنبرة خافتة: يدوه عميه صدق يبا يخطب مرة ثانية شما بنت خويدم ..؟!!

كانت الجدة تحدّق في الخواء وتفكر بشرود تام بالذي حدث لعقل ابنها وجعله يغير تفكيره فجأة بخصوص الزواج .. بل انه طلب الزواج من ذات الفتاة التي خطبها من قبل ورفضته ..!!


كان واضحاً عليك يا بني انك متأكد وواثق ان شما ستقبل بك هذه المرة ..
من اين لك هذه الثقة ..!!
وما الشي الذي غيّر فكرتك عن الزواج التي "لم تكن لتتزحزح من مكانها" ..!!


تنهدت ام هامل محاولةً ان لا تتعمق بتساؤلات سلبية وتنسى سعادتها بخبر زواج ابنها ..
فقبل كل شيء، حلمها وهاجسها كان ان يتزوج ابنها وتراه مستقر البال والنفس في بيته مع زوجته واطفاله، حتى لو كان الزوجة شما التي لم تكن لتكرهها او تكن لها اي مشاعر سلبية بعد الذي حصل ..
فهي تؤمن بيقين تام ان الزواج ما هو الا قسمة ونصيب .. والذي حدث لابد انه يكون حكمة من رب العالمين ..
ومن هي لتعترض على حكمة رب العالمين وتشعل وجدانها البغض والحقد بسبب عقد دنيوية تافهة .. عقد دنيوية ليس لها قيمة بنظر من يكن في صدره الايمان والطيبة ..!!

التفتت ام هامل الى ابنتها سلامة وابنة ابنها ناعمة لتهتف ببحة عميقة: دام انه في خاطره شما، خلاص عيل امره فاله طيب ..
(فاله طيب أي يبشر بالذي يريده)



.
.
.
.
.
.
.



دخل الغرفة المخصصة للاستحمام في النادي بعد ان انتهى من التمارين الرياضية ..
هو لم يكن يوماً من محبين النشاط والتمرينات الرياضية القوية خاصة رفع الاثقال والسباحة، ولكنه وجد نفسه بعد ان فقد صديقه الغالي منذ ثلاث سنوات يستشير عمه عن أفضل نادٍ رياضي ...
فهو بلا احساس منه، بدأ يفعل كل ما كان عبيد صديقه يحب فعله ويفضله .. وعبيد كان من المداومين المثابرين على عمل الرياضة اليومية ..

ولأن عمه سلطان يُعتبر من اهم رواد النوادي الرياضية في ابوظبي، فقد نصحه بهذا المكان الراقي الفخم ..

ابتسم بخفة تخللها مرارة مؤلمة ..
حسناً، يجب عليه ان يعترف ان الرياضة افادته نفسياً وفكرياً قبل ان تفيده جسدياً ..!!

فلولاها لكان مات منذ أزل من الفراغ ..!!

نعم .... فـ هو ويا لحسرة قلبه ..... لم يتمكن للآن من الاختلاط مرة أخرى مع اصدقائه واصدقاء عبيد القدامى وهو الذي كان كينبوع شلال متدفق من فرط حركته المستمرة واجتماعيته المشتعلة.. لم يكن ابداً من الذين يحبذون جلوس المنزل والكلية والدراسة ..

ضحك بعد ان التمعت عيناه بضياء شجن صرف .. تذكر مواقفه المضحكة مع عبيد ..

تذكر كيف كان شاباً مستهتراً يهرب بالساعات من المحاضرات ولا يرجع الا بعد توبيخ قاسي من صديقه الذي يسميه
بـ "فأر الكتب" ..

تذكر كيف كان يغضب بشدة عندما يرى عبيد يدرس .. ويدرس .. ويدرس
بينما هو يجلس أمامه واضعاً يده على خده بضجر .. ثم يأخذ الكتاب عنه ويرميه ويقول بحدة مُتهكمة: عنبوووه صرط المنهج يلين ما الله شافلك .... رمسني ياخي ربيعك له حق عليك بعد ...
(صرط = بلعت)

ثم يتأوه بألم وهو يتلقى ضربة خلف رقبته ويسمع رد عبيد الغاضب: انا عمري ما شفت واحد شراتك، يا غبي زخ كتابك وادرس .. ترى والله يا ذياب ان ييتني عقب وقلتلي تعال فهمني يا عبيد ما بفهمك ..

بعدها يزم فمه بامتعاض وتبرم ويمسك كتابه ليدرس ..... ليس لشيء ..
فقط كي يتمكن من جعل عبيد فيما بعد يفهمه ما قد يصعب عليه فهمه في المنهاج ..!!!


انزلقت ضحكته الشجية تدريجياً لتختفي خلف نظرة عين تتلألئ اشتياق ملتاعاً ..


عبيــــــــد ..... والـــذي جعـــل منــــك الخليـــــل . . افتقـــــدك ..!!



خرج من دوامة افكاره الموجعة وهو ينشف شعره من الماء، ثم ارتدى ثوبه وتعصم بغترته ..

سمع هاتفه يرن ... والتقطه بخفة ....
وعندما قرأ الإسم ابتسمت عيناه بود .... فهذا الرجل يُشعره بأنه ما زال في الحياة أناس كحبيبات المطر الباعثة للسرور ..

رد بصوت رجولي مُرحب: مرحبا السااااع عرب بوراشد ..
(عرب بوراشد = اهل دار الشيخ محمد بن راشد *دبي*)

: مرحبابك مليووون ولا يسدن يا ولد هامل .. الحمدلله على السلامة يا خويه تو ما انورت البلااااد ...

ذياب بنبرة ودودة: ربي يسلمك ويحفظك من كل باس يا حمد ... امبونها البلاد منوره بهلها وناسها ..
اشحالك واشحال هلك وعربانك ..؟!!

حمد: والله كلنا بخير وسهالة يسرك الحال .. اسمحليه عاده ذياب والله ما دريت بردتك البلاد الا من سالم البارحة ..

ذياب: الله يسمح ذنبك دنيا وآخره يا بوشهاب .. مابين الاهل هالرمسة يالغالي .. المهم سمعنا حسك ..
(الله يسمح ذنبك دنيا واخره تُقال رداً على من يقول اسمحلي او السموحة منك)

ثم اضاف بـ حزم دافئ: قرب صوبنا طويل العمر خلنا نشوفك ..

حمد: قريب قريب فديت خشمك، هاليومين محتاس شوي في مشرووع احتاي اخلص منه، وامره اول ماخلصه بخطف جداكم بإذن الله ..
(محتاس اي الذي يعمل على شيء مع شعوره بالربكة والحيرة)

ذياب بنبرة دافئة: حيااااك يا بوشهاب اي وقت ..

حمد: الله يحييك ويبجيك ..


وبعد دردشة شبابية خفيفة، اقفل ذياب عن حمد وابتسامة جذابة ترتسم على محياه ..

فهو قد تحدث للتو مع شخص يرتبط جينياً برائحة فقيده الغالي ..

وكأن الله بهذا يريد ان يخفف عليه وجع غياب الاخير ...!!!



ضرب بخفة رأسه متذكراً حارب الذي الى الآن لا يجيب على اتصالاته ..

امسك هاتفه مرة اخرى واتصل به .. ولكن هاتفه للأسف مغلق ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



كان يمشي حول غرفة والديه قاطباً حاجبيه وباله الشارد ينضح ضباباً باهتاً من مئات الافكار والكلمات في عقله ..

بعد لحظات قصيرة، خرج اباه بثقل هاتفاً بنبرة رنانة تخللها بحة عميقة: لااااا إله الا الله ...

جفل بخوف عندما رأى ابنه واقفاً أمامه: بسم الله الرحمن الرحيم ... من وين ظهرتلي انت ..!!

ابتسم فلاح وقال: آسف ابويه زيغتك ...

اكمل والده سيره وهو يهتف بحزم متسائل: يدك وين ..؟!!

فلاح بذات حزم ابيه ولكنه حزم امتزج بارتباك طفيف منتظراً الفرصة ليفاتح اباه بما في جعبته:
يديه سار يسلم على بويمعه الـ.. رد البارحة من العمرة ..

عقد أبا نهيان حاجبيه وقال: الله يهداه شحقه ما يصبر جان خاويته ..

هز فلاح كتفيه بـ "لا اعلم" .. واجاب: اظنتي هو اتحراك بتتحير في عيمان ..
(تتحير = تتأخر) (عيِمان = عجمان)

أبا نهيان: عنبوه انا الا ساير اعزي عرب وراد ... شو بيحيرني ..!!

فلاح: مادريبه والله ... تبانيه اوديك صوبهم الحينه ..!! حاضرين نحن ..

حرك أبا نهيان يداه بحزم وقال: لا لا خلاص ما يحتاي ... بتصل بالريال خلاف وبسلم عليه ..

أردف وهو يرى التردد في نظرة عينا فلاح: بغيت شي فلاح ..؟!!

توقف فلاح محاولاً رمي الكلمات بثقة وثبات كعادته: أ أ اممممم ابويه متى بترمس العرب عسب نسيرلهم ونخطب ..؟!!

رص أبا نهيان عينه متفحصاً وجه فلاح وقال: صدق ناوي تعرس فلاح ..؟!!

فلاح بحزم بالغ: هيه ابويه ما قد مزحت انا في هالسوالف ..

رد والده بحزم مشابه: لكن شقايل ايوّز الصغير واهد العود ..!!
(ايوّز = ازوّج) (اهد = اترك)

لانت نظرة فلاح محاولاً ان ينتصر في هذه المجادلة .. وقال بنبرة مدروسة: ابويه طوليه بعمرك الحينه ماشي عود وصغير .. نهيان لو يبا يعرس جان قال من زمان .. لكن هو ما رمس .. وانا هب ملزوم اترياه إلين ما يرمس ...

هز أبا نهيان رأسه باقتناع: صدقك ولديه .. الله يهداه من ولد ..
خلاص ان شاء الله يوم يرد يدك، برمسه وبنشوف شو الله بيسهل ان شاء الله

اقترب فلاح من ابيه وقبّل رأسه بنظرة مثقلة بمشاعر مُبطنة .. وقال: لا خليت منك يا الغالي ..

واستدار قبل ان يلتمع بريق ذات ألف معنى ومعنى على عيناه ... بريق يرسم بكل ثقة اساسيات ما يطمح إليه ... وما سيسعى لتنفيذه لا محالة ...!!!



.
.
.
.
.
.
.



: ههههههههههههههههههه يا واد يا شئي ههههههههههههههه بس يالطفس اشوفك خذت راحتك ..
هههههههههههههههه منوعي عااااااااد والله استحيييي ههههههههههههههههه ...

هتف مانع على الطرف الآخر بنبرة ممتلئة بالرغبة المتوحشة بصاحبة هذه الضحكة القاتلة: متى بشوفج شماسي متوله عليج حبيبي ..

مررت شمسة طرف لسانها على شفتها السفلى لتقول بأنوثة تتفجر سموماً خبيثة "مشينة": منوعي خلاص يا عمري قلتلك ماقدر اتلاقى وياك شرات قبل .. نسيت اني بديت اشتغل في المدرسة ..؟!!

قلب مانع عيناه بسخرية تخللها ضجر وقال: عاد الله والشغل، ابلة فيزيا لا رحتي ولا ييتي ..

حركت شمسة طرف فمها بامتعاض من لسان مانع اللاذع الساخر ... ثم قالت بنبرة ساخرة: مالك خص حبيبي وين اشتغل ... عليك بالسوربرايس الصغيروني اللي مزهبتنه لك ..

هتف مانع ضحكة متشوقة مقرفة: هههههههههههههههه شموس مزهبلتنا مفاجأة !! حلووو حلوووو ..
شو هي .. !! اكيد غاوية شرات عيونج ..

رفعت شمسة أنفها بتكبر وتغطرس تام وقالت: اتخسي تكون شراتي .. بس من حيث انها غاوية ... فهي صارووووخ ..
من اللي بيحبو ألبك هههههههههههههههههههه ..

سألها مانع بتلهف شديد: منوووو ..؟!!

رسمت على ثغرها تلك الابتسامة الشيطانية المثقلة بالشر الأسود ... وهمست: وحدة من طالباتي في المدرسة ...
يومين وياهاا بينسوونك الضيج والملل ... وبتتمزمززز على كيييييف كيفك ..

التمعت مقلتا عين مانع بـ شرارات الرغبة الشرهة .. وبدأ تجوع ملهوف يسري فيه على فتاة لم يعرف حتى اسمها وشكلها ...

حتماً هي جميلة .. فـ شمسة التي تكاد تكون قرينة الشيطان بشرها المتلبس على هيئة أنثى لا تجلب له الا الفتيات الصغار الحسناوات ..!!!

هتف بابتسامة صفراء جائعة تخللها استغراب: بس هاي من العين ... شو بييبها بوظبي ..؟!!

رصت شمسة على عيناها بخبث جهنمي متلاعب واكملت بذات همسها: ولوووو حبي ... انت بمخك الفطين بتروم تييبها إلين باب شقتك .. عاده انته ما تنرام موليه ..
(ما تنرام موليه = لا احد يستطيع هزيمتك ابداً)

حك مانع جانب ذقنه بتفكير شيطاني يثير القشعريرة ... ثم قال: عطيني اسمها الكامل ..

هتفت شمسة بخفوت وتروي بالغ الخبث: ميرة عبدالله بن خويدم الـ....







نهـــــاية الجـــــزء الرابـــــع عشـــــر


sira sira likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-06-16, 06:59 AM   #18

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)







الجــــزء الخــــامس عشــــر



،



أترى ستجمعنا الليالى كى نعود .. ونفترق ؟
اترى تضى لنا الشموع ومن ضياها .. نحترق ؟
اخشى على الامل الصغير بان يموت ..ويختنق ؟
اليوم سرنا ننسج الاحلام
وغد سيتركنا الزمان حطام
واعود بعدك للطريق لعلنى اجد العزاء
واظل اجمع من خيوط الفجر
احلام المساء
وأعود اذكر كيف كنا نلتقى
والدرب يرقص كالصباح المشرق
والعمر يمضى فى هدوء الزئبق
شيء إليك يشدني
لم أدر ما هو.. منتهاه؟
يوماً أراه نهايتي
يوماً أرى فيه الحياه
آه من الجرح الذي
يوماً ستؤلمني.. يداه
آه من الأمل الذي
مازلت أحيا في صداه
وغداً .. سيبلغ منتهاه



لـ فاروق جويدة



،



بعد صلاة المغرب



اقترب من حدود مدينة العين وعقله الميكانيكي بالفطرة أخذ يفكر بألف طريقة وطريقة لكي يتمكن من الانتصار في "الحرب" الكلامية التي سيخوضها بعد قليل مع شقيقته الصغرى ..

فـ هي يجب ان تعرف الذي حصل ..!!
ويجب ان توافق عليه .. شاءت أم أبت ..!!

حسناً يا بطي، حان دورك الآن لتستخدم اسلحتك الفتاكة مع تلك الـ شماء ..!!!


بعد دقائق ليست بالطويلة، وصل للحي السكني الذي فيه منزله ومنازل عائلته ..

قرر ان يقابل شما اولاً ثم يذهب لمنزله ويسلم على عائلته الصغيرة .. فهو حقاً مشتاق لهم ..
مشتاق ومتشوق بشدة أن يرى السعادة على وجه زوجته وهو يخبرها بالمفاجأة التي اعدها لها ..!!

مفاجأة لابد وانها ستجعل من جميلته تحلق وتنقض على وجهه بالقبلات المجنونة المُبتهجة ..


آآآآآه .. يالقبلاتها النبيذية ..



.
.



في تلك الأثناء ..



كانت شما تجلس مع موزه محاولةً اقناعها بالذهاب للطبيب النفسي، فهي قد تأخرت بما فيه الكفاية ..!!

وكلما طال الوقت، زادت حالتها صعوبةً وركوداً ..!!

أشرت موزة بألم لم تستطع كبحه: ماروم شما ماروم .. ما باخذ موعد إلين ما حارب يرد بالسلامة ..

قطبت شما حاجبيها باستنكار وهتفت بحدة ناعمة: موزانه بالله عليج حارب وين ساير ..!! سار يجاهد في افغانستان ..!!
عمتج قالتلج سافر حق الشغل وبيرد اول ما يخلص .. لا توسوسين وتضايجين وجدمي فال الخير دوم ..

ارتجف ثغر موزة بوجع وفوبيا "الفقد" يكاد يثير في نفسها الجنون .... واشرت: هو قال دورة في دبي وبيرد .. شحقه يسافر اوروبا بعد ..؟!!

شما بنبرة مطمئنة: ماعليه فديتج تراه شغل .. والشغل ما يخلص

اشرت موزه بانفعال: واللي يشتغل ما يتصل بـ هله ..!!!!
ما يرد على تلفونه يوم انهم يتصلونبه ..!!!!

شما بذات نبرة الاطمئنان: عمتج قالتلج انه ساكن في منطقة بعيده فوق الايبال .. يعني اكيد الارسال هناك ضعيف وايد .. تعوذي انتي من ابليس وودري عنج الوسواس .. اخوج ريال ماعليه شر ان شاء الله ..
(ايبال = جبال)

ثم أخذت هاتفها وهمّت بالاتصال بعيادة الطب النفسي، ولكن امسكت موزة يدها ومنعتها هاتفةً بإشارات مثقلة بالضيق الشديد الغارق "بالوجع الخالص": دخيلج شما .. أجلي سالفة الموعد إلين ما يرد اخويه .. دخيلج .. مابا اسوي شي وهو محد ..

تنهدت شما بحزن وخيبة وهي ترى الذبول المؤلم قد اختلط بوضوح مع عسل مقلتا عين هذه الـ موزه ..

ثم هزت رأسها بتفهم وهمست: ان شاء الله .. على راحتج ..



وبعد دقائق لم تتجاوز الخمس، رأت شما زايد ابن شقيقها احمد وهو يركض نحوها ويصيح بصوت عالٍ: عموه عموه .. عميه بطي تحت يباج ..

هتفت شما بنبرة مُستغربة: عمك بطي ...؟!!!
شو يايبنه بطي من بوظبي هالوقت ..؟!!

اشرت موزة لها: روحي شوفي شو يبا، انا بتم هنيه في حجرتج ..

هزت شما رأسها بـ حسناً وذهبت مع زايد ..



.
.
.
.
.
.
.



رفع ناصر عيناه للسماء متأملاً الطيور المحلقة كـ سرب تشعل القلوب انبهاراً واعجاباً لمنظرهم المتجلي بربانية مثقلة بالجمال ..

أخذ يسبح لله في قرارة نفسه بنظرة باسمة ولم يُخرجه من تأمله وتسبيحاته الا صوت هاتفه المحمول ...

التقطه بخفة وقال مجيباً: ألووو

: باباااااااااااااا

: هلا ابوووووي هلااا .. هلا بـ روح بابااا انتي ..

سمع طفلته وهي تهتف بصوت شبه باكي: بابااااااااا انت وييييييين ..؟!!

انتصبت قامته بقلق حقيقي وقال: حبيبي منول شفيج شصاير ..؟!!

منال: باباااا ارجع بيتنا خلااااص .. وايد قعدت في الاماراااات

لانت ملامح ناصر ثم هتف بنظرة باسمة: بابا حبيبي قلتلج ما بتأخر .. كم يوم وراجع ان شاء الله ..
مشعل وفصول وينهم ..؟!!

زمت منال فمها بتهكم وغضب: لا تتكلم عن هالاثنين الاغبيااااء بابااااااااا
ما احبهمممم ما احبهممممم ..

رفع ناصر حاجباً واحد وقال موبخاً ابنته: منول شنو اغبيااااء ..!! كم مرة قايلج لا تسبين ..

ضربت الفتاة ذات الستة أعوام برجليها الأرض بحنق شديد ثم اخذت تبرر بطفولية: يبااااا انت ما اجوف اللي يسوونه فيني .. امس راحوا مع عيال عميمة مناير السينما ولا ودوني معاهم .. ويوم ردوا سألتهم ليش ما وديتوني قالوا كنتي راقده وانا ما كنت رااااااقده ..

كتم ناصر ضحكته ليستطيع اكمال جديته مع ابنته، وقال بعد ان تنحنح بخشونة: انزين حليلهم ما يدرون انج قايمة .. لو يدرون جان ما خلوج وراحوا ..

اكملت الطفلة تذمرها بغضب اشد: امبلى يدرون بس هم جذابين .. اصلا ما يبوني اروح معاهم لأني بنية مب صبي ..

حرك ناصر هاتفه من اذنه اليمنى الى اليسرى وقال بمرح: خلاص عيل خلج مع البنات .. شتبين في الصبيان وغثاهم

لم تسكت منال وانما اكملت شكواها من الجميع، ابتداءً من اشقائها إلى الخادمات والسائقين ..


لم يتأفف ابوها ناصر ولم يتذمر، انما استمر بتهدئتها بضحك ومرح راجياً الله بداخله ان يحفظ اطفاله له وان لا يأتي اليوم الذي تنطفئ فيه اصواتهم العذبة عن حجرات مسامعه وقلبه ..

انهى مكالمته بعد ان استمرت قرابة الربع ساعة ... ثم التفت حوله وقرر ان يكمل سيره على طول خط الكورنيش .. فهو منذ ان انتهى من عمله في المستشفى وهو يشعر برغبةٍ مُلحة للخروج في الهواء الطلق وشم نسائم البحر الباعثة للانتعاش ..


استمر بالسير واضعاً سماعة هاتفه على اذنه ويشاهد إحدى مقاطع الشيخ صالح المغامسي في يوتيوب ..

قطع عليه مشاهدة المقطع رسالة آتية من الواتس آب ..


"يعني تبا تخبرنا انك بزي يا حضرة الدكتور وما تروم تخطف صوبنا ..!!"

ضحك ناصر بخفوت على نغزات صديقه الكلامية ورد:
"صج ما تستحي .. يعني فوق شين قوات عين .. جاي بوظبي هالويكند ومافكرت تمر على رفيجك وتسلم عليه ..؟!"

أجاب صديقه بإحراج:
"اسكت نصور اسميني متلوم منك لكن وراس ابويه عبيد الغالي مارمت اييك .. ألف شغله كانت على راسي وكنت محتاي اخلصهن"
(متلوم = منحرج)

أجاب ناصر بحسه المرح الطيب:
"يا ريال لا تحلف بغير الله ما يجوز كم مرة اقولك .. وبعدين حصل خير .. وانت ما تنلام شغلك ذي ياخذ العمر كله مب بس الوقت والبال"

تنهد صديقه ورد ببسمة رجولية:
"علنيه افدا خشمك يا بومشعل .. علومك انت وعلوم هلك وعيالك في قطر ..؟!!"

أجاب ناصر:
"والله الحمدلله كلنا بخير وعافية .. "
وأكمل وهو يكتب بخفة:
"شخبارك انت نهيان وشخبار الاهل ..؟!"

نهيان برجولية ودودة:
"والله يا بومشعل اخبارنا تسرك ما تضرك فديتك"

ناصر:
"جدك شصحته الحين ..؟! .. خذ الدوا اللي وصيتك تاخذه له ..؟!"

أجاب نهيان بامتنان:
"هيه نعم خذتله الدوا وما شاء الله اصبح اليوم الثاني حصان ماعليه باس"

ضحك ناصر بخفة:
"ههههههههههه ما شاء الله، الله يخليه ويحفظه لكم"

نهيان بـ ود:
"اللهم آميييين ويحفظلك يا بومشعل كل عزيز وغالي"



.
.
.
.
.
.
.



رفعت ناعمة بنعومة باذخة خصل شعرها الأمامية للخلف ثم جثت على ركبتيها وهي تكمل تمرينها الرياضي هاتفةً لشقيقتها بنبرة صارمة حماسية: يلا يلا وراي عن العيازة يالعيوز ..

فطيم بتهكم/استياء/ارهاق شديد: والله هلككت نعوم خلاااااااص ..

ناعمة بحدة: اشششش ... سكتي وسوي شرات ماسوي يلاااا ..

فطيم بضجر بالغ: ياربي منج نعوم اللي يسمعج يقول انيه درام متختخة
(متختخة = متينة)

رفعت ناعمة حاجباً واحداً مجيبةً باستنكار: هذا تفكيركم يالعرب .. تتحرون الرياضة حق اللي يبا يضعف بس ..
ماتعرفون ان الرياضة زينة ومفيدة للضعيف قبل المتين .. وللصغير قبل العود ..

فطيم بذات ضجرها الذي تخلله انهاك بدني شديد: افففففف دخيلج يا بنت سقراط لا تبدين مواويلج .. هاذوه ها متفيزرة وياج واتريض ..

اكملت ناعمة تمارينها ومازالت تتذمر: هذا انتو يوم ان الواحد يقول الحق قلتوا عنه فيلسوف ويهذرب ..

صمتت قليلاً ثم هتفت بحماس جارف وهي تتذكر امراً مهماً:
فطفووووووط ما وصلتج العلووم ....!!!! بومييد بيعرسسس ..

فطيم بذهول عارم: حللللللللفي .. توج ترمسييييين يالدبه ..!!!!

ضحكت ناعمة بشقاوة وبدأت بسرد تفاصيل ما جرى لأختها ..


وبعد دقائق ... قالت فطيم باستغراب: اممممممم هب هي شما نفسها اللي كان سلطان خاطبنها قبل ..؟!!

هزت ناعمة رأسها بـ نعم: هيه هي نفسها ..

فطيم: يعني الحينه هي موافقه عليه ولا كيف ..؟!!

ناعمة بتفكير: والله تبين الصدق ماعرف ... هو يانا وخبرنا انه يباها وبيخطبها ..

فطيم: اهاااااااااا .. زين عيل الله يجدم اللي فيه الخير .. فديته عميه سلطان طيب ويستاهل كل خير والله ...


التمعت عينا ناعمة بحب حقيقي صادق وقالت: هيه والله يستاهل كل خير بومييد، وانا احس ان شما شراته طيبة وبنت اياويد ..


ثم صمتت قبل ان تحلق مع افكارها الكثيرة ..


ولكــــن فجــــــــأة ..
صرخت بجزع مصدوم ثم سقطت على وجهها ...... على ذقنها بالتحديد: فطييييييييييييييييييم ..
آآآآآآآخخخخخ .. يا حمااااااااااره ..


هربت فطيم الشقية من براثن اختها ... بعد ان دغدغت ابطها بشكل مباغت ..


وقالت من بين ضحكاتها العالية المشاكسة:
: ههههههههههههههههههه دوااااااااج يا أفلاطووووونة هههههههههههههههههه
(دواج = هذا جزاؤكِ)


لم تكن لتسكت ناعمة على حركة اختها ... سرعان ما وقفت وهرعت خارجاً تركض خلفها .. ولم يوقفها الا قامة ذياب أمامها واختها فطيم متعلقة خلف رقبته ولا تستطيع الكلام من شدة ضحكاتها ..


ناعمة بنبرة حادة غاضبة: ذياب نزلهاااااااااااا ...

رفع ذياب حاجبيه بتفكه ساخر: كم تدفعين امايه ..؟!!

قالت فطيم من بين ضحكاتها: ههههههههههههههه والله ما تنزلني يا ولد هامل .. ورفجة بوسلطان ما تنزلني ههههههههههههههههههههه
(ورفجة هي كلمة محلية متوارثة تعني الرفقة/الصحبة/العشرة وهي ليست بالضرورة يمين او حلف فتستطيع ان تحذف الواو وتقول "رفجة"، المُراد قوله هو ان "رفجة" تُستخدم عند الطلب والرجاء مع استعمال اسلوب الاعتزاز والانتخاء بكبار القوم او بالذي تعتز به شخصياً)


اقتربت ناعمة من ذياب وامسكت به لكي تصل لفطيم المتشبثة به: بوسلطاااان مرفوج عن سوايااااج يالعوفه
(العوفه = الشريرة/غير المحتملة)

اتسعت عينا ذياب بذهول مُستمتع: افاااا يا ذا العلم، فطيم يالطفسة شو مسوية بـ ناعمة شيخة البنات ..

