آخر 10 مشاركات
في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          بأمر الحب * مميزة & مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          ✨الصالون الأدبي لرمضان 2024 ✨ (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          هيا نجدد إيماننا 2024 (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          443 - سر الأميرة - كارا كولتر ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          كاثرين(137)للكاتبة:Lynne Graham (الجزء1من سلسلة الأخوات مارشال)كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          مواسم العشق والشوق (الكاتـب : samar hemdan - )           »          6 - موعد مع الغرام - روزمارى كارتر - ع.ج ( إعادة تنزيل )** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-02-17, 07:19 PM   #51

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


البارت التاسع والعشرون 29

قراءة ممتعه

لا تلهيكم الرواية عن الصلاة



----------------------------







"لا!...لا تعودي، لا نريدك يا ثقيلة الدم...الله يعين لؤي!"
ضحكت من عصبيتها ثم قلت:
"يعني حتى لو كنت موجوده!...ماذا سأفعل؟!..انتِ رسبتي فلم وجع الرأس هذا؟!"
قالت باندفاع:
"وتخرج نجوى؟!"
قلت بثقه:
"نجوى سامحتني وقالت انه اهم شيء صحتي...وليست مثلك يا ناكرة الجميل!"
"أي جميل يا مزاجيه؟!...اغربي عن وجهي لا أريد التحدث معك"
وقطعت الاتصال...نظرت الى شاشة الهاتف بابتسامة ثم مددت الهاتف للؤي وقلت:
"مر اسبوع..وكلما تكلمت معها تعاتبني لأنني غبت عنهم!"
تنهدت ثم عدلت جلوسي واكملت:
"ألا تفهم انني لم أردهما ان يعرفا بمرضي؟!"
كتب شيء ما في الهاتف وهو غير مهتم لكلامي وابتسم ثم نظر لي وقال:
"ماذا قلتي؟!"
ضيقت عيني وسحبت الهاتف منه لأرى من يراسل...فرأيت اسم عمر، قلت:
"أخرج من غرفتي وعندما تكمل حديثك مع السيد عمر عد لي"
اخذ الهاتف مني ووضعه على المنضدة ثم امسك يدي وقبلها قائلا:
"كل شيء الا غضبك مني!"
كتمت ابتسامتي وقلت:
"ما رأيك ان تخرج الى السوق وتشتري لي لوح شوكولا كبير؟!"
حدجني وترك يدي وقال بعصبيه:
"لا لن اشتري لك، عندما ذهبنا الى المشفى قال الطبيب انكِ تزدادين تعب بسبب قلة الأكل ، لن اشتري لك شيء الا اذا تناولتي وجبة الغداء كلها"
نظرة اليه نظرة طفولية مترجيه فقال بصرامه:
"قلت لا، ووفري هذه النظرة لانها لن تؤثر بي"
اقترب مني وطبع قبلة على خدي فابتسمت بخجل .. همس:
"سأذهب لغرفتي قليلا ثم أعود لك لننزل مع بعضنا"
وراقبته وهو يخرج، اعتدت عليه هكذا ، حبه وعطفه وحنانه زاد كثيرا عن قبل!...أشعر ان الدنيا ابتسمت لي مجددا بفضل الله ثم لؤي ...
في البداية كنت مكتئبة جدا ولا يمكنني مجاملتهم ، لكنه جعلني أخرج من قوقعتي هذه ، ذكرني بأن الله تعالى وحده هو الشافي...وبعد طول انقطاع...عدت أصلي واقرأ القرآن بعد ان ألهاني مرضي عنه ، أعلم انها ليست حجه ... لكن الحمدلله ان لؤي جاء وأرشدني للطريق الصحيح مرة أخرى ، كلما شعرت بالكبت والحزن اقرأ القرآن فارتاح ولو قليلا ، صرت اتواصل مع ساره ونجوى من هاتف لؤي ... ومع شيماء وتبارك وبراء من حساب فيسبوك جديد لي ، الجميع كان غاضبا مني في البداية لانني تجاهلت وجودهم وتناسيتهم، لكن بعد ان عرفوا بمرضي عذروني الا ساره! كلما اتذكرها اضحك!
صحيح، تبارك تخلصت من ابن عمها بعد ان تقدم لها عريس آخر ووافقت عليه ... خطوبتها كانت الشهر الماضي ....
والصدمة الكبرى ان شيماء تزوجت يزن ! ليس هذا وحسب...بل هي حامل ايضا!...يبدو ان 5 شهور مدة ليست قصيره!
اما براء فهي تمثل الطالب المشتهد ؛ لا يهمها شيء الا دراستها ... حالها حال نسرين التي ترفض كل الشباب ، فقط تريد ان تكمل طريقها في الطب...
ودراستي انا...تجاهلتها، لقد قررت اصلا منذ مدة ان اترك الدراسة وما زلت عند قراري ، فأنا لست فالحة أكاديميا!...الآن ما يهمني هو التخلص من المرض... كلما انظر لنفسي أوقن انني قد أموت قريبا ، لكن عندما أنظر الى لؤي وعينيه اللتان تشعان أمل ، أعيد ترتيب الامر في ذهني .. وجوده بجانبي اعطاني دفعة إيجابية ، انه يمكث في غرفة آدم!...وآدم صار ينام مع والديه ... اسبوع واحد فقط هو الذي قضاه لؤي هنا ، لكنه غير الكثير من الأمور بالنسبة لي ...
نزلت عن السرير ولبست شالي بأعجوبه ... آه من هذا التعب الذي لا يريد ان يبتعد عني!...بعد آخر جرعة كيماوي أشعر بأن صحتي تدهورت أكثر ولم تتحسن .. لكنني لم أخبر لؤي بشيء ، تناولت كأس الماء من المنضدة وشربته فإذا بلؤي يدخل ... وقف أمامي ومد يده لي وهو يقول بتملق:
"هيا أميرتي الجميله ، هاتي يدك"
نظرت اليه من الأعلى الى الأسفل ، لقد بدل ملابسه ورتب نفسه ... ورائحة عطره عبقت في المكان!...وضعت يدي الهشة في يده الخشنه ثم وقفت وقلت وكأنني امثل في فيلم سندريلا:
"هيا أميري الأجمل، لننزل مع بعضنا"
لم يستطع كتم ضحكته فاطلقها لتعيد لي انفاسي ... وكأن ضحكته هي مولد طاقة لي!...ابتسمت بحب فقال:
"قبل ان ننزل هناك هدية لك"
أردت الكلام لأعترض عن هذا لكنه وضع اصبعه فوق شفتي ليخرسني ثم أخرج من جيبه سلسله رقيقه من الذهب فيها مفتاح!...استدار حولي ليقف خلفي ولف العقد حول عنقي فتلمسته بيدي وقلت باحراج:
"لكن، لم كلفت نفسك؟!"
استدار مرة أخرى حتى صار أمامي وقال:
"فقط لتتذكري ، ان مفتاح قلب معك...ولك ... الى الأبد!"
ثم قبل خدي بلطف...قلت بخجل :
"شكرا جزيلا...لا أعرف ماذا أقول...أنا!.."
همس:
"قولي أحبك!"
تلمست المفتاح وكأنني ألمس قلبه ثم همست بابتسامة:
"أحبك...أكثر من نفسي"
ابتسم فزاد خجلي....قال ليزيل خجلي:
"هيا لننزل!..ليس معنا النهار بطوله"
ونزلنا مع بعضنا ، كانت اصوات جدي وحسن في غرفة الجلوس أما أسيل وآدم في المطبخ ... نظرت الى لؤي وقلت:
"انا سأذهب الى أختي"
هز رأسه موافقا ودخل هو الى الغرفة وانا ذهبت الى المطبخ ... شعرت بدوار وغثيان وكأنني سأفقد وعيي !...لكنني تماسكت حتى جلست على أحد الكراسي حول الطاولة وحاولت جعل نفسي طبيعية وقلت وانا ألهث:
"هل تريدين مساعدة يا أسيل؟"
استدارت ونظرت لي بسعادة يخالطها بعض الاستغراب ثم قالت:
"لا عزيزتي ، انا اطعم آدم فقط ...هل انت بخير؟!"
اخذت نفسا عميقا وقلت مع الزفير:
"أجل"
ثم وقفت واقتربت منهما ... قالت:
"هل تريدين تجربة اطعامه؟"
ابتسمت وقلت:
"اجل اتمنى!"
اعطتني الملعقة التي تحتوي طعامه فقربتها من فم آدم لكنه دفع يدي بقوة فتطاير الطعام على ملابسي والقليل على وجهي ... كان عاقد الحاجبين والغضب واضح من عينيه ... بدأ يتكلم بكلام غير مفهوم لأسيل وكأنه يشكوني لها...ضحكت عليه رغما عني وضحكت أسيل ..قلت:
"يبدو أن ابنك يكرهني كثيرا"
اوقفت ضحكها وقالت:
"أجل، لأنه غير معتاد عليك"
سحبت منديل كان في جيبي ونظفت به نفسي ... ذهبت أسيل الى الثلاجة وأخرجت منها علبة عصير ، سكبت في كأس وقدمته لي .. نظرت له بشرود ثم قلت:
"هل حصتي من الغداء ما زالت موجوده؟!"
قالت بسرعه:
"جائعه يا حبيبتي؟؟!..اجلسي سأحضر لك"
ابتسمت وقلت:
"لؤي قال انه لن يشتري لي الشوكولاته الا اذا تناولت غدائي"
ضحكت وهمست لنفسها:
"واخيرا جاء من يجبرك على الطعام"
جلست على الطاولة وشربت العصير ببطئ .. رفعت رأسي فوجدت آدم يرميني بنظرات حارقه ... ابتسمت له بعطف ثم مشيت نحوه وقلت:
"مرحبا!"
قال وهو يحاول ابعادي بيده:
"دده"
انحيت امامه غير مبالية برفضه وقلت:
"عندما كنت صغير جدا ، نمت بجانبي!"
توقف عن الحركة وتوقفت حركة عينيه على صدري ... رفع يده ببطئ وامسك المفتاح الذي أحضره لي لؤي .. حاول سحبه من عنقي لكنني ابتعدت بسرعة وانا اقول:
"لا!!"
تقوست شفتاه وبدأ بكاءه يرتفع شيء فشيء ... تنهدت اسيل بتعب ووضعت الطعام على الطاولة وقالت:
"عاجلا او آجلا سيرتاح لك"
وحملته وخرجت من المطبخ ...راقبت ظلهما وهو يبتعد ... اظن ان آدم صار يكرهني وربما يخاف مني بسبب شكلي الذي لا يختلف عن المومياوات!
نظرت الى الطعام وتنهدت بقلة حيلة وبدأت آكل رغم شعوري بالشبع...وبعد أن انتهيت نظفت الصحن رغم شعوري بتعب مضاعف عن السابق وذهبت اليهم حيث يجلسون ....
تمسكت بأنفاسي المرهقة وجلست بجانب لؤي ... كان مشغول بالكلام مع جدي وحسن عن الشركة واظنني سمعت انهم يخططون لنقلها الى الوطن .. نظرت الى أسيل فرأيتها تشاهد شيء ما على الهاتف وآدم في حضنها ...
يبدو انه ليس لي مكان هنا ... وقفت وخرجت من الغرفة والكل مشغولون ... يجب ان اذهب لغرفتي واتناول الدواء بسرعة لأنني أشعر بالاختناق والضعف الكبير ... استندت الى الدرابزين وصعدت أول درجتين ... لكن لم استطع الاكمال وجلست بسرعة قبل أن أفقد وعيي، ثم ظهر لؤي أمامي وهو يقول بخوف:
"هل أنتِ بخير؟!"
هززت رأسي بالنفي فساعدني للوقوف ... قلت:
"خذني الى غرفتي ... أريد أن أرتاح"
قال بسرعه:
"هل أحملك؟!"
"لا"
تمسكت بيده جيدا وهو جعل يده خلف ظهري وأكملنا الصعود ببطئ ... جلست على السرير بتهالك فناولني الدواء الذي حفظه خلال هذا الأسبوع ... سكب لي بعض الماء وشربته ، تمددت بتعب فقال:
"قال الطبيب أن نتصل به اذا تعبتي"
قلت بصوت منخفض:
"لا..سأكون بخير ، ربما حدث هذا لأنني صرت أنزل الى الأسفل كثيرا الاسبوع الماضي"
فك الشال عن رأسي وغطاني ثم جلس بجانبي وقال:
"ان شاء الله ستعودين مايا القوية في أقرب وقت"
ابتسمت وقلت:
"أجل، مع كل هذا الدلال الذي تقدمه لي!"
ضحك بخفة وقال:
"كم (مايا) عندي؟!"
ثم طبع قبلة خفيفة على جبيني وأكمل:
"حاولي أن تنامي الآن"
أغمضت عيني بتعب .. لكن هيهات أن أنام مع الألم الذي فتك بعظامي .. أشعر أن أمعائي تتقطع من فرط الألم !
سمعت صوت الباب يغلق فعرفت أن لؤي خرج ... جلست وضغطت على بطني لعل الألم يقل...امسكت هاتف لؤي الذي لم يتحرك عن المنضدة وفتحت حسابي في فيسبوك ؛ متمنية أن أنسى ألمي قليلا ...فتحت غرفة الدردشة مع شيماء وكتبت لها:
"كيف حالك اليوم؟!..وكيف الجنين؟"
انتظرت .. لكن لم ترد ، انما تبارك هي التي بعثت لي:
"مااايااا!!!...كيف حاللك؟!"
"أشعر ببعض التعب .. وانتِ؟!"
انتظرت قليلا حتى وصلتني ررسالتها:
"سلامتك ، أنااا بألف خييير ما دااام خطيبي عصام معي !..اوووه مااايااا ، أحبه أحبه أحبه!!..قلبي يشتعل عندما أراه!!..لا أتخيل كيف تعيشين معه في بيت واحد دون أن تفقدي وعيك عند رؤية عينيه!!"
ضحكت ضحكة طويلة جدا لكلامها فعاد الألم يعتصر جوفي مرة أخرى .. تأوهت وكتبت لها:
"بصراحة يا تبارك انتِ "المشفوحة" عليه كثيرا ههههههههههه أفقد وعيي عندما أراه!!!...اوه نسيت أن أقول لك، لقد أهداني سلسلة ذهب اليوم!"
بعثتها وتلمست المفتاح المعلق في عنقي بحب ... وصلتني رسالتها:
"حقا!!..مبارك، اعذريني مايا يجب أن أذهب...لقد اتصل بي"
وتتبع رسالتها صورة وجه يغمز!
ضحكت ثم ودعتها وأرسلت لبراء:
"كيف الدراسه؟!"
لكنها لا ترى الرسائل الا نادرا!...فجأة وأنا أحرك اصبعي فوق الشاشة .. ورد اتصال ما، نظرت الى الاسم ببرود وبعض الكره ..(منار).. بقيت أنظر الى الاسم دون أي حركة ، لا أنسى ماذا فعلت في ذلك اليوم!...صفعني لؤي بسببها!
انفتح الباب بقوة فنظرت اليه بوجوم .. كان لؤي، تنهد بتعب وقال:
"سمعت صوت الهاتف فأتيت ركضا خشية أن يوقظك...لكـ.."
قاطعته:
"أنا لم أنم"
أخذ نفسا عميقا ثم سأل:
"من المتصل؟؟"
مددت الهاتف نحوه دون أن انطق بحرف لكن الموسيقى توقفت... اقترب وسحب الهاتف مني باستغراب ... وهنا عاد الاتصال مجددا ، نظر الى الاسم وابتسم ابتسامة غريبة وأجاب :
"أهلا منار"
صمت وهو يسمع كلامها وجلس على مقعد المرآة .. ثم قال:
"انا الحمدلله بخير...ما دمت مع مايا"
رأيت ابتسامته الغريبة تتسع وهو يسمع ردها ... قال بهمس :
"عيدي ما قلتي وصدقيني سيحدث ما لا يحمد عقباه!"
عقد حاجبيه وهو يسمع ردها ثم انزل الهاتف عن اذنه وقطع الاتصال ... قلت:
"لماذا غضبت؟!"
هز رأسه وقال وهو يمثل الابتسامة:
"انسي...موضوع تافه!...ارتاحي أنتِ وأنا سأنزل الى الأسفل"
وتوجه الى الباب ... وعندما فتحه ظهرت أسيل من خلف الباب ... يبدو أنها وصلت توّا!...خرج لؤي وهي دخلت ... ابتسمت وقالت:
"هل تحتاجين أي شيء؟؟"
تجاهلت ألمي وقلت:
"لا شكرا!"
صمتت قليلا ثم قالت:
"بما أن لؤي معك...مممـ...فكرت في أن...أن نخرج أنا وحسن وآدم لـ..."
قاطعتها بابتسامة:
"أجل عزيزتي ، اذهبي ... انت وحسن لم تأخذا راحتكما منذ أن جئت الى هنا...حان الوقت لترتاحان قليلا"
قال بسرعه:
"لا تقولي هذا يا أختي!...يسعدني أن أكون معك ، لكن بصراحة حسن هو الذي طلب مني وخجلت أن أرفض طلبه لأنه...تعرفين!"
قالت آخر كلمة وابتسمت بخجل ... قلت:
"أفهمك عزيزتي ... فأنا ..."
كنت أريد قول انني ضيقت عليهم لكنني صمتت كي لا أنكد عليها وأكملت:
"أنا سأكون بخير مع لؤي وجدي!...اذهبي"
اقتربت مني وقبلت رأسي وخرجت من الغرفة ... تمددت ببطئ لأنام ؛ فإن المسكن بدأ مفعوله...
***
لا أعرف كم من الوقت مضى ... لكني بدأت أشعر بألم رهيب جدا يفتك بعظامي ... تأوهت كثيرا وتقلبت كثيرا ، بدأ نفسي يضيق...لا أستطيع التنفس!.. حاولت استنشاق الهواء ... لكن بسبب ضعفي وتعبي لم استطع!
جلست وناديت بصوت مختنق:
"أسيل..أسيل"
لحظه!..أنا لا أسمع صوتي لدرجة انخفاضه!..فكيف تسمعه أسيل!...أغمضت عيني بقوة من الألم و الصداع ... أشعر بالغثيان!...حاولت رفع صوتي ، لكن حتى صوتي منهك من الألم!...قمت من السرير ؛ يجب أن أخرج من هذه الغرفة المعتمة فربما يسمعني أحد!...استندت الى الحائط وسحبت قدميّ سحبًا!...صار نفسي يضيق أكثر!...شعرت بدمعة تسقط من عيني هروبا من الألم الذي ينتقم مني!...فتحت باب الغرفة فوجت الردهة معتمة وكأن البيت مهجور!...خرجت آهة من أعماق صدري وناديت بصوتي الذي لا يخرج من حنجرتي:
"أسيل...أسيل...لؤي!...أي أحد أرجوووكم!"
صوتي لا يُسمع!...اسندت كتفي للحائط المجاور للباب وسحبت نفسي عليه لعلي أصل الى غرفة أسيل!...لكن خانتني قواي ولم أعد أقدر على رفع نفسي!...جلست على الأرض وكتفي الى الحائط وناديت بأمل أخير:
"لؤي!..يا أسيل!...أرجوكم!...أنا أموت من الألم!"
لكن صوتي يصر على قهري!...انه يرتد على نفسه ولا يكاد يخرج من فمي!...أغمضت عيني المتجمرتين من الحرارة فانحدرت دمعة أخرى ...لا تعرفون مقدار الألم الذي أشهر به!...وكأنني سقطت من الطابق الثاني!...عضلاتي وعظامي كلها تعتصر!
"آآآآه"
خرجت تلك الآهة عندما سمعت صوتا على الدرج!...وأخيرا..هل جاء أحد!!...
"يا الله!!!!"
كان صوت لؤي!...قالها بانفعال كبير!...فتحت عيني بضعف فرأيته يجلس أمامي ووجهه ممتقع من الخوف...وضع كفه على جبيني...ثم نقله الى خدي وقال بخوف أكبر:
"حرارتك مرتفعة جدا!"
قلت بنفس الصوت الذي لا يريد ان يعلو:
"أنا متعبه!"
لا أظنه حتى سمع صوتي!...اغمضت عيني بتهالك وأرخيت رأسي الى الحائط ، شعرت بحركات لؤي المرتبكة...ثم ... لا أذكر شيء!...لا شيء!
اظن أن هذه هي النهاية!...هل هذا ألم خروج الروح!..أجل ربما، لكن أجمل ما في الأمر انني سأموت وآخر وجه رأيته....هو وجه حبيبي!



