آخر 10 مشاركات
آنا (54) للكاتبة: ساندرا مارتون (الجزء الخامس من سلسلة الأخوة أورسيني) .. كاملة .. (الكاتـب : Gege86 - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          متى تحضني عيونك اذا هذي العيون اوطان ؟ , متميزة"مكتملة" (الكاتـب : توآقهَ ♥ لِــ ♥ لُقّياكـْ - )           »          رواية حبيبتي (3) .. سلسلة حكايا القلوب * مكتملة ومميزة * (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          فرصة أخيرة -ج 2حكايا القلوب-بقلم:سُلافه الشرقاوي[زائرة]كاملة &الروابط* (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          أمير ليلى -ج1 من سلسلة حكايا القلوب- للمبدعة: سُلافه الشرقاوي *كاملة & بالروابط* (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          عواطف متمردة (64) للكاتبة: لين غراهام (الجزء الأول من سلسلة عرائس متمردات)×كاملة× (الكاتـب : Dalyia - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          22 - مغرور .... جانيت ديلى (الكاتـب : فرح - )           »          وقيدي إذا اكتوى (2) سلسلة في الغرام قصاصا * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : blue me - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-01-17, 01:53 AM   #1

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 497 - وحدها مع العدو - آبي غرين ( كتابة /كاملة )




بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ازيكم يا قمرات معي اليوم رواية جديدة جدا
للحق منقولة كتبتها Rehana

497 - وحدها مع العدو - آبي غرين ( كاملة )

اسم الرواية.. وحدها مع العدو

للكاتبة.. آبي غرين

سنة النشر.. 2012

الملخص

كان بين نيكولاس ده روجاس وما دلينا فاسكيز علاقة استطاعتا سرقتها بين حقول الارجنتين ولكن عندما اكتشفت مادي سراً رهيباً عن نيك، رحلت بدون ان تقول كلمة له.
الآن، عادت مادي بعدما ورثت املاك عائلتها واصبحت تحت رحمة نيك..وبالتحديد حيث يريدها. فهو بات احد اهم وانجح رجال الاعمال، ومادي بحاجة على الشرط الذي وضعه مقابل مساعدتها؟
ليلة واحدة معه لينهي ما بدآه قبل ثماني سنوات.



روابط تحميل الرواية






محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي



التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 17-01-17 الساعة 11:21 AM
Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 17-01-17, 01:56 AM   #2

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


فصول الرواية

1- ليست للبيع !

2- جرح السنوات الثمانية

3 - لم أنتهِ منكِ بعد !

4- دعوة على العشاء

5- يريدها ولكن !

6- من ينقدها من حماقتها؟

7 - هل توقع على استسلامها؟

8 - هنا ابتدأنا .. وهنا ننتهي!

9 - نقطة اللاعودة

10 - إلى اين تهربين؟


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-01-17, 01:59 AM   #3

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



1- ليست للبيع !

وقفت مادي فاسكيز في الظلال كالهاربة , على بعد ياردات قليلة من افخم فنادق ميندوزا الشامخ ببنائه الملكي الرائع مواجها البلازا اندبينسيا المهيب.
اكدت لنفسها مرة اخرى انها ليست بهاربة , وإنما كانت تلملم شتات نفسها, كان بإمكانها رؤية الحشود المتوجهة الى بهو الفندق , نخبة مجتمع ميندوزا .
كان الوقت يقترب من الليل و الأضواء تتلألأ في الأغصان والأشجار القريبة . وكان قائد هذا المشهد الهواء العليل الرائع.
بدا فم مادي الرقيق مقفلاً وحاولت قمع ضربات قلبها المتقطعة , لقد مضى زمن طويل منذ كانت تؤمن بالقصص الخيالية , ولكنها لم تلجأ قط للأوهام حيال احلامها في الحياة .
لقد كانت مجرد دمية يتم الباسها واستعراضها امام الناس بالنسبة لوالدتها , اما بالنسبة لوالدها فكانت مذنبة إذ لم تكن تستطيع ان تحل محل الولد الذي فقده .
هزت مادي رأسها , كما لو ان ذلك كان سيحررها من الكآبة المفاجئة التي خيمت عليها , في نفس الوقت الذي لاحظت فيه وصول عربة من low slung للدرج المؤدي الى الفندق .


تراجعت بشكل غريزي الى الوراء اكثر . كانت السيارة قديمة وباهظة الثمن بشكل ملفت , جف فمها وتعرقت يداها , هل من الممكن ان يكون ...؟
فتح موظف الفندق باب السيارة وترجل رجل طويل القامة من مقعد السائق , لقد كان هو .
توقف قلبها عن الخفقان للحظة طويلة .
نيكولاس كريستوبال ده روجاس . أكثر التجار نجاحا في ميندوزا , وربما في كافة انحاء الأرجنتين الآن .
تضاعفت ارباح ممتلكات دي روجاس خلال السنوات السابقة في عالم التصنيع الغذائي بمعدل ثلاثة الى اربعة اضعاف , وحصد الأرباح من كل إنش من مزراعه الشاسعة .
كان يرتدي بدلة توكسيدو سوداء اللون , وكان بإمكان مادي رؤية ملامحه الرائعة الجمال , والصارمة المغرورة في نفس الوقت بينما ألقى نظرة ملل حوله .
جال بنظره بسرعة على المكان الذي كانت تقف فيه كاللصوص وعندما اشاح بنظره بعيداً عادت دقات قلبها للخفقان مجدداً.
سحبت انفاسها , وكانت قد نسيت مدى روعة جمال عينيه الزرقاوين بدأ أرق , وأكثر وسامة وجاذبية. لطالما كان من السهل تمييزه بين الحشود بفضل شعره الاشقر الغامق اللون, وشخصيته الخلابة ومظهره الجميل الذي كان يميزه في أي مكان.
لكنه تميز بأشياء كثيرة عدا مظهره الجذاب , كتمتعه بالسلطة والقوة و الجاذبية.
هنالك حركة اخرى جعلتها تحول نظرها , فقد لمحت امرأة جميلة شقراء طويلة تترجل من الباب السيارة الآخر , بينما كان يساعدها البواب على الترجل من السيارة.
وبينما كانت مادي تراقب الموقف , سارت المرأة لتصل الى جواره, وكان شعرها الأشقر المنساب كالشلال على ظهرها يلمع كفستانها الطويل البراق المنساب على جسدها بلمسة جميلة مظهراً كل انحناءة من جسدها الجميل.
تأبطت المرأة ذراعه. ولم تتمكن مادي من رؤية النظرة التي تبادلاها, ولكن لم تشك للحظة بمدى جاذبيتة تلك النظرة التي بدت واضحة من خلال الابتسامة المرسومة على وجه المرأة .
تملك مادي شعور بالانقباض البدني ووضعت يدها على بطنها كرد فعل على ذلك. لا , توسلت نفسها بشكل عقلاني , فهي لا تريده ان يؤثر فيها بهذا الشكل , لم تكن تريده ان يؤثر فيها بأي شكل من الأشكال .
لقد اضاعت العديد من سنوات مراهقتها وهي تحلم به, وتتمناه وترغب به , وتحلم احلاميقظة عنه.
ونجم عن تلك الاحلام المجنونة تصعيد جديد ومفجع للعدواة القديمة الممتدة عبر اجيال واجيال . كانت تلك الاحلام القشة التي قصمت ظهر البعير , والتي تسببت بتفكك عائلتها .

لقد ادركت أكثر نزواتها المتوقدة , ولكنها عانت ايضاً من الكوابيس المخيفة جراء البوح بها .
كانت آخر مرة رأت فيها نيكولاس كريستبال ده روجاس , منذ بضع سنوات في ناد في مدينة لنجن. تلاقت عيناهما عبر الغرفة المزدحمة , ولم تنس ابداً نظرة الاشمئزاز التي اعتلت وجهه , قبل ان يلتفت ويختفي.
قلصت مادي كتفيها بينما كانت تلتقط انفاسها وتصلي من اجل ان تتحكم بنفسها . لم تكن تستطيع الاختباء في الظلام طوال الليل. لقد أتت لتخبر نيكولاس ده روجاس بأنها عادت للمدينة ولم يكن لديها النية لبيعه أي شيء . لا الآن ولا إلى الأبد . لقد كانت تمتلك إرث عائلتهما, ولن يموت معها , كان عليه ان يعلم ذلك , او من الممكن ان يضغط عليها كما كان يفعل مع والدها , مستغلاً نقاط ضعفه العاطفية والجسدية ليشجعه على بيع ما يملك لجاره الأكثر نجاحاً.
وبقدر ما كانت تحب الاختباء وراء رسائل محاميها , إلا أنها لم تكن تستطيع دفع اتعابه القانونية. ولم ترد ان يعتقد ده روجاس بأنها خائفة من مواجهته بنفسها.
كانت تعلم أكثر من أي شخص آخر مدى قساوة آل روجاس , ومع ذلك فلقد صدمها الضغط الذي مارسه نيكولاس ده روجاس على رجل مريض. لقد كانت تتوقع هذا التصرف مع والد نيكولاس اما ان يصدر عن نيكولاس نفسه , بالرغم من كل شيء فهذا الذي لم تتوقعه على الإطلاق . لقد خدعها .
رتبت فستانها الأسود الذي ترتديه بيد مرتجفة . الواقع ان ميزانية مادي الضئيلة لم تكن تمكنها من شراء فساتين الحفلات الباهظة.
اليوم يقام حفل عشاء تجار ميندوزا السنوي الراقي , ولم يكن بوسعها حضور هذا الحفل إذ لم تكن ترتدي الثياب المناسبة لهذا الحدث, ولحسن حظها فلقد وجدت احد فساتين والدتها التي لم يتلفها والدها خلال نوبة غضبه منذ ثماني سنوات.
اعتقدت في البداية بأنه محتشم نوعاًما , حيث انه كان فستاناً بياقة عالية من الأمام , ولم تع بأنه كان مفتوح الظهر الى آخر ظهرها , إلا عندما جربته , وادركت بأن عليها المغادرة سريعاً الى الحفل قبل ان تغير رأيها بشأن الثوب.
لقد كان الثوب الوحيد الذي لم يحتج الى إرساله الى التنظيف , إذ كان مغلفا بحقيبة بلاستيكية , وبذلك لم يكن لديها خيار آخر إلا هذا الثوب .
تمنت مادي لو كانت امها أكثر طولاً , وأنحف بقليل, كان طول مادي خمسة اقدام وتسعة انشات , وكان طول الفستان يصل الى منتصف فخذها مظهرا بذلك الكثير من ساقها الشاحبة.
لقد ورثت عن جدة جدتها الايرلندية التي قدمت الى الارجنتين منذ زمن بعيد مع المهاجرين الايرلندين وتزوجت من عائلة فاسكيز , خليطاً غير اعتيادي من الشعر الأسود والبشرة الشاحبة والعينين الخضراوين.


شعرت باللفحات الباردة العليلة على جسدها العاري بعد ان خرجت من مخبأها متوجهة نحو الفندق, لقد شعرت بأنها تعرض نفسها بشكل سخيف.
استجمعت كافة قواها التي تحتاجها لهذه المواجهة , وتجاهلت ببسالة النظرات التي كانت تتعرف عليها , وخطت باتجاه البهو الرخاني المترف.
كان نيكولاس كريستبال ده روجاس يتثاءب فقد كان يعمل على مدار الساعة ليضمن جاهزية قطاف موسمه لهذه السنة سريعاً.
من الممكن ان يحصدوا موسماً رائعاً او سيئاً بعد هذا الصيف المتقلب . كشر بشكل خفيف.
" هل أنا مملة لهذه الدرجة يا عزيزي؟" أتاه صوت من على يمينه.
اعاد هذا الصوت نيك الى الغرفة ونظر الى شريكته , ورمقها بضحكة ساخرة " ابداً"
ضغطت شريطته بطريقة لعوب على ذراعه قائلة بطريقة مسرحية " اظن بأن الملل قد تسرب اليك يا عزيزي نيك, عليك الذهاب الى بيونيس أيرس والاستمتاع قليلاً, لا اعرف كيف تستطيع احتمال هذا الجو " ومن ثم قالت شيئاً حول الذهاب الى الحمام , واختفت بطريقة متخايلة جذابة.
شعر نيك بالارتياح حيال حصانته لهذا العرض النسائي, وراقب الرجال وهم يراقبونها بينما تتخايل امامهم . هز رأسه بحزن وشكر نجوم الحظ لوجود ايستيلا الليلة التي ستبعد عنه انظار رجال مدينة ميندوزا الليلة ولو بشكل مؤقت , حيث انه لم يكن في مزاج يسمح له لتسلية السيدة التي استأجرها الليلة لتكون شريكته.
لقد اتهمته حبيبته السابقة بأن لا قلب لديه او مشاعر بعد ان صرخت في وجهه لمدة ساعة بشكل هيستيري . ولم يكن لديه الرغبة لخوض هذه التجربة مرة اخرى في الوقت الحالي.

إذا كانت النتيجة من أي علاقة هذا النوع من الشجار فمن الممكن ان يعيش بدون جنس , والحقيقة تقال بأن جميع علاقاته السابقة كانت توصف بالفارغة والتافهة . وكانت مرضية على مستوى واحد فقط. اما بالنسبة لعلاقة طويلة الأمد؟ فلالتأكيد لم تكن لديه النية او حتى الرغبة في التفكير بذلك.
لقد جعلته العلاقة المسمومة بين والديه يفكر ألف مرة قبل الخوض بعلاقة جدية. وذلك منذ كان أصغر , وحين يختار شريكته المستقبلية سيختارها بعناية وجهد فائقين.
من الطبيعي ان يكون لديه شريكة طويلة الأمد في مرحلة ما في المستقبل, فهو يمتلك ارثاً ضخماً وعليه ان يورثه للجيل القادم. ولم يكن لديه النية في كسر دائرة هذا الإرث.
عندها لاحظ دخول إحداهن من الباب الى القاعة , وتقلص جلده على عظمه وبدأت رقبته تخزه , تماماً كما شعر في الخارج عندما شعر بأن احدهم يراقبه.
لم يميز ملامح المرأة , كل ما استطاع تمييزه كان الساقان الشاحبتان والفستان الأسود القصير اللامع الذي كشف عن جسد نحيل. ولكنه شعر داخلياً بأنه يعرفها فوراً.

كان شعرها منساباً على احد كتفيها , ومن ثم رأى رأسها يلتفت.
لقد استطاع تمييز إصرارها من المكان الذي يقف فيه ولاحظ بأنها كانت متجهة مباشرة نحوه.
شعر نيك بالرغبة بالمغادرة ولكنه ظل واقفاً في مكانه. وبينما كانت تشق طريقها عبر الزحام مقتربة منه بشكل أكبر بدأت الشكوك تراوده. لا يمكن ان تكون هي, اخبر نفسه, لقد مضت سنوات , وهي في لندن.
ولم يع الهمسات والتمتمات من حوله , التي تعالت بينما توقفت المرأة على بعد اقدام منه. تصارع شعوره بالشك واليقين في رأسه , مع شعوره بأنها كانت مذهلة. لطالما كانت جميلة , بشكل أثيري, ولكنها اصبحت اكثر جمالاً منذ آخر مرة رآها فيها.
لقد كانت أشبه بتماثيل آلهة الجمال من حيث جمالها , حيث كانت هيفاء ورائعة الجمال , بصراحة لقد كانت خلابة.
لم يلاحظ نيك بأنه كان يتمعنها حتى تلاقت عيناهما ولاحظ الاحمرار الذي اعتلى وجنتيها الشاحبتين. وكان لهذا تأثير مباشر على جسده, حيث شعر برغبة حارقة تجتاح جسده.
زال الملل الذي اتهم به قبل بضعة دقائق في الحال, وبدأت تعتريه الكثير من المشاعر والأحاسيس , ولكن الشعور بالخيانة المرة والإذلال كانت هي المسيطرة.
بعد مرور كل هذه السنوات مايزال يحجبه عنها جدار من الغضب. ضاقت عيناه والتقتا بعينيها الخضراوين اللتان بدتا كالجواهر. كان عليه استجماع كل ذرة من سيطرته الحديدية كي لا يعود به الزمن الى وقت كان يغرق فيه في هاتين العينين, ولكن فات الأوان.
"
مادلينا فاسكيز " قالها بهدوء " ماذا تفعلين هنا بحق السماء؟"
ارتعدت اوصال مادي ولكنها حاولت استرجاع هدوء اعصابها . وتذكرت حين كان يناديها بمادي. شعرت وكأن دخولها من الباب الى هنا قد استغرق سنوات وليس لحظات , وذلك بفضل حذاء والدتها الكبير الذي لم يكن يساعدها كثيراً.
كانت تعي الهدوء الذي ساد حولهما مع بعض الهمسات التي لم تكن همسات إطراء بالطبع بعد العرض الذي طردت به هي وأمها من قبل والدها منذ ثماني سنوات مضت.
ابتسم نيكولاس ده روجاس بسخرية بينما كان يقول لها :
"
ارجو تقبل تعازي بوفاة والدك"
اعترى مادي شعور بالغضب الجامح وهمست له " دعنا لا ندعي بأنك تهتم ولو لذرة "
ولم تهتم للآذان التي كانت تسترق السمع لهما, ولم يكن نيكولاس ده روجاس يهتم بالحشود التي تستمع إليهما ايضاً . ولكن شعور مادي بالغضب والحزن لموت والدها جعلها تشعر بالاختناق.
طوى نيك يديه على صدره الرائع بشكل مرعب. بدأت مادي تشعر بظهرها يحكها من الطرف المكشوف من ظهرها , وكانت يداها على طرف جسدها مثبتتين.



اجاب نيك بشكل لا مبال :" لا , لا يمكنني القول بأنني اهتم , ولكن بإمكاني ان اكون مهذباً على الأقل"
توردت مادي لقوله ذلك, لقد شاهدت في الصحف ان والده قد توفي منذ سنوات خلت. فكلاهما نتاج جيلين يكرهان بعضهما لدرجة الرقص لموت احد من عائلة الآخر , ولكنها لم تكن كذلك, حتى لو كان الميت عدواً لها .
قالت له بطريقة مخلصة ولكن مترددة نوعاً ما :" وانا آسفة لموت والدك ايضاً"
تقوس حاجبه , واصبح وجهه اكثر صلابة " هل ستعزينني بوالدتي ايضاً؟ لقد قتلت نفسها عندما اكتشفت العلاقة التي دامت لسنوات بين والدتك ووالدي , بعد ان اخبرها والدك بذلك"
شحبت مادي جراء معرفة نيكولاس لهذه العلاقة . ولاحظت في تلك اللحظة كمية الغضب المخفية تحت قناع التحضر الذي يلبسه , بينما لمعت عيناه بغضب وخطر , وظهرت خطوط التوتر البيضاء حول فمه المثير.
شعرت بالتشوش , وهزت رأسها . لم يكن لديها ادنى فكرة ان والدها قد اخبر والدته بهذه العلاقة , او انها قد انتحرت .
-
لم يكن لدي ادنى فكرة عن هذا ...
اوقفها عن التكلم بحركة من يده " لم يكن لديك ادنى فكرة, أليس كذلك؟ لقد غادرت مسرعة لتنفقي ثروة عائلتك بأكملها بينما تتجولين في انحاء اوروبا بعد فقدانك لوالدتك"
شعرت مادي بالإعياء , لقد كان هذا أسوأ بكثير مما حسبت , لقد تخيلت بشكل ساذج بأنها ستقول له كلماتها القليلة . وسيجيبها بطريقة حضارية على الأقل, وسينتهي الموضوع. ولكن مازال العداء القائم بين عائلتيهما حياً, يفرق بينهما, بالاضافة الى شيء آخر لم ترد مادي الاعتراف به.
القى نيكولاس ده روجاس فجأة نظرة من حوله, وتلفظ بشتيمة. وامسك بذراع مادي بيده الكبيرة , ثم سحبها بسرعة الى الطرف الآخر من الغرفة قبل ان تلاحظ ماكان يحدث.

ادارها بسرعة مرة اخرى لتواجهه في زواية هادئة . زالت كل معالم التحضر من وجهه هذه المرة, وكانت تعابير وجهه صارمة و مليئة بالحقد والغضب.
جذبت مادي نفسها بعنف لتحرر نفسها من قبضته وفركت يدها مصممة على عدم إظهار مدى خوفها له .
-
كيف تجرؤ على معاملتي كالطفل المتمرد؟
-
لقد سألتك سابقاً, ما الذي أتى بك الى هنا يا فاسكيز ؟ انت لست مرحبا بك هنا.
شعرت مادي بالغضب بسبب غروره وتذكرت سبب وجودها هنا, والخطر المحدق بمورد عيشها بأكمله. تقدمت للامام بطريقة يفلت يدها " لمعوماتك , انا مرحب بي هنا تماماً مثلك, ولقد اتيت لأخبرك بأن أبي لم يستجب لضغوظاتك عليه لبيع الأراضي وكذلك انا لن افعل"
قال لها نيكولاس ده روجاس بسخرية وتهكم " الشيء الوحيد الذي تمتلكينه الآن هو قطعة من الأرض العديمة الفائدة . إنه شيء قبيح فعلاً, فأرضك لم تنتج أي شيء جيد منذ اعوام"





اخفت مادي ألمها لمعرفتها حقيقة تخلي والدها عن كل هذا وردت عليه قائلة " لقد ضغطت عليه انت ووالدك بشدة حتى اخرجتموه من السوق, ولم يعد بإمكانه منافستكم "
اطبق فكه لقولها ذلك وقال لها بطريقة وحشية " لم يكن هذا بالشيء الذي يذكر حيال ماتم فلعه بنا المرة تلو الأخرى . اود إخبارك بأننا امضينا وقتنا ونحن نخترع الطرق لتدمير عملكم , ولكن منتجات فاسكيز لم تتوقف عن البيع بسبب مخططاتنا إنما بسبب رداءة نوعيتها .. انتم من تسبب بهذا لأنفسكم وبدون أدنى مساعدة منا"
كانت كلماته واقعية بدرجة مخيفة, مما جعلها تتراجع الى الوراء خوفاً من وحشيته . رأت عيناه تلمعان بغضب . لكن ردة فعلها بسبب التقارب الحاصل بينهما واثره على جسدها وعلى ذكرياتها وليس بسبب غضبه.
لم تستطع إيقاف نفسها عن تذكر اللحظات التي كانت تضغط بجسدها عليه وكانت تشعر بكل وتر مشدود وعضلة في جسده. لقد كان هذا الشعور مبهجاً وممتعاً.
-
ها أنت ذا هنا !
صرخ نيك بوجه المرأة التي اتت ناحيتهما" ليس الآن ايستيلا "
شكرت مادي المرأة بصمت على مقاطعتها ورمقتها بنظرة سريعة لترى هذه الجميلة الشقراء التي كانت ترافق نيكولاس خارج الفندق. تراجعت الى الوراء ولكن امسك نيكولاس يدها مرة اخرى.
"
انتظريني عند الطاولة يا ايستيلا " قال نيكولاس.
جالت المرأة بنظرها بينه وبين مادي بعينيها الكبيرتين, وصفرت بنعومة قبل ان تتركهما وهي تهز برأسها .
فكرت مادي كم ان هذه المرأة منصاعة لنيكولاس كحبيبة, وبينما كانت تفكر بهذا ثبتها نكولاس ووضع يديه على ذراعيها.
حررت نفسها مرة اخرى بغضب, وهي تشعر بالضعف بسبب الذكريات الحية التي اجتاحتها . كانت تعي بالكاد ان ثوبها قد انزلق عن كتفها بينما كانت تخلص نفسها منه , ورأت عيني نيكولاس وهما تختلسان النظر للحظة قبل ان تشتعل شعلة الرغبة في عينيه الزرقاوين.
تكلمت مادي بسرعة لتمنع نفسها من الاستجابة لتلك النظرة , التي لابد انها قد تخيلتها . لم يكن هذا الرجل يشعر بشيء تجاهها سوى الحقد والكره وحسب.
-
لقد اتيت لأخبرك بأنني عدت ولن ابيع ارض فاسكيز . وحتى لو كنت سأبيعها فلن ابيعها لفرد من افراد عائلة ده روجاس . هل تعتقد بعد كل الذي مررنا به بأنني سأفعل هذا ؟ لا لن افعل , فأنا افضل حرقها على ذلك, وليكن بعلمك , أنا أنوي ان اعيد أرض فاسكيز لسابق تألقها ومجدها وروعتها.
وقف نيكولاس بشموخ ومن ثم اطلق ضحكة مجنونة , بحيث ارجع رأسه الى الوراء مظهراً مدى قوة عضلات حلقه . وعندما عاد نظره الى الأسفل , شعرت مادي بالضعف يجتاح الجزء الأسفل من جسدها وبحرارة مزعجة.



هز رأسه وقال " لابد انك قد مثلت الدور على والدك قبل ان يموت لتجعليه يترك هذه الأرض لك. فبعد ان غادرت انت ووالدتك وسمع الناس بالعلاقة , لم يكن احد يتوقع رؤية اي واحدة منكما هنا مرة اخرى , اعتقد بأن الناس كانوا يعتقدون بأنه سيترك الأرض لكلب ما على ان يتركها لإحداكما "
انقبضت يدا مادي , وشعرت بالألم يعتصرها عندما تذكرت ذلك الوقت العصيب ومدى الغضب الذي اجتاح والدها , وكان محقاً بذلك. قالت به " ليس لديك أدنى عما تتكلم"
بدا وكأنه لم يسمعها , ومع ذلك تابع حديثه " لقد كان معروفاً بأن والدك لم يكن يملك فلساً واحداً عند موته . هل يمولك زوج والدتك السويسري الآن ؟ او ربما تدبرت لنفسك زوجاً ثرياً؟ هل وجدت احداً في لندن ؟ فلقد كنت ترتادين النوادي المناسبة لملاقاة مثل هذا الشخص في آخر مرة رأيتك فيها"
انتابت وجه نيك نظرة من السخرية والصدمة قائلاً لها " هل تنوين إخباري بأن اميرة فاسكينر المدللة قد عادت الى البلدة وباستطاعتها تحويل الأرض القفرة والمفلسة الى سابق عهدها بدون الاستعانة بخبير؟ هل اضحت هذه هوايتك الجديدة بعد ان اصبح التسكع في اليخوت عادة مملة بالنسبة لك ؟"
شعرت مادي بالغضب الشديد يعتريها , لم يكن لديه ادنى فكرة كم قاتلت بكد لتثبت لأبيها مدى جدارتها بهذا العمل فهي قديرة كأي رجل , وقديرة حتى كأخيها الميت. ولكن لم يكن لديها هذه الفرصة الآن, الآن والدها قد توفي ايضاً. ولن تدع هذا الإرث الذي ورثته يموت معه . كان عليها ان تثبت بأنها تستطيع القيام بهذا العمل, ولن تدع أي رجل يقف في طريقها كما فعل والدها .