هتفت فطيم بنبرة ضاحكة خبيثة: ههههههههههههههه ولا شي يا خويه الا هي في خاطرها تتواجع ويايه
(تتواجع = تتضارب/تتعارك)

وضعت ناعمة يديها على خاصرتها وهتفت بغضب/نفاد صبر: بتنزلها الذيب ولا شوووو ...!!!!

امسكت فطيم لحية ذياب المشذبة بعناية وقالت بحمية البدو واعتزازهم: رفجت عليك يا بوهامل والله ما تخليها ادقني
(ادقني اي تلمسني)

ضحك ذياب ضحكة رجولية رنانة وقال بقلة حيلة: والله يا ناعمة البنية ارفجت عليه ودقت اللحية .. اسمحيليه الغلا ما نروم نسوي شي ..


وفجأة .. التفت ذياب ومعه ناعمة وهم يسمعون صراخ فطيم الجزِع: باباااااااااااااتي لااااااااااااااا ..

ضحكت ناعمة بشماتة شاعرةً أنها اخيراً وجدت الذي سينتقم لها من اختها المشاكسة: ابووووويه عليك ابهااااا ..

قهقه أبا ذياب وهو يحمل ابنته التي كانت تتشبث بظهر اخيها كالقرد ... ثم هتف بنبرة حادة متصنعة: يوزي عن الشطانة يا فطيم ولا بعقج فـ طوي بيت المصلّي
(طوي بيت المصلّي = بئر عتيق موجوداً في باحة بيت جيرانهم القدامى، وكانت فطيم تخاف الاقتراب من هذا البئر منذ ان كانت صغيرة)


صرخت فطيم بجزع تخلله ضحك متقطع: ههههههههه لا لا لا باباااااااتي الا هاك الطووووي ..



.
.
.
.
.
.
.



تشعر بضيقٍ يغزوها بكل شراسة، لا تستطيع التفكير جيداً بعد الذي واجهته من كلام حاد من عمها مساء امس .. تشعر بأنها تحتاج التحدث مع شخص تفضفض له ما يكن في روحها من ألم على حالها وحال شقيقاتها المظلومات ..

ولكن برغم ضيقها، فهي مصرة بقوة على ان لا تتنازل عن أي حق من حقوقهن لذلك الطماع .. فالذي اخذه من اموال وxxxxات أصبح كافياً لسد فمه الجائع ..



تذكرت الحوار الذي دار بينها وبين عمها مبارك ..
حوار كان حاد بجميع المقاييس .. صحيح انها لم تتعدى حدود الكلام اللبق الخلوق .. انما اعطته بضع كلمات كانت كاللهيب الحارق .. كلمات مبطنة بمعاني كثيرة كبيرة .. أولها ..
"لن تأخذ أيها العم درهماً واحداً مما نملكه .. ولن تطأ قدماك ارضاً هي ملكنا ..!!"


ولكنها حقاً لا تعرف ما اذ تمكنت من اسكات عمها وارجاعه عما يريده .!!

تخاف من الآتي .. وتخاف أكثر من نواياه ..!!!


آآه .. استغفر الله العظيم ..


حسناً .. ستتصل بـ ناعمة وتخرج ما فيها جعبتها من ضيق وتذمر قد وصل أقصاه المقيت ..!!

فلـ ناعمة تلك الكلمات البلسمية في تهدئة ما يعتمل جوف الآخرين من قلق/وجل ..


اتصلت بـ صديقتها وافرغت ما في جوفها من كلام كثير وقلق متزايد عليها .. ولم تهدأ حقاً وبشكل شبه مرضي حتى تحدثت عن "ذلك" الذي رأته صدفةً في المقهى قبيل ذهابها المستشفى ..

ناعمة بصدمة: سبحان الله .. صدق الدنيا صغيرة ..

روضة بنبرة مُرتبكة خجولة: هيه شفتي عاده .. ما صدقت عويناتي يا ناعمة .. قلت مب لهالدرجة حظي قايم وبييني هذاك الريال إلين عندي ..

ابتسمت ناعمة بمعنى مُبطن مظهراً معه غمازتها العذبة: ما تعرفين الله شو كاتبلج يا روضة .. يمكن هالصدف تتكرر وانتي ما تعرفين ..


حل صمت بين الفتاتين وكل منهما اخذت تفكر بالذي سلب خفقات قلبها على حين غرة ..



لم تتمكن ناعمة من منع نفسها من الهتاف بداخلها بارتباك انثى قرأت للتو اول ابجديات القلب و"خفاياه" ....

أستعانقنــي الصــدف وألمــح مــرة أخــرى ذلك "المثيــــر" ..!!!!



.
.
.
.
.
.
.



خرجت من المجلس وهي تهرول .. كانت تهرول وقلبها يدق بجنون صرف .. بارتباك وصل حد الهذيان .. بصدمة ملتهبة لم تحسب حسابها ابداً .. كيف تحسب حسابها بحق الله وهي التي اوصدت للتو ابواب ذكريات حطمت قلبها لقطع متناثرة ..!!

كيف تحسب حساب صدمات تخبئ داخلها اخبار كهذه ..!!

كيف ..!!


دخلت لأقرب حمام أمامها، ثم انزلت رأسها لتغسل وجهها بيدين مرتجفتين .. بشفاه تتراقص بانفعال حقيقي .. تشعر بأنفاسها تضيق .. وبتوازنها يختل ..!!!!


امسكت طرف المغسلة محاولةً الثبات والاتزان ..


وحدّقت بالمرآة ....... وشعرت حينها بأنها كبرت فوق عمرها عشرون سنة ..!!

فقد اختفى اللون عن وجهها واصبح كقطعة ثلج بيضاء مُزرقة ..!!

استحال وجهها المخملي لقطعة كريستال سقطت على بلاط الصدمة وانكسر ..


أخذت تلهث بشدة .... وبلا حول لها ولا قوة ..

لهاث ينضح تناقضاً انفعالياً غريباً مسبباً تصادم عاتي بين معاني الشعور و"اللاشعور" في وتين قلبها ..

لمَ عليها خوض معارك فوق طاقتها العاطفية يالله ..!!
لمَ يجعلونها تعيش القهر قهرين .. والمرارة مرارتين .. والألم ألمين ..!!

لمَ ..!!

يا رب الكون .. تكاد ترى قلبها مترنحاً امامها من فرط ارهاقه الميت ..!!


اسبلت اهدابها فوق عيناها والوجع الصرف قد انتشر بهيمنة شديدة على محياها ..


أتـــرغب بالـــزواج بــــي يـــا سلطـــــــــان ..!!
كيف ...!!!
لا لا ..
أعني لمــــاذا ..!!!!
لا لا لا .. ليس لمـــــــــاذا ..

بل ما الذي جعلك يا هذا تفكر مرة أخرى بالزواج من التي اهنتها ..!!

ما الذي جعلك تفكر أيها المتكبر بالزواج من "شماءاً" تسلقت جبالك الشاهقة ولم تستطع النزول ..!!


مــا .. مـــا .. مـــا الذي .....


اوقفت فجأة تفكيرها وهي تصب على وجهها المخطوف الماء بعنف .... ودار مسار تفكيرها للحظات التي عاشتها قبل دقائق مع شقيقها الأكبر بطي ..



.
.



جلست بقربه بعد ان ألقت السلام على شقيقها وسلمت عليه "بالأنف" ..

ثم هتفت بنبرة مشاكسة: شو مستوي في الدنيا يا عرب، بوخويدم عندنا اشوف ..!!!

ابتسم بطي بخفة رجولية جذابة وردّ بروحٍ مداعبة كما اعتاد دوماً مع هذه الفتاة: شيختيه .. ما نقهر نحن فرقى مدعوي لعياني
(ما نقهر = لا نتحمل) (مدعوي لعياني = مدعوج الاعيان/أدعج العينان)

ضحكت شما بقوة ضحكةً تخللها خجل حقيقي .. فـ شقيقها هذا لا يترك عنه لسانه المعسول بتاتاً ..!!

وهتفت بوجه تلون بالخجل والاستمتاع: ماقول الا يا حي أم خويدم بس ..

وقفت وصبت لشقيقها فنجاناً من القهوة: سم بالرحمن فديتك

اعتدل بطي بجلسته واخذ الفنجان: سم الله عدوينج غناتيه ..


هز فنجانه بعد ان فرغ منه ... ثم تنحنح بخشونة "حانية" وقال بحزم دافئ: شما علنيه افداج تعالي يلسي عداليه ..

اقتربت شما وهي تقطب حاجبيها بخفة متوجسةً من تصرف شقيقها وهدوئه غير المعتاد .. وهمست برقة: خير بوخويدم .. احس في خاطرك رمسة ..

التمعت محاجر بطي بـ حب/حنان جارف وقال: ما جد طلبتج يا بنت ابويه شي ولا ريت غلاتيه في افوادج ..
وانا ياينج اليوم طَلاب ..
(ما جد طلبتج = لم اطلب منك قط)


انتفضت شما باستنكار أنثوي ناعم وقالت: افاااا يا بوخويدم انت هب طَلاااب .. انت تااامر على هالرقبة تبيع ابهااا وتشتري .. ويا ويييل اللي يفتح ثمه ويرمس ..

ابتسم بطي بحب اخوي وفخر بأخته المثقلة بجمال الروح ... ثم امسك بكفها الأيمن وقال بنبرة مباشرة لا تحتمل التردد والالتفاف: يعل اللي رباج يالحشيم يبطي حي ..

أردف بعد ان سمع تمتمات بـ "آمين" من فاهها: ما بلف ولا بدور عليج ..

نظر لعيناها وقال بحزم ثابت: سلطان بن ظاعن يباج حليله ..
وطلبتج يا شما .. طلبتج تفكرين زين ما زين قبل لا تردين علينا ..


رأى شقيقته في حالة تصنم تام .. تصنم جسدي وتصنم فكري .. تصنم جعل من اجواء المكان في حالة ارتياب/غموض/قشعريرة بالغة ..


توتر بطي قليلاً .. ولكنه سيطر على اعصابه وأردف حديثه بصرامة: انا ماعرف شو صار قبل 12 سنة وخلاج تردين سلطان عقب ما خطبج ووافجتي عليه .. ولا اعرف شو كانت اسبابج وبالعكس احترمت سكوتج وما غصبتج ترمسين .. مع انيه كنت اروم اظهّر منج الرمسة.. صح ابويه وسعيد الله يرحمه ما كانوا بيخلونيه .. لجني كنت رايم ...
بس احترمتج واحترمت اللي بغيتيه ..
والحينه الريال رد خطبج منيه .. وانا حرام يا انيه إلين يومج ها يا شما متلوم منه وماليه عين اشوفه شرات اول عقب اللي صار ..
انا مابا شي .. ابا بس تفكرين ولا تنطقين بجلمة الا وانتي متأكده من اللي تبينه ومن اللي يباه خاطرج ..
سلطان ريال والنعم فيه .. ماقولج جيه لأنه ربيعيه ..
(جلمة = كلمة)

لا واللي خلقج ابد .. ماقول الا الحق والصدق .. وانا لو انيه ما اشوفه يستاهل يظويج والله ما اخليه يقربنا ويخطب ..
(يظويج = يأخذك)


لم تتغير حالة التصنم في ملامح شما .... لم تتغير حتى هتفت بجمود صقيعي تام: كيف يخطبنيه وبن عذيج خاطبنيه قبله ..!!

زفر بطي بخفة عندما سمعها اخيراً تتكلم: خلج من بن عذيج وغيره .. هذاك خلاص توكل وراح .. نصيبه عند غيرج ان شاء الله ..
خلينا في سالفتنا .. انتي شو رايج .؟!!

شما بذات جمودها الذي ظهر مع ظلمة عيناها: انت شو رايك بوخويدم ..؟!

اجاب بطي بنبرة حازمة ودودة: قلتلج رايي .. وابوج واخوانج ترى رايهم من رايي .. وكلنا ما نبالج الا الريال الصالح اللي بيصونج ويحافظ عليج ..


لم تكن شما ترى شيئاً سوى الضباب المحيط بضراوة امام مقلتي عيناها .. ضباب اسكنها بمتاهات لامتناهية من مشاعر وانفعالات مموهة/جليدية/غير مفهومة .. متاهات تحاول استيعاب تعقد مساراتها الباعثة للضيق/للضياع ..!!!


نطقت مرة أخرى بنبرة غريبة حد التموه التام: ولو رديت خويّك يا بطي مرة ثانية ....؟!!

وقف بطي بضيق وهتف بنبرة صارمة: اظنتي قلتلج يا شما انيه ما جد طلبتج .. وانيه ياينج اليوم طلاب ..
لو رديتيه هالمرة بليا سبب بعتبر غلاتيه عندج بسعر التراب ..


ارتجفت يداها بذهول ... وبجزع ..

كيف تقول له اسبابها ...!!
كيف ..!!!
ليست بمجنونة لتتفوه بأمور لن تجلب الا الدمار لها ولحياة غيرها ..!!

يالله ..... ما الذي يحدث لها الآن ..!!



هتفت من بين نبراتها المذهولة/الضائعة/غير المستوعبة: بس ماقدر ..
مـ مـ مـ ماقدر بطي ..

جلس بطي مرة أخرى بعد ان سيطر على انفعالاته الصارمة التي خرجت عن سيطرته للحظات، وهتف بنبرة حازمة "وديعة": من حقنا نعرف اسبابج يا ختيه ... قوليلي انا على الأقل ...

ثم اضاف مع ابتسامة حانية رافقت حضور طيف انسان عزيز على روحه: طول عمره سعيد ربي يرحمه كان هو الأبو الثاني لج .. وكان الوحيد اللي يروم يعرف شو في داخلج من ضيج وحزن قبل ما تتنطقين به .. في خاطريه اصرق محله الحينه واعرف باللي فيج ..

ما إن أتى لمسامعها اسم "سعيد" حتى اغرورقت عيناها بالدموع .. رفعت رأسها للأعلى كي لا تسمح بنزولهن .. فهي موقنة جيداً ما إن تنزل دمعة حتى تنزل بعدها اخواتها الأخريات .. وهي لا تريد هذا الآن ..!!


بلعت غصة تكورت من الألم .. ألم الفقد الموجع .... وتمتمت بخفوت: ربي يرحمه ويغفرله ويجعل مثواه الجنة مع الانبيا والصديقين ...


انزل بطي عيناه اللامعتان بالدهاء .... وقرر ان يلعب بـ ورقة اسمها "سعيد" .. ورقة هي الرابحة بكل تأكيد ...
ثم هتف: هاك اليوم انتي عقيتي رمستج علينا وروّحتي .. لجنج ما دريتي باللي استوابنا صدق ..
ما بقولج انيه اكثر من احترق يوفه وكان في خاطريه اضربج
(روّحتي = ذهبتِ)

اتسعت عينا شما بصدمة .. وعندما نظر إليها بطي ضحك برنة عالية: ههههههههههههههه لا تلومينيه فديتج كنت مقهور والله ..
بس عرفت خلاف ان اللي صدق احترق يوفه هو سعيد ..


لمح رجفةً خافتة سرت على يديها بعد جملته الأخير .. وأكمل بسيطرة تامة: شما .. ما تعرفين كم سعيد ربي يرحمه كان يعز سلطان ويغليه ..

صمت قليلاً ليفكر بغموض ... ثم أكمل: تحيدين الحريجة اللي استوت في بيت سعيد قبل 15 سنة ...؟!!

هزت شما رأسها بـ نعم ونظراتها توحي بـ الضياع ..
ضائعة هي ولا تفهم لمَ النقاش وصل لهذه النقطة .. !!


أردف بطي وهو يهز رأسه: تعرفين منو طلّع العنود من القبو اللي كانت تذاكر فيه هاك اليوم ..؟!!

رمقت شما وجه شقيقها بجمود تام ثم هتفت باستغراب بعد ان قطبت حاجبيها: امنووه ...!!

ارتفع جانب فم بطي بابتسامة لم تتجاوز حدود عيناه وقال بغموض: سلطان ..


اهتزت شفتا شما بذهولٍ اخذ مأخذه المتسيد في روحها المُرتبكة .. صمتت .. فهي حقاً لا تستحضرها الكلمات الآن ... خاصةً وهي تتلقى كلمات تصدم كيانها الشخصي بجبروت تام ..

أضاف بطي وهو يعتدل بجلسته: بس حلفني انا وسعيد اللي كنا في المكان وقت الحادث ما نرمس عن السالفة ولا نخبر حد .. وطبعا العنود ما تدري باللي صار لأن هاييج الساعة كان مغمى عليها وماتعرف منو ظهرها من الحريج ..

شما بنبرة مبحوحة خافتة خفوت "شبه ميت": شعنه ما خبرتوا حد ..؟!!

تنهد بطي بقوة وقال بنبرة حازمة: لأسباب متعلقة في سلطان وفي شغله .. وطبعا عقب هالحادث زادت محبة وغلاة سلطان في قلوبنا وفي قلب سعيد بالذات .. ويا كثر ما تمنى سعيد في قلبه انه يناسبه ويصير من الاهل .. وما تتصورين شقد فرح واستانس يوم سلطان تجدم لج ..

اتسعت ابتسامته بشجن وأردف: لو شفتي لمعة عيونه يوم عرف يا شما .. اقسم بالله ما كنتي بتفكرين مجرد تفكير انج تحرمينه من هالفرحة ..

هتف بطي بجملته الأخير من دون قصد .. انما هو قالها بعفوية ومن غير ان يقصد بأن شما "قد حرمت سعيد حقاً من فرحته تلك" ..

ولكن شما لم تفهم مقصد جملته لا انها قد حرمت بالفعل شقيقها من امنيته التي لم تعرف بها غير الآن ..
أمنية نزلت عليها كالصاعقة من شدة وقعها الأليم ..!!!

أكنت أيها العزيز .. أيها الـ "سعيد" الغالي .... تتمنى زواجي من ذاك القاسي ..!!!


صمت بطي للحظات قبل ان يقول بصوت رنان: اللي اباج تعرفينه يا شما .. ان هب بس انا اللي تمنيتج دوم لـ ربيعي وخوي دربي .. حتى سعيد تمنى هالشي في داخله ..
ماباج تعطينا خبر الحينه .. طلبيه هو انج تفكرين زين قبل لا توافجين او ترفضين ..
واتمنى شميمي ..

أردف وهو يقف بارزاً قامته الطويلة الشاهقة: اتمنى تكون اسبابج مقنعة لي لو كان ردج هو الرفض ..


تنفست شما بقوة/شجاعة تُحسدان عليها .... وهتفت بنبرة قوية .. نبرة تحترق بنيران كبرياء يوشك على الترمد .. وكرامة مهدورة كالدم القاني المُعتم .. نبرة مبطنة بشعور مقيت من "قلة الحيلة والعجز":
جد قلتلك يا بطي انت تامر ما تطلب .... واللي تامر به تم ..



.
.



خرجت من سرحانها وهي تضرب بقوة الحائط كاتمةً في حنجرتها آآآآآه تصدع ألماً مميتاً ..!!


أليس القهر هو ان تمضغ الجرح كله كي تُطعم الآخرين عسل الهناء ..!!!
أليس من القهر ان ترضخ للذل مرة أخرى .. من السبب ذاته .. ومن الأرواح ذاتها ..!!
أليس من حرقة القلب ان تلتهب اوردتك بحب رجل يجد في تعذيبك لذته الأولى والوحيدة ..!!!

رجل ... ويالعذاب المضرج ... هو امنيةً فقدت رونقها في قلب شقيقٍ راحل ..!!


آآآآه يا سعيــــــــــد ....

وحده الله يعلم، ما مُراد "أمنيتك المجسدة على هيئة طاغية" من التلفت مرة أخرى للماضي ..!!
ما مراد امنيتك وهي تدخل بكل عجرفة قاسية عتبات حياتي وانا التي تفننت بكل مهارة بطردها شر طردة ..!!

ضحكت بسخرية علقمية ..

أأنتم متندمون يا اخوتي على فعلتي بـ "ذلك" قبل اثنا عشرة سنة ..!!
ماذا كنتم ستفعلون لو اخبرتكم بجريمته غير المغفورة لـ قلبي .. لـ شخصي .. لـ كرامتي ..!!!
ما الذي كنتم ستفعلونه لو اخبرتكم عن إهانته لي ...!!


استمرت بلهاثها القوي المرتجف شاعرةً بألم فظيع في يديها ..


حسناً .. قليلاً من تورم في اليد وألم في الجسد لن ينسيانها ألم عظيم متمكن في الروح ..!!
ألم من الواضح إنه لن يزول ولن يتقلص ....
ليس بعدما نطقت للتو بترحيبها الصريح باستقبال كدمات وجدانية جديدة من "ذلك" ..!!



.
.
.
.
.
.
.



ضرب بقوة طاولة مكتب مسؤوله وهو يصرخ بحدة على الرجال أمامه: ويوم انه قدكم في المطااااار ... ما حسيتوا الريال مختفي ولازم تشوفون وينه وتلحقووونه ..!!

انزل العميل ابراهيم رأسه باستياء متخاذل: سيدي ما كنا نعرف ان هو ساير يلتقي بشخص من طرف ديرفس .. حتى انت ما اتصلت ابنا وخبرتنا ..

وقف وعيناه الصقريتان تنبآن عن انفعالات بركانية تحدث في جوفه ..
انفعالات كانت معقدة .. مركبة من غضب/قهر/ضيق/قلة حيلة .. انفعالات كانت من عدة امور ومن عدة اسباب في الحقيقة ..!!

هتف بنبرة قاسية حادة ساخرة حد العمق: والله ما كنت ادري انيه معيّن عنديه رياييل اذكياء شراتكم، اتحراكم بتتصرفون مثل ما يتصرف كل واحد ادرب على ايديه انااااا ..
طبيعي انت وياه تكونون دوم مراقبين حارب ومراقبين اقل تحركاته ..

التفت سلطان لخلفان مضيفاً بحدة: صدق ولا انا غلطان يا خلفان ..!!

ثم أكمل بنبرة اكثر قساوة وحدة وسخريةً: عيل انا اشحقه مطرشنكم ويااااااااه .. هب عسب تغدون ظله وين ما يرووح انتو تروحووون ورااااااه ..؟!!
ولا انتو يهال ما تشبرون بقعه الا يوم ادق واخبركم وين تروحون ..!!!

رفع خلفان رأسه بغضب ذاتي تخلله خيبة حقيقية: معاك حق سيدي .. اسمحلنا هاي غلطتنا .. اعتبر اللي صار اخر مرة يصير ..

زفر سلطان بقوة شديدة قبل ان يقاطعه أبا راشد بحزم بالغ: سلطاان
التفت سلطان بعيناه الحادتان إلى رئيسه أبا راشد ثم استوعب الضجة التي افتعلها بلا شعور منه ...

جلس بعد ان عقد حاجباه وكتم ما تبقى من قهر في روحه وقال بنبرة حازمة مُعتذرة: اسمحليه بوراشد لكن والله من حر ما فيه ..

هز أبا راشد رأسه متفهماً وضع سلطان النفسي خاصةً بعد الذي جرى لـ حارب .. فهو يدرك جيداً حجم مكانة حارب في قلب سلطان ..!!

هتف بصرامة مبحوحة: انا فاهمنك يا سلطان لكن مشاكلنا ما تنوخذ بحساسية وانت احسن العارفين بهالشي ..
نحن الحمدلله عرفنا الحينه حارب وين ..
خل نتريا شويه، لازم ما نخطي خطوة قبل لا ندرسها زين، لا تنسى انه هو الحين بنظرهم هو لاكشمي جانجوس ولد رجل الاعمال الهندي موكيش جانجوس .. اي خطوة هب في محلها من صوبنا يمكن تهدم خطتنا بكبرها ..

أردف وهو يطرق بطاولة مكتبه بقلمه الأسود الفخم: الصبر زين يا سلطان ..

تنهد سلطان بقوة وهو يتذكر تماماً الخطة التي وضعوها ليُدخلوا عن طريقها حارب وسط الاجتماع الذي اقيم في اسبانيا ..

لم تكن لتنجح الخطة التي رسموها لولا ملامح حارب السمراء الشبيهة بملامح الهنود ولسانه الذي اعتاد منذ زمن على التحدث باللهجة الهندية لكثرة علاقاته واعماله المرتبطة بالهنود التقنيين والفنيين بحكم عمله في مجال الحاسوب وتقنية المعلومات ..
وقبل كل هذا ما كانت الخطة لتمشي كما يبتغون بالضبط لو أن موكيش جانجوس نفسه لم يتعاون معهم ...

فأبنه الحقيقي لاكشمي قد مات قبل الاجتماع بأسبوعان، ومن حُسن حظهم ان وفاته لم يُعلَن على الملأ مباشرةً بحكم عادات دينية واعتقادات قديمة تخص عائلة جانجوس ..

وبعد البحث والتعمق في أصول العائلة وعلاقاتها المتشعبة المهمة، وبعد ان اكتشف سلطان مدى الشبه العميق بين لاكشمي الحقيقي وبين حارب، استطاع في النهاية ورجاله عمل اتفاقية مع الأب موكيش الذي كان من الاساس له مصالح ضخمة في الامارات، ولم يكن ليهدم مصالحه الشخصية مقابل اعتراضه على الاتفاق ..!!!

فهو قبل كل شيء ... رجل أعمال نابغة ويفكر بحساباته المصرفية والxxxxية في المقام الأول ...!!!

أومئ سلطان برأسه ثم قال بحزم مُقتَضب: ان شاء الله ..


وبعد ان راجع أبا راشد عدة نقاط مهمة تخص القضية المتشابكة ... أمر الجميع بالانصراف على ان يجتمعوا في وقت آخر لمناقشة اي مستجدات ممكن ان تحدث ..


خرج سلطان ومعالم وجهه الضبابية توحي بالضيق .. ضيق حقيقي يبعث الارتياب بالمكان ..!!

تحرك بقامته الطويلة وبعرضه "الاستثنائي تماماً من فرط عضلات جسده" إلى ان خرج من المؤسسة واقترب من سيارته ..

فتح الباب وتوقف بتردد محاولاً ان لا يفكر بالأمر الذي لا يرغب ابداً بالتفكير به ..!!

ولكن الوضع صعب .. صعب حقاً .. فالذي يجعله بهذا الضيق ليس موضوع حارب فقط ..!!

انما ايضاً موضوع هذا الزواج الذي سقط على رأسه بشكل مباغت صادم ..!!!


كيف لك ان تتزوج يا رجل بالتي اهانتك واحتقرتك امام اهلها ..!!
كيف ..!!

آآآآآآآههه، لقد مسست يا بطي بكل احساس معدوم نقطة بالغة الحساسية في وجداني ..!!

نقطــــة بالغـــــة الحســــاسية يــا صديقـــــــي ..!!


تنهد بعمق قبل ان ينزع عن رأسه العقال ويهمْ بربط الغترة حول رأسه ....

لم يكد ينتهي من ترتيب غترته، حتى أحس بذبذبات خطر تحوم حوله بخفاء خبيث ....

حرك عيناه بترقب وتربص صقري .. وبلمح البصر وضع ذراعاه الاثنان على سطح سيارته العلوية وقفز كالبرق حتى وصل للجانب الآخر برشاقة صرفة تُبهر الانفاس ..!!

قطب حاجباه باستغراب وذهول وهو يلمح الشخص المتربص خلفه ..!!