***



خرج حسن ومعه إبنه وزوجته عند الغروب بعد أن استطاع جدي اقناعهما بأن مايا ستكون بأمان معنا ... كانت أسيل قلقة جدا قبل خروجها وكأنها شعرت أن شيء سيحدث!
ان أسيل عظيمة حقا...استطاعت حمل عبء اختها لمدة 5 شهور دونما أي تذمر!...بل وما زالت تحمله!...أوصاهما جدي أن يتأخرا بما انها أول مرة يخرجون مع بعضهم منذ 5 شهور!!
خطأ أسيل الوحيد هو أنها لم تقوي علاقتها بمايا خلال المرض مما جعل مايا بكآبتها التي كانت عليها وما زالت بعضها!...لم تكن مايا تحدث أحد طوال 5 شهور هل تتخيلون!!..لا أصدقاء ولا أحد!...ربما كان جدي (يزورها) في غرفتها في فترات متقاربة لكنهم لم يحاولوا فهم ما بداخلها ، وما صدمني أكثر انها الى الآن لم تقل شيء عن المشكله التي بيني وبينها!...لقد حبستها في داخلها! المهم انني معها الآن...
جلست أتكلم أنا وجدي حول الشركه..قال:
"ما رأيك أن تعمل في الشركة في الفترة التي ستقضيها هنا؟"
اجبت:
"لا يا جدي هذا صعب، أريد أن أبقى بالقرب من مايا ولا أنشغل عنها"
هز رأسه بتفهم ثم قال:
"كيف هم أهلك، هل تتصل بهم؟"
عدلت جلستي وقلت:
"أجل أحدثهم كل يوم"
صمت قليلا وتحولت ملامحه الى الحزن وقال بصوت منخفض:
"أخشى أن أفقد مايا كما فقدت ابنتي اسماء وجدتك!"
راقبت ملامحه التي تروي قصة أسى وتنهدت قائلا:
"جدي!...لا تقل هذا أرجوك!...مايا ستشفى بإذن الله!"
هز رأسه بابتسامة أمل وقال:
"ان شاء الله"
وحل الصمت في الغرفة ..كلانا يفكر بمايا ، وقف جدي أخيرا وقال:
"سأذهب لأنام في غرفتي ، أريد أن أرتاح...تصبح على خير"
"تصبح على خير"
ابتسم وخرج من الغرفة ... امسكت جهاز التحكم وشغلت التلفاز ، القنوات هنا كلها اجنبيه!!..سأضطر لمشاهدة فيلم دون ترجمه!...ابتسمت بسخرية على نفسي وهمست:
"يجب أن أتعلم اللغة الانجليزيه"
أرخيت ظهري على الكنبة وشاهدت الفيلم الى نهايته دون أن أفهم القصة أو أعرف الابطال حتى!...لكن اعجبتي التأثيرات وطريقة التصوير!
غريب!...مايا لا تزال نائمة...منذ ساعتين!...مسكينة هي لم تنم الليلة الماضيه...ظلت تتألم وأنا أسهر معها....
رأيت شاشة الهاتف بجانبي تضيء...ثم الموسيقى تناديني للرد ، نظرت الى الاسم بكسل وقلت:





