01-11-16, 05:21 PM | #511 | ||||||||||||||
كاتبة في قصص من وحي الأعضاء، كاتبة وقاصة في منتدى قلوب أحلام، كاتبة في قصر الكتابة الخيالية.
| عزيزتي الاسم ملفت وكذلك الملخص الداخلي امرأة بجمود الشتاء تحب الخريف امام رجل يبدو انه مغرم به وهي لا تشعر به لقد قرأت المقدمة فقط وذهلت بالاسلوب الذي تملكينه يبدو انني سارى الكثير مما يعجبني هنا ساكون بالقرب ولي عودات باذن الله للقراءة ولي عودات للتعليق | ||||||||||||||
08-11-16, 05:35 PM | #518 | ||||
| الفصل الرابع عشر بعد ثلاث أسابيع.. وقف عاصم بجبين معقود يفاضل بتردد بين بذلتين رسميتين إحداهما سوداء كالعقيق والأخرى تناقضها بنصوع بياضها.. طال تردده فإضطر بنهاية الأمر إلى الإستعانة بمشورة أخيه الواقف على مقربة منه يقلب بذهن شارد بين البذلات المعلقة على مشاجبها بأحد المحال الراقية المتخصصة ببيع بذلات الأعراس.. -ما رأيك أمير؟السوداء أم البيضاء؟ إنتبه أمير من شروده على صوت أخيه الذى أصبح مجاورا له حاملا بذلة بكل يد ويبدو أنه يسأله عن رأيه بهما.. -كلتاهما جيدة..اعطاه امير رده المحايد بنبرة غير مبالية فزفر عاصم بحنق وتبرم بنزق:تبا أمير ألا يستطيع المرء الإستفادة منك فى شيئ! رفع أمير حاجبا ساخرا من الإرتباك المسيطر على شقيقه وتشدق بعبث:ألا ترى أنك تبالغ فى الأمر بعض الشيئ؟! تأفف عاصم وأجابه بسخط: إنها بذلة زفافى أيها الساخر وأنا لن أتزوج كل يوم! سارع أمير برفع كفه الأيمن بإعتذار تمثيلى وتلبس درجة من الجدية لا بأس بها: اظن السوداء تليق بك أكثر... أيد عاصم خياره وإن كان التردد لا يزال يرسم معالمه على محياه:وانا اظن ذلك أيضا.. إلتوى ثغر أمير بمرح وهو يراقب عاصم الذى تحرك لإعادة البذلة البيضاء إلى مشجبها ولكن ليس قبل أن يتفحصها بتردد للمرة الأخيرة..ثم علق بوقاحة ذكورية :أتعرف!انا سمعت من قبل عن التوتر الذى يصيب العروس قبل زفافها.. ويحق لها هذا!فهى من تظلم فى هذه الليلة!!أما أن يكون التوتر من نصيبك فانت تدفعنى هكذا للقلق عليك طيلة الليل!! قابل عاصم وقاحته بترفع و نهرهه بضيق:لا تمزح أمير فأعصابى لن تتحمل أكثر .. إلتبس أمير الجدية الحقة هذه المرة وتسائل بإهتمام:ما بك عاصم؟هل تعيد حسابتك من جديد؟! نفى عاصم بينما يحرك كفاه بعصبية:ما هذا الهراء أمير!! انا فقط أخشى أن يحدث شيئ مفاجئ فى الساعات القليلة المتبقية يعرقل سير الأمور.. تجعد جبين أمير بحيرة إنتقلت إلى حروفه:ماذا يمكن ان يحدث مثلا؟ أجابه عاصم بتيه بينما التوتر مسيطرا على كل خلية به: لاأعرف...ربما أمر سهيلة هو ما يؤرقنى ..انا اخشى ان تأتى فى اللحظة الأخيرة وتقوم بإلغاء كل شيئ..