لم يكن الشخص الا مراهق لم يتعدى عمره السابعة عشر، يحمل مسدساً بشكل يوحي تماماً بمدى ذعره من رجفات قبضته ...

مال سلطان رأسه قليلاً وهو يرص عيناه بترقب كامل .... وسمع الفتى وهو يصرخ بأعلى صوته المرتجف/الخائف/الغاضب/المقهور: بذبحك بايدي شرات ماذبحت ابوووووويه ..

تسمرت عينا سلطان للحظات محاولاً استيعاب ما تفوه به هذا الفتى الغريب ..

ثم وضع يديه داخل جيوبه هاتفاً بنبرة باردة هادئة متسائلة: انا ذبحت ابووك ..؟!
منو ابووك ..؟!!

ضحك الفتى بسخرية/بجنون غاضب/بجزع حقيقي: هههه هيه طويل العمر اكيد ما بتعرف ابووويه ..
ما استغرب من هالشي .. تجتلون الناس بدم بارد ولا تفتكرون ابهم ولا بأهاليتهم وعيالهم ..

ابتسم سلطان بجمود قائلاً بنبرة صارمة حد الفولاذية: ابويه الظاهر انت مغلط .. سِر دور عن اللي تباه بعيد عن هنيه ..
(سِر = روح)

رص الفتى على اسنانه ببغض حقيقي تخلله ألم متفجر ... وصرخ بغضب: لا مب مغلط ... ياينك متعنّي يا سلطان وناوي اشرب من دمممك ..

نظر سلطان للفتى نظرة هادئة ثابتة .. وقال: ما شاء الله ثرك تعرف انت واقف جدام منو .. شي طيب والله ..

أردف وهو يأشر بأنفه على سلاح الفتى بسخرية اغضبته فوق غضبه المتراكم: انزين انت تعرف تستخدم السلاح ..؟!!

صرخ بقوة شديد/انفعال وما زال قبضة يداه ترتجف: لا تطنز عليه لأني ذابحنك ذابحنننننك اليوووم ..

رفع سلطان حاجباه باستهزاء متسلي محاولاً استفزاز الفتى أكثر .. فهو ويالغرابة الموقف الحاصل، وجد تسليةً تُخرجه قليلاً من جو الكآبة الذي أسر مزاجه منذ عدة أيام ....

هتف بنظرة باسمة باردة: انزين يوّد السلاح زين يا ولد عن تثوّر على روحك بالغلط ..
(يوّد = امسك) (تثوّر = تطلق النار)

تراجع الفتى بجزع لم يتمكن من السيطرة عليه وهو يرى سلطان يقترب منه ببطء وتربص مفترس "هادئ لأقصى درجة" ... صرخ بذات قوة صوته التي بالحقيقة كانت قوة مهترئة: انا ما ألعب ويااااااااك، انا بذبحححك يالكلـ... وبفك الناس من شررررك ...

لم يغضب سلطان من قلة احترام الفتى لشخصه، فهو اعتاد في الحقيقة على الشتائم التي تخرج بوفرة من افواه المجرمين والخارجين عن القانون، واعتياده هذا ما يجعله ينغمس اكثر في مزاج ثلجي صقيعي حتى ينال ما يطمح إليه ..!!

ضحك سلطان ضحكة مستفزة مُبطنة بشفقة حقيقية على حال الفتى وقال: انزين انت صارلك ساعة تقول بذبحك وبجتلك وماعرف شووو .. يلا شو تتريا ..!!!!

كان سلطان يقترب من الفتى ... وبالمقابل كان الأخير لا إرادياً يتراجع للخلف ....

صمت الفتى وهو يرص على فمه بقهر ارتسم كحبيبات من دموع حمراء على مقلتا عينه الوجلة/التائهة ..

توقف سلطان وهو يباغت الفتى بسؤال أصابه بالذهول: كنت تعز ابوك الله يرحمه وايد ..؟!

رص الفتى قبضته على المسدس وأجاب بصراخ ينم عن حقده البالغ: وانت شووو يخصصصك ..!!

هز سلطان كتفيه بخفة وما زالت يداه في جيوب ثوبه الأبيض: مجرد سؤال، الظاهر كنت تعزه وايد لدرجة انك تتهور وتنوي تجتل ناس بليا ما تتأكد لو هم سبب موته ولا لا ..

وجه الفتى بغضب واستهتار فوهة المسدس على وجه سلطان الذي استفز انفعالاته وصبره وصرخ بأعلى صوته المُتألم: انت اللي جتلت ابوووويه انت .. هم قالولي انك انت اللي عذبته إلين ما مات على ايدك .. انننننت انننننت ...


أخذ الفتى يصرخ بهستيرية غاضبة مردداً "انــــــــــت" ..
ولكن ما كان صراخه ليستفز نبرات صوت سلطان ويجعلها أكثر ارتفاعاً او حدةً ..!!


ابتسم سلطان بخفة قائلاً بنبرة هادئة: انزين اللي قالولك انيه عذبت ابوك وجتلته عطوك دليل بهالشي ..؟!!

اهتزت نظرة الفتى وهو يتذكر بأنه لا يملك حقاً دليلاً يخوله لقتل رجل متهم .. خاصة لو كان الرجل هو سلطان بن ظاعن ..!!


لانت ملامح سلطان وهو يرى لمعان الطيبة والضياع في أعين الفتى، كان جلياً تماماً ان الفتى لم يكن ليقتل حشرةً قرصته ليأتي ويقتل آدمياً ..!!

ثم اردف بنبرة حازمة دافئة مقترباً أكثر من الفتى ذو النظرات المهتزة التائهة: شو اسمك ..؟!!

صرخ الفتى محاولاً الخروج من سيطرة سلطان المستفزة على روحه: مالك خصصصص ..


ابتسم سلطان ابتسامة جميلة قائلاً بخفة ظل: انزين يا مالك خص، الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنباٍ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالةٍ فتُصبحوا على ما فعَلتم نادِمين" ..
انا ما اقولك هالكلام لأنيه خايف منك ..!!
لا ابد .. اروم الحينه اشل عنك السلاح من قبل لا ترف عينك .. لكن انا مابا استخدم القوة معاك لأن باين عليك ريال طيب ولد ناس طيبين وفاهم وتعرف توزن الامور بعقلك لو تبا تشغل عقلك ..
ابسط سؤال ممكن تسأله روحك الحينه .... شو مصلحتيه اجتل ابوك ..؟!!
خبرني ..؟!!

أخذ الفتى يدور حول غيوم من افكار تتقاذفه يمنةً ويسرة، فهو واقفاً منتصباً وسط فكرتين .. الاولى فكرة انتقامه لأبيه الذي باعتقاده قد قُتل على يد هذا السلطان، والثانية فكرة ان يكون سلطان رجل طيب ولا يمكن ان يقتل اباه من غير وجه حق ..

وقبل هذا وذاك .. هو لا يملك دليلاً حقيقياً ..!!

لانت قبضة يده وهو يهتف بنبرة أقل حدة وانفعالاً: شو مصلحتهم عيل يخبروني انك انت اللي جتلت ابويه ..؟!!! هاااه .؟!!

مازال سلطان يبتسم ابتسامته الجذابة واجاب بصدق: على الاقل قولي منو هم عشان انا بالمقابل افسرلك الموضوع لو عنديه تفسير مقنع لك ..!! هب جيه المنطق يقول يا مالك خص ..؟!!

استطاع استفزاز الفتى بمزاحه الى ان صرخ بغيظ: اسمي راااااااايد ..

ثم أردف وهو ينزل مسدسه بـ وجع قاني وألم يرسو على ميناء قلبه الصغير بكل هيمنة: رايد عمير الـ ....



.
.
.
.
.
.
.



وقف فجأة وهو يهتف بصوت غاضب/مصدوم: تروغيني يا آآآآآمنة ....!!!!
(تروغيني = تطرديني)

استدارت آمنة عنه ونظرة عيناها الجامدة "الميتة من كل معالم الحياة" تنضح جرح ماكن في روحها .... وهتفت بنبرة قاسية .. نبرة تحاول التشبث بالسيطرة بكل ما فيها من معنى: لو لـ عشرتنا قدر وحشمة عندك .. بتظهر الحينه من البيت وترد بوظبي ..


لم يتمالك نفسه وهو يقترب منها بسرعة ويهتف بذهول خرج مع صوته الحاد المقهور: انزييين شعننننه ..!!!
شو مسوبج اناااا يا حرمة ...؟!!

أغمضت آمنة عيناها بقوة وقالت من بين اسنانها المرصوصة كـ تراص قطع قلبها "المكسور":
قلتلـــك اظهـــر بـــرع ..


امسك بطي ذراع آمنة بقسوة وادارها ناحيته وقال بفحيح غاضب متوعد:
يوم ارمسج يا بنت عيسى اطالعيينيه ولا تعطينيه مقفاااج ولا اقسم باللي حطج شيخة على قلبي .. لأييج شي منيع ما يسرج
تسمعييييين ..!!!


اقتربت آمنة من وجه زوجها وبريق سخرية صقيعية تلوح أفق عيناها بوضوح تام ..... وهتفت بخفوت بطيء:
لا تحلف جذب ..

ابتسمت بجمود وهي ترى اتساع أعين بطي بصدمة كبيرة .... ثم اضافت وهي تمر من جانبه بذات صقيعية نبراتها: اظهر من بيتي لو سمحت مابا اظهر من الحمام واشوفك هنيه ..


امسكت بمنشفتها الصغيرة وهمت بدخول الحمام، ولكنها لم تكد تمسك مقبض الباب حتى أحست بجسدها يطير ويرتطم بقوة على الجدار، ووجه حبيبها الوسيم يقترب منها وأمارات الغضب المجنون يفوح بحرارة حامية منه، قال وهو يرص على اسنانه البيضاء بغيظ وصل اقصاه في دماغه:
انا جذاب يا آمنة ....؟!!
اناااااااا ..؟!!



وقبل ان تفتح فمها وتهاجمه بنيرانها الملتهبة، انقض كنسر جارح يقبلها بقسوة شديدة .. قبلة كانت تحمل في طياتها الغيظ المجنون مما تفوهت به هذه الـ "آمنة" باستهتار تام ..
قبلة متوحشة لا توضع البتة تحت خانة "تذوق الغرام" ..
كانت قبلة "عقاب" تتلوى عنفاً/غضباً حقيقياً ....!!!


لم يبتعد عنها حتى تذوق طعم الدم من شفتيها ... احتدت شفتيه بقوة وهو يقول بفحيح خافت خرج مع احمرار عيناه السوداوان: آخر مرة اسمحلج تتمادين بالرمسه وياااايه ..
فاهممممه ..!!!!


ترك جسدها وهو يشيح بناظريه الحادتين بكل احتقار صرف .. وقبل ان يخرج .... رمى على السرير ظرف أبيض عليه شارة "طيران الاتحاد" ..

ثم زمجر بصوت قاسي وهو يفتح باب الغرفة: بغينا نفرحج اليوم .. بس انتي ما تستاهلييين ..



خرج قبل ان يرى انهيار آمنة التام .. انهيار نزل على شكل دمعات غزيرة لم تتوقف .. دمعات انثى جُرحت واُهينت انوثتها في العمق .. دمعات تحمل الألم لأبعد نقطة في الوجود ..


قبضت على يديها بعنف هز معه جسدها بينما دماغها المستعر بالأفكار المجنونة يسترجع تأوهات تلك المرأة المنتشية حد الثمالة القصوى ..



.
.
.
.
.
.
.



رصّ على عيناه باستغراب حقيقي: ابوك عمير الـ... ...!!!

هتف الفتى بنبرة مستهزئة مُبطنة بمرارة عميقة: هيه نعم .. عمير الـ..
تذكرته ولا بعدك يا طويل العمر ...؟!!!

زفر سلطان بقوة وهو يستوعب الآن الحكاية كلها .. هتف بصرامة بالغة تنضح من حدة محاجره: الغبي اللي قالك انيه انا جاتل ابوك .. ما قالك انيه في هذاك اليوم كنت انا خاري البلاد ..!!!!
(خاري = خارج)


اتسعت عينا الفتى بتوجس وتشكك .. ورد بصراخ غاضب: شوو عرفك انت متى ماااات ابويه ..!!! هاااااه ..!!
اكيد عيل انت السسسبب ...

صمت سلطان محاولاً ان لا يتمادى في الكلام .. فمن الواضح ان هذا الفتى لا يعرف ان اباه كان من الرجال الخارجين عن القانون ..... في الحقيقة لم يكن اباه سوى تابع مهم من اتباع أبا مرشد ..

حسناً يا سلطان .. لا يجب عليك ان تُنزل قدر رجل من عين ابنه .. حتى لو كان ذلك الرجل فاسد ...!!!


هز سلطان كتفيه ببرود جامد وهتف بثقة: انا سلطان بن ظاعن يا رايد .. اتوقع ريال بمكانتيه المهمة في مجال الأمن بعرف بسرعة شو اللي يستوي في البلاد من أصغر الامور إلين اكبرها .. ما بالك بـ عملية كبيرة مثل العملية اللي اشترك فيها ابوك واللي طبعاً اتصاوب فيها ..

الفتى رائد بنبرة حادة ملؤها الشك/الضياع: عملية شووووو .!!!

مد سلطان يده اليمنى وقال بحزم واثق: عطني السلاح وبخبرك بالسالفة .. وبالمره اثبتلك صدق نواياي ..


لم يتزحزح الفتى شبراً بل زادت عيناه حدةً وارتياباً ..

ابتسم سلطان بخفة وقال: لا تخاف .. ما بيصير الا كل خير ان شاء الله ... وعهدن عليه محد يعرف باللي صار هنيه غيري انا وانت ..

خفض الفتى رأسه وصوت الصدق من سلطان قد اخترق بشكل ناعم وغريب جنبات روحه ....

وبعد ثواني قليلة .. اقترب الفتى ومد إليه السلاح ..


أخذ سلطان السلاح منه قبل ان يتحرك ويفتح باب سيارته .... وقال بنظرة باسمة وهو يرى الاستغراب على وجه الفتى: ظنك يعني بنتم هنيه نرمس ونسولف ..!!!
دش يلااا شو تتريا ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



بعد ان اشرقت شمس صباح جديد على ابطالنا ..



: مصبح الحر ..!!
ومصبح الحر شو يبا يدور ورا سالفة سعيد وبوحارب ..!!


رد رجل من الطرف الآخر بخفوت: والله يا بومرشد الظاهر الفضول لعب في مخه شرات ما لعب في مخ بوحارب قبل ..

زمجر أبا مرشد بغيظ وقهر: خلك مراقبنه يا مروان ولا تغمض عينك عنه .. سامعني ..!!

مروان بثقة: ان شاء الله طويل العمر ..

اقفل أبا مرشد الهاتف وفمه المحتد يوحي بأمواج عتيدة من التفكير والشك المتوجس .. يشعر بالقهر من هذه الأمور التي لا تريد ان تنتهي وتُقفل بسلام ..


ما الذي ترنو إليه يا مصبح ..!!!

واجباً عليك ان تحذر بطشي وتتقي غضبي حتى لا يغدو مصيرك مثل مصير زوج اختك أبا حارب وسعيد ...!!!


جلس واضعاً اصابعه فوق فمه مفكراً بالذي يحدث .... ثم سمع نبرة خشنة ساخرة آتية اتجاهه: الحمدلله على السلامة معزبنا ..

التفت أبا مرشد حيث الصوت .... ثم التمعت عيناه باستهزاء وهو يرى مانع امامه: توه النااااااس .. جان ما ييت بعد وسلمت علينا ..

جلس مانع أمامه ونظرته اللامبالية تغلف ملامحه بهيمنة صرفة: اسمحلنا بومرشد كنا مشغولين شويه ..

تابع ببرود شديد اخفى تحت خبث/ترقب: ها ما خبرتني شو كان اجتماع اسبانيا، عساه تم بخير ومثل ما تبون ..؟!!

هز أبا مرشد رأسه بـ رضى واضعاً رجل على رجل ... وقال بنبرة حازمة هادئة: هيه نعم تمينا تقريباً نص الاتفاقية وباجي بس نتفج على السعر المناسب ...

ثم أردف وهو يراه يأخذ فنجان القهوة من احد الصبية الخدم: وانت ما خبرتني .. سويت اللي وصيتك عليه ..؟!!

مانع: هيه نعم .. واكتشفت شي بيفيدنا وايد ..
اكتشفت ان سلطان وجماعته ما يعرفون بسالفة مذكرات سعيد بن خويدم ..

اعتدل أبا مرشد بجلسته وملامح تتسع مع اتساع ابتسامته المذهولة: احلففف ..!!!!

اجاب مانع بنبرة واثقة مغرورة: والله ..

أبا مرشد بنبرة مُبتهجة بالغة: الله يبشرك بالخيييير .. وكيف عرفت ..؟!!

مانع بابتسامة ماكرة: تحيد حسن اللي زرعه سلطان بينا ..!!
من دخل هالريال وسطنا وانا شاك فيه وفي تصرفاته، عسب جيه ماخليته في حاله .. طرشت ناس يلحقونه ويتصوخون على كل مكالماته .. ومن ضمن كلامه مع سلطان .. قال كلام بمعناه انه إلين الحينه ماعرف شو اللي نحن نباه من حارب وليش نحن نراقبه عقب ما قطعناه فترة طويلة .. عقب سلطان قاله انه هو بعد ماعرف بالضبط نحن شو مخططنا الياي .. وقال انه دور وايد في كل ملفات سعيد وبوحارب وماحصل دليل ضدنا ..

صمت قليلاً ثم اردف بخبث باسم: ها شو معناته يا بومرشد ..؟!!
معناته هم من الاساس مايعرفون بسالفة المذكرات، لأن لو يعرفون عنها ما بيقول انه ماشي دليل ضدنا .. لأن المذكرات بحد ذاتها اكبر دليل يدخلنا السجن ..

اسند أبا مرشد ظهره على ظهر مقعده وابتسامة منتصرة مزهوة تعلو ناظراه بشدة ...

ثم اتجهت انظاره لـ مانع وقال بسعادة منتشية: كفووو كفووو عليك يا مانع .. الحينه برهنت لي انك ريال قد المسؤولية ..



.
.
.
.
.
.
.



العيـــــــن



هتفت بذهول: في ذمتج خالوه ..؟!!!

: هيه والله يا عويش .. من شوي يانيه عمج بوسعيد وقالي هالاسبوع بيونا العرب ..

أم العنود بتساؤل مُبطن بتساؤل أكبر من كيفية تلقي شما للخبر، وما كانت ردة فعلها: وشما عرفت ..؟!!

هزت أم سعيد رأسها بـ نعم واجابت: هيه عرفت .. البارحة بطي كان هنيه ورمسها ..


قررت ام العنود الذهاب لـ شما والتحدث معها وجهاً لوجه، فهي موقنةً ان ابنة خالتها تعيش الآن لحظات صعبة على روحها ..

هي تجهل اسباب رفض شما .. لكنها تعرف في قرارة نفسها ان شما ما كانت لترفض سلطان في السابق لولا أمر قوي جرها لذلك ..

وقفت وهي تهتف بهدوء متزن: خالوه علني افداج دقايق بروح اشوف شما وبردلج ..

ذهبت وهي تسمع رنين هاتف البيت يصدح ارجاء المكان .... تركت مهمة الرد على خالتها واكملت سيرها ..




أما عند أم سعيد ..

فهي ما إن رفعت السماعة حتى سمعت صوت أم نهيان المحبب الى قلبها: مرحباااا مرحباااا بذمتيه بالغاليين راعيين القلب والرووح ..

ردت أم سعيد بحفاوة ترحيبية رنانة: مرحبابج زووود يا بنت فلاااح .. اسميه الا الغلااا خذتوه كله وما تركتوا لخلق الله شي منه .. هلا غناتيه هلااااا ..

واستمرت السلام والترحيب والسؤال عن الاحوال إلى ان هتفت أم نهيان بابتسامة ذات معنى: وافديت انا يا عرب ام سعيد ومنطوقها ..
عاده ام نهيان ما دقت اليوم الا لحايتين .. تروّح افوادها بمنطوقج الغاوي وتخبرج بحايه تقرقع في خاطرها

هتفت ام سعيد بنبرة مبحوحة دافئة:
حايتن في خاطرج تقرقع ..!! يمين ما تخلينها يا ام نهيان .. هالساع تظهرينها ..

ام نهيان ببسمة عبقة: فديييتج اناااا ..

سكتت قليلاً ثم اردفت: يا ام سعيد في خاطرنا حصة .. ونباها عاده حق ولدنا فلاااح ..

اُضيء وجه ام سعيد بسعادة حقيقية وهتفت بنبرة مبحوحة رنانة: والله هالساعة المباركة يا ام نهيان .. والبنية بنيتكم امره لو بغيتوها الحينه .. تعالو وشلووها بلا زهاب وعرس ..

ضحكت ام نهيان بخفة واجابت: ههههههههههه علنيه افدا خشمج يا بنت سعيد .. ما يستوي بارك الله فيج .. لازم البنية تعرف وتفكر .. يمكن لها رايٍ ثاني ولا شياته ..
(شياته = شيء/امر آخر)

هتفت ام سعيد بثقة عالية: وين بتلقى بنت عبدالله احسن عن فلاح فديت زوله ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



دلفت الرواق المصقل بالرخام اللؤلؤي الفخم وعلامات الهدوء التام قد غلّف اجواء المكان شبه الفارغ من المارة ..

لم يكن يُسمع الا صوت طقطقات حذائها ذو الكعب العالي وهي تمشي بكل ثقة وغرور باذخ يبعث الصقيع في الارواح ..

وصلت المكتب المنشود .. ووقفت امام بابه الفخم ....

ولكن قبل ان تدخل ...
زفرت بقوة .. ومحت نظرة الخبث الشيطاني من عيناها واستقامت بقامتها الرشيقة .. وتأكدت من ابرازها لملامح الأنثى العاشقة "المشتاقة" ..


مرت على مكتب السكرتير عبداللطيف ولم تجده .. وهنا التمعت عيناها ببريق مكر/انتصار .. "انتصار سابق لأوانه"

ثم اكملت سيرها قبل ان تفتح الباب الآخر ببطء/تلكؤ ..... وتدخل ..


تسمرت بمكانها والصدمة قد شلت اطراف جسدها وجعلتهم في حالة تيبس تام ..

ومن غير سابق انذار .... صرخت بإعصار انثوي غاضب حد التصدع .. اعصار "تفننت وبقوة" في اخراجه كما تريده تماماً: احممممدددددددد ..


لم ترى من بين اعاصيرها المدمرة غير احمد وهو يدفع بالفتاة التي كانت "شبه الساترة" من احضانه وموجات ذهول بالغة العنفوان تموج فوق صفحة وجهه الشاحب ..


جفل بسرعة وتراجع خطوتان وهو يغلق ازرار ثوبه "المُمَزق من قمته" وهتف بنبرة خشنة مرتجفة من أثر الانفعال العاتي:
عوووووووشة ..!!!!







نهـــاية الجــــزء الخامـــــس عشـــــر


sira sira likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-06-16, 07:02 AM   #19

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)






الجــــزء الســــادس عشــــر



،



خذي حديثك من نفسي عن النفس
وجد المشوق المعنى غير ملتبس
الماء في ناظري والنار في كبدي
إنْ شِئتِ فاعترِفي، أوْ شئتِ فاقتبسِي
كم نظرة منك تشفي النفس عن عرض
وترجع القلب مني جد منثكس
تلذ عيني وقلبي منك في ألم
فالقَلبُ في مأتَمٍ وَالعَينُ في عُرُسِ
كِمُّ الفؤادِ، حَبيساً، غَيرُ مُنطَلِقٍ
وَدَمعُ عَيني، طَليقاً، غَيرُ مُنحَبِسِ
على الزمان على الخلصاء يسمح لي
يَوْماً بذاكَ اللَّمَى المَمنوعِ وَاللَّعَسِ



لـ الشـريف الرضـي



،



امسكت غطاء رأسها بحدة ولهاث يكاد يمزق اوردتها من انفعالاتها "المخفية" .. ثم اخذت تلف من جديد الغطاء عليها كي لا تنزل خصلاتها الحريرية على وجهها ..... وبدأت بعجن العجين الذي بين يديها ..

منذ الصباح لم تهدأ وتجلس في مكان واحد .. بل لم تتوقف قليلاً لتأخذ نفساً عميقاً ..


لقد حرصت بنسبة مئة بالمئة على إلهاء نفسها وابعادها قدر المستطاع عن اي تفكير يأخذها لـ "ذلك الموضوع" ..

حرصت بشدة ان تنسى .. او لنقل .. "تتناسى" ..!!!


دخلت عليها ميرة وهي تهتف بشقاوة: اوه ماي قااااااااش .. ما شاء الله تبارك الله عموووه .. من سرحت المدرسة وانتي بعدج في المطبخ ..!!!
(سرحت = ذهبت، وتقال هذه الكلمة عندما يخرج فلان من منزله في الصباح الباكر)

رفعت شما رأسها وهي تمسح عن وجهها بقايا طحين منثور، ثم ابتسمت ببرود يعكس مزاجيتها الغريبة: حيبهم وسهلا بـ حبايب قلبي .. يلا فديتج سيري بدلي يلين ما انحط الغدا ..

اقتربت ميرة وهي تتمتم بـ "يممممممي" ثم أخذت تفتح كل طبق: الله عموه شو مستولناااا ..

أشرت شما بوجه شاحب مقاومةً بشدة الارهاق في صوتها .... ثم قالت بابتسامة تبرق بـ "تصنع": هذا خبيص ..
وأشرت على طبقين آخرين: وهذاك قيمات واللي يمبه جباب ..
(الخبيص/اللقيمات/جباب من الأكلات الشعبية المشهورة في الامارات)

وأردفت وهي تكمل عجنها: وأعين الحينه الرقاق لأن ابويه فديته في خاطره يتعشابه اليوم ..
(أعين = أعجن)

ميرة بنظرة بريئة تنضح قلقاً: عموه انزين ارحمي حالج .. خلي الرقاق على نور الدين "الطباخ" ولا اعينيه قبل العشا بكمن ساعة ..

شما بنظرة حادة خرجت من غير ادراك حسي منها: لا لا بعينه الحينه .. وبعدين تعرفين ابويه ما يحب الرقاق الا من خدمتيه انا ..
(خدمتيه = صنع يدي)
يلا انقفظي سيري بدلي وخليني اكمل قبل لا يعطنون الرياييل ..
(انقفظي = أستعجلي في أمرك) (يعطنون تعني يرجعون، فلان عطن اي رجع ظهراً)

هزت ميرة رأسها وهتفت بصوت ناعم رنان وهي تقبل وجنة عمتها: ان شاء الله على هالخشم ..

خرجت بعد ان تركت شما تائهة لوحدها في ساحة خاوية من اي تفكير يوحي بالراحة والسكينة ..

بل لم تكن الا اسيرة ذلك الحديث الذي جرى بينها وبين ابنة خالتها ام العنود ..

مسحت بظاهر كفها جبهتها وتذكرت بوجه شاحب "لم يعكر جمال محياها العذب" ما حدث



.
.



رمقتها بنظرة متفحصة ثم هتفت بهدوء: يعني تبين تقنعيني انج راضية بهالعرس ..!!!

وضعت شما الفرشاة التي كانت تشخبط بها على لوحة بيضاء بعشوائية خرجت مع بالها "المفقود كلياً" .. ثم التفت لإبنة خالتها الا انها لم تستطع النظر لعيناها مباشرةً .. ليس وهي بتلك الحالة الموغلة بالضعف ..!!

قالت بهدوء خافت غريب: هيه عاشه شعنه مستغربة .. هب كلكم كنتو تحنون عليه اعرس ..!!
هاذوه بسوي اللي تبغونه وبعرس ..

