آخر 10 مشاركات
بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          368 - رياح الماضي - بيني جوردان ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          [تحميل] هن لباسٌ لكم بقلم ؛¤ّ,¸مــشـآعلـ¸,ّ¤؛ رواية أعادت معنى التميز ( جميع الصيغ ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          85- الانتقام الذيذ- دار الكتاب العربي (الكاتـب : Just Faith - )           »          235 - دمعتان ووردة - جيسيكا ستيل-كاملة بصورة واضحة (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          كل مخلص في الهوى واعزتي له...لوتروح سنين عمره ينتظرها *مكتملة* (الكاتـب : امان القلب - )           »          تحملت العنا لأجلك يا ولد العم ... الكاتبه : mnoo_gadee (الكاتـب : جرح الذات - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات العربية المنقولة المكتملة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-10-16, 10:29 PM   #21

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي




الفصل التاسع عشر


سيارة أطاحت بابنه وهو في طريق العودة من مدرسته ليفقد الابن القدرة علي السير..
شباب مغيبين عن العالم بسبب جرعة مخدرات زيادة جعلتهم يتحرشون بابنته ...
زيادة مفاجأة في مبلغ الإيجار للمنزل الذي يأوي أسرته..
جميع ما سبق بالإضافة للخوف الذي تمكن من "عواد" لتأكده من أن من يفعل ذلك هو "محب" وأن كل ذلك ما هو إلا إشارة بأنه إذا كرر شهادته تلك ستكون المرة القادمة ليست تحذير فقط وإنما فتك نهائي بأسرته كاملة..
ليقرر "عواد" إنهاء حياته بيده ظناً منه بأنه بذلك سيجعل أسرته في أمان أكثر..وبينما العسكري منشغل بإحكام قبضة السلاسل علي يد "عواد" استغل "عواد" بذلك أن العسكري لم يحكم السلاسل علي يده لينطلق بسرعة اكتسبها من خوفه ليلقي بنفسه من الطابق الخامس الخاص بمبني النيابة العامة ليهوي بجسده علي حاجز حديدي أنهي به حياته نهائياً
لتنتهي حياة "عواد" و معها ينتهي الشاهد الوحيد علي "محب" في قضية المخدرات..
....
بعد مرور نصف ساعة تحديداً في مكتب "وائل"..تعالت نغمة هاتف "وائل" معلنة قدوم اتصال تليفوني ليغلق "وائل" الملف الذي أمامه لتبدأ المحادثة بينه وبين زميله الذي أخبره عما حدث ل"عواد"..
دقائق معدودة مرت بين "وائل" وزميله لم يبدي فيهم "وائل" أي رد فعله لأنه كان علي يقين منذ لقائه مع "محب" أنه لن يجعل "عواد" يلقي بأقواله تلك في النيابة..
قطع شرود "وائل"..نبرة "بسام" المتعجبة وهو يضع أكواب القهوة قائلاً:"وائل"؟! يا بني؟! هل جننت؟!
فاق "وائل" من شروده بإرهاق قائلا بنبرة تساؤل:ها؟! أعذرني كنت شاردً فقط
عقد "بسام" حاجبيه بتعجب قائلاً بنبرة تساؤل:ماذا حدث؟! منذ دقائق كنت بخير؟!
ارتشف "وائل" قليلاً من كوب قهوته قائلاً بنبرة أسف:"عواد" انتحر
اتسعت عيني "بسام" صدمة دامت لثواني معدودة ليحرك شفاهه قائلاً:يا حول الله!!انتحار؟!
أعاد "وائل" فتح الملف الذي أمامه قائلا بنبرة اهتمام:الأهم الآن أن ندرس تلك الملفات
ارتسمت ملامح الجدية علي ملامح "بسام" الذي ارتشف قليلاً من القهوة قائلاً:الآن كما وجدنا في السابق أن قضية والدة "فادي" حٌكم فيها بالإعدام علي "معاطي القط"
بدأ "وائل" في تدوين ملاحظاتهم في ورق وهو يفرغ ما في الملفات قائلا:وفي محضر القضية أن "معاطي" استعان بشاهدة لتقول بأنه وقت ارتكاب الجريمة كان معها وتلك السيدة حسب شهادة ميلاد "محب" هي أمه
ارتشف "بسام" قليلاً من قهوته ليستخرج ورقة من أحد الملفات قائلا:وفي محضر الجلسة التالية اتضح أن تلك السيدة كاذبة لأن التحقيقات أثبتت أنها بنفسها لم تكن في ذاك المكان التي أدعت أنها كانت به بصحبة "معاطي" وعندما أصدرت المحكمة حكم ضدها بسبب الشهادة الزور اختفت تماماً ولم تستطع الداخلية القبض عليها
مسح "وائل" علي جبينه بتفكير قائلاً بنبرة تعجب:إذا فرضنا أن تلك السيدة تزوجت من "سيد" المقيد في شهادة ميلاد "محب" أنها زوجته..كيف لذاك الزوج الذي حررت شقيقته محضر باختفائه قبل 6أشهر من حادثة والدة "فادي"..كيف له بأن يكون والد "محب"؟!
رفع "بسام" حاجبه الأيسر بتعجب ليقول بنبرة توضيح:وبذلك نستطيع القول بأن يقين "فادي" بأن "معاطي القط" هو والد "محب" الحقيقي صحيح
ارتشف "وائل" قليلاً من قهوته قائلا بنبرة تأكيد:بالطبع ومن الممكن أن تكون والدة "محب" هي الأخرى توفيت ولذلك أتي خال "محب" به إلي النوبة
مسح "بسام" علي جبينه بتفكير ممزوج بإرهاق قائلاً بنبرة ضجر:ولكن الأهم الآن أن نجد تفسير لعلاقة "معاطي القط" ب"منير وحمدي" وبوالدة "فادي" وتلك الأسئلة إجابتها مع "منير وحمدي" فقط!؟
...
دلف "محب" إلي منزله ليستنشق رائحة الطعام التي تتراقص في أركان المنزل لترتسم ابتسامة خبث علي ثغره لتأكده من أن "قمر" وصلت إلي المنزل قبله كما طلب من "منير"...
أغلق "محب" هاتفه علي الرسالة التي هنأته بخبر انتحار "عواد" ليخلع حلته السوداء متجهاً إلي المطبخ..
باتت النوبة الآن بالنسبة ل"قمر" ما هي إلا سجن ولكنه واسع قليلاً..سجن يريد رئيسه الممثل في والدها بالحكم عليها بالشقاء طيلة حياتها ليلقي بها بين يدي شيطان لا يمس للإنسانية بأي صلة كل أحلامه في الحياة هي جمع المال وإرضاء شهوته..
لتتحول النوبة بعد أن كانت منبع الأمل والمرح الذي يضخ الحياة إلي كيان "قمر" أصبحت الآن منبع التعذيب والشقاء لتضخ الآلام إلي كيان "قمر"..
فاقت "قمر" من شرودها علي لمسة يد تحيط بخصرها لتنتفض "قمر" من موضعها لتهوي الأطباق من يدها ليرتفع صوت ارتطامها بالأرض مصاحباً صوت صرخة "قمر" ...
قهقهة خافتة نبعت من شفاه "محب" الذي أحكم القبضة علي خصر "قمر" قائلا" بنبرة خبث هامسة:لا تخافي أنا زوجك
حاولت "قمر" استجماع قوتها الجسدية بكل السبل الممكنة لتشعر بقلادة "فادي" تدحرج علي صدرها باعثة الإرادة الممزوجة بالقوة في كيان "قمر" التي دفعت "محب" عنها وهي تصرخ به قائلة:لست زوجي أفهم لست زوجي
اتسعت عيني "محب" غضباً ليصوب نظراته القاتلة إلي "قمر" ليقترب منها بسرعة قائلا بصيحة غضب:ألم أحذرك مسبقاً بألا ترفعي صوتك أمامي؟!
ابتلعت "قمر" ريقها بصعوبة وقبل أن تظهر أي رد فعل أمسك "محب" بذراعها ليلقي بها أمام حطام الأطباق قائلا بنبرة غضب ممزوجة بأمر:لملمي شتات الأطباق حالاً
أغلقت "قمر" عينيها بألم ممزوجة بشعور بالكسرة بات يجتاح أوصالها تدريجياً وهي تشعر بأن قلبها بات في حالة احتضار يصرخ بضعف في كيانها أجمع بأنه في حاجه ل"فادي" في حاجه إلي من يدق من أجله..
في حاجه إلي الشعور بالطمأنينة..
بينما علي الجانب الآخر..كان "فادي" منشغل بعرض المعلومات أمام الوفد السياحي عن طبيعة مقصدهم التالي ليشعر بغصة ألم تجتاح قلبه..
غصة ألم تضرب لكيانه بأجمع بأن عشيقته في خطر...
غصة ألم تنقل له صرخات عشيقته المتألمة التي ترجو عودته لحمايتها..
أحكم "فادي" إغلاق عينيه حتى يمنع أي أحد من قراءة علامات الألم الممزوج بالحزن في عينيه..
صرخات نبعت من داخل كيان "فادي" الصامت طالبة من الله تعالي بأن يحيط "قمر" بحفظه..
أما في داخل منزل "محب"..
بدأت "قمر في تجميع شتات الأطباق وهي تتلقي دفعة السباب من "محب" دون إبداء أي رد فعل إلي جرحت أصابعها بلا وعي منها ليتسرب سيل بسيط من دمائها ليختلط بأرضية المطبخ..
نبرة سخرية ممزوجة بأمر نبعت من شفاه "محب" الذي قال:أنهي تلك الفوضي وأحضري لي الطعام
دلف "محب" خارجاً من المطبخ لتغمض "قمر" عينيها بغضب مكتوم لتبصق علي الموضع الذي كان يقف به..
قامت "قمر" من موضعها بضجر لتبدأ في إعداد الطعام لذاك المعتوه ومن ثم اتجهت به إلي حجرة التلفاز لتضعه علي الطاولة دون أن تحرك شفتيها بكلمة..
ما إن تأكد "محب" من أن الطعام ساكن علي الطاولة حتى تحرك بخفة ليحكم قبضته علي عباءة "قمر" من أعلي الكتف ليجذبها إليه بقوة قائلا بنبرة خبث:ألن تنهي ذاك الجنون الذي يتحكم منك وتطيعي أوامري
ضغطت "قمر" علي شفتيها بغضب قائلة بنبرة إصرار ممزوجة بعند"مستحيل
ما إن أنهت "قمر" حديثها حتى حاولت التخلص من قبضة "محب" وبلا تخطيط منها استطاعت التخلص من قبضته ولكن كتف العباءة تقطع تماماً وأصبح كتفها عارياً أمام عيني "محب" التي اتسعت تعجباً ممزوجة بخبث ليقترب منها وهو يتحسس كتفها العاري قائلا:كل الأمور تجري من حولك لتجعلك تعودي إلي رشدك حتى حنة كتفك لم تختفي بعد لتتأكدي أنكي زوجتي أنا
التفتت "قمر" بجسدها لتصبح في مقابلة "محب" لترتسم ابتسامة برود تدريجياً علي ملامحها قائلة بنبرة عند:أتدري ما المنقوش علي كتفي؟!
أكملت "قمر" حديثها بنبرة مستهزئة بعد أن رأت علامات التعجب تسيطر علي ملامح "محب" لتقول بنبرة باردة:تلك الجملة باللغة اللاتينية..طلبت من الحنانة أن تكتبها لي..طلبت منها كتابة "أنا في ذمة عاشق يدعي فادي" في نفس الليلة التي كنت تحلم بها بليلة أقضيها معك علي فراشك
ازداد غضب "محب" أضعاف مضاعفة ليحرك يده التي باتت عروقها تغلي غضباً ليضعها علي حزامه ومن ثم يهوي به علي جسد "قمر" مفجراً غضبه في إعطائها جرعة تعذيب من حزامه الجلدي الذي يرتعد غضباً من أوصاله التي قاربت علي الانفجار..
بالرغم من قوة الصفعات المصوبة تجاه جسدها الهزيل..أبت كرامة "قمر" بأن تجعل جسدها يهوي أمام "محب" لتظل كما هي واقفة صامدة و"محب" يفرغ غضبه في صفعات حزامه الجلدي ودفعة السباب التي يلقنها إياها..
سدد "محب" صفعة نارية إلي جسد "قمر" التي أغلقت عينيها بألم لتأتيها نبرته الغاضبة وهو يقول:لماذا كل هذا؟! كلمة واحدة وسأجعلك تتذوقين النعيم؟! لماذا ؟!
فتحت "قمر" عينيها بألم ممزوجة بقوة اكتسبتها من قلادة "فادي" التي ارتطمت بصدرها من إثر تلك الصفعة لتقول بنبرة قوة ممزوجة بإصرار:لأنني في ذمة عاشق
ما إن أنهت "قمر" حديثها حتى هرولت إلي حجرتها بسرعة قصوى لتغلق باب حجرتها قبل أن يصل "محب" إليها..
حاول "محب" مراراً وتكراراً تحطيم ذاك الباب ولكن بلا جدوي والسبب بالنسبة له مجهول ولكن بالنسبة ل"قمر" هي متأكدة أنها رعاية الله لها..
شعور من اليأس الممزوج بالإرهاق اجتاح كيان "محب" الذي ابتعد عن باب الحجرة بغضب متجهاً إلي حجرته..
ارتسمت ابتسامة طمأنينة علي ملامح "قمر" التي احتضنت قلادة "فادي" بكفيها لتهمس بها قائلة بفرحة:لا تقلق يا "فادي" فالله يحفظني لأجلك
....
ثلاثة أشهر بالتمام مرت علي أبطالنا...لتخفي في طيات أيامها..صيحات "قمر" المكتومة في كل مرة يحاول فيها "محب" الاعتداء عليها فيجد إصرارها وقوتها تمنعه فيتجه إلي صفعاها بحزامه الجلدي أو بقوته الجسدية التي لا عادت ذات قيمة أمام قوة إيمان "قمر"..
لتظل قوة إيمان العاشقة وإصرارها هما درع حمايتها من ذاك المعتوه..
بينما قضت تلك الشهور علي أمال "محب" في التجارة ولو بجرام واحد من المخدرات في ظل صحوة الداخلية التي تحبط أية محاولات منه..
لتقضي علي أمال ذاك الشيطان بسبب نظرة عيني تأبي أن يصوب لهبه تجاه بشر آخرين..
أما عن "هاني" فلم ينقطع في فترة سفره عن الحديث مع "إسراء" التي لم تستطع نهائياً معرفة الجزء المجهول في رحلته تلك..
وبجانب دلال "إسراء" علي "هاني" للوصول إلي معلومة واشمئزازها من "محب" الذي لم يمل منها حتى الآن بل زاد دفعات مقابلاتهم السرية ليطفئ فيها نار غضبه التي أشعلته "قمر"..كانت "إسراء" هي العاشقة السرية لذاك الزوج الخائن وذاك الصديق الخائن ومن بينهما كانت تفقد قوتها رويداً رويداً لتتبدل ملامحها الساحرة إلي ملامح كسرة و تستبدل ضحكتها بدموعها التي لم تتوقف و لو للحظة واحدة..
ولكن إن دققنا النظر نجد أن تلك الفتاة ما فقدت حيويتها إلا بفقدنها الأمل في الفوز بقلب عكفت ليالي تناجي ربها للفوز به ..
أما عن "ياسر" فسرعان ما عاد إلي طبيعته بمجرد عودة والده من المستشفي ولكن باتت حياته هو و"مريم" الآن أكثر جنوناً بسبب تلك الصغيرة التي بدأت في التكوين في معدة "مريم" رويداً رويداً مسببة انتفاخ كروي بسيط في معدتها ليبث ذاك الانتفاخ الكروي إحساس المسئولية الأكبر الممزوجة بالسعادة في كيان "ياسر"..
بينما كان ذاك الانتفاخ الكروي هو منبع الأمومة لفتاة طالما مرحت بدمي صغيرة منذ طفولتها وها هي الآن تحوي بداخلها جزء منها ومن زوجها...
أما عن "فادي" فكان هو الأكثر صمتً وتحملً في أبطالنا..ليغمر روحه بالعمل والبحث عن أية تفسيرات لتلك القضية الغامضة والجلوس من حين إلي آخر مع الشيخ "راضي"..
كان "فادي" يظن بـأنه بذلك سيشغل قلبه المشتاق ويلهيه بمتطلبات الحياة عن ذاك الشوق الممزوجة بالألم ولكن كانت حسبة "فادي" في تلك المرة خاطئة فبالرغم من محاولات الانشغال المستميتة منه كان غصة الشوق في قلبه تزداد بسرعة ملحوظة..
ليتأكد "فادي" من أن العاشق المصاب بلعنة الفراق لن تهدأ ضربات الشوق في قلبه إلا بعودة لمعشوقته ..
مرت الثلاثة أشهر بكل ما تحويه من آلام ممزوجة ببصيص من الأمل..و ابتسامة خافتة باتت ترتسم علي الشفاه لتتحدي الوجع كأنها تصرخ به بأنه ما عاد يؤلم النفس كما كان بل باتت النفس معتادة علي الوجع..
...
في تمام الساعة العاشرة لصباح يوم العطلة الخاص ب"فادي"..
فتح "فادي" عينيه بإرهاق لتقابل قطرات المياه الدافئة التي تتطاير من حوله ليغلق "فادي" صنبور المياه متجهاً إلي المرآة المقابلة له..
أحاط "فادي" خصره بمنشفته القطنية ليخفف بيده آثار الدخان الذي يزين المرآة لترتسم ابتسامة باهتة علي ملامحه وهو يتأمل لحيته بهدوء..
"سبحان من زين الرجال باللحية" جملة مشهورة يتداولها الكثير من شاب أو نساء اليوم لتعبر عن مدي إبداع الخالق في تلك اللحية التي بحق هي من علامات الجمال لدي الرجال..
ولكن في حالة "فادي" فالأمر مختلف!!فبالرغم من أن لحيته هي بالفعل من إحدى رموز جماله إلا أنها باتت الآن رمزً لآلامه وأوجاع التي يخفيها في نظرة لامبالاة باتت مرسومة علي عينيه دائماً..
ولكن الحقيقة!! أن تلك اللحية ما عادت رمزً لجمالك أيها المتعجرف بل باتت رمزً لشقائك..
فاق "فادي" من شروده علي قطرة مياه دافئة تتساقط من خصلات شعره لترتطم بصدره العاري ليمسح بكفيه علي وجهه بضيق قارب علي تمزيق ضلوعه..
ثواني معدودة مرت علي "فادي" وهو يخفي ملامحه بين كفيه وكأنه يريد فرصة للبعد عن ذاك العالم..ليزيل "فادي" كفيه ببطء لتقع عينيه علي تلك اللوحة لمنظر طبيعي علي مرمي بصره من جهته اليمني..
عقد "فادي" حاجبيه بتعجب وهو يتذكر رفض والده القاطع بتغير موضع تلك اللوحة لترتسم علامات من الفضول علي ملامح "فادي" الذي اقترب من اللوحة ليزيلها من موضعها بهدوء متحسسً جهتها الخلفية ليجد أنه لا وجود لأي شئ..
مرر "فادي" أصابعه بين خصلات شعره وهو يحرك اللوحة يميناً ويساراَ بضجر ليقفز أمام خياله موضعها الغير مستوي نهائياً..
رفع "فادي" حاجبه الأيسر بتعجب ممزوج بفضول ليتحسس موضع تلك اللوحة ليتأكد من أن هناك شئ خلف ذاك البلاط بسبب ذاك الفارق الذي يرتفع لميلمترات ...
لحظات صمت يتخللها طرقات من أداة حديدية لدي "فادي" للإزالة ذاك البلاط لعله يصل إلي مراده..
"البعض يهرب من واقعه بكلمات يدونها في مذكراته بلا وعي لعلها تكون ذكري يبتسم عندما يقرأها من جديد عندما يتحقق ذاك الحلم الذي ظنه مستحيل "
جملة افتتاحية قابلت "فادي" عندما أنهي إزالة ذاك البلاط ليجد أن هناك كيس بلاستيكي مدفون بداخله كتيب صغير ومظروف..
بدأ "فادي" بذاك الكتيب لتقابله تلك الجملة لتزف له أنه سوف يتلقي حقائق وصدمات متتالية بعد ثوان معدودة..
صديقين كانت العلاقة بينهم متماسكة لأبعد الحدود ولتقوية تلك الصداقة تزوج أحدهم من أخت الأخر لتقوي صلة القرابة بينهم ولكن سرعان ما بدأت صداقتهم في التفتت..
فذاك الزوج أخذ العروس إلي بلدته في القاهرة تاركاً أخوها مع والديه في النوبة لينبت يقين داخل ذاك الأخ بأن صديقه سلبه أخته..
وكانت تلك الأخت والزوجة هي المتضررة الأولي بينهم لعدم قدرتها علي موازنة الأمور بين أخيها و زوجها ولكن سرعان ما تبدلت حياتها السعيدة مع زوجها بعد ثلاث سنوات من الزواج ولم يحدث لها حمل بعد فلذلك قررت التأكد بنفسها علي نفسها لتجد بأنها مصابة بسرطان خبيث في الرحم يقضي نهائياً علي فرصة حملها ولذلك قررت تلك الفتاة أن تزوج زوجها بأخرى لعلها تمنحه الطفل الذي يتمناه من ذاك العالم..
أغلق "فادي" الكتيب بسرعة ليفتح المظروف بحظر ليجد أوراق تحاليل طبية تثبت كلام تلك السيدة أو كما تلقب "قمر" أخت "منير" و وعمة "قمر"..
تلك هي الحقيقة التي استطاع "فادي" الوصول لها بعد فترة معدودة من اختلاسه لتلك الصورة التي تجمع والده بسيدتين ليستعين ب"وائل" الذي أثبت أن والدته تم قتلها علي يد "معاطي القط" وبأن والده كانت تربطه علاقة قرابة وصداقة ب"منير"..
أسند "فادي" برأسه علي الحائط وهو يشعر بأن ذاك الحائط بات يتسرب له ألسنة اللهب التي تشتعل في رأسه..
لحظات ألم ممزوجة بضيق مرت علي "فادي" وهو يتصور الحياة التي كانت بها والدته وأنها كانت مجرد رحم يحمل طفل يرجوه والده وحرمت منه زوجة والده الأولي..بات يتصور كم المعاناة التي عاشتها وأوجاعها!!
بدأت قطرات المياه تتساقط من شعر "فادي" مصوبة إلي صدره الذي يغلي غضباً علي والدته..
بدأ "فادي" يستعيد قوته رويداً رويداً ليعيد ذاك البلاط إلي موضعه وهو يغلفه بقليل من الأسمنت الموضوع في دورة مياه ليتجه إلي حجرته ليعكف علي ذاك الكتيب منتقلاً بين صفحة وأخرى..
طالما انتظر "فادي" تلك اللحظة التي تنكشف الحقيقة أمام عينيه ولكنه لم يتوقع أن تزيده تلك الحقائق تعجباً وتضيف تساؤلات وتساؤلات...
ولكن يبقي السؤال الأهم لدي "فادي" هو..لماذا قٌتلت والدتي؟!
فاق "فادي" من شروده علي صوت رنين هاتفه معلنً قدوم اتصال من "ياسر" يخبره بأنه منتظره أسفل المنزل..
أرتدي "فادي" ملابسه بسرعة ومن ثم اتجه لإخفاء ذاك الكتيب والمظروف ليدلف خارج حجرته..
أنحني "فادي" لربط حذائه الرياضي لتأتيه نبرة "حمدي" المتسائلة قائلاً:أين تذهب في يوم العطلة؟!
ضغط "فادي" علي رباط حذائه كأنه يفرغ طاقته الغاضبة ليرفع عينيه بلامبالاته المعتادة قائلاً:ذاهب مع "ياسر" ل"وائل" بسبب الحادث الذي تعرض له
نبرة تساؤل ممزوجة بضجر نبعت من شفاه "حمدي" الذي قال:ألم يأتي موعد معرفتي بتلك التي تريد الزواج بها؟!
لحظات صمت معدودة مرت علي "فادي" الذي قام من موضعه بثباته المعتاد لترتسم ابتسامة ماكرة علي ملامحه قائلاً بنبرة باردة:بالطبع ..إنها فتاة من النوبة تدعي "قمر منير"
طالما انتظر "حمدي" تلك اللحظة التي يعلم فيها من التي استولت علي قلب ابنه ولكن الحقيقة باتت قاتلة الآن..
تلك الحقيقة التي ستفتح أبواب العذاب علي ابنه تلك الأبواب التي طالما حاول إبعاده عنها منذ صغره..
اتسعت عيني "حمدي" صدمة ممزوجة بغضب ليصيح في "فادي" قائلا:هل أنت مجنون؟!ابنة من؟! أعد علي مسامعي ذلك؟! من المستحيل أن تتزوجها يا "فادي"؟!
أسعف "فادي" تعجرفه ولامبالاته في تلك اللحظات ليقول بنبرة باردة:ولماذا؟! هل تعرف والدها؟!
بدأ "حمدي" في تمالك أعصابه ليدب القلق في أوصاله من أن يصرح بالماضي في لحظة غضب ليقول بنبرة غضب مكتوم:ذاك مستحيل أفهم يا "فادي" مستحيل
اتجه "فادي" إلي باب المنزل قائلا بنبرة إصرار:المستحيل كان أن أحب يا أبي ولكن باتت الحقيقة الآن أنني عاشق في حضرتها..
بمجرد أن أنهي "فادي" حديثه دلف خارج المنزل ليترك "حمدي" في صدمته الممزوجة بغضبه ليحادث صديقه الوحيد الذي يعلم بخبايا ماضيه الغامض ذاك والذي نصحه بألا يتحدث مع "فادي" في ذاك الموضوع ريثما يتأكد من أن ما يقوله حقيقة وبأن "قمر" تلك ليست ابنة صديقه القديم..
بينما علي الجانب الآخر..سادت علامات الصدمة علي ملامح "ياسر" وهو يستمع إلي ما يقصه عليه صديقه لينهي "فادي" حديثه قائلاً بنبرة إصرار:فليفعل ما يفعل فلن يكون ببشاعة ما حدث ل"قمر" ولكنني لن أهدأ حتى أعلم الحقيقة كاملة
أوقف "ياسر" السيارة أمام بوابة المستشفي قائلاً بنبرة تأكيد ممزوجة بهدوء:لن أتركك يا صديقي إلا عندما تظهر لك الحقيقة وإلي حينها لا تتصرف بجنونك المعتاد ودعنا نذهب إلي "وائل"
...
بعد مرور نصف ساعة من اجتماع الشباب بحجرة "وائل" بالمستشفي حتى تعالت ضحكاتهم المرحة في أركان المستشفي بأجمعها لتبعث تلك الضحكات الصاخبة السكينة في روحهم المتهالكة..
انتبه "فادي" إلي ساعة يده ليقول بنبرة هادئة من بين ضحكاته الصاخبة:أنا ذاهب الآن لإحضار الترياق وسأنتظركم أمام المنزل
رفع "وائل" حاجبه بتعجب قائلاً بنبرة تساؤل:أي ترياق؟!
وضع "بسام" يده علي جبين "وائل" قائلا بنبرة تحسر ممزوجة بمزاح:من الواضح أن الرصاصة التي تلقيتها أثرت علي مراكز المخ
نبرة توضيح ممزوجة بضحكاته صاخبة نبعت من شفاه "ياسر" الذي قال:الترياق الذي قال أنه سيجعل أحد أصدقائه يحضره له الذي سيساعدنا في معرفة الحقيقة
أومأ "وائل" رأسه بتذكر ليكمل حديثه المرح مع "بسام و ياسر" بينما اتجه "فادي" لإحضار ذاك الترياق من صديقه الأمريكي..
...
تدحرجت دمعة دافئة علي خدي "قمر" وهي تسكب المياه المغلية في كوب الشاي الخاص ب"محب" لتتسل تلك الدمعة من عينيها اللذان باتا موضع الألم الممزوج ببصيص الأمل في الخالق القادر علي تدمير ذاك الوحش البشري..
وضعت "قمر" إبريق الشاي في مكانه لتتجه إلي حجرة "محب" الخاصة لتستمع إلي ضحكاته الصاخبة وهو يتغزل في فتاة ما ويعدها بمقابلته لها فور وصوله إلي الأقصر..
ارتسمت ابتسامة اشمئزاز علي ملامح "قمر" التي حادثت نفسها بضجر قائلة"ألا يكفيه أعماله الشيطانية تلك بل و زاني أيضاً فليرحمنا الله من أمثالك يا معتوه"
لم تهتم "قمر" كثيراً بكلمات "محب" فكيف لها أن تشعر بالغيرة علي رجل أجبرت علي الزواج منه؟!
طرقات خافتة تنم علي اشمئزاز أحدثتها "قمر" علي باب حجرة "محب" الذي أذن لها بالدخول لتضع "قمر" كوب الشاي ومن ثم تتجه إلي باب الحجرة لتوقفها نبرة الضجر الممزوجة بالضيق النابعة من شفاه "محب" الذي قال:ألن تكفي عن ارتداء ذاك الحجاب ورسم تلك العلامات التي تبعث الضيق إلي صدري عند رؤيتك
نبرة لامبالاة اكتسبتها من حبيبها ممزوجة بقوة نبعت من شفاه "قمر" التي التفت برأسها قائلة:لا لن أكف
صيحة غضب ممزوجة بضجر نبعت من شفاه "محب" الذي قال:هل تظنين نفسك جميلة أم ماذا؟! إذا أمر "محب" فقط تجدين أجمل نساء العالم تحت قدمه
ارتسمت ابتسامة ساخرة علي ملامح "قمر" التي قالت ببرود ممزوج بعند:أخبرتني أمي في ليلة ما أنني أجمل نساء العالم ولكنني لن أكون لشيطان مثلك
ما إن أنهت "قمر" حديثها حتى شعرت بأنفاس "محب" الغاضبة وهو يصوب لها صفعة نارية نزف علي إثرها أنفها لتأتيها نبرة "محب" النارية وهو يصيح:لا أريد رؤيتك حتى أسافر غداً إلي الأقصر
تحاملت "قمر" علي قدمها التي تأبي أن تخونها أمام ذاك الشيطان لتتجه إلي حجرتها وكفها المرتعش يحتضن قلادة "فادي"..
..
في تمام الساعة الثامنة مساءً...تحديداً في منزل "إسراء"..
أغلقت "إسراء" هاتفها بقلق لتبتلع ريقها بصعوبة وهي متجه إلي "فادي" الواقف علي أمام طاولة زجاجات الفودكا لتقول بنبرة خوف:إنه في الطريق
أغلق "فادي" زجاجة الفودكا قائلا بنبرة تهدأ ممزوجة بتنبيه:تذكري جيداً ألا ترتشفي قطرة من تلك الزجاجة
أومأ "إسراء" رأسها بفهم لتقول بنبرة قلق ممزوجة بخوف:هل أنت متأكد يا "فادي" من مفعول ذاك الترياق
وضع "فادي" زجاجة الترياق في جيب معطفه ليقول بنبرة واثقة:لا تقلقي لا "إسراء" من أعدد لنا ذاك الترياق عبقري ولكن تذكري جيداً أن مفعوله يدوم لنصف ساعة ومن ثم سيغمي عليه
ما إن أنهي "فادي" حديثه حتى آتته نبرة "بسام" الهادئة وهو يقول:الكاميرات المخصصة للحجرة والسماعات أنهيتها
ابتلعت "إسراء" ريقها بصعوبة تنم عن خوفها بينما ارتفعت نبرة "فادي"المتسائلة قليلاً ليقول:"ياسر" هل انتهيت ؟!
هبط "ياسر" من علي سلم خشبي موضوع في بهو الصالة قائلاً بنبرة تأكيد:بالطبع
نبرة تنبيه ممزوجة بطمأنينة نبعت من شفاه "فادي" الذي قال:تذكري جيداً أن يكون حواركم في بهو الصالة أو في حجرتك إن التزم الأمر
أومأت "إسراء" رأسها موافقة لتتجه للجلوس علي مقعد في بهو الصالة بينما اتجه الشباب إلي حجرة في أقضي يسار المنزل حيث أعد "فادي" شاشة لمراقبة تلك الكاميرات..
وما وضع "فادي" سماعات الأذن الخاصة بجهاز التصنت حتى ارتفع رنين جرس الباب لترتسم ابتسامة ماكرة علي شفاه "فادي" وهو يقول بنبرة تعجرفه المعتاد:ها قد بدأ المرح........



يتبع.....
#نورهان_حسنى






التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 07-10-16 الساعة 10:58 PM
لامارا غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 07-10-16, 10:29 PM   #22