قالت بنبرة عاطفية " هذا تماماً ما اقوله لك ياده روجاس , لا تتوقع ان ترى لافتة للبيع على أرض فاسكيز ابداً"
بينما كانت مادي تتراجع الى الوراء كانت تتمنى لو انها لم تعطه الفرصة لرؤية ظهرها العاري . قال لها بتحد " سأعطيك مهلة اسبوعين قبل ان تجري وانت تصرخين , إذ ليس لديك ادنى فكرة عن إدارة تجارة ناجحة . فأنت لم تترعرعي وانت تعملين في البساتين . لقد مضت سنوات طويلة منذ انتجت مزرعة فاسكيز منتجاً زراعياً جديراً بالشراء او التذوق , وكان والدك يبالغ في وضع الأسعار للمنتجات التي ينتجها . انت غارقة حتى رأسك يا فاسكيز , وعندما تدركين ذلك لن اهتم بالسعر الذي ستطلبينه مقابل أرضك, لأنني سأدفعه مهما كان. وعندئذ سأنعم بمعرفة ان عائلتك لم يعد لديها شيء هنا, وبأن لا احد منكم سيعود اليها ابداً"
اخفت مادي شعورها بالألم, لقد علم بأنها لم تعمل في حياتها في الزراعة لأنها اخبرته بذلك, ولقد كان هذا سراً بينهما, وهاهو يستعمله ضدها الآن .





اقترب منها وقال لها بتحد " كما ترين , في النهاية , ستصبح هذه الأرض جزءاً من أراضي ده روجاس , وبإنكارك لهذا فأنت تطيلين فترة عذابك. فكري فقط .. بإمكانك العودة الى لندن في غضون اسبوع , وانت تجلسين في الصف الأمامي من عروض الأزياء ومعك كمية كبيرة من المال التي ستمكنك من العيش برغد لفترة طويلة من الزمن . سأحرص على ان تكوني راضية بالمبلغ الذي سأدفعه كي لا تعودي الى هنا ابداً"
هزت مادي رأسها وحاولت كبح الشعور الذي اعتراها بالتراجع عن هذا . لقد جرحتها كراهية هذا الرجل لها, جرحتها أكثر مما يجب. وهذا ما أرعبها كثيراً.
لم تستطع التحكم بنبرة صوتها الحزينة " هذه بلدتي بقدر ماهي بلدتك, وعليك ان تحملني جثة ميتة قبل ان تجعلني أغادر هذه البلدة "
كانت مادي تعي بمرارة حقيقة كلامه بالرغم من محاولتها التأكيد على عكس كلامه. عدا عن فكرته عن حياتها التي لم يكن لديه ادنى فكرة عنها , والتي لم تكن تنوي كشفها له.
تراجعت أكثر وقالت " لا تقترب من أراضي ده روجاس , انت او أي احد من طرفك , فأنت ليس مرحباً بك"
ابتسم بسخرية " انا معجب بتمثيلك يا فاسكيز, واتطلع بشوق لأرى لكم من الوقت تستطيعين لعب هذا الدور"
ابعدت مادي عنه وابتعدت عنه, وكادت تتعثر بحذائها الكبير.
صرت على اسنانها , وصلت طوال الطريق الى الباب بأن تظل محافظة على كرامتها وان لا تتعثر بحذائها الكبير وتفقده امام ده روجاس المتكبر وامام هذه الحشود الساخرة.
رفعت مادي رأسها عالياً, ولم تفقد سيطرتها على نفسها حتى وصلت الى موقف السيارات حيث كانت سيارة والدها الجيب المغلقة بانتظارها هناك. وما إن دخلت السيارة واغلقت على نفسها حتى انخرطت في موجة بكاء هيستيرية لبضع دقائق .
الحقيقة المرة ان كلام نيك كان صحيحاً , ولم يكن لديها شيء لتخفيه في محاولتها إعادة إحياء ارض فاسكيز . ولكنها ستندم باقي حياتها إذا لم تحاول ذلك. لقد قدم لها والدها تعويضاً طويل الأمد عن الأيام التي افترقا فيها , وبالرغم من انه قد اتى متأخراً, إلا ان مادي كان لديها دوماً الأمل بأن والدها سيتكلم معها ويطلب منها العودة, وكانت ستعود منذ سنوات طويلة لو انه طلب منها ذلك, لأنها كانت دوماً تحلم بالعمل في الأرض.
وعندما وصلتها الرسالة المؤلمة من والدها المريض والذي عبر فيها عن أسفه وندمه على ما فعله بها , لم تستطع مادي إلا تلبية طلبه بالعودة الى المدينة لمحاولة إنقاذة ارضهم من الضياع.
لم تكن علاقة مادي بوالدها تندرج تحت إطار العلاقة الجيدة او المقربة , لطالما اوضح لها بأنه كان يريد ابناء وليس ابنة , وكان يعتقد بأن مكان المرأة في البيت وليس في مجال صناعة الغذاء . ولكنه عوض عن هذه الفترة كلها بينما كان على فراش الموت . عندما ادرك بأنه من الممكن ان يخسر كل شيء.


كانت مادي تأمل وتدعو ان تصل الى البيت في الوقت المناسب لتراه ولكنه توفي بينما كانت على وشك الاقلاع الى بيونيس ايريس , صعقها المحامي بالخبر عندما وصلت واتجهت مباشرة من مطار ميندوزا الى جنازته الخاصة التي اقيمت في مقبرة العائلة الصغيرة على ارضهم.
ولم تتمكن حتى من الاتصال بوالدتها التي كانت على متن رحلة بحيرة مع زوجها الرابع الذي كان يصغرها بعشر سنوات .
شعرت بالوحدة الشديدة عند مقابلتها لنيكولاس ده روجاس وحقده الكبير.
كانت الاسطورة بأن اسلاف مادي ونيكولاس ده روجاس الإسبانيين كانا صديقين مهاجرين قطعا الرحلة الى الأرجنيتن ليبدأ حياة جديدة لأنفسهما , وتعهدا بالعمل سوياً . ولكن حدث شيء ما, إذ ظهرت سيدة في الصورة , وكان هناك علاقة وخيانة . ورداً على هذا توعد جد مادي بالانتقام عن طريق تحطيم اسم ده روجاس , ولذلك استقل بعمله في الزراعة واخذ ينافس ده روجاس, واشترى ارضاً بالقرب من أرض ده روجاس.
نجح جدها كثيراً فيما روجاس لم يصب أي نجاح , وبذلك اصبح العداء والكره بين العائلتين أعمق و أكبر , بسبب العداوة بين كل جيل من الأجيال لاستعادة السيطرة على السوق والانتقام من خصمه.
اصبح العنف بين العائلتين عادياً, لدرجة وصل الى عملية قتل فرد من افراد اسرة ده روجاس , بالرغم من عدم إثبات التهمة على عائلة فاسكيز.
كانت الكفة ترجح لصالح احد العائلتين خلال السنوات ولكن عند مولد مادي كانت كفة الميزان متساوية بين العائلتين على صعيد نجاحهما , وبدا ان الكراهية الطويلة الأمد بين العائلتين قد وصلت الى هدنة مرتبكة. فبالرغم من السلام النسبي, فلقد ترعرعت مادي وهي تعرف بأنها ستعاقب إذا ماتم الإمساك بها حتى ولو كانت تختلس النظر الى بساتين ده روجاس.
احمرت وجنتاها الآن بينما كانت تتذكر كيف كان نيكولاس يسخر منها وهو يدعوها بالأميرة. لم يكن يراها إلا في المناسبات الاجتماعية حيث كانت عائلتاهما تجبران على الالتقاء , وكان اصحاب الدعوة يؤكدون بعصبية بأنهم لم يكونوا يختلطون مع بعضهم البعض.
كانت والدتها تستغل هذه المناسبات لاستعراض مادي بأحدث الأزياء , مجبرة ابنتها ذات الطبيعة الصبيانية والمحبة للكتب على التحول الى الفتاة المحبة للموضة التي لطالما ارادت الحصول عليها. لقد ارادت والدة مادي الجميلة صديقة حميمة وليس طفلة.
لم تشعر مادي بالارتياح في هذه المناسبات وكانت تحاول جهدها ان تختفي في الحديقة , وفي نفس الوقت كانت تعي للغاية الشيء المحرم الذي كانت ترتكبه عندما كانت تفكر بنيكولاس كريستابول ده روجاس الذي يكبرها بستة اعوام , والذي كان يتمتع بغرور ورجولة واضحين حتى عندما كان مراهقاً. وحقيقة العداء والكراهية بين عائلتيهما لم تجعله إلا اكثر إغراء وجاذبية بالنسبة لها .

تم إرسالها الى مدرسة داخلية في انجلترا عندما اصبحت في الثانية عشرة من عمرها , وكانت تعود للمنزل فقط في العطلات . لقد كانت تعيش هذه الاشهر المعدودة تتحمل إصرار امها على استعراضها كما لو كانت دمية فقط وكانت تتمكن من اختلاس بضع نظرات الى نيكولاس ده روجاس في مباريات البولو السنوية, او القليل من المناسبات الأخرى التي كانت تتواجد فيها عائلتيهما.
كانت تنظر الى الخارج من نافذة غرفة نومها وتراه على صهوة جواده وهو يتفقد الكروم المحيطة بهم , كان بالنسبة لها كإله ذي شعر اشقر قوي وشامخ.
كلما رأته في المناسبات الاجتماعية كانت تراه محاطاً بالجميلات . التوى فمها عندما تذكرت الفتاة الشقراء الجميلة التي صرفها للتو, على ما يبدو لم يتغير شيء على الإطلاق .
انفجرت الهدنة الهشة بين عائلتيهما منذ ثماني سنوات مظهرة لمادي كمية الحقد بين العائلتين . وكان عليها ان تنسى حقيقة تحديها لنيكولاس حول فكرته عنها وصمودها لمدة ايام.
هزت مادي رأسها واجبرت نفسها على إدارة السيارة , كان لديها وقود يكفيها للوصول الى مدينة فيلاروزا التي تبعد 30 دقيقة عن ميندوزا . لاشك بأن لدي نيكولاس جناح محجوز في فندق بالاتيل الليلة ليتشاركه مع شريكته الشقراء الطويلة. بينما لم يكن لدى مادي مكان تذهب اليه سوى منزل قديم مقطوع عنه التيار الكهربائي منذ اشهر مضت ولكنها كانت تعتمد هي وخادمتها النحيلة على مولد قديم للحصول على الكهرباء.
خرجت من موقف السيارات وهي تتخيل بيأس بأنه سيكون هناك الكثير من اسلاف ده روجاس الذين يضحكون على ورطتها الآن .

نهاية الفصل



Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-01-17, 02:04 AM   #4

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

2- جرح السنوات الثمانية

غاب نيك في افكاره, فكل ماكان يراه في عيون عقله هو ظهرها الواسع الشاحب العاري وشعرها الاسود المتأرجح على بشرتها , بشرة مادلينا فاسكيز وهي تمشي مبتعدة . تعثرت قليلاً في خذائها وهذا ماجعلها تبدو للحظة هشة بشكل مؤلم ولكنها لم تلبث ان اصلحت مشيتها من جديد ومضت خارجة من القاعة بكل شموخ الأميرات . ولكن لا يحق لها ابداً ان تبدو بنظرة أميرة بعدما فعلته.
عندما كانت اصغر بكثير , كانت تذكره بلعبة هشة من البورسلان , وهو يكره الآن ان يعترف بذلك ولكنها تسحره دائما بلونها الشاحب الفريد وبعينيها الخضراوين . كان هناك لحظات , اعتقد فيها انها غير مرتاحة في بيئتها الاجتماعية وكانت تبدو مشمئزة منزعجة وكأن امها تدفعها دفعاً الى هذا المجتمع . لقد شعر ان تحت تلك الحساسية الخارجية شيئاً صلباً .
قسا فم نيك للذكرى . حسنا لقد جرب بنفسه مدى القسوة القابعة تحت هذا الجمال السماوي البالغ الرقة , وكأن هناك حاجة ليتذكر الشخص الذي هي عليه . لقد حاولت مرة ان تتحدى تحامله عليها ولكن كل ذلك كان تمثيلاً بتمثيل.
إنها تشارك امها بفن الإغواء , وبشهوانية قادرة على ايقاع أقوى الرجال في شراكها. خفق قلبه بقوة. لقد وقع أبوه في الشرك من قبل ومن ثم وقع هو نفسه. كانت في السابعة عشرة فقط من العمر. شعر بالمذلة تحرقه لمجر د تذكره ذلك ولكنه لم يستطع ان يوقف مدّ الذكريات, ليس بعدما رآها الآن وجهاً لوجه بشحمها ولحمها. للمرة الأولى منذ سنوات.
في احدى الأمسيات كان يعاين كروم العنب القريبة من املاك فاسكيز . في تلك الليلة بالذات كان نيك قلقاً ومحبطاً من امه الدائمة الاكتئاب ومن قسوة ابيه وعنفه المعتاد. وقت العشاء اخذ ابوه يتحدث بصخب عن نجاح آل فاسكيز ومدى تهديد نجاحهم عليه. كان نيك يعتقد بقوة ان الشخص نفسه هو من يصنع نجاحه ولكنه بسبب تسلط أبيه, لم يكن قادراً على تحقيق افكاره .
تلك الليلة دفعه شيء ما الى النظر الى التلة الصغيرة التي كانت أشبه بحد طبيعي فاصل ما بين املاكهم واملاك فاسكيز وهناك رأى امرأة ذات شعر اسود طويل .. مادالينا فاسكيز. تنظر اليه مباشرة.
سأمه وتعبه تحولا الى غضب حارق غير منطقي عليها لأنها جعلته يفكر فيها ويتساءل عنها في وقت هي بالنسبة اليه شيء محرم. وكانت تمثل ايضا الثأر الأسود الذي لم يستطع قط ان يفهمه.



الصورة المكتبرة التي تمثلها وهي على جوادها حفزته أكثر وجعلته يندفع بشكل قاهر لم يستطع مقاومته . وكز نيك فرسه بمهارة وتوجه نحوها مباشرة ولكنه وجدها تستدير وتختفي.
مايزال يشعر حتى الآن بطعم الغليان الذي كان يجري في دمه وهو يحاول اللحاق بها و رؤيتها عن قرب . فلم يسمح لهما قط ان يتكلما مع بعض . مع العلم انه كان يرى الطريقة التي كانت تنظر فيها اليه عن بعد بخجل .
اخيراً التقط نظراتها التي اختلستها اليه وهي على صهوة جوادها . لقد كان جوادها يركض بسرعة الريح. ازداد اندفاعه القاهر ولحق بها كالبرق , وعندما كادت تقترب من نهاية املاكهم رآها اخيراً تنزل عن جوادها وتربطه الى شجرة. لقد وصلت الى جزء بعيد ناء من البساتين المزروعة . وعندئذ رآها تقف امام الشجيرات وكأنها تعرف انه يلحق بها.
سحرته وسلبت روحه بوجنتيها المتوردتين وشعرها المنسدل اكثر مما كان قادراً على الاعتراف به . ترجل نيك عن جواده ووقف امامها . في تلك اللحظة ذاب غضبه كالثلج على صخرة حارة, والشعور بأنه يرتكب محرماً جعل الهواء حولها يتبخر.
-
لماذا تبعتني ؟
سألته فجأة وكان صوتها أجش ومبحوحاً.
رد نيك بدون ان يفكر " ربما اردت ان ارى اميرة فاسكيز عن قرب"
في تلك اللحظة اصبحت شاحبة كالشبح وبدت عيناها كزمردتين مجروحيتن.
اخذت تتراجع ولكن نيك مد يده وقال مسرعاً " لا, انتظري, لا اعرف لماذا قلت ذلك.. انا آسف"
سحب نفساً عميقاً ثم اضاف " تبتعك لأنني اردت ذلك ولأنني اظنك تريدين ذلك ايضا"
احمر وجهها ووصل اللون الوردي الى وجنتيها .. وبدون ان يعي وجد نفسه يلمس برقة خدها, مسحوراً بالطريقة التي ظهرت فيها عواطفها ومشاعرها تحت ملمس راحة يده . اجتاحه شوق عميق وكان شوقه من العمق بحيث شعر بالصدمة .
تراجعت الى الوراء وهي تعض شفتها ونظرة عذاب ترتسم على وجهها " لا ينبغي ان نكون هنا.. إذا رآنا احد .."
رأى نيك رجفة تجتاح جسمها الرقيق , الجميل , وشعر بقلبه يخفق.
حاول ان يكبح الموجات الحارة التي تجتاحه. ورمته بنظرة تحد اكدت شكه بأنها لم تكن هشة وحساسة كما كانت تبدو عليه.
-
انا لست أميرة . انا لست كذلك ابداً . أكره ان يتم استعراضي امام الناس وكأنني عارضة ازياء. إنها امي وهي تتمنى لو كنت مثلها . إنهم لا يتركوني اخرج راكبة جوادي بدون ان يراقبوني, ولكنني أتسلل هاربة عندما يكونون مشغولين.
رأى نيك نظرتها تهبط الى شفتيه فعاد التورد الى وجنتيها من جديد. اما هو فاكتسحت القوة والتستسترون جسمه وضحك بامتعاض " لقد قضيت كل اوقاتي فعلياً على ظهر الجواد , اعمل في البساتين"



رفعت نظرها اليه ولكن ليس قبل ان تعذبه بنظرة برئية جائعة الى فمه.
قالت " هذا كل مارغبت فيه دائماً. ولكن بعد موت أخي, وجدني أبي يوماً اساعد في القطاف فأرسلني الى البيت. وقال لي إنه اذا وجدني هناك ثانية فسيضربني بحزامه"
اجفلته كلماتها وانقبضت معدته . فهو يعرف جيداً ماتكون عليه ثورة غضب الوالد . قال لها :" لقد مات اخوك منذ سنين , أليس كذلك؟"
اشاحت مادالينا وجهها وبلعت ريقها بألم قبل ان تجيب " مات في حادث وهو في الثالثة عشرة من العمر"
-
آسف. كنتما مقربين من بعضكما؟
عادت تنظر اليه وعيناها تبرقان بريبة " كنت أعبده , أبي شخص غضوب جداً. في احد الأيام كان أبي يهمّ بضربي ولكن ألفارو خطا الى الأمام وتلقى هو الضربة . كان في التاسعة من العمر وقتذاك"
اغرورقت عيناها بالدموع فاعتصر الألم قلبه واندفع اليها بشكل غريزي فسحبها يضم جسدها النحيف اليه. لقد كانت الحاجة الى إراحتها أقوى منه علماً ان ذلك تصرف غريب من شخص مثله , يساعد الناس إنما عن بعد.
إنها شخص غريب بالكامل بالنسبة له ولكن في تلك اللحظة شعر بقرابة عميقة بينهما. بعد لحظات طويلة , سحبت نفسها ولكنه رغماً عنه .
قال بصوت مرتجف "ينبغي ان اذهب .. سيبدؤون بالبحث عني"
ارتدت على عقبيها ولكن نيك وصل اليها وامسك بذراعها وهو يشعر في قلبه بالقنوط . نظرت اليه فقال لها " انتظري .. قابليني هنا غداً "
بدا ان العالم توقف عن الدوان للحظة ابدية. ولكن وجنتي مادالينا احمرتا من جديد وهي تقول بصوت اجش " احب ذلك"
بقيا يلتقيان مدة اسبوع , يسرقان اللحظات في ذاك المكان السري حيث كان الوقت يمضي بسرعة وحيث كانت الروادع تتهاوى . حدثها نيك بأشياء لم يسبق ان اخبرها لأحد ابداً وكان يحدثها بسهولة وكأنه لم يختبر قط سنوات من الانعزال العاطفي . وفي كل يوم كان يشعر بأنه يتعلق بها أكثر وبأن كيانه يذوب امام جمالها الحساس الذي يجعل رغبته فيها تكبر وتكبر, ولكنه مع ذلك استطاع ان يتحكم بنفسه وان يمتنع عن لمسها.
لقد اخافه عمق حاجته اليها وتلك الرغبة الجامحة تنامت بينهما بشكل عائل في ذاك اليوم الأخير . عندما وصل نيك ووجد مادي بانتظاره, لم يتكلم ولم تتكلم هي ايضا . الهواء حولهما تذبذب وارتعش وماهي إلا لحظة حتى كانت بين ذراعيه, حتى قبل ان يمد يديه ليجذبها اليه.
تعلقت به وكأنها على وشك ان تغرق, اما هو فأغرق يده في شعرها الذي بدا كالحرير. وشعر بساقيها ترتجفان فأمسكها ومدها على العشب الندي معه. غمرته حرارة مشاعره بحيث ارتجفت يده وهو يمدها الى جسدها.



كان شاباً بدون خبرة ولكنه شعر في تلك اللحظة بالعكس, فقد استلقت امامه ونظرت اليه من تحت اهداب سوداء. في تلك اللحظة شعر بأنه ضاع نهائياً.
اسكره وجوده معها واطاح بعقله وهو سشعر بملمسها كالحرير وهي ايضا كانت ضائعة فيه بحيث لم تسمع أي شيء حتى شعرت به يتوتر.
نظر كلاهما في تلك اللحظة فرأيا وجوهاً متجهمة على ظهر الحصان, تنظر اليهما. اصبح كل شيء فجأة ضبابياً ونيك يحاول ان يغطيها فوقفت هي وراء ظهره. ومن ثم تمّ سوقهما معا خارج مكانهما السري واعادوهما الى البيت .
"
اهلا بعودتك الى عالم الأرض"
اجفل نيك وكأنها لدغته فنظر الى استيلا التي كانت تحدق فيه. كانت تحمل في يديها كوبين من الشراب. قدمت احدهما اليه " خذ هذا الشراب إذ يبدو انك بحاجة ماسة اليه"
شعر وكأنه مكشوف بشكل كبير ولكنه خبأ مشاعره وتناول الشراب منها ضابطاً نفسه وتجرعه دفعة واحدة.
-
إذن أهي فرد من افراد عائلة فاسكيز؟ ظننت انني بحاجة الى رشكما بخرطوم الماء لأهدئ مايدور بينكما.
-
هذه هي آخر افراد عائلة فاسكيز, وقد جاءت لتنهي اعمال الأسرة.
اراد نيك ان يخلص نفسه من قوة تلك الصور المطبوعة في رأسه.

قالت استيلا بصوت ابعد مايكون عن البريء " هذا مثير للاهتمام .. فأنت آخر فرد في عائلتك"
تجهم وجه نيك" الشيء الوحيد المثير للاهتمام هو انها ستكون مجبرة على بيع املاكها لي أنا. واخيراً سنتخلص من عائلة فاسكيز الى الابد"
قال كلماته ومشى مبتعداً عن نظراتها المشككة فآخر شيء يريده نيك هو شخص يحلل مواجهته مع مادالينا فاسكيز. وكلما ادركت مادالينا ان جهودها عقيمة وان وجودها غير مرحب به , كان ذلك افضل للجميع.
"
ماخطبي ؟"
هذا ما تمتمت به مادالينا لنفسها . قلبت بطاقة الدعوة بين يديها من جديد وكأنها فخ ملغوم .
كانت الدعوة مكتوبة على وجه واحد ( انت مدعوة لتذوق آخر منتجات ده روجاس هذا العام السبت في السابعة مساء, كازا ده روجاس , فيلاروزا , ماندوزا )
وصلتها الدعوة في بريد اليوم , مقاطعة إياها عن إلقاء نظر على بريد والدها .



سمعت ضجة فنظرت من حيث كانت جالسة على مكتب والدها لترى هارنان قادماً . إنه احد اقدم واخلص العمال لديهم . هو و زوجته ماريا, مدبرة المنزل, ظلا في خدمة العائلة مع العلم انها اخبرتهما انها قد لا تستطيع دفع اجرتهما.
مادالينا تعرف انه عليها استلام اعمال والدها وهي مؤهلة لذلك إذ تملك إجازة في الزراعة والتصنيع الغذائي.
ابتلعت العاطفة التي شعرت بها نتيجة وفاء هارنان لعائلتها ومدت الدعوة ليلقي نظرة عليها . قرأ الدعوة بصمت واعادها اليها وعلى وجهه نظرة مبهمة .
بعد لحظة طويلة جداً قال الرجل العجوز " اتعلمين انك إذا قبلت الدعوة , تكونين اول شخص في عائلة فاسكيز يدخل ارض روجاس منذ زمن بعيد جداً , على ما اظن ؟"
هزت مادي رأسها . هذا فظيع . فهي لا تعلم ماهي لعبته ولكن عليها ان تعترف انها تشعر بالفضول لرؤية املاك روجاس وعزبتهم.
ماصدمها وادهشها هو هارنان الذي قال لها :"ربما ينبغي عليك الذهاب. لقد تغير الزمان والأمور لايمكن ان تبقى على حالها الى الأبد. ونيك ده روجاس أذكى من ابيه بالتأكيد لا بل أذكى من اسلافه . نعم, هو عدو خطر ولكنه على كل حال عدو تعرفينه"
نظرت مادي الى الدعوة مفكرة . لقد مضى اسبوعين على لقائها الكارثي بنكولاس ده روجاس وماتزال تشعر بالارتعاش كلما فكرت فيه.
ولكنها منذ اخذت تطلع على اوراق والدها . عرفت حقيقته البشعة وحقيقة عمله الدؤوب للاستيلاء على املاك والدها . لقد كانت الأوراق باسم نكولاس ده روجاس. لا بل كان هناك رسالة تهديد وصلت الى والدها في يوم فاته.
بمقدار ما كانت ترغب ان تشق الدعوة وتمزقها الى مئة قطعة وتعيدها اليه, بمقدار ماكانت تعرف انها لا تسطيع عزل نفسها . موعد الحفلة في الليلة القادمة.
وضعت الدعوة في الجارور ووقفت " سأفكر في الأمر . في هذا الوقت علينا ان نتحقق من الأراضي الشرقية مجدداً . ففيها افضل محاصيلنا هذا العام"
قال هارنان بوجه متجهم " بل قولي إنها القسم الوحيد الذي يمكننا ان نجني منه شيئاً"
حاولت مادي ألا تدع الشعور بالرعب يجتاحها , فالمحصول مضروب ولا تعرف ماذا تفعل.
كان ابوها يزرع على الطريقة القديمة وهذا ما أثر سلباً, فهي السنوات الاخيرة لم يكن محصول والدها كافياً لتلبية حاجة السوق.
إن املها الوحيد هو في محصول الأرض الشرقية فإن حصدته ووجدت مستثمراً فربما سيقبل احدهم بإعطائهم المال لتحسين مزروعاتهم او على الأقل لدفع الفواتير مجدداً.