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-02-17, 07:21 PM   #52

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي





"ستعيد الآن نفس الكلام!"
وضعت الهاتف على أذني وقلت بملل:
"السلام عليكم أمي"
ردت بهدوء مختلف عن كل مره:
"وعليكم السلام بني...كيف حالك؟"
أجبت:
"بخير بخير....وانتم؟"
"بخير والحمدلله ، لؤي!...ألم تتأخر عنا؟!"
تنهدت بقلة صبر وقلت بسرعه:
"كلا يا أمي ... لم أتأخر!...أسبوع واحد ليس كثير!"
"لكن يا لؤي!...اشتقنا لك!..هل مايا أهم منا؟!"
قلت بانفعال:
"وفي حالتها هذه أجل أهم منكم!"
قالت بانفعال أكبر:
"إلى متى يا لؤي ستظل تتصرف هكذا معنا من أجل هذه البنت؟!"
"الى أن تصبحوا لطفاء معها!"
قالت بأسلوب اقناع:
"لؤي!...مايا قد تموت في أي وقت!، تحجج بأي شيء وعد إلينا ثمـ..."
قلت بغضب كبير:
"لااا...مايا سيشفيها الله وسأتزوجها...وفري كلامك، لماذا يجب أن تعيدي نفس السيمفونية كل مره تتصلي بها؟!...غير مايا لن أتزوج...ولن أترك مايا أبدا...والآن وداعا، لا تتصلي بي من أجل الكلام بهذا الأمر"
وقطعت الاتصال ، تنهدت بتعب وجلست ... ما كان يجب أن أتكلم هكذا مع أمي لكنها تستفزني لكلامها هذا!....اغمضت عيني وحل هدوء غريب في البيت، ثم سمعت صوت خطوات بالقرب من الدرج...فتحت عيني فأختفى الصوت!...انصت جيدا فسمعته مرة اخرى ، انه ليس مشي عادي بل هو متقطع وبطيئ!
ذهبت بسرعة لأرى من الذي استيقظ مايا أو جدي...سمعت صوت أنفاس سريعة!...صعدت بسرعة فرأيت مايا تجلس على الأرض وشكلها يحزن عليه الحجر!...قلت بخوف وانفعال:
"يا الله!!!"
جلست أمامها بسرعة ففتحت عينيها ونظرت لي بضياع!..تحسست وجهها ففوجئت بالحرارة اللاذعة!...أقدرها 40 درجه!...قلت بخوف أكبر:
"حرارتك مرتفعة جدا!"
حركت شفتيها بكلام ما...لكن لم أسمع شي، ربما بسبب صدمتي لرؤيتها هكذا!....ارتبكت كثيرا ووقفت...ثم جلست مرّة أخرى ورأيتها مرتخية على الحائط!...هل فقدت الوعي؟؟!!
وقفت بسرعة وحملتها بحذر فتسللت حرارتها الى صدري!...فتحت عينيها مرة أخرى وأغمضتهما...أظن انها بين الوعي واللاوعي!....دخلت غرفتها ووضعتها في سريرها وقلت بخوف:
"يا ربي!!...ما بها!!"
مشيت خطوتين الى اليمين...ثم خطوتين الى اليسار ... توقفت ونظرت اليها بشرود وقلق ، خديها محمرين من الحراره وتنتثر قطرات العرق على جبينها!!
اقتربت أكثر فسمعت انفاسها المرهقه!...تأففت وقلت:
"ماذا أفعل انا!!...يجب أن أتصرف!.."
تحركت نحو الباب لأنزل وأحضر هاتفي ثم أتصل بالطبيب...لكنني عدت بسرعة ، أي طبيب هذا!...قد أفقدها قبل أن يصل الطبيب!
وضعت يدي على جبينها وقلت:
"تحملي مايا!"
رفعتها عن السرير الى حضني وخرجت من الغرفة ... قابلني جدي وهو يقول بخوف:
"ماذا بها؟؟!!"
قلت بارتباك:
"حرارتها مرتفعة جدا وتنفسها صعب...سآخذها الى المستشفى"
لم يتكلم ونزل عن الدرج قبلي وانا خلفه أمشي بحذر ... فتح باب المنزل ثم سبقنا الى السيارة ، فتح بابها الخلفي...مددت مايا عليه وقلت:
"أنا سأقود"
أقفلت الباب وجلست مكاني وجدي الى جانبي يدعو الله ... انطلقت بالسيارة بأسرع ما يمكنني السيطرة عليها ، كان جدي ينظر اليها كل فترة ويكاد يبكي من الخوف ....
وصلنا الى المستشفى فوقفت امام مدخل الطوارئ وصرخت بأعلى صوتي:
"helllllllllpp"
ثم حملت مايا ودخل جدي يناديهم ... احضروا سرير متحرك فوضعتها عليه ، سألت احدى الممرضات:
"Who is her doctor?"
قال جدي اسم الطبيب ولا اذكر من هو من الارتباك ، فذهبت الممرضة بسرعة لتتصل به وركضوا بمايا الى مكان ما ونحن معهم ... لكنهم أوقفونا عند احد الاباب وقالوا:
"wite here"
واغلقوه ثم أكملوا مسيرهم مسرعين الى احدى الغرف وانا اراقبهم من خلف الزجاج ، تمزقت وأنا أراها جسد بلا روح !
يا رب احمها ... يا رب لا تفجعنا بها....
رن هاتف جدي ... نظرت اليه فحاول ان يخفف رجفة يده ثم اجاب:
"اهلا اسيل"
.....
"أجل نسي هاتفه"
.....
"نحن في المستشفى...مايا ، لا أعرف ماذا حدث لها!"
ونزلت دموعه ولم يتمكن من اكمال كلامه ... أخذت الهاتف منه وقلت لها بقلب متألم:
"أدخلوها الى الطوارئ ... أحضري هاتفي وتعالوا"
قالت بصوت باكي:
"حسنا...حسنا"
وانقطع الاتصال ، جلست بجانب جدي بتهالك وقلت بغصه:
"تماسك يا جدي ، ادعي لها "
قال بصوت متهدج:
"اللهم لا تفجعنا بها!"
وظل يكرر هذا الدعاء....يجب أن أتماسك أمام جدي
***
وصلت أسيل وهي تركض وخلفها حسن يحمل آدم .... امسكت يدا جدي وقالت ببكاء:
"هل هي بخير؟!...هل هي بخير؟!..أرجوكم أخبروني"
ونقلت نظرها لي ... اغمضت عيني لأمنع الدموع وجدي صامت ، هزت رجلي واعادت السؤال بنبرة أعلى:
"هل أختي بخير؟!"
قلت بصوت مرتج:
"لا نعرف، وصل طبيبها قبل قليل ولم يقولوا لنا شيء!"
جلست أسيل على أول كرسي وجدته وصارت تبكي وتتمتم:
"تبا لي!..تبا لي!..لماذا خرجت!...كان يجب أن أبيقى بجانبها!...كان يجب أن أبقى!"
شهقت شهقة مكبوتة ودفنت وجهها في يديها ... وضع حسن آدم على الأرض ثم جلس بجانبها وقال:
"هذا قدر الله..ماذا كنت ستفعلين لو كنت موجوده؟!...لا تلومي نفسك وادعي لها!"
مالت برأسها على كتفه وقالت من بين شهقاتها:
"كنت سأنتبه أن حرارتها ارتفعت!!...يااا رب...يا رب هي أختي الوحيدة فلا تمتحني بموتها يا رب!"
وزادت دموعها ... وآدم صار يبكي بصمت على بكاء أمه ... أشحت وجهي عنهم لأنني قد أبكي لو بقيت أستمع لها!...الحق علي أنا!...لماذا لم أتفقدها!؟
وقفت بضعف وحملت آدم ثم قلت بصوت منخفض لم أقوى على رفعه:
"سآخذ آدم للخارج"
هز حسن رأسه بينما أسيل زاد بكائها .. نظرت الى جدي فرأيته يحوط رأسه بيديه ولا يتحرك .. تنهدت بحزن وخرجت ... قال آدم شيء ما لكنني لم أفهم وقلت:
"سأشتري لك شيء ما تأكله"
دخلت الى المحل ، اختار هو شوكولاته فآلمني قلبي !..اليوم طلبت مني شوكولاته ولم أحضر لها!!...تبا لي !...ما هذا الشيء المهم الذي منعني عن تلبية طلبها!
دفعت الحساب ثم أخذت آدم الى ساحات المستشفى ... كان يركض أمامي بفرح ويضحك ... لا يعرف ماذا يدور في داخلي من براكين ألم وحزن...رفعت رأسي للسماء وقلت :
"يارب...خذ روحي قبل أن تأخذ روحها!...يا رب لن يمكنني العيش من دونها!"
أنزلت رأسي للمسة آدم وهو يمد لي الشوكولاته لآكل...قلت بهمس:
"تحرم الشوكولاته عني حتى تستفيق مايا وتأكلها هي قبلي!"
لم يفهم شيء وطلب مني رفعه الى حضني ... حملته فأكمل قطعته ثم أرخى رأسه على كتفي ونام!...تمشيت قليلا وبالي مشغول هناك ، ماذا حدث معها؟!
دخلت الى حيث كانوا فوجدتهم على نفس الحال ... يبتهلون الى الله بالدعاء، وقفت بجانب حسن وقلت:
"هل قالوا شيء؟"
رفع رأسه لي وقال:
"لا...لم يخرجوا بعد"
نظرت أسيل لي وقالت وهي تمسح دموعها:
"هل نام؟!"
هززت رأسي بالإيجاب فطلبت مني أن أعطيها اياه ... وضعته في حضنها وجلست الى جانب جدي الذي أسند ظهره للكرسي ... صارت اسيل تمسح على رأس آدم وتحاول منع دموعها لكن هيهات أن لا تبكي!
اغمضت عيني وتذكرت كيف كان شكلها وهي تجلس في الردهة وتغلي من الحراره!...الله أعلم كم من الوقت كم ظلت هناك وانا اشاهد فيلم!...
قطبت جبيني بحزن ... وهنا سمعنا صوت الباب يفتح ، قمنا جميعا وتجمهرنا حول تلك الممرضه التي تعجبت منا ... قال حسن وهو الأكثر تماسك بيننا:
"what is The health status of the girl inside?"
قالت بهدوء:
" there are two girls inside , wait for her doctor please "
وذهبت!....كدت انقض عليها بالضرب!...نحن نكاد نموت من القلق وهي تتكلم بكل هدوء وبرود!!
جلسنا كل واحد مكانه وزادت مخاوفنا....لا أعرف كم من الوقت مر، لكنني شعرت انه دهر!...حتى خرج الطبيب أخيرا....وقفنا حوله فقال بلغته العربية الضعيفه:
"للأسف ، لقد أصابتها انتكاسة صحيه!"
قالت أسيل بصوت مختنق:
"انتكاسه؟!"
هز رأسه وأكمل:
"ستكون بخير الآن...هي متعبة جدا ومعها فقر دم!...سنضع لها وحدة دم ومن بعده نغذيها بالوريد ، لكن يجب أن نجري لها عملية زراعة نخاع في أقرب وقت"
جميعنا بلّمنا من الخبر!...نظر الى وجوهنا واحد واحد ثم أكمل:
"يجب أن تجدوا لها متبرع!...وفي أسرع وقت...اسبوع كأقصى حد!"
ثم تركنا وأكمل طريقه ، نظرت الى وجه جدي الممتقع، ثم الى أسيل المصدومة ، وأخيرا الى حسن الشارد الذهن ...
استدرت وتركتهم ثم خرجت من المستشفى ... أريد استنشاق بعض الهواء بعد هذا الخبر ، يا رب، فليكن شفاءها في هذه العملية!
مرت ساعتين، ومايا في العناية المركزه ... للأسف لم يتمكن أي أحد منا ليتبرع لها لأن زمرات دمائنا مختلفة عن زمرة دمها والتي هي o موجب!
قالت أسيل بعد طول صمت:
"سأتصل بعمتي عبير!..ربما يكون أحد ابنائها بنفس زمرة دم مايا "
قلت بتأييد:
"أجل اتصلي بهم الآن!...واذا لم يكن هناك أحد...سأتصل بعمر وجلال"
هزت رأسها وأخرجت هاتفها بسرعه...لكن قال جدي:
"عمتك لا تعرف عن مرض مايا!...فكيف ستخبريها؟!"
صمتت أسيل وبان اليأس على ملامحها ... قال حسن:
"لا مشكلة...أخبريها بكل شيء!...المهم أن نجد متبرع لها"
لم تتكلم أسيل واتصلت مباشره ... انتظرنا قليلا حتى جاء الرد بعد ان ضبطت أسيل الهاتف لنسمع المكالمة ايضا:
"أسيل!...مرحبا يا ابنتي!..كيف حالك؟!"
ردت أسيل بغصه:
"انا بخير يا عمتي...لكن مايا ليست بخير!"
قالت عمتها بخوف:
"ما بها؟!...هل حدث لها شيء وهي في بيت خالها؟؟"
قالت أسيل بتنهيدة:
"مايا عندي يا عمتي...هل نسيتي؟!"
صمتت عمتها قليلا ثم قالت بتذكر:
"ااه صحيح...لكن ما بها؟!"
اختنق صوت أسيل وهي تقول:
"عمتي....ان مايا مصابة بسرطان الدم!...تحتاج لـ"
قاطعتها ام رامز بصدمة:
"مصاابة بالسرطااان؟؟؟!!!"
حاولت أسيل أن تتماسك وأجابت:
"منذ 5 شهور"
شهقت العمة وقالت:
"منذ 5 شهور ولا أعلم بالامر؟!...لماذا لم تخبريني؟!!..ياارب ما هذه المصيبه!!"
أكملت أسيل:
"كنا مشغولون بعلاجها لهذا لم نخبرك"
"لكنني كنت أتصل!"
لم تعرف أسيل ماذا ترد على هذا لكنها قالت:
"انها بين الحياة والموت!...تحتاج الى متبرع بنخاع العظم!"
جاء صوت ام رامز الباكي:
"افديها بروحي!...خذوا مني أي شيء ولتبقى هي بخير!"
تجمعت الدموع في عيني أسيل وقالت:
"يجب أن تكون زمرة دوم المتبرع نفس زمرة دم المريض....هل يمكنك سؤال أولادك يا عمه؟!"
قالت بصوت متحشرج:
"أجل بالطبع...بالطبع، ما زمرة دمها؟"
قالت أسيل ببكاء:
" o موجب"
قالت العمه:
"سأذهب واتكلم معهم..."
وانقطع الاتصال...مسحت أسيل دمعة تسللت من عينها وهي تدعي الله ان يسهل الامر وييسر لنا المتبرع....نظرت الى مايا من الزجاج ، قلبي يتمزق كلما رأيتها هكذا...
قلت:
"يجب أن تعودوا الى المنزل"
قالت أسيل مباشرة:
"لن أترك مايا!"
"انا سأبقى عندها"
قالت بقلق:
"لكن قد تستيقظ وتحتاج لي!"
قال جدي:
"يجب أن تعودي يا أسيل لتعتني بابنك وزوجك...ها هو لؤي هنا"
قلت:
"أجل، كلكم متعبون...عودوا الى المنزل واذا حدث شيء سأتصل بكم"
وهنا رن هاتف أسيل ، ردت بسرعة وهي تقول:
"عمتي!!؟؟"
ارتخت ملامحها ثم قالت:
"رامي!...هل ستتبرع؟"
.....
"الله يسعدك!...لا تعرف مقدار سعادتي!"
.....
"سننظرك إذن...مع السلامه"
نظرت لحسن ثم نظرت لجدي وقالت بابتسامة أمل:
"انه رامي...دمه يتوافق مع دم مايا!...الحمدلله الحمدلله"
قلت بفرح:
"الحمدلله!...متى سيأتي؟!"
قالت بعد ان انسابت دمعة من عينها:
"غدا....لا أعرف في أي ساعة"
اغمضت عيني وحمدت الله كثيرا في سري فقال جدي:
"هيا لنعود ... يجب أن نرتاح لأنه ربما تتم العملية غدا"
وافق الكل وعادوا الى المنزل وبقيت أنا مع مايا ...
***
في اليوم التالي ...
ذهبت الى كافيتيريا المستشفى لآكل أي شيء ، جلست على الكرسي واغمضت عيني بقوة...أشعر بألم في ظهري من النوم على الكرسي ... كل شيء يهون من أجل مايا..جاء النادل ووضع امامي القهوة وقطعة الشوكولا ... تنهدت بضيق وانا انظر اليها ، وقفت وحملت كوب القهوة ثم اشتريت لوح شوكولاته داكنه وذهبت الى مايا ... عندما رأتني الممرضة قالت مباشره:
"she waked up"
ابتسمت بفرح ودخلت بسرعه... وجدتها جالسة وتراقب الممرضة الأخرى وهي تعدل (السيروم) في يدها...قالت مايا بصوت مبحوح وضعيف:
"what happened?"
ردت الممرضه بهدوء:
"you were tired yesterday, but now…you are better"
نظرت الممرضة الشقراء لي ثم نظرت الى مايا وابتسمت وقالت:
"If you need me, I will be in the next room"
شعرت مايا بوجودي فنظرت لي وبقيت صامته وكأنها تفكر في شيء ما...خرجت الممرضة فقالت مايا:
"ماذا حدث؟..كيف جئت الى هنا؟!"
سحبت الكرسي وجلست أمامها وقلت بابتسامة:
"عندما رأيتك تجلسين على الأرض جفت الدماء في عروقي من الخوف، فحملتك الى المستشفى وها انتِ بخير الحمدلله"
ابعدت نظرها عني لبعض الوقت ثم ركزت نظرها الى المغذي وقالت:
"أريد أن أخرج من هنا"
قلت باستغراب:
"لا!..لا يمكنك"
"لكنني لا أحب التواجد هنا لمدة طويله"
قالتها بنفس نبرة الضغف والتي تخالطها بحة مرض ... قلت بلطف وانا امسك يدها:
"لا مشكلة، تحملي لبعض الوقت"
نظرت الى يدي التي تمسك يدها فرفعت يدها الأخرى ولامست المفتاح الذي يتدلى فوق صدرها وقالت بشرود:
"يوم أمس، ظننت انني أموت!"
قلت مباشره:
"لا سمح الله!!...انت بخير الحمدلله"
انزلت رأسها وسافرت الى عالمها الخاص ... استغربت من هدوءها ومن شرودها لكنني لم أعلق ... بقيت على هذه الحال لدقيقتين ، وقفت ووضعت يدي على وجهها فرفعت رأسها باستغراب...قلت بغباء:
"حرارتك انخفضت!"
ابتسمت ولم تتكلم ... قلت :
"ما بك؟!"
تنهدت ونظرت الى عيني مباشرة ثم تكلمت:
"أشعر وكأنني عدت من الموت!"
قلت:
"الحمدلله...هو القادر على كل شيء، لقد استجاب دعائنا!...لهذا يجب أن تتمسكي بأمل الشفاء لان الله قادر على كل شيء"
اتسعت ابتسامتها ونظرت الى النافذة وكانت عينيها تروي قصة ما!
اخرجت لوح الشوكولا من جيبي وقلت:
"وها هو لوح الشوكولا الذي وعدتك به!"
نظرت له بفرحة وسحبته مني بسرعة وهي تقول:
"شوكولاته!"
ثم نظرت لي وطبعت قبلة خفيفه على خدي وقالت:
"شكرا...فعلا لا شيء يجعل مزاجي جيد مثلها!"
ضحكت ضحكة قصيرة ثم وقفت عندما رن هاتفي وقلت:
"سأجيب الاتصال في الخارج"
هزت رأسها برضا فخرجت .. اجبت اتصال حسن:
"السلام عليكم"
حسن:
"وعليكم السلام ورحمة الله، كيف حال مايا الآن؟!"
تنفست الصعداء وقلت:
"الحمدلله...انها بخير وتأكل شوكولاته أيضا!"
ضحك وقال:
"الحمدلله رب العالمين...انا ذاهب لإحضار رامي وامه من المطار"
"وأمه؟؟!"
اجاب:
"أجل...جاءت معه لتطمئن على مايا"
قلت بارتياح:
"حسنٌ ... هل ستأخذهم الى المنزل أولا او ماذا؟!"
قال:
"ام رامز مصره؛ تريد رؤية مايا قبل كل شيء...لهذا ستأتي الى المستشفى...ممم قبل أن أنسى....أسيل لا يمكنها الحضور الآن لأن آدم أشغلها ... ربما تأتي في وقت لاحق هي وجدي"
قلت مباشره:
"لا مشكلة...انها تتعب كثيرا، تستحق بعض الراحه"
"معك حق....مع السلامه"
"مع السلامه"
عدت الى مايا فقالت بسرعه:
"تعال انظر بسرعه"
هببت اليها بسرعة فقالت وهي تشير الى النافذة:
"انظر انها حمامه!"
ابتسمت وقلت:
"أجل!...شكلها جميل!"
هزت رأسها وقالت:
"لا أذكر انني رأيتها في هذه الوضعيه من قبل...أعني انني دائما اراها تطير ولا أراها وهي على الارض"
ثم عدلت جلوسها واكملت:
"ماذا حدث خلال نومي؟"
قلت:
"عمتك أم رامز وابنها رامي قادمان الى هنا"
جحظت عينيها وقالت بصدمه:
"نعم؟؟!"
أجبت:
"انتِ تحتاجين لزراعة نخاع العظم....ورامي هو المتبرع!"