امسكت ام العنود يدها واجلستها على اقرب كرسي .. وهتفت بحزم بالغ: نباج تعرسين عسب نشوفج في بيت ريلج مرتاحة ومتهنية قبل كل شي .. لجنه اللي يشوف ويهج الحينه يقول هاي مغصوبه ..

أردفت وهي ترص عيناها مراقبةً انفعالات وجه شما: لا يكون مغصوبه شميمي ..!!!

التمع بريق القوة والثقة على وجه شما وقالت: محد يروم يغصبني على شي ام عنود .. انا وافقت بشوريه ورضايه ..

ام العنود بنبرة اكثر حزماً واكثر "تفحصاً": انزين اشعنه الحينه بالذات ما قلتي بفكر ومن الكلام اللي تقولينه دوم ..!!!
حتى يوم اني ييتج قبل كمن يوم عسب اقنعج بـ هزاع بن عذيج ما طعتي بسرعة شرات الحينه ..!!


لم تتفوه شما بكلمة .... واستغلت ام العنود الفرصة واكملت ما في جعبتها من تساؤلات: والغريبة يا شما ان الريال سلطان ..!!
سلطان اللي على كثر ماعرف كم انتي تحبينه .. على كثر ماعرف كم انتي مجروحة منه ..

رفعت شما ناظريها لـ أم العنود مذهولة من شفافية روحها المكشوفة امام هذه المرأة ..

هزت ام العنود رأسها بحزم واثق وتابعت: هيه نعم اعرف ان بومييد سوابج شي وعورلج قلبج ولا ما كنتي بتسوين اللي سويتيه قبل سنين ..

لمحت شفتا شما وهما تهتزان بانفعال "مكتوم حد الجنون" ... ولكنها لم تسكت بل اضافت بتساؤل "ماكر":
بس الظاهر انتي سامحتيه على اللي صار وناويه تفتحين صفحة ايديده ..!!


وبدون سابق انذار، انتفضت شما بقوة وهي تقف قائلةً بنبرة حادة لم تكن بالعالية .. انما حادة/قاسية/مجروحة لأعمق نقطة في قلبها: ما سااااااااامحته ولا بساااااااااامحه ..
ما بساااااااااااااااامحهه ..


بدأت ترتجف من فرط غضبها وانفعالها ولم تلمح تلك الابتسامة التي مرت بخفوت من جانب فم ام العنود ..

ابتسامة مُنتصرة لـ تمكنها من اذابة صقيع كلماتها/تصرفاتها ..

ثم وقفت بدورها بهدوء وهتفت بنبرة اقل هدوءاً وأكثر "خبثاً": وانا ماباج تسامحينه ..

التفتت شما بسرعة لإبنة خالتها ومقلتاها غدتا كـ "غابة ليلية" قابعة في ارض ملؤها الضياع والحيرة والآسى:
مـ مـ مـ ما فهمت .. شو قصدج ...؟!!

عقدت ام العنود ساعديها امام صدرها برقة تنضح دهاءاً أنثوياً صرفاً .. وهتفت ببطء خافت:
ماباج تسامحينه .. هب قبل لا تاخذين حقج امْنَه كامل مكمل ..

قطبت شما حاجبيها محاولةً فهم كلام ام العنود .. وقالت من بين نظراتها التائهة: بسسس
بس كيف اخذ حقيه منَه ...!!!

ابتسمت ام العنود ابتسامة ذات معنى خفي وأجابت بذات دهائها الخافت: راويه منو شما بنت خويدم ..



.
.



جفلت بجزع وهي تسمع نداء والدتها البعيد والذي اخرجها من سرحانها وصاحت بصوت عالي: امايه يااااااااايه يااااااااااايه ..



.
.
.
.
.
.
.



وكهيجان ريح عاتية وسط صحراء ميتة، خرجت من المكتب وهي تلهث بانفعال جنوني صرف .. انفعال كان لم يمكن ليصدق صدمته بالذي حصل ..... ليس وكأنها كانت تنتظر عكس ما توقعته ..!!!!!

إنما الاصطدام بالواقع ورؤيته مجسداً امامها كان اشد وطأة على عقلها/غرورها اللامحدود ...

ولكن فلتصدق مع نفسها ..!!
هذا ما تريده .. وما تريده بدأ بالحدوث ..!!
أليس كذلك ..!!!!

أخذت تمشي بهرولة غير مدركةً بعد ان هناك شخصاً يلحقها وهو يكاد يموت ألماً لما شهدته زوجته قبل قليل ..


لا يعرف ما الذي حدث .. يقسم بالذي خلقه لا يعرف .....!!


أخذ ينادي بصوت يحاول اخراجه طبيعياً وهو يلف رأسه بالغترة بعجلة كبيرة بعد ان استوعب انه نسيَ عقاله في المكتب: عووووشه
عوووووووووشه
يا ام زايد اتريي دخيلج ....


سكت بقهر مكتوم وهو يلمح الموظفين يرمقونه وزوجته نظرات استغراب وريبة ..


لمحها وهي تسير بسرعة اتجاه سيارة السائق وتأمره بالتحرك في الحال ...

توقف بمكانه عاجزاً عن التفكير بشيء

لا يا إلهي .. كيف سيشرح لـ عوشة الذي حصل ...؟؟!

يقسم بالله انه لم يكن ليفكر يوماً بفعل ما لمحته عيناها في مكتبه ..
يقسسسسم ..



لم يستوعب منظره المريب البائس بـ ثوبه المشعث وهو يتحرك بسرعة ومن غير تفكير نحوه سيارته المركونة في المواقف الخاصة للشركة ..... دخلها وتحرك بها من غير تردد ..

حمد الله انه استطاع رؤية السائق عند اشارة المرور ..


حسناً يا أحمد يجب ان تهدأ .. فأنت من حقك ان تُفهم زوجتك وتبرر لها ما حدث بالتفصيل .. ومن حقك عليها ان تسمعك وتصدقك ..

تبــــاً .. هي يجب ان تصدقه فهو زوجها ولم يفكر يوماً بخيانتهــــــا ..!!!


تحركت السيارات مع اعلان اللون الأخضر، ومرت الدقائق بعد ان استوعب أحمد ان سيارة زوجته تسير بسرعة جنونية لخارج مدينة العين .. لأبــــوظبي تحديـــداً ..!!!!


يا إلهــــي ..!!!
مــا الذي تــرمي إليــه هـــذه المــــــرأة ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



قالت ببحة عميقة دافئة وهي تمد يدها لـ ابنتها شما: شميمي علنيه افداج هاتي طاسة الشوربة
(طاسة = وعاء)

مدت شما الوعاء لوالدتها ثم استدارت لـ زايد وسعيد ابناء شقيقها أحمد وسألت باستغراب: زيودي سعودي امكم وابوكم وين ..؟!!

هز الولدان كتفيهما بـ عدم المعرفة ثم سمعت زايد يقول: ماعرف عموه رديت من المدرسة وما حصلتهم ..

ميرة وهي تأكل بنهم/تلذذ: عموه تسلم ايدينج الصراحة المجبوس ما فيه حييييييييييييله ..
(مافيه حيله = لا يعلى عليه أو ليس له مثيل)

رمق أبا سيف ابنته الصغيرة بنصف عين متهكمة:
جان زين تتعلمين من عمتج شويه .. يالستلنا الا كب كيك الا ماعرف اشووووه الا ترمسسو مالج

زمت ميره فمها باستياء: ابويه تيراميسو اسمه .. وبعدين ها اسمه التنوع الحضاري في فن الطبخ ..

ضحكت حصة وقالت مؤازرةً شقيقتها التي انقلب لون وجهها للأحمر القاني: ابويه ترى ميراني هبّةْ ريح وطباخه على كيف كيفك يا غير تتعايز تسوي شي يباله معابل ..
(هبة ريح = اي يدها خفيفة وتفعل كل شي بمهارة وخفة) (معابل = تعب/جهد)

هتف أبوسعيد بنظرة ضحوكة حركت تجاعيد وجهه العتيقة: امايه ميرة بارك الله فيج هالاكل اللي تسوينه ما منه فود .. اشعنه فديتج ما تسويلنا هالاكل الزين اللي ما مثله مثيل .. الله على اكلنا في ذمتيه يسد العوق ..
(يسد العوق = يكفيك السوء)

هتفت ميرة باستياء مرح: ان شاء الله فديتك امره ولا بتشوف مرة ثانيه سويتاتي الفاخرة .. أصلا أصلا المفروض ما اظهر مواهبي الخفيه عندكم .. اروح سويسرا ابرك لي هناك بيقدرون موهبتي ..

ضحك الجميع بخفة وقال أبا سيف بدعابة لا تظهر الا نادراً مع بناته: سويسرا اونه .. انتي وايد عليج بندر عباس هههههههههههههههه

ضحك الجميع ضحكات سببت بـ تجمع دميعات طفيفة من أثر "الاحراج" في مقلتا ميرة لتختفي فجأة بعد ان هتفت شما ببسمة رقيقة: افا يا بوسييييييييف هاي المير فديتها لا تقول عنها جيييييه ..

التفتت شما الى ابنة شقيقها وقالت بثقة حازمة: ميراني راويهم سنعج هالويكند .. اليمعه والسبت غدانا وعشانا كله عليج .. شو قلتي ..!!!!

دخلت ام سعيد الحوار وهي تقول بضحكة تخللها جزع: يالله بالستر .. باليمعه خطّارنا بيون، مافينااا نفتضح ابهم
(خطّارنا = ضيوفنا)

ارتعد جوف شما وهي تتذكر ما الذي سينتظرها عما قريب .. زفرت زفرة خافتة محاولةً استجماع شتات عقلها ..

وسمعت ميره تقول بثقة مترفعة: الا اسميهم هل بوظبي بيتهنووووون ..

قالت أم سيف بضحكة خفيفة: لا لا فديتج صكي الدعنه .. امبونه ابوج بيذبح الذبايح وبييب العيش
(صكي الدعنه = إلزمي مكانك/إجلسي محلك)

ثم سألت فجأة شما باستغراب: الا امون وين ..!!!

ثم كررت سؤالها على خويدم: وينها امك يا خويدم ..!!!

هز خويدم كتفيه بـ لا اعرف، بينما هتف سلطان شقيقه بصوت طفولي عالي: مامااا في حجرتها من البارحة وما طلعت

التمعت أعين الجميع بـ القلق/الشك بينما هتف أبوسعيد بحزم لـ شما: شما فديتج سيري اطّالعي بلاها ام خويدم ..



.
.
.
.
.
.
.



نزعت حجاب رأسها وهي تقترب من غرفة آمنة شاعرةً بأن هناك مشكلة قد حدثت لـ صديقتها الغالية ..

طرقت الباب بخفة قبل ان تسمع حشرجة صوت آت من بعيد يسأل: منووووه ...؟!!

تنحنحت شما بخفوت وقالت: امون حبيبتي انا شمااااا ..


لم تسمع رداً يأذنها بالدخول، ولكنها فضلت الوقوف حتى تفتح هي الباب ..


وبعد ثواني طويلة، رأت الباب وهو يُفتح ببطء هادئ يبعث القشعريرة ..


اتسعت عيناها بجزع صرف وهي ترى منظر صديقتها المزري تماماً ..

عيناها العذبتان منتفختان لأبعد حد حتى تكادا تخرجان للخارج .. والاحمرار الوردي أخذ موقعه السادي حول محاجرها بشكل "مرعب" .. ووجهها الشاحب الموغل بالاصفرار تنبآن بوقوع آلام نفسية "تقتل" على روحها ..

ولاحظت ان شفتها السفلى منتفخة بشكل واضح تخلله ازرقاق مُحمر بشكل قاني ..!!


كانت آمنة بحق في حالة "مزرية" ..!!


صرخت شما بجزع: اموووووون بلااااااااااااج ...؟!!

ثم امسكت وجه صديقتها وهتفت بقلق بالغ: بلاج امون ارمسيييييي ..


لم ترى شما الا آمنة وهي تبلع بصعوبة صرفة غصة كبيرة بـ رجفة تسري بكامل جسدها .. وعيناها اللامعتان على الدوام تنطفآن خلف جفون ابت الا ان تنزل من تحتها "دمعة حارقة يتيمة" ..

وخارت قواها لتسقط كـ روح ميتة أمام شما

بينما صرخت الأخيرة بـ رعب حقيقي: اموووووووووووووون ..



.
.
.
.
.
.
.



دخلت بيت أهلها بذات هيجان ريحها العاتية ..

يكاد يقسم من يلمح وجهها خلسة ان شياطين الإنس والجن يتراقصون بجنون صرف اما عيناها .. كانت تعيش لحظة غريبة ..!!!

لحظــــة مجنونــــــة ..!!
وجنــــونهـــا مـــا ستنفثــــه بـ كــل أســـف معــــــدوم علـــى "ذلـــــك" ..


تيبس جميع من يجلس في صالة المنزل ما إن رأوا تدخل في تلك الحالة المريبة .. لم تكن أقل اناقة ولا أقل جمالاً وتألقاً ..

إنما وجهها ينضح شراراً .. ينضح لمعان شيطاني ..


وقفت ام حميد وهي تضرب صدرها بخفة: يالله بالستر .. عوووووشه امايه بلااااااااج .. شو مستوووووي ..!!!


كانت عوشة تلهث بسرعة وتلمح من طرف عيناها من بعيد قامة زوجها الذي لحقها من العين إلى أبوظبي ..

اقتربت بكل انفعال تام الى حيث يجلس والدها وهدرت بصوت عالي كما صوت الرعد: مثل ما يوزتووووووني اياااااااااااه اطلقوووووووني منه ..

وقف أبا حميد بذهول أخذ مأخذه العتيد في كل ملامح وجهه المتجعدة .. وهتف بصرامة مغلفة بالصدمة التامة: اشوووووووه ..!!!
شو تهذربين انتي .. شو تقولييييييييين ..!!!


توقف الكل عن الكلام ما إن رأوا أحمد أمام باب الصالة وهو يقول بصوت عالي خشن مستأذناً أهل البيت: هووود هوووود


لم تكن حنان في الصالة، لهذا اجابه أبا حميد بنبرة أكثر ذهولاً واستغراباً: هدااا هداااا بوزايد قرب ما من غريب ..

دخل أحمد ووجهه ذو التفاصيل الرجولية الحانية "حد الوجع" في شحوب تام .. شحوب حوّل حنطاوية بشرته لاصفرار رمادي يُؤلم النفس ..


هتف بحزم صارم أخرجه بقدرة هائلة: السلام عليكم ..

التفتت عوشة إليه وصرخت بوقاحة عاصفة: انت شو تبا لاحقنيه هاااااااه ...!!! شو تباااااااااا ..!!!
ما يسد اللي شفته منك يالردي في مكتبك ...؟!!
هاااااااااااه ....؟!!

قبض أبا حميد ذراع ابنته وهتف بصرامة غاضبة: عوووووشه صخي .. احشمينيه انا ابوج واجف هنيه
(واجف = واقف)


وبهستيرية صرفة، نزعت عوشة ذراعها من يد والدها وقالت بذات نبرتها المُحتقرة حد السماء/الارض:
ابووووويه .. هذا اللي يوزتوني اياه ماباااااااه .. مابااااااااااااااااااه ..

أحمد كان ملازم الصمت ويتأمل فقط ملامحها التي تتحرك بجنون هستيري ..

يقسم أنها المرة الأولى التي يرى فيها عوشة بهذا اللهيب الحارق ..!!!

يقسم أنه للمرة الأولى يرى الجنون يتراقص بغضب امام عيناها والحمم المشتعلة تتقاذف للخارج من فوهة بركان شفتيها ..!!
كيف يراه من قبل بهذا الانفعال وهي التي حبست ذاتها في بيت ثلجي لا ترضى أحد بـ هدم حصونه والدخول إليه ..!!!



أكُتب علي رؤية لهيب عيناكِ بهذه الطريقة .. بهذه الهيئة .. وبهذه الظروف المقيتة ..!!!



كتم انفعالاته الداخلية بقوة وقال بحزم ينضح قوة جلمودية: عميه لو ما عليك اماره خل نيلس عسب افهمكم اللي استوى صدق ...

قاطعه صراخ زوجته الهستيري: جججججججب، انت جججججججب ولا تفتح ثممممك بـ حرررررف واااااااااحد ..


سكتت لـ ثانية وهي ترى تحول محاجر أحمد لـ قطعتان من الجمر .. وعرفت انها استفزت كبريائه ونكزت رجولته ..

امسكتها والدتها بقوة وهي تصرخ ارتباكاً/جزعاً/غيظاً: صخخخخخي يا بننننننت صخخخخخخي ..


وللمرة الثانية، نزعت بكل قوة/وقاحة ذراعها من يد والدتها وقالت بذات هستيريتها الموغلة بالازدراء الصافي:
هالنيس الوصخ بيطلقني غصبن عن خشمه وخشم اللي خلفته ..
(نيس = نجس)


لم يتحمل .. لم يتحمل البتة .. ليس وهو يملك كـ "باقي اشقائه" جينات خويدم الكبير الغارقة بـ الدماء الحارة ..!!!!

ليس وهو أحمــــــد ..
أحمد الذي لم ترى عوشة ابداً وجهه الآخر "عندما يصل أقصى مراحل الغضب" ..!!!

غضب هو مزيج من احاسيس قلة الحيلة والعجز "عن اثبات براءته" .. غضب تخلله رجولة "مخدوشة" من اهانة بالغة ..!!
غضب مرير وهو يقف كالهر الضعيف لا يتلقى الا قاذورات كلامية تنضح ازدراءاً لـ "شخصه" ..!!
لن يتحمل أبداً وهو الذي يسمع اهانة والدته قبل اهانته ...!!!!!


وبلمح البصر، أذاقها صفعة آتية من ظهر كفه الأيمن .. صفعة حمل معها كل ما يجول في روحه من "انكسار/هيجان" .. صفعة قوية جعلتها تترنح بقوة وتسقط أرضاً كالريشة ..!!!


تسمر الجميع .. بينما وقف هو كـ جبل شاهق لم يتحرك فيه الا صدره الصاعد/الهابط بكل ثوران تام ..!!


اتسعت محاجر عوشة بـ صدمة حقيقية ... ولم تستطع رفع جسدها
انما اكتفت برفع عيناها اللتان تتلألآن احمراراً ينبأ بسقوط دموع "الغيظ/الغل/الاهانة" ..


أتتها والدتها تركض وتهتف بجزع بالغ "من الذي يحدث أمامها": عووووشة ..

اوقفتها وهي تغمغم بـ "بسم الله عليج امايه، بسم الله عليج"


الا ان سرعان ما انتفضت وهي تسمع زمجرة زوجها المتفجر بالغيظ/الغضب: حمدددده ... شلي بنتج ودشششن دااااخل ..


لم تسكت عوشة ...... كيف تسكت وهي التي تربت على نيل ما تريده منذ ان كانت في المهد ..!!!


صرخت ومحاجرها الحادة الحمراء المشتعلة بالغضب في اتساع متزايد: واخلييييه بليا مااااخذ حقيه منننننه .!!!!!
والله ما صاااااااااار ولا يصيييييييير ...


امسك أبا حميد فكها بقبضة يده وهتف بـ فحيح أعمى من فرط غيظه: لو بوزايد ما صنج بـ هاك الطراق حرام ينيه صنيتج بدلة الاقهوه هاي..
(صنج طراق = اعطاكِ صفعة)


وصرخ صرخة اهتز معها جدران المنزل: اذلفيييييييييي داخل يلاااااااااا ..


لانت عينا عوشة وتجمدت ملامحها اثر ذهولها البالغ من فوران والدها عليها ..

فـ هذه المرة الأولى التي يصرخ عليها ويوبخها ..!!!!

واخذت تفكر بجنون ..... كيف يفعلها ويوبخها امام من ترغب بـ إذاقته نار الذل وادراجه لـ حافة الانهيار
لكي ....... لكي ..
لكــــــي تتخلـــــــص منــــــــــه .!!!!!

كيــــــــــف ....!!!!



ارتجف قلبها جزعاً وهي ترى هول وجدية شرارات غضب والدها ..... الا انها رصت بـ قهر صرف على شفتيها ودلفت للداخل مخلفةً ورائها دمار شامل في قلب "ذلك" ..... الذي وياللأسف/ياللأسى ..... "متيمٌ بها" ..!!!!



.
.
.
.
.
.
.



: سمي بالرحمن وشربي هالشوربة الطيبة ..

غمزت بـ مرح وهي تردف: صنع ايديه واللهي ...


رأت شبح ابتسامة تمر على وجه صديقتها التي أصرت على الخروج من فراشها بعد ان لازمته منذ ساعات بـ أمر حازم من شما ..

همست بإرهاق حقيقي: ماليه خاطر شميمي

هتفت شما بحزم: لا لا لا ما عنديه انا هالسوالف .. يلا اشوف اباج تشربين اللي في الملة كلها .. بسرعة ..

هزت آمنة رأسها بالنفي وهمست بذات نبرة الإرهاق/التعب: والله شميمي ماليه خاطر ..

شما باصرار بالغ: عاده شرايج ما بخليج يلين ما تشربين هالشوربة ..
يلا اشوف ..


تنهدت آمنة تنهيدة خافتة خرجت كـ وجع مثقل بـ "جرح ماكن" .. جرح يضيق عليها اوردة قلبها وريداً وريداً .. ومن غير ان تنطق بكلمة ...... أخذت تشرب الشوربة بصمت ..


قامت شما لتجلب هاتفها .... ولم تكد تتصل بالشخص الذي تفكر به حتى سمعت آمنة تقول بحدة: شما على منو ادقين..؟!!

رمقتها شما نظرة بريئة وهي تقول: على بطي خويه اطمنه عليج ..؟!!

آمنة بنبرة لم تستطع التحكم بذبذبات الانفعال فيها: لا لا دقين عليه

قطبت شما حاجبيها باستغراب: شعنه ..؟!!

آمنة بنبرة مُقتضبة: بس جيه لا دقين ..
(جيه هنا تعني هكذا)


أحست شما هنا أن الذي يحدث لـ آمنة ما هو الا من امر واقع بينها وبين زوجها ..
لم تحب ان تتدخل ولكن شقيقها قد اتصل منذ قليل بـ هاتف زوجته ولم ترد عليه ... فاتصل بها هي حتى تطمأنه ما إذ هناك أمراً حدث في منزله ..
ومن غير ان تفكر شما .. اخبرته ان آمنة قد أغميَ عليها وارجحوا ذلك على انه انخفاض في ضغط الدم ..

لم تنجو شما من غضب صديقتها لأنها "كما تدعي" قد اقلقت زوجها على أمر غير مهم البتة ..!!

والحقيقة هي ان آمنة لا تريد ان يظن بطي انها تعبت "منه" و"لأجله" ..!!

هو الآن بنظرها خائن ..!!
والخائن في عُرف قلبها لا غفران له ..
لا غفران له أبداً ..!!!


وضعت شما هاتفها في جيب ثوبها "المخور" وقالت بهدوء: ان شاء الله على امرج ..


مرت الدقائق وظل الصمت هو سيد الموقف بين شما وصديقتها ..

فالأولى تريد ان تستدرج الثانية للكلام والفضفضة بمكنونات روحها .. والثانية تستدرج الأولى لالتزام بقواعد الصمت المهيب ..!!! الصمت الذي لا يجر ورائه نقاشات لا تنتهي .. و"لن تنتهي" ..

فهي الآن مرهقة حد الثمالة .. ولا تريد التفوه بكلمة واحدة ..!!


سمعت شما أخيراً وهي تهتف بتردد: امممممم آمنة عرفتي ان شي عرب بيونا باليمعة يخطبونيه ..؟!!


ابتسمت عينا آمنة "الذابلتان" وقالت بتساؤل: ما شاء الله .. قوم بن عذيج مستعيلين الظاهر ..

هزت شما رأسها بـ لا .... لترد بعدها باقتضاب: لا هب قوم بن عذيج ..


صمت قليلاً وهي ترى آمنة ترمقها بنظرات مستغربة ..

ثم هتفت بذات نبرة الاقتضاب: قوم بن ظاعن الـ ..


اتسعت عينا آمنة ناسيةً للحظات ألمها الوجداني الغارقة به: قوم بن ظاعن ..!!!
منووووه ..!!!

اخفضت شما عيناها ومشاعر كثيرة تموج بقلبها بشكل ضاري ..... وحاولت نطق اسمه فلم تستطع ..

كيف تنطق اسمه بتلك الخفة وهو الذي يُشعرها بأن الاكسجين معدوم ما إن تسترجع في ذاكرتها هيبة حضوره ..!!

كيف ..!!


لم يكن عليها النطق بإسمه بعد ان سمعت آمنة تقول بـ ذهول حقيقي مباغت: لا يكون تطرين سلطااااااااان ...؟!!!



.
.
.
.
.
.
.



: ابراهيم بغيتك بـ خدمة صغيرة ..
..
: ما يامر عليك عدو ولا صديج،
تحيد انت عمير الـ .. اللي مات في عملية مستودع مصفح ..؟!!
..
: هيه عليك نور .. اباك اظهر ملفه كامل وتعرف حالة هله وعياله ..
ولو حالتهم المادية مش ولابد خبرني بارك الله فيك ..
..
: تسلم تسلم يا بوخليل ..



اقفل هاتفه قبل ان يتنهد بعمق مسترجعاً الذي حدث الليلة الماضية .. فقد قضى مع الفتى المسمى رائد عدة سويعات محاولاً استدراجه ليخبره بالأشخاص الذين أفسدوا دماغه بأكاذيب وافتراءات لا حصر لها ..

وكما ظن بالضبط .. أبا مرشد هو من وراء الموضوع .. ولكن ليس هو من تكلم مع الفتى مباشرةً .. بل أحد رجاله الذي عرفه من وصف الفتى له ..


ضحك بسخرية على تفاهة عقولهم ..


أهو لهذه الدرجة سهل الصيد ليرسلوا طفلاً لقتله ..!!!


خرج من تفكيره وهو يتلقى رسالة نصية على هاتفه مفادها:
"بوس .. وصينا على الجاغوار وان شاء الله ما بييه شي"
(ما بييه شي = لن يحصل له شيء)


زفر زفرة ارتياح كبيرة ...
الحمدلله رب العالمين .. على الأقل اضمن سلامة حارب حتى تأتي الفرصة المناسبة لإنقاذه ..



وضع هاتفه في جيبه ودخل لـ منزله الثاني .. منزل أخاه أبا ذياب ..



جلس بجانب والدته وبدأ بتجاذب الاحاديث الاعتيادية معها ..

حرّك بين أصابعه فنجان قهوته الفارغ وهو يسأل: الا بتخبرج الغالية .. وينهن بنات هامل ..؟!!

ام هامل بنبرة حنونة: ناعمة فديتها من ردت من دوامها وطت راسها ورقدت .. وفطيم في حجرتها مع ربيعتها يذاكرن امتحان باجر ..


هز سلطان رأسه بإيجابية، ثم وقف بسرعة ما إن رأى أخاه الكبير وهو يدخل الصالة: مررحبا مررحبا

اقترب ثم انزل قامته قليلاً كي يسلم بأنفه عليه ....


أبا ذياب بضحكة خفيفة: هههههههههههه تبارك الله .. يا ام هامل ولدج ماخذ نصيبه ونصيب اخته من صدرج ..

ضحكت ام هامل وهي تمسد بعاطفة جياشة صدر ابنها الذي بالفعل كان ذو طول مميز .. مميز لأبعد حد: ههههههههههههه علنيه افدا طول بومييد وعرضه ..

وجهت كلامها لـ ابنها البكر هامل وقالت: انت بعد ما قصرت فديتك .. خذت نصيبك وزووود هههههههههههههههه

أبا ذياب بـ خفة ظل رجولية: شعنه عيل ما الله رزقنا بـ طول سليطين ..؟!!