وقف نيك متوتراً في وسط باحة الموجودة في الفناء, ولكن تركيزه انصب على المدخل الذي كان يدخل منه صف طويل من الضيوف الذين أتوا من مختلف انحاء العالم لتذوق ما تنتجه محاصيله . وكان النادلون المرتدون الأسود يجوبون المكان وهم يقدمون الأشربة . ولكن كل ما كان يفكر فيه نيك هو .. هل ستأتي ؟ ولماذا دعاها فعلياً؟
قال نيك لنفسه إن السبب هو رغبته في رحيلها من المنطقة . انكمشت معدته. لا , الأمر اعمق من ذلك بكثير وهو يعرف ذلك. الحقيقة انه منذ ثماني سنوات ومنذ ان لمحها في ذاك النادي في لندن وهو يرغب في رؤيتها غير محمية من الداخل كما شعر هو في ذاك الوقت . لقد استدرجته حتى عرّى نفسه امامها فقد صدق التمثيلية التي كانت تمثلها عليه .
عادت كلماتها ترن في اذنيه " كنت ضجرانة . حسنا؟ اردت ان اغويك لأنك كنت محرماً علي .. وكان مثيراً ..."
عن شماله , جاءه صوت متعجرف يقول " إنها مسألة وقت قبل ان تصبح املاك فاسكيز لنا"
رفع نيك عينيه عن باب الباحة ونظر الى محاميه الذي كان صديقاً وفياً لوالديه. وكان في الواقع صديقاً لأمه أكثر منه لأبيه . إنه رجل قصير, بدين , فيه خبث. الواقع صديقاً لم يحبه قط ولكن كان من الأسهل له ان يبقيه بدل ان يستغني عن خدماته بعدما مات الوالد.
رأى بطرف عينه حركة عند الباب.
اعاد نظره الى الباب ليرى مادالينا فاسكيز تدخل من الباب .
كان تأثيرها عليه في تلك اللحظة مضحكاً . فجسمه كله توتر وشعر برغبة قاهرة الى رؤيتها عن قرب مجدداً تجتاح دمه وكانت هذه الرغبة من القوة بحيث صدمته قوتها . لم يسبق قط ان شعر بهذه الرغبة تجاه امرأة اخرى.
من هنا كانت تبدو خلابة اكثر مما كانت عليه قبل اسبوعين . كان شعرها مرفوعاً وكانت ترتدي ثوباً طويلاً بدون حمالات, كاشفاً عن خطوط كتفيها وترقوتها . بدأ ان هناك شيئاً غريباً بالنسبة لثوبها , لم يعرف ماهو . بدا إنه كالثوب السابق الذي ارتدته في الليلة الأخرى في ماندوزا, وكأنه لا يتلاءم جيداً مع جسمها .. وكأنه ليس لها.
-
من تلك ؟ تبدو مألوفة .
"
تلك " اجاب نيك وهو منزعج من واقع ان محاميه ينظر اليها ايضا " مادالينا فاسكيز . لقد عادت لتقوم بمهام عائلتها "
ضحك المحامي بفظاظة " ذاك المكان فوضى بفوضى . قريباً سترجوك وتتوسل اليك حتى تشتريه منها "
ابتعد نيك عن محاميه وتوجه الى مادالينا , وهو لا يفهم لماذا شعر برغبة قوية في لكم ذاك العجوز. وظلت هذه الرغبة موجودة حتى عندما اقترب منها ورأى عينيها الخضراوين تستقران عليه. اجتاح وجنتيها اللون الوردي وكان يرى تحت عينيها آثار الاسوداد , علامة التعب. انقبض صدره. لقد صدق يوماً هذه الحيلة ولكنها كانت خدعة لتستجلب تعاطفه وهذا شيء تعلمته من امها . إنها حيلة الغرض منها ان يشعر الرجل بأنها بريئة فيما الحقيقة انها فاسدة حتى العظم .






غير ان جسده النذل لم يكن يأتمر بما يمليه عليه العقل. فالرغبة حارقة وفورية.
رسم على وجهه بسمة وحاول ان يتجاهل تلك الرغبة الحارقة التي تتزايد في دمه " اهلا بك في منزلي "
حاولت مادي ألا تظهر لنيكولاس ده روجاس مدى تأثرها . منزل كلمة قليلة على هذا المكان الفخم . مرة , منذ زمن بعيد كان منزلها بهذا الكبر اما الآن فأصبح شيئاً مزرياً.
لم تثق بسحره المتمدن للحظة. فعيناه كانتا كقطعتي جليد وهذا ماجلعها تضطرب بشكل واضح. وكان ان نسيت عزمها بأن تظهر حذرة إذ قالت باندفاع " لماذا دعوتني الى هنا؟"
فرد عليها بسرعة رصاصة " لماذا اتيت ؟"
امتقع لون مادي فكل مبرراتها للمجيء الى هنا بدت هشة و ضعيفة . ماكان عليها إلا ان ترد الدعوة ممزقة الى قطع صغيرة كما نوت ولكنها للأسف لم تفعل ذلك.
رفعت كتفيها " اتيت لأنني عدت الى المنطقة منذ اسبوعين فقط واردت ان اجعلك تعلم انني مازلت على إصراري بعدم الذهاب الى اي مكان آخر"
اومأ نيكولاس برأسه بحركة خفيفة لم تكد تلحظها وإذا برجل يقترب منه :
-
نعم سيدي!
-
مادالينا فاسكيز , اريد ان اعرفك الى مدير منزلي جيرالدو . سيريك المكان وسيتأكد من انك تحصلين على كل ماتريدين . والآن اعذريني.
وهكذا ببساطة ارتد على عقبيه مبتعداً فيما مادالينا تشعر بأنها منهارة , بائسة.
إن المشاعر التي ايقظها فيها ماتزال قوية جداً. لعنت مادي نفسها لأنها سمحت لأي لمحة ضعف بالظهور عليها . ينبغي ان تكون قوية بما يكفي لتجابه تعجرفه وإلا لن تستطيع الصمود .
التفتت الى الرجل الواقف الى جنبها مبتسمة "شكراً لك"
كان جيراد مضيفاً ساحراً فمع الوقت دار رأسها وهو يعرفها على المكان. كان جميع الرجال في الحفلة مرتدين التوكسيدو اما النساء فكن مرتديات فساتين سهرة طويلة .
كان المنزل نفسه مفروشاً بأناقة ولكن الاثاث بدا مريحاً . إنه منزل حقا وهذا ما أثر فيها عميقاً. فمنزلها كان دائماً بارداً , مليئاً بالاشياء الأثرية التي بيعت للأسف منذ زمن لتسديد ديون والدها.
-
سأتركك الآن , إن كان ذلك ممكنا ؟
وجهت مادي نظرها الى مدبر المنزل فاكتشفت انه مايزال ينتظر منها جواباً " بالتأكيد , آسفة انني اخذت من وقتك"
-
بل سرّني ذلك سنيوريتا فاسكيز.
كان بانتظارها رجل آخر قادها الى حيث وضعت منتجات المزرعة, وهناك وقفت قرب إدوارد احد عمال نيكولاس فراح يحدثها عن المنتجات . كان شخصاً ودوداً فأخذت تتبادل معه اطراف الحديث واخبرته عن درجة الامتياز الجامعية التي حصلت عليها من جامعة بوردو.



بعد قليل التقت نظرتها بنظرة نيكولاس البارردة الساخرة حيث بدا اطول من الجموع الحاشدة الملتفة حوله وشعرت بأنه تم توجيهها بالتحديد الى المكان الذي ارادها هو ان تقف فيه. لقد اراد ان يريها مدى نجاحه.
بعد عدة دقائق استطاعت مادي ان تستغل فرصة قدوم احدهم ليسأل سؤالاً فابتعدت تدفعها غريزتها للهرب من الاتجاه الذي وقف فيه نيكولاس مع حشد من الناس.
مشت بصمت الى غرفة مضيئة مفروشة بفخامة ومنها خرجت الى منطقة مزينة هادئة خارج البيت. كان هناك اضواء ذهبية تتساقط على الأرض كبحيرات صغيرة , وامسكت مادي السياج الخشبي.
تناهت الى مسمعها نغمات فرقة الجاز التي تعزف لهذا الحشد المختار من الناس . ابتسمت بهزء مفكرة بما يحاول نيكولاس ده روجاس ان يعرضه امامها من نجاح.
ترامت امام ناظريها كروم من العنب وبساتين غناء بالفاكهة. في الواقع هذا ماتريده لأراضيها, تريد ان تراها عامرة زاهرة كما كانت في طفولتها .
سمعت ضجة فالتفتت . خفق قلبها بقوة وهي ترى نيكولاس ده روجاس واقفاً بباب الغرفة خلفها ويداه في جيبه. إنه جذاب بشكل يقطع الانفاس.. للحظات نسيت كل شيء ولم تعد ترى سواه .
استدعت مادي كل ذرة من ضبط النفس وابتسمت . ولكن دون جدوى فرؤيتها لمنزل نيكولاس عن قرب أثر فيها كثيراً.
-
هل تظن حقا ان تباهيك بنجاحك امامي يجعلني ألوذ الى أقرب مطار تاركة كل شيء ورائي؟
اشتدت ملامحه وخطا خارج الباب, فانحبست انفاس مادي وهي تشم عطره يصل اليها ويلتف حولها .. للأسف لم تستطع التراجع, فالسياج الخشبي انغرز في لحمها الطري.
-
لا شك ان المكان هنا باهت مقارنة مع اضواء لندن ومنتجعات التزلج العامرة؟
امتقع لون مادي ولكنها ابتسمت لتغطي الجرح الذي احدثته الذكرى.
منذ زمن وبخت مادي نفسها لأنه كان عليها ان تشك بنوايا امها عندما طلبت منها السفر لتلاقيها في منتجع التزلج الفاخر الذي كانت فيه. فقد كانت نفس الأم التي رفضت ان تساعد مادي لأنها تعتقد انها ضحت بما فيه الكفاية من اجل ابنتها.
ما إن وصلت الى منتجع التزلج حتى اتضح لها ان امها كانت بحاجة الى ابنتها لمساعدتها امام الناس على إظهار صورة الأم الصالحة. لقد ارادت ان تغوي زوجها الحالي الذي كان قد طلق زوجته ولكنه كان أباً محباً لأولاده يكرس وقته لهم. وقتذاك كانت امها قد طلبت من إحدى الصحف ان تصورها مع ابنتها لتظهر للعالم انهما صديقتان .



قال نيكولاس " كنت في الطائرة عائداً الى منزلي عندما اعطتني المضيفة مجلة لأتسلى بقراءتها وحينما رأيت صورة الغلاف لم استطع إلا ان اقرأ ما ورد في المجلة عن العلاقة الرائعة بينكما بعد انفصالكما المؤلم عن والدك"
شعرت مادي بالإعياء. لقد قرأت المقالة ايضا , ولم تكد تصدق انها كانت على تلك الدرجة من الحاجة الى العاطفة حتى تقع في فخ تلاعب امها بها . حاولت الآن ان تتناسى أنانية امها .
-
هذا المساء مضيعة لوقتك ده روجاس. فأنت تحفزني أكثر فأكثر حتى اصل الى النجاح.
حكمه السيء عليها جعل الغضب يندفع حارا في شرايينها .
-
لقد امضيت اسبوعين في منزل مقطوعة عنه الكهرباء. وها انت تراني لا اهرع الى اقرب منتجع صحي. والآن , اذا كنت لا تمانع لقد تأخر الوقت وعلي الاستيقاظ باكراً في الصباح.
لملمت مادي ثوبها لتمشي ولكن فردة حذاءها الكبير خرجت من قدميها فتعثرت . غير ان يداً كبيرة اطبقت على إحدى ذراعيها العاريتين لمنع سقوطها فإذا الإحساس يصبح كمس كهرباء.
لم يدعها نيكولاس تذهب . فالتفتت اليه, بقدم بدون حذاء واخرى بحذاء.
كان ينظر اليها عابساً " ماذا تعنين بدون كهرياء؟"
مادي بنظر الناس امرأة طويلة ولكنها الآن شعرت بأنها صغيرة وربطت المرارة لسانها بسبب شعورها بأنها هشة ضعيفة " إننا نستعمل مولداً كهربائياً قديماً لتوليد الطاقة لأن الكهرباء قطعت عن البيت منذ اشهر.. منذ ان توقف والدي عن دفع الفواتير"
هز نيكولاس رأسه " لم أكن اعرف ان الوضع بهذا السوء "
حاولت مادي ان تسحب يدها بعيداً ولكن قبضته كانت محكمة . فشعرت بالخوف من ردة فعلها الجسدية الميؤوس منها تهيج عواطفها وتدفعها الى القول " وكأنك مهتم! لقد كنت منشغلاًبتوقيع رسائل محاميك , باذلاً اقصى جهدك لتشتري املاك رجل يحتضر . أتعرف انه تلقى آخر رسالة في مماته؟"
الآن , بدا نيكولاس حائراً , واشتدت قبضته عليها " عم تتكلمين؟ لم أوقع قط على اية رسالة. إن كل المراسلات بين عائلتي وعائلتك توقفت عندما مات والدي. ومنذ ذاك الحين كنت منشغلاً ببناء اسم منتجاتنا وتجديد المنزل والعزبة"
-
يمكنك ان تتفوه بالكذبات التي تريد ده روجاس . هذه الأمسية كانت خطأ فادحاً . لقد خذلت أبي وكل اسلافي بمجيئي الى هنا . لن يتكرر ذلك ابداً.
خفت قبضته فشعرت مادي بأنها تائهة, اما غضبها فتبدد كله . كانت نظرته حادة مشتعلة.
قال بصوت اجش عميق " ولكنك اتيت الى هنا, وهناك في الجو.. شيء جذبنا من قبل ومايزال موجوداً الآن "









شعرت مادي بالضياع أكثر فأكثر. ولكنها استطاعت اخيراً ان تحرر يدها منه بينما كانت كلماته ترتد اليها من بعيد حين وقف امامها ذاك اليوم قائلاً :" انت لا شيء إلا لعوب مزعجة . وأنا كنت فضولياً لتذوق اميرة فاسكيز والآن بت اعرف ماهو السم"
المرارة والغضب اللذان شعرت بهما طوال هذه السنين الثمانية الماضية , اصبحا في هذه اللحظة اكثر حدة وقضيا على كل شيء آخر. إن مادي لم تعد تثق بنفسها مع أي رجل بسببه . لقد نأت بقلبها ونفسها عن الرجال لئلا تتأذى من جديد او لئلا تواجه اشياء مؤلمة جديدة . عليها ان تدفعه الآن قبل ان يدرك مدى ماكان عليه ضعفها وهشاشتها.
رفعت كتفيها واجبرت نفسها على النظر اليه :" لقد اغويتك مرة ده روجاس , فهل تعتقد ان هذه الأمسية ستجعلني احاول إغواءك من جديد؟ ألم تكن السنين الثمانية الماضية كافية لتتخلص من جراحك؟"
وقف نيكولاس بطوله الفارع ورأت وجهه يشحب :" ايتها العاهرة الصغيرة !"

نهاية الفصل الثاني



Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-01-17, 02:08 AM   #5

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



3 - لم أنتهِ منكِ بعد !

لم تدر مادي من اين جاءتها الجرأة لتقول تلك الكلمات ولكنها في الحقيقة كانت موجهة الى نفسها أكثر مما هي موجهة اليه. فهي لم تستطع ان تتخلص مماحدث منذ ثماني سنوات حتى الآن.
شعرت بطنين قوي في أذنيها ولكنها تجاهلته وقالت :" لا تقلق . لن تراني مجدداً. يمكننا ان نقول إن هذه المسرحية الهزلية انتهت. لقد جئت الليلة لأنني كنت فضولية لرؤية ماوصلت اليه. لقد استهنت بي حقا"
كانت ترتد من جديد على عقبيها وهي غير منتبهة الى انها لا تنتعل فردة حذاءها . تعثرت من جديد وكادت تقع لو لم يمسكها ويسحبها من الوراء الى صدره . التفت إحدى ذراعيه على قفصها الصدري والأخرى على كتفيها . اندفع الأدرنالين الى شرايينها فحاولت فوراً ان تبعد ذراعيه عنها ولكنهما كانتا كالحديد.
شعرت بالاندفاع الى الصراخ ولكن يداً اطبقت على فمها وكأنه قرأ مافكرت فيه. اطبق الرعب على قلبها ليس بسبب التهديد بالعنف بل بسبب تهديد من نوع آخر. فالشعور بجسم نيكولاس ده روجاس القاسي على ظهرها أذابها من الداخل.


صرخ صوت في رأسها : لا, لا ليس هذا رجاء. فهو قادر على كشف ضعفها في ثوان إن لمسها.
عضته في الجزء اللحمي من يده فسمعته يلعن ولكن ليس قبل ان تشم رائحته النفاذة . انقبضت معدتها والنيران تراقضت في شرايينها . اما هو فحركها بدون جهد بين ذراعيه والآن اصبحت تواجهه وذراعاه تقيدانها الى جسمه وتحبسان ذراعيها خلف ظهرها . لقد اصبحت بلا حول ولا قوة . والمقزز في الأمر هو شعورها في هذه اللحظة بالإثارة .
- دعني أذهب!
هز رأسه وعيناه تتلألأن ناظراً الى عينيها . شعرت مادي وكأنها فقدت توازنها كله. وفجأة اختلط الماضي والحاضر وكل شيء ببعضه بعضا وشعرت بمشاعرها تغمرها.
- لم انته منك مادي.
ترنح قلبها ألماً لسماعها إياه يستخدم اسمها المصغر . مازالت تتذكر بوضوح مؤلم حينما قالت له في الماضي إنها تفضل اسم مادي على اسمها مادالينا . راح يلمس خدها " مادي إنه ..."
ضحك وكانت ضحكة حيوان مفترس , اعادت مادي الى اللحظة الحاضرة "اعلمي انني إن كنت قد استهنت بك فأنت ايضا استهنت بي كثيراً . بيننا عمل لم ينته بعد.. وللأسف انه عمل ليس له علاقة بالأعمال"
قبل ان تستوعب مادي كلماته جيداً او تفهم نيته , قربها منه أكثر. للحظة , لم يبدر عن مادي أي رد فعل عدا الخدر الحسي من وقع الصدمة . ومن ثم انفجرت المشاعر في عينيها , حارة وملحة.
حاولت يائسة ان تجر نفسها الى الواقع وألا تدع الإلحاح الحار يتغلب على حاجتها الى البقاء جامدة وغير متجاوبة ولكنها كمن يتمنى ألا تشرق الشمس في الصباح.
ان وجودها بين ذراعي هذا الرجل من جديد أشبه برية منارة في وسط بحر هائج حيث لا يأمل المرء في تلك اللحظة إلا السعي الى الميناء. شعرت مادي بتلك الرغبة الملحة الى الوصول الى الخلاص, مع العلم ان كل شيء منطقي يصرخ بها ان تتوقف وتتحرر , ولكن جزءا كبيرا منها كان يتألم و يتألم.
وكأن نيك احس بعذابها , إذ حرر يديها ورفع يده الى رأسها , يمسكه ويوجهه بحيث يستطيع ان يقبلها . وإذا بمقاومتها تتهاوى ويداها المحررتان تحومان للحظة طويلة. كانت تعرف ان عليها ان تستخدمهما لتدفعه عنها, ولكن ما إن وضعتهما بين جسديهما وشعرت بعضلات صدره المشدودة, حتى علقتا هناك ولم تعملا على دفعه ابداً.
زمجر بصوت منخفض لشعوره بإذعانها واصبح أجرأ , فتمايلت نحوه اكثر وشعرت بأن جسمه يسحقها.
انقلب العالم الى فرن من المشاعر الحارة والرغبة البائسة و .. فجأة ايقظتها نسمة باردة فنظرت الى وجهه الجامد. بدا وكأنه منحوت من حجر. اما هي فشعرت وكأنها من هلام. فمه متورم , وقلبها ينبض بقوة وشعرها متساقط على بشرتها الحساسة.

"انت ..." لم تستطع التفوه بغير هذه الكلمة.
قال بصوت بارداً جداً ايقظها أكثر من أي شيء آخر " ما الذي أردت ان تقوليه ؟ هل تريدين مني ان اصدق هذه التمثيلية؟ أتريدين ان اصدق انني جعلتك تفقدين القدرة على النطق بسبب العاطفة ؟"
ألقى عليها نظرة جد مريرة جعلتها تتراجع الى الوراء. للحظات كان الإذلال يجعلها تشعر بالتشتت والضياع.
-
هل نسيت أنك حاولت من قبل هذا معي؟ أنا لست غبياً لأقع في الفخ مرتين ومع ذلك لا يمكنك ان تنكري انك تريدينني ايضا, بمقدار لا بل أكثر مما اردتني قبل ثماني سنوات عندما كنت ترتعشين بين ذراعي. كان بمقدوري ان اخذك في ذاك الوقت بكامل رضاك . لعلك رغبت في إغوائي بسبب شعورك بالضجر ولكن ردة فعلك في ذاك الوقت والآن بعيدة كل البعد عن الضجر. ولا يمكنك ابداً الهرب من هذا الواقع"
نبرة صوته المتعالية المتكبرة انتشلت مادي من الضباب الذي غرقت فيه. ابتعدت من عناقه بحركة مفاجئة:
-
انا لست عائبة بفرضياتك, فالماضي هو الماضي وهناك يجب ان يبقى وهذا ...
وحركت يدها بشكل دائرة " لا شيء إلا دليل واضح على ان الجاذبية الجنسية ليست إلا شيئاً عبثياً اعتباطياً . ليس لا "
ابتسم نيك " لو لم اتوقف لكنت استسلمت لي هنا , على بعد خطوات قليلة من مئة ضيف"
جعلتها كلماته ترفع يدها , لقد دفعها بعيداً جداً.
ولكن قبل ان تصل يدها الى وجهه, امسك يدها بقبضة حديدية. وشعرت مادي بالصدمة تجتاحها. فلم يسبق ان رفعت يدها بوجه احد قط.
كأن وجهه متجهماً بشكل كبير وهو يردف قائلاً :" لقد برهنت لك انك غير قادرة على التحكم برغبتك فيّ الآن وكذلك كان حالك قبل ثماني سنوات . ومهما حاولت ان تقنعيني بأنك وجدت مافعلناه كريهاً بحيث شعرت بالمرض جسدياً, لقد جئت الليلة الى هنا لتتذوقي مني بمقدار مارغبت أنا في تذوقك. فراشي خال في الوقت الحالي وأنا أكثر من مرحب بأن تنضمي إليّ, وعندئذ يمكننا الانغماس بتلك الجاذبية حتى تعودي الى رشدك فتقررين بيعي املاك فاسكيز"
انتزعت مادي يدها منه وحاولت ردع رغبتها في صفعه. فنظرته الى ماحدث في ذاك اليوم الكارثي كان مختلفاً كل الاختلاف عن نظرتها. تعرف انها اعطته الانطباع بأن ماجرى معهما كان مقززاً لها , ولقد شعرت بالكره لماحدث بينهما إنما لأسباب مختلفة عما يظن .
وقتذاك عجزت عن إخباره والآن لا تستطيع إخباره لأن ذلك سيكشفها ويعريها أكثر فأكثر . وسعرف ان ذاك الأسبوع كان يعني كل شيء لها وسيعرف انها لم تخطط لإغوائه من اجل التسلية . والآن لن تقوم بتصحيح اعتقاده مهما كلفها الأمر , فهذه هي طريقتها الوحيدة للدفاع.