***



أشعر بشعور غريب جدا ، ظننت أنني أموت!...ثم استيقظ فجأة لأجد نفسي في غرفة بيضاء وراحة كبيرة تسري في عروقي عكس الألم الذي فقدت وعيي بسببه!
اليوم...أيقنت ان الحياة أغلى من أن نضيعها بالدموع!...ما حدث معي كان مثل الصفعه!...الامل عاد لي من جديد ، واستيقظت على حقيقة ان الله الذي أخرجني من الموت هذه المره يمكنه شفائي بالتأكيد...لا اله الا الله!...لو لم يكن هذا المغذي يربط يدي لكنت قمت وصليت ركعتين شكر لله تعالى....
اغمضت عيني على صورة لؤي...وفتحتهما عليه أيضا!...لقد ظل بجانبي كل الليل ...انه اجمل وافضل ما حدث لي في حياتي!
قال لي انني بحاجة لزراعة نخاع العظت فتأملت خيرًا بهذه العملية .. وكأن احدهم يخبرني بأن الله سيجعل شفائي في هذه العمليه...
ابعدتني عمتي أخيرا عن حضنها وقالت وهي تتلمس وجهي وتبكي:
"لماذا لم تخبريني؟!...لقد خفت عليك كثيرا عندما علمت"
قلت بابتسامة وصوت مبحوح:
"عمتي!...انا بخير الآن الحمدلله"
احتضنتني مرة أخرى وهي تحمد الله....قال رامي لينهي الدراما التي فتحتها عمتي ولن تنتهي:
"الحمدلله على السلامة يا مايا...كيف حالك الآن؟"
ابتعدت عمتي عني فأجبت:
"الحمدلله ... ها انا على قيد الحياة!"
ابتسم فدخل الطبيب وقال :
"السلام عليكم!"
قلنا بصوت واحد:
"وعليكم السلام"
قال باستعجال:
"أرجو ان تخرجوا من عند المريضة لترتاح...فليبقى واحد هنا فقط"
ثم تأمل وجوهنا وسأل:
"من هو المتبرع؟"
قال رامي بهدوء:
"انا"
ابتسم الطبيب وقال:
"لو سمحت سيدي ، يجب أن نجري بعض الفحوصات لك...وبعد غد ان شاء الله سنجري العملية"
هز رامي رأسه بطاعة وذهب مع الممرضتين...قلت:
"هل هناك أعراض جانبيه للعملية على المتبرع؟"
نظر الطبيب لي وقال :
"لا ان شاء الله، هي عملية سهله لن تدوم أكثر من ساعة ونصف كحد أقصى... وانتِ سنهيئ نخاعك العظمي للتلقي...وبإذن الله لن تحدث مضاعفات"
قالت عمتي:
"مضاعفات؟!...مثل ماذا؟؟"
ابتسم لتهدئتها ثم قال:
"اطمئني...بإذن الله لن يحدث أي مكروه"
وخرج ... نظرت الى لؤي ثم نظرت الى عمتي وقلت:
"أخاف على رامي!"
ابتسمت عمتي ومسحت دموعها ثم قالت:
"لا تقلقي يا عزيزتي ، المهم ان تشفي وتعودي لنا"
قال لؤي:
"احم، انا سأخرج لتظل عمتك عندك..اذا احتجتي لي...اتصلي"
وخرج...نظرت الى عمتي التي تتأملني بانكسار وكأنها تتحسر على ما ضاع من صحتي فقلت:
"كيف حالك؟"
حاولت جعل ملامحها طبيعية وبدأت تتكلم معي عن أمور كثيرة بعيدا عن المرض




-----------------------------

انتهى البارت

آرائكم؟...توقعاتكم؟؟

بالمناسبه!...البارت الجاي في مفاجئه ^^

دمتم بخير :msn2:




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-02-17, 08:38 PM   #53

عويشة

? العضوٌ??? » 335469
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,229
?  نُقآطِيْ » عويشة has a reputation beyond reputeعويشة has a reputation beyond reputeعويشة has a reputation beyond reputeعويشة has a reputation beyond reputeعويشة has a reputation beyond reputeعويشة has a reputation beyond reputeعويشة has a reputation beyond reputeعويشة has a reputation beyond reputeعويشة has a reputation beyond reputeعويشة has a reputation beyond reputeعويشة has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فصل رائع رغم انه حزين اتمنى ان رامي ينقد مايا وتشفى ان شاء الله كفية دموع.

عويشة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-17, 05:37 AM   #54

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الثلاثون...
قراءة ممتعه
لا تجعلوا الرواية تلهيكم عن العباده!

ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ






خرجت من المستشفى وذهبت أمشي في شوارع هذه المدينة الواسعه وبالي مشغول بمايا...
لقد أدخلوها الى العمليات هي ورامي .. كان الطبيب متخوف ان تكون فحوصات رامي سلبية ولا تتناسب انسجته مع انسجة مايا...لكن الحمدلله الذي يسر الأمور وكان كل شيء بخير ، لطف بنا سبحانه كي لا نتعب أكثر! ...
قال لنا الطبيب ان العملية لن تكون صعبة وبإذن الله سيكونان بخير كلاهما ... وأنا خرجت أمشي لأني لن أحتمل منظر أسيل وهي تبكي ...
فجأة رن هاتفي...أخرجته من جيبي وأجبت دون النظر الى الاسم:
"السلام عليكم؟"
رد عمر بهدوء مخالف لعادته:
"وعليكم السلام، كيف حالك لؤي...وكيف حال مايا؟؟...اليوم موعد العملية صحيح؟"
تنهدت وقلت:
"أجل، أدخلوها الى غرفة العمليات هي وابن عمتها قبل عشر دقائق"
قال:
"ما أخبار خالتي سعاد وكيف موقفها من رفضك العودة واصرارك على البقاء مع مايا حتى تشفى؟"
تذكرت اتصال أمي يوم أمس عندما أخبرتني انها لا تمانع عودة مايا ولن تضايقها مقابل أن أعود لها .... قلت بابتسامة:
"انها تسايرني ، المهم الآن ان تشفى مايا ثم لكل حادث حديث"
صمت قليلا ثم قال :
"لؤي...هون على نفسك يا أخي، أعلم انك حزين لحال مايا لـ..."
قاطعته:
"الله قادر على كل شيء...وأنا مؤمن أن الله سيشفيها"
"ونعم بالله"
اصطدمت بأحدهم ...قلت بسرعه:
"آسف لم اقصد"
نظر لي باستغراب فعدلت قولي:
"sorry"
قال بوجوم:
"don't worry"
ثم أكمل طريقه ... عقدت حاجبي باستغراب وقلت لعمر:
"أجل...اكمل"
ضحك وقال:
"ماذا حدث؟"
قلت بابتسامة باهته:
"اصطدمت بأحدهم..."
قال بتذكر:
"صحيييييح!...سمعت أن ابن عمتك..همممـ ماذا كان اسمه؟!...أه .. ريان! تقدم لخطبة ضياء ابنة خالتنا!"
فتحت عيني بصدمة وقلت بتفاجئ:
"أنت تمزح!!!!!...متى؟!"
قال بحماس:
"قال لي مثنى يوم أمس!"
ضحكت وقلت:
"لا اصدق مسامعي...ريان يخطب؟؟!!...الفأل لأخيه رائد"
قال عمر وهو يمثل الغضب:
"وأنا؟!!"
"انت!!!...تزوج عفاف!"
قلتها وضحكت ضحكة قصيرة ... قال عمر بتضايق:
"لو انها آخر نساء الكون ما تزوجتها!...المهم، يجب أن أذهب الآن عندي بعض الأعمال...طمئني عندما تستفيق مايا"
انتهت المكالمة ثم عدت الى المستشفى...كانت أسيل تمشي ذهابا وإيابا وتدعو الله ... ام رامز بقيت في المنزل عند آدم...نظرت الى جدي فوجدته شارد الذهن ... وحسن يقف عند الباب وينتظر خروج أحدهم ...
تنهدت بضيق وأخرجت سلسلة الذهب التي فيها مفتاح من جيبي وتذكرت ماذا حدث اليوم صباحا...

(عودة في الذكريات)

"لؤي؟!"
قمت عن الكرسي بسرعة وجلست بجانبها وقلت:
"أأمري؟!"
قالت بمرح لم يظهر عليها منذ مجيئنا:
"قل لي كيف تتكلم مع الممرضات؟!...هل تعلمت الانجليزية في يوم وليله؟!"
ابتسمت وقلت:
"لا...اصلا هن لا يتكلمن معي الا بأشياء رمزية سهله علي "
رفعت حاجبها وقالت:
"أنا أعرف انهما جميلات...لكن اذ...."
قلت بسرعة قبل أن تكمل:
"جميلات؟؟!!..عندما تكوني انتِ موجودة لا أرى أنثى أخرى في العالم!"
ضحكت واحمرت وجنتيها ثم قالت بعتاب:
"سعاد..أمك!...لماذا لم تتصل بي أو تطمئن علي؟!"
قلت بتهرب:
"أمي!!...انها...انها تسألني عنك دائما لكنها محرجة وخجلة من الاتصال بك"
رمقتني بطرف عينها بعدم تصديق لكنها ابتسمت وقالت:
"أتخيل أن تكون عينا أسماء ابنتنا فيهما العسلي والأخضر!...ستكون جميله!"
قطبت جبيني باستغراب ولسان حالي يقول: أول مرة أرى مايا متأملة للمستقبل هكذا!..دائما تقول انها ستموت!.....ابتسمت وقلت بغرور:
"طبعا ابنتي ستكون أجمل طفلة عرفتها الأرض!...يكفي انني والدها!"
قالت بثقه:
"لا...بل ستكون جميلة لأنني أمها!"
ضحكت بحب ثم قبلت يدها الباردة ... فتلمست المفتاح بيدها ثم أخرجته من رأسها ووضعته في يدي وقالت:
"ان شاء الله ، بعد أن أخرج من العملية ... ستلبسني إياه بيديك مرة أخرى، لا أريد ان يضيع"
اغلقت يدي على العقد وقلت بلطف:
"ان شاء الله ، عندما تخرجين "

(عـودة مـن الذكـريـات)