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل العشرون


"كيف للأم أن تعلم إن أحوال أولادها حتى ولو كانت المسافة بينهم كالمسافة بين المشرق والمغرب؟!"
ذاك السؤال الذي طالما سألنا به أنفسنا عندما نجد رنة هاتف من والدتنا في منتصف الليل لتطمئن علينا..
أو عندما دلفت إلي الحجرة بينما نحن عاكفين علي دفن أوجاعنا في وسادتنا لتأتي هي وبكفها الحاني تكفكف دموعنا..
أو عندما نرتمي بين ذراعيها بدون التفوه بحرف فنجدها تعطينا النصائح لما نمر به دون أن نخبرها عنه..
تلك المواقف السابقة ما هي إلا 1% مما يحدث لنا أو لغيرنا يومياً ودائماً ما تظل إجابة ذاك السؤال مبهمة..
ولكن؟!إذا دققنا التفكير و لو لثواني سنجد الإجابة..
تسعة أشهر نختبئ بين أحشائها..تسعة أشهر وهي تتابع انتفاخنا البطئ في معدتها وابتسامة الفرحة الممزوجة بدموع الأمومة ترتسم علي شفتيها..
أشهر عديدة تمر بعد ولادتنا ولا تهدأ صيحات بكائنا إلا عندما نشعر بدقات قلبها المحتضن لها..
نمرض ونتألم وهي عاكفة علي خدمتنا حتى يكتمل شفائنا لترسم هي ابتسامة فرحة عندما ترانا نلهو بمرح من جديد..
يأتي اليوم الدراسي الأول لنا وصيحات بكائنا ترتفع بخوف من أن نمضي ساعات بدون أن تكون بجوارنا..
قهقهة مرحة ممزوجة بفرحة طفولية تزين الملامح ترتسم لدي حصولنا علي أعلي الدرجات لنهرول لها أولاً ونحن لها نزف خبر نجاحنا لتهدأ هي بدورها وتتأكد بأن ساعات المذاكرة التي أمضتها معنا لم تذهب مع مهب الريح..
وتمر السنين وتشغلنا متطلبات الحياة عن تلك الأم التي طالما ضحت براحتها من أجل رسم ابتسامة سعادة علي شفاه صغرها ..والأم هي الأم مهما طال غيابنا نجدها في انتظارها...مهما تألمنا تتحطم تلك الآلام أمام لمسة كفيها الحانية..
مهما طالت المسافات ستظل تشعر بدمعتنا التي تتلألأ في جفوننا..
انتفضت "ناهد" من نومها لتطلق صيحة خوف وهي تردد:أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
طغت إنارة الأباجورة الموضوعة علي الطاولة المجاورة للفراش علي الظلام الذي يسود أركان الحجرة لترتفع نبرة "منير" النائمة وهو يقول:ماذا حدث؟!
تلألأت دمعة في عيني "ناهد" التي حركت شفاهه قائلة بنبرة خوف:كابوس..كابوس مخيف لابنتي
زفر "منير" بضجر ليعتدل في جلسته قائلا بنبرة ملل:أذهبي لها غداً عندما يذهب زوجها
رفعت "ناهد" الغطاء عن نفسها لتصيح بنبرة غضب ممزوجة بخوف:أين قلبك يا "منير"؟! أين؟!!هل دفنته عندما ذهبت لإحضار ابنتي لتعيدها لي جسد هش من لكماتك
صيحة غضب ممزوجة بضجر نبعت من شفاه "منير" الذي قال:"ناهد" ذاك ليس وقتً للحديث أنا لدي أعمال في الغد
ضربت "ناهد" الأرض بقدمها بغضب لتحرك شفاهها بضجر قائلة:في كل مرة تخبرني بأنه ليس وقتً للحديث..متى ستمنحني الفرصة للحديث معك أم إنك خائف من المواجهة
رفع "منير" عينيه بنظرة غضب ثاقبة ل"ناهد" التي قالت بحزن ممزوج بألم:نعم أنت خائف من المواجهة..خائف من الشعور بالندم علي ما فعلته بابنتك..تدفن نفسك في عملك حتى لا تجعل قلبك يشعر بغصة الألم التي أشعر بها الآن
أكملت "ناهد" بنبرة تحسر ممزوجة بعتاب وهي تمسك بمصحفها قائلة:أنت لم تتزوجني إلا عندما أحببتني وأنا أحببتك ولكنك الآن تأبي لضربات قلب ابنتك بالدق من أجل شخص لم تمهل نفسك الفرصة لمعرفته جيداً وعوضاً عن ذلك دمرت ابنتي
علامات من الجمود الممزوجة بالغضب ارتسمت علي ملامح "منير" الذي قال بنبرة أمر:أغلقي تلك الإضاءة لأنني أريد النوم
دلفت "ناهد" إلي خارج الحجرة لتقرأ القرآن بينما "قمر" في حجرتها ترتجف ألماً من جروح جسدها التي أبت أن تمنحها فرصة للنوم..
...
ارتسمت ابتسامة خبث علي ثغر "إسراء" التي حركت شفاهها بنبرة دلال قائلة:ألن تطمئن قلبي وتخبرني أين كنت طيلة الثلاثة أشهر؟!
وضع "هاني" كأس الفودكا علي الطاولة ليقوم من موضعه بلا وعي وهو يتحرك يميناً ويساراً قائلا بنبرة ضاحكة:لما لا ندلف إلي الحجرة وسأخبرك بما هو أجمل
سكبت "إسراء" القليل من الفوكا في كأس "هاني" لتقترب منه بخطوات إغراء أنوثية لتقول بنبرة دلال:إذا أخبرتني أولاً
تناول "هاني" الكأس من "إسراء" ليرتشفه علي دفعة واحدة لترتفع صيحات ضحكاته الجنونية..
بينما علي مسافة منهم..خلع "بسام" سماعة أذنه قائلاً بنبرة تساؤل:"فادي" هل أنت متأكد من مفعول ذاك الترياق
نظرة متعجرف ثاقبة ممزوجة بنبرة الواثقة نبعت من "فادي" الذي قال:بكل تأكيد
صيحات ضحك جنونية باتت ترتفع من "هاني" الذي بات يتحرك يميناً ويساراً كأنه طفل يلهو في مدينة الألعاب إلا أن أحاط كتف "إسراء" بيديه قائلا بنبرة لا وعي مرتفعة:أأخبرك بسر؟!
ارتسمت ابتسامة الانتصار علي ملامح "إسراء" التي قالت بفضول:أخبرني
أزال "هاني" يده التي تحيط بكتف "إسراء" ليصورها بطائرة ترتفع تدريجياً قائلا:كنت مع والدة "محب" في رحلة علاج
اتسعت عيني "إسراء" صدمة بينما انتبه الشباب الموجودين بالحجرة ليكمل "هاني" حديثه بلا وعي وهو يقول:إنها إمرأة مريضة بالجنون منذ أن علمت بوفاة "معاطي" والد "محب" فقد تم إعدامه
بالرغم من صدمتها وذهولها من ذاك الموقف إلا أن "إسراء" استطاعت لملمت شتات لسانها لتقول بدلال:وماذا أيضاً؟! وكيف علمت بكل ذلك؟!
ألقي "هاني" بجسده علي أريكة المنزل ليقول بنبرة لا وعي:والدي كان صديق شقيقها وهو من أخبأها معه عندما حكمت ضدها المحكمة لشهادتها الزور في قضية خاصة ب"معاطي" لأنه كان متهم بقتل سيدة فلذلك استعان شقيقها بوالدي الذي أخبرني عن كل هذا وعن المكان الذي تختبئ فيه
مرر "هاني" أصابعه بين خصلات شعره بلا وعي وهو يقول:بعد وفاة "معاطي" اضطر شقيقها لإخبارها بالأمر لأنها كانت في شهورها الأخير من الحمل ب"محب" ومن ثم وفور وضعها له اتجه شقيقها بزوجته إلي النوبة حيث كان ذاك طلب "معاطي" عندما بعث له أحدً بزيارته قبل تنفيذ حكم الإعدام وعندما اشتد عود "محب" طرد والدي من خدمة أمه وقبل وفاة والدي أخبرني بهذا لذلك باتت تلك النقطة هي نقطة ضعف "محب" لأن والدته باتت مصابة بالجنون وعندما حاول نقلها لمكان آخر لم يستطع لأنني توصلت لذاك المكان ومن يومها أن شريكه وذاك المخبأ فيه جميع أوراق صفقاته والتسيجلات لكل مقابلة يعقدها مع مستثمر والفيلم الذي يستغلك علي إثره
ابتلعت "إسراء" ريقها بصعوبة من تلك الصدمات المتتالية لتقول بنبرة تساؤل:ولكن كيف سافرت بها وهي محكوم عليها وفي حكم الميتة
تثاوب "هاني" بلا وعي ليقول بنبرة شبه ضاحكة:بتهريبها عن طريق الأنفاق ومن ثم أسافر بها إلي أي بلد عربي ومنه إلي البلد الذي سنزوره لأنه من فترة لأخرى نحاول عرضها علي أكبر قدر من الأطباء لعلها تشفي من ذاك الجنون
كان "فادي" علي مقربة من معرفة مكان ذاك المخبأ ولكن سرعان ما أعلن "هاني" نهاية مفعول ذاك الترياق بإغلاقه لعينيه لتنتفض "إسراء" من موضعها بصدمة مما استمعت له من دقائق بينما دلف الشباب خارج الحجرة وعلامات الصدمة تجتاح ملامح الجميع..
اقترب "إسراء" من "فادي" بحذر قائلة بنبرة مرتعشة ممزوج بتساؤل:لما لا نعطيه المزيد من الترياق لنعلم مكان ذاك المخبأ
مرر "فادي" أصابعه بين خصلات شعره بضجر ممزوج بغضب قائلاً بنبرة ضيق:لا بد من وجود فاصل زمني كبير ليأخذ الجرعة الثانية وإلا سيصاب بجلطة في قلبه ويموت ونحن مازلنا بحاجة له
رفع "بسام و ياسر" إلي حجرة النوم بينما قال "فادي" بنبرة إرهاق:سنضعه في حجرتك ونزيل ملابسه حتى يجد أن الأمور سارت كما يريد عندما يفيق
نبرة قلق ممزوجة بتساؤل نبعت من شفاه "إسراء" التي قالت:ألن يتذكر شئ؟!
حرك "فادي" رأسه نافياً ليقول بنبرة هادئة نسبياً:لا لا أخبريه فقط أن الأمور سارت طبيعية ونحن سنزيل الكاميرات وسنذهب
لم يمهل "فادي" "إسراء" أية فرصة لاستكمال الحديث وإنما دلف إلي الحجرة ليتأكد أن الأمور سارت كما يريد ومن ثم اتجه لإزالة كاميرا بهو الصالة لينجح "فادي" بجدارة في إظهار الهدوء علي ملامحه بينما داخل كيانه تشتعل ثورة غضب ممزوجة بحيرة وتساؤلات لا يستطيع إيجاد أية إجابات لها إلي الآن..
...
أسبوعين آخرين مروا علي أبطالنا وحالة التوتر الممزوج بالغضب تحيط بعلاقة "فادي" بوالده فمنذ عراكهم الأخير بات الحديث بينهم معدوم بينما "فادي" لم يشغل باله بتلك العلاقة المتوترة بقدر اهتمامه بحل ذاك الغموض الذي يحيط بمذكرات "قمر" وتلك الألغاز التي أضافها "هاني" عن والدة "محب" ومخبأهم الخاص..
بينما علاقة "هاني" و"إسراء" باتت قوية إلي حد ما..فمنذ تلك الليلة التي ارتشف فيها "هاني" الترياق وعدم إدراكه بما أفصح عنه و"إسراء" تحاول جاهدة البحث عن أية معلومة عن ذاك المخبأ بينما "هاني" فبات يشعر بالراحة معها..
أما عن "قمر" فكانت تلك الأيام هي الأكثر راحة لها بسبب سفر "محب" إلي الأقصر لتوزيع صفقة الملابس التي أحضرها "هاني" بعد سفره وبذلك تخلصت "قمر" من ذاك المعتوه وصفعاته المتتالية ومما زاد راحة "قمر" أيضاً أنها لا تحمل أي هواتف محمولة وبذلك تخلصت من نبراته نهائياً لتقضي تلك الأيام في حجرتها بمنزل والدها وهي تكفي عينيها المشتاقة للنوم..
أما عن "بسام" فكان الأكثر إرهاقاً بين الجميع بسبب انشغاله بمصنع "منير" وتلبية طلبات "محب" والعمل علي تلك القضية الشائكة التي سلبت الراحة من عينيه بينما "أسماء" تعمل جاهدة في التخفيف عنه ومحاولة إيجاد أي ثغور في تلك القضية..
....
حادث "محب" "منير" في صباح ذاك اليوم ليطلب منه بأن تعود "قمر" إلي المنزل لأنه سيعود في مساء ذاك اليوم وبنبرة جمود ممزوجة بلامبالاة أخبر "منير" ابنته بضرورة ذهابها لمنزل زوجها وبالرغم من الألم الذي ارتعد له قلب "قمر" أظهرت اللامبالاة الممزوج بالبرود لتبدأ في ترتيب حقيبتها..
لتنتقل من سجن في منزل والدها تنعم فيه بحديث والدتها إلي سجن ذاك المعتوه الملقب بزوجها لتنعم بدفعات العذاب التي تتلقها من حزامه الجلدي..
وبمساعدة ابنة خالتها أنهت "قمر" ترتيب منزلها وهي ترسم اللامبالاة علي ملامحها ليبدأ شعور الإرهاق يتسرب لكيانها فور إنهاء تلك الأعمال المنزلية ورحيل ابنة خالتها لتلتفت بعينيها إلي ساعة الحائط لتجدها صارت السادسة مساءً..
اتجهت "قمر" إلي حجرتها لتدثر جسدها الهزيل بغطائها القطني لتغمض عينيها بإرهاق..
ما يقارب العشرة دقائق مرت علي تلك الفتاة المحتضنة لآلامها بكفيها لتشعر بلمسة يد حانية تمسح علي يدها ببطء..
انتفضت "قمر" من نومها وصيحة خافتة انفلتت من فمها ولكن سرعان ما تحولت صيحتها إلي صدمة اتسعت علي إثرها عينيها لتتسرب صدمة كهربية إلي أوصالها لتزف نبأ الفرحة إلي أوصالها..
ارتعشت شفاه "قمر" وهي تقول بنبرة باكية: "فادي"
أخفض "فادي" ذاك الكاب الموضوع علي رأسه لترتسم ابتسامة صافية علي ملامحه قائلا بنبرة أسف ممزوجة بشوق:أعذريني يا حلوتي لقد تأخرت عليك كثيراُ
لم تكن "قمر" في حاجة نهائية للحديث وإنما كانت في حاجة ماسة للشعور بلمسة يده لتمسك بيده بكفها المرتعش لتعلنها صريحة بأنها تستمد قوتها من لمسة يده التي أقسمت علي حمايتها..
تنهدت "قمر" براحة وهي تزيد من تمسكها بيد "فادي" قائلة بنبرة خوف ممزوجة ببكاء:خذني معك يا "فادي" لا تتركني هنا أرجوك
ارتسمت ابتسامة الإصرار الخاصة بذاك المتعجرف وهو يقوم من موضعه بهدوء ليفتح ذراعيه ببطء قائلاً بنبرة شوق ممزوجة بطلب:تعالي معي يا حلوتي تعالي أحميكي بين ذراعي منهم
اتسعت عيني "قمر" صدمة ممزوجة بفرحة فأخيراً ستحظي بضمة من ذاك المتعجرف..
أخيراً ستحظي تلك المعشوقة المتهالكة من أوجاع الفراق بضمة من عشيقها الذي عاد لاقتلاعها من تلك الوحشية..
أخيراً عرض عليها ذاك المتعجرف الهروب بها إلي عالم موازي تمنته مراراً عالم خيالي يسكن بين ذراعيه..
تلك هي اللحظة التي تمنتها "قمر" مراراً وتكراراً..تلك هي اللحظة التي تحملت من أجلها ما مرت به من آلام..
تلك هي الضمة التي انتظرتها طويلاً لتمحي ما بها من آلام..
ولكن!! هل هذا هو الواقع الحق؟!هل سيبتسم القدر فجأة؟!
سرعان ما آتت الإجابة ل"قمر" التي انتفضت من حلمها الخيالي ذاك علي لمسة يد شهوانية..
نعم هو حلم!!هو حلو آملاه عقلها الباطل علي قلبها الذي شعر للحظة أن ذاك الحلم سيكون حقيقة..
وأن ذاك القلب المتهالك سيعود إلي موطنه بين ذراعي صاحبه ليلملم جروحه من جديد..
ولكن سرعان ما سلبت لمسة "محب" الشهوانية "قمر" من أحلامها لتنتفض من نومها علي لمسة يده تلك التي تحاول إزالة ملابسها عنها لتصرخ "قمر" بقوة اكتسبتها من ذاك الحلم الخيالي..
لتدفع يده عنها بغضب ممزوجة بألم لتتلقي صفعة نارية من "محب" الذي بدأ في تسديد لكمات متتالية إلي جسدها الصغير وهو يصيح فيها بغضب قائلاً:كفي أفعالك تلك كفي لن يحميكي أحد مني ستخضعين لي
أغلقت "قمر" عينيها بألم لتعطي ذاكرتها الفرصة بإمدادها بكلمات "فادي" المطمئنة لتنطلق منها صرخة عالية..
صرخة ألم..صرخة غضب..صرخة أنثي ترفض أن يمس أنوثتها سوي من تحببه..صرخة ترفض بأن تخضع لرجل يفرض قوته عليها ليحظي بلحظة متعة..
دامت صرخة "قمر" قرابة الدقيقتين تسرب فيهم شعاع قلق إلي "محب" ليدلف خارج الحجرة قلقاً من أن يسمع أحد بصراخها ليتجه إلي حجرته بغضب ليتمدد علي فراشه وسؤال واحد بات يتردد في عقله إلي أن نام وهو
" لماذا ترفض الخضوع لي؟! لماذا تتحمل كل ذاك التعذيب؟!"
بينما علي الجانب الآخر..تجيب "قمر" علي أسئلة "محب" تلك وهي مستلقية علي فراشها بوضع الجنين وكفها يحتضن قلادة "فادي" بينما قلبها يناجي ربها بأن ينهي عذابها..
...
ألفي "فادي" بنظارته الطبية علي فراشه ليسند رأسه إلي الخلف مغمضاً عينيه بإرهاق ممزوجة برجفة قلق علي حبيبته..ليرتفع صدر "فادي" ويهبط رويداً رويداً وشعور القلق يتمكن أكثر من أوصالها إلي أن قفزت كلمة الشيخ "راضي" أمام عقل "فادي" حينما قال:اصبر يا بني اصبر علي ابتلاء ربك فإذا صبرت ستبكي يوماً فرحةً مما رزقك الله به
ارتفع صوت المؤذن بصلاة الفجر ليقتلع "فادي" مما يحيط به ليقوم من موضعه متجهاً إلي خزانة ملابسه ليبدلها سريعاً بعد أن توضأ للصلاة ومن ثم اتجه "فادي" إلي المسجد..
بمجرد أن أنهي "فادي" صلاة الفجر اتجه إلي منزله ليحظي بقيلولة تساعده علي استكمال يومه ليفاجئ ب"حمدي" يجلس في انتظاره بمجرد أن فتح باب المنزل..
علامات من اللامبالاة الممزوجة بنبرة البرود أطلقتها شفاه "فادي" الذي قال:السلام عليكم
زفر "حمدي" بضجر ليقوم من موضعه قائلاً بنبرة غضب مكتومة:تركتك أسبوعين كاملين لتشفي من جنونك هذا والآن حان الوقت لأعلم من "قمر" تلك وكيف تعرفت عليها
ألقي "فادي" بسلسلة مفاتيحه علي الطاولة قائلاً بنبرة إرهاق:أبي!!صدقني أنا فعلاً متعب وأحتاج لراحة
اشتدت علامات الغضب علي ملامح "حمدي" الذي قال بنبرة غضب مرتفعة:كيف تريد أن تنعم بالراحة بعدما ما قولته ؟!!
مرر "فادي" أصابعه بين خصلات شعره بلامبالاة تخفي ثورة الغضب التي تشتعل داخل كيانه ليقول بنبرة هدوء:أبي؟!أخبرتك أنني متعب وأنت تعلم أن لدي مأمورية سفر مع وفد سياحي غداً لذلك لنؤجل المناقشة تلك لاحقاً
زادت لامبالاة "فادي" غضب والده أضعاف مضاعفة ليصيح بنبرة غضب ممزوجة بلا وعي:أتدري إن كانت والدتك مازالت علي قيد الحياة ستوافق علي ذاك الجنون الذي تريد فعله؟! أتظن أنها ستكون موافقة علي زواجك من..
سرعان ما استدرك "حمدي" ما سيقوله لينقطع عن الحديث في آخر لحظة لترتفع نبرة "فادي" تدريجياً قائلاً:أمي؟! الآن تسأل عن راحة أمي؟! هل أحببتها لتخاف عليها أم إنها كانت مجرد موظفة تقوم بتلبية طلباتك وتحضر لك الطفل الذي تريده
علي قدر ما كانت كلمات "فادي" غاضبة و واقعية علي قدر ما أشعلت الخوف في أوصال "حمدي" من معرفة ابنه بما حدث في الماضي ليقول بنبرة غضب ممزوجة بقلق:ما هذا الجنون الذي تقوله يا "فادي"؟!انظر لمن تتحدث أنا لست بزميل لك
قبض "فادي" علي كفيه بغضب قارب علي الفتك بكيانه ليقول بنبرة ألم ممزوجة بغضب:أتدري ما الجنون الحقيقي؟!هو موافقة أمي علي الزواج منك
أكمل "فادي" حديثه بصيحة ألم مرتفعة:الجنون الحقيقي أن تدعي حب أمرآة من أجل طفل
ما إن أنهي "فادي" حديثه حتى دلف إلي حجرته بأقصى سرعة لديه دون منح "حمدي" أية فرصة لاستكمال حديثهم..
خلع "فادي" معطفه بقوة قاربت علي تمزيقه ليتجه مسرعاً إلي دورة المياه ليدفن رأسه تحت قطرات المياه الباردة التي باتت تندفع بقوة لتخفيف حدة غليان رأس "فادي" المشتعل غضباً..
تعالت صيحات "حمدي" وحاول جاهداً الدخول إلي الحجرة ولكن بلا فائدة ليتجه إلي حجرته وكلمات ابنه مازال صدها يتراقص في عقله ليثبت أركان الخوف الممزوج بالقلق في أوصاله من معرفة ابنه بخبايا حاول كثيراً إخفائها..
أما عن "فادي" فبعد أن تلقي دفعة كافية من المياه الباردة التي قللت من حدة غضبه رفع عينيه ببطء إلي المرآة لترتسم ابتسامة باهتة علي ملامحه ليحرك شفتيه المرتعشتين قائلاً:ليتك كنتي معي يا أمي..ليتك تأتي وتسلبني من ذاك العالم..ليتني أحظي بضمة واحدة منك
...
مرت أربعة أشهر أخرى علي أبطالنا كان فيها الحال كالتالي..
علاقة "حمدي" ب"فادي" باتت متوترة إلي أبعد الحدود وبدأت المناوشات بينهما تزداد بصورة ملحوظة..حاول فيها "فادي" بكل ما به من قدرة علي إنهاء تلك الخلافات ريثما يتأكد مما لديه من معلومات بينما "حمدي" لم يهتم لسماع أية كلمات من "فادي" بقدر اهتمامه بإنهاء فكرة الزواج من فتاة نوبية حتى ولو كانت دعابة من "فادي"..
ليرتدي "حمدي" عباءة كثير من الأهل في أيامنا تلك...ليسيطر شعور غضبه علي شعوره عشقه إلي ابنه وتتحكم فكرة "أنه مازال طفلاً غير واعي علي اتخاذ قرار" من أوصاله..
لتضيف علاقته المتوترة بابنه أوجاع أخرى في كيان ابنه الذي يحاول الصمود أمام الأوجاع التي يتلقها ممن يحيطون به..
أما عن حياة "فادي" الروتينية بات معتاد عليها كما اعتاد علي مناقشاته الحادة مع والده..فبات الآن معتاد علي العمل لساعات وساعات دون أن يمهل عقله الراحة فسرعان ما ينتهي العمل إما يجلس مع صديقه أو يتابع مع "وائل و بسام" آخر مستجدات المعلومات..ومن ثم يتجه إلي "الشيخ راضي" الذي بات جرعة المسكن لآلام "فادي" بحديثه العقلاني والمطمئن له..
ومن ثم يعود إلي حجرته ليبدأ عقله في استرجاع كل ذكري وجع..غضب..حزن..فرحة ..أمام عينيه..
ولكن!! يبقي المتعجرف كما هو..يبقي بقوته صامد أمام صدمات تلك الحياة التي تريد الفتك به ولكن درع التعجرف الممزوج بالقوة والإيمان قضي علي محاولات الحياة لتحطيمه..
أما عن "ياسر" و"مريم" فقد انشغلوا في تلك الأيام باستقبال ابنتهم الأولي وتجهيز كل المتطلبات لاستقبال تلك الطفلة التي سرقت قلوبهم من قبل أن تري نور ذاك العالم..
ليتمكن شعور الحنين لتلك الطفلة فور رؤيتهم لها عبر جهاز السونار..
أما عن "بسام" و"أسماء" فكان ذاك الثنائي هو الأكثر حظاً باللقاء خصيصاً بعد أن كلف "محب" "بسام" بإنهاء بعد الترتيبات في القاهرة وبذلك بات لقائهم يدوم أكثر وبات إصرارهم علي إنهاء تلك المهمة للزواج أكبر..
فهنيئاً لرائد الداخلية الأمهر بإحكامه القبض علي قلب رائدة الداخلية الأذكي ليصدر الحكم علي علاقتهم بالبقاء سوياً مدي الحياة...
أما عن تجارة "محب" بالمخدرات والسلاح وما إلي ذلك..ففي تلك الأيام ألغي نهائياً أية صفقات أو تسليم بضاعة خوفاً من أن تتربص له الداخلية كما في السابق ليلجأ إلي الاهتمام بتجارته العادية ريثما يجد الخائن من رجاله..
وأما عن علاقته ب"قمر" ازدادت سوءً عما سبق..فبات يلعنها كلما رآها أو يتحجج بأن الطعام غير ناضج ليسدد لها دفعة من الصفعات في محاولة منه لإخضاعها...
فذاك المعتوه مازال يظن أنه سيفوز بلحظة معها بالقوة ليضع ضمامة أمام عينيه حتى لا يري أنها لن تسلم له جسدها طالما قلبها لآخر..
أما عن "قمر" فتحولت الآن إلي هيكل عظمي يتغذي علي بضع لقيمات ريثما يعود "فادي" لاقتلاعها مما هي فيه..تحولت نظرة عينيها الساحرة إلي حزن يكسو ملامحها قبل عينيها وتتحول نبرتها المرحة إلي نبرة هي أشبه بالعويل..بينما ظل عندها وإصرارها وقوتها الممزوجين بإيمانها هو ما ثابت فيها بل وزاد لأضعاف الضعف أيضاً..
لتبقي تلك العنيدة كما هي تتصدي لما تلاقه من آلام بدرع القوة الممزوجة بالإيمان..
أما عن "منير" و"ناهد" فوصلت العلاقة بينهم في تلك الأشهر إلي قمة الجفاء والجمود وبالرغم من محاولات "منير" لاستعادة زوجته كسابق عهدها..كانت جفاء "ناهد" هو المتحكم الأول بها لترفض العودة له قبل عودة ابنتها إلي أحضانها..
وبالرغم من مقابلات "إسراء" الدائمة ل"محب" فور وصوله إلي الأقصر لكي تلبي رغبات ذاك المعتوه كانت علاقتها تقوي أكثر ب"هاني" في محاولة منها لمعرفة مكان ذاك المخبأ والمقابل كلمة دلال من شفتيها أو قٌبلة مسروقة في سيارة "هاني" الخاصة ..
بينما لم يستطع "فادي" و"إسراء" إعطاء "هاني" ذاك الترياق ليخبرهم بمكان المخبأ لما قاله صديق "فادي" الأمريكي الصانع لذاك الترياق بأنه إذا تم إعطاء جرعة أخرى إلا في الوقت الذي سيحدده ستكون مجازفة بحياة "هاني"..
....
أشرقت صباح يوم جديد تحمل في أشعتها الذهبية التي تتراقص أمام أعين أبطالنا أن ذاك اليوم لن يمر مر الكرام نهائياً..
فبالنسبة ل"فادي" فبمجرد أن أنهي دوام عمله..اتجه إلي منزله ليحظي بقيلولة لما بداخله من آلام وإرهاق ولكن سرعان ما تفاجئ "فادي" بنبرة والده الحادة تستقبله فور وصوله إلي المنزل...
فبمجرد أن فتح "فادي" باب المنزل ارتفعت نبرة "حمدي" بضجر ممزوج بغضب:وما نهاية كل هذا يا فندم؟! أربعة أشهر كاملة وأنت دائماً ما تنهي نقاشنا بردودك الباردة
أغلق "فادي" باب المنزل بضيق ليضع حقيبته علي الطاولة قائلاً بنبرة إرهاق:ماذا هناك يا أبي؟! أنا حقاً متعب
لم يبالي "حمدي" للإرهاق الواضح علي عينيه ابنه بقدر اهتمامه بإنهاء تلك المسألة اليوم ليقول بنبرة غضب:هو سؤال واحد فقط ومن ثم سأتركك؟!
أكمل "حمدي" حديثه وهو يقف مباشرة أمام ابنه قائلاً بنبرة غضب متسائلة:من "قمر منير" تلك؟! و إياك أن تقول لي أنني سأعلم عندما يأتي الأوان لأن ذاك هو الموعد لمعرفة من تلك..




#نورهان_حسنى



التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 07-10-16 الساعة 11:03 PM
لامارا غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 07-10-16, 10:52 PM   #23

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



الفصل الحادي والعشرون


تنهيدة تردد طويلة نبعت من رئتي "فادي" الذي بات يشعر بضربات قلبه تتسارع بغضب ممزوج بإصرار ليغلق "فادي" جفونه لثواني معدودة ومن ثم يفتحها وعلامات الثقة الممزوجة بالبرود تشق الطريق إلي عينيه ليقول بنبرة غضب مكتوم:"قمر منير" هي فتاة أنوبية و وحدها من استطاعت إيقاعي بحبها
حرك "فادي" رأسه يميناً قليلاً ليقول بصيحة غضب عالية:هي ابنة صديق عمرك السابق وعمتها تكون زوجتك الأولي
اتسعت عيني "حمدي" صدمة ممزوجة بعدم تصديق ليشعر بأن أنامله ستتجمد فجأة من ذاك الغضب النابع من عيني "فادي" المصوبة له بتحدي..
طالما حاول "حمدي" جاهدً منع ذكريات الماضي من الوصول إلي ابنه خوفاً من تلك المواجهة..طالما حاول جعل قلب ابنه بارد لا يتأثر بما يدور من حوله من أجل تلك اللحظة ولكنه بات يعرف الآن أن محاولاته الآن كانت نتائجها الفشل تماماً لما يراه من غضب في عيني "فادي"..
أما عن "فادي" فقد حاول بكل الطرق الممكنة التقليل من حدة غضبه ليغلق عينيه لثواني ومن ثم يفتحها بنظرة ضجر ممزوجة باشمئزاز قائلاً:كيف!!كيف استطعت سنين عمرك تمثيل دور الأب الذي تخلي عن شبابه من أجل تربية ابنه وأنت تفعل ذلك كله من أجل زوجتك الأولي؟! كيف أوهمتني بأن والدتي ماتت فجأة وأنت تعلم جيداً أنها قتلت غدر بسببك أنت وبسبب ما فعلته
ضرب "فادي" مقعد خشبي بقدمه ليصيح بنبرة غضب بات يتحكم من أوصاله:أليست هذه الحقيقة ألم تتزوج أمي لكي تنجب لك ولزوجتك الأولي ابناً فقط؟! أليست الحقيقة أنك تزوجت شقيقة صديق عمرك الذي بات يكرهك منذ وفاة شقيقته؟! أليست الحقيقة أن أمي قتلت بسببك أنت؟!
بقدر ما كانت صدمة "حمدي" من حديث ابنه بقدر ما كان يشعر بالعجز عن الرد ولكن سرعان ما تحامل عن صدمته ليلملم شتات نفسه فقط ليقول بنبرة تشتت ممزوجة بلا وعي:اسمعني فقط يا "فادي" اسمع
لم يتلقي "حمدي" أية إجابة من ابنه الذي يقف أمامه وعينيه تشع غضباً ليقول "حمدي" بنبرة توضيح وهو يجلس علي مقعد خشبي:"منير" نعم كان صديق عمري ونشبت علاقة حب بيني وبين شقيقته "قمر" و سرعان ما تم الزفاف بيننا ولكن حال "منير" تبدل نهائياً معي فقد ظن أنني أسلب شقيقته منه ولكن بعد مرور ثلاث سنوات من زواجنا لم يحدث حمل نهائياً ولكن وصلت لي مأمورية عمل في أمريكا لذلك اصطحبت "قمر" معي وبمجرد عودتنا إلي القاهرة طلبت مني الزواج بأخرى لكي تنجب لي الطفل الذي أتمناه
ارتسمت ابتسامة سخرية علي ملامح "فادي" ليحرك شفتيه بضجر قائلاً:كم أقشعر جسدي من التضحية!!
مسح "حمدي" علي جبينه بألم بدأ يجتاح أوصاله لاستعادته ذكريات الماضي ليكمل حديثه قائلاً:وكانت لدي زميلة في العمل كانت يتيمة لا أخوة لها ولا أعمام ليس لديها سوي خال هو من كان مسئول عنها ولذلك تقدمت إلي خطبتها و وافقت وتزوجنا سريعاً بدون إعداد زفاف أو ما شابه ولأنه لم يكن لدي المال الذي يكفي لشراء منزل آخر سكنت زوجتي الثانية مع الأولي وفي تلك الفترة بدأت المناقشات الحادة تزداد بيني وبين "منير" لأنه بات يراني لا أستحق شقيقته وما إلي ذلك وطالما طلب من "قمر" أن تطلب الطلاق مني ولكنها رفضت تماماً
ابتلع "حمدي" ريقه بصعوبة ممزوجة بقلق من رد فعل "فادي" عما سيقوله ليقول بنبرة ألم ممزوجة بحزن:ومن كل ذلك كانت "نسمة" والدتك هي الأكثر تعرضاُ للظلم مني فبالرغم من أنها حاولت جاهدة إرضائي بكل السبل إلا أنني وبعد أسبوع من الزواج صرت أبات في حجرة "قمر" و في الأسبوع أظل عندها مرة واحدة وبالرغم من ذلك لم تبدي ضجر أو حزن بالعكس كانت تتألق في تلك الليلة التي آتي لزيارتها إلا أن زفت لي خبر حملها وهي عائدة من العمل وبقدر فرحتي بذاك الخبر رأيت لمعة حزن في عيني "قمر" لأقرر قضاء تلك الليلة معها أيضاً وفي تلك اللحظة رأيت نظرة انكسار في عيني "نسمة" لن أنساها طالما حييت
التفت "حمدي" بنظرة إلي حجرته الخاصة ليقول بنبرة أوشكت علي البكاء:ولكن بالرغم من ذلك عندما عدت لها في الليلة التالية رأيت في عينيها لمعة فرحة لطفل رأي والده ومن ذاك اليوم بدأت في رعايتها إلي حد ما نظراً لأنها توقفت علي العمل بسبب آلام الحمل وفي تلك الفترة نشبت الصداقة بينها هي و"قمر"ولكن معا تمام شهرها الخامس من حملك
توقف "حمدي" عن الكلام لثواني ليتيح الفرصة لدموعه الدافئة بالهبوط ليكمل حديثه قائلاً:في ليلة ما اشتد الألم ب"قمر" ولم نكن نعلم ما السبب ودام الحال لأسبوع فقط و"قمر" رافضة الذهاب لأية طبيب مهما حاولنا وبالرغم من غضب والدها عليها بسبب ذلك لم توافق أيضاً ومن كل ذلك كان "منير" يسدد لي الكلمات القاتلة كلما رآني وهو يتهمني بأنني السبب فيما حدث لأخته إلي أن توفت "قمر" ورحلت روحها إلي خالقها ومعها رحلت كل ملامح السعادة في عالمي..مكثت شهور بمفردي في حجرتها رافضاً الحديث مع "نسمة" وغير مهتم بآلام حملها الذي قاربت علي الفتك بها بينما لحق والد "قمر" بها سريعاً لتنشب الخصومة بيني وبين "منير" الذي اتهمني بأنني من سلبته شقيقته و والده وبينما أنا جالس في حجرة "قمر" في ليلة ما سمعت صراخ والدتك معلنة بداية علامات الولادة
كفكف "حمدي" دموعه وهو يقول بنبرة فرحة يكسوها ألم:في تلك الليلة رزقني الله بك..كنت نسخة مصغرة من "نسمة" في كل شئ وكانت فرحتها بك لا توصف كانت تخشي عليك من أن أحملك حتى وإن مرضت في يوم كانت لا تتوقف عن لوم نفسها أنها من قصرت بحقك وكانت تجلس بالساعات تتأملك وأنت نائم وفي تلك الفترة انقطعت تماماً عني وبات حديثها معي نادراً
أكمل "حمدي" حديثه بتنهيدة ألم قائلاً:وعندما حاولت فهم ما يجري من أمور انهارت "نسمة" كلياً أمامي وباتت تبوح بما فعلته تجاهها من لامبالاة وجمود منذ زواجنا وإلي ما شابه ذلك..وللأسف كان لديها الحق في كل ما قالته ولكنني لم أستطع تعويضها فسرعان ما قتلت "نسمة" في الليلة التابعة لتلك الليلة
انقطع "حمدي" عن الحديث ليرتفع صوت نحيبه عالياً كأنه طفل يبحث عن ذراعي والدته لتلتقطه من ذاك العالم..
ارتفعت أصوات بكائه ومعها قفزت ذكرياته القليلة جداً مع "نسمة" أمام عينيه ليقول بنبرة ألم:تركتني بمفردي قبل أن تمنحني الفرصة لتصليح أخطائي ولكن "منير" هو السبب في فقداني لها هو خطط لكل هذا
التفت "حمدي" بعينيه إلي "فادي" ليجده يقف كما هو كأنه متجمد لتتسع عيني "حمدي" صدمة لرؤية دموع لؤلؤية تدحرج في عيني "فادي" ليقول بنبرة ذهول ممزوجة بألم: "فادي" دعني أكمل حديثي
لحظات الألم تلك التي مرت علي "حمدي" وهو يستعيد ذكرياته لا تضاهي إحساس "فادي" في تلك اللحظات..
ذاك الألم الذي كان في قلب"حمدي" لا يصل إلي 1% مما تفجر في كيان "فادي" ...
"فادي" الذي ظل ثابت مكانه يستمع إلي حديث والده وهو يتصوره أمام عينيه..يتصور كل لحظة ألم عانتها والدته..يتصور كم ليلة باتت ودمعتها تزين وسادتها..يتصور كم مرة تألمت ولم تجد أحد يخفف عنها تلك الآلام ..
يتصور كم مرة كانت تشعر بالخوف ولم تجد من يطمئنها..
رفع "فادي" عينيه إلي "حمدي" بإحساس من الغضب الممزوج بالكره والاشمئزاز ليصيح به قائلاً:لا أريد سماع شئ كفي كفي...حق أمي لن أتركه لن أتركه وإن كان من والد الفتاة التي أحببتها ومن اليوم أنسي نهائياً أن لديك ابن اسمه "فادي"
قفز "حمدي" من موضعه بصدمة ممزوجة بخوف ليهرول خلف "فادي" الذي اتجه إلي حجرته قائلاً:
ستسمعني.."منير" هو من طلب من "معاطي" قتل والدتك للانتقام مني واستأجر "معاطي" لأنه كان يريد الزواج من "قمر" في البداية ولكن والدها رفض ولذلك كرهني "معاطي" وكان يريد الانتقام مني
لم يكن حديث "حمدي" مهمً لدي "فادي" الذي بات يجوب في حجرته يميناً ويساراً وهو يلقي بمتعلقاته في حقائب وهو لا يري أمام عينيه ابتسامة والدته التي لم يراها إلا في الصور..
محاولات مستميتة من "حمدي" لجعل "فادي" يستمع له ولكن بدون فائدة..
فكيف لابن أن يستمع إلي من جعل والدته تتألم؟!
أغلق "فادي" حقيبته الثانية ليصيح بنبرة غضب قاربت علي الفتك بكل ما بالحجرة قائلاً:كفي !!
ارتعد قلب "حمدي" قلقاً من صيحة ابنه تلك التي قاربت علي الفتك بكيان ابنه الذي يشتعل غضباً ليقول "حمدي" بنبرة طلب:لا تتركني يا "فادي" لا تتركني أنت ما يتبقي لي من "نسمة"
حمل "فادي" حقيبتيه ليدلف خارج الحجرة ويرفع حقيبة عمله علي كتفه دون المبالاة ل"حمدي" الذي يترجاه في المكوث معه ليقف "فادي" أمام باب المنزل قائلاً بنبرة قوة:لا مكان لي في منزل كانت تتألم أمي من مالكه
ما إن أنهي "فادي" حديثه حتى دلف خارج المنزل دون المبالاة لدموع "حمدي" التي تسيل علي خديه ولا لنبرته الطامعة في مكوث "فادي" معه ...
أما عن "فادي" فقد تحامل علي عينيه وآلام إلي أن وقفت سيارة الأجرة أمام فندق سكني ليطلب "فادي" حجرة خاصة به ومن ثم وبمجرد دخوله إليها وإغلاق بابها حتى هوت قدماه أرضاً ليسقط "فادي" أرضاً وتسقط معها قوته وتعجرفه وبروده وللامبالاته ويحل محلها آلامه وأوجاعه لترتفع صيحة المتألمة وهو يصرخ بتوجع قائلاً:أمي
كرر "فادي" النداء علي والدته وهو يدفن وجهه بين كفيه المبتلين من دموعه التي تسيل كسيول الشتاء القارص..
ولأول مرة يتمكن شعور اليتم من أوصال "فادي" لتظل صيحته بوالدته ما يردده ثغره..
لتهبط دموع مدفونة في عيني من سنين ذاك المتعجرف ...
...
مهما بعدت المسافات يظل قلب العاشقة يشعر بما يقابل عاشقها من ألم كان أو فرح...
ذاك ما حدث تماماً مع "قمر" التي كانت جالسة أمام التلفاز وسرعان ما شعرت بغصة ألم تجتاح ضربات قلبها تنذرها بأن "فادي" ليس علي ما يرام..تنذرها بأن "فادي" يتألم...
ارتعد جسد "قمر" برجفة خوف لتتحرك شفاه "قمر" مرتعشة قائلة: "فادي"
كانت نبرة "قمر" كافية تماماً ل"محب" الذي سمعها بمجرد دخوله إلي الحجرة فسرعان ما ارتسمت معالم الغضب علي وجهه ليتجه إلي "قمر" التي ترتعش خوفاً مرددة اسم "فادي" ليحكم "محب" القبضة علي رقبتها وهو يصيح بغضب قائلاً: إن كررتي ما تفوهتي به مرة مرة سأقتلك
لم تبالي "قمر" ما ستتعرض له بقدر اهتمامها بالاطمئنان علي "فادي"..
لأن أي ألم ستتعرض له لن يضاهي ألم قلبها القلق علي مصدر قوتها..
لذلك لم تبالي "قمر" كثيراً وإنما شعرت بأن ألم قلبها بدأ يتحكم من زمام الأمور لتسيل دمعة لؤلؤية علي خديها قائلة بنبرة قاربت علي الاختناق:أرجوك أريد أن اطمئن عليه أرجوك
بقدر ما كان غضب "محب" بقدر ما كانت قوته الجسدية ليرفع "قمر" من رقبتها ومن ثم يهوي بها أرضاً لتصرخ "قمر" من ذاك الألم الذي قارب علي الفتك بفقرات ظهرها..
ليتحول ذاك المعتوه إلي وحش ينقض علي فريسته مدمراً إياها ليبدأ "محب" في تسديد دفعات نارية من الصفعات في كل جزء من كيان "قمر" الذي يصرخ تألماً علي "فادي" وآلامه التي تشعر بها..
أما عن "محب" الذي تحول كلياً إلي شيطان يريد التخلص من روح "قمر" تلك التي باتت متمسكة ب"فادي" بالرغم مما تتعرض له يومياَ..
بدأت جروح "قمر" تنزف دماً بينما "محب" غير مبالي لها بقدر مبالاته بتلقينها درساً لعدم نطق اسم "فادي" مرة أخرى ليزداد من حرارة صفعاته كلما تذكر رفضه التام لها ..
رفع "محب" رأس "قمر" بحجابها بقبضة يده ليصرخ بها قائلاً بنبرة غضب:أنتي ملك لي أنا أنتي زوجتي أنا والآن سأخذ حقوقي منك كأي زوج
جملة نارية انطلقت من شفاه "محب" الذي أسقط "قمر" أرضاً وهو يخلع عنه ملابسه وبقدر ما كانت جملته تهدد "قمر" بقدر ما استمدت منها "قمر" قوتها لتعيد لملمت شتات نفسها من جديد لتحاول الوقوف علي قدمها من جديد ليفاجئها "محب" بلكمة قوية في معدتها صرخت "قمر" علي إثرها صرخة ارتعد لها أركان المنزل..
ليبدأ "محب" في تسديد دفعة أخري من اللكمات الموجهة لمعدتها وبالرغم من ارتفاع صرخات "قمر" لم يبالي "محب" نهائياً فنظرة عينيه النارية وملامحه وجهه التي قاربت علي الاشتعال من الغضب أعمت أذنه عن سماع طرقات بعض الجيران علي المنزل..
قرابة الخمس دقائق مرت وطرقات الجيران تزداد علي باب المنزل وصيحات الغضب من "محب" تشحنه لتسديد لكمات أقوي ل"قمر" ليصاب "محب" بالعمي عن رؤية الدماء تسيل من كيان "قمر" بأجمعه ليلتقط بيده زهرية ورد ويهوي بها علي رأس "قمر" التي أطلقت صيحتها الأخيرة..
انقطعت صرخات "قمر" المستنجدة نهائياً وسيطر الذهول علي ملامح "محب" وهو يشعر بدماء "قمر" تشق الطريق إلي الأرض من حوله وبدون أية مقدمات دفع الجيران باب المنزل متجهين بخوف إلي حجرة التلفاز ليجدوا "محب" محاط بدماء "قمر" الساقط جسدها علي الأرض ورأسها المغطي بحطام الزهرية والدماء..
ليشهد الجميع علي بشاعة ما تعرضت له "قمر" ليشهد الجميع علي أن دمائها سالت علي يد من صافحت يد والدها واعدة إياه بالمحافظة عليها..
و ها هو الآن يقف ودمائها تحوم من حوله كأنها تعقد له محاكمة عاجلة أساسها الانتقام وليس العدل..
لأنه إن كان هناك وجود للعدل ما سالت دماء فتاة لأنها رفضت الخضوع لتقاليد مجتمع عقيم..
....
ألقي "ياسر" بهاتفه المحمول علي الطاولة المقابلة له وعلامات الضيق الممزوج بالقلق ترتسم علي شفاهه لتدلف "مريم" إلي الحجرة وعلامات الإرهاق تكسو ملامح وجهها بينما معدتها الكروية تسبقها بمسافة سنتيمترات تزف نبأ قدومها ل"ياسر" الذي رغماً عنه ارتسمت ابتسامة خافتة علي ملامح وهو يري زوجته باتت أشبه بالكرة بمعدتها المنتفخة تلك..
اكتست ملامح "مريم" بحزن طفولي وهي تجلس بجوار "ياسر" قائلة بنبرة طفولية:أتبتسم سخرية علي كرتي تلك!! أليست تلك الكرة تحمل ابنتك !!
وبلا تخطيط من "مريم" استطاعت محو وساوس "ياسر" القلقة ليُصدر قهقهة خفيفة وهو يحيط بكتفها بذراعه قائلاً بنبرة مزاح:أنا لا أسخر من تلك الكرة أبداً يا حبيبتي ولكن أعذريني فكيف لي لا ابتسم علي قصر قامة ممزوج بانتفاخ كروي في منتصفها ؟!
ابتسامة خافتة ارتسمت علي ملامح "مريم" التي سارعت بوكز "ياسر" في كتفه بدلال لتكمل حديثها بنبرتها الطفولية تلك قائلة:حقاً!!حسناً حسناً عندما تأتي ابنتنا سأخبرها أن أباها كان يكون عنها كرة
امتزجت ضحكات "ياسر" الصاخبة بضحكات "مريم" التي سرعان ما التقطت هاتفها لتصوير بعض لحظاتها الممتعة مع "ياسر" علي طريقة الصور "السيلفي"..
ترك "ياسر" زوجته للاستكمال جلسة التصوير الجنونية تلك ليتجه إلي المطبخ لإعداد كوب شاي له..
ثواني معدودة مرت بهدوء علي "ياسر" ليقطعها صرخة "مريم" باسمه ليهرول "ياسر" إليها..
دلف "ياسر" إلي الحجرة ليري مياه حول "مريم" التي باتت أصوات صرخاتها تزداد في الثانية الواحدة..
لا يعلم "ياسر" من كيف استطاع الوصول إلي حجرتهم ليحضر لها إسدالها ومن ثم اتجه لحملها بين ذراعيه منطلقاً بها إلي المستشفي..
لحظات جنونية مرت علي "ياسر" في سيارته كان سيلقي فيهم حوادث لا حصر لها بسبب قلقه الممزوج بخوفه من صرخات "مريم" ومن أن تلد بدايات شهرها التاسع..
ولكن بالرغم من القلق الذي سيطر علي أوصاله كانت ضربات قلبه تعزف لحن سعادة لأن شوقه المدفون بين ضلوعه منذ شهور سينتهي وسيحمل ابنته بين ذراعيه..
ساعتين بالتمام مروا علي "ياسر" الواقف في بداية رواق حجرة الولادة بجبينه الذي باتت مساحته غير كافية لاستيعاب قطرات العرق تلك بينما أهل "مريم" و"ياسر" انضموا إليه بمجرد أن دلفت "مريم" إلي حجرة الولادة لتسود علامات التوتر علي أجواء ذاك الرواق..
دلفت الطبيبة خارج الحجرة وابتسامة هادئة ترتسم علي شفتيها لتزف خبر ولادة "مريم" لابنتها الأولي علي خير..
ليفوز "ياسر" بلقب "أبو تميمة " بينما "تميمة" تلك الطفلة التي لم يتعدي طولها طول يد "ياسر" فازت بقلب "ياسر" بمجرد أن حملها بين ذراعيه..ليتطاير عقله فرحاً لحمله لجزء منه ومن حبيبة عمره..
...
في المستشفي السابقة كانت أجواء السعادة تسيطر علي قلوب الجميع قبل ملامحهم..ولكن إذا دققنا النظر في تلك المستشفي في صعيد مصر..
نجد ملامح ذهول ممزوج بقلق ترتسم علي وجه "محب" الجالس علي أحد مقاعد المستشفي أمام حجرة العمليات.
يجلس بمفرده مسنداً رأسه إلي الخلف بعد أن استولي غضبه علي عقله ليصرخ في جيرانه من أهل القرية ليمنع أي فرد منهم من المكوث معه في المستشفي..
ليبدأ "محب" في إيجاد مبررات يعرضها أمام الجميع لفعلته المشينة تلك لترتسم ابتسامة خبث علي ثغر مصحوبة بتنهيدة اللامبالاة الخاصة به دون التفكير ولو لثواني في فتاة بين الحياة والموت بسببه..
لتبقي أفكاره الشيطانية هي المسيطرة علي عقل شخص لا يكترث إلا للمال..
لتأتيه نبرة "منير" الغاضبة لتقتلعه من تفكيره تلك وهو يصيح به قائلاً:أنت يا معتوه تفعل ذلك بابنتي؟! أنت تضربها بيدك تلك
قام "محب" من موضعه بملل وهو يدفن عود تبغه بين شفاهه لينطلق منها دخان يتراقص حول "محب" الذي قال بنبرة شيطانيه ممزوجة بسخرية:ألم تزوجها لي بتلك الطريقة؟! ألم تلقنها "علقة موت"!! تأتي لي الآن لتحاسبني علي كيفية صفعي لابنتك التي ألقيت بها تحت قدمي !! أتطلب مني المحافظة علي ابنتك التي لم تحافظ أنت عليها؟!
بالرغم من السخرية الواضحة في حديث "محب" إلا وكان حديثه هو الحقيقة..
الحقيقة التي حاول "منير" إخفائها مراراً وتكراراً..الحقيقة بأنه السبب فيما حدث لتلك الفتاة القاطنة بحجرة عمليات بسبب ضرب تلقته من رجل أجبرت علي الزواج به بسبب أب لم يأبي لها بقدر اهتمامه بتنفيذ معتقداته العقيمة..
نبرة أشبه بالعويل انطلقت من شفاه "ناهد" التي حركت شفاهها المرتعشة قلق قائلة:لا وقت للعراك الآن..أنا أريد ابنتي..أين هي؟! ماذا فعلت بها؟!
بمجرد أن أنهت "ناهد" حديثها حتى دلف الطبيب خارج الحجرة وعلامات الحزن الممزوج بالذهول تكسو وجهه ليقول بنبرة تساؤل مرهقة:أين أهل تلك الفتاة؟!
وكأن حديث ذاك الطبيب ما كان إلا صدمة خوف كهربية صوبت إلي قلب والدي "قمر" لتمنحه "ناهد" الإجابة سريعة:أنا والدتها ..ماذا حدث لابنتي؟!
نظرات صوبت من الطبيب تجاه "منير" الذي بات يفهم أن تلك النظرات ما هي نظرات احتقار من رجل متعجب من أب يلقي بابنته بين ذراعي الشيطان لرجل فاز بلقب أب دفن براءة ابنته بإجبارها علي الزواج..
نبرة توضيح ممزوجة بحزن نبعت من شفاه "الطبيب" الذي قال:من الواضح أنها تعرضت لضرب مبرح وعلي فترات متواصلة لأن جسدها يحتوي علي كدمات من فترة طويلة أما عما حدث فمن الواضح أن جسدها ما عادت لديه القدرة علي تحمل الضرب لذلك أصيب طحالها بالتهتك واضطررنا إلي استئصاله ولحسن حظها أن فصيلة دمها النادرة كانت موجودة في بنك الدم لذلك استطاعنا تعويضه ولكنها الآن في حالة متهالكة بسبب الضربة التي تلقتها علي رأسها لذلك ممنوع عنها أية زيارات ريثما تريد هي
ما إن انهي "الطبيب" حديثه حتى ابتعد عن أنظار الجميع بإشمئزاز بينما ارتفعت يد "منير" لتحكم القبضة علي رقبة "محب" قائلاً بنبرة غضب:ماذا فعلت بابنتي؟! سأقتلك يا "محب" سأقتلك
احتفظ "محب" بنظراته الشيطانية ليخلص رقبته من يد "منير" قائلاً بنبرة سخرية:ابنتك لم تكن عذراء ولي الحق أن ألقن تلك العاهرة درسً
شعور بالعجز سيطر علي أوصال "منير" الذي شعر بشلل يصيب لسانه ويمنعه من الحديث بهيئة توحي بأنه يصدق ما قاله "محب" ولكن سرعان ما فاق من صدمته تلك علي صفعة صوبتها "ناهد" إلي "محب" وهي تقول بنبرة غضب ممزوجة بتوعد:ابنتي أشرف من عائلتك بـأكملها..ما فعلته بها ما كان إلا رد فعل من معتوه مثلك لأنها لم ولن تحبك وبقدر فرحتي بها ليلة إن ولدت إن اقتربت من ابنتي مرة أخرى سألتهم أحشائك
حالة من الصدمة سيطرت علي "منير" قبل "محب" بسبب تلك القوة التي امتلكتها "ناهد" وصوبتها تجاه "محب" دون خوف..
تلك القوة النابعة من قلب أم يتألم لجروح ابنتها..
اشتعل كيان "محب" غضباً ليلقي بعود تبغه تحت قدمه قائلاً بنبرة توعد:لولا أنكي سيدة كبيرة أصابها الجنون بسبب سنها الكبيرة لكنت لقنتك درسً كما لقنت ابنتك التي ستعود خادمة تحت قدمي
ما إن أنهي "محب" حديثه حتى سار خارج المستشفي بسرعة البرق بينما هوت "ناهد" بجسدها علي أحد المقاعد قائلة بنبرة جمود:إن كنت ستصدق حديثه فمن الأحسن أن تذهب لمباشرة أعمالك
...
حل الليل سريعاً علي أبطالنا..
فحال "قمر" كما هو لم تفق بعد من أثر المسكنات التي حقنت في جروحها لتعزلها قليلاً عن ذاك العالم العابث..
أما عن "حمدي" فمازال ماكثاً في حجرته حيث كانت "نسمة" تشاركه به...
بينما كانت "مريم و ياسر" هم الأكثر سعادة من بين الجميع فبحمد الله كانت ولادة "مريم" متيسرة إلي حد ما ولأن حالة الأم والطفلة ممتازة أذنت الطبيبة لهن بالخروج لتنطلق سيارة "ياسر" ب"مريم" إلي منزل والديها..
ولعدم رد "فادي" علي مكالمات صديقه..بعث له "ياسر" نصية مكونة من ثلاث حروف وهي
"شقيقك أصبح أب"
مع دقات الساعة العاشرة مساءً..
تحسست "مريم" بإصبعها بشرة وجه "تميمة" لتحرك شفاهها بنبرة فرحة ممزوجة بعدم تصديق:كم هي جميلة يا "ياسر" !! انظر كيف تحرك جفونها؟!
وقعت عيني "ياسر" علي أصابع ابنته التي تلتف حول إصبعه كأنها تريد إخباره بأنه من اليوم صارت جزء من قلبه..وصار هو مسئول عن حمايتها وإدخال الطمأنينة إلي قلبها..
لترتسم ابتسامة فرحة علي ملامح "ياسر" الذي انخفض بشفتيه ليطبع قٌبلة علي جبين ابنته ومن ثم قال بنبرة مزاح:ولكن هي صغيرة جداً علي حجم الكرة التي كنتي منتفخة بها
قهقهة خافتة نبعت من "مريم" التي تألمت من آثار جرحها قائلة بنبرة عتاب طفولي:حقاً!!أتسمعين يا "تميمة" لحديث والدك..إنه يسخر من ذاك الانتفاخ الكروي حيث كان مسكنك
قهقهة شبه صاخبة نبعت من "ياسر" الذي قال بنبرة مزاح ممزوجة بفرحة:لا تسمعي لها يا ابنتي إنها كرة منتفخة استمعي لي أنا فقط..
قطع ذاك الحديث المرح..صوت طرقات علي باب حجرة "مريم" من والدتها وهي تقول: "فادي" في الخارج يا ابنتي
وضع "ياسر" طفلته في فراشها بينما أسرعت "مريم" بارتداء حجابها ومن ثم دلف "فادي" إلي الحجرة وابتسامة فرحة ترتسم علي ملامحه...
قدم "فادي" هدية الطفلة إلي والدتها والتي كانت عبارة عن قلادة ذهبية وصندوق خشبي باللون البمبي يحوي بعض الملابس والألعاب الصغيرة وما شابه ذلك..
من كل ذاك التمثيل الذي ابتدعه "فادي" كان أدائه ذلك مكشوف أمام صديق عمره الذي شعر برجفة عيني "فادي" الحزينة واللون الأحمر الذي يكسيها ونبرته السعيدة التي تخفي في حقيقتها آلام..
نبرة طلب ممزوجة بفرحة انطلقت من شفاه "فادي" الذي قال:هل لي بحملها؟؟!
اقتلعت نبرة "فادي" الهادئة "ياسر" من شروده ليقول بنبرة موافقة:بالطبع
حمل "ياسر" ابنته بحذر ومن ثم ناولها ل"فادي" الذي التقطها بهدوء ممزوج بفرحة وشفاهه تهمس باسم الله..
تلك الصغيرة التي لم تكمل لتوها ساعات معدودة استطاعت بملامحها أن تقتلع "فادي" من آلامه كلها بل وتبدلها بفرحة لترتسم ابتسامة خافتة علي ملامحه ليقترب من أذن "ياسر" هامساً:سأخبرك بكل شئ ولكن دعنا في تلك الفرحة التي غزت قلوب الجميع
ما يقارب النصف ساعة..قضاها "فادي" وهو يحمل طفلة صديقه وجو من الهدوء النسبي يسود الحجرة إلا أن بدأت "تميمة" في البكاء ليدلف "فادي و ياسر" خارج الحجرة تاركين ل"مريم" الفرصة لإطعام ابنتها..
اتجه "ياسر" بصديقه إلي شرفة المنزل ليجلسوا علي مقاعدها البلاستيكية ليبدأ "فادي" في سرد ما دار بينه وبين والده محتفظاً ببعض تفاصيل حياة والدته إلي نفسه لينهي حديثه قائلاً:لذلك لم أستطع الرد علي مكالماتك لأنني نمت قليلاً بعد جرعة البكاء التي نزفتها
مرر "ياسر" أصابعه بين خصلات شعره بذهول مصحوب بتنهيدة حزن في محاولة لاستيعاب حديث صديقه واستيعاب فكرة أن "فادي" سمح أخيراً لدموعه بالهبوط..
أكمل "فادي" حديثه بنبرة لامبالاة ممزوجة بندم:أتعلم؟!كنت مخطئاً جداً عندما ظننت أن حبس دموعي قوة ولكنني لم أكن أعلم أنها جرعة تشفي آلامك لتساعدك علي تجديد قوتك
نبرة ضجر ممزوجة بألم نبعت من شفاه "ياسر" الذي قال:وهل ستظل في ذاك الفندق؟!
ارتشف "فادي" قليلاً من كوب العصير قائلاً بنبرة لامبالاة:من الواضح أنه سيكون كذلك ريثما أجد حجرة لي وأحادث "بسام" الذي يغلق هاتفه من الصباح
نبرة حزم ممزوجة ببرود نبعت من شفاه "ياسر" الذي قال:أتدري إن علم والدي بأنك تمكث في فندق ماذا سيفعل بك وبي؟!!أتدري؟!!
ارتسمت علامات الضيق علي ملامح "فادي" الذي قال بجدية:ما تفكر به لن يحدث
ارتشف "ياسر" القطرات الأخيرة من مشروبه ليقول بنبرة عند:أنا من الأساس سأذهب معهم ريثما تتعافي "مريم" وأعود إلي منزلي وإلي أن ننهي مسألة "محب" ستمكث في ذاك المنزل حيث كنا نمضي ساعات وساعات
...
عقدت حاجبيها بتعجب لتحرك شفتيها بعدم فهم قائلة:ما تلك الأسطوانة؟!
ارتشف "هاني" القطرات الأولي من كأس الفودكا قائلاً بنبرة مهنئة:ذاك هو الفيلم الذي يهددك به "محب"
خيل ل"إسراء" أن عقلها الباطل هو من صاغ تلك الكلمات لتعيد السؤال علي "هاني" وتتلقي نفس الإجابة لتصوب صدمة فرحة كهربية إلي أوصالها لتتسع عينيها فرحة ممزوجة بذهول قائلة بنبرة عدم تصديق ممزوجة بخوف:أنا حقاً لا أعلم كيف أشكرك!!حقاً لا أستطيع تجميع الكلمات!!ولكن إذا شعر "محب" بضياع تلك الأسطوانة؟!
أشعل "هاني" تبغه بلامبالاة ليحيط دخانه به و ب"إسراء" التي بات يشعر برجفة جسدها ليقول بنبرة ثقة :لن يشعر بغيابه من الأساس لا تقلقي
أعاد "هاني" إطلاق دخان تبغه حول "إسراء" بحركة ماكرة ليقول بنبرة خبث:ألم يحن الوقت الآن لعمل بروفة تمثيلية لذاك الفيلم في الداخل
"تحررني من مخالب معتوه لتضعني بين فكي شيطان" ذاك ما حادثت به "إسراء" نفسها وهي تراقب عيني "هاني" التي باتت تلتقط صورة توضيحية لكل تفصيلة في جسدها لتطلق "إسراء" تنهيدة ضجر ومن ثم ترسم ابتسامة دلال مزيفة لتقول بنبرة أسف ممزوجة بإحراج:أعذرني تلك الأيام فقط يا حبيبي لأن لدي عذر
ارتشف "هاني" قطرات إضافية من الفودكا قائلاً بنبرة فهم مستوعبة:حسناً ليست هناك مشكلة
....
اضطر "فادي" للمكوث في منزل أهل "ياسر" اللذين رحبوا به بأقصى درجة كأنه أحد أطفالهم ولحسن الحظ أن "ياسر" كان بجانب صديقه في المساء عندما علم "فادي" بما فعله "محب" ب"قمر" عن طريق رسالة "بسام" التوضيحية وبأعجوبة استطاع "ياسر" محو فكرة "فادي" الجنونية بالذهاب إلي النوبة..
ليمر يومين علي أبطالنا..
تحادث فيهم "بسام" مع "منير" لمرتين كان الغضب هو السائد فيهم فقد استطاع "بسام" بكلماته القوية تضعيف إحساس الندم في وجدان "منير"
بينما لسوء حظ "إسراء " أنها كانت في إجازة وبذلك لم تستطع مقابلة "فادي" الذي لم يرد نهائياُ علي مكالماتها طيلة اليومين لتبعث له برسالة تشرح فيه ما حدث من "هاني"..
أما عن "محب" فوجد في مكوثه في الأقصر فرصة لتنقية ذهنه لوضع خطة شيطانية ل"قمر"..
"قمر" التي رفضت نهائياً مقابلة أي فرد من أسرتها حتى "بسام" لتطلب منهم فرصة لتركها بمفردة..
فرصة لتلملم شتات نفسها التي بعثرها والدها وذاك المعتوه..
أما عن "فادي" فبالرغم من محاولات "ياسر" لعقد الهدنة في نفسه إلا أنه بات يعبث لإيجاد طريقة يعلم بها مكان ذاك المخبأ وإيجاد طريقة للاطمئنان علي "قمر" ريثما يستطيع "بسام" الجلوس معها بمفرده..


