آخر 10 مشاركات
[تحميل] مكيدة زواج ، للكاتبة / سلمى محمد "مصرية " ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          مـــا أصعب الإبتعاد عنها *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : عيون الرشا - )           »          مرت من هنا (2) * مميزة *,*مكتملة*..سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          حرمتني النوم يا جمان/بقلمي * متميزه و مكتملة * (الكاتـب : esra-soso - )           »          أحزان نجمة ( تريش جنسن ) 446 ـ عدد جديد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          الوصية ـ ربيكا ونترز ـ 452 ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          533 - مطلوب زوجة وام - بربارة ماكماهون - قلوب عبير دار النحاس ( كتابة - كاملة ) (الكاتـب : samahss - )           »          الأقصر بلدنا ( متجدّد ) (الكاتـب : العبادي - )           »          يا أسمراً تاه القلب في هواه (21) سلسلة لا تعشقي أسمراً للمبدعة:Aurora *كاملة&مميزة* (الكاتـب : Aurora - )           »          ظلام الذئب (3) للكاتبة : Bonnie Vanak .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات عبير العام > روايات عبير المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-10-16, 01:56 PM   #1

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي 511- موعد مع الحب - جسيكا ستيل -دار النحاس (كتابة/كاملة)**






من روايات قلوب عبير دار النحاس
الرواية كتابة الجميلة Rihana
511- موعد مع الحب - جسيكا ستيل
الملخص
لقد كان انجاز ذلك الأمر بالنسبة لكارا كينغسدال سهل جدا . فقد كانت صحفية محترفة وقد خدمها الحظ فى ان تحصل على موعد لأجراء مقابلة مع
الكاتب المشهور و الصعب فندلين غاجدوسك . و لكن كارا لم تستطع الذهاب و طلبت من شقيقتها ان تذهب بدلا منها الى تشيكوسلفكيا منتحلة شخصيتها .
كانت فابيا تعرف انة ليس من السهل خداع رجل مثل فين . ولكن وقوعها فى حبة زاد الأمر تعقيدا







محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 09-03-17 الساعة 01:23 PM
Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 17-10-16, 02:34 PM   #2

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الاول

تحركت فابيا مستيقظة في غرفتها في الفندق صباح الاثنين وعندما عاودتها الذكريات، عادت وغمضت عينيها الخضراوين الجميلتين فجأة وهي تتمنى لو انها

مازالت في انكلترا.

بعد حوالي ثانية هزت رأسها بعنف تنفي بذلك ، هذه الخواطر من ذهنها لتعود فتفتح عينيها محاولة التفكير في النواحي المشرقة ولكن الشيء الوحيد

المزعج ، كما ادركت حين اوشكت الكآبة ان تعود اليها ، هو انه ، عدا أنه عن وجودها في مدينة الحمامات المعدنية الساحرة ماريانسكية لازنيه، وهي

المدينة التي كانت دوماً تتمنى زيارتها عدا عن ذلك ، لم يكن ثمة ناحية مضيئة في وجودها هنا.

فكرت في أنها لابد كانت معتوهة تماماً حين سمحت لشقيقتها كارا بأن تقنعها بالقيام بهذه الرحلة وحدها، ذلك ان كارا كانت اجرى بأن تنجح في هذه

المهمة لولا الظروف التي طرأت في آخر لحظة.

صحيح ان كارا كانت أكثر حنكة منها في الشؤون العملية ، ولكن هذا متوقع ، إذ كانت في الثامنة والعشرين من عمرها أي انها تكبرها بست سنوات وربما

ماكانت كارا قادرة على البقاء في حفل الصحافة لو لم تكن شديدة الحذق تعرف كيف تشق طريقها الى ماتريد ، وسواء كان هذا صحيحاً أم لا، فإن فابيا

كانت تسارع الى الدفاع عن أختها ولو بينها وبين نفسها.

------------------------------------

وكان لكارا نصير قوي هو بارنابي ستيورات ، كان رجلاً متفوقاً لامعاً في وظيفته العلمية، ولكنه من ناحية اخرى كان شارد الذهن نوعاًما، ومهملاً بوجه

عام،وكانت هناك اوقات، كما تعرف فابيا جيداً .

كان بارني يدفع اختها ذات الكفاءة والعقل المنظم الى الحيرة والذهول ، ولكن مع هذا فقد وقعت شقيقتها في غرامه ثم تزوجها منذ عام واحد.

مدت فابيا يدها الى الطاولة بجانب السرير تتناول ساعة يدها ، كان الوقت مازال مبكراً ، ولم تكن مستعلجة لتبدأ يومها الذي قد ينتهي بنفس الخيبة الذي

انتهى به نهار امس وامس الأول واليوم الذي قبله ، وجلست متكئة الى حاجز السرير.

اخذت تفكر متأملة في ان الامور لم تسر كما كان مقرراً لها، وتمنت لو كانت كارا حاضرة ، كان يجب عليها ان تكون موجودة، إذ في الحقيقة ان كارا

وليست هي، المفروض انها ستقوم بهذه الرحلة الى تشيكوسلوفاكيا.

ودون شعور عادت فابيا بخيالها الى منزلها في غلوسترشاير حيث تعيش مع والديها في قرية هوك لايسي.

كان والدها يملكان مأوى يضم تسهيلات لإيواء الكلاب التي يذهب اصحابها لقضاء إجازتهم، وكانت فابيا مولعة بالكلاب والهررة ايضاً، لهذا السبب هناك

اقتراح بأن تتعلم البيطرة.

كانت تتابع دراستها في الجامعة عندما صعدت الى غرفتها ذات ليلة ليتبعها والدها بعد لحظة، بعد ان راودته نفس شكوكها التي روادتها مؤخراً حول هذه

الأمر، وهو يقول :

- انني اعلم ان امر العناية بالحيوانات هذا يحتاج الى شخص يتولاه،ولكنني غير متأكد من أن عملاً مرهقاً مثل هذا يناسبك ياحبيبتي.

قالت عندها :

-ولكن إذا انا لم ادرس الطب البيطري ، هل يجعلك هذا تشعر انني قصرت في حقك؟

اجابها:

- لا تكوني حمقاء ، فإن هذا الأمر يعود اليك .

عندما انهت دراستها الجامعية وجدت انسب عمل لها هو أن تقدم المساعدة في إطعام تلك الكلاب والعناية بها وإفراغ المزيد من الحب والرعاية لبقية

الحيوانات تلك.

كانت شقيقتها مولعة بالحيوانات هي ايضاً،ولكنها لم تجد الوقت الذي تقضيه معهم،ابداً، إذ أنها تركت منزل اسرتها مباشرة بعدما تعدت سن الثامنة عشرة

وبعد ان تزوجت بارني كماكانت تدعوه في لندن وكانت تأتي لزيارة أسرتها كلما سنحت لها الفرصة لزوجها.

ذات يوم ،وكان هذا منذ شهرين ،كانت كارا في المنطقة التي يعيش فيها اهلها ، في مهمة صحفية ، مرت لرؤيتهم ورواد فابيا شعور ما أن ثمة شيئاً غير عادي

تريد كارا تخبرهم به ولم تكن فابيا وحدها في هذا الشعور إذ أن والدهما وهو رجل قوي الملاحظة قال:

-هل ستخبرينا عن الأمر ،أم أنه سر؟.

قالت كارا :

-احزروا ماهو.

قالت الأم التي كانت متشوقة ال ان تصبح جدة :

- ربما انت حامل.

--------------------------------

هتفت كارا ساخطة:

-أمي هل تريدينني ان اضيف عبئاً آخر الى العبء الحالي الذي يثقل كاهلي المرهق هذا ، وكذلك العناية ببارني؟.

كانت كارا لا تريد ان تترك عملها لتؤسس أسرة ، وهذا الموضوع كان يؤلم امها على الدوام ،ولكن لأنهم لم يروا كارا منذ عيد الميلاد الماضي ، وقد لا يرونها

بعد الآن لعدة اسابيع اخرى،لم تحاول الأم مناقشتها في الأمر ، بل قالت بلطف:

-ولكنك طلبت منا ان نحزر...

تألقت عينا كارا وهي تقول:

- إحزروا ماهي المقابلة التي ستعتبر مقابلة السنة في المجلة؟.

كانت كارا قد استقرت اخيراً في العمل في مجلة ( الحقيقة).

قالت فابيا وهي تظن ان كارا تعني المقابلة التي قامت بها مؤخراً في المنطقة :

- إنها تلك المقابلة التي جئت تحدثيننا عنها.

قالت كارا :

- أوه ،كلا ، فهذه المقابلة تافهة بالنسبة الى التي سأحدثكم عنها.

سألها والدها :

- أتعنين انك لم تقومي بالمقابلة بعد؟.

أومأت كارا برأسها وهي تخبرهم بفخر،مشيرة الى انها عرفت هذا الصباح قبل التوجه الى تشالتنهام ،وبينما كانت تتفقد بريدها الخاص في المكتب، انها

حصلت على مقابلة صحفية مع مندلين غاجدوسك.

سألتها فابيا :

- أتعنين الكاتب التشيكوسلوفاكي.

مع انها لم تقرأ أي كتاب له ، فقد كانت تعلم جيداً أي مركز مرموق يتمتع به ذلك الكاتب في عالم الأدب.

أجابت كارا باختصار :

- هو نفسه.

وعادت تقول:

- انني لا اكاد اصدق ذلك،وانني مازلت أقرص نفسي للتأكد من أنني لا أحلم.

قال والدها :

- ولكنني أظن أنه يرفض إجراء أية مقابلات صحفية.

أجابت كارا :

- هذا صحيح، ولهذا امضيت اسابيع طويلة في إقناع سكرتيرته حتى امكنني النجاح في ذلك ، مازلت غير مصدقة حتى الآن ، رغم تسلمي رسالة منه تؤكد

ذلك.

بعد أن مضت بضع دقائق هنأوا فيها كارا لما اعتبروه انجازاً كبيراً ، سألتها والدتها :

- هل عليك ان تذهبي الى الفندق الذي ينزل فيه لإجراء هذه المقابلة ؟.

قالت كارا مستغربة:

-الفندق؟.

ولكنها مالبثت أن استطردت بعد أن ان ادركت ماتظنه والدتها :

- آه ، كلا ، عليّ أن أسافر اليه في بلده في تشيكوسلوفاكيا.

هتفت والدتها :

- تشيكوسلوفاكيا؟.

قالت كارا ضاحكة:

- إنها في شرق أوروبا ياأمي وليست في المريخ.

سألتها ولدتها :

- ألا يمانع زوجك في سفرك؟.

أجابت كارا:

- إن سرور بارني يعادل سروري ، لقد اتصلت به اخبره بالأمر حالما استلمت الرسالة،كلا يا أمي ، إنه لا يعارض في أي شيء يسعدني في عملي.

وابتسمت لتخفي ضيقها من رأي والدتها في وجوب التصاقها بمنزلها بعد الزواج اكثر من قبل ، واستطردت تقول:

- على كل حال فإن موعد تلك المقابلة لن يكون قبل السبوع الأول من نيسان- ابريل.

سألتها فابيا:

- ولكنني أظن أن زوجك سيسافر الى أميركا في آخرشهر آذار- مارس.

-------------------------

ابتسمت كارا قائلة :

- في الحقيقة كنت أتساءل كيف سأمضي أربعة اسابيع من دونه إذ انني قد اعتدت على وجوده معي ، ولكنني الآن قد صممت على أن ألحق به الى

الأولان ...

ونظرت الى شقيقتها متسائلة:

- لماذا لا تأتين معي الى تشيكوسلوفاكيا؟.

هتفت فابيا بلهفة:

-هل تعنين ذلك حقاً؟.

أجابت شقيقتها :

- طبعاً ستكونين مرافقة رائعة لي كما أنني واثقة من أنك ستسرين جداً بهذه الرحلة.

قال والدها مخاطباً كارا :

- لعلك تذكرين حين كان الأبناء المراهقون يزعجون آباءهم بموسيقى البوب، كانت فابيا تصدع روؤسنا بالموسيقى التشكية ليلاً ونهاراً.

ضحكت فابيا قائلة :

- هذه مبالغة.

ولكنها لم تنكر حبها للموسيقى التشيكية.

سألتها كارا:

- حسناً ماقولك؟

واستدارت فابيا الى والديها متسائلة وهي تقول:

- هل يمكنكما الاستغناء عني ؟.

أجابت الوالدة في الحال:

- إنك طبعاً تستحقين إجازة.

قال الوالد :

- يمكننا الاستغنار عنك مدة اسبوع .

ونظر الى كارا متسائلاً:

- أم أسبوعين؟.

قالت كارا:

- إن السيد غاجدوسك يعيش في قسم من تشيكوسلوفاكيا يدعى غرب بوهيميا، وكنت اعتزم السفر بالطائرة لأصل بسرعة لأبحث عن المنطقة التي يسكن

فيها وتدعى ماريانسكيه لازنيه، ثم اعود مباشرة الى انكلترا ، ولكن إذا جاءت فابيا معي ، ففي إمكاننا ان نسافر بالسيارة ،ثم نعبر البحر الى بلجيكا ونتوجه منها

الى المانيا ، وعندما انتهي من المقابلة يمكننا أن نقوم بإجازة ، نطوف في أثناءها في تلك الأنحاء وقد نذهب الى العاصمة براغ.

هتفت فابيا بحماس:

- أحقاً ؟.

وعلى هذا استقر الأمر.

اثناء الشهرين التاليين حزمت فابيا أمتعتها ،ثم حلتها ، ثم حزمتها من جديد ، واشترت قاموساً يعلم جملاً للمخاطبة باللغة التشيكوسلوفاكية، وعندما قال الوالد

ان سيارتها التي تلقتها هدية من والديها في عيد ميلادها الثامن عشر، هي اقوى بالنسبة لهذا السفر البعيد من سيارة شقيقتها كارا ، استقرالأمر على السفر

بسيارتها الفولز فاغن.

خلال هذه المدة كانت كارا وفابيا على اتصال هاتفي دائم ولكن بينما كانت الاثارة تجتاح نفس فابيا متصاعدة يوماً بعد يوم كلما اقترب موعد السفر،

وذلك لاقتراب زيارتها لبلاد الموسيقيين الذين تعشق الحانهم .

كانت الإثارة في نفس شقيقتها تتصاعد هي ايضاً ، وإنما لاقتراب موعد تلك المقابلة مع ذلك الكاتب الشهير فندلين غاجدوسك.

وبدا عليها وكأنها لا تصدق حظها الرائع ذاك في أنها هي الوحيدة التي اختار ان يجري معها المقابلة من بين كل اولئك الصحفيين وفي الحقيقة كانت هذه

هي قمة الشهرة في مهنتها.

عندما لم يبق على ابتداء الرحلة سوى أسبوع واحد، وبعدها انتهت من قراءة كتاب مترجم من تأليف فندلين غاجدوسك هذا ، شعرت فابيا نحو الكاتب

بنفس الرهبة التي تشعر بها شقيقتها نحوه ، مع أنها كانت تفضل النهايات الجميلة لما تقرأ ، فإنها لم تستطع ان تتمالك إعجابها بالنهاية العنيفة لتي أنهى بها

ذلك الكاتب الكبير كتابه القصصي ذاك.

-----------------------------------

لقد كان من حسن حظها ان تقابل الرجل الذي يكتب بهذا الشكل الرائع ، ولكنها فكرت متأملة ، وهي تغلق حقيبتها لآخر مرة في ذلك النهار الذي كان

صبيحة الثلاثاء، في أنها ،لولا شقيقتها كارا ماكان لها قط أن تحلم بمقابلة ذلك الكاتب الشهير.

أخذت مرة اخرى تفكر في مخطط رحلتهما تلك ، لقد سافر بارني زوج شقيقتها الى امريكا الخميس الماضي ، وهذا النهار ستذهب هي بسيارتها الى لندن

حيث تقيك شقيقتها ، وهناك كانت كارا قد خططت لكل شيء بمنتهى الدقة ، فهي ستشرع مع شقيقتها في الرحلة الى دوفر لتستقلا منها عابرة المانشن الى

أوستند صباح الاربعاء، ثم تجتازان عند وصولهما بلجيكا بالسيارة الى المانيا ومنها الى الحدود التشيكوسلوفاكية، وكما تقول كارا التي سبق وحجزت غرفة

في فندق في ماريانسكيه لازنيه سيكون وصولهما الى حيث تقصدان عند العصر.

ذهبت كارا قبل الساعة الحادية عشرة الى المجلة لتثبيت موعدها مع غاجدوسك صباح الجمعة، ثم وبعد ذلك تبدأ العطلة.

كانت هذه الرحلة تملأ ذهن فابيا عندما وقفت الى جانب سيارتها لتحي والديها تحية الوداع.

قالت الوالدة توصيها :

- والآن ، انتبهي إلى أن...

قاطعتها الابنة :

- لا تقلقي ياأماه إنك تعرفين كارا وكفاءتها ، ففي وجودها لا مجال للخطأ ابداً.

لكن بعد ساعات قليلة فقط أخذت فابيا تتمنى لو انها دقت على الخشب قبل ان تقول ذلك لأن ثمة شيئاً حدث لم يكن بالحسبان ، كان شيئاً فظيعاً ، وكان

ذلك قبل ان يتركا انكلترا !

ارتسمت على شفتيها ابتسامة سعيدة واثقة وهي تسوي شعرها الذهبي الطويل خلف اذنيها وقد وقفت امام باب شقة شقيقتها تنتظر ان تلبي رنين الجري.

لكن سرعان ماتلاشت ابتسامتها الحلوة تلك، عندما فتح الباب لتدرك هي من النظرة الأولى الى وجه كارا، أن شقيقتها العزيزة كانت تبكي ، واندفعت معها

الى داخل الشقة وهي تهتف :

- كارا حبيبتي ... ماذا حدث؟.

انفجرت كارا قائلة بتعاسة:

- لا يمكنني السفر يافابيا.

اهتزت فابيا وسألتها:

- لماذا؟ ماذا جرى ؟.

كانت تريد ان تعرف ماالذي يمكن ان تساعدها به مهما كان سبب ذلك .

اجابت كارا:

- إنه بارني، إنه مريض يافابيا.

كان من الواضح انها امضت وقتاً عصيباً ذرفت اثناءه كثيراً من الدموع.

تأوهت فابيا بألم وهي تقول :

- أوه، كلا...يا حبيبتي...

ووضعت ذراعها حولها وجلست معها على الأريكة وسألتها وهي تدعو من اعماقها ألا يكون الأمر خطيراً :

- ماالذي حدث له؟.

أجابت كارا:

- إنهم لا يعرفون ماذا يعاني بعد ، لقد تلقيت النبأ منذ حوالي ثلاثة ارباع الساعة ، إنه يشبه فاقد الوعي، ومستغرق في الهذيان ، يقولون إنه التقط فيروس

سبب له هذا والأطباء يجاهدون كالمجانين لكي يكشفوا حقيقة مرضه.

-----------------------------

قالت لها:

- وأنت بطبيعة الحال ستذهبين اليه.

اجابت:

- لقد اتصلت بالمطار وحجزت مقعداً في اول طائرة ، هل يمكنك ان تأخذيني الى المطار ؟ أشعر أنني عاجزة عن إمساك عجلة القيادة.

أجابت فابيا دون تردد:

- طبعاً سأخذك.

وكانت على وشك ان تقول انها ستذهب معها في نفس الطائرة ، عندما منعها من ذلك تغير ملامح كارا، وكانت تعرف شقيقتها جيداً ، لهذا لم تعجب حين

رأت كارا ، رغم مرض بارني الشديد ، تجاهد للتغلب على هذه الصدمة التي تلقتها منذ اقل من ساعة .

كذلك حين برزت كفاءة كارا وهي تقول:

- أظن ان في إمكانك أن تتابعي طريقك الى دوفر بعد ان ان توصليني الى المطار.

ثم تابعت كلامها قبل ان تعلن فابيا أنها لا يمكن ان تحلم بالسفر بدونها الى تشيكوسلوفاكيا :

- إن العبور لا يستغرق اكثر من اربع ساعات يمكنك اثناءها ان تأخذي اغفاءة قصيرة ترتاحين فيها قبل...

وسكتت كارا، وبدا عليها انها تجاهد بكل قدرتها لتبقى ذهنها بعيداً عن حالة زوجها الحبيب ، ثم عادت تتابع حديثها:

- ان من الحماقة البالغة ان اخسر هذه المقابلة لا تحدث إلا مرة في الحياة.

كانت فابيا قد نسيت هذه اللحظة ، كل شيء عن موعد يوم الجمعة بالنسبة الى كارا، ولكنها قالت لها بعطف صادق:

- كم أنا آسفة لأجلك.

كانت تعلم جيداً كم كان يعني هذا الموعد لأختها ، ولم تكن تملك نحوها سوى الحب الخالص وهي تراها امام الخيار الصعب الذي كان ،إما الالتحاق

بزوجها الحبيب، وإما الذهاب الى ذلك الموعد البالغ الاهمية بالنسبة لمهنتها ، ولم تردد كارا في اختيار السفر الى حيث حبها وواجبها يعوانها، ولكن عندما

طفحت عينا فابيا بالدموع خشيت أن تمنعها عواطفها من النظر في الكيفية التي يمكنها بها مساعدة شقيقتها ،وهكذا قالت لها ، وهي تحاول ما أمكنها الأمر ،

تمالك عواطفها :

- ربما يمكن لشخص آخر ان يقوم بهذه المقابلة لأجلك.

استدارت كارا اليها وعلى فمها ابتسامة شجاعة وهي تقول:

- يمكن ذلك، في الواقع .

وشجعت فابيا هذه الابتسامة لتبتسم بدورها ، ولكن ابتسامتها هذه لم تدم اكثر من لحظة قالت كارا بعدها :

- إنه أنت.

هتفت فابيا:

- أنا؟.

وسرعان ما ادركت أن شقيقتها لم تكن تمزح.

تابعت كارا وهي تتجاهل نظرات شقيقتها ، غير المصدقة لتقول:

-من الواضح انك أنسب من يقوم بهذا العمل لأجلي ، لقد فكرت في ذلك تماماً في ذلك الوقت الذي تلقيت فيه الخبر عن زوجي والذي كان أطول ثلاثة

ارباع ساعة مرت عليّ في حياتي ،وذلك بين تلقي الخبر وحضورك، وكانت النتيجة انه أنت فقط من يصلح لذلك ، وقد جهزت قائمة بالاسئلة التي يجب ان

تسأليها له و...

هتفت فابيا باحتجاج:

- كارا.

كانت تحاول منعها ، ما أمكنها من المتابعة :

- لا يمكنني القيام بذلك.

وعندما تحولت نظرة شقيقتها الى العداء ،تابعت تقول:

- يمكنك طبعاً أن تكتبي الى السيد غاجدوسك او الاتصال بها هاتفياً ، وقد استطيع انا القيام بذلك بالنيابة عنك.

---------------------------------

لم تكن تريد ان تسيء الى علاقتها بشقيقتها خصوصاً في وقت كهذا ، وتابعت:

- إن السيد غاجدوسك سيتفهم الأمر ، انني متأكدة من موافقته على تأجيل الموعد إذا...

قاطعتها كارا غاضبة :

- طبعاً لا، لقد عانيت الكثير في سبيل ان احظى بقبوله لرؤيتي، وأنا لا يمكن ان اوقول له بعد الموعد الوحيد الذي وافق عليه ، انه لا يمكنني الحضور ،

فأخسر كل شيء ، هذا الى جانب أن سكرتيرته ميلادا بانكر اكوفا اوضحت في رسالتها اليّ التي تحدد لي الموعد، أن هذا هو آخراتصال يريدونها بهذا

الموضوع، وأن مخدومها ليس عنده وقت او رغبة في تكرار الحديث عنه ، وأن عليّ فقط أن احضر في الموعد المحدد.

وسكتت وهي ترمق فابيا بنظرة قاسية دون ان تبتسم ، واستطردت:

- وفي مثل هذه الحالة ، فلن أكون أنا من يقابل ، بل أنت.

أخذت فابيا تقول بيأس :

- ولكن ياكار..

وتذكرت عناد كارا الغريب وإصرارها على الفكرة التي تطرأ على ذهنها ، وتابعت :

- ألا يمكنك ان تكلفي احداً من زملائك لينوب عنك؟ إنهم جميعاً اختصاصيون ...

قالت كارا:

- لابد ان عقلك ليس معك، لقد سبق واوضحت لك انني مرغت نفسي في التراب لكي احصل على هذا الموعد ، فإذا تصورت انني سأسمح بأن اخسر

هذه الفرصة التي سعيت اليها للارتقاء مهنياً ليأتي شخص آخر من المجلة ويضع اسمه تحت المقابلة هكذا بكل بساطة...

سألتها فابيا:

- ألا يقبلون ،بالنسبة لظروفك بأن يضعوا اسمك أنت...

نهرتها كارا قائلة:

- تباً لك!مازال امامك الكثير لكي تتعلمي.

لكن فجأة امتلأت عيناها بالدموع ليمتلئ قلب فابيا بالحنان ، وجاهدت لكبح دموعها بينما استطردت كارا بصوت كسير: ألا يمكنك ان تقومي بذلك

لأجلي؟ إنها ساعة واحدة من حياتك وهذا كل مايستغرقه الأمر.

بكت فابيا وهي تقول:

- أوه ياكارا.

حقاً ماذا تعني ساعة واحدة من حياتها تبذلها لأجل شقيقتهاالحبيبة؟ وشعرت بنفسها في غاية الدناءة إن هي رفضت ذلك.

عادت كارا تقول:

- إنني لا اطلب منك أن تكتبي المقابلة بنفسك ، إذ انني انا سأكتبها بعد أن تعطيني الأجوبة والملاحظات كل ماأريده منك هو أن تحضري لي معك

الملاحظات والاجوبة معاً ألا يمكنك أن تفعلي ذلك لأجلي ياحبيبتي؟.

كيف يمكن لفابيا ان ترفض ؟ وأجابت :

- طبعاً.

وفي طريقها الى المطارأخذت فابيا تستمع الى إرشادات شقيقتها وتعليماتها ،واعطتها هذه عنوان فندلين غاجدوسك وهي تلح عليها بأن تتذكر ما إذا كان

ثمة شيء آخر تريد أن تسألها عنه.

في المطار كان لا يزال ثمة وقت يمضيانه معاً، فسألتها فابيا عما إذا كانت تريد أن تتصل بوالديها لتخبرهما عن حالة بارني ، ولكن كارا قالت:

-لا أظن ذلك ، إذ لابد ان يكونا الآن في الفراش ، فإذا ساءت الامور مع بارني...

وتهدج صوتها وهي تستطرد:

- فإنني عند ذلك سأتصل بهما ولكن بالمناسبة اعملي معي معروفاً ولا تتصلي بهما أنت ايضاً ، إنك تعرفين مبلغ قلقهما الذي سيشعران به تجاهك مما

يجعلهما يحاولان ثنيك عن السفر الى تشيكوسلوفاكيا .

وجدت فابيا نفسها تقول بالرغم عنها:

- ولكنني اكره أن أكذب عليهما.

قالت كارا:

- ليس عليك أن تكذبي ، بما أنك ذاهبة في إجازة بالسيارة فلن يتوقعا منك اكثر من بطاقة بريدية احياناً منا نحن الاثنتين ، وبما انك قد ترسلين بطاقة فلا

بأس إن اضفت اسمي فيها الى اسمك، فهما لم يتوقعا بطاقة من كلمنا ،وبمناسبة ذكر البطاقات ، من الافضل أن تأخذي مني بعض بطاقات العمل التي

تخصني.

لم تعرف فابيا ماذا يسمى إضافة اسم كارا الى اسمها على البطاقة ، إذ لم يكن هذا كذباً ،واخرجت كارا من حقيبتها عدداً من بطاقات التي اعتادت شقيقتها

ان تذكر اسمها عليها قبل الزواج ( كارا كينغسدال- مجلة الحقيقة)

اقترحت كارا:

- إحتفظي بهذه البطاقات لتبرزيها للسيد غاجاوسك إن طلب منك اثبات شخصيتك.

ثم هتفت وقد تذكرت شيئاً، ثم اخرجت رسالة مفتوحة عليها طابع تشيكي وناولتها إياها ايضاً إذ انها تتضمن وقت وتاريخ المقابلة التي سبق وتلقتها من

السكرتيرة.

سألتها فابيا بكل براءة:

- ألن ينزعج السيد غاجدوسك عندما يعلم ان من ستجري له المقابلة ليست صحفية مؤهلة؟.

وسرعان ما أدركها الرعب فقط للغضب الذي ظهر على ملامح شقيقتها ، بل لما قالته شقيقتها لها وهي تنفجر فيها بصبر نافذ:

- آه ، هذا صحيح ، إياك أن تقولي له إنك لست صحفية مؤهلة بل عليك أن تتظاهري بأنك أنا كارا كينغسدال.

شهقت فابيا بذعر وهي تقول :

- ولكنني لا استطيع القيام بذلك.

قالت كارا بعنف:

- ولكنه لا يعرفنا من قبل، كما أنه لن يرانا بعد ذلك.

وخفضت من صوتها إذ شاهدت شخصين يلتفتان ناحيتهما وفجأة تغيرت لهجتها تماماً وهي تستطرد قائلة:

- هل يضايقك كثيراً أن تتظاهري لأجلي ، بأنك أنا لمدة ساعة واحدة؟ هل ستتخلين عني الآن؟.

سارت فابيا في طريقها نحو دوفر وهي تشعر بالتعاسة والكراهية لنفسها ، إذ انها بدلاً من ان تقدم لأختها الحزينة كل معونة تستطيعها اخذت على العكس تعقد

الأمور.

وحاولت ان تشعر بالبهجة حين صعدت بسيارتها الى العبارة وهي تتذكر كيف انهارت مستسلمة بسرعة عندما سألتها كارا:

- هل ستتخلين عني الآن؟.

لقد اطمأنت الآن الى أن كارا ستسافرمطمئنة الى أن شقيقتها وعدتها بأنها لن تتخلى عنها ابداً.

كان عبور فابيا البحر الى اوستند دون حدث يذكر، فقد كانت تأمل بأن الأمور ستكون على مايرام بالنسبة الى زوج شقيقتها ، كان عندها كراهية فطرية

للكذب والخداع ، ولكنها وافقت على أن تقوم بهما معاً ، فقد كان وضعها لاسم كارا بجانب اسمها على بطاقة ترسلها الى والديها ، هو كذب ، ثم أليس من

الخداع أن تذهب لإجراء مقابلة مع فندلين غاجدوسك في منزله مدعية بأنها كارا؟.

--------------------------------

اجتازت فابيا بسيارتها بلجيكا لتدخل الى المانيا متمنية من اعماقها لو تغمض عينيها ثم تفتحهما لتجد ان اليوم هو السبت ، وأن المقابلة يوم الجمعة ، مع

ذلك الرجل الكبير قد انتهت.

في طريقها الى المانيا خطر على بالها فجأة أنها نسيت أن تسأل شقيقتها عن الوقت الذي ينبغي عليها أن تعود فيه الى انكلترا.

لقد تضاءل بعض حماسها، الذي كان لقرب رؤيتها لتشيكوسلوفاكيا بسبب ماحدث، ولكنها استنتجت من اقتراح كارا بالنسبة لإرسالها بطاقات تحية الى والديها

أن شقيقتها تتوقع منها أن تمضي اسبوعي الإجازة كاملين كما سبق وقررتا، هل هذا ما أرادتها كارا أن تفعل؟ واعترفت فابيا بأن فكرة القيام بتلك المقابلة

دون إيفائها حقها من العناية ، ثم التوجه عائدة، كان لهذا اغراء كبير ،ومن ناحية اخرى كان ثمة شيء يشدها الى الوراء يمنعها بقوله تريثي.

ادركت عند ذاك أنها كانت متعبة مشوشة الذهن ، القت نظرة سريعة على ساعتها التي قدمت توقيتها ساعة لتناسب فرق الوقت ، وكانت قد تعدت السادسة ،

وجدت انها تقود سيارتها بشكل متواصل منذ التاسعة صباحاً باستثناء توقفها للتزود بالوقود ولتناول فنجاناً من القهوة.

وبعد ذلك بوقت قصير ، توقفت في مدينة بامبرغ البالغ عمرها ألف عام ، غداً ستتابع طريقها نحو الحدود التي تفصل بين المانيا وتشيكوسلوفاكيا متوجهة

نحو غايتها في ماريانسكيه لازنيه.

استيقظت فابيا في غرفتها في الفندق في بامبرغ وهي تفكر في أنه لو كانت كارا معها الآن حيث أن غايتها قد اصبحت قريبة ، لكان في إمكانهما أن يخرجا

معاً ليلقيا نظرة على ماحولهما ،ولكانت أحبت ان تلقي نظرة على ساحة الكاتدرائية في المدينة حيث كانت تقوم قلعة بامبرغيوما ، ولكن شقيقتها لم تكن

معها ، وبينماكانت تتضرع لكي يشفى بارني كانت تشعر بالتوتر وبحاجتها الى التنقل.

توقفت مرة واحدة لتتزود بالوقود ، ثم تابعت سيرها الى الحدود الالمانية ومنها ستة اميال لتتوقف بعد ذلك ، في تشيب على الحدود التشيكوسلوفاكية

حيث استبدلت بعض العملة الانكليزية بالتشيكية ، ثم تابعت سيرها وهي تتساءل عما إذا كان شعورها بالتوتر ذاك سيستمر معها الى وقت الغداء في الغد ، إذ

تكون عند ذاك قد اتمت المقابلة واخذت اجوبة كل اسئلة التي وضعتها كارا، وسيكون في استطاعتها ، من ثم ، ان تجلس لتتنفس بارتياح .

لكن الامور لسوء الحظ لم تسر بهذا الشكل ، لقد مر في البداية كل شي على مايرام ، فقد وصلت الى فندقها في ماريا نسكيه لازنيه بعد ظهر يوم الخميس

ومع استمرار شعورها بالتوتر تركت الفندق ،ثم سارت قليلاً في الشارع الرئيسي هلافني تريدا، وكنها لم تستطع التخلص من قلقها وشعورها بالذنب فعادت

الى فندقها وهي ترجو من كل قلبها أن لا تعود الظروف وتضطرها الى أن تمثل شقيقتها مرة اخرى.

---------------------------------------

لم تكن جائعة بشكل خاص، ولكنها نزلت الى غرفة الطعام في الفندق حوالي الثامنة ذلك المساء لتعود بعد ذلك الى غرفتها وتمضي ليلة غير مريحة.

في الصباح التالي نظرت من نافذة غرفتها في الفندق في منطقة غابة سلافكوسكي الى حيث التلال المشجرة تحيط بماريانسكيه لازنيه، وكنها لم تشعر بأية

متعة في أي منظر .

وبعد ان تناولت في غرفة الطعام شيئاً من القهوة واللبن توجهت نحو مكتب الاستعلامات لتسأل عن الاتجاه الى منزل السيد غاجدوسك.

عادت الى غرفتها ثم ارتدت اجمل ملابسها ، طقماً من الصوف بلون الحشائش ، وأحسنت تسريح شعرها الذهبي ثم تركت الفندق في اتجاه ضاحية

ماريانسكيه لازنيه.

كانت لا تزال متوترة لما تقوم به من خداع الى ذلك بعاطفتي الولاء والحب لشقيقتها ماجعلها لا تكاد تلحظ البنايات الكبيرة على جانبي الطريق نحو

الوادي حيث تنتهي المدينة ليبدأ طريق معبد خلال الغابات ، حيث كان طريق ضيق الى اليسار ، وكان هو الطريق الذي كان عليها أن تسلكه حسب

الارشادات.

وفي نهاية ذلك الطريق كان عليها أن تتوجه يميناً لتسير عدة مئات من الياردات لتنتهي الى بيت رائع الجمال مؤلف من اربعة طوابق وكان هذا هو المنزل

الذي يسكنه الرجل الذي جاءت خصيصاً لكي تجري معه المقابلة.

نظرت الى ساعتها بينما كان قلبها يخفق بعنف ، ذلك أنها لم تكن معتادة على وضع كهذا ، مما جعلها تشعر بالغثيان وأدركت أنها وصلت مبكرة عن الموعد

المقرر بربع ساعة.

على كل حال ، في محاولة منها للظهور بمظهر الهدوء والبرود وتمالك الجأش خرجت من سيارتها متباطئة ثم اتجهت نحو الباب الأمامي للمنزل.

تسمرت عند العتبة وقد تملكها ذعر جعلها تفكر بالهرب ،ولكنها مالبثت ان مدت يدها تضغط على زر الجرس، لقد فات أوان الهرب الآن ، وبينما كانت فابيا

تجاهد في سبيل تمالك اعصابها أخذت تفكر في الاسئلة التي وضعتها لها كارا لتكتشف انها لا تستطيع ان تتذكر واحداً منها.

عندما تصاعدت خفقات قلبها سمعت خطوات في الداخل تتجه نحو الباب وشعرت فابيا بخيبة أمل إذ لم يكن من فتح الباب هو الرجل الذي جاءت

لتجري معه المقابلة ،بل امرأة متينة البنيان في حوالي الخمسين من عمرها.

ارتسمت ابتسامة على وجه فابيا وهي تتمتم بالتحية وردت المرأة التحية بلغتها.

كانت ابتسامة فابيا إكراماً لشقيقتها فقط حيث ان قلبها كان لا يزال يخفق وهي ترى هذه السيدة التي قد تكون زوجته أو مدبرة منزلة أو أي شيء آخر... لا

تعرف كلمة من اللغة الانكليزية.

ابتدأت تقول:

- ان اسمي هو فا....

ها أنها قد ابتدأت اول اغلاطها ... بينما لم تكد تبدأ بعد وابتسمت وهي تعود فتقول:

- ان اسمي كارا كينغسدال.

وعندما لم تحظ بجواب من المرأة،عادت تقول:

- انني جئت لمقابلة السيد غاجدوسك .

ولاحظت شيئاً من التجاوب في وجه المرأة عندما سمعت الاسم فأخذت تعمل ذهنها في كيفية جعل المرأة هذه تفقه ماتقول، وفجأة تذكرت بطاقات

العمل التي سبق واعطتها إياها كارا، ففتحت حقيبتها لتخرج واحدة منها تناولها الى المرأة آملة أن تأخذها الى سيد المنزل.

---------------------------------------

شعرت بالارتياح حين القت المرأة نظرة سريعة على البطاقة ثم اختفت، عندما سمعت فابيا صوت الخطوات تقترب مرة اخرى عاد قلبها الى الخفقان ولكن

عندما رأت امرأة اخرى وليس رجلاً يرافقها عادت خفقات قلبها الى انتظامها .

كان من الواضح من منفضة الغبار التي كانت في يدها ان هذه المرأة الثانية كانت خادمة قوطعت اثناء تأديتها لعملها.

حيتها هذه المرأة بانكليزية بشكل جيد ام لا فإن فابيا شعرت بالارتياح لأن تجد من يمكنها التفاهم معه، وعاد الى نفسها التوتر بعد أن علمت من هذه

المرأة ان الرجل الذي ستجري معه المقابلة لم يكن موجوداً.

سألتها فابيا ببطء:

- اتعنين انه غير موجود هذه اللحظة؟.

ولما وجدت ان المرأة لم تفهم كلامها عادت تكرر ماقالت ببطء أشد الى أن قالت الخادمة فجأة :

- براغ.

هتفت فابيا غير مصدقة:

- أهو هناك ؟.

ورغم ان المرأة أومأت برأسها إيجاباً ، بقيت لا تستطيع التصديق.

قالت فابيا معترضة:

- ولكن لدي موعد معه .

ولاحظت أن المرأة لم تفهم كلمة موعد، ولكن هذا لم يكن مهماً على كل حال، وتساءلت عما إذا كان السيد غاجدوسك سيعود من براغ هذا النهار تبعاً

للموعد الذي بينهما، وتأخرلسبب ما ، وعادت تسأل المرأة :

- هل تتوقعين عودة السيد غاجدوسك هذا النهار؟.

وعندما لم تفهم هذه سؤالها أشارت فابيا الى ساعتها وهي تقول بواسطة الاشارات :

- متى سيكون السيد غاجدوسك هنا؟.

راعها جواب المرأة :

- بعد اسبوع واحد.

بعد ذلك بعشر دقائق استقلت فابيا سيارتها عائدة الى فندقها مصعوقة لا تكاد تصدق ماحدث ، لقد بذلت جهداً مع تلك المرأة الخادمة قد استطاعاتها

ولكنها لم تأخذ منها سوى جملة واحدة هي ( اسبوع واحد ) .

وأخيراً تذكرت أن شقيقتها كانت على اتصال بسكرتيرته ميلادا بانكراكوفا فسألت المرأة :

- وسكرتيرة السيد غاجدوسك ميلادا بانكراكوفا؟.

بان الفهم على وجه المرأة مما بعث الانتعاش في نفس فابيا ،ولكن المرأة قالت:

- لقد ذهبت .

وأدركت فابيا أن رحلة السيد غاجدوسك الى براغ لابد أن تكون للعمل مادام اصطحب سكرتيرته معه، والآن ماذا يجب عليها عمله ؟.

ادركت فابيا وهي تتناول القهوة في بهو الفندق مايجب عليها عمله وهو ان تعود الى انكلترا دون تأخر ، لقد حاولت ان تقوم بما ارادت كارا القيام به الى

منتهاه حيث قرعت جرس باب السيد غاجدوسك.

أخذت ترشف قهوتها ببطء، نعم لقد قامت بكل ماتستطيع لأجل كارا ولكن ... شعرت بالضيق إذ انتابتها فكرة ...هل تراها قامت حقاً بكل ماتستطيع ؟ وهل

هذا صحيح؟.

وخزها ضميرها وهي تتساءل عما إذا كان مجرد قرع جرس باب السيد غاجدوسك كاف جداً ،وضغط على نفسها التفكير في شقيقتها الحبيبة ومعاناتها ،

ودفعها ضميرها بالاشتراك مع حبها لشقيقتها إلى التفكير بأنها لابد أن تقوم بأكثر من ذلك.

--------------------------------

من المفروض انها الآن في إجازة من العمل ، فماالداعي لها الى الإسراع في العودة الى وطنها؟ ومادامت هذه المقابلة ضرورية بالنسبة لشقيقتها ، فماالذي

يمنعها من البقاء اسبوعا ًتنهي بعده المقابلة؟

كانت فاببيا تعلم الآن انها قد استقرت على هذه الفكرة رغم عمد رغبتها في العودة الى ذلك المنزل الفخم الرائع الجمال بعد اسبوع ، ذلك انها لا تضمن

قبول السيد غاجدوسك إجراء المقابلة ، بعد ذلك ولكنه حيث ان سكرتيرته كتبت لكارا رسالة بهذا المعنى ، لابد ان يراها حسب هذا الوعد.