أنا لن أهدأ قبل ان أرى توقيعها على وثيقة زواجنا.. -أووووه إنظروا إلى العريس المتيم..هل تعرف سهيلة اى سلطان تملكه عليك؟! علا صوت أمير المازح بصالة عرض الملابس الواسعة مثيرا صخبا جذب أنظار الكثير إليهما.. تنهد عاصم بحرارة ولهج بيأس :تعلم ولا تصدق! وقبل أن يستفسر أمير الذى تلون محياه بمعالم الحيرة عن المزيد سارع عاصم بمقاطعته :حسنا دعنا من هذا الحديث الأن ...وأخبرنى عما يحدث معك هذه الأيام؟ تشنج جسده للحظة مباغتة قبل ان يسارع بتمالك رباطة جأشه ويتصنع عدم الفهم:ماذا تقصد؟ حدجه عاصم بتمعن قبل ان يواجهه بإستفسار مباشر: ما الذى يشغل بالك أمير؟فأنت شارد الذهن منذ بداية خروجنا! هز أمير كتفيه بعفوية ظاهرية وتمتم بخفة بينما يواجهه بنظرات متهربة بعض الشيئ:لا شيئ محدد..حالة عامة من الملل!! عاصم بعدم إقتناع:وهل هذا هو السبب أيضا وراء تغيبك الذى طال عن المزرعة ؟الملل أمير؟! توتر أمير فى وقفته وفتح فمه ليدلى بحجة ما ولكن عاصم قاطعه بتململ :أعلم أعلم إنها الأعمال التى تتحجج بها لوالدينا.. تأمل عاصم ملامح أخيه التى تراجعت عن أريحيتها وكساها الغموض المبهم ليضيف من جديد بحيرة: ولكن أتعلم ما الذى يثير إستغرابى بالأمر؟!.ان امى على خلاف المعتاد تظهر إرتياحها لتغيبك هذا! تأفف أمير بضيق من الإستجواب الذى يمارسه أخيه عليه وتحدث بنزق :انت تبالغ بعض الشيئ عاصم الأمر كما أخبرتك انا غارق حتى أذنى بالعمل .. خاصة مع إنشغال سيادتك بزفافك المرتقب..وهذا ما يذكرنى بأنه على العودة إلى الشركة مرة اخرى قبل إنتصاف النهار.. هتف به عاصم بإستنكار:ماذا؟!هل ستعود إلى الشركة مرة أخرى؟ألن تعود معى إلى المزرعة اليوم؟ نفى أمير بإعتذار مقتضب: لن أستطيع ..لدى إجتماع هام -بحق الله أمير إن زفافى سيعقد بالغد وأنت مازلت حتى هذه اللحظة تتعلل بالأعمال! أجابه أمير بسؤال تقريرى لا مبالى: ألم تنتهى جميع ترتيبات الزفاف..إذا ما حاجتك إلى هناك؟! علق عاصم بتهكم بينما يتحرك مبتعدا عنه:حسنا أمير كما تشاء لن أضغط عليك ..هيا لنحاسب ونرحل ... ************** هبطت السيد رقية درجات السلم الرخامى الذى يصل الطابقين بمنزلها بخطوات عصبية وهى تتبرم بشيئا غاضبا عن جناح العروسين الذى لم ينتهى إعداده بعد .. فيتجدد حنقها من جديد على ولدها الذى حدد موعد زفافه دون أن يستمع لإعتراض أحد... ثلاث أسابيع !!يطالبنى بتجهيز كل شيئ متعلق بالزفاف فى ثلاث أسابيع!!ماذا يظننى بحق الله.. ساحرة تنجز كل شيئ بحركة صغيرة من عصاها السحرية..