يتبع......
#نورهان_حسنى



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-16, 11:12 PM   #24

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



الفصل الثاني والعشرون


في اليومين الماضيين أبت "قمر" رؤية أحد نهائياً إلي أن تملك منها شعور الاحتياج إلي والدتها و"بسام" لتوافق علي زيارتهم لها دون "منير"..لتمضي معهم ساعتين بهدوء نسبي لم يتخللهم الحديث عما حدث لها من "محب" إلي أن طلبت "قمر" من "بسام" أن يقنع "الطبيب" بأن يكتب لها تصريح خروج من المستشفي..
في بداية الأمر..عمت حالة الرفض القاطع علي تفكير كلا من "ناهد و بسام" إلي أن طلبت "قمر" من والدتها تركها مع "بسام" بمفردها...
أغلقت "ناهد" باب الحجرة ليزفر "بسام" بضيق قائلاُ بنبرة اعتراض:مستحيل يا "قمر" ألا ترين حالتك تلك!!
تنهيدة ألم طويلة أطلقتها "قمر" لترتسم علي ملامحها علامات التحسر الممزوج بلامبالاة:وماذا سيجلب لي جلوسي في المستشفي؟!هل سيحمي جروح باتت تكسو جسدي؟!أم سيمحو من ذاكرتي كل لحظة عشتها مع "محب" من ضرب و اهانة !!
علامات من الحزن الممزوج بالعجز استولي علي كيان "بسام" الذي شعر بأن صمته عن أفعال "منير و محب" ما كانت إلا وقود يزيد من حدة ما يفعلوه ب"قمر" ..
لأول مرة يشعر بأنه عاجز عن حماية شقيقته..
اكتست نبرة "بسام" بالحزن الممزوج بالاعتذار لتتحرك شفاهه قائلاً:أنا آسف يا "قمر" سامحيني..لقد صمت عما يفعله "محب" بك ولم أستطع ردع عماه عندما زوجك إياه أرجوكي سامحيني
ارتسمت ابتسامة باهتة علي ملامح "قمر" التي يكسوها اللون الأزرق من أثر الكدمات لتقول بنبرة حانية:آسف!! أنسيت ما تفعله وتبذله للإيقاع ب "محب"؟! أنسيت كم المخاطرة التي قمت بها في مأمورياتك؟!
تنهيدة شوق أطلقتها "قمر" وهي تعبث بقلادة "فادي" التي تزين رقبتها قائلة:أنسيت ما فعلته ليلة الحنة تلك ؟! أنسيت كم مرة كان عقلي يصاب بالجنون علي "فادي" وكنت تحاول نشر الطمأنينة إليً؟!
تلألأت دمعة دافئة بين جفون "قمر" التي حركت شفاهها بنبرة توشك علي البكاء قائلة:والدي من كان يستخدم ذراعيه لتخفيف آلامي هو من طعنني بسكين باردة ليزرع داخلي أقوي ألم
إذا تألمت الفتاة!! أخفت دموع عينيها عن الجميع بابتسامة خادعة حتى لا يشعر أحد بعجزها..
أما إذا سالت دموع الفتاة علي خديها أمامك فأعلم أنك صرت بين وريدها وشريانها..في تلك اللحظة لا تتحدث بل احتضن يدها بيدك لتخبرها بأنك ستمدها بالقوة التي تحتاجها لإخفاء ذاك الألم الذي حرك دموعها..
و بدون أن يمهل "بسام" عقله مهلة للتفكير تحركت يده تجاه يد "قمر" المرتعشة ليسكنها بين كفيه اللذان يشتعلان ألماً لأوجاعها ليحرك "بسام" شفاهه بنبرة طمأنينة:أنا بجانبك يا "قمر" لا تقلقي وسأحاول إقناع الطبيب بكتابة تصريح للخروج لكي
أكمل "بسام" حديثه وهو يزيد من قبضته علي يد "قمر" قائلاً بنبرة ضيق متسائلة:ولكن!!هل ستمكثين في منزل "منير" بعد كل هذا؟!
ارتسمت ابتسامة لامبالاة علي ملامح "قمر" التي قالت بنبرة ثبات:عندما يكون جرح الفتاة الأعظم بسبب والدها فإنه سيكون سبب كفاية لإصابة قلبها بالبرود وبذلك تستبدل تلك روحها التي مازالت محتفظة بطفولتها إلي روح تجمدت مشاعرها أمام والدها
أكملت "قمر" حديثها بنبرة تساؤل ثابتة:أفهمت الآن ماذا سأشعر به عند ذهابي لذاك المنزل؟!
أومأ "بسام" رأسه بعلامات فهم ليهب من موضعه قائلاً بنبرة عزم:سأبعث لكي بوالدتك ريثما أقنع الطبيب
مرت حوالي نصف ساعة و"بسام" يحاول إقناع "الطبيب" بكتابة تصريح خروج ل"قمر" إلا أن شعر الطبيب بالضجر من كثرة ذاك التصميم علي الخروج ليمضي التصريح محذراً "قمر" من بذل أية مجهود..
ارتجلت "قمر" من سيارة "بسام" لتستند بكفها علي ذراعه لتهمس في أذنه قائلة بطلب:أريد محادثتك بمفردنا غداً
أومأ "بسام" رأسه موافقاً ليحرك شفاهه تجاه أذنها قائلاً:حسناً ولكن ارتاحي الآن
دلفت "قمر" داخل منزل والدها ولكن!! تلك المرة الفتاة التي طالما ارتفعت صيحة ضحكتها في منزل والدها..دلفت وهي مجروحة..متألمة..عينيها التي طالما كانت تشعان حيوية فقدت بريقهما والسبب!! والدها..
لم تبالي "قمر" كثيراً بوالدها الذي يجلس علي مقعد خشبي في بهو المنزل وإنما ألقت عليه السلام سريعاً لتتجه إلي حجرتها بمساعدة والدتها..
ساعدت "ناهد" ابنتها في تبديل ملابسها وإعطائها الدواء لتجلس بجوارها لقراءة بعض آيات القرآن وعينيها تشعان ألم علي ابنتها الوحيدة التي باتت جسد هش تملأه كدمات الضرب...
أما في خارج تلك الحجرة سيطر عليها أجواء الحزن الممزوج بالألم..كانت الأجواء في بهو المنزل مملوء بالعتاب الممزوج بالندم..
فأخيراً شعر الأب بحقيقة ما فعله بابنته عندما دقق النظر في عينيها التي تصرخ به بأنه السبب الأول في كل كدمة لها موضع علي جسدها..
بينما كان ذاك شعور "منير" آتته نبرة "بسام" المستهزئة وهو يقول:أخيراً أيقنت حقيقة ما فعلته ؟! أخيراً لاحظت الكسرة في عيني طفلتك؟! أم إنك تفكر في عقاب جديد لها بعد سماعك لحديث "محب" المدعي عليها
مسح "منير" علي جبينه بحزن يتناسب مع نبرته النادمة ليحرك شفاهه قائلاً:"بسام"!! ليس هذا الوقت لأية حديث أو عتاب أنا متعب
ارتسمت ابتسامة سخرية علي ملامح "بسام" الذي قال بنبرة قوة ممزوجة بغضب:أنت لست بمتعب..أنت مجرم.. أنت المجرم الأول في جريمة في حق ابنتك..أنت من ألقيت بها أمام ذاك المعتوه وطلبت منه تعذيبها..رأيتها مراراَ وتكراراَ تتألم وتكتم صراخها ولكنك لم تبالي نهائياً بأوجاعها بل باليت بإرضاء تفكيرك العقيم
بالرغم من تأكد "منير" بأن حديث "بسام" هو الحقيقة إلا أنه حرك شفاهه بنبرة غضب قائلاً:لا تنسي حالك يا "بسام" وأعلم مع من تتحدث وأعلم أيضاً أنها هي من أخطأت في بداية الأمر
ما إن أنهي "منير" حديثه حتى دلفت "ناهد" خارج الحجرة قائلة بنبرة ضجر:أخفضوا صوتكم هذا ف"قمر" نائمة ولا وقت لسماعها لذاك الحديث
حمل "بسام" سلسلة مفاتيحه ليرفع عينيه بنظرة ثاقبة ممزوجة بنبرة جدية:أنا ذاهب ولكنني سأعود من أجل تلك الفتاة المتهالكة بسببك سأعود من أجل شقيقتي ولكن صدقني يا عماه يا من ربيتني بعد وفاة والدي و والدتي أنك إذ اقتربت ل"قمر" بسوء..صدقني سأزيل ما في رقبتي من عرفان لك من أجلها هي
...
امتزجت دقات الساعة معلنة أنها باتت الثامنة مساءً بصوت جرس الباب ليعقد "صالح \ والد ياسر" حاجبيه بتعجب ليغلق الجريدة التي كانت بيده متجهاً إلي باب المنزل ليجد "فادي" وعلامات الإرهاق واضحة علي ملامحه..
نبرة تعجب ممزوج بقلق نبعت من شفاه "صالح" الذي قال:تفضل يا بني..و لكن أين نسخة مفاتيحك ؟! ألم يمنحك "ياسر" إياها؟!
دلف "فادي" إلي داخل المنزل بإرهاق ممزوج بإحراج ليحرك شفاهه بنبرة نافية:بلا أعطاني إياها ولكنني خجلت من أفتح باب المنزل فجأة كهذا
ارتسمت ابتسامة هادئة علي ملامح "صالح" الذي بيده علي كتف "فادي" قائلاً بنبرة حانية:حسناً يا بني الأهم الآن أن تأخذ حمام دافئ ريثما ينتهي العشاء لأنني أريد الحديث معك قليلاً
أومأ "فادي" رأسه موافقاً ليتجه إلي حجرته المشتركة مع "ياسر"..بينما علي الجانب الآخر..
تحديداً في المطبخ...أنهت "فادية \ والدة ياسر" تقطيع البطاطس إلي حلقات لتحرك شفاهها بنبرة تساؤل:هل عاد "ياسر" بتلك السرعة؟! ألم يقل أنه سيمضي بعض الوقت مع طفلته و زوجته؟!
جلس "صالح" علي مقعد خشبي قائلاً بنبرة توضيح:إنه "فادي" ولكن يبدو عليه الإرهاق
أطلقت "فادية" تنهيدة حزن لتمتزج مع نبرتها التي ظهر عليها الضيق لتقول:لا أعلم ما الذي بدل حال "فادي" بتلك الدرجة لطالما كانت صيحات ضحكاته هو و"ياسر" تيقظ الجيران في كل ليلة يجتمعون فيه
أكملت "فادية" حديثها بنبرة دلال متسائلة:ألم تقل لي ما الذي حدث ليلة البارحة عندما تحدثت معه أنت و "ياسر"
تناول "صالح" قطعة من الطماطم التي تتوسط الطاولة التي يجلس عليها ليقول بنبرة تعجب:ومنذ متى وأنتي تسألين عن حديثي مع "ياسر أو فادي"؟!
وضعت "فادية" الدفعة الأولي من حلقات البطاطس لتقول بنبرة حانية:منذ أن تبدل حال "فادي" أنا وأنت نعلم جيداً مكانة "فادي" في قلب ابنك وفي قلوبنا أيضاً..نحن أنجبنا ثلاثة وليس اثنين وطبيعي أن أشغل بالي عليه
ارتسمت ابتسامة هادئة علي ملامح "صالح" الذي قال بنبرة حزن:أعدي له فقط وبإذن الله سيعود لسابق عهده
بعد ما يقارب الربع ساعة..دلف "فادي" خارجاً من دورة المياه ليتجه إلي حقيبته الموضوعة في أقصى يمين الحجرة ومنها يلتقط ملابسه..وبمجرد أن أنهي "فادي" ارتداء ملابسه حتى ارتفع صدي طرقات هادئة علي باب حجرته..وبالطبع كان الطارق "صالح" الذي قال بنبرة تساؤل:هل لنا بالحديث الآن
أومأ "فادي" رأسه موافقاً ليدلف "صالح" إلي الحجرة مغلقاً بابها..
أسند "صالح" ظهره إلي المقعد الجلدي الموضوع أمام الفراش قائلاً بنبرة هادئة:بالأمس استمعت لك ..الآن حان دورك للاستماع لي
رفع "فادي" نظارته الطبية في مستوي بصره ليقول بنبرة ثابتة:حسناً يا عماه
تنهيدة طويلة مصحوبة بنبرة "صالح" الحكيمة الذي حرك بها شفاهه قائلاً:ألآن إذا اعتبرنا أن "بسام" استطاع تنفيذ ما اتفقتم عليه وأنت استطعت تدبير أمورك..هل ستترك والدك إلي الأبد؟؟!!
عبث "صالح" بالمسبحة التي بيده ليكمل حديثه قائلاً:أنا أعلم جيداً أن هناك تفاصيل أنت محتفظ بها يا بني ولكن إن كان والدك مخطئ في إخفائه لأمر أن والدتك قتلت لن يستحق منك أن تتركه بمفرده وأنت الشخص الوحيد المتبقي له في ذاك العالم..والدك لم يختار ما حدث معه من البداية..لم يختار حبه لشقيقة صديقه ولا لأن الله حرمها من نعمة الأطفال ولا لأنه تزوج والدتك ولا لما حدث لها بعد ذلك
تابع "صالح" رعشة جفون "فادي" لذكره لسيرة والدته ليكمل حديثه قائلاً:من قبل أن يخبرك أباك وأنت تعلم عن ذاك الموضوع ولكن تفاصيله هي التي سببت لك حالتك تلك "التفاصيل دائماً قاتلة يا بني"
أطلق "فادي" تنهيدة ألم ليحرك شفاهه بنبرة إرهاق ممزوجة بحزن ليقول:أتمني العودة بالزمن إلي الوراء لأسأله عما فعله في "منير" ولماذا نشأ كل ذاك الخلاف طالما أن "معاطي" من قتلها!!أتمني فقط أن أعلم ما ذنبها فيما حدث في الماضي ليقتلها "معاطي"!!لماذا هي؟! لما يكون وال..
أبت شفاه "فادي" استكمال الجملة ليطبق علي عينيه بجفونه لثواني لتأتيه نبرة "صالح" يقول:أرأيت يا بني!! أنت لم تكره والدك كما ادعيت ليلة أمس..أنت فقط غاضب و "الغضب في قاموس حياتنا هو عدونا الوحيد"..يا بني امنح لوالدك الفرصة لاستكمال حديثه..امنح نفسك الفرصة لمعرفة جميع جوانب ذاك الماضي قبل أن ترسم مستقبلك
مرر "فادي" أصابعه بين خصلات شعره ليطلق تنهيدة تشتت ليحرك شفاهه بنبرة ألم: و "قمر" !!
ابتلع "صالح" ريقه قائلاً بنبرة هادئة:تلك الفتاة تحملت الكثير لأجلك ولن تهتم لخبايا الماضي وأنت بنفسك صرت تخطط لمستقبلكم سوياً بالرغم من علمك بأنه من الممكن أن يكون لوالدها يد فيما حدث لك.."قمر" تحتاج منك أن تمنح الهدنة لكيانك وتنهي اللمسات الأخيرة في تلك القضية ومن ثم امنح والدك الفرصة ويحق له الاختيار
قام "صالح" من موضعه بهدوء قائلاً بنبرة حانية:امنح عقلك الهدنة قليلاً من حرب الغضب المشتعلة في كيانك.. سأذهب أنا الآن جفف قطرات الماء من علي وجهك واتبعني من أجل الطعام
بمجرد أن أنهي "صالح حديثه حتى دلف خارج الحجرة بينما ألقي "فادي" بجسده علي الفراش ليطلق تنهيدة طويلة ليحادث نفسه قائلاً "سأنهي ما بدأته ومن ثم أتمني حقاً أن أجد الإجابة عن أسئلتي تلك عندك يا أبي"
لحظات معدودة مرت علي "فادي" ليقوم من موضعه بإرهاق ويتجه إلي شرفة الحجرة يتأمل القمر في تمام البدر لترتسم ابتسامة شوق علي شفاهه ليحادث نفسه قائلاً "ثمانية أشهر لم أري فيها قمري أتدري أيها القمر ما سر نظري لك الدائم؟! لأنني أري في شعاعك الضوئي الساطع نظرة عيني معشوقتي التي أعادت إحياء قلبي بابتسامتها التي تفوقك جمال النظر إليك"
ارتفع صوت "صالح" منادياً علي "فادي" ليجذبه من شروده تلك ليغلق "فادي" باب الشرفة مودعاً القمر وهو يحادثه قائلاً "الشهر القادم عندما تتم كالبدر ستكون بجانبي قمري الخاص لتعلم حقاً أن القمر الحقيقي هي وأن الجمال الحقيقي تكمن في النظر إلي عينيها"
...
نادراً ما نجد شخصين متطابقين في أسلوب حياتهم أو في طريقة تصريفهم للأمور..
وليس من الشائع أن نجد شخصين ينتهي بهم التفكير في أمر ما بنفس الفكرة أو القرار..
ولكن!! في الحقيقة أننا إن كنا مختلفين طيلة حياتنا في طريقة تصريفنا للأمور أو أسلوب حياتنا..ستدور عجلة الزمان بنا ولكن نهايتنا ستكون واحدة..
الأمر الوحيد الذي لم يتبدل وسيصيب كل بشري دون الاستئذان أو أخذ موعد هو "الموت"..
تململت "إسراء" في فراشها بضجر إثر ارتفاع نغمة هاتفها المحمول لتبعث بيدها أسفل إلي أن تجده لتفتح المكالمة دون الانتباه لمن المتصل..
حركت شفاهها بنعاس يخفي في طياته راحة مهددة بالفناء لتقول:نعم؟!
وبمجرد أن أتاها رد المتصل الذي يحمل في طيات جملته القاتلة حقيقة أن "إسراء" باتت وحيدة..
انزلق الهاتف إثر رجفة يد "إسراء" التي شعرت بأن أوصالها تجمدت بينما اتسعت عينيها صدمة ممزوجة بألم لتحرك شفاهها المرتعشة بخوف قائلة بنبرة همس:لا هذا لم يحدث لا
ارتفعت النبرة الهامسة لتتحول إلي صراخ نبع من شفاه "إسراء" التي صاحت:أمي
...
إذا أخذنا عينة عشرة أشخاص كمثال وسألناهم "ما الذي تفعله بمجرد رجوعك إلي المنزل" ستكون الإجابة الفائرة بأعلى نسبة هي "أين أمي؟!"..
و إذا أخذنا عينة أخري كمثال آخر وكان السؤال "فيمن يجتمع القلق الدائم عليك و الاهتمام دون انتظار مقابل منك وتحملك بكل حالاتك ودعوة باسمك لا تنقطع يومياً ومعرفة لما يدور داخلك دون أن تتكلم بحرف و ضمة بين ضلوع تمتص أحزانك وتبدلها بابتسامة راحة" ستكون الإجابة السائدة هي "لا يوجد أحد يجمع تلك الصفات إلا أمي"..
مهما كان حولك أصدقاء يحبوك ومهما كانت قوة علاقتك بهم لن تجد منهم من يتمني أن تكون أنت أفضل منه وإذا عممنا الفكرة عما حولك من بشر نجد أن الطبيعة الفطرية للإنسان تأبي أن تكون أفضل منه إلا "الأم" هي الوحيدة من تتمني لك الأفضل منها دائماً بل والأفضل من الجميع..
بل وإذا دققت النظر فيما يدور حولك فتجد أن ما تخشاه والدتك من صداقتك مع هذا أو عملك عند هذا..شعورها ذاك الذي يطلق عليه البعض "القلق المفرط" هو الحقيقة التي تثبت لك أن سواء كان هذا أو ذاك سيجلب الضرر لك..
ولكن!! إذا انقطع كل هذا فجأة!! إذا حل عليك المساء ولمسة يد والدتك الحانية تكفكف آلامك وفي الصباح تختفي من حياتك إلي الأبد!!
تختفي دعوة مناجية لله لحفظك!! تختفي ابتسامة رضي وفرحة تنير لك ذاك العالم!!
يختفي قلب تدق نبضاته من أجل التفكير في كيفية إسعادك !!
تختفي ضمة تسلبك من العالم الوحشي هذا إلي عالم موازي لغته الوحيدة هي الحب دون انتظار مقابل!!
باختفاء كل هذا يتعري الإنسان حرفياً من راحته من شعوره بأن لديه من يحتمي به ويتبدل حاله ويصبح بمفرده في مواجهة تلك الحياة..
...
منذ صباح اليوم التالي..و "إسراء" تحاول لملمت شتات نفسها لإنهاء إجراءات دفن والدتها..مازال عقلها الباطل يقنعها بأنها ستعود لها من جديد و تصحبها إلي منزلها..
وبلا وعي من "إسراء" اتصلت ب"فادي" ترجوه أن يكون بجوارها في تلك الفترة نظراً لأنها صارت وحيدة نهائياً..لا خال أو عم أو أب..لا أحد نهائياً لا أحد سوي ذاك المتعجرف الذي قرر التخلي عن لامبالاته تلك ومساندة "إسراء" في محنتها تلك ليبدأ "فادي" في إنهاء إجراءات تصريح الدفن ومن ثم يكون بجوار "إسراء" حتى تم دفن جسد والدتها نهائياً..
ليعود الجميع إلي مساكنهم ويتركونها وحيدة أمام قبر والدتها تنظر إليه برجاء بأن تخرج والدتها من جديد وتضمها بين ذراعيها..
دفنت "إسراء" وجهها بين كفيها المرتعشين وصيحات صراخها المكتوم يبث الألم في كل جزء من كيانها إلي أن اقتلعتها نبرة "فادي" وهو يقول:"إسراء" قومي الآن لتقلك زميلتنا في الشركة إلي المنزل لترتاحي قليلاً ريثما يقام العزاء
نبرة تشتت باكية نبعت من شفاه "إسراء" التي رفعت عينيها قائلة:ألن تعود أمي؟!ستتركني بمفردي طويلاً؟!
أطلق "فادي" تنهيدة ألم لأن حديث "إسراء" ذكره بوالدته ليتأكد من إخفاء نظارته الشمسية لعينيه التي تتلألأ بالدموع لينخفض في مستوي "إسراء" قائلاً بنبرة هادئة:من قال أنها تركتك!! إن كانت اختفت عن عالمنا هذا فستظل حية بين ضلوعك..ستظل صفاتك التي تحمل البعض من خصالها هي من ترشدك للصواب..تأكدي أنها الآن في مكان أحسن من هنا بكثير..مكان يخلو من علاج الكيماوي وإبر المسكن والألم..تأكدي أنها مازالت تشعر بك وتعبس إذا رأتك بحالتك تلك
بمجرد أن أنهي "فادي" حديثه حتى أطلقت "إسراء" تنهيدة حزن ممزوجة بألم الفراق لتحرك شفاهها المرتعشة مناجية ربها بمنحها الصبر علي ألم الفراق..
...
اتسعت عيني "قمر" بصدمة ممزوجة بابتسامة فرحة تتناسب مع فمها المفتوح ذهولاً لترتفع ضحكات "بسام" الصاخبة قائلاً:ما كل هذا يا "قمر"؟!!
أعادت "قمر" فتح وإغلاق عينيها مرات متكررة وهي تقول بنبرة لهفة ممزوجة بفرحة:حقاً يا "بسام" حقاً ذاك المحامي سيطلقني من "محب"
التفت "بسام" بجسده لالتقاط إحدى الملفات الموضوعة في المقعد الخلفي للسيارة ليقول:إذا أغلقتي فمك هذا و ذهبنا إلي ذاك الرجل الذي ينتظرنا سيطلقك
ترجلت "قمر" من السيارة بفرحة ممزوجة بعدم تصديق لتمحو فرحتها آلامها القاطنة في كيانها لتقول بنبرة تساؤل ممزوجة بفضول:ولكن من هذا الرجل؟!
أحاط "بسام" كتف "قمر" بيده اليمني وبيده اليسري ملف ليقول بنبرة توضيح:"فادي" هو من بعثه لرفع قضية خلع علي ذاك المعتوه
صدمة كهربية غزت كيان "قمر" بقوة لتجعلها تتجمد موضعها وتتوقف عن السير بينما ضربات قلبها باتت تتسابق في ضخ الدم إلي كيانها من أجل تحريك شفاهها قائلة بنبرة أوشكت علي البكاء: "فادي"!! أما زال يتذكرني ؟! ثمانية أشهر لم اسمع فيها نبرته ولو لثانية وهو مازال يتذكرني؟! ألم ييأس ؟!
نبرة طمأنينة ممزوجة بثبات نبعت من شفاه "بسام" الذي قال:إذ زار اليأس البشر بأجمع يأتي أمام ذاك المتعجرف ويخضع
تلألأت عيني "قمر" بدمعة دافئة تتناسب مع ابتسامة الشوق التي ترتسم علي شفاهها قائلة بنبرة مرتعشة: المتعجرف؟! كم اشتاق له!! كم اشتاق لنبرته الواثقة!!كم اشتاق لعقدة حاجبيه الغاضبة من فعل ما؟! كم اشتاق لروحي التي أودعتها بين ضلوعه ؟!
بمجرد أن أنهت "قمر" حديثها حتى شعرت بدمعتها تشق الطريق إلي خدها لتتبعها دمعة فالثانية فالثالثة ولكن سرعان ما تدارك "بسام" الأمر ليحرك شفاهه بنبرة مطمئنة قائلاً:دعينا أولاً نخلص من ذاك المعتوه وسأسلمك بيدي بثوب الزفاف ل"فادي"
بقدر ما حملت جملة "بسام" الكثير من الغموض إلا أنها أعادت إحياء الأمل في كيان "قمر" بأجمع ليتجهوا سوياً إلي ذاك المحامي الذي طمأنهم بأن قضية الخلع محسومة لصالحهم لأقصى درجة والفضل لتقارير الطبيب التي تثبت وحشية ما تعرضت له "قمر" علي يد ذاك المعتوه..
وبمجرد أن أنهي المحامي حديثه حتى اتجه "بسام" ب"قمر" إلي سيارته ليقول لها بنبرة هادئة:اطمئني الآن
تنهيدة فرحة ممزوجة بشوق أطلقتها "قمر" لتحرك شفاهها قائلة:الحمدلله
لحظات معدودة مرت علي "بسام" الذي يعبث بشاشة هاتفه لترتفع نبرته قائلاً:اطمئن كل شء سيسر كما نريد
ارتفعت ضربات قلب "قمر" بسرعة قاربت علي الفتك بضلوعها بينما سرت رعشة شوق ممزوجة بقلق في كيان "قمر" بأجمع وهي تستمع لكلمات "بسام" التي تحوي بأنه يطمئن أحد ما عما جري مع المحامي..
عقلها ينذرها بأن ذاك المتصل هو "فادي" وقلبها يتراقص شوقاً لسماع نبرته التي ستشفي جروحه بأكمل وأذنها تحاول جاهدة سماع أي حروف مما يقال ل"بسام"..
لهفة العاشقة لسماع صوت عاشقها أعاد إحياء ملامحها المتهالكة من جديد وضخت الأمل إلي كيانها بأجمع ومنحت قلبها صدمة كهربية..كل ذاك لمجرد فكرة أنها ستسمع نبرة صوته ما بال كل ما سبق إذ استمع إلي نبرته حقاً؟!
سرعان ما منحتنا "قمر" الإجابة برعشة جسدها التي شعر بها "بسام" فور قوله لها: "فادي" يريد محادثتك
حركت "قمر" يدها المرتعشة لتلتقط الهاتف ليدلف "بسام" خارج السيارة بينما باتت "قمر"تشعر بأن ضربات قلبها باتت الفتك بكيانها للقفز منه لتصل إلي "فادي" لتصرخ بحاجتها إليه..
بينما ذاك الشوق الذي قارب علي تحطيم كيان "قمر" علي الجانب الآخر..
لم يستطع ذاك المتعجرف من منع لهفة الشوق في أذنه لسماع نبرة "قمر" ولا خمد ثورة الفرحة في قلبه الذي بات يتراقص فرحاً ولا إخماد رجفة أصابعه الممسكة بذاك الهاتف الشاهد علي تحول ذاك المتعجرف إلي عاشق حرك شفاهه قائلاً:السلام عليكم.......