لم تشأ فابيا ان تسيء الظن في تصرف السيد فندلين غاجدوسك الذي اخلف ذلك الموعد رغم علمه التام ان ثمة من سيأتي من انكلتراخصيصاً للاجتماع

به ، فقد فكرت في ان ذلك الموعد قد وضع منذ شهرين ومن الممكن جداً ان يكون هو او سكرتيرته ، قد اتصل بإدارة المجلة يوم الاربعاء قبل الموعد

بيومين ليترك خبراً بتغيير الموعد دون ان يخطر في باله ان الصحيفة التي ستقوم بالمقابلة، إنما قد اختارت السفر براً لتباشر بذلك قبل ايام من الموعد وذلك

بدلاً من القدوم بالطائرة قبل يوم واحد.

وإذ ادركت الآن ان استياءها من فندلين غاجدوسك كان قصير الأمد سرعان ماتلاشى ، عادت الى القلق بشأن كارا وبارني ، والمقابلة التي كان يجب ان

تكون الآن منتهية ، بينما هي لم تبدأ بعد ،وهذا يعني انه مازال امامها اسبوع من المعاناة.

صمتت فابيا اخيراً على معاودة التفكير بهذا الأمر رغم صعوبة ذلك ولكنها ستحاول جهدها على كل حال ، وتحمل نفسها على الاستمتاع بهذه الأيام السبعة

معتبرة إياها عطلة حقيقية دون ان تفكر في أي شيء آخر.

بوصولها الى هذا القرار تركت فابيا الفندق ، ولكونها متعودة على ممارسة رياضة المشي اخذت تكتشف الطرق الرئيسية والفرعية لضاحية ماريا نسكيه لازنيه،

وتوقفت عدة مرات تتناول شراباً منعشاً لتعود بعد ذلك الى الفندق حوالي الساعة السادسة بعد أن وجدت تلك الضاحية في منتهى الجمال.

يوم السبت اخذت تطوف مرة اخرى في الشوراع الواسعة النظيفة المشجرة ذات الحمامات المعدنية بأعمدتها المزخرفة وكانت قد قرأت كيف ان هذه

المدينة تشكل قسماً مما يسمى الآن بغرب بوهيميا ، اما المدينتان الاخريان فكانتا مدينة كارلوفي فاري وفرانتيسكوفي لازنيه.

اخذت تتمشى بين ابنية تعود هندستها الى القرن التاسع عشر ومؤلفة من أربعة طوابق الوانها اما بيضاء ملونة بالأصفرو إما العكس ، وذات اسطح حمراء او

خضراء وعادت الى فندقها ، لقد بقي امامها خمسة ايام كاملة عليها ان تمضيها قبل ان تجري المقابلة مع فندلين غاجدوسك وأمضت في ذهنها فكرة، لم

تزور المدينتين الأخريين؟ هذا إذا كانتا غير بعيدتين؟ وعندما وصلت الى الفندق توجهت رأساً الى مكتب الاستعلامات تسأل الموظف عن ذلك.

اجاب الموظف وهو يلتهم ملامحها الجميلة بأنظاره:

- لي السرور بأن اجيبك على ذلك.

---------------------------------------

استيقظت فابيا صباح الاحد وهي تفكر في كارا وبارني وفي الرجل الذي لم تقابله بعد ومازالت تسعى لذلك رغم الشعور بالذنب الذي ينتابها.

بعد ان تناولت طعام الافطار اتجهت نحو مدينة الحمامات المعدنية الاخرى وبعد حوالي الخمسين دقيقة كانت تسير في حدائق الحمامات تلك، بين

المقاعد حيث كانت فرقة موسيقية تعزف ، بقيت فابيا تطوف في تلك الانحاء قرابة الساعة وهي تتذكر وصف الشاعر ( غوته) لها بالفردوس على الأرض

واخذت تتمنى لو كانت إجازتها اطول مماهي.

كانت في اسعد لحظاتها عندما عادت الى سيارتها التي سارت بها شوطاً قصيراً ، ثم عادت فتوقفت لكي تتأمل في الخارطة وعندما ارادت السير مرة اخرى

لم تتحرك السيارة.

انتظرت قليلاً غير مصدقة بأن السيارة لن تتحرك وعندما فشلت في ان تجعلها تسير مرة اخرى ، بشيء من المحاولات داخل السيارة ، ولم يأت بجدوى

خروجها من السيارة ادركت ان ثمة خطأ ميكانيكياً في السيارة، لترفع الغطاء عن المحرك، ملقية نظرة رغم جهلها التأم بالميكانيك، فقد كانت تدرك انها لن

تتمكن من معرفة الخطأ ولو كان مكشوفاً امامها.

جلست في السيارة تفكر في مايمكنها ان تفعل حين حانت منها التفاتة الى المرأة العاكسة للمنظر الخلفي لتجد خلفها سيارة مرسيدس تنتظر تحركها لأنها

هي كانت تتوسط الشارع تماماً.

لم يكن امام فابيا سوى ان تنزل من السيارة لتتوجه نحو المرسيدس تلك مبدية عذرها ، وعندما وضعت يدها على مقبض الباب ادركت ان ليس ثمة حاجة

تدفعها الى ذلك بعد ان لاحظت من المرآة رجلاً طويلاً ارستقراطي المظهر يترجل من سيارة المرسيدس ثم يتوجه نحوها .

عندما اقترب انزلت زجاج سيارتها ،ولم يكن ثمة حاجة لأن تشعر بالحيرة بالنسبة للتفاهم معه، إذ ان ذلك الرجل البالغ الأناقة انحنى بشعره الاسود على

نافدتها قائلاً بانكليزية سليمة:

- هل ثمة مشكلة؟.

اجابت بسرعة:

- إن... إن سيارتي لا تتحرك.

وابتدأ قلبها يخفق عندما اخذت عيناه الذكيتان الثاقبتان تتأملان شعرها الذهبي الطويل وعينيها الخضراوين وملامحها وبشرتها وتابعت تقول:

- لقد كانت على مايرام ولكنها توقفت الآن تماماً.

حاولت ان تتمالك جأشها وهي تدرك ان لوحة سيارتها البريطانية لا تتطلب منه ذكاء كبيراً لكي يدرك انها انكليزية.

قال بلهجة رقيقة:

- أظنك قمت بكل المحاولات؟.

وسرها منه لهجته غير المتعالية.

اعترفت قائلة :

- لقد رفعت غطاء المحرك ، ولكن لم افهم منه شيئاً.

اجاب الرجل الذي كان يبدو في أواسط الثلاثنيات من العمر:

- وكذلك انا لا افهمه كثيراً.

بينما كان قلب فابيا يخفق بعنف لسحر لهجته اندفع هو يقول مشيراً الى مسافة تبعد قليلاً الى اليمين :

- حركي سيارتك الى هناك بينما ادفعك أنا، ثم اقطر سيارتك بسيارتي واسحبها الى المرآب.

---------------------------------

كانت فابيا لا تزال مصعوقة بفكرة ان سيارتها الفولز فاغن بولو ستقطرها المرسيدس وعندما تحول الرجل الغريب الى خلف سيارته كان عليها ان تتحرك هي

بالسيارة .

كانت لاتزال غير مصدقة مايحدث لها، عندما كانت سيارتها تدخل المرآب بأمان.

استدارت نحو الرجل الغريب تشكره قائلة:

- اشكرك جداً لماتكلفته من عناء لأجلي في احضاري الى هنا.

كان هو قد انهى الحديث مع الميكانيكي الذي كان يكشف على سيارتها وتابعت معه :

- اعتذر ان كنت اخذت الكثير من وقتك.

كانت تتحدث بسرعة عندما ظنت انه قد يكون على موعد وتخشى ان يتأخر عنه.

لكن سرها منه ان يقول:

- إنني لست مستعجلاً ، فأنا في إجازة.

هل كان يعني بالإجازة يوم الأحد؟ أم انه يعني قضاء إجازة في المنطقة؟ ومع ان فابيا تمنت لو تلقي عليه هذا السؤال ، الا انها كانت تدرك ان قصد معرفة

الواحد منهما بالآخر لا تسمح لها بإلقاء هذا السؤال او إلقاء اية ملاحظة، قالت شاكرة :

- حسناً ، اشكرك على كل حال.

ابتسمت له وهي تلاحظ نظراته تتوقف على ثغرها، ومالبث الميكانيكي ان ترك سيارتها واتجه نحوهما.

بينما أخذ الرجلان يتحدثان بلغة لا تفهمها ، وقفت هي جانباً راجية ان لا يكون العطل في سيارتها خطيراً ، وعندما انتهى حديث الرجلين نظرت متسائلة

الى منقذها الساحر الفارع القامة.

اجابها على الفور :

- اخشى ان الأخبار ليست حسنة ، ذلك ان سيارتك بحاجة الى قطعة غيار.

تمتمت :

- ياللتعاسة.

وحاولت ان تبدو ذكية وان قطعة الغيار لا تعني شيئاً لديها، ولكن يبدو ان السيارة لا تستطيع السير من دون ذلك وقالت:

- هل في إمكان الميكانيكي ان يضع القطعة بصورة مستعجلة؟. وبدت عليها اللهفة، لاحظت ان منقذها هذا يبدو انه سأل العامل نفس السؤال إذ انه أجابها

:

- كان في إمكانه ذلك لو المكان وجد عنده في المخزن نفس القطعة المطلوبة.

لم تعرف ماذا تقول او تفعل وسألته:

- كم من الوقت يحتاج لكي يجد القطعة المطلوبة؟.

اجاب الرجل الغريب:

- إن ذلك يتطلب عدة أيام.

فسألته بسرعة :

- ألا يمكنني استعادة سيارتي هذا النهار؟

وحاولت ان لا تبدي الذعر عندما هز رأسه نفياً ، كيف يمكنها العودة الى ماريانسكيه لازنيه من دون سيارتها؟.

وقطع افكارها ليقول لها:

- أين تقيمين؟.

اجابت:

- إنني أقيم في هذه المدينة ، لقد جئت الى هنا من ماريا نسكيه لازنيه.

ابتسم الرجل ابتسامة مطمئنة رغم تحفظها وقال:

- إنني أنا نفسي في طريقي الى ماريانسكيه لازنيه ، إذن فهذه المشكلة يمكنك ان تنسيها.

بينما احست بالارتياح لتطوع هذا الرجل بتوصيلها الى فندقها تحول هو نحو العامل الميكانيكي ليعطيه بعض التعليمات ، ثم استدار اليها يقول :

- سيحاولون العثور على القطعة بأسرع مايمكن ولكن عليك ان تتركي السيارة هنا.

----------------------------------

وسرعان ماكانت فابيا تجلس الى جانب الغريب وانسابت بهما السيارة بسرعة وسهولة، وفي النصف ساعة التالية عقب تبادلهما بعض الملاحظات،بدأت فابيا

تستعيد أنفاسها مما اصابها.

كانت السيارة تنطلق بهما مستغرقة في التفكير في سيارتها العديمة الحركة ، ولم يكن امامها خيارسوى ترك السيارة في المرآب، ثم دفع أجرة سيارة إن هي

ارادت متابعة التجوال هنا وهناك ، وعليها ان تنسى رحلتها الى كارلوفي فاري، وهذا مؤكد ،ولكن هل خسارة رحلة الى حمامات المدينة المعدنية الثالثة،

لها مثل هذه الاهمية إزاء مقابلتها المنتظرة للسيد فندلين غاجدوسك المعلقة فوق رأسها؟

سألها الرجل الغريب فجأة :

- هل أنت في إجازة في تشيكوسلوفاكيا؟.

انتبهت فابيا الى نفسها والى انه شعر بضيقها وارتباكها ولهذا صمم على ان يصرف ذهنها عن هذا الموضوع ، اجابت:

- نعم.

سألها:

- وهل تستمتعين بالإجازة؟.

اجابت:

- جداً.

حسناً لقد وقعت فعلاً في غرام مدينة ماريانسكيه لازنيه، وكان هو من الذوق بحيث يتحمل ملل الحديث عن مشكلاتها.

وعاد يسألها :

- هل أنت بمفردك هنا؟.

اجابت :

- أوه ، نعم .

وكانت تقول انها كانت مصممة على الحضور مع شقيقتها ، ولكنها لم تشأ ان تصدع رأسه بهذه القصة التي لا تهمه بشيء، ولهذا استطردت تقول :

- بمفردي تماماً.

سألها:

- ألا يمانع والدك سفرك بمفردك؟.

قالت بكبرياء:

- إنني في الثانية والعشرين.

ولم تستطع ان تفهم كيف يعتبرها وكأنها طفلة .

قال معتذراً:

- انني آسف ، فأنت تبدين أصغر من ذلك.

وللسحر الذي بدا في وجهه ولهجته قبلت فابيا اعتذاره على الفور وسألها :

- هل تراني سألتك عن اسمك؟

وكادت تبتسم إذ انه كان قد ترك لديها انطباعاً بأنه رجل لايمكن ان ينسى شيئا.

اجابته:

- اسمي فابيا ك...

وفي هذه اللحظة قفز غزال امام السيارة سبب لها الذعر الشديد وذلك قبل ان تنهي كلامها ، هذا عدا عما كان يمكن ان يصيب السائق او الغزال او السيارة

نفسها، وعندما اجتاز الغزال الطريق وقفز فوق السياج ثم اختفى، تمتمت بقولها :

-كان الأمر قريباً من الاصطدام.

قال باستغراب جعلها تضحك :

- هل هذا مايسمونه التوقعات الانكليزية ؟.

كانا قد دخلا ضاحية مدينة ماريا نسكيه لازنيه استدار ينظر اليها وكأنما سرته ضحكتها ثم سألها عن اسم فندقها ، وسرعان مااوقف سيارته امامه.. وفكرت فابيا

في ان فترة من اجمل فترات حياتها ، بصرف النظر عن تعطيل سيارتها ، قد انتهت وهذه النهاية لمستها من كلمة الوداع والتمنيات الطيبة التي كانت آخر

مانطق به عندما ترجل من السيارة مستديراً ليفتح لها الباب.

اجابته بصدق :

- اشكرك جداً لمساعدتك لي.

----------------------------------

ولكنها عندما اكتشفا فجأة انه من المهم ان تعرف اسمه شعرت ان من الحماقة منهاان توجه اليه هذا السؤال في الوقت الذي كانا يفترقان فيه ،وهكذا حيته

باسمة ثم استدارت تدخل الفندق.

من الغريب ان التفكير في ذلك الرجل لم يفارقها بقية اليوم ،وبدا لها انه رجل تمرس في الحياة ، فقد وجد المرآب حالاً ، وكذلك عامل ميكانيكي يشتغل

يوم الاحد ... ثم انه فوق ذلك بالغ الجاذبية....

نزلت فابيا الى مطعم الفندق لتناول طعام العشاء فيه، فقد كان من حسن الحظ انه في إجازة في هذه المدينة ، ومن المنطقي ان يزور الحمامات المعدنية

فيها.

أوت الى فراشها تلك الليلة دون ان ترى أثراً لذلك الرجل الذي اوصلها ، ولكن الشيء المهم الذي تذكرته الآن هو انها لا تعرف اسم الرجل ولا اسم

المرآب الذي وضعت فيه سيارتها ولا المنطقة التي يسكن فيها ، ياللتعاسة كيف يمكنها ان تتصل بهم هاتفياً لتسألهم ان كانت سياراها قد تم اصلاحها؟.

أمضت ليلة سيئة حلمت فيها ببارني وهو يذهب بعيداً بسيارتها بينما كارا تلومها بمرارة لأنها تركته يذهب بها .

شعرت اخيراً بسرور لحلول الصباح ،وعندما سمعت ضجيج السيارات امام الفندق ، انتبهت من احلام اليقظة المستغرقة بها الى ان هذا اليوم هو صباح

الاثنين ، فهل كانت تظن انها ستبقى في الفراش طيلة النهار؟

نهضت اخيراً من فراشها بحماس فاتر وقد وضعت في بالها أنها الآن سيكون تجوالها على قدميها ، ثم اتجهت الى الحمام.

كانت تحت الدش عندما خطر ببالها انه ربما لم يكن هنالك عديد من الكاراجات في مساحة حوالي العشرة اميال باتجاه مدينة فرانتيسكوفي لازنيه، ولكن

حتى ولو انها وجدت اسم المرآب وعنوانه فإن العثور على قطعة الغيار وتركيبها سيأخذ وقتاً ، وهكذا لم يكن ثمة فائدة في الاتصال بهم ذلك النهار.

فكرت من باب التفاؤل في ان امامها اليوم بأكمله لتأخذ راحتها في ماريانسكيه لازنيه، ولكن المشكلة هي ان توترها لم يكن ليسمح لها بأي شعور بالراحة ،

على كل حال لم يكن امامها خيار سوى التفاؤل مادامت لا تستطيع شيئاً بالنسبة لمشكلة بالغة الأهمية ، هي ايضاً ..أي تلك المقابلة؟.

فكرت وهي في طريقها الى تناول طعام الافطار في السبيل الى حل مشكلاتها تلك، كان من المتوقع قدوم السيد غاجدوسك يوم الخميس القادم ، هذا إن

لم يكن قد اساءت فهم خادمة منزله.

كانت فابيا تأكل قطعة من الجبن حين توقفت فجأة ، هل كان فهمها غير صحيح وكانت هي مخطئة؟ وأخذت تتذكر مادار بينها وبين تلك الخادمة من

حديث ، لقد قالت الخادمة بلار يب( اسبوع واحد) ولكن لغتها الانكليزية لم تكن جيدة ،وفجأة ساور فابيا ذلك الاحساس العنيف بالاضطراب الذي اعتادته

كلما فكرت في قرب موعد تلك المقابلة.

----------------------------------

فكرت لبرهة في الاتصال هاتفياً بمنزل السيد غاجدوسك لمعرفة ما إذا كان هناك ، ولكن إذا كان هو وسكرتيرته غائبين فسيكون عليها ان تكرر نفس تلك

المحادثة مع الخادمة بانكليزيتها الضعيفة تلك،ولكن إذا كانا قد عادا فمن الأفضل الذهاب بنفسها وليس الاتصال هاتفياً.

عاد الصراع الى نفسها بعودتها الى غرفتها ، ماالذي ستفعله بقية النهار على كل حال؟ لقد سبق وفكرت في التجوال في مدينة ماريانسكيه لازنيه، فهل يصعب

عليها ان تقطع سيراً ثلاثة اميال وهي مايفصلها عن منزل السيد غاجدوسك؟

استفحل الصراع في نفس فابيا بين الضمير والمنطق في نصف الساعة التالية وكذلك الشعور الغريزي بأنها لا تريد ان تقوم بذلك ، وأن الذهاب الى هناك

سيكون رياضة لا معنى لها.

بعد ذلك بخمس دقائق كانت قد سيطرت على اعصابها لتحصل على قرارين حاسمين الاول وهو بما أنها ستذهب في رحلة فاشلة على كل حال، فهي لن

ترتدي افضل ثيابها لهذه المناسبة ، وسيبقى اجمل ثوب عندها في الخزانة، وسنغطي ساقيها بسروال أنيق وكذلك ستنتعل حذاء يريحها في المشي وفوق

كل ذلك سترتدي قميصاً وجاكته صوفية.

اما القرار الثاني فهو، إذا اعتبرتا واحداً بالمئة ، ان هذه الرحلة ليست فاشلة ،وانها لا تريد ان تصل غارقة في العرق والحر، إذن لابد ان تأخذ سيارة أجرة

الى هناك ومدت يدها الى الهاتف لتتصل بمكتب الاستعلامات.

قبل الساعة العاشرة بدقيقة واحدة، اتصل بها موظف الاستعلامات ليخبرها ان سيارة الأجرة بالانتظار ، ارتدت فابيا سترتها ثم تركت غرفتها وعندما وصلت

الى منزل فندلين غاجدوسك حاولت ان تطلب من السائق الانتظار ولكن السائق كان قد ابتعد عن المكان.

تنفست بعمق وهي تنظر الى المنزل الجميل ، ثم حنت كتفيها وعندما حاولت التقدم الى الامام لتقترب من الباب الأمامي وتقرع الجرس سمعت صوتاً

جذب انتباهها الى زواية المنزل، وبعد ذلك بلحظة عرفت ماهو هذا الصوت وإذا بأجمل كلب رأته عيناها يندفع من خلف زواية المنزل مهاجماً إياها

بعنف.

الآن فقط ادركت فابيا كم كانت بشوق الى الكلاب ،وقالت بصوت حنون وهي تتقدم نحوه :

- مرحبا ياعزيزي.

ولكن لم يرعها سوى ان الكلب قد اندفع اليها ليعض كاحلها بأسنانه وسرعان ماادركت ان عضة الكلب هذه لم تكن سوى تحذير فقط لا اكثر، وحيث انها

كانت معتادة على الكلاب فإنها لم تشعر بالخوف ، ولكنها مع هذا هربت منه وكان هذا خطأ منها ، فقد كان عليها ان تتصرف حالما رأت مافعله الكلب بها

بدلاً من ان تهرب مندفعة في طريقها الذي اقبلت منه ، ولم تلبث ان سمعت صوتاً آخر، ورفعت انظارها لتجد ان العون قد اقترب منها .. ولكن لتهتز فجأة

وتقف محدقة بذهول في رجل طويل القامة ضامر الجسم ارستقراطي المظهر كان قد اندفع وراء الكلب من نفس الزواية ليرى كل ماحدث.

-------------------------------

وقفت بصمت مصعوقة وقد اتسعت عيناها غير مصدقة، وهي تحدق به ، هذا الرجل قدجاء ليساعدها للمرة الثانية في خلال يومين ، لقد جاء ليساعدها حقاً

ولكن، كما انها عرفته فقد عرفها هوايضاً.

زجر الكلب فتراجع هذا مذعناً تاركاً إياها ليقف الى جانب سيده الذي لم يظهرعليه أي أثر من سحره الذي رأته فيه امس، وهو يصرخ فيها بالانكليزية

غاضباً:

- أليس عندك ذرة من العقل؟.

تأوهت فابيا في داخلها .. أوه كلا. .. لقد تمنت أمس لو عرفت اسم ذلك الغريب ،وهو اليوم تعرفه وعادت تتأوه في داخلها ، ياللعجب إذا كان هذا هو

فندلين غاحدوسك ، فما أسوأ هذه البداية.

------------------------------



Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-10-16, 02:37 PM   #3

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني

أخذ قلب فابيا يخفق بعنف بين اضلعها وهي ترى رسن الكلب في يد الرجل ممافهمت منه انه إما كان مصمماً على اخراج الكلب هذا للنزهة و إما هو عائد

به من النزهة تلك ، وكان الكلب الآن جالساً الى جانب سيده بانضباط تام، ولكن فابيا كانت تعلم ان ليس ثمة عذر لتهورها ذاك.

حاولت على أي حال الاعتذار بقولها :

- إنني...

عندها قاطعها قائلاً:

- هل أنت دوماً حمقاء بهذا الشكل؟.

كان الرجل ذو العيني الداكنتين غاضباً وهو يحدق اليها بعينين ملتهبتين وتابع قائلاً:

- ألم تدركي ان الكلب لم يكن يفكر بالصداقة عندما اندفع نحوك؟.

وجدت نفسها تجادله قائلة:

- إن الأمرلم يكن بهذا الشكل.

ولكن سرعان مارأت ان معارضتها لم تلق القبول، وابتلعت بقية كلامها بشيء من الصعوبة ، ولكنها قالت بصدق:

- لقدكان الذنب ذنبي وليس ذنبه، لقد كان يحاول ان يخبرني ان اقف في مكاني ، ولكن...

لكنه اسكتها قائلاً:

- اريني كاحلك.

قالت :

- ليس هناك ما...

وكان عليها ان توفر كلامها لأنه كان من الواضح انه غير مهتم بما تقول واشار الى مكان قرب الباب يمكنها ان ترفع عليها قدمها ، بينما وقف هو جانباًً وقدبان

عليه شيء من نفاذ الصبر .

-----------------------------

حاولت ان تقول شيئاً ولكنها اثرت الصمت اذ كان لديها ماهو أهم لتفكر فيه ،وهكذا توجهت الى حيث اشار حيث وضعت قدمها على الحافة، ثم رفعت

سروالها قليلاً لتسمح له يتفرس في جوربها القطني الذي يبد عليه التمزق بشكل ملحوظ،وحاولت جذب قدمها قائلة :

- ليس ثمة أية علامة على كاحلي.

زاد من اقترابه وهو ينحني قائلاً باقتضاب:

- اخلعي الجورب.

قالت محتجة بحدة :

- أحقاً؟.

ولكن نظرة الازدراء التي رمقها بها جعلتها تتراجع قائلة:

- لابأس.

وأذعنت بسرعة وهي تفكر في انه لو كان هو حقاً ذلك الكاتب الكبير ، كما ظنت فانها تسلك الطريق الخطأ لتلك المقابلة ،وبدون أية كلمة أنزلت جوربها

من تحت سروالها ثم ابرزت كاحلها.

دهشت وهي ترى ان عضة الكلب التي بدت لها خفيفة رقيقة ليس اكثر ، قد تركت أثراً يظهرعلى جانبي الكاحل.

كانت يد الرجل على جلدها دافئة رقيقة الى حد مدهش وهو يلامس مكان العضة ويحرك قدمها يميناً ويساراً، وسمعته يتمتم بشيء قد يكون شتيمة خفيفة

وهو يتفرس في عضة الكلب، وانتهى عمله اخيراً لتجذب هي قدمها بسرعة ثم ترفع جوربها مرة اخرى، ووضعت قدمها تلك بجانب الأخرى ثم انتصبت

واقفة.

كان هو قد وقف كذلك ورغبت في ان تنتهي كلياً من قضية كلبه هذه وحماقتها هي ، فكرت في ان تبدأ في ذكر عملها وماجاءت لأجله، كان عليها كما

رأت ان تدور اولاً حول الموضوع بحذق، وهكذا بدأت قائلة:

- لا ادري إذا كنت تعلم ما إذا كانت الآنسة ميلادا بانكر قد عادت من....

قاطعها بحدة :

- هل أنت صديقة لها؟.

وأسافاه، أين ذهب سحره باسحره بالأمس؟ لابد انها كانت تتخيل ذلك ليس إلا،وحاولت فابيا ان تحتفظ بهدوئها قائلة وقد صممت على ان الوقت قد

حان لكي تنتهي من هذه القضية مهما كان الأمر :

- لقد تدبرت الآنسة بانكراكوفا موعداً ل.. لي مع السيد فندلين غاجدوسك ليوم الجمعة الماضي، ولكنه...

صدرت عنه شتيمة أعنف من تلك التي سبق وتمتم بها ، ثم تفرس فيها ومالبث ان تذكر الكلام باللغة الانكليزية ، فقال :

- إذاً لقد فعلتها ميلادا بانكراكوفا.

وتابع ببرود وقد ضاقت عيناه :

- مقابلة؟ ولماذا تريدين اجراء مقابلة معه؟.

قالت:

- إنني.. إنني اعمل لحساب مجلة.

قال :

- إذن فأنت صحفية.

فكرت فابيا في ان يعرف طبعاً انها ، أوبالأحرى كارا شقيقتها هي صحفية إذ مادام هو الرجل الذي جاءت لمقابلته والذي وافق على اجراء المقابلة مع

مندوبة المجلة وقالت كارهة للكذب الذي تتفوه به:

- نعم.. هل ..هل تعرف السيد غاجدوسك؟.

اجاب:

- أكثر مما تتصورين.

وشعرت فابيا بقلبها يثب بين ضلوعها ،إنها الآن تقف مع فندلين غاجدوسك العظيم.

وتمالكت مشاعرها لتركز اهتمامها على المهمة التي بين يديها ، ولكن السيد غاجدوسك أظهر انه لم ينس مافعله كلبه بكاحلها إذ قال:

- الأفضل ان تدخلي الى المنزل لوضع بعض المطهرات على الجرح.

-------------------------------------

اجابت :

- أوه، إن الجرح ليس بذي شأن.

وأضافت دون تفكير:

- فأنا معتادة على هذا في عملي، من قبل بعض الكلاب.

ولاحظت نظرته الحادة اليها فانتبهت حالاً الى غلطتها فقالت بسرعة:

- إن والديّ يديران مأوى للكلاب فأنا أساعدهما كلما جئت لزيارتهما، وأبي يحرص دوماً على ان يتأكد من انني اتلقى لقاحاً ضد مرض الكلاب بانتظام.

شعرت بالارتياح وهي ترى معالم الرضى ترتسم على وجهه، وعل كل حال فان فندلين غاجدوسك لم يسألها رغم انه كان لا يزال مصراً على ان تضع على

الجرح بعض المطهرات، والتفت الى كلبه قائلاً:

- من هنا.

وكان هذا ما يزال في مكانه لا يتحرك مذعناً لأمر صاحبه، ومالبثوا ان ساروا ، هم الثلاثة مستديرين الى ماوراء المنزل.

من خلال الباب الخلفي ، ألقى الى الكلب بتعليماته مرة اخرى ، عندما ابتعد الكلب ، تابع هذا الرجل الذي بدا الآن عدائياً خالياً من السحر طريقه الى

المطبخ.

قال:

- إن مدبرة المنزل هي التي تعرف أين يوجد صندوق الاسعافات الأولية.

ثم قادها خلال ممر الى باب خشبي متين، ولأول مرة وهلة ميزت المرأة القوية الصحة التي استدارت اليهما حيث كانت تقوم بشيء عند حوض المطبخ،

فقد كانت هي نفسها التي سبق وفتحت لها الباب يوم الجمعة الماضي.

نظرت فابيا اليه وهو يلقي برسن الكلب على الطاولة ويقول لمديرة المنزل بعض الكلمات ، ذهبت على إثرها الى درج فتحته واحضرت منه علبة من

الصفيح حملتها اليه ، تناولها منها وهو يقدم المرأة الى فابيا قائلاً:

- السيدة إديتا نوفاكوفا.

تمتمت فابيا بأدب:

- كيف حالك.

كانت تعلم جيداً أن المرأة لا تفقه لغتها.لكن المرأة منحتها ابتسامة دافئة بعد ان قالت شيئاً لمخدومها بلغتها ، ثم تركت المطبخ.

حول اهتمامه الى فابيا قائلاً وهو يجذب كرسياً من جانب الطاولة:

- اجلسي على هذا.

وبدا انه هو الذي سيضع المطهر على كاحلها بينما كان في استطاعتها ان تقوم بهذا بنفسها وبسهولة.

سألها عن اسمها وكانت هي مستعدة هذه المرة تماماً للجواب اذ لم تشأ ان ترتكب غلطة اخرى ، كتلك فقالت:

- كارا كينغسدال.

وبينما تجاهل ماسبق واخبرته به امس من ان اسمها هو فابيا، كانت هي تشعر بالندم لاضطرارها الى هذه الكذبة.

وبينما كان هو يضع قدمها على مقعد منخفض متحسساً اثر العضة ، فتحت حقيبة يدها واخرجت رسالة سكرتيرته الى شقيقتها والتي تحدد فيها موعد المقابلة ،

ثم ناولته إياها اثباتاً لكلامها ، فقد كان السيد فندلين غاجدوسك بحاجة الى التذكير به وبينما كان هو يضع بعض المرهم على الجرح بغاية الرقة واللطف

كانت هي تسحب الرسالة من المغلف.

في الوقت الذي عاد فيه من حيث غسل يديه من أثر المرهم كانت هي قد اعادت ارتداء جوربها وانتعلت حذاءها وبدا حين وقف الى جانبها اكثر طولاً

مما كانت تظن وانحدر بناظريه يحدق في عينيها الخضراوين.

تمتمت بأدب :

- أشكرك، فقد كان هذا لطفاً بالغاً منك.

----------------------------

ولشعورها بالرهبة ولعله الشعور بالذنب، مدت يدها تناوله تلك الرسالة التي تثبت ماقالت ،وتابعت قولها:

- لابد ان لديك في الملف نسخة منها بطبيعة الحال، ولكن...

وسكتت بينما كان هو يفض الرسالة وبدأ قراءتها.

رأته يعبس متجهماً وهو يمعن النظر في الرسالة ، كان يجب ان تكوني هنا يوم الجمعة الماضي.

قالت بحدة:

- لقدكنت هنا فعلاً.

ولكنها تذكرت انها تسيء الى غاية اختها كارا، بحدتها هذه فتابعت بهدوء:

- ولكنك لم تكن هنا.

كان الواضح ان الرجل قد نسي كل شيء عن هذه المقابلة وكذلك السكرتيرة ميلادا بانكر اكوفا، وإلا لذكرته بها.

ادركت فابيا انها لو كانت تتوقع أي اعتذار منه فقد خاب املها ،إذ كان مافعله ان اعاد اليها الرسالة مهمهماً، في الوقت الذي أخذ يتفحصها بنظرات قاسية

جعلتها تشعر بأنها هي المخطئة.

وإذ شعرت من الاشمئزازكونه هو الذي كان بعيداً في براغ عندما جاءت في الوعد المحدد ، فقد حاولت جهدها ان لا تدع شعورها ذاك يظهرعلى وجهها

، لم يكن معه حق في ذلك ، فهي التي كانت هنا يوم الجمعة الماضي، بينما هو الذي كان غائباً.

استمرت تتذكر كيف كانت امس تظن ان فندلين غاجدوسك في براغ بينما كانت هي اثناء ذلك تجلس بجانبه في سيارته حيث كان يعيدها الى فندقها

في ماريا نسكيه لازنيه، قال لها وهو يرمقها بنظرة متحدية كاد معها قلبها ان يكف عن الخفقان:

- ولكنك قلت ان اسمك هو فابيا؟.

قالت :

- هو ذاك ، انه اسم تحب اسرتي ان تدعوني به، وكذلك اصدقائي.

لم يكن امامها سوى ان تقدم هذا العذر.

قال بجفاء:

- هل يمكنني ان أشكرك لأنك أمس، اعتبرتني صديقاً؟.

وخالت هي للحظة ، انها رأت على ملامحه ظلاً من سحر .

ابتسمت وهي تجيبه :

- لقد كنت امس انساناً بالغ العطف والرقة.

واغتنمت الفرصة حين رأت ليناً في ملامحه فسألته:

-لا ظن ان من المناسب ان اجري معك المقابلة الآن، ياسيد غاجدوسك ، اليس كذلك؟.

نظر اليها لبرهة من عليائه بينما كانت هي تحاول باستماتة تذكر ربع الاسئلة التي كتبتها لها شقيقتها والمفروض ان توجهها اليه ،ولكنه قال باختصار:

-كلا، هذا غير مناسب.

وبينما كانت امالها تهوي الى الحضيض تابع قائلاً:

- إنني سأخرج الكلب آزور ، الى التريض؟

تمتمت فابيا شاعرة بخيبة الأمل :

- أوه.

وشعرت برغبة عارمة في الذهاب معه ومع آزرو للتمشي، ولكن معرفتهما ببعضهما البعض لم تكن من القوة بحيث تجعلها تذكر هذا.خاصة الآن بعد ان

أدركت شخصية رجل الامس العطوف الرقيق .

وضعت حقيبنها على كتفيها بشيء من الكبرياء انساها للحظة ان تأخذ منه موعداً للمقابلة ، ثم توجهت نحو الباب .

----------------------------------

لكن صوته اوقفها قبل ان تصل اليه وهو يسألها ببطء وابتسامة هزت كيانها :

- أتحبين أن تأتي معي؟.

علت وجهها ابتسامة هي ايضاً ، وهي تستدير اليه قائلة بلهفة:

- أيمكنني ذلك حقاً؟.

استقر نظره على فمها الرائع جمال، ثم ارتفع الى عينيها حيث تشابكت نظراتهما برهة قبل ان ينحدر بنظره الى حذائها ،لاحظت ان حذائها نال موافقته

ولكنه قال محذراً:

- ولكنني لن اعود بسرعة.

اجابت:

- هذا حسن ذلك ان بعض الكلاب عندنا...

وراجعت نفسها بسرعة :

- أعني في بيت اهلي عندما كنت اسكن عندهم ، كنا نأخذها للتريض اميالاً.

ألقى عليها نظرة اخيرة لم تعرف منها ما إذا كان كلامها أعجبه ام لا، ثم تناول رسن الكلب عن الطاولة وخرج معها من باب المطبخ.

كما توقعت فابيا ، فقد اسرع الكلب اليهما ، ويبدو انه كان حاد السمع ، إذ انه سمع فتح الباب المطبخ ثم قرقعة في يد صاحبه ليجداها امامهما حالما ظهرا

على الباب.

تركا المنزل من نفس الطريق الذي دخلا منه ، ولم يكونا قد ابتعدا كثيراً عندما توقف ليتبادل بعض الكلمات مع رجل كان يجري بعض الاصلاحات خارج

احد الأبنية.

قال فندلين غاجدوسك:

- إنه زوج مدبرة منزلي.

قالت:

- آه السيد نوفاكوفا.

بدت وكأنها تستحب التشدق باسم أيفو نوفاكوفا ذاك، وشعرت ان لدى فندلين غاجدوسك شعوراً مشابهاً حين رأت ظل ابتسامة على جانبي فمه.

قال يصحح مفهوماً بقوله :

- ان اسمه هو نوفاك ، ولكن في اللغة التشيكية فان الاسماء يلحق بها احرف (أوفا) إن تزوج ، وذلك بالنسبة لزوجته فقط وليس له.

قالت وقد اشرق وجهها :

- عليّ ان اتذكر ذلك دوماً .

وشعرت بغاية الانتعاش عندما رأت ابتسامته.

بعد ذلك استمر سيرهما رائعاً بالنسبة اليها ، فقد استمتعت بالهواء النقي والطبيعة الخلابة ، والطرق التي تجف بها الاشجار اينما توجهت.

بعد ان ان اختارا مسافة ميلا ونحو ذلك ، بدأت تفكر في كارا، وهي المعروف عنها انها كانت تستقل السيارة الى الدكان القائم عند المنعطف قرب المنزل

لكي تشتري زجاجة لبن .

ان كارا هذه قد تقدم على رحلة كهذه سيراً على الأقدام، لو كانت هي وليست أختها، في هذا المكان ، ولكنها مالبثت ان ادركت ان فكرتها هذه سخيفة

لأن كارا عدا عن انها مهنياً تقصد مباشرة الى المقابلة لتنجزها فانها لا تستعمل أبداً احذية مناسبة للمشي فكيف اذا كان هذا المشي عبارة عن خمسة اميال

ان تقطعها بين الشعاب والتضاريس؟ إن هذا لا يمكن ان يخطر في البال.

اما مايخطر في بال فابيا الآن فقط هو، انه من المفرزض ان تكون صحفية، لكن تصرفها في هذا الأمر كان في غاية الفوضى ، فقد صعب عليها ان تلوم السيد

غاجدوسك بوعده في تنفيذ المقابلة ولكن قد تجد صعوبات اخرى في هذه المنطقة، فلماذا تدع مثل هذه الفرصة العظيمة في وجودها معه الآن، دون ان

تستفيد منه ببعض الأسئلة؟

--------------

هكذا سألته ببراءة :

- هل تأخذ آزور للتريض يومياً يا سيد غاجدوسك؟.

اجابها بقوله وهو ينظر اليها :

- من الواضح انك تستمتعين بالمشي.

سرت بعض الحمرة في وجهها الشاحب بطبيعته وتقابلت نظراتهما وشعرت فابيا فجأة بالاضطراب ونسيت للحظة، انه لم يجب عن سؤالها وتمتمت:

- لقد نشأت في الريف.

شعرت بأنها ماكان لها ان تجيبه عن سؤاله هذا، صحيح ان كارا قد نشأت مثلها في الريف ولكنها لا تعرف الى اين ستؤدي بها الاسئلة والأجوبة إذا استمرت

ولم تتجنبها هي، سألها:

- من أي منطقة من انكلترا؟.

اجابت :

- من غلوستر شاير.

ولم تجد مانعاً من اجابته هذه المرة ايضاً ، ولكنها ادركت انها عادت تسأله عندما خرجا من الغابة الى فسحة تشرق عليها الشمس:

- أخبرني ياسيد غاجدوسك، هل....

لكنه قاطعها :

- ان هذا النهار اجمل من ان تفسدينه بتلك الرسميات إذ تنادينني دوماً باسم غاجدوسك.

توقفت انفاسها وهي تنظر اليه بذعر ، رأت عينيه القائمتين تنظران اليها باسمتين ، وشعرت بالغبطة تغمرها ، فتجرأت ان تساله غير مصدقة :

- هل تريدني ان ادعوك فندلين؟.

اجابها:

- ان اصدقائي يدعونني فين يافابيا.

هنا ضحكت... وشعرت بالسعادة وهي ترى الأمور تستقيم معها بعد كل الذي حدث لها مؤخراً ، ذلك ان الرجل الذي جاءت لتجري معه المقابلة ، اقترح

عليها ان تدعوه فين كما انه اقترح ان يكونا اصدقاء ولو كان ذلك من باب المزاح، وبدا ان القلق قد بدأ يزول من نفسها.

وسرعان ماادركت فابيا ان بهجتها هذه لن تدوم ، وذلك لأنها هنا لتؤدي ذلك العمل لشقيقتها، وكذلك لحالة بارني الداعية الى القلق ، هذا عدا عن

سيارتها .. نعم، كيف امكنها ان تنسى سيارتها! إنها....

توقف تفكيرها وهي تشعر بأن عيني فندلين غاجدوسك مازالتا منصبتين عليها ، وكأنما ادخلت ضحكتها البهجة الى نفسه ، حولت عنه نظراتها وهي تشعر

بعدم الثبات وكأنما كل شيء يبتعد عنها.

عند ذلك وصلت الى نتيجة هي ان فندلين غاجدوسك هو رجل عنيد ومن النوع المسيطر ، وبعد ذلك بثوان ، اصبحت تشك في ان له علاقة بأي من

أفكارها ومشاعرها الغريبة، فلماذا تشعر بمثل هذا التوتر؟ هل ثمة شيء غير طبيعي. فهي قد قابلت ، اخيراً، الرجل الذي كانت تسعى الى مقابلته، وهاهي

تتنزه معه في نهار مشمس رائع الجمال. . ألا يجدر بها ان تسترخي قليلاً محاولة ان تتخلص من توترها هذا؟

قالت وقد صممت ان توجه اليه سؤالاً آخر من اسئلة المقابلة :

- ياسيد غاجدوسك...

نظرت اليه لترى حاجبيه يرتفعان فعادت تقول متلعثمة :

- يا..ف... فين.

قاطعها بلطف:

- اخبريني يا فابيا، هل ثمة كثيرات مثلك في بلدك؟.

----------------------------------

لم تفهم تماماً مايقصد وسألته :

- عفواً؟.

قال يذكرها :

- أظنك قلت انك في الثانية والعشرين.