وقفت وقالت مقطبة الوجه " يبدو انك نسيت ان فراشك منذ اسبوعين كان مشغولاً . انا بغنى عن طلبك . شكراً "
وعندئذ ارتدت على عقبيها ومشت في طريقها.
لحسن حظها لم يحاول إيقافها . اما هي فلم تدرك انها حافية القدمين إلا حين اصبحت في الخارج متوجهة الى الباب الرئيسي . لا, لا يمكن ان تعود من اجل حذائها وتخاطر برؤية نيك ثانية . اسرعت الى الجيب وعندما بدأت اضواء المزرعة تتباعد اطلقت اخيراً انفاسها .
لقد كانت غبية عندما اعتقدت ان ده روجاس لن يستحضر الماضي من جديد. إنه رجل متكبر , كامل الرجولة. وهي على يقين بأنها جرحت الأنا عنده. في هذه اللحظة ارتجفت وهي تتذكر تلك النظرة المريرة التي عبرت وجهه قبل قليل . ولكنها لم تتصور ان كل تلك المشاعر ستعود حية بقوة بينهما.
مع ان الاحداث التي مرت قبل ثماني سنوات قد اطلقت موجات عنيفة , إلا انها تصورت ان ذاك الأسبوع الذي ادى الى هذه الاحداث قد خبا من ذاكرته. كما انها تصورت ان تلك السنوات والعلاقات التي لا تحصى التي اقامها مع النساء الجميلات قد جعلت ذاكرها تخبو من ذاكرته.
الطريقة التي قبلها فيها الآن وذكرى ذاك الاسبوع والرغبة الجياشة القوية التي دفعتها وقتذاك الى مابين ذراعيه , جعلا مادي ترتجف من الداخل وكان ارتجافها من القوة بحيث كان عليها
ان تسحب نفسها قبل ان تنهار . وضعت رأسها على مقود الجيب بين يديها وحاولت ان تجلي رأسها مما يدور فيه ولكن ذلك كان مستحيلاً . فالذكريات كانت اقوى واشد تأثيراً, لا سيما بعدما جرى بينهما الآن ...
لقد تمكنت ذاك اليوم من التملص من امها وابيها, فركبت جوادها. وكانت تأمل دائماً ان تلمحه وهو في المزرعة. وقتذاك قلبها توقف عن الخفقان عندما رأته على بعد امتار منها . ولكن حدة وجهه اخافتها فأدرات جوادها لتهرب , غير عارفة مما تهرب. ربما تهرب من الإثارة التي كانت تغلي في دمها.
مازالت تتذكر انها عندما التفتت الى الوراء رأته يلحق بها والتعبير ذاته مايزال على وجهه. وجعلها احتكاك الجواد بساقيها بسبب عدوه بسرعة تصرخ من شدة الألم. وحينما وصلت الى البستان النائي الذي يفصل بين مرزوعتيهما كانت تشعر بجسدها كله متوتر بسببه.
كان ذاك البستان مكانها المفضل, مكانها السري. وعندئذ وصل فترجل عن جواده بطاقة فياضة. شعرت بأن وجوده على هذه الدرجة من القرب يجتاحها الى اعمق اعماقها , والحقيقة انها كانت غير مستعدة ابداً الى هذه الرجولة الكاسحة.
لمسها بلطف . واخذا يتكلمان فعلياً. بعد سنوات من شعورها بأن لا احد يفهمها وجدت صلة بينها وبين أبعد الناس عنها , ابن ألد العائلات عداوة لعائلتها.
ذلك اليوم عندما حاولت المغادرة , شعرت بقلبها ثقيلاً وكأن حجراً وضع على صدرها. ولكن نيك طلب منها ان يراها في اليوم التالي فزال الثقل عن قلبها .. وكان ان رأته في اليوم التالي والذي بعده وبعده.
اتخذ ذاك الأسبوع وجهاً غير واقعي .. لقد كان حلما ً. فتلك اللحظات التي كانت تقضيها معه تحت ظلال اشجار ذاك البستان, اصبحت الواقع الوحيد الذي تريده مادي. لقد استحوذ نيك عليها بالكامل وملأ لياليها باحلام زاهية شهوانية. في نهاية ذاك الأسبوع كانت تتوق اليه وتخاف من شدة توقها اليه وكانت تتعذب جسدياً بحيث لم تستطع إلا رمي نفسها عليه.
لقد قبلها ولمسها بشغف , فأشعل وجهها وهي تتذكر مدى رغبتها فيه, وهناك المزيد مما لا تستطيع التكهن به.
ومن ثم كل الجحيم سقط عليهما.
وجوه ضخمة تركب الجياد احاطت بهما محطمة عالم الأحلام الذي كانت تعيشه. من الواضح ان هناك من لاحظ تغيبهما المستمر. وضع نيك مادي خلفه فاستطاعت بيدين مرتجفتين ان تمسد بلوزتها وكانت تشعر بالخوف بسبب الأصوات التي تصرخ عالياً. ومن ثم تم سحبها من بين الأشجار وسيقا معا. عندما نظرت بعد قليل الى الوراء رأت نيك قرب حصانه يبعد رجال ابيه عنه ويشتبك معهم.
شهقت عالياً عندما رأت احد الرجال يحاول ان يلكمه لمنعه من ضربهم. ولكنها لم تتسطع ان ترى شيئاً لأنهم وضعوها على جوادها وساقوها بعيداً.
حينما وصلت الى منزلها وجدت امها تنتظرها ووجهها ابيض من شدة الغضب. وسارعت تسألها " أصحيح ماسمعت ؟ لقد وجدوك مع نيكولاس ده روجاس؟"
لأول مرة في حياتها تشعر بنيران التمرد تستعر في داخلها . رفعت ذقنها واجابت بصوت قوي " نعم, صحيح"
لم تكن مستعدة للصفعة القوية التي تلقتها من امها على وجهها. شعرت بطعم الدم في فمها, رفعت يدها الى خدها وحدقت مرعوبة الى هذه المرأة التي لم يسبق لها ان لمستها إلا للإيحاء للناس بتقارب بينهما غير موجود ابداً.
ثم .. ثم اجهشت امها ببكاء هستيري. قبل ان تفهم مادي ما الذي يجري, امسكت بيدها واخذتها الى غرفة الجلوس واعطتها شراباً لتهدئ روعها.
اخيراً نظرت امها اليها وارتجفت بقوة . كانت مادي مذهولة وهي تقول :" هل وجودي مع نيكولاس امر سيء الى هذه الدرجة؟... نحن معجبان ببعضنا"
ضعضع قول مادي امها من جديد وحينما استطاعت الأم اخيراً تمالك نفسها قالت لها :" لا يمكنك رؤيته مجدداً. امنعك من ذلك. فكري في ماقد يفعله هذا بوالدك"
عاد التمرد الى قلب مادي ثانية, فهي لا تستطيع ان تنكر رغبتها في رؤية نيك مجدداً. وقفت ثائرة " هذا سخيف , لا يمكنك ابداً منعي عن رؤيته . نحن لا نعبأ بذاك الثأر الغبي"
وقفت امها ايضا " مادالينا لا يمكنك ان تعصيني في هذا"

لقد جعلها استعمال امها لاسمها كاملا تشعر بأن شيئاً يتحطم في داخل مادي. إن سنوات الاحباط التي نتجت عن خوفها الدائم من مزاج والدها المتقلب , وعن موت أخيها وأنانية امها , جعلتها تنفجر" إذا اردت ان أرى نيكولاس ده روجاس ثانية , لن تقدر قوة على وجه الأرض من منعي عن ذلك"
عم هدوء رهيب الغرفة وراقبت مادي امها المذهولة امامها. اهتز الكوب بين يدي امها وكان الاهتزاز من القوة بحيث سارعت مادي تأخذه منها, قائلة لها بقنوط ويأس" إن هذه التراجيديا التي تمثلينها لن تنفع . قد تمشي على والدي لا عليّ.."
-
سأقول لك لماذا لا يمكنك رؤيته.
توقفت مادي عن الكلام . فشيء في صوت امها المنخفض جعل الرجفة تسري في جسمها .
-
عم تتحدثين؟
وعندئذ تكلمت امها , مشتتة عالم مادي الى ألف جزء و جزء.
-
منذ ان كنت شابة عندما كنا نأتي الى مندوزا , وقعت في حب سيبستيان ده روجاس.
التوى فم أمها وهي تردف" لم أكن من المنطقة, لذا كنت اعرف فقط تفاصيل غاضمة من الثأر بين العائلة وبين..."
حاولت مادي ان تفهم وتستوعب ماتقوله أمها " كنت واقعة في حب والد نيكولاس ؟ ولكن ماعلاقة هذا بالوقت الحاضر؟"
جلست أم مادي من جديد وهي تعصر يديها في حضنها وكانت تحاول ألا تنظر في عيني مادي" الحقيقة انني اردت ان يتزوجني سيبستيان ولكنني كنت صغيرة جداً وعائلته اجبرته على الزواج بزوجته لأنهم هم من اختاروها له . وكان ان تزوجها وانجب منها ابنه نيكولاس بسرعة "
تحشرج صوت امها " ظننت انني اضعته الى الأبد, حتى التقيت والدك"
نظرت الى عيني مادي" من احد اسباب زواجي بوالدك هو ان أكون قريبة من سبستيان . وعندما رآني من جديد لم يستطع مقاومة نفسه فأقمنا علاقة بالخفاء. كنا نلتقي في الفنادق وفي أي مكان يتسنى لنا ..."
شعرت مادي بأنها تبتعد عن كل شيء وكأن صوت امها يأتي من بعيد , بعيد.
-
ذهب يوماً الى اوروبا شتاء ليرى كيف يوسع اعماله وعندما عاد كنت حاملاً بألفارو .. اخيك , وقتذاك قطع علاقته بي لأنه ظنني ادرت ظهره له , مفضلة زواجي عليه.
اغرورقت عينا امها بالدموع ولكن مادي لم تشعر بأي تعاطف . شعرت بالسقم وهي ترى المدى الذي وصلت اليه لتحقق مآربها . لقد تزوجت رجلاً لا تحبه لتستدرج رجلاً متزوجاً وتبعده عن زوجته وابنه.
-
لا أرى حتى الآن ما الذي يمنعني عن رؤية نيكولاس؟









وارتدت مادي على عقبيها تهم بمغادرة الغرفة ولكنها سمعت امها تقول من ورائها :
-
بل هناك ألف سبب يمنعك عن رؤيته.
التفتت مادي الى امها مرغمة .
ابتلعت امها ريقها " لم اتوقف عن رؤية سيبستيان بالكامل, وقد استطعت عدة مرات ان اقنعه بأن نلتقي. بعد إحدى تلك المرات حملت بك.. أنت "
امتقع وجه امها " ولكنني في ذاك الوقت كنت أنام مع ابيك ايضا . الحقيقة انني لا ادري إن كان سيبستيان ده روجاس هو والدك "
نظرت مادي الى امها . وقعت الكلمات على جدار غير مرئي بينهما حيث لم تستطع استيعاب فظاعة ماتقوله امها.
-
لا تستطيعين رؤية نيكولاس لأنه يحتمل ان يكون أخاك.
الكأس الذي اخذته مادي من يد امها قبل قليل سقط من يدها ووقع على الأرض . ولكنها لم تلاحظ , فالصدمة صعقتها وخدرتها.
الشيء الوحيد الذي كسر واقع الحقيقة الرهيبة التي كشفتها امها هو الغضب المستعر الذي جاءهما من خلفهما . كان والد مادي واقفاً في الباب وعيناه تقدحان بجنون , وقال بصوت مصدوم" كنت أعلم , لطالما شعرت بأن بينكما شيئاً ما . هل ابني هو ابني ؟ أم انه ايضا ابنه ؟"
بعد ذلك اصبحت ذاكرة مادي ضبابية . تذكر انه كان هنا الكثير من الصراخ و البكاء , وقد قام ابوها بسحبها الى غرفتها واغلق الباب عليها . في اليوم التالي بعد ليلة لم تذق فيها طعم النوم, تسللت مادي من غرفتها في الطابق الأول وركبت جوادها . لم تعد بعد الآن تعبأ بغضب ابيها . إنها بحاجة لأن تخرج. وما أرعبها انها غريزياً وجدت نفسها في البستان . ترجلت عن جوادها ولكنها فوجئت بأنها ليست وحدها فقد خطا نيكولاس من وراء الاشجار ووجهه متجهم.
اعتصر الألم قلبها ممزوجاً بالخوف و الإثارة . هل كانت تأمل ان يكون هنا رغم ماحدث؟ ولكن ماشعرت به البارحة من صفاء وصواب علاقتهما قد تحول اليوم الى خطأ ودنس.
-
لماذا أنت هنا ؟
ابتسم مع ان وجهه كان مشدود الملامح " اردت ان اعرف ان كنت ستعودين؟"
إن رؤيته هنا وهي تحمل في قلبها تلك الحقيقة الرهيبة , كانت أكثر من قدرتها على التحمل " لقد جئت لأكون وحدي وفي الواقع لم اكن اريد رؤيتك"
اشتد وجهه أكثر فسارعت مادي تقول له " عليك ان تذهب الآن "
اقترب منه ووضع يديه على ذراعيها " لا اصدق انك لا تريدين رؤيتي . أتريدين منهم ان يرعبوك ؟"
كانت لمسته أكثر مما تتحمل . إنها تشعر بالسقم وترتجف برداً , ولكنها وقفت ثانية لترى وجه نيك ابيض وهو ينظر اليها.
-
رجاءاً .. اذهب فقط . لا اريد رؤيتك ثانية.
-
كدت تخدعينني البارحة..



ابتلعت مادي ريقها وقالت بتثاقل " ذلك كان البارحة , وهذا هو اليوم , وانا لا اريد رؤيتك ثانية"
لم يتحرك, فأصبحت مادي يائسة . فهي لا تقوى على رؤيته , ليس وهو يوقظ فيها مشاعر كهذه.
تشنجت معدتها واسرعت تقول اول شيء خطر على بالها" كنت اشعر بالملل , هل فهمت.؟ كنت اشعر بالملل واردت ان أرى إن كان بمقدوري إغواءك .. فأنت بالنسبة لي كنت شخصاً محرماً عليّ. وهذا ماجعلني أشعر بالإثارة . هذا هو كل الأمر"
رفعت مادي رأسها الثقيل عن مقود الجيب, فغشى بصرها بسبب وميض السيارات . كان رأسها ثقيلاً من سطوة الذكريات . حاولت ان تقطع هذه الذكريات فهي ليست بحاجة الى تذكر ما حدث بعد ذلك : لا تريد ان تتذكر كيف تحول نيك الى شخص بارد , قاس .. وكيف قال لها إن مذاقها أشبه بالسم.
وقتذاك اقترب منها وقال بصوت بارد كالثلج " كنت اعتقد ان الثأر شيء عرضي .. ولكنه شيء أكثر من صائب"
عندما عادت الى المنزل بعد ساعات من ذلك , وجدت حقائبها موضبة وابوها ينتظرها مع امها في السيارة , وكان ان اقتادهما بصمت وبدون اي كلمة تعليل او تفسير الى المطار وتركهما هناك بعد ان قال " لم تعودا بالنسبة لي لا زوجة ولا ابنة "
ركبت مادي وامها الطائرة الى بيونس ايرس . وعندما وصلتا الى منزل عمتها في الضواحي قالت لأمها فقط " اريد ان اعرف من هو ابي . اظنني استحق ذلك على الأقل "
وافقت امها على ذلك ولكن من شروط اجراء الdna هو اخذ عينة ممن سيصبح زوجها السابق وكان يعني ذلك ان تضحي بضمانات الطلاق وهو شيء لم تسامح مادي عليه ابداً .
بعد شهر على رحيلهما عن ماندوزا وعن منزلها ذهبت مادي الى مكتب الطبيب في بونس ايرس مع فحص الdna .
بعد اسبوعين حصلت على النتيجة واكتشفت ان لا ارتباط بينها وبين نيكولاس او ابيه . إنها بدون أي شك فاسكيز مئة في المئة.
اخيراً شعرت مادي بالقوة الكافية لتشغيل الجيب من جديد وإكمال رحلتها. في ذاك الوقت ارسلت مادي الى والدها نتائج الdna ولكنه ظل ناقماً عليها بسبب ذنوب امها حتى يوم وفاته. على مادي الآن ان تحقق رغباته وتفعل مابوسعها لتثني نيكولاس ده روجاس وتعمل على إنقاذ مرزعة فاسكيز.
***
-
لقد تركت حذاءك وراءك يا ساندريلا.
تشنج ظهر مادي لسماعها صوته العميق المألوف, واقشعر بدنها .. ببطء رفعت رأسها من حيث كانت تتفقد الزرع, لترى شكلاً طويلاً اسود , يمسك بفردة حذائها. طرفت مادي بعينيها وهي عاجزة عن الفهم. فليلة امس بالكاد غمض لها جفن, لأنها في كل مرة اغلقت عينيها كانت ترى فيها كوابيس. ولعلها الآن تهذي من التعب.
ولكن عندما لم يختف الحذاء او الشكل الأسود قالت بعناد " لم يكن هناك داع لتكبد هذا العناء"



شعرت بأنها مغبرة بهذا الجينز الممزق والتيشيرت البسيط والحذاء العالي الساقين القديم. الحمد لله ان قبعة القش التي تضعها حمتها من عيني نيك الزرقاوين ومن الشمس ايضا.
استطاعت ان ترى من تحت ظل القبعة انه هو ايضا يرتدي ثيابا عادية : تيشرت بولو غامقة اللون وجينز باهت اللون تعلق بعضلات ساقيه القوية.
-
اريد ان اعرف لماذا ترتدين احذية وثياباً أكبر من مقاسك .
امتقع لون مادي ونظرت اليه من تحت القبعة , غير مستغربة من قدرته على معرفة مقاس حذائها . انحبست انفاسها بسبب جاذبيته الديناميكية وقوته التي استطاعت ان تراها بجلاء في ضوء النهار . كانت عيناه الزرقاوان بارزتي اللون امام بشرته السمراء.
ردت مادي بدون تفكير " إنها لأمي"
قطب حاجبيه وهو يسأل " هل أضعت حقائبك؟"
بدأت مادي بالتحرك بعيداً عن قوة تأثير وجوده عليها " نعم لقد اضعت كل حقائبي الأربع والعشرين والمصممة باسمي"
عندها فقط ادركت ماهي فاعلة. وفجأت ادركت مادي جسامة ان يرى نيكولاس ده روجاس محصولها المزري. التفتت اليه تسأله " كيف دخلت الى هنا ؟ عليك ان تخرج حالاً من هذه الأرض . إنها املاك خاصة"
صدر عنه صوت متبرم وكتف ذراعيه , فانجذبت عينا مادي الى عضلاته المفتولة .
شعرت مادي بالغضب من نفسها بسبب ضعفها.
-
يا للفظاظة! لا سيما بعدما ذهبت بعيداً لأظهر لك حسن الضيافة ليلة امس. بيننا تاريخ يا مادي. المرة الأولى التي يحدث في عائلتي انفصال كان سببه علاقة امك و ابي الوضيعة , فضلاً عن علاقتنا التي كادت تأخذ مسار علاقتهما.
شعرت مادي بالسقم وتجنبت عينيه " حدث ذلك منذ زمن بعيد"
ورفعت ذقنها ولكن شيئاً في وجه نيك قسا فارتجفت مادي.
-
انت حقا لغز. أليس كذلك يا مادي فاسكيز؟ فأنا لا استطيع ان أرى ان من الممكن ان تكوني شخصاً مجتهداً, مجداً.
تجمدت مادي للحظة ومن ثم تذكرت محادثتها مع إدواردو احد اعماله , فقالت بمرارة " هل طلبت من موظيفك ان يخبروك عن محادثاتنا أم لعلك وضعت اجهزة تنصت لتتنصت علينا؟"
كان صوت مليئاً بالارتياب أكثر وهو يقول " انت تدعين انك حصلت على إجازة جامعية في الزراعة في الوقت الذي كنت فيه نشطة جداً اجتماعياً"
ردت مادي بغضب " إن نشاط حياتك الاجتماعية المحمومة لم يمنعك عن ان تصبح احد اهم منتجي المواد الغذائية في العالم"
ومضت عيناه " يبدو انك تتبعين اخباري"
تورد وجه مادي فغضت نظرها ولكنها ترفض ان يخيفها لذا عادت ترفع ذقنها وترد عليه " يمكنك ان تحقق من النتائج في جامعة بوردو إن كنت لا تصدقني "
-
من ياترى تكفل نفقات جامعتك؟ احد عشاقك أم لعلك قمت باعتماد طريقتك في الإغواء للحصول على المرتبة الأولى؟