حسنا هنيئا له بليلة زفاف حافلة يقضيها فى رحاب الحديقة الباردة !! إتجهت بخطواتها إلى غرفة الصالون بينما هى غارقة فى حنقها عليه وتعيد كلماته لها بنبرة ساخرة مغتاظة:إنها مدة أكثر من كافية أمى فسهيلة لا تريد حفلا صاخبا انها تفضل ان يكون حفل زفافنا عائليا يقام بالمزرعة! إزدادت نبرتها حدة بينما يستمر سيل كلماتها المغتاظة:سهيلة تريد! سهيلة تفضل! ألا يوجد إعتبار لما أريده أنا! رفع السيد مختار نظره عن صفحات الكتاب الذى يتصفحه للزوبعة التى اقتحمت عليه خلوته ..تابع تقدمها الغاضب داخل الغرفة حتى وصلت إلى الأريكة التى يحتلها وإنتظرها حتى ألقت بجسدها المنهك بجواره ليعلق حينها ببساطة:مرى وأنا انفذ! | ||||
08-11-16, 05:37 PM | #519 | ||||
| أسندت مؤخرة رأسها على مسند الأريكة الخلفى وشرعت فى تدليك صدغيها بضغطات قوية فى مسار دائرى ليفلت منها تأوها متألما قبل ان تمتم بإرهاق:إن كان بإمكانك إلغاء هذه الزيجة بأكملها أكون شاكرة لك! أشفق السيد مختار على حالتها السيئة فوضع الكتاب من يده وخلع عويناته الطبية ثم قدم لها قدح القهوة خاصته وأولاها إهتمامه الكامل -مابك عزيزتى ؟ما الذى يضايقك الأن؟ إعتدلت فى جلستها وإلتقطت القدح من يده بينما تجيبه بقهر :أشعر بالضغط الشديد وكأننى أسابق الزمن ولا أحد يقدم يد العون لى.. - ألم اجلب لك خادمتين لمعاونتك فى شئون المنزل إزداد عبوس وجهها وأجابته بضيق:وهذا أمر أخر لا يريحنى..انا لا احب الغرباء ببيتى.. - هذا امر لابد منه الأن عزيزتى فأنت لن تستطيعن النهوض بشئون المنزل بمفردك خاصة مع الترتيبات الجديدة وضعت السيدة رقية قدحها على الطاولة بعصبية سببت بقرقعة عالية وزفرت بغضب: أوووف بدأت أكره تلك اللحظة التى خطت فيها قدمى أرض هذه المزرعة اللعينة! قابل السيد مختار تزمرها بإبتسامة متفهمة وعلق برفق: أنا اعلم انك غاضبة من الترتيبات المختصرة التى يتم بها العرس .. وأعلم انك تريدين إقامة زفافا أسطوريا يليق بولدك وبمكانتنا الإجتماعية .. ولكن هذه رغبتهما وعلينا إحترامها تنهدت رقية وصرحت بهدوء:ربما تضايقت فى البدأ من ذلك ولكن عندما أعدت التفكير بالأمر أصبحت شاكرة للنهج التى تسير به الأمور ..فالزفاف الكبير سيجذب أنظار الصحافة إليه .. وحينها لن تدخر الصحافة جهدا فى السعى خلف هوية العروس ونشأتها..وكان الأمر ليتحول إلى فضيحة كبرى وقتها لوى السيد مختار ثغره بحنق وتمتم يائسا : لا أمل بك ! -ماذا! انا لا اتجنى عليها..هذه هى حقيقتها التى تصر انت وولدك على تجاهلها..هبت السيدة رقية للدفاع عن نفسها بحماس قابله زوجها بحنكته المعتادة -نحن لا نتجاهلها رقية نحن نقبل بها كما هى.. تأففت رقية بغيظ وتشدقت بإستهزاء: حسنا ..