تمنت فابيا من كل قلبها لو لم تتطرق الى اعطائه هذا النوع من المعلومات عنها ، ذلك انها لم تشأ ان يأخذ عنها فكرة في انها ليست صحفية جيدة مع انها

في الثانية والعشرين ، ولكن يبدو ان تعليقه على سنها لم يقصد به شيئاً من ذلك لأنه اتبعه بقوله:

- هل أنت الابنة الوحيدة لوالديك؟.

سرّت لابتعادها عن موضوع السن واجابته ببراءة:

- عندي اخت اكبر مني.

ثم اضافت:

- ولكنها في اميركا حالياً.

ارادت ان تغير الموضوع ولكنه عاد يقول:

- يبدوانك تقومين برحلات كثيرة للعمل.

كان يجري معها تحقيقاً في الوقت الذي كان مفروضاً فيها هي ان تجري معه مثل ذلك التحقيق، اجابت بدهاء:

- إنني احب ان اسافر اكثر من ذلك ، ماذا بالنسبة اليك؟ هل تحب الاسفار؟.

لكن سؤالها لم يحظ بجواب اذ ظهر امامهما شخصان يقودان كلباً ونادى السيد غاجدوسك كلبه آزور ليضع الرسن في رقبته ثم قال لفابيا :

- سنعود الى المنزل من هذا الطريق.

ثم قادها في اتجاه آخر.ادركت وهما عائدان انهما كانا قد قطعا عدة اميال وانها امضت في رفقته وقتاً طويلاً لهذا لم تدهش وهي تفكر باكتئاب، كم هي

فاشلة في هذا العمل الذي جاءت لأجله ذلك ان اي صحفي يستحق راتبه ماكان ليدع فترة مثل هذه يقضيها مع ذلك التشيكوسلوفاكي الطويل القامة

دون استغلال.

لكنها بعد ذلك بلحظات عادت تتساءل عما إذا كان في امكانها ذلك حقاً بالنسبة الى السيد غاجدوسك الذي كان مهتماً بنزهته تلك اكثر من اهتمامه

بالاجابة عن اي من اسئلتها.

لكن نزعة الى العدالة ساورت ذهن فابيا لتجعلها تفكر في انه مادام يمضياكثر اوقاته سجيناًفي مكتبه فان له كل الحق في ان يتمتع بنزهته دون اي تطفل

من صحفي يفسد عليه ذلك باسئلته ( لماذا وأين ....الخ.)

عادت تناقش نفسها ، لقد وافق طبعاً على تلك المقابلة ، ولكن ليس بالضبط في وقت راحته من عناء العمل.

وتحيرت ولم تعرف على ماذا تستقر برأيها و أخيراً قررت ان تطلب منه عند وصولهما الى المنزل ان يبر بوعده بالنسبة الى المقابلة.

عندما استقر رأيها على هذا كانا قد وصلا الى المنطقة السكنية ، تذكرت سيارتها ورأت ان من النسب ان تسأله الآن عن اسم المرآب ومكانه قبل ان تنسى

مرة اخرى، والغريب ان موضوع سيارتها هذا كان يملأ ذهنها طيلة ذلك الصباح بينما لم تتذكره هنا إلا الآن وسألته قائلة :

- بالمناسبة هل لك ان تخبرني باسم المرآب حيث سيارتي....

شعرت بالضجر من عادته بعدم تركها تتم أسئلتها إذ قاطعها على عادته قائلاً:

- لماذا؟.

فأجابت بحدة تكرر سؤاله :

- لماذا؟ لأتصل بهم هاتفياً وأسألهم عن...

قاطعها :

- إنني اعتذر إذ لم اكن أعلم انك تتحدثين لغتي.

----------------------------------------

قالت :

- ولكنني لا اتحدثها !.

ولم تستطع ان تفهم ماالذي يقصده بقوله هذا.

قال موضحاً كلامه:

- كيف إذن تتوقعين ان تتفاهمي مع العمال في المرآب؟.

سألته :

- ألا يتكلمون الانكليزية أبداً؟.

اجاب:

- كلا.

وربما اراد ان يضيف المزيد الى كلامه لولا ان سيارة سكودا يقودها رجل في حوالي الثلاثين من عمره ، تقدمت ببطء لتستدير الى خلف المنزل ثم تقف

في موقف السيارات هناك.

كانا شبه ملاصقين للسيارة عندما نزل منها رجل بني الشعر متوسط البنية ليتوقف فين غاجدوسك يتبادل معه كلمات قليلة باللغة التشيكية ، ثم استدار ، بعد

ذلك مبرهناً على اهتمامه بالواجبات الاجتماعية، ليعرفهما ببعضهما قائلاً بالانكليزية:

-السيد لابور اوندراس، الانسة كينغسدال زائرة من انكلترا.

هتف السيد لابور قائلاً:

- آوه الآنسة كينغسدال؟.

صافحها وهو ينظر اليها بإعجاب، سأله فين غاجدوسك بحدة:

- هل تعرف الآنسة كينغسدال؟.

أجاب:

- اعرفها فقط من بطاقة العمل التي وجدتها على مكتبي وقد سألت إديتا عن هذه البطاقة فأجابت انها هي التي وضعتها هناك.

كانت لغته الانكليزية جيدة جيداً.

قال فابيا وهي تسحب يدها :

- لقد جئت الى هنا يوم الجمعة الماضي.

فكرت متأملة في أنه مادام عنده مكتب في هذا المنزل فلابد انه مساعد فين غاجدوسك، وان اديتا أخطأت فوضعت البطاقة التي قدمتها اليها على مكتبه

هو بدلاً من ان تضعها على مكتب ميلادا بانكر اكوفا.

قال السيد لابور:

- انني شديد الأسف اذ خسرت رؤيتك ، لقد عدت مساء امس فقط من اجازة لعدة ايام.

وبينما كانت فابيا تعتبر مجرد غزل بريء عاد يسألها :

- ولكن رغم بطاقتك العملية ، ربما انت في إجازة.

اجابت :

- انني أرجو ان ارى شيئاً من تشيكوسلوفاكيا اثناء وجودي هنا.

ولكنها شعرت فجأة ان الصمت المفاجئ الذي بدا على فين غاجدوسك كان شديد البرود ، ولما كان آخر شيء هوان تخسر صداقتها معه إذ لم يعجبه

مغازلة لابور لها في وقته هو ، سارعت تقول :

- يجب ان اعود الآن الى فندقي.

قبل ان تلتقط انفاسها اندفع لابور قائلاً:

- ربما تأذنين لي ان اوصلك الى هناك .

سكتت تفكر في جواب لبق تتخلص به منه ، عندما سارع مخدومه قائلاً وهو يدفع اليه رسن الكلب :

- يمكنك ان تأخذ ازور إذ ان عليّ ان اخرج الآن وسأوصل الآنسة كينغسدال في طريقي الى فندقها.

نقلت فابيا انظارها بين الاثنين، لم تشأ ان تكون عبئاً على أي منهما، فقالت:

- يمكنني ان أذهب سيراً على الاقدام...

وأرادت ان تضيف ان هذا يسرها كثيراً لو انها وجدت الفرصة لذلك، لكن فين غاجدوسك بادرها بقوله :

- لكنك مشيت بمافيه الكفاية .

-------------------------------------

وفكرت في ان تقول له ان في استطاعتها اتخاذ قرارها بنفسها ، لولا انها تذكرت انها مازالت تريد تلك المقابلة معه،وقال لها وهو يشير بيده دون ان يترك لها

فرصة لالقاء تحية الوداع على السيد لابور :

- من هذه الناحية.

ثم قادها الى حيث كانت سيارته متوقفة ، لم تكن قد راودتها قط فكرة انها ستستقل تلك المرسيدس مرة اخرى ، ولكنها عندما استقرت الى جانب فين

غاجدوسك وسارت بهما السيارة بين التلال لتدخل ماريا نسكيه لازنيه، استعادت مزاجها العادي.

كانا قد اقترابا من مدينة الحمامات المعدنية وبينما كانا ينتظران حافلة كانت تتجه نحو اليمين لم تجد سبباً يمنعها من توجيه سؤال بدا لها طبيعياً جداً ،

فقالت:

- هل لابور اوندراس مساعدك في ابحاثك؟.

اجابها باختصار:

- كلا.

ثم عاد يركز اهتمامه على السير، قالت بصوت خافت :

- أوه.

لكنها شعرت بمزيج من الراحة والاضطراب عندما قال :

- انه سكرتيري.

عادت تتمتم:

- أوه. ثم كان عليها ان توجه اليه سؤالاً لم يكن ثمة حاجة اليه ،ولكن لتتأكد فقط :

- هل لديك اثنان؟.

اجاب :

- كلا.

وتركها تجد بقية الجواب بنفسها، بعد قليل من التفكير، لم تجد تفسيراً سوى ان سكرتيرته لم تعد تعمل لديه ، فعادت تسأله :

- هل تريد ان تقول ان الانسة بانكراكوفا لم تعد تعمل عندك؟.

اجاب:

- لقد سرني ان أراها تذهب.

لم تعجب فابيا لهجته تلك فسألته بسرعة:

-هل صرفتها من الخدمة؟.

سألهاوكأنه لا يعرف معنى الكلمة :

- صرفتها؟.

قالت مفسرة :

- أي طردتها ، اخرجتها من الخدمة.

ووجدت سروراً إذ تبين له ان بامكانها تقديم خدمة هامة له.

اخذ يلهو بكلمة ( صرف ) هذه عدة مرات ، ثم سألها :

- هل هذه الكلمة مبتكرة.

اجابت بحنق:

- لا ادري.

وفجأة ساورها القلق إذ وجدت انهما قد اقتربا من الفندق دون ان يقرر الأمر بالنسبة لإجراء المقابلة ، ولكن نظرة منها الى حاجبه الذي ارتفع عالياً عند

سماعه ردها الحانق ادركت بعدها انها لن تحصل على موعد ابداً مادامت تظهرحنقها لعدم اجابته عن اكثر اسئلتها ، وهكذا ابتلعت سخطها وتنفست بعمق

وبدأت تقول :

- حسناً أظن ان أصل هذه الكلمة يعود الى سنين بعيدة...

وأخذت تشرح لها سبب إدخال هذه الكلمة الى اللغة ،ثم مالبثت ان سألته :

- لا اظن ان ترك ميلادا بانكراكوفا لخدمتك سيؤثر على شيء ، أليس كذلك؟.

اجابها بمنتهى الحنق:

- يؤثر؟.

وكان ذلك حسب ما استنتجت هي ، لأنه يعرف الآن تماماً سياق الكلام الذي اسعملت هي فيه تلك الكلمة.

لكن، عندما اوقف السيارة خارج الفندق ، واستدار ينظر اليها ، ادركت فابيا انها لا تستطيع اظهار اي بادرة سخط فهو سيذهب الآن ولم يبق لها من فرصة

سوى هذه الدقيقة الأخيرة ، وقالت بشكل مباشر :

- هل مازال موعد اجراء المقابلة قائماً بيننا حسب وعدك؟.

--------------------------------------

وفكرت برهة حين نظر اليها بصرامة انها قد تسببت بخسارتها للأمر ، وأنه رفض تذكيرها له بوعده.

بقيت ملامحه على صرامتها وحاولت فابيا ان تقرأ افكاره وقد ساورها الارتباك ، لقد تأكدت الآن انه لابد ان يفكر في أنها لو كانت صحفية حقيقية لاستطاعت

ان تعد عنه موضوعاً تستخلصه من الوقت الكافي الذي أمضته معه في نزهته تلك في الغابات، إما هذا واما قد يكون ذلك لانها لم تلق عليه مزيداً من الاسئلة

، ربماكان هذا هو السبب ، وربما انها كانت من التهذيب بحيث امتنعت عن ازعاجه بكثرة الاسئلة ، انه يبدو الآن ليس هناك من يستطيع ان يحمله على

الاجابة عن سؤال اذا كان هو لا يريد ذلك.

عندما ترك مقعده دون ان يجيبها بشيء عن المقابلة ، واستدار حول السيارة متوجهاً اليها ، تأكدت عندها والألم يكاد يعصف بكيانها من انها خسرت كل

شيء حقاً، ونزلت من السيارة لتقف معه على الرصيف.

رفعت عينيها تنظر في عينيه القائمتين اللتين لا تكشفان عن شيء ، وقد نشأ في نفسها صراع عنيف بين كبريائها الذي يمنعها من الالحاح بسؤالها هذا عليه،

وبين حاجتها الى ان تطمئن الى الأمرلتشرق الشمس فجأة وتبدد الظلمة التي اكتنفت نفسها ، ذلك انه قال بعد ان أخذ يبتعد عنها:

- الأفضل ان نتناول العشاء معاً غداً.

لم يكن ثمة وقت لاظهارها التردد او الدلال ، فقالت تسأله بسرعة وهو يستقل مقعد القيادة :

- في اي ساعة؟.

رأت زاويتي فمه ترتفعان بشبه ابتسامة وكأن لهفتها على تلك الدعوة قد بعث التسلية في نفسه، ولكن ابتسامته تلك سرعان ماتلاشت وهو يقول:

- سأرسل لك زوج مديرة منزلي حوالي الساعة السابعة.

استدرات فابيا مبتعدة تريد ان تظهر له عدم اهتمامها ، وكانت تسير في اتجاء الفندق حين سمعت صوت سيارته تنطلق به، ولكنها تابعت سيرها.

من الغريب ان تشعر بالابتسامة تعلو ثغرها في حين انها لم تكن متأكدة من انها ستحصل على وعد بالمقابلة من ذلك الرجل.

-------------------------------------



Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-10-16, 02:38 PM   #4

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثالث

نامت فابيا جيداً تلك الليلة لتستيقظ صبيحة الخميس وهي تفكر في فين وفي كارا وبارني وودت من كل قلبها لو كان في امكانها الاتصال هاتفياً بوالديها

لتسألهما عما إذا أبلغتهما شقيقتها شيئاً.

ولكن بما ان من المفروض ان كارا هي معها في تشيكوسلوفاكيا، وطلبت منها ان تصنع معها معروفاً وهو عدم الاتصال .

خرجت الى حيث ابتاعت بطاقة ملونة لترسلها لوالديها ، ثم أخذت تتمشى مجتازة مجموعة الأعمدة في ماريانسكيه لازنيه لتدخل منطقة الحدائق الرائعة

الجمال وترتاح على أحد المقاعد البيضاء المتناثرة في تلك الانحاء، ثم اخرجت البطاقة وبدأت بالكتابة.

بعد عشر دقائق كانت قد ملأت كل مساحة في البطاقة بكل اخبار رحلتها وانطباعاتها عن جمال مدينة ماريانسكيه لازنيه حتى اذا وصلت الى وضع إمضائها

لم تكد تجد فسحة لوضع اسمها هي ، هذا عدا عن اسم كارا.

تركت مقعدها لتطوف انحاء المدينة التي خلبت لبها ، مشت في بعض الشوراع المأهولة ولاحظت بدهشة فحماً بني اللون قد وضع خارج منزل هناك,ولم

تكن قد شاهدت فحماً بنياً من قبل، وفكرت في ان صاحب المنزل لابد ان يجرف هذا الفحم في مابعد ليدخله الى قبو منزله.

واختزنت هذا المنظر في ذاكرتها الى منظر الغابات الملتفة حول المدينة تقريباً، وهي تتابع طريقها.

مرت بمركز الألعاب الرياضية ثم مكتب السياحة ومن هناك انعطفت لتدخل في منطقة مألوفة لها وسرعان ماوجدت نفسها في ساحة الأعمدة ، حان موعد

الغذاء ولكنها كانت لا تزال تطوف بين العمدة ولم تستطع مقاومة الإغراء في ان تصعد الدرجات لتلقي نظرة على معرض رائع لمصنوعات زجاجية.

بعد عشرين دقيقة تركت المعرض وهي تحمل بحرص مزهرية من الزجاج رائعة الجمال كانت متأكدة من أن ابويها خصوصاً والدتها سيعجبان بها كثيراً.

خرجت فابيا من المعرض و نزلت الدرجات الى الشارع لتصطدم انظارها بشاب لم يكن سوى لابور اوتدراس.

بادرها بالتحية وقد بدا عليه بوضوح السرور لمرآها ، ردت عليه التحية وهي تشعر ايضاً بالسرور لمصادفة شخص تعرفه.

نظر الى اللفافة التي تحملها وهو يسألها :

- هل كنت تتسوقين؟.

فأجابته :

- إنها هدية لوالديّ.

قال بسرعة:

- لابد انك مرهقة.

لم تكن تشعر بأي تعب في الحقيقة، ولكن يجب ان لا يخسر الإنسان فرصة سنحت وأضاف وهو يبتسم :

- إنني أصرّ على ان تسمحي لي بأن اصطحبك الى الغداء.

ثم وقف ينتظر الجواب، تساءلت فابيا عما يجب عليها فعله كان شخصاً شفافاً ولكنه لطيف ، مغازل وصريح بذلك ، كان ودوداً وقد شعرت بميل لمرافقته.

------------------------------------

قال مصراً :

- يمكنني أن أريك مناظر المدينة الجميلة ايضاً.

وكانت اللهفة تبدو على قسماته لتوحي بأن رفضها قد يكون مأساة مؤلمة بالنسبة اليه.

اخيراً قبلت وعندما اشرقت ابتسامته بالسعادة ابتسمت هي الاخرى، قال لها وهو يتناول منها لفافتها:

- إن سيارتي ليست بعيدة من هنا.

سألته:

- هل المكان الذي نحن ذاهبان اليه ، هو في ماريانسكيه لازنيه؟.

اجاب وهو يفتح باب السيارة لها لكي تصعد :

- نعم عليّ توزيع بعض الخطابات ، وعندي متسع من الوقت قبل ان اعود الى عملي.

جلست فابيا في السيارة وهي تتساءل عن مخدومه غاجدوسك ، لقد كان متوقفاً عن العمل صباح أمس لكي يأخذ الكلب آزور الى النزهة وكذلك هي

بالصدفة ، حيث سارا طويلاً، فهل فين غاجدوسك يعمل بعد الظهر فقط؟ ام ربما بعد الظهر والمساء؟ ام ان تعطله ذلك الصباح لكي ينزه كلبه ، كان حالة

نادرة؟

الآن فقط ادركت ، رغم الساعات الطويلة التي امضتها معه ، انها لا تعرف عنه شيئاً ، وفي الحقيقة ، انها لا تعرف عنه الان سوى اكثر قليلاً مما كانت تعرف قبل

ان تقابله...ولا شك ان كاراكانت ستقطعها أرباً لو عرفت بذلك.

لم تستطع ان تتصور ماالذي كان في استطاعة كارا أن تفعله حتى مع خبرتها الصحافية، مع رجل يعكس كل أسئلتها عليها ، دون ان تلاحظ هي ذلك.

قال لابور باسماً:

- سنأكل اولاً.

ثم أوقف سيارته ليدخل وإياها الى فندق جميل .

طلبت فابيا عجة وسلطة وهي تفكر في أنها ستتناول وجبة دسمة مع غاجدوسك هذا المساء، وسرعان مااكتشفت ان لابور هو مرافق طيب العشرة.

سألها :

- هل تسمحين لي بأن أدعوك كارا؟.

وكان منذ لحظة قد طلب منها ان تناديه باسمه الاول، اجابت:

- طبعاً ، ولكن...

وتوقفت فهي لم تكن مسرورة بأن يدعو كارا.. وشعرت بضيق لذلك ، فهو ليس اسمها .. قال:

- هل ترين اني استعجلت في وضع نفسي بين معارفك؟.

قالت بسرعة لتزيل مخاوفه،سواء كانت صحيحة ام مزيفة:

- كلا، كلا، أنا أقصد هذا في الحقيقة، ان اكثر الناس يستعملون الإسم الذي يستعمله أهلي في المنزل وهو فابيا .

أخذ يردد :

- فابيا....

وبدا عليه الاستمتاع بلفظ اسمها هذا ليسرع بعد ذلك ، باستعمال اسمها هذا قائلاً:

- هل أنت هنا في رحلة عمل، وإجازة في نفس الوقت يا فابيا.؟

اجابت :

- نعم.

وفكرت ان كان من غير المناسب ان تسأله عن مخدومه ، ولكنها لم تر سبباً يمنعها من ذلك ، إذ انه على أتم العلم بما يحتويه ملف مخدومه فيم غاجدوسك ،

فتابعت قولها :

- لقد جئت الى هنا خصيصاً لأجري مقابلة مع السيد غاجدوسك يوم الجمعة الماضي، ولكن...

هتف لابور بدهشة:

- وهل وافق السيد غاجدوسك على اجراء مقابلة؟.

------------------------------

اجابت بشيء من الدهشة هي ايضاً لدهشته تلك :

- نعم ألم تعرف بذلك؟.

اجاب:

- أبداً فأنا لم أبلغ بذلك ، كما انه هو لا يقبل باجراء أية مقابلات له.

قالت :

- أعرف ذلك ، ان أخـ...

وسكتت بعد إذ همت بأن تقول ان اختها اعلمتها بذلك ، وقالت بسرعة تغطي زلة لسانها :

- وهذا يجعل قبوله باجراء هذه المقابلة أمراً رائعاً.

عاد يسألها متشككاً:

- هل قبل حقاً بذلك؟.

سألته :

- هل تركت لك سكرتيرته السابقة ملاحظة بهذا الشأن؟.

وتمنت فابيا لو لم تقل شيئاً ، إذ من الواضح ان تلك السكرتيرة لم تكن على حظ من الكفاءة، وربما كان هذا هو سبب رفض مخدومها لها.

اجاب:

-كلا، ولكن...

وسكت وقد بدا عليه التفكير وفجأة اشرق وجهه وقد عادت اليه الابتسامة وتابع قوله:

- لقد عجبت للسبب الي جعل السيد غاجدوسك يطلب مني ان اتفحص عمل ميلادا بانكراكوفا السابق امس ، لقد عرفت الآن.

سألتها:

- أظنها اقترفت بعض الاخطاء؟.

اجاب:

- وأكثر من ذلك ، ولكن مالنا ولها ، دعينا نتحدث عنك.

فجأة قالت بذعر:

- ولكن ، هل كان موعد مقابلتي للسيد غاجدوسك يوم الجمعة الماضي، مدوناً في مفكرته؟.

اجاب :

- بالطبع ، ولكن لم يطلع عليها احد لسوء الحظ.

وعندما خطر في بالها انه ربما كان يمزح معها ، عندما أظهر جهله في البداية ، لهذا الموعد استطرد قائلاً يسألها:

- هل أحضر لك شراباً؟.

اجابت:

- أريد كاساً صغيراً فقط.

شعرت بالارتياح وقد زال ذعرها ، وكرهت ان تعود الى التحقيق معه عن عمله وخاصة عن مخدومه، وهكذا اخذت بالاستماع بهذا الغداء.

عندما انتهيا من تناول الغداء وغادرا وجدا ان المطر قد بدأ يهطل فقال لها:

- أخشى ان لا يبدو لك المناظر التي وعدت ان اريك إياها، جميلةالآن ، ولكن لا بأس في أن نذهب ونلقي نظرة.

اخذ بذراعيها يقودها الى امام الفندق ثم تابع نحو حاجز منخفض وقال لها:

- كان يجب ان نأتي الى هنا اولاً.

ذلك ان كل ما استطاعا رؤيته من المناظر اسطح المنازل والغابة وكل ذلك مغلفاً بالضباب والمطر وتابع قائلاً:

- ربما امكننا ان نأتي الى هنا غداً.

واستدار ينظر اليها متشوقاً بينما وضع ذراعه حول كتفيها بشكل عفوي.

كانت لا تزال تشعر نحوه بالمودة ولكن وضعه لذراعه حول كتفيها لم يعجبها بل جعلها اكثر حذراً فأجابت :

- إنني لست متأكدة مما سأفعله غداً.

واذ كانت تظن انها اوقفته عند حده فلابد انه ظن انها تعطيه الضوء الاخضر ليستمر في طريقه، إذ ان ذراعه اشتدت فجأة حول كتفيها وقد بدا في عينيه

بريق العاطفة المتأججة وهو يزيد من اقترابه منها وقد اسرعت انفاسه بالرغبة وهو يهمس :

- انني شديد الإعجاب بك يا فابيا.

-----------------------------

في أية ظروف اخرى كانت فابيا تشعر بشيء من القلق.. ولكنها لا تكون في بلاد أجنبية كل يوم ، مع رجل اجنبي يحاول بعد اناطعمها ان يغويها وفي وضح

النهار ، بينما المطر ينهمر مبللاً إياها ، وقد وقف هو ينتظر ماستقوم به.

فكرت في انه يأمل بشيء من التجاوب منها ولكن سواء استاء لذلك املا، فقد وجدت نفسها تنفجر ضاحكة وهي تقول:

- لابور ، لقد بللني المطر.

بدا عليه الندم حالاً ليسارع بها الى سيارته، وعندما اصبحا في داخلها سار بها هابطاً التلة، وعند أسفل المنحدر حيث الشارع الرئيسي الذي يقوم على احد

جانبيه الفندق ،توقف يراقب حركة السير الى يساره عندما نظرت فابيا الى اليمين ، ومازال على ملامحها أثر من الضحك لتشعر بتلاشي كل ماكانت تشعربه

من التسلية ، ذلك انها رأت سيارة مرسيدس تتجه نحوهما ويقودها فندلين غاجدوسك.

وفي الواقع كانت على وشك تجاوزهما ، وبدا على غاجدوسك انه لم ير السيارة السودا فقط، بل رأى من فيها ، وبدا من اشتعال نظراته ان رؤيته لهما لم

تعجبه.

أوه ، ياللصدف فكرت وهي تحاول ان تقلل من شعورها بالرعب بانه لم يغضب لرؤية سكرتيرة، وانما لرؤيتها هي ،وقبل ان تركز افكارها على هذه النقطة

استدار لابور الذي لم يلحظ شيئاً مماحدث قائلاً:

- لقد اصبحت اكثر جمالاً عندما غسل المطر وجهك.

كان من الممكن لو كان قد قال هذا منذ دقيقة او اكثر، ان تنفجر ضاحكة مرة اخرى مما كانت تعتبره مجاملة فوق الحد ، ولكن بعد ان رأت فين

غاجدوسك ، لم تشعربأية رغبة في الضحك.

قالت بهدوء:

- شكراً يا لابور.

وبقي دقائق وصل لابور بها الى فندقها وبعد ان شكرته على دعوته لها للغداء وناولها اللفافة اجاب قائلاً:

- لقد كان الغداء مناسبة سعيدة لي ايضاً.

ولم يضيع لحظة قبل ان يقول:

- هل من الممكن ان نسعد مرة اخرى بتناول العشاء معاً هذا المساء؟.

اجابت بابتسامة أسف ، إذ كانت من سلامة نيته:

- أخشى انني لن استطيع ذلك ، إن عندي موعد عمل .

وتساءلت عما إذا كان لابور قد استشف ان موعدها العملي ذلك المساء كان مع مخدومه ، او ربما قد سبق وعلم، اثناء تبادل حديث بشأن العمل معه، انها

ستتعشى مع فين ، ولكنها نفت تلك الفكرة من ذهنها حالاً، ادركت ان لابور ماكان سيدعوها الى العشاء لو انه كان يعلم بأنها ستتعشى مع مخدومه.

القت عليه تحية الوداع لتنساه حالما دخلت الفندق ، عادت الى مخيلتها صورة الغضب التي كانت ترسم على ملامح فين غاجدوسك ، وأخذ القلق يتصاعد

في نفسها وهي تقف بانتظار مفتاح غرفتها.

صعدت الى غرفتها دون ان تعرف سبباً لغضبه ذاك وخطر ببالها خاطر مخيف وهو ، حيث ان الانكليزية ليست لغته الأصلية ، ربما أراد ان يقول لها انه يدعوها

الى الغداء وليس العشاء فيكون هذا هو سبب غضبه، وأي شخص آخر في مكانه .

كان سيغضب مثله لو رآها تخرج من فندق في وقت الغداء مع شخص آخر، ولكن فابيا عادت فنفت هذه الفكرة من ذهنها بعد ان تذكرت آخر كلمات فين

لها وهو يقول انه سيرسل آيفو اليها حوالي السابعة، والساعة السابعة ليست بالطبع موعداً للغداء.

-----------------------------------

لماذا الغضب إذاً؟ وشعرت بالضيق، ثم بدأ القلق ينهشها عما إذا كانت ستتعشى معه هذه الليلة ام لا، هل من الممكن ان يكون السبب في عدم اخباره

لسكرتيره لابور، هل من الممكن ان يكون السبب في عدم اخباره لسكرتيره لابور عن عشاء العمل معها ، هو انه ببساطة لا يفكر بتناول العشاء معها هذا

المساء؟

لكنه قال امس بكل وضوح ، الأفضل ان نتناول العشاء معاً غداً ، فكيف يغير رأيه ؟ ولم تشأ ان تذكر كيف نسي موعده معها يوم الجمعة الماضية.

عندما بدأ القلق في نفسها يتصاعد خوفاً من ان ينسى فين موعده معها مرة اخرى ، بدأت بنزع ثيابها المبللة ، ثم دخلت الحمام.

عندما انتهت من تجفيف شعرها عاد اليها شعور القلق ذاك، فارتدت سروالاً وقميصاً، ثم نزلت الى الردهة لتضع البطاقة التي سبق وكتبتها لوالديها في البريد ،

وحاولت ان تشكر موظف الاستعلامات باللغة التشيكية وهو يعطيها طابع البريد مؤكداً لها انه سيضع البطاقة في بريد ذلك اليوم .

عادت الى غرفتها ومازال امامها عدة ساعات لكي ترى ما إذا كان فين غاجدوسك سيبر بوعده لها ام لا،وشعرت بوخز الضمير وهي تفكر في انه ليس في

قبولهادعوته ما يشرفها حيث ان هذه الدعوة كانت لكونها صحفية بينما هي ليست كذلك، ولكنها تابعت تفحص خزانة ملابسها.

في السابعة إلا عشر دقائق كانت فابيا على أتم الاستعداد، وفي السابعة إلا خمس دقائق قررت أن شعرها بحاجة الى اعادة تسريح ، وبعد دقيقة قفزت من

امام طاولة الزينة لسماعها رنين الهاتف ليخبرها موظف الاستعلامات ان ثمة سيارة تنتظرها.

لم تستطع للهفتها تذكر كلمة الشكر باللغة التشيكية فشكرته بالانكليزية.

عندما وضعت السماعة بقيت لحظات تحاول تمالك رباطة جأشها بعد ان شعرت بقلبها يخفق بعنف ،ولكن كان لذلك عدة اسباب، الأول ، هو انه قد سبق

واقتنعت بأنها يجب ان تنسى كلمات فين غاجدوسك لها ، سأرسل آيفو لأجلك ..

وهاهو ذا آيفو يقول قد أقبل... ثانياً ، انها لا تفهم شيئاً عن المقابلات الصحفية حتى ولو من باب الهواية.

لم يكن مايهدئ من اضطرابها وهي تترك غرفتها ، صورة ذلك الاستقراطي المظهر فندلين غاجدوسك واصابها الذعر وهي تفكر في ان انتحالها لشخصية

شقيقتها يجب ان يكون بالغ الاتقان ، ذلك ان فين غاجدوسك ليس بالأحمق .

لم تعرف كيف استطاعت في ان تبتسم لآيفو الذي كان ينتظرها في الردهة ولكنها ابتسمت على كل حال بل واكثر من ذلك ، استطاعت ان تتذكر كلمة

التحية باللغة التشيكية .

عندما تركت السيارة المدينة لتدخل الضاحية في طريقها الى المنزل كانت لا تزال تشعر بالاضطراب ولكن الذي شجعها هو انها تمكنت من ان تتمالك

نفسها لتصعد الى السيارة مع آيفو، كما انها استطاعت ان تبتسم له ، وربما كان هذا دماثة أصلية في نفسها ،ولابد ان بإمكانها التصرف بهذا الشكل مع مخدومه

فلا تدعه يشعر بما يعتمل في داخلها من وهن واضطراب ، أوقف آيفو، اخيراً السيارة امام الباب ليخطر لها خاطر شدد من عزيمتها ، وهو انه ما دام فين

غاجدوسك لم يسبق له ان اجريت له اية مقابلة من قبل ، فالأغلب انه لن يكتشف أي خطأ قد يحصل منها اثناء اجراءها المقابلة معه.

------------------------------------

عندما رافقها آيفو الى باب المنزل شكرته باللغة التشيكية بحرارة كما القت بالتحية بنفس اللغة الى زوجته مدبرة المنزل وهي تبتسم وذلك في نفس الوقت

الذي فتح فيه الباب، بادلتها مدبرة المنزل تحيتها مبتسمة، ولكن حركة ماجعلت فابيا تستدير والابتسامة مازالت على فمها لتواجه فين جاغدوسك بأناقته

التامة وحياها بلطف بينما كانت مدبرة المنزل تختفي من المكان :

- مساء الخير يافابيا.

وأخذت نظراته تنتقل من شعرها الذهبي الطويل الى ملامحها ، الى بشرتها الرائعة الى ثوبها الصوفي الليموني اللون بكميه الطويلين والذي كان يبرز

جمال انوثتها لتستقر اخيراً على حذائها ذي الكعب العالي.

اجابته قائلة:

- مساء الخير ياسيد غاجدو...

نظر اليها رافعاً حاجبيه مما جعلها تستدرك قائلة:

- يافين.

وهنا شاهدت شبه ابتسامة على فمه قبل ان يمسك بمرفقها ويقودها الى غرفة الجلوس.

كانت غرفة رائعة يتجلى فيها الذوق ، ذات سقف عالي واثاث ممتاز قامت في أنحائها طاولات اثرية .

قال:

-اجلسي ريثما احضر لك شراباً.

وأشار الى احد مقعدين مستطيلين مريحين كانا في تلك الغرفة وهو يتابع :

- ماذا تريدين ان تشربي؟.

وسار نحو طاولة المشروبات بينما جلست هي على المقعد الذي كان مريحاً الى درجة لم تكن تتصورها.

اجابت :

- أريد بعض عصيرالبرتقال من فضلك.

وعندما احضره ووضعه على منضدة بجانبها قالت له:

- انني شاكرة لك دعوتك هذه.

اجابها:

- إن في هذا سروراً لي. ومن ثم الى حين حضور مدبرة المنزل لتخبرها ان العشاء بات جاهزاً بقي يتحدث اليها في شؤون شتى لاتمت بصلة الى السبب

الذي احضرها لأجله الى هذا المكان ، وهو المقابلة ، كما انها من ناحيتها ، وجدت ان في مقاطعته لكي ادخل في ذلك الموضوع ،ثم تنهال عليه بعشرات

الاسئلة.

وجدت في هذه الطريقة شيئاً من عدم الذوق خاصة في هذه الغرفة الفخمة التي لم تكن مكتباً او مكاناً للعمل ، وهكذا ارجأت اسئلتها رغم انها وجدت

نفسها دون ان تدري تستفيض بالحديث عن عشقها للموسيقى وخصوصاً مؤلفات الموسيقارالتشيكي ( جانا سيك).

في الحقيقة كانت فابيا لا تزال تتساءل عن الطريقة التي جعلها فين تتحدث عن الموسيقى عندما انتقلا الى غرفة الطعام المماثلة في الروعة لغرفة الجلوس ،

وقبل ان تجد الجواب لذلك كانت مدبرة المنزل تدخل لتقدم الطعام الذي وجدته لذيذاً جداً، وهكذا انصرف ذهن فابيا الى امور اخرى.

قالت تحدث مضيفها :

- ان هذا الطعام لذيذاً جداً.

----------------------------

وعندما نظر اليها بمنتهى الرقة والدماثة بحيث لم يكن ثمة أثر لذلك التجهم الذي كان يكسو ملامحه عندما رأته في السيارة وقت الغداء شعرت بأنها يجب

ان تأتي على ذكر الموضوع فتابعت تقول:

- ان هذا يجعلني في غاية السرور لكوني تناولت غداء خفيفاً هذا النهار.

استحالت نظرته الى البرود والهدوء وهو يقول :

- اظنك تناولت الغداء مع سكرتيري.

اجابت:

- لقد قابلته صدفة في الطريق وقد تكرم بدعوتي الى الغداء ، فهو انسان ودود جداً.

قال بلهجة جافة :

- هل نظرت مؤخراً الى صورتك في المرآة؟.

وشعرت فابيا بالزهو في اعماقها اذ شعرت بأن في كلامه هذا إطراء لها ، ولكن هذا الشعور سرعان ماخمد عندما ادركت في نفس الوقت انه يعرف نوايا

لابور اوتدراس الذي يلاحق بغزله من لا تملك حتى ربع ماتملكه هي من جمال.

قالت تدافع عن نفسها وهي تتمنى تقريباً لو انها لم تأت على ذكر ذلك الغداء:

- إنه لم يحاول ان يغازلني طوال الوقت ، لقد سرنا طويلاً ، واخبرني انه سيريني منظراً رائعاً ، ولكن المطر ابتدأ ينهمر و....

قاطعها :

- ماذا قال لك ايضاً.

وكانت تحاول ان تنسى عادته تلك في مقاطعتها على الدوام.

نظرت اليه بدهشة وقد افزعتها نظرته الحادة وحالاً ادركت انه يفكر في انها استجوبت سكرتيره عنه هو شخصياً فتصاعد الدم الى وجنتيها وهي تقول

بحرارة:

- لا شيء.

وزداد فزعها عندما خطر لها ان هذا هو ماكان سبب غضبه عندما رآها معاً، واندفعت قائلة وقد اثارها ان يظن بها هذا .

- عجباً ، لايمكن ابداً ان افكر في ان اسأله أي شيء عنك.

سأله ببرود وقد بان الغضب في عينيه:

-ألا تفعلين ذلك؟.

اجابت مؤكدة:

- كلا، طبعاً.

وكانت ماتزال غاضبة وعندما بقيت عيناه في عينيها تتأملان فيهما ودت من كل قلبها لو تعرف مايفكر فيه.

انقطع حبل افكارها عندما دخلت مدبرة المنزل تحمل مزيداً من الطعام وتتبادل بعدة الكلمات مع فين. استطابت فابيا طعم الفطر مع اللحم مما اعاد

اليها توزانها النفسي، وسألته :

- مااسم هذا النوع من الطعام؟.

اجاب بلطف:

-لقد طلبت من اديتا ان تطبخ هذا النوع لأنني توقعت انه سيعجبك، إنه عبارة عن نوع بسيط من ..

وذكر اسماً طويلاً معقداً يبلغ عدة كلمات وذلك بلغته التشيكية جعل فابيا تفكر في انها تحتاج الى اسبوعين كي تحفظ هذا الاسم.

سألها:

- هل اعجبك نوع هذا الطعام؟.

اجابت :

- جداً.

ولكنها كانت لا تزال مستاءة لتفكيره في انه من الممكن لها ان تتجسس عليه وذلك بتوجيه اسئلة عنه لسكرتيره.

اخيراً انفجرت قائلة:

- ان المرة الوحيدة التي ذكرت اسمك فيها كانت حين اخبرته بأنني جئت الى هذه البلاد كي اجري معك مقابلة.

قال ببطء:

- لا ادري هل اعتبر كلامك هذا مدحاً ام ذماً.

-------------------------------

تملكها الغيظ وشعرت بالكره للرجال ذوي الحنكة والدهاء، هل تراه يريد القول ان هذا قد يكون من باب التهيب لشأنه ، ام لأنه لا يستحق ذكراً اكثر من

مرة اثناء الغداء؟

تعبت من محاولة التعمق في هذا الأمر، فقالت :

- على كل حال، لقد دهش لابور في البداية، وأنا متأكدة من عدم وجود مكر في دهشته تلك، دهش إذعلم انك وافقت على تلك المقابلة ، ولكنه مالبث

ان لان قلبه فقال ان طلبي ذاك للمقابلة كان مدوناً في مفكرة مكتبك، ولكن لم ينتبه اليه احد.

وشعرت فابيا بالارتياح بعد اذ افضت مابصدرها ومع ذلك فإن تلك النظرة الغامضة مازالت تلوح في عيني ذلك الرجل ، وعادت مرة اخرى تتمنى لو

استطاعت ان تقرأ افكاره.

كان تعليقه الوحيد هو قوله:

-ولكن لابورا وندراس هو سكرتير من الدرجة الاولى.

انطلقت اجراس الإنذار في رأسها حين قال:

- وأنا متأكد يافابيا انك انت صحفية من الدرجة الأولى كذلك.

وكان هذا رهيباً ولكنها عادت ففكرت في أن هذه مناسبة جيدة للدخول في موضوع المقابلة وتوجيه الأسئلة وعاد هو يسألها:

- هل أنت في هذه المهنة منذ مدة طويلة؟.

ياللمصيبة ، ماالذي يجب ان تفعله الآن ؟ وودت من كل قلبها لو لم تخبره انها في الثانية والعشرين فقط ، واجابت متعلثمة :

- إن...كان ذلك منذ... منذ تركت المدرسة.

وشعرت بجسدها يتوهج حرارة خوفاً من أن يسألها عن خبرتها في عالم الصحافة.

سألها :

- أتستعملين الاختزال؟.

تساءلت ، أما كان عليها هي ان توجه اليه هذا السؤال، لكنها اجابته :

- إنها طريقتي.

واستعدت لكي توجه اليه بعض الاسئلة بدورها مما سجلته في ذاكرتها ،وابتسمت اولاً ولكنها وجدت انه جدد سؤاله التالي اسرع منها.

سألها :

- تطبعين على الآلة الكاتبة طبعاً؟.

وفجأة شعرت فابيا بألم في معدتها ، ماذا تفعل لو انه قدم اليها آلة كاتبة لتطبع عليها اجوبته؟.

استطاعت بشكل ما ان تتمالك نفسها وقالت:

- طبعاً.

وأضافت بسرعة:

- ولكنني افضل دوماً ان ادون المقابلات بخط يدي.

كانت ماتزال تتساءل عما إذا كان ثمة حاجة لأن تضيف شيئاً لهذا الجواب، عندما أدار فجأة دفة المحادثة ليسألها بغتة:

- هل أنت متزوجة؟.

أجابت فوراً :

- كلا.

وحالاً ادركت غلطتها ،ذلك ان من المفروض انها كارا وكار متزوجة ، وكان ينبغي لها ان تقول، نعم ولكن الأوان فات الآن ، ولابد ان كارا ستفتك بها لو

افسدت كل شيء الآن ، وفكرت اخيراً ان كارا ، على كل حال مازالت تستعمل اسم اسرتها ، وبالتالي فإن هذه ليست غلطة كبيرة ،وهكذا تجاوزت عن

غلطتها هذه لتوجه اليه سؤالاً نبع من تفكيرها الخاص ولا دخل لقائمة الاسئلة تلك به وهو :

- هل أنت متزوج؟.

هز رأسه نفياً وهو يقول:

- كنت أقوى من الإغراء بذلك.

وعندما اخذت فابيا تفكر في انه لابد هناك نساء كثيرات يأسفن لذلك سألها:

- هل لديك حبيب؟.