نهاية الفصل



Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-01-17, 09:23 AM   #6

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

4- دعوة على العشاء

اهتزت اكتاف مادي من الغضب " هذا صحيح يا نيك , لقد اغويت جميع اساتذتي ليعطوني الدرجة الأولى. أنا على تلك الدرجة من البراعة في الفراش وهم على تلك الدرجة من الضعف"
امتقع لون نيك فلم يحدث قط ان استطاعت امرأة إغراءه او اجتذابه مثلها . المشكلة ان هذه الحقيقة اثارت غريزته. فإن كانت بالفعل قد نالت الدرجة الأولى من جامعة بوردو فهذا سيهدم كل آرائه بمادي فاسكيز .
سألها وهو يشعر بالانزعاج " أهكذا ذهب مالك كله ؟"
للحظة بدت عاجزة عن الاجابة ولم يلمها نيك على ذلك. ولكنها سرعان ما تمالكت نفسها وجاء صوتها مترفعاً " كنت اعمل في احد المزارع في بوردو وقد قام المالك بتقديم نفقات تعليمي"
تجنبت عينيه . فشعر نيك برغبة لرفع ذقنها ليستطيع رؤية عينيها ولكنه كان يخاف ان يلمسها . يخاف ان يفقد قدرته على ضبط نفسه كما حدث معه ليلة البارحة , فيطرحها ارضاً هناك تحت الشجرات الظليلة .
نظرت اليه وكانت عيناها الخضراوان تومضان " وقبل ان تسأل - لا لم أنم مع المالك ليتكفلني. لقد منحني منحة لأتعلم في جامعة بوردو بشرط ان اعلم موظيفه. هذا هو الأمر بكل بساطة"
-
انت محظوظة حقا!
قال ذلك ولكن رغبته فيها التي ماتزال تضرب بقوة في داخله , شتت تركيزه عماتفصح به . كان شعرها مجدولاً ولكن بعض الخصلات انسلت من مكانها وتساقطت على كتفيها وتعلقت بخديها الدافئتين . إنها اجمل من أي امرأة تعرف اليها منذ زمن بل إنها اجمل امرأة رآها في حياته كله . اعتصر شيء في صدره بألم.
الليلة الماضية عندما ضمها الى صدره, كان جزءاً كبيراً من استسلامه عائداً الى رغبته في ان يبرهن لنفسه شيئاً. لقد كان محتاجاً الى رؤيتها متضعضعة . وهذا ماحدث بالفعل, فقد ترنحت كالسكران بعدما قبلها . اماهو فاحتاج الى قدراته كلها على ضبط النفس حتى تمساك في الوقت الذي كان فيه رأسه ممزقاً الى ألف قطعة وكل مارغب فيه في تلك اللحظة هو ان يحملها الى فراشه كرجل الكهف.
شعر بالرضا يجتاحه لأنه علم انها ترغب فيه بالمقدار ذاته. ولكنه لم يكتف إذا اراد أكثر فأكثر . لقد اراد ان يكمل ما بدأه في ذاك الأسبوع قبل ثماني سنوات .
لماذا ينظر اليها مقيماً؟ لم يعجب مادي ذلك ابداً ولم يعجبها الطريقة التي يبدو فيها على ارضها مرتاحاً بالكامل.
عقدت ذراعيها على صدرها " اريد ان تغادر .. الآن , فلا اهلاً ولا مرحباً بك هنا "
ضاقت عيناه وكأنه تذكر شيئاً . وجاء صوته صارماً " اريد ان ارى تلك الأوراق . تلك التي قلت إنني وقعتها "
لم تتوقع مادي ذلك. فتحت فمها ثم اغلقته ولكنها علمت انه لا حق لها ان تمنعه كما ان ذلك سيبعده عن اراضيها الزراعية. قالت بصوت مترفع " حسنا . إنها في البيت"
ارتدت على عقبيها واتجهت الى المنزل مبتعدة عنه . اثناء سيرها في البساتين رأت هارنان الذي نظر اليها وعلى وجهه الانزعاج ولكنها اشارت اليه بأنها بخير.
رأت جيب نيك الزاهي مركونا قرب جيبها. فتح لها نيك باب جيبه فوقفت مترددة قليلاً ثم نزعت قبعتها وركبت معه.
ارسل نيك نظرة معبرة نحو جيبها وقال وهو يبدأ بالقيادة " ذاك الشيء وصفة للموت"
ابتسمت مادي بعذوبة " وهذا ماتتمناه لي"
ارسل اليها نظرة سوداء " لا اتمنى لك الموت . مادي اريدك ان تذهبي من هنا فقط والفرق كبير بين الامرين . كم بقيت في فرنسا؟"
ترددت مادي قبل ان تجيب لأنها لا تريد ان تكشف شيئاً عن حياتها له " ذهبت الى هناك عندما كنت الحادية والعشرين من عمري , بعدما قضيت سنة كاملة في لندن "
اشتد فم نيك " لعلني في ذاك الوقت رأيتك في ذاك النادي الليلي"
اجفلت مادي عندما فكرت في الاشمئزاز الذي بدا على وجهه في تلك الليلة عندما نظر اليها صعوداً ونزولاً قبل ان يرتد خارجاً وفي اعقابه مجموعة من الجميلات. تاقت الى إخباره بأنها كانت هناك فقط لأنها التقت ببعض اصدقائها من المدرسة وانهم اصروا عليها بالذهاب معهم للاحتفال بعيد ميلاد احد الاصدقاء.
لقد استأجروا لها ثيابها ولهذا السبب كانت مرتدية فستاناً لا يترك للمخيلة شيئاً. عليها الآن ان تسلم بأنها لم تكن محظوظة برؤية نيك وهي مرتدية ذاك الفستان الفاضح.
اكتفت بالرد على سؤاله بصوت مهزوم "نعم " ونظرت من النافذة الى الخارج مفتونة عليها نظرة نيك التي ارسلها اليها.
درس نيك جانب وجهها وشك في انها تخبئ شيئاً ولكن ما هو ؟ من الواضح انها شقت طريقاً صعباً مدة سنة في لندن ومن ثم انتقلت الى فرنسا للعمل في إحدى المزراع . ربما نفد منها المال واجبرت على ذاك القرار؟ لا يبدو ذلك منسجماً مع طبيعتها ولكن ربما قررت ان الجائزة الكبرى هي بالعودة الى منزل العائلة و إدارة اعماله.
ربما قلل من تقدير طموحها , فما زال يتذكر مدى حزنها عندما اخبرته انها لطالما رغبت في العمل في الأرض. ولكن إن كانت فعلاً قد نالت درجة جامعية فعليه ان يعترف انها شخص مختلف عما يعتقد.
مما لاشك فيه انها مازالت هنا, ولم تهرع الى الأعالي. لقد رآها قبل قليل تعمل بجد غير عابئة ان تتسخ من العمل في الأرض. عليه ان يعترف انه فوجئ بالوضع السيء الذي آلت اليه مزرعة فاسكيز , وقد لاحظ حول عيني مادي آثار التعب. التي لم يستطع حتى الماكياج بالأمس ان يخفيه. ولكن مالم يعجبه هو انه لاحظ تعبها فشعر بالرغبة في حمايتها.
إنهما الآن امام الفيلا , وهي في حالة يرثى لها مع انها مازالت تحتفظ بآثار مجدها القديم. الواقع ان الفرق بين مزرعته و مزرعتها قد اصبح كبيراً . ولكنه سارع بدفع عن قلبه شعوره ذاك في حماية مادي , ولم يشعر البتة بالنصر وهذا ما ادهشه , انتظر مادي ان تسير امامه لتدله على الطريق الى منزلها .
-
ماريا , هلا جلبت لنا بعض القهوة رجاءاً!
ارسلت مادي شكراً صامتاً لماريا التي كانت هنا للترحيب بهما. وهرعت الى المبطخ, فرغم كل الوضع المزري مازالت تقوم بعملها كمدبرة منزل. ولكن من الهام بالنسبة لمادي ألا تجعل نيك يرى سوء وضعها. فإن استطاعت المحافظة على الانطباع بأن وضعها طبيعي , لن يستطيع ان يكون كالطائر الذي يحوم حول فريسته بانتظار موتها .. الليلة الماضية ذهبت بعيداً في اكثر من طريقة.
توردت وجنتاها حالما تذكرت تلك القبلة , ولكنها حاولت طرد الذكرى واسرعت ترشد نيك الى مكتب والدها الخشبي وتناولت الرسائل بصمت ثم اعطته إياها , تترقب بفضول رد فعله. جاءت ماريا بالقهوة فسارعت مادي تقدمها . جلس نيك وفتح الأوراق يقرأها.
جلست مادي على الجهة الأخرى من المكتب الخشبي وعندئذ فقط لاحظت كم ترتجف ساقاها . بدا وجهه فاتراً ولكن عندما وصل الى الرسالة الأخيرة بدا الغضب على وجهه وبان اللون على خديه. تشنجت معدة مادي, فهي تشعر جيداً بمدى غضبه.
اخيراً نظر اليها :" هذا ليس توقيعي"
عبست مادي:" ولكن اسمك في الأسفل"
قبل ان تعرف ماذا يفعل اخذ قلماً و ورقة , وكتب اسمه بيده اليسرى ثم اعطاها الورقة :" إن توقيعي مميز لأني شخص عسراوي"
نظرت مادي الى توقيعه . إنه مختلف بالكامل ولكنه يشبهه . شعرت في اعماقها بأنها ليست بحاجة للتأكد إن كان يكذب. إنه شخص متكبر ولن يتردد ابداً بالقول لها إنه من ارسلها لو كان هو الفاعل , ولماذا يكذب؟ إنه يكرهها ويريدها ان تعود من حيث اتت.
نظرت اليه وهي تدفع عنها الحيرة " من أرسلها إذن ؟"
-
الرسائل الأولى من والدي ومحاميه . ولكن بعد وفاته , قام احدهم بتزوير توقيعي . اظنني اعرف من الفاعل ولكن عليّ ان اتأكد اولاً.
اومأت مادي برأسها .
تناول نيك فنجان القهوة وارتشفه كله برشفة واحدة " لقد اخذت مايكفي من وقتك"
ونهض واقفاً فوقفت هي ايضا . ولكن المؤسف انها لم تشعر بالراحة لأنه سيغادر.
شعرت مادي بالكدر حقا وشعرت أكثر بالضعف لأنها عرفت انه لم يرسل تلك الرسائل. مشت وراءه بحذر " هل هذا يعني ان الضغط عليّ من اجل البيع سيتوقف؟"
التفت نيك اليها عند الباب وابتسم لها وقد زالت عن وجهه أي إشارة الى الود . إنها ابتسامة باردة ذكرتها بمن تواجه . تراجعت خطوة الى الوراء.
-
لم يتغير شيء يا مادي فمازلت اريد ان ترحلي مع اني اعلم اننا لن نصل الى اتفاق بشأن فاسكيز. ولكن هناك طرقاً اخرى للإقناع عدا الرسائل , طرقاً أكثر إمتاعاً.
لعنت مادي ضعفها والطريقة التي انعقدت فيها معدتها عندما قال إمتاعاً :
-
قلتها لك مرة واعود واقولها ثانية . لن ابيعك ولو على جثتي يا دي روجاس , ولن اذهب الى أي مكان .
هز رأسه " واجهي الواقع يامادي , انك بحاجة الى معجزة لإنقاذ ارضك. وحتى لو اصلحت امرها فستحتاج الى سنوات لتعود الى طبيعتها , ولا اظن ان درجتك الجامعية قادرة حتى على إنقاد ارضك, فأرضك شبه بور وحتى الكهرباء مقطوعة عندك"
ابتسمت مادي مخفية رعبها من ان تكون قد كشفت له الكثير .
- بل لدينا كهرباء فقد استطعت تدبر بعض المال , وحلت المشكلة . رجاءاً اذا انهيت الغرض من مجيئك , فشكراً و ارجو ألا تضيع طريق الخروج.
شعرت مادي برضا عارم وهي تصفق الباب في وجهه ولم تلتقط انفاسها إلا بعدما سمعت صوت الجيب وهو يزمجر مبتعداً. وضعت رأسها على الباب.
في هذه اللحظة جاءت ماريا من المطبخ " نحن بحاجة للمزيد من الوقود لمولد الكهرباء. لقد نفذ الوقود من جديد"
كادت مادي تضحك لو لم تكن خائفة من الإجهاش بالبكاء, لقد كذبت عليه كذبة بيضاء عن الكهرباء حتى لا يرى نيكولاس دي روجاس مدى صعوبة وضعها . ولكن الواقع انها لم تفعل شيئاً لحل مشكلة الكهرباء. لقد سعت بدون فائدة والآن لم يعد امامها خيار إلا البحث عن مستثمر .
دفعت نفسها عن الباب. إنها تعرف بالتحديد ممن يمكنها طلب المساعدة . ارتعش جسمها عندما فكرت في طرائقه الأخرى للإقناع التي سيقدر من خلالها ان يظهر مدى جوعها اليه , وفي هذه الاثناء سيتنعم بالانتقام منها على رفضها إياه قبل ثماني سنوات وبسبب علاقة امها بوالده التي ادت الى بلبلة عائلية كبرى.
مهما كان قصده, مادي تعرف انها اذا سمحت لأي نوع من الحميمية بينهما ان تقع , فستكون له القدرة على تمزيقها وهي لن تسمح له بإشباع رغبته في الانتقام.
اشتدت يدا نيك على مقود الجيب وهو يقوده, لقد ابيضت عقد اصابعه من الضغط وعليه ان يسترخي فوراً. إنه لا يشك ابداً في ان مادي تكذب عليه بشأن الكهرباء وهو منزعج لأنه وضعها في الزواية بحيث اضطرت الى هذه الكذبة.
اللعنة! ضرب نيك يده على المقود .. ففيما كان يخرج من مكتب والدها شعر بفداحة مايفعله . فهو اول شخص من عائلته يدخل املاك فاسكيز وقد فعل ذلك, من غير تفكيره للتقدم خطوتين منها , لأنه اراد رؤيتها.
تلك الرغبة تجاوزت عذره الضعيف بإعادة حذائها بسؤالها عن درجتها الجامعية. فما إن رآها من جديد حتى عادت رغبته فيها بقوة , بحيث يستطيع ان يشعر بمذاقها في فمه. مازال يتذكر رائحتها ويشمها ويتحسس وجودها طوال تلك السنوت. علماً انه حريص على إبقاء فراشه مشغولاً في الوقت الحالي . والحقيقة انه حتى لو كان مغمض العينين فهو قادر على ان يشعر بها ولو كانت واقفة في صف طويل, رغم انه حتى الآن لم ينم معها بعد.
اللعنة! لعنها من جديد. فقد رأى عنادها في كل خطوط جسمها, وهو عرف ذلك لأنها مغروسة عميقاً في اعماقه ايضا. ورغبته العنيفة فيها تريد ان تفوز وتنتصر.
في طفولته كان نيك طفلا ًعليلاً. فأمه عانت من المضاعفات اثناء الولادة ولم تعد قادرة على الحمل ثانية. وابوه اخذ يشعر بالغضب شيئاً فشيئاً لأن كل املاكه ستبقى على عاتق طفل هزيل بالكاد يقدر على العيش وحتى عندما قوي جسم نيك ظل ابوه غير واثق من قدرته كلياً, حتى عندما حقق نيك نجاحاً مميزاً في عالم المنتجات الغذائية و اصبح رائداً فيها في عمر الثامنة والعشرين.
الآن يعرف نيك ان لا علاقة لمرضه بإفراط امه في حمايته . حاول وهو صغير ان يتغلب على حساسية الربو عبر العزم والإرادة ورغبته في ان يرى والده بدون تلك النظرة المخيفة المليئة بخيبة الأمل.
ما إن اصبح في الثانية عشرة من العمر حتى اصبح اطول من جميع الأولاد في صفه. الربو اختفى وبنيته باتت اقوى من بنية حصان. والطبيب الذي كان يعاينه دائماً قال :" لم أشهد شيئاً كهذا في حياتي"
عرف نيك انها كانت معجزة, ولكنه كان عازماً بقوة على النجاح . لم يعرف كم كافح ليصبح قوياً ويفوز على مرضه , حتى ذاك اليوم الذي أسرّ فيه لمادي عن معاناته في طفولته. لقد انسلت الكلمات من فمه قبل ان يدرك ذلك حتى, ومايزال حتى الآن يتذكر عينيها الخضراوين الصافيتين وهما تمتلئان بالتعاطف والشفقة مسببة له ألماً في قلبه.
اشتدت يداه على المقود من جديد. والغضب الحار جرى في شرايينه بسبب البساطة التي كان عليها يوماً . فقد انخدع بذاك الوجه الجميل وذاك الجسد الغض. هل تلك الرغبة في ان يكون على صلة وتقارب مع احدهم هو ماسحره؟
بسبب ماحدث, لم يعد يترك أي امرأة تقترب من مشاعره من جديد وفي اللحظة التي تظهر أي عشيقة له رغبة في اكتشاف خباياه يقطع علاقته معها.
والحقيقة ان لا علاقة لاعترافه لمادي بأنه يريدها ان ترحل الى الأبد بمحاولة التخلص من هوسه بها . كانت مشكلة وهو عارف ذلك. يريدها ولكنه يعرف ان عليه ان يقاوم رغبته هذه من اجل سلامة عقله. ولكن العكس هو الصحيح إذ يعرف ان الطريقة الوحيدة ليستيعد رشده هي ان يأخذها بين ذراعيه ويغرق معها لتحرير هذه الرغبة المشتعلة .
في الوقت الذي وصل فيه الى منزله كان ساخطاً جداً. قرر فوراً الاتصال بمحاميه السابق ليسأله عن الرسائل, وغضبه عائد الى ان احدهم فعل مافعل باسمه.
بعد يومين , كانت مادي مرهقة جداً إذ كانت تشعر , وهي عائدة الى منزلها مع ما اشترته من بقالة , بأنها تقاتل في معركة خاسرة , فالوقود نفذ.
فكرت لبرهة مدى سهولة ان تستسلم .. تتصل لنيك لتقول له : حسنا , لقد فزت . فعندئذ ستحصل على المال الكافي من بيع مرزعتها ليبقى هارنان وماريا يعيشان في راحة ماتبقى من ايام عمرهما.
رأت مادي ملامح مزرعتها عن بعد فغصت, فمع ان والدها منعها عن العمل في الحقول , إلا انها تحبها. وحتى وهي صغيرة كانت مسحورة بها . مازالت تذكر كيف كان اخيها يضعها على كتفيه لتطال عرائش العنب.
غنى دمها بها, وشعرت بأنها موصولة بهذه الأرض ومواسمها . وطوال تلك السنوات التي بقيت فيها بعيدة ظلت ذكرى اخيها في ذاكرتها . والآن هاقد عادت من جديد ولن تسمح لنيكولاس دي روجاس بأن يجعلها ترحل من جديد رغبة منه في توسيع امبراطوريته.
ولكنها تواجه معركة صعبة. قبل قليل وهي موجودة في فيلاروزا ذهبت الى المصرف وقضت فيه نصف ساعة تستمع الى المدير وهو يشرح لها كم من الصعب عليه ان يعطيها قرضاً حالياً.
لقد كان المصرف آخر خيار لها. ففي الأيام القليلة الماضية قصدت عدة تجار في المنطقة وكل واحد منهم اخبرها بأنه لا يهمه ان يستثمر ارضها. وكان احدهم صادقاً معها إذ قال لها بصراحة " لكن بكل بساطة لا نقدر على الوقوف بوجه ده روجاس, فلو وجدنا نستثمر ارضك فسيعلنها حرباً. إنه ناجح جداً ولا نقوى على الانجرار الى ثأركما"
إذن , حتى بدون ان يرفع إصبعاً , هي ملعونة الى الأبد بسبب ارتباطها السام بده روجاس.
عندما كادت تصل الى البيت رأت جيبه الزاهي ورأته واقفاً امام الجيب عاقد الذراعين. غلى الدم في عروقها , وترجلت من السيارة حاملة الأغراض التي اشترتها.
تقدم ليساعدها ولكنها تمسكت بالأغراض أكثر" ألم أقل لك إني لا ارحب بك هنا؟"
كانت لديه الجرأة على الابتسام" هل انت دائماً لاذعة اللسان عند المساء ؟ لعلك امرأة تحب الصباح؟ علي ان اتذكر هذا في المستقبل"
شعرت به مادي يلحق لها . وضعت اغراضها على اقرب طاولة والتفتت اليه واضعة يديها على ردفيها . وكان الادرينالين قد ذهب بتعبها الذي شعرت به وهي قادمة .
-
ده روجاس لا مرحباً ولا اهلاً بك هنا. والواقع اني سمعت اسمك في الايام القليلة الماضية ما يكفيني العمر كله.
رغبت مادي في دفعه جسدياً ولكنها تخاف ان تلمسه . تخاف كثيراً من رد فعلها الذي اشعرها بتذبذب في داخلها. إن حاجتها النهمة اليه تجعلها تتمنى لو تضمه وتعانقه.
اليوم كان يرتدي بطريقة رسمية , وكل إنش في جسمه بدا مسترخياً . وهي ايضا ارتدت ملابس رسمية ايضا بسبب مقابلة المصرف, لا بل صرفت القليل من المال لشراء ملابس مناسبة بعد نقد نيك ذاك لملابسها.
وكأنه قرأ افكارها , إذ راحت عيناه تجولان على تنورتها الضيقة وبلوزتها الأنيقة . ومن ثم تابعت عيناه الزرقاوان تجوالهما صعوداً الى شعرها الذي عقدته الى رأسها.
-
احببت المظهر الرسمي . محتشم جداً.
شعرت مادي بأن يدها تحكها. فهي لا تشعر بالاحتشام بل تشعر بالحرارة في كل جسمها.
وقبل ان تستطيع الرد قال " من الواضح انك كنت تسعين الى ايجاد مستثمر. ومزاجك المتعكر يشير الى انك لم تكوني محظوظة"

اطلقت مادي في نفسها لعنه وردت بهدوء لا تشعر به " ليس مفاجئاً ألا يرغب التجار في المنطقة في إزعاج أكثر الجيران نجاحاً. كيف تشعر وانت ترى انك رئيس المافيا في المنطقة؟ هل تشعر بالقوة لأنهم لا يجرؤون على مجرد الاستثمار ؟ إن ذلك لن يؤدي الى منافسة عادلة . من السهل النجاح حين لا يكون هناك منافس ابداً "
احمر وجهه لقولها هذا " لو كان والدك حياً لأخبرك . عائلتك كانت اول من أباد و ألغى هذه المنافسة من أجل الحصول على كل شيء, وإذا قمت بتحرياتك فستعرفين ان بعض تجار المنطقة قد تحسن حالهم منذ ان خبت سطوة عائلتكم على المزراعين. وأنا في الواقع قمت بالاستثمار مع بعضهم"
تورد وجه مادي, فهاهو مجدداً يقول عكس ماكانت تتوقعه . إنها تكره الطريقة التي يحشرها فيها في الزواية .
اكمل قائلاً ببرود " جئت اخبرك ان محامي ابي هو الذي كان يرسل الرسائل , إذ كان صديقاً مقرباً من أبي وعند وفاة والدتي تعهد له بمتابعة حملته في ضرب مصالحكم حتى يضطر والدك للبيع, واظنه كان واقعاً في حب امي منذ زمن بعيد. وحينما انتحرت اضمر في نفسه الثأر لها من ابيك بسبب قيامه بإخبارها عن علاقة امك بوالدي"
جلست مادي على كرسي وراءها , وخيبة الأمل تملأ قلبها. اما آن لهذه الفوضى ان تتوقف عن إرسال سمومها الى علاقتهما في المستقبل؟
-
اشكرك على إخباري بهذا.
ونظرت اليه فرأت شيئاً من التأثر على وجهه ولكنه سرعان مازال.
-
قمت ايضا بدفع فواتيرك الكهربائية القادمة.
علا الغضب وجه مادي " ماذا فعلت ؟ قت لك إن الأمور بخير"
اقترب نيك من اول قابس للكهرباء وكبس زراً, فلم يحدث شيء .
-
عرفت انك تكذبين. وانا افعل ما أفعل لأنها مسألة ترتبط بالأمان والصحة. لا يمكنني الوقوف مكتوف اليدين واترك مجالاً لوقوع حادثة ما مؤذية فيما انا قادر على تجنب أي كارثة. ستعود الكهرباء في أي وقت الآن.
كانت غاضبة جداً ولكنها لم تستطع فعل شيء لأن هارنان كان ماراً بهما يقصد الخروج لإعادة تشغيل المولد الكهربائي وكاد يتعثر بسبب الظلام وهذا مايهدده بالوقوع والاصابة بكسر او ماشابه. كيف لها ان تعرض العاملين عندها لأي أذى برفضها ؟ ولكن كيف لها ايضا ان تقبل؟
انقبض صوت مادي من الشعور بالعجز " ماذا تريد مني؟"
اقترب نيك الى حيث كانت واقفة فبذلت جهدها لئلا يرى مدى ارتجاف جسمها. كانت عيناه تقيمانها وكادت تسمع دماغه وهو يدور .
اشتد فكه ومن ثم قال بصوت قاس " تعشي معي الليلة , في منزلي"
ابتلعت مادي ريقها بصعوبة وقاومت رغبتها في الهرب. تمنت لو تستطيع الرفض ولكنه وضعها في الزواية ولم يترك لها مجالاً للمناورة . إن سلامة موظيفها اهم بكثير من أي شيء آخر.
اخيراً قالت بفظاظة " حسنا "
بعدما تذبذب الجو بينهما للحظة بالتوتر والوعي ببعضهما , ارتد نيك على عقبيه مغادراً. شعرت مادي بأنها خرقة بالية, فتهاوت على المقعد خلفها وعقلها مخضوض ألماً.
لقد سحب البساط من تحتها بكرمه هذا . لذا هو عبر دعوتها الى العشاء, يطمس الحدود ويعزز حقيقة انه يشكل بالنسبة لها تهديداً على اكثر من مستوى غير المستوى المهني.
لعلها خطة نيك, ان يحطم كل الاماكن حتى يجعلها حيث يريد. ارتجف جسم مادي لمجرد التفكير في نيك وهو يضعها على السرير ويتمدد قربها . ولكنها الليلة ستخبره بكل الطرق بأنها سترفض اي حركة من هذه الحركات وستتعهد له بتسديد كل مادفعه على الكهرباء .
وتأكيداً لفكرتها أضيء المنزل فجأة طارداً عنه الظلمة وفي هذه اللحظة هرعت ماريا وضمت مادي وقالت بصوت ملؤه العاطفة " كنت اعرف ان كل شيء سيكون على مايرام"
***
-
مساء الخير سنيوريتا فاسكيز . تفضلي رجاءاً.
ابتلعت مادي اعصابها وخطت عتبة الباب. كانت الإضاءة الخفيفة ترسل توهجاً ذهبياً في ارجاء المنزل اول مرة . حاولت ان تقوي نفسها ضده ولكن ذلك صعب.
تبعت جيرالدو من الباحة الفارغة إلى حيث النافورة و احواض الورود المزرعة في كل الارجاء , ووصلت الى غرفة الجلوس الأساسية . وهناك قال لها " سيكون السينيور معك بعد قليل.إنه مشغول باتصال هاتفي , هل تريدين شراباً ما؟"
ردت مادي " ماء لو سمحت "
قدم لها جيرالدو الماء ثم اعتذر منها طالباً منها ان تتصرف على حريتها. التقطت مادي نظرة لنفسها في المرآة المقابلة وراحت تمسد تنورتها. إنها مرتدية ذات التنورة التي ارتدتها من قبل ولكن مع بلوزة حريرية رمادية غامقة هي لحسن الحظ لها . كانت البلوزة الواسعة مرتخية الى جهة واحدة من كتفها فسوتها جيداً فآخر ماتريده هو ان يظن نيك انها تريد إغواءه.
اقتربت من حائط مليء بإطارات الصور. وراحت تتأمل أفراد عائلة روجاس.
-
عذرا على التأخير.
اشتدت قبضة مادي على كوب الماء قبل ان تلتفت اليه . كان نيك واقفاً في الباب مرتدياً بنطالاً اسود وتيشرت زرقاء شاحبة مفتوحة عند العنق. شعره الأسود يلمع تحت اضواء الغرفة وتلك العينان الزرقاوان تخطفان انفاسها.

شعرت مادي فجأة بالخجل وهذا ماجعلها ضعيفة. في السنوات الماضية , كان على عودها ان يقسو حتى تستطيع البقاء والعيش لذا لم تحب ابداً هذا الضعف الذي يبعثه فيها نيك بدون أي جهد.
-
لا بأس ! لم انتظر طويلاً.
اقترب منها ووقف قربها امام الصور. اومأ برأسه وكان على مادي ان تنزع عينيها عنه بقوة " هؤلاء افراد العائلة وصولاً الى القرن التاسع عشر قبل ان يتركوا ايطاليا ويأتون الى هنا"
وجدت مادي نفسها تضحك قليلاً" لدينا جميعنا جدران كهذه . لطالما تساءلت لماذا يبدو اسلافي عنيفين في الصور؟"
-
كانت ايامهم عصيبة وكان عليهم ان يكافحوا ليعيشوا .
تعلقت نظرتها بنيك فالطريقة التي قال بها جملته وصلت الى اعماقها . في تلك اللحظة تذكرت كم كان مريضاً وهو صغير وكم كافح حتى تغلب على ضعف جسده, إنه الآن كامل الرجولة , حيوي جداً بحيث لا يكاد المرء يصدق.
عندئذ خطا نيك الى الوراء فزال سحر تلك اللحظة. مد يده يدلها على الطريق " دعيني ارشدك الى غرفة الطعام"
تقدمته مادي متوترة . ولعنته لأنه يذكرها بأشياء ولأنه يتصرف بهذه الشهامة . من السهل التعامل مع نيك عندما تكون حدود المعركة واضحة .
سحب نيك كرسيها وانتظر حتى جلست قبل ان يجلس في الجهة المقابلة لها . إنها مائدة حميمة , عليها شموع . تزيد من سحر الجلسة.
-
هذا قابل لفتح الشهية.
رفعت مادي بصرها وقاومت رغبتها في تصليح بلوزتها لتسمح لبعض الهواء بالوصول الى بشرتها , فقد اصبحت فجأة تغلي.
إنه يلقي عليها تعويذة سحرية حسية وتكره ان تعترف بذلك ولكنها فضولية لمعرفة ماذا اختار لها من شراب.
-
رجاءاً لا تسكب لي إلا القليل .
أحنى رأسه وسكب لها بعض الشراب . رفعت مادي الكأس وتذوقته ولكنها سرعان ماشمته وتنفست بعمق . شحب وجهها كثيراً وكان نيك يراقبها بحذر. لم تتذوق مادي الشراب ثانية ووضعت الكأس على الطاولة بيد مرتجفة . نظرت اليه والمشاعر تندفع الى جسمها "أهذه مزحة ؟"

نهاية الفصل


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-01-17, 09:30 AM   #7

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-01-17, 09:32 AM   #8

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

6- من ينقدها من حماقتها؟

ردت مادي مستهزئة " آه, رجاءاً .. يبدو انك فقط لا تتحمل فكرة ان يرى احدهم قدرات املاكي ويرغب في استثمارها "
ومضت عينا نيك" اظنه يريد ان يستثمر , إنما ليس بالضرورة في ارضك , اين ستلتقين به؟"
احمر وجه مادي ولكنها رفضت ان تجيبه وحاولت تجاوزه ولكنه امسك ذراعها بقبضة كبيرة . فصرّت مادي اسنانها بسبب ردة فعل جسمها الفورية تجاهه.
كان مرتاباً وهو يقول " لا تقولي إنك ستلتقيه في غرفته .. انت لا تملكين شيئاً من الخبرة للتعامل مع شخص مثله . سيأخذك لحماً ويرميك عظماً"
كان رد فعلها عميقاً , فهو لا يعرف كم هي خبرتها معدومة جسدياً وحياتياً في اوضاع كهذه , كل ذرة من كبريائها كانت تطالبها بأن تظهر له الثقة بالنفس. فنظرت الى نيك وقذفت شعرها الى الوراء واملت ان تنظر اليه باستعلاء بنفس طريقة مورالز.