حسنا نحن لن نبدأ من جديد بمحاضرة فى عظمة الأنسة سهيلة وتضحياتها التى لاتنتهى! تنهد السيد مختار بفروغ صبر ونهرها بجدية:إذن كفى عن دفعى لإلقائها على مسامعك فى كل حديث نخوضه تعاظم شعور رقية بالإضطهاد فإنكمش ثغرها كطفلة معاقبة وهتفت بقهر:ألا يحق لى التزمر على الأقل! -تزمرك لن يفيدك بشيئ رقية الأفضل ان تبدأى بتقبل الأمر كما هو.. تبرمت رقية ببضع كلمات حانقة قبل ان تنتبه على رؤية التى تهبط الدرج على عجل كعادتها ..والتى ما ان انتبهت إلى وجودهما حتى ألقتهما بتحية صباح متعجلة وسارعت بتجاوزهما متجهة إلى باب المنزل ولكنها سرعان ما تجمدت خطواتها على صوت والدتها المحتد:إلى أين تظنين نفسك ذاهبة رؤية؟ إلتفتت إليها رؤية واجابتها ببساطة :سأذهب لأطمئن على ليلى -ليلى! رددت رقية الإسم بإندهاش .. فأضافت رؤية بتحذلق: نعم شقيقة سهيلة..تلك التى ستزف إلى إبنك بالغد! إشتعلت مقلتى رقية و تمتمت بغيظ من بين أسنانها : إن كانت حياتك غالية عليك رؤية فأنت ستتجنبين تكرار هذا على مسامعى مرة اخرى.. تصنعت الصغيرة عدم الفهم وتساءلت ببراءة بينما مقلتيها تلمعان بشقاوة: أتقصدين زواج عاصم من سهيلة؟ إستشاطت رقية وصرخت إسمها ناهرة بجنون:رؤية! وضعت رؤية كفها الصغير على فمها وألقت والدها المستمتع بما يحدث بغمزة شقية قبل ان تعود لتناظر والدتها ببراءة بينما تشير بسبابة كفها الأخر إلى الباب بتساؤل صامت تنهدت رقية بإستسلام وأذنت لها على مضض: إذهبى لكن إياك والتأخر رؤية لقد إقتربت إمتحاناتك وعليك تكثيف جهودك بالمذاكرة.. -سمعا وطاعة سيدتى هتفت رؤية بمرح وإستأنفت هرولتها إلى الخارج بينما تابعتها مقلتى والدتها حتى إختفائها لتمتم حينها بزهول: - يا إلهى اى لعنة صببنها هؤلاء الفتيات على رؤوس أبنائى!! ********** إنتقلت أناملها برقة بين حبات اللؤلؤ الناعمة و رهافة المخمل الأبيض الذى ينساب بنعومة فائقة فى تنورة واسعة مكونة من العديد والعديد من الطبقات التى غطت فراشها بأكمله.. حدقت سهيلة بثوب زفافها الذى أرسله عاصم إليها قبل دقائق قليلة فقط بإنبهار إستمر للحظات قليلة قبل ان يتلاشى تدريجيا ليحل محله عدم التصديق.. لا تصدق إنه يفصلها يوما واحدا فقط على عقد قرانها..وهى التى لم تتخيل يوما ان تتخذ مثل هذه الخطوة .. "يا إلهى ما الذى فعلته بنفسى..أى شيطان لعين دفعنى للقبول بعرض كهذا.. بحق الله ما الذى تزجين نفسك وشقيقاتك به سهيلة!!" زفرت بتوتر وانتصبت على قدميها لتقطع مساحة الغرفة بخطوات سريعة جيئة وذهابا فى محاولة منها للتخلص من القلق الذى بدأ ينصب شباكه حولها.. لا تعرف كم مرة قطعت بها مساحة الغرفة الصغيرة قبل ان تصطدم بياسمينا التى اندفعت إلى الغرفة بحماس ..ترتدى تصميما مصغرا لثوب زفاف بينما تهتف بإثارة:أمى..امى أنظرى إلى ألا أبدو كعروس! سارعت بإسنادها لتحول دون وقوعها وقبل ان تنطق بحرف دلفت سارة فى إثر الصغيرة معاتبة:لا تركضى هكذا ياسمينا ستؤذين نفسك.. ثم إلتفتت إلى سهيلة التى تتابع مايحدث أمامها بعقل غائب..