ابتسمت وانا اتذكر نظرتها الحزينة والسعيدة بنفس الوقت!...
رفعت رأسي ونظرت اليها ، كانت نائمة بهدوء تحت تأثير المخدر ... وأسيل تجلس بجانبها وتمسح على وجهها بحنان ...
حسن عاد هو وجدي الى المنزل...وأم رامز جاءت لتبقى عند ابنها ، قلت لأسيل:
"يمكنك العوده الآن ، سأكون معها"
ابتسمت وقالت بغصه:
"حسنا ، سأذهب لأطمئن على رامي ثم أذهب"
اقتربت منها واعطيتها مفاتيح سيارتي وقلت:
"اذهبي بسيارتي ... أفضل من أن تتعبي حسن في المجيء الى هنا"
هزت رأسها برضى وخرجت من الغرفة ... جلست مكانها وتحسست وجه مايا بأصابعي ثم وقفت ومشيت الى النافذة ، راقبت السيارات وهي تتحرك في كل الجهات ، ثم رفعت رأسي ونظرت الى القمر البدر الذي يرسل الينا ضوءه الابيض ... جلست على السرير المتحرك الذي أحضروه لي لأنام عليه ثم نظرت الى شاشة هاتفي الذي يهتز دون صوت ...كان المتصل أبي ... أجبت بهدوء:
"اهلا ابي"
"اهلا...كيف حالك بني؟..كيف مايا؟"
نظرت الى مايا وقلت:
"انا بخير...ومايا نائمة"
تنهد وقال:
"متى ستعودان الينا؟؟..اشتقنا لكما"
قلت بابتسامة:
"عندما يتحسن حال مايا ، لماذا لا تأتون أنتم؟!"
"نحن؟!..هكذا سنضيق على أسيل وحسن..ثم إن أختك مشغولة بدراستها ولا يمكنني تركها وحدها"
صمتت ولم أتكلم ، معه حق .. لكن كيف أعود ومايا متعبه ... قال:
"أمك تريد التحدث معك"
ثم وصلني صوت أمي الحنون تقول:
"كيف حالك لؤي؟..وكيف مايا، ان شاء الله كانت العملية سهله؟"
رفعت حاجبي وقلت:
"الحمدلله بخير جميعنا ... ادعي لها بالشفاء يا أمي"
صمتت قليلا ثم قالت:
"الله يبعد عنها كل أذى"
بدأت مايا تتحرك فقلت بسرعه:
"الى اللقاء...يجب أن أذهب"
قطعت الاتصال ووضعت الهاتف على السرير ثم هببت الى مايا ... بدأت تئن وملامحها متعبة...فتحت عينيها ببطئ وتأوهت ... خرجت بسرعة أنادي الممرضات .. دخلن اليها وتركاني في الخارج ... انتظرت ربع ساعة او أكثر حتى خرجن ... قالت احداهن:
"she have Vomited! we gave her a Antibiotic and analgesic … she will be fine"
لم أفهم شيء طبعا الا ( انها ستكون بخير) ... دخلت الى الغرفة فرأيت مايا تضع يدها على صدرها وتحاول استعادة انفاسها ... جلست بجانبها وامسكت يدها وقلت:
"سلامتك عزيزتي"
ابتسمت وهي مغمضة العينين بألم وقالت بصوت متعب:
"شكرا لك"
ثم تذكرت شيء ما وفتحت عينيها وسألت:
"كيف حال رامي؟"
قلت بسرعة:
"بخير...هو بخير، أمه عنده ... انتِ ارتاحي الآن"
نظرت الى النافذة ثم نظرت لي وقالت:
"السلسله!"
ابتسمت وأخرجت السلسلة من جيبي ... أدخلتها في رأسها بلطف واغلقت القفل وقلت:
"ها هو مفتاح قلبي عاد الى مكانه!"
وقبلتها على جبينها ... ابتسمت وارتاحت ملامحها ثم اغمضت عينيها وغفت ، يبدو ان الممرضات أعطينها مسكن أو مخدر ... قمت الى سريري وتمددت عليه لكنني لم أنم ؛ لكي أكون متأهب اذا استيقظت مايا...
***
في اليوم التالي...
نزلت الى رامي كي اطمئن عليه وتركت أسيل وام رامز وجدي عند مايا ... دخلت وقلت:
"مساء الخير!...كيف حالك اليوم يا رامي؟"
فتح عينيه بتعب ونظر لي ثم قال:
"بخير...آلام بسيطة، لا تساوي شيء أمام صحة مايا"
ابتسمت بامتنان ثم جلست بجانبه وقلت:
"حقا شكرا لك...بفضل الله ثم أنت، ربما كنا سنفقد مايا!"
قطب حاجبيه وقال:
"لا تقل هذا يا لؤي...مايا أختي وواجب عليي ان أكون بجانبها"
هززت رأسي وقلت:
"معك حق، يجب أن نكون كلنا معها"
قال بتردد:
"هل يمكنني أن اسألك سؤال؟"
"تفضل!"
"ممـ...علمت أنك أنت ومايا ابتعدتما عن بعضكما لفترة طويله!...لماذا؟!"
اغمضت عيني بضيق من هذه القصه التي تسبب لي ضيق تنفس ثم قلت:
"الموضوع وما فيه...ان سوء تفاهم حدث بيني وبينها ، لكننا الآن تفاهمنا"
"جيد!...على فكره، هي منذ أن كانت صغيرة لم تكن تحب المجيء الينا بقدر ما كانت تحب الذهاب اليكم!"
ضحكت وقلت:
"أجل!...أذكر ذلك، كانت دائما تشكو والدها رحمه الله ؛ لانه يأخذها اليكم وهي تغار من أسيل لأن مها معها وهي لا يوجد من يلعب معها!...ياااه ذكريات!...كانت مشاكسه ومتهورة!..لكن الآن...."
تنهدت ولم أكمل ... أكمل هو:
"الآن هي منكسرة، حزينه، كئيبة، مريضة....لقد تيتمت مايا مرتين!..مرة بموت والديها..ومرة بموت جدتها!"
أنكست رأسي بأسى على كلامه ثم قلت بهدوء:
"أتمنى أن أعيد مايا الطفلة...الى مايا الحزينة ... لكن يبدو ان لمّ شملهما ميؤوس منه!"
صمت ولم يرد.... حل الصمت علينا لفترة من الزمن، الى أن أطلق هاتفه صوت الأذان، قال بارتياح:
"الله أكبر... والعزة لله"
ابتسمت وقلت:
"نزلت تطبيق الأذان؟"
رد:
"أجل!..فهنا لا يوجد مساجد كثيرة واخاف ان أنسى!"
وقفت وقلت:
"سأتركك على راحتك الآن ... هل تحتاج أي شيء؟"
"سلامتك"
"مع السلامه"
خرجت من غرفته ..بل من المستشفى كاملا ، وذهبت الى منزل حسن لأستحم وأبدل ملابسي...طرقت الباب ودخلت، أنا أعرف ان حسن هنا لوحده في المنزل مع آدم ، سمعت صوت آدم يضحك في غرفة الجلوس وحسن يلعبه ... تنحنحت وقلت:
"هل تسمحان لي باللعب معكما؟!"
ركض آدم لي بينما حسن يركض خلفه...حملت آدم بسرعة وقلت باسلوب طفولي:
"اذهب يا حسن!...آدم بحمايتي الآن!"
ضحك حسن واعتدل في وقفته ثم قال:
"كيف حال رامي ومايا؟"
قبلت آدم وقلت:
"بخير كلاهما ... لكن حدث لمايا مضاعفات بسيطة مثل الغثيان ، لكنها ستكون بخير ان شاء الله حسب قول الطبيب "
هز رأسه وقال:
"حسنا...أنا وأنت لم نأكل شيء جيد منذ وقت طويل هههه خطيبتك مريضة وزوجتي لا تريد أن تطبخ حجة انها خائفة على أختها!... اذهب وخذ حمام دافئ ثم تعال لنطلب بيتزا من المطعم"
ضحكت وقلت:
"معك حق...طعام المشفى لا يسمن ولا يغني من جوع!...ربع ساعة وسأكون عندك"
استحممت وبدلت ملابسي ولفت نظري كتاب ما في الحقيبه!...تناولته من بين الملابس فتذكرته!....انه كتاب (لؤي)!...عندما رأيت مايا في حالتها تلك نسيت موضوعه تماما وقلت لنفسي ان ما فيها يكفيها ، لا أريدها ان تقرأ ما كتبت انا!...لكن الآن...لماذا لا آخذه لها ونكتب مع بعضنا قصتنا القادمه!
ابتسمت على فكرتي ووضعته على المنضدة والمفتاح فوقه لكي لا أنساه ... نزلت الى حسن فقال موجها كلامه لآدم:
"وأخيرا شرفنا العم لؤي!...هيا لنطلب البيتزا"
ضحكت بقوة وقلت:
"(العم لؤي!) !! أعجبتني بصراحه!"
ثم جلست بجانبه ففتح موقع الكتروني لأحد المطاعم وقال:
"ماذا تريد على قطعتك؟"
فكرت قليلا ثم قلت:
"كما تريد....لكن دعم يكثرون من الجبنه"
هز رأسه واتصل بهم ... تكلم معهم بالانجليزية وانا ألعب آدم ... قررت أن أرى اذا كان آدم يفهم الانجليزية أو لا ... قلت:
"you are crazy boy"
تقوس حاجباه ثم ابتسم وذهب الى والده!..ماذا يعني!؟ هل فهم أم لم يفهم؟!...ضحكت على أفكاري الغبية ثم جلس حسن أمامي وقال:
"لؤي...ما رأيك في فكرة نقل الشركة الى الوطن؟!"
وضعت يدي على فخذي وقلت بجديه:
"بصراحة أراه أفضل قرار اتخذتموه!...هناك سنستقر أكثر، ولا أظن أن جدي ما زال يقوى على السفر كثيرا!....يعني عندما نعود انا ومايا ... سيضطر جدي للمجيء كل شهر والاطمئنان عليها...لهذا أظن أنه من الأفضل أن تنقل"
هز رأسه وقال بتأييد:
"وهذا ما كنت أفكر فيه من البداية ... لكن الآن نحتاج الى موافقة المالكتين!...أسيل ومايا"
رفعت طرف فمي بابتسامة وقلت:
"انا متأكد انهما لن يرفضا!"
قال :
"إذن سأخبر أسيل بهذا العرض...وبعد أن تشفى مايا ان شاء الله سنأخذ رأيها!"
***
بعد العشاء عدت الى المستشفى وأخذت معي الكتاب ، دخلت غرفة مايا فرأيتها تتكلم مع أسيل بانسجام وهناك ممرضة تضع لها مضاد حيوي في الوريد وعند دخولي خرجت الممرضة ... ابتسمت وقلت:
"مساء الخير عزيزتي...مساء الخير أسيل"
قلتها وانا اخفي الكتاب خلف ظهري ... التفتتا لي وقالت أسيل:
"اهلا ..... مساء النور"
ابتسمت مايا وقالت:
"مساء الورد لؤي...تفضل"
تقدمت منها ببطئ فوقفت أسيل وقالت:
"انا سأذهب الى غرفة رامي وأخبر جدي أن علينا الذهاب"
هززت رأسي بالموافقة فخرجت ... اعدت نظري الى مايا وجلست على الكرسي القريب منها ووضعت الكتاب على فخذي وقلت:
"كيف حالك الآن...هل تشعرين بتحسن؟"
قالت بابتسامة عذبه:
"أجل والحمدلله"
ثم حولت نظرها الى الكتاب وشهقت بصدمه ثم رفعت عينيها الجاحظتين لي وقالت بتلعثم:
"هـ...ها....هذا الكتاب!!...من أين لك؟!"
ابتسمت وقلت:
"هل نسيتيه؟"
هزت رأسها بالنفي ثم قالت:
"بلا!"
أعادت نظرها الى الكتاب وأكملت:
"لقد أتلفته!!...كيف جاء اليك؟!"
عقدت حاجبي باستغراب وسألت:
"أتلفتيه؟!...متى؟!"
أغمضت عينيها ثم فتحتهما مرة أخرى وقالت:
"عندما رأيتني مع يزن!"
ضحكت ضحكة قصيرة وقلت:
"هل حقا أتلفتيه؟!..هل أنت واثقة؟!"
هزت رأسها وقالت:
"أجل أتلفته!...أعني لا!...لكن هو!..."
قاطعتها:
"في ذلك اليوم عندما جئت اليك ، وقع الكتاب أمامي بعدما اصطدمت بالطاولة...باغتني فضول قوي لأعرف لماذا اسم الكتاب مثل اسمي...لهذا أخذته وقرأته!...وعندما تأكدت من مشاعرك تجاهي..فرحت كثيرا ، وعزمت على خطبتك"
احمرت وجنتيها وابعدت نظرها عني وهي تقول بصوت منخفض:
"قرأت كل غباء مراهقتي الذي فيه؟!"
قلت بتفاجؤ:
"هل تعتبرين مشاعرك لي....غباء؟!"
نظرت لي وقالت بسرعه:



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-17, 05:39 AM   #55

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي




وقالت بسرعه:
"لا !..لا أقصد هذا ولكن!!"
وقفت وجلست بجانبها على السرير ثم فتحت الكتاب وقلت:
"في الـ5 شهور التي ابتعدتي عني بها ، كتبت ما كنت أشعر به داخل هذا الكتاب ... واحضرته معي لتقرأيه ، لكن عندما رأيتك نسيت نفسي!...وفكرت الآن: لماذا لا نكمل كتابة هذا الكتاب مع بعضنا؟!"
ابتسمت وقالت:
"احتفظ هذا الكتاب بسنين من جمل قصيرة كتبتها المراهقة مايا ... ثم احتضن حزن المحب لؤي!...وفي النهاية سيجمع قصة علاقتهما !"
امسكت يدها ووضعتها فوق أوراق الكتاب وقلت:
"ليست أي علاقة!....سيجمع بين علاقة روحين ، تعذبتا كلتاهما!...الأولى من حب الثانية ، والثانية من قسوة الحياة!...لكن في النهاية كان الحب بلسم لهما!"
ضحكت وامسكت بالمفاتح الذي في عنقها وقالت:
"هل اصبحت كاتب في غيابي؟!"
"بسببك صرت شاعر!"
ضحكت مرة أخرى وابعدت نظرها عني بخجل...

***

اقشعر بدني من نسمة البرد التي مررت اطراف اصابعها على وجنتي ... انقلبت الى جهة النافذة وفتحت عيني ببطئ ... فرأيت لؤي يقف عند النافذة بعد ان فتحها ... جحظت عيني من المفاجئة وقلت:
"ثـــــــــلـــــــــــج؟! !"
التفت لي وقال :
"أجل ثلج!...انه جميل جدا!"
جلست بصعوبة وقلت:
"بودي لو ألعب به!"
اغلق النافذة ثم نفخ على يديه لتدفآ وجلس أمامي وقال:
"بعد خروجنا من المستشفى سنلعب أنا وأنتِ"
ابتسمت برضا فأنتبهت الى كتاب (لؤي) على المنضدة .. اتسعت ابتسامتي وحملته ثم قلت:
"سأكتب!"
أنزل يديه عن فمه وفركهما ثم قال:
"وسأشاركك الكتابة!"
حركت رأسي برضا فوقف لؤي وقال:
"سأطلب قلم من الممرضات"
وخرج....
***
بقيت مدة شهر كامل في المستشفى! .. تعبت وعانيت كثيرا في البداية ، وبقيت تحت اشراف الطبيب ... ما خفف عني حمل الألم هو القرآن ثم وجود لؤي بجانبي!
كان هو المرافق معي .. لطالما سهر معي عند ارتفاع حرارتي ، ظل بجانبي عند أخذ جرعة الكيماوي .... هو الآخر تعب كثيرا معي
كنا نمضي ساعات ونحن نتكلم ونتخيل مستقبلنا! أسيل كانت تأتي لي كل يوم من الظهر الى المغرب! ويذهب لؤي ليرتاح ...
عادت عمتي هي ورامي الى الوطن بعدما تأكدوا من استقرار حالتي وذهاب المضاعفات...كثرت اتصالاتي بخالتي التي منعتها أسيل من المجيء ... وصديقاتي طبعا اللواتي كنّ يرفعن معنوياتي كثيرا....وبالمناسبة، ريان كتب كتابه على ضياء!
تكلمت مع سعاد مرة واحدة فقط باصرار من لؤي واظن انها هي تكلمت رغما عنها باصرار من خالي...ومنار بالكاد سلمت عليها مرة لله!
ها أنا أخط أول خطواتي خارج المستشفى منذ شهر!...تنفست الصعداء واستنشقت بلورات الثلج التي تتساقط ، نظرت الى لؤي وقلت:
"سنلعب به في المنزل!"
هز رأسه بابتسامة حب وقال:
"بالطبع!"
أعدت نظري للأمام وانا أراقب هطول الثلج ، قال الطبيب أن حالتي بدأت تتحسن ... الحمدلله!
بعدما كنت جسد بلا روح!...أعاد الله لي السعادة بوجود لؤي!
عندما وصلنا المنزل ، امسكت القليل من الثلج ورميته على لؤي فضحك وقال:
"غداره!"
ثم كور الثلج في يديه ورماه ... لكنه تعمد ان لا يصيبني ... وأكملنا اللعب بضحك ومرح ، وانضم آدم الينا ايضا ... مرت ساعة أو أكثر ونحن نلعب .... تعبنا كثيرا!
تمددت على الثلج بتعب فركض آدم بسرعة وتمدد بجانبي...ثم تبعه لؤي وتمدد بجانب آدم ... نظرنا الى السماء والبرد يتسلل الى ظهورنا فقلت:
"لا تحلو الدنيا بدون جرعة جنون!"
تنهد لؤي بتعب من الركض ثم قال:
"ولا تحلو الا بكِ!"
نظرت اليه فنظر لي ، كلانا لم يفسر هذه النظرات!...كأننا نروي قصتنا كلها من خلال عيوننا!...كأننا نسرد أحداث حياتنا!...بألمها وبفرحها!
اطلقت زفرة باحت بكل ما بداخلي من مشاعر ، كانت عينيه الخضراوين تقفزان من عيني اليسرى الى عيني اليسر مرارا وتكرارا!
ابعدت نظري عنه وعدت أتأمل السماء...جاء صوت أسيل تقول بخوف:
"مايا!!!..لماذا تنامين على الثلج!...قد تمرضين هكذا!...قومي بسرعه!...آدم!...انت ايضا"
قال لؤي بمرح:
"تخافين عليهما ولا تخافين علي؟!"
رفعت حاجبها وقالت :
"انت لو تنام على قمة إفرست لن تمرض!"
ابعد لؤي نظره عنها وقال:
"جرحتي مشاعري!"
ضحكت انا وأسيل بأعلى صوتنا فقال لؤي وهو يمنع ضحكته:
"وجع!...لم يبقى أحد من هذا الحي لم يسمع ضحكتك انتِ وهي!"
وقف آدم واحتضن امه فجلست انا وقلت:
"بودي أن أبقى هنا!"
قالت أسيل بصرامة:
"هيا بسرعة أدخلي قبل أن تصابي بنزلة برد ثم تقضين شهر آخر في المشفى!"
وقف لؤي ومد يده لي ليساعدني ... مشيت معهم الى الداخل وداعب الدفء اطرافي .... قالت أسيل:
"سأعد لكم الزنجبيل حتى لا تمرضوا"
وحملت آدم وذهبت الى المطبخ ... دخلت انا ولؤي الى غرفة الجلوس فقال جدي:
"هل انتهيتم من اللعب كالاطفال؟!"
رفعت يدي الى فمي وقلت:
"يجب أن نمارس الجنون من فترة لأخرى"
أشار لي كي أقترب منه ففعلت ... اخذ يدي بين يديه وقال:
"انهما باردتان جدا!"
جلست بجانبه وهو يمسك يدي ويحاول تدفئتهما بيديه ... قال حسن:
"انا أحتج!...كل هذا الدلال لمايا!...وزوجتي؟!"
ضحك لؤي وقال:
"حسن!...بوجود مايا ... نصبح نحن بلا قيمة بالنسبة لجدي!"
ضحك جدي وقال:
"طبعا!...كلكم لا تساوون عين من عيني مايا!"
همس لؤي وهو يرمقني بنظرات غامضه:
"وانا اشهد!"
بعد قليل جاءت أسيل ومعها أكواب الزنجبيل للجميع ... شربناه بنهم ونحن نشاهد أحد أفلام الشتاء...