يتبع.......
#نورهان_حسنى



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-16, 11:13 PM   #25

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



الفصل الثالث والعشرون


وكأن تلك الكلمات البسيطة تحولت إلي صدمة كهربية اقتلعت "قمر" من مقبرة العذاب الممزوج بالألم إلي عالم خيالي لا يحوي سوي الفرحة لا توجد به لغة إلا لغة الحب..
ثواني معدودة مرت علي "قمر" شعرت فيها بأن تنهيدة أنفاسها المتلاحقة وصلت إلي "فادي" لتحرك شفاهها المرتعشة قائلة:و عليكم السلام
وكما سلبت نظرة عيني "قمر" "فادي" من ظلمة قلبه أعادت نبرة صوتها إخماد نار شوقه قليلاُ بل وإشعال نار عشقه التي تتزايد مع كل تنهيدة تطلقها أنفاس "قمر"..
وبلا وعي من العاشقين حركهما لهفة شوقهما لتتحرك شفاههم في نفس اللحظة قائلين:اشتقت لك\لكي
ضحكات شوق من العاشقين امتزجت سوياً لإنتاج دفعة من الأمل الممزوج باللهفة في كيان العاشقين..
ولأن قدرة "فادي" علي السيطرة علي أشواقهم كانت أكبر بدأ في طرح أسئلة للإطمئنان علي أحوال "قمر" التي تحسنت نهائياً بمجرد سماعها لصوته..
دامت المكالمة ما يقارب العشرة دقائق..إلي أن قال "فادي" بنبرة حزن مودعة:حسناً انتبهي علي حالك جيداً
ارتسمت معالم الحزن علي ملامح "قمر" لتقول بنبرة شوق ستوشك علي البكاء:حسناً وأنت أيضاً..فليحفظك الله لي
نبرة طمأنينة ممزوجة بفرحة نبعت من شفاه "فادي" الذي قال:و لي يا "قمر" أنار حياتي
ارتسمت ابتسامة هادئة علي ملامح "فادي" لشعوره برجفة أنفاس "قمر" ليمرر أصابعه بين خصلات شعره قائلاً:في أمان الله
أغلقت "قمر" عينيها ببطء ليقفز إلي مخيلتها اعتراف"فادي" بحبه لها لتستولي رجفة حب من أوصالها محركة شفاهها بلا وعي قائلة:"أحبك"
بمجرد أن أنهت "قمر" تلك الكلمة ألقت بهاتف "بسام" علي المقعد لتشير له بالدخول ومن ثم تعيد إسناد رأسها علي زجاج السيارة وهي محتضنة قلادة "فادي" بكفيها بينما تحاول جاهدة إخماد ثورة الشوق الذي غزت كيانها بأجمع وتسبب في لهثها لأنفاسها..
بينما علي الجانب الآخر..لم يبالي "فادي" بإنهاء المكالمة فبمجرد سماعه لكلمة "أحبك "من شفاه "قمر" حتى ألقي بهاتفه علي المقعد الجلدي وألقي بجسده علي الفراش لترتسم ابتسامة فرحة علي ملامحه تدريجياً بينما بات صدره يرتفع وينخفض بسرعة من لهثه لأنفاسه العازفة لحن الفرحة لسماعه اعتراف "قمر"..
لتتمكن تلك الكلمة المكونة من أربعة أحرف من الإطاحة آلام وأوجاع وغضب دام لثمانية أشهر لتتمكن تلك الكلمة من تحويل ذاك المتعجرف إلي عاشق يأبي سماع أية كلمات من بعد تلك الكلمة..
يأبي سماع أية أصوات من بعد نبرة معشوقته المرتعشة وهي تعترف بحبها..
ليغمض "فادي" عينيه ببطء ليهرب من ذاك العالم إلي عالم خيالي يستمع فيه لصدي نبرة حبيبته في هدوء بعث في روحه الإصرار والإيمان أضعاف مضاعفة..
....
تسلل شعاع ذهبي خفية إلي داخل حجرة "قمر" ليداعب جسدها الصغير الساجد بين يدي ربه في هدوء نسبي يتخلله أنين بكاء "قمر" وهي تحرك شفاهها المرتعشة قائلة:اللهم امنحني فرحة تبكي عيونها من أجلها بعدما كانت تبكي من الألم..اللهم خلصني من ذاك الرجل الذي ارتكب جرائم إنسانية في حقي..اللهم عجل بإجتماعي في الحلال مع عبدك "فادي"
رفعت "قمر" جسدها من السجود لتظهر آثار دموعها التي باتت تخفي علامات الكدمات علي وجهها لتنهي "قمر" صلاتها لتبدأ صيحات غضب تتسرب إلي حجرتها لتزف لها خبر أن عاصفة الغضب بدأت للتو..
ابتلعت "قمر" ريقها بصعوبة لتأكدها من أن تلك النبرة الغاضبة ما هي إلا جزء من كيان شيطان يأبي الهزيمة بكل معانيها..لتتوكل "قمر" علي ربها وتدلف خارج الحجرة..لتجد "محب" يقف في منتصف المنزل وأمامه "منير" وعلي مسافة من حجرة "قمر" كان "بسام" واقفاً في صمت يتابع ذاك العراك بلامبالاة وبجانبه "ناهد" تتابع ذاك العراك بقلق ممزوج بعدم فهم..
بحثت "قمر" بعينيها عن سند تحتمي خلفه من عاصفة الغضب تلك..لتتأمل ملامح وجه والدها لثواني فتقفز ذكري تسليمها لشيطان علي يد والدها..لتشعر "قمر" بجرح في يدها كان بسبب والدها يصرخ بها قائلاً "هذا من دمرك في البداية..كيف تريدين الحماية في ظهره؟! سيسلمك لهذا الشيطان من جديد؟!"
لم تمهل عيني "قمر" الفرصة للبحث عن شخص آخر ليتجمد نظرها علي "بسام" لتتجه إليه بخطوات مرتعشة لتتمسك بملابسه من الخلف قائلة بنبرة همس مرتعشة:هل علموا بأمر القضية؟!
اقتلعت نبرة "قمر" المرتعشة "بسام" من شروده فيما يحدث أمامه ليحرك شفاهه بنبرة مطمئنة:نعم ولكن لا تقلقي
ابتلعت "قمر" ريقها بصعوبة بينما أطلق "بسام" تنهيدة ثبات امتزجت مع ملامح القوة التي تكسو ملامحه..
سرعان ما رصدت عيني "محب" النارية ملامح "قمر" المحتمية ب"بسام" ليتجه ناحيتها بسرعة ممزوجة بغضب:أنتي ترفعين قضية خلع عليً؟! أنتي أيتها العاهرة تفعلين...
بينما كانت شفاه "محب" تتفوه بكلمات نارية تجاه "قمر" كانت يده ترتفع تدريجياً من أجل تصويب صفعة غضب لها ولكن سرعان ما شعر "محب" بقبضة يد غاضبة تمتزج من نبرة قوة نبعت من شفاه "بسام" الذي قال:يدك لن تمس وجهها من جديد
دفنت "قمر" وجهها في كتف "بسام" بينما رعشت جسدها التي شعر بها "منير" قبل "ناهد" جعلت ملامحهم تكتسي بالخوف..
نظرات غضب تمتزج مع ملامح تحدي تتناسب كلياً مع علامات القوة البارزة في عروق يد "بسام" جعلت عيني "محب" تتسع صدمة ممزوجة بغضب ليحاول تحرير قبضته من يد "بسام" وهو يصيح به قائلاً:أنت الآخر صار لك نبرة تريد منعي بها..أأنسيت من أنا؟؟!!
نبرة قوة ممزوجة بتوعد نبعت من شفاه "بسام" الذي قال:أنت من نسيت من أنا؟! من الظاهر أن عقلك هذا صور لك أنني سأصمت علي ما فعلته بشقيقتي ولكن برحمة والدي و والدتي لأسقيك كؤوس العذاب بيدي تلك
أطلق "بسام" الحرية ليد "محب" ليقول بنبرة توعد ممزوجة بغضب:الآن أعتقت يدك ولكني رقبتك لأن أعتقها إلا يوم الدين
حالة من الصدمة الممزوجة بالقلق سيطرت علي ملامح الجميع عدا "قمر" التي رسمت ابتسامة طمأنينة علي ملامحها لترفع عينيها بقوة استمدتها من استنادها علي "بسام" لتحرك شفاهها بنبرة تحدي:انتهي وقتك الآن سيكون اللقاء في المحكمة وأظن أنك تعلم الموعد
بقدر الغضب الذي سيطر علي أوصال "محب" فور تلقيه إشعار المحكمة بقضية الخلع بقدر ما كانت صدمته من نظرات الغضب وملامح التحدي الممزوجة بنبرات القوة التي سيطرت علي كلا من "بسام و قمر"..
ليلتفت بظهره متجهاً إلي باب المنزل بينما شعرت "قمر" بألسنة الغضب التي تتطاير من أذنه لتزيد من تمسكها ب"بسام" ليدلف "محب" خارج المنزل مودعاً إياهم بنبرة توعد قائلاً:أعدي نفسك لمفاجآت في المحكمة
بمجرد أن أغلق "محب" باب المنزل حتى تنفست "قمر" الصعداء قائلة بنبرة تساؤل:هل وصل له الإشعار بتلك السرعة
مسح "بسام" علي خصلات شعره بتنهيدة راحة نسبية قائلاً بنبرة هادئة نسبياً:المحامي أخبرني بأن الإجراءات ستكون بأقصى سرعة
بمجرد أن أنهي "بسام" حديثه حتى ارتفعت نبرة "منير" الغاضبة وهو يصيح:أنا آخر من يعلم بتلك القضية!! خلع يا "بسام"؟! هل باتت الأمور تحدث من وراء ظهري؟!
خلعت "قمر" حجابها بهدوء يمتزج مع نبرتها الباردة التي حركت بها شفاهها قائلة:أنت من ألقيت بي في جحر
الشيطان و تابعت صراخي ورجائي بأن تقتلعني من بين ذراعيه ولم تبال
ارتسمت ابتسامة سخرية علي ملامح "قمر" التي تابعت حديثها قائلة:الآن تطلب مني أن احتمي بك من ذاك المعتوه وأنت بنفسك بتقاليد عقيمة قيدت بها عنقي يا أبي ؟!
نبرة تعجب ممزوجة بلامبالاة نبعت من شفاه "بسام" الذي قال:أتريد أن تعيد ابنتك إلي ذاك الشيطان أم تريد حل الأمور بالمصالحة؟! ذاك المعتوه أنت تعلم جيداً طبيعة حياته وماذا كان يفعل ولم تحرك ساكناً لذلك يا عماه إن لم تحمي "قمر" فحمايتها باتت مسئوليتي
نظرات الصدمة تحولت إلي الجمود وتمكن الكبرياء من شعور الندم الممزوج بالحنين ليحرك "منير" شفاهه بجمود قائلاً:أفعلي ما تشأ أنت وهي ولكنني لا أريد رؤية أياً منكم ريثما تنتهي تلك القضية ومن بعد ذلك ابحثي لكي عن مكان آخر إذا خسرتي أم كسبتي
بقدر ما كانت كلمات "منير" قاسية بقدر ما قابلتها "قمر" بلامبالاة ارتسمت علي ملامحها لتسند رأسها علي كتف "بسام" قائلة بنبرة لامبالاة :حسناً شكراً لاستضافتك لي لتلك الفترة
...
مع دقات الساعة الثامنة مساءً ارتفعت صيحات "فادي و ياسر" الغاضبة لضياع فرصة للنادي الأهلي في مباراته مع نادي الزمالك..ليضرب "ياسر" الوسادة بضجر قائلاً بنبرة ضيق:ما ذاك المستوي؟!بذاك المستوي سنخسر
ارتشف "فادي" قليلاً من كوب العصير الموضوع بجواره ليقول بنبرة مزاح:منذ أن بدأنا في التشجيع يا صديقي وفي كل مرة نشاهد مباراة القمة سوياً وفي كل مرة الأهلي من يكسب يا صديقي ذاك هو المعتاد من اللاعبين حرق أعصابنا قليلاً ومن ثم منحنا متعة الهدف في الدقائق الحاسمة
اختلطت ضحكات "صالح وياسر" بصخب ليوكز "ياسر" صديقه في كتفه قائلاً بنبرة مرح" صرت "نقصف جبهة" كما يقال في عالم الميديا
ارتفعت نغمة هاتف "فادي" معلنة قدوم اتصال ليقتلعه من تركيزه هذا ليقوم من موضعه بسرعة قائلاً:دقائق وسأعود
دلف "فادي" إلي داخل حجرته ليفتح المكالمة قائلاُ بنبرة تساؤل:هل حدث أمر ما؟!
نبرة مطمئنة ممزوجة بطلب نبعت من شفاه "المحامي" الذي قال:الأمور سارت كما خطط لها ولقد تسلم إشعار المحكمة منذ الصباح ولكنني أريد مشاورتك في أمر ما
استرق "فادي" السمع إلي المباراة ليحرك شفاهه بسرعة ممزوجة بتعجب:أي أمر؟!
ارتشف "المحامي" قليلاً من كوب المياه ليحرك شفاهه بنبرة توضيح ممزوجة بتساؤل:كما أخبرتك في السابق بأن القضية بسيطة للغاية ولكن بحديث "بسام" عن "محب" هذا فأنا أخشي أن يستغل تقرير الطبيب ضدنا ولذلك أطلب منك شرح مدي علاقتك ب"قمر" حتى أستطيع تحديد مدي ما سيصل إليه تفكيره
ارتسمت علامات الضيق علي ملامح "فادي" الذي قال بنبرة استياء ممزوجة بضجر:علاقتنا طبيعية أحببتها و أحبتني وعندما علم والدها بالأمر أجبرها علي الزواج من ذاك المعتوه
سحب "المحامي" ورقة من أحد الملفات ليتابع حديثه بنبرة تساؤل:وكيف علم بأمركم ؟!
تنهيدة ضيق أطلقها "فادي" لتمتزج بنبرة الضجر النابعة من شفاهه ليقول:كان ذاك المعتوه يبعث بأحد يراقب "قمر" والتقط لنا بعض الصور سوياً وبعثها لوالدها
نبرة قلق ممزوجة بتساؤل نبعت من شفاه المحامي الذي قال:و هل تلك الصور مازالت معه؟!
بقدر ما كان "فادي" متأكدً من أن تلك الأسئلة من أجل القضية بقدر ما كان يكتم غضبه من أسئلة متكررة تهب دفعة واحدة علي مسامعه التي تأبي لذاك المتعجرف بأن يستجوبه أحد ليحرك "فادي" شفاهه قائلاً:لا أعلم..و لكن لماذا كل هذا؟!
نبرة قلق ممزوجة بتوضيح نبعت من شفاه المحامي الذي قال:إن باتت تلك الصور في حوزته إلي الآن من الممكن أن يستخدمها ضدنا بحيث يشكك في "قمر" بأنها كانت علي علاقة غير شرعية بك وعندما علم بالأمر اضطر لتلقينها درسً لما فعلته
عقد "فادي" حاجبيه بذهول يمتزج مع نظرات الغضب التي باتت تنبعث من عينيه ليقول بنبرة ضجر مرتفعة نسبياً:نعم؟! ذاك المعتوه المعدوم الشرف يشكك في "قمر"؟؟!!
مسح المحامي علي جبينه بتفكير ليحرك شفاهه بنبرة تساؤل قلقة:هل لي بسؤال آخر ولكن أرجو ألا تنفعل لأنه محرج قليلاً؟!
زفر "فادي" بغضب ليحرك شفاهه بنبرة ضجر قائلاً:تفضل؟!
ابتلع المحامي ريقه بتردد ليحرك شفاهه بنبرة تساؤل قلقة:هل حدث بينهم علاقة زوجية كأي رجل وفتاة؟!
ما إن أنهي المحامي حديثه حتى أتته نبرة "فادي" الغاضبة وهو يصيح به قائلاً:نعم؟!! هل أنت مجنون ؟!
نبرة ضجر ممزوجة بتوضيح نبعت من شفاه المحامي الذي قال:أستاذ\فادي أرجوك أن تقلل من غضبك هذا..أنا فقط أريد معرفة الإجابة لأنه إن لم تحدث علاقة زوجية بينهم سيكون سهل علينا إثبات أنه غير قادر علي ممارسة علاقة زوجية عن طريق كشف عذرية للآنسة "قمر" وبذلك تكون القضية فيصالحنا بنسبة 100%
كما يقول المثل الشعبي الدارج "جيت تكحلها..عمتها"...ذاك المثل ينطبق تماماً علي حديث المحامي الذي زاد اشتعال ثورة الغضب الناشبة في كيان "فادي" الذي قال بنبرة غضب تحذيرية:هل أنت واعي لما تقوله؟! أم تريد مني أن أنهي لك حياتك نهائياً؟!
زفر المحامي بضيق امتزج مع نبرة شفاهه التوضيحية ليقول:كل ما في الأمر يا أستاذ\فادي أنني أريد إنهاء أية مخططات ل"محب" من الممكن أن يفاجئنا بها في المحكمة لذلك أريد منك إجابتي علي أسئلتي تلك بهدوء حتى نفكر في حل آخر إن كانت علاقتهم الزوجية ت..
لم يكن "فادي" بحاجة لمنح عقله الفرصة للتفكير في حديث ذاك المحامي وإنما كان غضبه الذي اشتعل فجأة من ذكر اسم معشوقته بجوار ذاك المعتوه وتوريطها في تجربة كشف عذرية من المؤكد تماماً أن ستصنع فجوة ألم ممزوج بكسرة داخل كيان "قمر"..
لذلك حرك "فادي" شفاهه بنبرة غضب نافية قائلاً:لا تكمل حديثك من المستحيل أن تكون ذاك المعتوه لمح خصلات شعرها حتى لذلك أخبرني ما الإجراءات المطلوبة وأنا سأخبرهم واتخذ اللازم
زفر المحامي بهدوء نسبي ليمتزج مع شفاهه التي تحركت بنبرة توضيح قائلاً:من الممكن بعد غد أن تتهيأ "قمر" للذهاب إلي الطب الشرعي وهناك سيكون معنا إشعار بطلب الكشف ليلحق بملف القضية
مرر "فادي" أصابعه بين خصلات شعره بضجر قائلاً بنبرة موافقة:حسناً باشر إجراءات ذاك الإشعار وأنا سأبلغهم لا تحادثهم نهائياً
بمجرد أن أنهي "فادي" حديثه مع ذاك المحامي حتى عبث بأصابعه علي شاشة هاتفه ليحادث "زوج شقيقة ياسر"..
....
مر يومين كاملين علي أبطالنا..
انشغل "فادي" فيهم بإيجاد طريقة لإنهاء ذاك الكشف دون المساس ب"قمر" أو تعريضها إلي ألم خوض تجربة كذلك..لتستولي فكرة حماية معشوقته من توابع زوجها الباطل من ذاك المعتوه بدون المساس بحرمة جسدها..
أما عن "بسام" فقد استطاع بحكمته إبلاغ أمر ذاك الكشف العذري بحيث وضح لها أن "فادي" يعمل بكل ما لديه من قوة لإنهاء تلك المسألة دون تعرضها لألم..لتعود روح الطمأنينة إلي كيانها لتأكدها بأن معشوقها لن يعرضها لألم..
أما عن "محب" فقد انشغل بقضية الخلع تلك عن التفكير في عقاب ل"بسام" جزاء وقوفه أمامه ليقرر تأجيل ذاك ريثما ينتهي من قضية "قمر" التي بات يشعر بطمأنينة نسبية من حديث محاميه..
أما عن "إسراء" فقد كانت الأسوء حالاً بين أبطالنا..فبالرغم من حضور بعض صديقتها من حين إلي آخر إلا أنها ما زالت تحت تأثير جرعة ألم الفراق الأقوى ومازال عقلها الباطل يحوي لها بأن والدتها ستعود يوماً..
أما عن "ياسر" فبالرغم من انشغاله التام في عمله ومساندة "فادي" إلا أنه استطاع تخصيص الوقت لطفلته وزوجته قليلاً وبالرغم من ضيق "مريم" من انشغاله الدائم إلا أن نظرة الحب التي تزداد في عيني "ياسر" في كل لحظة يتجدد فيها لقائه مع "مريم" أغناها عن كل شئ..
...
منذ أن علم "منير" بأمر الكشف علي عذرية ابنته وثورة الفضول الممزوج بالترقب سلبت الراحة من عينيه لتبدلها بالقلق الممزوج بالخوف ليستقل "منير" سيارته هو و زوجته متجهين خلف سيارة "بسام" لمشاركة ابنتهم تلك الزيارة إلي الطب الشرعي..
بالنسبة إلي "ناهد" كانت تريد زيادة جرعة الطمأنينة في قلب "قمر" بينما بالنسبة ل"منير" كان يريد أن يمنح عقله إجابة سؤال واحد منذ أن علم بحقيقة علاقة "قمر" ب"فادي" وهو
"هل حافظت ابنتي علي عرضي أم أباحت انتهاكه تحت مسمي الحب"
استدنت "قمر" علي ذراع "بسام" بينما جسدها يرتعد خوفاً في كل لحظة تخطوها إلي موضع حجرة الكشف وعقلها يشتعل بسؤال واحد "أين أنت يا "فادي" ؟! أين أنت لتحميني؟!"
بالرغم من كل أنواع الألم التي اجترعتها "قمر"في الفترة الماضية كانت تجربة كشف العذرية التي تنتظرها هي الأقوى..
تلك التجربة بالرغم من أنها ستعيد امتلاك "قمر" لحريتها إلا أنها ستسلبها عزة نفسها..
ابتلعت "قمر" ريقها بصعوبة فور وقوفها أمام الحجرة المخصصة للكشف لتأتيها نبرة المحامي قائلاً:إذا سمحتم جميعاً ستدلف الأستاذة "قمر" بمفردها إلي الحجرة
زادت "قمر" من تعلقها بيد "بسام" لتحرك شفاهها بنبرة خوف مرتعشة:لا لن أكون بمفردي لا
لولا وجود "ناهد ومنير" لصاح "المحامي" بحقيقة ذاك الكشف ولكنه حرك شفاهه بنبرة مطمئنة قائلاً:لا تقلقي وهيا سريعاً حتى لا نتأخر
مسح "بسام" علي مرفق "قمر" برفق ليحرك شفاهه بنبرة طمأنينة:هيا يا "قمر" هيا
بالرغم من حديث كلا من المحامي و"بسام" الذي بعث شعاع من الطمأنينة إلي قلب "قمر" إلا أن قلقها المباح من خوض تلك التجربة تحكم من أوصالها إلا أن عبثت يدها بقلادة "فادي" من أسفل الحجاب لتحكم "قمر" قبضتها علي تلك القلادة لتقول بنبرة قوة:حسناً
خطت "قمر" خطوتها الأولي داخل الحجرة ليغلق ذاك المحامي الباب وبالرغم من أن صدي ذاك الإغلاق لم يكن قوياً إلا أنه كان كافياً لارتعاد كيان "قمر" التي حركت شفاهها المرتعشة قائلة:يارب
نبرة طمأنينة ممزوج بتأدب نبعت من شفاه تلك الطبيبة التي تجلس علي مقعد جلدي خاص بمكتبها الذي يتوسط الحجرة لتقول:لا تقلقي يا "قمر"..افتربي واجلسي
ابتلعت "قمر" ريقها بصعوبة بينما مازالت قبضتها علي تلك القلادة تزداد رويداً رويداً إلي أن جلست "قمر" علي مقعد يقابل مقعد الطبيبة لتقول بنبرة خوف مرتعشة:أتعلمين اسمي؟!
ارتسمت ابتسامة طمأنينة علي ملامح الطبيبة التي حركت شفاهها بنبرة تساؤل مطمئنة:نعم..ألستي "قمر فادي الأسيوطي" ؟! أم أنني لم أسمع الاسم جيداً من "فادي"
إضافة كنية "فادي" إلي اسمها كانت آخر ما تتوقع "قمر" سماعه في تلك الحجرة التي ظنت لثواني أنها ستكون حجرة هتك عزة نفسها ولكنها باتت الآن شاهدة علي السعادة التي دبت أوصالها لتعيد نضارة ملامحها التي اتسعت صدمة ممزوجة بفرحة..
ولكن بالأحق أن فرحتها كانت الأقوى..فرحتها لتأكدها بأن "فادي" ما عاد يتركها إلا وهي زوجته أمام الله قبل الجميع....فرحتها لحمل كنية ذاك المتعجرف الذي ظنت للحظات أنه فشل في حمايتها من تلك التجربة ولكن سرعان ما صحح "فادي" تفكير تلك العنيدة ليمنحها فرحة حمل كنيته...
تلألأت دمعة دافئة في عيني "قمر" التي زادت من احتضانها لتلك القلادة لتقول بنبرة مرتعشة:"فادي"؟!
أطلقت الطبيبة تنهيدة راحة لتأكدها بأنها نجحت في اقتلاع رعب "قمر" لتحرك شفاهها بنبرة توضيح: "فادي" عندما علم أن الكشف سيكون تحت إشرافي حادث زوج شقيقة صديقه ليحاول إقناعي بألا اقترب منك نهائياً وأنكي كنتي ضحية لمعتقدات عقيمة بزواجك الإجبارى ولكنني عندما علمت أن الأمر يخص "فادي" لم أخذ وقتاً طويلاً للتفكير في الأمر
ارتشفت الطبيبة قليلاً من كوب العصير الموضوع بجوارها لتتابع حديثها قائلة: "فادي" كان زميل شقيقي وساعده مراراً وتكراراً في الخروج من محنة وفاة والدنا وما فعلته اليوم ما هو إلا رد لجزء بسيط لما فعله "فادي" بل وأنه من حادثني لأخبرك بأنكي صرتي حاملة لكنيته
كفكفت "قمر" دمعة لؤلؤية تشق الطريق إلي خديها لتطلق تنهيدة راحة قائلة:الحمدلله
و لكن سرعان ما حادثت "قمر" نفسها بفطرة الغيرة لدي الأنثي لتقول "حادثتها يا "فادي" ؟! حسناً عندما ألقاك !! تحادثها !!يا الله لولا ما قدمته لي لعزمت علي تخليص روحها تلك لتحادث "فادي" "
مرت المدة المخصصة للكشف بهدوء نسبي يسيطر لي الأجواء الحجرة لتتبادل الطبيبة الحديث مع "قمر" إلا أن نظرت "الطبيبة" إلي ساعة يدها قائلة:حسناً بذلك تكون مدة الكشف المعتادة انتهت
عقدت "قمر" حاجبيها بتعجب امتزج مع نبرتها المتسائلة لتقول:ولكن أين التقرير؟!
حملت الطبيبة ملف كان موضوع علي يمينها لتحرك شفاهها بنبرة مطمئنة:التقرير انتهي قبل وصولك
أطلقت "قمر" تنهيدة راحة لترتسم ابتسامة شوق علي ملامحها بينما شفاهها تتحرك بهمس قائلة:كم اشتاق لك يا "فادي"؟!
بمجرد أن أنهت "قمر" حديثها حتى أعادت رسم علامات الحزن علي ملامحها في خداع بصري للجميع عن مأساة التجربة التي عاشتها لثواني وبمجرد أن سلمت الطبيبة التقرير الذي يثبت بأن "قمر" مازالت محتفظة بعذريتها حتى أطلقت "ناهد" تنهيدة راحة لتمسح بمرفقها علي ظهر "قمر" التي تسند رأسها علي كتف "بسام"..
بينما بالرغم من شعور "منير" بالسعادة التي اجتاحت أوصاله إلا أن إحساس الندم بات يتسرب إلي كيانه رويداً رويداً لتلتقط عينيه صورة ل"قمر" التي تسير بجوار "بسام" وهي مسندة علي كتفه..
ليتأكد تماماً بعد ذاك المشهد بأن ابنته ما عادت تراه مصدر قوتها وحمايتها بل بات مصدر آلامها وخوفها..
أمام عن "قمر" فقد برعت في تمثيل دور المتعبة التي تحتاج لجرعة من العصير ليحرك "بسام" شفاهه قائلاً:حسناً هيا بنا أحضر لكي زجاجة عصير من السوبر ماركت المجاور للمبني هذا
وبمجرد أن تأكدت "قمر"من أن المسافة بينهم وبين والديها صارت كبيرة نسبياً حتى همست في أذني "بسام" بنبرة فرحة قائلة:"فادي" لم يعرضني لألم تلك المخاطرة
اتسعت عيني "بسام" بصدمة ممزوجة بعدم فهم لتطلق "قمر" تنهيدة فرحة وتبدأ في قص ما حدث مع تلك الطبيبة..
...
التقط "ياسر" سلسلة مفاتيحه من علي الطاولة المجاورة ل"فادي" ليحرك شفاهه بنبرة تساؤل:سأذهب أنا الآن..هل تريد شئ؟!
أغلق "فادي" محادثة "الواتس أب" الخاصة به و ب"بسام" ليلقي بهاتفه المحمول بجواره ويمسح علي عينيه بإرهاق قائلاً:علي الإطلاق الأهم أن تطمئني علي "تميمة" عندما ينتهي الكشف
أومأ "ياسر" رأسه موافقاً لينطلق بسيارته إلي زوجته ليقلها هي وطفلتهما إلي طبيب الأطفال بينما عبثت أصابع "فادي" بشاشة هاتفه للاتصال بطبيبة الطب الشرعي لتقديم الشكر لها...
بمجرد أن أنهي "فادي" تلك المكالمة حتى دلف ارتفعت نغمة هاتفه معلنة قدوم اتصال من "إسراء"...
نبرة شبه باكية تمتزج مع دموع تتأرجح علي خدي "إسراء" التي حركت شفاهها قائلة:السلام عليكم
عقد "فادي" حاجبيه بتعجب امتزج مع نبرته المتسائلة ليحرك بها شفاهه قائلاً:وعليكم السلام..ماذا حدث؟! هل هنالك مكروه ما؟!