فعقدت سارة جبينها بتساؤل حائر سرعان ما تناسته كلية ما ان وقع بصرها على الغيمة البيضاء التى تفترش فراش شقيقتها..اقتربت من الفراش بخطوات مأخوذة حتى إنطبعت صورة الثوب كاملة بأحداقها المتسعة انبهارا - إنه رائع أليس كذلك؟ تمتمت بإعجاب بالغ وبالمثل إمتدت أناملها لتتلمس تطاريزه ونعومة قماشه لتضيف بعدها بإنبهار مضاعف:بل إنه اكثر من رائع! إلتفتت سارة بإستغراب إلى شقيقتها عندما لم تحصل على جواب منها لتجد نظراتها الضائعة تتعلق بها بإستنجاد غير منطوق.. - سهيلة!هل انت بخير؟تمتمت سارة بقلق فإنتزعت سهيلة من هالة الضياع المحيطة بها لتطمئنها بنبرة تائهة: انا بخير سارة .. اظننى بحاجة لإستنشاق القليل من الهواء.. أومأت سارة بتفهم وإن كان القلق ينهش روحها نهشا.. إبتسمت لها سهيلة بضعف قبل ان تميل على راس الصغيرة التى مازالت تنتظر رأيها بإثارة.. قامت بلثم شعرها وهمست لها بنبرة حانية: تبدين كالأميرة صغيرتى إتسعت إبتسامة ياسمينا حتى أظهرت صفى أسنانها الصغيرة فمالت عليها سهيلة مرة اخرى مقبلة وجنتها الوردية هذه المرة قبل ان تتحرك لمغادرة الغرفة -سهيلة! أوقفتها سارة قبل ان تجتاز مدخل الغرفة بندائها اللحوح فى نبرته..فإلتفتت سهيلة لمواجهتها بتوتر :نعم سارة! حدجتها سارة بنظرات مباشرة وأردفت بذات القوة التى تشع بها نظراتها :لم يفت الأوان بعد سهيلة! إحتارت سهيلة فى مقصدها لتضيف سارة بقوة أكبر من سابقتها:أريدك فقط ان تعلمى بإننا سندعمك بأى قرار تتخذينه! إختلطت المشاعر بصدر سهيلة فتنازعت رغبتها بالإبتسام مع أخرى بالنحيب لتتركها ممزقة عاجزة عن التعبير.. إبتلعت غصة سدت حلقها ورددت بصوت متهدج:أعلم سارة..أنا اعلم ذلك! ****************** | ||||
08-11-16, 05:39 PM | #520 | ||||
| ما ان أغلقت سهيلة باب الملحق خلفها حتى داعبت تنورتها النسمات الأولى لفصل الربيع الذى أقبل بدفء شمسه داثرا عباءة الشتاء.. إلتفتت إلى باب مكتبها المشرع على مصراعيه فإزداد ضغط كفها تلقائيا على الورقة الصغيرة الساكنة به..تلك الورقة التى وجدتها بين طيات ثوب زفافها والتى تحمل توقيع عاصم وكلمتين متسلطتين "قابلينى بمكتبك" تنهدت بعمق وقطعت دون تلكؤ أولى خطواتها المتوترة إليه.. عندما دلفت إلى مكتبها الصغير حتى وقع بصرها على هيئته الضخمة التى تتناقض مع صغر المكان ..هذه المرة احتل مقعدا صغيرا أمام مكتبها لا يتناسب مع هيبته بينما صورتها مع والديها مأسورة من جديد بين كفيه السمراويين.. مسحت كفيها المتعرقتين بقماش تنورتها وإلتقطت نفسا كبيرا وتقدمت اليه بخطوات ثابتة.. انتبه عاصم على صوت خطواتها فأعاد صورتها المأطرة إلى موضعها السابق على سطح مكتبها وانتصب على قدميه متطلعا إليها بعمق.. إنسابت نظراته على ملامحها الساكنة بتحفظ لا يعكس شيئا من سرائرها..