اجابت :

- لي اصدقاء فقط.

--------------------------------

قال باسماً :

- وهذا يفسر حضورك الى تشيكو سلوفاكيا وحدك في الإجازة ، أعني إجازة مع العمل.

وعندما جعلتها عودة ابتسامته الساحرة شبه غائبة عن الوعي ، عاد يقول:

- لقد ذكرت لسرتيري امس انك كنت تتمنين ان تري مناطق من بلادي ، فهل في ذهنك منطقة معينة؟.

قالت بعد ان ذهبت الكراهية لدهائه ذاك من نفسها لتحل محلها المودة :

- احب ان ارى براغ العاصمة ، طبعاًوكنت افكر في ان اذهب بسيارتي الى كارلوفي الى ...

وتوقفت فجأة ، كيف لها ان تنسى شيئاً مهماً كهذا؟ وهتفت:

- سيارتي؟.

على كل حال فقد دخلت مدبرة المنزل غرفة الطعام وتوقف الحديث لحظة اثناء تغيير المرأة للأطباق المستعملة بأطباق نظيفة ، ولاحظت فابيا ان فين

تبادل مع المرأة عدة كلمات سارة ابتسمت بعدها هذه وتركت الغرفة.

على كل حال ، فقد صممت على ان لا تنسى سيارتها مرة اخرى وهي تذوق الحلوى التي كانت عبارة عن فطيرة الخوخ بشكل يختلف عما اعتادته في

بلدها ، وفتحت فاها تسأله:

- ماهو....

ولم تتمالك نفسها من الضحك عندما قاطعها ذاكراً اسم تلك الحلوى بلغته والذي يتألف من عدة كلمات معقدة ايضاً، وكادت تقسم انها رأت جانبي فمه

يرتفعان وهو يحدق في فمها الضاحك.

خفضت انظارها وهي تتناول عدة ملاعق اخرى من الحلوى، لتتذكر مرة اخرى ، فرفعت عينيها اليه قائلة:

- بالنسبة الى سيارتي انني...

قاطعها :

- آه....نعم، سيارتك ، لقد اتصلت هاتفياً بالمرآب.

ثم سكت .وهذه المرة قاطعته هي تسأله:

- ثم؟.

اجاب بعد لحظة:

- لقد وجدوا صعوبة في العثور على قطعة غيار تناسبها لكي تتمكن من العمل.

تنهدت قائلة:

- تباً!

ثم سألته برجاء:

- هل قالوا كم من الوقت...

فقاطعها كعادته:

- يقولون ان ذلك قد يأخذ اسبوعاً او اكثر.

ساورها الأسى وهي تفكر في ان مالها في القيام برحلة الى براغ وكارولفي قد تلاشت ولكنها بعد ان فكرت إخفاء خيبتها لتقول بوجه مشرق :

- أوه حسناً، ربما من حسن حظي انني وجدت من مدينة ماريانسكيه بديلاً رائعاً لتلك الرحلة.

كانت تشعر بنظراته تنصب عليها ، فنظرت اليه باسمة وظنت انها رأت لمحة من الاعجاب في عينيه ، ولكنها ما لبثت ان عرفت انها مخطئة عندما قال بلهجة

عادية:

- حسناً ، هل نعود الى غرفة الجلوس لنتناول القهوة؟

سرت فابيا للعودة الى غرفة الجلوس، وجلست على المقعد الذي سبق وجلست عليه قبلاً، حيث كانت صينية القهوة موضوع امامها ، وجلست ثم سكبت

فنجاناً ،ناولته لفين الذي كان جالساً على مقعد مريح بجانبها ، ثم سكبت لنفسها فنجاناً.

كان يبدوعليه الاسترخاء والراحة التامة، كما شعرت هي نفسها ، ايضاً بذلك ، واحست بالشكر والعرفان له وحسن ضيافته لها ، وعندما بدأت ترشف قهوتها

ساورها شعور بالندم، ذلك انها هنا ليس لمتعتها الشخصية ، بل لإجراء تلك المقابلة.

----------------------------------

لما كانت هذه فرصة نادرة لذلك ، فقد فتحت فابيا فاها لتتكلم عندما سألها فين :

- إذاً فأنت تعتقدين ان ماريانسكيه لازنيه مدينة ساحرة الجمال؟.

قالت مؤكدة على الفور:

- أوه ، نعم.

قال وهو يرشف قهوته:

- ماالذي اعجبك فيها أكثر من غيرها؟.

اجابت :

- هندستها وغاباتها وهواؤها النقي ، هنالك شيء غير عادي في هذا المكان ، قد يكون تفتح النرجس والبراعم على الشجر ، مجموعة الأعمدة...

وسكتت فجأة وقد بدا عليها وكأنها تذكرت شيئاً قد سبق ورأته ... ثم تابعت:

- كل شيء له سحر خاص يضاف الى جمال المدينة.

كانت نظراته دافئة وهو يحدق في وجهها ،ثم قال ساخراً برقة :

-وكنك لم تشاهدي النافورة التي تغني بعد.

سألته متعجبة:

-النافورة التي تغني؟.

اجاب:- إنها قرب مجموعة الأعمدة ، ولكنهم لا يشغلونها قبل شهر أيار - مايو، أو ربما آخر نيسان - أبريل.

تأوهت متألمة وهي تفكر أنها ، في الوقت الذي ستغني فيه النافورة، ستكون هي في وطنها ، ثم عادت تسأله :

- وهل هي حقاً تغني؟.

أجاب:

- تغني؟ طبعاً لا، ولكن الميكانيكين جعلوها ترقص على انغام الموسيقى وذلك كل ساعة .

هتفت وهي تتصور هذا المنظر:

- أوه، ماأجعل هذا.

وانتبهت حالاً، إلى ان نظرات فين عليها أصبحت جادة مع رقتها وقد تلاشى الهزل فيها ، وفجأة شعرت بأنفاسها تتوقف ، وأنها يجب ان تقول شيئاص وبسرعة

لتتمالك نفسها قالت:

- بالمناسبة .. أين الكلب آزور؟.

اجاب بصوت طبيعي:

- إنك تحبين الكلاب كما ارى.

ولم تعد الآن ملامحه جادة كما تصورتها ، سألته:

-هل يظهر ذلك عليّ؟.

اجاب:

- إنه لا يحدث كل يوم أن يأتي شخص ليجولفي املاكي، وعندما يهجم عليه كلباص مندفعاً بعد أن أخرجته أنا مغلقاً الباب خلفنا ، يتقدم هذا الشخص اليه

مسروراً وهو يجيبه قائلاً:

- مرحباً ياعزيزي.

مانفين يذكرها بتلك الحادثة وبأن الكلب لايمكن ان يخرج ابداً عن سيطرته لأنه كان موجوداً ورأى كل شيء.

سألته محاولة إبعاد الحديث عن نفسها :

- أرى انك تحب الكلاب أيضاً!.

سألها :

- كيف حال كاحلك؟.

وابتدأ قلبها يخفق بشكل سخيف حين انحنى ممسكاً بكاحلها يتلمسه برقة فائقة ، وقد ظهرت علامات عديدة زرقاء مائلة للأخضرار.

عندما أعاد قدمهاالى الأرض بنفس الرقة ، سأورها الخجل ... كا ن خجلاً سخيفاً لم تعرف سببهولم يحدث لها من قبل وحاولت ان تتمالك مشاعرها وهي

تحول نظراتها عنه.

نظرت الى ساعة يدها فأخذت تمعن النظر وكأنها ترى شيئاً في غاية الأهمية، وعندما لمحت الوقت تلاشى حالاً شعورها بالخجل لتهتف مذهولة :

- لقد قاربت الساعة منتصف الليل.

----------------------------

إنها لم تعرف من قبل مساءاً مر عليها بمثل هذه السرعة، وحالاً انتصبت على قدميها وهي تحاول الاعتذار بقولها :

- لم تكن لدي فكرة ...

وقف فين ، هو ايضاً وهو يقول بلطف:

- هذا يعني انك استمتعت بهذه الأمسية.

قالت بصدق:

- الى حد بالغ.

ثم سارت نحو الباب ، لم يحاول فين ان يؤخرها كما انها لم تتوقع منه أن يفعل ذلك، ولكنه تركها لحظة ليعطي تعليماته للسائق آيفو ليوصلها الى الفندق ،

ثم رافقها الى الباب الأمامي.

كانت فابيا جالسة في المقعد الخلفي بينما آيفو يهبط بها الوادي عندما تجمدت ابتساماتها التي كانت ماتزال مرسومة على شفتيها ، ذلك أنها الآن فقط

تذكرت انها لم تقم بإجراء تلك المقابلة.

شهقت عالياً مذعورة لهذه الحقيقة لقد مرالمساء كله ولم تسأله أياً من الأسئلة التي زودتها كارا بها ، ماعدا انها عرفت انه غير متزوج، ولاشيء غير هذا .

عندما أوقف آيفو السيارة امام باب الفندق كانت قد ادركت تماماً ان فين عرف عنها ذلك المساء أكثر مما عرفت هي عنه منذ معرفتها به.


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-10-16, 02:43 PM   #5

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الرابع

إنبلج صباح اليوم التالي غائماً كئيباً ، وعندما فتحت فابيا عينيها ، وتذكرت مافشلت في إنجازه ليلة امس ، اصبح مزاجها يماثل ذلك الصباح غماً وكآبة.

بقي شعورها الكئيب ذاك معها في الحمام، وفي غرفة الطعام حيث تناولت طعام الافطار ،ثم عادت الى غرفتها لتفكر في كيفية تمضية ذلك النهار، وأخذت

تفكر متأملة بأن لاجدوى من وراء توجيه اللوم الى عدم خبرتها ، فقد بدا وكأنها ألقت بالفرصة التي سنحت لها ليلة أمس عرض الحائط ولو علمت كارا

لامتلأت غيظاً منها ، وخاصة إذا علمت كم كان ممتعاً موعد العشاء ذاك مع فين غاجدوسك وشردت افكار فابيا فترة بالذكرى الحلوة لذلك المساء وبسحر

مضيفها لقدكان حقاً رجلاً جذاباً غير عادي وأخذت تفكر في عينيه الرائعتين ومالبثت ان انتبهت الى نفسها وهي تنتهد ... ان هذه التصورات لن توصلها الى

شيء.

كما انها لن تذهب الى أي مكان وضغطت هذه الفكرة في نفسها...إنها لن تذهب الى براغ،كلا ولا إلى كارلو في فاري مادامت سيارتها ليست معها ولكن

مادام ليس في استطاعاتها ان تفعل شيئاً ، بالنسبة الى قطعة الغيار اللعينة تلك فلا أقل من ان تركز انتباهها على مهمتها التي تقلقها، ماذا عليها ان تفعل الآن

بعد ان سبق وخسرت فرصتين سمحتا لها لذلك؟

-------------------------------------------

صممت فابيا عندئذ ، قبل ان تعود شقيقتها وتهيل على رأسها الجمر المحرق ، على ان تقوي من عزيمتها وتذهب مرة اخرى لتقرع جرس منزل فين

غاجدوسك.

لكن فطرتها ابتعدت بها عن هذه الفكرة ، واقتنعت اخيراً ان هذه المهمة ليست بالسهولة التي صورتها كارا، ولم تستطع فابيا تصور نفسها وهي تقرع جرس

باب فين مرة اخرى ولكنها مصممة على ان تقوم بعمل ما في هذا الشأن.

فكرت لحظة في ان تتصل بسكرتيره لابور، وتدعوه الى العشاء معها في الفندق ، ثم تطلب منه ان يتحدث الى مخدومه باسمها بهذا الشأن ، ولكنها نفت تلك

الفكرة حالاً من ذهنها ، اولاً لأنها لم تشأ ان تشرك شخصاً آخر في مهمتها القذرة هذه ثانياً، لأنها تذكرت كيف وضع لابور ذراعه حول كتفيها نهار امس ، هذا

الى تلك النظرة الحافلة بالرغبة التي رأتها في عينيه ، كل ذلك جعلها تشعر ان من الخطأ ان تشجعه.

ارغمت فابيا نفسها على الخروج للمشي، ولكن قلقها كان من الشدة بحيث لم تجد في مدينة ماريانسكيه لازنيه اية جاذبية فعادت الى غرغتها وهي تشعر

بالإحباط لدرجة طلبت مخابرة هاتفية الى منزلها في الوطن ، في وقت تعرف ان والدتها موجودة فيه، وذلك لتعلم ما إذا كانت كارا قد اتصلت بوالديها ،

هتفت بأمها قائلة:

- مرحباً يا أمي ، انني فابيا هنا.

ردت عليها والدتها :

- ياحبيبتي يا فابيا ، ما أجمل ان اسمع صوتك ، هل أنت وكارا بخير؟

اجابت فابيا وقد علمت من سؤال امها كل ما أرادت ان تعلمه عن كارا وزوجها قائلة:

- إننا بخير تماماً ، لقد خطر لي الآن فقط الاتصال بكم.

اجابت والدتها:

- ما أحلى هذا منك ، هكذا انت دوماً.

وشعرت فابيا بالخجل لهذه الخديعة الأخرى لوالدتها وتابعت الوالدة :

- هل كارا بقربك؟.

اجابت فابيا:

-كلا، انها ليست معي الآن.

قالت الوالدة :

- أبلغيها حبي إذن، هل تستمتعان بوقتكما؟.

اجابت فابيا:

- كثيراً.

قالت الوالدة:

- انني جداً مسرورة لهذا ، أين انت الآن.

اجابت:

- في مدينة ماريانسكيه لازنيه.

وتحدثت عدة دقائق مع والدتها خرجت بعدها بهم جديد عندما قالت والدتها:

- سنراكما إذاً، بعد اسبوع من الآن ، إننا في الانتظار.

قاطعتها فابيا بعد ان انتهت الى ان وصولها الى الوطن يوم الاربعاء يعني انها يجب ان تشرع في السير يوم الثلاثاء على الأقل، ، وهي غير متأكدة من ان

سيارتها ستكون جاهزة ذلك الحين، فقاطعت والدتها قائلة:

- في الحقيقة يا أمي ان هذا المكان ساحر الجمال وقد فكرت في ان ابقى هنا عدة ايام اخرى.

واسرعت تقول قبل ان يمتلك امها القلق :

- هذا إذا استغنيتما عني في العمل أنت وأبي.

اجابت:

- طبعاً يمكننا ذلك يا حبيبتي ، ولكن ، هل تريد كارا ذلك ايضاً؟.

-------------------------------------

تباً لهذا الموقف ، هاهي عليها ان تستمر في الكذب، ولكن ، بما انها بدأت بذلك فعليها ان تستمر في طريقها ، قالت:

- إن ذلك يعتمد على ... حسناً، على مقدار انشغال بارني ، فإذا لم يستطع ان يحصل على إجازته حسب المقرر لكي تلتحق كارا به، فإنها ستمكث معي،

وإلا فتستقل الطائرة الى اميركا من تشيكوسلوفاكيا.

سألتها والدتها بقلق:

- هل ستكونين آمنة إن عدت الينا وحدك بالسيارة؟.

اجابت فابيا بملء الثقة :

-طبعاً ، إنما قد لا يضطرنا الأمر لذلك ، لقد فكرت فقط في ما إذا كنت استطيع التأخر عدة ايام.

القت فابيا بالسماعة بعد ان وعدت والدتها بأن تتصل بها ثانية إذا كانت ستتأخر عن يوم الأربعاء وشعرت بالحيرة وهي تشعر بعدم الرغبة في السفر يوم

الثلاثاء القادم وترك مدينة ماريانسكيه لازنيه.

عندما أوت فابيا الى فراشها تلك الليلة كانت تشعر بنفس الاكتئاب الذي شعرت به عندما فتحت عينيها في الصباح ، وكانت النقطة المضيئة التي اشعرتها

بشيء من العزاء هي ان بارني في طريقه الى التحسن، وعدا عن هذا فإن كل شيء بقي على ماهو عليه ، والآن بعد ان اتصلت بمنزلها هاتفياً ، فقد اصبح

امامها خياران يسببان لها القلق، وذلك بعد عودتها الى المنزل ، الأول هو ان تعترف لوالديها بكل ما فعلت وان يكن الاعتذار، مهما بلغ من الحرارة ، لن

يكفي ليغفر لها خداعها لهما حتى ولو كانت نيتها حسنة بأن تجنبهما القلق عليها وعلى بارني ، وإما أن تتابعا الكذب، هي وكارا ، كلما سألاهما عن تفاصيل

رحلتهما فتختلفا الحوداث ومافعلاه معاً في تشيكوسلوفاكيا.

هذا ومازالت لم تعرف بعد كيف تتصرف بالنسبة لإجراء القابلة التي عهدت كارا بها اليها واتمنتها على القيام بها واخيراً جذبت فابيا الغطاء فوق رأسها

وحاولت ان تستسلم الى النوم.

مضى نهار الخميس مشابهاً في كآبته لليوم السابق، ونزلت فابيا من السرير لتستحم وترتدي ثيابها ثم لتنزل الى قاعة الأفطار كالعادة كل صباح وذلك دون

حماس او شهية.

بعد صعودها الى غرفتها بقليل سمعت رنين الهاتف ولما رفعت السماعة اشرقت الحياة امامها عندما سمعت ذلك الصوت القوي الهادئ الذي لا يمكن ان

تخطئه اذناها يقول:

- هنا فين غاجدوسك، اخشى ان لا اكون قد ازعجتك؟.

اجابت وقد عاد اليها فجأة حماسها الضائع وبعثت الحياة في نفسها :

- كلا ، ابداً ، انني استيقظ باكراً في العادة ، لقد استيقظت منذ مدة طويلة.

قال جاعلاً قلبها يقفز سروراً :

- هذا حسن ، إن عندي رحلة الى مدينة كارلوفي فاري هذا الصباح ، وانني أتساءل حيث ان هذه كانت امنيتك كما سبق واخبرتني ، إن كنت تحبين

مرافقتي .

حاولت ان لا تبدي لهفتها عليه ، فانتظرت قليلاً قبل ان ترد قائلة:

- انني احب ذلك كثيراً.

------------------------

بعد انتهاء المخابرة بدقيقة واحدة اكتشفت فابيا ان ثمة ابتسامة عريضة تكسو وجهها...

ولكن ذلك كما حدثت نفسها أمر طبيعي إذ أن بإمكانها الآن ان تطلب منه بحزم ان يقرر موعداً محدداً لإجراء تلك المقابلة التي لم تعد بغيضة الى نفسها.

كانت بالانتظار وعلى أتم الاستعداد عندما رن جرس الهاتف لتعلم ان السيد غاجدوسك في الانتظار، وهرعت فابيا تهبط السلالم الى الردهة بعدما لم

تستطع انتظارالمصعد وهي ترتدي تنورة واسعة من الصوف وقميصاً وقد وضعت سترة على ذراعها .

جعل نزولها السلالم على الاقدام عذراً لتسارع انفاسها عندما رأته وابتسمت له قائلة:

- مرحباً.

دون ان تدري لماذا شعرت بالخجل.

تمتم مظهراً استحسانه باندفاعها هذا قائلاً:

- ان التي تجعل الرجل ينتظرها، ليست سيدة مهذبة.

مشت بجانبه نحو سيارته ،وعندما كان يدير المحرك انتبهت الى انها ليست خجولة. ربما تشعر فقط بشيء من العصبية أو التوتر أو الانفعال وفكرت في ان

تبقى متمالكة اعصابها إذا شاءت ان لا ينتهي هذا اللقاء بالفشلكما انتهت اللقاءات التي سبقتكما انها ليست في حاجة الى استحسانه لأي شيء فيها.


بعد دقيقة من تركهما ماريا نسكيه لازنية خلفهما عجبت فابيا لهذا الانفعال الذي اشتعل في نفسها مما يحمل أي انسان على الظن بأن ثمة ما يهددها ، ربما

كارثة!.

ولأنها لا تشعر بأي تهديد من ناحية فين أو أي شخص آخر فقد بدأت تدرك أنها إذ كان عليها أن تصر على أي شيء، فإنما على جواب أو جوابين من فين ،

أو بدقة أكثر ليكن خمسين من مئة سؤال سجلتها لها شقيقتها.

افتتحت الحديث قائلة بصدق:

- أشكرك على تذكرك أنني اتمنى رؤية مدينة كارلوفي فاري.

اجاب مشيراً الى الغيوم التي تتجمع في السماء:

- من المؤسف ان يهطل المطر.

قالت بسرور :

- ولكن لابد ان تمطر السماء احياناً.

وزاد سرورها حين ضحك وأدارت رأسها بسرعة الى ناحية اخرى ، فهي لا تذكر انها سبق ونظرت الى فم رجل بهذه الدقة والفضل لها ان تنظر الى شيء

آخر.

سألته :

- هل لك أخوة أو اخوات؟.

صدر عنها هذا السؤال بشكل عفوي دهشت هي له كما لابد انه دهش هو ايضاً.

عندما ادارت رأسها تنظر اليه رأت ان لا اثر للدهشة على ملامحه وساورها شعور مخيف وهو انه لم يجيب عن سؤالها لأنه لم يقل شيئاً لفترة طويلة وقال

بعدهاوكأنه لم ير سبباً لعدم الجواب:

- إن لي أخاً يسكن في براغ.

تواترت عليها الأسئلة ..هل هو أكبر ؟ أم أصغر؟ متزوج ؟ عازب؟ ولكنها وجدت في النهاية ان ليس من الذوق ان تمطر فين بالأسئلة في الوقت الذي يتوقع

منها ان تبقى صامتة ليستطيع هو التركيز على القيادة.

عندما وصلا الى كارلوفي فاري بعد ساعة تقريباً كانت الأرصفة مبللة بالمطر ، ولكن المطر كان قد توقف ، وتوقف فين برهة أمام احد المتاجر لينزل من

السيارة طرداً سلمه للمتجر ذاك.

----------------------------------

وكان واضحاً ان هذا كان الغرض من رحلته هذه ثم سألها:

- هل نتناول القهوة اولاً قبل ان نبدأ بالطواف في المدينة؟.

وشعرت فابيا حالاً بالسرور، إذ ادركت ان هذه الرحلة لم تكن مجرد مجيء وذهاب لا غير .

قالت:

- إنها فكرة جميلة.

ونظرت بإعجاب الى شوراع كارلوفي فاري المشجرة ومناظرها الجميلة.

تناولا القهوة في فندق جميل وبدأت تنظر الى التشيكوسلوفاكي ثم الى فين المسترخي الى جانبها ولكنها حين فاجأها تنظر اليه أشاحت بأنظارها بعيداً

متصورة ان شعورها بالذنب قد اثر عليها نفسياً لأنها منذ عرفته بدأت تراودها أفكاراً غريبة.

اخيراً صممت على ان الوقت قد حان لكي تتذكر سبب وجودها هنا، وحاولت ان تنفي من ذهنها اية تصورات خرقاء تجعل قلبها يخفق كلما رأته يدوام

النظر اليها.

قالت مفتتحة الحديث :

- أظن ان لابور قد عاد الى عمله في المكتب؟.

وحالاً تمنت لو لم تتفوه بكلمة لأن ملامح فين تجهمت حالاً،وعندما رفع حاجبه بكبرياء علمت ان كل سحره قد تلاشى.

قال لها بازدراء:

- هل تهتمين بسكرتيري بشكل خاص؟.

هتفت:

-كلا.

وغاظها ازدراؤه، فتابعت قولها :

- لا يمكن ابداً ان افكر بالتدخل في عمله نحوك.

اجاب باقتضاب:

- هذا حسن وعلى كل حال مادام هو غائباً لعدة ايام فليس في إمكانك ان تفعل ذلك.

اشتعلت نفسها غضباً واطلقت في داخلها شتيمة وهي تحول نظراتها عنه وعن وجهه الاستقراطي المتغطرس وشعرت بأنها تفضل ان تراه في الجحيم على ان

تتحدث اليه مرة اخرى، هل كان ذنبها انها ارادت ان تقوم بمحادثة مهذبة؟ ذلك انها لا تهتم مثقال ذرة بلابور وعودته الى العمل ، مع انه الحقيقة هي ان

لابور يأخذ فعلاً إجازات كثيرة ، حيث انه كان في إجازة عند وصولها في الاسبوع الماضي.

صممت على ان لا تنظر بعد الآن الى هذا الانسان القاسي الجالس امامها كما انها لن تطلب منه شيئاً بعد حتى ولا اعادتها الى ماريا نسيكه لازنيه، فهي

ستعود بسيارة اجرة وفجأة توقفت عن التفكير ، تباً لذلك ، فهي لن تكلمه ابداً بعد الآن بالنسبة اليها شخصياً ، ولكن ماذا بالنسبة الى كارا؟

التفتت تلقي عليه نظرة متمردة بينما كان هو يتفحصها بصمت ، تباً له وشعرت بالغضب وقد شب في داخلها صراع بين كرامتها وحبها لشيقيقتها.

انتصر اخيراً ، حبها لشيقيقتها وكانت تعرف النتيجة في اعماقها ، ولكن مع هذا فإن كبرياءها لم يكن يسمح لها بالخضوع لأحد ،ولهذا فتحت فاها وهي تقول

ببرود وقد تجمدت ملامحها:

- هل تريد ان تعطيني المقابلة أم لا؟.

يا إلهي ، إنها لم تره بمثل هذا المظهر المتغطرس من قبل، كما انه لم يحدث اليها ، وتوقعت في أية لحظة الآن ان تسمع منه كلمة (كلا).

لكن ، فجأة حتى ولو كانت تتمنى ان يطلب لها الفندق سيارة أجرة ، فقد رأت ، وإنها لتقسم على هذا ، رأت فمه يختلج ، ولم تستطع ان تصدق مارأت ،

ولكن هذا ماحدث، لقد تسلى إذاً، إنها متأكدة من ذلك ولو انكره هو.. هل من المعقول ان فيه روحاً فكاهية؟

-----------------------------------

لكن الابتسامة التي توقعتها منه لم تظهر ،ولا كلمة الرفض تلك ، ولكنه أمال رأسه ناحيتها مقداراً ضئيلاً، وقال بجفاء وقد تجمدت ملامحه:

- انك يا فابيا تعرفين حتماً كيف تسحرين الرجل.

اختلجت شفتاها بدورها ولكن إذا كان هو قد استطاع ان يكبح ابتسامته فإنها لم تستطع ، بل انفجرت ضاحكة وهي تقول معتذرة:

- انني آسفة.

وشعرت بالارتياح عندما لم يستطع ان يقاوم الابتسامة، ذلك انه هناك طرقاً متعددة للطلب، وقد علمت الآن ان طريقتها هذه كانت خالية من السحر تماماً.

قال فين :

- لقد سامحتك.

قالت بلطف قبل ان يبرد الموقف:

-وماذا عن المقابلة؟.

تمتم :

- همممممممممم...

ولكن سرها ان ملامحه بقيت على إشراقها وهو يفكر في طلبها لعدة ثوان ،قال بعدها:

- بعد سنتين تقريباً ، دون عطلة او راحة، انجزت في الأسبوع الماضي ما اعتقد انه احد افضل انتاجي.

وبينما عيناها قد اتسعتا لما سمعته من خبر سيهز عالم الأدب، تابع قائلاً:

- وقد اخذته بنفسي الى دار النشر في براغ بدلاً من إرساله بالتتابع ، وهذا يخولني اخذ شهر كامل وربما أكثر ، عطلة ارتاح فيها من كل مايمت بصلة الى

عملي والآن.

وبدت المودة في نظرته وهو يتابع :

- تأتين أنت يا آنسة كينغسدال بغطرستك تريدين ان تحاصرينني بأسئلة لا تنتهي ، تريدين ان افسد خطتي تلك؟.

غطرستها؟هل تبدو له متغطرسة؟ وسمرت عينيها عليه وهي تتمنى لو تتركه بسلام وترحل بعد كل هذا التعب الذي اضتاه، ولكن ضميرها وحبها لشيقتقتها

ولأسرتها ، كل ذلك لم يكن بهذه السهولة.

سألته :

- هل تريد القول انك لن تسمح لي بإجراء المقابلة؟.

اجاب بلهجة تجلى فيها من الاخلاص ماجعل قلبها يثب في مكانه:

- فلنقل إننا سننظر في الأمر إكراماً لك ولعينيك الخضراوين الجميلتين.

ردت عليه فوراً:

- انك تعرف حتماً كيف تسحر الفتاة.

وكسا الابتسام ملامحه بينما اخذ قلبها يرقص فرحاً، وكان عليها ان تقبل بهذا القرار.

لقد قال انه سينظر في الأمر ، وهذا منحها أملاً جعلها تقبل متحمسة باقتراحه ان يجولا في انحاء مدينة كالوفي فاري ملقية بكل مايقلقها جانباً.

كان المطر قد توقف لحسن الحظ ولكن السير مع فين الذي كان يعرف المنطقة جيداً ، بدا دون نهاية وتساءلت فابيا عما إذا كانت ستتضايق الى هذا الحد

لو كان المطر مازال ينهمر.

سألته وهي تقف فوق الجسر تحدث في ماتراءى لها دخاناً بينما لم تشاهد اي نار ظاهرة :

- هل هذا دخان؟.

واجابها هو انه ليس دخانا وإنما بخارا متصاعداً من الجدول الساخن الذي يخترق المدينة.

اخبرها فين ان اسم كارلوفي فاري هو اسم الملك تشارلز الرابع الذي اطلق على المدينة اثر اكتشافه ينابيع المياه الحارة ، في أثناء رحلة صيد ، وذلك

في القرن الرابع عشر.

----------------------------------

سألته :

- هل هي ساخنة لهذه الدرجة؟

فأخبرها هذه المياه تصل الى سبعين درجة مئوية.

احتفظت في ذاكرتها بهذه المعلومات وهي تشعر بالسرور لمعاونة فين لها في اخذها الى حوانيت اشترت منها علبة بسكويت من النوع الذي تشتهر به هذه

المدينة ، وكذلك بعض زجاجات من الشراب المحلى لوالدها.

لم يطل الوقت بعد ذلك إذ هطل المطر مرة اخرى واستشف فين باحتمال ان يدوم ذلك بقية النهار وتابع قائلاً:

- الأفضل ان نعود الى السيارة، ثم امسك بمرفقها عائداً بها الى سيارته.

كانت تحب لو امكنها إطالة تجوالها ذاك ، ولكنها ادركت ان ذلك سيبدو طمعاً منها ، كما ان المطر سيبللها وان الحق مع فين في ضرورة العودة الى

السيارة، إذ لم يكن من المنطق ان يتابعا تجوالهما تحت المطر ، ولكن المشكلة هي انها لم تشعر بالرغبة في ان تكون منطقية... ماالذي جرى لها؟.

عندما ابتعد فين بالسيارة عن مدينة كارلوفي فاري حاولت فابيا ان تتمالك شتات نفسها ، وتركز افكارها في كل ماشاهدته، الينابيع الحارة... الشوراع

المشجرة ، أشجار الياسمين ، عندما قفز سؤال الى ذهنها فجأة من حيث لا تعلم ، هذا السؤال هو ، هل منجذبة ، في الحقيقة الى فين؟.

لدى هذه الفكرة ، ثبتت ناظريها امامها دون ان ترى شيئاً ، إنها لا تنكر بالطبع ، انه جذاب ولكنها عرفت كثيراً من الرجال الجذابين قبله... حسناً ربما

شهدت لواحد او اثنين.

بعد لحظة أو اكثر قليلاً، عادت فابيا الى نفسها وهي تتساءل عما جعلها تفكر بهذه الأشياء ، وبأنها تأسف لعدم مشاهدتها براغ في الوقت الذي اقترب فيه

موعد رجوعها الى انكلترا.

مازالت هناك سيارتها ، كما انها لم تنس تلك المقابلة ، ولكن... وشعرت بالارتباك ، بدأت معدتها تحدث صوتاً جائعاً، لقد اعتادت من قبل ان تغفل وجبة من

الطعام دون ان تسمع مثل هذا الاحتجاج من معدتها ، فما الذي حدث الآن؟

فتحت فاها لتعتذر، عندما سبقها فين بالقول:

- آسف، لقد نسيت الوقت...

وحين نظرت الى ساعتها وجدت ، غير مصدقة ان الساعة قد اقتربت من الثالثة بعد الظهر ، وادركت ان فين لا ينتبه الى موعد الطعام عندما يعمل ومن

الواضح الآن ، بعد ان استغرق بالعمل حوالي السنتين، انه لم يعد بعد الى طبيعته في تناول طعام الغداء بانتظام.

عادت تقول:

- ارجو المعذرة.

ولكنها سرعان مانسيت هذا الحرج البسيط عندما وجدت انهما قد اجتازا نصف الطريق الى ماريا نسكيه لازنيه وشعرت فجأة بالسعادة وقالت له:

- لقد امضيت صباحاً جميلاً ، ووقتاً سعيداً .

ولم تذكر الثلاث الساعات التي امضتها بعد الظهر ، والجميلة هي ايضاً، وتابعت :

- أشكرك.....

نظر اليها قائلاً:

- انني احب كلمة ، جميل تلك، فهي تناسبك.

وخفق قلبها ، هل يعني بذلك ، انه يراها جميلة ؟ وبعد ثوان كان يستدير بسيارته حول منعطف ليظهر في الناحية الاخرى من الطريق حيث برزت امامها

أرض صخرية اوقف بجانبها سيارته ، ثم استدار نحوها بجاذبيته الطاغية تلك قائلاً:

- لا يمكنني اعادتك الى فندقك بينما معدتك تتوسل طالبة الطعام.

------------------------------------

قالت تعترض:

- أوه ولكن....

ولكن كلماتها ذهبت مع الريح إذ انه كان قد خرج من السيارة واستدار نحوها يفتح لها الباب لتخرج ، ووقفت هي خارج السيارة تجول بناظريها بين

البنايات المتفرقة عبر الطريق لترى بينها فندقاً صغيراً ومطعماً.

أجفلت حين التفتت اليه لتراه شبه ملاصق لها وعندما رفعت نظرها الى وجهه، تملكها الفزع وهي ترى عينيها تغوصان في اعماق عينيه القاتمتين الغامضتين

النفاذتين وعندما اخذت عيناه تنتقلان بين ملامح وجهها ، شعرت بأنها يجب ان تقول شيئاً... أي شيء، لكي تخمد خفقان قلبها المتعالي.سألته:

- أين نحن الآن؟.

مرة اخرى تساءلت عما حدث لها ، بينما لم يبد على فين شيء من مشاعره وهو يتحرك ممسكاً بذراعها ببساطة ليقودها عبر الطريق ، وهو يقول باختصار :

- بيكوف.

كان المطعم بسيطاً يشبه جو البيت، واحبت فابيا هذا المكان على الفور ، وسألته بعد ان انتظمت دقات قلبها:

- هل تكثر من الترداد على هذا المكان ؟

واخذت تحدق في قائمة الطعام التي كانت مكتوبة باللغة التشيكية.

اجابها :

- إنها استراحة جميلة.

ولم تستطع فابيا مقاومة نفسها فانفجرت ضاحكة.سألها وهو ينظر الى فمها الضاحك معجباً:

- هل قلت شيئاً مسلياً جعلك تضحكين؟.

اجابت :

- يوماً ما ستعطيني جواباً مباشراً لسؤال مباشر ، وعند ذلك يسقط السقف على الأرض.

احبت ابتسامته وهو يسألها:

- ماذا تحبين ان تأكلي ... اتريدين طعاماً مشابهاً للطعام الانكيزي ؟.

اجابت متذمرة :

- كلا، طبعاً، أريد طعاماً تشيكياً اصيلاً من فضلك.

سألها:

- اتريدين ان تذرفي نوعاً من طعامنا اسمه ( نيدليكي)؟

اجابت على الفور:

- طبعاً .

ولكنها عادت تسأله بفضول :

- وماهو النيدليكي هذا؟.

رأت عينيه تشعان بالضحك وهو يقول :

- انتظري وسترين.

عندما وصلت النيدليكي وجدتها عبارة عن قطع من العجين مطبوخة مع اللحم ولخضر ، ولم تعجب فابيا واكتفت باللحم والخضر ، ولم تعجب فابيا واكتفت

باللحم المحمر ونوعين آخرين طلبهما فين ووجدتهما فابيا لذيذين، وعندما بدأ الطعام وانغمس فين متفكهاً في النيدليكي ، شعرت فابيا بأن هذه احسن

وجبة تناولتها على الاطلاق.

سألها بعد ان رآها قد نظفت طبقها تماماً:

- ماذا تريدين ان احضر لك ايضاً؟.

اجابت :

- لا اريد شيئاً آخر.

عاد يسألها :

- إذ كنت متأكدة....

اجابت وهي تراه يلتفت الى النادل يطلب الحساب :

- يمكنك ان تكمل طعامك.

وحالاً ندمت على قولها ذاك لأنه ماكان بالرجل الذي يتمنع عن الطعام لو اراد ان يزيد منه، او يتمنع عن إحضار الحلوى لأنها لم تشأ ذلك.

--------------------------------

قال:

- لقد اكلت مايكفي.

وبعد ذلك بوقت قصير مضيا معاً الى المرسيدس.

في حوالي الثلث ساعة التي استغرقاها ليصلا الى ضواحي ماريانسكيه لازنيه، استمتعت فابيا بالذكريات العذبة لهذا الصباح ، صحيح انه مرت عليها لحظات
غير سعيدة اثناء تناولهما القهوة في ذلك الفندق في كارلوفي فاري، عندما تبادلا، كلمات السخط ولكن رغم ندرة ابتساماته، كان ذا روح فكاهية
عندما توقفت فين امام فندقها ، ادركت فابيا دماثته اذ سمح لها من وقته كل هذا الوقت ، من الصباح وحتى الساعة الرابعة.

استدارت لتشكره ولكنه كان قد نزل من السيارة واستدار ليفتح لها الباب،وعندما خرجت من السيارة واستدار ليفتح لها الباب ، وعندما خرجت من السيارة

وارادت ان تشكره كان يرافقها داخلاً معها الفندق ثم يقف معها بانتظار ان تأخذ مفتاح غرفتها من مكتب الاستقبال، ومن ثم سار معها الى حيث وقفت تنتظر

المصعد.

التفتت اليه لتقول بصدق:

- اشكرك كثيراً للوقت الرائع الذي استمتعت به.

وشعرت بقلبها يخفق بعنف عندما رأت عيناه القاتمتان اللتان تتدفقان بالرجولة تحدقان في عينيها.

وصل المصعد وبينما كان باب المصعد يفتح قال لها بصوت عميق:

- لقد استمتعت بذلك انا ايضاً.

وفجأة شعرت فابيا انها كالمنومة مغناطسياً ، بينما اخذ رأسه ينحني اليها واخذت تتنفس بصعوبة عندما وضع قبلة رقيقة على وجنتها ، وتمتم بالتحية بلغته ، ثم

تراجع الى الخلف.

دخلت المصعد كمن يمشي اثناء نومه، وهي ترد التحية بصوت اجش ، وعندما توقف بها المصعد ، لم تكن تعي شيئاً.

عندما دخلت غرفتها كانت لا تزال تشعر بشبه دوار وعندما عاد اليها الوعي تذكرت انها لم تقل له شيئاً بالنسبة لتلك المقابلة ، وارتسمت على شفتيها ابتسامة

وهي ترفس حذاءها لتستلقي في سريرها ، لقد قال فين انه سيفكر في الأمر، وهذا يعني انه سيعود الى الاتصال بها!؟

------------------------------




Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-10-16, 02:44 PM   #6

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الخامس

استيقظت فابيا صباح يوم الجمعة ووجهها يشرق بالفرح ، وبقيت مستلقية فترة وهي تفكر في فين ، وبقيت تفكر فيه اثناء اغتسالها وارتدائها ملابسها، ثم نزلت

تتناول طعام الافطار الذي كان عبارة عن لبن رائب وجبن وخبز وقهوة.

كانت ترشف قهوتها عندما خطر بالها فجأة كيف ان فين قد احتل افكارها منذ استيقظت من النوم والرغبة الشديدة التي تشعر بها لرؤيته مرة اخرى.

ووضعت فنجانها على الصحن وهي تهتف في داخلها ، يا إلهي، لقد كانت تحاول ان تكتشف السبب الذي جعلها تشعر بكل تلك الرغبة لرؤيته ثانية، ولكنها لم

تعرف إلا ان رغبتها تلك ليس لها علاقة بتلك المقابلة البغيضة.

عادت فابيا الى غرفتها لتعترف لنفيها بما لم تشأ الاعتراف به امس ، تعترف لنفسها بأن تقع تحت تأثير جاذبيته؟ هل من الغرابة ان تجده اكثر من كل من

عرفت من الرجال ، جاذبية ومدعاة للاهتمام؟

مضت عليها عشرون دقيقة دون ان تعي لتنتبه فجأة وتزيح فين من افكارها ثم تتساءل عما ستفعله بقية النهار وبدا النهار غائماً في الخارج ، ولكن لم يكن في

استطاعتها البقاء في غرفتها دون ان تفعل شيئاً، ولو كانت لديها سيارتها...

انتقلت انظارها الى الهاتف ... أليس من الأفضل ان تتصل به تسأله عن سيارتها ، ولكنه سبق واخبرها بوضوح ، يوم الثلاثاء الماضي ان العثور على قطعة

غيار لسيارتها سيستغرق اسبوعاً او اكثر ، فما الداعي ، الى الاتصال به؟

هنا، اهتز جسد فابيا بعد ان ادركت ان كل ماكانت تقصده هو ان تجد عذراً للاتصال بفين وثارت كرامتها ، عندذاك ، فأدارت ظهرها الى الهاتف وكانت

على أهبة الخروج عندما صدمتها فكرة على ان السبب الذي يدعوها الى عدم الاستجابة الى انجذابها هذا نحو فين هو انه نفسه غير منجذب اليها ، وأن

هذه المشاعر هي من ناحية واحدة.

لم تشأ ان تخدع نفسها بالتفكير في ان تلك القبلة الخفيفة على وجنتها وهو يودعها امس كانت تعني شيئاً ، ثم تناولت حقيبتها تعلقها في كتفها ، ومشت نحو

الباب ، عند ذلك ، تصاعد رنين الهاتف، لتتجمد في موضعها ، قرابة الثانيتين ،وبعد ذلك بثانية واحدة كانت تندفع لتمسك بسماعة الهاتف وقلبها يخفق بعنف

، وكانت خيبة املها بالغة عندما علمت ان المخابرة ولو انها كانت خارجية وليست بواسطة الاستعلامات فهي لم تكن من فين بل من سكرتيره ، اجابت

تحيته ببشاشة قائلة:

- مرحباً ، يالابور.

----------------------------

قال لها:

- عندما رفضت العشاء معي مساء الثلاثاء الماضي ذهبت الى منزل اسرتي في بلزين ، ولكن لو كنت اعلم انك ستسرين بسماع صوتي لكنت عدت من

هناك قبل ليلة امس.