يتبع.........
#نورهان_حسنى



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-16, 11:13 PM   #26

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



الفصل الرابع والعشرون


عقد "فادي" حاجبيه بتعجب امتزج مع نبرته المتسائلة ليحرك بها شفاهه قائلاً:وعليكم السلام..ماذا حدث؟! هل هنالك مكروه ما؟!
أطلقت "إسراء" تنهيدة ألم طويلة امتزجت مع نبرة الانتقام النابعة من شفاهها المرتعشة لتقول:أريد التخلص منهم إلي الأبد يا "فادي" فلنعيد استخدام ذاك الترياق أرجوك
اعتدل "فادي" في جلسته ليحرك شفاهه بنبرة تساؤل ممزوجة بهدوء ليقول:ماذا حدث لكل هذا؟!هل حادثك "محب"؟!
كفكفت "إسراء" دمعة تدحرجت علي خديها لتحرك شفاهها بنبرة نافية لتقول:لا.."محب" مشغول عني من فترة ولكنني للتو استلمت رسالة من "هاني" يخبرني أنه سيأتي لي بعد أسبوع لقضاء ليلة معي وعندما بعثت له أني أمي توفت وأنني في حالة مزرية لم يبالي بل قال لي نعم أعلم وسأتركك أسبوع لتستعدي لذاك اليوم
أطلقت "إسراء" تنهيدة ألم كبيرة لتتابع حديثها قائلة:أظن أن صديقك حدد فترة لذاك الترياق وأظن أنه مضي عليها كثيراً ولكننا انشغلنا بأمور أخرى لذلك أرجوك يا "فادي" دعنا ننهي تلك المسألة
لحظات معدودة استرقها "فادي" للتفكير في الأمر ليحرك شفاهه سريعاً ليقول:حسناً لا تفكري في الأمر كثيراً و بإذن الله سأحادث الباقي لتدبير هذا الأمر
أطلقت "إسراء" تنهيدة راحة نسبية امتزجت مع نبرتها الشاكرة التي حركت بها شفاهها قائلة:الحمدلله..ريثما تتوصل مع الباقي للتجهيز لذاك اليوم أنا في انتظار مكالمتك
بمجرد إنهاء "فادي" لمكالمة "إسراء" عبثت أصابعه لمحادثة صديقه الأمريكي ليطلب منه تجهيز ترياق آخر..
بينما علي الجانب الآخر..تحديداً في حجرة "إسراء"..
أطلقت "إسراء" تنهيدة ألم ممزوجة بحزن امتزجت مع دموعها المتدحرجة علي خديها بينما عينيها تعرض شريط سينمائي لكل لحظة عاشتها منذ لقاء "فادي"..
لقائها الأول معه في يومها الأول للعمل في الشركة..أسلوبه المتعجرف المعتاد الممتزج بنبرة بروده..نظرة الثقة في عينيه التي طالما عجز الكثير عن إضعافها..محاولاتها المستميتة لجذب أنظاره تجاهها..تجاهله المعتاد في كل لحظة تعرض عليه القرب منها..ما فعلته "هند" من أجل تشكيلها لتصبح نسخة جديدة منها...
ارتسمت ابتسامة باهتة علي ملامح "إسراء" لتحرك شفاهها بنبرة هامسة قائلة:ضحيتي بي يا صديقتي وقمتي بتسليم شريط فيلم يجمعني بآخر ل"محب" و أخبرتيه بكل نقاط ضعفي ولكنك لم تخبريه بنقطة قوتي الوحيدة في ذاك العالم..قلبي الذي تدق ضرباته من أجل ذاك المتعجرف..
حركت "إسراء" يدها المرتعشة تجاه الطاولة المجاورة لها لتلتقط صورة مرسومة بالحبر ل"فادي" لتتحسس ملامحه قائلة بنبرة أوشكت علي البكاء:لولا تدميري لنفسي بصداقتي مع "هند" التي تفننت في كيفية تجردي من قيمي وكل ما أملك..لكنت اليوم حقي أنا ولكن للأسف أنني استبدلت عقلي بتفكير عقيم استولي علي أوصالي ليرسخ فكرة أنك ستكون لي إذا غازلتك بالكلمات وحاولت التقرب منك بقطع من ملابس تفضح جسدي
تجمدت شفاه "إسراء" عن الحديث لثواني لتسمح لدموعها بالتدحرج علي خديها لتكمل حديثها قائلة:بالتأكيد أن تستحق الأفضل..تستحق من حافظت علي نفسها من أجلك..تستحق من لم تسلم نفسها لشياطين الإنس
لم تستطع "إسراء" التحكم أكثر في ألمها لتفجر آلامها بصرخة وجع مركزها قلبها الذي أعلن أنه بات في مرحلة الاحتضار بينما كفيها المرتعشين مازالوا يتمسك بصورة "فادي"
....
أسند "فادي" رأسه بكلتا يديه ليطلق تنهيدة حيرة ممزوجة بألم امتزجت مع نبرته المرهقة ليقول:بالرغم من أن المحامي بات يطمئني أن القضية مضمونة كلياً إلا أنني مازلت قلقاً..قلق مما سيحدث بعدها ومن رد فعل والدها ومما سأقدم عليه بعدها مع "قمر"
ارتشف "الشيخ\راضي" قليلاً من كوب العصير الخاص به ليحرك شفاهه بنبرة نافية:أنا لست بقلق نهائياً من كل هذا لأنك متأكد أن "منير" لن يستطيع المساس ب"قمر" مرة أخرى وبأن "قمر" نفسها مستعدة للذهاب إلي القطبين سيراً علي قدمها إن كانت معك..أنت تحاول إخفاء قلقك الحقيقي بتلك المعتقدات
التفت "فادي" بعينيه إلي "الشيخ\راضي" ليحرك شفاهه بنبرة تردد"ماذا تقصد يا عماه؟!
نبرة حكمة ممزوجة بهدوء نبعت من شفاه "الشيخ\راضي" الذي قال:كل ما يشغل بالك هو والدك يا "فادي" ..أنت قلق مما سيفعله بعد تنفيذ ما تنوي عليه ..أنت قلق من جهلك بأحوال يومه وصحته...أنت تحاول بطبيعتك المتعجرفة قتل روح الطفل القلقة علي أباه
بدأت علامات الغضب تظهر تدرجياً علي ملامح "فادي" التي باتت تختفي تدريجياُ تحت ستار الغضب ليمتزج مع نبرة "فادي" الجافية ليقول:أبداّ أنا لا أريد معرفة أية أخبار عنه
حرك "الشيخ\راضي" رأسه نافياً لتتحرك شفاهه بنبرة تأكيد:أنا تريد معرفة كل شئ عنه
التفت "فادي" بعينيه لمتابعة مباراة كرة القدم الناشبة بين الأطفال أمام المحل في محاولة لإنهاء مجري ذاك الحديث بينما تدحرجت لمعة لؤلؤية في عيني "فادي" امتزجت بتنهيدة ألم ارتعد لها كيان "فادي" الذي أعلن احتياجه لوالده..
حقاً إنه في أكثر فترات حياته بحاجة إلي الشعور بالأمان الذي يستمده من وجود والده جواره..
أعاد "فادي" نظره إلي "الشيخ\راضي" ليطبق علي جفونه بسرعة تمنع هبوط دموعه ليحرك شفاهه بنبرة حزن قائلاً:نعم أحتاج لمعرفة كل ما يدور من حوله وأحتاج للاطمئنان عليه ولكننه ما عاد يبالي لأمري
بدأ تعجرف "فادي" الممزوج بلامبالاته يتمكن من كيانه تدريجياً ليحرك شفاهه بنبرة برود:إن كان يهتم لأمري ما تركني وحيداً وهو يعلم بأنني في أكثر فترات حياتي حاجة له
ارتشف "فادي" القليل من كوب العصير الموضوع بجواره ليحرك شفاهه بنبرة متسائلة:الأهم الآن يا عماه ها ستساعدني فيما أنوي فعله ريثما تنتهي القضية؟!
...
عكف "بسام" علي الجلوس في القرية ريثما تنتهي قضية الخلع الخاصة ب"قمر" و لذلك بات يتردد علي منزل والده المجاور لمنزل "منير" من حين إلي آخر لدراسة أمور القضية والتواصل مع أصدقائه بعدما استطاع تجميع متعلقاته من المنزل الذي يسكن فيه مع مجموعة من رجال "محب"..
بمجرد تأكد "بسام" من سكون "قمر" في فراشها بعدما عادوا من رحلتهم إلي الطب الشرعي..اتجه "بسام" إلي منزل والده لمراجعة بعد أوراق القضية و الاطمئنان علي "أسماء"...
ومع دقات الساعة السابعة مساءً..أغلق "بسام" جهاز "اللاب توب" الخاصة به ليعيد كل شئ إلي موضعه ومن ثم اتجه إلي باب المنزل..
بمجرد فتح "بسام" لباب المنزل اتسعت عينيه لامبالاة امتزج مع نبرته الباردة التي حرك بها شفاهه قائلاً:خير؟!
نبرة غضب ممزوجة بتوعد نبعت من شفاه "محب" الذي ضرب صدر "بسام" بصفعة قوية قائلاً:الآن صرت رجل
مسح "بسام" علي ذقنه ببطء لترتسم ابتسامة برود علي ملامحه امتزجت بسرعته التي سدد بها صفعة قوية علي وجه "محب" ليصيح به قائلاً:المنزل خالي لا يوجد به أحد غيرنا أتريد أن أريك الرجولة علي حق
حرك "محب" رقبته يميناً ويساراً وكأنه يعيد تجديد غضبه النابع من نظرة عينيه النارية لينشب العراك بينه وبين "بسام" الذي حاول إخفاء مهارته القتالية قليلاً ليستمتع بذاك المعتوه الذي يحركه ذراعيه بعشوائية نتجت عن غضبه الذي فشل في السيطرة عليه..
بعد مرور عدة دقائق استطاع "بسام" تدريج "محب" للوقوف أمام باب المنزل ومن ثم صفعه "بسام" صفعة كالتي سددها له "محب" في بداية الأمر ليحرك "بسام" شفاهه بنبرة تحدي قائلاً:ألقاك في المحكمة وإن كان عقلك يثير أفكارك لفعل شئ ضد "قمر" فتذكر ما أحمله في جعبتي من أسرارك
أغلق "بسام" باب المنزل بقوة لترتسم ابتسامة ماكرة علي ملامحه ومن ثم يتجه إلي فراشه للفوز بقيلولة سريعة..
بينما علي الجانب الآخر..استقل "محب" سيارته الخاصة لينطلق بها إلي أحد منازله الخاصة بمتعته بعد أن قام بمكالمة إحدى فتياته الخاصة لقضاء وقت ممتع بعدما حادث "محب" محاميه الخاص الذي أكد له أن القضية ستكون لصالحهم ..لترتسم ابتسامة خبث علي "محب" الذي حادث نفسه قائلاً:انتهي من أمرك في المحكمة يا "قمر" ومن ثم استفيق لك يا "بسام" لأبعثك برسالة إلي والديك
...
مر أسبوع آخر علي أبطالنا..
بالنسبة ل"قمر" كانت الأيام الأخيرة لها كزوجة بالباطل علي ذمة "محب" تقضيها نهاراً في مداوية جروحها وليلاً في محادثة السماء عما يدور بخاطرها عما هو قادم وعن دقات قلبها التي ما عاد لديها قوة لتحمل آلام الشوق ل"فادي"..
لتشهد نجوم السماء علي نضارة القمر التي يستعيدها تدريجياً باقتراب حلول ليلة التخلص فيها من ذاك المعتوه..
أما عن "محب" فقد انشغل عن الجميع بصفقة سلاح يستعد لإمضاء عقدها مع مجموعة من الأجانب ليتحدد الموعد بتسليمها بعد شهر..
ليسلم ذاك الشيطان أمر القضية إلي محاميه وينشغل بإيجاد طريقة لزيادة ثروته..
أما عن "ياسر" فباتت عصبيته تقل تدريجياً بسبب عودة ابنته "تميمة" إلي تمام صحتها ليبدأ في تجهيز منزل "إسراء" مع باقي الشباب لاستعداد لاستقبال "هاني" أو بالأحق استقبال معلومات "هاني" التي ستسهل عليهم الكثير..
أما عن "فادي" فبعد وصول صديقه من أمريكا لتسليمه الترياق بات قلقه أقل حدة لينشغل بمتابعة أخبار قضية الخلع مع المحامي والتحضير لما هو قادم بعدها ومن بين كل هذا لم يستطع "فادي" منع شعور بالحنين إلي والده..
...
أنهي "حمدي" إفطاره اليومي كعادته ليلتقط سلسلة مفاتيحه متجهاً إلي باب المنزل وفي أقل من ثواني يتبدل حاله من اللامبالاة إلي الحنين..ويتغير حال نظرات عينيه بعدما كانت مرهقة صارت مصدومة لتمتزج مع ملامحه التي اختلطت بالفرحة الممزوجة بالعتاب والصدمة..ليبتلع "حمدي" رقه بصعوبة محركاً شفاهه قائلاً:هل منتظر إذن للدخول؟! تفضل يا "فادي"
ما كان "فادي" ينتظر أي إذن نهائياً وإنما خانته ذاكرته لتصحبه لرحلة صغيرة في ذكريات السنين الماضية عندما كان يغيب لأسابيع من أجل رحلة مع وفد سياحي وبمجرد عودته كان والده يستقبله بين ذراعيه في جو طالما سادته الفرحة الممزوجة بصيحات ضحكاتهم ولكن اختلف الأمر تماماً الآن..
تحولت الفرحة إلي جفاء نشب بين الأب وابنه..
وتمكنت نظرات العتاب الممزوجة بالغضب من صيحات الضحك لتدفنها بين طياتها..
وكل هذا..بسبب خبايا ماضي وتحديات حاضر ومستقبل مخيف وعند نشب بين الأب وابنه قضي علي فكرة الحوار بينهم..
أطلق "فادي" حزنه بعيداً عن كيانه بتنهيدة طويلة ليحرك شفاهه قائلاً:هل لنا بالحديث لدقائق
أومأ "حمدي" رأسه موافقاً ليتجه كلاً منهما إلي أحد مقاعد بهو الصالة ليزيل "فادي" نظارته الشمسية قائلاً بنبرة تساؤل:لماذا قتل "معاطي" أمي؟!
تنهيدة ألم أطلقها "حمدي" امتزجت مع نبرته الموضحة الممزوجة بحزنه ليحرك شفاهه قائلاً:في تحقيقات النيابة قال بأنه أراد الانتقام مني ولكنني لم أصدق ما قاله وأنا متأكد من أن "منير" هو من بعثه
عقد "فادي" حاجبيه بتعجب ليحرك شفاهه قائلاً بنبرة تساؤل:ولماذا تلك الثقة في أن "منير" من استأجره؟!
مسح "حمدي" لي وجهه بضيق لاستحضار ذكريات الماضي ليحرك شفاهه بنبرة حزن موضحاً:لأنه كان غبي لم ينتبه لساعة يده التي وجدتها بجوارك
ازدادت تساؤلات "فادي" إلي الضعف ليمسح علي ذقنه بعدم فهم ليحرك شفاهه قائلاً:لا أفهم
رفع "حمدي" عينيه لتقابل عيني "فادي" ليحرك شفاهه بنبرة ألم قائلاً:"منير" طلب من "معاطى" قتل "نسمة" وعندما نفذوا خطتهم الخسيسة تلك من الواضح أن "منير" أراد إيقاع "معاطى" في تلك الجريمة لذلك حسب تقارير النيابة أن "معاطي" تلقي ضربة في رأسه بأداة حادة مجهولة المصدر وذلك يفسر وجوده لجانب جثة والدتك أما عن ساعة "منير" فقد وجدتها بجوارك عندما ألقي بك في حجرة من الثلج
اتسعت عيني "فادي" صدمة امتزجت مع نبرته المشتتة التي حرك بها شفاهه قائلاً:حجرة من الثلج؟!
أومأ "حمدي" رأسه بالإيجاب ليتابع حديثه بنبرة توضيح ليقول:بعد ولادتك بفترة بسيطة..عانت "نسمة" من حرارة مرتفعة لم تزال بالأدوية لذلك حادثت بعض أصدقائي في الخارج من ثم قاموا هم بدورهم في تجهيز الحجرة العلوية التي علي سطح منزلنا بحيث صرنا نتحكم في شدة برودتها ومن ثم كانت والدتك تمضي فيها بعض الوقت وبالفعل تم شفائها ولكنها طلبت مني الاحتفاظ بتلك الحجرة لأنها قامت أكثر من مرة في تقليل برودتها بحيث نستطيع تحملها ومن ثم كانت تصعد هي أحياناً لها بمفردها للراحة قليلاً من مشاغل اليوم وأحياناً ما كنت اصعد معها ولكنها أبت تماماً أن تضعك فيها خوفاً عليك من برودتها ولكن عندما تأكد "منير" من إغماء "معاطي" وضعك بتلك الحجرة بعد أن تأكد من مؤشرات البروده التي بها ولحسن الحظ أنني استطعت إنقاذك في اللحظة المناسبة ولكن بعد تلك الحادثة مكثت ثلاثة أشهر في المستشفي
بينما كان "حمدي" يقص حقيقة ما حدث ليلة قتل زوجته كان "فادي" يرسم صورة تخيلية لما حدث لوالدته من قبله..يحاول إيجاد تفسير لرجل يلقي بطفل في حجرة تفتك بحياته..يحاول إيجاد تفسير لصمت والده عن تلك الحقيقة من سنين..
يحاول إيجاد تفسير لقلبه الذي مازال يدق من أجل الفتاة الذي كاد والدها أن يفتك بحياته..فقط من أجل الانتقام؟!
فاق "فادي" من شروده هذا علي نبرة ضيق نبعت من شفاه "حمدي" ليقول:هل تأكدت الآن أنه من حقي رفضك لتلك الخرافات التي قولتها بشأن ابنته؟! هل تأكدت الآن أنه من المستحيل أن تتزوج من فتاة والدها كان سبب في قتل والدتك وكاد أن يفتك بحياتي؟!
نظرات انتظار نبعت من عيني "حمدي" التي بات يشعر بأن قلبه سيتوقف من قوة ضرباته ليتهيأ عقله بأنه ابنه سيعتذر له حالاً بعد أن يمحي فكرة الزواج من ابنة الرجل الذي دمر عائلته..
بينما بالنسبة ل"فادي" لم يكن لديه أية مبررات للتفسير فنبرة "قمر" عندما اعترفت بحبها له أغنته عن أي شئ لذلك حرك "فادي" شفاهه بنبرة قوة ممزوجة بثبات قائلاً:ليته فعل ذلك
عقد "حمدي" حاجبيه بتعجب استولي علي ملامحه قبل نظرة عينيه ليحرك شفاهه قائلاً:ماذا؟!!!
قام "فادي" من موضعه بثبات ليرفع نظارته الشمسية علي عينيه ليحرك شفاهه بنبرة ثبات قائلاً:ليته فتك بحياتي قبل أن تأتي تلك اللحظة يا أبي
خطي "فادي" خطوتين تجاه والده ليقول بنبرة أسف ممزوجة بحزن:أنا آسف يا أبي ولكنني لن أستطيع التخلي عن "قمر"..إن كان والدها كان سبب في الفتك بحياة أمي وكان يريد الفتك بي أيضاً فلن أكون أنا السبب في الفتك بحياة من علمتني كيف أعشق!!..فيما سبق بشهادة الجميع كنت مجرد روح متعجرفة حرمت علي قلبها العشق ولكن عندما باتت هي في حياتي حرمت علي قلبي عشق امرأة غيرها
علامات من الصدمة الممزوجة بالغضب استولت علي ملامح "حمدي" الذي هب من موضعه قائلاً بنبرة تحذيرية:إذا تزوجت من تلك الفتاة لن تخطو بقدمك ذاك المنزل
أطلق "فادي" تنهيدة ألم امتزجت مع نبرته التي تحمل أقوي معاني الألم ليقول:تلك الفتاة تحملت الكثير من أجلي ورفضت الخضوع نهائياً..في كل جزء من جسدها كدمة شاهدة علي رفضها الاستسلام..تلك الفتاة ستحمل اسم "فادي الاسيوطى"..
أكمل "فادي" حديثه بنبرة أوشكت علي البكاء ليقول:كنت أتمني مراراً وتكراراً أن تكون بجواري فيما أمر به الآن يا أبي ولكنني يا أبي لن أستطيع التخلي عنها..سأشتاق لك كثيراً..حقاً سأشتاق لك كثيراً
ما إن أنهي "فادي" حديثه حتى سار في طريقه إلي باب المنزل وهو يشعر بأن رعشة جسده ستفضحه أمام والده بينما دقات تمده بشعاع من الأمل بأن والده سيصرخ به في العودة وأنه لن يتركه..
ولن سرعان ما أتي الرد سريعاً إلي "فادي" بمجرد وقوفه أمام باب المنزل..لتأتيه نبرة الجفاء من شفاه "حمدي" الذي قال:أغلق الباب ورائك
في تلك اللحظة فقط..أعلن تعجرف "فادي" الذي استولي علي كيانه فجأة...أعلن التحكم من زمام الأمور ليقضي علي علامات الألم التي بدأت في التحكم من ملامحه..وتدمير تلك الدموع التي تلألأت في عيني "فادي" ..
ليعلنها تعجرف "فادي" صريحة ب"أنه أصبح يتيماً بالرغم من أنفاس والده التي مازالت تنخفض وتتصاعد"
بينما علي الجانب الآخر..بمجرد أن أغلق "فادي" باب المنزل أعلنت قوة "حمدي" التحطم نهائياً وتمكن شعور الألم من أوصاله تدريجياً لتدمع عيني "حمدي" بالدموع أو بالأحق تغرق ملامح وجهه بدموع ألم زفرت لحظات قسوته علي ابنه الوحيد..
لتعلن دموعه فوز قسوته في تلك اللحظات وكسرته لابنه بل بالأحق كسرة نفس ذاك الأب الذي بات يشعر أن سنده في تلك الحياة رحل إلي الأبد..
....
ارتسمت ابتسامة خبث علي ملامح "محب" فور عرض محاميه للصور التي التقطها أحد رجاله حيث تجمع "فادي" ب"قمر" لتتصاعد ألسنة اللهب من عيني "بسام" الذي زاد من تمسكه بيد "قمر"وكأنه يريد بث روح الطمأنينة إلي جسدها الذي ارتعد فور عرض تلك الصور..
بالنسبة ل"منير" فسر رعشة كيان ابنته تلك أنه خوف ولكن الأحق أنها رعشة اشتياق للحظات نعمت فيها بالراحة..
فاق الجميع من شرودهم علي نبرة محامي "محب" الخبيثة الذي حرك شفاه بها قائلاً:الآن يا سيادة القاضي تستطيع سيادتك تفسير تقرير الطبيب الذي يثبت تعرض المدعية علي موكلي بأنه ضربها ويتضح لسيادتك أنه فعل ذلك بدافع تأديبها علي فعلتها بمعرفة شخص آخر عليه
بالنسبة لمحامي "محب" كان يري عدة صور تجمع "فادي" ب"قمر" في أماكن عامة سبيل كفاية لوضع "قمر" في صورة الخائنة وبالنسبة ل"محب" فما كان مهتماً بتلك القضية من البداية لتأكده من أن ذاك المحامي ممسكك بزمام الأمور..
ولكن سرعان ما أتي رد محامي "قمر" علي تلك المعتقدات العقيمة سريعاً ليحرك شفاهه بنبرة هادئة قائلاً:بالنسبة للبعض من حضراتكم فسر تلك الصور علي أنها دليل لخيانة موكلتي لزوجها مع رجل يدعي "فادي" ولكن هل لي بطرح سؤال علي الأستاذ\محب
أومأ القاضي رأسه موافقاً ليلتفت المحامي بنظره إلي "محب" قائلاً بنبرة تساؤل:هل تتذكر سيادتك متى تم التقاط تلك الصور؟! و من بعث لك بها؟!
صمت "محب" لثواني معدودة ليحرك شفاهه بنبرة شبه واثقة:جاءت إلي مكتبي من شخص مجهول أما عن المدة فكانت في زيارتي الأخيرة للأقصر
ارتسمت علامات السخرية علي ملامح المحامي الذي حرك شفاهه باستهزاء قائلاً:و هل معقول لصور تم التقاطها في الفترة التي كانت موكلتي مقيمة في القاهرة لإنهاء رسالة الماجستير الخاصة بها أي بمعني أنها كانت قبل ثمانية أشهر أن تأتي تلك الصور لسيادتك في ذاك الوقت تحديداً
نبرة غضب مكتومة ممزوجة بثبات حاول "محب" الحفاظ عليه ليحرك شفاهه قائلاً:من الممكن أن يكون من فعل ذلك يريد إفاقتي من غفلتي علي "قمر"
أعاد المحامي نظره إلي القاضي لترتسم ابتسامة سخرية علي ملامحه تمتزج مع نبرة شفاهه الواثقة ليقول:تاريخ تلك الصور يا حضرات تثبت أنها كانت في الفترة التي كانت بها موكلتي في القاهرة أي في الفترة التي لم يكن يربطها ان شئ رسمي بأستاذ "محب" وإن كان أستاذ "محب" فسر تلك الصور علي أنها دليل علي خيانة موكلتي فاسمح لي بأن أوضح لسيادتكم حقيقة تلك الصور
اتجه المحامي إلي تسليم القاضي بعض الملفات بينما أطلقت "قمر" تنهيدة خوف ممزوجة بنبرة هامسة تناجي بها ربها لتأتيها نبرة المحامي الواثقة ليقول:ذاك الرجل الموجود بالصور يدعي "فادي حمدي الأسيوطي" مرشد سياحي في شركة من أكبر شركات السياحة بالوطن العربي أجمع وعلاقته بموكلتي كانت تحت إطار تبادل المعلومات حيث أنه من الظاهر في الورق أمام سيادتكم تفريغ لمحادثة جمعته بموكلتي كانت عبارة عن حديث عن كتب تخص اللغة والتراث لا أكثر والصورة التي تجمعهم بفتاة ورجل آخرين فما هم إلا جيران موكلتي في عمارتها السكنية التي كانت في القاهرة وبالتالي لا يوجد دليل يثبت أنها كانت علي علاقة غير شرعية به وبالإضافة لذلك يا سيادة القاضي كيف يتهمها أستاذ\محب علي الاستمرار في تلك العلاقة بالرغم من مكوث موكلتي منذ فترة زواجهم في النوبة وعدم اقتنائها لأية وسائل اتصال بالإضافة لأنه عند سفر أستاذ\محب كانت موكلتي قاطنة في منزل والدها
ظهرت علامات القلق علي ملامح "محب" الذي مسح قطرات عرق تدحرجت علي جبينه لترسم "قمر" ابتسامة فرحة محادثة نفسها قائلة "سأتخلص منك أيها المعتوه"
ابتلع المحامي ريقه لثواني ليحرك شفاهه بنبرة قوة قائلاً:أما عن الورق الموجود في نهاية الملف يوضح لسيادتك أنه تقرير موثق من الطبي الشرعي يثبت أن موكلتي مازالت عذراء بالرغم من مرور ثمانية أشهر علي زفافها وذلك يوضح الكدمات التي ملأت جسدها بسبب زوجها الذي عجز عن فرض قوته الجنسية فاضطر لفرض قوته الجسدية
اتسعت عيني "محب" صدمة ممزوجة بغضب ليقفز من موضعه بسرعة ليصيح بنبرة غضب ممزوجة بتوعد:ذاك التقرير مزور هذا مستحيل مستحيل
بقدر ما شعر "محب" بإهانة صوبت له ليتمكن غضبه من أوصاله بقدر ما كانت صدمته بأن "قمر" كانت عذراء قبل زواجهم وبأن علاقتها ب"فادي" لم تمسها أفكاره الشيطانية تلك..
حذر القاضي "محب" من الحديث مرة أخرى بدون إذن ليستكمل المحامي حديثه قائلاً:لذلك يا سيادة القاضي أطلب قبول دعوة موكلتي لتوافي سببين قوين في تلك الدعوة الأول التعرض الوحشي لموكلتي بالضرب والسباب والثاني بل الأقوى عجز المدعي عليه جنسياً
رفع القاضي المحاكمة لمناقشة لمدة نصف ساعة لتتجه "قمر" بصحبة "بسام" إلي خارج القاعة..
وما هي إلا ثواني معدودة من جلوس "قمر" علي مقعدها حتى أتتها عاصفة "محب" الغاضبة الذي اقترب منها في محاولة للاعتداء عليها وهو يصيح بنبرة غضب:أنا عاجز جنسياً أيتها العاهرة حسناً دعيني أريكي كيف يكون ذاك العاجز
لثاني مرة في تتحطم شوكة "منير" لرؤيته ابنته تحتمي خلف ظهر "بسام" رافضة أن تستمد أية طمأنينة منه نهائياً بينما حاولت "ناهد" التخفيف من حدة رعشة جسد ابنتها بكل ما أوتيت من قوة...
أما عن "بسام" فقد استطاع بقوة ملحوظة دفع "محب" عن "قمر" بل وتلقينه صفعة نارية وقبل أن تتحرك شفاهه استطاع رجال الداخلية التفريق بينهم ليعود كلاً من الطرفين إلي موضعها..
أسندت "قمر" رأسها علي كتف "بسام" لتحرك شفاهها بنبرة إرهاق قائلة:هل أنت بخير؟!
أومأ "بسام" رأسه موافقاً ليحرك شفاهه بنبرة ضجر قائلا:كلها دقائق وتتخلصي من ذاك المعتوه
بعد المدة المحددة لمناقشة المستشارين..دلف الجميع عائدين مرة أخرى إلي مقر المحاكمة..
لحظات معدودة تفصل "قمر" عن نهايتها مع ذاك المعتوه..لحظات معدودة وتعود لحريتها من جديد..
لحظات معدودة وتستلم وثيقة خلاصها من ذاك الشيطان وبداية حياتها مع ذاك المتعجرف..
ابتلعت "قمر" ريقها بصعوبة فو أن لمحت شفاه القاضي تتحرك ليعم الصمت المكان وترتفع نبرة القاضي بصوت الحق لقبول دعوى "قمر" وخلعها ل"محب" أي بمعني أدق طلاقها من ذاك المعتوه..
لحظات لم تعلم "قمر" عددها ولكنها كانت كافية بالنسبة لها لعزف كلمات القاضي من جديد لتنطلق صرخة فرحة من "قمر" امتزجت مع ضحكات "بسام" التي أطلقها تبعاً لتنهيدة الراحة التي اكتست ملامحه..
بينما علي الجانب الآخر..اشتعل الغضب في كيان "محب" فور سماعه لحكم القاضي ليضرب يده بالطاولة بقوة قاربت علي الفتك بالمحكمة بأكملها وليست الطاولة فقط..ليتجه إلي ذاك المحامي متوعداً له ومن ثم نكس رأسه بسرعة متجهاً إلي باب القاعة ولكن سرعان ما أوقفته زغاريط فرحة أطلقتها "قمر" ..
ليلتفت "محب" بنظره إلي داخل القاعة ليجد أن المسافة بينهم وبين "قمر" صارت معدودة ولأول مرة يري ابتسامة فرحة ترتسم علي شفاه "قمر"...
ابتسامة فرحة لم يري خيالها حتى ليلة زفافهم ولكنه باتت ترتسم علي ملامحها ليلة خلعها له..
نبرة فرحة ممزوجة بقوة نبعت من "قمر" التي حركت شفاهها قائلة:من اليوم تحررت من عقد زورته بالباطل كان يجعلني زوجتك..ثمانية أشهر وأنت تسقيني العذاب ولكن حان دوري الآن لأرد لك كل ما فعلته بي وأول الأمر فضيحتك في القرية بأن زوجتك خلعتك لأنك عاجز عن القيام بواجبات الزوج
ارتسمت ابتسامة سخرية امتزجت مع نبرة الطمأنينة التي استمدتها "قمر" فور احتضانها لقلادة "فادي" لتقول:بإرادة الله أولاً ثم بعاشقي سأسترد باقي حقوقي ولكن نصيحة مني هيئ نفسك جيداً و تمتع بما هو باقي من أيامك لأن "فادي" لن يتأخر في تقديم العقاب لك
بقدر ما كان غضب "محب" الذي قارب علي الفتك ب"قمر" بقدر ما كان يريد مهلة للتفكير في دفعات المصائب التي سقطت علي رأسه فجأة..ليرمق "قمر" بنظرة غضب تخفي في طياتها العجز الذي تملك منه فور صدور الحكم..
ليدلف "محب" خارج القاعة أو بالأحق خارج حياة "قمر" نهائياً لتطلق "قمر" تنهيدة راحة وتلتفت إلي "بسام" الذي عبث بشاشة هاتفه لإرسال رسالة طمأنينة إلي "فادي"..
لترتسم ابتسامة ماكرة علي شفاه "بسام" قابلتها "قمر" بغمزة فرحة لتهوي "قمر" بجسدها بين ذراعي "بسام" الذي حملها بفرحة لتتصاعد صيحات ضحكاتهم لأول مرة منذ أكثر من ثمانية أشهر..
لأول مرة من فترة كبيرة تستمع "ناهد" لصيحات ضحكة ابنتها التي طالما كتمت صيحات آلامها..
لأول مرة من فترة كبيرة تلتقط عيني "منير" علامات الفرحة علي ملامح ابنته التي طالما اكتست ملامحها بإحساس القهر...
لأول مرة من فترة كبيرة يطمئن قلب "بسام" علي شقيقته منذ أكثر من ثمانية أشهر عاشهم في قلق دائم في أحلامه قبل واقعه..
لأول مرة منذ ثمانية أشهر تشعر "قمر" بالحرية التي اكتسبتها فور نطق القاضي بنهاية سجنها في منزل ذاك الشيطان وتحطيم قيوده التي كادت أن تفتك بحياتها..
لأول مرة منذ ثمانية أشهر يعود القمر الذي أضاء حياة ذاك المتعجرف..
لتتحرر تلك الفتاة من قبضة ذاك الشيطان الذي كاد أن يفتك بحياتها..




يتبع.......
#تورهان_حسنى



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-16, 11:13 PM   #27

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



الفصل الخامس والعشرون


مع دقات الساعة الحادية عشر مساءً..
أنهي "ياسر" سكب الترياق في زجاجة الفودكا ليعيدها إلي موضعها قائلاً بنبرة تأكيد:انتبهي يا "إٍسراء" تلك هي الزجاجة
أومأت "إسراء" رأسها موافقة لتحرك شفاهها بنبرة تساؤل حرجة قائلة:ألن يأتي "فادي"؟!!
نبرة نافية امتزجت بنظرات عيني "ياسر" التي تفحص المكان ليحرك شفاهه قائلاً:الأمور تسير علي ما يرام و"فادي" ينهي أمور لا بد من الانتهاء منها اليوم
هبط "وائل" من علي الكرسي الخشبي ليحرك شفاهه بنبرة تأكيد:أجهزة التصنت باتت مثبتة هيا بنا الآن يا "ياسر"
استأذن "ياسر" من "إسراء" التي جلست علي مقعد يقابل طاولة زجاجات الخمر بينما حمل "وائل" السلم الخشبي واتجه به مع "ياسر" إلي حجرة سيتابعون منها ما يجري..
وضع "وائل" سماعات الأذن الخاصة به ليحرك شفاهه بنبرة مزاح قائلاً:منذ طفولتي تمنيت أن أكون ضابطاً لكن بفضلكم سأجاور أصدقائي من المجرمين
قهقهة خافتة نبعت من شفاه "ياسر" الذي حركها بنبرة مرح قائلاً:لا تقلق سنكون نحن أصدقائك المجرمين لن نتركك لا داخل أسوار السجن ولا خارج أسواره
بمجرد أن أنهي "ياسر" حديثه حتى ارتفع صوت رنين جرس المنزل لتطلق "إسراء" تنهيدة ثبات ومن ثم تتجه إلي فتح باب المنزل لتجد "هاني" يستقبلها بابتسامة ماكرة ترتسم علي ملامحه..
لم يهتم "هاني" بعلامات الحزن التي تكسو ملامح "إسراء" ولا بالدمعة اللؤلؤية التي تتدحرج في عينيها وإنما كان اهتمامه أجمع في استراق قٌبلة فرنسية فور إغلاق "إسراء" لباب المنزل..
سالت دمعة "إسراء" علي خديها لتمتزج بملامح وجه "هاني" الشهوانية..لتشهد تلك الدمعة علي ما تعانيه تلك المسكينة التي باتت سلعة يستمتع بها ذاك المعتوه سابقاً وحالياً بات صديقه الماكر يتمتع بها غير مبالياً لما تمر به..
حاولت "إسراء" دفع "هاني" عنها برفق لتستعيد تماسكها من جديد ومن ثم تحرك شفاهها بنبرة دلال مصطنعة لتقول:هل لنا بالتحدث قليلاً مع كأس فودكا ريثما أستطيع التعود علي ما أمر به بسبب فقداني لأمي
ابتعد "هاني" عن "إسراء" مسترقاً نظرة شهوانية إلي فستانها الذي يزين ملامح أنوثتها ليضع عود تبغه بين ثغره قائلاً:حسناً لا تتأخري
دمعة لؤلؤية سالت فور التفات "إسراء" بظهرها لتطلق تنهيدة ألم سرعان ما حاولت إخفاء لتعد كؤوس الفودكا والزجاجة التي تحتوي علي الترياق..
جلست "إسراء" بجوار "هاني" الذي أحاط كتفها بذراعيه قائلاً بنبرة خبث:ما ذاك الجمال الذي تظهرين به اليوم؟!!
ارتسمت ابتسامة دلال مصطنعة علي ملامح "إسراء" التي ناولت "هاني" كأس الفودكا قائلة بنبرة أنوثة مصطنعة:أنا في جميع حالاتي جميلة أنت فقط الذي لا تنتبه لي
ارتشف "هاني" القطرات الأولي من الكأس ليحرك مسار شفاهه لتقابل شفاه "إسراء" التي حاولت تفادي قبلاته تلك بدلال مصطنع..ليبدأ مجري الحديث في ثناء "هاني" علي جمال مظهر "إسراء" إلا أن تعالت ضحكاته فجأة قائلاً بلا وعي:"محب" كان محقاً في كل حرف حادثني به عن جمال علاقتكم لما لا أقيم الآن ما قاله عملياً
ارتسمت ابتسامة خبث علي ملامح "إسراء" التي تأكدت من بدء مفعول الترياق لتعبث بخصلات شعر "هاني" وهي تحرك شفاهها قائلة:ألن تقول لي يا حبيبي عن مخبأ والدة "محب"؟!
ارتشف "هاني" البعض من الفودكا ليشير إلي ثغره بحركة خبيثة ومن ثم ترتفع ضحكاته قائلاً:ادفعي ضريبة حديثك أولاً
زفرت "إسراء" بضجر لتحرك مسار شفاهه لتقابل شفاه "هاني" في قٌبلة عنيفة اصطنعها "هاني" الذي حاول إزالة فستان "إسراء" ولكنها أمسكت بيده قائلة بدلال مصطنع:ذاك لن تحصل عليه إلا مع دفعك لضريبة وهي إخباري بمكان ذاك المخبأ
وبلا وعي استولي علي عقل "هاني" امتزج برغباته الشهوانية ليحرك شفاهه مفصحاً عن مكان ذاك المخبأ ليحرك "وائل" إصبعه سريعاً ليدون ذاك العنوان ومن ثم ينظر إلي "ياسر" بنبرة انتصار قائلاً:هل من الممكن اصطحابنا في جولة سياحية في محافظة المنيا
ضرب "ياسر" كف "وائل" بحركة انتصار مرحة ليحرك شفاهه قائلاً بنبرة مرح:سأصحبك إلي مخبأ كالذي نسمع عنه في الحكايات الخيالية
بينما علي الجانب الآخر..حاولت "إسراء" بشتى السبل هدر مدة الترياق المحددة في الحديث مع "هاني" عن خبايا ذاك المخبأ بينما "وائل وياسر" يدونون تلك الملاحظات بسرعة وابتسامة النصر تكسو ملامحهم إلا أن أغلق "هاني" عينيه ليهرب في ثبات عميق ومن ثم يعاود "وائل وياسر" ما فعلوه سابقاً ليتركوا "إسراء" بمفردها بعدما تأكدوا من سلامتها ويعود كلاً منهما إلي منازلهم علي وعد بلقاء مساء غد..
..
رفعت "قمر" وشاحها لإخفاء ملامح وجهها أو بالأحق لإخفاء دموع تخفي كدمات وجهها لتطلق تنهيدة ألم امتزجت بنظرات عينيها التي باتت تتأمل كل جزء في حجرتها..
ذاك المكتب الذي طالما غفت عليه في لحظة مذاكرة..ولطالما شهد ذاك المكتب علي لحظات يأس توصلت لها "قمر" عند تعثر فهمها لسؤال ما وبالرغم من ذلك شهد ذاك المكتب علي ابتسامتها الصافية عند توصلها لإجابة ذاك السؤال..
أما ذاك الفراش الذي طالما شارك "قمر" لحظات حزنها قبل فرحتها..لطالما كتمت فيه صيحات بكائها ولطالما تعاركت بوسادته مع أقاربها..
تلك المرآة التي طالما كانت شاهد رئيسي علي لحظات جنون من "قمر" كانت تمر عليها وهي تتغزل بنفسها أمام المرآة وبالرغم من ذلك لطالما شهدت علي عيني "قمر" المنتفختين من البكاء في الأشهر الماضية..
خزانة الملابس تلك لطالما حملت أروع ذكريات الطفولة لدي "قمر" عندما كانت تختبئ بها لتلهو مع والدتها لكي تبحث عنها..ولطالما شهدت علي حيرة "قمر" في ارتداء أية ملابس في مناسبات العيد..
كل جزء بالحجرة شهد علي ذكري فرحة كانت أم حزن..كل جزء بتلك الحجرة شارك "قمر" أيامها وهي تنمو تدريجياً إلي أن حانت تلك اللحظة التي قررت فيها توديع تلك الحجرة للأبد..
خطت "قمر" خطواتها الأولي تجاه باب شرفة حجرتها لتطلق تنهيدة ألم كبيرة لتحرك شفاهها بنبرة همس مرتعشة:إن كان ما أفعله صواب أم خطأ ذاك ما وجده عقلي قبل قلبي أنه الصواب..فبعدما فقدت شعوري بالأمان في منزل والدي ما عاد لي مكان فيه..نعم سأشتاق لأمي كثيراً ولكنني أرجو من الله أن يهون عليها تلك الأيام التي لا يعرف أحد مدها سواه...وأنني ما رأيت الصواب إلي فيما سأفعله بأن أتخلي عن كل شئ من أجل "فادي"
حمدت "قمر" ربها أنها فازت بضمة من والدتها قبل خلودها إلي الفراش ولولا تلك الضمة التي مازالت تشعر بمدي دفئها لهرولت "قمر" إلي حجرة والدتها لتحظي بضمة وداع لا يعلم أحد مداه..
فتحت "قمر" باب الشرفة بحذر لتجد "بسام" يقف في انتظارها وهو يلتفت حوله بقلق..حملت "قمر" حقيبتها علي ظهرها لتمسك بيد "بسام" ومن ثم تقفز من شرفتها وتعيد إغلاق الباب..
ارتسمت علامات الحزن علي ملامح "قمر" لتمتزج بنبرتها التي توشك علي البكاء لتقول:اذهب أنت إلي منزلك يا أخي
حرك "بسام" رأسه نافياً ليقبل جبين "قمر" قائلاً بنبرة إصرار:لا لن أتركك بمفردك لا
لولا ذاك الوشاح الذي يخفي ملامح "قمر" لاستطاع "بسام" رصد ابتسامتها الحزينة التي تزين ملامحها ولكن سرعان ما حركت "قمر" شفاهها بنبرة قلق ممزوجة بنبرة توشك علي البكاء لتقول:الساعة باتت الثانية والنصف صباحاً وإذا أتيت معي وعدت مرة أخرى من الممكن أن يكون الأمر قد كشف..لذلك اذهب إلي منزلك وانتبه علي حالك جيداً
لحظات الفراق لا يعلم أحد كم ستدوم هي اللحظات الأقوى ألماً التي يمر بها الإنسان..
هي اللحظات التي يلعن فيها القلب كل ما تسبب في ذاك الفراق الذي لن تستطيع الأيام نسيانه بل سيزداد ألمه مع كل لحظة تمر..
ذاك فراق شخصين هم بالأحق روح واحدة قبل أن تجمعهم وحدة الدم والتربية..ذاك فراق موطن شهد علي لحظات جاءت بالعمر مرة واحدة..
ذاك فراق الجسد لموطنهم من أجل الروح التي تسكن في موطن آخر بين ضلوع ذاك المتعجرف..
أنحني "بسام" في مستوي "قمر" ليرفعها إلي أحضانه بقوة قائلاً بنبرة توشك علي البكاء:انتبهي أنتي علي حالك وأنا سأحاول زيارتك ريثما تنتهي القضية
أخفت "قمر" دموعها في طيات ملابس "بسام" لتحرك شفاهه بنبرة أمل مرتعشة:سأنتظرك..لن يتم زفافي بدونك
طبع "بسام" قٌبلة حزن طويلة علي جبين "قمر" ليعيد أنظاره المتألمة إليها ليحرك شفاهه بنبرة تأكيد ممزوجة بقلق:انتبهي علي نفسك وأنا سأنتظر مكالمة "فادي" يطمئني أنني وصلتي إليه
أومأت "قمر" رأسها موافقة لتودع "بسام" بابتسامة أمل ارتسمت علي عينيها التي غرقت في بحر دموعها لتسحب "قمر" يدها من علي يد "بسام" ببطء وكأنها تري شريط ذكرياتها معه يمر أمام عينيها ببطء..
لتترك يد سند طالما كان حمايتها من أجل يد عاشق لا يفكر بشئ سوي حمايتها..
تنهيدة ألم أطلقها "بسام" في لحظات متابعته ل"قمر" التي تدلف خارج حدود المنزل تدريجياً ليرفع عينيه إلي السماء مناجياً ربه بحفظها وبإدخال السعادة علي قلبها هي و"فادي"..
ما يقارب الثلث من الساعة مرت علي "قمر" وهي تسترق النظر من حولها خوفاً من أن يراها أحد بينما قدمها منحها السرعة للوصول خارج القرية..
أنحنت "قمر" بظهرها علي ركبتيها لتدلكهما بألم بينما صدرها يرتفع وينخفض بسرعة من أنفاسها المتلاحقة خوفاً من أن تكون عيني غادرة رصدتها..
لحظات معدودة مرت علي "قمر" وهي تستعيد أنفاسها من جديد لتعتدل في وقفتها تدريجياً بينما يدها تعبث لنزع وشاحها ببطء لتمتزج مع انحناء رقبتها للبحث عن "فادي"..
منذ دقائق معدودة كان "فادي" جالساً في السيارة المقررة لنقله هو و"قمر" بينما وساوس شيطانه باتت تدب سمومها في عقله بأفكار أن "منير" من أراد قتله بل وهو من ساعد في قتل والدته وما إلي ذلك..
ولكن سرعان ما صاحت عيني "فادي" في وساوس شيطانه تلك بغضب فور التقاطها ل"قمر" التي تقف في منتصف الطريق تلهث أنفاسها..
لتتحول وساوس الشيطان تلك إلي لهفة ممزوجة بشوق تمكنت من أوصال "فادي" بسرعة البرق ليدلف "فادي" خارج السيارة يتابع رعشة جفونها التي تبحث عنه ..
شعور بصدمة كهربية ارتعد لها كيان "قمر" فور رصد عينيها لعيني "فادي" التي تتابعها بنظرات شوق ممزوجة بعشق..
تنهيدة راحة أطلقها العاشقين امتزجت بابتسامة خافتة ارتسمت علي شفاههم في نفس الوقت ليستلم كلاً منهما إلي أوامر قلبه العاشق ليحرك قدمه تجاه الآخر ويرسل شوق عينيه بنظرات كاد أن يلتهم كلاً منهما الآخر..
بدأت المسافة تتقلص بين العاشقين وبالرغم من أنها لا تعتبر شئ أمام ما واجهوه فيما سبق إلا أنهم شعروا بأن تلك الدقائق التي مرت عليهم كانت أضعاف مضاعفة مما مر عليهم في السابق..
أقل من المتر كانت هي المسافة التي توقف عندها كلاً من "فادي وقمر" عن السير ليفسحوا المجال لعينيهم بالحديث..
ما كان هذا وقت حديث الشفاه أبداً بل ذاك الوقت بكل تأكيد هو من أجل تلك العيون التي تلألأت شوقاً ممزوج بعدم تصديق بأنه وبعد ثمانية أشهر عانها الاثنين بآلامهم وأوجاع الفراق التي بدلت ملامحهم الناضرة لملامح باهته..
ثمانية أشهر تشهد كل ثانية فيهم بأن ذاك القلب المتعجرف وذاك العقل العنيد اجترعوا أقوى جرعة ألم لتشتت عن بعضهم...
ثمانية أشهر تتآكل فيها إنسانيتهم في كل لحظة غضب تمتزج بقليل من اليأس يريد الفتك بقوة إيمانهم..
ثمانية أشهر حكم فيها كلاً من العاشقين علي ابتسامتهم بالفناء حتى يعودوا للإتحاد سوياً..
ولكن!!الآن باتت عينيهم متأكدة أن ما يحدث الآن ما هو إلا جزاء بسيط لما مروا به من آلام اختصرتها العيون في نظرات لهفة..عتاب..شوق..احتياج..حب..أ لم..
تنهيدة فرحة طويلة أطلقها "فادي" لتمتزج مع نبرته الغير مستوعبة لما يحدث بعد ليقول:أخيراً ؟!
ارتسمت ابتسامة سعادة علي ملامح "قمر" لتمتزج مع دمعة لؤلؤية تدحرجت علي عينيها لتحرك شفاهها بنبرة شبه مرتعشة:أخيراً
خطي "فادي" خطوتين في مقابلة "قمر" وعينيه تزف لعينيها نظرات شوق ممزوج بعشق بات مسيطراً علي كيانه بأجمع وليس عينيه فقط..
حرك "فادي" شفاهه بنبرة لهفة ممزوجة بطلب..نبرة شبه هامسة مخصصة فقط للعشاق ليقول: "قمر" !!
تلك النبرة لم تحمل إطلاقاً أي معني سوي أن "فادي" يطمع في ضمة واحدة تخفف من حدة الشوق الذي قارب علي الفتك بضلوعه..
ضمة واحدة سواء كان "فادي" أم "قمر" هما بحاجة لها..بحاجة لإزالة الآلام التي تهيمن علي ضلوعهم بضمة حانية..
ضمة واحدة يرها العاشقان أنها الجزاء الأمثل لما لاقوه في الشهور الماضية هي المسكن الوحيد حتى يقام الزفاف..
نظرة عيني "فادي" فسرت ل"قمر" سر تفوهه باسمها ليتورد خديها خجلأ امتزج مع أنفاسها المرتفعة والمنخفضة بسرعة جنونية..لتشعر وكأن ضربات قلبها تتسارع لتبلغ "فادي" باحتياجها لضمة من ذراعيه..
أبلغت جفون "قمر" المرتعشة موافقة "قمر" لترتسم ابتسامة خافتة علي ملامح "فادي" ومن ثم يحرك قدمه بخطوات ثابتة تزيد حدة لهث "قمر" لأنفاسها..
لتتقلص المسافة نهائياً بين العاشقين ويتحرك ذراع "فادي" الأيمن ليحيط بخصر "قمر" بينما ذراع الأيسر التف علي ظهرها ليشعر "فادي" بارتعاد جسد "قمر" الغير مستوعب لما يحدث الآن..
لم تمهل "قمر" لعقلها التفكير فيما يحدث وجعلت قلبها يمسك بزمام الأمور لتحيط بيدها اليمني رقبة "فادي" وبيدها اليسرى تزيد تمسكها به..
ليطلق "فادي" تنهيدة راحة لم يشعر بها باتت إلا في تلك الضمة لتتحول أنفاسه تلك إلي صدمة كهربية ارتعدت لها ضربات قلب "قمر" التي تتسارع للإتحاد مع قلب "فادي"..
دمعة فرحة ممزوجة براحة تلألأت في عيني "قمر" التي دفنت وجهها في كتف "فادي" لتتسارع تلك الدمعة للإتحاد مع الجسد الذي أعاد لها الشعور بالأمان..
لتتحد ضلوع العشاق أخيراً لتفتك بأية آلام كانت تبعث الخوف في كيانهم وتبدلها بطمأنينة بات قلبهم يتراقص فرحاً بها..
لحظات أو ربما هي دقائق أو بالأحق لا يعلم "فادي" كان أم "قمر" بمدتها ولكن ما ترسخ في أذهانهم أن ذاك الوقت كان كافياً لتأكيد فكرة "أن ضمة العشاق الحق هي التي تتحد فيها ضلوعهم وتصبح ضربات قلوبهم واحدة"
أغلق "فادي" عينيه ببطئ ليمحي تلك الدموع اللؤلؤية التي تتأرجح في عينيه ليعد فتحها من جديد ومن ثم يهوي بثغره إلي أذن "قمر" قائلاً بنبرة حب هامسة ممزوجة بمزاح:لم أتخيل يوماً أن يرجف قلبي في حضرتك أيتها القمر ولكنني متخيل تماماً ما سيحدث إذا رأنا أحد
ضحكات خافتة بعثتها "قمر" في كيان "فادي" لتزيد من رجفة قلبه ومن ثم ترفع عينيها بخجل ممزوج بفرحة لتحرك شفاهه بنبرة هادئة:أنا لم أتخيل تماماً أن استعيد شعوري بالأمان أضعاف مضاعفة بين ذراعيك
ابتسامة خافتة رسمت علي ملامح "فادي" لتمتزج مع نبرته الهادئة وهو يقول:الآن هيا بنا لأصحبك إلي مسكنك الجديد ريثما يتم الزفاف
اتجهت "قمر" بصحبة "فادي" إلي سيارته ومن ثم حادث "فادي" "بسام" ليطمئنه أن "قمر" وصلت له بسلامة ومن ثم بدأت أطراف الحديث بين كلاُ من العاشقين لتمتزج صيحات مزاحهم بصخب ضحكاتهم بنبرة الحزن لتذكر ذكري ألم من الماضي بنظرة يسترقون فيها تأملهم لبعضهم لتأكدهم من أنهم باتوا أخيراً سوياً..
هاتف محمول جديد يحوي أرقام "فادي" و"بسام" و"مريم" أحضره "فادي" ل"قمر" من اجل الاطمئنان عليها من حين إلي آخر..
عقدت "قمر" حاجبيها بتعجب قائلاً بنبرة تساؤل قلقة:ماذا تعني بإحضارك لذاك الهاتف؟!هل ستغيب مرة أخرى يا "فادي"؟!
نبرة اطمئنان ممزوجة بتوضيح نبعت من شفاه "فادي" الذي قال:لن أغيب أبداً يا قمري ولكنني أعمل علي ترتيب أمور سفرنا والزفاف وبالإضافة لذلك والدك لن يهدأ بعد غيابك وأول شخص سيراقبه سأكون أنا لذلك يجب ألا يعلم نهائياً أين تسكنين ريثما أنهي أموري واذهب لدار الإفتاء لمعرفة إن كانت لكي عدة أم لا !!
تنهيدة طمأنينة أطلقتها "قمر" امتزجت بنبرتها الفضولية التي حركت بها شفاهها قائلة:ولكن أين سأسكن؟!
ارتسمت ابتسامة خافتة علي ملامح "فادي" الذي حرك شفاهه بنبرة هادئة قائلاً:ستعلمين عندما نصل
...
علامات من الصدمة امتزجت مع صيحة الخوف التي أطلقتها "ناهد" فور رؤيتها لحجرة ابنتها فارغة ليرتعد كيانها قلقاً فور تذكرها لكلمات ابنتها الأخيرة قبل ذهابها إلي الحجرة حين همست في أذنها قائلة
"عندما تفقد الطفلة إحساسها بالأمان علي يد والدها تتحول إلي عجوز ترتعد من نسمة هواء غادرة تزيد إضعاف جسدها ولكنني لن أنتظر ريثما يحدث هذا لي يا أمي؟!"
تشكلت لمعة لؤلؤية بين جفون "ناهد" التي حركت شفاهها بنبرة حزن هامسة:لماذا؟!لماذا يا ابنتي؟! لماذا الرحيل؟!كل هذا من أجل الفرار بما ظل في كيانك من القوة؟! لم للفوز بحبك الذي أراد والدك القضاء عليه؟!
بمجرد أن أنهت "ناهد" حديثها حتى جذبتها نبرة "منير" المتسائلة بغضب قائلاً:ما هذا الصراخ؟!
رعشة أطراف "ناهد" امتزجت مع نبرة بكائها التي حركت بها شفاهها قائلة:ابنتك تحررت من سجن الجفاء التي قيدتها بك..ابنتك لم تعد تشعر بأمان في منزلك..ابنتك قررت الرحيل
اتسعت عيني "منير" صدمة امتزجت مع دقات قلبه التي تسارعت في محاولة لعدم تصديق ما قالته زوجته ليدلف إلي داخل حجرة ابنته بسرعة البرق بينما عينيه تحاول جاهدة البحث عنها..
نظرات عينيه باتت تترجي الحجرة أن تظهر له ابنته من جديد..دقات قلبه تأبي الاقتناع بأن ابنته تركته إلي الأبد..
هرول "منير" إلي منزل "بسام" ليطلق دفعات متتالية من الضربات الغاضبة وفي أقل من ثوانِ فتح "بسام" باب المنزل وعلامات التعجب علي ملامحه لتأتيه ضربة "منير" في صدره قائلاً بغضب:أين ابنتي؟! أين أخفيتها؟!
نبرة صدمة ابتدع "بسام" في إظهارها محركاً شفاهه قائلاً:"قمر" ؟! لا أعلم عنها شئ منذ أن أتينا من المحكمة
أنهي "منير" البحث في الحجرات عن ابنته ليتجه إلي "بسام" ويحكم القبضة علي رقبته ليصيح به بغضب قائلاً:إن لم تقل لي أين هي سأقتلك يا "بسام"
حرر "بسام" رقبته بأعجوبة من قبضة "منير" النارية ليحرك شفاهه بنبرة ضجر قائلاً:سأذهب للبحث عنها وإن وصل الحال للسفر للقاهرة ولكن يجب عليك ألا تترك المنزل
صيحة غضب أنطلقت من "منير" لتمتزج مع نبرة الضجر التي حرك بها شفاهه قائلاً:نعم؟!أتريد ترك ابنتي تذهب لذاك المعتوه
نظرة ثبات انطلقت من عيني "بسام" لتمتزج بنبرته المحذرة التي حرك بها شفاهه قائلاً:سأذهب للبحث عنها مهما كلفني الأمر ولكنك إن ذهبت أيضاً ستجعل أهل القرية يطلقون عليها الشائعات لذلك كفي ما حدث لها وأتركني أنا أبحث عنها
...
أغلقت "قمر" باب السيارة بحذر لتعقد حاجبيها بتعجب امتزج مع نبرة شفاهها المتسائلة لتقول:ما هذا المنزل؟!وما هذا المكان؟!