- هل تعتقد حقا اني لم اقابل في حياتي رجالاً مثل مورالز ؟ اعرف نوعه . إنه يريد اللعب بطريقة ما.
ومض وجه نيك وسحب يده عن ذراعها فوراً وكأنها سمّ. فشعرت مادي فوراً بالحرمان.
بد مشمئزاً منها " اعذريني لأني فكرت للحظة انك معرضة لمواجهة وضع لا تملكين ادوات مواجهته. إذا كان هذا هو شكل الاستثمار الذي تريدينه وانت راغبة في القيام بما يتطلبه ذلك, فعذراً لأنني حقا أسأت تقديرك وتقدير طموحك"
خطا نيك خطوة الى الوراء ومشى مبتعداً, تاركاً مادي تشعر بالضعف وعدم الامان . ماذا كان نيك يقصد عندما قال إنه لا يثق بمورالز؟ تذكرت ابتسامة مورالز الايحائية فارتجفت ولكنها سارعت تقول لنفسها إنه إذا اقترب منها فستغادر فوراً.
لم يعجب مادي الشعور بالخجل الذي جعلها تشعر به امام نيك الآن او الشعور بأنه مهتم بسلامتها .ولكن مادي لم تعتد ان يقاتل احد نيابة عنها عندما تخوض معاركها. لقد كان اخوها الشخص الوحيد الذي ساندها ولكنه مات منذ زمن بعيد .
عندما ادركت اخيراً انها تقف وحدها في غرفة فارغة , علمت ان عليها ان تتحرك . نظرت الى ساعتها ولعنت بصمت, فقد حان موعدها مع مورالز. طردت مادي عنها الخوف واسرعت الى المصاعد.
كان نيك واقفاً في احد مقاصف الفندق مع بعض معارفه عندما لمح بطرف عينيه بريقاً اخضر. نظر فرأى مادي تتوارى في المصعد . انقبضت معدة نيك بقوة وكاد يغشى بصره. لا يكاد يصدق انها قد تذهب بعيداً الى هذا الحد. إنه يسيء تقديرها , يسيء تقدير جشعها وطموحها للنجاح مهما كانت الكلفة .
وضع كوب شرابه واعتذر من الموجودين. فقد ادرك متأخراً, بعدما لم تعد واقفة امامه وبعد القليل من التفكير , بأن تبجحها كان هشاً , ضعيفاً.
حصل بسرعة على رقم غرفة مورالز وخطا خطوات واسعة باتجاه المصعد وكبس الزر . ولكن شيئاً ما أوقفه . لعله أساء فهم الطريقة التي قبلته بها بتلك الحرارة المستعرة؟ لعلها غيرت طريقتها بحسب الرجل وتعطي كل واحد منهم ماتظن انه يناسبه؟ أكانت تلعب به عندما قبلته بالطريقة التي كانت تظن انها ستؤثر فيه كثيراً , مذكرة إياه بردود فعله الغبية في ذاك اليوم في البستان؟
انفتح باب المصعد وكان يشعر بأنه ممزق , لا يستطيع التحرك , أيريد حقا الذهاب وراء مادي وعري نفسه ثانية؟ هاهو يرى وجهها المبتسم عندما فتح مورالز لها الباب. ما الذي سيقوله عندما سيصل الى الغرفة؟
-
نيك ها أنت هنا. كنت ابحث عنك في كل مكان . عليك ان تأتي معي لأعرفك الى لويس . إنه بانتظارك .
اخفض نيك نظره الى قريبته التي كانت تمسك بذراعه وشعر بأنه دائخ. فجأة ادرك ما هو مقدم عليه ولعن حيرته غير المعهودة . إنه لا يشعر بشيء تجاه مادي عدا سوء الظن وعدم التعاطف , وبالطبع برغبة ملحة مزعجة. استيلا هي شخص يحبه بدون قيد او شرط وهي الأهم بالنسبة اليه.



ابتسم لها وقال " هيا دليني على الطريق"
محى نيك كل الأفكار المتعلقة بتلك المرأة الساحرة قائلاً لنفسه بأن مادي قادرة على تدبر امرها.
تجاهل صوت المصعد الملعون وهو ينغلق من جديد.
***
كانت مادي عالقة في كابوس , فقد اغلقت باب الحمام عليها في جناح مورالز وكان جسمها يرتجف. لا تدري كم من الوقت قد مضى , ولكنه ولله الحمد توقف منذ دقائق عن الطرق على الباب منادياً باسمها.
وقفت بحذر واقتربت من المغسلة. وحينها نظرت الى المرآة . كانت عيناها واسعتين من الصدمة وشعرها في فوضى كاملة وثوبها مشقوقاً عند العنق والدم يسيل من شفتها المشقوقة . ماتزال حتى الآن مصدومة وهي لا تكاد تصدق ما حدث معها.
كانت اول إشارة الى ان هناك خطباً ما هو سكره. فقد بدا سكراناً هنا اكثر مما بدا تحت. في البداية بدا لطيفاً ومهتماً , وحاول ان ينزع سلاحها وجعلها تشعر بأنها تبالغ بردة فعلها. وكان ان حاولت ان تتجاهل واقع ان كلماته تأتي غير واضحة وانه لا يكاد يقدر على الوقوف على قدميه.
في البداية اخذ يحدثها عن المزرعة ولكنه ما لبث ان اقترب منها واضعاً يده على أعلى فخذها. شعرت بالرعب وارتدت الى الوراء بسرعة محاولة التملص من يده . وفجأة كل شيء تغير في لحظة , وتحول الى وحش.
واثناء مقاومتها إياه , شق ثوبها وصفعها على وجهها. ولكن مادي استطاعت بطريقة ما ان تدفعه عنها وتهرب الى المكان الوحيد الذي وجدته مهرباً لها . راح مورالز يصرخ ببذاءة فارتعبت خائفة من ان يقدر على خلع الباب. اما الآن وبعد دقائق طويلة جدا, فقد عم الهدوء . واقتربت من الباب بهدوء كبير وفتحته خائفة من ان يفتحه في وجهها.
رأت مورالز متمدداً على الاريكة غارقاً في النوم. كادت تصرخ من شدة شعورها بالارتياح , واسرعت بحذر شديد تتحرك باتجاه باب الغرفة . كانت يداها من الارتجاف بحيث كادت لا تقوى على فتح الباب ولكن ما إن انفتح معها اخيراً حتى هرعت خارجة الى الرواق . وعندئذ ادركت ان حذاءها قد سقط من قدميها اثناء مقاومتها إياه ولكن مستحيل ان تعود الى الداخل.
اجبرت نفسها على التقدم متوجهة الى المصعد.
***
دار نيك حول الرواق عائداً من غرفة استيلا بعدما اوصلها الى باب الغرفة , ولكنه وقف في ارضه كالصنم حالما رأى وجهاً مألوفاً يمشي باتجاهه. شعر وكأن شيئاً ينغرز في قلبه. فهو يعرف انه الطابق الذي توجد فيه غرفة مورالز ولم يعجبه ان يعترف بأنه قرر ان يوصل استيلا الى غرفتها ليجد حجة حتى يأتي الى هنا. هل كان حقا يرغب في ان يلتقيها صدفة؟ حسنا , إن رغبته الدفينة تتجلى الآن امامه.



تدفق الغضب في داخله وكأنه حمم بركانية مشتعلة واشتعل في قلبه شيء أقوى من ذلك بكثير , إنها الغيرة , وهذا شعور غريب لأنه لم يحدث قط ان شعر بالغيرة على امرأة.
في تلك اللحظة رفعت نظرها اليه ورأته. توقفت في ارضها كغزال سلطت الأضواء على عينيه فغشى بصره. سمع نيك صوتا يشبه النحيب يخرج من حنجرتها ولكنها ارتدت على عقبيها وعادت من حيث كانت قادمة , مبتعدة عنه .
كل ماكان يراه الآن هو شعرها المشعث غير انه سرعان مالاحظ انها تمشي حافية . تصاعد الغضب الأبيض في داخله , فرؤيتها حافية القدمين جعلها تبدو ضعيفة جداً. احس بالمرارة في فمه وقبل ان يعرف ماذا يفعل , وجد نفسه يلحق بها تسيرّه كل شياطين الغضب.
عندما اصبح على مقربة منها ليمسكها , توقف وقال وصوته يرشح سماً" حسناً . هل اعطيت مورالز كل ما يريده او جعلته يتذوق القليل لئلا يفقد اهتمامه بك؟"
القرف وشيء آخر هو الإحباط طعنا نيك في مكان ضعيف جداً.
توقفت مادي ايضا وكانت كتفاها مشدودتين ولكنها لم تلتفت اليه" اتركني في حالي فقط"
بدا صوتها أبح وفجاً وهذا مازاده غضباً, فما زالت تلعب على عواطفه . امتدت يده الى كتفها وادارها اليه ولكنه عندما رأى وجهها انقلبت معدته رأساً على عقب.
وبشكل غريزي وضع يده على كتفها الأخرى " مادي, يا إلهي ! هل مورالز من فعل هذا؟"
حاولت مادي ان تشيح بوجهها او ان تخفضه ولكن نيك رفع ذقنها ليفحص وجهها. راح يلعن و يشتم فهزت ذقنها لتحرره من يده وانسحبت الى الوراء.
-
ماذا يا نيك؟ هل ستقول لي ألم احذرك ؟ نعم لقد حذرتني وقلت إنك لا تثق به.
كانت مادي تكافح لتبقى قوية, فهي لا تتحمل رؤيته شاهداً على مذلتها الرهيبة. فلم يحدث قط ان شعرت بمثل هذا الضعف وهذه الهشاشة , وهي تكره الرعب الذي جعلها ترغب في التعليق بقوته الصلبة . نظرت الى الأسفل وفجأة اخذت الدموع تخزها.
بدا صوته مليئاً بالعذاب وهو يقول " عندما قلت إنني لا اثق به, كان ذلك حدساً, فلم احبه قط او احب طريقته في العمل ولكن لم يخطر ببالي قط انه قادر على العنف"
شعرت مادي بالمرارة في فمها " يبدو ان حدسك صائب"
ثم سأل " متى حدث ذلك؟ قبل؟ بعد .."
نظرت مادي اليه بخوف كبير ناسية دموعها , إنه يظن انها نامت معه؟ يا لرأيه الوضيع فيها! وشعرت بأنها ستقع مريضة . ولكن من يمكن ان تلوم غير نفسها بعدما صورت لنيك بأنها ذات خبرة مع الرجال؟



فجأة تخلت رغبتها في المقاومة عنها والصدمة التي خدرتها اختفت وزالت , ولكن الرجفة الرهيبة لم تختف بل تكثفت في كل ذرة من جسدها.
-
لم أنم معه, لم تكن ابداً تلك نيتي .. لا يمكنني ان افعل ذلك مع رجل كهذا.. للحصول .. على شيء , سمّني ساذجة او سمني أي اسم آخر ولكنني ذهبت الى غرفته وكلي اعتقاد بأننا ستناقش فقط.
اخذت مادي نفساً مرتجفاً وتجنبت عيني نيك ثانية " ولكنه فجأة انقض عليّ ولم استطع الحراك او التنفس , رأيته يشرب ولكني لم أعلم كم شرب. مزق ثوبي ومن ثم صفعني ..."
وما ارعبها اكثر انها راحت تشهق مجهشة بالبكاء عاجزة عن التوقف. شعرت بالبرد .. ولكن فجأة غمرها الدفء,. واحست بأنها تسحب الى ذراعين قويتين , واحاطت بها رائحة رجولته واخيراً شعرت بالأمان لا يصدق.
كان جسمها ضعيفاً بشكل لا يصدق بين ذراعي نيك, فجسمها النحيل كان يرتجف بعنف, وغريزته بالحماية تغلبت عليه, وهو يريد يائساً ان يصدقها.
ان يراها مسحوقة هكذا أصعب عليه من ان يراها منتصرة مزهوة. لا احد يمكنه ان يزيف هذا الرعب الذي يشعر به في جسمها. وفي هذه اللحظة جاءته الذكريات الحمراء. فوالده اعتاد ان يضرب امه كلما اغضبته وهو يكره العنف ضد النساء مهما كان السبب. أخافه الغضب الذي يشعر به تجاه مورالز بسبب قوته وشدته.
ولكنه وجد ان من الصعب عليه ان يصدق انها لم تكن مدركة الى اين كانت ذاهبة بتوجهها الى غرفته . كيف يمكن ان تكون على هذه الدرجة من السذاجة؟
في اعماقه شعر بالخجل من نفسه وبالذنب لأنه سمح لها بزج نفسها في هذا الوضع , ولأنه سمح لكبريائه بأن يمنعه عن تتبع ماكانت غريزته تمليه عليه, بأن يلحق بها. إن هذه المرأة تحيره وتشوش افكاره بحيث يفضل ان تتعرض للخطر على ان يواجهها , إنه حقاً شخص مثير للشفقة.
ظل نيك ممسكاً بها حتى بدأت شهقاتها تخف. كانت يداه تتحركان على ظهرها صعوداً ونزولاً محاولاً تهدئتها .
فجأة شعر بأنه سبق ان واجه موقفاً كهذا في وقت آخر و زمن آخر. عندما امسك هذه المرأة بين ذراعيه بعدما رآها وقتذاك تبكي. توتر بسبب الألم الحتمي الذي سيرافق تلك الذكريات ولكن للمرة الأولى لم يشعر بذاك الألم.
توقفت عن البكاء والنشيج ولكنها بقيت كالفأرة بين ذراعيه . إنه يشعر بأنفاسها دافئة على قميصه , فجأة ذاب الشعور بالحماية لتحل محله الرغبة . كان جسدها ذائباً فيه وكأنه صنع من اجله فقط, فكل جزء منه تناسب مع كل جزء في جسمه .
حاول ان يصبر ولكن جسده لم يستطع التوقف عن الاستجابة الى قربها منه ناهيك عن الطريقة التي يشعر بها بجسمها ينسحق على صدره.
عندما شعر بأن مادي تتوتر وتتململ بين ذراعيه , خفف من قبضته عليها.



ادركت مادي انها وقعت بين ذراعي نيك كبطة ذابلة فشعرت بالحرج. حاولت ان تنسحب من بين ذراعيه قصداً, وتركزت عيناها الواسعتان على مكان في صدره" هناك دم على قميصك"
الامر المخزي الآن ان لمسته توقفت عن ان تكون داعمة لتصبح مثيرة لمشاعرها والدم اندفع في هذه اللحظات في شرايينها بشكل يائس شوقاً الى المزيد.
لم يدعها تذهب بالكامل , فيداه وضعهما على كتفيها ونظرته راحت تبحث عن نظرتها " إلى اين تظنين انك ستذهبين؟"
التقت نظرتها بنظرته قسراً خائفة من ان يرى شيئاً من رغبتها المخزية في عينيها . إنها تشعر بأن مشاعرها عارية مكشوفة " ينبغي ان اذهب الى فندقي . اريد ان استحم , فأنا اشعر اني قذرة "
عندما تحركت لتحرر من قبضته , تركها نيك ولكن ما ارعبها ان ساقيها كانتا من الضعف بحيث لم تستطع الحراك. وكأنها من دون لمسته لن تقوى على الوقوف.
التقطها نيك بين ذراعيه بسرعة فدار رأسها وقال بتجهم " لا, لن تذهبي الى أي مكان , بل ستأتين معي"
حاولت مادي الاعتراض فوجودها بين ذراعي نيك بهذا الشكل يجعلها عاجزة وهي الآن ليس لديها القدرة على المقاومة .
كانت شاعرة به وهو يمسك بيدها ويأخذها الى المصعد الذي صعد الى الطابق العلوي ومن ثم انفتح باب المصعد الى غرفة مضاءة إضاءة خافتة , تطل على سحر ليل بوينس ايرس.
وضعها بلطف على الأريكة وقال " هل ستكونين بخير لو تركتك دقيقة؟"
هزت مادي رأسها شاعرة بالذنب فالدقيقة التي حضنها فيها نيك جعلتها تشعر بأنها افضل بألف مرة. رفع هامته ورأته يلتقط هاتفاً بيد وباليد الأخرى يحل ربطة عنقه , ومن ثم فك الزر العلوي في قميصه فجف ريق مادي.
إنه يتكلم بصوت خفيض" ارسل الى ادوات الأسعاف الأولي . نعم شكراً"
وضع الهاتف من يده واختفى في الحمام , ثم سمعت صوت المياه الجارية ومالبث ان خرج نيك" هل تقدرين على الاستحمام الآن؟"
ماتزال بشرة مادي مخدرة , هزت رأسها إيجاباً فسارع نيك يساعدها على النهوض عن الأريكة .
-
في الحمام روب للاستحمام. وعندما ستخرجين ستكون بعض ادوات الإسعافات الأولية هنا إذ علي ان أعالج شفتك اولاً.
دخلت مادي الى حمام عابق بالبخار . اقفلت الباب وراءها ووقفت للحظات طويلة مستندة اليه. وعندما جعلها البخار تشعر بالدوار, بدأت تخلع عنها ملابسها وتوجهت الى الدوش, تاركة الماء الدافئ ينزل على جسمها بحرية قبل ان تبدأ بتنظيفه بالصابون وغسله جيداً. اخيراً وبعدما شعرت بأنها باتت نظيفة , خرجت من تحت الدوش.






جففت جسمها وفركت شعرها ومن ثم تركته ينزل بكثافة على ظهرها , بعد ذلك ارتدت الروب وعقدته جيداً على خصرها وفتحت الباب فإذا بنيك امامها مجدداً.
كان واقفاً هناك وظهره لها , ينظر من النوافذ الضخمة . راح قلبها يخفق بين جنبيها وهي تراه يلتفت اليها . كان حاملاً كأساً في يده ولكنه اسرع يضعه على المنضدة وتوجه اليها .
-
دعيني أرى شفتك!
وضعت مادي يدها على شفتها فانكمشت ألماً وشعرت بها منتفخة جداً. اقترب نيك واخذ ذقنها بين اصابعه موجهاً إياه ناحية الضوء, فحبست مادي انفاسها . إن قربه منها يجعلها تشعر بأن كل اعصابها تخزها ولكنها لم تقل شيئاً , وكانت تشعر بالضياع وهي ترى هذا الجانب منه. تناول قطنة ومطهراً وقال " سيحرقك قليلاً"
وضع القطنة على شفتها فدمعت عيناها ولكنها لم تقل شيئاً.
-
على الأقل انقطع الدم . غداً سيزول كل شيء.
ابتسمت مادي وقالت مازحة" يبدو انك خبير بالشفاه المشقوقة"
ولكنها فوجئت بأن فكه انقبض وقال فقط" تعرضت لحوادث من هذا النوع عدة مرات "
ومن ثم .. شيء مالفت انتباهها وقبل ان تدرك ماتفعله امسكت يده بين يديها " ماذا اصاب اصابعك ؟" فالجلد كان مكشوطاً عن سلاميات اصابعه.
عندما حاول ان يسحب يده, احكمت مادي الإمساك بها ونظرت اليه بإلحاح.
رد نيك بصوت مشدود " عندما كنت تستحمين , زرت مورالز "
شهقت مادي " ضربته ؟"
بدا وجه نيك من القسوة بحيث جرت الرجفة في جسمها .
-
لقد منعت نفسي بصعوبة عن دق عنقه. وكان محظوظاً لأنني اكتفيت بلكمه على ذقنه.
سيطرت المشاعر عليها ومن غير قصد منها لم تجد نفسها إلا تنحني على اصابعه وتقبل سلامياته حيث الجروح البادية " أنا اكره العنف ولكن في هذه الحال أنا اشكرك"
بدت عينا نيك زرقاوين وشعرت مادي وكأنها تسقط علماً انها ماتزال واقفة . ران هدوء عميق في الغرفة حتى قال " يدّعي مورالز انك نمت معه"
للحظة لم تفهم مادي مايقول ولكن لم تلبث الكلمات ان غارت عميقاً في عقلها . انزلت يده ونظرت اليه مرعوبة مدهوشة " تظن انني اكذب"
قالت ذلك بصوت مستو وتراجعت مدركة انها ترتدي روب الاستحمام فقط وراحت تفكر كيف سمحت لنفسها بأن تعري مشاعرها هكذا امامه وكيف نسيت للحظة انه لا يثق بها ؟ ماقام به قد يقوم به من اجل اية امرأة مكروبة , لقد فهمت للأسف موقفه البطولي وحمايته لها على غير محملهما.



في اللحظات التي أطبق فيها الصمت عميقاً نظرت مادي بعيداً. فحتى لو حاولت تبرئة نفسها فسيكون الأمر كلمتها ضد كلمة مورالز ليس إلا. التفتت الى نيك وقالت " وهل يهمك الأمر بأي حال من الأحوال ؟"
شعر نيك بقلق لا يطاق في معدته. لقد صدقها عندما كانت في الرواق خائفة وجلة. ولكنه عندما واجه مورالز قبل قليل وراح ذاك السكران يقول له " أتشعر بالغيرة ده روجاس؟ لأنها نامت معي وليس معك ؟ " شعر بأنه كالثور الجامح الذي يرى امامه شيئاً احمر . والواقع انه لم يشعر بهذا الغضب منذ سنوات . وقبل ان يعرف ماهو فاعل , لكمه على وجهه.
اشتعل جسم نيك وهو يرى كيف انجرّ الى العنف , ليس بسبب مافعله مورالز بمادي بل لمجرد الشك في انها نامت معه .
والآن عندما اخذت يده وراحت تقبل سلامياته ونظرت اليه , شعر بأنه يغرق في بحر عينيها الخضراوين , ويفقد سيطرته على مشاعره. ولكن المرة الأخيرة التي فقد سيطرته على مشاعره بسبب هذه المرأة , كادت تقضي عليه.
راح يحدث نفسه بأنه لم يعد ذاك الشاب الصغير. ولكنها تنغزر شيئاً فشيئاً تحت جلده من جديد معرضة مشاعره للانكشاف ثانية.
دفع نيك عنه ثقل هذه المشاعر وقال " يهمني مافعله بك هذا الرجل الذي ارتكب إساءة اما غير ذلك فليس من شأني "
تأذت مادي في الصميم من قلة ثقته بها ولم تستطع ان تصدق ان شيئاً من الحنان قادر على ان يغوي قلبها بهذا الشكل . قالت بصوت حاولت ان يكون بارداً:
-
انت على حق . ذلك ليس من شأنك؟
توجهت مادي الى الحمام لتحضر ملابسها , فقال لها من وراء ظهرها " الى اين تذهبين؟"
التفتت اليه " عليّ العودة الى فندقي. فالباص سيقلني الى ماندوزا في الساعة السادسة صباحاً"
اطلق نيك شتيمة جعلت مادي تتورد خجلاً, ولكنه مالبث ان قال " لن تذهبي الى ذاك الفندق . الوقت متأخر جداً وانت غداً ستأتين معي . لن اسمح بأن تسافري ثانية بالباص مدة 16 ساعة "
شعرت مادي بأنها تريد ان تخبط قدمها بالأرض. لماذا لا يدعها تذهب ولماذا لا يدعها وشأنها ؟
تصاعدت المشاعر المتقلبة فجلعت صوتها يهتز وهي تقول " لربما صدقت انك مهتم لو لم تتهمني بأنني نمت مع رجل من اجل مصلحتي , رجل قادر على العنف. إن البقاء مع الصراصير في غرفتي في ذاك الفندق خير لي من البقاء هنا أعاني من اتهاماتك وسوء حكمك علي"
لوح بيده في الهواء " تباً يا مادي , سأحجز غرفة اخرى ولكن يستحيل ان ادعك تذهبين من هنا حتى لو اضطررت الى حبسك في هذه الغرفة , اخبريني اين هي اغراضك ؟"
نظرت مادي الى نيك غاضبة ووضعت يديها على خصرها " بل تبا لك , نيك ده روجاس؟ تظن انك شخص كامل؟ كيف تدّعي الشهامة والرجولة وانت كما هو واضح تنظر اليّ وكأنني فتاة شارع "



اغلق نيك المسافة بينهما في ثوان . فجأة اصبح قريباً جداً منها فارتدت مادي الى الوراء ونبضها يقفز في حلقها . إنه مشتعل غضباً.
-
اسم الفندق ورقم الغرفة.. لن اقبل بلا رداً على سؤالي . مفهوم؟
عندما فكرت مادي في الطريق الى الفندق ورحلتها بالباص كادت تبكي. فما زالت تشعر انها هشة جداً وضعيفة جداً . لقد اعتقد نيك انها باعت نفسها هذا المساء من اجل مزرعتها ومع ذلك مازال مصراً على الاهتمام بها وكأنها رزمة كريهة عليه الاهتمام بها . إنها ترى العزم في عينيه ولا تريده ان ينفذ تهديده بأن يحبسها هنا في هذه الغرفة .
بلعت ريقها بصعوبة وقالت اخيراً" ازمريلدا , الغرفة رقم 410 "

***
رجع نيك الى الغرفة بعد حجز لها غرفة اخرى, وجلب اغراض مادي من ذاك الفندق . إنه يريد الابتعاد عنها بسرعة ليستطيع عقله العمل من جديد بطريقة طبيعية .
في اعماقه هو مؤمن بأنها لم تنم مع مورالز ولكنها عندما وقفت امامه وعيناها الخضراون تنظران اليه, اصبح اهم شيء بالنسبة اليه هو ان يضع جداراً بينهما . فدفاعاته انهارت عندما رآها ضعيفة متألمة والطريقة التي تنسل فيها تحت جلده تخيفه وترعبه.
شد على نفسه امام باب الجناح. كان حاملاً حقيبة صغيرة خفيفة الوزن, وهذا مااستغربه فكل النساء اللاتي يعرفهن لا يسافرن إلا محملات بالأغراض, اما مادي فعلى عكسهن.
عندما فتح الباب ودخل كان يتوقع ان يراها واقفة وقفة دفاعية في ذات المكان الذي تركها فيه , ولكنها لم تكن هناك . بحث عنها أكثر ثم توقف في ارضه . كانت ملتفة على نفسها على الأريكة كروح ضائعة , وكان شعرها الأسود متساقطاً على كتفيها ورأسها قابعاً على إحدى ذراعيها.
انقبض صدره فوضع الحقيبة على الأرض واقترب منها ولكنها لم تحرك ساكناً. غمرته مشاعره فانحنى عليها ورد بعض خصلات شعرها وراء أذنها. كانت شاحبة جداً, وبدا حاجباها شديدي السواد امام وجهها الفاتح وشفتها المشقوقة بدت واضحة أكثر.
لم يستطع منع نفسه إذ انحنى عليها وطبع قبلة على طرف الشق على شفتها.
كانت مادي نائمة وفي الحلم رأت شيئاً مذهلاً. شعرت وكأنها في شرنقة آمنة دافئة وشعرت بشيء آخر أكثر حرارة , وبالرغبة .. كانت تحلم بأن نيك يلمس شفتيها برقة ويتباطأ وكأنه عاجز عن الابتعاد عنها.
قاومت مادي رغبتها في النهوض وفتحت عينيها ببطء. فإذا بها تنظر مباشرة الى عينيه الزرقاوين اللتي كانتا تتركزان عليها وفيهما شيء عميق جداً.
لم تكن تعرف ما إذا كانت في حلم أم حقيقة.