***


بدأت صحة مايا تتحسن شيء فشيء بفضل الله سبحانه وتعالى .... لم تنتهي تلمحيات أمي للعودة الى الوطن لكنني تجاهلت كل شيء!
كانت تستيقظ في الليل في بعض الأحيان، تشكي من ألم المعدة أو ترتفع حرارتها قليلا .. لكنها أشياء بسيطة...
صارت علاقة أسيل ومايا تلتحم أكثر ، صارتا تجلسان مع بعضهما لمدة طويلة ويتكلمان في كل شيء ، أصر حسن علي أن أذهب معه وألقي نظرة على الشركة ووقتها رافقتني مايا ... أذكر كيف جلست في مكتب ( جدي ) وقالت:
"سننجب (حسام) آخر ليرث هذه الشركة وينميها كجده!"
ألاحظ انها صارت تذكر أمها وأبوها كثيرا ... لكن بسعاده! وكثيرا ما أخبرتني عن الأوقات التي قضتها مع جدتي وكم اشتاقت اليها ...
حضرت السنة الجديدة .... ودعونا الله ان تكون هذه السنة أجمل من التي قبلها ...
اليوم ... بعد أن تحسنت صحة مايا أكثر ، قررت أن ألبسها الخاتم مرة أخرى ... طلبت منها أن آخذ صندوق الخاتم فلم تمانع ولم تسأل لماذا..
اشتريت باقة ورد مع علبة شوكولاته فاخرة ... تأنقت ثم ذهبت اليها ، طرقت الباب بلطف ودخلت ... رأيتها تجلس على الأرض وتسند ظهرها الى طرف السرير وتقرأ في الكتاب ، كانت تضع منديل شعر على رأسها الخالي من الشعر لونه وردي بطريقة لطيفة وترتدي ثياب صوفية بلون البني الفاتح ... رفعت رأسها ونظرت لي بابتسامة ثم وقفت وقالت:
"ما كل هذا؟!"
تنحنحت واقتربت منها ووضعت علبة الشوكولاته وباقة الورود على السرير وقلت:
"حسنا...فكرت في أن أفعل شيء مختلف!"
ثم امسكت يدها وأخرجت الخاتم من جيبي وقلت:
" ستلبسين الخاتم مرة أخرى "
وأدخلت الخاتم في بنصر يدها ببطئ ... رفعت رأسها ونظرت لي والدموع في عينيها ونطقت:
"لؤي؟!.."
مسحت على خدها برؤس اصابعي وقلت بابتسامة:
"لماذا الدموع؟!"
تقوست شفتيها وقالت:
"لا أعرف!...لكن ... لكن!....لؤي ، أحبك!"
ثم اندفعت الى حضني في عناق طويل ... قبلت رأسها وقلت:
"لن أسمح لدموعك بالنزول الا لفرح!"
ابتعدت عني ومسحت دموعها ثم قالت:
"الله لا يحرمني منك!"
ثم تطاولت ووقفت على رؤوس قدميها وطبعت قبلة سريعة على خدي ... ابتسمت ودقات قلبي ارتفعت الى الهواء!...كان الخجل واضح عليها فقلت لتبديده:
"هل ستفتحين علبة الشوكولاتة أم لا؟! أريد تذوقها"
ضحكت بخفة ثم جلست على السرير واستنشقت رائحة الورود ثم فتحت العلبة وأكلت منها وأنا اراقبها ... أكلت الثانية دون أن ترفع رأسها!...قلت بهدوء:
"ألن تعطيني قطعه؟!"
رفعت رأسها وخبأت العلبة خلف ظهرها وقالت:
"من أنت؟!...هل أعرفك؟!"
جحظت عيني بصدمة من هذه الطماعة فسحبت العلبة منها بسرعة وقلت:
"لا لا تعرفينني!"
أكلت قطعة على صوت ضحكاتها ثم جلست بجانبها وصرنا نتكلم في موضوع العدوة الى الوطن ونحن نأكل .... ثم وضعت مايا باقة الورد في الماء ووضعتها على المنضدة وانا أراقبها بهيام....

***


"صحتها تحسنت بشكل كبير!...شفائها قريب!"
نظرت الى لؤي وفرح الدنيا كله داخلي ... قال لؤي بسعادة:
"هل يمكن أن نعود الى الوطن الآن؟؟!"
"أجل يمكنكم لكن علاجها لم ينتهي ، سنتواصل مع مستشفى السرطان خاصتكم ونشرح لهم حالتها ونرسل لهم كل اللازم من المعلومات لتكمل علاجها هناك!"
احتضنت أسيل يدي بقوة وهمست:
"الحمدلله ... لك الشكر يا الله"
ابتسمت .. بل كدت انفجر ضحكا من السعادة!...سألت:
"يعني كم باقي من العلاج؟!"
نظر الى الأوراق أمامه ثم قال:
"ليس محدد...لكن ادعي الله ان ينتهي قبل عيد الأضحى!"
وضعت يدي على قلبي الذي بدأ يخفق بعنف من الفرحة فقال لؤي:
"شكرا جزيلا لك...شكرا"
قال الطبيب بابتسامة:
"ولو!...لكن أنصح أن تؤجلوا السفر للأسبوع القادم"
وقفت وقلت:
"بالتأكيد .. أجل"
أعطانا قائمة الأدوية التي احتاجها قم خرجنا ... قلت للؤي:
"قبل ذهابنا...دعنا نزور قسم الأطفال!...أريد أن ألقي نظرة عليهم..كيف يتحملون كل هذا الألم؟!"
نظر الى أسيل فقالت :
"حسنا..لكن لن نتأخر"
هززت رأسي برضا وذهبنا الى هناك ... منعتنا الممرضات من الدخول للغرف ... ولكن كانت هناك قاعة تضم 10 او 15 طفل !
جميعهم نائمين في أسرتهم ولا يملكون شعر مثلي!...كنت اتأملهم من النافذة الزجاجية وقلبي يتقطع عليهم ، نظراتهم الكسيرة أتعبت قلبي!
استدرت وقلت :
"الله يشفيهم"
ثم مشيت أمام لؤي وأسيل الى الخارج...
عندما وصلنا المنزل حاولت ازالة الحزن عن وجهي وهرعت الى جدي أخبره...جلست بجانبه بقوة وقلت :
"جدي!!...يمكنني العودة الى الوطن واكمال العلاج هناك!"
أكمل لؤي:
"قال الطبيب أنها تحسن كثيرا وشفاءها قريب ان شاء الله"
احتضنني جدي بفرح وهو يقول:
"الحمد لك يا الله ... مايا يا قرة عيني ، ربي يحميك"
قال حسن:
"أجمل خبر سمعته منذ السنة الماضيه!...سأحجز أول طائره!"
قالت أسيل والابتسامة مرسومة على شفتيها:
"لا...سنسافر الاسبوع القادم وليس الآن!"
وقفت وحملت آدم ثم قلت:
"فرحتي لا يساويها شيء!"
قبلت آدم بقوة جعلته يبكي ثم انزلته وقلت:
"سأصلي ركعتين شكر لله"
وصعدت الى غرفتي...
***