يتبع......
#نورهان_حسنى



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-16, 11:14 PM   #28

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



الفصل السادس والعشرون


أغلقت "قمر" باب السيارة بحذر لتعقد حاجبيها بتعجب امتزج مع نبرة شفاهها المتسائلة لتقول:ما هذا المنزل؟!وما هذا المكان؟!
تأكد "فادي" من إغلاق السيارة ليتجه للوقوف بجوار "قمر" قائلاً بنبرة توضيح مطمأنة: ذاك هو المكان الوحيد الذي أطمأن أنكي بخير طالما أنتي به..ذاك منزل "الشيخ\راضي" الذي حادثتك عنه في الطريق
بمجرد أن أنهي "فادي" حديثه حتى فتح "الشيخ\راضي" بوابة المنزل قائلاً بنبرة ترحيب:أهلا بكي يا ابنتي
ارتسمت ابتسامة طمأنينة علي ملامح "قمر" لتمتزج بنبرتها الهادئة لتقول:أهلاً بك يا عماه
رفع "فادي" نظارته الشمسية علي عينيه قائلاً بنبرة توديع:سأذهب أنا الآن لأنهي أموري وسأتصل بك ريثما انتهي
التفت "فادي" بنظره إلي "الشيخ\راضي" ليقول بنبرة شكر:شكراً جزيلاً يا عماه علي ما تفعله من أجلي
نبرة عتاب ممزوجة بطمأنينة نبعت من شفاه "الشيخ\راضي" الذي قال:لا شكر بيننا يا بني أنهي أنت أعمالك ولا تقلق فزوجتي بالداخل وسنضعها بين جفونها ريثما يحدد موعد زفافكم
ارتسمت ابتسامة راحة علي ملامح "فادي" لتمتزج بنبرة التنبيه الذي صوبها ل"قمر" قائلاً:لا تشغلي بالك بأية أمور الآن وخذي مدتك الكافية للراحة
أومأت "قمر" رأسها موافقة لتودع "فادي" بابتسامة خافتة ومن ثم تدلف إلي داخل المنزل بصحبة "الشيخ\راضي" لتلتقي بزوجته "ثرية" التي أحسنت استقبال "قمر" إلي أبعد الحدود ومن ثم اصطحبتها إلي حجرتها الجديدة تاركة إياها لتحظي بقيلولة هادئة..
بينما علي الجانب الآخر..بعد اطمئنان "فادي" علي دخول "قمر" بصحبة "الشيخ\راضي" إلي المنزل انطلق بالسيارة إلي منزل "الحاج\صالح" ليجد "ياسر" في ثبات عميق وبجواره الورقة التي توضح ما جري في منزل "إسراء" ..
خلع "فادي" قميصه القطني ليلقي بجسده بجوار صديقه بإرهاق ممزوجة براحة تكونت منذ أن رأي "قمر" لترتسم ابتسامة تدريجية علي ملامح "فادي" فور تذكره لرجفة قلبه بين ذراعي قمره الخاص لتمتزج تلك الابتسامة مع تنهيدة هادئة أطلقها "فادي"..
نبرة نعاس ممزوجة بمكر نبعت من شفاه "ياسر" الذي تململ في الفراش قائلاً:أصبحت عاشق أيها المتعجرف وأصبحت شفاهك ترسم ابتسامة العشق بعد أن كانت متخصصة في البرود
قهقهة خافتة نبعت من شفاه "فادي" الذي وكز صديقه في كتفه قائلاً:رحم الله أياماً كنت أقضيها وأنا أتابع عشقك الممتزج بكل تصرفاتك إلي أن صرت أب
رفع "ياسر" الوسادة عن رأسه ليحرك شفاهه بنبرة مزاح ممزوجة بضحك قائلاً:كلها أيام وأعود إلي منزلي مع زوجتي وسأترحم علي أيام كنت أحظي فيها بقيلولة هادئة
قهقهة خافتة نبعت من شفاه "فادي" الذي أغلق عينيه بشعور من الإرهاق قائلاً:ومن الأفضل أن نحظي بقيلولة الآن أيضاً لن اليوم لن يمر مر الكرام
أعاد "ياسر" وضع الوسادة علي وجهه ليحرك شفاهه بنبرة قلق قائلاً:إن كنت تصمم علي جنونك هذا فليهديك الله يا "فادي"
...
مر باقي اليوم بإحساس من الرعب الممزوج بالقلق الذي سرعان ما تملك من أوصال "ناهد" فور سفر "بسام" للبحث عن "قمر" في القاهرة...بينما "منير" بالرغم من علامات القلق التي تحكمت من كيانه إلا أن شعوره بالعجز لعدم الذهاب للبحث عن ابنته خشية أن يعلم أحد بالأمر كان الأقوى ليظل علي اتصال دائم ب"بسام" لعله يمحي شعور عجزه ذاك..
أما عن "بسام" فبعد أن حادث "فادي" فور وصوله إلي القاهرة ذهب إلي مكتبه في الداخلية لمتابعة مجري القضية والاتفاق مع "وائل" حول كيفية دخول مخبأ "محب"..
أما عن "فادي" فقد انشغل من الصباح في إنهاء بعض أعماله في الشركة ومن ثم اتجه إلي دار الإفتاء المصري ومن ثم استقل سيارته متجهاً لتنفيذ أحد أفكاره المجنونة..
أما عن "قمر" فالراحة النفسية التي تسود منزل "الشيخ\راضي" منحتها الطمأنينة لتقضي يومها بأكمل في النوم كأنها لم تنم منذ سنين..
..
امتزجت دقات الساعة معلنة أنها باتت الثامنة مساءً مع صيحات غضب تحوم حول منزل "منير" بسرعة البرق..
دلفت "ناهد" خارج حجرة ابنتها بقلق ارتسم علي ملامحها فور سماعها صيحات الغضب تنادي باسم ابنتها و زوجها بينما "منير" اتجه لفتح باب المنزل ليجد "محب" يقف أمام بوابة المنزل ويبدو عليه أنه تحت تأثير مواد كحولية لترتسم علامات الضجر علي ملامحه وتمتزج مع نبرته الغاضبة ليحرك شفاهه قائلاً:اتجه إلي منزلك يا أنت لا داعي لإزعاج الناس في المساء
وقف "محب" علي صخرة تجاور منزل "منير" ليصوب نظرات غضب تجاه "منير" و زوجته اللذان يقفان أمام بوابة منزلهم ليحرك شفاهه بنبرة ساخرة ليقول:أذهب لتربية ابنتك أولاً ومن ثم تعال إليً لتحاسبني..أذهب لتربية تلك الفتاة التي دنست عرضك وأقامت علاقة مع شاب عندما كانت في القاهرة
بدأت جموع الناس تجتمع إثر صيحات "محب" تلك ونظرات التعجب الممزوجة بهمسات الاستهئزاز بدأت تصوب تجاه "منير" و زوجته..
تابع "محب" حديثه بنبرة غضب مرتفعة امتزجت بنظراته الساخرة ليقول:كذب كلامي إن استطعت..كذب صور ابنتك التي جمعتها بذاك الشاب..كذب فضيحتها في عمارتها السكنية في القاهرة عندما ذهبت لجلبها لي لتزوجني إياها فقط لأخفي فضيحتك تلك..كذب أن تلك العاهرة فعلت ما فعلته من أجل أن تعود لذاك الرجل..كذب أنك أرسلت "بسام" في الصباح للبحث عنها..
صوت محركات سيارة جذب انتباه الجميع لتتحول أنظارهم إلي تلك السيارة التي وقفت في مقابلة "محب"..
علامات صدمة ارتسمت علي ملامح الجميع عدا "منير و زوجته" و"محب" الذين باتت ملامحهم منبع لعدم التصديق صوبت بغضب لذاك الشاب الذي ارتجل من السيارة وهو يرفع لياقة معطفه بثقة..
ذاك الشاب الذي قرر القصاص لحبيبته بطريقته الخاصة فبالرغم من جنون الفكرة فبالنسبة له ما كانت إلا جرعة بسيطة يريد من ذاك المعتوه تذوق مرارتها..
ارتسمت ابتسامة خبث علي ملامح ذاك أو بالأحق "فادي" الذي رسم علامات التعجرف علي ملامحه لتمتزج بنبرته الباردة التي حرك بها شفاهه قائلاً:لماذا كل هذا الغضب؟!هل لأنك عاجز عن القيام بواجبات أي زوج؟! أم لأن والدتك مريضة قليلاً؟!
خيم الصمت علي المحيطين بمنزل "منير" وما حوله ليهرول "منير" إلي "فادي" وعينيه تشعان نظرات قاتلة ليصيح به:أين ابنتي؟! ماذا فعلت بها؟!
بالرغم من الغضب الذي تملك "محب" منذ رؤية "فادي" وبالإضافة إلي صدمته لذكره كلمة "والدتك" إلا أنه وبمجرد أن أنهي "منير" حديثه الذي أثبت فيه بلا وعي أن ابنته هرب مع "فادي" حتى حرك شفاهه بنبرة انتصار ماكرة ليقول:أرأيتم الآن؟!بشفاهه تلك اعترف بأن ابنته لم تحافظ علي عرضه بل وهربت أيضاً؟! بشفاهه تلك اعترف أن ابنته عاه...
لم يمهل "فادي" ذاك المعتوه أية فرصة لاستكمال حديثه نهائياً ليتجه أمام تلك الصخرة التي يقف عليها مسددً لكمة قوية أودت بجسد "محب" علي مقدمة السيارة..
مسح "فادي" علي جبينه بتوعد ليحرك قدمه تجاه "منير" قائلاً بنبرة قوة هامسة:ابنتك أنت من جعلتها ترحل ولا تحلم بأنها ستعود لك
لم تكن أمام "منير" أية فرصة لتحريك شفاهه بسبب ذاك المعتوه الملقب ب"محب" الذي تحرك بخفة ليقف خلف "فادي" مسددً لكمة قوية له هوت ب"فادي" أرضاً..
سرعان ما حرك "محب" عينيه إلي رجاله ليأمرهم بنظراته للإقتراب للفتك ب"فادي" ولكن بمجرد أن خطي الرجال خطوة واحدة فوجئ الحاضرين خاصةً "منير" ببعض رجال يتمتعون بلياقة جسدية عالية يكبلون أيدي رجال "محب" لتتسع عيني "محب" صدمة امتزجت مع نبرته الغاضبة ليصيح:أقضوا عليهم أوقفوا هذا الجنون
ابتسامة خبث امتزجت بنبرة توعد انطلقت من شفاه "فادي" الذي قام من علي الأرض ببطء وهو يزيل آثار الأتربة من علي ملابسه قائلاً:كنت متوقعاً من أن يكون معتوه مثلك يحتمي ببعض الرجال بالرغم من قوتك الجسمانية إلا أنك تمتلك عقلية حيوان
انفجرت ثورة الغضب داخل كيان "محب" بأجمع ليحرك يده تجاه "فادي" مسددً لكمة قوية إلي وجهه...
لتعلن تلك اللكمة بداية عراك غير متكافئ الأطراف..بين قوة جسمانية لعقل طفولي وعقل رجولي يمد الجسد بالقوة..
ليبلي "فادي" بلاء حسناً في ذاك العراك بالرغم من تعرضه لبعض اللكمات بينما "منير" قرر متابعة ذاك العراك مثله كمثل الحاضرين..
بينما نال بعض من رجال "محب" حصتهم كاملة من الصفعات فور محاولتهم بالتدخل..
سدد "محب" لكمة قوية إلي رأس "فادي" ليهوي صداها إلي أوصال "فادي" سريعاً ليستند علي مقدمة سيارته بينما استغل "محب" الفرصة ليحكم القبضة علي "فادي" مسددً له لكمات متتالية إلي معدته..
رفع "محب" رأسه بفخر وهو يفتح ذراعيه بحركة قوة ليحرك شفاهه قائلاً بغضب:أرأيتم الآن أنه لا يستطيع أحد من كان هزيمتي!!
وبمجرد أن أنهي "محب" حديثه أتاه الرد سريعاً من "فادي" الذي أحاط برقبته بخفة ليمسك هو بزمام الأمور ويهوي برأس "محب" بقوة علي مقدمة سيارته ليحرك شفاهه بنبرة تعجرف ممزوجة بقوة قائلاً:في قواعد القتال لا تتباهي بقوتك بينما خصمك لم يعلن الاستسلام بعد
رفع "فادي" رأسه "محب" بسرعة ليهوي بها مرة أخرى علي مقدمة السيارة ويهبط بثغره علي أذن "محب" قائلاً بنبرة توعد:الآن حان القصاص لما فعلته في قمري
بمجرد أن أنهي "فادي" حديثه حتى ألقي بجسد "محب" علي الأرض ليبدأ في تسديد بعض اللكمات القوية بقدمه إلي رأسه أولاً ليفقده توازنه ومن ثم منح باقي جسده حصته كاملة..
وضع "فادي" يده علي حزامه الجلدي بينما قدمه مازالت تضغط علي "محب" ليحرك شفاهه بنبرة قوة غاضبة:من تمس يده أنثي لصفعها لا يعد رجلاً
ما إن أنهي "فادي" حديثه حتى هوي بحزامه الجلدي علي جسد "محب" مسددً له لكمة انتقام لما فعله في "قمر" ليغلق "محب" جفونه بألم مانعاً ثغره من الصراخ..
حاول أحد رجال "محب" التدخل مجدداً بينما ارتفعت صيحات أهل القرية بغضب ولكن مساعدي "فادي" استطاعوا السيطرة علي الوضع ليسدد "فادي" صفعته التالية لجسد "محب" بحزامه الجلدي بقوة أكبر من قوة الأولي..
ارتسمت ابتسامة فرحة علي ملامح "ناهد" لتمتزج بدموعها التي تتأرجح علي خديها لتقترب من زوجها الواقف أمام بوابة المنزل يتابع الوضع في صمت لتقول بنبرة ألم هامسة:من الأفضل أن تسجل ذاكرتك ما يحدث جيداً لأن ذاك الشاب فعل ما لم تفعله وانتقم لابنتك أمام أهل القرية جميعاً بينما أنت سلمتها أمامهم أيضاً
سدد "فادي" صفعته الثامنة والأخيرة إلي جسد "محب" لينحني بظهره ليرفع جسد "محب" الذي أصبح شبه غائباً عن العالم بسبب ما تعرض له ليحرك "فادي" شفاهه بنبرة غضب شبه هامسة:حقها لم يعد مكتملاً بعد لذلك تهيأ جيداً لغضب "فادي" الذي سيفتك بك ويجعلك رماد
سدد "فادي" لكمة أخيرة لرأس "محب" برأسه ليهوي جسد "محب" أرضاً ومن ثم يتجه "فادي" إلي "منير" ليحرك شفاهه بنبرة قوة شبه هامسة:ابنتك تألمت بسبب ذاك الرجل ولولا أنك والدها لكان الحساب بيننا مختلف لأنك كنت سبب آلامها أيضاً
مسح "فادي" قطرة دم كانت تزين ملامحه إثر إحدى لكمات "محب" ليتابع حديثه بنبرة تحدي:من يتسبب بأذى لقمري ولو بكلمة واحدة دمه محلل بالنسبة لي
لم يمهل "فادي" "منير" أية فرصة إلي الحديث وإنما انطلق سريعاً إلي سيارته وبمجرد أن أغلق بابها عليه حتى اتجه مساعديه إلي سيارتهم ليلحقوا به..
دلف "منير" إلي منزله بسرعة اكتسبها من غضبه ليتجه إلي هاتفه المحمول ليحادث أحد أصدقائه بينما نيران الغضب باتت تفتك به ليحرك شفاهه قائلاً بغضب:راقبوا ابن "حمدي الأسيوطى" هذا وبمجرد علمكم بمكان ابنتي أريد منكم التخلص منه نهائياً
...
مر يومين آخرين علي أبطالنا..
لم يسلم فيهم "فادي" من ذعر "قمر" الدائم عليه بعد أن أخبرها بفعلته المجنونة تلك لتبدأ بعض السيارات التابعة ل"منير" بمراقبته من بداية يومه حتى نهايته وبالرغم من كل هذا استطاع "فادي" الهروب من مراقبتهم من حين إلي آخر لتتجمع مع "بسام" والباقين لمعرفة كيف سيدخلون إلي المخبأ..
أما عن "بسام" فقط استطاع إقناع "منير" بأن بقائه في القاهرة للبحث عن "قمر" هو أفضل حل في محاولة من "بسام" لتفسير غيابه هذا...
أما عن "منير" فلم يسلم من تعليقات أهل القرية المشمئزين لما فعلته "قمر" لتتحول مقاليد حكم القرية إلي "محب" الذي استطاع كتم أفواه أهل القرية جميعاً عن الحديث عما فعله "فادي" وبالإضافة إلي كل هذا بات شعور الندم يتمكن من أوصال "منير" رويداً رويداً وهو يحاول جاهدً الإطاحة به خصيصاً بعد ما تلقاه من أهل القرية فور تأكدهم من أن "قمر" تركت المنزل..
أما عن "هاني" فقد سافر إلي الأقصر لمباشرة العمل ريثما ينتهي "محب" من تقوية أموره في القرية..ليترك "إسراء" تتنفس الصعداء بانشغاله في عمله هذا..
أما عن "قمر" فبالرغم من راحتها في منزل "الشيخ\راضي" ومحبتها لزوجته التي باتت تعاملها كأنها إحدى بناتها إلا أن إحساس القلق من رد فعل والدها عما فعلته هي و"فادي" ما زال يقلق راحتها تلك...
...
بعد محاولات مستميتة استطاع "بسام" بمساعدة "وائل و أسماء" إقناع اللواء المشرف عليهم أو بمعني أدق "والد أسماء" من منحهم الإذن باقتحام مخبأ "محب" بمساعدة "ياسر وفادي" وبالرغم من قلق ذاك اللواء من قلة عددهم ومن قدرتهم علي مواجهة رجال "محب" اضطر للموافقة..
وبسبب المراقبة الدائمة علي منزل "صالح" تسلل "ياسر و فادي" فجراً خارج المنزل عن طريق القفز علي سطح العمارة السكنية المجاورة لهم ومن ثم إلي العمارة التالية لينطلق بعدها الصديقين إلي سلالم تلك العمارة ومن ثم يجدوا سيارة "وائل" تنتظرهم..
لتنطلق سيارتين تضم الشباب في تمام الساعة الرابعة صباحاً متجه إلي مخبأ "محب" السري..
مرت ساعات السفر بهدوء يمتزج بمرح يسود أجواء السيارتين بينما عيني كل فرد منهم تشع رغبة في الفتك بذاك المعتوه الملقب ب"محب"...
ارتجل الشباب من السيارات في المكان المحدد لهم ليبدأ كلاً منهم في حمل معداته الخاصة و وضع سماعات الأذن للتواصل فيما بينهم..
تأكد "وائل" من تثبيت سماعة أذنه ليحرك شفاهه بنبرة تساؤل:هل أنت متأكد من مفعول تلك الرصاصات
التقط "فادي" رصاصته الخاصة قائلاً بنبرة خبث:سيادة اللواء رفضاً نهائياً أن نسفك الدماء لذلك صديقي الأمريكي مجنون العلوم هذا بتلك الرصاصة فقط تستطيع محو ذاكرة الفرد في أقل من ثانيتين وإصابة أعضائه جميعها بالشلل في غضون الثانيتين التاليتين وبمرور الثانية الخامسة يفقد وعيه نهائياً ويفوق من تأثير كل هذا بعد خمسة ساعات كاملين
أومأ الجميع برؤوسهم بعزم لينطلقوا في طريقهم إلي ذاك المخبأ وهم محافظين علي ثباتهم..
ذاك المخبأ عبارة عن منزل مهجور تحيطه أسوار عالية مزينة بالأشجار بينما ذاك المنزل مدفون في طريق مقطوع يحميه من الخارج خمسة عشر رجلاً يتناوبون الحراسة مع خمسة عشر رجلاً آخرين داخل المنزل..في الطابق السفلي من المنزل تحديداً في حجرة استقبال الضيوف توجد مكتبة وخلفها حائط يفك بشفرة رقمية مخصصة..خلف ذاك الحائط يوجد مصعد كهربي يقود من يدخل إلي ممر يحوي في بداية بوابة بأرقام مخصصة أيضاً ومن ثم يسير الدخيل في ذاك الممر حتى يصل إلي نهايته ليفاجئ ببوابة رقمية أيضاً تقوده إلي حجرة تقطن فيها خمسة ممرضات بمعداتهم الطبية المسئولة عن رعاية والدة "محب" بحوزة إحدى الممرضات تلك مفتاح لباب حجرة والدة "محب" الموجود بابها علي يسار الدخيل ومن ثم توجد حجرة والدة "محب" التي تحوي الموضع السري لأوراق "محب" وتسجيلاته وتحوي أيضاً فراش والدة "محب" وجميع ما يلزمها...
بالنسبة للشباب كان الجزء الأسوء في جميع ما سبق هو كيفية التخلص من ثلاثين رجل وهم أربع فقط..لذلك بدأ الشباب بالجزء الأول ففي مقدمة المنزل يوجد خمسة تولي "وائل" كيفية إيقافهم أما في الجزء الخلفي من المنزل يوجد خمسة آخرين تولي "بسام" مسئوليتهم أما الجزء الأهم وهو سطح المنزل تولي مسئوليته "فادي وياسر"..
تسلل "بسام" من الجهة الخلفية أولاً عبر التسلق علي ذاك السور وبخفة ملحوظة استطاع "بسام" الاختفاء خلف الأشجار ليلحق به "فادي وياسر"وبفضل تلك الأشجار التي تحيط المنزل بأجمع تسلل "فادي وياسر" إلي الجهة اليمني ليتخذوا حائط المنزل أداة للتسلق بينما بدأ "وائل" في تلك اللحظة بإلقاء قنبلة غاز علي الرجال في مقدمة المنزل..
ولسوء حظ الشباب أن الرجال في مقدمة المنزل فور رؤيتهم لقنبلة الغاز تلك عجلوا باستدعاء باقي زملائهم ليصبح أمام كل فرد من أبطالنا عشرة رجال..
سادت حالة الهرج والمرج في أنحاء المنزل بأجمع بينما حاول "بسام" الاختفاء لثواني بين أوراق الشجر ونجح "وائل" في إيجاد مخبأ له ريثما تفتح البوابة الرئيسية للمنزل ولكن كان "فادي وياسر" هم الأسوء حظً نظراً لجسدهم المعلق علي حائط المنزل ليصبحوا هم الأكثر عرضة للإصابة...
أطلق كلاً من "فادي وياسر" تنهيدة قوية لتتحرك قدماهم تجاه زجاج النوافذ ويدلفوا منها إلي الطابق العلوي من المنزل..
ليسمع صدي ذاك التحطم الرجال الذين علي سطح المنزل ليحادثوا أصدقائهم عبر أجهز اللاسلكي بأنهم سيدلفون إلي المنزل للتعرف علي سر ذاك التحطم..
التقط "بسام" مسدسه الخاص به وهو يحادث نفسه بنبرة ضجر قائلاً:لولا أنني سأفقد وظيفتي إذا سالت دمائكم لكنت متعتكم بصوت طلقات رصاصي لذلك هنيئاً لكم بطلقات مجنون العلوم هذا
ليسدد "بسام" طلقته الأولى إلي قدمي أحد الرجال ليهوي أرضاً بينما في تلك اللحظة قرر"وائل" تجربة أحد ألعابه النارية ليضعه أمام بوابة المنزل لتهوي به في ثوانٍ وبدون أن يمنح "وائل" الفرصة للرجال بالتقدم خطوة تجاهه سدد لهم دفعات منظمة من رصاصاته ليهوي الرجال واحداً تلو الآخر...
أما عن "فادي وياسر" فقط استطاعوا الإيقاع بخمسة رجال وبينما "فادي" يبدل خزانة رصاصه إذ برجل يفوق بنية جسدية أضعاف مضاعفة يحكم القبضة علي رقبة "فادي" ليسدد له لكمة قوية محركاً شفاهه بنبرة غضب:أين زميلك الآخر؟!
تجمع الباقي من الرجال حول "فادي" الذي شعر بدوار يجتاح رأسه بعد تلك اللكمة بينما "ياسر" لم يجد أمامه حلاً آخر سوي إلقاء ما بيده نظراً لأن ذاك الرجل يصوب السلاح تجاه "فادي"..
لحظات صمت مرت علي الصديقين ونظرات عينيهم تبعث الوداع للآخر إلي أن ارتفع صوت طلقات "وائل" التي أهوت بالرجل الممسك ب"فادي" ومن ثم استطاع الشباب القضاء علي الباقي من الرجال...
سار الشباب في الطريق المحدد حسب حديث "هاني" الذي صرح به في لحظة غفلة بينما يرجع الفضل الأكبر إلي صديق "ياسر" أو بالأحق مجنون الحاسوب الذي كان علي اتصال بجهاز لاب توب حمله "ياسر" علي ظهره من أجل الاتصال معه وبفضل عبقرية ذاك الشاب استطاع فك شفرات الأبواب بسهولة واضحة..
وصل الشباب إلي باب الحجرة الخاصة بالممرضات..لينهي ذاك الشاب فك تلك الشفرات ومن ثم يفتح الباب ببطء ارتعدت له الممرضات نظراً لأنه ليس الموعد المحدد لقدوم " محب أو هاني"..
اصطف الأربعة شباب جوار بعضهم رافعين أسلحتهم الخاصة ليفاجئوا بتلك الممرضات يطلقون طرقات رصاص حي..
سرعان ما تفرق الشباب إلي نصفين وهم يحاولون إصابة الممرضات بتلك الرصاصات إلي أن نجحوا في إخماد وابل الرصاصات تلك لينتهي الأمر بإصابة "فادي" برصاصة في ذراعه الأيمن..
اكتفي "فادي" بالضغط علي ذاك الجرح بقطعة قماش استعارها من ملاءة فراش إحدى الممرضات ليبدأ الجزء الأهم بالنسبة للجميع..
أوصل "ياسر" جهاز اللاب توب بصديقه الذي استنفذ ما يقارب الخمسة دقائق في تشفير ذاك الباب إلي أن فٌتح الباب علي آخره..
أزال "ياسر" وصلة اللاب توب ليتجه بها سريعاً إلي موضع الخزنة ليعيد اتصاله بصديقه الذي بدأ في تشفير رموز تلك الخزنة بينما اتجه "وائل" للعبث بأوراق ملقاة علي الأرض بينما اهتم "بسام" في قراءة ملفات موضوعة علي طاولات الممرضات..
أما عن "فادي" فبات يبحث بعينيه عن والدة "محب" تلك ولا أثر لها إلا أن فٌتح باب علي يمين تلك الحجرة لتظهر منه سيدة تتكئ علي عصا خشبية بيدها اليسرى وبيدها اليمني ترفع نظارتها علي عينيها لتقول بنبرة فرحة متشتتة:هل أتيت يا "معاطي"؟!
لم تحرك تلك السيدة ساكناً للشباب لتأكدهم بأن مرض الزهايمر والجنون تحكم من عقلها بالكامل ليستكمل كل فرد منهم عمله بينما اتجه "فادي" لها بخطوات ثابتة نظراً لنظرة الخوف التي لمحها في عينيها وهي تنظر لباقي أصدقائه..
نبرة خوف امتزجت مع ملامح "والدة محب" المتهالكة لتحرك شفاهها قائلة:ماذا تفعلون؟!هل بعثكم "معاطي"؟!
أطلق "فادي" تنهيدة ضيق فور سماعه لاسم ذاك المجرم الذي أودي بحياة والدته ليحرك شفاهه بنبرة هدوء حاول الحفاظ عليها ليقول:نحن فقط نعيد ترتيب الحجرة لأنه قادم لكي
اتكأت "والدة محب" بجسدها علي مقعد يقابل فراشها لتقول بنبرة حزن حركت بها شفاهها:في آخر مقابلة جمعتني به قال إنه لن يتأخر وها هو يخلف بوعده وكل هذا من أجل "قمر" تلك أنا من أحببته وليست هي
نبرة فضول امتزجت مع ملامح وجه "فادي" الغاضبة حرك بها شفاهه قائلاً:وماذا فعلت "قمر" تلك؟!
أسندت "والدة\محب" رأسها علي عصاها لتحرك شفاهه بنبرة تحسر:كانت فتاة يعشقها وعندما رفض والدها أن يزوجها له وزوجها من رجل آخر بات يعاملني بقسوة كلما أتي إليً إلا أن توفت "قمر" تلك وبعدها قرر الانتقام من زوجها فقتل زوجته الثانية التي تزوجها لأجل إنجاب الطفل التي عجزت "قمر" عن وضعه
نبرة فرحة امتزجت بمعالم الصدمة التي استولت علي ملامح "ياسر" الذي قال:تمت المهمة يا أصدقاء
هرول كلاً من "وائل و بسام" لالتقاط كل ما بالخزنة من تسجيلات وملفات بينما اتجه "ياسر" إلي "فادي" ليمسح علي كتفه بهدوء قائلاً بنبرة همس:"فادي" أهدأ قليلاً تلك سيدة كبيرة لا دخل لها بما حدث
زفر "فادي" بغضب ليمسح علي وجهه ببطء ومن ثم يقوم من موضعه ليصبح في مستوي صديقه ليقول بنبرة ألم:أجعلهم ينتهوا سريعاً لأنني ما عادت لدي طاقة
وفي أقل من نصف ساعة كان الشباب منطلقين في طريق عودتهم إلي القاهرة وبجعبتهم أكثر من مئات الأدلة ضد "محب" لتتم مهمتهم بسلام أخيراً..........