جربت ان تبعد فمها ولكنها انزعجت لأنها فقدت ذاك الاتصال معه . إنما مالبث ان زاد برقة من الضغط وشعرت بقبلته تتعمق أكثر فتأوهت. وبشكل غريزي ارتدت قليلاً الى الوراء لتفسح له مجالاً على الأريكة .
اشتعلت النيران في عروق مادي. وغرقت يدا نيك واصابعه في شعرها يضم رأسها بين كفيه ليستطيع تقبيلها كما يشتهي.
شعرت مادي بالفرح واصابت نشوته دمها . إنه حلم لا تريد ان تستيقظ منه ابداً.
كانت استجابتها له من القوة بحيث عاد يقبلها بقوة اكبر ونسيا معا جرحها. ولكن الجرح انشق من جديد حالما سحق نيك فمها.
شعرا وكأن ماء بارداً انصب عليهما. مادي أنّت متألمة ونيك تراجع وكأنه تلقى رصاصة في صدره. اختلطت عليها الأمور وبدت حائرة كلياً . كيف انتهى بهما الأمر يتبادلان القبل؟
لم تشعر مادي بالراحة وهي ترى وجهه يتورد وتعابيره ملؤها العذاب. هرعت الى الحمام ومنه الى المرآة . لم يكن على شفتها دم كثير. التقطت انفاسها وراحت تبلل القطنة وتضعها على شفتها . كانت عيناها متسعتين لامعتين وخداها ملتهبين وانفاسها متسارعة وكأنها كانت تركض وجسمها يتوق اليه.
عندما تمالكت نفسها قليلاً, خرجت من الحمام فوجدت نيك واقفاً كالصنم, يراقبها بحذر.
- أظنني اريد ان ابقى وحدي.
شيء متوحش عبر وجهه وفي خطوتين طويلتين اصبح امامها مباشر" لقد اردت ذلك ايضا يا مادي. لا تدّعي انك لم تريديه"
احمر وجه مادي . إن الأذى الذي شعرت به بسبب رأيه الوضيع فيها ما يزال يؤلمها . عليها ان تحمي نفسها . بالنسبة له الأمر مجرد انجذاب جنسي , حتى انه لم يعن له شيء احتمال ان تكون قد نامت مع رجل آخر قبل ساعات قليلة.
رفع نيك يده وكأنه يريد ان يلمس شفتها ولكنها تراجعت الى الوراء مذعورة وهذا ماجعل عينيه تومضان بعنف.
نظر اليها للحظة طويلة وكانت عضلة في فكه تتقلص واخيراً خطا الى الوراء.
- غداً في الساعة الثامنة سآتي لآخذك . فكوني على استعداد .
هزت مادي رأسها.
مشى نيك نحو الباب ولكنه عاد ولكنه عاد ونظر اليها قائلاً " لم ينته الأمر بيننا يا مادي , لا , لم ينته بعد "

نهاية الفصل


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-01-17, 09:38 AM   #9

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

7 - هل توقع على استسلامها؟

حمدت مادي ربها لأن نيك بدا غارقاً في افكاره في الصباح التالي فالرحلة الى المطار تمت بصمت. نظر اليها مقيماً إياها هذا الصباح فخضعت مادي لفحصه وهو يرفع ذقنها بيده لينظر عن كثب الى الشق في فمها.
إن مجرد لمس هذه الاصابع لوجهها اشعلها من الداخل . ولكنه تركها تذهب معلناً لها " الورم خف, ايام قليلة ويزول أي أثر "
عضت مادي على اندفاعها في الرد عليه بأن بإمكانها ان تعرف ذلك بنفسها ولكن جزءاً ضعيفاً منها احب اهتمامه هذا بها . كان مقاعد الطائرة الصغيرة فخمة, مغطاة بجلد عاجي اللون. والواقع انه ارعبها هذا الدليل الآخر على مدى غنى نيك. اختارت مادي مقعداً على يمين نيك إذ جلس هو على اريكة واسعة.
بعدما اقلعت الطائرة وبعدما رفضت شراباً عرضه عليها, ازداد الصمت بينهما. تمنت مادي لو كان معها كتاب او ماشابه لتدّعي الانشغال به. كانت واعية ان نيك يطيل التفكير في شيء ما وهو بعيد عنها بضع اقدام , وكادت تسأله " ماالخطب"
خاطرت بإلقاء نظرة عليه فخفق قلبها بين جنبيها . وبدل ان ترى نظرة زرقاء مراقبة , وجدت رأسه مرتداً الى الوراء وعيناه مغلقتان. إنها تستطيع ان ترى وجنتيه البارزتين وآثار شعر وجهه الخشن على فكه علماً انه على مايبدو قد حلق قبل قليل.
كان قميصه مفتوحاً عند العنق فأغرتها نفسها بإلقاء نظرة على شعره الأشقر الغامق الذي يغطي بشرته السمراء الغامقة . رفعت نظرها عن مظهر صدره الى وجهه فتورد وجهها وهي تراه يحدق فيها . لقد قبض عليها تنظر اليه برغبة كمراهقة صغيرة.
رغم تظاهره بالهدوء , إلا ان مادي كانت تشعر بأنه من الباطن متنبه جداً, كحيوان يتأهب للانقضاض , وسرعان ماشعرت بالتوتر.
ازداد توتر مادي وهي تلف ساقاً على اخر" ماهو نوع العرض؟"
انتقلت عيناه الى ساقيها وهي تلف الواحدة على الاخرى فشدت مادي على فخذيها عن غير قصد. رفع نيك يديه من ظهر الاريكة ووضعهما على فخذيه.
-
اظنك برهنت لي مدى عزمك على إنقاذ ارضك.

امتقع وجه مادي وهي تفكر في اليأس الذي شعرت به في غرفة مورالز وكيف هجم عليها. وتذكرت ان نيك أذاها اكثر بكثير منه.
قالت بلهجة ملؤها الدفاع عن النفس " لن اعيد مافعلته الليلة الماضية ثانية. كان تصرفاً غبياً مني"
هز نيك كتفيها " خضت في مياه اعمق من قدرتك على السباحة فيها "
لسعها توبيخه ولكنه صحيح . ارادت ان تحول الحديث عن ليلة امس لأنها تذكرها بمشاعر فجة اخرى كثيرة " ماهو عرضك؟"
تصورته للحظة يركع على قدميه وينظر اليها بعذاب ويسألها ان تتزوجه. توردت وجنتاها بقوة فضاقت عيناه عليها وفي هذه اللحظة تمنت مادي لو تنشق الأرض وتبتلعها .
-
ما زلت مصرة على ايجاد مستثمر. ألا تريدين البيع؟
توترت مادي وهزت رأسها " لن ابيع ابداً"
-
إذن ستتابعين البحث عن مستثمر.
-
لا شك في ذلك.
قال نيك بتجهم " هذا ما أخشاه "
سألت بقلق الآن " ما قصدك؟"
هز نيك رأسه" سيصعب عليك إيجاد مستثمر الآن , فلا شك ان مورالز سيتأكد من تلطيخ اسمك. فإن قال لي إنه نام معك ليلة امس, فسينشر الخبر على الجميع"
شعرت مادي بالعياء , ارادت ان تصيح بأنها بريئة ولكنها تعرف انه لن يسمعها.
-
ماذا يعني ذلك إذن؟
-
يعني انك لن تجدي فرصة هنا ابداً . الحل الوحيد لك هو ان تذهبي الى اوروبا للبحث عن مستثمر هناك.
زاد شعورها بالإعياء , فهي لا تملك مالاً حتى لتسافر الى هناك, ولا يمكنها ان تطلب من رئيسها السابق ان يساعدها . صحيح ان لديه عملاً مزدهراً إنما لا يكفي للاسثمار بالطريقة التي تريدها. كما انها تركته بعدما ادخلها الى الجامعة , ويصعب عليها كثيراً ان تطلب مساعدته وهو من كان كريماً جداً معها.لقد خدمها بمافيه الكفاية .
نظرت مادي الى نيك شاعرة باكتئاب وقنوط " إذن ماهذا؟ أهو عرض بأن تريني ان حالتي ميؤوس منها ؟"
نظر نيك اليها . إنها الآن حيث يريدها . حسناً ليس بالتحديد , لأن مايريده حقاً هو ان ترجوه طلباً للمسة حب منه. شعر بأنه عديم الرحمة ولكنه نحى هذا الشعور , فليلة البارحة أكبر دليل على مدى عجزه عن السيطرة على نفسه حينما تكون مادي على مقربة منه.
عليه ان يحصل عليها ولكن عليه ايضاً ان يحمي نفسه من هذا. إنه بحاجة الى التحكم بضعفه امامها وماسيعرضه عليها سيؤمن له هذه الحماية .
راقب نيك فعلها عن كثب وهو يقول " سأستثمر أرضك"
رشح اللون الأحمر من وجنتي مادي تاركاً بشرتها كالبورسلان وعينيها واستعتين, ولكنها سحبت نفساً فعاد اللون الى وجهها , اما هو فتحركت رغبته فيها بقوة .

هزأت رأسها "لا , لا , فأنت تريد شيئاً. انت تريد ان تدمرني"
ابتسم نيك " في البداية رغبت في ان تذهبي من هنا ولكن منذ عودتك اصبحت الحياة مسلية أكثر"
ارتدت مادي وعقدت ذراعيها وازدادت رغبته فيها . إنه يريد هذه المرأة مهما كان الثمن و إلا قد يجن .
استشاطت مادي غضباً. إذن يظنها نيك مسلية؟ سمعت حركة وماهي إلا ثوان حتى اصبح جالساً في المعقد المقابل لها . وبسط ساقيه على جنبي ساقيها حابساً ساقيها هناك بينهما.
قالت مادي بجرأة " ماذا تفعل؟"
ابتسم نيك " اريد ان اريك انك لا تملكين خياراً آخر غير عرضي. إلا اذا كنت تريدين ان تري مزرعتك مدمرة وموظفيك بدون شيء بعد سنوات وسنوات من العمل عندكم"
وكأنه يقرأ افكارها " إذا تركتني استثمر ارضك , سيبقى هارنان وماريا في امان , وهارنان سيعود الى العمل في الأرض من جديد. وسأؤمن كل الأدوات والآلات الزراعية التي ستحتاجينها, وسأؤمن لك عمالاً يساعدونك على الحصاد والانتاج "
لم تستطع عينا مادي الابتعاد عن وجهه وسمعته يردف قائلاً"سنبرم اتفاقية ونوقعها بحيث تصبح مستنداً قانونياً , وعندئذ سأشرف على الزرع والحصاد واخذ المنتجات للتصنيع وستعملين في ارضك وتضعين علمك من اجل ازدهارها وبعد سنة او سنتين سأترك الأرض وتحكمين سيطرتك عليها من جديد"
في مكان ما في اعماق مادي تفتحت بذرة امل . إن عرض نيك أكثر من كريم.
-
وهل ستجعل ارضي تابعة لأرضك ؟
هز رأسه " لا يهمني هذا . احب فكرة ان يكون لي منافس من جديد وانا مهتم برؤية كيف ستحققين ذلك"
سألت مادي " وهل ستضع هذا في الاتفاقية ؟"
هز رأسه ثانية " بكل تأكيد , ويمكنك ان تقرئي العقد وتستشيري أي محام تريدين"
صدّت مادي لحظة من الهيستريا, فليس لديها مال لتدفعه على محام . اخذت تقلب مايقوله في رأسها . فبإمكان نيك ان يتلاعب بها بسهولة ولكنها في الوقت ذاته لن تقطع انفها نكاية بوجهها.
-
عليّ ان ادرس عرضك.
ابتسم نيك ابتسامة مقتضبة " ليس هناك الكثير لتفكري فيه, انا اعطيك فرصة لتسبحي او تغرقي"
بعد تلك الملاحظة , رد جسمه الى الوراء فارداً ساقيه أكثر , وبذلك حبس مادي اكثر . وضع رأسه على ظهر المقعد وماهي إلا دقائق حتى غفا. شعرت مادي بالراحة قليلاً ففكت ذراعيها وراح رأسها يضج بكل ماقاله لها نيك عن عرضه .
نظرت بارتياب الى وجهه النائم . لاشك ان لديه اجندته, فلايمكن ان يكون الأمر بهذه البساطة .

نظرت الى الخارج فإذا بالأراضي تترامى تحتهما. هذا ما ارادته في الواقع اكثر من اي شيء آخر , فرصة للعمل في ارضها. فقد حرمت من ذلك طوال حياتها وعندما عرض والدها عليها اخيراً هذه الفرصة , كان الوقت للأسف متأخراً, والآن نيك ده روجاس , ابعد شخص قد يساعدها , يعرض عليها المساعدة ,يعرض عليها فرصة ثانية. وليس ذلك فحسب بل يقدم ايضا فرصة للعاملين لديها. فماريا وهارنان لن يستطيعا العيش في المزرعة لأجل عير مسمى, وقريباً عليهما ان يتقاعدا. فهما طاعنان في السن ضعيفان.
تنهدت مادي من جديد واخيراً تركت إرهاقها يأخذها الى عالم النوم.
-
مادي!
استيقظت مجفلة. فقد كانت تحلم به , تحلم بنيك. كانت وجنتاها تخزانها وكأن احدهم كان يلمسها هناك. وعندما ركزت نظراتها, وجدت نيك منحنياً عليها بحيث كادت ترى خطوط وجهه الصغيرة الممتدة الى عينيه, شعرت بالحرارة وعرفت فوراً ان ذاك الحلم لم يكن عادياً.
دفعت جسمها الى الوراء على المقعد مبعدة نفسها أكبر قدر ممكن عنه ولكنها رأت فكه يشتد.
-
ستحط الطائرة بعد دقائق . اربطي الأحزمة.
ربطت مادي الأحزمة بيدين مرتجفتين , شاعرة بالراحة لأن نيك عاد الى مكانه على الأريكة . إنها الآن قادرة على الأقل على التنفس بسهولة إذ لم يعد جالساً قبالتها .
حطت الطائرة بهدوء وماهي إلا دقائق حتى كانا في جيب نيك متوجهين الى ماندوزا ومنها الى فيلاروزا.
شعرت مادي وكأنها قامت بعشر جولات ملاكمة عقلياً وجسدياً. القت نظرة على جانب وجهه القاسي . بدا متجهماً . هل تخيلت ماحدث في الطائرة؟ هل اخبرها فعلاً انه يريد ان يستثمر ارضها.؟
عندما بدت ملامح اراضيها تنفست مادي الصعداء. توقف نيك على الممر الموصل الى الباب الرئيسي وقال " تجديد المنزل سيكون من ضمن العقد ايضا"
خفق قلب مادي فلم تتصور ذلك ابداً . نظرت اليه نظرة قلقة " لماذا تفعل كل ذلك؟"
بدا وجهه خالياً من أي تعبير " لدي مال ولا أحب ان ارى ارضاً جميلة كهذه مدمرة "
كافحت مادي لتستوعب مايقول , فهي لا تستطيع ان تفعل هذا إلا إذا عرفت السبب . درات في مقعدها لتواجه نيك :
-
ولكن عائلتينا .. الثأر .. لقد تقاتلتا لوقت طويل . كيف اعرف إن كنت لا تريد ان تنتقم؟
اشتد فك نيك وومض في عينيه شيء مبهم" قلت لي مرة إن الثأر لا يعني لك شيئاً"
شعرت مادي بالتعب من التفكير " وقلت انت الشيء ذاته .. ولكن فجأة انفجر ثانية "
بدا نيك متجهماً بشكل كبير " مات اهلنا يا مادي ولم يعد هناك إلا نحن . انا مستعد للمضي قدماً, إذا كنت راغبة في ذلك"

لم تثق مادي به للحظة. فهي ترى شيئاً ما في عينيه وهذا ماجعل معدتها تنقلب وتتشنج.
-
ولكن هناك شرطاً لعرضي, لن نكتبه في العقد.
سحبت مادي انفاسها " عرفت ان الأمر أصعب من ان يكون حقيقة . إذن ماهو شرطك؟"
بعد نظرة طويلة , كانت اعصاب مادي خلالها تصرخ من التوتر . اخيراً .. قال نيك بنعومة " ليلة واحدة معي يا مادي, ليلة في فراشي لننهي مابدأناه منذ ثماني سنوات"
نظرت مادي الى نيك بعدم تصديق . إنها تعرف مابينهما وتكاد تلمسه في الهواء ما إن يقترب الواحد منهما من الآخر.
كانت تأمل بشكل من الأشكال ان يتجاهل هذا الذي بينهما, ولكنه الآن وضعه نيك بينهما . هزت رأسها وشعرت بحنجرتها مشدودة" سواء أصدقت أم لم تصدق , لقد عرض عليّ رجل بالأمس هذا العرض وأنا رفضته. ما الذي يجعلك تظن ان هذا سيكون مختلفاً معك؟"
انحنى نيك نحوها ولكن مادي لم تستطع الابتعاد اكثر إذ كانت مسكة باب الجيب تنغرز في ظهرها. وكان نيك الآن قريباً منها بحيث تحس بأنفاسه على وجهها . مرر إصبعاً على خدها ونزل به تجاه عنقها وصولاً الى عنق قميصها المشقوق على الصدر وهناك أبقى إصبعه حيث نبضها ينبض بقوة.
ابتسم نيك وكأنه يعرف بالتمام مايحدث في جسمها.
-
الأمر مختلف.. مختلف جداً لأنك تريدينني , تريدينني كثيراً كثيراً بحيث أكاد ألمسه وأشمه .. ولهذا السبب ستفعلين ذلك.
تصاعد الخوف الى داخلها بحيث كاد يخنقها , فمدت يدها الى مسكة الباب خلفها, وخرجت بسرعة وكادت تقع لو لم تتماسك . ورأته يترجل ايضا من الجيب . واحتاجت الى دقيقة حتى انتبهت الى انه يمسك حقيبتها بيده, فأخذت الحقيبة منه على عجل.
ابتسم نيك وقال لها فقط " تعرفين اين أنا يا مادي .. أنا بانتظار ردك"
وأضاف " هذا إذا اردت ان تنقذي مزرعتك وإن كنت صادقة مع نفسك "
ومن ثم توجه الى الجيب وشغل المحرك تاركاً وراءه زوبعة من الغبار .
***
قضت مادي اسبوعاً تحارب ليالي خالية من النوم مليئة بالشياطين وبصوته وهو يقول لها " كوني صادقة مع نفسك"
وقضت ايامها تفكر , تفكر في أنها وهارنان لن يقدرا ان يفعلا شيئاً بدون تمويل.
قلبت في رأسها مراراً وتكراراً حديثها مع نيك وفي كل مرة كانت تحمر خجلاً عندما تتذكر قوله " انت تريدينني , تريدينني كثيراً كثيراً بحيث أكاد ألمسه وأشمه .. ولهذا السبب ستفعلين ذلك"

إنها فعلاً تريده وهي لا تنكر ذلك , فهي ليست على هذه الدرجة من النفاق, والواقع انها مرعوبة من الطريقة التي تمرّ بها الأيام وكيف ان عقلها لا ينفك عن العودة اليه كالمغنطيس . ولم تدرك كم اصبحت معتادة على رؤيته إلا عندما تشعر بهذا الفراغ الذي تحس به كلما طالت غيبته.
حاولت مادي يائسة ألا تفكر في شرطه لاستثمار أرضها ولكنها للأسف لا تفعل إلا التفكير في هذا الشرط . إن التفكير في القيام بالأمر بهذه الطريقة حيث الحدود واضحة وحيث المشاعر لا تكون متورطة , سيسهل الأمر بدون شك.
تعرف مادي انه عندما يتعلق الأمر بنيك ده روجاس , تصبح ضعيفة. ولعل خضوعها لشرطه قد يجعلها تغلق اخيراً هذا الفصل من حياتها وتمضي قدماً.
حاولت ألا تفكر في انها قبلت عرضه فهذا يعني انها ستلتقي به كل يوم لمدة طويلة وبذلك تضع نهاية لحكايتهما .ولكن مرت الأيام ولم تستطع مادي رفع السماعة لتغير مسار حياتها.
في نهاية الاسبوع وفيما كانت في وقت متأخر من المساء جالسة في مكتب والدها, جاء هارنان وقد بدا مهموماً:
-
أنا قلق عليك وعلى هذا المكان . لقد وصلنا الى حائط مسدود , مادي ليس بمقدورك ان تفعلي شيئاً . عليك ان تبيعي.
تعلقت مادي للحظة بذلك كخشبة خلاص " ولكن ماذا عنك وعن ماريا؟"
رأت كيف شحب وجهه ولكنه هزّ كتفه ورد عليها " لا تقلقي علينا, نينا , يمكننا الاهتمام بأنفسنا فأنت لست مسؤولة عنا"
شعرت مادي بأن الأمل مات وبأن ثقلاً كبيراً يكاد يسحق صدرها , فهي تعرف كم تدين هذه المزرعة لهارنان . إذ كان أشبه بالهبة لهذه الأرض وقد لعب دوراً كبيراً في نجاح عمل والدها, لذا لا يمكنها ان تدير ظهرها له ولزوجته .
-
ربما لسنا مضطرين للبيع..
هب هارنان واقفاً بسرعة يسأل " ماذا تقصدين؟"
اخبرته بعرض نيك عليها ولكنها لم تخبره بالشرط الذي وضعه مقابل استثمار ارضها.
نظر اليها هارنان وهو لا يكاد يصدق ماسمعه " ولكن .. ستقولين نعم . أليس كذلك؟ إنها فرصة لإنقاذ اسم فاسكيز .. الفرصة الوحيدة"
نظرت اليه " إنها خطوة كبيرة . كيف اعرف فأنا لا اثق به "
عرفت مادي انها لا تتحدث عن الاستثمار نفسه, بل عمل إذا كان بإمكانها ان تثق بأن ينام معها بدون ان يحطمها . إنها تتحدث عما إذا كانت تستيطع الثقة بنفسها بألا تضيع كل الضياع إن اقدمت على هذه الخطوة.
ارتخى هارنان في مقعده وبدا أكبر سناً بعشر سنوات , فنسيت مادي كل شيء وسألته باهتمام " ما الأمر؟"
نظر اليها اخيراً ووجهه شاحب " الحقيقة يا مادي ان ماريا ليست على مايرام. إنها بحاجة الى علاج .. علاج لا نستطيع تحمل تكلفته"

نهضت مادي ووضعت يدها على ذراع هارنان فقال لها والدموع في عينيه" لم نرد ان نقلقك . كنا نفكر ان الحل الوحيد في البيع والذهاب الى بيت ابننا في بوينس ايريس"
هزت مادي رأسها فهي تعلم جيداً كم يكرهان العيش في المدينة. لقد عاشا هنا طوال حياتهما وأوضاع ابنهما ليست جيدة كما ان لديه عائلة.
-
لا , لن تذهبا الى أي مكان . إذا ابرمت هذا الاتفاق مع ده روجاس فسأتأكد من ان تتلقيا العناية الضرورية لا سيما ماريا .
اخذ هارنان يدها ووضعها في يديه المتغضتين بالتجاعيد " ولكننا لا نريد ان نضغط عليك , فمسؤوليتنا لا تقع على عاتقك"
شدت مادي على يديه " اعرف يا هارنان ولكنك بسبب كل السنوات التي قضيتها في خدمة هذا البيت , انت بحاجة الى عناية طبية وتأمين , وانا قادرة على ذلك الآن . سأتصل الليلة بنيك"
امسك هارنان يشد عليها والدموع في عينيه. في هذه اللحظة حسمت امرها.

***
في الليلة التالية كانت مادي تقود سيارتها متوجهة الى مزرعة نيك. كانت متوترة جداً بحيث كادت تشعر بأنها ستنقسم قسمين وراحت تجبر نفسها على التنفس العميق. لقد كان يوماً مشحوناً بالانفعالات.
مساء البارحة , اتصلت مادي بنيك واخبرته انها موافقة على عرضه بشرط واحد هو ان تتلقى ماريا العناية الطبية اللازمة بأقرب فرصة ممكنة . فلم يتردد نيك ووافق فوراً.
هذا الصباح جاء نيك مع طبيبه الذي قام بمعاينة هارنان وماريا , فقرر الطبيب إدخال ماريا الى المستشفى وقت الظهر . وعندما رأت مادي هارنان وماريا يذهبان كادت تدمع عيناها.
كانت مدهوشة بمدى الراحة التي شعرت بها حين رؤيتها نيك يصل الى منزلها في الصباح, هذا دون ذكر الإثارة التي شعرت بها في كل خلية من خلاياها. لقد شعرت وكأنها لم تره منذ اشهر. وعندما اقتربت منه , رأت التعب و الارهاق على وجهه فكادت تندفع لتسأل إن كان به شيء.
وبعدما غادر هارنان وماريا نظرت الى نيك وهي تشعر بالضعف والهشاشة "أشكرك لأنك ستهتم بماريا فهذا هام جداً لهارنان ولي انا ايضاً"
-
لا تقولي ذلك.
وغصباً عنها سألته هناك على بعد خطوات من منزلها " والآن ماذا سيحدث؟"
نظر اليها فقط نظرة عميقة جعلت مادي تزداد تورداً واحمراراً .
-
ستأتين إليّ هذا المساء في الساعة الثامنة.
ولم يردف بأية كلمة اخرى, ومضى في طريقه حيث ركب جيبه وغادر.
حاولت مادي الآن التركيز على الطريق وعدم التفكير في ماستجلبه الليلة.