سلطان بـ ذات خفة ظل أخاه: قل اعوذ برب الفلق .. اذكر الله عن اصبح الصبح ولنّي بابا سنفور ..
(ولنّي = أرى بأني)

أبا ذياب: ما شاء الله تبارك الله لا تخاف عيونيه بارده هههههههههههههههههه


التفت وهو يرى ابنه حمدان يمشي بجانبهم ويتلفت بصمت: ابويه حمدان بلاك ..؟!!

حمدان: ابويه ادور ناعمه اباها تساعدني في واجب الاجتماعيات

هتف سلطان بـ حزم دافئ: ناعمة راقده .. راوني الواجب بساعدك انا ..

حمدان بنبرة مترددة: بس انا ابا ختيه ناعمة ..

رفع سلطان حاجبه الأيسر وقال بـ بسمة لطيفةَ السخرية: طاعو هذا .. يعني عشان نعوم خريجة تاريخ تتحرا محد يعرف في التاريخ غيرها ..؟!!
ييب ييب ورقتك ..
(ييب = أعطني)
(للتذكير لا أكثر: التاريخ والجغرافيا مدرجتان تحت مسمى "دراسات اجتماعية" في مناهج الإعدادية)


قفز حمدان وجلس بجانب عمه وهتف بحماس: يعني تروم تحل الاسئلة اللي ما عرفت احلهن ..؟!!!

ابتسمت عيناه سلطان بحنان عبق واجاب: ان شاء الله

قال حمدان وهو يعطي عمه ورقة الواجب: هذا هو ..
أول سؤال ما الفرق بين الديموقراطية المباشرة وغير المباشرة، وما الأمثلة على ذلك ..؟!!



.
.
.
.
.
.
.



بعد صلاة العشاء



: غربلااااات عدوش طيرتي حمامة افواادييييييييه


ما إن قالت جملتها بتلك اللهجة حتى انفجرن الفتيات بضحك لم يتوقف ..

وإحداهن ضحكت بـ صمت تام خرج كـ معزوفات تضج عبقاً انثوياً مميز الأريج ..


لم تستطع هي الاخرى كتم ضحكتها، فـ لسانها في بعض الاحيان يخرج عن مساره المعتاد ويتخذ مسار اهل والدتها ..
اهل رأس الخيمة ..

: اسميج مافيج حيلة يا ام مايد يبتييييييها صحححححححح هههههههههههههههه

العنود بضحكة خفيفة: هههههههههههههه جب يالهرمة والله انيه زغت ..

ضحكت حصة ضحكة رنانة لتهتف بمرح لطيف: ههههههههههه وانتي شبلاج جلبتي على راك فجأة .. اذا امج اللي هي امج ما ترمس به الا من وين لـ وين ..
(راك هو اختصار كلمة رأس الخيمة باللغة الانجليزية)
(للتنويه: .. كلمة "افواديييييه" هنا تُنطق ممدودة من حرف الدال الى الهاء مع نطق الحرف الأخير الهاء ولا تُنطق كـ ياء وهاء منفصلتان .. وهذه بالاصل لهجة أهل رأس الخيمة والمناطق الشمالية من بلادنا الحبيبة)

العنود بنبرة ضحوكة رقيقة: وبلاها رمسة هل راك .. علنيه افداها تييب العافية ..

رفعت ميرة يدها دلالة احترام/فخر: وانا اشهدددددددددددد ..

ضحكت العنود بخفة لتقول لـ ميرة بنبرة ساخرة: ها الشيخة يبتي الفلم ..؟؟!!

تراقصت حواجب ميرة لتقول بـ حماس: هيه نعم يبته .. استعدوا يا قووووووم ..

أضافت وهي تُدخل السي دي لجهاز العرض السينمائي: موزانه .. يبتيلي السنكرز ..؟!!

هزت موزة رأسها بابتسامة جميلة وأعطت لابنة "ابن خالة والدها" كيس الحلويات ..

وبدأن الفتيات بمشاهدة الفلم باندماج تام لا يتخلله الا طرافات ميرة التي تخرج عند كل لقطة رومنسية ..

العنود وهي تضرب ظهور الفتيات بخفة هاتفةً بتهكم: غضن البصر يعلكن ياربيه رياييل ..

ردت ميرة وهي تخفي عيناها بين اصابعها "غير المتراصة" وضحكت بحياء: هههههههههههه آميييييييين .. ها ها غضينا حشى يابوج ما تخلون الواحد يتهنى شوي بالرومنسية ..

ضحكت حصة فوق ضحكها على تعليق شقيقتها عندما رأت موزة وهي تشيح بوجهها الذي اصبح بـ لون الطماطم من فرط خجلها ..

ثم هتفت ببسمة متهكمة: امحق رومنسية في ذمتيه جانه بالبوس والاحضان ..

اوقفت ميرة الفلم وهي تلتفت لـ شقيقتها وتقول بمكر: وشو هو مفهوم الرومنسية عندج ديموزيل حصة ..؟!!

اعتدلت حصة بجلستها لتقول بثقة وهي ترفع حاجباً واحداً: منو قالج أصلاً انيه افطن لـ سوالف الحب والرومنسية ...؟!
(افطن = افهم)
انا امبونيه ماداني هالافلام ولا اشوفهن .. الا جان انتي ولا حد غيرج حطلي اياهن ..

اتسعت عينا ميرة بذهول: مافي بنية ما تحب الحب ولا تحب رومنسيته ..

ثم التفت لـ موزة وسألتها ذات السؤال: موزانه انتي شو مفهومج عن الحب والرومنسية ..؟!


تحولتا مقلتاها العسل من الخجل الصامت الهادئ الى الخجل اللامع بحبيبات كهرمان موغلة بالبراءة و"انعدام الفطنة" ... ثم هزت كتفيها بـ عدم فهم وأشرت بإشارات بسيطة: ماعرف والله ميرة ..

ضربت ميرة رأسها بذهول أشد: ياربييييييه شو هاييل البناااااااااات .. معقولة ولا وحده فيكن تعرف بالحب والرومنسية ..؟!!

العنود وهي تضع ساعديها امام صدرها لتقول بسخرية مرحة: مسودة الويه ثرج انتي اللي تعرفين بهالسوالف .. يلا اشوف اطربينا بـ رايج ..

اعتدلت ميرة بجلستها ثم قالت بنبرة حالمة بالغة: آآآآآآآخ يا فواااديه .. يقول راعي الطويلة بن الحسين المتنبي: ما كنت ممن يدخل العشق قلبه و لكن من يبصر جفونك يعشق ..

صفقت حصة بـ حماس وصفرت باستمتاع بالغ: رووووووووح يا العشق روووووووووح
(راعي الطويلة = صاحب الفضائل/الكريم/المعطاء/النشمي .. وتختلف الكلمة عن "راعي طويلة" التي تعني فلان بطيء جدا في متابعة الأمر أو إنجازه .. والاختلاف هنا يكمن بـ أل التعريف)



دفعت العنود ميرة بخفة وهي تقول ببسمة اعجاب كبيرة: عنلات بليسج ميروووه اسميج هب هينه .. ما سمعتج امج شريفة والله لا تاكلج هههههههههههههههههه

رفعت ميرة أنفها بـ زهو وهي تقول: انتي قلتي تبين تطربين مسامعج بـ رايي وهاذوه اطربناج هههههههههههههههه

وقفت وهي تشرب مشروبها الغازي دفعة واحدة ثم ضغطت على الزر في الجهاز ليكملن متابعة الفلم ..


لم تعرف ميرة انها اشعلت فؤاد تلك اليائسة مع بيت القصيد الخاص بالمتنبي .. لم تعرف انها بحديثها العذب الطفولي جعلت العنود تحلق بعيداً بتفكيرها عنهن ..

تنهدت الأخيرة بوجع عميق متذكرةً جفاء زوجها وبُعده غير المفهوم .. بُعده الذي يشعل براكين الشوق في قلبها .. وبراكين الاحتياج المؤلم "لـ رائحة أحضانه"..



.
.
.
.
.
.
.



في إحدى المقاهي الشعبية



وضع كوب الشاي على الطاولة الخشبية ثم اعتدل بجلسته واسند ظهره ... ومن غير احساس منه ... خرجت آه خفيفة منه بعد ان شعر بوخزات في ظهره ..

سمع صديقه وهو يقترب منه بـ قلق: بومايد بلاك ..؟!! شو تانس ..؟!
(تانس = تشعر/تحس)

هتف سيف بنبرة خشنة ظهرت مع ذبذبات الألم في وجهه: لا لا ما فيه الا العافيه ..
اسمحليه قاطعتك .. كمل شو كنت تقول ..؟!!

رجع صديقه لـ مكانه وقال: كنت اقول شو رايك انسير هالاسبوع مع بودعي وبومنصور السلع .. نتكشت ونغير جو شويه ..
(نتكشت آتية من كلمة "كشتة" والكشتة تعني الرحلات البرية والترفيهية)

رد سيف بنبرة إرهاق ولكنه اخفاها خلف صوته الحازم الودود: والله ما نقول لا يا بوشامس .. امرره على شورك ..


التقط هاتفه بعد ان سمع رنينه العالي .... ولمح من طرف عيناه اسم شقيقته الصغيرة ميره ..


استأذن من رفيقه وقام من مكانه ليجيب بنبرة حازمة هادئة: مرحبا ميره

ميره: مرحبا مليون خويه الغالي .. شسمه .. شو كنت بقولك ..
امممممممم ..

سيف بنظرة باسمة: ميراني طبعتلج الاوراق اللي تبينهن ..

ميره بـ تذكر: هيييييييه الاوراق الاوراق .. طبعتلي كل اللي في الفلاش خيوووو ..!!!

سيف وهو يهز رأسه بثقة: هيه فديتج طبعت كل اللي في الفلاش ..

سمع سيف ضحكة عالية بالقرب من شقيقته .. ضحكة يعرف مصدرها .. ويعرف طلاسم سحره الطاغي على قلبه ..

هي .. ضحكتها هي ..

فـ من غيرها تستطيع بـ إيماءة واحدة الاطاحة بحصون تعقل رجولته المتزنة ..!!!!


لا يعرف لمَ اجتاحه ريح صقيعية من الألم، من الوجع المثقل بإحساس الضعف/الخيبة/احتقار الذات/علقم الجرح الصرف ..

يشعر بأنه شخص "غير مُكترث له لأبعد حد"، شخص غير مهم في حياة تلك التي تحتقر مرضه ..!!

يشعر بأن نفسيته المتدهورة تقوده لأعمق نقطة في مزاجه المنزعج ..

يشعــــر بالضيــــــــق .. الضيـــــــق الحقيقـــــي ..!!!!


زفر بقوة قبل ان يهتف بغلظة خرجت على شكل حلقات موجية من بحات متواصلة: يلا ميره برايج ..


اقفل الهاتف ليهمّ بتوسيع عُنق ثوبه ليتنفس الهواء النقي ..


ثم رجع الى صديقه وهتف بـ نبرة لا تقبل المناقشة بتاتاً: بوشامس عقب السلع .. خل نويّه صوب بيت الله ..
(نويّه صوب = نتجه إلى)



.
.
.
.
.
.
.



جلس أبا سيف بجانب والده وهتف بـ حزم دافئ: آمر علنيه افداك ..

طرق أبا سعيد بعصاته الأرض ليهتف ببحته الملازمة لحنجرته: أبويه عبدالله .. خبرتك حرمتك ان قوم الحر يبون بنتك حصة ..؟!

هز أبا سيف رأسه بـ أجل وقال: هيه نعم خبرتني مساعه .. شو رايك ابويه ...؟!!

ابتسمت عينا أبا سعيد بـ ارتياح: والله تبا الصدق حصة ما بتحصل شروا فلاح ابد .. ريال يخاف الله ومحافظ على صلاته .. نشمي راعي فزعه .. والشاهد الله ما ريت عليه منقود لا هو ولا خوانه نهيان وحمد ..

هز أبا سيف رأسه مرة أخرى وابتسم بذات ابتسامة والده: وانا والله هذا هو رايي فيه ..

هتف أبا سعيد موصياً: عبدالله في لوّل والاخير الشور شور حصة .. خبروها وسمعوا رايها ..

أبا سيف باستنكار: البنية شورها من شورنا يا بويه .. ولا هي شو عندها تنقد على ولد عبيد وترده ..!!!
(تنقد = ترى فيه منقود وعيب)

أبا سعيد باصرار: حتى لو شوه .. هاي حياة حصة وهي لها الشور يا عبدالله ..

قطب أبا سيف حاجباه وحديث والده لم يعجبه البتة ... الا انه أجاب بـ هدوء: ان شاء الله ابويه بنخبرها وبنشوف رايها ..

أبا سعيد بحزم بالغ: ولو ما بغت ولد عبيد لا تغصبونها .. هذاني اخبرك من الحينه ..

صمت قليلاً لـ يتذكر أمراً عليه أن يفعله .. ثم قال بعدها بنظرة مظلمة: أبويه عبدالله ازقرليه اختك شما ..

نهض أبا سيف ليهتف باحترام شديد: ان شاء الله



وبعد دقائق لم تتعدّ الخمس ..



: عونك أبويه

لانت ملامح الرجل المُسن حتى بانت بسمته التي أخرجت تجاعيده العذبة على جانب عيناه وثغره: عانج الرحمن بنتيه .. تعالي فديتج اباج ..

جلست شما بـ قرب والدها ودقات قلبها تصرخ ارتباكاً بالغاً .... وقلقاً أبلغ ..... فـ هي تشعر بأن الذي ستسمعه الآن "مألوف لها جداً" ..

أبا سعيد وهو يتأمل تفاصيل وجه ابنته بنظرات ذات معنى: اخوج بطي خبرني أنه رمسج بـ موضوع الخطبة وقال انج وافجتي على بن ظاعن .. لجني بغيت اسمع هالشي بذنيه الهنتين ..


أنزلت شما رأسها محاولةً التفوه بـ موافقتها بشكل مباشر وسريع كي ترجع ادراجها بسرعة وتختلي بنفسها "المُتألمة" ..... ولم تمر ثواني كثيرة حتى هزت رأسها بخفة وقالت بنبرة مقتضبة مبحوحة: هيه بويه موافقة ..

وقبل أن يرد عليها أباها بسؤال تعرف ماهيته تماماً ... هتفت بنبرة حازمة أخرجتها بشجاعة .. اخرجتها بقوة كافية كي يتركها والدها تتجرع آلامها بصمت ولوحدها: دخيل الله ما تسألني شحقه وكيف وافجت .. انت وخوانيه راضيين وتشوفون ان بومييد ريال ما بحصل أحسن عنه ..... وانا ماليه بد عن شوركم ..



.
.
.
.
.
.
.



اتسعت عيناها وهي تسمع من والدتها ما حدث في الصباح في المنزل .... ثم هتفت بانفعال غاضب:
والله العظيم هاي ما تستحي ولا تخيل .. عيل حرمة جيه ترمّس ريلها وجدام هلهاااا ...!!!!
(تخيل = تخجل)
عنبوووه شو من مذهب عليها بنتج ..!!!

وصل لمسامعهن صوت يملأه الاحتقار الساخر: خلينا المذهب والسنع لج يا ام العقل كله ..

وأردفت بـ وقاحة بالغة: ثرج وايد مستهمة على ريلي ومشاعره الناعمة عن لا تنجرح ..!!
جان تبينه سيري عنده وقوليله يطلقني وخذيه ..

وابتسمت بـ سخرية جرحت صميم قلب شقيقتها وأضافت: على الاقل يفكج من عنوستج ويفكني انا من صدعتج ..

احتد فم حنان وهي تبتلع غصة مثقلة بالألم .... ليس لأن شقيقتها نعتتها بالـ "عانس" .. بل لأنها ترى بأعينها كيف ان عوشة وصلت لمرحلة "اللاانسانية في التعامل والحوار مع الغير" ..

فـ ليس هناك امرأة ذو ذمة وروح نقية تحقّر مكانة شقيقتها ومكانة زوجها بهذه الطريقة الموجعة/المخزية ..!!!!!


لم ترد هي على ما تفوهت به عوشة ... بل والدتها من ردت بكل غضب/صدمة: صدقهاااا اختج يوم قالت ما تستحين ولا تخيلييين .. عيل هاي رمسة تنقال يا بنت زايد ..!!!!
هااااااااه ..!!!!

هزت رأسها بأسف/استياء بالغان: ربي يسامح ابوج جانه مربنج على البزا وقلة المرُوّة ..
(المروة = المروءة)

هتفت عوشة بنظرة باردة/غير مكترثة البتة: ما يهمني اللي تقولونه .. مثل ما يوزتوني لـ هذاك الردي اطلقوني منه ..

استدارت ونظرة الشر تغزو ناظريها بقوة .. ثم سمعت رنين هاتفها يرن بشكل مزعج ..

ما إن رأت المتصل حتى ضغطت على الزر الأحمر .. فـ هي ليست بمزاج حسن لترد على أحد .. خاصةً "هذه" ..

ويبدو ان "هذه" لم تيأس بعد، فأرسلت رسالة نصية ..

فتحتها عوشة بتململ:
"اظنتي سويت اللي طلبتيه مني يا عوشة .. اتريه بيزاتي"


تحولت ملامح عوشة للازدراء الصافي وهي تهمس بـ خفوت: ان كان حايتك عند الجلب ....


زفرت بقوة وهي تفكر أين يمكن ان تجد والدها ..... فـ هي يجب ان تعرف بالحديث الذي دار بينه وبين ذلك الـ احمد ...



.
.
.
.
.
.
.



صبـاح يـوم جديـد ..



كان متوجهاً لـ مقر وزارة العدل لحضور اجتماع مع الوزير والهيئة القضائية ...

لم يكن ليلاحظ في هذا الصباح الباكر ومع وجود ازدحام كبير في المرور تلك السيارة التي تتبعه .. ولكنه "وبالصدفة" تمكن من الاحساس بالارتياب وهو يلاحظ سيارة صغيرة سوداء تتبعه .. الا انه حاول ازاحة الريبة من عقله ..

فمن هذا الذي سيلاحقه وفي هذا الوقت بالذات ..!!

ولكنه قرر التأكد بنفسه .. لهذا دخل في الزقاق بين المباني الشاهقة ليتأكد ما ان كانت السيارة ستتبعه ام لا ..

وانصدم بالغ الصدمة عندما رآها حقاً تتبعه ..!!!


قطب حاجباه ونظرة الترقب علت ناظريه بشدة ..

حسناً .. ليس لديه الوقت للتفكير .. هناك اجتماع مهم ينتظره ..


عاد بسيارته الى الشارع الرئيسي ليأخذ الطريق المتجه لمقر الوزارة ..

وصل قبل أن يوقف سيارته في موقفه الخاص داخل المواقف المخصصة لكبار الشخصيات والمسؤولين ..


حرك نظارته الطبية وهو ينظر نظرة خاطفة للسيارة السوداء من خارج سور الوزارة ..
ثم استدار ودخل ..


مرت ثلاث ساعات إلى انتهى الاجتماع ووجد فرصته ليخرج .. فـ هو على ميعاد مهم مع أحد المستشارين ..

ما إن اقترب من سيارته حتى لمح ورقة بيضاء معلقة على الممسحة الأمامية ..

أخذها، ثم فتحها بخفة ليقرأ ما بها:
" لا تلعب بالنار يا بوظاعن"


ابتسم باستهزاء صرف، ثم جعد الورقة بين يديه ووضعها في جيبه ..
في الحقيقة .... هو لم يكترث ولم يخف البتة ... فـ هذه ليست المرة الأولى التي يتلقى فيها تهديدات ..!!
فـ هو قاضي ورجل يعرف دهاليز المحاكم شبر شبر ..!!

وللقضاة حياة تتسم "بالأكشنية الخفيفة" لما يواجهونه في بعض الاحيان من قضايا كبيرة معقدة ومشاكل لا حصر لها من مطلوبين للعدالة وأصحاب الشأن ..



.
.
.
.
.
.
.



في إحدى مدارس الثانوية للبنات – أبوظبي



أمسكت القلم بنعومة وبدأت تشخبط بـ كلمات وخطوط ليس لها معنى ... والذي يرى ما تفعله سيعرف بأن تفكيرها في رحلة عميقة لمكان بعيد كثيراً ..

رفعت رأسها ما إن سمعت صديقتها تقول بـ لهاث قوي واضعةً على الطاولة السندويشات والعصائر: آآآآآخ يا ايديه ..
ما شاء الله عليهن من بنات كل وحده ادز الثانية دز في المقصف .. ما رمت اشتري الا يوم حميدة "البائعة الاثيوبية" دخلتني من ورا

ضحكت روضة بخفة وهي تبعد كتبها وأقلامها لتتمكن هي وناعمة من الأكل بأريحية: ههههههههههههههه يعطيج العافية مس ناعمة ..

فتحت ناعمة العصير الخاص بها والخاص بـ صديقتها وأخذت الفتاتان تتسامران وهن يأكلن بلذة بعد ثلاث ساعات متواصلة من التدريس المتعب/الجوع المضني ..

قالت ناعمة وهي تبلع ما في جوف فمها: والحينه شو بتسوين ..!!! كيف بتعرفين بلاه ابوج وهو في غيبوبة ولا يروم يرمس ..؟!

هزت روضة كتفيها بقلة حيلة بعد ان تنهدت بعمق: والله ماعرف يا نعوم .. شوري عليه والله احس راسي ينفجر من التفكير ..

مدت ناعمة شفتيها الى الامام وهي تفكر بـ نقطة تتمكن روضة الانطلاق منها لتبحث عما جرى سابقاً بوالدها .. طرقت بأصبعها قبل ان تهتف بحماس: يبتهاااااااا .. هب ابوج كان في الجيش ..؟!!

هزت روضة رأسها باستغراب: هيه كان في الجوية ..

ابتسمت ناعمة ابتسامة ذات معنى لتقول: عيل لازم تسألون عنه هناك ..

امالت روضة كتفيها بـ قلة حيلة وتخاذل: الله يهداج نعوم كيف نسأل عنه هناك ..؟!!

ناعمة بنبرة حازمة: أسألوا عنه رواضي .. يعني هو شو كان يسوي .. شو كانت اخر مهماته .. شوفوا ملفه .. يمكن صارتله مشاكل هناك .. يمكن واجه امور خلت نفسيته في الحضيض ..
من هالسوالف يعني روضووووه ..

هتفت روضة بسخرية: تبين امايه تخليني ارابع بين الرياييل في الجيش ..!! والله ينها بتقصبني قصاب ..

رصت ناعمة على عيناها الواسعتان لتقول بعد تفكير: تعرفين شوووه ..!!!
خلي هالموضوع عليه ..

اتسعت عينا روضة بـ خوف: وابوي .. على شو ناوية انتي ..!!!

ابتسمت ناعمة بـ خبث وهي تهم بشرب عصيرها: ما عليج انتي .. ما يقيبها الا ستاتها



.
.
.
.
.
.
.



فتحت عيناها وهي في حالة اكتئاب تام .. لا تستطيع التفكير بشيء غير ذلك الذي يبتعد عنها شيئاً فـ شيئاً ..

ابتلعت غصة كبيرة وهي ترى مكان زوجها في السرير مرتب ولم يحتضن على ما يبدو جسده منذ البارحة ..

اقتربت من وسادته وحضنته بكل ما فيها من شوق يحرق الوجدان .. واستنشقت حبها المؤلم من رائحته العودية .. رائحة رجولية تبعث الجنون في العقل ..

لا تستطيع التحمل أكثر .. هي مشتاقة له .. مشتاقة له حتى تكاد تشعر بأوردتها تعتصر بين كفوفها ..
مشتـــــاقة هي .. وملهـــــــوفة ..!!!!

لم تشعر بنفسها وهي تمسك بهاتفها وتتصل به بكل ما يعتمل خاطرها من "لهفة" ..

الا ان لمعان عيناها انطفئ وهي ترى بأن هاتفه "مشغول" .. انزلت هاتفها وعيناها تنبآن عن مرور سحابة مثقلة بوابل من الدموع ..


جفلت وهي تسمع رنين الهاتف .. التقطته بسرعة وهي ترى اسم زوجها منيراً جنبات قلبها المشتاق .... وهمست بصوت يرتعش شوقاً مع رعشة خفقاتها: السلام عليكم

أتاها صوت زوجها الخشن الجاف: وعليكم السلام .. هلا العنود .. بغيتي شي ..؟!!

تنحنحت العنود بقوة كي تزيح بحة صوتها الناعس: أ أ أ لا .. يعني هذا ..

سيف بـ حزم تخلله جفاف قاحل: بلاج ام مايد .. ناقصنكم شي في البيت ..؟!!



"ناقصني انت يا الدب"


لم تستطع العنود التفوه بما دار في قلبها، ولكنها سألته بنبرة هادئة: وين رقدت البارحة ..؟!

أجاب سيف بنبرة صقيعية: وين رقدت بعد .. في البيت ..

ارتجف جانب فم العنود بألم ولكنها تماسكت لتقول بذات نبرتها الهادئة: ليش ما رقدت في الحجرة ..؟!

سمعت زوجها وهو يتحدث مع أحد الموظفين ... ثم هتف لها باستعجال: ام مايد مشغول انا الحين عقب بتصلبج ..


لم تتمكن العنود من اقفال الخط قبل ان تسأله باهتمام وقلق بالغان: سيف اتريه بسألك ..
خذت دواك البارحة ...؟!!

وصلها بوضوح تام سخرية زوجها عندما هتف بغلظة: ما نحتاي حد يذكرنا باللي لازم نسويه شيختيه ..
مع السلامة ..


أقفل الخط بـ قسوة تاركاً خلفه تلك التي تتجرع علقم كلماته الجارحة الساخرة ..



.
.
.
.
.
.
.



دخل مكتبه وأمارات الضيق تُرسم بكل شراسة على ملامح وجهه ..

سقطت عيناه على المكان الذي حدث فيه ما لم يعتقد يوماً انه سيحدث له ..... تذكر كل التفاصيل التي مرت عليه صباح البارحة ..
وتذكر بفكر فوضوي حواره المُحتدم مع عمه والد زوجته ..

للأسف لم يتمكن من اخبار عمه ما حدث .. أي نعم قال بأنه سيوضح له الذي حصل ليساعده في ازالة سوء التفاهم ولكنه لم يستطع ..

بـ حق الله كيف يخبره بأن ابنته رأت امرأة غريبة بين احضانه .. وهذه المرأة لا يعرفها هو نفسه ...!!!

لن يصدقه البتة ..!!
اذ كان هو الى الآن لم يصدق الذي حصل ...!!!!

يا إلهي .. ما الذي يجري معه ..!!

يشعر بأن حياته على حافة الانهيار .. حتى ان الصغيران في حالة حزن واكتئاب ..
يريدون والدتهم .. !!


جلس على كرسي مكتبه بثقل وبدأ يفكر بـ هدوء كيف يحل المسألة بينه وبين زوجته فقط ..

فـ ليس لأحد الحق في التدخل بينهما ..
أبداً ..!!


سمَ بـ خفوت بالرحمن ودعا ربه ان تجيب على هاتفها المحمول ..


مرت الثواني ..

ولم تجب ..


نظر لـ ساعته وحرّك عيناه بسخرية مظلمة ...

بربك يا احمد ... أهي القيامة لتنهض عوشة في هذه الساعة المبكرة ....!!!
انتظر حتى أذان الظهر ثم اتصل ....



.
.
.
.
.
.
.



تركيـــــا



دخل غرفة الاستقبال المصممة كباقي القصر على الطراز العثماني العتيد، والذي يغلب على اثاثه اللون الذهبي المدمج مع الأزرق البحري وطاولاته ذو الأسطح المعشقة المزهوة بحوافه اللامعة بماء الذهب ..