باردة متماسكة كما إعتادها دائما ..وتبدو أبعد مايكون عن عروس سيعقد قرانها فى الغد القريب..عروس تزف له هو! إشتعلت مشاعره فى لحظة واحدة بمزيج من العواطف الصاخبة..إثارة..شوق..تملك..ون فاذ صبر كاد يؤدى بعقله ويدفعه لإنتزاع قبلتهما الأولى فى الحال! -مرحبا..تمتم بوقار قدر إستطاعته فى محاولة منه لتشتيت خياله الذى جمح دون رادع ..جموحا لو إطلعت على جزء منه لإنهار ثباتها اللعين وذهب أدراج الرياح... ردت تحيته بإيماءة صامتة لم تخل لو قدرا بسيطا من سكون ملامحها..فوجد نفسه يردد بداخله من جديد بعزيمة ووعيد حار: أقسم أن أطيح بتوازنك اللعين هذا فلا يبقى منك سوى أجزاء مرتعشة تشتاق للمسة من يدى..وأن أجعل هذا الثغر المزموم بتزمت يرتجف لى بعاطفة لاهثة تتوسلنى بالكثير...قريبا!قريبا جدا سهيلة! أقرب مما تتخيلين!! أحجم ثورة مشاعره للوقت الحاضر وإستعاد البعض من رزانته : هل اعجبك ثوب الزفاف؟ هذه المرة إلتوى ثغرها ببسمة متهكمة من تقليدية سؤاله الذى لا يتناسب مع ظروف زواجهما الخارجة عن المألوف..تجاهلت سؤاله كلية وواجهته بسؤال أخر: لماذا طلبت رؤيتى؟ تنهد عاصم بيأس وانغلقت أساريره بالمثل ودون كلمة أخرى دس كفه بجيب سترته الداخلى وأخرج مظروفا متوسط الحجم قدمه لها بصمت تطلعت بيده الممدودة بتساؤل لم يتطوع بإجابته ..فإلتقطت المظروف من بين أنامله وفضته تحت انظاره المثبتة عليها..لتخرج منه ورقة مطبوعة ..جرت مقلتاها على سطورها بحيرة قبل ان ترفعهما إليه بتشوش:ماذا يعنى هذا؟ دس عاصم كفيه بجيبى بنطاله بتراخى وفسر بهدوء:كما ترين لقد اصبح نصف المزرعة ملكا لك على ان يظل النصف الأخر مسجلا بإسمى حتى تنتفى حاجة والدى منها وحينها سأنقل ملكيتها لك بالكامل.. -لكن لماذا؟ وإجابته كانت بسيطة ببديهيتها: -مهرك! بإلتواءة ثغر طوت العقد وأعادته إلى مظروفه بتمهل قبل ان ترفع نظرها إليه من جديد متطلعة بمعالم وجه الخشنة قبل ان تعلق بغموض: اتعرف كنت أظن رجال الأعمال يبذلون الكثير من الجهد ليتجنبون أقل الخسائر الممكنة فى صفقاتهم ولكنك تثبت لى عكس ذلك! ضاقت مقلتى عاصم بحدة وإستفسر بنبرة متصلبة بينما حدسه يخبره بأن القادم لن يعجبه أبدا: والمقصود من هذا؟! لوحت بالمظروف امام عينيه وهى تتسائل بنبرة عدائية :ما الداعى لإضافة المزيد من الإمتيازات إلى صفقة سبق وحصلت عليها؟!ألا يعد ذلك خسارة عاصم بك! إرتعشت عضلة بفك عاصم فضحت عن إختلال ثباته بفعل كلماتها التى صنفت علاقتهما فى إطار صفقة تجارية باردة يتنازع طرفاها على تحقيق الربح ..