حسناً انه لم يضيع الوقت للاستفادة من بشاشتها تلك ، والآن لقد ادركت فابيا بسرعة ان عليها ان تتراجع ، قالت له متجاهلة مايقصد :

- كيف حالك؟.

اجاب :

- مشغول جداً.

وبينما كانت تريد ان تقول له ان هذه يحفظه من العبث ، تابع قائلاً ماجعلها تصاب بخيبة أمل:

- لقد رحل السيد غاجدوسك بعيداً وترك لي الكثير من الاعمال.

بينما شعرت في اعماقها بالغم، استطرد قائلاً:

- ويبدو كأنني سأعمل طوال عطلة الاسبوع.

قالت :

- حسناً لابد ان السيد غاجدوسك سيمنحك عطلة تعوض عليك ذلك.

وقفز الى ذهنها خاطر هو الى أين تراه ذهب وكم سيغيب.

اجاب لابور:

- طبعاً سيفعل ذلك، فهو منصف جداً في كل معاملاته.

قالت متمتمة:

- هذا حسن.

وتجاوزت عن كرامتها لتسأله :

- قلت إن السيد غاجدوسك قد رحل بعيداً؟.

اجاب بلطف:

- لقد سافرالى براغ هذا الصباح وقد اخبرني بشكل خاص ان أي شيء تريدينه أو أية مشكلة تعترضك يمكنك ان تلجئي إليّ لأكون بخدمتك .

قالت وهي تشعر بالسرور لتفكير فين في راحتها قبل ان يسافر:

- ماألطف هذا.

سألها بلهفة:- هل عندك اية مشكلة؟.

كان عندها مشكلة السيارة ، ولكن مادام فين نفسه لم يستطع ان يجعلهم ينتهوا منها قبل يوم الثلاثاء، فهل سيستطيع لابور ذلك؟ وهكذا اجابت :

- كلا، ابداً.

ولكن لا يمكنها إلا ان تسأله :

- كم يوماً سيغيب السيد غاجدوسك؟.

اجاب:

- من يعلم؟ ربما اسبوع او اكثر من ذلك.

وبينما كان القلق يعتمل في نفس فابيا وهي تفكر في كيفية ارجاع سيارتها لتسافر الى الوطن، في غياب فين، ولا بأس بالنسبة الى المقابلة تلك ، ثم عدم

رؤيتها لفين بعد الآن ، كان لابور قد غير الموضوع فسألها :

- هل لك بتناول العشاء معي هذا المساء ، يافابيا؟.

كانت تعرف جيداً رغبة لابور في ان يحيل الدعوة الى علاقة غرامية ، ولكن بما انه لن يستطيع شيئاً على مائدة العشاء ، فإنها لم تر ضرراً من القبول ،

وفتحت فمها لتقترح ان تدعوه هي الى العشاء في فندقها .. لكي تتجنب اية فرصة قد يغتنمها ليضع ذراعه حولها في سيارته.. ولكنها وجدت نفسها تسأله :

- هل طلب منك السيد غاجدوسك ان تدعوني للخروج معك ؟.

وحالاً شعرت بالذعر اذ ادركت ان سؤالها هذا يعني ان فين لا يبرح تفكيرها.

اجاب لابور وكان سؤالها شيئاً عادياً يحدث كل يوم :

- كلا...ولكن في الحقيقة ، لقد شدد بالدقة على ان يكون حديثي معك في مجال شخصي.

وبينما شهقت فابيا للمعنى الذي يتضمنه ذلك، تابع لابور قوله:

- انني انا اطلب منك ذلك لنفسي، اما بالنسبة الى السيد غاجدوسك، فأنا اظنه يعني انني يجب ان اكون حيادياً في أي عون اقدمه اليك في مشكلاتك؟

فإن الشخص لا يمكنه ان يؤدي عملاً ما بنفس الاجادة التي يؤديها اذا كان حيادياً ، أليس كذلك؟.

-----------------------------------

قالت موافقة:

- نعم .

ولكن ماكان اشد وضوحاً بالنسبة اليها هو ان فين شدد بالدقة ان يكون حديث لابور معها غير شخصي.. هل معنى ذلك انه لا يثق بأنها لن تسأل لابور

اسئلة شخصية عنه هو؟؟ وشعرت بالألم لظنه ذاك بأنها يمكنها ان تجري تلك المقابلة عنه من خلال لابور.

قال لابور يذكرها بعد إذ نسيت سؤاله:

- إنك لم تجيبي عن سؤالي بعد ، سأخذك الى كوليبا، وستسرين بذلك كثيراً.

فتحت فاها لتدعوه الى العشاء معها في فندقها قائلة:

- إنني..

ولكن خاطراً مفاجئاً طرأ على ذهنها وهو انه ربما فين سيطوف الأماكن الراقية هذه الليلة متأبطاً ذراع سيدة تشيكية جميلة ، ماجعلها ترد على لابور دون

أدنى فكرة عما تكون كولبيا هذه قائلة :

- سيسرني جداً الذهاب معك، ، متى تريدني ان اكون جاهزة؟.

كانت فابيا جاهزة تنتظر عندما جاء لابور لاصطحابها الساعة السابعة إلا ربع في ذلك المساء.

ابتسم لها يحييها قائلاً:

- تبدين رائعة الجمال.

رفع هذا من معنوياتها المنخفضة رغم علمها انه لا شك يقول هذا الكلام لكل فتاة يخرج معها.قالت له متقبلة مجاملته:

- شكراً لك يا لابور.

قال لها وهو يرافقها الى خارج الفندق :

- إن لدي سيارة اجرة تنتظرني.

ظهر ان كولومبيا عبارة مطعم واسع على شكل شاليه مبنى من الخشب وقائم بين أشجار الصنوبر الباسقة .

وصعدت فابيا الدرجات الى مبنى خشبي محاط بنوافذ تغطيها ستائر حمراء وبيضاء تشيكية الطراز ، حيث اقتتيدا الى احدى الموائد.

كانت ماتزال تنظر حولها بأعجاب عندما قال لابور بحرارة:

- إنني سعيد جداً لقبولك تناول العشاء معي هذا المساء.

هنا علمت فابيا ان المبارزة قد ابتدأت فقالت له:

- لم يسبق لي ان جئت الى كوليبا من قبل.

قال:

- هل اعجبك المكان؟.

اجابت وهي تسحب يدها من يده بعد ان امسك بها :

- اعجبني جداً.

ابتسم وقال:

- لديك يدان رائعتان.

قالت وهي تضحك:

- أوه يا لابور .

ولم يكن في امكانها إلا ان تضحك ، فقد كان رجلاً ظريفاً وكانت تميل اليه، ولكن في الوقت الذي كانت فيه جاذبية فين طبيعية اصيلة كان لابور يستجلبها

بالتصنع والتظرف ، وكانت النتيجة هي انه إذا كان قد ظن انها ستقع في غرامه ، فقد رأته هي بدلاً من ذلك مضحكاً.

تجاوز عن هزلها معه ليحدق في قائمة الطعام لمدة دقيقة ثم سأل فابيا:

- ماذا تريدين ان تأكلي؟.

الحقيقة انها فقدت شهيتها على مايبدو، ولكن بما انها ضيفته وعليها ان تأكل شيئاً، نظرت الى القائمة التي لم تكن تفهم منها شيئاً ، ثم قالت له:

- في امكانك ان تطلب لي شيئاً.

طلب لها طبقاً من اللحم والخضر والبطاطا المقلية ، واستمتعت بطعامها بشكل افضل مما توقعت نظراً لانعدام شهيتها، ولكن الوقت مر عليهما إما في

محاولاتها التخلص من مغازلاته وإما في إشغال ذهنها في التفكير في اسئلة توجهها اليه ، اسئلة تتركز على مخدومه.

----------------------------

كان ثمة الكثير تريد ان تعرفه عن فين ، كما اكتشفت وهنا ابتدأ في نفسها صراع ، وهو ان كل ماكانت تريد ان تعرفه ، لم يكن للنشر لكي تسلمه لأختها ... بل

أشياء شخصية لنفسها فقط.

لم تستطع ان تسأل لابور عن ذلك الرجل الذي اجتذبها الى هذا الحد، ولكن هذا لا يعني ان لابور سيجيبها عن اسئلتها ، على كل حال ذلك انها كونت

عنه فكرة ثابتة وهي انه قد يكون شاباً عابثاً يحب الغزل ، ولكنه رغم كل شيء شديد الولاء لمخدومه.

ولما كانت تعلم انه من غير المناسب ان تسأله أية اسئلة عن فين ، فقد كانت حذرة ايضاً من ان توجه اليه اسئلة عن نفسه هو، اعمق من الأسئلة العادية

المهذبة ، ولكنه لم يكن بحاجة الى أي تشجيع كما اكتشفت عندما تناولت طعام الغذاء معه نهار الثلاثاء الماضي.

سألته:

- هل عشت في هذه المنطقة مدة طويلة؟.

اجاب مستفهماً:

- أتعنين في ماريا نكيه ؟.

واستنتجت ان ماريا نكيه هذه هي مختصر اسم ماريانسكيه لازنيه، فأومأت برأسها بالايجاب، فقال:

- فقط منذ استلمت عملي فأومأت برأسها بالايجاب فقال:

- فقط منذ استلمت عملي مع السيد غاجدوسك .

وسكت ولكنه لم يقاوم الرغبة في ان يتابع قائلاً:

- يبدو انه كان مكتوباً عليّ ان احضر الى هنا فقط لكي التقي بك.

فكرت في انه من القسوة ان تضحك عليه، ولكنه خوفاً من تشجيعه إذا اخذت الأمر على مأخذ الجد، فتحيرت قليلاً بالجواب لتقول اخيراً:

- لقد كان هذا مساء جميلاً.

وسرت في نفسها بعد ان فهم هو الاشارة.

سألها :

- هل تريدين ان نعود الى فندقك ؟.

لقد كان الوقت مازال مبكراً ، ولكن بما انها قد استمتعت بهذه الامسية بما فيه الكفاية إذ وجدت شخصاً تستطيع ان تتكلم معه بلغتها ، فقد اجابت :

- هل عندك مانع في ذلك؟.

قال يطمئنها :

- هذا من دواعي سروري.

ثم ذهب حالاً يطلب سيارة اجرة.

وصلا الى فندقها ، على كل حال، قبل ان تدرك فابيا انهما كانا متناقضي الهدف في الرغبة في العودة باكراً، إذ انه عدا عن رغبته في الامساك بيدها في

السيارة فقد كان مهذباً جداً ، وقد قبلت منه هذا كأمر عادي، وكذلك عندما وقف معها في انتظار ان تسلم مفاتيحها من مكتب الاستقبال ، فقد فعل فين نفس

الشيء امس.

مشى معها ايضاً لينتظر المصعد بجانبها ، وعندما التفتت لتلقي عليه تحية المساء ، لم يفعل كما فعل فين امس بل وبسرعة ودهاء كما لو انه اعتاد على مثل هذا

العمل من قبل ، وفي لمحة خاطفة اخذها بين ذراعيه ، وعندما حاولت ان تدفعه عنها كان قد جذبها الى داخل المصعد وضغط فيه الزر الذي يقود الى

الطابق الموجودة فيه غرفتها ، وعندما اغلق باب المصعد جذبها نحوه محاولا تقبيلها.

--------------------------------------

عندما وقف المصعد عند الطابق المقصود ، كانت فابيا قد تركته متأكداً من انها لم تبتهج بتصرفه ذاك ، إذ قالت له بعنف كلمة ( كلا) بلغتها وبلغته وباللغتين

الفرنسية والروسية ايضاً، وعندما وقف المصعد وخوفاً من ان لا يكون قد اقتنع تماماً ، وجهت اليه دفعة قوية وهي في منتهى الثورة ، وعندها تركها متراجعاً

الى الخلف وهي تنفجر فيه :

- إياك ان تجرؤ على ان تفعل معي هذا مرة اخرى.

وبينما كان مايزال واقفاً يفكر في الأمر كانت قد اندفعت الى غرفتها كالعاصفة مغلقة الباب خلفها.

بقيت فابيا في غرفتها حوالي النصف ساعة قبل ان تهدأ اعصابها بما يكفي لكي تدرك ان ردة فعلها نحو لابور لأنه ضمها بين ذراعيه، كان فيها بعض العنف

الزائد عن اللزوم، ولكن فين قد سار معها هو ايضاً نحو المصعد حيث وضع قبلته الرقيقة على وجنتها ... وكان تصرف لابور ذاك بمثابة الاهانة لهذه الذكرى

الجميلة في خيالها ، وعلى كل حال فهي لم تشأ ان يقبلها لابور ، وفي الحقيقة هي لا تريد اي رجل ان يقبلها ماعدا...أوه تباً لذلك... ومالبثت ان ذهبت

الى فراشها.

عند الساعة الثامنة كانت فابيا قد استيقظت من نومها واغتسلت ونزلت الى غرفة الطعام، وكانت تعبر الغرفة عائدة الى غرفتها عندما تقدم موظف الاستقبال

ووقف امامها وهو يقول باسماً :

- ثمة مخابرة هاتفية لك ياآنسة كينغسدال ويمكنك ان تستعملي المكتب هنا، إذا شئت.

شكرته شاعرة بسرور خفي وهي تتقدم نحو المكتب وقد ارتفعت خفقات قلبها وتناولت السماعة لتسمع صوت لابور وهو يقدم اعتذاره الذي بان الندم في

كل نبرة منه.

اجابته بلطف :

- آه صباح الخير يا لابور.

شعرت بالخجل وهي تتذكر دهشته ازاء ثورتها العنيفة الفائقة الحد إزاء مبادرته تلك الليلة الماضية.

سألها بحرارة:

- هل يمكن ان تسامحيني؟.

شعرت فابيا بشيء من الحرج في ان تقول له امام الناس ان لا يعود الى هذه الحماقة.

قالت له:

- طبعاً.

وحالاً تساءلت عما إذا كانت قالت ما هو صواب إذ ان لابور لم يضع الوقت فسألها :

- وماالذي ستفعلينه هذا النهار؟.

وفي الحقيقة ان فابيا كانت تتساءل عن نفس الشيء ولكن بينما كانت لا تزال تشعر بالمودة نحو لابور ، لم تكن متأكدة بعد ماحدث الليلة الماضية ، من انها

تود الخروج معه مرة اخرى ، إذا كان هذا مايفكر فيه .

اجابت بأفضل مايمكنها قوله بالنسبة الى وجود الموظف:

- وماهي خطتك لهذا النهار؟.

اجاب:

- أنا عليّ ان اقم بعملي.

قالت :

- آه ، نعم ، لقد ذكرت ذلك من قبل ، هل اخذ السيد غاجدوسك الكلب آزوا معه؟.

دهش هو لهذا السؤال وفكر لحظة قبل ان يقرر ان ليس ثمة ضرر من ان يجيبها بقوله:

- إن آزور غير معتاد على حياة المدن ، ولهذا بقي هنا في المنزل.

سألته :

- هل ستذهب الى المنزل هذا النهار؟.

اجاب:

- طبعاً ، فإن مكتبي هناك.

قالت:

- هل تظن ان في امكاني ان آخذ الكلب للنزهة؟.

سألها بدهشة :

- أتريدين ان تأخذي ذلك الوحش الى النزهة؟.

وكان من الواضح انه يظنها مجنونة.

قالت محتجة:

- إنه كلب رائع.

------------------------------

قال:

- كم اتمنى لو كنت انا ذلك الكلب.

وتنهد فلم تتمالك فابيا نفسها من الضحك، وقالت باصرار:

- أتظن انه يمكنني ذلك؟.

سألها :

- أتعرفين الكلاب جيداً؟.

اجابت :

- ان عندنا الكثير منها في منزلنا.

قال :

- سأرى إذن السائق آيفو و أسأله في هذا الأمر، فهو الذي يأخذ عادة آزور الى النزهة في غياب سيده.

انهت فابيا المخابرة وهي تتطلع الى الوقت الذي تمرن فيه ساقيها في نزهة مع آزور، وكان يوماً غائماً آخر.

ارتدت ملابس مناسبة ، ثم استقلت سيارة اجرة الى المنزل، اجابت على قرع جرس الباب المرأة التي كانت قد شاهدتها في زيارتها الأولى والتي تتكلم

قليلاً من الانكليزية وكانت خادمة تدعى دغمار وابتسمت لفابيا قائلة:

- ها قد اتيت.

استنتجت هذه انهم كانوا يتوقعون حضورها ، ودخلت لترى لابور قادماً من غرفة في اقصى القاعة.

قال للخادمة:

- شكرا لك يادغمار.

وابتسم لفابيا مصطحباً اياها الى حيث آيفو وآزور.

شعرت فابيا بالارتياح عندما تذكر آيفو ان فابيا قد اخذت الكلب الى النزهة بصحبة سيده يوم الاثنين الماضي ، وقد لاحظ عند ذاك ، كما الآن كيف انها

اخذت تحك وراء اذنه مما علم معه انها تألف الحيوانات.

عندما سلمها آيفو آزور وذهب في سبيله قال لها لابور وهو يسير معها الى الباب:

- ليس عندي عمل هذه الليلة.

قالت تعتذر :

- آسفة فان لدي العديد من الرسائل عليّ ان اكتبها.

سألها قائلاً:

- هل جعلتك تكرهينني؟.

وبدا عليه الاكتئاب لهذه الفكرة الى درجة فكرت هي في ان من واجبها تطمينه فأسرعت تقول:

- لا تكن سخيفاً، يا لابور ، الى اللقاء.

واستدارت الى حيث كان الكلب ينتظرها ، ففكت رسنه ثم خرجت به.

كان آزور كلباً حسن التدريب ، حتى ولو لم تكن هي تعرف كلمة واحدة من كلمات التفاهم معه باللغة التشيكية ، فقد كان يفهم ماتريد من لهجتها وطريقة

نطقها ، وهكذا اظهر سروره البالغ بهذه النزهة بينما هي كانت تشعر بافتقادها لشيء ما ، لقد كان فين هنا في المرة الماضية، طبعاً... شعرت بضيق للحظات ،

ثم حاولت في الساعتين التاليتين ، ان تركز افكارها على آزور.

لابد ان لابور قد رآها عائدة من نافذة مكتبه إذا انه كان هناك عندما وصلت هي الى الباب، وسألها وهو يفكر في ان الانسان يجب ان لا يدع فرصة تفوته:

- ماذا بالنسبة الى الغد؟.

ابتسمت وهي تناوله رسن آزور:

- اتصل بي هاتفياً غداً .

واضافت تشير الى الكلب:

- إنه بحاجة الى ان يشرب.

ثم قالت لآزور:

- وداعاً ياعزيزي.

كان الطريق الى الفندق منحدراً مماجعل السير سهلاً على فابيا ، ولكنها عندما صعدت الى غرفتها كانت تشعر بالحرارة فدخلت الحمام حيث اغتسلت

واستبدلت ثيابها ولما كان وقت الغداء قد حان فكرت في ان تنزل الى غرفة الطعام وتتناول وجبة خفيفة.

------------------------------

كانت تأكل العجة بالجبن مع السلطة مع انها لم تكن لتحب هذا النوع من الطعام بشكل خاص، عندما ساورها شعور بعدم الارتياح، مع ان هذا لم يكن

غريباً بالنسبة الى مشكلاتها ، وتمنت لو ان سيارتها عندها ، ولكن هل كان في هذا مايحل مشكلة ذلك الكابوس الذي هو المقابلة؟

عندما تذكرت فابيا المقابلة تذكرت ايضاً توصية فين للابور بأن لا يعطيها اجوبة عن اسئلة تتعلق به شخصياً، وعند هذه الذكرى التي آلمتها، فقدت شهيتها

تماماً.

تركت وجبتها دون ان تنهيها لتعود الى غرفتها حيث امضت بعض الوقت في محاولة ابعاد فين عن تفكيرها ولكن ليعود اليها التفكير به متسللاً مما جعلها تشعر

بالضجر لذلك، فخرجت من الفندق لتتمشى في انحاء المدينة.

حاولت ان تنفي من ذهنها ان التفكير بفين هو الذي افسد شهيتها للغذاء وعند العشاء نزلت تتناول الطعام بشهية كبيرة ، ولكن لتعود الى غرفتها لتكافح مرة

اخرى ، التفكير في ذلك الرجل.

كانت فابيا على وشك النجاح ، عندما رن جرس الهاتف لابد انه لابور، وشعرت بشيء من الشعور بالذنب لأن قلمها لم يمس هذا المساء.

لماذا يتصل بها ياترى؟ ولكن، لما عاد عاد الهاتف الى الرنين ، لم تجد بداً من رفع السماعة لتقول بحذر:

- نعم.

وكادت السماعة تسقط من يدها لأنه لم يكن لابور ... لقد كان فين!.

قال ببطء:

- لم اكن متأكداً من انني سأجدك.

وفجأة شعرت فابيا بأنها لا تحب لهجته هذه، كما انها لم تحب تلميحه الخفي بأنه لم يكن متأكداً من وجودها ، وقبل كل شيء لم تحب قط تصرفه في

اعطاء لابور تلك التعليمات عنها.

بدا هذا في لهجتها وهي تجيبه ببرود:

- هل اتصلت هاتفياً مساء امس؟ ماكان لك ان تفعل ذلك.

قال:

- يبدو من كلامك هذا ان ثمة من دعاك الى العشاء.

وكان صوته وهو يقول ذلك اشد بروداً من صوتها بمراحل ، وقبل ان تجد الرد المناسب عاد يقول:

- كم من الرجال تعرفين في ماريا نسكيه لازنيه؟.

قالت:

- اعرف اثنين ، وآخر ماسمعت ان واحداً منهما كان في براغ .

قال:

- ومازال هناك.

وقبل ان تجيب عاد يقول:

- هل شاهدت سكرتيري هذا النهار؟.

مرة اخرى شعرت بالألم كل شيء كان في منتهى الوضوح ، ذلك ان فين لا يريدها ان تقوم بأي محادثة مع سكرتيره واجابت بجمود :

- لقد كان في المنزل عندما ذهبت لآخذ الكلب الى النزهة.

سألها :

- إذاً فقد اخذت آزور الى النزهة؟.

اجابت :

- لقد مشينا اميالاً ، هل تمانع في هذا؟.

اخبرتها الجلبة التي احدثها وضعه لسماعه الهاتف بعنف، انه يمانع حقاً في ذلك، وعندما مدت فابيا يدها تعيد سماعتها الى مكانها ادركت فابيا انها كانت

ترتجف ، لماذا كل هذا؟ وعندما أوت الى سريرها ، لم تستطع تمالك نفسها قبل مضي فترة طويلة.

عادت مرة اخرى الى التفكير في محادثتها تلك مع فين وتساءلت عما تراه حدث لها ؟ ولماذا شعرت نحوه بمثل هذا الضعف والانفعال الى حد جعلها

توشك ان تقول له وداعاً ، لولا تلك المقابلة البغيضة؟

--------------------------------

لم تعرف ماالذي جعله يتصل بها هاتفياً، وفكرت في احتمال ان يكون قد أراد ان يغير شيئاً بالنسبة الى تلك المقابلة بعد ان اضطر الى السفر، وربما كان

سيوافق على ان يجيبها عن تلك الأسئلة هاتفياً.

ادركت فابيا انها مهما يكن فقد هدمت كل تلك الفرص الآن ، كما ادركت ايضاً بعد فترة تفكير انها ستكون محظوظة لو ان كارا ستقبل بأن تتحدث اليها

مرة اخرى .

ذلك ان كارا بذلت كل اعصابها ووقتها في سبيل ان تظفر بهذه المقابلة ، وهاقد جاءت فابيا لتنسف كل ذلك الآن...

ولكنها بعد ذلك اخذت تتساءل عما اذا كانت كارا لتصيب حظاً من النجاح اكثر منها ، لو كانت في مكانها مع ان المفروض ان كارا ، حيث انها متمرسة في

مهنتها ، وهي حتماً كذلك ، كاكانت لتثير غضبه بأخذ كلبه في نزهة.

تهيأت فابيا للنوم وقد انهارت معنوياتها الى الصفر، وعاد فين يحمل افكارها مرة اخرى بينما كانت تستلقي في سريرها تحاول الرقاد.

حوالي الساعة الثانية صباحاً ، كانت شبه نائمة ، تصاعد رنين جرس الهاتف فجأة وانتبهت فابيا وقد تسارعت خفقات قلبها ، ثم اشعلت النور.

عندما تناولت السماعة كانت افكارها منصرفة الى فين ، لتنتابها فوراً حالة فرح عندما سمعت صوت شقيقتها يقول:

- طننتك سافرت الى براغ ، ام انك سافرت وعدت مرة اخرى؟.

انتعشت فابيا:

- كارا ، ماأشد سروري بسماع صوتك ، أين أنت الآن؟.

اجابت :

- انني مازلت في اميركا، اعتقد ان الوقت هو منتصف الليل ، هل ايقظتك من النوم؟.

قال فابيا :

- آوه، كم انا مسرورة لذلك.

بعد عدة دقائق من الحديث عن حالة بارني سألتها:

- وكيف حالك أنت؟.

اجالت كارا :

- لأحسن حال ، انما تعبة قليلاً، وكيف حالك أنت؟ هل أنت بخير هناك؟.

اجابت فابيا:

- طبعاً ، وبالمناسبة ، لقد اتصلت بالمنزل هاتفياً؟.

قالت كارا بسرعة :

- لا اظنك اخبرتهما انني لست معك ، أليس كذلك؟ والا أصرا عليك بالعودة حالاً.

بدأت فابيا تخبر شقيقتها مشكلة السيارة ، ولأنها لا تستطيع العودة يوم الاربعاء، فقد اخبرت امها انها ستمدد إقامتها وذلك لجمال المدينة... وان الأم

استنتجت ان كارا ستسافر إذن الى امريكا من تشيكوسلوفاكيا.

قالت كارا :

- هذا هو السبب إذاً في انك مازلت في ماريا نسكيه لازنيه ، وليس براغ حسناً ، اظن من الأفضل ان تدوني عندك رقم هاتفي إذ قد تحتاجين لشيء ما.

ثم اعطتها الرقم ، وانتظرت برهة ريثما دونته فابيا عندها ، ثم قالت اخيراً :

- حسناً؟.

قالت :

- ماذا حسناً، بالنسبة لماذا؟.

قالت كارا :

- لا تكوني غبية كيف رأيته ؟.

قالت فابيا :

- تعنين فندلين غاجدوسك؟.

-----------------------------

اجابت كارا :

- ومن غيره ، كيف سارت المقابلة ؟ هل...

انفجرت فابيا قائلة بسرعة :

- كارا....

اجابت كارا بحدة :

- ماذا؟.

وترددت فابيا قليلاً إذ لم تعرف ماذا تقول وتابعت:

- لا اظنك فقدت قائمة الاسئلة تلك؟.

قالت فابيا :

- كلا، طبعاً لا.

قالت كارا بعد ان تنهدت بأرتياح :

- هل سألته كل الأسئلة المذكورة على القائمة؟.

اجابت مترددة:

- حسناً....

قالت كارا بشراسة :

- ألم تفعلي؟ تباً لك.

كانت فابيا تعلم في اعماقها انها ضيعت كل الفرص مع فين، ولكنها لم تشأ ان تزيد من هموم المسكينة كارا وهي التي تمضي وقتاً عصيباً مع زوجها المريض ،

فقالت لها :

- ليس الأمر كما ظننت.

سألتها اختها باختصار:

- ماذا إذن ؟.

وفكرت لحظة ثم تابعت :

- لا اظنك فقدت ملاحظاتك التي دونتها؟.

قالت فابيا إذ لم يكن عندها ملاحظات لتفقدها :

- كلا.

اجابت كارا:

- إذاً ، فقد اخطأت في القاء الأسئلة ، أليس كذلك ؟ تباً لك يافابيا ، كان في امكانك ان تقومي بهذا لأجلي على الأقل.

قالت فابيا:

- انني لم أخطئ في شيء.

وكانت تريد ان تخبرها بأن المقابلة لم تتم بعد ، ولكن شقيقتها قاطعتها قائلة:

- إنني آسفة ، فأنا متأكدة من انك اجريت المقابلة كأحسن مايكون لأجلي ، انني لا افكر بشكل جيد ، إنني آسفة فأنا لا انام جيداً واعصابي متعبة جداً.

قالت فابيا وقلبها يقطر ألماً لأجل شقيقتها:

- هل تريدينني ان احضر اليك؟.

اجابت كارا:

- كلا، فأنا بخير ، انما فقط اشعر بانزعاج لأجل تلك المقابلة التي تعني لي الكثير، اريد ان اعرف ماجرى فيها كي استطيع ان اركز كل طاقاتي على بارني

بعد ذلك.

قالت فابيا :

- لقد فهمت.

وساورها الشعور بالذنب ، لقد ادركت انها لا تستطيع الاعترف لشقيقتها بماحدث الا بعد ان تتحسن حالة بارني ويجتاز مرحلة الخطر.

قالت كارا منهية المحادثة :

- الأفضل ان اذهب الآن ، إنني آسفة لأنه فاتك ان ترى براغ ولكنك ، عدا عن هذا مستمتعة بوقتك ، أليس كذلك؟.

قالت فابيا بحماس :

- اجل ، هذا عظيم.

ثم حيتها ووضعت السماعة جانباً وهي تحدق امامها بجمود دون ان ترى شيئاً.

هذا عظيم ، وهل ثمة اعظم من ذلك؟ إن سيارتها معطلة وكذلك كذبت على والدتها ، كما انها اساءت الى الرجل الذي تشعر شقيقتها ببالغ الحرص على

عدم الاساءة اليه... وهاهي الآن تفهم كارا ان تلك المقابلة اللعينة قد اصبحت في الحقيبة بينما ليس ثمة بصيص من الامل من اجرائها.

هذا عظيم .. إنها لن تستطيع الانتظار الى الغد لكي ترى اية تعاسة يحملها اليها ذلك الغد.
-----------------------------


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-10-16, 02:45 PM   #7

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل السادس

بعد عدة ساعات من النوم المضطرب استيقظت فابيا على ضوء النهار وهي تفكر في انها لأجل كارا لن تقبل بالهزيمة بالنسبة لتلك المقابلة وأنها يجب ان

تحاول مرة اخرى.

لكن ماالذي يمكنها عمله حين تكون هي فيماريانسكيه لازنيه، بينما فين في براغ؟ ولم تستطع ان تجيب عن هذا السؤال وهي تنزل الى غرفة الطعام

لتتناول طعام الإفطار ولكنها مالبثت ان ادركت انها لن تستطيع احتمال كل ذلك القلق الذي لازمها ساعات الليل، ومازال ملازماً لها.

حسناً لابأس لقد أغضبت فين غاجدوسك منها بكل سهولة كما يبدو ، ولكنه اكد لها انه سيفكر في مسألة السماح لها بتلك المقابلة ، إذن سواء كان في إجازة

ام لا وسواء كان غاضباً منها ام لا، فإن المقابلة مازالت مفتوحة.

مع إطلالة الصباح لم تسمح لنفسها بأن تعتقد بعد مخابرته لها تلك ، بأنها خسرت كل فرصة لتلك المقابلة ، وأخذت فابيا ترشف قهوتها وهي تتساءل عن

كيفية إنجاز تلك المقابلة ، بينما هو هناك هنا؟ ومن أين تبدأ وكيف ؟.

بعد حوالي العشر دقائق من التفكير وتمحيص الأمور، استطاعت فابيا ان ترى بوضوح ان هناك مكاناً واحداً لتبدأ منه وهو ان تتصل بلأبور هاتفياً لتسأله إن

كان فين قد اتصل به الليلة الماضية، إذ ربما قد أعطاه فكرة عن الوقت الذي سيعود فيه من براغ وإن كانت لا تضمن بطبيعة الحال ، ان يخبرها لابور بما

يعلم ، ولكن حسب مفهومها ومعرفتها بمقدار ولاء لابور لمخدومه ، فإنه حتماً لن يعتبر ان اعطاءها إشارة عن موعد رجوعه ، هو شيء يمس ذلك

الولاء.

عادت فابيا الى غرفتها ، ولكن املها الضعيف ذاك ازداد ضعفاً ، ماذا تفعل لو ان لابور اخبرها ان فين سيمكث اسبوعاً آخر؟ ولكنها ، في اللحظة التالية عادت

ترد على نفسها ، حسناً وماذا لو انتظرت اسبوعاً آخر؟ إن عليها ان تنتظر ، على كل حال مادامت سيارتها ليست معها ، وعندئذ ادركت انها يجب ان تقدم

على خطوة اكثر ايجابية.

بعد خمس دقائق من التفكير الايجابي قررت انه مادام عليها ان تنتظر في ماريانسكيه لازنيه، عودة فين ، ومادام عندهم في تشيكوسلوفاكيا قطارات، فان

يإمكانها هي ايضاً ان تذهب الى براغ.

إن احتمال ان تصادف فين هناك ليس بالضئيل ، فهي تعلم هذا وهذا افضل كثيراً، عل كل حال ، إذ كانت تريد ان تملأ وقتها الى حين عودته، فهل هناك

افضل من السفر الى العاصمة ، وتمضية عدة ايام في الطواف في أنحائها؟.

ارتاحت نفسها الى هذا القرار ، إذ ربما حين عودتها ستجد سيارتها جاهزة بانتظارها ، ثم انه عليها ان تتصل بوالديها ، بطبيعة الحال لتخبرهم لعطلتها ، إنما

بالنسبة الى الآن .. وأخذت الرسالة التي تحوي عنوان فين ورقم هاتفه من حقيبتها.

-------------------------------

انتظرت الى مابعد العاشرة ، لكي تطلب اتصالاً هاتفياً من مكتب الاستقبال آمالة ان يكون لابور في العمل نهار الأحد هذا.

عندما جاءت مخابرتها والتقطت السماعة لتجيب ادركت انها ليست بحاجة الى سؤال لابور عن موعد حضور فين ، ذلك ان فين اجابها بنفسه.

شهقت بدهشة وقد اسرعت خفقات قلبها ، وتوقف ذهنها عن التفكير ولم تعرف ماذا تقول الى ان قال فين ببطء:

- انت طلبتني.

انتبهت بسرعة وقالت :

- أوه ، نعم... ولكن، في الحقيقة كنت اتصل لأتكلم مثل لابور.

سألها ببرود وقد بدا في صوته فجأة نوع من العداء:

- أتريدين التحدث الى سكرتيري؟.

مرة اخرى تذكرت كيف ان هذا الرجل يظن انها تريد ان تتحدث عنه من دون علمه، لتأخذ عنه معلومات من سكرتيره وشعرت بالغضب ، ولكن ليس

بامكانها ان تغضب أو ان تجعله يشعر بالاستياء مرة اخرى، فتنفست تستجمع بذلك مشاعرها ، لتقول بهدوء :

- في الحقيقة اردت الاتصال بالابور لأسأله عن موعد رجوعك من براغ.

كان جوابه الصمت ولكن حين بدأ قلقها يشتد سألها فين:

- هل أردت رؤيتي؟.

اجابت:

- طبعاً.

ثم اندفعت تضيف :

- حسناً ، لقد قلت إنك...

وضعف صوتها ، ولكن كلا، يجب ان لا تخسر هذه الفرصة ، وتابعت:

- بالنسبة الى المقابلة..

اجابها بعنف :

- وهل اصبح هذا امراً مستعجلاً فجأة ؟.

تمنت فابيا من كل قلبها لو تضربه.

شعرت بأنه يتعمد مضايقتها وجاهدت مرة اخرى لكي تتمالك نفسها واجابت :

- المسألة هي انني فكرت في الذهاب الى براغ.

وسكتت لحظة لتتمالك هدوءها ثم تابعت:

- ولكن إن كان في إمكانك ان تمنحني عدة دقائق من وقتك فإنه يسرني أن أرجئ سفري.

وأضافت بينها وبين نفسها ، أنها قد لا تذهب الى براغ ابداً.

ساد الصمت مرة اخرى وانتظرت آملة ان يكون جوابه بالإيجاب.

عندما تكلم ، مع انه لم يكن ضد فكرة المقابلة ابداً ، سألها بغطرسة:

- وكيف ستذهبين الى براغ؟ ها أعادوا اليك سيارتك؟.

اجابت :

- كلا.

وادركت من سؤاله انه كان قد أبلغ المرآب اسمها واسم الفندق الذي تقيم فيه ، وتابعت :

- لكن في استطاعتي الذهاب بالقطار ، إن عليّ فقط ان...

رد عليها بلطف جعل قلبها يخفق مرة اخرى:

- أظن انه يمكننا القيام بماهو افضل ، ذلك انني عدت الى البيت لأخذ بعض الأوراق، وسأعود الى براغ بعد الظهر.

قالت :

- أوه...

هل كان يعرض عليها ان يوصلها معه؟ وخفق قلبها بعنف.

سألها قبل ان تلقي اليه بأي جواب :

- هل حجزت غرفة في مكان ما؟.

اجابت متلعثمة:

- ك....كلا... ولكن...

قال :

- إن من الصعب ان تقومي بذلك في مثل هذه المدة القصيرة.

وخفق قلبها ، فنفرض انه عرض ان يوصلها معه الى براغ ، فماالفائدة إذ لم يكن في استطاعتها ان تجد مكاناً تبيت فيه؟ وتملكها الدهشة اذ وجدته يتابع قائلاً:

- يرجد غرفة خالية في الجناح الذي استأجرته لهذا الشهر ، يمكنك المبيت فيها إذا شئت.

---------------------------------

شهقت قائلة:

- أيمكنني ذلك؟ هذا كثير.

وكاد ذهنها يكف عن العمل ، ولكنها تمالكت نفسها لكي تستطيع التفكير في الأمور الهامة، وشعرت بأن هذا الوقت تستطيع التفكير في الأمور الهامة، وشعرت

بأن هذا الوقت غير مناسب للإصرار على إجراء المقابلة رسمياً، وايضاً شعرت بأنه ليس الوقت الذي تدفع بعيداً هذا الحظ المؤاتي ، وهكذا قالت بسرعة:

- شكراً ان هذا لطف بالغ منك.

قال:

- كوني جاهزة إذن ، الساعة الثانية.

ثم انهى المخابرة ، جلست بعد ذلك مصعوقة لا تكاد تصدق انها ذاهبة الى براغ مع فندلين غاجدوسك ... وانه قد سمح لها باستعمال غرفة في جناحه في

الفندق هناك.

كانت لا تزال تشعر بعد مضي ساعة برعشة في جسدها.. لقد كانت ذاهبة الى براغ... ومع فين... عندما ادركت فجأة انها لم تكد تتحرك منذ تلك المخابرة

الهاتفية ، من الأفضل إذن ان تقوم بعملها كي لا تجعل فين ينتظر طويلاً.

حزمت فابيا امتعتها ثم نزلت الى المكتب لتدفع حسابها وعندما اخبرت الموظف انها ستعود قريباً ولكنها لا تعرف بالضبط متى، اقترح عليها ان تترك بعض

امتعتها في مخزن الفندق .قبلت شاكرة هذه الفكرة التي وجدتها ممتازة، ثم عادت الى غرفتها تعيد تنظيم امتعتها لتأخذ معها الى براغ ماتحتاجه

هناك.

في الساعة الثانية إلا عشر دقائق كانت قد سلمت الموظف اكبر إحدى حقيبتها ، وتناولت شطيرة جبنة وفنجاناً من القهوة، ثم جلست في قاعة الانتظار

،ولتقتل الوقت اخذت تفكر في تلك المقابلة عند ذلك اخذت تتساءل عما اذا كان في إمكانها استغلال فرصة تلك الرحلة التي تقدر بمئة كليو متر وذلك

لإلقاء بعض أسئلة كارا!.

تذكرت انها اثناء رحلتهما الى كارلوفي فاري لم تشأ ان تستغله بأسئلتها عن تركيز ذهنه على القيادة ، وهكذا شعرت فابيا بالنفور من هذه الفكرة ، ذلك انه

ليس من الانصاف ان ترميه بالسؤال تلو السؤال منذ اللحظة التي يدخل فيها الى سيارته في ماريانسكيه لازنيه الى ان يخرج منها في براغ خصوصاً عندما

يشتد زحام السير في انحاء المدينة، ولكن الاستعجال في إلقاء تلك الاسئلة عليه حال وصولهما ، كان ضرورياً، وبدا الأمر لفابيا في غاية السهولة إذ قالت:

- كل مااريده هو ان تعود اليّ اجوبة مترابطة الأحداث....

ولكن مجرد محاولة تقديم بعض هذه الاسئلة الى هذا الرجل تجعل من هذه المقابلة سيئة الحظ، شبحاً مفزعاً يحتل معظم تفكيرها.

لكن فجأة شعرت فابيا انها نالت مايكفي ، ولكن ليس معنى هذا انها ستتخلى عن كارا ، فهي لن تفعل ذلك مطلقاً ، ولكنها لن تفكر بعد الآن في تلك المقابلة

اللعينة إلا بعد ان تصل الى براغ ، ولم يكن عندها فكرة طبعاً كم ستجمعها الصدف بفين اثناء وجودها في جناحه في الفندق ، ولكنها سمعت تماماً الآن ان

تحاول إيجاد فرصة تستطيع فيها بحث هذا الموضوع معه.

---------------------------------

كانت تراقب الباب في تمام الساعة الثانية عندما دخل رجل تشيكي فارع القامة الى الفندق ، وما ان بدأ قلبها بسبب غير معروف يخفق بشكل سخيف حتى

رآها فاتجه نحوها ، قال ببساطة وهو ينحني ليتناول حقيبتها التي كانت قد مدت يدها لتحملها :

- هل هذه الحقيبة فقط؟.

اجابت:

- لقد تركت الحقيبة الأخرى هنا.

قال:

- فلندهب إذن.

ووضع يده على ذراعها يقودها فقط نحو سيارته ، عندما اصبحت مدينة ماريانسكي لازنيه خلفهما ، بدأت تحدثه قائلة:

- كم ساعة يستغرق الطريق للوصول الى براغ؟.

اجاب:

- ساعتين على الأكثر، هل سبق وامضيت عطلة في براغ من قبل؟.

اجابت :

- كلا، ابداً.

قال :

- حتى و لا رحلة عمل الى هذه المدينة؟.

كان سؤالاً معقولاً بالنسبة الى ظنه بأنها صحفية ، كانت تدرك ذلك ومع هذا تملكها الشعور بالذنب ، لقد ادركت فابيا الآن مبلغ العفوية التي سادت علاقتها

مع فين ، وكيف نسيت انه من المفروض ان تكون هي كارا كينغسدال الصحفية المحترفة.

اجابت بهدوء:

- كلا.

ومنعها ذلك الشعور بالذنب من ان تنظر الى وجهه فحولت وجهها نحو النافذة تنظر الى الخارج.