يتبع........
#نورهان_حسنى



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-16, 11:14 PM   #29

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



الفصل السابع والعشرون


نبرة نعاس امتزجت بملامح "قمر" الهادئة التي حركت شفاهها قائلة:صباح الخير
التفت "ثرية" بعينيها إلي "قمر" لترسم ابتسامة خافتة علي ملامحها وتحرك شفاهها قائلة:أما زلتي نائمة؟!
اتجهت "قمر" إلي الثلاجة لإحضار إحدى زجاجات المياه لترتشف منها البعض ومن ثم تحرك شفاهها بنبرة كسل لتقول:لي الحق تماماً يا عمتي فذاك الفراش يصبني بالنعاس علي مدار اليوم
سكبت "ثرية" حبات الأرز في قدرها الخاص لتحرك شفاهها بنبرة ضحك قائلة:حسناً حسناً أمكثي معنا دائماً إن وافق "فادي"
وضعت "قمر" الخضروات المخصصة للسلطة لترتسم ابتسامة خجل علي ملامحها امتزجت مع نبرتها الهادئة لتقول:"فادي" !!إذن وأين عمي الآن؟!
قهقهة خافتة نبعت من شفاه "ثرية" التي انحنت بجسدها لوضع قدر اللحم في الفرن لتحرك شفاهها قائلة:في العمل
بدأت أطراف الحديث تتجاذب بين "قمر و ثرية" إلي أن وقفت "قمر" بجوار "ثرية" لتقول بفرحة طفولية:أنهيت أخيراً
نظرت "ثرية" إلي الطبق لترتسم ابتسامة خافتة علي ملامحها قائلة بنبرة تحسر:كل هذا من أجل طبق سلطة رحم الله أيام زواجي عندما كنت أنهي أطباق و أطباق في ساعات معدودة
التقطت "قمر" قطعة من طماطم السلطة لتحرك شفاهها بنبرة تساؤل قائلة:ألم تحادثي نفسك مرة بالندم علي ترك أهلك يا عمتي
اتكأت "ثرية" بجسدها علي مقعد خشبي يتوسط طاولة المطبخ لتطلق تنهيدة ألم طويلة لحقتها بنبرتها الهادئة لتقول:ندمي الحقيقي كان علي صمتي طوال فترة زواجي الأول هذا..ندمي علي أنني تركت "راضي" يعاني بمفرده ..ولكن أهلي يا ابنتي لم يهتموا بي بقدر اهتمامه بإشباع غرورهم وإطفاء نضارتي
جلست "قمر" علي المقعد المقابل ل"ثرية" لتسند بخديها علي كفها لتقول بنبرة حزن متسائلة:ولكن كيف يا عمتي بعد تلك السنوات كلها وبعد أن زوجتي أولادك وبالرغم من أن أشقائك أتوا لمصالحتك كما قولتي رفضتي العودة لتلك البلدة
ابتسامة باهتة ارتسمت علي ملامح "ثرية" التي أطلقت تنهيدة حزن لتحرك شفاهها بنبرة تحسر لتقول:تلك البلدة التي أودت ب"راضي" في السجن..تلك البلدة التي رفضت أن مكوثه فيها..تلك البلدة التي شردت أهله..كيف لي أن أعود لها بعد أن فعلت ذلك به؟! كيف لي أن أخطو أرض بلدة أسقي أهلها "راضي" الحزن ؟!
أطلقت "قمر" تنهيدة ألم امتزجت بنبرتها الحزينة لتحرك شفاهها بها قائلة:ألم تشتاقي لها ولا لأهلك؟!
أرادت "ثرية" أن تبعث الطمأنينة في قلب "قمر" التي تشرف علي فعل ما فعلته قبل سنوات لتحرك شفاهها بنبرة مطمأنة لتقول:في بداية الأمر كنت أشتاق لبعض من أهلي ولكن بوجود "راضي" في حياتي بات يعوضني عن ذاك الاشتياق إلي أن محاه تماماً..في بداية الأمر كنا كأي زوجين طبيعيين يتخلل حياتنا بعض المشاكل ولكن لأننا متأكدين أن ليس لأحد شخص سوى الآخر كنا ننهي مشاكلنا بابتسامة أو بكلمة مزاح
أكملت "ثرية" حديثها وهي تمسح علي يد "قمر" بحنان لتقول:ابنتي!! لا تجعلي وساوس الشيطان تعكر صفو حياتك مع "فادي"..ستقابلين الكثير والكثير من المتاعب في حياتك ولكن إن استسلمتي بسهولة ستحولي ما مررتي به أنتي و"فادي" إلي مجرد رماد لا قيمة له
تنهيدة راحة نسبية أطلقتها "قمر" امتزجت مع نبرتها الهادئة التي حركت بها شفاهها قائلة:"فادي" صار أهلي و موطني..صار منبع الأمان لقلبي وسند اتكأ عليه من غدر الزمان..بات والدي وشقيقي وصديقي والأهم من كل هذا هو من بداية الأمر من يمتلك روحي..أعلم أننا سنمر بأوقات عصيبة وأوقات سنصاب باليأس ولكنني أتمني ألا يغدر بنا الزمان ويفرقنا مرة أخرى لأنني لن أتحمل فراقه مرة أخرى با عمتي
احتضنت "ثرية" كف "قمر" المرتعشة بكفيها لتحرك شفاهها بنبرة طمأنينة لتقول:لا تقلقي يا ابنتي لا تقلقي لن يجازيكم الله إلا بالخير لأنكم تستحقوه الأهم يا ابنتي أن تحافظوا علي علاقتكم القوية بربكم ليرعكم الله بعينيه التي لا تنام
...
بمجرد وصول الشباب إلي القاهرة..هرول "وائل" بصحبة "بسام" إلي مكتب اللواء لتسليم تلك الأوراق ووضع الخطة لكيفية القبض علي "محب"..
بينما هرب كلاً من "فادي و ياسر" إلي النوم لتخفيف حدة الإرهاق الذي يتمكن من أوصالهم..
ليمر باقي اليوم علي أبطالنا بهدوء أما عند "محب" لم يكن الوضع المحيط به يمت للهدوء بأية صلة فبمجرد تلقيه خبر ما حدث هرول إلي ذاك المخبأ بعد أن حادث "هاني" للحاق به..
بعد أن قص الرجال والممرضات ما حدث لهم..اتجه "محب" إلي حجرة والدته ليجدها ملقاة علي فراشها وبجوارها حقنة مخدرة ليصيح "محب" بغضب: كيف؟! كيف يحدث ذلك؟! لا أحد يعلم عن هذا المخبأ نهائياَ؟!
اتجه "محب" إلي خزانته الخاصة ليفتحها بسرعة ويجدها خاوية لا يوجد بها سوي ورقة مكتوب بها كلمة مسيئة بخط "فادي" ..
قبض "محب" علي تلك الورقة بيده التي قاربت علي علي إشعال تلك الورقة من حدة غضبه الذي حوله إلي مجنون بات يحطم كل ما بالحجرة إلا أن استيقظت والدته لتقول بنبرة تشتت:هل أتي معاطي؟!
صاح "محب" بغضب وهو يحرك شفاهه بنبرة تحذير:أمي؟! اصمتي الآن رجاءً
بمجرد أن أنهي "محب" حديثه حتى دلف "هاني" إلي الحجرة قائلاً بنبرة صدمة ممزوجة بقلق:من فعل هذا؟! كيف حدث هذا يا "محب" ؟!!!
لم يبدي "محب" أية ردود فعل وإنما بات يصوب نظرات الغضب التي تشع ناراً إلي "هاني" ليحرك شفاهه بنبرة قوة غاضبة:لا أحد يعلم عن ذاك المخبأ إلا أنت وأنت من قمت بخيانتي وأرسلت حشراتك لسرقتي ولكنني سأعلم أين أخفيت تلك المستندات تلك يا "هاني"
التقط "محب" مسدسه من جيب بنطاله ليتابع حديثه بنبرة شيطانية غاضبة:الآن حان الوقت لتلحق بوالدك
بمجرد أن أنهي "محب" حديثه حتى استقرت رصاصته النارية داخل قلب "هاني" الذي هوي جسده أرضا ليرمقه "محب" بنظرة غضب محادثاً نفسه بضجر قائلاً:كان من المفترض أن تستقر تلك الرصاصة في قلبك من بداية عملي معك ولكنني سأستطيع استدراك الأمر ومعرفة أين حشراتك تلك التي سرقت أسراري
صيحة غضب ممزوجة بنبرة أمر نبعت من شفاه "محب" الذي أعاد مسدسه إلي موضعه قائلاً:ألقوا بجسده في حفرة في الحديقة ومن ثم انتظركم في حجرة الاجتماعات لتقصوا ما حدث علي مسامعي بهدوء
التفت "محب" إلي والدته بنبرة ضجر ممزوجة بغضب مكتوم ليحرك شفاهه قائلاً:الآن ارتاحي قليلاً يا أمي ريثما يأتي أبي
...
بدأ رجال "محب" في البحث عن مرتكبين فعلة اقتحام مخبأه الخاص بينما اضطر "محب" لإرسال والدته إلي أحد منازله الخاصة خوفاً من أن يأتي أحد لتهديده بها بعد أن أصبح مكانها مكشوف لدي أشخاص لا يعلم "محب" نواياهم..
وما بين انشغال "محب" بالبحث عن هؤلاء المقتحمين..بات يزيد من حدة انفعال أهل القرية ضد "منير" و ابنته..
أما عن "فادي" فيقينه بأن تلك الأوراق التي باتت في جعبة الداخلية ستطيح ب"محب" في أقرب وقت..انصرف عن التفكير في أمره بسبب انشغاله بالترتيب لما ينوي فعله..
أما عن "هاني" فلم يشعر باختفائه المفاجئ أي فرد ممن كانوا يحيطون به ليساعد هذا التجاهل "محب" في الظن بأن أمر "هاني" انتهي نهائياً..
أما عن "منير" فبعد أن فشل رجاله في إيجاد أي ثغره تطيح ب"فادي" اضطر إلي استبدالهم علي أمل بأن يأتوا له بمكان ابنته..
كهذا كان حال أبطالنا علي مدار يومين ماضيين إلي أن أتي اليوم الذي طالما انتظره بعض منهم..يوم تتويج مجهودهم علي مدار شهور..
...
تصاعدت ألسنة دخان تبغ "محب" من حوله لتمتزج بعلامات القوة التي تزين ملامحه ليحرك شفاهه بنبرة أمر قائلاً:أريد منك مع حلول مساء اليوم أن يكون تقريرك حول جدول تكاليف زراعة الأرض انتهي
أومأ الرجل رأسه موافقاً بقلق ليحرك شفاهه بنبرة تعجب قلقة:ولكن يا باشا أنت كما تعلم تلك الأرض ملك لأحد رجال القرية كيف سيتم ذلك؟!
نظرات غضب ثاقبة امتزجت مع ملامح "محب" النارية ليضع "محب" كوب القهوة بجواره محركاً شفاهه بنبرة غضب:أنت تنفذ وفقط مفهوم؟! كيف تلك وأية أسئلة أخرى لا أريد سماعها منك
وبينما "محب" يخطط لفرض السيطرة بالإجبار علي أراضي أحد رجال القرية..كانت سيارات الداخلية المنظمة تغزو أوكار السلاح السرية الخاصة به و مخازن الملابس والأطعمة باختصار كانت خطة محكمة نفذتها الداخلية للسيطرة علي أملاك ذاك المعتوه في نفس اللحظة..
لتتحطم إمبراطورية ذاك الشيطان الذي طالما أصابت ألسنة نيرانه من حوله جميعاً..
ليأتي الجزء الأروع في تلك الخطة أي بمعني أدق الجزء الذي طالما انتظره الكثير منه وهو لحظة اقتحام سيارات الداخلية للقرية والاتجاه بخط سير محكم إلي محيط منزل "محب"..
وفي أقل من لحظات من وصول سيارات الداخلية لمحيط منزل "محب" اختبئ باقي أهل القرية بمنازلهم ليتابعوا تبادل إطلاق النار الذي بدأه "محب" بعد أن أصابته نوبة جنون مما يحيط بمنزله فلم يهتم بسبب مجئ الداخلية بقدر اهتمامه بالقضاء عليهم...
ارتفعت حدة القتال بين تنظيم الداخلية الممنهج وبين عشوائية رجال "محب" وذعرهم الذي سرعان ما تمكن منهم..
وبمرور ما يقارب الساعة إلا الربع منها بدأ بعض رجال "محب" في الاستسلام رويداً رويداً ليبدأ رجال الداخلية بالسيطرة علي زمام الأمور وينطلق أحد الرجال المقنعين منهم بصحبة خمسة من أصدقائهم إلي داخل المنزل لتستقبلهم جثث بعض رجال "محب" ونظرات الذعر في عيني بعض الرجال الذي سرعان ما أعلنوا استسلامهم ليهرول أحد رجال الداخلية إلي الطابق العلوي من المنزل ليفاجئ بأعيرة من الرصاص تستقبله فور سقوط قدمه علي أرضية الطابق العلوي..
صاح رجل الداخلية هذا لأحد أصدقائهم لطلب المعاونة ليتحد الصديقين في تسديد وابل من طلقات الرصاص أودي بحياة مساعد "محب" وجعل "محب" يلقي بسلاحه بعد أن نفذت ذخيرته..
لحظات عجز مرت علي "محب" لأول مرة بمجرد إلقائه لسلاحه وهو يري نهاية ما مكث سنين عمره يحاول إقامتهم يتهدم بين لحظة وضحاها..يري سنين قضاها في الإمساك علي نفسه من أجل تجميع المال..
يري وجه خاله الشاحب وهو يحرك شفاهه برعشة موصياً إياه بالانتقام إلي والديه..
يري روح الشيطان التي سرعان ما تملكت من أوصاله فور إمساكه بأول مبلغ كسبه من تجارة المخدرات في تلك اللحظة فقط تخلي "محب" عن كل مبادئه وعكف علي تقوية قدمه في تلك القرية والتجارة فيما يجني المال وفقط لا يهم إن كان حرام أم حلال الأهم أن تشبع غريزة حبه للمال..
لحظات مواجهة الحقيقة تلك كانت في صالح رجلين الداخلية اللذان سرعان ما انطلقوا إلي "محب" لإحكام القبض عليه لتزين يده التي طالما قتلت..سرقت..عذبت..تجارة بأرواح البشر..ها هي الآن تزين بأصداف حديدية تزف خبر أن ما هو قادم علي ذاك الشيطان ما هو إلا جرعة عذاب في الدنيا لما فعله..
بدأت جموع أهل القرية تتجمع حول محيط منزل "محب" وفيما بينهم "منير" الذي يقف وابتسامة الفرحة تكسو ملامحه بينما عقدة حاجبيه المتعجب تضيف ثورة أسئلة حول طبيعة ما حدث..
نكس "محب" رأسه فور خروجه من منزله خوفاً من تلقي أية نظرات سخرية من أهل القرية الذين سرعان ما اتسعت عينيهم صدمة لرؤيتهم "محب" عاجز لتلك الدرجة..
ضرب رجل الداخلية يده بيد صديقه لترتفع قهقهة الانتصار لتضيف علامات التساؤل علي ملامح الجميع..
رفع رجل الداخلية الأول قناعه الأسود ببطء لتظهر ملامحه الساخرة لتمتزج من نبرة شفاهه المنتصرة التي قال بها "وائل" :ألم أقل لك أنني لن أتركك؟!
عقد "محب" حاجبيه بتعجب ممزوج بلامبالاة ليعيد تنكيس رأسه من جديد في انتظار صعوده إلي سيارة الداخلية..
وما هي إلا ثوانٍ معدودة حتى رفع رجل الداخلية الآخر قناعه الأسود لتتسع عيني أهل القرية جميعاً بدون استثناء أحد..صدمة ممزوجة بعدم فهم ممزوجة بغضب امتزج بفضول..
أما بالنسبة ل"منير" كان الغضب هو الأكبر تمكن منه لترتفع نبرته بصيحة غضب: "بسام" ؟! كيف؟!
سرعان ما رفع "محب" رأسه إلي رجل الداخلية الآخر في محاولة لتصديق ما صاح به "منير" وبعد رجال القرية لتتسع عيني "محب" صدمة سرعان ما تحولت لغضب ليحاول الإفلات من قبضة يد "بسام" الذي سرعان ما زاد من قبضته المنتصر حول "محب" ليحرك شفاهه بنبرة سخرية منتصرة:ألم أقل لك أن ما تفعله لن يمر مر الكرام؟!
بمجرد أن أنهي "بسام" حديثه حتى أشار بنظراته لباقي مساعديه لحمل "محب" إلي سيارة الداخلية وسط صيحات "محب" الغاضبة الممزوجة بصدمته..
بدأ رجال الداخلية واحدً تلو الآخر يعود إلي موضعه في السيارات بعد تأكدهم بأن زملائهم أتموا مهماتهم بنجاح بينما "بسام" يقف بجوار "وائل" يتابع بنظرة انتصار ما استطاع رجال الداخلية تحريزه من منزل "محب"..
رفع "وائل" نظارته الشمسية علي عينيه ليحرك شفاهه بنبرة نصح:من الأفضل أن تحادث عمك الآن؟! لأنه ما عاد يستطيع كتم علامات غضبه أكثر من ذلك؟! ألا تري قطرات العرق التي تنصب من جبينه إثر غضبه؟!
أطلق "بسام" تنهيدة تردد امتزجت بنظراته المتفحصة لهيئة "منير" الذي قارب علي الانفجار ليخطو "بسام" إلي طالباً منه أن يمنحه الفرصة للحديث مع عمه قليلاً..
بقدر ما كانت سعادة "منير" للتخلص من ذاك المعتوه بقدر ما كانت صدمته لمعرفة حقيقة أن "بسام" أحد رجال الداخلية..ليشعر وكأن ألسنة نيران الغضب التي قاربت علي الفتك بكيانه باتت تزداد بسرعة فور رؤيته ل"بسام" يتجه نحوه مشيراً إلي أحد عساكر الداخلية الذين يحيطون بأهل القرية للابتعاد كثيراً..
أطلق "بسام" تنهيدة حزن مزجها بنبرة التوضيح التي نبعت من شفاهه ليقول:أنا أعلم يا عماه مدي صدمتك لما رأيته للتو..ولكن لم يكن هناك خيار أمامي بعدما أجبرتني علي ترك التعليم بعدما أنهيت مرحلة الثانوية..لم يكن أمامي خيار و أنا أري ذاك المعتوه ينشر سمومه بين أهل القرية ببطء ويتقرب منك وأنت تعلم جيداً ماذا كان يفعل..نعم كان حلمي من البداية أن أصبح ضابط داخلية ولكن بمجرد تحملي لمسئولية تلك القضية ومعرفة خبايا ذاك الرجل صار حلمي الانتقام لما يفعله فينا وفي بلدنا بأكملها
استشعر "بسام" الفضول النابع من نظرات عيني "محب" والبعض من حوله ليتابع حديثه قائلاً:يا عماه ذاك المعتوه كان من أكبر تجار المخدرات والسلاح وله مصائب لا تعد ولا تحصي..ذاك المعتوه ظن أنني سأصبح مرشداً عليك لأجله..أتعلم يا عماه أ، صفقتكم الأولي التي غرقت في البحر ما كانت إلا بتخطيط مني لأن تلك الصفقة كانت تحمل مخدرات مخزنة في البضاعة وإن كانت وصلت إلي الأراضي المصرية لكنت أنت أول المتهمين فيها
اتسعت عيني "منير" صدمة امتزجت بنبرته الغاضبة ليحرك شفاهه قائلاً:نعم؟! ما تلك التخاريف؟!
تنهيدة ضجر أطلقها "بسام" لتمتزج مع نبرته الغير مبالية ليقول:تلك التخاريف ستثبتها التحقيقات لك الأهم لي يا عماه أن تعلم أن ذاك المعتوه الذي شاركته في مصنعك و زوجت ابنتك الوحيدة له والذي جاء إلي القرية بصحبة خاله وزوجته الذين أشاعوا أن والدة ذاك الطفل توفيت فور ولادتها له..كل تلك ما هي إلا أكاذيب ابتدعها خال "محب" لأن والدة "محب" حية ترزق ولكنها محتجزة في أحد سجون "محب" الخاصة لإصابتها بالجنون والزهايمر ولأن السبب الأقوى أن والدة "محب" تلك كانت الشاهدة في قضية "معاطي القط" الذي اتهم بقتل "نسمة" الزوجة الثانية لزوج عمتي "قمر"
لم يمهل "بسام" "منير" أية فرصة للاستيعاب تلك الحقائق القاتلة ليتابع حديثه قائلاً:الاسم الحقيقي ل"محب" هو "محب معاطي القط" وشهادة ميلاده الأولي مزورة بيد خاله الذي أتي به إلي هنا للانتقام منك لأنك لم تزوجته عمتي من البداية ولطردتك له من القرية
بمجرد أن أنهي "بسام" حديثه حتى رفع نظارته الشمسية علي ملامحه مودعاً "منير" بنبرة قوة قائلاً:الحقيقة مؤلمة يا عماه ولكن الألم الحق أنك كنت تساعد من تسبب لنا جميعاً بالأذى وبالمناسبة زفافي سيقام في عيد الفطر إن أردت الحضور
اتجه "بسام" إلي إحدى سيارات الداخلية ليجلس بجانب "وائل" محركاً شفاهه بنبرة ألم:أعانه الله عما سيمر به
انطلقت سيارات الداخلية واحدة تلو الأخرى بينما بات "منير" يشعر بأنها مشاهد سريعة توضح حياته بأكملها في لحظات متفاوتة..غصة ألم بدأت تجتاح قلب "منير" لتمتزج بأنفاسه التي بات يلهثها بصعوبة ليحرك شفاهه بنبرة مرتعشة وهي يتكأ بيده علي "ناهد" التي باتت ترتعد مما سمعته ليقول:كيف؟! كيف كل هذا؟!
وبمجرد أن أنهي "منير" حديثه حتى هوي بجسده أرضاً ليفقد وعيه تماماً ليتسارع رجال القرية علي حمله إلي أحد سياراتهم متجهين به إلي المستشفي..
...
ارتفعت طرقات جرس باب المنزل لتمتزج بضحكات "قمر" و "ثرية" الجالسين في بهو الصالة يتسامرون في هدوء..لتضع "ثرية" كأس العصير الخاص بها وتحرك شفاهها بنبرة قلق:أدخلي إلي حجرتك يا "قمر" ريثما أعلم من الطارق
أومأت "قمر" رأسها موافقة بقلق لتدلف إلي حجرتها بينما اتجهت "ثرية" لارتداء حجابها ومن ثم اتجهت لفتح باب المنزل..لتجد شاب يبدو وكأنه في منتصف عقده الثاني يحرك شفاهه بنبرة هادئة:تلك الحقائب لأجلك سيادتك
عقدت "ثرية" حاجبيها بتعجب لتحرك شفاهه بنبرة قلق ممزوجة بتساؤل:لي؟!ممن؟!
أنحني الشاب بجسده ليضع بالحقائب علي الأرض ليحرك شفاهه بنبرة توضيح:من "الشيخ\راضي"
تنهيدة راحة نسبية أطلقتها "ثرية" لتحرك شفاهها بنبرة هدوء:حسناً يا بني ...انتظر دقائق فقط
أومأ ذاك الشاب رأسه موافقاً بينما دلفت "ثرية" إلي حجرتها لمحادثة "الشيخ\راضي" للتأكد من هوية تلك الحقائب ليطمئنها "الشيخ\راضي" بحديثه سريعاً وتوضيحه بأن تلك الحقائب بعثها "فادي" إليه ليبعثها ل"قمر" نظراً لعدم قدرته علي زيارتها في تلك الأوقات الراهنة..
حملت "ثرية" الحقائب من أمام باب المنزل بعد أن أعطت ذاك الشاب بعض المال لتغلق باب المنزل وترفع نبرتها قائلة: "قمر" !!
علامات القلق التي سرعان ما ارتسمت علي ملامح "قمر" التي فتحت باب حجرتها بحرص لتحرك شفاهها بنبرة شبه مرتعشة:هل حدث أمر ما؟!
أزاحت "ثرية" حجابها بهدوء ارتسم علي ملامحها لتحرك شفاهها بنبرة مطمأنة:لا داعي للذعر يا ابنتي تلك الحقائب من أجلك بعثها "فادي" لكي
ارتسمت ابتسامة حزن علي ملامح "قمر" لتمتزج مع نبرة الضيق النابعة من شفاهها لتقول:"فادي"؟!ألم يأتي برؤيتي بعد ؟!
نبرة حكمة ممزوجة بالطمأنينة نبعت من شفاه "ثرية" التي قالت:أنتي تعلمين جيداً ما الذي يمر به يا ابنتي..أدعي ربك فقط أن ييسر له أموره لتجتمعوا سوياً علي خير..الآن أحملي تلك الحقائب وادلفي إلي حجرتك لرؤية ما بها ريثما أحادث ابني
أومأت "قمر" رأسها موافقة لتدلف إلي حجرتها وتضع الحقائب علي فراشها ومن ثم تجلس أمامهم بفضول امتزج بابتسامة خافتة ترتسم علي ملامحها..
فتحت "قمر" حقيبتها الأولي لتجد "جهاز اللاب توب" والشاحن الخاص به..اتسعت عيني "قمر" صدمة ممزوجة بفرحة سرعان ما اجتاحت أوصالها لتأكدها من أن ذاك الجهاز هو الجهاز الذي يحمل رسالة الماجستير الخاصة بها..
عبثت "قمر" بيدها إلي الحقيبة الثانية لتجد أنها تحتوي علي بعض الكتب والمستندات الخاصة برسالتها أيضاً..
تلألأت دمعة فرحة في عيني "قمر" بمجرد اكتشافها أن الحقيبة الثالثة تحوي أوراق رسالتها التي طالما حظيت بتقدير زملائها وشهادة المشرفين عليها بأنها من أقوى رسالات الماجستير..
التقطت "قمر" الورقة التي تحوي اسمها وعنوان الرسالة لتمعن النظر بها للتأكد أن ما أمامها ليس من نسج خيالها وإنما هو واقع ظنت أنه مستحيل..
تدحرجت دمعة "قمر" اللؤلؤية علي خديها بينما يدها المرتعشة تحتضن أوراق رسالتها التي ظنت بأن الرياح هوت بها وبمجهودها ولكن!! ها هي الآن تري ليالي باتتها تمعن النظر في الكتب واستخلاص معلومة من بحث ما وابتسامتها الطفولية التي سرعان ما كانت ترتسم علي ملامحها فور إنهائها لفصل معين من الرسالة...
ها هي الآن تري مجهودها مازال بين يديها لم يستطع الزمان الإطاحة به..
امتزجت دمعة "قمر" مع ابتسامتها الخافتة التي رسٌمت علي ملامحها فور وضعها لأوراق رسالتها جانباً و احتضانها لقلادة "فادي"..
لحظات هدوء سيطرت علي أجواء حجرة "قمر" الشاردة في قلادة "فادي" وابتسامتها الخافتة باتت تزداد اتساعاً يمتزج مع دموعها التي لم تتوقف عن الهبوط..
لتحرك "قمر" شفاهها بنبرة حب هامسة لقلادة "فادي" قائلة:تزيدني كل لحظة عشقاً لك بأفعالك التي باتت تثبت لي أنني لم أهجر بيت أهلي إلا لرجل صار هو أهلي
ما إن أنهت "قمر" حديثها علي عبثت يدها بالصندوق المزين بشريط لاصق أجلت معرفة ما به لتأكدها
بأنه ذاك الصندوق يحوي هدية ذاك المتعجرف الأولي..
أزالت "قمر" الشريط الذي يحيط بالحقيبة لتفتحها بفضول سرعان ما تحول إلي صدمة أدت إلي سريان رعشة ممزوجة ببرودة في كيان "قمر" بأكمله لدي رؤيتها لذاك الفستان الخيالي الموضوع بالصندوق..
ابتلعت "قمر" ريقها بصعوبة بينما رموشها مازالت تتحرك بسرعة في محاولة للتأكد بأن ما تراه ليس بحلم لتمتزج ملامحها الغير مستوعبة لما تراه بعد بدمعة بدأت تلألأ في عيني "قمر" التي عبثت بذاك الفستان لتتحسه بأطرافها المرتعشة لترتسم ابتسامة خافتة علي ملامحها لتتجه بيدها لالتقاط هاتفها المحمول وسرعان ما وضعت صورة "فادي" أمامها لتحرك شفاهها بنبرة شبه باكية:يا الله أحفظه لي..يا الله لا تريني فيه أي سوء..يا الله أمنحني القوة لإسعاده..
تابعت "قمر" حديثها بنفس نبرتها الباكية لتقول:أعشقك يا "فادي" بحق كل لحظة عانيتها أعشقك بحق كل دعوة ناجيت بها ربي ليجمعني بك أعشقك بحق الابتسامة التي باتت ترتسم علي ملامحي لمجرد تذكري لك أعشقك
بمجرد أن أنهت "قمر" حديثها حتى ارتفعت نغمة رنين هاتفها معلن قدوم اتصال من "فادي"..
بقدر انتفاض جسد "قمر" لرنين الهاتف بين أطرافها بقدر ما كانت فرحتها لرؤيتها لاسم "فادي" لتحرك أصابعها سريعاً للرد علي المكالمة..
بدأت المكالمة بسؤال كلاً منهما علي حال آخر وشكر "قمر" الذي استمر لقرابة الخمسة دقائق علي ما فعله "فادي" وإعادته لمجهودها وما إلي ذلك إلي أن حرك "فادي" شفاهه بنبرة هدوء ممزوجة بتنبيه:بالحق!!مساء غد سأتي لزيارتك ومعي مفاجأة رائعة لكي
ابتسامة خافتة امتزجت بنبرة "قمر" المرحة التي حركت بها شفاهها قائلة:غير ما رأيته اليوم؟! يا الله بذلك ستقضي عليً
قهقهة خافتة أطلقها "فادي" لتمتزج مع نبرته الهادئة التي حرك بها شفاهه قائلاً:لا تقلقي إذا لاحظت أية علامات للإغماء سألحقك بكوب مياه مثلج الأهم أن تستعدي جيداً وترتدي ذاك الفستان
عقدت "قمر" حاجبيها بتعجب لتحرك شفاهها بنبرة فضول قائلة:لماذا؟! ها لماذا؟! لنتفق اتفاق أنت تخبرني عن تلك المفاجأة وأنا سأظهر الدهشة بمجرد رؤية تلك المفاجأة
أغلق "فادي" الملف الذي أمامه لترتفع صيحات ضحكاته لتصل إلي مسامع "قمر" وكأنها صدمة كهربية تزيديها عشقاً له ..
ثوانٍ معدودة دامت فيها صيحات ضحكات "فادي" الذي قال بنبرة هادئة:حسناً أيتها المجنونة استمعي لي جيداً لأنني أريد إخبارك بأمر ما
نبرة تركيز ممزوجة بفضول نبعت من شفاه "قمر" التي قالت:حسناً
بدأ "فادي" في سرد ما حدث في النوبة صباح اليوم وإلقاء القبض علي "محب" ومعرفة حقيقة عمل "بسام" أمام الجميع وما إلي ذلك...
وبالرغم من فرحة "قمر" الطفولية التي أظهرتها فور ما قاله "فادي" عن إلقاء القبض علي "محب" كان قلقها هو المتحكم الأول في شعورها لرد فعل أهل القرية و والدها ل "بسام" ..
ذاك القلق الذي سرعان ما تحول إلي دموع لؤلؤية تتأرجح في عينيها خوفاً علي شقيقها..ولكن سرعان ما تدارك "فادي" الأمر كعادته وبعث الطمأنينة إلي أوصال "قمر"ليكملوا مكالمتهم حول مستجدات الترتيب لسفرهم
...
ابتسامة راحة امتزجت بملامح "مريم" التي تكتسي بالسعادة فور دخولها إلي منزل زوجها بعد أسابيع مكثتها في بيت والديها بسبب فترة حملها..
تنهيدة طمأنينة أطلقتها "مريم" لتمتزج مع نظرات عينيها التي تتفحص كل ركن في منزلها لتروي اشتياقها لمنزلها الذي يحوي في طياته ذكريات يتراقص القلب فرحاُ بها..
أغلق "ياسر" باب المنزل فور تأكده من إدخال حارس العمارة للحقائب لتلتقط عينيه ابنته الساكنة بين ذراعيه بطمأنينة اكتسبتها من شعورها بالأمان بين ذراعي والدها..
ابتسامة فرحة ارتسمت علي ملامح "ياسر" لتمتزج مع نبرته الهامسة لابنته قائلاً:ذاك منزلنا يا ابنتي هنا ستمكثين أيام عمرك تحت رعايتي أنا و والدتك لا تقلقي سأحاول جاهدً أن أكون أب مثالياً وأصنع لكي كل ما تريدين
رفع "ياسر" عينيه ليتأمل "مريم" التي تنتقل بين حجرات المنزل وابتسامتها الطفولية تزين ملامحها ليتابع حديثه قائلاً:و لكن !! إياكى أن تتحدي مع "مريم" ضدي هي ومجنونة قليلاً وبوجودك أصبح كلانا مجانين
نظرات براءة نبعت من عيني الصغيرة "تميمة" لترتسم ابتسامة صغيرة علي ثغرها وكأنها تريد إخبار "ياسر" بأنها تفهم ما حادثها له..
لتزيد ابتسامة تلك الصغيرة جنون والدها بها..
أنحني "ياسر" بثغره ليطبع قٌبلة هادئة علي جبين طفلته ومن ثم رفع نبرته قليلاً قائلاً:حبيبتي هيا أريد أن أريكي شئ
ارتسمت ابتسامة خافتة علي ملامح "مريم" لتتجه نحو"ياسر" الذي أحاط خصرها بذراعه الآخر ليتجهوا إلي حجرة طفلتهم "تميمة"..
اتسعت عيني "مريم" صدمة امتزجت مع ابتسامتها الفرحة التي ازدادت تدريجياً علي ثغرها فور فتح "ياسر" لباب الحجرة التي زينها خصيصاً من أجل تلك الطفلة التي ربطت حبهم إلي الأبد..
نظرات رضي رسمت علي ملامح "ياسر" فور رؤيته لفرحة عيني "مريم" لتلك الحجرة التي باتت كحجرة الأميرات تماماً وسرعان ما تمسكت "مريم" بلياقة قميص "ياسر" لتتعلق به ومن ثم تطبع بثغرها قٌبلة فرحة علي خد "ياسر" ومن ثم تحرك شفاهها هامسة:أعشقك
ارتسمت ابتسامة خبث علي ملامح "ياسر" ليزيد من إحاطته بخصر "مريم" ليحرك شفاهه بنبرة شوق:من الواضح أن "تميمة" مساعدة جيدة لأبيها وها هي نائمة الآن لما لا تمهليني الفرصة لإخبارك بأمر في غاية الأهمية جداً
دفنت "مريم" ملامحها التي توردت خجلاً في كتف "ياسر" لتحرك شفاهها بنبرة خجل ممزوجة بشوق:"ياسر"؟!
قهقهة خافتة نبعت من "ياسر" الذي حرك شفاهه قائلاً بنبرة هامسة:حيث إن الأمر وصل بنا إلي "ياسر" فأنا سأضع الصغيرة في الفراش ريثما تدلفي إلي حجرتنا
ودعت "مريم" ابنتها بقٌبلة هادئة طبعتها علي جبينها لتدلف إلي حجرتها بينما هدهد "ياسر" ابنته قليلاً حتى تأكد تماماً أن سكنت في فراشها ومن ثم اتجهت بخطي ثابتة تمتزج بابتسامة الشوق التي تزين ملامحه إلي حجرته..
وفي نفس اللحظة التي دلف فيها "ياسر" إلي الحجرة كانت "مريم" تغلق باب دورة المياه الملحقة بالحجرة ومنشفة قطنية تحيط بجسدها الصغير الذي ارتعد فور رؤية "ياسر"..
ابتسامة خافتة امتزجت بنبرة شوق نبعت من شفاه "ياسر" الذي قال:أهم ميزة في حظي أنني أتي في اللحظة المناسبة
...
تنهيدة راحة امتزجت بنبرة عتاب نبعت من شفاه "ناهد" التي قالت:أخيراً فتحت عينيك يا "منير"
ابتلع "منير" ريقه بصعوبة ليلتفت بعينيه إلي "ناهد" الواقفة بجواره ليحرك شفاهه بنبرة إرهاق متسائلة:أما زلتي تقلقين عليً؟!
مسحت "ناهد" علي جبين زوجها بحنان امتزجت بدموعها التي تتلألأ في جفونها لتحرك شفاهها بنبرة حانية:ومالي لا أقلق عليك ؟! وأنا بتلك الحياة وحيدة بدونك ؟!
تنهيدة راحة أطلقها "منير" لتمتزج مع نبرته المتأسفة التي حرك بها شفاهه قائلاً:سامحيني لتقصيري معك في الفترة الماضية ولكن أوعدك أن من الليلة ما عاد يشغل بالي إلا كيفية إسعادك
بالرغم من الرومانسية التي تبدو ظاهرة بقوة في حديث "منير" الظاهري إلا أن "ناهد" شعرت بما يخفيه "منير" في طيات حديثه لتحرك شفاهها بنبرة تساؤل قلقة:ماذا تعني بحديثك؟!
ابتلع "منير" ريقه بحسم امتزج بنبرته القوية التي حرك بها شفاهه قائلاً.أي من اليوم لم تعد لي ابنة توفيت نهائياً بالنسبة لي أما ذاك المخادع الذي أوهمني طيلة السنين الماضية ما عاد يمت لي بأية صلة أنا ربيته كما وعدت أخي
اتسعت عيني "ناهد" صدمة امتزجت بنبرتها الشبه باكية التي حركت بها شفاهها قائلة:توفيت؟!"قمر" يا "منير" باتت متوفية بالنسبة لك؟!"قمر" التي طالما كنت تبدع في كيفية إسعادها وهي طفلة؟! "قمر" التي كانت عندما تمرض لساعات ينقلب حالك تماماً؟! "قمر" التي طالما كانت تهرول إلي ذراعيك لحظة عودتها من المدرسة؟! "قمر" التي تألمت لآلامها وأوهمت نفسك بالقوة وأنت تراها تتآكل أمام عينيك؟!
كفكفت "ناهد" دمعة تدحرجت علي خديها لتتابع حديثها قائلة:و "بسام" أيضاً صار مخادع؟! أتعلم ما الأخبار الذي انتشرت سريعاً حول مصائب "محب" التي كشفها "بسام"؟!تتهمه الآن بالخداع بدل من أن تفرح لما حققه في عمله؟! صار مخادعاً الآن بعدما كان جزء من قلبك بعدما كان ابنك الذي لم أستطيع إنجابه لك؟! هل ستمحى كل هذا من ذاكرتك بين ليلة وضحاها؟!
بالرغم من حديث "ناهد" الذي كان كطلقات نارية تصوب لكيان "منير" لإفاقته مما ينوي فعله إلا أن قوته وجموده تحكم من أوصاله بسهولة ليحرك شفاهه بنبرة قوة قائلاً:نعم يا "ناهد" سأمحيه...والآن عليكي الاختيار أنا أم هم؟!
بالنسبة إلي "ناهد" كان الاختيار بين الطرفين غير منصف تماماً..فذاك حب عمرها وزوجها وما منحه الزمن لها ليصبح سند لها من غدر الأيام..وتلك ابنتها التي طالما انتظرتها بشوق وهي تنمو أكثر وأكثر في أحشائها وذاك ابنها التي لم تنجه أحشائها ولكن أنجبه قلبها..قلبها الذي طالما ظللهم بحنانها ..
المقارنة غير منصفة تماماً ل"ناهد" فإن استطعت إصابة التعبير..الخيار بين أكسجين يمد رئتها بالقدرة علي التنفس وقطرات مياه تمد كيانها بأكمل بقوة لاستكمال الحياة..
بالنسبة للجميع لا تجوز المقارنة بين الأكسجين والمياه ولكن بالنسبة ل"ناهد" صار الاختيار هو الحل الوحيد لذلك حركت "ناهد" شفاهها بنبرة باكية قائلة:أنت يا "منير" أنت ولكن أرجوك هل لي بطلبين فقط أرجوك
ابتلع "منير" ريقه براحة نسبية ليحرك شفاهه بنبرة موافقة قائلاً:أطلبي
لهثت "ناهد" أنفاسها إثر دموعها المكتومة بين جفونها لتحرك شفاهها بنبرة رجاء قائلة:أرجوك ألا تتعرض ل"فادي" أرجوك أتركه هو وشأنه وإن كانت "قمر" بالنسبة لك مت..
أغلقت "ناهد" عينيها بألم إثر تجمد شفاهها التي أبت استكمال تلك الكلمة اللعينة ليشعر "منير" بارتعاد جسدها في لحظة في الأكثر ألماً مرت علي "ناهد" التي سرعان ما حاولت التماسك من جديد لتقول:إن كانت بالنسبة لك كما تريد فستظل حية بين ضلوعي ولكن أرجوك لا تتعرض ل"فادي" أرجوك
لحظات صمت معدودة خيمت علي أجواء الحجرة لترتفع صيحات الغضب داخل كيان "منير" الذي حاول أن يكون منصفاً ولو لمرة واحدة في حياته ليحرك شفاهه بنبرة ضيق موافقة:حسناً لن أتعرض له..ما الطلب الثاني؟!
أطلقت "ناهد" تنهيدة راحة امتزجت بابتسامة الطمأنينة النسبية التي غزت ملامحها لتحرك شفاهها بنبرة طلب:الثاني!! أريد أن أذهب لزفاف "بسام" في الوقت الذي سيحدده..أريد أن أري ذاك الطفل الذي طالما أحطته برعايتي أريد أن أراه عريس بجانب عروسته
زفر "منير" بضجر امتزج بنبرة الساخرة التي حرك يها شفاهه قائلاً:إذا أتي لدعوتك فأذهبي إلي الزفاف وإن لم يأتي لدعوتك ممنوع الذهاب
أطلقت "ناهد" تنهيدة راحة امتزجت دموعها التي تدحرج علي خديها لتحادث نفسها قائلة بألم:سامحيني يا ابنتي..يا الله أرعاه بعينيك التي لا تنام وأحفظ ابني وأمنحه السكينة والراحة..يا الله هون عليً فراق أبناء قلبي.....