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-17, 05:42 AM   #56

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


بدأت الطائرة تهبط واتضحت لي مدينتنا!...يا اللهي كم اشتقت الى هذا المكان!
نظرت الى جدي الذي يجلس بجانبي وقلت:
"كيف تحتمل البعد عن الوطن؟!"
"الظروف يا ابنتي تجبرنا!"
ابتسمت ولم أعلق...
اتفقنا مع خالي أن يبقى في منزله ولا يأتي حتى لا يتعب بلا فائدة ... لكن كان عمر وجلال في استقبالنا ...
احتضنهما لؤي بشوق وحنين كبيرين ثم صافحهما حسن وسلم عليهما جدي ... قال عمري وهو يستند الى جلال:
"الحمدلله على السلامة آنسه مايا!...هكذا تذهبين وتتركين روميو الولهان؟!"
كتمت ضحكتي من شكل لؤي الذي اختلط به الغضب والاحراج وقلت:
"وانت ما علاقتك؟!...نريد أن نجرب شعور روميو وجوليت!"
ابتسم جلال وقال:
"هل جوليت تكذب؟!"
تذكرت كذبتي عليه وتذكرت تهوري وقتها فابعدت نظري عنه وانا احاول طرد هذه الافكار ... قالت أسيل:
"نحن متعبون من السفر!...يجب أن نذهب الى فندق"
قال عمر بسرعة وحماس:
"فندق من؟!...أمي وأخواتي ينظراكم على ناار!!..هيا معنا الى المنزل"
قال جدي :
"لكن يا عمر!...لا نريد أن نضيق عليكم"
اخذ جلال حقيبة السفر من جدي وقال:
"ضيق ماذا الذي تتكلم عنه يا جدي؟!...اذا عدنا بدونكم فسوف تقطعنا ساره وتبيع أعضائنا!"
ضحكت وقلت:
"أخاف أن تقطعني أنا الآن!"
نظر لي عمر نظرة غامضة ثم نظر الى لؤي الذي ابتسم ... قال حسن :
"اذن هيا بنا لنتحرك"
هز آدم رجل حسن وقال بطريقة غير مفهومة:
"أددا عننن!!"
اظنه كان يقلد صوت سياره!...حمله حسن وقال بابتسامة:
"تريد ركوب الـ (عننن)؟؟"
ابتسم آدم لأن حسن فهم عليه ثم أشار الى سيارة حمراء pmw قال عمر بغرور مصطنع وهو ينزل النظارة الى عينيه:
"احم احم!..تريد سيارتي يا صغير؟!"
قلت بصدمة:
"سيارتك؟!"
رفع طرف فمه بابتسامة جذابة ثم قال:
"أجل ! ... حققت حلمي واشتريتها!"
ضحك لؤي وقال:
"اذن سنزوجك بمناسبة السيارة!"
قال بسرعه:
"لا!!..يجب على جلال ان يتزوج أولا...ثم اني لا أريد الزواج!...المهم الآن، هيا لنذهب"
تنهدت أسيل وقالت:
"واخيرا!"
ضحك الجميع عليها وتوجهنا الى السيارات ... ركب آدم وحسن ولؤي في السيارة مع عمر ... أما أنا وأسيل وجدي ركبنا مع جلال في سيارته ....
وبعد مدة قصيرة وصلنا المنزل ، فتح لنا جلال الباب فدخلنا بهدوء...لكن عاصفة مفاجئة ساخنة اسمها سارة هبت في وجهي وهي تحتضنني بقوة وتقول:
"ماااياااا!!!..اشتقت لكِ كثييييييييييييييرا"
شددت عليها بدوري وقلت:
"وانا اشتقت لكم يا عزيزتي"
ابعدتني عنها بسرعة ونظرت في عيني مباشرة وقالت:
"يجب أن تخبريني بكل ما حدث هناك!"
نظرت حولي وقلت:
"هل تؤجلين الموضوع قليلا حتى نرتاح!"
سمعتنا أسيل التي كانت تسلم على الخالة ابتهاج فقالت:
"معكما وقت طويل لتتكلما"
ثم سلمت على نجوى ... سلمت انا على الخالة ابتهاج التي كانت سعيدة بعودتي ، ثم احتضنت نجوى التى قالت بحنان وهي تمسك وجهي بكفيها:
"تغيرتي كثيرا!..لا تعفرين كم افتقدتك وحملت همك!"
احتضنتها مرة أخرى وقلت:
"حبيبتي!...الحياة غير جميلة بدونكم"
سحبتني سارة من يدي وقالت:
"تعالي لترتاحي في غرفتنا هيا"
نظرت الى الشباب وجدي الذين يتحدثون بانسجام ويبدو ان أسيل دخلت مع ابتهاج ثم قلت باستغراب:
"أين والدك؟"
ردت نجوى:
"انه في العمل....سيتأخر"
ابتسمت وقلت:
"خذاني الى غرفتكما"
سحبتني ساره معها وأدخلتني الغرفة ... جلست على السرير بتعب وحركت رأسي حركة دائرية لترييح عنقي ثم قلت:
"هل ستعيدين الثانوية العامه؟"
قالت بتأفف:
"أعيدها؟!...لا، لا أريد أن أدرس اصلا ، البنت لزوجها وعائلتها ليست لكتبها وامتحاناتتها!"
قالتها ثم ضحكت بقوة وكأنها تسخر من كلامها ... ابتسمت وقلت بانفعال:
"أين نجوى؟!"
دخلت نجوى وهي تحمل صينية كاسات عصير وقالت:
"ها هي نجوى!"
قدمت لي العصير ثم قالت:
"ساره...اذهبي وخذي العصير الى الرجال ..."
تململت ساره وخرجت...جلست نجوى بجانبي واحتضنتني مرة أخرى وهي تقول:
"حقا اشتقت لك!"
ثم ابتعدت عني وسألت:
"هل أتعبك المرض؟!"
تنهدت وقلت:
"تعب؟!...هذه الكلمة مضحكة أمام ما جرى لي!..لكن انسي..أهم شيء الآن أن شفائي قريب بفضل الله عز وجل"
تنفست بعمق وقالت:
"الحمدلله!....مايا، هل تعرفين كم كان لؤي حزين لفراقك؟!...خصوصا قبل أن يعود عمر من السفر ، كانت حالته ميؤوس منها!"
ابتسمت بحزن وقلت:
"أيام أتمنى أن لا تتكرر"
صمتنا قليلا ثم سألت نجوى:
"صحيح...هل تعرفين أن ريان خطب ضياء!..بصراحة كلاهما يستحقان بعضهما!"
قلت بسعادة:
"أجل عرفت!..الله يهنيهم"
دخلت سارة وجلست أمامنا على الأرض وهي تشرب العصير بنهم وتقول:
"خالتي سعاد ما ردة فعلها لرجوعكم؟!"
نظرت الى العصير في كأسي وقلت:
"انها لم تعد تهتم لأي شيء غير رجوع لؤي...لو يتزوج ثلاثة فوقي لن تقول لا!"
رمقتني نجوى بخبث وقالت:
"وهل تقبلين أنتِ أن يتزوج ثلاثة؟!"
رفعت رأسي بثقة وقلت :
"لن يفعل أبدا حتى لو طلبت منه أنا!"
شهقت ساره وقالت بمزاح:
"كنت أشعر من البداية أنك سحرتيه!"
ضحكت على كلامها فطرق أحدهم الباب ثم انفتح واطلت منه الخالة ابتهاج وقالت:
"تعالوا اجلسوا معنا "
وقفت وقلت:
"بالتأكيد يا خالة..هيا ساره...هيا نجوى"
ابتسمت هي وذهبت ونحن خلفها ... عندما دخلنا غرفة الضيوف رأيت أسيل تضع يدها على ظهرها وتتأفف بتعب ... قالت الخالة ابتهاج باهتمام:
"ما بك عزيزتي؟!...هل أحضر لك شيء ما؟!"
قالت أسيل :
"لا يا خالة شكرا لك ... لكن ألم ظهري هذا يرافقني منذ أيام!"
ابتسمت وجلست بجانبها بطريقة عنيفة وقلت:
"عندي شعور يقول أنك حامل!"
نظرت لي بصدمة وقالت:
"الآن!!...يا ربي!"
ضحكت ابتهاج وقالت:
"لماذا كل هذا التشاؤم؟"
قالت أسيل وهي تعدل جلوسها:
"آدم جلب لي الشيخوخة المبكرة...فكيف لو أنجبت له أخ؟!"
ضحكنا عليها ثم بدأنا نشاركهم الكلام....
***
بعد الغداء...
أوصلنا عمر الى منزل خالي بسيارة جلال لانها أكبر ، عندما رأيتنا نقترب من المنزل همست للؤي:
"بصراحة لست مرتاحة ، اتشائم من هذا المكان منذ آخر فعل فعلته منار"
تنهد بقلة حيلة وامسك يدي وهو يقول:
"أعلم أن الأمر صعب، لكن حاولي أن تتجاهلي الأمر من أجلي!...أعدك لو ضايقك أحدهم سأخرج معك الى أحد الفنادق، لكن انتِ كوني أفضل من منار وانسي"
ابعدت نظري عنه دونما رد فتوقف عمر أمام المنزل وقال:
"هيا تفضلوا بالنزول"
نزلت أسيل ونزلت معها ثم تبعنا جدي الذي دخل قبلنا الى المنزل .. خرج خالي من الباب الداخلي وهو يستقبلنا بجمل الترحيب والشوق...
عانقه جدي بقوة وقال:
"كيف حالك يا أبا لؤي؟!"
رد خالي بسعادة:
"الآن صرت أفضل برؤيتكم"
تقدمت منه والشوق يدفعني لأراه .. قلت بهدوء:
"كيف حالك خالي؟"
اقترب مني وعانقني بقوة كعناق أب وابنته وهو يهمس لي:
"عاد قلبي ينبض عندما عرفت بمجيئك"
نزلت دموع الشوق من عيني رغما عني وقلت بصوت مخنوق:
"اشتقت لك كثيرا يا خالي...اقسم أن الحياة لا معنى لها بدونكم"
ابعدني عن حضنه ومسح دموعي بيديه ومسح على رأسي بحنان وهو يقول:
"لا تبكي!...أريد أن أرى ابتسامتك الجميلة فقط"
زادت دموعي وابتسمت ثم قبلت يده وقلت:
"الله لا يرحمني منك"
قالت أسيل لتنهي تدفق المشاعر الذي داهمني:
"هذا يكفي...دوري لأسلم على خالي...لم أره منذ أكثر من سنه ونصف ..ربما!"
ضحك خالي واخذها بين ضلوعه وهو يقول:
"هكذا تبتعدين عنا ولا نراك الا بالمناسبات والأعياد الخاصه"
قال حسن بدفاع عن زوجته:
"ماذا نفعل!...ظروف يا عم!"
ترك خالي أسيل وصافح حسن وهو يهل عليه بجمل الترحيب...
دخل الجميع وبقيت أنا أراقب كيف سيكون لقاء خالي ولؤي!...أو ربما كنت خائفة من الدخول بدون لؤي!...
قال لؤي وهو يمشي الى خالي:
"رضاك يا أبي"
احتضنه خالي حتى كاد يكسر ضلوعه وهو يقول:
"رضا قلبي وربي عليك يا بني...البيت غير جميل بدونك"
قبل لؤي رأسه وقال:
"وأنا لا شيء وأنا بعيد عن اهلي ووطني!"
وضع خالي يده خلف رقبة لؤي ومشيا مع بعضهما باتجاهي وابتسامة لا تفارق شفتيهما ... ابتسمت لهما فقال خالي:
"لماذا لم تدخلي؟!"
أجبت:
"يجب أن أدخل مع خطيبي!"
وتبعت جملتي بضحكة صغيره...فهم خالي الأمر وترك لؤي ثم دخل وحده ... امسك لؤي يدي وقال بابتسامة طمأنتني:
"اذا كان يزعجك التواجد هنا سآخذك الى أقرب فندق الآن!...لكن أظن أن الأمور يجب أن تتعدل بينك وبين أمي على الأقل"
قلت وانا اتذكر كلام أسيل :
"وهو كذلك!"
قالت لي أسيل أنه علي كسب رضا سعاد حتى لو اضطرت لغصب نفسي ، فهذه هي الطريقة الوحيدة لأبقى مع لؤي...
دخلت معه وهو ما زال ممسك بيدي ... عندما رأتنا سعاد هبت إلينا واحتضنت لؤي بحب وشوق كبير وهي تغرقه بجمل العتاب والاشتياق وتحمد الله انه عاد لها ... قبلها لؤي على رأسها بابتسامة عذبة وقال:
"كيف هي نبع الحنان؟؟"
ردت بنبرة كلها حنان:
"عادت لي الروح بعودتك يا حبيبي"
قلت كي تنتبه لي:
"أطال الله في عمرك يا خاله"
نظرت لي وتحولت نظرتها الحنونة الى نظرة تقييم وشك وغموض ثم قالت وهي تتصنع الشوق لي:
"أهلا بخطيبة ابني الغالية...كيف حالك يا عزيزتي؟!...الحمدلله على سلامتك"
قبلت رأسها بلطف ثم قلت:
"الحمدلله بخير"
ابتسمت وقالت بنبرة يشوبها الاستغراب:
"تفضلي تفضلي...البيت بيتك"
رمقني لؤي بنظرة رضا وارتياح ثم احتضن منار وسألها عن حالها ، ثم اقتربت منار مني وسلمت علي وكأنها مرغمة على هذا وقالت:
"الحمدلله على سلامتك يا مايا"
ابتسمت وقلت:
"شكرا لك"
سحبت يدها من يدي بسرعة وجلست بجانب أمها ، جلست أنا بين خالي ولؤي وصار خالي يسألني عن ما حدث معي وكيف غبت...والسؤال القديم : لماذا ذهبتي؟!
وكنت أجيب اجابات مختصرة جدا ... نظرت الى أسيل فرأيت ملامحها تروي ألم ظهرها ... وقفت واقتربت منها ثم همست في اذنها:
"تعالي لتنامي في سريري"
نظرت لي بحيرة وهمست:
"وأترك الموجودين؟!"
"لا مشكلة...انتِ متعبه"
هزت رأسها ووقفت معي...فتحت غرفة منار فرأيت كتبها منثورة فوق سريرها وبعض حاجيتها احتلت جزء كبير من سريري ... انزلتها على الأرض فتمددت أسيل عليه وقالت:
"ربع ساعة فقط ثم تعالي وأيقظيني"
"حسنا"
اغمضت عينيها براحة وكأنها لم تنم منذ شهور ، خرجت من الغرفة واغلقت الباب خلفي فجاء صوت سعاد تقول:
"أين أسيل؟!"
استدرت اليها وقلت بنبرة كلها احترام _مصطنع_:
"انها متعبة جدا فنامت"
هزت رأسها وقالت:
"جيد، اذا تريدين أن ترتاحي أنتِ أيضا فلا يوجد مشكله!"
قلت نافية:
"لا يا خالة ، اشتقت لكم وأريد الجلوس معكم"
وفي نفسي اقول: لو أغيب 10 سنين عنك لن أشتاق!...قالت:
"إذن اذهبي يا عزيزتي واجلسي ريثما أحضر القهوه"
قلت بسرعة:
"لا ... سأساعدك فيها"
ابتسمت باستغراب ولم تمانع ... وضعت انا الدلة على النار وانتظرت حتى تغلي وسعاد تراقبني ... ظل الصمت حليفنا حتى قالت هي:
"يعني عندما فقدتي وعيك هنا كان بسبب المرض؟"
قلت بهدوء:
"أجل ربما"
ضمتنا مجددا .... نظرت اليها فرأيتها غارقة بالتفكير!....قلت بتنهيدة:
"أنا آسفة لأنني كنت أرفع صوتي عليك احيانا!"
نظرت لي ولم ترد....اقتربت منها أكثر وقلت :
"بالنسبة لي...انا مستعدة لنسيان كل شيء، أريد أن أبقى بجانب لؤي يا خاله!...لا أريده ان يبتعد عني!...سأموت لو حدث هذا!"
امسكت يدي وقالت بنبرة لم افسرها :
"ولؤي يعشقك بجنون يا ابنتي...وانا لا أريد أن أكون سبب شقاء ابني!"
ثم تركت يدي وذهبت الى الموقد كي تطفئ النار ... كلماتها تلك!...وكأنها تخبرني بأنها لا تريدني زوجة للؤي...لكنها أيضا لا تريد أن تكسر قلبه لهذا ستتركنا وشأننا!
لا يهمني ان كانت تريدني او لا...ما يهمني هو أن يبقى لؤي بجانبي فقط!

***

لاحظت أن أمي ومايا يتعاملان مع بعضهما وكأن شيء لم يكن!...رغم نظراتهما التي تروي البغض الدفين لكليهما على الأخرى ... لكن على الأقل هما لا يظهران هذا البغض!
أما منار فهي تتجنب الاحتكاك بمايا تماما ، لا تنظران لبعضهما ولا تتكلمان الا ببعض الجمل الرمزية!
وهذا الأمر أراحني انا وابي...لاننا كنا نتوقع حدوث الحرب العالمية الثالثه بينهن!
ذهبت مايا مع جدي وحسن وأسيل الى بيت جدي لقضاء الاسبوع هناك ، واليوم_يوم الخميس_ دعت مايا صديقاتها اليها ، وغدا سيعود حسن وأسيل الى منزلهما ولكن جدي سيبقى ....
خرجت مع مثنى وعمر وجلال الى أحد المطاعم لنتكلم ، ابتعد النادل عنا بعد أن أخذ طلباتنا فقال مثنى:
"تذكرررت!!....قبل 5 سنوات او 6 ، جئنا الى هنا وتكلمنا عن ثروة أسيل ومايا هل تذكرون؟!"
صمتنا جميعا ونحن نحاول التذكر...فهتف عمر:
"أجـــــــــل!!!...وقتها كنا نريد خطبة مايا فتحجج لؤي انها صغيره!"
ضحك ضحكة خبيثة وأكمل:
"لم يعترف أنه يحبها!...والآن ذاب الثلج وعرفنا انه هيمان بها!"
ضحكت وانا اعدل جلستي ثم قلت:
"طبعا طبعا!...ما كنت سأقول _مع انني لا أذكر الموقف_ لكنني متأكد انني لو قلت وقتها فلن اتخلص من ألسنتكم"
قال جلال بهدوء:
"على سيرة الحب..."
قال مثنى بسرعة:
"وقعت في الحب؟؟؟!!!"
نظر اليه جلال ببرود ثم أكمل:
"قررت أن أتزوج"
طارت عيوننا من الصدمة وتأهبنا وقلنا بصوت واحد:
"مـــــن؟!"
رد:
"لا أعرف من....سأطلب من أمي أن تبحث لي عن عروس"
ارتخت اطرافنا بخيبة أمل ثم قال مثنى:
"على فكرة ، أنا أيضا يجب أن أبحث عن عروس تحبني واحبها ... الأخ جهاد لم يعد يتعرف علي بعد هذه الخطوبه!"
ضحكنا ثم قال عمر:
"أنا لا أريد أن أتزوج...أريد أن أهتم بعملي الآن ، وبما أنني سأنال ترقية الاسبوع القادم...فأريد استغلا الأمر وسأبني لنفسي عمل كبير...وبعد هذا قد أفكر بالزواج"
قلت بهدوء:
"بمناسبة العمل....أظن أن علي التكلم مع حسن ليتواسط لي وأعود لرأس عملي"
قال جلال بحده:
"يجب أن لا يقبلوا رجوعك للعمل ، فأنت أهملت عملك كثيرا"
قلت بابتسامة:
"لو أن شخصا ما لم يشتري التذكرة لخطيبتي...ربما كنت استطعت حل مشكلتي معها وانتهى الأمر"
ابعد نظره عني ولم يهتم .. تذكرت شيء ما فقلت:
"شباب!!..ما رأيكم أن أتصل برائد وريان أولاد عمتي ليأتوا ويتعرفوا عليكم"
قال مثنى بسعادة:
"ريان!..نسيبنا، بصراحة هو خير نسيب!...جمال وأدب ويأخذ عمله على محمل الجد"
قلت باستغراب:
"أجل...بصراحة هو شاب لا يعوض ، ورائد أيضا مثله"
قال عمر بمرح:
"هيا هيا اتصل...أمنيتي أن أخرج (رائد) هذا من بروده، أغضبه أو أضحكه...أي شيء المهم أن يغير نظرته الباردة"
لم أهتم لكلامه ثم اتصلت برائد وريان فوافقا على المجيء ...