بقي هذا الشعور بالذنب يثقل نفسها طيلة الطريق الى براغ ، وعند ذلك فقط ادركت فابيا انه ماكان لها ان تقبل دعوته قط لم يكن ذلك صواباً بل كان

خداعاً له، لقد كان يظنها شخصاً آخر، وستثور ثائرته لو علم الحقيقة ، ولم يكن من اللائق ان تدافع عن نفسها بأنها كانت تقصد ان تنتحل شخصية اختها

لساعة واحدة فقط ، ولكن الأحداث لم تسر كما توقعت ، فالخداع سيبقى هو نفسه ، لو كان لدقيقة واحدة لقد قبلت دعوته مدعية شخصية اخرى، وكان

هذا خداعاً ... وكانت تعلم بالغريزة ان فين رجل يمقت الخداع وسينفصل عنها إذا هو عرف الحقيقة وليس امامها الآن إلا ان ترجو ان لا يعرف الحقيقة

ابداً.

قال فجأة :

- هاهو براغ ، لقد دخلناها الآن.

وأخذت تجيل النظر حولها ، وقالت :

- كل شيء هنا يبدو أكثر تمدئناً.

قال:

- والحرارة أشد ايضاً.

وبعد ذلك بفترة قصيرة كان يقف امام الفندق، بعد ذلك بمدة قصيرة كانا يصعدان الى حيث يقوم جناح فين ، وسارا في الممر حتى وصلا الباب الذي

دخلا منه الى ردهة واسعة على يمينها حمام مترف، بينما الى اليسار قام صف من الخزائن مبنية في الجدار، وفي وسط الردهة كان هناك باب آخر دخلا منه

لتقف فابيا وسط قاعة جلوس ذات اثاث مريح.

تبعهما حمال بأمتعتها ولاحظت ان ثمة باب يؤدي الى الشرفة يقوم بين بابين آخرين.

حمل فين حقيبتها متوجهاً نحو الباب الذي الى اليسار وهو يقول :

- هذه غرفتك.

وعندما تبعته الى غرفة النوم الجميلة تلك ، قال لها:

- ارجو لك حظاً سعيداً هنا، واثناء تنظيمك لأمتعتك سيحضر الينا النادل الشاي.

سألته بذهن شارد:

- الشاي؟.

-----------------------------

قال :

- أريد ان أثبت بذلك انني لا انسى دوماً مواعيد المناسبات المنعشة.

كان يتكلم ببطء ، ولكن في عينيه ثمة هزل جذاب فتنها ، وابتسمت عيناها له وكذلك فمها، ولكنه استدار فجأة خارجاً وما زالت نبرات صوته في أذنيها

تدخل الى نفسها السرور ، وهو يقول لها اثناء خروجه من غرفتها :

- سنتناول الشاي في غرفة الجلوس.

وجدت نفسها بعد خروجه تبتسم دون سبب واشرق وجهها وهي ترى انه لم يوصلها بسيارته فقط ، بل ويمنحها غرفة في جناحه ليتركها بعد ذلك دون اهتمام

لينسى كل شيء عنها.

كانت وهي تخرج امتعتها من الحقيبة ، انها لن تستغل كرم فين إذ هو دعاها احياناً الى فنجان شاي ، ولكن عندما عادت الى غرفتها ، شعرت نحوه بالشكر

إذ ، بدلاً من ان يتوجه الى غرفته للراحة، دعاها لمشاركته الشاي حيث ابقاها معه نصف ساعة.

كانت تضع حاجياحها في الادراج ، عندما سمعت اصواتاً في غرفة الجلوس ، ثم سمعت الباب الخارجي يغلق لتستنتج ان النادل قد أحضر الشاي.

شعرت فابيا بالإثارة تغمر نفسها وهي تسرح شعرها الذهبي الطويل كما رأت نفسها تبتسم دون وعي منها ، عند ذلك تركت المشط من يدها وأدارت ظهرها

الى مرآة طاولة الزينة لتنقي من ذهنها ان ثمة شعوراً بالإثارة في نفسها ، انها لا تمانع في تناول فنجان شاي معه ، وكانت ظمأى حقاً ، ولكن متى كان فنجان

الشاي يسبب مثل هذه الإثارة؟.

هكذا نفت من ذهنها هذه الفكرة ، وتركت غرفتها لتجد ان فين قد سبقها الى غرفة الجلوس ، وعادت اليها ابتسامتها مرة اخرى ، ولم لا؟ إنها في براغ ،

ويجب ان تكون سعيدة .

مدت يدها تجذب كرسياً لتجلس عليه امام صينية الشاي قالت له:

- هل أكون أنا الأم؟.

اجاب:

- عفواً؟.

قالت تعتذر:

- أرجو المعذرة، إنه تعبير انكليزي يعني هل اسكب الشاي؟.

قال :

- إنك تريحينني بذلك.

وكان المزاح يبدو في لهجنه، ولكن التسلية كانت تبدو في عينيه مما اشعرها بالسرور، وسحب كرسياً بدوره ليجلس امامها قائلاً:

- افعلي من فضلك.

سكبت فابيا فنجاني شاي ناولته احدهما وسألته:

- حلوى؟.

ونظرت اليه جالساً بكل راحة وقد سوى ساقيه امامه ، هز رأسه نفياً ولكنها لم تستطع مقاومة الإغراء فأخذت قطعة ثم ذاقت واحدة من كل الأنواع

المتعددة التي كانت على الصينية، وعندما رفعت انظارها اليه فجأة رأته يراقبها باسماً فقالت :

- انني شرهة أليس كذلك؟.

قال:

- احسست بالعجب إذ بينما معارفي من النساء ينكمشن فزعاً من منظر هذه الحلوى ، اراك تتناولينها بكل لذة دون ان يؤثر ذلك على جمال جسدك

ورشاقته.

سرت فابيا إن ترى فين معجباً بجمال جسدها، وإن كانت لم تتأكد من شعورها نحو معارفه من النساء، ولكنها ابتسمت واجابته ببراءة:

- انني امشي احياناً عدة اميال وربما هذا هو السبب في ذلك.

-----------------------------------

قال :

- هل تذهبين الى مكتبك في لندن مشياً على الأقدام لتوفري سيارتك حين لا يكون عندك مقابلات؟.

انحدرت نظرات فابيا الى الأرض وقد عاودها الشعور بالذنب ، عليها ان تكون الآن اكثر حذراً ذلك انها في مثل هذه المحادثة البرئية كاد لسانها ان يزل

بسهولة.

رفعت رأسها باسمة وهي تقول:

- على ذكر المقابلات انني اعرف انك في إجازة أو ماشابه ، انني لا اريد في الحقيقة، ان اكون متطفلة ولكنك قلت...

قاطعها :

- لقد قلت انني سأفكر بالأمر.

ولكنها سرت إذ وجدت انه مازال مسترخياً هادئاً دون ان يظهر تذمراً لإعادتها ذكر هذا الموضوع وتابع قائلاً:

- وكما ذكرتني ، فإنني في إجازة، وكذلك أنت .

ولاحت على فمه شبه ابتسامة وهو يتابع :

- قبل ان يمضي وقت طويل ، ساتحدث معك بشأن المقابلة ، اما الآن...

واتسعت ابتسامته وهو يستطرد :

- انني مصر على ان ننسى ، نحن الاثنين العمل لنستمتع براحتنا هذه.

تمتمت هي:

- آه...

لقد كانت تريد في الواقع ان تحصل على موعد محدد، ولكن فين الذي يبدو ان العمل قد انهكه ، قال انه سيتحدث في هذا الأمر قريباً، وادركت ان ليس

بوسعها ان تحصل على عرض افضل مما قدمها لها الآن، وبالنسبة الى الإجازة حسناً ، من وجهة نظرها هي، يمكنها ان تريح نفسها من التفكير في تلك

المقابلة والقلق بشأنها لعدة ايام تقضيها في براغ مستمتعة، وشعرت لذلك بالخفة والارتياح.

قال لها فين وكأنه قرأ افكارها :

- هل واقفت؟.

ولما كانت تعلم ان ليس امامها خيار آخر ، اجابت :

- نعم، طبعاً.

ليكافئها ، عند ذاك بابتسامة وهو يقول باختصار:

- هذا حسن.

دهشت وهو يضيف قائلاً:

- إنني اقترح ان نتناول العشاء في الساعة الثامنة ، وهذا...

قاطعته هاتفة :

- نتناول؟.

سألها:

- هل عندك مانع من ذلك؟.

قالت:

- كلا ، ولكن...

قال:

- حسناً ، سأرتبط مع سيارة أجرة للساعة السابعة والنصف ، ثم...

قاطعته مرة اخرى :

- ولكن ...

ثم سكتت وعندما لاحظت نظرته الحادة الغاضبة اليها ، عادت تقول :

- ولكنها إجازتك وانت غير ملزم بأن تقضي وقتك معي وتأخذني الى العشاء.

حالاً ، تلاشت ملامح الحدة والغضب من ملامحه وحل محلها نظرة تسلية في عينيه القاتمتين وهو يقول ببطء:

- إنني أعلم ذلك يافابيا، صدقيني انني ماكنت لاصطحبك الى أي مكان لولم تكن هذه رغبتي .

فكرت هي ، ماروعه.. ثم اجابت بهدوء:

- شكراً .

ثم اضافت وهي تفكر في انها ستغسل شعرها ، رغم انها سبق وغسلته امس:

- اسألك المعذرة، إذ هناك عمل أريد أن اقوم به.

كانت جاهزة تماماً عند الساعة السابعة والنصف ذلك المساء ، وقد عاد الى نفسها ذلك الشعور بالإثارة الذي انتابها من قبل،ونظرت الى نفسها في المرآة

تطمئن على مظهرها ، إن فين غاجدوسك رجل يحب المظاهر فهل تراه سيعجبه ثوبها الأسود الأنيق والطريقة التي رفعت بها شعرها من الخلف مثبتة إياه

بعقدة تقليدية فوق رأسها.

-------------------------------------------

فكرت بسرعة ، ان هذا لا يعني انها تتألق خصيصاً لأجله ، فقد اعتادت ان ترفع شعرها بهذا الطراز في المناسبات كما انها عندما اشترت ذلك الثوب الاسود ،

لم تكن تحلم بأنها يوماً ما ستجتمع بفين.. إذن ليس هناك شخص يمكنه القول انها اشترت هذا الثوب لكي ترتديه لأجل فين غاجدوسك.

تساءلت لماذا تقدم لنفسها كل هذه الأعذار على كل حال؟ ونظرت الى ساعتها الأنثوية الصغيرة لترى انها يجب ان تكون الآن في الردهة تنتظر حضور

سيارة الأجرة، وعادت تفكر في أنها ليست بحاجة الى اختلاق الأعذار ، ذلك انها ضيفة فين ومن الطبيعي منها ان تبدو الى جانبه، في احسن حالاتها.

بعد ذلك بدقيقة واحدة، تيقنت مما إذا كانت تبدو في احسن حالاتها حقاً، ومما إذا كان منظرها يعجبه، دخلت غرفة الجلوس، وكان قد سبقها اليها لتراه

رائع المظهر لا تشوب أناقته شائبة.

تمتمت:

- مرحباً.

وقد شعرت للحظة بخجل غير متوقع ، تمتم فين وهو يتقدم نحوها:

-مرحباً انت ايضاً يافابيا كنغسدال.

ووقف ينظر بصمت اليها في ثوبها الاسود ، وطراز شعرها هذا، وفي بشرتها الخالية من كل عيب، وقوامها الرائع، ثم قال:

- كنت دوماً اراك رائعة الجمال بالقدر الذي اراك فيه الآن .

وحدق في عينيها الخضراوين الواسعتين وهو يضيف بهدوء:

- إن كلمة رائعة الجمال لا تفيك حقك.

فتحت فابيا فمها لترد بجواب مناسب ، ولكن خفقان قلبها كان يتسارع ، ذلك لأنه لم يمدحها احد بهذا الشكل من قبل، كما ان هذا المديح بدا صادقاً

مخلصاً ليس فيه اي تزييف مما جعلها لا تعرف ماالذي ينبغي ان تقوله سوى ان تجيب بصوت اجش:

- شكراً يافين.

وبقيت نظراته متشابكة بنظراتها لحظة، ثم وكأنه يقدم التقدير لجمالها، مد يده ليمسك يدها بكل كياسة ورقة ، ثم يرفعها الى شفتيه، وهو يقول:

- هل نذهب؟.

عندما انزلتهما سيارة الأجرة امام المطعم، كانت فابيا تشعر بالهدوء والرزانة، ومع ذلك عندما مشى فين معها الى حيث حجزت لهما مائدة، شعرت بتأثير ثباته

وقوته البالغة عليها.

كانت قاعة الطعام عالية السقف تتألق بالثريات البلورية ويسود جوها التحفظ وهكذا مر الوقت بهما بهدوء، كانت الخدمة جيدة والطعام لا بأس به، اما

مرافقها... فقد كان رجلاً حسن المعشر الى حد بالغ، إذ كان في استطاعته ان يتحدث في أي موضوع بتفهم وطلاقة فيجعل السامع يطلب المزيد ويشعره

بالسرور لصحبته.

بدأت وجبتها باللحمة والكافيار الذي كان في استطاعته ان يتحدث في أي موضوع بتفهم وطلاقة فيجعل السامع يطلب المزيد ، ويشعره بالسرور لصحبته.

بدأت وجبتها باللحمة والكافيار الذي كان من نوع جيد، ثم حساء الفطر، هذا الى نوع جديد عليها من الطعام لم تستطع ان تحفظ اسمه التشيكي الذي

يتألف من خمس كلمات، والذي كان عبارة عن لحم عجل مسلوق وصلصة الجبن وصفار البيض، وبجانبه الأرز وبالكاد استطاعت ان تترك في معدتها فسحة

صغيرة للآيس كريم في نهاية الطعام، وأثناء تناول القهوة كانت فابيا تشعر بالشبع التام.

---------------------------------

وكانت طوال الوقت تضحك من وقت الى آخر لكلمات كان يتفوه بها فين ، وضحكت مرة طويلاً ، لكلمة تفوهت هي بها... وهكذا مر بهما الوقت وكأنهما

يطيران فوق السحاب .

ختاماً لكل تلك البهجة قال لها فين وهو ينتظر قائمة الحساب:

- لقد كنت مرافقة ساحرة.

هي مرافقة ساحرة؟ وادركت ان تهدف بأنه هو الذي كان كذلك بسحره الطبيعي غير المتكلف ، ولكنها قالت بدلاً من ذلك:

- إنني امضيت وقتاً رائعاً.

وعندما اوصلتهما سيارة الأجرة بعد ذلك بدقائق الى فندقهما، شعرت بأنها مرت بحلم جميل.

عندما دخلا جناحه في الفندق سألها إن كانت تحب ان تشرب شيئاً قبل النوم.

كان الأغراء كبيراً، ولكن حيث انها كانت تريد ان تستعيد حلم هذه الليلة الرائعة ، وذلك باستعادة كلماته التي ملأت خيالها .( ماكنت لاصطحبك الى أي

مكان لو لم تكن هذه رغبتي) وأيضاً قول ( لقد كنت مرافقة ساحرة). فقد كان هذا كافياً لكي تبعد عنها إغراءه ذاك، إذ يكفي مااقدمه اليها حتى الآن ومن

غير المستحسن ان تستغل كرمه ذاك، وهكذا اجابته :

- اشكرك، أظن من الأفضل ان أتهيأ للنوم الآن.

كان رفضها مهذباً ولكنها اضافت:

- وشكراً لهذه الليلة الجميلة.

قال:

- كان في هذا سروراً لي ، ليلة سعيدة يافابيا.

ردت عليه التحية وهي تدخل غرفتها لتمضي دقائق مستندة الى الباب وعلى شفتيها ابتسامة حالمة.

بعد ذلك بدقائق سمعت صوت باب يغلق وتكهنت بأن فين ذهب الى فراشه دون ان يتكلف عناء تناول شراب قبل النوم، ثم ابتعدت عن الباب وخلعت

ثيابها ، وارتدت قميص النوم واضعة على كتفيها شالاً رقيقاً ، ثم تركت غرفتها حاملة ثوبها الاسود لتجتاز غرفة الجلوس الى الردهة لتعلق ثوبها في الخزانة ، ثم

دخلت الحمام حيث اخذت حماماً سريعاً.

كانت وهي تغتسل وتعيد ارتداء قميص نومها لا تزال تحلم بذلك المساء الجميل حتى وهي تخرج من الحمام لتدخل غرفة الجلوس، ولكن هاهي ذي

تقف مصعوقة ، كان فين حاملاً كتاباً في يد، وفنجان قهوة في اليد الأخرى يفتح باب غرفته خارجاً الى غرفة الجلوس في اللحظة ذاتها التي كانت تدخل

هي فيها اليها.

فجأة انتبهت فابيا الى قميص نومها القطني الرقيق والى شعرها المتناثر حول وجهها وعنقها مما جعلها تستعجل في الإندفاع داخلة الى غرفتها دون تأخير.

بتقديم فين الى الامام ، لم يكن ثمة مناص من ان يتقابلا في وسط الغرفة، وتوقفت هي مترددة، ورمقته بنظرة ادركت بها ، من الدهشة التي ظهرت على

وجهه، انه اساء تأويل السبب الذي جعلها تهرول الى غرفتها لدى رؤيته، ولم يكن فين بالرجل الذي يحتفظ بأفكاره في ذهنه إذ وضع كتابه وفنجان القهوة

فوراً على منضدة قريبة وهو يقول لها متسائلاً وقد رأت الجد على ملامحه:

- هل أنت خائفة مني يا فابيا؟.

شهقت وقد تملكها الفزع لتفكيره هذا، وقالت:

- خائفة منك؟ كلا طبعاً.

ولأن إنكارها هذا لا يعطي تعليلاً مقنعاً لهرولتها هذه نحو غرفتها لدى رؤيته ، فقد وقفت تواجهه قائلة بتلعثم توضح له الأمر:

- انني...أظن.... ربما كان هذا خجلاً مني...

----------------------------------

سألها إذ كانت تثرثر طيلة المساء دون أي بادرة خجل:

- ولماذا تخجلين؟.

عادت تجيب بنفس اللعثمة:

- أظن.. لابد ان يكون هذا خجلاً ...أو....

وتوقفت فجأة عن الكلام ونظرت اليه عاجزة عن الايضاح لترى في التعبير الذي بدا على ملامحه انه عدا عن سروره إنه علم انها لا تخاف منه ، فهو يحاول

ان يفهم السبب في ذلك.

قالت وقد بدا عليها الضيق:

- انني اعرف ان هذا شيء مضحك، ولكنني غير معتادة على الظهور بقميص النوم امام...

لم تكن في حاجة الى الاستمرار في الإيضاح إذ اكمل هو حديثها رافعاً حاجبه :

- امام رجل غريب؟.

قالت تتصنع المزاح لكي تلطف من الجو:

- حسناً... إنك لست غريباً، ولكن ... طبعاً عندك فكرة عن مثل هذه المشاعر ..

قال ببطء:

- آه ، فهمت.

وفجأة أجفل لفكرة طرأت في ذهنه ليهتف بكلمة بلغته ملأن الجو، ثم قال لها:

- هل افهم من ذلك ان ليس ثمة رجل ، سواء كان من معارفك ام تعرفت به حديثاً قد رآك قط، تتهيأين للذهاب الى الفراش؟.

فهمت فابيا معنى سؤاله هذا الذي وضعه هذا الشكل المهذب، ولكنها قالت متملصة من الجواب الذي خجلت من ان تقوله:

- حسناً ، أبي فقط.

ولكنها إزاء النظرة الجادة التي بدت في عينيه ، لم تملك إلا ان قالت بصدق :

- نعم.

قال:

- أنت ، إذن بتول؟.

غمغمت محرجة:

- حسناً ، ليس من عادتي ان ادور لأخبر الناس بذلك، ولكن ... نعم انني كذلك.

تمتم برقة وقد امتلأت عيناه بالإدراك :

- أوه، يافابيا ياحلوتي.... لا ترتبكي هكذا.

ثم انحنى يقبل جبينها بتقدير.

همست وقد أثارها شيء في قبلته تلك:

- أوه.

وشعرت بأن قبلته تلك مازالت مطبوعة على جبينها.

طلب منها الذهاب قائلاً بلطف:

- ليلة سعيدة ياصغيرتي.

وشعرت فابيا فجأة ، وكأنها عادت الى عالم الأحلام الذي كان الآن هو ان تريه انها لا تخاف منه ابداً، لقد اعطتها قبلته على جبينها الفرصة لأن تظهر له الى

أي حد لا تخاف منه.

قالت له للمرة التالية:

- ليلة سعيدة يافين.

ولكنها هذه المرة وقفت على اطراف اصابعها ومست وجنته بشفتيها، فجأة رغم محاولتها الابتعاد بدا عليها انها عاجزة عن الحراك، لقد شعرت ببساطة، انها

تريد ان تبقي بقربه ورفع ذراعه يريد ان يرفعها عنه بلطف نحو غرفتها ، ولكنه بدلاً من ذلك وضعها حول كتفيها ,لكنها لم تبتعد لأنه لم يدفعها عنه، وإنما

اشتدت ذراعه تلك حولها ، فجأة ،ليجذبها نحوه وتطيعه هي دون مقاومة وفي اللحظة التالية كانت بين احضانه ، فجأة اطلقت صرخة ذعر:

- كلا.

وتراجعت خطوة مبتعدة عنه .

------------------------------

في الحال وكأنها كانت جمرة من نار ، اطلقها فين من بين ذراعيه مبتعداً عنها هو الآخر، وهو يقول بسرعة مطمئناً.

- لابأس إنني لن أؤذيك.

وانحنى يتناول شالها الذي كان قد سقط منها ثم سلمه اليها وهو يبتعد عنها اكثر فأكثر، وبينما كانت تلتف بالشال، قال لها:

- بالرغم مما حدث يافابيا ، فأنا لم احضرك معي الى براغ لكي اغويك.

اجابت بسرعة وثقة:

- أعلم ذلك.

ذلك انها رغم اضطراب ذهنها وتشوشه ، فقد كانت واعية تماماً لماحدث.

بدا عليه السرور لجوابها وكانت على وجهه شبه ابتسامة عندما قال:

- أظن من الأفضل ياعزيزتي ان تحتفظي بمسافة بيني وبينك قدر الاستطاعة.
سرها هذا، وتمنت له ليلة سعيدة ثم دخلت الى غرفتها وقد شعرت بسرعة نظرتها الى الوراء، ذلك لأنه إذ اطلقها من بين ذراعيه دون احتجاج سيسر من
جذبها، اخذت تفكر الآن بأنه ربما لا يرغب فيها بنفس القوة التي ترغب هي فيه.

لكن، هذا غير صحيح لأن قوله لها انها يجب ان تحتفظ بمسافة بينهما لكي لا تحدث الغواية ، فهذا يعني انه يرغب فيها حقاً.

-----------------------------


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-10-16, 02:46 PM   #8

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل السابع

اي شعور بالخجل قد تكون فابيا احست انه سيتملكها عندما ترى فين في الصباح التالي، بيد ان الخجل سرعان ماتلاشى عندما رأته حقيقة .

كان يرتدي معطف حمام قصير ومازال شعره مبلللاً وكان واضحاً انه كان خارجاً لتوه من الحمام، عندما كانت في طريقها الى الحمام هي وهو يتوجه الآن

الى غرفة الجلوس.

حياها ثم قال :

- سأنتظرك عند الافطار بعد نصف ساعة.

ردت عليه بتحية تشكية كما تعلمتها من قاموس تعليم الجمل والتي تقال لمن يستيقظ مبكراً.

لم يرد عليها ولكنها تكاد تقسم انها قبل ان يغلق باب غرفته سمعت ضحكة صغيرة تصدر عنه .

ابتسمت فابيا لتجد نفسها تدمدم وهي تحت الدوش بمقاطع قصيرة من موسيقى دفوراك هاموريسك التشيكي.

لم تتأكد مما إذا كانا سيتناولان طعام الافطار في جناحه او حتى ما اذا كانت ستشاركه الافطار ، ولكن عندما عادت الى غرفتها ارتدت سروالاً وقميصاً كما

اولت شعرها الطويل عناية كافية لتكتشف بعد ذلك، ان الافطار قد وضع على مائدة كانت الى جانب جدار في الغرفة حيث فرش عليها غطاء ببياض الثلج.

--------------------------------

قال فين وهو يسحب كرسيا لتجلس عليه بجانب المائدة:

- هل أنت جائعة؟.

اجابت :

- نعم ولا ادري كيف أجرؤ على الاعتراف بذلك بعد تلك الوجبة الدسمة ليلة امس.

جلست وهي تفكر في ان منظره بالسروال البسيط والقميص والكنزة كفيل بأن يسرع بخفقان قلبها، قال لها وهما يتناولان الطعام:

- ماالذي ستفعلينه هذا النهار؟.

ضحكت وهي تسكب فنجانين من القهوة واجابت:

- قدر مااستطيع.

سألها :

- تتفرجين؟.

أومأت برأسها قائلة:

- ماهو افضل ابتدئ منه.

ولم تكد تصدق جوابه حين قال :

- سأتي معك إذ شئت.

هتفت:

- أستأتي معي؟ أوه، ولكنك لا تريد أن...

وتلاشى صوتها حين رفع حاجبه وكأنما ليس ثمة شخص يمكنه ان يخبره عما يجب ان يفعل او لايفعل وحالاً قالت تعتذر:

- انني آسفة.

ولكن لأنها لم تستطع ان تصدق انه سيجوب شوراع براغ معها قالت له بلهفة:

- أصحيح ماتقول ؟.

كان في ابتسامة الجواب، وعندما قفز قلبها من من موضعه تذكرت ماسبق وقاله( صدقيني ، لم أكن لاصطحبك الى اي مكان ان لم تكن تلك رغبتي)

وهذه على كل حال مشيئته هو في مالو اراد الذهاب معها ام لا، وتأكدت من ذلك حين سمعته يتمتم:

- اظنني ساجد ذلك ممتعاً.

بعد الافطار ارتدت فابيا كنزة خفيفة وسترة ووضعت حقيبتها على كتفها، بينما احضر فين معه سترته ، وبعد عشر دقائق كانا يتركان الفندق سائرين معاً.

كانت براغ مدينة قديمة جداً بنيت على سبع تلال ، وكان فيها اشياء كثيرة تستحق الرؤية، وكان اول ماأخذها لرؤيته هي ساحة واسعة مازالت محتفظة

بشكلها من القرون الوسطى ، وكان وقع اقدام السواح تتجاوب اصداؤها فوق الارض المبلطة بالأحجار الملساء،وفي الساعات التالية.

استغرقت فابيا في التفرج خاصة على القصر والمتحف الوطني للفنون الذي كان يضم الآثار الاوروبية الفنية.

وكان اجمل مارأته هي كاندرائية سانت فيتاس.من القرن الرابع عشر والقائمة في ساحة قصر براغ ولكثرة ماكان يستحق الرؤية في المدينة والذي استغرق

منهما الساعات الطوال نسيت فابيا تماماً حاجتها الى تناول الطعام الى ان ذكر فين ذلك متفكهاً بقوله:

- حيث انني لم أشأ ان اقطع سرورك بشرب فنجان قهوة، فهل تسمحين لي ،والساعة الآن الواحدة وعشر دقائق ان نأخذ فرصة نتناول فيها الغداء؟.

هتفت وهي ترى الابتسامة على وجهه:

- لا يمكن ان يكون هذا هو الوقت الآن.

وعندها خفق قلبها، إذ فهمت انه يشير بكلامه هذا الى انه سيرافقها في تجوالها بعد الظهر ايضاً، اضافت تعتذر:

- لابد انك ظمأن الآن.

قال بطريقته الجذابة:

- ان ذلك كله لسبب وجيه.

ورفع ذراعه بوقف سيارة اجرة ، اوصلتهما السيارة الى مطعم صغير بدا مزدحماً، ولكن النادل قادها الى مائدة بدا ان فين سبق وحجزها.

------------------------------

قال بعد ان جلسا:

- حسناً.

ظنت انه يعني بذلك سؤالها عما تريد ان تأكل، قالت:

- هل تعني ماذا اريد ان أكل؟.

لكنه هز رأسه نفياً وهو يقول:

- مارأيك في براغ؟.

اجابت بكلمة واحدة:

- خلابة.

وارادت ان تستمر في الثرثرة عما رأته، لو لم يأت النادل بقائمة الطعام يسلمها لها، وتذكرت هي كلمة شكراً باللغة التشيكية فقالتها له وهي تبتسم ، وعند ذلك

انتبهت الى عيني فين تحدقان فيها فساورها لهذا شعور غريب قررت بعده ان تحاول قراءة القائمة.

بعد عدة دقائق قال باختصار:

- ألم تقرري بعد؟.

تنفست بعمق ثم قالت :

- إذا لم يكن هذا النوع ردئياً جداً فسأخذه.

وذكرت اسماً طويلاً مكوناً من اربع كلمات باللغة التشيكية دون ان يكون لديها اية فكرة عن ماهيته.

قال فين ببطء:

- هذا غريب فقد كنت سأطلبه لنفسي.

ودون ان يعطيها فكرة عنه ، طلبه من النادل.

سرت فابيا إذ وجدت الطعام لذيذاً جداً ومؤلفاً من لحم الغزال والفطر.

بعد ثانية واحدة كان اهتمام فابيا قد توجه الى صحنها وهي تحدث نفسها انها اذا بقيت معه امرأة مخبولة ، ولكنها لم تنكر انها كانت تشعر هذا النهار بسعادة

بالغة.

على كل حال فقد حاولت تركيز افكارها على مسائل اخرى، وإذ تذكرت ان فين كان قد عاد الى ماريانسكيه لازنيه فقط ليحضر بعض الأوراق ، فكرت ان

هذه الأوراق مادامت بمثل هذه الأهمية بحيث تستحق ان يسافر اربع ساعات ذهاباً و إياباً لاحضارها، فلابد انه اراد تسليمها لشخص آخر.

وأوشكت ان تسأله عن ذلك، لكنها حيث انها لم تره يسلم اي مغلف لأي كان فلابد انه اراد تسليمها لشخص آخر، وأوشكت ان تسأله عن ذلك لكنها امسكت

في آخر لحظة عن هذا السؤال ، ذلك ان آخر ماكانت تريده هو ان يظنها تحشر انفها في مالا يعنيها، ولكن حيث انها لم تره يسلم أي مغلف لأي كان ،

فلابد انه ارسل هذه الأوراق مع شخص آخر حين كانت إما في غرفتها وإما في الحمام.

سألها فين وقد اوشكا على الانتهاء من طعامهما:

- ماالذي تريدين ان تشاهديه الان؟.

فكرت في انه من غير المناسب ان تدعه يضيع وقته بعد الظهر ، في الطواف معها ، كما ضيعه عند الصباح، فسألته:

- أليس لديك مانع؟.

اجاب:

- بل يسرني جداً.

وكان جوابه من الكياسة بحيث لم تتأكد هي مما إذ كان يقول الحقيقة، قالت:

- هناك ساعة فلكية كنت قد...

ولم تكن بحاجة الى اكمال كلامها إذ انه قاطعها قائلاً:

- يجب علينا إذن ان نذهب الى ستاري ميستو.

قالت مستفهمة:

- ستاري ميستو؟.

اجاب:

- معنى هذه الكلمة، المدينة القديمة، وهي اقدم منطقة في براغ ويعود تاريخها الى القرن الثالث عشر.

كانت الساعة تقترب من الثالثة عندما انزلتهما سيارة الأجرة في المدينة القديمة ، وقادها فين الى وسط المدينة القديمة حيث بالكاد بقيت دقيقة واحدة

لكي يمكنهما قراءة الساعة الفلكية كانت فابيا واقفة ساهمة غير منتهبة الى فين الذي كان واقفاً يراقب وجهها الفاتن وليس المنظر الذي اخذها لرؤيته.

----------------------------------

القسم الأسفل من الساعة ، الميناء المستدير تظهر عليه كتابة نصف حياة القرية، ثم صور الابراج، وفوق هذا ، كان قياس الوقت بالنسبة للكواكب وكذلك

يظهر الكرة الأرضية والقمر والشمس بين صور الابراج وفوقها جميعاً كان ثمة نافذتان تفتح كل ساعة ليخرج موكب الرسل في كل نافذة، وكانت فابيا تراقب

المنظر بافتتان تام عندما ظهر ديك صغير من نافذة فوق هاتين النافذتين، ليكمل الركض وهو يهز تاجه وجناجيه.

استدارت نحوه وهي تهتف :

- أليس هذا رائعاً؟.

وسرعان ماشعرت بقلبها يخفق بسرعة وهي ترى الرقة البالغة تكسو ملامحه وبقي لحظة يحدق فيها دون ان يتكلم ، وبعد لحظة اواثنتين ظنت نفسها مخطئة إذ

ان السخرية احتلت ملامحه وهو يردد كلمة سبق وقالتها وهي :

- خلابة.

هدأت خفقات قلبها، وشعرت بالسرور لمحاولته اغاظتها، فابتسمت قائلة:

- شكراً لك على كل حال، لقد كان هذا رائعاً.

وظنت انهما سيعودان الآن الى فندقهما ولأنها استمتعت بكل شيء الى درجة قصوى ، اضافت قائلة بصدق:

- وشكراً لأخذي الى كل هذه الاماكن.

ولكن كان امامها متع اخرى حيث انهما لم يكونا عائدين الى الفندق ، ذلك ان فين قال :

- لا يمكنك ان تزوري براغ دون ان تذهبي الى جسر تشارلز.

قالت :

- أليس هذا...؟

لكنه هز رأسه نفياً ، مثيراً رغبتها بقوله :

-إنه قريب منا تماماً ونستطيع الذهاب اليه مشياً في خلال عشر دقائق.

سألته بلهفة:

- وهل سنذهب اليه؟.

نظر الى وجهها المتشوق وهو يقول هازلاً:

- طبعاً.

شعرت فابيا بأن ذكرى عبورها هذا الجسر الى منطقة المدينة الصغرى مالا سترانا مع فين ستبقى محفورة في ذاكرتها الى الابد .

كانت براغ مقسومة الى نصفين ، ولكن جسر تشارلز بأرضه المرصوفة بالقرميد والذي يعلو مادخل بوابات غوتيك كان هو الأقدم بين كل ماشاهدت .

ولكن ليس البرج فقط هو الذي ترك هذا التأثير في نفس فابيا ولكن اشياء اخرى طارئة مثل الأرز في النهر ، أو شعورها بيد فين على مرفقها تقودها أو وقوفه

بجانبها عند وقوفها لتراقب الرسامين وهو يعملون او رجلاً يعزف على الكمان او بائع حلي رخيصة يعرض بضاعته.

عندما تركا الجسر قال لها فين وهو ينظر في عينيها:

- لا اظن ثمة حاجة لكي سألك عن مقدار استمتاعك بكل ذلك؟.

اجابت وعيناها تتألقان بهجة:

- إن كلمة خلابة لا تكفي لوصف كل تلك الأشياء.

ابتدأت مشاعرها تتغير وعندما وصلا الى الفندق بعد اقل من ساعة ووقفت في وسط غرفة الجلوس في جناحه لكي تشكره من اعماقها ، نظر اليها محدقاً في

عينيها وسألها :

- هل انت متعبة؟.

كان سؤالاً معقولاً تماماً، كما فكرت بالنسبة الى انهما سارا اميالاً في ذلك النهار، ولكنها مع هذا لم تشعر بأي تعب ، فهزت رأسها نفياً ورفعت عينيها اليه قائلة

بصراحة وبراءة:

- لقد كان يوماً رائعاً.

ولكنها فجأة عندما تسمرت عيناه في عينيها لم تستطع ان تحول نظراتها عنه واكثر من هذا ، فقد شعرت بأنه يشعر بنفس شعورها.

------------------------------

لكنها مالبثت ان اكتشفت ان كل هذه المشاعر كانت خاطئة كلياً ، عندما ابتعد فين عنها فجأة وقال لها ببرود :

- إن عندي موعداً هذا المساء ، هل عندك مانع من ان تتعشي بمفردك؟.

ساورتها عن ذلك مشاعر متضاربة ، ولم تعرف كيف وجدت صوتها يقول بنفس البرود الذي كان في صوته :

- ليس عندي مانع طبعاً.

وتصنعت نبرة ابتهاج وهي تضيف :

- لقد اكلت كثيراً في وجبة الغذاء وربما اكتفي بطلب شيء خفيف.

ثم توجهت نحو غرفتها قبل ان تخونها مشاعرها وهي تضيف :

- شكراً يافين ، فقد كنت بالغ اللطف معي.

عندما اصبحت في غرفتها كانت ثائرة النفس.

لم تدخل غرفة الجلوس بعد ذلك إلا بعد ان تأكدت من خروجه ، حسناً فليمتع نفسه ، إنها لن تهتم مثقال ذرة بموعده ذاك ، ولا مع من قد يكون ذلك

الموعد ، فهي لا تغار ابداً، ولكن ... من المحتمل جداً ان يكون قد ذهب الى منزل اخيه المقيم في براغ.

ومازاد في ضيقها انها كان يجب ان تدرك ان الشعور المفزع الذي انتابها لحظة اخبرها بانه على موعد كان عبارة عن الغيرة .. آه، انها طبعاً لا تهتم لذلك ،

إنما الذي زاد في ثورتها هو انه عندما سألها بلباقة عما إذا كانت متعبة كان متوقعاً منها ان تقول بأدب نعم، وعند ذلك يقترح عليها الرقاد باكراً حسناً

فليذهب الى الجحيم وليتجرأ غداً على ان يطلب الخروج معها للتجوال في المدينة ، لقد انتهى كل شيء بينهما الآن.

لم تنم فابيا جيداً تلك الليلة ومع ان فين عاد في الساعات الاولى من صباح اليوم التالي الثلاثاء فقد كانت مستيقظة وسمعت وقع خطواته عائداً.

لم تشأ ان تتناول الافطار معه وبقيت في غرفتها طويلاً قدر ماامكنها ، ولكنها كانت قد استيقظت باكراً ووجدت البقاء في غرفتها دون اي شيء تعلمه باعثاً

على تصاعد شعور بالضيق.

تمتمت باستياء ما اسخف هذا، واندفعت ثائرة تتناول كيس الحمام ، ثم اخذت تتنصت على الباب وعندما لم تسمع صوتاً ، خرجت الى الحمام مجتازة

غرفة الجلوس بسرعة .

بطبيعة الحال لابد انه مازال يغط في نومه بالرغم من استياقظه مبكراً، في العادة وذلك لكونه عاد ليلة امس متأخراً وكان هذا تفسيرها لعدم رؤيتها له ،

ولاشك في انه كذلك غارق في الاحلام الممتعة عن رفيقتة عشائه تلك.

تباً لكل ذلك، مالأفكارها توصلها الى هذا الحد من الغضب.؟ وفتحت صنبور الماء وقد تملكتها الثورة على نفسها لتغرق افكارها في المياه المتدفقة.بعد

ذلك بنصف ساعة خرجت من الحمام تلف جسدها بمعطف الحمام القطني الخفيف وعلى كتفيها منشفة وشعرها المنسدل مبلل بالماء.

شاء الحظ ان يفتح الباب المقابل ويخرج منه فين في الوقت الذي كانت تشعر فيه بأن مظهرها بشعرها المبلل ذاك ووجهها الخالي من الزينة ، هو اسوأ

مايكون.

اجفلت لحظة وهي لا تدري ماتقول ، وبينما ادركت من الصحفية التي كانت في يده ، انه لم يكن نائماً بل كان يطالع صحيفته ، اخذ هو بمنظرها المبلل

هذا ونظرتها المجفلة.

--------------------------------------

وبدت عليه الدهشة هو ايضاً ليقول:

- اي عروس بحر هذه.

ماذا كان في امكانها ان تفعل سوى ان تضحك؟ وقالت له:

- صباح الخير.

لتشعر فجأة بالإنتعاش يغمر نفسها وهي التي كانت منذ لحظات تنفجر غضباً ، واسرعت الى غرفتها وسرعان ماتناولت مجفف الشعر.

بالرغم من تصميمها السابق على عدم مشاركته طعام الافطار ، فقد شعرت وهي تراه واقفاً امام المائدة بانتظارها ، بأن تفكيرها ذاك كان مجرد تفكير طفولي

خاصة انه قد سحب كرسياً لها لتجلس عليه.

جلست وهي تقول بأدب:

- شكراً.

سألها وهو يتناول من يدها فنجان القهوة:

- ماذا بالنسبة لهذا النهار؟.

تذكرت ماكانت قد صممت عليه البارحة من عدم قبولها مرافقته لها في جولتها هذا النهار وماصممت عليه من ان تقول له ان يذهب الى الجحيم وقالت

متلعثمة:

- انني .. لن ان اذهب للتفرج...

لقد طغى الجانب الحازم من نفسها على كل شيء الآن، اجاب بسرعة:

- هذا حسن انني افكر في الذهاب للنزهة بين احضان الطبيعة الخضراء ماقولك في المجيء معي؟.

حسناً إن التنزه بين احضان الطبيعة لا يعني طبعاً الطواف والتفرج في المدينة ، ليس ثمة من يقول ذلك واجابته على الفور:

- إنها فكرة جميلة.

اكتشفت وهي تترك الفندق انها لم تخطئ بهذا التصميم ، ذلك انها كانت تشعر بمنتهى الخفة والانتعاش لدرجة نسيت معها كل ماكانت مصممة بالأمس من

الخروج وحدها ، ولكنها قررت بالنسبة الى الغد، رغم انه من غير المحتمل ان يخرج معها فين للمرة الثالثة على التوالى، ان تصر على الخروج بمفردها ، انها

لم تر ساحة وبنسيسلا بعد، وهذه الساحة التي اطلق عليها اسم القديس حامي مملكة بوهيميا ، هي شيء لا ينبغي ان يغفله سائح زائر الى براغ.

إذ قررت ذلك ارتاحت نفسها ، وفتحت قلبها للاستمتاع بصحبة فين في تلك النزهة.

اخذها الى تل بيترين ومنطقة الحدائق الخضراء حيث كان هناك تلغريك صعدا فيه الى قمة التل لترى اجمل منظر رأته عيناها ، وهتفت وهما يسيران في

الدروب فوق القمة وبين اشجار البتولا الفضية قائلة:

- مااروع مايوحي اليه هذا المكان من الهدوء والأمن.

قال:

- لقد فكرت في انه ربما يعجبك.

ونظرت فابيا الى زهور الصفصاف والليلك التي كانت تبرز من براعمها وتسارعت دقات وهي تفكر في ان فين قد اراد عمداً احضارها الى هذا المكان ،

رغم انه القى اقتراحه عليها بالمجيء بشكل عفوي.

فجأة اخذت انظارها تتابع سنجاباً احمر برز ليقفز الى شجرة قريبة وهمست مجفلة:

- أوه انظر.