يتبع.....
#نورهان_حسنى



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-16, 11:15 PM   #30

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



الفصل الثامن والعشرون


طرقات خافتة علي باب حجرة "أسماء" جعلتها تحرك شفاهه بنبرة إذن للدخول لتدلف والدتها إلي الحجرة قائلة:"أسماء" أجهزي سريعاً
رفعت "أسماء" خصلات شعرها المتساقط لتحرك رقبتها يميناً ويساراً بإرهاق ومن ثم تحرك شفاهها بنبرة نعاس:أجهز لماذا يا أمي؟! أنا أريد النوم قليلاً أرجوكي
تنهيدة ضجر امتزجت بنبرة الملل النابعة من شفاه "والدة أسماء" التي قالت:ألا تعلمين أن "بسام" بالأسفل مع والدك
التفت "أسماء" بعينيها بصدمة إلي والدتها لتبتلع ريقها بصعوبة امتزجت مع نبرتها المشتتة لتقول:نعم؟! من؟! أين؟! كيف؟! متى؟!
قهقهة خافتة نبعت من شفاه "والدة أسماء" التي صوبت بعينيها نظرات فرحة ممزوجة بتحسر علي حال ابنتها التي تحولت إلي مريضة عقلية لتحرك شفاهها بنبرة تنبيه:أرتدي ملابسك سريعاً لأن "بسام" واضح عليه الإرهاق ولا يريد الحديث إلا في وجودك
ما يقارب الربع ساعة قضتها "أسماء" في تبديل ملابسها وارتداء حجابها محققة رقم قياسي بعدما تملكها التوتر الممزوج بالفضول لمعرفة سر زيارة "بسام" بالرغم مما يعانيه من إرهاق..
جلست "أسماء" علي مقعد في مقابلة "بسام" الذي ارتشف قليلاً من كوب قهوته قائلاً بنبرة هدوء:بالطبع يا عماه أنت تعلم جيداً ما مررت به في الأشهر الماضية بسبب القضية وما إلي ذلك وتلك الأمور جعلتني أنشغل كثيراً عن "أسماء" وهذا كان بغير إرادتي
أطفئ "والد أسماء" تبغه ليحرك شفاهه بنبرة هدوء قائلاً:يا بني ذاك عملك وأهم شئ في حياتك وبما أنه كان خارجً إرادتك فلا لوم عليك
رفعت "أسماء" حاجبها بتعجب امتزج مع نظراتها المتسائلة ل"بسام" لترتسم ابتسامة خافتة علي ملامح "بسام" الذي قال بنبرة حانية:بالرغم من كل ما كان يحدث يا عماه إلا أن حلم إتمام زفافي ب"أسماء" كان من أهم أولوياتي لذلك كنت أحاول بذل ما باستطاعتي لتقديم موعد ذاك الزفاف لذلك يا عماه فقط استطعت بفضل الله تدبير مبلغ لشراء منزل وتجهيزه من حيث الألوان والديكور وما إلا ذلك ما ينقصه فقط هو ما تحتاجه "أسماء" من أثاث ومن ثم تخطو إلي مملكتنا
نظرات صدمة امتزجت بملامح فرحة تبادلتها "أسماء" مع والديها إثر حديث "بسام" هذا ..لتبتلع "أسماء" ريقها بصعوبة قائلة بنبرة صدمة تخفي في طياتها فرحة يتراقص بها قلبها:"بسام"!!هل أنت مستوعب لما تقوله؟!
أومأ "بسام" رأسه موافقة ليحرك شفاهه بنبرة ثبات امتزجت بنظرات حبه التي يصوبها بلا رحمة إلي عيني "أسماء" ليقول:مستوعب جداً..في الفترة السابقة نعم كنت مهمل في حقك كثيراً وأنا أعتذر لكي أمام والديك ولكن بعدما حققت حلمي الأول في تلك الوظيفة ما عاد لدي حلم أسعي لتحقيقه سوي إتمام زفافنا في عيد الفطر
أطلق "والد أسماء" تنهيدة حيرة امتزجت بنبرته المتسائلة التي حرك بها شفاهه قائلاً:بعيدً عن تكاليف الزفاف وما سيحدث فيه تلك أمور ترتب لها أنت و"أسماء" ولكن يا بني بعد غد من المحتمل أن تكون أول أيام الشهر الكريم وأنت بذلك تمهل شهر لتحضير الأثاث وما إلي ذلك وإن استطاعنا إنجازه ما بال أهلك يا بني؟!
تنهيدة ألم أطلقها "بسام" امتزجت بنبرته الثابتة التي حرك بها شفاهه قائلاً:إن كان علي عمي "منير" فأنا أعلمه جيداً هو بات يراني مخادع ولن ينسي مع حدث بسهولة ومن المستحيل أن أحادثه في تلك الفترة..عنم من الممكن ان يحضر الزفاف ولكن لست متأكد وبالإضافة لذلك سيادتك تعلم جيداً أنه لا أهل لي سواه هو و زوجته و"قمر" وإن كان علي زوجته فهي أمي الثانية وبكل تأكيد ستحضر الزفاف رغماً عنه ولكن "قمر" فحالتها هي الأصعب لما تمر به وما إلي ذلك
نظرات حيرة امتزجت بعلامات التردد التي تبادلها كلاً من "والد أسماء" و"والدتها" فبالرغم من تأكدهم من أن "بسام" هو الشخص الأمثل لابنتهم بل والأهم أن ابنتهم تحبه إلي حد كبير إلا أن التقاليد تبقي لتقاليد بالنسبة لهم..
بينما علي النقيض..كانت نظرات الفرحة الممتزجة بعلامات الشوق التي ترتسم علي ملامح "بسام و أسماء" كانت هي سلاحهم الأقوى لإطاحة بتلك التقاليد بعرض الحائط لذلك حركت "أسماء" شفاهها بنبرة هدوء:أبي؟!
حضرتك دائماً ما تثق في قرارتي لذلك أتمني منك أن توافق لأنني لا يهمني أية تقاليد مهما كانت أهميتها ما يهمني حقاً هو "بسام" ولا أحد غير "بسام"
ارتسمت ابتسامة فرحة علي ملامح "بسام" الذي حرك شفاهه بكلمة "أحبك" لتقابلها "أسماء" بنظرات فرحة امتزجت بخديها اللذان توردا خجلاً..
ليطلق "والد أسماء" تنهيدة استسلام امتزجت بنبرته الموافقة قائلاً:علي بركة الله..مبروك
...
وبخبر تحديد موعد زفاف "بسام" و"أسماء" في آخر أيام عيد الفطر المبارك أنقضي يوم أبطالنا إلي هذا ليهرب الجميع إلي النوم ليحظوا بقيلولة هادئة بعد يوم أرهق الجميع..
أعلنت أشعة الشمس الذهبية بداية يوم جديد يحمل في جعبته الكثير والكثير عن أبطالنا..ولكن!! قبل أن ننتقل إلي تفاصيل ذاك اليوم...
دعنا نتأمل حجرة المكتب تلك التي تضم بين جدرانها فتاة صامتة علي مقعدها الجلدي في مستوي ذراعها توجد ورقة مكتوب في بداية "طلب استقالة"..
تلك الكلمة التي تحوي في معانيها قرار تلك الفتاة بالهروب عن تلك الشركة أو بالأحق الهروب عن رؤية ذاك المتعجرف..الهروب عن متابعة ما يحدث من اقتراب موعد اجتماعه بحبيبته...
ما رأته تلك الفتاة أو بالتحديد "إسراء" أن الهروب هو الحل الأمثل للحكم بالموت الأبدي علي قلبها بعدمها أصبحت خيوط أملها في الاجتماع به رماد تتطاير إثر نسمات الزمان الغادرة..
بمجرد أن أنهت "إسراء" كلماتها الأخيرة في طلب الاستقالة ذاك حتى هوت دمعة دافئة علي كفها المرتعش تنذرها بأن ما هو قادم سيكون أداة للفتك بما ظل في كيانها ولكنه!!لن يكون أقوى مما ستتعرض له إذ ظلت في تلك الشركة..
لذلك كفكفت "إسراء" دموعها سريعاً وحملت حقيبة ظهرها متجهة إلي مكتب رئيس مجلس إدارة الشركة..
دلفت "إسراء" خارج حجرة مكتبها لتخطو خطواتها الأخيرة في طرقات الشركة بثبات يخفي في طياته صيحات الألم التي قاربت علي الفتك بما ظل فيها من قوة..
نبرته التي طالما حفظتها عن ظهر قلب..نبرته التي طالما كانت تتراقص فور سماعها لكلماته حتى و إن كانت متعجرف..نبرته التي طالما حلمت بأن تنسج لها كلمات غزل..نبرته التي باتت أداة لغرز الألم في جرح قلبها المتهالك..
ها هي نبرته الآن تنادي باسمها من جديد..لتتجمد "إسراء" موضعها وهي تشعر بأنها ستفقد توازنها بلا شك لذلك استندت بذراعها علي الجدار لتلتفت بجسدها قائلة بنبرة ثبات مصطنعة:صباح الخير..هل كنت تنادي عليً؟!
ارتشف "فادي" قليلاً من كوب قهوته ومن ثم حرك شفاهه بنبرة هدوء:نعم..أنت بالطبع علمتى بما حدث مع "محب"؟!
أومأ "إسراء" رأسها موافقة ليتابع "فادي" حديثه قائلاً:أنا فقط أردت شكرك علي ما مساعدتك في مجري القضية وما إلي ذلك
ابتسامة خافتة ارتسمت علي ملامح لكيان متهالك لتمتزج بنبرة "إسراء" التي أوشكت علي البكاء لتقول:أنا ما فعلت ما كان يجب الأهم أننا تخلصنا منه
أومأ "فادي" رأسه موافقاً ليلتفت بجسده عائداً في طريقه إلي مكتبه وبمجرد أن خطي خطوته الثالثة أوقفته نبرة "إسراء" باسمه..
ليلتفت "فادي" بعينيه بنظرات تعجب امتزجت بنبرته المستفهمة قائلاً:نعم؟!!
ابتلعت "إسراء" ريقها بصعوبة امتزجت مع نبرتها المرتعشة لتقول:من المحتمل أن تكون بداية شهر رمضان لذلك كل عام وأنت بخير
ابتسامة خافتة ارتسمت علي ملامح "فادي" ليحرك شفاهه قائلاً:وأنتي بخير..
سار "فادي" في طريقه إلي مكتبه تاركاً "إسراء" شاردة موضعها تتأمله لآخر مرة ستراه فيها لأن قرار الهروب صار نهائياً بالنسبة لها لاكتفائها بابتسامته الهادئة التي ودعها بها تلك
...
خلع "وائل" معطفه ببرود اكتسبه من صداقته ل"فادي" ليهوي بجسده علي مقعده الجلدي ونظرات الانتصار تشع من عينيه لتصوبها إلي عيني "محب" التي باتت تتميز بنظرات اللامبالاة..ليحرك "وائل" شفاهه بنبرة أمر قائلاً:حسناً اسمعني جمال نبرتك وأخبرني بتفسيرك لتلك الجرائم كلها
تنهيدة لامبالاة أطلقها "محب" لتمتزج مع نبرة الجفاء النابعة من شفاهه ليقول:لم أرتكب شئ
ابتسامة ساخرة ارتسمت علي ملامح "وائل" لتمتزج مع نبرته المحذرة التي حرك بها شفاهه قائلاً:أتدري كم عائلة قٌتل أحد من أفرادها بسبب سلاحك؟!أم كم شاب صار مدمن بسببك؟! أم كم شخص تٌوفي إثر أغذيتك المسممة؟! أم كم صاحب أرض زراعية تحولت إلي أرض بور بسبب موادك الزراعية المميتة؟!
هل تريد أن استدعي كل هؤلاء ليأخذوا حقهم منك؟! أم أخذ حقي أنا منك؟! أم تتخلي عن جنونك هذا وتخبرني بكل شئ؟!
لم يتلقي "وائل" أية إجابة من "محب" لتظل نظرات اللامبالاة هي المسيطرة علي ملامح "محب" الذي لم يحرك شفاهه حتى ليطلق "وائل" تنهيدة خبث امتزجت بنبرته الساخرة التي حرك بها شفاهه قائلاً:حسناً الأفضل السكوت حقاً بالإضافة لأنني مرهق قليلاً..ولكن ما رأيك إذا أحضرنا والدتك تضيف طابع مرح علي ذاك الجو الملل بحديثها الجنوني عن والدك
نظرات صدمة امتزجت بصيحة "محب" الغاضبة التي حرك بها شفاهه قائلاً:إلا أمي أيها ال...
لم يمهل "وائل" "محب" أية فرصة لاستكمال حديثه وإنما أحكم القبضة علي رقبته ليشعر "محب" وكأن أنفاسه باتت في طريقها للانقطاع نهائياً عن رئتيه ليلقي به "وائل" أرضاً مسددً لكمات متتالية إلي جسده بينما "محب" لم يشعر بألم تلك اللكمات بقدر شعوره بأنفاسه التي بات يلهثها كالمجنون..
أنحني "وائل" لالتقاط "محب" من كتفه ليسدد له لكمة قوية علي رأسه جعلت شفاهه تتأوه ألمً..
ألقي "وائل" بجسد "محب" الذي ما عاد يملك أية قوة جسدية ليحرك "وائل" شفاهه بنبرة قوة:من الأفضل لك أن تتحدث وإلا أنت تعلم جيداً ماذا سيحدث لك ولوالدتك
بات العجز هو الممسك بزمام الأمور في كيان "محب" الذي تخلي عن قوته وجشعه في اللحظة التي وجد أن "بسام" هو الذي أحكم القبض عليه..
لتتحول قوته إلي رماد علي يد من كان يظن أنه يحرك بأصابعه..
نبرة عجز نبعت من شفاه "محب" الذي قال:حسناً سأخبرك بكل شئ
...
"تعلن دار الإفتاء المصرية أن اليوم هو المتمم لشهر شعبان وأن فجر اليوم سيكون بداية شهر رمضان الكريم..أعاده الله علينا وعلي الأمة الإسلامية بالخير"
بمجرد أن أنهي "مفتي الجمهورية" تلك الكلمات التي زفت خبر حلول الشهر الكريم حتى أطلقت "قمر" تنهيدة فرحة ممتزجة بألم لأن تلك الأيام المباركة أتت عليها لأول مرة بدون والدتها..
بدون قٌبلتها الحانية وهي تهنئها بالشهر الكريم..بدون زينة رمضان التي طالما زينت بها منزلها بمساعدة "بسام".. بدون ابتسامة والدها وهو يدلف إلي المنزل حاملاً فانوس رمضان لها..
لأول مرة يكون شهر رمضان الكريم بدون عائلتها..
لمسة حانية مسحت علي ظهر "قمر" لتلتقطها من أحزانها لتلتفت "قمر" بعينيها لتجد "ثرية" تقف خلفها وبيدها كوب من اللبن..
ابتسامة صافية امتزجت بنبرة "ثرية" المهنئة لتقول:كل عام وأنتي بخير يا ابنتي
قامت "قمر" من موضعها بسرعة لتهوي علي جبين "ثرية" بقٌبلة حانية ومن ثم تحرك شفاهها قائلة:و أنتي بخير وبسلام يا عمتي
ناولت "ثرية"كوب اللبن ل"قمر" قائلة بنبرة فرحة:تلك من تقاليد منزل "الشيخ\راضي" قبل الذهاب لأول صلاة تراويح في رمضان نرتشف قطرات من اللبن
ابتلعت "قمر" ريقها بصعوبة لتحرك شفاهه بنبرة طفولية:سأخبرك بسر..أنا لا أشرب اللبن نهائياً
قهقهة خافتة نبعت من "ثرية" التي حركت شفاهها بنبرة حنين للذكريات:يا الله نفس الجملة التي طالما عانيت منها مع أطفالي..حسناً ارتشفي بعض القطرات دفعة واحدة ولن تشعري بطعمه بقوة
اضطرت "قمر" لتنفيذ تقاليد منزل "الشيخ\راضي" لترتشف بعض القطرات بسرعة البرق ومن ثم تغلق عينيها بمرارة وملامح الطفولة باتت تتحكم من أوصالها لتطلق "ثرية" ضحكات متتالية علي ذاك المشهد الطفولى الذي ذكرها بأطفالها..
مسحت "قمر" علي ثغرها بتأفف ومن ثم حركت شفاهها قائلة بنبرة تساؤل:ألن يأتي أبنائك تلك السنة يا عمتي؟؟!
أطلقت "ثرية" تنهيدة ضيق امتزجت بنبرتها الحزينة التي حركت بها شفاهها قائلة:للأسف يا ابنتي ذاك أول رمضان يمر علينا دون أن يأخذوا أجازة من عملهم..المهم أنهم بخير الحمدلله ذاك هو الأهم بالنسبة لي وبإذن الله يستطيعوا النزول إلي مصر في أقرب فرصة
أكملت "ثرية" حديثها بنبرة حانية وهي تمسح علي كتف "قمر" لتقول:ولكن الحمدلله أكرمني الله بمكوثك معنا حتى لا نبقي بمفردنا
ابتسمت "قمر" بسعادة سرعان ما تمكنت من أوصالها لتحرك شفاهها بنبرة فرحة:أنا سعيدة جداً يا عمتي لمكوثي معكم فيما سبق ولأن رمضان أتي عليً وأنا لست وحدي بل معكى ومع "عمي\راضي"
انتبهت عيني "ثرية" إلي ساعة الحائط المقابلة لها لتحرك شفاهها بنبرة إدراك:حفظكي الله يا ابنتي..الأهم الآن أن ندلف إلي الحجرة لنصلي التراويح ومن ثم تهيئ نفسك..ألم تقولي بأن "فادي" سيأتي لكي؟!
أومأت "قمر" رقبتها بمعالم الفرحة لتدلف بصحبة "ثرية" إلي حجرتها من أجل تأدية صلاة التراويح الأولي..
سرعان ما امتلأت شوارع القاهرة بزينة شهر رمضان الكريم وهرول الجميع إلي المساجد لتأدية صلاة التراويح لتكتسي أجواء القاهرة بل ربوع "مصر" جميعها بأجواء فرحة قدوم الشهر الكريم..
بمجرد انتهاء صلاة التراويح بما يقارب الثلث من الساعة..توقفت سيارة "ياسر" أمام أحد المنازل ليحرك شفاهه بنبرة هادئة:هيا يا حبيبتي
أخفت "مريم" ملامح وجه ابنتها الساكنة بين ذراعيها بوشاحها لتحرك شفاهه بنبرة تساؤل متعجبة:ما هذا المنزل؟! لماذا أتيت بنا إلي هنا يا "ياسر"؟!
حمل "ياسر" ابنته من بين ذراعي "مريم" ليحرك شفاهه بنبرة غموض قائلاً:أهبطى فقط ومن ثم ستعلمين لماذا أتينا إلي هنا
ارتجلت "مريم" من السيارة بتعجب يكسو ملامح وجهها وسرعان ما ازدادت ملامحها تعجباً فور رؤيتها لسيارة أخري تقف أمامهم ويرتجل منها شاب وفتاة..
رفعت "مريم" ثغرها في مستوي أذن "ياسر" لتحركه بنبرة تساؤل هامسة:"ياسر" ما كل هذا؟!
نبرة مطمأنة ممزوجة بقليل من الغموض نبعت من شفاه "ياسر" الذي قال:الصبر يا حبيبتي الصبر
اقترب ذاك الشاب من "ياسر" لترتسم ابتسامة فرحة علي ملامحه لتمتزج بنبرته الهادئة ليقول:كل عام وأنت بخير
ارتسمت ابتسامة مرح علي ملامح "ياسر" الذي احتضن ذاك الشاب بحذر لحمله لابنته ليحرك شفاهه بنبرة هادئة:وأنت بخير..دائماً مواعيدك بالثانية يا "بسام"
نبرة مرحة امتزجت بترحيب نبعت من شفاه "بسام" الذي قال:بالطبع يا صديقي..مبروك يا مدام علي الطفلة بارك الله لكم فيها
ارتسمت ابتسامة قلق علي ملامح "مريم" لتمتزج بنبرتها الشاكرة لتقول:شكراً لسيادتك
نبرة توضيح ممزوجة بسعادة تكسو ملامح "بسام" الذي قال:تلك "أسماء" خطيبتي
تصافحت الفتاتان بهدوء امتزجت بنظرات التساؤل النابعة من عينيهم ليحرك "ياسر" شفاهه بنبرة توضيح قائلاً:ذاك "بسام" ابن عم "قمر" يا "مريم "
التفت "مريم" بعينيها بصدمة لتقابل عيني "ياسر" لتحرك شفاهها بنبرة حنين مرتعشة:"قمر"؟!
بمجرد أن أنهت "مريم" حروف كلماتها حتى تسلل شعاع ضوئي نابع من دراجة بخارية تقترب منهم تدريجياً لتزداد كلاً "مريم" و "أسماء" صدمة بينما ازدادت ابتسامة كلاً من "ياسر" و"بسام"..
..
تحركت "قمر" بخطوات مرتعشة تجاه مرآة خزانة ملابسها لتتأمل نفسها بذاك الفستان الخيالي..
اتسعت عيني "قمر" صدمة ممزوجة بفرحة تلألأت في عينيها لتحرك شفاهها بنبرة ذهول مرتعشة:ما زلت ذاك القمر؟! ما زالت ملامحي منبع للجمال؟!
منحنيات جسدها التي تصنع كيان أنوثي ساحر..رموش عينيها التي مازالت تتحرك ببطء يضيف لمسة جمالية علي لون عينيها الأسرة للقلوب ..تورد خديها باللون الأحمر التي مازالت محتفظة به..شفاهها الصغيرة التي تحمل لون وردي يرتعد من أجله قلوب بني آدم..أنفها المتناسقة التي تبعث فيها روح الكبرياء الممزوجة بعندها الفطري..نعومة ملمس يدها التي تشبه نعومة أوصال الأطفال..
في النهاية ارتسمت ابتسامة الجمال الساحرة علي ملامح "قمر" التي أيقنت بأنها مازالت القمر الذي طالما كان حلم بني آدم بأكملهم..
نعم!! اختفي بريقها لفترة ماضية كان الحزن متمكن من أوصالها ولكنها عادت أكثر نضارة وجمالاً..
عادت إلي هيئتها الساحرة المعتادة..عادت "قمر" التي غزت قلب ذاك المتعجرف دون إذن..
التقطت نبرة "ثرية" الفرحة "قمر" من شرودها لتنتبه لحديث "ثرية" التي تقول:ما شاء الله..فليحفظك الله يا ابنتي
ارتسمت ابتسامة خجل علي ملامح "قمر" لتمتزج بنبرتها الفرحة التي حركت بها شفاهها قائلة:حقاً يا عمتي؟!
أومأت "ثرية" رأسها موافقة لتحرك شفاهها بنبرة هدوء:حقاً يا ابنتي..هيا إذن لأن "فادي" بالخارج
تصاعد صدر "قمر" وانخفض بأنفاسه التي باتت تتسارع بقوة فور التقاط أذنها لكلمة "فادي" لتلتفت "قمر" برأسها إلي المرآة لتتأكد بأن شعرها بأكمل مختفي تحت طيات حجابها ومن ثم أطلقت تنهيدة رضي علي هيئتها لتدلف إلي خارج الحجرة بصحبة "ثرية"..
اتسعت عيني "قمر" صدمة فور دخولها إلي حجرة استقبال الضيوف بينما تجمدت أوصالها إثر صخب ضحكات "فادي" الممتزجة بضحكات "بسام"..
لحظات عدم استيعاب مرت علي "قمر" وهي تحاول تصديق ما يجري أمامها من جلوس ل"بسام" وفتاة بجانبه و "ياسر" الجالس بمفرده..والجميع نظراته مصوبة لها بابتسامة عجزت "قمر" عن تفسيرها..
بينما قام "بسام" من موضعه وعلامات الفرحة تكسو ملامحه التي مازالت محتفظة بابتسامته الخافتة ليحرك شفاهه بنبرة حنين قائلاً:كل سنة وأنتي بخير
تلألأت دموع الفرحة في عيني "قمر" التي أطلقت تنهيدة راحة لرؤيتها شقيقها في لحظات الشهر الكريم الأولي لترتسم ابتسامة شوق علي ملامحها وتمتزج مع نبرتها المرتعشة من الفرحة لتقول:"بسام"!! وأنت بخير يا أخي
ما إن أنهي "بسام" حديثه حتى هوي بقٌبلة حانية علي جبين "قمر" ليقترب من أذنها قائلاً بنبرة همس:مبروك
عقدت "قمر" حاجبيها بعدم فهم وقبل أن تحرك شفاهها قاطعها "بسام" بنبرته الهادئة ليقول:تلك "أسماء" خطيبتي التي أخبرتك عنها وتلك يا "أسماء" "قمر" ابنة عمي وأختي
نظرات راحة امتزجت بابتسامة الفرحة التي تبادلتها الفتاتان فور تصافحهم ببعض لتعلن تلك الابتسامة التي تزين ملامحهم بداية صداقة ستتكون بينهم..
انخفضت "قمر" بمستوي نظرها إلي "فادي" الجالس بجوار "الشيخ\راضي" يعبث بأصابعه بشاشة الهاتف المحمول وعلامات الرضا ترتسم علي ملامحه لتضيف طابع جمالي إلي تلك الملامح التي باتت محفورة داخل قلب "قمر" قبل ذاكرتها..
نبرة مزاح ممزوجة بفرحة التقطت "قمر" من شرودها في ملامح "فادي" لتأتيها تلك النبرة التي قالت:"تميمة" ألقي التحية علي "قمر"؟!
التفت "قمر" بجسدها بصدمة اجتاحت أوصالها في أقل من الثانية فور رؤيتها لصديقتها "مريم" الواقفة خلفها وبيدها ابنتها الصغيرة..
نظرات فرحة امتزجت بدموع اشتياق تتلألأ في عيني الصديقتين تناسب كلياً مع ارتعاد جسدهم فور احتضانهم لبعضهم البعض ليطلقوا تنهيدة راحة اكتسبوها فور شعورهم بالطمأنينة بين ذراعي بعضهم..
"تبقي ضمة ذراعيك يا صديقتي هي أداة الفتك بكل أحزاني"
كلمات بسيطة همست بها "قمر" في أذن "مريم" لتزيد "مريم" بدورها من ضمتها ل"قمر" لتحرك شفاهه بنبرة اشتياق هامسة:اشتقت لكٍ كثيراً يا تؤامي
دقائق معدودة دام في العناق الحار بين الصديقين لتعود كل واحدة منهما بدورها بجانب شريك حياتها بينما اقتربت "قمر" من أذن "فادي" قائلة بنبرة امتنان:لا أعلم ماذا أقول لك علي تلك الفرحة التي أدخلتها علي قلبي بما تفعله..أدامك الله نعمة في حياتي
ارتسمت ابتسامة خافتة علي ملامح "فادي" لتمتزج بنبرته الهادئة التي حرك بها شفاهه هامساً:أحبك
أطلقت "قمر" تنهيدة فرحة امتزجت بتورد خديها خجلاً يتناسب كلياً مع نبرتها المرتعشة التي حركت بها شفاهها قائلة:كل عام و أنت بخير
نبرة هدوء امتزجت بنظرات رضا نبعت من "فادي" الذي حرك شفاهه قائلاً:وأنتي بخير
ما إن أنهي "فادي" كلماته البسيطة حتى ارتفعت نبرة "الشيخ\راضي" قائلاً:هيا يا بني..دعنا نفرح قليلاً
ارتسمت معالم الفرحة علي ملامح "فادي" الذي التقط علبة فضية اللون من جيب بنطاله ليفتحها ببطء أمام نظرات "قمر" التي تتابعه بترقب امتزج بفضولها.. ليظهر لها محبسين إحداهم فضي والآخر من الذهب..
حرك "فادي" شفاهه بنبرة حب هامسة امتزجت مع نظرة عينيه الثابتة ليقول:ذاك المحبس هو الإثبات الأول لأنك ستظلين معي إلي آخر العمر
علامات من الصدمة ارتسمت علي ملامح "قمر" التي ترتعش فرحةً تناسب حمرة خديها لتحرك شفاهها بنبرة فرحة مرتعشة:بدون أية إثباتات أنا معك إلي آخر العمر
تبادل العاشقان ارتداء محابس الخطوبة في أجواء تسودها الفرحة التي تمتزج بصيحات ضحكاتهم المرحة لتزين يدي العاشقين أخيراً بمحبس جمعهم سوياً إلي آخر العمر..
و ما بين التقاط صور "السيلفي" وتوزيع حلوي الخطوبة التي أعددتها "ثرية" في الخفاء ومزاح الأصدقاء المتبادل..انتهزت "قمر" فرصة عبث "فادي" بشاشة هاتفه لتلتقط هاتفها سريعاً وتعبث بأصابعها بشاشته..
ثواني معدودة كانت كافية بالنسبة ل"فادي" لقراءة رسالة "قمر" التي تحتوي علي..
""فادي" لا أستطيع حقاً التعبير عن 1% مما يجول بقلبي تجاهك وما صار في عقلي من تصوير بطئ لكل لحظة أراك فيها و أذني التي باتت ترفض سماع أية أصوات سوي نبرتك تلك..
أنا في حضرتك طفلة صغيرة تشعر بالأمان لوجودك وبنبرتك العاشقة أصير كمراهقة يدق الحب أبواب قلبها لأول مرة..وبنظرات لامبالاتك أنا أم تخشي عليك من غدر الزمن..وبنظرات عندك أنا أخت ترتعد من تصرفاتك الجنونية...
أنا يا "فادي" ؟! أنا...!! لا أستطيع تجميع ما يحدث بداخلي حقاً ولكن كل ما أرجوه أن تظل معي إلي آخر العمر."
ارتسمت ابتسامة فرحة علي ملامح "فادي" فور إنهائه لكلمات تلك الرسالة الأخيرة ليغلق هاتفه المحمول بهدوء ويطلق تنهيدة طمأنينة ومن ثم يستكمل حديثه مع أصدقائه و "الشيخ\راضي"
هدهدت "قمر" "تميمة" الساكنة بين ذراعيها لترتسم ابتسامة رضا علي ملامحها امتزجت بنبرتها الهادئة التي أطلقتها لتستكمل الحديث مع صديقتها و"ثرية"..
...
تلك القضية التي طالما كانت غامضة بالنسبة لكثير منا باتت أوراقها تنكشف واحدُ تلو الآخر..فها هو "محب" يقر بأفعاله الإجرامية وها هم رجاله يشرحون شرح تفصيلي لكل مهمة تكلفوا بها..وها هي مستندات الأوراق والتسجيلات تزيد حصيلة رجال الأعمال المتورطين مع "محب" في أعماله الإجرامية..
ولوجود تلك الأدلة التي تعتبر في نظر القانون قوية كفاية لإصدار الحكم لم يتوان القاضي في تنفيذ العدالة ليتم الحكم علي "محب" بتحويل أوراقه إلي فضيلة مفتي الجمهورية..
ليتزين جسد ذاك الشيطان بملابس باللون الأحمر تحمل في خيوطها دماء كثير من الأبرياء سالت بسببه..
ويتحول ذاك الشيطان إلي جسد هش وعقل بات رافضاً للواقع من حوله..رافضاً لفكرة أنه سيلاقي ربه في أقرب وقت..وبدلاً من التكفير عن ذنوبه..لجأ ذاك المعتوه إلي الهروب من واقعه بالنوم ليل نهار.ظناً منه بأنه بذلك يهرب مما يحيط به ولا يعلم بأنه رفض بغبائه فرصة التوبة إلي ربه في أيام الشهر الكريم...
...
أما عن زفاف العيد المنتظر لدي "بسام و أسماء" بات الشريكان في حيرة من أمرهم بين عملهم في الداخلية الذي لا يقبل التخاذل ولو لثواني..وبين ترتيبات الزفاف ومنزل زوجيتهم وإن أحققنا للحق الأمران يحتاج لأعصاب من نار وعقل مدبر ينتقي الأفضل من مظاهر بذخ لا أهمية لها..
وليسهل "بسام" المهمة علي نفسه نظراً ليالي تقطن مع "أسماء" إلي وقت متأخر..طلب من "والد أسماء" بتقديم موعد عقد القران..
ليقام ذاك العقد في أحد المساجد بالقاهرة في جو أسري محدود للغاية..لتبقي أيام بسيطة تفصل العاشقان عن التجمع تحت سقف منزل واحد..
...
أما عن تلك الأم "ناهد" التي باتت تفقد قوتها تدريجياً بسبب أحزانها التي باتت مرض خبيث يأبي الخروج من جسدها إلا بمعجزة موضوعة بين يدي "منير" الذي بات رافضاً رغم ما يراه من ألم تعانيه زوجته أن يرجع في قراره الذي اتخذه حول "بسام و قمر"..
ليحاول "منير" بشتى الطرق معالجة زوجته من تلك الأحزان التي أخفت نضارتها بالتدريج وبالإضافة لذلك يحاول إظهار قناع القوة الذي سرعان ما يتهدم فور التقاط عينيه لصورة الموضع الذي طالما داعب فيه "قمر و بسام"...
ليتهالك جسد الأم بألم فراق طفليها و يفتك كيان الأب لتذكر ذكري من الماضي تتراقص أمام خياله..وبالرغم من أن العلاج موجود إلا أن شعور القسوة بدل الحال 180% و زاد الألم أضعاف الضعف مضاعفة..
...
بينما الحال لم يختلف كثيراً عند "حمدي" فبالرغم من غشاء القسوة الممزوجة بالغضب الذي بات يحيط بجميع مراكز الإحساس في كيانه إلا أن نبضات الندم المحتضرة مازالت تعكر عليه صفو أيامه فور جلوسه أمام التلفاز وحيداً دون تعليقات "فادي" المرحة وسرعان ما يتملكه شعور الحنين فور دخول إلي المنزل دون صيحات "فادي" المستقبلة إياه بحفاوة وسرعان ما تتلألأ عينيه بألم في كل لحظة يدلف فيها إلي حجرة "فادي" التي ما عادت تحمل أية متعلقات خاصة به بل باتت تحمل رائحته التي تبعث الألم إلي كيان "فادي"..
وبالرغم من جميع دفعات الألم تلك التي يتلقها كيان "حمدي" واحدً تلو الآخر إلا أن مازالت غشاء قسوته هذا المحرك له ومتخذ القرارات ليصنع وهم أن "فادي" من اختار هجره وأنه لن يحن له..
ليزيل ذاك الأب من حساباته أن ابنه مهما اتخذ من قرارات يبقي بحاجة إليه تحت أي مسمي حتى ولو كان وجوده في حياته سيكون لإلقاء اللوم الدائم عليه..
ولكن بغشاء القسوة هذا فودعاً لأية اعتبارات إنسانية..
..
صيحات بكائها تختلف من حين إلي آخر فمرة تكون من أجل الرغبة في الهدهدة ريثما تغفو عينيها ومرة أخرى تكون من أجل الحاجة إلي قطرات من طعامها القاطن بين ذراعي و والدتها ومرة أخرى تكون من أجل الرغبة في تحويل والديها إلي مجانين ليلهو أمام عينيها ومرة أخرى تكون من أجل تعكير صفو قيلولتهم لأنها أرادت ذلك ومرة أخرى تكون لأجل لفت انتباههم لها فقط!!
هكذا كانت تعيد تلك الطفلة التي لم تتعدي السنتيمترات "تميمة" تلقن والديها دروسً في كيفية التخلي عن عقولهم من أجل خفض صيحة بكائها فقط..
وبالرغم من كل ما سبق مازالت ابتسامة ثغرها محتفظة بتأثيرها الجنوني علي "ياسر ومريم" لتمر أيام الشهر الكريم الأول لهم في منزل الزوجية بنكهة مرح طفلتهم الأولي..
...
أما بالنسبة ل"إسراء" فأمضت أيام الشهر الكريم في عزلة تامة حرمت فيها عينيها من رؤية شعاع نور الشمس الذهبي لتمكث في منزلها بمفردها مانعة وصول أية أشعة نور إلي كيانها التي بات رافضاً لأية إضاءة مهما كانت نوعها وبالرغم من اضطرار "إسراء" في بعض الأحيان إلي إشعال إضاءة حجرة أو ما شابه إلا أن جسدها بات يرتعد لتلك الإضاءة التي تحولت من مصدر يبعث الأمل ل محياها..إلي مصدر يطعن السموم في جروحها التي لم تلتئم بعد..
ليبقي غشاء العزلة هو المحيط بحياتها ظناً منها أنها بذلك تعطي الفرصة لجروحها في الالتئام ولكن في الحقيقة أن العزلة ما هي إلا أداة لتوسيع جرحها ودب السموم في مركز جرحها لتزداد قوة الألم و تتضاعف هشاشة كيانها..
...
انشغال بترتيبات السفر..تجهيزات سرية لإقامة عقد القران المقرر له في أول أيام العيد..بحث مستميت عن عمل يناسب قدراته لوجهة سفره...ملفات يجب تسلميها قبل موعد سفره المجهول..أفواج سياحية تزداد يومً بعد يوم بالرغم من أنها أيام الشهر الكريم...
جميع ما سبق بالإضافة إلي قلق "فادي" من لامبالاة "منير" به وإلغائه لدوريات مراقبته..تلك اللامبالاة أشعلت هواجس "فادي" المتصورة أن هذا الصمت ما هو إلا طعم للإيقاع به و الاستدلال علي موضع "قمر"..
تلك الهواجس بالإضافة إلي مسئوليات "فادي" التي يجب إنهائها في أقرب وقت..جعلته ينشغل عن "قمر" إلي حد ما..فمنذ أمسية ليلة التراويح الأولي وهو لم يلقاها مطلقاً حتى في عقد قران "بسام" لم يستطع مقابلتها ولو لثوانٍ بسبب انشغاله بموعد مع وفد سياحي ليقدم علي الفور واجب التهنئة ومن ثم يتجه إلي عمله..
لتبقي برامج التواصل الاجتماعي هي الراعية الرسمية للتواصل بين "فادي" الذي يحاط بمليون أمر يجب عليه إنهائه و "قمر" التي ترتعد قلقاً في كل مرة يتأخر فيها "فادي" عن الرد علي هاتفه..
وكعادة لامبالاة "فادي" الممتزجة ببروده التي بات محفوظ عن ظهر قلب لدي "قمر"..بات "فادي" يتلقي قلق "قمر" المفرط فيه إلي حد كبير والممتزج خوفها من أن تكون ألسنة لهب "منير" تتطاير من حوله والقليل من غيرتها من أعضاء الوفود السياحية الذين باتوا يحظون بأوقات مع "فادي" أكثر مما تحظي "قمر"
تلقي "فادي" كل هذا بردود إلي حد ما باردة ولا يوجد أمام "قمر" حل سوي التحمل لأن ذاك المتعجرف لن يتغير بين ليلة وضحاها ..
ومن كل ما سبق وبالرغم من طبيعة "فادي" التي باتت واضحة لمعظمنا..مازال بريق محبس العمر الذي يزين إصبعه..مازال يرسم ابتسامة الفرحة علي ملامحه ويزيد من شوق العاشق الكامن بين طيات ضربات قلبه..
ليخفي ذاك المتعجرف أشواق العاشق تحت طيات مسئولياته منتظراً موعد الاجتماع بمعشوقته..
...
لم يشفع البال المنشغل بإعادة ترتيب فصول رسالة الماجستير لتقديمها في إحدى الجامعات الأجنبية أمام القلب العاشق الذي بات كأقوى مؤسسات الداخلية المسئولة عن مراقبة الشخص طيلة يومه..
تلك العادة التي تفوقت عند "قمر" بجدارة..فلم يستطع ذاك العند أن يهزم القلب المشتاق والعقل المنشغل بذاك المتعجرف الذي لم تستطع الأيام تغيره نهائياً..فبالرغم من محاولات "قمر" المستميتة لزرع الطمأنينة في كيانها القلق علي "فادي" إلا أنها ومع أول محاولة لمحادثته وتتلقي الإجابة بأن هاتفه مغلق أو لا يجيب..تبدأ هواجسها في تصوير مشاهد مرعبة بأن "منير" نفذ إحدى خططه القاتلة يفتك ب"فادي"..
وبالرغم من أن "قمر" متيقنة بأن قلقها المفرط هذا يصيب "فادي" أحياناً بالجزع إلا أن أفعالها تلك مباحة في حالتها..فالحق كل الحق بأن يصيبها الذعر علي رجل تحول من عاشق لقلبها إلي عائلة لكيانها بأجمع..
إلي أية حال..كانت الابتسامة الخجولة الممزوجة بنظرات مشتاقة التي سرعان ما ترتسم علي ملامح "قمر" فور رؤيتها لثوبها المخصص لعقد قرانها علي "فادي" يهون عليها الكثير بل ويمدها بالعزيمة علي استكمال رسالتها ويضيف لمعة طمأنينة علي بالها المنشغل ب"فادي"..
تلك الفرحة التي غزت قلبها لأول مرة في حياتها بالرغم من أنها تزوجت لمرة سابقة أو كما تطلق "قمر" بأنها ما كانت سوي ورقة انتهكت بسببها إنسانيتها وتألم بسببها جسدها الذي مازال يحمل آثار كدمات تشهد علي مدي العنف الذي تعرضت له..
إلا!! أن رجفة كيانها فرحاً باقتراب موعد عقد القران أزالت ذاك الماضي نهائياً..
ليثبت لدي "قمر" أن فرحة الفتاة الحقيقية لا تكمن في حسابات المال الخاصة بالمتقدم للزواج منها أو بمدي رقي سيارته أو بشهرة عائلته أو بمركزه الاجتماعي..الفرحة الحقيقية تكمن رجفة قلبها الفرحة بتمام زفافها بقلب عاشق لها ليست في عيني تشتهي جسدها..
..
في عصر اليوم الأخير من شهر رمضان الكريم..
أنهت "ناهد" تأدية فرض الصلاة وما يتبعه من نوافل واتجهت إلي المطبخ لإعداد الإفطار وعلامات اللامبالاة تكسو ملامحها..نظر برود تهيمن علي عينيها اللتان فقدتا طعم فرحة حلول عيد الفطر المبارك بفقدانها طفليها وكل هذا بسبب زوج عنيد وأب قاسي..
كفكفت "ناهد" دمعة تلألأت في عينيها وهي تعد عجينة كعك العيد لتذكرها ليالي عيد الفطر السابقة عندما كانت "قمر" في منتصف عقدها الأول هي و"بسام"...
تذكرت صيحات مزاحهم الممتزج بصخب ضحكاتهم المرحة التي طالما كانت هي الركن الأساسي لفرحة العيد وبفقدانها فقدت فرحة العيد..
ارتفع صوت طرقات علي باب المنزل ليقطع الصمت الرهيب الذي يحيط بأجواء المنزل لتمتزج معه نبرة "منير" الذي قال:أكملي ما تفعليه سأري أنا من الطارق
لم تهتم "ناهد" كثيراً بتلك الطرقات لتعود منسحبة إلي ذكريات الماضي ..
الماضي الذي بات هو عالمها الخاص الذي تهرب منه من وحشية الواقع الذي حرمها من فرحتها..
صيحة غضب امتزجت بنظرات عيني نارية أطلقها "منير" فور رؤيته لذاك الطارق الذي لم يكن علي الحسبان ليقول:أنت؟!



يتبع......
#نورهان_حسنى



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:57 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.