كانت الغرفة صورة فخمة مصغرة عن صورة القصر الأصلية الموغلة بالأُلق الجمالي الفاخر ..


وقف له رجلان بلباس انيق فخم لا يقل عنه هو ذاته فخامةً ... وقال أحدهم بإنجليزية سلسة "مُتزلفة": أوووه ديرفس لقد اشتقت إليك يا صديقي ..

وتحرك نحوه كي يحتضنه .. ولم يفت عن الأول التصرفات المبالغة للرجل ولكنه تماشى مع اسلوبه بـ خبث وقال: وانا أيضا اشتقت لك يا عماد .. إن مصر الحبيبة قد حرمتنا منك فترة طويلة ..
كيف حالك وحال اعمالك ..؟!!
سمعت ان الحكومة المصرية الجديدة قد جمدت كل ارصدتك في البنوك ..
أصحيح هذا ..!!!!

قاطعهما الثالث بـ نزق ولسانه الانجليزي يغلب عليه الطابع اليوناني: ماذا بك يا رجل .. ألن تلقي السلام علي ..!!
أم إنك فقط تهوى تجاهلي ..!!!

أضاف وهم يغمغم مولعاً سيجارته الكوبية: لن استغرب فظاظتك .. فأنتم هكذا أيها الاتراك ..


ضحك عماد بينما ابتسم ديرفس بسخرية باردة ..

هتف عماد بنبرة رنانة: اوووه يا فليمون مازلت انت وديرفس كالقط والفأر .. فلتنسوا النزاعات التاريخية والأقليمية بين بلادكما ولنركز على اعمالنا المهمة ..

هز ديرفس كتفيه بنبرة لامبالية: انك ترى بنفسك الجنون الذي يعتري هذا السمين ما ان يراني .. حتى انني يا رجل لم اتفوه بكلمة فكيف له ان يتهمني بالفظاظة ..!!!

ضرب عماد كتف فليمون بـ مزاح: هههههههههه ان فليمون هكذا يا ديرفس .. حار المزاج وينفعل بسرعة

جلس فليمون واضعاً رجل على رجل ليقول بـ غلظة: حسناً هيا .. لقد وصل عماد .. هل لنا ان نبدأ الاجتماع ..!!

جلس ديرفس على طاولة مكتبه وهو يرتب هندامه الذي كان عبارة عن روب حريري فخم مكون من لوني الكحلي والسكري وقال:
في البداية يجب علي ان أخبر عماد كل النقاط المهمة التي تحدثنا عنها في اجتماعنا في اسبانيا .. وغير هذا .. سبق وأن اخبرتك يا عماد اننا تعاونا مع شاب هندي عبقري في مجال التكنولوجيا يدعى لاكي .. وأظنك تعرفه فـ صيت هذا الشاب عالٍ لأعلى درجة ..

ثم اخذ يتابع حديثه مع عماد عن اجتماعهم السابق باختصار ومن غير هوامش غير ضرورية ..

قطب عماد حاجباه بتفكير: حسنا .. ألا يجب أولا ان يبرهن مدى جودة عمله .. !!
فـ صيته العالي لا يبرهن لنا عملياً عبقريته التي تتحدث عنها .. لا تنسى ان عملنا في غاية الحساسية والسرية ..!!!

هز ديرفس رأسه وقال بـ ثقة: أجل يجب ان يبرهن بالتأكيد ..


أكمل فليمون بابتسامة خبيثة وهو يرمق ديرفس بنظرات ذات معنى: ولكن يجب ان يبرهن ولائه واخلاصه أولاً يا عزيزي ههههههههههههه

هز عماد رأسه بـ ضحكة مجلجلة: يا لكم من خبثاء ههههههههههههه حتى هذا المسكين لم يأمن مصائبكم ..

أضاف متسائلاً وهو يلتفت لـ ديرفس: في أي سجن قذفتموه ..؟!

طرق ديرفس بـ قلمه الطاولة وقال بنبرة بطيئة ماردية: لاسانتيه


اتسعت عينا عماد بـ ذهول/هلع حقيقيان، فهذا هو السجن الذي سُجن فيه قبل سنوات طويلة في بداية معرفته لـ جماعة ديرفس ..

أصيبت اطرافه لا ارادياً ببرودة مقيتة اشعلت في عقله كل الذكريات المرعبة البغيضة التي تخص ذلك المكان ..

وهتف بخفوت بلهجته المصرية "ظهرت عفوية لما مر بعقله من صور ترعد الاوصال":
يالهووووي، ده وئع وئعة سوووووودا ..


تنحنح وهو يقلب لسانه للإنجليزية هاتفاً ببال شارد تماماً: فليكن الله في عونه .. أقسم انه لن يخرج من ذلك السجن في حالة نفسية سليمة ..

ضحك ديرفس وفليمون بقوة ما إن رأوا حالة عماد: ههههههههههههههههههههههههه هههههه

وقال ديرفس بـ شيطنة صرفة: من يريد اللعب معنا .. يجب ان يلعب بقواعدنا نحن يا عزيزي عماد ..



مرت ساعة كاملة حتى انتهى الثلاثة من نقاشاتهم المهمة ..


قاطع نهاية النقاس هاتف ديرفس الذي اعلن عن قدوم اتصال من رجل مهم ..

خرج الاخير من غرفة الاستقبال وهو يرد بـ حزم: أهلا آندي.. ألم تشبع من اجازتك بعد ..!!
إننا نحتاجك هنا في تركيا ..

آندي بفرنسية سلسلة .. فـ ديرفس يفقه الفرنسية: ههههههههههه ياللأسف الشديد لم اشبع أيها الزعيم .. ولكني سوف اقطع اجازتي وآتي إليكم .. فمن هذا الذي لا يريد رؤية ومصاحبة جميلات تركيا ..

ابتسم ديرفس على ولع هذا الـ آندي بالجنس الناعم وقال: ادرك تماماً ان الذي سيجلبك لـ تركيا هو نساءها وليس دون ذلك ..



.
.
.
.
.
.
.



أغلق هاتفه بعد ان انتهى من مكالمته مع رئيسه والتفت للذي بجانبه وهتف بـ مكر خرج مع لكنته العربية الركيكة: ما رأيك يا مانئ بسفرة ترفيهية الى تركي ..!!
(تركي = تركيا بلفظه الانجليزي)

تململ بمكانه ليقول بـ ضجر/امل بالغ: اففففف ياريت يا آندي.. قسم بالله أحس بـ ضيج وصكه .. ما عندي شي اسويه .. وبومرشد ما يباني اتحرك على راحتي عن لا يعرف أحد اني شردت من السجن ..

التمعت عينا آندي بلمعان غريب: اوووه يالذاك الرجل .. انه حريص جداً على ما يملك ههههههههه

غضب مانع وقال بـ حدة: انا مب ملكه آنددددي ولا بصير من ممتلكاااااته ..

هتف آندي ببسمة خبيثة: لقد سبك وتلبت منك ان تبرهن لي انك لست أهد ممتلكات أبومرشد ولم تفئل ما تلبت .. كيف لي أن ائتمد ئليك بأئمالنا الخاصة وانت تهت سيترة يده ..!!!
(لقد سبق وطلبت منك ان تبرهن لي انك لست احد ممتلكات ابومرشد ولم تفعل ما طلبت ... كيف لي ان اعتمد عليك بأعمالنا الخاصة وانت تحت سيطرة يده ..!!!!)


قطب مانع حاجباه بـ انفعال: وانت عسبت جيه ما سعيتلي ودخلتني اجتماعكم في اسبانيا ..!!

هز آندي كتفيه بـ صرامة ثم أجاب بإنجليزية باردة: البزنس يا مانع يتطلب قلب وعقل يتحركان بصورة استقلالية وليس تبعية .. وانت للآن لم تبرهن لي سوى انك رجل تتبع أبومرشد بكل خطوة يخطوها بشكل اعمى ...

اقترب مانع قليلاً ليهتف بخفوت: شو تبا تعرف بالضبط عن بومرشد ..؟!!

ابتسم آندي وهو ينفث دخان سيجارته ببرود: أي دليل ضده يمكننا استخدامه في حال ما اذ خان الذي بينه وبيننا ..

رص مانع على فمه محاولاً ان لا يتفوه بأسرار لن تجعله الا في الحلقة الأضعف في المجموعة كلها ..


أيخبره بـ موضوع مذكرات سعيد بن خويدم ..!!
لا لا ..
هذا الموضوع خطير ومن الممكن ان يتورط هو شخصياً فيه ..

فكّر بعمق ..

لمَ يتورط ..!!

فـ هذه المذكرات قد كُتبت بكل ما فيها وانتهت قبل ان يتعاون مع أبا مرشد ويصبح رجلاً من رجاله ..

اممممممممم ..
لا .. لن يستعجل ..
سيأخذ الامور بروية ولن يستعجل ..


هتف مانع بنبرة مُقتضبة: اوكي .... بييبلك ادلة ادّين بومرشد .. وعسب ابرهنلك اني ريال كفو وقد المسؤولية ومب تابع لـ حد ..



.
.
.
.
.
.
.



"واللي رفع هالسما بليا عمد يا بنت عبدالله ينج بتتمنين الخلاص على ايديه ولا بتنولينه"


ارتجفت خفقات قلبها على نحو غريب وهي تسترجع صدى وعيد ذلك الشخص وحروفه التي تنضح غضباً أسوداً ..


رفعت عيناها لـ والدتها ولـ جدتها لتقول بخفوت أخذ الذهول مأخذه منه: ما فهمت ..

هتفت والدتها ام سيف بـ عين متسعة: ويديييه .. شو اللي ما فهمتيه بعد حصوه ..
فلاح بن عبيد ناوي يتجدم ويخطبج ..

حصة بذات خفوتها المذهول: منوووه فلاح بن عبيد ..!!

أم سعيد: طاعو .. حصيص بلاج ..!! .... فلاح ولد خال حارب وموزة ..

رصت على شفتيها شاعرةً بالغضب العاصف .. غضب جعل مقلتاها تستحيلان الى جمرتان نقيتان ...

لـ سبب واحد فقط هي غاضبة ..

كيف يظن ذلك الحقير المتكبر انها سترضى به زوجاً وهو الذي يفتقر لـ"الرجولة" ..!!!
كيف سمح لـ غروره الـ "الفارغ" ان يسيطر عليه لدرجة ان يظن انها سترقص فرحاً ما ان تعلم بـ أمر خطبته لها ....!!!!


اتسعتا فتحتا انفها وهي تهتف بصوت قوي حاد: طبعاً هب موااااااافقه ...


رأت الذهول مرسوماً بشدة على ملامح والدتها وجدتها .. وسمعت الأولى وهي تقول بانفعال: وابووووي .. وشحقه ما تبين فلاااح .. شو قاصرنه الريااااال ..!!!!

أم سعيد بتهكم بالغ: حصيص هذا عرس هب لعب وخرابيط .. جانج شايفه على الولد عذروب خبرينااا ..

ام سيف بغضب حاد: عمتيه الله يهداج شعرفها البنية في الريال عسب تشوف عليه شي ..!!!

ثم اضافت وهي توجه كلامها لـ حصة: حصوه امايه خبريني .. ليش ما تبين فلاح ..!!! بلاه الريال ..؟!!

وقفت حصة محاولةً انهاء الموضوع بشكل قاطع: امايه .. يدوه .. انا هالريال مابااااااه .. العرس هب غصيبة يا نااااس ..


وبلمح البصر، حولت مجرى الموضوع وهي تهتف بـ حماس "متصنع" للصغيرتان لطيفة ابنة عمها بطي وفاطمة ابنة شقيقها سيف: منو بيروح يلعب مع عموه صوصة بالدرفانه ..؟!!
(درفانه = الارجوحة .. ونقول أيضا بلهجتنا "ميرحانه")

لطيفة + فاطمة وهن يقفزن بسرور منتعش: اناااااااااااااااا







نهــــاية الجــــزء الســــادس عشــــر


sira sira likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-06-16, 07:09 AM   #20

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)






الجــــزء الســــابع عشــــر



،



حسبي من الهّم أنّ القلب ينتحبُ، وإن بدا فرحي للناس و الطربُ

مسافرٌ في دروب الشوق تحرقني، نار انتظاري ووجداني لها لهب

كأنني فارس لا سيفَ في يده، والحرب دائرة والناس تضطرب

أو أنني ُمبحر تاهت سفينته، والموج يلطم عينيها وينسحب

أو أنني سالكُ الصحراءِ أظَمأه، قيظٌ وأوقفه عن سيره التعب

يمد عينيه للأفق البعيد فما، يبدو له منقذ في الدرب أو سبب

يا شاعراً ما مشت في ثغره لغةٌ، إلا وفي قلبه من أصلها نسب

خيول شعرك تجري في أعنّتها، ما نالها في مراقي عزّها نصب

ريحانةَ القلب عين الشعر مبصرةٌ، وفجرنا في عروق الكون ينسكب

وأنت كالشمس لولا نورُها لطغى، ليل المعاناةِ وازدادت به الحُجب

يا من أبى القلبُ إلا أن يكون لها، وفـيه مأوى لعينيها ومنقلب

الله يكتب يا ريحانتي فإذا، أراد أمضى وعند الناس ما كتبوا

لو اجمعَ الناسُ أمراً في مساءتنا، ولم يُقدّر لما فازوا بما طـلبوا

ريحانةَ القلب روح الحب ساميةٌ، فليس ُيقبل فيها الغدر والكذب

ليس الهوى سلعةً ُتشرى على ملأٍ، ولا تباع ولا يأتي بها الغَلب

قد يعشق المرءُ من لا مالَ في يده، ويكره القلبُ من في كفّه الذهب

حقيقةٌ لو وعاها الجاهلون لما، تنافسوا في معانيها ولا احتربوا

ما قـيمة الناس إلا في مبادئهم، لا المال يبقى ولا الألقاب والرتب



لـ عبدالرحمن العشماوي



،



كانت تجلس في الصالة وتشاهد باندماج تام احد البرامج الدينية على قناة الشارقة ... وصوت الشيخ يرن على مسامعها بسكينة عطرت جو المكان برائحة المسك:

كان نبينا الكريم عليه الصلاة والسلامة مدركاً تماماً أهمية ما خصه الله عز وجل من نعم وألطاف، فكان عليه الصلاة والسلام لا يرى بأساً من تبيان ما يملكه من نعم لصحابته رضوان الله عليهم والناس، لذا تراه يقول: انا محمد النبي الأمي، وقال ذلك ثلاث مرات وقال: ولا نبي بعدي، أوتيت فواتح الكَلِم وخواتمه وجوامعه .. (المسند للإمام أحمد)

كان بقوله الذي يشع ضياءاً وحكمةً يعلن للناس كافة بأنه سيد البلغاء وخطيب خطباء الأولين والآخرين ..


تمتمت بـ خفوت: اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..


: سلام عليج امايه

اقتربت من أمها وقبلت رأسها ... ثم جلست بـ هدوء ..

:عليج السلام والرحمة ...

قطبت حاجبيها متفحصةً وجه ابنتها الشاحب المُصفر واردفت: عنوده بلاج فديتج ..!!
شعنه ويهج غادي شرا الكركم ..!!!

ابتسمت العنود ابتسامة لم تتجاوز عيناها وقالت بـ بحة خفيفة: لا فديتج ما بلايه شي .. مصدعه بس ..

حدّقت أم العنود بـ عينا ابنتها من تحت رموشها وقالت: مصدعه بس عنيدي ..؟!!



ارتجفت غصة كانت واقفة في وسط بلعومها كالصخر ..


"العنيدي" ..


لم تسمع هذه الكلمة من فاه ذلك القاسي منذ زمن مر عليها كالدهر ..


آآآآآآآآآآه ..


سيطرت على انفعالاتها الداخلية وهمست بحشرجة: هيه امايه مصدعه بس ..

ام العنود بـ نبرة حازمة أخرجت معها حكمة سنين ليست بالقليلة: انا ما بحن على راسج عسب تخبريني باللي فيج .. لاني ادري ان شي مستوي بينج وبين سيف .... حركاتكم هالايام وسكوتكم ما يخلي الواحد يطمن ... بس ابا اقولج شي واحد ..
سيف ريلج مثل الياهل .. يباله مداراه واهتمام اكثر .. لا تنسين ان المرض اللي فيه يخليه غصب عنه في نفسية حساسة وايد .. واي شي بيسمعه وبيشوفه يمكن يزيد من حالته ..
غير ان هو بطبعه كتومي وما يرمس عن اللي في خاطره بسرعة ..
عسب جيه اقولج اصبري عليه لو صار امبينكم خلاف ....


ارتجف فك العنود بـ ألم .. لم تتمكن من السيطرة على دمعتين حارقتين نزلتا ببطء من مقلتاها .... وهتفت بنبرة مرتجفة مختنقة:
بـ بـ بس امايه .. و و والله ما سويتله شـ شـي .. ماعرف هو ليش جيه جاسي معايه ..


مسدت ام العنود كتف العنود بحنان متفجر .. لتهتف بعدها برقة: بالمعاملة الحسنة والجلمة الطيبة بتعرفين هو شحقه يعاملج جيه .. انتي عليج انج تصبرين وما تخلين الامور تنفلت من ايديج ..



.
.
.
.
.
.
.



وضع رأسه بين ساقيه المنثنيين .... وأخذ يتلو بهمس مبحوح متحشرج موغل "بصبرٍ يكاد يفتك بـ تلابيب صدره":
آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) البقرة

رفع ببطء رأسه وملامحه القاسية الجلمودية ترهب "بـ حق" كل من يقترب منه .. فـ هو بعد ان حاول قتل ذلك السجين "الذي ظنّ بأنه مات" أصبح مثار احاديث القسم الذي هو مسجون فيه .. وأصبح البعض يتجنبه الا "من يهوى اللعب بالنار" .. والذي يهوى اللعب بالنار يلقى ما يستحقه جزاء نزواته ..!!!

هتف بغلظة خرجت مع نظرته القاسية الصنديدية: لقد سبق وقلت لك لا اريد طعامكم القذر .. ألم تفهم ما قلت ...؟!!

هتف العسكري بـ غل/حقد ... فهو اصبح يكره هذا الهندي المتكبر كره وصل أقصاه في قلبه ... وزاد كرهه بعد ان فلت من عقابه الذي كان يجب ان يناله بعد محاولة قتله للسجين .....

كيف فلت من العقاب هو لا يعرف ..!!!!!
الذي يعرفه ان هذا السجين الهندي يبدو عليه سمات الجبال الشاهقة التي نادراً ما يراها في أحد السجناء لديهم ..!!!

سمات لم يرها الا في بعض السجناء العرب هنا .. بالرغم من ان هذا الهندي قد طغى على العرب في علوا كبريائه العتيد "المثير للغضب" ..


: كُل يا هذا، فأنت لم تأكل شيئاً منذ يومان ..

وبنبرة ساخرة بغيضة أضاف: أم إنك ترغب بخدمة فنادق خمس نجوم هنا ..!!


لم يكترث حارب بما قاله العسكري، بل انه اخفض رأسه بين ساقيه مرة أخرى واستمر بخشوع تام بترديد آيات من كتاب الله علّ همه وكربته هذه تنفرج:
وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن ......


تصلبت شفتاه اللتان تتحركان بخفوت ما ان احس بـ ماء بارد يُصب على رأسه ......

تحرك فكه العريض الصلب بـ غيظ ناري "مكتوم" ...... الا انه وبصقيعية تامة .. مسح وجهه بطرف قميص السجن البالي القذر ...... وأكمل الآية بصوت شبه مسموع وصل مسامع ذلك الذي يضحك بشماتة كريهة:
لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) الأنبياء


ما هي الا ثانيتين ... حتى تسمر العسكري بـ خوف "لم يظهره" وهو يرى حارب .. بـ ندبته التي تضيف على خشونة مظهره خشونة قاسية وتعطي لـ شرارات رجولته لمسات ترهب من يراه .. مقبلاً عليه ببطء .....


خاف بالرغم انه يمتلك القوة والسلاح ..!!

ولكن "وقذف في قلوبهم الرعب" ..


هتف حارب بنبرة جلمودية خلت من أي مظاهر "الإحساس": اجلب لي ماءاً نظيفاً في الحال ..

ارتفع جانب فم العسكري بسخرية "خبيثة" وقال: كُل أولاً ثم سأجلب لك ماءاً بدل الذي سكبته على رأسك

احتدت نظرة عينا حارب بانفعال ناري .... فـ هو واجه الموت المحقق فقط لـ جلب ماء نظيف كي يتوضأ به ..

في الحقيقة هو سرقه من عسكري متغافل نائم الليلة الماضية عندما انتهى من فترة تنظيف المطبخ الداخلي للسجن ..


كيف له ان يتوضأ بماء الحمامات التي اختلط صفائه بفضلات الجرذان وصدأ الحديد ..!!

حتى ماء الشرب الشحيح لا يكفيه بتاتاً ليروي ظمأه ..!!!


قال بعد ان تمكن من السيطرة على غضبه الذي "يجب أن يُكبح حتى يحوز على الماء النظيف": حسنا سآكل ..


أمسك بالصحن وبلع لقيمة كبيرة من العدس ذو المذاق المقيت متجنباً بتعمد قطعة اللحم الذي فيه ..

لا يضمن ما إذ كان لحماً عادياً ام لحم خنزير ..!!!

وغير هذا وذلك .. هو يعرف تماماً النظام القذر السائد في هذه السجون ..

تقديم اللحم يومياً وباستمرار سيساعد مسؤولي المعتقل بسرعة من التخلص من الذين لا يريدون لهم الخروج بسلام .. أو التخلص من الاعداد الزائدة في السجن ..!!
(كما هو معروف، أكل اللحم باستمرار سبب رئيسي في الاصابة بداء النقرس الذي اذ مالم يُعالج، سيفتك لا محالة بقوة الشخص ويهلك جسده تدريجياً ..!!!)


هتف العسكري بابتسامة قذرة: كُل اللحم كُل .. لا تخف إنه لحم ضأن وليس بخنزير هههههههههههههه ..

رفع حارب حاجباً واحداً محاولاً ان لا يبين صدمته من حديث العسكري ....

كيف علم انه مسلم ولا يأكل لحم الخنزير ..!!


اتسعت ابتسامة العسكري بدهاء اشد قذارةً وقال متذاكياً: اوووه لا تنظر إلي هكذا يا عزيزي، لقد استنتجت انك مسلم من صلاتك الغريبة التي سبق ورأيت سجناء مسلمين يؤدونها بكل غباء هههههههههههههههه


قاطع ضحكته صوت عسكري أعلى منه رتبة وهو يهتف له بغضب حاد: راندي أيها المعتوه إني اناديك منذ ساعة كاملة .. مالذي تفعله ...!!!

ارتجف العسكري وقال بجزع: أ أ أ أ أني قادم سيدي


ما إن خرج حتى ارتخت عضلات كتفي حارب وحمد الله في قرارة نفسه على غباء هذا العسكري وجهله ..

فلو كان يعرف الهنود ومعاني اساميهم وثقافتهم لأدرك على الفور ان اسمه بالكامل هو اسم هندوسي بحت ..



زفر بخشونة قبل ان يقذف طبقه بعنف ملؤه الغيظ الأسود أخرج معه كل ما يعتمل صدره من ضيق وغضب مرير ..

آه يارب ..
أين سلطان .. أين هو ..!!
أهو غارقٌ في بحثه عنه أم تراه نسيه خلف مشاغل دنياه المزدحمة ..!!!!



ابتلع غصة علقمية وتفكيره المشوش يقوده لـ تلك اليتيمة ..

شقيقته موزه ..

يا إلهي ..!!!

كيف له ان يقبع هنا سجيناً وهو يشعر بأن شقيقته تعيش مرارة الفقد مرتين ..
وعذاب الوحدة أضعاف عذابها اليومي ..!!

الرحمة يا رب الكون ..


جلس بثقل على الأرض المقرفة ممدداً ساقاه الطويلان على طول زنزانته الضيقة ..


شعر بوخز أسفل فخذه الأيمن .. قطب حاجباه بإرهاق وهو يدخل يديه داخل جيب بنطاله ليخرج الشيء الذي يوخزه ..


ثواني مرت حتى استرد ذاكرته ولانت ملامحه القاسية ..


ادار الخاتم بين اصابعه السمراء .... ثم ضغط على فص صغير لينفتح الخاتم من الأعلى ويقرأ المكتوب بعيناه ....


"ناعمــــــــه"


ومن غير أن يشعر هو نفسه بـ "ذاته" ..... التمعت مقلتاه المظلمان بلمعان غريب .. غريب بصورة بالغة/مبهمة .. مسترجعاً صورة
"تـــوأم نجــــلاءه" ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



كان بطي جالساً على مكتبه ويراجع احدى الاوراق التي تنتظر توقيعه ..

فضّل التركيز على اعماله بدل ان تحترق اعصابه انتظاراً كي تترفق زوجته بقلبه وتجيب على هاتفها المغلق ..


هو يعترف انه كان قاسياً بتعامله معها .. لكنها هي من دفعته لذلك .. هي من تخرج أسوء ما فيه من طباع ما إن تنقلب نفسيتها وتغدو غير قابلة للمجادلة والمناقشة .. بل حتى غير قابلة لسماع اي حرف يتفوه به ..

افففف .. ما الذي اقترفه من جرم كي تعامله بهذا البرود والجفاء ..!!
لم تكن آمنة بامرأة تهوى البحث عن المشاكل في السابق .. فـ ما الذي جرى لها الآن بحق الله ..!!


وضع قلمه للمرة الألف وامسك بهاتفه كي يتصل بها .. علّها بهذه المرة تجيب ويتمكن من تنفس عبق بحات صوتها الصباحية ..


ما إن تذكر بحة صوتها حتى اصابته قشعريرة مثقلة بالتوق على طول عاموده الفقري ..


يالله .. ريدها .. يريدها الآن ..
يريد ان يجدد انفاسه بـ عذوبة شذاها ..
يريد ان يسمع خفقات صدره بين جنبات جسدها الغض ..
يريد ان يتوغل بـ أعماقها كما يتوغل النحل في العسل وينهل منه حد الارتواء ..

يريــدها بكــل ما فيـــه مــن شـــوق لا يــــوصف ..



لم يكد يخرج من حلم كان "كالجنة" حتى باغته رنين هاتفه ...


رفعه بعد ان تنحنح بخشونة "ليخرج من دائرة طيفها الشرس" وهتف بـ حزم بالغ: ألوووو ..

: ألووو سلام عليكم

بطي: هلااا هلااا بومايد وعليكم السلااااام .. شصبحت ..؟!!

سيف بنبرة حازمة ودودة: بـ خير يعلك الخير والعافية يا العم ..
ومن صوووبك ..؟!!

بطي: اصبحنا بنعمة ولله الحمد والمنة .. ها خبرني .. شو الشغل وياك ..؟!!

سيف: والله الامور طيبة والشغل ماشي مثل ما تبا يا بوخويدم .. خلصت من يومين مشروع بن شويعر ونتريا الفيدباك من المالك وبنشوف عاده لو محتاي تعديلات ولا اضافات ..

هز بطي رأسه بـ إيجابية ليهتف بـ فخر/اعتزاز: يعطيكم العافية انت وقروبك .. ما شاء الله مبيضين الويه صدق .. امسات عارضين المشروع في الجرايد .. وكلن يمدح جودة شغلكم ونظافته ..

ابتسمت عينا سيف بـ هدوء ليهتف بثقة: الحمدلله رب العالمين .. هيه شفت الجرايد .. ما قصروا والله ..