ولكن هل يستطيع لومها على ذلك وهو من عقد أول بنودها! ..جز على نواجزه للتحكم برباطة جأشه وحاول إحتواء غضبها المرير بسعة صدر: خسارة البعض هى مكسب لأخرين سهيلة .. وفى صفقتنا هذه كما تطلقين عليها سأحرص على ان تكون الخسارة من نصيبى دائما! تحركت شفتاها بهمهمات متهكمة قبل أن تعلق بسخرية سوداء:كرمك يغمرنى سيد عاصم! تغاضى عن سخريتها ورد بجدية:إذا لا تهدريه هباءا وإنتزعى منه قدر ما تستطعين ..ففى الوقت الذى ستنضب به قدرتى على العطاء حينها سأطالبك بالمقابل.. إحتدت نظراتها على إثر الوعيد الكامن بحروفه ورمته بنظرات محتقرة قبل ان توليه ظهرها بترفع وتتحرك للخروج..لكنه أوقفها من جديد قبل ان تجتاز مدخل المكتب بنبرة غامضة:شيئا أخر بعد! توقفت عن تحركها ودون ان تلتفت إليه إستفسرت ببرود:ماذا؟ وصلها صوته بإسؤال غير متوقع : من ستوكلين عنك بعقد القران؟ أخذت بسؤاله الذى مزق روحها بوجع اليتم ولكنها رفضت ان تسمح للألم بالسيطرة عليها أمامه..فإلتفتت إليه لتجيبه بجمود مبهم :كنت أظن الإجابة واضحة..ليس لدى احد ليقوم بهذا الدور ! تعلقت نظراته النافذة بها بثبات وترها قبل ان يستفسر بتصلب: ماذا عن إبن عمك ذاك؟أظن ان إسمه كان عمار أليس كذلك؟ قست نظراتها فى الحال بعدائية بالغة وأجابته بلهجة صلبة حاقدة: لم يعد لعمار وجودا بيننا بعد الأن..بل كان دخوله إلى حياتنا خطئا منذ البداية! الجزء العاقل به تلكأ بإنتباه حاد على الحقد والغضب المستتران بحروفها بينما الغيور به فسر كلماتها على محمل آخر يدور كله حول عدم قدرة الأخر أن يراها تزف لغيره.. فإندفعت غيرته للكشف عن نفسها من خلال كلماته التى خرجت حادة : هل يشق عليه ان يسلمك إلى بنفسه؟! تأملت قسوة ملامحه بحيرة:لما تظن ذلك؟ بدا عاصم كما لو اغلق عقله عن أى شيئا اخر سوى غيرته العمياءإذ انه إستمر بهجومه بعنف مكبوت بينما يقترب منها : لا أظنه يوافق على زواجك بى أليس كذلك؟ إنصعقت سهيلة من الشراسة التى تطل من مقلتيه بينما بدا هو غافلا عن المدى الذى وصل إليه إنفعاله فهتفت بقوة إستحوذت على إنتباهه:رأيه لا يهمنى بشيئ! إنقطعت خطواته أمامها مباشرة فأشرف بجسده الضخم على بنيتها النحيلة بتهديد ..محملقا بها بعنف بينما صدره ينتفض تحت وطأة مشاعره الثائرة..بدا للحظة تائها وقد إختلطت مفاهيمه فلم يعد يعرف ماذا عليه ان يفهم ..فإنفلتت رباطة جأشه بصراخ حاد:ماذا تقصدين اللعنة عليك؟ تراجعت سهيلة خطوة مجفلة بينما تراقصت نظراتها على ملامحه المنقبضة بذعر نبهه على حاله..فتراجع عنها بحدة حتى وصل إلى مكتبها ..