كان نيك يمشيء في مكتبه , يفكر كم كان مرعوباً مساء الأمس عندما رنت مادي اخيراً. لقد كادت جدران منزله تطبق على صدره ولم يكن مسوراً ببراثن اليأس التي اطبقت عليه بسبب عدم قدرته على رؤيتها في الايام الماضية . وكم كره ألا يعرف ماذا تفعل . لقد تساءل أتراها ذهبت تبحث عن مستثمر آخر؟ هل وجدت مستثمراً بدون علمه؟
لقد وافق حالما طلبت منه مادي الاهتمام بماريا وكان في الحقيقة مستعداً لأي شيء , أي شيء عدا خرق الجزء الشخصي من الاتفاق : ان تكون له لليلة واحدة.
ليلة واحدة . توقف نيك عن المشيء ونظر الى كروم العنب التي بدأت تتوارى في العتمة. نعم ليلة واحدة تكفي, فهو لا يحتاج عادة لأكثر من ليلة واحدة حتى يضجر من امرأة . فلماذا قد تكون مادي مختلفة ؟ ولكن عقله الواعي نهره ,على من تكذب؟ فمادي كانت مختلفة عن غيرها من النساء منذ ان تعرفت هرموناته اليه .
مرر نيك يده في شعره بنفاذ صبر وارتد على عقبيه. كان على مكتبه رزمة من الأوراق. إنها عقد الاستثمار , وفيها ملخص عن كل ماله صلة بهذه المرأة التي عادت الى حياته. هذه المرأة التي يريدها أكثر من النفس الذي يأخذه الى جسمه. والحقيقة انه لم يدرك كم كان جائعاً اليها حتى سمع صوتها في الأمسية السابقة. ومع انها كانت تتحدث ببرود , إلا انه اشتعل من الداخل لمجرد سماع صوتها.
وعندما رآها اليوم, اراد ان يأخذها بين ذراعيه, فرغبته فيها كانت كالوحش الذي يقبض ببراثنه على جنبيه .
إن هذا العقد يعني ان مادي لن تعود بعد الليلة للادعاء بأنها كانت تشعر بالضجر او انها نادمة على ماحدث. لأنها لن تستطيع ذلك.. فهي تريد مزرعتها بيأس وتريده هو بيأس علماً انه يعرف انها بدون العقد قد تنكر ذلك. ولم بهذه الطريقة لن تفعل. وهو بذلك لن يضطر الى الانكشاف ثانية ابداً.
إذن لماذا عندما نظر الى الأوراق على الطاولة , شعر بهذه الأوراق تهزأ به؟
***
نظرت مادي بقلق الى الصندوق الوردي المغلف بأشرطة حمراء .. كان الصندوق موضوعاً على السرير وكانت تشعر بأنه يكاد يقفز عليها ويعضّها. حينما وصلت الى منزل نيك التقت جيرالدو الذي رحب بها بحرارة وارشدها الى الغرفة المخصصة لها وكأنهما يعرفان بأنها هنا لقضاء الليلة مع نيك.
أشار الى الصندوق وقال " إنه هدية من السينيور ده روجاس , سيراك في غرفة الطعام في الساعة الثامنة . إذا اردت أي شيء حتى هذا الوقت لا تتردي بالطلب مني رجاءاً"
اخيراً انتبهت الى الوقت الذي اخذ يمضي . فتحت مادي الصندوق ليكشف عن فستان من الساتان الأخضر الغامق.
رفعت الفستان وشهقت فلا احد يقدر على مقاومة جمال فستان طويل كهذا, فقماشه ثقيل وخفيف كالريشة في الوقت ذاته. إنه بدون حمالات وذي خصر عال يتهدل طبقات طبقات وصولاً الى الأرض.

وتحت طبقات الفستان , قبع حذاء فضي له حمالات خضراء وملابس داخلية مخرمة . وكان هناك ايضا صندوق مخملي . عندما فتحته وجدت فيه حلقاً من الألماس على شكل دمعة, يتماشى معه سواء ليناسبه. شيء ما في داخل مادي شعر بالذبول والخجل وهي ترى هذا الثوب الفخم قابع على السرير. ولكنها عادت واوضحت لنفسها بأن نيك يقدم لها خدمة لأنه يعاملها كعشيقة, فكل ماتفعله الليلة هو جزء من تمثيلية وقد يساعدها ذلك في المحافظة على مناعتها العاطفية.
في تمام الساعة الثامنة كانت مادي واقفة امام الباب تشعر بالخجل كفتاة صغيرة, فالفستان بدا مثيراً. وقد ارتدت الملابس الداخلية لأنه ليس لديها شيء آخر ترتديه بدون ان يفسد خطوط
هذا الفستان وكانت المجوهرات تقبع على بشرتها ثقيلة باردة .
تزينت بأقل مايمكن من الماكياج وتركت شعرها منسدلاً , لأن يديها في الواقع ترتجفان كثيراً بحيث لا يمكنها ان تفعل شيئاً أكثر دقة . سحبت نفساً عميقاً وحاولت ان تحافظ على ثبات عقلها ومن ثم دقت على الباب قبل ان تفتحه.
كان المشهد في الداخل مغرياً بشكل لا يصدق, فالشموع تتلألأ على طاولة معدة لشخصين. هذه الغرفة مختلفة عن التي أكلت فيها في المرة الماضية. احتاجت مادي الى ثوان حتى انتبهت الى وجود نيك الذي كان واقفاً عند النافذة ويداه في جيبيه. كان مرتدياً قميصاً ابيض وبنطالاً اسود وشعره مرتداً الى الوراء رطباً وكأنه خرج للتو من الاستحمام.
-
ارتديت الثوب.
امسكت مادي بمسكة الباب بقوة وقاومت للحفاظ على توازنها امام مظهره المغري. حاولت ان تكبح ردها بأنها تلعب الدور الذي يريده هو ولكنها اكتفت بالقول فقط " نعم, شكراً لك"
أحنى نيك رأسه وقال مبتسماً ابتسامة خفيفة " يمكنك ترك الباب فلن أعضك"
غمرت الحرارة جسم مادي وهي تتخيله يعض بشرتها الحساسة. وفي هذه اللحظة تركت الباب رغماً عنها ذلك ان احد العاملين اراد دخول الغرفة . بعدما تحدث الرجل بسرعة مع نيك غادر من جديد. وتوجه نيك الى منضدة موضوعة جانباً وسكب لها شراباً واقترب منها يقدمه لها.
-
مرحباً!
-
مرحباً!
رشفت مادي رشفة مبعدة عينيها عنه لتلقي نظرة على الغرفة .
-
لقد شفا فمك تماماً.
اعادت مادي نظرتها الى نيك ولمست غريزياً شفتها حيث الشق.
-
تبدين جميلة الليلة.
شيء غير مريح كان يخز بشرة مادي. فلم تكن معتادة على الإطراء ولا تعرف كيف تتصرف في موقف كهذا وكل مافكرت فيه هو مايبدو عليه في هذه اللحظة من جمال.
-
وانت ايضاً تبدو جميلاً.
ردت ذلك بصوت أبح وشعرت بالخجل فوراً فغضت نظرها الى الأسفل.

- يقولون وسيماً وليس جميلاً للرجل.
يا إلهي! رشفت مادي رشفة اخرى من شرابها قبل ان تتفوه بكلمة اخرى غبية. إنها ليست ذات خبرة . ألا يلاحظ نيك ذلك؟
حتى تملأ هوة الكلام بينهما سألت إن كان نيك يعرف شيئاً عن ماريا في المستشفى واخبرها بأنهم مازالوا يجرون لها الفحوصات.
قالت مادي بصوت متحشرج "شكراً لك من جديد. لم يكن هارنان يعرف اين يذهب ولم يكن لديه مالاً يدفعه على علاجها"
قال بصوت جاد" أنا أدفع لتأمين كل العاملين لدي وسيكون هارنان وماريا جزءاً منهم من اليوم فصاعداً"
شعرت مادي بأن نيك كان سيساعدهم بكل حال من الأحوال. وهذه المعرفة جعلتها لا تشعر بالراحة.
قالت له بلسان لاذع" وانا سأصبح احد عمالك"
رد عليها موبخاً" شركاء عمل نحن يا مادي "
وضع نيك كأس شرابه على المائدة بإشارة منه لمادي حتى تجلس. كانت المائدة معدة بأناقة بأدوات فضية وآنية خزفية رقيقة بحيث شعرت بالخوف من ان يلمسها. المشهد كله كان يرعبها في الواقع .
لاسيما ونيك يبدو ذا خيرة كبيرة وهو جالس بارتياح قبالتها.
بدأ الخدم بتقديم الحساء اولاً. ولكن شعورها بالرعب اخذ يتفاقم في داخلها بحيث كادت تشرق بالحساء , وكأنهما يتجاهلان ماسيحدث لاحقاً. فنيك يتوقع ان يتوجها الى غرفة النوم بعد الانتهاء من العشاء , في تلك اللحظة لم تستطع مادي ان تفهم نظرة نيك التي تحولت الى تجهم منذ ان وصلت.
ادركت مادي ان أمنيتها بأن تتصرف بتجرد عاطفي ذاب واندثر.
جاء المزيد من الخدم ليأخذوا اطباق المقبلات فشعرت مادي بأنها مضطربة تغلي من الداخل.
عبس نيك وسألها " هل أنت بخير ؟ وجهك شديد الاحمرار؟"
طريقته الفاترة التي سألها بها هي التي هيجت مشاعر الغضب عند مادي . ارادت ان تصرخ لا, أنا لست بخير ابداً. ولكنها هبت واقفة فأصدرت الآنية الخزفية صوتاً وهي تقف بتلك السرعة. حاولت ان تخفض يديها المرتجفتين لتدرك أكثر مدى اضطراب مشاعرها. وكان وميض الألماس على رسغها كنار باردة.
- لا , لا يمكنني ان افعل هذا, مدعية ان هذا طبيعي فيما هو ليس كذلك ابداً.

نهاية الفصل


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-01-17, 09:45 AM   #10

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




8 - هنا ابتدأنا .. وهنا ننتهي!

كان ينظر اليها فقط, وكانت مادي تشعر بأن بشرتها كلها تخزها.. اسرعت تنزع المجوهرات , الحلق, السوار.. وفرواً شعرت بأنها خفيفة أكثر.
-
هذا كله, لا يشبهني. لا يمكنني الجلوس وكأن شيئاً لم يحدث.
هب نيك واقفاً ايضاً. في هذه اللحظة جاء احدهم يحمل صينية فنظر اليه نظرة تأمره بالعودة من حيث أتى . ومن ثم عاد ينظر الى مادي وفي عينيه نظرة وحشية شرسة " ماذا تقصدين بأنه لا يمكنك ان تفعلي هذا ؟ لقد تأخر الوقت على التراجع . فإن لم تفعلي ما اريده الليلة , فلن تحصلي على شيء"
تراجعت مادي عن المائدة فتعثرت قليلاً.. عندئذ انحنت ونزعت الكعب العالي المزعج . كان قلبها يعصف بين جنبيها وكانت تتوق الى الهواء والمساحة وإلى شيء مملوس غير موجود في هذه الغرفة الآن.
-
إذا كنا سنفعل على طريقتي.. لا يمكنني القيام بهذا على هذا الشكل !
ثم لوحت بيديها في الهواء " مشهد الإغواء هذا .. مزيف كله"
هرعت مادي الى الخارج ولكنها تعثرت عند الباب .. رفعت فستانها وراحت تمشي نصف راكضة ونصف ماشية باتجاه باب مدخل الباب الرئيسي. سمعت لعنة من وراء ظهرها واحست به يلحق بها , ولكنها لم تكن تعرف اين تذهب . خرجت من باب الردهة ونظرت شمالاً فرأت إسطبلاً للخيول. فجأة عرفت ماذا تريد.
اصبحت مادي داخل الاسطبل ففكت لجام احد الأحصنة وعندما راحت تضع سرجاً عليه, سمعته يسألها متوعداً" ماذا تظنين أنك فاعلة؟"
سحبت نفساً عميقاً والتفتت الى نيك بشيء من الخوف ولكنها رفعت كتفيها وقالت " لست ذاهبة ولكن ماتريده سيحدث على طريقتي أنا"
وجدت مادي صندوقاً , وضعته قرب الحصان لتساعد نفسها على اعتلاء صهوة الجواد . وما إن اصبحت فوق , حتى نظرت الى نيك الواقف تحت , كان شعره يشع تحت الاضواء.
احست به يقاوم شيئاً في داخله ولكنه مالبث ان اطلق لعنة ثانية وخلع سترته واخرج فرسه من الإسطبل. كان جواداً اسود كبيراً.
وكزت مادي جوادها فانطلق يركض . في الخارج كانت الشمس قد غادرت كبد السماء قبل قليل فبدت جميلة بلونها الليلكي الساحر.






امتدت امامها الأشجار والكروم وراحت تعدو بجوادها هذه المساحات الشاسعة في امبراطوية نيك ومن ثم انعطفت في الاتجاه المعاكس الى طريق بعيد عن المنزل باتجاه الحدود الفاصلة بين أراضيهما . وعندما ابتعدت بمافيه الكفاية خففت من سير الحصان وجعلته يهرول ببطء وسرعان ماسمعت عدواً وراءها . لطالما كانت تشعر بالحرية عندما تكون على صهوة جواد. في هذه الاثناء لم تحاول النظر الى الوراء خشية ان ترى علامات التهديد على وجهه. اخذ هواء المساء البارد يعانق بشرتها الحارة العارية , وثنيات الفستان راحت تلتف حول ساقيها وحولها بحسب حركات الجواد.
شعرت بأن الجواد الأسود يصبح قربها ورأته يمسك لجام فرسها ويعمل على إيقافه في ارضه. وكان عليها ان تضغط بساقيها على ظهر الجواد لئلا تسقط عن ظهره.
قالت لاهثة " ما رأيك؟"
سألها بغضب " إلى اين أنت ذاهبة بحق الله؟"
فتحت مادي فمها واغلقته وتسارعت انفاسها بسرعة ولكنها ترفض ان يرهبها وجوده " انت تعرف الى اين نحن ذاهبان ؟"
رأت للحظة الكآبة تلوح على وجهه ولكن سرعان ما ذهب ذاك الاكتئاب وومضت عيناه وهو يقول " لن اذهب الى هناك معك"
نظرت اليه بغضب وانتزعت من يده لجام الجواد " إذا اردتني .. إذا اردتني الليلة فسنذهب الى هناك"
خبا النفس في رئتيه إنما ليس بسبب الإرهاق لأنه من الداخل كان يشتعل, فهي تبدو خلابة, ومنذ لحظة دخولها الى غرفة الطعام وهو في حالة من الذهول, إنها اجمل من أية امرأة التقاها يوماً, وحينما رآها تهمّ بالخروج ارتعب كثيراً وجعله خوفه من ان تذهب , ضعيفاً.
ولكنه الآن ليس في حالة ذهول إذ قال مزمجراً" ماهذا الذي تفعلينه ؟ أهذه محاولة مثيرة للشفقة لتظهري نفسك خيالية شاعرية ؟ حسناً , انت تضيعين جهودك علي. اريدك في اقرب وقت إما في سريري او إذا اردت هناك في الإسطبل"
ضيقت مادي الخناق على الألم الذي تشعر به عندما كلمها بهذه القسوة , فهزت رأسها وامسكت لجام الجواد جيداً" هناك او لا مكان "
فجأة ادارت الجواد وعادت تحثه على المسير. راح نيك يلعن , نعم مايزال هناك بعض الضوء ولكنها معرضة للسقوط عن ظهر الجواد إذ قد يتعثر بحجرة هنا او شيء ما هناك. ولم يكن امامه غير اللحاق بها.
عندما وصل الى البستان , شعر لأنه دائخ , لقد تجنب لسنوات عن وعي وعن لا وعي منه هذا المكان وكأنه مكان موبوء. كان جواد مادي مربوطاً الى شجرة صغيرة وكانت هي واقفة هناك, تنتظره , كما حدث في الماضي ولكنها اليوم امرأة ناضجة. كانت كتفاها عاريتين وشعرها كان يبدو في هذا الوقت من الغسق كالساتان الأسود.



ترجل عن جواده شاعراً بأنه مشدود كله من الداخل. ربط الجواد الى شجرة اخرى, وسار نحوها , بدت عيناها كبيرتين ووجهها شاحباً اما هو فكان يشعر بأنه معرض للأذى من جديد ولكنه لا يريدها ان ترى كم تؤثر فيه العودة الى هنا .
الآن وهي واقفة هنا , لم تكد تصدق انها اقدمت على هذه الخطوة الدراماتيكية , ولكنها تصرفت بهذه الطريقة لتكسر هذا الجو المؤدب الدمث. الذي ران عليهما في غرفة الطعام.
جاء صوتها متحشرجاً وهي تراه يقترب منها " هنا بدأنا وهنا ننتهي . الآن , وإلى الأبد"
بدا نيك ضخماً في الظلمة, وكأنه ازداد طولاً وقوة. من جديد شعرت برغبة مشوبة بالألم لأنها تذكرت مرة عندما كانت ضعيفة جداً . اخيراً رأته يقترب منها فانقطعت انفاسها.
توقف على بعد خطوات منها وراح يراقبها متشدقاً بالقول " ما الذي تنتظرينه إذن؟"
اللامبالاة التي يظهرها بعد ذاك الغضب الذي رأته جعلاها ترغب بأن تنهال عليه بالضرب . لقد تصورت للحظة ان عودته إلى هنا قد أثرت فيه عاطفياً.
الحقيقة انها غير مستعدة ابداً لهذا, رغم تظاهرها بالشجاعة. لقد ظن انها نامت مع مورالز وهو يعتقد انها امرأة لعوب قادرة على إغواء الرجال فيما الواقع انها لم يسبق قط ان اغرت رجلاً والسبب واقف امامها الآن . فالجرح الذي انغرز في قلبها في ذاك اليوم حال دونها والبحث عن رفقة أي رجل وباتت مرعوبة من ان تتعرض للرفض من جديد وهذا مالاتستطيع تحمله. فجأة اجتاح الغضب جسمها لأن نيك لم يقاسي أي شيء من هذا الألم . وهذا الغضب هيج مشاعرها فجعلها تمشي اليه وتشده من قميصه إليها.
راحت مادي تبحث بشكل أعمى عن فمه , غير عارفة ماذا تفعل, قائلة لنفسها إنها بعد الليلة ستطلق كل تلك المشاعر القديمة.
بدا نيك للحظة رازحاً تحت محاولاتها اليائسة . كان عليه ان يدرك انها لا تملك الخبرة.
عندئذ اخذ يسيطر على الوضع فتغير كل شيء في لحظة. فذراعاه الفولاذيتان التفتا حولها مقيدة إياها اليه كالكماشة وارجع رأسها الى الوراء لتستطيع شفتاه ان تستكشفا عنقها .
اصبح كل شيء في داخلها مسترخياً وحاراً وسرت الرغبة في جسمها تلسعها .
عندما انسحب قليلاً عنها شعرت انها دائخة , لم تستطع للحظة ان تفتح عينيها ولكن يديه ارتفعتا وامسكتا وجهها , فتحت اخيراً عينيها لترى بحرين ازرقين عاصفين.
اخذت اصابعه تمر على وجنتيها ومن ثم انحنى من جديد عليها يقبلها برقة أكبر هذه المرة وشعرت في هذه اللحظة بأنها تتألم شوقاً اليه أكثر فأكثر.
لقد ذكرها الآن بقبلته الرقيقة هذه بوقت مضى عندما قبلها برقة وحنان قبل ان يتحول كل شيء الى مرارة. وخزت الدموع عينيها ولكنها حاربتها بقوة حتى لا تتساقط . راح فمه يقبل عنقها ونزل بهما الى كتفيها.



شهقت مادي وحاولت التراجع فحركته الحميمة هذه صدمتها ولكنه لا يمكن ان يحررها بل راحت عيناه الزرقاوان تجتاحان عينيها بقوة حتى شعرت بأنفاسها تنقطع.
وبدأت يداه تستكشفان واخذ يسألها " ماذا تريدين؟"
فتحت عينيها مثقلة بما يجتاحها من مشاعر " اريد " رغبت في ان تقول اريدك انت ولكنها لم تستطع النطق بسبب قوة مشاعرها.
توقف قليلاً يعذبها بلمساته " قولي لي الآن الى أي درجة تريدينني ؟"
لم تستطع مادي التفكير بسبب هذا الهيجان في كيانها كله , لطالما حلمت بهذه اللحظة " اريدك يا نيك .. اريدك بجنون , ولطالما اردتك "
فيما كانا غارقين في بحر من الرغبات والمشاعر شعرت به يعبس ويقول لها " لماذا انت مشدودة هكذا؟"
لم تعرف بما تجيب فحاول من جديد وفي هذه المرة نظر اليها عاجزاً عن الفهم " يا إلهي ! هل انت ..؟"
للحظة طويلة عم التوتر الجو بينهما. اما هو بالتحديد فراحت الأفكار تتطاير في رأسه ولعل الشعور الأكبر الذي سيطر عليه هو الشعور بالفرح . كانت له وستصبح الآن له وليس لأحد آخر.
لقد كان يظنها تمثل عليه حتى عندما عبرت عن مدى رغبتها فيه. وما اكتشفه الآن هشم كل شكوكه وجعل افكاره تدور في اتجاهات مغايرة لا يستطيع الآن النظر اليها حتى.
لكن الثقة التي رآها في عينيها كادت تمزقه نصفين ..
كانت مادي تشعر بالخوف من الألم ولكن هناك شيئاً عميقاً في داخلها ذاب بسبب كلمات نيك الحنونة. شيء ما اقفلت عليه الباب منذ زمن طويل يعود الى الحياة الآن. إنها تشعر كالمحارب.. تريد ان تحتضن الألم مع هذا الرجل. فوضعت قبلة على كتفه وكأنها بهذه القبلة تخبره انها انها تثق به.
في هذه اللحظة عرفت مادي انها تحب نيك ده روجاس وانها لم تكرهه ابداً, لقد وقعت في حبه رأساً على عقب في مراهقتها وهي حقيقة لايمكن ان تنكرها. والآن .. وهي تعطيه نفسها, انغرزت هذه الحقيقة عميقة في كل خلية من خلاياها للأبد.
كانت مادي واعية لرحلة العودة الى البيت على طريق يضيئه لهما القمر. وكانت واعية الى انها تجلس بين ساقي نيك القويتين على الحصان وهو ممسك في الوقت ذاته بلجام حصانها .
كانت إحدى ذراعيه تطبقان بإحكام على خصرها وهي لم تكن قادرة عن إيقاف رأسها من الغرق في صدره لأن النعاس والهدوء اجتاحا كل عظمة وخلية في جسمها.
إن وجود مادي قريبة جداً منه هو نوع من العذاب اللذيذ الذي لا يريده ان ينتهي ابداً. كان دماغه يترنح من قوة المتعة التي لم يختبر مثلها مع أية امرأة اخرى.


راحت الأفكار تتدافع وتتسابق في رأسه ولكن الفكرة التي تفوقت عليها كلها. " إنها عذراء" . وهذا يعني انها لم تنم مع مورالز , مع انه في اعمق اعماقه كان مؤمناً بذلك إلا ان جزءاً منه كان غير راغب في التوقف عن الشك.
لقد اعطته نفسها بشغف وبدون خجل أكثر من أي امرأة عرفها رغم خبرتهن في هذا المجال.
كل شيء كان يطيح بقدرته على ضبط النفس. صدره مثقل بالمشاعر وهو لا يستطيع ان يوقف نفسه عن ضمها بإحكام الى صدره او ان يوقف النشوة التي تهمس في داخله كلما تهادت انفاسها الرقيقة على بشرته.
***
لم تستيقظ مادي من غفوتها إلا عندما وجدت نفسها محمولة على ذراعيه متوجهاً بها الى بيته. لم تكد تستطيع رفع رأسها, فهذا الهمود الذي تشعر به يتغلب على كل شيء وحتى على عقلها حيث تحوم افكار خطرة.
نظرت مادي الى وجهه , وبدون ان تفكر في ماكانت تفعله رفعت يديها تضم فكه بين كفيها شاعرة بوخز الشعر النابت على وجهه.
ثم سمعت الباب يخبط على الحائط وإذا بها في غرفة مضاءة خافتة , غرفة رجل . إنها غرفة نوم نيك.
انزلها نيك بلطف على طرف السرير فأجفلت عندما تلامسا . طبع نيك قبلة رقيقة على شفتيها وقال " امهليني دقيقة وسأعود "
راقبته عاجزة عن الكلام وهو يقف متوجهاً الى الحمام , وعندئذ فقط انتبهت الى قميصه المشقوق الذي شقته له وكأنها امرأة مجنونة. غار قلبها بين ضلوعها فحاولت من جديد ان تقاوم هذه المشاعر الخطرة التي تغزوها من جديد.
عندما عاد نيك إليها ,كان عاري الصدر , فقد نزع عنه قميصه المشقوق وبانت عضلات صدره المفتولة , فانقبضت معدة مادي .. يا إلهي ! إنه أجمل مماتظن.
وصل اليها فاندفعت الى ذراعيه وكأنها مشدودة إليه وحده بمغناطيس . استرخت على صدره ملهوفة الى الشعور بالأمان في حضنه. راحت يداه تجوبان جسمها بجوع ولكنه أوقف نفسه وانزل يديه قائلاً" لا, إذا بدأت الآن فلن اقدر على إيقاف نفسي, عليك الآن ان تستحمي"
ابتعد عنها وتوجه الى الخزانة ليأخذ قميصاً بدل الذي خلعه. راحت تنظر الى ظهره فرأت خطوطاً بيضاء تمتد على ظهره , فحاولت الاقتراب منه وسألته ووجهها ابيض من شدة الشحوب " ماهذه العلامات على ظهرك؟"
شعرت بعضلاته تتوتر فبانت الندوب أكثر فأكثر. في هذه اللحظة عادت بها الذاكرة الى ذاك الوقت قبل ثماني سنوات, عندما رأت رجال والده يهمون بضربه لإجباره على القدوم معهم , وجعل الهلع الدم في جسمها بارداً كالثلج. اجبرت قدميها على الاقتراب أكثر ووقفت امامه " تعود هذه الآثار الى ذاك اليوم. أليس كذلك ؟ أولئك الرجال... ضربوك ؟"
نظر نيك بتجهم وصرّ على اسنانه سائلاً إياها ببرود " ما الذي يهمك؟"
زال كل أثر للشغف من وجهه والرفض بان في كل خط من خطوط جسمه. لم يبد قط أكثر بعداً, اما هي فلم تكن قادرة على إخفاء رعبها.
كان صوت مادي غارقاً بالعذاب وهي تقول " اريد فقط ان اعرف ماذا حدث؟"
نظر اليها فإذا بعينيه كقطعتي جليد فارتجفت.
رفع حاجبه " انت تريدين حقاً ان تعرفي التفاصيل المقيتة؟"

نهاية الفصل


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:51 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.