صمت قليلاً ثم قال: عميه بغيت استسمح منك لأن هالويكند ساير ويه الشباب السلع وعقبها بنعتمر ان شاء الله وما بروم اقرب بـ هل بوظبي وياكم ..

بطي بنبرة حازمة دافئة: مسموح ذنبك بويه .. وعلى سالفة العرب اللي بيون امرره لا تستهم نحن بنسد عنك ان شاء الله ..

ثم أضاف: تبا الصدق انا اشوف انك محتاي شوي تغير جو وتاخذلك اجازة .. الله يهداك انت لا طحت على الشغل ماتنش عنه ابد .. سِر العمره وريح فوادك جدا بيت الله .. وعسى ربي يتقبل طاعتك وصالح اعمالك ..



.
.
.
.
.
.
.



هتف بـ نظرة سوداء متوجسة: متأكد انت محد يحدر عليهم الشقة ويظهر ..؟!!


: هيه يا بوعبيد انا اراقب الشقة 24 ساعة وما من غريب يحدر ويظهر ..

: خلاص تسلم يا بخيت .. لو صار شي خبرني ..

: افا عليك نهيان حاضرين نحن .. ان شاء الله لو صار شي منيه مناك بخبرك ..


اقفل هاتفه عن الرجل الذي عينه لـ مراقبة تلك المرأة مع ابنها ..

لن يفارقه شعور التوجس والشك حتى يعرف ما اذ كان هذا الصغير بـ حق ابنه ومن صلبه ام لا ...!!

ولن يفارقه شكوكه بـ ميسون حتى يعرف ما الذي جلبها إليه بعد ان كذبت عليه منذ سنين وادعت ان الذي تحمله في احشائها ليس من صلبه ..



قبض على يديه محاولاً ان لا ينفعل ويثير ريبة والدته وشقيقته الجالستان قبالته ..

ولكن انفعاله هذا طار به الى يومٍ بغيض .. بغيض حد السماء وما فوقها ..



.
.



قبل خمس سنوات




دخل شقته الصغيرة بعد ان تأكد ان جنيته العذبة في إحدى غرفها تنتظره بكل لهفة ..

يحبها .. ويعترف أن قلبه مال ناحيتها بشكل غريب .. مال منذ ان عرفها سنة ونصف مضت ..

أحبها منذ أن سقطت عيناه على وجهها القطني وعيناها الزرقاوان ..

ليس حباً أسطورياً ... وليس بالحب الذي يصل لمرحلة العشق الخرافي ..


لا .. بل أحبها كـ رجل عرف للتو كيف يميل القلب لـ قلب آخر ..
وكيف تنبض الروح لـ أنثى واحدة "وهو الذي كان بقلبه يميل للعشرات" ..

أحبها حباً مرحاً/مشاكساً بعد ان أحب فيها انفرادية شخصيتها بـ أسلوبها الجذاب في الحوار .. بـ لذة لسان "أهل لبنان" ..
ورحابة صدورهم المرحة ..



: ميسووووووووون .. ميسووووووووووووني ..
وييييييينج ..!!!


قطب حاجباه بـ استغراب ما إن رآها أمامه .. كانت تحمل حقيبة صغيرة وتجر خلفها حقيبة ملابس كبيرة ..

حدّق بـ هيئتها بـ مقلتان سوداوان ... وهتف بـ ذات استغرابه الشديد: ميسون وين سايره ..؟!!


لم تفته رجفات يدها وفكها الرقيقان واللذان اخبراه بـ حدوث شيء مريب مثير للتخوف ...

أعاد ما قاله بـ حزم حاد:
بلاج ميسون رمسي .. وين سايره بشنطج ..؟!!


وصل للاثنان صوت رجل آتٍ من باب الشقة: يالله يا ميسون ما فينا نتأخر أكتر من هيك


اشتعل الغضب في ملامح نهيان ليهتف بـ خشونة حادة: هذا مب مراد ولد خالتج ..!!!
شو يايبنه هنيه ..!!!

انا مب قايلج ماباج ترمسينه ولا تخلينه يقربج ..!!!!!
(يقربج = يقترب منك)

زمجر بغضب عاتي وهو يرى تسمر لسانها داخل فكها المُرتجف: بلاااااج انتي ..!!! ارمس انا اليدران شوووه ..؟!!!

ميسون بـ تلعثم جزع محاولةً التفوه بـ جملة واحدة مفيدة: أ أ أ أ نـ نـ نهيان ..
مـ مـ مـ ما بعريـ يف شـ شو بـ بدي ئلاك ..


لم يكد يلتقط ما يخرج من لسانها من حروف حتى رأى أمامه ذلك الـ مراد واقفاً امامه بتحفز وسيطرة تتسم بالشيطنة البالغة: مافي شي ينحكى يا ميسون .. استاز نهيان بدنا نعتزر منك بس في تيارة عم تنتزرنا هلأ بالمتار ..

امسك نهيان بيد واحد بتلابيب الرجل وهتف بـ فحيح أسود يشع رعباً: انت إلتعن عن ويهي لا أخليك اليوم عشا لقطاوة الشارع ..


وبكل عنف .... قذفه بعيداً عنه وهو يلهث بانفعال حقيقي .. التفت مرة أخرى لـ ميسون التي حقاً كانت في حالة رعب تام ..
فهي تعرف كيف يصبح نهيان ما إن يغضب .. لهذا كانت تفضل الخروج قبل ان يصل للشقة .. لكي تتجنب مواجهته ..


امسك نهيان "بعد ان فقد صبره تماماً" ذراعيها وهزها بقوة: ارمسي يا بنت لا اظهرين زياريني اكثر عن جييييييييه ..

صرخت ميسون بـ توجع/ذعر: نهيان اتركني شو بك جنيييييت ..!!!

سمع ذلك الـ مراد وهو يقول بنبرة ملؤها الغيظ/التشفي: اتركااا ميسون حبلي ..

تسمر نهيان بـ ذهول أخذ معه لون الحياة من وجهه .... ولا إرادياً تركها وكأنها مس كهرباء ..

هتف بخفوت وهو يرمقها بنظرة معتمة مصدومة: حاااااااامل ..!!!
كـ كـ كيف ..!!!


ونسيَ للحظات وجود رجل غريب بينهم .... وجه حديثه لـ ميسون وهزها بقوة مردداً: كيف حامل ميسون ارمسي ..؟!!
نحن مب متفقين ما نبا عيااااال ..!!


تسمر بمكانه ما إن سمع مراد يقول بنبرة خبيثة حد العمق: ما بسمحلك اتعب حبيبتي وابني اللي بـ بطنا ..


صدمة ....... صدمة تلك ما اشعرته ان عقله قد دُهس فجأة تحت قطار دقات الساعة/القلب .....!!!

الا انه لم يكن ليسمح أن يترك عقله يصدق هذه الكلمات .... ولكن هروب ميسون من بين يديه واحتمائها وراء ظهر ابن خالها جعل من حمم الوساويس والشك تغزوان روحه بـ ضراوة ..


رص على عيناه بـ تعقل بدأ "بالتفكك والتبخر": ميسون حامل ... !!!! حامل منك ..!!!

ضحك بـ سخرية بالغة حد الجنون: انت شو تهذرب يا غبي ..!!!


مراد بذات خبثه "المتشفي": محدن الغبي غير اللي عايش ئصة حب ومسدئااااا ..
يا زلمي فوء .. انا وميسون بنحب بعض من ئبل ما تتجوزا .. هيي حب حياتي وانا حب حياتا ..


وأضاف بـ ذات سخريته مع لامبالاة صرفة وهو يحمل الحقائب ممسكاً بميسون بذراعه اليسرى: يلا ما تواخزنا يا حبيبي بدنا نفل ..



ما ان خطى مراد خطوته الأولى مع ميسون حتى شعرت الأخيرة بيد تدفعها بعيداً عنه ويد أخرى تسحبه وترميه لآخر نقطة في الشقة ..


ولم يُخرج نهيان في ذلك اليوم "نصف ربع غضبه المجنون/الشيطاني" حتى رأى مراد مرمي على الأرض مسجى بـ دمائه الغزيرة ..

ولأنه نهيان .. "نهيان الذي يحسب حساب كل شيء بدقة شديدة" .. لم يدع مراد حتى تأكد من وجود أمارات التنفس عليه ..

فـ هم في باريس .. وليسوا في الامارات .. جريمة قتل "حشرة كهذا" هو آخر ما يحتاج التورط بها الآن ..!!


استدار "بكل ما يعتمل روحه من ماردية غاضبة/مثقلة بالألم الوجداني" لـ تلك التي ترتجف بـ جزع حقيقي ..

ثم اقترب منها بخطوات ثقيلة تشع غضباً عاتياً ..... وبصق على وجهها ليقول بـ نبرة خرجت كـ حمم لهيبية من الاحتقار/الكره/"الخيبة الحقيقية": للأسف ... ثمّنّا الرخيص بالغالي ونسينا أصله الحقير ..
انتي طالق بالثلاث يالرخيصة ..

بصق كلمة الطلاق بوجهها ثم امسك بقسوة بالغة شعرها وقال بفحيح بالغَ الاحتقار وهو يشد جذوره: وصدقينيه اللي سويتيه ما بيمر بهالسهولة على نهيان .. وبينا الايام يا النيسه ..



بعدها خرج كالعاصفة من الشقة ولم يعد إليها ..

لم يعد إليها الا بعد سنة .. عندما رغب ببيعها والتحرر من كل شيء يذكره بـ تلك الخائنة ..!!

تلك الخائنة التي حرص بشدة على اذاقتها طيلة السنة شتى جرعات القهر والحسرة .. فـ بعد الطلاق الرسمي بدأ تحركه كي يضمن طردها وذلك الحقير ابن خالتها من عملهما في فرنسا .. وألبسهما قضية سياسية هناك اضطرا بعدها ان يهربا من فرنسا والرجوع لـ لبنان موطنهما الأم ..

حرص بـ حقد وقهر عارمان ان يتذوقا طعم التشرد والفقر الحقيقي وهم في الغربة .. وكان هذا أٌقل ما كان يجب عليهما ان يتذوقاه بحق بعد فعلتهما الخسيسة به ..!!!



.
.

عاد الى واقعه بعد ان زفر زفرة عميقة مُبطنة بانفعالات شائكة ..

سمع شقيقته وهي تقول لوالدتها: امايه ظنج البنية بطيع تاخذ ولدج ..!!

ام نهيان باستنكار: وابوي .. وشحقه ماطييييييع .. بلاه ولديه انا .. عين ربي تحرسه وتحميه .. ماله شبيه ولا مثيل ..

هتف نهيان بـ سخرية فكاهية: حشى حشى من الحينه ام نهيان تحابي ولدها ..

ضحكت مهره بخفة: هههههههههههههههههههه

أم نهيان بنصف عين: ما قلت الا الصدق اناااا .. ويلا انت .. شد حيلك وانوي العرس .. إلين متى بتم عزابي ويالس على فواديه ...

قال نهيان بذهول تخلله خفة ظل: افااااااا يا ذا العلم .. الحينه انا يالس على فوادج .. جيه شايفتني بنت عااااانس ..!!!

أم نهيان: خل عنك بس خل عنك .. ماشي غير الحرمة اللي بتعرف تيود رقبتك وتيلسك في البلاد وتودر عنك الرغيد والهوامه منيه ومناك ..

رمقته بتهكم بالغ ثم اضافت: تتحرانيه ماعرف سوالفك البطالية اللي تسويها من ورانا نهيانوووه .. !!!

ضحك نهيان ضحكة رنانة ليهتف بعدها بنبرة صادقة: تبنــــــا يا ام نهيان تبنـــــــا ..



.
.
.
.
.
.
.



أبـوظبي
في إحدى البيوت الشعبية الكبيرة



دخل المنزل وهو يدندن بأغنية ويهتز مع ألحانها بـ مزاج شبابي عالي ..


جفل بـ جزع ما إن سمع صراخ اباه "الأكثر من طبيعي":
خوييييلد يالجلـ....

التفت خالد بـ ضجر محاولاً أن يتهيأ للتوبيخ اليومي من والده .. وقال: السلام عليكم ..

رد الجميع على سلامه الا والده الغاضب ..

اقترب خالد من رأس أبيه ليقبله، ولكنه ابتعد ما ان ضرب الأخير كفه الممدودة لتمسك رأسه ..

وسأل بـ حدة: انت وينك شحقه ما ترد عليه ..؟!!

تنهد خالد بعمق ثم قال: اسف ابويه كنت في السينما وما سمعته ..

رمقه والده باستنكار ليقول بذات حدة صوته المخيف: انزين تعال الحجرة اباك في رمسه ..

دلف الأب غرفته تاركاً ابنه يفكر بالذي سيقول له والده ..


التفت لـ شقيقتاه الصغيرتان وتساءل بقلق: غايوه ريموه .. ابويه شو يبا ..!!

ردت غاية والتي كانت بالكاد دخلت عامها الـ 23: شو عرفني انا ابوك شو يبا .. دش عنده عن لا يعصب اكثر ونتوهق ..


ومن غير كلمة إضافية ..... دخل خالد وراء والده الى غرفته ..


ضحكت ريم "التي اكملت عامها الـ 20 قبل ايام" وهتفت: انا قلبي يقول انه بيوزه ..

ثم التفتت الى والدتها لتردف: ماشفتيه البارحة كيف كان يرمس عن خالد وانه لازم يعرس ومن هالسوالف ..!!

قطبت ام خالد حاجبيها وقالت: ظنج ريموه ...!!!

هزت ريم رأسها بـ مكر وردت: هيه صدقيني .. خل يطلع خلود وبتييج العلوم ..



في الداخل ..



نظر الأب بتمعن لـ ابنه البكر ثم قال بـ صرامته المعهودة: خلود ما تبا تعرس ..؟!!

تلعثم خالد بعد ان فاجئه اباه بحديثه .. ثم قال: امممممم والله ابويه مب حاط هالفكرة في بالي الحينه .. ناوي اثبت مكانتي في الدوام عقب افكر في العرس ..

هتف والده باستنكار بالغ: شو بعد تثبت مكانتك ما مكانتك .. وظيفة وعندك .. شو تبا اكثر عن جيه ..!!
يلا يلا انا ابا ايوزك واشوف خلفتك ..

قرر خالد ان يرخي حبل النقاش قليلاً كي لا يشده اباه أكثر ... لهذا هتف بابتسامة ودودة: انزين منو العروس ..؟!!

هتف والده مع التماع مقلتاه بـ شرارات غامضة صرفة: روضة بنت عمك خليفة ..


رفع خالد كلتا حاجباه بـ ذهول: روضـــة ..؟!!!
ليش يعني روضة بالذات ..؟!!

رد والده بغلظة: لانها بنت عمك وانت اولابها من الغريب ..

زفر خالد بـ ضيق .. فهو لا يفكر ابداً بالزواج والتقيد بالمسؤوليات .. غير هذا وذلك .. هو لا يرى في روضة زوجة المستقبل ابداً ..!!

هتف بـ حدة لم يستطع التحكم بها: ابويه مابا روضة .. أصلا مابا العرس بكبره .. انا ريال ابا اعيش حياتي لاحق على الحرمة والعيال ..

زمجر والده بـ غضب عاتي: انا قلتلك روضة يعني روضة .. انت ولد عمها واولى بـ بيزات خليفة من ناس غرب ..

رفع خالد حاجب واحد وهو يستوعب هدف النقاش هذا بأكمله ..

ورد بـ صقيعية تخللها خيبة حقيقية من والده ومطامعه التي لا تنتهي: يعني انت الحينه تباني اخذ روضة لانها بنت عميه وملزوم اصونها واحافظ عليها ولا تباني اخذها عشان بيزات عميه الله يقومه بالسلامة ..!!!

قال "الله يقومه بالسلامة" لـ يُفهم اباه ان عمه مازال حياً ولم يمت .....

نكز أبا خالد كتف ابنه بغيظ ثم هتف بحدة: انت يا ولد لا تيلس تتفلسف عليه .. قلتلك اباك تاخذ روضة يعني تاخذها جانه عشانها ولا عشان بيزات ابوها ..



.
.
.
.
.
.
.



في مطعم الأوبرج
على إحدى الطاولات المُطلة على شارع جميرا



كان جالساً يتسلى بـ هاتفه ريثما يرجع صديقه سالم من دورة المياه .. ليس وكأنه يرى تسليته الحقيقية في اشياء كـ تويتر والانستغرام وما شابه ذلك .. وانما في الآونة الأخيرة بدأ يشعر بأن حياته الروتينية الخاوية من معالم الترفيه تحتم عليه التلفت لـ ذاته قليلاً ..

في الحقيقة، لم يشعر بأن حياته خاوية الا عندما قرر شقيقه فلاح ان يتزوج ..

فـ رغبة فلاح بالزواج اعطته حافزاً قوياً كي يتشجع هو أيضاً ويتقدم لـ خطبة من يهواه قلبه ..

الذي كان يمنعه من قبل هو خوفه .. لا يعرف هو ممَ الخوف .. !!

لا يجب القول بأنه خوف .. هو فقط قلق وارتباك من ان يخطو هذه الخطوة .. وهذه مشاعر طبيعية تغزو اي شاب يفكر بالزواج ..

ولكن الآن الموضوع قد تغير جذرياً .. هو حقيقةً يريد ان ينال شرف الارتباط بـ تلك الصغيرة .. حبه الذي سكن وجدانه منذ سنة مضت ليس بالعابث ولا بالتافه ..

حبه لـ تلك الـ "ميره" زُرِع بـ قدرة الله في قلبه ويرغب بكل ما فيه من توق ان يُنمي هذا الزرع ويرى بنفسه حصاده المبارك المثمر ..


تنهد بعمق ثم أخذ يقرأ أبياتاً للشاعر عبدالرحمن العشماوي .. ابياتاً تصرخ عذوبةً وحساً عالياً مرهفاً يجعلك لا إرادياً تتوه في عالم ليس فيه الا انت .. و"مالك قلبك" ..

يا من أبى القلبُ إلا أن يكون لها .. وفيه مأوى لعينيها ومنقلب



آآآهه .. أي والله أبى القلب يا صاحبة الخال ..
أبــــــــى ..



.
.
.
.
.
.
.



دنت من اباها قبل ان تقبل رأسه بـ ابتسامة تتفجر رقةً/عذوبة: شو مسيت يا بوذياب ..؟!

امسك أبا ذياب يد صغيرته بـ بسمة حانية واجلسها بقربه: مسينا ولله الحمد بخير وسهالة ..

مسد شعرها الملتوي الفاحم وأكمل: وانتي الغالية شو مسيتي ..؟!

ناعمة بـ نظرة لامعة تبرق حباً: دامك انت بخير وسهالة فـ انا والله بالمثل ..

أبا ذياب: ربي يرضى عليج انتي وخوانج ..

وقفت ثم امسكت دلة القهوة وصبت لوالدها فنجاناً وناولته بيدها اليمنى بـ نعومة ..

ثم جلست نصف جلسة امام طاولة الصالة العامرة بالطعام والفاكهة وهي تقول: تبا بويه من هالبلاليط ..؟!!

حرك أبا ذياب يديه رافضاً: لا علنيه افداج تفاولت العصريه في ميلس بن لاحج وانترس بطني ..
(انترس = امتلئ)

ناعمة: يعله مداخيل العااااااافية

أبا ذياب بـ حزم دافئ: ربي يعافيج ..

جلست ناعمة مرة أخرى بقرب والدها لتقول بعد بأدب جم: ابويه بغيت منك خدمة صغيرونة ..
هي هب حقي .. حق ربيعتيه روضة ..

قطب أبا ذياب حاجباه مسترسلاً مع حديث ابنته: بلاها بنت خليفة ..؟!


لكي يتفهم والدها طلبها .. اضطرت لـ إخباره موضوع والدها ومرضه الذي يحتاج لـ حل ..

وبعد ان انتهت قالت: وجيه السالفة .. الحينه البنات واعليه عنهن محتاسات ما يعرفن شو يسون ..
وامهن ما بتخليهن يرابعن بين الرياييل في الجيش ويسألن عن علوم ابوهن ..

هتف أبا ذياب بـ استنكار صارم: منقوووود يا بنتيه يرابعن عند الرياييل منقووود ..

ردت ناعمة بنبرة رقيقة: هيه صدقك .. عاده هي غمضتني وما هان عليه اشوفها جيه ..
قلتلها خلي السالفة عليه ..
(غمضتني = شعرت بالأسف عليها)

ثم اضافت بـ نبرة عطوفة: عاد بغيتك ابويه تشوف النا حد يساعدنا في هالسالفة ...

أبا ذياب بتساؤل: انزين شو عرفكن ان عوقه بينعرف من دوامه ..؟!!

هزت ناعمة كتفيها وقالت بحزم واثق: هب متأكدين نحن .. لكن انيرب هب خسرانين شي .. غير هذا يمكن صدق روضه وخواتها يعرفن شي يساعدهن في حالة ابوهن ..
(انيرب = نجرب)


هز أبا ذياب رأسه وقال بنبرة حازمة هادئة: خلاص فالج طيب .. انا بشوف السالفة ان شاء الله وبرد عليج خبر ..



.
.
.
.
.
.
.



بعد مرور ثلاثة أيام
تحديداً .. يوم الجمعة



كان المنزل كـ مقر رسمي للنمل .. الكل في حالة حركة سريعة مضطربة لا توقف فيها ولا راحة ..

النساء ام سيف، ام العنود، العنود وآمنة أخذن على عاتقهن مسؤولية المطبخ ..... أما شما، موزة، حصة، وميرة فأخذن مسؤولية تنظيف المجالس وترتيب "الفوالة" وتوابعه ..


كانت "هي" في حالة غريبة خليط من صمت تام مهيب ... وحركات غريبة غير مفهومة البتة ....!!!!!

هتفت بـ حدة "لم تتعمدها بتاتاً": وين الخواشيق يا ميرة .. ما قلتلج هاتيلي اياهن ..!!!
(الخواشيق = الملاعق)

اشرت ميرة بـ عينان متسعتان: عموه هكن في ايدج ..

نظرت شما ليدها التي تأشر بها ..... وانصدمت .. وقالت بتلعثم مختنق النبرة: أ أ أ انزين .. سوري ..


استدارت بـ عنف سريع قاطبةً حاجبيها بصورة توحي بأن هذه الفتاة لم تكن في حالة العروس "الطبيعية" ..


هتفت مرة أخرى ولكن بنبرة مُقتضبة هادئة موجهةً كلامها لـ موزه: موزه مفارش الصوف اللي سويتيهن وين ..!!!

أشرت موزة لـ حصة وأشرت ببساطة: حصة شلتهن البارحة وقالتلي بتغسلهن ..

اتسعت عينا شما بـ غضب: شووووه ..!!! شو تغسلهن ..!!!


أخذت تنادي حصة من بعيد بـ حدة بالغة: حصـــــــــــــة حصـــــــــــــــة ..


أتت حصة حاملةً الممسحة وعلى كتفيها منشفة صغيرة وهتفت بـ خشونة تنافي طبع الإناث: هاااااه هااااااه ..

شما بـ حزم مستنكر: وهوا يشل بليسج .. خلي منطوقج ذرب كم مرة بنفهمج حصووووه ..

حصة بـ تبرم: نعم عموه آمري


زفرت شما بـ قوة ثم قالت بنظرة تشبه حدة صوتها: موزوه تقول انج غسلتي مفارش الطاولات الصوف..

ابتسمت حصة بشكل اخرق وهي تظن بأنها فعلت شيئاً عظيماً يُحمَد عليه وقالت بزهو: هيه عموه .. غسلتهن البارحة وقدهن انشفن الحينه ..

شما بعينان متسعتان: لا يكون غسلتيهن بالغسالة ..!!!!

انطفأت ابتسامة حصة لتقول بنبرة جزعة: هيه ليش ..!!


وضعت شما يدها اليمنى على جبهتها وأخذت "تتعوذ من الشيطان" عشر مرات، ثم هتفت بـ نبرة كتمت فيها "كل قهرها" .. فـ هي لا تحبذ ابدا توبيخ الأخ الكبير أمام الصغير:
استغفر الله العظيم بس .. حصة مفارش صوف هذيلا ما يتغسلن بالغسااااااااااالة .. يبالهن غسيل خفيف بالايد وخلااااااص ..

أردفت وهي تأشر على موزه وتوجه الكلام لها: يعني الله يهداج يا موزة انتي اللي تفهمين بهالسوالف وتعلمينا .. شعنه ما قلتي حق حصة كيف تغسلهن ..!!

وأضافت بصوت عالي وبأسلوب اثار ريبة/ذعر الفتيات والخادمات: أصلاً ما قلتلكن غسلن المفارش ولا فتحت ثميه .. وأصلا أصلا المفارش نظيفة ومن اسبوعين انا مغسلتنهن ..


دخلت أم سعيد مجلس الرجال وهو تهتف بصوت عالي: يا بنياااااااات .. عنبووووه بغامكن واصل السكه ..!! بلاكن شو مستوووووي ..!!!
(بغامكن = صراخكن) ( السكة = الشارع)

وبشكل فكاهي ..... هرولت ميرة ومن بعدها موزة وحصة واقتربن من أم سعيد ..

ميرة بجزع: يدوه الحقي على بنتج تخبلت ..

حصة بذات جزع أختها: هيه يدوه من اصبحت وهي محرجة علينا وتفاتن ...


ام سعيد بـ قلق: ويديييييييه .. امايه شما بلاج ..!!


استدارت شما وأعطتهن ظهرها لـ "تبلع غصة كبيرة تكورت في حنجرتها" .. ثم تنحنحت بخفوت قبل أن تهتف بـ حزم بالغ: بناتج امررره محد يتجل عليهن ..
(يتجل = يعتمد)

حملت أكياس القمامة وخرجت مخلفةً ورائها أعين متسعة/مندهشة من غرابة تصرفاتها ..



.
.
.
.
.
.
.



كانت هي تجهز الحلوى ببال شارد تماماً ..

حزينة بشكل لم تعهده من قبل .. حزينة وقلقة للغاية ..


تريد الاتصال بـ زوجها والاطمئنان عليه .. لكنها تخاف ان تسمع منه كلمات قاسية تؤلم قلبها "المتألم أساساً"

كانت مستعدة كامل الاستعداد لـ مواجهة زوجها وحل ما بينهما من خلاف .. ولكنها تفاجأت كباقي العائلة إنه سيذهب للسلع .. ثم بعدها سيسافر للسعودية لأداء العمرة ..


خالجها في ذلك الوقت مشاعر متناقضة .. شعور بالاستياء/الخيبة ان زوجها سيسافر بـ وجود خلاف بينهم .. وشعور بالرضا واليقين بأن بيت الله سـ يغرق بإذن الله قلب زوجها بالسكينة والراحة ..

ودعت الله في قرارة نفسها ان يرجع لها في حالة أفضل ونفسية مستكينة ..

ورددت بـ خفقات وجلة في قلبها ..

اللهم اني اسألك بإسمك العظيم ورضوانك الاكبر ان تكفيني كل اموري مع زوجي وتسخره لي ..
يا ذا الجلال والاكرام ..


جاء الصبية الصغار وهم يركضون بـ حماس ويهتفون بصوت عالي: نبا حلااااااااوة نبا حلااااااااااوة ..

لانت ملامح العنود لتهتف بـ خبث باسم: لا لا لا .. هالحلاوة هب الكم ..

سلطان الصغير بـ فم مزموم: لييييش خالووووه ....
(للتنويه فقط: العنود ليست خالة سلطان الصغير، هي ابنة عمه سعيد وزوجة ابن عمه سيف .. ولكنه يناديها بـ "خالوه" لأنها كـ مقام امه آمنة)

رمقته العنود من تحت رموشها وقالت: ما بتهبش هالحلاوة يا حلو لأن فيها بيض ..
(تهبش = تأكل/تلمس .. يهبش فلان الطعام أي يأكله .. أو يهبش فلان الشي اي يلمسه)



.
.
.
.
.
.
.