لكم سطحه بقوة كادت أن تفتت مفاصل كفه الصغيرة فتأوه بألم خافت ولعن الشيطان الذى سيطر عليه ماحيا أى تعقل لديه.. مسح صفحة وجهه بكفه وتنهد مستغفرا.. بينما ظلت الأخرى مسمرة مكانها تطالع بخوف الشخص الذى ستسلمه نفسها بكل طواعية! -أسف..لم اقصد إزعاجك.. تمتم بخفوت دون أن يستدير إليها فحملقت بظهره المتشنج وإستفسرت بدون قناعة : أحقا لم تقصد ذلك .. إذا عليك أن تصحح مفاهيمك عن الإزعاج فأنت لم تفعل شيئا منذ خطت قدماك أرض هذه المزرعة سوى التسبب بإزعاجى !! إبتلع كلماتها الجائرة بصمت و زفر نفسا عميقا مشحونا بالكثير قبل ان يلتفت إليها مقترحا بأمل: ألا يمكننا البدء من جديد! واجهته سهيلة بقسوة نظراتها المناقضة للتعبير الهازل الذى يعتلى وجهها بينما تشدقت بإستنكار ساخر:أتقصد ان أتظاهر بكونى عروس طبيعية لم تجبر على هذا الزواج؟ نفى عاصم بإندفاع:انا لم أجبرك سهيلة.. إنه خيارك! إختفى الهزل من تعابيرها تماما وتمتمت بحقد:أهذا حقا ما تريح به ضميرك عاصم! إقترب عاصم منها مرة أخرى وأملى كلماته بوضوح أمام مقلتيها المتحجرتين مشددا على حروفه: قولتها لك سابقا وسأعيدها متى لزم الأمر.. أنا أفعل أى شيئ للحصول عليك إنتفض كل عصب بها بإنفعال بالغ وهتفت به بلهجة ثائرة: بربك!انت حتى لم تسلك طريقا مباشرا إلى..وهذا ما لا افهمه! إن كنت تريد الزواج بى لما لم تطلب يدى مباشرة..لما لجئت منذ البدء إلى طريق ملتوى؟!! تأمل إنفعالها ببرود وأجابها بثقة غامضة: ربما لأننى أعلم ان الطريق المباشر لن يصلنى لشيئ.. إتسعت مقلتاها بزهول من مدى تسلطه فصرخت به وقد وصل إنفعالها أقصاه: اللعنة عليك! من أعطاك الحق لتقرر ذلك عنى!! إنه طريقى أنا ..وانا من أمهده لمن اشاء! تجمد الزمن بينما وقفا يحدقان ببعضهما .. هى تناظره بمقلتى مشتعلتين كجمرتين من نار بينما يرتجف كل جزء بها من هول المشاعر الثائرة بصدرها .. بينما وهو فكان تائها مرتبكا ضائعا بأمل لم يعد متاحا ..ولكنه يظل أمل..الأمل فى قبولها به برغبتها الخاصة..بكامل إرادتها! سيطرت عليه الرغبة الملحة للغرق بذلك الأمل والوصول إلى أعماقه عله يجد مناه هناك ..أرخى جفنيه بعيدا عن قسوة نظراتها وتسائل بحذر: لو لم آتى على ذكر عمك وأبديت رغبتى الشديدة بالزواج بك فماذا كان ليكون جوابك حينها؟ صححت له بقسوة:تقصد لو لم تبتزنى!! تشنج للحظات قبل يوافقها مقرا بذنبه :نعم لو لم افعل؟! إبتسمت بتشفى ملأها رضا وأجابته بنبرة إنتقامية :هذاالسؤال لم يعد مطروحا بيننا بعد الأن..أنصحك بألا تشغل بالك به لإنك لن تعرف إجابته يوما... وبهدوء إستدارت من جديد وتجاوزت باب المكتب لتختفى من أمام عينيه الغارقتين بحيرتهما.. **************** | ||||
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|