والتفتت تنظر الى فين لتراه ينظر اليها ، قال يمازحها:

- عاشقة الطبيعة أنت.

ولكنها شعرت بأنه يحمل لها تقديراً كبيراً.

--------------------------------------

بعد ذلك ازدحم المكان بالمناظر والأصوات حتى انها شعرت بالجو مشبعاً بعبير الأزهار ، إذ كانت هناك حديقة مغروسة بالورود، مع ان البراعم لم تكن قد

تكونت بعد ، ولكن منظر البراعم نفسه كان رائع الجمال، لقد كانت الخضرة في كل مكان في المروج والاشجار، وفي الشجيرات والادغال، بينما كان تغريد

الطيور يملأ الأجواء.

كما حدث من قبل ، مر الوقت دون ان تشعر حتى لم تكد تصدق عندما اخبرها فين ان عليهما ان ينزلا بالتلفريك الى حيث يمكنهما ان يتناولا الغداء.

بدا ان نيبوزيزك كان هو الموقف الوحيد للتلفريك في طريقه الى سفح التل فهبطا في نيبوزيزك هذه مع انه كان عليهما قبل ان يصلا الى المطعم ، ان

يهبطا عدة درجات .

لم تكد فابيا تتذكر ماالذي تناولته في وجبة الغداء تلك لقد غمرها فجأة شعور طاغ بوجود فين بقربها جعل من نوع الطعام الذي تتناوله امراً

ثانوياً.

عندما تركا المطعم وقفا عدة دقائق يمليان النظر من مدينة براغ في ابراج معابدها الكثيرة و ابنتيها الحمراء وقبابها الخضراء، ونهر فلتافا بجسوره هناك

وخصوصاً جسر تشارلز ، ثم سألها فين:

- هل ننزل بقية المسافة على اقدامنا؟.

اجابت:

- نعم، من فضلك.

وسرت إذ لم يستعجلها ، بل منحها الفرصة على السفح حيث الاشجار تحيط بالمسالك والحدائق الخضراء.

كانت فابيا تشعر بوجود فين في كل خطوة، ولكنها كانت تجاهد في ان تركز افكارها على اشياء اخرى.

ونجحت الى حد ما، عندما وقعت انظارها على شجرة ماغنوليا قد تفتحت ازهارها بشكل يأخذ بالأبلباب وفي اللحظة التالية ، رأت تمثالاً لرجل يدعى كارل

هانيك ماشا على قاعدة اسفل الشجرة ، ولكن ماجذب انتباهها اكثر من أي شيء آخرالأزهار المتفرقة الملقاة على قاعدة التمثال، وقفت تسأله :

- من هو هذا؟.

اجاب:

- إنه شاعر ، شاعر عاطفي.

ولمارأى اهتمامها اخذ يحدثها عن اجمل قصائد هذا الشاعر وتدعى ايار...

وسألته :

- تعني شهر أيار- مايو؟.

اجاب:

- هو نفسه ذلك ان الشاعر ماشا كان يعشق جمال الطبيعة في هذا الشهر، مع ان اشعاره تتحدث عن جلال الهدوء، في عشق الطبيعة ، والعاطفة المحمومة

في عشق الانسان.

بدأ شيء في اعماق فابيا ، يستيقظ عند ذاك ، وهي تنظر الى فين وقد توقفت انفاسها ولكنها جاهدت لتقول:

- ثم... هل هذا الشاعر محبوب جداً في تشيكوسلوفاكيا؟

قال:

- نعم، وعلى الاخص عند اولئك العارفين في سحر الحب.

شعرت فابيا بالرغبة في ان تكتشف ما إذا كان فين نفسه يعرف ، او عرف قط ماهو سحر الحب.

لكنها لم تستطيع ان تسأله ، وارسلت انظارها بعيداً عنه الى حيث تلك الازهار الملقاة على قاعدة تمثال الشاعر ، ثم وكأنما خطر لها ان تلك الأزهار ربما

القاها بعض العشاق حولت انظارها ، مرة اخرى الى حيث التقتا ثانية بالعينين الداكنتين لذلك الرجل التشيكي الفارغ القاعة ، لتدرك على الفور ، لماذا

توقفت انفاسها منذ لحظات، ولماذا تشعر بتوقف انفاسها الآن ، ذلك لأنها عرفت الآن بكل وضوح ماالذي كان يعتمل في نفسها حقيقة ، انها لم تكن تشعر

نحوه بالمودة، ولا الاحترام والتقدير ، ولكنها كانت تحبه ...بل كانت غارقة في حبه بشكل مدمر ، ولكنها لم تكن تشعر بأي سحر لذلك الحب، انها لم تستطع

ان تتصور بأي شكل كان ، بأنه من الممكن ان يبادلها حبها هذا يوماً ما.
--------------------


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-10-16, 02:47 PM   #9

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثامن

مرت ساعة وساعتان وثلاث واربع ساعات منذ اعترفت فابيا لنفسها بحبها لفين ، وكان قد دعاها الى تناول العشاء معه ذلك المساء وقبلت هي الدعوة ولكنها

الآن ، ولم يبق من الوقت سوى القليل لكي تلتحق به في غرفة الجلوس وقفت في غرفتها تفكر في حكمة قبولها دعوته تلك.

هاهي تريد ان تتعشى معه.. ولكن تلك كانت هي المشكلة حيث انها كانت ستودعه نهائياً قبل نهاية الشهر ماكان لها ان تمضي معه كل هذه الأوقات كما

تفعل الآن.

لكن معرفتها بحقيقة شعورها نحوه ، كانت ماتزال تريده ومع رغبته في ان تكون بقربه، فقد كانت تشعر بالتوتر والرغبة من ان تفضحها عيناها لدى اقل نظرة

او ابتسامة منه، ويعلم انها لا تريد ان ترحل عنه كي يتحطم قلبها.

قبل حوالي دقيقة من خروجها ، كانت قد صممت على ان يكون مابينهما مجرد صداقة لا اكثر فتضع ابتسامة عادية على فمها ثم تترك الغرفة، ولكن ضميرها

الذي بقي هادئاً طوال تلك المدة حيث لم يكن ثمة مايشغله ، قد بدأ الآن يتحرك فجأة لخداعها الرجل الذي تحب.

اندفعت من غرفتها والاضطراب يتملك نفسها، وكان فين يخرج من غرفته في نفس الوقت وقالت بمودة:

- مرحباً.

--------------------------------

ثم سارت بجانبه الى حيث المصعد ، دون ان يفارقها وخز الضمير.

كيف يمكن لها ان تستمر في خداعه بينما تشعر نحوه بكل ذلك الحب؟ وكيف لا تخدعه وهناك كارا؟.

سألها:

- هل أنت بخير؟.

لتدرك هي ان آهة يأس قد افلتت منها ، قالت وهي تسبقه نحو المصعد :

- إنني بخير تماماً.

إنها لا يمكن ان تعترف له ابداً مهما كان مقدار الحاح الضمير والحب عليها لذلك ستثور ثائرته بالطبع ومعه الحق في ذلك حتى ولو امتلكت الجرأة على

الاعتراف بخداعها هذا ، فإنها لن تستطيع إذ ان كارا تعتمد عليها.

كانت فابيا تجلس بجانب فين في السيارة عندما ادركت ان الهياج هو اقل ماسيصبه إن علم يوماً انها لم تخدعه فقط و إنما قبلت ضيافته بناء على انها

شخص آخر وهذا ما يضيف الى الأمر إهانة شخصية له.

افسدت هذه الافكار شهيتها للطعام ، ورغم ان المطعم كان جميلاً والطعام جيداً للغاية ، فإن فابيا لم تأكل سوى القليل ، كما ان حديثها كان اقل وقد بدأ

عليها انها تجاهد لكي تبدو طبيعية امامه ، ولحسن الحظ ان فين بدا لها هو ايضاً على شيء من انشغال البال.

سألها برقة بعد ان لاحظ انها لم تكد تأكل شيئاً:

- هل اللحم لم يعجبك؟.

اجابته:

- بل هو ممتاز.

وشعرت انها بحاجة الى ان تعتذر فقالت :

- لقد تناولت غداء دسماً.

شعرت ببعض الارتياح عندما انتهى الطعام واخذت شيئاً من الآيس كريم بفنجان قهوة ، ليشير فين بعد ذلك الى النادل طالباً قائمة الحساب.

كانت لا تزال تجاهد في التكيف مع هذا الحب، هذا الذى هو اكبر حدث في حياتها ولكنها كذلك كانت تريد ان تصلح من وضعها هذا الذي انقلب

رأساً على عقب والذي جعلها ، في الوقت الذي كانت تريد فيه ان تمضي كل دقيقة من وقتها مع فين ، إنها الآن تفضل ان تكون وحدها ، وفعلاً نالت مطلبها

الاخير بأسرع مما توقعت ، إذ ما ان انزلهما سائق الأجرة امام الفندق و أوصلها فين الى داخله حتى قال لها :

- ارجو المعذرة يافابيا ، فإن عندي موعداً مع احد الأشخاص.

لينتابها فجأة شعور مؤلم لأسباب عدة، قالت له باسمة :

- بالطبع .

ولم ترض بأن يصعد معها الى جناحه او حتى ينتظر معها المصعد.

في الواقع بعد ان وصل المصعد ودخلت اليه بمفردها شعرت بلإهمال تماماً منه، حسناً لا بأس فهي لم تكن رفيقة سارة على العشاء هذه الليلة ، ولكنها لم

تطلب منه ان يدعوها للخروج معه ، بل هو الذي طلب منها ذلك.

دخلت فابيا غرفتها في جناح فين ، ثم جلست على حافة سريرها ، وهي تشعر بالهزيمة ، وادركت بسرعة ان الغرام هو جحيم ايضاً ، لقد ثارت كرامتها وهي

تفكر في ان ذلك الشخص الذي ذهب لمقابلته ،لو لم يكن مشغولاً لذهب فين ببساطة وتعشى معه ، وماذا يبقى لفابيا سوى التنزه في الحدائق والشعور

بالغيرة؟

--------------------------------

حسناً ، حظاً سعيداً له... واندفعت من سريرها تأخذ روب الحمام وثياب النوم ثم تخرج ثائرة قاصدة الحمام، وكان الليل مايزال في اوله ، مهما كانت تلك

المرأة التي تتأخر في العمل الى هذا الوقت .

إنها لا يمكن ان تعترف له أبداً مهما كان مقدار ، ومهما كان السبب الذي جعله لا يستطيع رؤيتها في وقت مبكر والى الآن كانت فابيا تعتبر ان ذلك الشخص

الذي ذهب فين لمقابلته هو امرأة ، فقد تمنت له من كل قلبها وقتاً طيباً...

على كل حال بعد حوالي ربع الساعة امحى غضب فابيا جارياً مع ماء الدوش لتشعر بدلاً منه بالتعاسة كما لم تشعر في حياتها ، وعادت الى غرفتها ثم أطفأت

النور تاركة المصباح الخافت بجانب سريرها، ثم أوت الى فراشها.

لم تكن تهدف الى الرقاد ، بل بقيت وقتاً طويلاً تحاول استرجاع غضبها كانت بحاجة الى ذلك الغضب فهو يساعدها على مواجهة الامور، وبدونه سيدمرها

الشعور بالهجران.

لم تعرف فابيا كم مضى عليها من الوقت مستلقية على سريرها وقد تملكها الشعور بالهزيمة، ولكن ما ان اطفأت المصباح الخافت النور وأغمضت عينيها حتى

غمر اليأس نفسها ، إذ عاد ضميرها يوخزها مرة اخرى ، ياللتعاسة كلا، واخذت تتألم بصمت وما ان ازداد وخز ضميرها حتى اصبحت في حالة يرثى لها من

الاضطراب وتشوش الذهن.

دفعتها نفسيتها المحطمة الى ان تقرر الاعتراف لفين بكل شيء في اول مرة تراه فيها ولكن هل يمكنها ذلك؟ وتأوهت وقد برح بها الألم ، ذلك انه من

المؤكد انها هي وكارا ستودعان تلك المقابلة مع فين الى الأبد إذا هي تفوهت بكلمة له عن الحقيقة.

في تلك اللحظة، بدأت في الخارج عاصفة من الرعد وأخذ المطر يضرب زجاج نوافذها بينما تناوب الرعد والبرق مما جعل فابيا تجذب أغطية السرير الى

مافوق رأسها ، وبعد ذلك بوقت قصير ، وكانت العاصفة لا تزال تزمجر في الخارج ومازال ضميرها مثقلاً بحمله راحت فابيا في سبات مقلق مضطرب.

لم يكن من المدهش ان تضطرب احلامها وان يدخل فين ذلك الرجل الذي امتلأ قلبها بحبه ، احلامها المضطربة.

تقلبت بقلق وهياج وهي تحلم بفين يحدق به الخطر ،يجب ان تساعده عليها ان تذهب اليه، وتحركت في نومها في الوقت الذي انفجر فيه فجأة صوت

انزلاق عجلات سيارة على اسفلت الشارع بعد ان توقف الكابح بعنف وفي نفس اللحظة تصاعد صوت اصطدام معدن بمعدن ، وفي اللحظة التالية كانت

فابيا تقفز من سريرها قاصدة الباب فين... يجب عليها ان تخرج لتساعد فين.

في لحظات كانت تركض كالمجنونة نحو غرفة الجلوس ليصفع النور وجهها فجأة فتتوقف وطرفت بعينها لتدرك في تلك اللحظة فقط ان فين لم يكن في

خطر بتاتاً.

سألها بسرعة وهو يترك الشرفة حيث لابد انه كان ينظر الى شيء في الخارج ليتقدم نحوها:

- ماذا جرى يافابيا؟.

اخذت تتلعثم لا تدري ماذا تقول وهي تجاهد في تمالك نفسها ، لم يكن فين في خطر كما انه لم يكن في فراشه ، ولكنه كان في كامل ثيابه ولابد انه كان

يقرأ في غرفة الجلوس وربما قد وصل من الخارج في هذه اللحظة ، عندما سمع هو ايضاً صوت اصطدام السيارة وتمتمت:

- أظنني كنت احلم.

-------------------------------

هل تراه شعر بحماقتها؟ ورفعت ناظريها اليه تريد ان تعتذر أو تقول شيئاً ، وفي نفس الوقت ارادت ان تعود الى غرفتها إذ مازالت تملك شعوراً

بالكرامة.

ما ان تقابلت عيناها المثقلتان بالنعاس بعينيه القاتمتين ادركت ان ليس ثمة اية إشارة الى ان فين قد ادرك حماقتها ، ولكن كان في عينها رقة وهو يتمتم

بعطف:

- ياللصغيرة المسكينة.

بينما كانت يده ترتفع الى حمالة قميص نومها التي كانت قد انزلقت عن كتفها لتعيدها الى موضعها.

علمت فابيا ان عليها حفظاً لكرامتها ان تعود الى غرفتها الآن ولكن مجرد لمسة لذراعها بعث الإثارة في جسدها ، ولكنها مع هذا احبت فيه رقته وعطفه.

وهكذا ، بينما جعلها جانب التعقل فيها تستدير بغية الرجوع الى غرفتها جعلها الجانب الآخر الذي شعر بالإثارة مع حبها له تتباطأ... وإنما لحظة واحدة فقط ،

لتسأله بلطف:

- هل كان ثمة اصطدام سيارة ، ام انني حلمت بذلك؟.

اجاب:

- إنه لم يكن حلماً.

وكما لو كان يساعدها على العودة الى غرفتها ، وضع ذراعه حولها ، ماعدا كتفيها العاريتين ، ثم توجه معها نحو غرفتها.

عادت تسأله وجسدها يرتجف للمسة يده:

- أتظن انه اصيب احد في ذلك؟.

اجاب:

- لا اظن ذلك، إذ ان سائقي السيارتين خرجا من سياريتهما يحاول كل منهما ان يمزق الآخر إرباً.

ثم وقف امام باب غرفتها .كانت فابيا تعلم ان عليها الآن ان تتمنى له ليلة سعيدة، وكانت على اتم استعداد لتفعل ذلك ولكنها نظرت في عينيه اولاً لترى مرة

اخرى تلك الرقة وفتحت فاها ولكنها لم تتكلم ، ثم ودون ان تدرك تماماً طبيعة ماجرى، مع انها شعرت تماماً بذراعه حولها تشتد ، هتفت:

- أوه فين.

لتدرك بعد ذلك ان ذراعه اشتدت فعلاً حولها ، واكثر من ذلك ان ذراعه الأخرى ارتفعت هي ايضاً ليطوقها تماماً.

تلاشى الاضطراب من نفسها ونسيت احلامها المزعجة، همس وهي ترتمي بين احضانه :

- فابيا.

همست:

- فين.

وكانت واعية تماماً الى انهما دخلا الى غرفتها المظلمة، كان النور من غرفة الجلوس يدخل الى غرفتها ليخفف من عتمتها عندما جلس فين معها على

السرير، تمتم:

- مااشد رقتك وحساسيتك.

ارادت ان تصرخ أوه ياحبيبي.. ياحبيبي.. لقد أرادت ان تصرخ له ، ولكنها مالبثت ان اجفلت وقد شعرت بالذعر بشكل غير متوقع فصرخت:

- أوه ، كلا.

ونزعت نفسها من بين احضانه بعنف ، ولكن تصرفها هذا كان مؤقتاً اذ عادت تهمس:

- إنني آسفة.

ولكن ماحدث قد حدث وتركها فين مبتعداً عنها ، عادت تقول :

- إنني آسفة يافين.

اطلق كلمات عنيفة بلغته ، ثم قال بخشونة :

- انسي ذلك.

قالت بألم وقد شعرت بغريزيتها ان ثمة شيئاً هو غير ذلك الاجفال الخجول منها:

- هل تراني اخطأت في شيء؟.

قال بخشونة وهو يقف عند الباب كسد منع النور من التسرب الى الغرفة:

- إنني لا احب ابداً ان تلتصق بي المرأة بهذا الشكل.

-------------------------------------

بقيت فابيا تحدق بغباء في الباب الذي اغلقه خلفه بهدوء، وكانت تحاول ان تفهم سبب ماجرى ، عندما سمعت باب الجناح الخارجي يغلق لتعلم انه قد

خرج من الفندق.

ثارت ثائرة فابيا عند ذاك لتنتهي وقد هزتها الصدمة الى انه يستطيع ان يفعل مافعل ويقول ماقال ، ثم يرحل هكذا بكل هدوء ، هذا الخنزير القذر ، هذا

الجرذ ، كيف تجرأ على ان يتصرف معها بهذا الشكل؟.

كانت لا تزال تشعر بالثورة بينما كانت تترقب عودة فين ومرت ساعة دون ان تسمع له حساً ، ربما قد ذهب ليحتضن من هي أقل التصاقا به ، والتهبت

بالغيرة والانفعال وهي تردد حسناً إذهب الى الجحيم ياحبيبي وثارت كرامتها مرة اخرى وهي تفكر ان هذه آخر مرة ترى فيها فين هذه الليلة ، نهضت من

فراشها ودخلت الى الحمام تغتسل ثم ارتدت ثيابها.

تلتصق؟ حسناً ، مارا او غير كارا... لقد حصل لها ما حصل واخرجت حقيبة ثيابها ، وبدأت تلقي اشياءها فيها دون ترتيب بينما ثورتها تزداد اشتعالاً ، إنها

ستسقل اول طائرة لتخرج من هنا.

كان نور الفجر على وشك البزوغ ، على كل حال ، ولكن في الوقت الذي بدأ فيه النهار، وكانت هي وكرامتها قد قررتا تماماً انهما تفضلان ارسال فندلين

غاجدوسك الى الجحيم قبل ان تتكلم معه مرة اخرى، في هذا الوقت بدأت مفاهيم اخرى عملية تدخل رأسها.

لقد كانت حقيبتها الاخرى في فندقها في ماريانسكيه لازنيه ولكن إذا كانت ستسغني عن هذه فماذا بالنسبة الى سيارتها ؟ إنها هدية والديها لها في عيد

ميلادها الثامن عشر ، ولابد ان يسألاها عنها.

شعرت بلألم، وأرادت ان تعلق جراحها على انفراد بعد إذ ثار في نفسها نوع آخر من الشعور بالكرامة فهي لا تريد ان يعلم احد ، حتى ولا والدها ماتعانيه في

اعماقها من ألم وكم ينزف قلبها.

انهارت على حافة سريرها وابتدأت تدرس وضعها لعدة دقائق ، لايهم مبلغ كراهيتها للعودة الى ماريانسكيه لازنيه، ولكن الجواب كان هو نفسه ، وهو ان

ذلك كان الخيار الوحيد امامها.

ساورها شعور بالراحة لأنها لن تكون بحاجة الى ترى فين غاجدوسك مرة اخرى ، ولكن القدر كان يضحك حين تذكرت فجأة انه هو ايضاً ، من الطريقة

الخشنة التي تركها بها ، كان يقصد عدم اللقاء بها بأي شكل.

عل كل حال إذا كان الحظ الى جانبها فإن المرآب ربما قد اتصل الآن بفندقها ليترك لها خبراً بأن سيارتها جاهزة ، هذا إذا لم تجد انهم سلموها للفندق.

اقفلت فابيا حقيبتها ونزلت الى ردهة الفندق لتسأل عن مواعيد القطارات وبشيء من الحظ، يمكنها ان تكون اليوم في ماريا نسيكه لازنيه، حتى ولو اقتضى

الأمر ان تذهب الى ذلك المرآب قرب فرانتيسكو في لازنيه فستكون اول الليل، قد عبرت حدود تشيكوسلوفاكيا في طريقها الى وطنها انكلترا.

-------------------------------------

قبل الساعة الثامنة ذلك الصباح كانت فابيا قد تركت الفندق الى محظة القطار ، وفي الساعة الثامنة وسبع واربعين دقيقة تحرك القطار بها الى ماريانسكيه

لازنيه، لقد اتمت المرحلة الاولى من رحلتها .

كان القطار مفروضا ان يصل الى حيث يقصد في منتصف النهار ، وهذا منح فابيا الفرصة لتعيد التفكير في كل ماحدث مرة بعد اخرى .

لقد كانت بين ذراعي فين ، ملتصقة به يجب ان تقر بهذا ولكنها تحبه...بينما هو لا يحبها بالطبع، وهي طبعا لم تتوقع منه ذلك، ولكنه لم يكن جاهلا بمسائل

العواطف فماذا كان يتوقع؟

حاولت ان تصرف افكارها نحو اشياء اخرى ولكنها وجدت انها تعود دوما الى نفس الموضوع ، فكرت بتلك الاشياء الاخرى التي حدثت لها منذ وصلت

الى تشيكوسلوفاكيا ، ثم ركزت افكارها على لابور الذي لم يجدها ملتصقة به كما يجب ولضيقها عادت افكارها الى فين مرة اخرى وادركت الآن سبب

ثورتها بذلك الشكل، عندما حاول لابور تقبيلها لابد انها كانت ذلك الحين تحب فين دون ان تعلم ، ولكنها في عقلها الباطن ، كانت تدرك ذلك.

طبعا لم يكن عند فين غاجدوسك مثل هذا الشعور ، لافي حالة الوعي او اللاوعي، وهو لم يهتم بها مثقال ذرة والدليل على ذلك انه لابد تركها وذهب الى

المرأة اخرى .

لسبب مايتعلق بالخطوط كما فكرت فابيا ، فقد تأخر قطارها في الوصول الى ماريانسكيه لازنيه، وكانت الساعة قد تجاوزت الثانية عشرة والنصف عندما

استقلت سيارة اجرة الى الفندق الذي تركته منذ ....ثلاثة ايام فقط.

لو انها لم تشعر بأنها قد دمرت تماما عندما عادت الى الذي تركته يوم الاحد الماضي، فقد كانت ستشعر به الآن وهي تتقدم باسمة من موظف الاستقبال

لتسأله:

- هل ثمة خبر لي من أي مرآب؟.

لقد غيرت جملتها للرجل الذي لم تكن تراه كثيرا من قبل والذي يبدو من ابتسامته المريحة انه تذكرها .

فقال لها:

- اظن ان ليس ثمة خبر لك ، ياآنسة كينغسدال.

وبينما كان يسلمها لائحة الفندق لتملأها لكتشف انها تفعل ذلك بينما كانت غائبة الذهن في مكان آخر وعندما اعادت اليه اللائحة بعد اكمالها سألها:

- كم ستمكثين عندنا؟.

اجابت:

- أظن ليلة واحدة.

كانت ترجو ان لا تكمث هذه الليلة ولكنها ادركت فجأة انه لابد ان يكون لها مكان تستطيع ان تلجأ اليه تستجمع فيه افكارها.

كان اول مافعلته عندما وصلت الى غرفتها ، هو انها جلست الى جانب الهاتف واخذت تحاول ان تركز افكارها على مايجب ان تقوم به الآن ، كان من

الضروري ان تتصل بأهلها لتخبرهم انها لن تحضر هذا النهار، ولكن عليها اولاً ، ان تعلم متى تستطيع ان تأخذ سيارتها لكي تخبر اهلها بموعد وصولها الى

انكلترا.

-----------------------------------

قررت فابيا ان تطلب معونة موظف الاستقبال لمحاولة الاتصال بالمرآب ، ووضعت يدها على سماعة الهاتف الهاتف وقبل ان ترفعها تصاعد رنينه.

لم تندهش حين سمعت صوت موظف الاستقبال ربما يريد ان يخبرها بأنها لم تملأ اللائحة بطريقة صحيحة ، ذلك لأن وعيها كان غائباً اثناء تدوينها لها،

ولكن الموظف كان فقط يصلها بلابور اوندراس سكرتير فين.

هتف:

- أوه ، لقد وجدتك.

لم يكن عند فابيا اية فكرة في ان لابور يعلم بانها كانت قد سافرت الى براغ مع مخدومه نهار الاحد الماضي، ولكن حيث انها لم تشأ ان تجري معه محادثة

عن ذلك ، إذ انه لابد انه حاول الاتصال بها اثناء غيابها واخبروه انها لم تعد موجودة ، فقد فضلت ان تستنتج انه لم يكن يعلم.

سألته ببشاشة:

- كيف حالك يالابور؟.

قال دون ان يضيع فرصة غزل سنحت له:

- اشتقت اليك طبعاً.

قالت:

- إنني متأكدة من انك لم تتصل بي هاتفياً لتخبرني بهذا.

لم يكن مزاجها يسمح لها بتقبل الغزل، اجاب:

- معك حق طبعا، ولو ان الحديث معك يفعم قلبي سرورا على الدوام ، إن لي غرضا من الاتصال بك الآن.

وتمنت ان لا يكون في نيته ان يوجه اليها دعوة للخروج معه واخذت تفكر في ماتعتذر به له، عندما تابع قائلاً:

- ان سيارتك قد احضرت الى هنا، وظننت انك ربما...

هتفت هي:

- هل سيارتي عندك؟.

وتمتمت شاكرة حظها الذي وفر عليها عبء البحث عن المرآب والذهاب الى حيث هو قرب فرانتيسكو في لازنيه، هاقد تغير حظها الآن الى الأفضل.

بعد ذلك بسبع دقائق، وحين دقائق وحين استقلت فابيا سيارة الاجرة كان حماسها الحالي قد تبخر ، إنها حالا ستترك تشيكوسلوفاكيا ، ولكنها لا تريد ان

تذهب ، وسارت سيارة الأجرة صاعدة التل مارة حيث تنتصب الأعمدة، وحيث النافورة الموسيقية ، وعندما عاد الألم يحتل قلبها من جديد ، تمنت فابيا

من كل قلبها ، لو تبقى في هذه البلاد حتى شهر أيار- مايو، لكي ترى النافورة وهي ترقص وتغني.

لكنها لن تكون هنا، وبينما كانت السيارة تواصل طريقها، اخذت فابيا تتمالك نفسها لتظهر البشاشة امام لابور.

لكنها لن تكن تشعر بأي انشراح على أي حال ، عندما نزلت من السيارة امام منزل فين ، وما ان دفعت اجرة السائق وذهب هذا في طريقه حتى وقفت عدة

لحظات تنظر الى منزل فين ترسمه في ذهنها إذ كانت تعرف انها لن تراه مرة اخرى ابداً.

فجأة شعرت بصوت شخص قادم، فأزاحت احزانها جانباً لتدرك ان لابور ربما خرج ينتظرها بعد ان رآها من النافذة من مكان ما، وقبل ان تستدير حول

المنزل لتقابله، إذا بها ترى الكلب آزور يأتي نحوها مهرولاً كما فعل مرة من قبل، وعجبت كيف يتركه لابور طليقاً هكذا.

غمغمت بحنان:

- آزور.

وشعرت برغبة في ان تلمس هذا الكلب الذي يشارك فين جزءاً من حياته وجثمت على ركبتيها تربت على رأسه وتلامسه وهي تخاطبه قائلة.

------------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 17-10-16, 02:49 PM   #10

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل التاسع

حاولت فابيا جهدها التخفيف من ذعرها بينما كانت ضربات قلبها كطرقات المطرقة، اتراه يعلم ام يخمن الأمر؟ هل تراها ادلت بشيء سهواً؟ ولم يكن ثمة

وقت الآن لمثل هذه التأملات إذ ان فين قد نفذ صبره، تقدم خطوة الى الامام مهدداً ، عند ذلك اسرعت فابيا تقول:

- ان اسمي هو كينغسدال.

صرخ قائلاً:

- يبدو انك متأكدة من هذا، أليس كذلك؟.

عادت تقول بسرعة :

- طبعاً انا متأكدة.

قفز قلبها هلعاً عندما تابع هجومه العنيف قائلاً:

- هل انت متأكدة من ان اسمك ليس السيدة بارنابي ستيراوت ؟.

وحاولت ان تهدئ من ثورته ولكنها كانت تعلم انها تحاول عبثاً، إذ انه لم يكن ثمة حد لتجهم ملامحه وهو يقول:

- سننهي هذا الحديث في الداخل.

وتمنت فابيا لو يسلمها مفاتيح سيارتها لتذهب في سبيلها ، وهي تشعر ان ثمة مسؤوليات في الحياة لا يمكن ان يتجاهلها الانسان ، ومنها مسؤوليتها التي لم

تفكر في نتائجها.

وهكذا دخلت معه ومع آزور الى المنزل وفي القاعة وجه امراً الى آزور ، اندفع بعده الى مكان ما، ثم مشى فين نحو غرفة الجلوس.

أمرها باختصار :

- تعالي الى هنا.

ثم امسك بالباب يأمرها بخشونة :

- خذي كرسياً واجلسي.

لكنها لم تشأ ان تجلس فقد كانت تريد ان تنتهي من الامر وسألته بسرعة:

- كيف عرفت بذلك؟.

رد عليها بعنف بالغ:

- انا الذي اوجه الأسئلة وليس انت ، تباً لك لاستغفالك لي، كنت مصرة على تلك المقابلة الى حد الرضى بان ترتكبي الفحشاء في سبيل الحصول عليها.

انفجرت قائلة :

- الفحشاء؟ هل أنت متزوج؟.

اجابها بحدة :

- ليس انا ، بل أنت.

اندفعت قائلة:

- انا لست متزوجة.

وهنا تجلت لها الحقيقة وسبب اتهامه هذا لها ، لقد ظنها السيدة بارنابي سيتورات شقيقتها ، ووضح لها هذا الامر عندما عاد الى هجومه العدائي عليها سائلاً:

- من انت إذاً بحق الجحيم؟.

كان هذا سؤالاً منطقياً، وأقرت فابيا عندئذ ان من حقه عليها ان تشرح له كل شيء الآن، وليس لأنه يقف امامها بملامحه المتجهمة بالعداء.

تنفست بعمق قالت:

- إن اسمي فابيا كينغسدال، وكارا كينغسدال هي شيقيقتي السيدة بارنابي ستيوارت.

هز رأسه وكأنه واقع تحت ضغط فكرة ما، ثم قال بصوت اجش:

- لا اظن انني استطيع ان اشك في براءتك هذه تماماً ، إن خجلك العذري عندما كنت اضمك...

ولكن فابيا لم تكن مستعدة لسماع هذا الحديث ابداً، فقاطعته قائلة:

- حسناً ، انني لست هنا لمناقشة هذا... هذا.. انني هنا لآخذ سيارتي فقط.

---------------------------------

قال:

- سيارتك؟.

اجابت :

- نعم، ألا تعلم ، لقد اتصل بي لابور...

قالطعها:

- انا الذي طلبت منه ان يتصل بك.

تمتمت:

- فهمت.

بينما هي لم تفهم شيئاً ، ولكنها شعرت بالسرور اذا خرجت به من ذلك الموضوع ، كيف ان عذريتها تتنافى مع اعتقاده بأنها امرأة متزوجة، وتابعت قائلة:

- سيارتي فقط لأتوجه بها الى انكلترا رأساً ، ثم...

قاطعها:

- ان برود اعصابك لا حد له، ايتها الآنسة الانكليزية وبما انك لن تذهبي الآن الى أي مكان ، ربما في استطاعتك إذن ان تجلسي.

وابتعدت عنه قاصدة المقعد المستطيل الذي سبق وجسلت عليه في آخرة مرة زارت بها هذه الغرفة قبل ان تطلعه على كل شيء.

بدأت قائلة:

- انني آسفة ، وانا اعلم تماماً ان أسفي هذا لن يغفر لي الطريقة التي جئت بها الى هنا مدعية انني كارا ، ولكنني حاولت قدر امكاني ان التزم الحقيقة .

سألها:

- هل أنت في الثانية والعشرين.

اجابت:

- نعم.

سألها:

- هل أنت صحفية؟.

اجابت تعتذر:

- كلا، وأنا آسفة ، انني اعمل مع والدي.

سألها :

- هل ذلك في غلوسستر شاير في مأوى مؤقت للكلاب؟.

ارتاحت للطف الذي شعرت به من وراء تذكره لكل هذا واجابت:

- هذا صحيح ، انني مستخدم ، اعني مستخدمة في ذلك المكان.

واضافت إذ وجدت نفسها تسرع بكلام مضطرب:

- آسفة لكوني متوترة بعض الشيء.

قال يطمئنها:

- هل ذلك بسببي؟ ليس بك حاجة لذلك، انني لن اتسبب لك بأي ضرر.

قالت متلعثمة:

- انني ... انني .. انا لم لم اظن بأنك ستفعل ذلك ، ولكن ، ألست غاضباً جداً مني؟.

قال:

- لقد كنت كذلك ، ولكن ذلك كان لشيء آخر...

وسكت فجأة وبدا لها انه غير متأكد مما سيقول ، وفي الواقع ، لم يتابع كلامه ليخبرها ماهو ذلك الشيء الآخر ، ثم سألها قائلاً:

- هل لك ان تخبريني ماالذي حدث ، مهما بلغ من السوء، وجعلك تنتحلين شخصية اختك؟.

قالت متسائلة:

- تقول ، مهما بلغ من السوء؟ هل كنت انا سيئة الى هذا الحد؟.

اجاب:

- كنت فظيعة.

ورفه عنها شبه ابتسامة ظهرت على شفتيه، وقال متابعاً :

- اسمحي لي ان ان اخبرك ياآنسة كينغسدال ان طريقتك للحصول على تلك المقابلة ، كانت رهيبة.

قالت:

- لكنني لم ابدأ بشيء منها.

اجاب:

- تماماً ، ذلك انه تبعاً لخبرتي بالصحفيين ليس ثمة سؤال مهما كان حميماً وشخصياً ، لا يسعون الى أخذ الجواب عليه أو أي شخص له علاقة به، لا

يقحمون انفسهم عليه، انني متأكد تماماً من ان اختك ماكانت لتضيع كل تلك الفرص كما فعلت انت.

قالت فابيا:

- ولكنني بالكاد حصلت على جواب واحد لأي من تلك الأسئلة التي على القائمة.

--------------------------------------

سألها :

- وهل عندك قائمة بالأسئلة؟.

اجابت بسرعة :

- نعم قائمة طويلة اعطتني اياها كارا ان هذه المقابلة تعني لها الشيء الكثير ، لقد كنا اتفقنا نحن الاثنتين على ان نأتي معاً إجازة اثناء غياب زوجها في

اميركا لقضاء بعض الاعمال ، وكان على كارا بعد ذلك ان تلحق بزوجها الى امريكا لقضاء إجازة معه، ولكنني عندما ذهبت بسيارتي الى لندن لنسافر معاً كما

اتفقنا وجدت انها قد تلقت قبل ساعة من وصولي خبراً من اميركا يقول ان بارني مريض ، وهكذا بطبيعة الحال...

- بطبيعة الحال ، سافرت الى اميركا لتكون الى جانبه.

قالت :

- كنت سأذهب معها لولا انه كما قلت كانت المقابلة معك تعني شيئاً كثيراً بالنسبة اليها ، وهكذا لم تستطع إلغاءها، كما انها لم تدع صحفياً آخر من زملائها

يقوم بها لأجلها.

قال بهدوء:

- وهكذا اختارتك انت.الثقافية

قالت بسرعة:

- صدقني انني لم أشأ ان اكذب عليك ولكن بالنسبة الى بارني مريض والى ان كارا كانت في غاية الحزن ، بدا ان من البشاعة ان لا اخصص ساعة واحدة

من حياتي لأعمل معها مثل هذا المعروف.

قال:

- وهكذا وافقت انت حتى الى حد اتخذت اسمها.

قالت:

- صدقني ، انني لم أشأ ذلك مطلقاً ، انا لم أشأ ... ولكن...

قال:

- ولكن حبك لأختك جعلك تتخلين عن صفاتك الفضلى.الثقافية

سألته وعيناها الكبيرتان الخضراوتان تحدقان في عينيه:

- هل يمكنك ان تتفهم شعوري ذاك؟

اجاب:

- نعم ، إذ ان ماسمعته منك جعلني افهمك اكثر مما لو رفضت الايضاح.

لم تستطع ان تتأكد مايعني بجوابه هذا، لم تكن تريده ان يعلم اي شيء عنها اكثر من ذلك قالت:

- انني اعلم ماقلته من انك انت الذي توجه الأسئلة، معك حق ، ولكن... متى عرفت انني لست صحفية؟ وان كارا هي السيدة بارنابي ستيورات؟ ايمكنك

ان تخبرني؟.

اجاب:

- منذ البداية، إذ كانت صحفية حقاً ، فأنت مختلفة عن بقية الصحفيين ذوي العناد.

قالت:

- انني كشفت نفسي إذاً؟.

اجاب:

- لقد سمحت لي بأن اراوغ بالجواب عن اسئلتك بسهولة ، فهل من الغريب ان اشعر نحوك بالاهتمام منذ اول لحظة تقريباً ، رأيتك فيها؟.

سألته:

- و... ولكن، كيف عرفت ان كارا متزوجة؟.

هز كتفيه قائلاً:

- كان ذلك بمنتهي البساطة لقد اتصلت هاتفياً بالمجلة.الثقافية

فتحت فابيا فاها ذاهلة إذ لم تكن قد فكرت بهذا من قبل... وقالت تسأله:

- هل اردت ان تحقق من ان شخصيتي في حقيقة كما ادعيت؟.

اجاب:

- كلا، فقد جئت وعندك الأوراق الثبوتية اللازمة مثل بطاقات اختك العملية ورسالة من مكتبي متوجة باسمي.

--------------------------------

سألته :

- لكن، متى؟ ولماذا؟.

وسكتت لا تعرف كيف تستجمع شتات ذهنها، ذلك انه إذا كان لم يشك في شخصيتها كما يقول ,فلماذا إذن اتصل بمكتب المجلة للسؤال عنها؟

اخذ يكرر كلامها ولكن، متى؟ ولماذا؟ ونظر اليها طويلاً , ثم قال يجيبها :

-لماذا ؟ لأنك هربت مني ، هذا هو السبب ، لأنني وجدت انه من الافضل ان اتصل لأحصل على عنوان منزلك في انكلترا.

تمتمت هي:

- آه فهمت.

ولكن الذي فهمته هو انها حصلت على جواب سؤال كان يراودها وهو هل عاد الليلة الماضية الى ماريانسكيه لازنيه قبل ان تترك هي الفندق في براغ؟

هذا السؤال قد وجدت الجواب عليه، إذ من الواضح ان معرفته بفرارها من الفندق بعد تركه لها كان يعني انه كان ذلك الصباح مايزال في براغ ، وانه لابد
قد رجع الى جناحه ذاك في الفندق بعد ان رحلت هي، وهذا يعني انه عاد بسيارته الى ماريانسكيه لازنيه حالاً بعد ذلك، ولكن اشارته الواضحة الى انها

هربت منه، وعدم رغبتها في الخوض في النتائج والاسباب، وبما انها قدمت اعتذراها لخداعها له،وقفت فابيا ، عند ذاك ، وهي تمد اليه يدها مودعة وهي

تقول:

- لقد كنت حقاً في غاية اللطف معي و...

صرخ فيها متجاهلاً يدها الممدودة:

- في غاية اللطف؟ الى اين تظنين نفسك ذاهبة؟.

سقطت يدها الى جانبها وهي تجاهد لكي تبدو هادئة:

- لماذا؟ إنني ذاهبة الى انكلترا طبعاً، لقد انتهت عطلتي الآن في الواقع ، إن والديّ ينتظران عودتي هذا النهار.

قال:

- اجلسي ، يمكنك ان تتصلي بهما هاتفياً في مابعد.

قالت :

- نعم ، ولكن ... اسمع...

قال بحدة:

- لا اريد ان اسمع ، إنني لم انته منك بعد، وما زال هناك الشيء الكثير.

قالت متلعثمة:

- ولكن ... ولكنك قلت.. لقد قلت انك لم تعد غاضباً مني.

اجاب:

- نعم ، لم اعد غاضباً لأنك ادعيت شخصية شقيقتك، ليس لأن...

وسكت برهة ، ثم تابع مغيراً الموضوع ليسألها:

- هل اردت العودة الى انكلترا من دون تلك المقابلة؟.

وشعرت فابيا بالألم ولكنها رأت من الافضل ان تبقى على هدوئها، ولكنها عرفت ان فين غير مستعد لاطلاق سراحها وهو يقول لها متحدياً:

- لماذا إذاً ، وانا اعرف نزاهتك، قبلت ان تسيري في طريق الخديعة الى ان تنالي مطلبك، لماذا؟ وهو بهذه الاهمية لأختك التي تحبين...

وسكت لحظة وقد تقابلت انظارهما ليتابع بعد ذلك:

- الأخت التي انت على استعداد لفعل أي شيء لأجلها ، كما ثبت من تركك انكلترا والقدوم الى هنا، لماذا تتركين كل هذا الآن لتعودي الى وطنك دون

اي تردد؟.

هتفت في اعماقها بذعر، كلا..ان كل شيء في كلام فين يوحي باقترابه من حقيقة حبها له، ومرة اخرى قررت ان تبقى على هدوئها ، ومرة اخرى قررت

ان تبقى على هدوئها، ومرة اخرى يلاحقها هو باسئلته دون رحمة:

- ماذا حدث يافابيا؟ ماالذي حدث ووجدته انت اعظم من حبك لشقيقتك مما جعلك تتجاوزين عن ثقتها فيك؟.