***



جلست بجانب شيماء ثم وضعت يدي على بطنها المنتفخة وقلت بفرح:
"ياااه شيماااء!...كيف شعور الحمل؟!"
قالت بخجل:
"اسألي أختك فهي حامل أيضا، اتركيني وشأني...من الأمس وأنتِ تسألين اسئلة غريبه"
ضحكت ونظرت الى أسيل ثم قلت:
"أختي ترفض الكلام معي في أي أمر!"
وكزتني تبارك بيدها ثم قالت:
"جميعنا هنا مرتبطات الا نسرين وبراء!...ألا تنويان؟!"
احمرت وجنتي براء وقالت بصوت منخفض:
"دراستي أهم"
قالت نسرين بتأييد:
"أجل، دراستنا أهم من رجل يأتي ويكبت أنفاسنا"
دخلت خالتي وهي تحمل العصير فقالت:
"اتركوا ابنتي الطبيبة وشأنها....معها حق...الزواج مثل السجن، دراستها أهم!"
ضربت شيماء على كتفها وقلت:
"الزواج كالسجن يا شيماء أم لكِ رأي آخر هااه؟!"
وأكملت جملتي بغمزة خبيثة .... نظرت لي وعينيها تشتعلان غضبا وخجلا ثم قالت:
"مايا!...ها هو زوجي يجلس مع جدك وحسن في الغرفة المجاوره ، سأخبره أن نعود الى المنزل ان لم تكفي عن هذه التصرفات!"
قالت خالتي بحدة:
"مايا!!...اعرفي حدودك!...وهيا ناولي العصير لصديقاتك"
وهنا وقفت أسيل وقالت:
"سأذهب لتفقد آدم، لقد نام لمدة نصف ساعة كامله على عكس العاده!"
ضحكنا عليها ثم ناولت العصير لصديقاتي فسألت براء بفضول:
"هل ستأتي عمتك وابنتها اليوم؟!...أود التعرف عليهما بصراحة"
قلت:
"لا يا عزيزتي ، عمتي وأبنائها كلهم سيزوروننا غدا ان شاء الله"
هزت رأسها بهدوء ورشفت القليل من العصير ...
***
مر الوقت وبسرعة وحان موعد رحيل صديقاتي ... ذهبت شيماء مع زوجها وتبارك عادت مع أخيها ، أما براء فتأخرت وهي تتنتظر والدها .... جلست معها في الحديقة ونسرين معنا ، كانتا تتكلمان عن الدراسة وانا شاردة الذهن في مرضي وأنا أعد الأيام لشفائي .. لكن نسرين أيقظتني من شرودي عندما سألت:
"وأنتِ يا مايا؟!...هل ستكملين دراستك؟"
تنهدت وقلت:
"أنا ؟!...اسمعي ، بيني وبين الدراسة ثأر قديم!...لهذا لا لن أكمل!"
ضحكت براء وعلى صوت ضحكتها دخل ريان وظل يشمي مباشرة حتى دخل المنزل .... ودخل خلفه رائد الذي التفت الى صوت ضحكها ... ظل واقفا في مكانه وينظر اليها بشرود!...صمتت براء باحراج فنظرت انا الى نسرين وكأننا نقول: نتمنى أن لا يفتح محاضرة عن الصوت العالي الآن!
لكنه سرعان ما تنحنح بخجل ولحق أخيه الى الداخل .... قالت براء باحراج شديد ووجها تحول للون الأحمر:
"هل كان صوتي مرتفع!؟"
قالت نسرين لتهدئتها:
"لا لا ... ربما هناك خطأ في ملابسي لهذا كان ينظر لي!"
هزت براء رأسها بعدم تصديق ثم وقفت عندما رن هاتفها وقالت:
"أبي...يبدو أنه وصل"
احتضنتها بحب ثم ودعت نسرين وخرجت .... دخلنا أنا ونسرين ونحن نتهامس عن موقف رائد ... وللمفاجئة أنه ظهر أمامنا فجأة وقال بهدوء:
"من هذه الفتاة؟!"
قلت أنا بتلعثم:
"انها....انها صديقتي براء"
قال بابتسامة شارده:
"براء!!"
بقي شارد الذهن في المجهول لبعض الوقت ثم انتبه لوجودنا أنا و نسرين فقال بسرعة:
"احم!...ســ أذهب الى لؤي انا وريان ، هل تريدان شيء؟"
نظرت الى نسرين وابتسمت ففهمتني وقالت:
"لا...لا نريد شيء ، لكن لعلمك...ان الفتاة محترمة وبنت عائلة معتبره"
قطب جبينه وقال بحده:
"وما علاقتي أنا بها بتقولي لي؟!...ابتعدي عن طريقي"
ابتعدنا عن طريقه فخرج وضحكنا انا وهي ، خرج ريان من غرفة الجلوس وعندما رآنا قال بصوته الهادئ الحنون:
"مرحبا مايا؟..كيف حالك؟"
تنحنحت وقلت:
"أهلا أخي ، بخير الحمدلله....بالمناسبة، مبارك خطوبتك...لم يأتي وقت مناسب لتهنئتك اعذرني"
ابتسم وقال:
"لا مشكلة....شكرا لك"
ثم خرج خلف رائد .... سألتني نسرين:
"هل اتصلتي بضياء وباركتي لها؟!"
أجبت:
"أجل اتصلت"
هزت رأسها برضا وذهبنا الى غرفتي لنكمل كلامنا على راحتنا...

***


مرت سنة تقريبا حتى شفيت مايا والحمدلله!
بعد انتهاء العلاج بالكيماوي بدأت مرحلة أخرى من العلاج ... والحمدلله، الله قادر على كل شيء!...
لكن تهب الرياح بما لا تشتهي السفن!...
ربما هذا مكتوب ومقدر لنا ...أنا ومايا اتفقنا على شيء ما اليوم...
كانت تجلس على الأرجوحة وتهز نفسها بشرود ... جلست بجانبها وقلت:
"سأشتاق لكِ يا مايا!"
قالت بصوت مخنوق:
"أشتاق اليك من الآن!...لكن صدقني يا لؤي!..هذا أفضل لي ولك، علاقتي مع والدتك في تدهور...وواضح أن آخر الأمر سيكون الطلاق!...دعنا ننفصل قبل الزواج أفضل لنا!"
تنهدت بقلة حيلة ثم قبلت رأسها واحتضنتها بشدة وقلت:
"أتمنى لك حياة أفضل مع غيري"
فاضت دموعها لتبلل صدري وقالت:
"وأنت أيضا"
تنهدت بحزن وأنا امسح على رأسها الذي بدأ الشعر ينمو فيه ثم ابتعدت عنها وقلت:
"اذهبي وبدلي ملابسك لنذهب مع ابي للمحكمه"
هزت رأسها ومسحت دموعها ثم دخلت الى المنزل....
أجل....ستنتهي قصتنا هكذا!...
مقدر لنا أن لا نكون مع بعضنا...فكما قالت مايا...بما أن والدتي تكرهها ، فالنهاية ستكون الطلاق!





أبعد لؤي الكتاب عن وجهه وضحك ضحكة طويلة وهو يقول:
"حسبي الله ونعم الوكيل!!....لماذا جعلتي نهاية قصتنا هنا هي الطلاق؟!!"
ربطت مايا شعر ابنتها اسماء وقالت بابتسامة:
"لا أدري، ربما كان مزاجي سيء فقررت انهائها نهاية حزينه"
جلس بجانبها وقال:
"تخيلي لو أننا انفصلنا!...لن أكون على قيد الحياة اليوم أبدا!"
نظرت له وقالت:
"بل ستكون تزوجت غيري وانتهى الأمر!"
وقفت أسماء الصغيرة وقالت باسلوبها المزعج:
"ما هذا الكتااب يا أبي؟!"
قال وهو يغلق الكتاب:
"هذا الكتاب يا ابنتي عاش سنييين طويييلة ، كان اسمه مثل اسمي ... لكن والدتك الكاتبة قررت تعديله هذه السنة ونقل ما في داخله على هيئة رواية حزينة واسمته (ذكريات زجاجيه)"
قالت أسماء دون اهتمام وهي تخرج من الغرفة:
"معكما 5 دقائق والا سأذهب وحدي الى بيت جدي .... أريد رؤية أمير بسرعه"
واغلقت الباب خلفها بقوة ... مدت مايا يدها الى لؤي وقالت:
"ساعدني للوقوف"
امسك يدها ورفعها بهدوء ثم سأل بابتسامة:
"هل يتعبك هذا الشقي؟!"
قالت وهي تلهث من التعب:
"آآه ، حسام هذا ثقيل جدا!...أثقل من أخته"
طبع لؤي قبلة على رأسها وقال:
"أسبوع أو اثنين ثم تتخلصين من حمله الثقيل هذا!"
ضحكت ثم قالت وهي تتوجه الى الخزانة:
"جهز نفسك بسرعة قبل أن تخرج اسماء وحدها ... صدقني هذه المجنونة تفعلها!"
ضحك لؤي ودخل الى دورة المياه .... ومايا ربطت شعرها وارتدت شالها بسرعة ثم لبست عبائتها الواسعة وقالت:
"لؤي استعجل "
ثم حملت حقيبتها الصغيرة وخرجت لترى أين ذهبت اسماء المشاكسه ...
10 سنين انقضت ....
بعد موت الجد ابو نبيل ، نقل حسن الشركة الى الوطن بسرعة .... وصار هو ولؤي يديرانها ... منار تزوجت وأنجبت أمير وفداء وعلي
ومايا الآن حامل بحسام ومعها صغيرتها أسماء ...
وأسيل أنجبت عمرو ليكون أخ لآدم على اختهما الصغيرة فتون ....
جلست مايا على الكنبة وأعطت هاتفها لأسماء وفتحت رواية (ذكريات زجاجية) وبدأت تقرأ بابتسامة فخورة ....
منذ أن أحضر لؤي الكتاب الى المستشفى في ذلك الوقت ... بدأت تكتب باختصار كل ما يحدث معها ... كلقطات يرويها لؤي او ترويها هي ... وقررت بعد مرور كل هذه السنين أن تكتب قصتها مع لؤي وتنشرها ... وفعلا نالت على نجاح كبير ...
أرادت أن تنهي الرواية نهاية حزينة كي تتذكر نعمة الله عليها بأنه شفاها من السرطان وجعل لؤي زوجا لها ...
خرج لؤي من الغرفة وهو يقول:
"هيا يا آنسه اسماء...تفصلي لنذهب الى أمير"
قامت بسرعة بعد أن تكرت الهاتف يسقط على الأرض وركضت الى لؤي ليحملها ... وقفت مايا بصعوبة وخرجت معهما ....
***
وصلوا الى منزل الجد ابو لؤي وركضت اسماء تلعب مع أولاد خالتها وأولاد عمتها بسرعة ... سلم لؤي ومايا على الموجودين ثم جلست الاخيره بين أسيل ومنار وقالت:
"يا ربي ، متى ألد وانتهي من هذا الموال"
قالت سعاد وهي تقدم لها الماء:
"اصبري ... كله يهون من أجل حسام الصغير"
ابتسمت مايا وقالت:
"لماذا اتعبتي نفسك يا خاله"
ثم تناولت الكأس منها وشربت...قالت منار :
"يجب أن نتصل بنسرين لتأتي هي وزوجها فتكتمل جمعتنا"
قالت أسيل:
"نسرين ستكون الآن في عملها ... لن تأتي"
قالت مايا بسرعة:
"لماذا لا نتصل برائد وريان؟!...بصراحة اشتقت لبراء ورائد لا يحب ان تزورني كثيرا...اما ان اذهب اليها او لا"
تنهدت سعاد بقلة صبر وقالت بانفعال:
"غيرته الزائدة عليها ستجله يخسرها في النهاية"
ضحكت أسيل وقالت:
"دعيه يغار عليها...انها تستحق"
وفجأة سمعوا صوت بكاء وصراخ آتٍ من الباب ... استطاعت مايا تمييز صوت اسماء فوقفت بسرعة وركضت الى الباب ... فرأت ابنتها منقضة على ابنة أسيل وتحاول أخذ اللعبة منها...ذهبت اليها وضربت يدها وهي تصرخ:
"اسماء!...منذ متى نأخذ العاب الغير؟!...اتركيها"
تركتها اسماء فقالت أسيل من خلف مايا:
"قليلة أدب!"
قالت أسماء بوقاحة:
"اصمتي!"
ضربتها مايا على يدها مرة أخرى وقالت:
"احترمي خالتك!"
انفجرت اسماء بالبكاء فجاء لؤي وقال:
"ماذا هناك؟!..لماذا هي تبكي؟!"
قالت مايا وهي تتنفس بصعوبة :
"ابنتك قليلة أدب...خذها معك قبل ان ترتكب جريمة قتل بأحد الأطفال"
ضحك لؤي وحمل اسماء عن الارض ثم اخذها معه الى مجلس الرجال ... قال امير بانفعال:
"لماذا تصرخين على اسماء؟!"
رفعت مايا حاجبها وقالت بسخرية:
"وانت ستعلمني كيف أربي انتي؟!"
تجاهلته وعادت للداخل مع أسيل ...
***
في جهة أخرى ...
كان عمر يوقع الأوراق لبناء شركته التي لطالما حلم بها...وفعلا لم يتزوج حتى يحقق حلمه ليصبح رجل أعمال ضخم...
أما ريان وضياء فهما يعيشان بهدوء وكلاهما فيهما نفس طباع البرود وحب الهدوء لهذا يفضلان البعد عن الناس مع أولادهم
ورائد يغار على براء كثيرا وبالكاد هي تطيقه لكنها تتحمله من أجل ابنائها وتحاول تغييره قليلا
شيماء لا تختلف حياتها عن مايا ....
ساره تزوجت هي ونجوى من توأم ... وها هما يكملان حياتهما بشجار في الصباح وشجار في المساء
أما جلال فهو قرر ان يسكن مع امه وابيه في نفس المنزل ليبرهما مع زوجته التي يمكن ان نقول عنها مثاليه...
يمكننا القول باختصار...أن الجميع في النهاية عاشوا حياتهم.... لم تبتعد عنهم المصاعب والابتلاءات لكن في النهاية .... هم يعيشون !
قد تختلف احلامهم وتختلف تواجهتم...ومع ذلك فجميعنا نسير في طريق واحدة آخرها الموت!






_النهاية_




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-17, 05:44 AM   #57

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


انتهت روايتي الثانيه ....
بدعمكم الي .... بعد فضل الله

انا سعيدة جدا جدا بالصداقات الي جمعتها هون

الله أعلم اذا ممكن أنزل روايتي الثالثه أو لا !
لكن بيكفيني اني تعرفت عليكم!

شكرا لكل حدا حكالي كلمة حلوه كانت دافع الي

ان شاء الله تكون روايتي نالت اعجابكم
ان اخطأت فهو من الشيطان!

واعذروني على الاخطاء الاملائيه هههه







بتوجه بالشكر الخاص لصديقتي واختي sweetsheoo
تحملتني كثير!
وكانت هي اكثر شخص وقف بجنبي

جد شكرا الك



وكل الحب الكم متابعاتي...لانه ابداعي ما بيكمل بدون دعمكم







لا تنسوا تقييم الروايه حبيباتي ^_^


وبتمنى اني اشوف اقبال عليها من القارئات


ألقاكم على خير











أنْآ إمبْرَآطُورِة ذَآتِي






لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-02-17, 11:53 PM   #58

اميرة زمان

? العضوٌ??? » 390340
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 6
?  نُقآطِيْ » اميرة زمان is on a distinguished road
افتراضي

شكررررا من كل قلبي لامارا على النقل ^^

وشكرا لكل الي شجعوني هون وهناك


اميرة زمان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-06-17, 07:40 PM   #59

moonybash
 
الصورة الرمزية moonybash

? العضوٌ??? » 302990
?  التسِجيلٌ » Aug 2013
? مشَارَ?اتْي » 61
?  نُقآطِيْ » moonybash is on a distinguished road
افتراضي

قصةجميلة مليئة بالمشاعر والاحاسيس الحزينة تأثرت
كثيرا وانا اقرأها والحمدلله انتهت نهاية سعيدة
شكرا لامارا عالنقل وشكرا للكاتبة


moonybash غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-08-17, 09:46 PM   #60

kawaii haruka

? العضوٌ??? » 359300
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 358
?  نُقآطِيْ » kawaii haruka is on a distinguished road
افتراضي

عفوا الان من صاحبة الرواية؟ لان الرواية بتنسرق بموقع وتباد من أكثر من طرف وهذا قهر وظلم للكتابة الذي تعبت بالكتابة و التفكير

kawaii haruka غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:25 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.