: يلين متى بتمين عندنا ومودره بيتج وعيالج ..؟!!


لم تجب على كلام والدتها وأكملت لقمتها بـ برود تام ..

قطبت حنان حاجبيها بـ غضب: عوشة امايه ترمسج

رفعت عوشة عيناها الى حنان لتقول بصوت صقيعي: سمعتها هب صمخه انا ..

أضافت وهي توجه كلامها لـ والدتها: ليش امايه يالسه على راسكم انا ..!!

ام حميد بـ تهكم خرج مع صوتها العالي الحاد: منقووود يا بنيه .. شو بيقولون عنا العرب والناس .. بنتهم شلت قشارها وظهرت من بيت ريلها ..!!!
هاذي علومج ومذهبج يا عووووووشة ..!!!
(قشار = اغراض)

شربت القليل من كوب حليبها لتقول بعدها بذات صقيع صوتها: والله انا ما عليه من حد .. الريال اللي ترمسين عنه عفته وعفت حياتيه معاه ..

ام حميد بـ ذهول بالغ من تصرفات ابنتها: خافي الله شو مسوبج الرياااااااااال ..!!

هتفت عوشة وهي تنفض عنق ثوبها بأصابعها وتقول بـ سخرية/احتقار بالغ: الله امرنا بالستر يا ام حميد .. خلينا ساكتين بس ..

ارتفع عيناها لتقابل عينا حنان التي كانت تتفحص كل حرف يخرج من فم شقيقتها ..


تكذب حنان ان قالت انها تصدق اي شيء تقوله عوشة ..!!!

فـ هي أكثر من تعرف شقيقتها وتعرف مسار تفكيرها الشيطاني ..!!


عوشة بـ ذات سخريتها: امايه خلي بنتج تخف عليه شوي .. الظاهر هي بعد تبا مفارج شيفتيه ..
(مفارج = مفارق) (شيفتيه "الشيفة" = الوجه)

ارتفع جانب فم حنان بـ استخفاف تخلله خيبة حقيقية من التي تسمى شقيقتها: قده عمرج 32 وبعده تفكيرج ما تغير .. ولا بيتغير ..



.
.
.
.
.
.
.



كانت تبخر ملابسه بتفاني/حب داعيةً الله في قرارة نفسها ان يحفظ لها زوجها وأطفالها وعائلتها .. وأن يحفظ توأمها الغالي ويرزقه الحياة الطيبة مع التي تستحقه ..

هي كـ غيرها .. تساءلت كثيراً عن سبب خطبة شقيقها لـ شما من جديد .. ولكنها حقاً لم ترغب بأن تدخل في نقاشات طويلة وتساؤلات لا حصر لها ..

فإذ كان شقيقها قد قرر بشكل مفاجئ ان يتزوج ويخطب ذات الفتاة .. فليفعلها ..

بالرغم من انها متخوفة كثيراً من ان تكرر شما فعلتها السابقة بـ توأمها ...!!!



سلامة وهي تضع القليل من دهن العود خلف شحمة أذن زوجها: حبيبي

مصبح بنبرة رجولية جذابة: لبيه

ابتسمت سلامة وقالت: لبيت حاي يا بوظاعن ..
اممممممممممم هزرك بيرضون العرب بـ سلطان ..؟!!
(هزرك = أتظن/أتعتقد)

مصبح باستغراب تخلله استهجان خفيف: شعنه ما يرضوبه ..!!
بومييد هذا ..
والله لو عنديه اخت غير نيلا رحمة الله عليها جان عطيته اياها بلا شي ..

قبلت سلامة كتف زوجها لتهتف بـ سرور بالغ: لا خليت منك يا ربيه ..

رد مصبح بنظرة تلمع عبقاً رجولياً حازماً: يشهد الله انيه ما قلت الا الحق ..



اعطته سلامة بسمة جميلة قبل ان تجثو على ركبة واحدة وتخرج المبخرة من تحت ثوبه ... وثم هتفت: واعليه عن العيال في خاطرهم ايسيرون وياكم العين .. تدريبها مزنة تحب موزانه بنت عمتها وتحب تيلس وياها ..

مصبح: ماعليه المرة الياية ان شاء الله .. خل نلحق الحينه على المعرس قبل لا يحرج علينا

هتفت سلامة بـ دلع: لا بومييد فديته هادي ما يحرج ..

غمغم مصبح بصوت خشن ملؤه الغيرة: ما غير بنت خويدم اللي بتفج سلطان عنا ..

انفجرت سلامة بضحكة رنانة مُثقلة بـ انوثةٍ باذخة: ههههههههههههههههههههههههه هههههههه



.
.
.
.
.
.
.



ركب سيارة ذياب الـ جي فيفتي فايف السوداء ملقيا السلام بـ صوت عالٍ رنان ..

كان الذي اخذ مهمة القيادة هو ذياب .. وبجانبه سلطان الذي لم يكن ليجلس في الامام ويترك أخاه هامل في الخلف لولا ان حلف عليه الاخير ..

بينما هامل "أبا ذياب" ومصبح "أبا ظاعن" فقد استحوذا على المقاعد الخلفية ...


حرك ذياب السيارة هاتفاً بـ مرح: انورت الـ جي فيفتي فايف في ذمتيه يا بوظاعن ..
مصبح بـ نظرة باسمة مرحة: منوره بـ رواعيها يا بعدي ..

ثم أضاف بتساؤل: عميه بوحميد ما بيخاوينا ..؟!!

هتف سلطان بـ نبرة هادئة: بيخاوينا ان شاء الله .. بنتلاقى وياه في الخط
(الخط = الدرب)

هتف أبا ذياب وهو ينظر لساعة يده: بويه ذياب استعيل بارك الله فيك .. بطينا على الصلاه .. وورانا خط بعد

ذياب: ان شاء الله بويه ..


كان سلطان في صمت تام .. لم يتفوه بأي كلمة غير السلام على مصبح وتمتمات خفيفة مجيباً على ترحيب الاخير به ..

في الحقيقة هو لا يملك الذهن الصافي الكامل ليفكر بـ شيء عدا الذي هو مقبلٌ عليه ..


ادار جانب وجهها الى مصبح هاتفاً بـ اقتضاب لم يتعمده: بوظاعن سويت اللي خبرتك عنه ..!!!

ابتسم مصبح بـ مكر ليجيب: هيه نعم سويت اللي تباه ..

أبا ذياب بتساؤل: شو امبينكم انتو الاثنينه ..!!!

استدار سلطان للأمام وهتف بـ غموض ضبابي: بتييك العلوم ان شاء الله يا بوذياب ..



.
.
.
.
.
.
.



كان يجلس على اريكة غرفته منتظراً تلك التي في الحمام .. يجب ان يصفي الامور التي بينهم ..

لا يستطيع العيش بـ جفاء هكذا معها ..


وبالرغم من جهله لـ لب المشكلة .. فـ هو سيحاول أن يحثها على ان تتكلم .. علّها رأت منه أمراً جرحها او اغضبها وهو لا يعرف ..!!


رفع رأسه ما إن رآها امامه ..

ارتجفت جنبات صدره العاشقة وهو يتأمل احمرار وجهها القمحي من أثر بخار الماء الساخن ..
شعرها المبلل الكثيف بشكل "يرغمه على الغرق بين موجاته" ..
وثوبها المخصر البارز تماماً لجمال قوامها الممشوقة ..


تسمرت عيناه على شفتيها .. بالتحديد على الأثر الأحمر الناتج عن جُرمه الفتاك مساء ذلك الأحد ...


ابتلع مافي بلعومه محاولاً ان لا يتهور وينقض مرة أخرى على شفتيها ويتذوق رحيقهما الصافي ..


كم مضى على آخر مرة تذوقت أيها الملتاع رحيق هذه الطاغية ...!!!!
كم مضى بحق الرحمن ....!!!

منذ يوم الأحد ..

اي يوم .. يومان .. ثلاثة أيام .. أربعة ايام .. خمسة أيام .!!

خمسة أيااااااااااااام ..!!



مرت من جانبه واضعةً كل معاني الاكتراث المعدوم "الصقيعي" على ملامح وجهها ..

لا تريد ان تضعف .. ليس وهو الآن يرمقها بـ نظرات تهلك بـ حق سيطرتها على اعصابها .. ليس وهو يلتهمها بعيناه المثقلتان بـ هالة رجولته "القاتلة" ......!!!


إياك أن تضعفي يا آمنة .. إياك ..!!



وقفت امام الدولاب لتبحث عن "لاشيء" .. لتبحث عما سيجعلها تبتعد عن مدار ذلك الذي يوتر كيانها ..


كان قلبها يرتجف من شدة كتمها لانفعالاتها ..

مجروحة هي حد الموت .. غاضبة هي حد النخاع .. وتشعر بـ مرارة فظيعة تغزوها لما يجري بينها وبين زوجها ..

تشعر بالألم يهلك التعقل في عقلها وهي تظن بـ زوجها ألف وألفان من السوء ..

غير ان الغيرة تحترق في وجدانها حرق النار للأخضر واليابس .. تحترق من غيرتها حتى تكاد ترى ساقاها تحترقان معها ..



انتفضت بمكانها ما إن احست بذراعاه تمسكان خصرها بـ قوة ..
وشعرت بـ صدره الصلب يلتصق بظهرها ..

وسمعت صوته "المشابه لنسيم البحر" يهمس بأذنها بـ خفوت مبحوح أجش:
دنيايه تظلم وتغدي بلا روح لا ريت الجفا بعينج ....



ارتفع مستوى ثقل تنفسها ما ان تخلل حروف كلماته دهاليز روحها ..


ارجوك .. ابتعد ارجوك ..
لا اريد ان اصدقك .... لا اريد ان أُجن وأكذب ما سمعته اذناي ..
لا اريد ان اجعل من حبي لك اداة تسيطر على كرامتي كـ أنثى .. كـ عاشقة .. كـ زوجة ..!!
لا اريد ..



أغمضت عيناها بقوة ثم تنفست بقوة أكبر لتهتف بـ صرامة خلت العاطفة: بوخويدم .. انزل الميلس ابوك وخوانك يتريونك ..


لم يتزحزح من مكانه انشاً واحداً، بل زاد اقترابه منها وهمس بأجش اشد خرج كـ سلاسل صوتية تربك سيطرة القلوب:
بس انا اباااااااااااااج ..



لا تعرف كيف صدح صوت تلك الفتاة المتأوهة الملتوية تحت نار الحب في اذنيها


آآآآآه حبيبي بطي .. أحببببببك .. أحببببببك واموووت فييك .. خلك معايه دووووم لا ترد العين ..
آآآه فديييتك اناااااااا ..



ومن غير احساس منها ... دفعته بعيداً عنها بعنف وهرعت للحمام .. وبدأت تستفرغ كل ما في جوفها ..


لحقها بطي بـ جزع حقيقي حتى اقترب منها وقال: اموون .. امون حبيبي بلاااج ..؟!


لم تجبه وانما اكملت استفراغها وصوت "تلك" لا يفارق مسامعها ابداً ....


مسحت فمها والاعياء قد أخذ مأخذه الضاري فوق تقاطيع وجهها الجميل .... ثم هتفت بنبرة مرتجفة/مُتألمة/مرهقة الروح: اطلع

صرخ بطي بـ غيظ لم يحاول كتمه .. فـ هذه الآمنة تتصرف بغرابة شديدة معه ولا تعطيه الفرصة كي يعرف ما بها: شو اطلع وانتي جييييييه .. خبريني بلااااااااج ..!!


وفجأة .... امسكت امنة علبة صابون اليد ورمتها على الحائط وقالت بـ هستيرية وصلت حد الجنون: اطللللللللللع مابا اشوووووووفك اطلللللللللللللع ..

احتد فم بطي بـ قهر بالغ وهتف من بين اسنانه: والله لو ما الرياييل يتريونيه جان عرفت اظهر منج الرمسه غصبن عنج .. بس ماعليه ... صبري عليّه .....

وسرعان ما استدار بجسده وخرج مخلفاً ورائه تلك التي انفجرت بالبكاء المرير .. بكاء انثى ايقنت للتو كم هي "مغفلة" ..!!!!



.
.
.
.
.
.
.



ارتجف صدرها ما إن تلقت الحديث من والدتها ....
رصت على عيناها بـ ذهول/عدم تصديق/تشوش عقلي تام ... وقالت بـ خفوت:
اشووووووووه ...!!!!!
ابويه سار العين يخطب حق سلطان ...؟!!


التمعت عينا ام حميد بـ سعادة، فهي تحب ذلك السلطان وتريد له الخير والسعادة: هيه والله ساروا يخطبوله .. الله يتمم لهم على خير ان شاء الله ..


خافت ان تسأل عن اسم الفتاة "التي تعرف تماماً من هي" ..
خافت ...
خافت ان تجن .. خافت ان يطير عقلها وتركض بين الدروب وتضيع ..

هي لا تبالغ .. هي خائفة من هذا الأمر حقاً ..!!!!


فـ سلطان لها ..!!!
لهـــــــا ..
والتي تفكر بأخذه منها ستسبب بجنونها لا محاله ..!!


لم يكن هناك داعٍ لأن تسأل .. فـ امها اخرست كل ما فيها من حواس/نبضات ما إن قالت بـ حنان بالغ عفوي: ما بيلاقي احسن عن شما شيخة البنات .. ربي يحفظهم من كل شر ..



هنــا لــم تتحمــل ..
لــم تتحمــل ابــداً ..


استدارت ببطئ مخيف وهرعت الى غرفتها بنظرات تملأها الجنون الصامت ..



أغلقت الباب بقوة اهتز معه جدران الغرفة ... ثم اخذت تمشي بـ عشوائية ليس لها اتجاه ... بهستيرية ليس لها همس ... بنظرات ضبابية خالية من اي احساس ينبأ بوجود "الخير" ..


كانت تلهث بصورة مبالغة ولسان "غير المتزن" يردد أربع كلمات ترتعشن بين شفتيها:
بتاخذه عنيه مرة ثانية .... بتاخذه عنيه مرة ثانية .... بتاخذه عنيه مرة ثانية ..



.
.
.
.
.
.
.



ذات المكان .. ذات المنزل ..
ذات المجلـــــس ..



لم يتغير من هذا المجلس العامر الكثير .. لم يتغير فيه سوى تجديد الارائك وألوان الجدران والسجاد ..

ذات المجلس الذي خرج منذ مذلولاً مخذولاً منذ إثنا عشر سنة ..


مر طيف "تلك" ذو الأُلق الأنثوي المهيب هاتفاً بـ صدى يصدح أرجاء عقله ..
صدى عُمره سنينَ طويلة ومازال يمتلك في جعبته "ازدراءاً قاسياً لـ شخصه هو"

صدى لا يرحم .. لا يرحم أبداً ..!!!




"لولوةْ خويدم بن زايد منقايه من الزين وهب كل وقى ايوزلها"



هب كل وقى ايوز لـ بنت خويدم يا بومييد

هب كل وقى ايوز لـ بنت خويدم يا بومييد

هب كل وقى ايوز لـ بنت خويدم يا بومييد




شد من قبضة يده بـ جبروت قاسي وابتلع ببطئ ريقه الذي جف ما إن وطى برجله أرض هذا المجلس ..

مالذي تفعله بـ حق الله يا سلطان .. مالذي تفعله ..!!!

كيف رضيت بالمذلة مرة أخرى ..!!

كيف تضع نفسك في سكة الخذلان بعد خذلان قاسي اذاقك المُر ..!!

كان بإمكانك رفض طلب صديقك .. أجل ..

كان بإمكانك ..


لمَ تهوى المجازفة والمخاطرة براحة روحك الأبية ..!!

أم انك يا سلطان اعتدت التعامل مع "ذاتك" كـ تعاملك القاسي مع المجرمين ..!!!



هتف بنبرة عالية رجولية رنانة وهو يدنو من أبا سعيد: والله ما تنش يالغالي ايلس ايلس ..


قبل رأس أبا سعيد بعد ان انحنى بـ قامته الفارعة ثم انحنى أكثر ليقبل كتفه اليمنى مرتين ..


منذ ان أطل سلطان وعينا أبا سعيد في حالة شجن خالص .. في حالة عاطفة جياشة تبعث في المكان جو من زمن آخر ..

من زمن آخر تماماً ليس فيه تباعد/جفاء/ألم ..!!

زمن كان فيه أبا سعيد يحمل بطي وسلطان على ظهره ويركض بهما وهما يتضاحكان بكل براءة لذيذة ..

زمن فيه شبّ ابناه .. ابنه الذي من صلبه .. وابنه الذي من صلب صديقه ..

زمن كان فيه يتأمل وجه سلطان الشاب ويقول بـ فخر عاتي: اشهد انك يا ظاعن ما مت ..



زمن جميـــــــل .. جميـــــــل جداً .. كـ جمــــال لمعان محاجر هذا المُسن المثقلة بالشجن والحنين ..


قال بـ بحة خرجت عميقة حد الفناء .. بحة مشتاقة حانية لأبعد حد: بطيت علينا وااااااااايد يا سلطان ..
وااااااااااايد يا ولديه ..


لانت عينا سلطان بـ صورة غريبة ما إن سمع كلمات هذا الغالي على قلبه .. يعترف انه ابتعد كثيراً عنه فيما مضى ..

لم يتعمد ذلك ..


انما الوجع عندما يتمكن من وجدان الارواح الشامخة .. تدفعهم بشراسة للابتعاد والاختلاء بأنفسهم كما لو انهم يرغبون بـ محو كل ذكرى أرقت حياتهم .. كما لو انهم يرغبون بنسيان علقم الكبرياء المُداس بعزلتهم هذه ..

حاول في السنوات ان لا يدخل هذا المنزل ولا يجلس في هذا المجلس بالذات .. كان كلما رغب برؤية ابا سعيد وإلقاء السلام عليه يذهب ليراه في عزبته الخاصة ..

هناك يضمن ان لا ذكرى ستدوس ارض ذكرياته ولا صورة مقيتة تمر امام عيناه بـ قسوة/مبالاة معدومة ..


هتف سلطان بنظرة معتمة: وانا احمد ربيه ان عقب البطا ما ريتك الا بـ خير وصحة وعافية ..
يعل تبطي سنينك يا بوسعيد ..
(ريتك = رأيتك)

قبل رأسه مرة أخرى وتراجع قليلاً كي يعطي المجال للبقية كي يلقوا السلام عليه ...

ثم مر بـ أبوسيف، بطي، واحمد وبعض رجال عائلة بن خويدم المقربين وسلم عليهم بأنفه ..


هتف بطي بابتسامة جذابة وهو يربت على كتف صديقه الغالي: حي من لفانااااا حيهم .. في ذمتيه ذمه انها العين انورت ..

سلطان بابتسامة خفيفة برزت القليل من صف اسنانه البيضاء: الله يحييك ويبجيييك .. امبونها العين منوره ابكم يالغوالي ..

دنا بطي من صديقه ليهمس له بخفوت كي لا يسمعه أحد: اونك انت عاده، غادي رزة وثجيل ..

ضحك سلطان ضحكة لم تتجاوز عيناه .. فـ مزاجه المُرتبك/المشغول تماماً لا يستقبل الآن اي دعابات من أحد ..


سمع بطي وهو يرحب بصوت عالي بـ ذياب: مررررحبا مرررررحبا الساع بـ الذيـــــب ..
انت وينك يا رياااااااااااال ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



أخذت تقفز بجنون وتصرخ بـ حالمية أنثى "سُلب عقلها للتو": يا وووويلي يا وووويلي .. ما شفتن اللي شففففته انا وحصوووه ما شفتن ..
يا رباااااااااااااه .. حرام ينه دخلتهم دخلة شيوووووووخ ..


لم تعلق شما البتة على كلام ميرة بل فضلت اخذ وضعية الصمت وهي تمشيط شعر الفتيات الصغيرات بـ هدوء غامض/مريب ..

اغلقت حصة فم ميرة بـ غضب: صخي يا حماره عن تسمعج امااااايه ولا يدوووه ..

نزعت ميرة يد حصة من فمها وقالت بـ عينان تلمعان بشكل فكاهي: واحد منهم اللهم صل وسلم على سيدنا محمد .. اسميه ما خلى للعرب غوى .. وزود عن غواه عليه هيبة هب طبيعية ..
يا ويليه انا كم بتحمل .. قبضونيه يا ناس عن يطير العقل واحدر عليهم الميلس ..
(قبضونيه = امسكوني) (غوى = جمال/وسامة)


ضحكت حصة بخفوت وهي تقرص اختها علّها تغلق قليلاً فمها الثرثار .. وقال بـ ابتسامة خبيثة: حتى الثاني راعي الجي فيفتي فايف مزيون يا ختيه هههههههههههههههههه

ضحكت العنود ومعها آمنة التي "أخفت كل مافيها من آسى بـ جدارة" وقالت بنصف عين: دام حصيصي قالت عن ريال مزيون فـ هو اكيد مزيون هههههههههههههه

ضحكت حصة بشقاوة لتهتف بعدها بتساؤل: اللي اطولهم ماعرفته .. منووه ..!!!

ميرة: وااااااايه العووووق .. هذا اللي ابا اعرفه ..!!!

قالت العنود بابتسامة خبيثة: عاد هذا بالذات ممنوع عليج ..
اولاً أكبر عنج بـ 22 سنة .. ثانياً هذا بيصير من ممتلكات عمتج شما ههههههههههههههه

اتسعت عينا ميرة شما بـ ذهول ثم تحول الذهول تدريجياً لـ خبث هاتفةً بتفكه مشاكس: أوه ماي قاااااااش .. ثره الغاوي بومييد ماغيييير ..
بس تصدقن !!
هب مبين ابد انه في الأربعين .. يوم شفته عطيته في الثلاثين من عمر سيف خويه ..


كانت آمنة بالرغم الذي تعانيه في قلبها، الا انها لم تستطع اخماد قلقها المتزايد على صديقتها .. فـ هي تعرف شما معرفة تامة .. وتعرف ان صمتها الغريب هذا ناتج عن هيجان اعاصير عاتية من مشاعر مكتومة وانفعالات قاسية في روحها الآن ..


اقتربت آمنة من شما واضعةً جانب شعرها خلف اذنها لتقول بـ حنان بالغ: شوشو حبيبتي تبينا نرمس شوي ..؟!

هزت شما رأسها بالنفي بحدة صامتة .... وهتفت لـ لطيفة الجالسة امامها: وين شباصتج ..؟!!

أعطتها لطيفة شباصة شعرها .. واكملت شما عملها بـ صمت مهيب "لم يحرك ابداً اي تعبير من تعابير وجهها الجامدة"


قالت آمنة بـ خفوت محاولةً اخراج شما من هذه الحالة المريبة: شما اللي تسوينه غلط .. الكل شاك انج مغصوبة على هالعرس .. جان ما تبين الريال قولي .. هذا زواج يا شما هب لعبه ..

شما بـ نبرة صقيعية خلت من اي احساس: خل يصير اللي يصير .. خلاص ما عاد لـ رايي جيمة ..

ثم بعدها وقفت كي لا تسمح لـ آمنة بأن تكمل حديثها "الذي تعرف بأنه سـ يكوّر ببساطة غصة كبيرة في حلقها" ..

واردفت بـ نبرة هادئة: بروح اشوف موزه .. من خلصنا تنظيف وهي مختفية ماعرف وين سارت ..



.
.
.
.
.
.
.



ما ان انتهى كبيرهم أبا حميد من سرد المقدمة المعروفة بشأن الخطبة وتلقى الرجال من طرف عائلة بن خويدم الموافقة المكسوة بروح الابتهاج والفخر حتى وقف "هو" بـ قوة بالغة .. قوة تخلله الهيمنة الكامنة/الثقة/الغموض التام ...

ثم هتف بنبرة رجولية رنانة موغلة بـ الأدب والاحترام:
راعــــي زعفـــــرانه ..


هتف أبا سعيد بـ بحة عالية رنانة "معتدة" للذي يناديه بلقبه الشهير بين الناس: لبييييييه ..

سلطان بذات نبرته العالية الثابتة: يعلك تلبي حاي انت ومن يقول آمين ..

أمّن جميع الرجال بصوت عالي رنان: اللهم آميييييييين ..

أضاف وهو يربت على كتف عمه أبا حميد وقال بـ سيطرة كاملة موجهاً نظرته لأبا سعيد:
لا هان عميه بوحميد ولا هان خويه بوذياب ويميع الحاظرين .. انا طالبن منك طلبه وبإذن الله ما بتردنيه ..


انتفض ابوسعيد بمكانه وقال بـ حمية بدوية صرفة تخللها استنكار: انا ولدك يا بويه .. يهبى ويعقب اللي يردك يا ولد ظاعن ..
وامرررره اللي تباااه تمممم وصااااار ..


أومئ سلطان برأسه بخفة تخللها احترام رجولي/تقدير ... وقال: ربي يعز شانك يالقرم ولا هان مقدارك
(القرم = الرجل ذو المكانة العالية والشأن الكبير)


صمت قليلاً ليترك بريقاً غريباً يمر امام عيناه بخيلاء خفي ... ثم اردف بـ صرامة مسيطرة تماماً بنظرة صقرية خبيثة: طويل العمر .. المليج خاري يتريه ..



.
.
.
.
.
.
.



تقلبت داخل فراشها بتململ شاعرةً بالكسل الشديد يغزو جسدها ..

سمعت صياح والدتها وهي تقول بـ حنق شديد: يزووووووووووي يزووووووووووووووووي

لم تجب أليازية وهي مستمرة بالتقلب وتمديد ايديها ورجليها بـ برود بالغ .. الا انها جفلت بـ جزع عندما انتُزع اللحاف من على جسدها وصوت والدتها يهتف بـ حدة غاضبة:
نشي صلي يزوووووي

هتفت أليازية بـ صوت ناعس: زين زين امايه .. بنش الحين ..

أم مانع بـ خيبة حقيقية واستياء: قومي يا بنية قومي .. والله ين هالكسل ما بينفعج في قبرج قووووومي ..

ما إن سمعت أليازية كلمة "قبر" حتى ارتعدت وقامت بسرعة ودلفت للحمام ..

هزت ام مانع رأسها بـ ذات استيائها ودعت لأبنائها بالهداية ..

تنهدت وهي تخرج من غرفة ابنتها لتتجه لـ غرفة ابنها ..

فليعينها الله الآن على ذلك الـ "مانع" ..


طرقت باب غرفته وهي تهتف بحدة كما فعلت مع ابنتها: مااااااااانع .. مااااااااااااااااااانع نش يلااااااااااااا ..


طرقت كثيراً حتى احست ان يدها تورمت ..


: يا مااااانع قووووم .. صلاااااة المسيد وطوفتهاااا .. بعد ما بتصلي في البيييييييت ..!!!!!
قوم يا ولد خاف الله في رووووحك ..



فقدت الأمل بأن يجيب ابنها عليها ..


ابتلعت غصة عميقة ودعت للمرة الثانية بكل صادق ان يرزق ابنائها الهداية والرشاد ..



الذي لم تعرفه ..
ان مانع لم يكن بالنائم ابداً ..

بل كان في اقصى مكان في غرفته .. يتكلم مع أحدى "عشيقاته" في الهاتف ويضحك ..

لم يكن يضحك لـ دعابة سمعها ..!!

بل يضحك سعادةً ونشوةً بالغة لأن إحدى عشيقاته استطاعت جلب ما رغب بامتلاكه منذ عدة ايام ..!!!


"رقــم هــاتف ميــرة الشخصــي"






نهــــاية الجــــزء الســــابـع عشــــر



sira sira likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:34 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.