----------------------------------

صرخت فابيا وهي تشعر بنفسها تتمزق:

- كفى...

ولكنه لم يسكت وتابع قائلاً:

- ماهو الشيء العظيم الذي جعلك تفضلين الرحيل مع انني وعدتك بأن نتحدث في هذا الشأن و...

قاطعته بسرعة بلهجة ملتهبة:

- الا تعتقد ان في نعتي بأنني امرأة ملتصقة سبباً وجيهاً لذلك؟.

هتف فين:

- أوه .. لقد أذيتك.. إنني اعرف بأنني تعمدت ان اؤدي كرامتك.. ولكن ، آه, ياعزيزتي فابيا.

لقد تلاشى الآن كل أثر للتجهم والعنف في كلامه، واقترب منها يأخذها بين ذراعيه لتستكين هي اليه ، تتنشقت الدفء من جسده ، وعندما بدأ الاضطراب

يتسلل الى نفسها ، اخذت تقاومه لتتخلص من عناقه ذاك.

تركها هو عند اول دفعة منها له مذعورة، وهي تقول:

- لا اريد منك مداواة لجرحك كرامتي، شكراً لك ، يمكنني أن..

- لم أشأ ان اؤذي كرامتك ولكن كان عليّ ان افعل هذا.

قالت:

- اشكرك مرة اخرى ، ولكن كلامك بان عليك ان تفعل ذلك، يبدو غامضاً مرة اخرى ، ولكن هذا لا يجعلني ارى...

قاطعها :

- ألا ترين .. ألا تتذكرين كيف كان الامر جيداً ولكننا على الاقل في امكاننا ان نتكلم في الأمر الآن بشكل اسهل مما ظننته سيكون.

وضع يده على ذراعها وبدلاً من ان يأمرها بالجلوس كما فعل اول مرة قال لها برقة:

- هل لك ان تتفضلي بالجلوس؟ اجلسي وامنحيني فرصة اشرح لك فيها كل شيء.

عادت بطوعها، الى المقعد المستطيل الذي كانت قد قفزت من فوقه من قبل، عند ذلك قرب كرسيه منها لكي يتمكن من ملاحظة اي تعبير يطرأ على

ملامحها.

ابتدأ قائلاً:

- شكرا يافابيا ، سأوضح لك السبب في وحشيتي تلك، انني انا نفسي لم أكد افهم الامر، كل ما عرفت في حرارة تلك اللحظة ان عليّ ان احميك من

نفسي..لم استطع ان اتصور كيف اقترب منك ، ثم ارحل بعيداً.

قالت بكبرياء:

- ولكنني ماكنت لأطالبك بشيء.

قال:

- ألا تعلمين انني كنت اعرف ذلك؟.

قالت:

- مافكرت في ذلك قط.

قال:

- وهنا المشكلة ، لم يفكر احد منا في الامر حتى فاجأتك لحظة الخجل تلك، لقد كان كل شيء يسير بشكل طبيعي ، رائعاً ، خلاباً انما دون تفكير في

ماسيتمخض عنه كل ذلك.

ارادت ان تصرخ آه يافين.. لقد كان لديه نفس احساسها هو ايضاً ،وتابع قائلاً:

- ثم ابتدأت اكافح لكي اضبط نفسي ، بينما كنت انت تحاولين الاقتراب مني اكثر فأكثر، ماذا كنت استطيع ان افعل سوى هذا؟ ربما لأنني لم اكن افكر

في الامر بوضوح سوى الاعجاب بالكبرياء التي تبدو عليك.

-----------

تمتمت:

- لقد كنت....

قال:

- آه يافابيا الحلوة، ليس لديك فكرة عما سببه لي هذا، لأجلك تركت ذلك الجناح في الفندق ولم اعد قبل الصباح.

سألته:

- هل بقيت طيلة الليل بعيداً بسببي؟.

اجاب:

- لقد شحذت سريراً في منزل اخي، فسحة قليلة او حتى سجادة لكي ابتعد عنك، بالنسبة لحالتي التي كنت فيها.

كانت اعترافاته هذه تحمل الشفاء لجروح كرامتها ، وتابع هو:

- هل عندك فكرة ايتها الآنسة عما احدثه بي اكتشافي لرحيلك ساعة عدت الى الفندق؟.

قالت توضح له الامر:

- لقد كان عليّ اللحاق بالقطار.

قال:

- اللحاق بالقطار؟ ألا استحق منك قطعة ورق تتركينها لي؟.

- كيف يخطر لك انني سأفعل ذلك بعد الذي قلته لي؟.

سألها:

- ألن تسامحيني قط على هذا؟.

وكان في صوته من الحنان والجاذبية بحيث كادت تنهار لو لم تكن جالسة واجابته وهي تحاول تحويل افكارها الى ناحية اخرى:

- طبعاً ولكن كان يمكن لموظفة الاستقبال ان تخبرك بأنني اخذت سيارة اجرة الى محطة القطار.

قال:

- لقد فعلت ولكن بعد ان وجدت خزانة الثياب في الردهة خالية من كل ملابسك ، مر في ذهني الكثير من الاحتمالات قبل ان يخطر لي ان اتصل بموظفة

الاستقبال.

سألته ببطء وقد تملكتها الحيرة:

- هل فعلت ذلك حقاً؟.

اجاب دون تردد:

- طبعاً، لقد تساءلت عما اذا كنت قد ذهبت الى فندق آخر في براغ، ولكن الشك تملكني بالنسبة لذهابك الى اي مكان ، ثم فكرت في احتمال ذهابك

الى ماريانسكيه لازنيه، او ربما المطار في براغ.. وتذكرت عند ذلك انك تركت بعض امتعتك في ماريانسكيه لازنيه ، ثم كذلك سيارتك، إذ ان رغبتي فيك

اخذت تهدد بان تتجاوز كل الاسباب ، ولكن هل كان احساسك بجرح الكرامة هذا قوياً الى حد ان تعودي الى انكلترا دون اجراء تلك المقابلة؟وفكرت

في ان لغتك لن تساعدك في مالو اخذت سيارة اجرة الى المطار او الى ماريانسكيه لازنيه ..

قالت:

- إذاً ، فقد اتصلت بموظفة الاستقبال ، انني آسفة لذلك.

كانت تعتذر الآن بعد ان ادركت ان في تركها المكان دون ان تترك له ورقة ، هو عدم اعتراف منها بالجميل بعد ان علمت انه في تصرفه ذاك ، إنما كان

يقصد به حمايتها من نفسه.

تابعت تقول متلعثمة:

- لم .. لم افكر، حينذاك ، في انك ستولى امر ذهابي كل تلك الاهمية...

هتف:

- اهمية ؟.

وكادت تسقط عندما تابع قائلاً:

- ستعلمين يوماً ما، ايتها الآنسة ان اهتمامي بك قد ابتدأ، منذ ان اضطررت للتوقف فجأة خلف سيارتك لتحدق عيناك الرائعتان هاتان بي وتخبرني ان

سيارتك لا تتحرك.

سألته بصوت خافت:

- كنت تهتم بي؟ هل تعني الاهتمام بي لكوني صحفية؟.

---------------------------------------

نظر اليها لحظة، ثم اجابها :

- ربما تتذكرين انني لم اعلم سوى في اليوم التالي ان تلك المرأة ذات العينين الخضراوين الساحرتي الجمال والشعر الذهبي الرائع هي صحفية.

قالت متلعثمة وقلبها يخفق بعنف:

- أوه...نعم...نعم...

قالت:

- لا افهم ماذا تعني ، ولكنك كنت بالغ العداء عندما رأيتني ذلك النهار؟ وكان هذا قبل ان تعلم انني صحفية؟.

قال يشرح لها الامر:

- لقد فزعت حين رأيت آزور يهاجمك مماجعل الفعل قوية نحوك فشعرت بالغضب ولكنني لم اكن اشعر بالعداء ابداً، وكيف يكون ذلك وقد كنت صممت

ان اتصل بك في فندقك، حيث انني عرفته بعد اذ اوصلتك اليه ، وذلك قبل ان تحضري بنفسك الى منزلي؟.

سألته:

- أحقاً كنت ستفعل ذلك؟.

اجاب:

- بالتأكيد، أليس في امر سيارتك عذرحسن للاتصال بك؟

تمتمت:

- طبعاً.

وابتسمت له لتريه انهالم تصدم بجوابه هذا.

عاد يقول:

- ولكن، عندما اصبحت في منزلي ، لن اعد في حاجة الى استخدام سيارتك كذريعة لرؤيتك وحتى بعد انه علمت انك من اؤلئك الصحفيين المتطفلين

الذين كنت اتجنبهم على الدوام ، رغم ذلك سألتك ان ترافقيني في نزهتي تلك.

ادركت فابيا ، حينئذ، انه إذا استمر في طريقته تلك من رفع معنوياتها تارة وخفضها تارة اخرى ، ومايتبع ذلك من اضطراب خفقات قلبها صعوداً ونزولاً،

فستصاب دون شك، بمرض في قلبها، رغم انها تذكرت كم كانت سعيدة في اثناء تلك النزهة معه، وتساءلت عما إذا كان هذا يعني انها كانت بداية حبها له.

قالت متلعثمة:

- ان... انها كانت نزهة جميلة.

هتف:

- جميلة فقط؟ لقد ادركت عند ذاك انها كانت البداية بالنسبة اليّ.

قالت:

- كيف...

ولم تستطع ان تكمل ، كان ذهنها مشوشاً وقد اضرب عقلها عن العمل.

كرر كلماتها:

- كيف؟.

وبد عليه التردد ، ثم نظر في عينيها ، مباشرة، ثم قال:

- لقد وجدت نفسي بعد ان عرفتك ، اقوم بأشياء لم احلم بها من قبل، وبأنها ستصدر عني، اشياء كنت اعتبرها غير منطقية ولكن لا شيء كان سيمنعني من

القيام بها.

همست :

- أحقاً؟.

كان ثمة شيء في نظرته ، في انحنائه نحوها ليمسك بيدها ، جعل خفقات قلبها تتسارع.

اجاب:

- آه، نعم، عندما قدمت سكرتيري اليك نهار الاثنين ذاك، الى ان سألك اذا كنت تقبلين ان يوصلك الى فندقك ، لم اكن انا قد فكرت في الطريقة التي

ستعودين فيها الى الفندق.

قالت تذكره:

- ولكن كان عليك ان تخرج ، فأوصلتني بطريقك.

اجاب :

- لم اكن عليّ ان اذهب الى اي مكان ، ولكنني اخترعت هذه الحجة لكي اوصلك، وكما ادركت في مابعد، لكي امنع سكرتيري من ان يوصلك بنفسه.

---------------------------------------

فتحت فابيا فمها بذهول، لقد بعث شعورها بيديه على يديها، الاضطراب في تفكيرها ، ولكن هل كان يعني انه شعر بالغيرة من لابور؟ وهمست:

- اوه.

قال :

- نعم ، اوه ... لا ادري ماالذي حدث لي ، إذ وجدت نفسي ادعوك الى العشاء في منزلي رغم انني اكره تماماً وجود الصحفيين فيه.

كانت فابيا في اشد الشوق الى ان تعرف ماالذي حدث له فعلاً، ولكن قلبها كان يخفق اذ خافت من ان تسأله عن ذلك لئلا يأتي الجواب الذي قد يسبب

لها الاحباط ، ولكنها لم تجد مانعاً من ان تقول:

- حين مررت بسيارتك الى جانب سيارة لابور ، حين كنت معه في دعوته تلك لي للغداء ظننت من مظهر الغضب على ملامحك انك لابد ستلغي دعوة

العشاء تلك.

قال:

- كنت غاضباً فقط؟ لقد كنت في اشد الثورة.

سألته:

- هل ذلك لأنك ظننت انني سأستغله بسؤاله عن شؤونك الخاصة لأجل تلك المقابلة؟.

اجاب:

- لقد سبق واثبت انه سكرتير جدير بالثقة بالرغم من ضعفه تجاه النساء، مهما كان جمالهن، لكنني جعلتك تعتقدين ذلك اثناء حديثك الصفيق المتواصل

ذاك عن غدائك معه، عندما كنت تتعشين معي..

قاطعته بدهشة إذ كانت متأكدة من انها لم تكن فظة ابداً:

- هل قلت ان حديثي كان متواصلاً وصفيقاً؟.

اجاب:

- هكذا بدا لي عند ذاك ، ولكنني عرفت الآن ان ذلك الشعور الذي لم اعرفه من قبل كان شعور الغيرة.

شهقت قائلة وقد شعرت بقلبها يخفق:

- الغيرة؟ هل كنت تغار؟ تغار من لابور؟.

ولم تشعر به حين انتقل من كرسيه امامها الى حيث جلس بجانبها على المقعد ليمسك بذراعيها بينما قلبها ينتفض بعنف، ويديرها نحوه لتواجهه ، ثم حدق

في عينيها وهو يعترف بقوله:

- نعم، كنت أغار من لابور اوندراس دون ان ادرك كنة ذلك الشعور الذي كان يمزق نفسي الا منذ حين.

كانت فابيا تحدق فيه مصعوقة، عندما ترك احدى ذراعيها ، ليحيط كتفيها بذراعه، وهو يحدق في عينيها الغالية، الا يمكنك ان تشعري بما احس به؟.

لم تعرف كيف خرج صوتها لتهمس قائلة:

- انني لست متأكدة.

وجاهدت في ان تتمالك نفسها من ان تتهاوى لأحساسها بأن ثمة شيئاً رائعاً في غاية الجمال، على وشك ان يحدث لها.

همس:

- اوه يا ميلاكو، انت لست متأكدة، الاتعرفين ؟ الا تشعرين بمبلغ عدم تأكدي انا الآخر؟ اريد ان تمنحيني شيئاً من الامل، ارجوك اذ، لأنني ميلوجي تي،

فقد تملكني مالم اعرف في حياتي قط من مشاعر الخشية والتردد.

حاولت الكلام، ولكن كان في حلقها غصة، وشعرت بنفسها ترتجف وهو يمكسها، ولكنها حين عرفت ان بعض هذه الرجفة انما هي منبعثة عن فين، عند ذلك

فقط ادركت مبلغ التوتر النفسي الذي كان يعانيه ، فتغلبت على مخاوفها لتكسر حدة توتر ذاك، وتنحنحت قليلاً، ثم همست بصوت شبه مبحوح:

- مامعنى كلمة ميلاكو؟.

اجاب دون تردد:

- معناها عزيزتي.

وبينما اخذت خفقات قلبها ترتفع، اندفعت تسأله مرة اخرى:

- ومامعنى كلمة ميولوجي تي؟.

--------------------------------

كان جوابه ان تمسك بوجهها بين راحتيه، ثم اجاب بهدوء، والصدق ينبعث مع كلماته:

- معناها ، احبك.

هتفت والدموع تتدفق من عينيها:

- أوه، يافين.

همس:

- ياعزيزتي.

وبينما كان يحاول ان يصدق ما تخبره به دموعها ، اشتدت ذراعه حولها وهو يهمس متوتراً:

- هل هذه الدموع التي تحاولين صدها ، هي دموع الفرح؟.

اجابت ببساطة:

- اني احبك ، انا ايضاً.

كانت هذه هي الكلمات التي اراد سماعها وجذبها اليه وهو يتفوه بكلام اختلطت فيه اللغتين الانكليزية والتشيكية..كانت كلمات الحب الخالص، ونظرت

هي في عينيه بخجل لترى مالم تره من قبل قط في ملامح رجل، من امارات السعادة والبهجة وهو يهتف:

- لايمكنني ان اصدق ذلك .

واحتضنها بقوة شعرت هي معها ، انه هو صدق ذلك حقاً ، فانه لن يفلتها من بين ذراعيه ابداً، وفي الحقيقة كان تصدق ذلك صعباً على فابيا هي ايضاً.

سألها:

- منذ متى ادركت انك تحبينني؟.

اجابت معترفة:

- منذ امس ، عند تمثال الشاعر.

هتف:

- ياحلوتي الصغيرة فابيا.

هتفت هي بدورها:

- اوه يافين ، وماذا عنك انت؟

اجاب:

- لقد تأكدت من ذلك اليوم فقط، ولكنه كان موجوداً ينمو يوماً بعد يوم ، لكي اراه، ولكن لم يكن لدي عينان لأرى.

سألته بخجل:

- هل كنت ترفض الوقوع في الحب؟.

اجاب:

- لقد رفضت إدراك ذلك لأنني لم اعرفه من قبل ، ولكنه كان موجوداً عندما رق قلبي وأنا ارى دماثتك إزاء مدبرة منزلي وابتسامتك لها، ولم اكن اعرف

لماذا دعوتك الى العشاء ، انما الذي اعرف ان تلك الدعوة لم يكن لها علاقة بالمقابلة ، وفي تلك الليلة نفسها ، مع انني اؤكد لك انني كنت دوماً رجلاً

صادقاً، فقد حيرني ان وجدت نفسي اكذب عليك.

سألته وقد بان في لهجتها عدم الرضى:

- هل كذبت عليّ؟.

قال يعتذر بطريقة حوت من السحر الى درجة شعرت فيها بقلبها يكاد يهوي عند قدميه:

- سامحيني ياعزيزتي، لقد سألتني حينذاك، عن سيارتك ، فاخبرتك ان العثور على غيار لها يستلزم من الوقت اسبوعاً او اكثر.

سألته:

- ألم يكن ذلك صحيحاً.

اجاب:

- لقد كانت ذلك الصباح بالذات عندي هنا.

وبينما كانت عيناها الكبيرتان تتسعان دهشة تابع هو كلامه:

- كانت ومازالت هنا مقفلاً عليها امام احدى ابنيتي.

عادت تسأله:

- ولكن...لماذا الكذب؟ ألم يكن في استطاعتك...

اكمل جملتها يقول:

- لم يكن في استطاعتي ان اخبرك الحقيقة.

فأومأت برأسها بالايجاب، فقال بشيء من غطرسته القديمة:

- ولماذا افعل ذلك؟ ربما كنت سأخبرك ، لو لم تدفعيني الى الشعور بأشد الغضب لتناولك الغداء مع سكرتيري ، انها الغيرة مرة اخرى طبعاً، ثم قضاؤك فترة

من الوقت اثناء العشاء تتحدثين عن ذلك ، وعلى كل حال وان كنت في ذلك الحين لم اكن ادرك مبلغ تأثيرك عليّ ، الا انني لم اشأ ان اراك تذهبين

بسيارتك الى حيث لا استطيع العثور عليك بسهولة.

--------------------------------

قالت له والحب يملأ عينيها :

- يالك من ماكر حقاً.

سألها مازحاً :

- أمازلت تحبينني؟.

همست:

- جداً.

همس هو ايضاً:

- ياملاكي.

ثم رجع الى الخلف ينظر الى وجهها المتورد الجميل، وتنهدت وهو يحني رأسه ليطبع قبلة على جبينها ثم يقول:

- أليس من الغريب انني بينما اشعر بالعناد نحو مايحدث في اعماقي من مشاعر ، لم استطع انكار ماشعرت به تلك الليلة؟.

سألته:

- متى؟.

اجاب:

- متى؟ في هذه الغرفة بعد ان انتهيت من اخبارك عن تلك النافورة التي ترقص وتغني، وقلت انت ، ماأجمل ذلك، ففكرت انا في انك اجمل مخلوقة

عرفتها ، روحاً وجسداً.

تنهدت قائلة:

- مااجمل الاشياء التي تقولها.

قال:

- إنني اخبرك بالحقيقة ياجميلتي.

قالت وهي تجمع اشتات نفسها :

- انك... لم ..لم تكذب عليّ سوى تلك المرة ...عن سيارتي اليس كذلك؟.

قال:

- آه ..حسناً ، ايضاً عندما امضيت ليلة قلقة افكر فيها بك، اتصلت بك في الصباح الى الفندق أملاً ان لا اكون قد ازعجتك.

تذكرت حالاً ، وقالت:

- كان ذلك صباح الخميس.

قال:

- هذا صحيح.

قالت:

- وكان عليك ان تذهب الى مدينة كارلوفي فاري فدعوتني للقدوم معك.

اجاب:

- هذا غير صحيح..

وعندما نظرت اليه بحيرة تابع قائلاً:

- لقد كنت بشوق لرؤيتك والتحدث اليك... عندما رأيت سائقي آيفو حاملاً طرداً يريد ان يرسله بالبريد الى ابن عم زوجته في كارلوفي فاري، فقلت له انني

ذاهب الى هناك وفي امكاني ان آخذ الطرد معي فأوصله الى المتجر الذي يعمل فيه ابن عم زوجته.

سألته متعجبة:

- ولكن ، لماذا اردت الذهاب الى تلك المدينة؟.

قال:

- لأنك كنت قد ذكرت ، اثناء السهرة عندي، انك تتمنين مشاهدة تلك المدينة ، فاردت ان استمتع بصحبتك اليها.

قالت:

- هل سبق وقلت لك انك ذاهية؟.

قال:

- هل سبق وقلت لك انك جميلة؟.

قالت:

- آه، يافين.

احست بتوقف الزمن برهة وهي في احضانه ، ثم مالبثت ان تركها فجأة وهو ينظر حوله قائلاً:

- اين نحن ، وماالذي كنا نتحدث عنه؟.

قالت وقد سرها ان يبدو عليه نفس تشوش الذهن الذي كانت تشعر به :

- أظن ، ربما كنا نتحدث عن شيء يتعلق بمدينة كارلوفي فاري.

فقال:

- آه ، نعم لقد كان ذلك الصباح ، انها الغيرة مرة اخرى ، عندما كنت تتناولين معي القهوة، وتجرأت على ان تأتي على ذكر رجل آخر ، لقد عرفت حينذاك،

ان قراري في ارسال سكرتيري بعيداً، في عمل طارئ، كان قراراً حكيماً.

سألته بحيرة:

- لا اظنك ارسلته بعيداً بسببي؟.

-----------------------------------

اجابها بحدة دون اعتذار:

- نعم ، ايتها الآنسة ، انك على حق.

ولكنه مالبث ان ابتسم وهو يتذكر قائلاً:

- ولكن علاقتنا قد تحسنت بعد ذلك، أليس كذلك؟.

اجابت:

- طبعاً، وكان ذلك رائعاً، لقد تناولنا الغداء في مطعم اسمه بيكوف ثم...

قاطعها:

- وعندما اوصلتك الى فندقك ، وسرت في طريقي الى منزلي ، ادركت ذلك النهار انني وقعت في شباك فتاة انكليزية جميلة وساحرة.

عندما سكت نظرت اليه وهي تنتهد وقالت:

- أوه يافين لا تسكت عن الكلام.

ابتسم وقبلها على طرف انفها ،ثم قال:

- وبعد ذلك، امضيت بقية النهار افكر فيك، ثم لم انم تلك الليلة الا قليلاً لكثرة تفكيري بك.

قالت بوجه مشرق :

- إنني آسفة لأجلك.

قال ضاحكاً :

- يبدو عليك الاسف فعلاً، وعند الصباح قررت ان ارحل الى براغ.

سألته:

- لا اظن ذلك بسببي.

اجاب :

- طبعاً هو بسببك.

سألت:

- لماذا؟.

اجاب:

- لماذا؟ لأنه في اي وقت آخر كنت استطيع السيطرة على مشاعري، ولكن هذه المرة ولسبب لم اعرف ذلك الحين ، وجدت الأمر مختلفاً بالنسبة اليك .

قالت بعد تفكير:

- هل ذلك بسبب المقابلة؟.

قال:

- في الحقيقة موجي ميلا...

سألت :

- ومامعنى موجي ميلا هذه؟.

اجاب:

- مامعناها ياعزيزتي.

تمتمت بسعادة:

- شكراً ، لقد كنت في غاية الصدق.

قال:

- لكي اكون صادقاً ، يجب ان اقول انه لم يكن ثمة اهمية عندي لتلك المقابلة، المهم عندي هو الحاجة الى اطاعة غريزتي في الابتعاد عنك.

سألته:

- هل كنت...خائفاً؟.

قال:

- ولم لا؟. انني لم اشعر قط من قبل بمثل تلك الاحاسيس القوية التي تدعى الحب؟ هذه الاحاسيس التي دفعتني الى ان اسهل عليك امورك وماقد

يعترضك من مشكلات وذلك باعطاء ارشادات الى لابور...

قالت تغيظه:

- عن سيارتي؟.

اجاب:

- ذلك امر مختلف ، لقد كنت متأكداً من ان لابور عنده من العمل مايشغله في عطلة الاسبوع تلك وانه ليس ثمة مايدعوك الى الاتصال به، طلبت من لابور

اوندراس ان يقدم اليك اية مساعدة في ما لو اعترضك مشكلة.

قالت:

- ولكن بشرط ان يبقى ذلك محصوراً في مسائل غير شخصية.

قال فين:

- آه.

وسكت برهة ، ثم عاد يقول:

- لم اكن اعلم انه اخبرك بذلك، لقد كانت غيرتي ، مرة اخرى ، تعمل عملها بالطبع.

قالت:

- آه يافين ، لقد ظننت انا ، عند ذلك، انك لا تثق بي في انني لن أسأل لابور اسئلة شخصية عنك لاكتب المقابلة.

تمتم:

- ياللعزيزة الحلوة.

وهز رأسه وهو يتابع ساخراً من نفسه :

- وقد ظننت انني بابتعادي عنك الى براغ ساستطيع ان اتخلص من تأثيرك عليّ ونبذك من تفكيري.

--------------------------------

قالت:

- ولكن ذلك لم يكن بوسعك اذ انك اتصلت بي في المساء التالي من براغ، لقد ظننت ان اتصالك بي كان بشأن تلك المقابلة البغيظة،ولكنك كنت ذا

مزاج سييء...

وسكتت فجأة عندما رأت حاجبه يرتفع ، وادركت في الحال ان له عذره اذ انها هي ايضاً حاجبه يرتفع، وادركت في الحال ان له عذره اذ انها هي ايضاً

لم تكن ذات مزاج حسن اثناء تلك المخابرة.

ولكنه لم يقل شيئاً، بل رسم على شفتيه ابتسامة مصطنعة، ثم سألها:

- ولماذا لا اكون سيىء المزاج؟ لقد اتصلت بك فقط لكي اسمع صوتك ، فماذا وجدت من وراء ذلك الضعف الذي الجأني لذلك؟ وجدت ان ذلك

الصوت لم يضع الوقت ، بل اخبرني تواً انك تعشيت مع سكرتيري.

سألته بلطف:

- آه ياعزيزي ، أهي الغيرة؟.

اجاب معترفاً :

- نعم ، انها الغيرة ، وكان ذلك لم يكن كافياً ، حتى وأنا ادرك انني احمق، اذ اغضب للصداقة التي يبدو انها تتقدم بينك وبين سكرتيري، فاذا بك تأخذين

كلبي حيث انك لا تخافين منه، تأخذينه في نزهة ذلك النهار، وبدا لي انك استوليت على الكلب ايضاً، عند ذلك قررت ان الوقت قد حان لعودتي.

قالت :

- ولكنك عدت لتأخذ بعض الأوراق؟.

اجاب:

- لقد كذبت عليك.

هتفت فجأة بملء فمها:

- آه ايها الماكر، لقد سألتني ايضاً ما اذا كان المرآب قد اعاد اليّ سيارتي بينما هي موجودة عندك طوال الوقت.

قال :

- وفي الوقت الذي كنت افكر فيه في كيفية ابعادك عن طريق سكرتيري ، ذكرت انت انك تريدين السفر الى براغ ، فوجدت هذه فكرة ممتازة.

قالت:

- وهكذا صممت على ان تأخذني معك عائداً الى براغ.

قال:

- طبعاً، وهكذا غرقت في حبك اكثر فاكثر، تغدينا معاً ، وتعشينا معاً ، وراقبت بهجتك البرئية بينما كنت تراقبين تلك الساعة الفلكية ، وعندما اخذتك بين

ذراعي في المرة الاولى ، ووجدت في نفسي تلك الرغبة نحوك، فكرت في اننا يجب ان نخرج من ذلك المكان ونعود تواً الى ماريا نسكيه لازنيه.

قالت:

- ولكنك لم تفعل.

هز رأسه قائلاً:

- ظننت ان في استطاعتي ان ادير الامور بحكمة ، ولكن عندما عدنا في اليوم التالي من الطواف في المدينة، ونظرت في عينيك شعرت بنفسي اغرق،

وكانت الطريقة الوحدية لأحميك في ذلك المساء، هو ان ابتعد عن المكان.

قالت:

- لقد قلت، ذلك الحين، ان عندك موعد.

قال:

- ها انك تذكرت كل شيء.

قالت ببساطة:

- لأنني احبك.

تنهد فين وهو يهمس:

- ياحبيبتي الغالية.

واخذها بين احضانه لفترة طويلة تملؤها السعادة، قالت:

- هذا ممايعزيني جداً، إذ كنت انا في منتهى الغيرة عندما خرجت لموعدك ذاك تلك الليلة.

هتف وهو يعود برأسه الى الخلف ليتمكن من النظر الى وجهها:

- هل كنت حقاً كذلك؟.

ابتسمت قائلة:

- نعم، ولكنني انكرت ذلك بين وبين نفسي، طبعاً.

-------------------------------

قال:

- طبعاً ، وأنا طبعاً لم اكن على موعد مع احد ذلك المساء.

هتفت وقد اكتنفها السرور:

- أحقاً؟.

اجاب:

- نعم، لقد اردت ان ابقى معك ولكن حباً بك كان عليّ ان ابتعد ، على ان لا اعود الا بعد ان تكوني في فراشك آمنة دون اي اغراء لي.

نظرت فابيا اليه بصمت ، بينما تابع قوله:

- ثم الليلة الماضية ، بعد يوم رائع خرجنا لتناول العشاء وبدأت اعترف لنفسي انك بدأت تدخلين حياتي.

تمتمت بسعادة:

- لقد بدوت لي مشغول البال.

قال وهو يضع اصبعه عل طرف انفها:

- وأنا رأيتك باردة المظهر والتصرف احياناً.

قالت:

- إنني كنت حديثة الاعتراف لنفسي بأنني احبك، وهذا جعل ضميري متعباً بسبب تلك المقابلة البغيضة التي وعدت كارا بها، ولكوني انتحل شخصية

شقيقتي كان في ذلك مايضغط على اعصابي ويرهقني نفسياً .

همس:

- آه ياحبيبتي الصغيرة. وعرفت من صوته المحب انه سامحها، وتابع قائلاً:

لا ادري تماماً كيف اخبرك بهذا...

سكت برهة ثم وجد ان لا مناص من ان يخبرها بالأمر فتابع يقول ، مما اصابها بصدمة عنيفة:

- الحقيقة، ياعزيزتي هي انني لم اعد اختك قط بمقابلة، كلا ، ولا لأي شخص من مجلة الحقيقة.

شهقت قائلة:

- لم.. لم تفعل؟.

اجاب:

- لو كنت قد فعلت ذلك لكنت في ذلك اليوم المعين في منزلي تحقيقاً لوعدي.

جاهدت فابيا لتستعيد اشتات نفسها وهي تقول:

- ولكن... كارا وصلتها رسالة منك..إنها ....

فقاطعها قائلاً:

- لقد تلقت رسالة من ميلادا بانكراكوفا وعليها توقيع باسم ميلادا بانكراكوفا ، ولكن...

قاطعته:

- ولكنك لم تملها عليها!.

اجاب:

- اعتقد ان تلك الرسالة كانت آخر عمل لها قبل ان تترك خدمتي.

قالت فابيا:

- انك طبعاً طردتها من العمل.

قال:

- لم يكن عملها كما يجب، وعندما سمعتها تستعمل كلمات بذئية في مخاطبة مدبرة منزلي، كما انها كانت بالغة الخشونة مع آيفو قررت انني لم اعد استطع

احتمال تلك المرأة.

قالت:

- وهكذا طردتها على الفور.

قال:

- لقد منحتها فرصة ساعة واحدة لاخلاء مكتبها ، وفي هذه الساعة كتبت الى شقيقتك رسالة تعطيها فيها موعداً لتلك المقابلة في حين انها تعرف جيداً انني

لا اعطي مقابلات لأحد.

هتفت فابيا:

- تباً، لم يكن عملاً حسناً منها.

قال:

- وهو احقر عمل سمعت به.

وابتسم فين وهو ينظر اليها بحب ، ثم تابع:

- ليس فقط بما كان سيسببه فين لشقيقتك من ازعاج بالغ ، اذ لن يكون بامكاني رؤيتها لو كانت الامور قد سارت حسب البرنامج ذاك.

قالت:

-ألانك كنت في براغ؟.

--------------------------------

قال:

- لم يكن في برنامجي الذهاب الى براغ ، ذلك الحين اذ، حسب توقعاتي كان كل اهتمامي سيتركز على انهاء الفصل الأخير من كتابي.. وفي هذا الوقت

، كما كانت تعلم ميلادا بانكراكوفا، لم يكن في امكاني مقابلة احد على الاطلاق، ولكن الذي لم تعرفه طبعاً انني انهيت كتابي قبل الموعد المقرر في

البرنامج ببضعة ايام، وهكذا عندما جئت انت ، متنكرة بشخصية شقيقتك.

وابتسم لها برقة وهو يتابع:

- لم اكن انا موجوداً.

اتسعت عينا فابيا ذهولاً عندما استوعبت مااخبرها به فين ، وقالت:

- أتريد ان تقول انك لم تعرف بأمر تلك المقابلة الا بعد ان اريتك رسالة ميلادا بانكراكوفا الى كارا؟.

اجاب:

- اخشى ان الأمر كذلك.

وأضاف قبل ان تشعر بالاحباط والمذلة:

- ولكن ، هل اخبرتك عن مقدار سعادتي ، روحاً وقلباً بمجئيك؟.

تنهدت هامسة:

- آه، يافين.

وابتدأ ذهنها يعمل بعد لحظات لتقول:

- وهكذا ، لم يكن لابور يغيظني عندما ابدى دهشته لأنك وافقت على المقابلة ، حيث انه يعلم انك لم توافق.

أوما فين برأسه وهو يقول:

- عندما عدت الى منزلي ، بعد ان اوصلتك الى فندقك ذاك يوم الاثنين طلبت منه ان يحضر الى كل المراسلات التي تتعلق بمجلة الحقيقة منها واليها ،

ولكنه لم يجد شيئاً.

سألته:

- هل أتلفتها ميلادا بانكراكوفا؟.

اجاب:

- يبدو ذلك.

فكرت فابيا ، ماأسوأها من امرأة ولكنها مالبثت ان تذكرت شيئاً ، فقالت:

- ولكن لابور اخبرني ان المقابلة كانت مسجلة في مفكرة المكتب عندك،، ولم ينظر اليها احد، انني متأكدة من قوله ذاك.

اجاب فين:

- ألم اقل لك انه سكرتير مثالي؟ ان شهادته تنبعث من ولائه الكبير.

اخذت تفكر في كل ماقامت به ميلادا بانكراكوفا لكي تعسر الامور امام فين ، ثم هتفت:

- حسناً بينما انا ، في براغ كنت اظن انك لا تريد الحديث بشأن تلك المقابلة لأنك كنت قد ارهقت نفسك في العمل دون راحة.

قال بلطف:

- إن لدي طاقة كبرى لاسترداد قواي بسرعة، وبمناسبة العودة الى ذكر براغ ، يحسن بي ان اوضح لك انه عندما رجعنا الى الفندق بعد العشاء، الليلة

الماضية ، وقد تصاعد شعوري نحوك الى درجة الغليان، كان علي ان اخترع فكرة ان ثمة من ينبغي ان أراه.

قالت :

- تخترع؟ ألم...

قال:

- لقد كنت في حاجة الى بعض الوقت اقضيه بمفردي لأستجمع شتات نفسي، فقد كنت تحيرينني.

قالت بمكر :

- انني مسرورة ، لقد ذهبت الى فراشي شاعرة بالتعاسة ووخز الضمير لتحمل اليّ ذنوبي حلماً مرعباً بأنك في خطر، وكنت شبه نائمة عندما اندفعت من

سريري الى غرفة الجلوس لكي اساعدك.

هتف مسروراً:

- اردت ان تساعديني؟ لقد كنت حقاً في حاجة بالغة الى من يساعدني عندما عدت في ضوء النهار الى ذلك الفندق لاكتشف انك رحلت بالقطار الى

ماريانسكيه لازنيه.

سألته بأدب :

- وهكذا ..لحقت بي!.

-------------------------------

اجاب:

- حتى في ذلك الحين ، لم يخطر في ذهني سبب تصرفي ذاك ، لقد قدت السيارة بسرعة جنونية حتى وصلت الى هنا قبل وصول قطارك بساعة الذي

تأخر هذا اليوم جون سائر الايام.

سألته :

- هل علمت بتأخره؟ هل اتصلت بالمحطة؟.

اجاب:

- الخوف من ان تتركي تشكوسلوفاكيا دون العودة الى فندقك للمرة الاولى في حياتي افكر بشكل غير منطقي..إذ لماذا تستقلين القطار الى مارانسكيه

لازنيه لتسافري منها الى انكلترا بينما باستطاعتك السفر من مطار براغ بسهولة؟ لقد اكتشفت ان الحب لا يخضع للمنطق.

قالت وهي تستمع اليه بسعادة:

- انك إذا لم تستطع التفكير منطقياً؟ وهكذا...

قاطعها قائلاً:

- وهكذا...

قاطعها قائلاً:

- وهكذا زاد هياجي، اذ انني لا اعرف عنوانك في ما لوسافرت الى انكلترا.

قالت:

- هل كنت ستتصل بي الى انكلترا؟.

اجاب دون تردد:

- طبعاً، وهكذا اتصلت بفندقك ، وبينما كنت أصر عليهم بأن يخبروني حال وصولك دون ان يعلموك بالأمر، دخلت انت في تلك اللحظة الى الفندق..

شهقت قائلة:

- هل اخبرتهم بأن يتصلوا بك؟.

اجاب:

- بالتأكيد ، كما انني طلبت عنوانك في انكلترا ، في نفس الوقت.

هتفت هي:

- تباً! .

لقد ادركت الآن فقط مبلغ حالة التأثر التي كان يمر بها.

عاد يقول:

- ولكن الحمقى ، كما ظننت حينذاك ، قد اعطوني عنواناً لك في غلوسسترشاير بينما اردت عنوانك في لندن.

قالت:

- لقد كنت على وشك العثور عليّ.

قال:

- لقد كنت موشكاً على الخبل، لقد كان من عادتي في عملي ، ، امخص الحقائق مرتين، وهكذا تذكرت ما قاله لابور من ان عنده بطاقتك العملية على

مكتبه.

قالت:

- ياللعجب اما زال محتفظاً بها؟

اجاب :

- نعم، بحجة اعادة القلم الذي نسيته كارا خلفها حين جاءت اول مرة لأجل المقابلة والذي ربما كان له قيمة عاطفية، وهكذا اتصلت بالمجلة.

قالت:

- ثم اعطوك هم عنوان كارا في لندن.

قال:

- ليس هذا فقط ، ولكن المرأة التي تحدثت معها ، وكان يبدو عليها الرغبة في ارضائي، كما ظننت ، نصحتني ان من الافضل ان ارسل امتعة كارا اليها

باسمها الزوجي وليس المهني وذلك لضمان وصولها ، وهكذا اعطتني اسمك الزوجي.

تمتمت فابيا:

- ياللعون!.

قال موبخاً اياها برقة:

- يجب ان تخجلي من نفسك مررت بالجحيم نفسه عند ذاك ، كنت اهتز من الصدمة. وكررت ( متزوجة؟) ولأخفي ذهولي وجدتني اقول انها تبدو اصغر من

ان تكون متزوجة ، ولكن المرأة التي كانت تحدثني اجابت:

- ان كارا ستقتلني اذا انا اخبرتك بانها ستبلغ التاسعة والعشرين في آب المقبل، وانا اعرف ذلك لأنها تشاركني نفس تاريخ الميلاد.

- لقد سبق واخبرتك انني في الثانية والعشرين.

قال:

- كنت واثقاً من انك لم تتجاوزي التاسعة والعشرين ، ولكن كل شيء كان يتفجر حولي ، ولم اكن قد تمالكت نفسي بعد حين، اتصلوا بي من فندقك

يخبروني بوصولك.

قالت :

- ثم طلبت من لابور ان يتصل بي ليخبرني ان سيارتي قد احضرت الى هنا.

قال:

- لم اكن في حالة تسمح لي بأن اتحدث اليك ، هل عندك فكرة كم من الوقت امضيته في انتظار وصول سيارة الأجرة التي تقلك؟

قالت:

- هل علمت عند ذلك انك تحبني؟.

قال:

- لقد عرفت ذلك من اللحظة التي وضعت فيها السماعة بعد انتهاء اتصالي بانكلترا، لم اعرف فقط انني احبك بكل جوارحي ، بل ايضاً علمت انني لا

يمكن ان احتمل رؤيتك متزوجة من رجل سواي.

اجفلت قائلة:

- أوه.

سألها بسرعة مفاجئة:

- إنك تحبينني ، أليس كذلك؟.

اجابت:

- طبعاً ، احبك كثيراً.

ابتسم برقة قائلاً:

- لقد شككت بالامر حين رأيتك على وشك مغادرة البلاد دون ان تحققي وعدك لأختك التي تحبينها كثيراً ، فتجرأت على التفكير بأنك لاشك هاربة مني

لأنك تحبينني، وهذا الذي جعلك تشعرين بكل ذلك الالم لأنني جرجتك بتلك الكلمة التي اتهمتك فيها فيها بأنك تلتصقين بي.

همست وهي تهتز:

- انك ذكي جداً.

قال:

- اخرجي اذن ذلك الرجل الذكي من تعاستك واخبريني ، هل تتزوجين مني؟.

هتفت وهي لا تكاد تصدق ماسمعت :

- هل انت متأكد مما تقول ؟.

قال:

- لم اكن في حياتي كلها متأكداً من شيء كما انا متأكد الآن ، تزوجي مني يافابيا ، دعيني اسافر معك الى انكلترا لأرى والديك ، وعاطي اختك تلك

المقابلة التي جعلتها ترسلك اليّ ثم...

قاطعته:

- هل ساتعطي كارا تلك المقابلة ؟.

اجاب:

- ليست ثمة شيء لا افعله لأجلك يافتاة؟.

وذكرها هذا القول بكلمة قالته له مرة في المطعم بيكوف وهو اعطني جواباً مباشراً ، هل تتزوجين مني؟.

صرخت :

- آه ياعزيزي فين ، نعم.

قال:

- واخيراً اشكرك ياحبيبتي سنتزوج حالاً، لا استطيع الانتظار طويلاً لكي آخذك اليّ واضمك بين ذراعي.

تمت


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:07 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.